منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القرآن الكريم والأحاديث وسيرة الأنبياء والصحابة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=95)
-   -   وقفة مع المعوذتين - د. مأمون فريز جرار (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=9078)

أبو جمال 8 - 8 - 2010 09:13 PM

وقفة مع المعوذتين - د. مأمون فريز جرار
 
وقفة مع المعوذتين

د. مأمون فريز جرار

http://www.maktoobblog.com/wp_userfi...ile/mamofj.jpg

إذا كانت سورة الإخلاص تقرر حقيقة التوحيد التي تحدد وجهة الإنسان في الحياة حين يعرف ربه وإلهه سبحانه فإن المعوذتين ترسمان للإنسان خريطة للشر الذي يلقاه في حياته وتبينان له أهم تلك الشرور ، وتحددان له سبل الوقاية منها ، وكأن هاتين السورتين اللتين هما ختام القرآن تمثلان وصية مهمة للإنسان عليه ألا ينساها ليضمن لنفسه النجاة في الدنيا والآخرة ، ولذلك جاء في مطلع كل منهما أمر تعليمي توجيهي هو : ( قل ) وبدًئت كل سورة ببيان أن الاستعاذة بالله تعالى بصفات محددة في السورة هي سبيل النجاة .

في سورة الفلق أمر بالاستعاذة بالله ولكن ليس بلفظ الجلالة بل ب ( رب الفلق ) وهذا أمر يلفت النظر إلى فاعلية أسماء الله الحسنى وكيفية التعامل معها استجابة لأمر الله تعالى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) ففي هذه السورة أمر بالاستعاذة ب ( رب الفلق ) والمستعاذ به في هذه السورة اسم واحد من أسماء الله الحسنى والمستعاذ منه أربعة شرور هي : شر ما خلق ، وشر غاسق إذا وقب وشر النفاثات في العقد وشر حاسد إذا حسد ، فما علاقة ( رب الفلق ) بهذه الأمور المستعاذ منها ؟ أقرب الأقوال إلى فهمي بشأن الفلق هو المعنى العام للفلق لا المعنى الخاص ، فالمعنى الخاص لدى كثير من المفسرين هو : الصبح ، والمعنى العام هو : "كل ما انفلق من جميع ما خلق من الحيوان والصبح والحب والنوى وكل شيء من نبات وغيره" وأقول إن المعنى العام أقرب لفهمي لأن ذلك يكشف لنا عن سر الاستعاذة ب (رب الفلق ) أي الذي له الهيمنة على كل ما ينفلق من صبح وحب ونوى فأنت تستعيذ بالرب الذي خلق وله السيطرة على تلك المخلوقات ولا يقيك من شرها إلا هو .
ويلفت النظر أيضا في سياق السورة تكرار لفظة الشر مع الأمور الأربعة المستعاذ منها ، فلم يكتف السياق بذكر الشر مع أول مستعاذ منه ثم يعطف ما لحق على ما سبق بل كرر لفظ ( شر ) أربع مرات ، وفي هذا التكرار تأكيد لوجود الشرور وتنبيه عليها وبيان أهمية الاستعاذة منها .
الأمر الأول المستعاذ من شره هو ( ما خلق ) وهو تعبير يشمل عموم ما خلق الله تعالى من الكائنات التي لها بالإنسان صلة في عالم الأرض وفيها شر ، وهو المعنى الأقرب وقد رأيت أن بعض المفسرين ذهب في معنى ( شر ما خلق ) إلى اعتبار ( شر ) اسم تفضيل ولذلك ذهب إلى أن معنى ( شر ما خلق ) هو : إبليس أو النار ، وهو معنى خاص وإن كان استفتاح الاستعاذات الأربعة بالمعنى العام أولى ، والله أعلم .
والأمر الثاني المستعاذ من شره هو : ( غاسق إذا وقب ) وتعددت أقوال المفسرين في الغاسق ولعل أقرب المعاني هو الليل إذا دخل واستحكم ظلامه ، والليل بوابة من بوابات الشر لدى كثير من الناس ففي الليل تكون الموبقات والمنكرات في الملاهي والخمارات ، وفيه تقع السرقات وينطلق أهل الشرور المختلفة بين مدبر لليوم التالي ومنفذ لشر خطط له من قبل ، وفيه تنطلق كثير من الحشرات السامة أو المؤذية لتنشر شرها ، وفي الاستعاذة من شر الليل استعاذة من كم كبير من الشر وأهله . والمستعاذ منه هنا ظاهرة كونية تكون ميدانا للشر البشري .
والأمر الثالث المستعاذ من شره هو السحر الذي تصنعه : (النفاثات في العقد ) ونسبة النفث في العقد إلى النساء يبدو أنه من باب التغليب وإلا فالرجال يتعاطون السحر كالنساء ، إلا إذا فسرت (النفاثات ) بالأرواح الخبيثة التي تصنع السحر سواء أكانت من الرجال أم النساء ، ومن المشاهد والمعلوم قديما وحديث أن من الناس من يلجؤون إلى السحرة ليقضوا أمورهم ، ويحققوا مطالبهم ، فالسحر باب عظيم من أبواب الشر ولذلك جاء الأمر بالاستعاذة منه . والمستعاذ منه هنا عمل بشري من نفوس خبيثة .
والأمر الرابع المستعاذ من شره هو : ( حاسد إذا حسد ) والحسد عمل نفسي لنفوس مريضة أنانية لا تحب الخير لغيرها بل تريد أن تستأثر به وحدها وأن يزول عن سواها .
هذه الأمور الأربعة المستعاذ بالله من شرها هي أصول الشر في حياة الناس ولذلك جاء التوجيه الرباني إلى المؤمنين بالتحصن بالله رب الفلق منها
وفي سورة الناس التي هي ختام كتاب الله عز وجل يأتي الأسلوب نفسه بالبدء ب ( قل ) وبالتوجيه إلى الاستعاذة من شر شيء واحد هو ( الوسواس الخناس ) أو شيطان الجن والإنس ، وأقول : شيء واحد من حيث الصفة والعمل مع تعدد الشياطين من حيث الكثرة وتنوعهم بين شياطين إنس وشياطين جن ، وإذا كان المستعاذ به في سورة الفلق هو ( رب الفلق ) مع تعدد المستعاذ منه ، فإن المستعاذ به في سورة الناس من أسماء الله تعالى متعدد فالسورة تأمرنا أن نستعيذ ( برب الناس ، ملك الناس ، إله الناس ) وفي تكرار ذك ( الناس )وذكر الربوبية والملك والألوهية في هذا السياق إشارة إلى خطر فعل الشياطين وإضلالهم للناس ، وإضافة رب وملك وإله إلى الناس إشارة كذلك إلى خطر شياطين الإنس الذين يبلغ الواحد منهم من إيقاع الشر ونشر السوء أكثر مما يبلغه شيطان الجن ، ولعل من مظاهر ذلك ما يكون في شهر رمضان من تصفيد مردة شياطين الجن ولكن شياطين الإنس ينوبون عنهم في ما يعجزون عنه .
اختتام القرآن الكريم بهاتين السورتين يمثل جرسَ إنذار وتنبيه للإنسان إلى ما في دنياه من الشرور وأسبابها وإلى ضرورة التحصن بالله منها ، وحين نرجع إلى ما ورد من فضائل هاتين السورتين وأثرهما والدعوة إلى قراءتهما بعد الصلوات وعند النوم وفي أحوال شتى حينها ندرك بعض مقاصد ختم القرآن بهما ، والله أعلم .

بنت بلادي 12 - 8 - 2010 06:44 PM






B-happy 21 - 8 - 2010 04:53 AM

وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك
شكرا على الإفادة والطرح


عاشقة الوطن 5 - 10 - 2010 12:17 AM

http://www.shy22.com/upfiles/YWx87461.gif

سما 4 - 11 - 2010 07:25 PM

الغــــالــي والمُـــبدع في اختيار المواضيع
ابو جمال
يعــــطيك ربـــي ألــف ألــف عـــافية
عالموضوع القيم ،،
تســــلم لـــنا ,,,
مــــانعــــدمك أبـــــد ان شاء الله

تحيــاتـ ي

زوج السيدة المدير 10 - 11 - 2010 09:00 PM

ابو جمال
اشكرك يا اخي على هذه الوقفة مع المعوذتين
جزاك الله خيرا


الساعة الآن 10:03 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى