منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   سِير أعلام وشخصيات (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=57)
-   -   الفاروق عمر بن الخطاب - جبار الجاهلية وعملاق الاسلام (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=21423)

قلب., 11 - 1 - 2012 11:34 PM

الفاروق عمر بن الخطاب - جبار الجاهلية وعملاق الاسلام
 
الفاروق عمر بن الخطاب
جبار الجاهلية وعملاق الاسلام
مدة خلافته 10 سنوات و5 أشهر
عقمت أرحام أمهات الأمةأن تنجبه من جديد
حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر
اهداء
الى كل مسلم يشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك الله وأنّ محمدا رسول الله قولا وصدقا وعدل، ليرى صورة مجد السلف الصالح الغابر في شخص الامام العظيم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويستلهم من روحه الطاهرة دوافع الرفعة والعزة والنصر في صنع عظمة الحاضر.
مقدمة البحث:
الحمد لله رب العالمين حمدا طيبا كثيرا ملء السموات والأرض ، حمدا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، سبحانك ربنا لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأفضل الصلاة والسلام وأتمها وأزكاها على النبي الأمي المرسل رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه الى يوم الدين، وبعد
لقد رأيت ان اقدم في بحثي هذا مثلنا الأعلى في النزاهة والعدل والشجاعة وحسن الرأي والنظر السديد، وحسن التخطيط واصلاح الأمور للمسلمين، والعمل على اعزاز الدولة الاسلامية ورفع شأنها وارهاب عدوها مع سماحة ومرونة في العلاقة بغير المسلمين، هذا المثل الأعلى هو: الذي شهد له الأعداء بأنه:
حكم فعدل فأمن فنام
هذا المثل الأعلى هو عمر بن الخطاب أول من حمل لقب أمير المؤمنين، وأول من دوّن التاريخ الهجري، وأوّل من وحّد الدول، وأول من أنشأ بيت المال، وأول من نادى بالتكافل الاجتماعي وخصّص للفقراء معونات اجتماعية، وأولوياته أكثر من أن تعد وتحصى رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وسأتناولها كلها في بحثي هذا انشاء الله تبارك وتعالى.
لقد بلغت الدولة في عهده الميمون رضي الله عنه أقصى غاية يمكن أن تصل اليها دولة ناشئة تسير في طريق النهوض، مما استرعى اهتمام الملوك والحكام، وجعلت قائدا كبيرا من قواد فارس يحني قامته المديدة المرصعة بكافة الأوسمة والنياشين اجلالا لشخص عمر بن الخطاب المتلفف ببرديته المتواضعة، والمتوسد حجرا تحت ظل شجرة دون حارس يحرسه، ويقول له في حكمة توارثتها الأجيال:
حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر
وقد قررت هذه الحكمة أنّ أساس الحكم القوي هو العدل، وأنّ الحارس اليقظ للحاكم هو العدل، وأنّ النهضة القوية للأمة لا يمكن أن ترسي قواعدها من غير العدل، والعدل عكس الظلم، وانّ الحاكم العادل يسحر عقول شعبه بعدله، يأمرهم فيطيعون، ويدعوهم فيستجيبون، ويضرب عليهم البعوث للحرب فلا ينكصون ولا يتخلفون ويهبّون في وجه العدو هبّة رجل واحد لا يخافون في الله لومة لائم.
هكذا حققت الدولة الاسلامية في عهد عمر رضي الله عنه أحلامه، وفتحت في عهده أكبردولتين بسطتا سلطانهما على الأرض وأحكمت قبضتيهما على العرب، فدانت الشام بمن فيها من العرب للروم، ودانت العراق بمن فيها من العرب للفرس، وكان العرب في هذين القطرين الكبيرين في أتون الحرب المشتعلة بين فارس والروم، فقد كان هؤلاء العرب هم وقوده، وعلى رؤوسهم وعلى أشلاءهم تتوقف.
لقد كان عمر رضي الله عنه نبراسا أضاء الطريق لكل حاكم أراد أن يعبر بأمته الى غاية المجد والشرف، وأن يأخذ بيدها الى مدارج الرقي والكمال، وعلى هذا النهج سار حفيده الامام العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، خامس الخلفاء الراشدين، الذي أعاد الحق الى نصابه، والطريق الى صوابه، وسلك بالناس مسلك الراشدين الذين نهجوا منهج النبي صلى الله عليه وسلم في العدلوالصلاح والتواضع واعطاء كل ذي حق حقه، وعدم استغلال الحكم لمصالحه الشخصية، ومشاورة أصحابه في كلّ أمر، وسأتطرق الى سيرة هذا الامام الراشد العادل الفذ بعد انتهائي من هذا البحث انشاء الله ان كتب الله لي في العمر بقيّة.
انّ مادة هذا البحث مستوحاة من كتب التراث والتاريخ والسيرة النبوية العطرة، راجيا بذلك التوفيق، وأن يجعله في ميزان الأعمال الصالحة، انه نعم المولى ونعم النصير، وصلى الله وسلم وبارك على خير البرية وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه الى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
خطبته رضي الله عنه بالناس يوم تولى الخلافة عام 13 للهجرة
بعد أن حمد لله وأثنى عليه قال رضي الله عنه: "انّ الله تعالى نهج سبيله وكفانا رسوله صلى الله عليه وسلم، فلم يبقى الا الدعاء والاقتداء، فالحمد لله الذي ابتلاني بكم، والحمد الله الذي ابتلاكم بي، والحمد لله الذي أبقاني فيكم بعد صاحبي، وأعوذ بالله أن أزلّ أو أضلّ فأعادي له وليّا ، أو أوالي له عدّو، ألا واني وصاحبي كنفر ثلاثة اغتربوا لطيّة فأخذ أحدهم مهلة الى داره وقراره، فسلك أرضا مشابهة الأسباب والأعلام، فلم يزلّ عن السبيل ولم يخرم عنه حتى أسلمّه الى الله، فأفضي اليهم سالم، ثم تلاه الآخر فسلك سبيله واتبّع أثره لإ اقضي اليهم سالما وألقي صاحبه، ثم تلاه الثلاث فان سلك سبيلهما واتبّع أثرهما أفضى اليهما سالم، ولاقاهم، فان هو زلّ يمينا وشمالا لم يجامعهما أبدا الا أنّ العرب جمل أنف قد أعطيت بخطامه ألا واني حامله على المحجّة، مستعين بالله عليه، ألا واني داع فأمنو، اللهم اوجب لي بموالاتك وموالاة أولياءك معرفتك ومعونتك، وأبرني بمعاداة عدوك من الآفات".
وقبل أن ندخل في الحديث عن سيرة الفاروقرضي الله عنه العطرة، لا بد أن ندرك:
تسلسل الخلافة الاسلامية 11- 132 هجرية
بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم للرفيق الأعلى في ال 28 من صفر لعام 11 هجرية، بايع المسلمون أبو بكر الصديق رضي الله عنه ليكون خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأول، وبعد أن حكم أبو بكر رضي الله عنه سنتان وبضعة أشهر والتحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، تولى الخلافة عمربن الخطاب رضي الله عنه ليكون أول أمير مؤمنين للدولة الاسلامية، وما أن امتدت اليه يد الغدر حتى اغتالته في أشرف موقع يتلو سورة يوسف وهو يؤم المسلمين في صلاة الفجر، كان ذلك سنة 23 للهجرة بعد أن حكم المسلمين 10 سنوات و 5 أشهر، ليتولى عثمان بن عفان رضي الله عنه الخلافة من بعده، وفي العام 35 للهجرة يلقى عثمان نفس المصير بعد أن حكم المسلمون 12 سنة، ليخلفه الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ليكون رابع الخلفاء الراشدين والذي يتخذ – الكوفة العراق- عاصمة لدولته الاسلامية، وفي السنة التي قتل فيها عثمان رضي الله عنه تكون قد حدثت معركة الجمل للثأر من دم عثمان رضي الله عنهم أجمعين،
وفي العام 36 هجرية حدثت فتنة عظيمة- معركة صفين- بين معاوية وعلي كان النبيصلى الله عليه وسلم قد حذر أصحابه الكرام منه، وقد راح ضحيتها عدد كبير من الصحابة الكرام وعلى رأسهم الصحابي الجليل عمار بن ياسر والذي كان يقاتل الى جانب الحق في جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
وقد قتلت عمار بن ياسر الفئة الباغية تماما كما تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم لعمار بأنّ الفئة الباغية ستقتله، فقد قتل رضي الله عنه في هذه المعركة، وبعد ذلك انتهت المعركة وأوقف القتال بين الفئتين المتحاربتين بتدخل من عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم، دون أن يحقق أيّ منهما انتصارا على الآخر.
وفي العام 38 للهجرة وقعت حرب الخوارج بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين المنشقين عنه والذين خرجوا عن أمرته، وحدثت معركة النهروان وانتصر فيها الامام علي كرم الله وجهه.
وفي العام 40 للهجرة اغتيل الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو يصلي في محرابه في مسجد الكوفة لينال شرف الشهادة في سبيل الله تعالى متأثرا بجراحه بعد أن تلقى عدة طعنات قاتلة من سيء الذكر عبد الرحمن بن ملجم ليكون مصيره نفس مصير من سبقه من الخلفاء عمر وعثمان، وبوفاة الامام علي ينتقل الحكم الى معاوية بن أب سفيان رضي الله عنهم أجمعين ليبدأ عصر الدولة الأموية، وتغدو الخلافة بالتوارث ليكون الأمويين أول من سنّوا التوارث في الحكم.
وف العام 50 للهجرة وفي عهد معاوية يتم اغتيال الامام الحسن بن علي رضي الله عنهم، بعدما دسّت له زوجته جعدة بنت الأشعث السم في طعامه رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وفي العام 60 للهجرة توفي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ليخلفه ابنه يزيد، ونتيجة رفض الحسين بن علي مبايعة يزيد على الخلافة ينشأ نزاعا بين بني أمية وبين الحسين بن علي رضي الله عنهم، ويتحرك الحسين بأنصاره الى العراق ليقيم حركة تصحيحية اسلامية فيتصدّى لها يزيد وتقع معركة كربلاءوالتي يستشهد فيها الامام الحسين رضي الله عنهفي محرّم شهر الله الحرام.
وفي العام 64 هجرية توفي يزيد ليخلفه ابنه معاوية الذي لم يحكم سوى أربعين يوما ليخلفة مروان بن الحكم الذي لم يعمر هو الآخر طويلا ليخلفه ابنه عبد الملك.
في العام 65 الهجرة يبدأ عهد عبد الملك بن مروان ويظهر الحجاج بن يوسف الثقفي ويوليه حكم العراق بصلاحيات لا حدود لها ، فيقتل ويبطش ويقطع الرؤوس طما يحلو له ويعيث في الأرض الفساد لدرجة أنه يهين شعائر الله تعالى بقصفه الكعبة المشرفة بالمنجنيق، وسآتي على ذكر هذه الغطرسة الحجاجية بين سطور سيرة الامام العادل عمر بن العزيز رضي الله عنه.
وفي العام 86 للهجرة يتوفي عبد الملك بن مروان فيخلفه ابنه الوليد.
وفي العام 95 للهجرة يتوفي الحجاج بن يوسف الثقفي.
وفي العام 96 هجرية يتوفي الوليد بن عبد الملك ليخلفه أخيه سليمانبن عبد الملك ومع تولي سليمان الخلافة يطلق 81 الف سجين من سجون مخلفات الحجاج.
ولم يطل بسليمان المقام في الحكم حيث وهو ينظر الى نفسه في المرآة زهوا وعجبا وهو يستعد لصلاة الجمعة، فتعجبه نفسه وتصيبه حمى قوية لم تمهله طويلا ليلقى حتفه حسدا.
وفي نفس العام 99 للهجرة والذي توفي فيه سليمان يخلفه الامام العادل وخامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، ليسير على خطى جده الفاروق عمر بن الخطاب، ويحقق العدل والمساواة فيقضي على الظلم والجور والطغيان الذي ساد لنصف قرن من الزمن بعد مقتل الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، ويعيد الأمور الى نصابها في فترة زمنية قصيرة جدا لا تتجاوز ال 30 شهر، وتحديدا سنتان وخمسة أشهر وأربعة أيام، ويتوفي رضي الله عنه لخمس ليال من رجب لعام 101 هجرية قبل بلوغه الأربعين عاما من عمره المبارك ببضع أشهر، ومع وفاته رضي الله عنه يعود حكم الظلمة من جديد بشخص يزيد بن عبد الملك والذي خلف الامام العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
وفي العام 132 هجرية يتوفى يزيد بن عبد الملك، وبوفاته ينتهي حكم بني أمية ليؤول الى العباسيين ويكون أبو العباس السفاح أول خليفة عباسي يخلف بنو امية.
هذا هو ملخص تسلسل الخلافة الاسلامية على مدى قرن وربع تقريبا بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم للرفيق الأعلى تاركا أمته على المحجة البيضاء، لا يضل عنها الا هالك، ولا يزيغ عنها الا ضال.
والآن نعود الى متابعة سيرة العملاق الامام العادل الفاروق:
عمر بن الخطاب أبو حفص رضي الله عنه وأرضاه
مولده رضي الله عنه
ولد في بعد عام الفيل ب 13 عام، أي أنه رضي الله عنه يصغر النبي صلى الله عليه وسلم ب 13 عاما.
نسبه رضي الله عنه
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رواح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب، ويلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي، وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة ابنة عم عدو الله ابو جهل والحارث ابني هشام بن المغيرة.
كنى رضي الله عنه بأبي حفص،ولقب بالفاروق لأنه أول من فرق بين الحق والباطل.
أبناءه وزوجاته رضي الله عنه
- عبدالله وعبد الرحمن وحفصة وأمهم زينب بنت مظعون رضي الله عنهم.
- زيد الأصغر وعبيد الله رضي الله عنهما وامهما ام كلثوم بنت جرول وقد - فرق الاسلام بينهما.
- عاصم وامه جميلة بنت ثابت رضي الله عنهم، وهو جد الامام العادل عمر بن العزيز لأبنته ليلى بنت عاصم رحمهم الله.
- عبد الرحمن الأوسط وأمه لهية أم ولد رضي الله عنهما.
- عبد الرحمن الأصغر وأمه أم ولد رضي الله عنهما.
- فاطمة ومها أم حكيم بنت الحارث رضي الله عنهما.
- زينب وأمها فكيهة ام ولد رضي الله عنهما.
- عياض وأمها عاتكة بنت زيد رضي الله عنهما.
- زيد ورقية وأمهما أم كلثوم بنت علي وفاطمة رضي الله عنهم. وكان قد تزوجها لحكمة راقية وبالغة، بعيدا عن أي شهوة، فقط لأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كل نسب وصهر منقطع يوم القيامة الا نسبي وسببي وصهري.
اسلامه رضي الله عنه
ولاسلامه قصة يرويها لنا الامام أنس بن مالك رضي الله عنه فيقول: خرج عمر متقلدا السيف فلقيه رجل من بني زهرة فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: اريد أن أقتل محمد ( صلى الله عليه وسلم)
قال: وكيف تأمن من بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا (صلى الله عليه وسلم) فقال: ما أراك الا صبوت وتركت دينك الذي كنت عليه، فقال: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ انّ أختك وخنتك (صهرك) قد صبو وتركا دينك الذي أنت عليه، فمشى عمر دامرا (هاجما وداخلا بيت أخته دون استئذان) حتى اتاهما وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خبّاب بن الارث، فلما سمع خبّاب حسّ عمر توارى في البيت، فدخل عليهم وهما يقرؤون بسورة طه فقال: ما هذه الهيمنة التي سمعتها عندكم؟ فقالا: ما عندنا حديثا تحدثناه بينن، قال: فلعلكما صبوتما؟ فقال له خنته (صهره): يا عمر! أرأيت ان كان الحق في غير دينك؟ فوثب عليه فوطئه وطئا شديد، فجاءت أخته فرفعته عن زوجه، فنفحها نفحة بيده فدمّى وجهه، فقالت وهي غضبى: يا عمر! ان كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا اله الا الله وأنّ محمدا رسولل الله، فلما يئس قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه، فقالت له أخته: انك رجس لا يمسه الا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام فاغتسل ثم أخذ الكتاب: فقرأ طه* ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى* الا تذكرة لمن يخشى* تنزيلا ممّن خلق الأرض والسموت العلى، الرحمن على العرش استوى* له، ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى* وان تجهر بالقول فلنه، يعلم السرّ وأخفى* الله لا اله الا هو، له الأسماء الحسنى* وما أن انتهى الى قوله تعالى انني أنا الله لا اله الا أنا فاعبدني وأقم الصلاة ذكري* حتى قال رضي الله عنه: دلوني على محمد (صلى الله عليه وسلم) فلمع سمع خبّاب قول عمر خرج من البيت فقال: أبشر يا عمر! فاني لأرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس: اللهم أعز الاسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار في أصل الصفا.
هكذا شرح الله صدره رضي الله تعالى عنه لنوره الذي يملأ الأكوان سبحانه وتعالى:
نور على نور، يهدي الله لنوره من يشاء، ويضرب الله
الأمثال للناس والله بكلِ شيء عليم
سبب تسميته الفاروق رضي الله عنه
ومع دخوله رضي الله عنه في دين الله يكون أول من جهر بالدعوة في مكة، ولنترك الحديث له رضي الله عنه يحدثنا عن ذلك فيقول: أسلم حمزة رضي الله عنه قبلي بثلاثة أيام، ثم شرح الله صدري للاسلام، فقلت: الله لا الا هو له الأسماء الحسنى، فما في الأرض من نسمة احبّ اليّ من نسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: اين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أختي: هو في دار الأرقم بن أبي الأرقم، فأتيت الدار وحمزة في أصحابه جلوس في الدار ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت، فضربت الباب، فاستجمع الناس، فقال لهم حمزة: مالكم؟ قالوا: عمر بن الخطاب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بمجامع ثيابي ثمّ نثرني نثرة فما تمالكت أن وقعت على ركبتي، ثم قال: ما أنت بمنته يا عمر؟ قلت: أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله، فكبّر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد، فقلت: يا رسول الله! ألسنا على الحق ان متنا أو حيينا؟ قال: بلى والذي نفسي بيده انكم على الحق ان متم وان حييتم، قلت: ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لنخرجنّ، فخرجنا في صفين، حمزة في أحدهما وأنا في الآخر، له كديد (غبار متطاير) ككديد الطحين، حتى دخلنا المسجد، فنظرت اليّ قريش والى حمزة، فأصابتهم كآبة لم تصبهم مثله، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق يومئذ.
أسلم رضي الله عنه، في السنة السادسة من النبوة الشريفة، وكان ترتيبه ال 40 دخولا في الاسلام، وقد استبشر اهل السماء وفرحوا باسلامه رضي الله تعالى عنه.
صفته وهيئته رضي الله عنه
رجل أبيض تعلوه حمرة، طويلا جسيم، أصلع أشيب، كان قليل الضحك لا يمازح أحد، مقيلا على شأنه، هكذا وصفه ابنه عبدالله وأبو رجاء العطاردي رضي الله عنهما.
هجرته رضي الله عنه الى المدينة
قال البراء بن عازب رضي الله عنه: كان أول من قدم المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم، وبلال بن رباح، وسعد بن أبي وقاص، وعمار بن ياسر، ثم قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم في عشرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وهو الصحابي الوحيد رضي الله عنه الذي خرج من مكة علنا كتحدّيا زعماء قريش قائلا لهم: من منكم يستطيع منعي فليلقني في بطن الوادي ( يقصد بطن وادى مكة)
نزول القرآن الكريم موافقا لرأيه رضي الله عنه
قال رضي الله عنه يتحدث عن نفسه: وافقت ربي في ثلاث: قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام ابراهيم مصلى فنزلت: واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى، وقلت: يا رسول الله! انّ نساءك يدخل عليهنّ البر والفاجر، فلو أمرتهنّ أن يتحجبن؟ فنزلت آية الحجاب، واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء في الغيرة، فقلت لهنّ: عسى ان طلقكنّ أن يبدله أزواجا خيرا منكنّ، فنزل ذلك.
فضائله رضي الله عنه
قال سعد بن وقاص رضي الله عنه: استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهنّ، فلما استاذن عمر قمن يبتدرن الحجاب، فأذن له، فدخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنّك يا رسول الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عجبت من هؤلاء اللائي كنّ عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب، فقال: فأنت أحق أن يهبن منك، ثم قال لهنّ: أي عدوّات أنفسهنّ أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلن: نعم! أنت أغلظ وأفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده ما لقيت الشيطان قط سالكا فجّا الا فجا (سلك) غير فجّك.
وقال عليه الصلاة والسلام: اني لأنظر الى شياطين الانس والجن قد فرّوا من عمر.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لو كان بعدي نبيّ لكان عمر بن الخطاب.
وعن عبد الله بن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة.. وأبو هريرة روى نفس الرواية رضي الله عنهم.
وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: انّ الله وضع الحق على لسان عمر يقول به.
وعن أبي هريرة قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه. ونفس الرواية رواها عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين.
وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أشدّ أمتي في أمر الله عمر.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء جبريل عليه السلام الى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أقرأ عمر السلام وأخبره أنّ رضاه عزّ وغضبه حكم.
وعن علي كرّم الله وجهه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا غضب عمر، فانّ الله يغضب اذا غضب عمر.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنت اذا كنت في أربع أذرع في ذراعين ورأيت منكر ونكير؟ قلت: يا رسول الله وما منكر ونكير؟ قال صلى الله عليه وسلم: ملكان يأتيانك القبر يبحثان الأرض بآنيابهما ويطآن الأرض في أشعارهم، وأصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، وانّ معهما مرزبة لو اجتمع عليها أهل الأرض لم يطيقوا رفعه، هي أيسر عليهما من عصاتي هذه، قلت: يا رسول الله! وأنا على حالتي هذه؟ قال صلى الله عليه وسلم: نعم، قلت: فاذن أكفيكهما.
ومعنى مزربة: مطرقة كببرة جد، ومعنىعلى حالتي هذه: أي بايماني هذا.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لجبرائيل عليه السلام: حدّثني بفضائل عمر عندكم في السماء، قال: يا محمد! لو مكثت معك ما مكث نوح في قومه ألف سنة الا خمسين سنة ما حدّثتك بفضيلة واحدة من فضائل عمر، وانّ عمر لحسنة من حسنات أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
منزلته رضي الله عنه
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما أنا نائم رأيتني في الجنة واذا امرأة تتوضأ الى جنب قصر فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر، فذكرت غيرته فوليت مدبرا.
- وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دخلت الجنة فرأيت قصرا من ذهب، فقلت: لمن هذا؟ فقيل: لشاب من قريش، فظننت أني أنا هو، فقلت: لمن هو؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عمر! لولا ما علمت من غيرتك لدخلته، فبكى عمر رضي الله عنه وقال:عليك أغار يا رسول الله؟ أمنك أغار؟
- وعن علي كرّم الله وجهه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في المسجد ليس معنا ثالث، اذ أقبل أبو بكر وعمر وكل واحد منهما آخذ بيد صاحبه، فقال عليه الصلاة والسلام: يا علي! هذان سيدا كهول أهل الجنة ممّن مضى من الأولين والآخرين ما خلا النبيين والمرسلين، يا عليّ لا تخبرهما بذلك، فيقول: فما أخبرتهما حتى ماتا رضي الله عنهم، ولو كانا حيّين ما حدّثت به أحدا.
- وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم معبد (عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه- أمير علماء أهل الجنّة)
- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لي وزيران من أهل السماء: جبرائيل وميكائيل، ووزيران من أهل الأرض: ابو بكر وعمر.
- وعن ابن عباس قال: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبو بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين: ألا أخبركما بمثلكما في الملائكة ومثلكما في الأنبياء؟ مثلك يا أبا بكر في الملائكة كمثل ميكائيل ينزل بالرحمة، ومثلك في الأنبياء مثل ابراهيم، قال: فمن تبعني فانه مني ومن عصاني فانك غفور رحيم، ومثلك يا عمر في الملائكة كمثل جبريل ينزل بالشدة والبأس والنقمة على أعداء الله، ومثلك في الأنبياء كمثل نوح قال: ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارا.
- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحبّ أبابكر وعمر منافق، ولا يبغضهما مؤمن.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحشر يوم القيامة بين أبي بكر وعمر حتى أقف بين الحرمين فيأتيني اهل المدينة وأهل مكة. وقد أتى مالك أنس رضي الله عنه بنفس هذه الرواية.
يتبع...........

قلب., 11 - 1 - 2012 11:35 PM

خلافته رضي الله عنه:
استمرت خلافته رضي الله عنه عشر سنوات وستة أشهر وأربع أيام، أنجز خلالها انجازات عظيمة لا تستطيع دول العالم قاطبة على انجازها ولو بقرن من الزمن.
انّ عمر رضي الله عنه كما كلنا يعلم هو ثاني الخلفاء الراشدين، وقد تولى الخلافة من أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، وهو رضي الله عنه أول من حمل لقب أمير المؤمنين، وأول من كتب التاريخ الهجري، وأول من اتخذ بيت المال، وأول من سنّ قيام رمضان، وأول من تفقد أحوال الناس بالليل، واول من اتخذ الديوان، وأول من اتخذ الدرّة، وأول من مصّر الأمصار- توحيد الدول- (الكوفة والجزيرة والبصرة ومصر والموصل والشام) وأول من فتح الفتوح، وهو الذي اتخذ دار الدقيق فجعل فيها الدقيق والسويق والتمر والزبيب وما يحتاج الناس اليه من منقطع، ووضع في الطريق فيما بين مكة والمدينة ما يصلح من يحتاج اليه المنقطع، لأجل ذلك قال قولته المشهورة: لو عثرت بغلة في طريق العراق لسألني الله عنها لم، لم تصلح لها الطريق يا عمر! وهو الذي وضع مقام سيدنا ابراهيم عليه السلام في موضعه الحالي، بعد أن كان ملتصقا بالبيت العتيق، وذلك ليفسح رضي الله عنه طريقا للطائفين حول الكعبة المشرفة تجنبا للازدحام، واول من سنّ وجمع المصلين على امام واحد في صلاة التراويح وصلى بهم عشرين ركعة واعترضوا عليه في ذلك وقالوا: انها بدعة! قال لهم رضي الله عنه: نعمت البدعة هذه. فأيّ رجل هذا عمر؟
حقا فقد عقمت أرحام أمهات الأمة أن تنجب مثله رضي الله تعالى عنه وأرضاه
تفقده لرعيته رضي الله عنه
بتولية عمر رضي الله عنه أميرا للمؤمنين ، يعني أنه كان رئيس دولة وأي دولة تلك؟ انها الدولة الاسلامية العظيمة، ورغم حمله لهذا المنصب الهام والرفيع لم نجده يوما يتعالى على عباد الله، لقد كان يعتبر نفسه واحدا من الشعب، بل أقلّ من أي فرد في الدولة، كان يقدّم خدماته لشعبه بنفسه، وكان دولة قائمة مستقلة بحد ذاته، كان يعمل جميع الأعمال ، حاكما وقاضيا وقائدا للجيش وقائد شرطة يسهر على امن المواطنين ويتفقد أحوالهم ويلبي رغباتهم ومطالبهم ويخدمهم ويطبّبهم ويؤمّن حاجاتهم’، لقد كان أمة كاملة بشخصه العظيم، وتواضعه، وزهده، وورعه وتقواه وخشيته من الله تعالى وعدله الذي يعجز عن تطبيقه البشر قاطبة، وبعدما أصبح أميرا للمؤمنين جمع أهله وقال لهم: اني نهيت الناس عن كذا وكذ، وانّ الناس ينظرون اليكم كما ينظر الطير الى اللحم، فان وقعتم وقعو، وان هبتم هابو، واني لا أوتي برجل وقع فيما نهيت الناس عنه الا أضعفت(ضاعفت) له العقوبة لمكانه مني، فمن شاء منكم فليتقدّم ومن شاء فليتأخر.
وتعالوا بنا نستعرض معا بعضا من تلك الصور الرائعة والعظيمة له وهو رئيس دولة رضي الله عنه:
1- خدمته رضي الله عنه لعجوز مقعدة:
قال الأوزاعي رحمه الله: أنّ عمر رضي الله عنه خرج ذات ليلة في سواد الليل فرآه طلحة، فذهب عمر فدخل بيت، ثم دخل بيتا آخر، فلما أصبح طلحة ذهب الى ذلك البيت فاذا عجوز عمياء مقعدة، فقال لها: ما بال هذا الرجل يأتيك يا أمة الله؟ قالت: انه يتعاهدني منذ كذا وكذ، يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى، فقال طلحة في نفسه: ثكلتك أمك يا طلحة! أعثرات عمر تتبّع؟
2- قصته رضي الله عنه مع أم اليتامى
عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: خرجنا مع عمر رضي الله عنه الى حرّة واقم حتى اذا كنا بصرار اذنار، فقال: يا أبا أسلم اني لأرى هاهنا ركبا قد ضربهم الليل (أي جمعهم الليل) والبرد انطلق بن، فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم، فاذا نحن بامرأة معها صبيان صغار وقدر منصوبة على نار وصبيانها يتضاغون (يبكون من الجوع) فقال: السلام عليكم يا أصحاب الضوء! وكره أن يقول يا أصحاب النار، فقالت المرأة: وعليك السلام، فقال: أأدنو؟ فقالت: ادن بخير أو دع، قال: فدن، فقال: ما بالكم؟ قالت: قد ضربنا البرد والليل، فقال: وما بال الصبية يتضاغون؟ قالت: الجوع! قال: فأي شيء في هذا القدر؟ قالت: ما اسكتهم به حتى ينامو، والله بيننا وبين عمر، فقال: رحمك الله وما يدري عمر بكم؟ قالت: يتولى أمرنا ثم يغفل عنا؟ قال: فأقبل عليّ فقال: انطلق بن، فانطلقنا نهرول حتى أتينا الدقيق، فأخرج عدلا من دقيق وكبة من شحم، فقال: احمله عليّ! فقلت: أنا أحمله عنك ياأمير المؤمنين، فقال: أأنت تحمل عني وزري يوم القيامة؟ فحملته عليه، فانطلق وانطلقت معه نهرول فألقي عنده، وأخرج من الدقيق شيئا فجعل يقول لأم اليتامى: ذرّي عليّ وأنا أحرّك، ولم يغادرهم حتى عجن وخبز لهم وأكلوا وشبعو، وقبل أن يغادرها قالت له: جزاك الله خيرا بهذا الأمر من أمير المؤمنين.
3- قصته رضي الله عنه مع ابنة بائعة اللبن
عن عبد الله بن أسلم ، عن أبيه، عن جده قال: بينما أنا مع عمر بن الخطاب وهو يعسّ بالمدينة، اذ أعيا فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل، فاذا امرأة تقول لابنتها: يا بنتاه! قومي الى ذلك اللبن فامذقيه بالماء (أي اخلطيه) فقالت لها: يا امتاه! أو ما علمت ماكان من عزمه أمير المؤمنين اليوم؟
وما كان من عزمته يا بنيّة؟
انه أمر ألا يشاب (يغش) اللبن بالماء.
يا بنتاه! قومي الى اللبن فامذقيه بالماء، فانك في موضع لا يراك عمر ولا منادي عمر.
يا أمتاه والله! ما كنت لأطيعه في االملا وأعصيه في الخلا (تقصد عزة الله وتعالى)
وعمر يسمع كل ذلك، ثم قال: يا أسلم! علم الباب، واعرف الموضع، ثم مضى.
فلما أصبح قال: يا أسلم! امض الى الموضع فانظر من القائلة، ومن المقول له، وهل لهم بعل؟ فأتيت الموضع فاذا الجارية أيم لا بعل له، واذا تيك أمه، واذ ليس لهنّ رجل، فاتيته فأخبرته، فدعا عمر أولاده فجمعهم وقال لهم: هل فيكم من يحتاج الى امرأة فأزوّجه؟ ولو كان بأبيكم حركة الى النساء ما سبقه منكم أحد الى هذه الجارية.
فقال عبد الله: لي زوجة، وقال عبد الرحمن: لي زوجة، وقال عاصم: يا أبتاه لا زوجة لي فزوّجني، فبعث عمر الى الجارية فزوجها من عاصم، فولدت له بنتا ليلى وولدت ليلى عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم أجمعين وأرضاهم.
انّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما رأى ما رأى من أمانة ابنة بائعة اللبن، وخشيتها وخوفها من الله تبارك وتعالى في السر كما في العلن، أخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم القائلة: تنكح المرأة لأربع: لدينها وجمالها وحسبها وماله، فاظفر بذات الدين تربت يداك، وسنته صلى الله عليه وسلم القائلة: خير متاع الدنيا المرأة الصالحة، اذا نظرت اليها سرّتك، وان غبت عنها حفظتك في مالك وبيتك.
4- قصته رضي الله عنه مع المرأة التي جاءها المخاض
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما عمر يعسّ بالمدينة اذ مرّ برحبة من رحابه، فاذا هو ببيت مبني من شعر لم يكن بالأمس، فدنا منه، فسمع أنين امرأة، ورأى رجلا قاعد، فلما دنا منه سلم عليه، ثم قال: من الرجل؟
رجل من أهل البادية، أتيت أمير المؤمنين أصيب من فضله.
فما هذا الصوت الذي أسمع في البيت؟
انطلق رحمك الله لحاجتك.
على ذلك ما هو؟
امرأة تمخض.
هل عندها احد؟
لا.
فانطلق رضي الله عنه حتى أتى امرأته أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهم وقال لها:
هل لك في أجر ساقه الله اليك؟
وما هو؟
امرأة عربية تمخض وليس عندها أحد.
نعم! ان شئت.
فخذي اذن ما يصلح المرأة لولادتها من الخرق والدهن، وجيئي ببرمة شحم وحبوب، وقال: انطلقي! وحمل البرمة ومشت خلفه حتى انتهى الى الباب، فال لها: ادخلي الى المرأة، وجاء حتى قعد الى الرجل، فقال له: أوقد لي نار، ففعل الرجل وأوقد تحت البرمة نارا حتى أنضجه، وولدت المرأة فقالت امرأته: يا أمير المؤمنين! بشر صاحبك بغلام.
فلما سمع الرجل بامرأته تدعوه بأمير المؤمنين، كأنه هابه فجلّ ينتحي عنه، فقال: مكانك كما أنت! فحمل رضي الله عنه البرمة ووضعها على الباب ثم قال لامرأته: شبعيه، ففعلت، ثم أخرجت البرمة فوضعتها على الباب، فقام رضي الله عنه فوضعها بين يدي الرجل، ثم قال له: كل ويحك فقد سهرت من الليل، ففعل الرجل، ثم قال لامرأته رضي الله عنهما: أخرجي! وقال للرجل: اذا كان غدا فأتنا نأمر لك بما يصلحك، ففعل الرجل فأجاره وأعطاه.
أول من حمل لقب أمير المؤمنين
عمر رضي الله عنه أول من أطلق عليه لقب أمير المؤمنين، حيث عندما توفي أبو بكر رضي الله عنه كان يدعى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد وفاة أبو بكر ومبايعة عمر أطلقوا عليه لقب خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال المسلمون: على هذا فمن جاء بعد عمر سنطلق عليه خليفة خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطول هذ، فاجتمعوا على اسم يدعى به الخليفة ويدعى به من بعده من الخلفاء جميع، فقال بعص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: نحن المؤمنين وعمر أميرن، فدعي امير المؤمنين.
أولوياته العشرون رضي الله عنه
هو:
- أول من سمي امير المؤمنين.
- وأول من أرّخ بالتاريخ الهجري.
- وأول من سنّ قيام رمضان.
- وأول من جمع الناس على امام واحد. وجعل بالمدينة قارئين.
- وأول من جعل امامين للتراويح واحدا يصلي بالرجال، وآخر يصلي بالنساء.
- وأول من جمع القرآن الكريم في المصحف.
- وأول من جلد شاربي الخمر ثمانين جلدة.
- وأول من طاف بالليل يتفقد أحوال الرعية.
- وأول من حمل الدرة ليؤدب بها الناس.
- وأول من فتح الفتوح الاسلامية.
- وأول من وضع الخراج على الأرض والجزية على الذميين.
- وأول من مصّر الأمصار (وحّد الدول).
- وأول من استقضى القضاة في الأمصار.
- وأول من دوّن الدواوين وكتب الناس على قبائلهم.
- وأول من حمل الطعام على السفن من مصر الى البحر الأحمر.
- وأول من هدم مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وأجرى عليه توسعات.
- وأول من فتح باب المقدس.
- وأول من أخرج اليهود من الحجاز وجزيرة العرب الى الشام.
- وأول من اتخذ بيت المال وطبّق معونة التكافل الاجتماعي.
- وأول من نقل مقام ابراهيم عليه السلام من موضعه ، ووضعه بمكانه الحالي.
متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا
هذه العبارة المشهورة قالها عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص رضي الله عنهم،
وذلك بعدما قدم رجل قبطي من أقباط مصر ومعه ابنه الى عمر رضي الله عنه وقال لعمر رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين! هذا مقام العائذ بالله بك.
وما لك؟
أجرى عمرو بن العاص الخيل بمصر فسبقت فرس ابني فرس ابنه محمد، فضربه بالسوط وقال له: خذها وأنا أبن الأكرمين.
فأجلسه عمر، ثم كتب الى عمرو بن العاص رضي الله عنهما كتابا جاء فيه: اذا جاءك كتابي هذا فأقبل، وأقبل معك ابنك محمد، فجاءه عمرو بن العاص ومعه ابنه وكان عمر رضي الله عنه بمنى، فقال: أين المصري؟
ها أنذا يا أمير المؤمنين.
دونك والدرّة! اضرب بها ابن الأكرمين قالها ثلاث، ثم التفت الى عمرو بن العاص رضي الله عنهما وقال: أيا عمرو! متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ثم قال الى المصري: انصرف راشدا! فان رابك ريب فاكتب لي.
الفتوحات التي تمت على عهده رضي الله عنه
* فتوح فارس 13 هجرية:بقيادة أبو عبيدة بن عمرو الثقفي رضي الله عنه حيث سيّره عمر رضي الله عنه الى العراق بجيش كثيف،وخاض معركة الجسر واستشهد فيها أبو عبيد بن عمرو الثقفي رضي الله عنه.
* فتوح المدائن: وكانت معركة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
* فتوحات الشام 14 هجرية: وكان فتح دمشق سنة 14 هجرية، وحجّ عمر رضي الله بالناس في نفس العام، ثم عزل خالد بن الوليد، واستبدله بأبوعبيدة بن الجراح رضي الله عنهم، وكانت معركة اليرموك في رجب سنة 15 للهجرة.
* فتوح عمواس والجابية 16 هجرية: بقيادة أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه واستشهد فيها بعد اصابته بالطاعون، ومعه معاذ بن جبل امام العلماء يوم القيامة ، وحجّ فيها عمر رضي الله عنهم أجمعين، ثم * سرغ سنة 17 هجرية.
* فتوح الرمادة 18 هجرية: وفيها طاعون عمواس.
* فتح جلولا قيسارية 19 هجرية: الأولى بقيادة سعد بن أبي وقاص، والثانية بقيادة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
* فتح مصر 20 هجرية: بقيادة عمرو بن العاص رضي الله عنه.
* فتح نهاوند 21 هجرية: بقيادة النعمان بن مقرن المزني رضي الله عنه.
* فتح اصطخر الأولى وهمدان 23 هجرية: وحجّ فيها عمر رضي الله عنه.
وقال الحسن رضي الله عنه: لقد مصّر عمر بن الخطاب رضي الله عنه الأمصار
( المدينة، والبحرين، البصرة، الكوفة، الجزيرة، والشام)
رأيه بأصحابه رضي الله عنهم
خطب عمر رضي الله عنه بالناس بالجابية فقال: من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد ان يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد ان يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني، فانّ الله جعلني خازنا وقاسم، واني بادىء بأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعطيهنّ، ثم المهاجرين الأولين أنا وأصحابي، أخرجنا من مكة من ديارنا وأموالن، ثم الأنصار الذين تبوأوا الدار بالايمان من قبلهم، ثم قال: فمن أسرع الى الهجرة أسرع به العطاء، ومن أبطأ الهجرة أبطأ به العطاء، فلا يلومنّ الرجل الا مناخ راحلته.
انّ الادخار في نظر عمر رضي الله عنه يعتبر معصية
ذلك أنّ كل مال يرد الى بيت المال من غنائم الحرب يجب أن يوزع على مستحقيه مباشرة، ولا يجب أن ينام المال في بيت المال ولا ليلة واحدة.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قدم على عمر مال من العراق فأقبل يقسّمه، فقام اليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين! لو أبقيت من هذا المال لعدو ان حضر، او بائنة ان نزلت! فقال له رضي الله عنه: ما لك قاتلك الله؟ نطق بها على لسانك شيطان، لقاني الله حجته، والله لا أعصينّ الله اليوم لغد، ل، ولكن أعدّ لهم كما أعدّ لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
زهده رضي الله عنه
الى كم من طراز عمر رضي الله عنه نحتاج اليوم كي ينصلح أمر الأمة؟
* سئل رضي الله عنه عما يحل له من بيت المال كمخصصّات شهرية فقال:
ما أصلحني وأصلح عيالي بالمعروف، حلة للشتاء وحلة للصيف، وراحلة للحجّ والعمرة، ودابة لحوائجي وجهادي.
* كان رضي الله عنه يقول: اني أنزلت نفسي من هذا المال منزلة ولي اليتيم، ان استغنيت استعففت، وان احتجت استقرضت، فاذا أيسرت قضيت.
* بينما عمر رضي الله عنه يمشي في سكة المدينة اذا هو بصبيّة تطيش على مجه الأرض، تقوم مرة وتقع أخرى، فقال: يا ويحها! يا بؤسها! من يعرف هذه منكم؟ أجابه ابنه عبد الله رضي الله عنه: أو ما تعرفها يا أمير المؤمنين؟
لا.. ومن هي؟
هي احدى بناتك.
وأيّ بناتي؟
هذه فلانة ابنة عبد الله بن عمر.
ويحك! ما يصيّرها الى ما أرى؟
منعك ما عندك.
ومنعي ما عندي منعك أن تطلب لبناتك ما تكسب الأقوياء لبناتهم؟ انه والله مالك عندي غير سهمك من المسلمين، وسعك أو عجز عنك، هذا كتاب الله بيني وبينك.
* ذات يوم خطب عمر رضي الله عنه بالناس فقال: انّ امير المؤمنين يشتكي بطنه من الزيت، فان رأيتم أن تحلوا له ثلاثة دراهم ثمن عكّة سمن من بيت مالكم فافعلوا (أي يستأذن رضي الله عنه المسلمين في أن يوافقوه أن يصرف لنفسه 3 دراهم من بيت المال كزيادة على راتبه عن المخصص له ليأكل سمنا)
هذا هو قمة العدل الذي جعل من عمر رجلا يقول فيه خصومه قبل صحابته:
حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر
هذه الحكمة كانت أساس حمه القوي الذي أساسه العدل، ولولا العدل في الحكم لما نهض كل هذا النهوض القوي بهذه الأمة العظيمة والتي هي خيرأمة أخرجت للناس، فرأس الحكمة مخافة الله، وهل هناك من هو أشدّ خشية لله من عمر؟
انّ من يخاف الله وحده فلا يخيفه أحد من مخلوقات الله تبارك وتعالى، ومن لا يخاف الله فكل شيء من حوله يخيفه ، حتى البعوضة وهي تشاركه السرير.
* فرجل كعمر رضي الله عنه يقول: كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ندع (نترك) تسعة أعشار الحلالخشية الوقوع في الحرام، ونحن في هذا الزمن تجدنا ندأب دأبا حثيثا في البحث عن فتوى تجيز لنا الحرام.
* ورجل كعمر رضي الله عنه يقول: لو عثرت بغلة في طريق العراق لسألني الله عنها لم لم تصلح لها الطريق يا عمر!.
* ورجل كعمر عندما أقعداه الملكان في القبر وسألهما من ربكم، فهذا يعني أنه رجل نال درجة النبوة بتقواة، ولكن لا يوحى اليه، وهذا أمر أكدّه النبي صلى الله عليه وسلم كما مرّ معنا آنفا.
* واذا كان رجلا كعمر ومع تلك المعطيات السامية، قد مكث تحت الحساب 12 سنة بناء على رؤيا رآها ابنه عبدالله رضي الله عنهم، اذن فكم من السنوات سنمكث نحن تحت الحساب وايماننا لم يتجاوز تراقينا؟ لا نملك قوة ولا حيلة الا قول الله ارحمنا برحمتك ولا تعاملنا بما نحن أهله، وعاملمنا بما أنت أهله، أنت أهل الاحسان والمغفرة، أهل الرحمة والفضل، أهل العفو والعزة والهداية.
رسالته رضي الله عنه الى نهر النيل
عن قيس بن الحجاج رضي الله عنه قال: لما فتح عمرو بن العاص مصر ودخل بؤنه ( اسم شهر من أشهر الأقباط) ، اتاه اهلها وقالوا له: يا أيها الأمير! انّ لنيلنا هذا سنة لا يجري الا به، فقال لهم: وماذاك؟ فقالوا: اذا كان اثنتي عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا الى جارية بكر بين أبويه، فأرضينا أباها وحملنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في النيل، فقال لهم: ولكن هذا ليس من الاسلام، والاسلام يهدم ما كان قبله، فأقاموا في بؤنة وأبيب ومسرى والنيل لا يجري لا قليلا ولا كثيرا حتى اذا همّوا بالجلاء منه، فلما رأى ابن العاص جلاء أهلها عنها بسبب توقف النيل عن الجريان، كتب الى عمر أمير المؤمنين بذلك، فكتب اليه عمر بن الخطاب: انك قد أصبت بالذي فعلت لأنّ الاسلام يهدم ما كان قبله، وكتب بطاقة داخل كتابه وكتب فيها الى عمرو بن العاص اني قد بعثت اليك بطاقة في داخل كتابي، فألقها في النيل، فلما قدم كتابه اخذ عمرو بن العاص البطاقة فاذا فيها: من عبد الله عمر أمير المؤمنين الى نيل مصر! اما بعد، فان كنت تجري من قبلك فلا تجري، وان كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الواحد القهار أن يجريك.
وقبل يوم الصليب بيوم واحد، وقد تهيأ أهل مصر للجلاء والخروج منها بعد أن يئسوا من جفاف نهر النيل لأربعة أشهر متوالية،الأمرالذي عطل لهم مصالحهم وحياتهم، وما أن ألقى عمرو بن العاص البطاقة في النيل وما أن أصبح الناس يوم الصليب حتى أجرى الله تبارك وتعالى النيل ست عشرة ذراعا في ليلة واحدة، فقطع الله تعالى تلك السنة السوء عن أهل مصر، ولا زال ال يومنا هذا.
هذه القصة تبيّن لنا عبرة: وهي أنّ الله تعالى لا يستجيب الا لأولياءه الصالحين الصادقين الذين صدقوه النيّة والاخلاص في العمل لله وحده لا شريك له، ذلك أنّ الله تعالى قالها آية في كتابه الكريم لا يزال صداها يتردد عبر الأزمان: انّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.
خشيته رضي الله عنه من النفاق
وهذا الاحساس يجب على كل منا أن يشعره كل يوم لما ما في حياتنا من تداخلات لم تكن على عهد الصحابة بالشكل الذي أصبحنا وأمسينا عليه، ذلك أنّ العهد النبوي يختلف عن العهد الذي يليه الى يوم القيامة، لماذا؟ لأنّ العهد النبوي كان يكشف فيه المنافقون فينزل وحي السماء عليه السلام بآيات الله تبارك وتعالى تكشف نفاق المنافقين، ولكن بعد انقطاع وحي السماء عليه السلام كيف لنا أن نميّز المنافق من المؤمن؟ اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وبقوة صلته بالله عزوجل لم يتمكن من كشف المنافقين، فكيف ونحن نعبد الله على حرف؟ انّ مسألة النفاق مسألة خطيرة جد، مسألة من الصعب تحرّيها ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدم مقدرته على تمييز المنافقين من حوله، ولولا أنّ نزل فيهم قرآنا لما ميّزهم صلى الله عليه وسلم، ولولا أن زوّده جبريل عليه السلام بأسماءهم لما عرفهم النبي صلى الله عليه وسلم، اذ لايعلم الغيب الا علام الغيوب سبحانه وتعالى عما يشركون، حتى أنّ الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يخافون جدا من أن يكونوا قد نافقوا وهم لا يشعرون، ومثال ذلك عمربن الخطاب رضي الله عنه، الذي ما أن علم أنّ جبريل عليه السلام زوّد النبي صلى الله عليه وسلم قائمة بأسماء 17 منافقا ، والنبي صلى الله عليه وسلم بدوره سلم القائمة لأمين سرّه حذيفة بن اليمان حتى لم يستطع النوم تلك الليلة، الأمر الذي جعله يذهب الى حذيفة ويقول له: ويتحلفه بالله ان كان اسمه بين هؤلاء المنافقين، لم يتمالك حذيفة نفسه حين سمع سؤال عمر حتى بكى وهو يرى عمر يسأله: أستحلفك بالله أأسمي بينهم؟ وأمام هذا الموقف الرهيب لم تمالك حذيفة نفسه حتى بكى، لعلمه بأنّ عمر لا يمكن أن يكون منافقا وقد أيدّه الله تعالى بنصره.
وكم بودي لو أستعرض للقاريء الكريم ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وأمين السماء جبريل عليه السلام بحق عمر رضي الله عنه، ومن خلال هذا العرض السريع جميعنا سيحكم ببراءة عمر من النفاق على الرغم من أنه رضي الله عنه لم يبريء نفسه؟ لماذا؟ من شدة خشيته من الله تعالى، وهكذا دائما المؤمن يجب أن يبقى متوقد، يتهم نفسه بالتقصير المستمر كي يبقى يجدّد التوبة النصوح ويكثر من الاستغفار ويتعوّذ بالله من النفاق وما يفضي اليه من قول أو عمل.
وسكون الميم)
رسائله لأمراء الجند رضي الله عنه
كتابه الى أبو موسى الأشعري رضي الله عنهما: " اما بعد، فانّ القضاء فريضة محمكة، وسنة متبعة، فافهم اذا أدلي اليك، فانه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، آس بين الاثنين في مجلسك ووجهك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك، الفهم.. الفهم مما يتلجلج في نفسك، ويشكل مما لم ينزل في الكتاب، ولم يجر به سنة، فاعرف الأشياء والأمثال، قس بعضها ببعض، وانظر الى أقربه، وأشبهها بالحق فاتبعه واعمد اليه، ولا يمنعك قضاء قضية بالأمس راجعت فيه نفسك، وهديت به لرشدك، فانّ مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، المسلمون عدول، بعضهم على بعض الا مجلودا في حد، أو مجربا عليه شهادة زور، أو ظنينا في ولاء أو قرابة، اجعل لمن ادعى حقا غائبا أمدا ينتهي اليه أو بيّنة عادلة، فانه أثبت في الحجّة، وأبلغ في العذر، فان أحضر بيّنة الى ذلك الأجل أخذ بحقه، والا وجّهت عليه القضاء، البيّنة على من ادّعى واليمين على من أنكر، انّ الله تعالى تولى منك السرائر، ودرأ عنكم الشبهات، اياك والقلق والضجر والتأذي من الناس، والشكر للخصم في مجالس القضاء التي يوجب الله تعالى فيها الأجر ويحسن فيها الذخر، ومن حسنت نيّته وخلصت فيما بينه وبين الله عزوجل كفاه ما بينه وبين الناس، والصلح جائز بين الناس الا صلحا أحلّ حراما أو حرّم حلال، ومن تزيّن للناس بما يعلم الله عزوجل غير ذلك منه شانه الله، فما ظنك بثواب عند الله في عاجل دنيا وآجل آخرة؟ "
* كتابه الى عتبة بن فرقد أمير أذربيجان رضي الله عنهما: "يا عتبة بن فرقد! اياكم والتنعّم، وزي أهل الشرك، ولبوس الحرير، فانّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن لبوس الحرير"
* كتابه الى أبي عبيدة رضي الله عنهما: أما بعد، فاني كتبت بكتاب لم آلك فيه ونفسي خير، الزم خمس خصال يسلم لك دينك، وتحظى بأفضل حظك:
1- اذا حضرك الخصمان فعليك بالبينات العدول والأيمان القاطعة.
2- ثم أدن من الضعيف حتى ينشط لسانه ويجرؤ قلب.
3- وتعاهد الغريب فانه اذا طال حبسه ترك حاجته وانصرف الى أهله.
4- واذا أبطل حقه من لم يرفع به رأسا.
5-واحرص على الصلح ما لم يتبين لك القضاء والسلام.
* كتابه الى معاوية رضي الله عنهما: أما بعد، فالزم الحق ينزلك الله منزل أهل الحق يوم لا يقضي الا بالحق والسلام.
* كتابه الى عمّاله (امراءه) رضي الله عنهم: اكتبوا عن الزاهدين في الدني، فانّ الله عزوجل وكّل بهم ملائكته واضعة أيديهم على أفواههم لا يتكلمون الا بما هيّأه الله لهم.
* كتابه الى أبو موسى الأشعري رضي الله عنهما: انه لم يزل للناس وجوه يرفعون حوائج الناس، فأكرم وجوه الناس ليتمكن المسلم الضعيف من العدل والقسمة.
ومعنى للناس وجوه: أي رجال لهم شأن عظيم يوم القيامة.
والمقصود بالذين يقضون حوائج الناس: هم الذين يقدمون خدماتهم بنية الاخلاص لوجه الله تعالى خالصا دون أدنى أجر، يبتغون الأجر والمثوبة منه سبحانه وتعالى وحده، لأنّ الذي يعمل العمل لأجر أو لأجل أن يحمده الناس عليه يكون مرائي، والرياء هو الشرك الأصغر كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم، وأنّ من يأخذ أجرعلىخدمة قدّمها لمسلم فانه يشمله قوله صلى الله عليه وسلم: كل قرض جرّ نفعا فهو ربا. والقرض الذي يقصده النبي صلى الله عليه وسلم: هو الخدمة والعمل والفعل لأجل الناس وليس لأجل الله، عافانا الله واياكم...آمين.
أي عمل تعمله تبتغي به غير وجه الله تبارك وتعالى فهو رياء، والرياء شرك، ومن يكتم حسناته كما يكتم سيئاته يقترب من درجة الاخلاص، وأن لا تحب محمدة الناس على شيء تعمله تكون بلغت غاية الاخلاص.
وقال الفضل بن عياض رضي الله عنه: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والاخلاص أن يعافيك الله منما.
اللهم انا نعوذ بك أن نشرك بك لشيء نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه
هذا الدعاء علمنا اياه النبي صلى الله عليه وسلم كي نتقي الشرك الأصغر، فتعلموه وعلموه أبناكم ونساءكم ومن تحبون.
خشيته وبكاءه رضي الله عنه
* عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صليت خلف عمر فسمعت حنينه من وراء ثلاثة صفوف.
* عن عبد الله بن عيسى رضي الله عنه قال: كان في وجه عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطتن أسودان من البكاء.
* عن الحسن رضي الله عنه قال: كان عمر بن الخطاب يمر بالآية من ورده بالليل فيبكي حتى يسقط، ويبقى في البيت حتى يعاد للمرض.
* عن أبي عثمان النهدي رضي الله عنه قال: أنّ عمر بن الخطاب كان يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول: " اللهم ان كنت كتبتنا عندك في شقوة وذنب فانك تمحو ما تشاء وتثبّت، وعندك أم الكتاب، فاجعلها سعادة ومغفرة" .
* عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه قال: سمعت عمر يقرأ في صلاة الصبح سورة يوسف، فسمعت نشيجه واني لفي آخر الصفوف وهو يقرأ: انما أشكو بثي وحزني الى الله.
* قال نافع رضي الله عنه: خرج عمر رحمه الله الى حائط له، فرجع وقد ثلى الناس العصر، فقال: انما خرجت الى حائطي وقد صلى الناس، حائطي على المساكين .
ان كانت صلاة جماعة واحدة أضاعها عمر رضي الله عنه بسبب شغل، شغله عنه، فكم من حيطان يتوجّب علينا بأن نؤديها كصدقات عسى الله أن يمفر عنا باضاعتنا لصلوات لا تعد ولا تحصى قد أضعناه، ليست في جماعة فحسب، وانما كلها.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: رأى عمر بن الخطاب في يدي لحما فقال: ما هذا يا جابر؟ قلت: اشتهيت لحما فاشتريته، فقال: افكلما اشتهيت يا جابر اشتريت؟ اكلما اشتهيت يا جابر اشتريت؟ اما تخاف هذه الآية: أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها.
عن ثابت بن حجاج قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حاسبوا انفسكم قبل أن تحاسبو، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنو، فانه أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، وتلا قوله تعالى: يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية.
حكمته رضي الله عنه
كان الصحابة رضي الله عنهم يلقبونه بلقمان الحكيم لقوة حكمه رضي الله عنه، فقد قيل لعثمان رضي الله عنه ألا تكون مثل عمر؟ فقال رضي الله عنه: لا أستطيع أن أكون مثل لقمان الحكيم.
* مرّ رضي الله عنه ذات يوم على مزبلة فاحتبس عنده، فاشمأز أصحابه من وقوفه عنده، فقال: هذه دنياكم التي تحرصون عليها.
* عمر يعظ الأحنف بن قيس رضي الله عنهما: يا أحنف! من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخفّ به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قلّ حياؤه، ومن قلّ حياؤه قلّ ورعه، ومن قلّ ورعه مات قلبه.
* من عرض نفسه للتهمة فلا يلومنّ من أساء به الظن، ومن كتم سرّه كانت الخيرة في يده، ولا تظنّ بكلمة خرجت من أخيك المسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محمل، ولا تهاون بالحلف بالله فيهينك.
* لا تتكلم فيما لا يعنيك، واعتزل عدوك، واحذر صديقك الا الأمين، ولا أمين الا من يخشى الله، ولاتصحب ولا تمش مع الفاجر فيعلمك فجوره، ولا تطلعه على سرّك، ولا تشاور في أمرك الا الذين يخشون الله عزوجل.
* اني أحب أن يكون الرجل في أهله كالصبي، فاذا احتيج اليه كان رجلا.
* بينما ذات يوم وعمر رضي الله عنه يمشي اذا سمع رجلا يقول: أنا ابن بطحاء مكة وكدائه، فقال له عمر رضي الله عنه: ان يكن لك دين فلك كرم، وان يكن لك عقل فلك عروة، وان يكن لم مال فلك كرم والا فأنت والحمار سواء.
كدي وكداء: جهتان في أعلى مكة ومن كلاهما دخل النبي صلى الله عليه وسلم، فيوم عمرة القضاء دخل من كدي، ويوم فتح مكة دخل من كداء.
العروة: هو النفيس من المال، ويقصد عمر رضي الله عنه بكلامه للرجل: أنّ الكرم الحقيقي هو الدين، والثروة الحقيقية هي العقل، وانّ المال الحقيقي ليس المال بعينه وانما هو الشرف.
* أيها الناس: اياكم والبطنة من الطعام، فانها مكسلة عن الصلاة مفسدة للجسد، مورثة للسقم، وانّ الله عزوجل يبغض الحبر السمين، ولكن عليكم بالقصد في قوتكم فانه أدنى من الاصلاح، وأبعد من السرف، وأقوى على عبادة الله، وانه لن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه.
الحبر السمين: العالم البدين.
* اذا كان الرجل مقصّرا في العمل ابتلي بالهم ليكفر عنه.
* عليكم بذكر الله فانه شفاء، واياكم بذكر الناس فانه داء.
* اتقوا الله واتقوا الناس.
* أجود الناس من اعطى من حرمه، وأحلم الناس من عفا عمّن ظلمه.
* كونوا أوعية الكتاب، وينابيع العلم، واسألوا الله رزق يوم بيوم، وعدوا أنفسكم في الموتى، ولا يضركم أن لا نكثر لكم.
* اذا رايتم الرجل يضيّع الصلاة فهو والله لغيرها من حق الله أشدّ تضييعا.
* سأل عمر رضي الله عنه نفرا من أصحابه فقال: أي الناس أفضل؟ قالوا: المصلون. قال: انّ المصلي يكون برا وفاجر، قالوا: الصائمون: قال: ان الصائم يكون برا وفاجر، قالوا: المجاهدون: قال: ان المجاهد يكون برا وفاجر، ثم قال: لكن الورع في دين الله يستكمل طاعة الله عزوجل.
سئل عمر رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين! أيهما أفضل؟ رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها؟ ام الذي يشتهي المعصية ولا يعمل بها؟ أجاب رضي الله عنه: ان الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها أفضل لقوله تعالى: أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم.
* عليكم بالغنيمة الباردة الصيام في الشتاء وقيام الليل، والشتاء غنيمة العابدين
* تعاهدوا الرجال في الصلاة، فان كانوا مرضى فعودوهم، وان كان غير ذلك فعاتبوهم.
* انّ الحكمة ليست عند كبر السن، ولكنه عطاء يعطيه من يشاء، فاياك ودناءة الأمور.
* يا أهل العلم والقرآن لا تأخذوا للعلم والقرآن ثمنا فيسبقكم الدناءة الى الجنة.
* سئل عمر رضي الله عنه عن التوبة النصوح، فقال: التوبة النصوح أن يتوب الرجل من العمل السيء ثم لا يعود اليه أبدا.
سمع عمر رضي الله عنه رجلا يقول: استغفر الله وأتوب اليه، فقال له: ويحك! اتبعها اختها: فاغفر لي وارحمني.
* من اتجر في شيء ثلاث مرات فلم يصب فيه شيءا فليتحوّل الى غيره.
* لو كنت تاجرا ما اخترت على العطر شيئ، ان فاتني ريحه لم يفتني ربحه
* تعلموا المهنة فانه يوشك أن يحتاج أحدكم الى مهنته.
*مكسبة فيها الدناءة، خير من مساءلة الناس.
* تكتب للصغير حسناته ولا تكتب عليه سيئاته.
* اتدرون لماذا سمي المزاح بالمزاح؟ لأنه زاح عن الحق.
* لا تنظروا الى صلاة امرىء ولا الى صيامه، ولكن انظروا الى صدق حديثه اذا حدّث، والى ورعه اذا أشفى، والى أمانته اذا أؤتمن.
ومعنى أشفى: اي اذا أشرف على الوقوع في المعصية.
*لا تنكحوا المرأة الرجل القبيح الدميم فانهنّ يحببن لأنفسهنّ ما تحبون لأنفسكم.
* ما أخاف عليكم أحد من رجلين: مؤمن قد تبيّن ايمانه، ورجل كافر قد تبيّن كفره، ولكن أخاف عليكم منافقا يتعوذ بالايمان ويعمل لغيره.
* انّ أخوف ما أخاف عليكم: تغير الزمان، وزيغة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون يضلون الناس بغير علم.
* استعينوا بالنساء بالعري (قلة ثيابها) فانّ احداهنّ اذا كثرت ثيابها وحسنت زينتها أعجبها الخروج.
* النساء ثلاث والرجال اثنان: امرأة هينة لينة عفيفة مسلمة ودود ولود تعين أهلها على الدهر، ولا تعين الدهر على أهلها- وهذه قلّ ما تجدها- وأخرى وعاء لولد لا تزيد على ذلك شيئ، واخرى غل قمل يجعلها الله في عنق من يشاء وينزعه اذا شاء، والرجال اثنان: رجل عاقل اذا أقبلت الأمور وتشبهت يأتمر فيها أمر ويبدل عند ذلك رأيه، وآخر بائر لا يأتمر رشدا ولا يطيع مرشدا.
* انّ الناس لن يزالوا مستقيمين ما استقامت بهم أئمتهم وهداتهم.
* كل من الحائط (الحديقة) ولا تتخذ منه خبيثه (أي لا تأخذ معك منه).
* اذا رزقك الله مودة امريء مسلم فتشبّث بها ما استطعت.
* من قال أنا مؤمن فهو كافر، ومن قال أنا عالم فهو جاهل، ومن قال أنا في الجنة فهو في النار.
* لا يرحم الا من يرحم، ولا يغفر لمن لا يغفر، ولا يتاب على من لا يتوب، ولا يوق من لا يتوقى.
* لا تعجبكم من الرجل طنطنته (صلاته) ولكن من أدى الأمانة، وكف عن أعراض الناس هو الرجل.
* الراحة في ترك خلطاء السوء.
* سمع عمر رضي الله عنه رجلا يثني على رجل فقال له: أسافرت معه؟ قال ل، قال: أخالطته؟ قال: ل، قال: والله الذي لا اله الا هو ما تعرفه.
* لأن اموت بين شعبتي رحلي أسعى في الأرض أبتغي من فضل الله كفاف وجهي، أحبّ اليّ من أن أموت غازيا.
* الدعاء يحجب دون السماء حتى يصلى على محمد صلى الله عليه وسلم، فاذا صلي على محمد صلى الله عليه وسلم صعد الدعاء الى الله عزوجل.
* زوّجوا أولادكم اذا بلغو، لا تحملوا آثامهم.
* يثغر الغلام لسبع سنين، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهي طوله لأحد وعشرين، وينتهي عقله الى ثمان وعشرين، ويكمل اذا تمّ الأربعين.
يثغر الغلام: أي تثبت أسنانه.
دعاؤه رضي الله عنه
- اللهم توفني مع الأبرار، ولا تخلفني في الأشرارو والحقني بالأخيار.
- اللهم لا تكثر لي من الدنيا فأطغى، ولا تقلل لي منها فأنسى، فانه ما قلّ - - وكفى، خير مما كثر وألهى.
- اللهم لا تجعل قتلتي على يد عبد قد سجد لك سجدة يحاجني بها يوم القيامة.
- اللهم اني أعوذ بك أن تأخذني على غرّة، أو تذرني في غفلة، أو تجعلني من الغافلين...اللهم اعصمنا بحفظك، وثبّتنا على أمرك.
- اللهم اني غليظ فليننيّ، وشحيح فسخني، وضعيف فقوّني.
يتبع

قلب., 11 - 1 - 2012 11:36 PM

روايته للحديث
رغم تحرّي عمر رضي الله عنه وامتناعه عن رواية أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، الا أنه رصد له ما يزيد عن 500 حديث نبوي شريف، نذكر بعضا منها على سبيل المثال لا الحصر:
أولا- الأعمال بالنيات
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: انما الأعمال بالنيات، ولكل امرىء ما نوى، فمن كانت هجرته الى الله ورسوله، فهجرته الى الله ورسوله، ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته الى ما هاجر اليه.
ثانيا- الانسان مخيّر وليس مسيّر
عن سالم بن عمر أنّ عمر رضي الله عنهما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت ما نعمل فيه قد فرغ منه، أو في شيء مبتد، أو أمر مبتدع؟ قال صلى الله عليه وسلم: فيما قد فرغ منه، فقال عمر رضي الله عنه: ألا نتكل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: اعمل يا ابن الخطاب فكل ميسّر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فيعمل للسعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فيعمل للشقاوة.
وهذا الحديث الشريف يدلنا على أنّ الانسان مخيّر وليس مسيّر، وهو يفند ادعاء الذين يقولون أن الانسان مسيّر.
ثالثا: لا يدخل الجنة الا المؤمنون
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: لما كان يوم خيبر، أقبل نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: فلان شهيد، وفلان شهيد، حتى مرّوا برجل فقالوا: فلان شهيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا! اني رأيته يجرّ الى النار في عباءة غله، اخرج يا عمر فنادي في الناس: انه لا يدخل الجنة الا المؤمنون. فخرجت فناديت: انه لا يدخل الجنة الا المؤمنون.
رابعا- التوكل على الله تعالى
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو أنكم تواكلتم على الله حقّ توكله لرزقكم كما ترزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا.
ذلك أنّ الاتكال على الله تبارك وتعالى ليست كلمة يقولها اللسان فتكون، وانما هي ايمان لا يعلم صدقها الا الله تبارك وتعالى الذي يعلم ما نبدي وما نخفي، فقط وحده الله تعالى يعلم ان كنا صادقين في التوكل عليه أم ل، وعلى أساس ذلك يجري الرزق لابن آدم، ولكن هذا لا يعني أنّ كل مرزوق يكون مرضي عنه، ذلك أنّ هناك أنواع من الرزق يرزقها الله لعباده العاصين كنوع من الاستمهال أو الاستدراج لهم.
خامسا: اتقوا المال والدنيا
عن ابي سنان الدؤلي أنه دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وعنده نفرمن المهاجرين الأولين، فأرسل الى سقط أتى به من قلعة من العراق فكان فيه خاتم فأخذه بعض بنيه فأدخله فيه فانتزعه عمر رضي الله عنه ثم بكى، فقيل: لم تبك يا أمير المؤمنين وقد فتح الله لك وأظهرك على عدوك، وأقرّ عينك؟ فقال رضي الله عنه: لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تفتح الدنيا على قوم الا ألقى الله بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة. وانا مشفق من ذلك.
سادسا: جوع النبي صلى الله عليه وسلم
عن النعمان بن البشير رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتوى ما يجد ما يملأ بطنه من الدقل.
يلتوي: أي يتلوّى من الجوع..... الدقل: التمر اليابس والردىء.
سابعا: فضل العشر آيات الأولى من سورة المؤمنون
عن عبد الرحمن بن القاريء رضي الله عنه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: كان اذا أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدويّ النحل، فمكثنا ساعة، فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللهم زدنا ولا تنقصن، وأكرمنا ولا تهن، وأعطنا ولا تحرمن، وآثرنا ولا تؤثر علين، وأرضنا وارض عن، ثم قال: لقد أنزلت عليّ عشر آيات من أقامهنّ دخل الجنة، ثم قرأ: قد افلح المؤمنون حتى ختم العشر أيات.
ومعنى من أقامهنّ: اي من عمل بهنّ.... اللهم اكتبنا منهم.
ثامنا: فضل قول لا اله الا الله في السوق
عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يدخل السوق: لا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد ، بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، كتب الله له بها ألف حسنة، ومحا عنه ألف سيئة، وبنى له بيتا في الجنة.
وصيته رضي الله في آية الرجم
في خطبه الأخيرة رضي الله عنه
الخطبة قبل الأخيرة له رضي الله عنه في الناس كانت بعد عودته من الحج مباشرة، وتلك الحجة حجّها بأمهات المؤمنين رضي الله عنهنّ، والجدير بالذكر أنّ عمر رضي الله عنه ما فاتته حجّة منذ تولى الخلافة حتى قبض، وفي حجته الأخيرة كان قد دعا الله تعالى وهو في طريقه من مكة الى المدينة فقال: اللهم كبرت سنّي، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني اليك غير مضيّع ولا مفرّط، فلما قدم المدينة خطب بالناس فقال: يا أيها الناس قد فرضت لكم الفرائض، وأسننت لكم السنن، وتركتم على الواضحة، ثم صفق بيمينه على شماله وقال: ألا تضلوا بالناس يمينا وشمال، ثم اياكم أن تهلكوا عن آية الرجم، وأن يقول قائل: لا نجد حدين في كتاب الله، فقد رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم، ورجمنا بعده، فو الله لولا أن يقول الناس أحدث عمر في كتاب اللهلكتبتها في المصحف، فقد قرأناها: والشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما.
ومعنى قرأناها: أي هذه آية من الآيات المنسوخة في القرآن الكريم، نسخت قراءة وبقيت حكم، والرجم انما يكون للمحصن فقط.
فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن رضي الله عنه، ولما طعن جاء كعب الأحبار رضي الله عنه فجعل يبكي بالباب ويقول: والله لو أنّ أمير المؤمنين يقسم على الله أن يؤخره لأخرّه، فدخل عليه ابن عباس رضي الله عنهم فقال: يا أمير المؤمنين هذا كعب يقول كذا وكذ، فقال رضي الله عنه: اذن والله لا أسأله! ثم قال رضي الله عنه: ويل لي ولأمي ان لم يغفر الله لي.
شهيد الفجر رضي الله عنه
انّ آخر خطبة خطبها رضي الله عنه فقد كانت يوم جمعة 22 ذي الحجة، وبعدها بأربعة أيام، اي يوم الأربعاء 26 من ذي الحجة لعام 23 هجرية طعن رضي الله عنه على يد أبو لؤلؤة المجوسي وهو قائم يؤم المسلمين في صلاة الفجر،
وفي توفي في أواخر شهر المحرم، عن عمر يناهز ال 63 عاما من عمره المبارك، ودفن في صبيحة يوم الأحد 24 المحرّم لذلك فقد سمي رضي الله عنه بشهيد الفجر، ورغم انه مات شهيدا الا أنه غسّل وكفّن وصلي عليه في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ما بين القبر والمنبر، ونزل في قبره عثمان وزوج أخته سعيد بن زيد وصهيب وابنه عبد الله رضي الله عنهم أجمعين.
عن معدان بن أبي طلحة اليعمري رضي الله عنه قال: أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام على المنبر يوم جمعة فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر أبو بكر رضي الله عنه، ثم قال: رأيت رؤيا لا أراها الا بحضور أجلي، رأيت ديكا نقرني نقرتين، فقصصتها على أسماء بنت عميس امرأة أبو بكر رضي الله عنهما فقالت: يقتلك رجل من العجم، وانّ الناس يأمرونني أن أستخلف، وانّ الله عزوجل لم يكن ليضيّع دينه وخلافته التي بعث بها نبيّه صلى الله عليه وسلم، فان تعجّل بي أمر فانّ الشورى بين هؤلاء الستة الذين مات نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ( علي بن أبي طالب، عثمان بن عفان، الزبيربن العوام، طلحة بن عبيد الله، سعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف) فمن بايعتم منهم فاسمعوا له وأطيعو، واني أعلم أنّ اناسا سيطعنون في هذا الأمر أنا قتلتهم بيدي هذه على الاسلام، أولئك أعداء الله الضلال الكفار، واني أشهد الله على أمراء الأمصار أني بعثتهم ليعلموا الناس دينهم، ويبينوا لهم سنة نبيهم، ويرفعوا اليّ ما غمي عليهم.
استئذانه بالدفن رضي الله عنه
كان رضي الله عنه قد طلب من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن تعطيه مكانها في المدفن ليدفن الى جانب النبي صلى الله عليه وسلم وأباها رضي الله عنه فلم ترد له طلبه، وبعد أن طعن طلب من ابنه عبد الله رضي الله عنهما أن يستأذن عائشة للمرة الثانية فأذنت له، وقبل وفاته أعاد على ابنه القول: أني اذا مت فاستأذن لي عائشة رضي الله عنها من جديد، لعلها أذنت لي حياء مني.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: استأذن عمر عائشة في حياته فأذنت له أن يدفن في بيته، فلما حضرته الوفاة قال: اذا مت فاستأذنوه، فان أذنت فدعوه، فاني خشيت أن تكون قد أذنت لي لسلطاني، فلما مات اذنت لهم.
وصيته رضي الله عنه
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: اوصاني عمر بن الخطاب رحمه الله فقال: اذا وضعتني في لحدي فأفض بخدي الى الأرض حتى لا يكون بين خدي وبين الأرض شيء.
الحياء منه حتى وهو ميتا رضي الله عنه
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قال: كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي فأضع ثوبي وأقول: انما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمر معهم، فو الله ما دخلته الا وأنا مشدودة عليّ ثيابي حياء من عمر.
وعنها رضي الله عنها قالت: ما زلت أضع خماري وأتفضّل من ثيابي حتى دفن عمر، فلم أزل متحفظة في ثيابي حتى بنيت بيني وبين القبور جدارا فتفضلت بعد.
وعنها رضي الله عنها قالت: زينوا مجالسكم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
شفاعته رضي الله عنه
عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنهما قال: يؤتى بأقوام يوم القيامة فيوقفون بين يدي الله عزوجل فيؤمر بهم الى النار، فاذا همّ الزبانية بأخذهم وقربوا الى النار وهمّ مالك بأخذهم، قال الله تعالى لملائكة الرحمة: ردّوهم، فيردونهم، فيوقفون بين يدي الله عزوجل طويلا فيقول: عبادي أمرت بكم الى النار بذنوب سلفت لكم واستوجبتم به، وقد روعتكم، وقد وهبت ذنوبكم بحبكم أبا بكر وعمر.
رحم الله الفاروق عمر بن الخطاب ورضي الله عنه وهو يقول:

رحم الله امرىء أهدى لي عيوبي


منقول

ابو فداء 12 - 1 - 2012 12:07 AM

رحم الله أمير المؤمنين عمر
مشكوووره اختي
معلومات ذات قيمة عاليه

ناجي أبوشعيب 12 - 1 - 2012 12:16 AM

z%zz%zz%z
بارك الله فيك قلب وحقّق أمناك
هي معلومات ذات فائدة هي مرجعية لكّل باحث
أشكرك على هذا النّقل المميّز الهادف والنافع
ولنا ان شاء الله رجعة كلّما تطلّب الأمر لذك
احتراماتي

z%zz%zz%z

صائد الأفكار 12 - 1 - 2012 03:48 AM

بارك الله بك على الطرح عن شخصية عمر بن الخطاب والذي اعتز بالقراءة عنه دائما

صائد

عاشق تراب الأقصى 12 - 1 - 2012 03:59 AM

الفاروق عمر بن الخطاب
جبار الجاهلية وعملاق الاسلام
عقمت أرحام أمهات الأمةأن تنجبه من جديد
حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر

بارك الله بك وجزاك الخير على موضوعك الاكثر من رائع
تحياتي وامتناني لك

المرقب 12 - 1 - 2012 08:50 AM

ومن الله الأجر والثواب

موضوع متعوب عليه

تسلمي قمر

ابتسام 17 - 1 - 2012 03:49 PM

http://www.pennyparker2.com/image358.gif

سلمت الايادي ولا عدمنا مواضيعك



http://www.pennyparker2.com/image358.gif


اطوار 9 - 2 - 2012 08:00 PM

عاشت الايادي على المعلومات الجمة عن الفاروق عمر رضي الله عنه وارضاه


الساعة الآن 11:12 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى