منتديات المُنى والأرب - يوميات العالم

كونراد تسوزي سبق العالم نصف قرن في صناعة الكومبيوتر
الألمان يذكرون العالم بهوية الكومبيوترات الألمانية

http://www.aawsat.com/2010/04/25/ima...ly1.566803.jpg

والد الكومبيوتر الحديث كونراد تسوزي

http://www.aawsat.com/2010/04/25/ima...ly2.566803.jpg

جهاز كمبيوتر «زد3» الذي اخترعه كونراد تسوزي

كولون(ألمانيا): ماجد الخطيب
في يوم 26 يوليو (تموز) 1963 زار الرئيس الأميركي جون ف. كينيدي ألمانيا، وعند بوابة براندنبورغ الشهيرة في العاصمة برلين، وبحضور مئات الآلاف من الألمان، اختتم كينيدي كلمته حول مشاكل الحرب الباردة ببضع كلمات ألمانية تقول «أنا برليني». وهو ما تستخدمه اليوم شركات الكومبيوترات الألمانية اليوم لتذكير العالم بهوية الكومبيوتر الألمانية البرلينية.
إذ تعتزم ألمانيا اليوم، وبمناسبة الذكرى المئوية لميلاد والد الكومبيوتر الحديث كونراد تسوزي، تذكير الجميع بأن الكمبيوتر هو اختراع ألماني في الأساس وليس أميركيا كما يعتقد البعض، وذلك من خلال إحياء ذكرى مخترع الكمبيوتر في صالات متحف برلين للتقنيات. وستقام العديد من الندوات يوم 22 يونيو (حزيران) المقبل احتفاء بيوم مولد مخترع الكومبيوتر الذي فضل السكوت عن اختراعه على وضعه في خدمة الآلة العسكرية النازية.
وتقام بأنحاء ألمانيا المختلفة ستة متاحف خلال هذا العام تحت شعار «الكمبيوتر اختراع ألماني» في إطار الاحتفال بعيد الميلاد المئوي لتسوزي الذي عاش في الفترة بين عامي 1910 و1995. وقال مدير متحف برلين ديرك بوندل: «الكمبيوتر لم يأت من أميركا وبيل غيتس لم يخترعه» مؤكدا أن أول كمبيوتر في العالم جاء من برلين.
ووفقا للأبحاث التي قام بها متحف برلين، فإن تسوزي اخترع أول كمبيوتر رقمي في العالم عام 1936 وكان هذا في غرفة المعيشة بمنزله في برلين. وكان الجهاز وقتها كبيرا للغاية وحجمه مثل سرير يكفي لشخصين. كما ابتكر تسوزي وهو مهندس معماري أول لغة برمجية خوارزمية عالمية وهو اختراع يصفه الكثير من علماء الأرقام في الوقت الحالي بالعبقري. وأطلق المخترع الألماني على أول جهاز اخترعه اسما إنجليزيا، لمعرفته بعالمية الجهاز، وهوElectronic Numerical Integrator Computer.
ويرى العلماء في الزمن الراهن أن تسوزي سبق عصره بمقدار نحو نصف قرن من خلال الكمبيوتر الذي اخترعه والذي يحمل اسم «زد 1» ولكن المشكلة كانت أن هذا الاختراع تم خلال حقبة النازية في ألمانيا التي كان العالم الألماني يتعمد البعد عنها على حد قول ابنه هورست. المشكلة الثانية هو أن هذا الكومبيوتر كان يعاني من خلل يؤدي إلى انطفائه تلقائيا، كما أن إعادة برمجته كانت متعذرة.
في محاولات لاحقة عام 1938 صمم تسوزي كومبيوترا آخر أطلق عليه اسم» زد 2»، وهو جهاز قابل للبرمجة جزئيا، لكنه كان يعاني من أخطاء أخرى. وتطلب الأمر 3 سنوات أخرى من العمل، في قبو المنزل وبعيدا عن أنظار جهاز الغستابو، كي ينتج تسوزي أول جهاز رقمي قابل للبرمجة وإعادة البرمجة، ولا يعاني من مشاكل، وأطلق عليه اسم «زد3 ». وطرح المخترع عام 1945، أي بعد نهاية الحرب العالمية تماما، النسخة الجديدة «زد 4» الذي طرحه لاحقا للبيع في شركته. يقول مدير متحف برلين ديرك بوندل إن «زد 3» كان الجهاز الوحيد في العالم آنذاك الذي يستحق لقب «كومبيوتر رقمي قابل للبرمجة».
ومعروف أن تسوزي كان يعمل سرا وفي أجواء عزلة نسبية عن أخبار العلم والاختراع في العالم، وخصوصا في بريطانيا وفي الولايات المتحدة الواقعة عبر المحيط. ولهذا فإنه، ومنذ عام 1936، لم يكن يعرف بأن مخترعين آخرين مثل تشارلس باباغ وآلان تورنغ وهوارد إيكي، يعملون على نفس المشروع، كما لم يعرف بأنه كان متقدما 10 سنوات عليهم.
بعد الحرب العالمية الثانية أسس تسوزي أول شركة له لإنتاج الكومبيوتر عام 1949 وأطلق عليها اسم «تسوزي ك.ج.»، لكن الفكرة لم تنجح لعدة أسباب، منها أن العالم لم يكن قد أدرك بعد أهمية هذا الاختراع في تلك الفترة، كما أن الطلبيات لم تكن كافية لدعم أبحاث لتطوير الفكرة. واضطر تسوزي لبيع شركته إلى شركة «سيمنس» عام 1967 بعد أن أغرقتها الديون. ويقول ابنه هورست إن والده لم يحقق ثروة من خلال اختراعه، ولم يصبح ثريا من بيع شركته إلى «سيمنز»، لكنه لم يشر إلى سعر البيع. وتزامن صعود «سيمنز» الألمانية هذا مع سطوع نجم شركة «آي بي إم» في الولايات المتحدة ودخولها المنافسة بثقل كبير.
ومعروف عن تسوزي أنه كان مهندسا معماريا جذبته الهندسة الإلكترونية بقوة إلى عالم البرمجة الرقمية، وهو مخترع لغة الكومبيوتر التي تستخدم الأشرطة المثقبة. وكان الألماني، المولود في ولاية هيسن، رساما أيضا أقام العديد من المعارض الشخصية ببرلين وفرانكفورت ومدن ولاية هيسن (عاصمتها ماينز وأكبر مدنها هي فرانكفورت)، وخصوصا في هونفيلد حيث أسس شركته.
وإذا كان البعض ينسب اختراع الكومبيوتر الأول إلى المخترعين الأميركيين، فإن إنسكلوبيدا «ويكيبيديا»، النسخة الألمانية، على الإنترنت تنسب هذا الاختراع إلى تسوزي الذي أطلق على الجهاز اسم «ريشنر»، وهي الكلمة الموازية للمفردة الإنجليزية «كومبيوتر» التي تترجم بالعربية إلى حاسوب. وتقول الموسوعة إن تاريخ الكومبيوتر لا يتحدد بالقرن العشرين، لأن تاريخ أجهزة حساب الأشياء المختلفة تعود إلى العصر الحجري، وتمتد بين المكاييل الصخرية والميزان التقليدي والاسطرلاب وأجهزة الحساب اليدوية بالكرات. مات كونراد تسوزي في 18 ديسمبر (كانون الأول) 1995 عن عمر 85 سنة، وعاش فترة ازدهار الكومبيوتر، وعرف الثورة التي أحدثها في عالم التقنية والحياة الاجتماعية، وعاش بداية تحول الكومبيوتر والإنترنت إلى مرض يدمن عليه الملايين. وأجرى مستشفى برلين شاريتيه دراسة قبل سنة تشي بأن إدمان الإنترنت يصيب 10% من الألمان أو 1.5 مليون شخص. وكان عدد المدمنين عام 2000، حسب نفس المجموعة، لا يزيد على 20 ألفا. وأعدت لجنة مكافحة الإرهاب في سويسرا، لأول مرة، إعلانات تلفزيونية وورقية تحذر من إدمان الإنترنت. وكلفت اللجنة شركة «مارت أوند جيرتنر»، المتخصصة بالإعلانات المضادة للدخان والمخدرات والكحول، بإعداد الدعاية. وسيجري بث الإعلان في السينما والتلفزيون وعلى الشاشات الإلكترونية في المحطات والمطارات وشاشات المراقص. قبل وفاته بشهرين، كان العجوز تسوزي يملك ما يكفي من القوة والموهبة ليمارس هوايته المفضلة، في أوقات الفراغ، أي الرسم. ورسم الفنان بورتريها شخصيا له بالألوان الزيتية وأهداه إلى الملياردير الشاب بيل غيتس خلال حضورهما المشترك لمعرض الكومبيوتر العالمي «سيبت» عام 1995 في هانوفر. وستبقى هذه اللوحة معلقة في غرفة غيتس، في مبنى شركة «مايكروسوفت»، لتذكر غيتس، وبالتالي كل العالم، بالفنان الحقيقي الذي غير حياة البشر.