منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   واحة الأدب والشعر العربي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=199)
-   -   إيليا أبو ماضي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=14113)

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:19 PM

إيليا أبو ماضي
 
إيليا أبو ماضي


تاريخه
ولد ايليا أبو الماضي في قرية المحدثة من قضاء المتن بلبنان ، وكانت مدرسة القرية أول بيت علم دخله ونال من علمه ما استطاع نيله ؛ وفي سنة 1902 حدثته نفسه بالهجرة إلى اميركة ، فترك قريته وتوجه أولا إلى الإسكندرية حيث كان له عم يتعاطى بيع السجاير .
قال أبو الماضي في ذلك : (( وفي الإسكندرية تعاطيت بيع السجاير في النهار في متجر عمي ، وفي الليل كنت أدرس النحو و الصرف وتارة على نفسي ، وتارة في بعض الكتاتيب )) .
وهكذا راح الفتى يحصل من العلم ما استطاع التحصيل ، إلى أن كانت سنة 1911 فأصدر ديوانه الأول بعنوان (( تذكار الماضي )).
إلا أن الحياة في مصر لم تقدم له كل ما كان يصبو إليه ، وفي سنة 1912 يمم الولايات المتحدة التي جذبت الألوف من أبناء وطن ، واستقر في مدينة سنسناتي إلى جانب أخيه مراد يعمل في التجارة ويملأ أوقات فراغه بالدرس والمطالعة و نظم الشعر . وفي سنة 1916 انتقل إلى نيويورك وإلى حياة الصحافة والأدب ، فعهد إليه في تحرير ((المجلة العربية )) ، وفي سنة 1918 عهد إليه في تحرير مجلة ((مرآة الغرب )) لصاحبها نجيب دياب ، و في سنة 1929 أنشأ مجلة (( السمير )) وقد حولها سنة 1936 إلى جريدة يومية . وكان في سنة 1920 قد اشترك في تأسيس (( الرابطة القلمية )) وكان شاعرها الفذ الذي غزا صسته العالمين القديم والجديد . وفي سنة 1957 توفاه الله وهو لا يزال في أوج نشاطه الصحفي والشعري .

أدبه
لإيليا
ماضي عدة دواوين شعر نشر منها في حياته (( تذكار الماضي )) {1911} ، و ((ديوان ايليا أبي الماضي )) {1918} ، و ((الجداول )) {1927} ، و ((الخمائل)) {1946} وبعد وفاته ، أي في سنة 1960 نشرت له دار العلم للملايين في بيروت ديوانه الأخير بعنوان ((تبر وتراب)) .

شعر ايليا أبي
ماضي
تطور شعر أبي ماضي مع الزمن والبيئة ، فكان في مصر تقليداً للشعر القديم ، وجارياً على خطة شعر البار ودي وشوقي و حافط ، وعندما انتقل الشاعر إلى العالم الجديد ، وقد ازداد نضجاً وثقافة آفاق ، راح يواكب رفاقه في الرابطة القلمية ، ويقدم للعالم شعراً جديداً يعبر عن نفسية العصر وروحية البيئة . قال زهير مبرزا في مقدمة المجموعة التي أصدرتها دار اليقظة لشعر أبي ماضي : (( إذا نظرت في ديوانيه ( الجداول والخمائل ) فلن تجد المطالع الفخمة التي تذكرك بالمعلقات أو بلاميتي العرب والعجم وما اتصل بذلك . وإنما تجد لوناً جديداً ليس فيه إلا محاولة التعبير عن أفكار جديدة هي وليدة التي عاشها مع زملائه أعضاء الرابطة القلمية )) .
فلسفة الحياة في شعر أبي
ماضي : الحياة في نظر ايليا أبي الماضي سانحة من سوانح الوجود يجدر بالإنسان أن يغتنمها منفحاً على جمالها ومستمتعاً بما تقدمه له من نعمة ، وما توفره له من متعة :

إن الحياة قصيدة أعمارنا أبياتها والموت فيها القافيه
متع لحظك في النجوم وحسنها --------- فلسوف تمضي والكواكب باقيه

وفي هذه الفلسفة التي تبدو مشرقة والتي تسمعها على ألسنة الكثيرين من الناس تلمس في أعماقها مأساة الوجود ، ويصعقك (( المضي )) الذي تنتهي إليه ، فهي فلسفة الموت تحت غطاء كثيف من الورود والابتسامة والتفاؤل ؛ وهكذا فأبو
ماضي يحاول أن يخرج الإنسان من هاوية حقيقية الزوالية ، إلى أجور التفاؤلية التي تجعله يعيش غارقاً في جمالية الموجود .

وقبل أن يعلن هذه الفلسفة عانى الشاعر ما يعانيه كل إنسان عندما ينظر بعمق إلى مصيره ، ولا شك أنه واجه في داخله الصراع الذي يقوم بين عوامل التشاؤم وعوامل التفاؤل ،ولا شك أنه تقلب بين هذه وتلك ، ورأى في آخر المطاف أن الاستسلام للتشاؤم مموت مبكر ، وأن العيش في أجواء التفاؤل إبعاد للملل واليأس والانتحار المعنوي .
أما الحياة الاجتماعية في نظر ايليا أبو
ماضي فهي حياة الواقع الإنساني التي يجب على الإنسان أن يلبسها كما هي ، فيقتنع بما تقدمه له ، ولا يطلب من الناس أكثر مما يستطيعون أن يعطوا ، على أن الشاعر يريد أن يعرف الناس أنهم جميعاً من طينة واحدة ، وان للجميع الحق في العيش ، وان التغطرس والجشع والظلم تجاوز للحدود الإنسانية ، وخروج على النظم الكوني ، وإساءة إلى الطبيعة التي وزعت الطاقات ومنهل السعادة على جميع الناس .
والسعادة الحقيقية (( عنقاء )) وشبح وهمي ، فلا هي في الغنى ، ولا هي في المتعة ، ولا هي في ا شيء خارجي. إنها في رضى و الاقتناع بما قسم لكل واحد منا ؛ إنها انطواءة إلى سواه :


فتشت جيب الفجر عنها والدجى ------ ومددت حتى للكواكب إصبعي
ولكم دخلت إلى القصور مفتشاً -------- عنها وعجت بدارسات الأربع
إن لاح طيف قلت يا عين انظري، -------
أو رن صوت قلت يا أذن اسمعي
حتى إذا نشر القنوط صبابة ------------- فوقي فغيبني وغيب موضعي
عصر الأسى روحي فسالت أدمعاً ----- فلمحتها ولمستها في أدمعي

وعلمت حين العلم لا يجدي الفتى ----- أن التي ضيعتها كانت معي


ومن أنجع عوامل السعادة الإنسانية في هذه الحياة أن يكون الإنسان ، في قناعته ، مصدر عطاء ، أي أن يشرك الناس فيما يرضاه لنفسه ، وأن يكون عطاؤه اندفاقاً ذاتياً كأنفاق الماء من الينبوع والنور من الشمس .
وايليا أبو
ماضي يقف من حقيقة الوجود ، في مصادره ومصايره ، وفي تركيبه ، موقفاً لا أدريا مشهوراً ، وقصيدته ((نضلاسم )) من أشهر ما دار على . فهو ، وإن مؤمناً وبعيداً عن الكفر ، لا يحجم قسمه عن بعض الفلتات التي لا من الشك والقلق العقائدي .

ميزات شعر ايليا أبي
ماضي
تظهر في شعر أبي الماضي قوة الحياة متدفقة العاطفية ، فيشعر الناس على طبقاتهم ومذاهبهم وعلى تباعد أوطانهم ومشاربهم أنهم يرون فيه صورة عن نفسهم نوازعهم وآماهم وتفكيرهم .
وأول ما يستلفت النظر هو أن أبا الماضي يسير في شعره نحو أهداف تنبع من المجتمع وتستمد قوتها وعمقها من صدق صاحبها وإخلاصه ، ومن اتصال وشغف بالطبيعة بحيث يأخذ مواضيعه وأمثلته وإهامه من نباتها وجمادها ، من أشواكها من مائها وسمائها ، ومن حيوانها وطيرها .
ويصطبغ شعر أبي الماضي بالصبغة الفلسفية . هو يحب الحياة ويجب إلا ويصورها لهم نقية حلوة ويستهف سعادة المجتمع ، ويدعوه إلى تنقية الحياة من والأدران .
أما أسلوبه الشعري فهو صاف رقراق كفقسه نقرأه بثغور مشرقة وقلوب والأمل . هو أسلوب البساطة والوضوح الذي يحمل أبعد معاني الحياة .
والذي يزود شعر أبي الماضي بعناصر الحيوية والتأثير هو أن شعره ينبع من قلبه ما يقرب هذا الشعر إلى النفوس نواح ثلاثة : النزعة الإنسانية ، والدعوة إلى محبة واستلهام الطبيعة .
وتعجبك عند أبي الماضي هذه الثورة التي تمزق الأقنعة المزيفة وتكشف للإنسان ذاته في عريها الجميل ، في براءتها وأصالتها ، في حقيقتها التي لا تعرف التشويه والخداع ؛ إنها عملية غوص على الجوهر المدفون تحت ستاءر الوهم والضياع ، إنها الدعوة الصادقة إلى الإعراض عن التوافه والتخلي عن بشاعة الغرور والادعاء ، للوقوف بنصاعة أمام مجهر الحقيقة ، أمام وجه الشمس التي تحرق بأشعتها كل البراقع ولا يكبر في عينيها إلا الذين طهرت نفوسهم وسمت عن لأدران الكذب والبغض والاستبداد .
وأبي الماضي في محاولته الإنسانية ، قد لا يكون من الذين قبضوا على الرؤى البعيدة الكامنة في أعماق الإنسان ، ولكن استطاع ، بالجدل والاستفهام والخبر ، أن يجسد الفكرة التي رمى إليها ، وأن يكون مؤثراً ومقنعاً في آن واحد . فالأمثل التي عرضها والتأكيد على ضعف الإنسان وحقارته تشير إلى براعة أبي الماضي في استنفاد المعنى وتطويقه من كل جوانبه بحيث يسمي الغرض واضحاً والغاية مقيدة.
يغلب على أسلوب أبي الماضي طابع الجمود ، فهو على متانة اللفظة وأصالتها ، لا يقبض على الكلمة ذات المضمون النغمي الذي يذيب النفس ويحملها في
نشوة الذهول إلى عوالم السمفونيات الشعرية الخالدة . الكلمة عند أبي الماضي مقيدة بالمعنى شأن الكلمة العلمية ، إنه يكتب تعقاه لا بشروده وانخطافه ، يكتب بوعيه لاباغترابه خلف جدران الصمت والتجربة النفسية المزلزلة .
شعر أبي الماضي يهز النفوس ويطربها ولكنه لا يترك فيها الجرح الذي تبغيه الأعمال الشرعية العظيمة ، ولا النشوة التي يعيشها القارئ في إيجاره خلف الصورة وغرقه في بحور الضوء والظل واللون
والرموز .
إنه يكثر من الاستفهام والجواب والنفي والنداء ملبياً بذلك حاجة مباشرة في النفس تزول حالما ينتهي وقعها .
ومهما يكن من أمر يظل أبي الماضي من الرواد الذين فتحوا صدر الشعر لغير الغنائية الذاتية فورعوا فيه مواسم جديدة لموضوعات شعرية جديدة تتناول الإنسان ، في شتى صوره ، وتتناوله فكرة وجوهراً ، نفساً وعقلاً ، تطل عليه بغير المنظار الذي ألفناه وتعالجه بغير الرؤية التي قزمته.
أبي الماضي الشاعر الإنساني واحد من القلائل الذين كان لهم شرف المحاولة في تطويع الشر العربي للإغراض الإنسانية الكبيرة


تابع اشعار إيليا أبو ماضي

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:20 PM

[frame="13 85"]
قال السماء كئيبة ! وتجهما قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما !
قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتــسم لن يرجع الأسف الصبا المتصرما !!
قال: التي كانت سمائي في الهوى صارت لنفسي في الغرام جــهنما
خانت عــــهودي بعدما ملكـتها قلبي , فكيف أطيق أن أتبســما !
قلـــت: ابتسم و اطرب فلو قارنتها لقضيت عــــمرك كــله متألما
قال: الــتجارة في صراع هائل مثل المسافر كاد يقتله الـــظما
أو غادة مسلولة محــتاجة لدم ، و تنفثـ كلما لهثت دما !
قلت: ابتسم ما أنت جالب دائها وشفائها, فإذا ابتسمت فربما
أيكون غيرك مجرما. و تبيت في وجل كأنك أنت صرت المجرما ؟
قال: العدى حولي علت صيحاتهم أَأُسر و الأعداء حولي في الحمى ؟
قلت: ابتسم, لم يطلبوك بذمهم لو لم تكن منهم أجل و أعظما !
قال: المواسم قد بدت أعلامها و تعرضت لي في الملابس و الدمى
و علي للأحباب فرض لازم لكن كفي ليس تملك درهما
قلت: ابتسم, يكفيك أنك لم تزل حيا, و لست من الأحبة معدما!
قال: الليالي جرعتني علقما قلت: ابتسم و لئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنما طرح الكآبة جانبا و ترنما
أتُراك تغنم بالتبرم درهما أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما ؟
يا صاح, لا خطر على شفتيك أن تتثلما, و الوجه أن يتحطما
فاضحك فإن الشهب تضحك و الدجى متلاطم, و لذا نحب الأنجما !
قال: البشاشة ليس تسعد كائنا يأتي إلى الدنيا و يذهب مرغما
قلت ابتسم مادام بينك و الردى شبر, فإنك بعد لن تتبسما

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:22 PM

[frame="13 70"]
رآها يـــحـــلُّ الفــجـــــــرُ عقد جفونها ويُـــلــقـــي عــــلـيــها تــبـرهُ فـــيذوبُ
ويـــنـــفــض عـن أعطـــافها النورَ لؤلؤاً مـــن الطـــلِّ ما ضُــمـت عليه جــيوبُ
فــعــالــجــها حـتى استوت في يمينه وعــــــــاد إلى مـــغـــنــاه وهـو طروبُ
وشـــاء فأمــســت في الإناء سجــينةً لتــشــبــع مــنـــها أعــيــنٌ وقـــلـــوبُ
فليـست تحيي الشمس عند شروقها وليــست تحــيي الشمس حين تغيبُ
ومـــن عُـــصــبت عــيناه فالــوقت كله لــــــديه وإن لاح الصـــبــاحُ غـــــــروبُ
لها الحـــجـرة الحسناءُ في القصر إنما أحـــــــــب إلـــيـــها روضـــةٌ وكـــثــيبُ
وأجـــمـــل مــن نـور المـصابيح عندها حُـــباحبُ تمــضـي في الدجى وتؤوبُ
وأحـلى من السقف المزخرف بالدمى فـــضـــاءٌ تــشـــع الشهـبُ فيه رحيبُ
تــحـــنُ إلى مـــرأى الغـــدير وصـــوته وتُـــحـــرم مــــنـــه ، والغـــديــر قريبُ
وكـــانــت قــلــيـل الطـل ينعش روحها وكـــانــت بــمـيـسـور الشعـاع تـطيبُ
تمشى الضـنى فيها وأيار في الحمى وجـــفـــت وسـربـال الـربـيـع قـشـيبُ
إســارك يا أخــت الــريــاحـــين مـفجعٌ ومـــوتـــك يا بــنــت الــربــيــع رهــيبُ

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:23 PM

[frame="13 70"]
كـن بـلـسماً إن صار دهرك أرقما وحـلاوة إن صـار غـيـرك عـلـقما
إن الـحـيـاة حـبـتـك كـلَّ كـنـوزهـا لا تـبخلنَّ على الحياة ببعض ما ..
أحـسـنْ وإن لـم تـجـزَ حـتى بالثنا أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى ؟
مَــنْ ذا يــكـافـئُ زهـرةً فـواحـةً ؟ أو مـن يـثـيـبُ الـبـلـبل المترنما ؟
عُـدَّ الـكـرامَ الـمـحـسـنـيـن وقِسهمُ بـهـمـا تـجـد هـذيـن مـنـهـم أكـرما
يـاصـاحِ خُـذ عـلـم الـمـحبة عنهما إنـي وجـدتُ الـحـبَّ عـلـمـا قـيـمـا
لـو لـم تَـفُـحْ هذي ، وهذا ما شدا ، عـاشـتْ مـذمـمـةً وعـاش مـذمـمـا
فـاعـمـل لإسـعـاد الـسِّوى وهنائهم إن شـئـت تـسـعد في الحياة وتنعما
أيـقـظ شـعـورك بـالـمـحبة إن غفا لـولا الـشعور الناس كانوا كالدمى

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:24 PM

[frame="13 75"]
ليت الذي خلق العــــيون الســــــودا خــلق القلـــوب الخــــافقات حديدا
لولا نواعــســهـــــا ولولا ســـحـــــرها ما ود مـــالك قـــلبه لـــــو صـــــيدا
عَـــــوذْ فــــــؤادك من نبال لحـاضها أو مـتْ كمـــا شاء الغرام شهيدا
إن أنت أبصرت الجمال ولم تهــــــم كنت امرءاً خشن الطباع ، بليدا
وإذا طــــلبت مع الصـــــــبابة لـــذةً فــلقد طــلبت الضـائع المــوجــودا
يــا ويــح قـــلبي إنـه في جـــــانبي وأضـــنه نـــائي المــــــزار بعـيدا
مــســـتوفـــــزٌ شــــوقاً إلى أحـــبابه المـــرء يكره أن يعــــيش وحيدا
بـــــــرأ الإله له الضــــــــــلوع وقايةً وأرتـــــــه شقوته الضلوع قيودا
فإذا هــــــفا بــــــــرق المنى وهفا له هــــــاجــــت دفائنه عليه رعــــودا
جــــشَّــــمتُهُ صــــبراً فـــــلما لم يطقْ جـــشــــمته التصويب والتصعيدا
لــو أســتطيع وقـيته بطش الهوى ولـــو استطاع سلا الهوى محمودا
هي نظرة عَرَضت فصارت في الحشا نــاراً وصــــار لها الفـــؤاد وقودا
والحــبٌ صوتٌ ، فهــــو أنــــــــةُ نائحٍ طـــوراً وآونــــة يكون نشــــيدا
يهــــب البــواغم ألســـــــناً صداحة فــــإذا تجنى أســــــكت الغريدا
ما لي أكــــلف مهـجــتي كتم الأسى إن طــــال عهد الجرح صار صديدا
ويــلذُّ نفــــــسي أن تكون شـــقيةً ويلــذ قلبي أن يكــــــــون عميدا
إن كنت تدري ما الغـرام فداوني أو ، لا فخل العــــــــذل والتفنيدا

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:25 PM

[frame="13 98"]
لا تَسَــــــــلْ أين الهوى والكـــوثرُ سَكَتَ الشــــــــــــادي وبُحَّ الوتـــرُ
فـــجــأةً ... وانـــقــــلب العُرسُ إلى مَأتمٍ ...مــــاذا جـــــــرى؟ مـــا الخبرُ
ماجــتِ الــدنيا بمـــــن فيها ، كما ماج نـــــهــــــــــــرٌ ثائرٌ مُنكــــــدرٌ
كُلهم مُســــــتَفسِـــــرٌ صَـــــاحـــبه كلُّهم يُؤذيه من يَســــــتَفـــسِـــر
هَــمَــــسَ المــــوتُ بهــم هـــــمستهُ إن هــمــــس المـــــوت ريحٌُ صَــــرصَرٌ
فـــــإذا الحــــيرةُ في أحــــــداقهم كــيفـــما مالـــوا وأنى نــظــــــروا
عـــــلِموا ... يا ليتهــــم ما عَــــلِموا أنَّ دنــــيا مــــن رؤىً تُحــــتَضَـــــــرُ
والذي أطــــــــربهــــم عن قُــــدرةٍ بــــات لايقـــــوى ولا يــــــــقــــــتدرُ
يَبِسَ الضِّــحــــكُ على أفــــــــواههم فهــو كالسُّخــــرِ وإن لم يسخــروا
وإذا الآسي ... يـــــــدٌ مخــــــــــذولةٌ ومُــــحـــيا اليأسُ فـــيه أصـــفــــــرُ
شاع في الدنياالأسى حتى شكت أرضُــها وطــــــــــــأتَهُ والجَــــــــــدرُ
فــــعــلى الأضواء مِنه فـــــــــــــترةٌ وعــلى الألــــوان مِــــنه أثـــــــــــــــرُ
والقــــــناني صُــــــــورٌ باهِـــــــــتَةٌ والأغــاني عَــــــالم مُـــــنــــــدثـــــرُ
ألهــــنا أُفـــــــلِت مــن أيديــــهـــمُ والأمـــــاني ...؟ ..إنهــــا تــنـــتـحِرُ

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:26 PM

[frame="13 70"]
أقبلَ العيدُ ، ولكنْ ليسَ في الناسِ المسرَّهْ

لا أَرى إلاَّ وُجُوهاً كالحاتٍ مُكْفَهِرَّهْ

كالرَّكايا لم تَدَعْ فيها يدُ الماتِحِ قطرَهْ

أو كمثلِ الرَّوضِ لم تَتْركْ به النكباءُ زهرَهْ

وعيوناً دَنقتْ فيها الأماني المُسْتَحِرَّهْ

فَهْيَ حَيرى ذاهلاتٌ في الذي تهوى وتكرَهْ

وخدوداً باهتاتٍ قد كساها الهَمُّ صُفْرَهْ

وشفاهاً تحذرُ الضحكَ كأنَّ الضحكَ جمرَهْ

ليسَ للقومِ حديثٌ غير شكوى مستمرَّهْ

قد تساوى عندهُمْ لليأسِ نفعٌ ومضرَّهْ

لا تَسَلْ ماذا عراهُمْ كلُّهم يجهل ُ أمرَهْ

حائرٌ كالطائرِ الخائفِ قد ضَيَّعَ وكرَهْ

فوقَهُ البازِيُّ ، والأشْرَاكُ في نجدٍ وحُفْرَهْ

فهو إنْ حَطَّ إلى الغبراءِ شَكَّ السهمُ صدرَهْ

وإذا ما طارَ لاقى قشعمَ الجوِّ وصقرَهْ

كلُّهم يبكي على الأمسِ ويخشى شَرَّ بُكْرَهْ

فهمُ مثل عجوزٍ فقدتْ في البحرِ إبرَهْ

* * *

أيّها الشاكي الليالي إنَّما الغبطةُ فِكْرَهْ

ربَّما اسْتوطَنَتِ الكوخَ وما في الكوخِ كِسْرَهْ

وخَلَتْ منها القصورُ العالياتُ المُشْمَخِرَّهْ

تلمسُ الغصنَ المُعَرَّى فإذا في الغصنِ نُضْرَهْ

وإذا رفَّتْ على القَفْرِ استوى ماءً وخُضْرَهْ

وإذا مَسَّتْ حصاةً صَقَلَتْها فهيَ دُرَّهْ

لَكَ ، ما دامتْ لكَ ، الأرضُ وما فوق المَجَرَّهْ

فإذا ضَيَّعْتَها فالكونُ لا يَعْدِلُ ذَرَّهْ

أيُّها الباكي رويداً لا يسدُّ الدمعُ ثغرَهْ

أيُّها العابسُ لن تُعطَى على التقطيبِ أُجْرَهْ

لا تكنْ مُرَّاً ، ولا تجعَلْ حياةَ الغيرِ مُرَّهْ

إِنَّ من يبكي لهُ حَوْلٌ على الضحكِ وقُدْرَهْ

فتَهَلَّلْ وتَرَنَّمْ ، فالفتى العابسُ صَخْرَهْ

سَكَنَ الدهرُ وحانتْ غفلةٌ منهُ وغِرَّهْ

إنَّهُ العيدُ … وإنَّ العيدَ مثل العُرْسِ مَرَّهْ

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:27 PM

[frame="13 75"]
سمعت عول النائحات عشية في الحيّ يبتعث الأسى و يثير
يبكين في جنح الظلام صبيّة إنّ البكاء على الشباب مرير
فتجهّمت و تلفّتت مرتاعة كالظبي أيقن أنّه مأسور
و تحيّرت في مقلتيها دمعة خرساء لا تهمي و ليس تغور
فكأنّها بطل تكنّفه العدى بسيوفهم و حسامه مكسور
و جمت ، فأمسى كلّ شيء واجما ألنور ، و الأظلال ، و الديجور
ألكون أجمع ذاهل لذهولها حتى كأنّ الأرض ليس تدور
لا شيء ممّا حولنا و أمامنا حسن لديها و الجمال كثير
سكت الغدير كأنّما التحف الثرى وسها النسيم كأنّه مذعور
و كأنّما الفلك المنوّر بلقع و الأنجم الزهراء فيه قبور
كانت تمازحني و تضحك فانتهى دور المزاح فضحكها تفكير
...

قالت وقد سلخ ابتسامتها الأسى : صدق الذي قال
أكذا نومت و تنقضي أحلامنا في لحظة ، و إلى التراب نصيره ؟
و تموج ديدان الثرى في أكبد كانت تموج بها المنى و تمور
خير إذن منّا الألى لم يولدوا و من الأنام جلامد و صخور
و من العيون مكاحل و مراود و من الشفاه مساحيق و ذرور
و من القلوب الخافقات صبابة قصب لوقع الريح فيه صفير !
...

و توقّفت فشعرت بعد حديثها أن الوجود مشوّش مبتور
ألصيف ينفث حرّه من حولنا و أنا أحسّ كأنّني مقرور
ساقت إلى قلبي الشكوك فنغّصت ليلي ، و ليس مع الشكوك سرور
و خشيت أن يغدو مع الرّيب الهوى كالرسم لا عطر و فيه زهور
و كدميه المثّال حسن رائع ملء العيون و ليس ثمّ شعور
فأحببتها : لتكن لديدان الثرى أجسامنا إنّ اجسوم قشور
لا تجزعي فالموت ليس يضيرنا فلنا إياب بعده و نشور
إنّا سنبقى بعد أن يمضي الورى و يزول هذا العالم المنظور
فالحبذ نور خالد متجدد لا ينطوي إلاّ ليسطع نور
و بنو الهوى أحلامحهم ورؤاهم لا أعين و مراشف و نحور
فإذا طوتنا الأرض عن أزهارها و خلا الدجى منّا و فيه بدور
فسترجعين خميلة معطارة أنا في ذراها بلبل مسحور
يشدو لها و يطير في جنباتها فتهشّ إذ يشدو و حين يطير
أو جدولا مترقرقا مترنّما أنا فيه موج ضاحك و خرير
أو ترجعين فراشة خطّارة أنا في جناحيها الضحى الموشور
أو نسمة أنا همسها و حفيفها أبدا تطوّف في البرى و تدور
تغشى الخمائل في الصباح بلبلة و تؤوب حين تؤوب و هي عبير
أو تلتقي الكئيب ، على رضى و قناعة ، صفصافة و غدير
تمتدّ فيه و في ثراه عروقها و يسيل تحت فروعها و يسير
و يغوص فيه خيالها فيلفه و يشفّ فهو المنطوي المنشور
يأوي إذا اشتدّ الهجير إليها ألناسكان : الظبي و العصفور
لهما سكينتها ووارف ظلّها و الماء إن عطشا لديه و فير
أعجوبتان – زبرجد متهدل نام تدفّق تحته البلّور
لا الصبح بينهما يحول و لا الدجى فكلاهما بكليهما مغمور
تتعاقب الأيّام و هي نضيره مخضرّة الأوراق ، و هو نمير
فالدهر أجمعه لديهما غبطة و الدهر أجمعه لديه حبور
...

فتبسّمت و بدا الرضى في وجهها إذ راقها التمثيل و الصوير
عالجتها بالوهم فهي قريرة و لكم أفاد الموجع التخدير
ثمّ افترقنا ضاحكين إلى غد و الشهب تهمس فوقنا و تشير
هي كالمسافر آب بعد مشقّة و أنا كأنّي قائد منصور
لكنّني لمّا أويت لمضجعي خشن الفراش عليّ و هو وثير
و إذا سراجي قد وهت و تلجلجت أنفاسه فكأنّه المصدور
و أجلت طرفي في الكتاب فلاح لي كالرسم مطموسا و فيه سطور
و شربت بنت الكرم أحسب راحتي فيها : فطاش الظنّ و التقدير
فكأنّني فلك وهت أمراسها و البحر يطغى حولها و يثور
سلب الفؤاد رواه و الجفن الكرى همّ عرا ، فكلاهما موتور
حامت على روحي الشكوك كأنّها و كأنّهن فريسة و صقور
و لقد لجأت إلى الرجاء فعقّني أما الخيال فخائب مدحور
يا ليل أين النور ؟ إنّي تائه مر ينبثق ، أم ليس عندك نور ؟
...

" أكذا نموت و تنقضي أحلامنا في لحظة و إلى التراب نصير ؟ "
" خير إذن منّا الألى لم يولدوا و من الأنام جنادل و صخور "

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:28 PM

[frame="13 98"]
قال الغدير لنفسه يا ليتني نهر كبير
مثل الفرات العذب أو كالنيل ذي الفيض الغزير
تجري السفائن موقرات فيه بالرزق الوفير
هيهات يرضى بالحقير من المنى إلاّ الحقير
و انساب نحو النهر لا يلوي على المرج النضير
حتى إذا ما جاءه غلب الهدير على الخرير

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:29 PM

[frame="13 80"]
لا تسألني عن السماءفما عندي إلا النعوت والأسماء
هي شيء وبعض شيء وحينا كل شيء وعند قوم هباء
فسماء الراعي كما يتمناها مروج. فسيحة خضراء
تلبس التير مئزرا ووشاحا كلما أشرقت وغابت ذكاء
أبدا في نضارة،لا يجف العشب فيها ؛ولا بعض الماء
وهي عند الأم التي اخترم الموت بنيها، وضلّعنها العزاء
موضع يولد الرّجاء من اليأس إذا مات في القلوب الرجاء
وهي عند الفقير أرض وراء الأفق، فيها ما يشتهي الفقراء
لا يخاف المثري، ولا كلبه الضاري ، ولا لامرىء به استهزاء
وهي عندالمظلوم أرض كهذي الأرض لكن قد شاع فيها الإخاء
يجمع العدل أهلها في نظام مثلما يجمع الخيوط الرداء
لا ضعيف مستعبد، لا قويّ مستبد؛بل كلهم أكفاء
كلّ شيء للكل ملك حلال، كلّ شيء فيها كما الكلّ شاموا
وهي عند الخليع أرض تميس الحور فيها، وتدفق الصهباء
كلّ ما النفس تشتهيه مباح لا صدود، لا جفوة، لا إباء
أكبر الإثم قولة المرء هذا الأمر إثم، وهذه فحشاء
ليس بين الصّلاح والشر حد كالذي شاء وضعه الإنبياء
وإذا لم يكن عفاف وفسق لم تكن حشمة ولا استحياء
...

صور في نفوسنا كائنات ترتديها الأفعال والأشياء
ربّ شيء كالجوهر الفرد فذّ عدّدته الأغراض والإهواء
كلّ ما تقصر المدارك عنه كائن مثلما الظنون تشاء
كلّ ما تقصر المدارك عنه كائن مثلما الظنون تشاء

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:30 PM

[frame="13 90"]
ولقد ذكرتك بعد يأس قاتل في ضحوة كثرت بها الأنواء
فوددت أني غرسة أو زهرة ووددت أنك عاصف أو ماء

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:31 PM

[frame="13 90"]
لي صاحب دخل الغرور فؤاده إ نّ الغرور أخيّ من أعدائي
أسديته نصحي فزاد تماديا في غيّه وازداد فيه بلائي
أمسى يسيء بي الظنون ولم تسوء لولا الغرور ظنونه بولائي
قد كنت أرجو أن يقيم على الولا أبدا ، ولكن خاب فيه رجائي
أهوى اللقاء به ويهوى ضدّه فكأنما الموت الزؤام لقائي
إني لأصحبه على علاّته والبدر من قدم أخو الظلماء
يا صاح إنّ الكبر خلق سيء هيهات يوجد في سوى الجهلاء
والعجب داء لا ينال دواؤه حتى ينال الخلد في الدنياء
فاخفض جناحك للأنام تفز بهم إنّ التواضع شيمة الحكماء
أو أعجب القمر المنير بنفسه لرأيته يهوي إلى الغبراء

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:32 PM

[frame="13 90"]
روحي التي بالأمس كانت ترتع في الغاب مثل الظبية القمراء
تقتات بالثمر الجنّي فتشبع ويبلّ غلّتها رشاش الماء
نظرت إليك فأصبحت لا تقنع بالماء والأفياء في الغبراء
تصغي وننصت ، والحمامة تسجع إصغاؤها لك ليس للورقاء
ناديتها ، فلها إليك تطلع هذا التطلع كان أصل شقائي
جنّحتي كيما أطير فلم أطر هيهات إنك قد طويت سمائي
...

قد كان يسبيني الجمال الرائع حتى لمحتك فهو لا يسيبني
عصفت بصدري لليقين زوابع ثلّث عروش توهمي وظنوني
فأنا على ما ضاع مني جازع إن الذي قد ضاع جدّ ثمين
لولاك ما مات الخيال اليافع أفتعجبين إذا كرهت يقيني
هذا صنيعك بي ، فما أنا صانع؟ قد شاء بحرك أن تضلّ سفيني
جرّدت هذا الطين من أوهامه وكبرت عن قارورة من طين
كيف الوصول إليك يا نار القرى، أنافي الحضيض وأنت في الجوزاء
لي ألف باصرة تحنّ كما ترى لكنّ دونك ألف ألف غطاء
لو من ثرى ، مزّقتها بيد الثرى، لكنها سجف من الأضواء
ساءلت قلبي إذ رأى فتحّيرا ماذا شلربت فمدت؟ قال: دمائي
يا ليته قد ضلّ أعمى كالورى فلقد نعمت، وكان في ظلماء
قد شوشت كفّ النهار سكينتي يا هذه ، ردّي إلّي مسائي
...

أمسيت حين لمستني بيديك لي ألف باصرة وألف جناح
ولمحت نار الوحي في عينيك، والوحي كان سلافة الأرواح
فتشرت أجنحي وحمت عليك متوهما أني وجدت صباحي
قذ كان حتفي في الدنو إليك حتف الفراشة في فم المصباح
فسقطت مرتعشا على قدميك ألنار مهدي والدخان وشاحي
يا ليت نورك حين أحرقني انطوى فعلى ضيائك قد لمست جراحي

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:33 PM

[frame="13 90"]
مهبط الوحي مطلع الأنبياء كيف أمسيت مهبط الأرزاء؟
في عيون الأنام عنك نبوّ لم يكن في العيون لو لم تسائي
أنت كالحرّة التي انقلب الدّهر عليها فأصبحت في الإماء
أنت كالبردة الموشّاة أبلى الطّي والنّشر ما بها من رواء
أنت مثل الخميلة الغنّاء عرّيت من أوراقها الخضراء
أنت كاللّيث فلّم الدّهر ظفريه وأحنى عليه طول الثّواء
أنت كالشّاعر الذي ألف الوحدة ... في محفل من الغوغاء
أنت مثل الجبّار يرسف في الأغلال في مشهد من الأعداء
لو تشائين كنت أرفة حالا أو لست قديرة أن تشائي
أنا ما زلت ذا رجاء كثير ولئن كنت لا أرى ذا رجاء
قد بكى التار كوك منك قنوطا فبكى الساكنوك خوف التّنائي
كثر النّائحون حولك حتّى خلت أني في حاجة للعزاء
بذلوا دمعهم وصنت دموعي إنّما اليائسون أهل البكاء
لو تفيد الدّموع شيئا لأحيت كلّ عاف مدامع الشّعراء
أنت في حاجة إلى مثل (موسى) لست في حاجة إلى (أرمياء)
...


مقلة الشّرق ! كم عزيز علينا أن تكوني ربيّة الأقذاء
شرّدت أهلك النّوائب في الأرض وكانوا كأنجم الجوزاء
وإذا المرء ضاق بالعيش ذرعا ركب الموت في سبيل البقاء
لا يبالي مغرب في ذوبة أن يراه ذووه في الغرباء
...

أرض آبائنا عليك سلام وسقى اللّه أنفس الآباء
ما هجرناك إذ هجرناك طوعا لا تظنّي العقوق في الأبناء
يسأم الخلد والحياة نعيم أفترضى الخلود في البأساء؟
هذه أرضنا بلاقع، تمشي فوقها كلّ عاصف هوجاء
هذه دورنا منازل للبو وكانت منازل الورقاء
بدلتها السّنون شوكا من الزّهر وبالوحش من بني حوّاء
ما طوت كارثا يد الصّبح إّلا نشرته لنا يد الإمساء
نحن في الأرض تائهون كأنا قوم موسى في اللّيلة اللّيلاء
تترامى بنا الرّكائب في البيداء طورا؛ وتارة في الماء
ضعفاء محقّرون كأنا من ظلام والنّاس من لألاء
واغتراب القوي عزّ وفخر واغتراب الضّعيف بدء الفناء
عابنا البيض أنّنا غير عجم والعبدّى بالسّحنة البيضاء
ويح قومي قد أطمع الدّهر فيهم كلّ قوم حتى بني السّوداء
فإذا فاتنا عدو تجنّى فأنارانا الأحباب في الأعداء
أطربتنا الأقلام لّما تغنّت بالمساواة بيننا والإخاء
فسكرنا بها فلماّ صحونا ما وجدنا منها سوى أسماء !!
...

نحن في دولة تلاشت قواها كالنّضارة المدفون في الغبراء
أو كمثل الجنين ماتت به الحامل حيا يجول في الأحشاء
عجبا كيف أصبح الأصل فرعا والضّحى كيف حلّ في الظّلماء
ما كفتنا مظالم التّرك حتى زحفوا كالجراد أو كالوباء
طردوا من ربوعهم فأرادوا طردنا من ربوعنا الحسناء
ما لنا ، والخطوب تأخذ منّا نتلهّى كأننا في رخاء
ضيم أحرارنا وريع حمانا وسكتنا، والصّمت للجبناء
نهضة تكشف المذلّة عنّا فلقد طال نومنا في الشّقاء
نهضة تلفت العيون إلينا إنّ خوف البلاء شرّ بلاء
نهضة يحمل الأثير صداها للبرايا في أوّل الأنباء
نهضة تبلغ النفوس مناها فهي مشتاقة إلى الهيجاء
إنّ ذا هيكل نحن فيه القلب والقلب سيّد الأعضاء
زعم الخائنون أنّا بما نبغيه نبغي الوصول للعنفاء
سوف يدرون أنما العرب قوم لا يبالون غير الأسنّة السّمراء
يوم تمشي على جبال من الألاء تمشي في لأبحر من دماء
يوم يستشعر المواؤون منّا إنّما الخاسرون أهل الرّياء
[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:35 PM

[frame="13 90"]
همّ ألم به مع الظلماء فتأى بمقلته عن الاغفاء
نفس أقام الحزن بين ضلوعه والحزن نار غير ذات ضياء
يرعى نجوم الليل ليس به هوى ويخاله كلفا بهنّ الرائي
في قلبه نار (الخليل) وانما في وجنتيه أدمع (الخنساء)
قد عضة اليأس الشديد بنابه في نفسه والجوع في الاحشاء
يبكي بكاء الطفل فارق أمه ما حيلة المحزون غير بكاء!
فأقام حلس الدار وهو كأنه لخلو تلك الدار_ في بيداء
حيران لا يدري أيقتل نفسه عمدا فيخلص من أذى الدنياء
أم يستمر على الغضاضة والقذى والعيش لا يحلو مع الضراء
طرد الكرى وأقام يشكو ليله يا ليل طلت وطال فيك عنائي
يا ليل قد أغريت جسمي بالضنا حتى ليؤلم فقده أعضائي
ورميتني يا ليل بالهم الذي يفري الحشا، والهم أعسر داء
يا ليل مالك لا ترق لحالتي أتراك والأيام من أعدائي؟
يا ليل حسبي ما لقيت من الشقا رحماك لست بصخرة صماء
بن يا ظلام عن العيون فربّما طلع الصباح وكان فيه عزائي
وارحمتا لليأسين فانهم موتى وتحسبهم من الاحياء
إني وجدت حظوظهم مسودّة فكأنما قدت من الظلماء
ابدأ يسر الزمان ومالهم حظ كغيرهم من السرّاء
ما في أكفهم من الدنيا سوى ان يكثروا الأحلام بالنعماء
ندنو بهم آمالهم نحو الهنا هيهات يدنو بالخيال النائي
ابطر الأنام من السرور وعندهم ان السرور مرادف العنقاء
إني لاحزن ان تكون نفوسهم غرض الخطوب وعرضة الارزاء
أنا ما وقفت لكي اشبب بالطلا مالي وللتشبب بالصهباء؟
لا تسألوني المدح أو وصف الدمى إني نبذت سفاسف الشعراء
باعوا لأجل المال ماء حيائهم مدحا وبت أصون ماء حيائي
لم يفهموا ما للشعر؛ إلا انه قد بات واسطة إلى الاثراء
فلذاك ما لاقيت غير مشبب بالغانيات وطالب لعطاء
ضاقت به الدنيا الرحيبة فانئنى بالشعر يستجدي بني حواء
شقي القريض بهم وما سعدوا به لولاهم اضحى من السعداء
نادوا علينا بالمحبة والهوى وصدورهم طبعت على البغضاء
ألفوا الرياء فصار من عادتهم لعن المهيمن شخص كل مرائي!
إن يغضبوا مما أقول فطالما كره الأديب جماعة الغوغاء
أو بنكرو أدبي فلا تتعجبوا فالرمد طلوع ذكاء
أو كلما نصر الحقيقة فاضل قامت عليه قيامة السفهاء
أنا ما وقفت اليوم فيكم موقفي إلا لأنذب حالة التعساء
عليّ احرّك بالقريض قلوبكم ان القلوب مواطن الاهواء
لهفي على المحتاج بين ربوعكم يمسي و يصبح وهو قيد شقاء
امسى سواء ليلةه وصباحه شتان بين الصبح والامساء
قطع القنوط عليه خيط رجائه والمرء لا يحيا بغير رجاء
لهفي! ولو أجدى التعيس تلهفي لسفكت دمعي عنده ودمائي
قل للغني المستعز بماله مهلا لقد اسرفت في الخيلاء
جبل الفقير أخوك من طين ومن ماء، ومن طين جبلت وماء
فمن القساوة ان تكون منعما ويكون رهن مصائب وبلاء
وتظل ترفل بالحرير أمامه في حين قد امسى بغير كساء
اتضن بالدينار في اسعافه وتجود بالآلاف في الفحشاء
انصر أخاك فان فعلت كفيته ذلّ السؤال ومنه البخلاء
أذوي اليسار وما اليسار بنافع إن لم يكن أهلوه أهل سخاء
كم ذا الجحود ومالكم رهن البلا وبم الغرور وكلكم لفناء؟
ان الضعيف بحاجة لنضاركم لا تقعدوا عن نصرة الضعفاء
انا لا اذكّر منكم أهل الندى ليس الصحيح بحاجة لدواء
ان كانت الفقراء لا تجزيكم فاللّه يجزيكم عن الفقراء

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:36 PM

[frame="13 90"]
في حفلة اليوبيل الفضي لجريدة "السمير"

---------------

تلك السنون الغاربات ورائي سفر كتبت حروفه بدمائي
ما عشتها لأعدّها بل عشتها لتبين في سمائها سمائي
سيّلن لو أني قنعت بعدّها عمري وعمر الصخرة الصماء
ولبذّني يوم التفاخر شاطىء ما فيه غير رماله الخرساء
لا حت لي العلياء في آفاقها فأردتها دربا ألى العلياء
ومحبة للخير تسري في دمي ورعاية للضعف والضعفاء
وعبادة للحق أين وجدته والحسن في الأحياء والأشياء
لتدور بعدي قصة عن عاشق رقصت به الدنيا جناح ضياء
نشر الطيوب على دروب حياته وسرى هوى في الطيب و الأنداء
وأطلّ في قلب البخيل سماحة وشجاعة في السلم والهيجاء
ومشى ألى المظلوم بارق رحمة وهوى على الظلام سوط بلاء
متعوّ دنيا قد طوت آبائي وتهش دنيا أطلعت أبنائي
تلك السنون ببؤسها ونعيمها مالت بعودي وانطوت بروائي
أين الشباب ألفّ أحلامي به ليس الشباب الآن لي برداء
نفسي تحس كأنما أثقالها قد خيرت فتخيرت أعضائي
كم من رؤى طلعت على جنباتها ركبا من الأضواء و الأشذاء
قلبت فيها بعد لأي ناظري فتعثرت عيناي بالأشلاء
يا للضحايا لا يرفّ لموتها جفن ولا تحصى مع الشهداء
ودعت للذّات الخيال وعفتها ورضيت أن أشقى مع الحكماء
فعرفت مثلهم بأني موخد بؤسي،وأني خالق نعمائي
...

إني أراني بعد ما كابدته كالفلك خارجة من لأنواء
وكسائح بلغ المدينة بعدما ضلّ الطريق وتاه في البيداء
شكرا لأصحابي فلولا حبهم لم أقترب من عالم اللألاء
بهم اقتحت العاصفات بمركي وبهم عقدت على النجوم لوائي
...

شكرا لأعدائي فلولا عيشهم لم أدر أنهمو الغوغاء
نهش الأسى لما ضحكت قلوبهم عرس المحبة مأتم البغضاء
ذني إلى الحسّاد أني فتّهم وتركهم يتعثرون ورائي
وخطيئتي الكبرى إليهم أنهم قعدوا ولم أقعد على الغبراء
عفو المروءة والرجولة أنني أخطأت حين حسبتهم نظرائي
...شكرا لكلّ فتى مزجت بروحه روحي فطاب ولاؤه وولائي
من كان يحلم بالسماء فإني في قلب إنسان وجدت سمائي
ليس الجمال هو بذاته الحسن يوجد حين يوجد رآء
ما الكون؟ ما في الكون لولا آدم إلا هباء عالق بهباء
وأبو البرية ما أبان وجوده وأنتم غايته سوى حواء
إني سكبت الخمر حين سكبتها للناس ، لا للأنجم الزهراء
لا تشرب الخمر النجوم وإن تكن معصورة من أنفس الشعراء
...

تلك السنون ، عقيمها كولودها حلو ليّ، كذا يشاء وفائي
فالليلة العسراء من عمري وعمر الدهر مثل الليلة السمحاء
يا من يقول (ظلمت نفسك فاتئد) دعني ، فلست بحامل أعبائي
إنّ الحياة الروح بعض عطائها وأنا ثمار الروح كلّ عطائي
ما العمر؟ إان هو كالإناء وإنني بالطيّب الغالي ملأت إنائي
فإذا بقيت ، فللجمال بقائي وإذا فنيت ، ففي الجمال فنائي
...

للّه ما أحلى وأسنى ليلتي هي في كتاب العمر كالطغراء
يا صحب لن أنسى جميل صنيعكم حتى تفارق هيكلي حوبائي
وتقول عيني "قد فقدت ضيائي" ويقول قلبي"قد فقدت رجائي"

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:37 PM

[frame="13 95"]
رؤيا منام ...ربّ حلم في الكرى فيه تلوح حقلئق الأشياء
أني حلمت كأنما أنا سائر في روضة خلابة غنّاء
النور مفروش على طرقاتها والعطر في النسمات والأفياء
والعشب فيها سندس متموّج والجوّ أضواء على أضواء
وإذا بصوت كالهرير يطنّ في أذني، وأنياب تصر ورائي
فأدرت طرفي باحثا متعجبا مما سمعت ،ولست في بيداء
فأذا ورائي في الحديقة نابح ضاري المحاجر ضامر الأحشاء
كادت تطلّ عروقه من جلده وتطلّ معها شهوة لدمائي
أشفقت يعلق نابه بردائي فرفسته غضبا فطار حذائي
فطوى نواجذه عليه كأنما عضّت نواجذه على العنقاء
ومضى به لرفاقه فتهلّلوا وتقاسموه ،فكان خير عشاء
لا يعجبن أحد رآني حافيا أبلت نعالي ألسن السفهاء ...

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:38 PM

[frame="13 95"]
وحامت ثانية،وكان الكون لم تبرح عليه كلاكل الظلماء
أني رأيت جرادة مطروحة في سبخة منهوكة الأعضاء
ترنو ألى الأفق البعيد بمقلة كلمى ،وتشتم أنجم الجوزاء
فسألتها ماذا عراك فلم تجب فسألت عنها زمرة الرفقاء
قالوا:رفيقتنا شهيدة هزئها بنصائح العقلاء والحكماء
كانت أذا جاعت فحبة خردل تكفي ،وأن عطشت فنقطة ماء
سمعت بنهر في السماء و جنّة ليست لتصويح ولا لفناء
ألعطر في أثمارها،والشهد في أنهارها ،والسحر في الأنداء
فاستنكفت أن تستمر حياتها في الأرض جاثمة على الأقذاء
فمضت تحلق في الفضاء ولم تزل حتى وهت فهوت ألى الغبراء
رجعت ألى الدنيا التي خلقت لها لم تخلق الحشرات للاجواء
هذي حكايتها وفيها عبرة للطائشين كهذه الحمقاء

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:38 PM

[frame="13 85"]
او رأى "آدم "فتاه لزال الحقد من قلبه على حوّاء
صيّر الأرض جنّة دونها الجنّة في الحسن والبه والروّاء
ما أظنّ النعيم فيه الذي في الأرض من بهجة ومن لألاء

كلّ ما في الوجود للمرء عبد وهو عبد الشهوات والأهواء
كائن كلّ كائن حار فيه فهو حلو مرّ ودان ناء
وهو طورا يكون نصف أله وهو طورا أدنى من العجماء
عجبا كيف طاعه الطّين والماء وما كان غير طين وماء
ساد في الكون مثلما ساد فيه خالق الكون مبدع الأشياء
فهو في الماء سابح وعلى الغبراء ماش وطائر في الفضاء
اتخذ الجوّ ملعبا ثم أمسى راكضا في الهواء ركض الهواء
فهو فوق السّحاب يحكيه في مسواه لكنّه أخو خيلاء
وهو بين الطّيور تحسبه العنقاء لولا استحاله العنقاء
أبصرته فاكبرت أن ترى في الجوّ صيّادها على الغبراء
فاستوى في قلوبها الذعر حتى كاد يحكي البلاء خوف البلاء
وتناجت تبغي النجاة فرارا أين أين المفر من ذا القضاء
ويح هذي الطّيور تجنى على الموتى وترجو سلما من الأحياء
أهبطي أو فحلّقي أو فسيري أنما المنتهى ألى الأرزاء!
...

وهو بين النجوم يسترق السّمع ولا يتّقي رجوم السّماء
مشهد روّع الدّراري فباتت حائرات في القبّة الزّرقاء
نافرات كأنها ظبيات رأت القانصين في البيداء
سائلات أذا رسول سلام من بني الأرض أم نذير فناء؟
هالها أن ترى من الأنس قوما يتهادون مثلها في الفضاء
فرأيت الجوزاء تشكو الثّريّا والثّريّاتشكو ألى الجوزاء
لا تراعي يا شهب منّا فأنّا ما حملنا أليك غير الولاء
قد كرهنا المقام في الأرض لما قيل أن السّما مقرّ الهناء
أنما شوقنا أليك الذي أسرى بنا لا الهيام في الأسرلء
فصلينا نزدد غراما ووجدا غير مستحسن كثير الأباء
نحن يا شهب في حماء ضيوف وجميل رعاية الغرباء
أكرمي ذلك المحلّق فوق السّحب يثني عليك خير ثناء
وأنيري طريقه أن دجا اللّيل ودبّت عقلرب الظّلماء
صاغك اللّه شعلة من ضياء وبرا المرء شعلة من ذكاء
اتخذيه أخا يكن لك عونا كلّ نفس محتاجة للأخاء
لا تفاخر بالواخدات ولا بالخيل من أدهم ومن شهباء
هان عصر النّياق والرّاكبيها عند عصر البخار والكهرباء

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:39 PM

[frame="13 90"]
رسالة إلى الشاعر القروي ألقيت في الحفلة الوداعية التي أقيمت في ولاية تكساس وقد تعذر على الشاعر حضورها.

------------

للّه من عبث القضاء وسخره بالناس والحالات والأشياء
كم درة في التاج ألف مثلها في القاع لم تخرج من الظلماء
ولكم تعثّر سميذع وانداحت الأطواد للجبناء
ولكم جنى علم أربابه وجنى الهناء جماعة الجهلاء
أرأيت أعجب حالة من حالنا أزف الرحيل ولم تفز بلقاء!
عاشت شهورا بالرجاء قلوبنا وبلجظة أمست بغير رجاء
ماتت أمانينا الحسان أجنّة لم تكتحل أجفانها بضياء
فكأنها برق تألّق وانطوى في الليل لم تلمحه مقلة راء
وكأننا كنا نحلّق في الفضا صعدا لنلمس منكب الجوزاء
حتى إذا حان الوصول ... رمت بنا نكباء عانية إلى الغبراء!
وكأن ((تكس)) وهي في هذا الحمى صفع ((كسانبول )) قصي ناء
طوبى لها إن كان يعلم أهلها أنّ النزيل بها أخو الورقاء
كانت مسارح ((للرعاة)) فأصبحت لما أتاها كعبة الشعراء
هو بلبل عبق النبوّة في أغانيه ، وفيها نكهة الصهباء
وجلال لبنان ، وقد غمر المسا هضباته، وانسال في الأوداء
غنّى ، ففي النسمات ، والأوراق، والغدران، أعراس بلا ضوضاء
وبكى، فشاع الحزن في الأزهار، والأظلال ، والألوان، والأضواء
هو نفحة قدسية هبطت إلى هذا الثرى من عالم اللألاء
لو عاد للدنيا البراق وحزته ما كان إلا نحوه إسرائي
أشكو البعاد وليس لي أن أشتكي فسماؤه موصولة بسمائي
ما حال بين نفوسنا ، ما حال بين جسومنا من أجبل وفضاء

فلكم نظرت إلى الرّبى فلمحته في الأقحوان الخيّر المعطاء
وسمعت ساقية تئنّ فخلتني لبكائه أوطانه إصغائي
وإذا تلوح لي الجبال ذكرته فالشاعر القرويّ طود إباء
من كان يحلم بالغدير فإنه يبدو له في كلّ قطرة ماء
إن كنت لم أره فقد شاهدته بعيون أصحابي، وذاك عزائي
...

أفتى القوافي كالشّواظ على قلوب الصّحب كالأنداء
سارت إليك تحيتي ولو انّني خيرت ، كنت تحيتي ودعائي

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:40 PM

[frame="13 90"]
سمع الليل ذو النجوم أنينا وهو يغشى المدينة البيضاء
فانحنى فوقها كمسترق الهمس يطيل السكوت والإصغاء
فراى أهلها نياما كأهل الكهف لا جلبة ولا ضوضاء
ورأى السدّ خلفها محكم البنيان والماء يشبه الصحراء
كان ذاك الأنين من حجر في السد ّ يشكو المقادر العمياء
أيّ شأن يقول في الكون شأني لست شيئا فيه ولست هباء
لا رخام أنا فأنحت تمثا لا، ولا صخرة تكون بناء
لست أرضا فأرشف الماء ، أو ماء فأروي الحدائق الغنّاء
لست درا تنافس الغادة الحسناء فيه المليحة الحسناء
لا أنا دمعة ولا أنا عين، لست خالا أو وجنة حمراء
حجر أغير أنا وحقير لا جمالا ، لا حكمة ، لا مضاء
فللأغادر هذا الوجود وأمضي بسلام ، إني كرهت البقاء
وهوى من مكانة ، وهو يشكو الأرض والشهب والدجى والسماء
فتح الفجر جفنه... فإذا الطوفان يغشى ((المدينة البيضاء))

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:42 PM

[frame="13 90"]
زحزحت عن صدرها الغيم السماء وأطلّ النور من كهف الشتاء
فالروابي حلل من سندس والسواقي ثرثرات وغناء
رجع الصيف ابتساما وشذّى فمتى يرجع للدنيا الصفاء؟
فأرى الفردوس في كلّ حمى ورأى الناس جميعا سعداء
زالت الحرب وولت إنما ليس للذعر من الحرب انقضاء
إن صحوتا فأحاديث الوغى في الحمى الآهل والأرض العراء
وإذا نمنا تراءت في الكرى صور الهول وأشباح الفناء
فهي في الأوراق حبر هائج وعلى ((الراديو)) فحيح الكهرباء
نتقي في يومنا شرّ غد وإذا الصبح انطوى خفنا المساء
عجبا ! والحرب باب للردى وطريق لدمار وعفاء
كيف يهواها بنو الناس فهل كرهوا في هذه الدنيا البقاء؟
إن يكن علم الورى يشقيهم يا إآلهي ردّ للناس الغباء
وليجىء طوفان نوح قياما تغرق الأرض بطوفان الدماء
واعصم الأسرار واحجب كنهها عن ذوي العلم وأرباب الذكاء
فلقد أكثرت أسباب الأذى عندما أكثرت فينا العلماء
كم وجدنا آفة مهلكة كلما زحزحت عن سر غطاء؟
قد ترقى الخلق لكن لم تزل شرعة الغابة شرع الأقوياء
حرم القتل، ولكن عندهم أهون الأشياء قتل الضعفاء
لا تقل لي هكذا اللّه قضى أنت لا تعرف أسرار القضاء
جاءني بالماء أروي ظمأي صاحب لي من صحابي الأوفياء
يا صديقي جنّب الماء فمي عطش الأرواح لا يروي بماء
أنا لا أشتاق كاسات الطّلالا، ولا أطلب مجدا أو ثراء
إنما شوقي إلى دنيا رضى وإلى عصر سلام وإخاء
لا تعدني بالسما ، يا صاحبي ألسما عندي قرب الأصدقاء
وأراني الآن في أكفانهم فأنا الآن كأني في السماء!

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:43 PM

[frame="13 90"]
إبسمي كالورد في الفجر الصباء وابسمي كالنجم إن جنّ المساء
وإذا ما كفّن الثلج الثرى وإذا ما ستر الغيم السماء
وتعرّى الروض من أزهاره وتوارى النور في كهف الشتاء
فاحلمي بالصيّف ثم ابتسمي تخلقي حولك زهرا وشذا
وإذا سرّ نفوسا أنّها تحسن الأخذ فسرّي بالعطاء
وإذا أعياك أن تعطي الغني فافرحي أنّك تعطين الرجاء

[/frame]

شيماء يوسف 18 - 2 - 2011 11:44 PM

روعة حقا
سلمت يداك
انا من محبي شعر اليا ابو ماضي

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:44 PM

[frame="13 95"]
رآني اللّه ذات يوم في الأرض أبكي من الشقاء
فرقّ، واللّه ذو حنان على ذوي الضرّ والعناء
وقال: ليس التراب دارا للشعر، فارجع إلى السماء!
وشاد فوق السّماك بيتي ومدّ ملكي على الفضاء
فالتفّت حول عرشي وسار في طاعتي الضياء
وصرت لا ينطوي صباح إلا بأمري ولا مساء
ولا تسوق الغيوم ريح إلاّ ولي فوقها لواء
فالأمر بين النجوم أمري لي الحكم فبيها ولي القضاء
...

لكنّني لم أزل حزينا مكتئب الروح في العلاء
فاستغرب اللّه كيف أشقى في عالم الوحي والسّناء
وقال: ما زال آدميّا يصبو إلى الغيد والطّلاء
ومسّ روحي واستلّ منها شوقي إلى الخمر والنساء
وظنّ أنّي انتعى بلائي فلم يزدني سوى بلاء
واشتدّ نوحي وصار جهرا وكان من قبل في الخفاء
وصار دمعي سيول نار وكان قبلا سيول ماء
...

يا أيّها الشاعر المعنّى حيّرني داوّك العياء
هل تشتهي أن تكون طيرا؟ فقلت: كلاّ، ولا غناء!
هل تشتهي أن تكون نجما؟ أجبت : كلاّ ولا بهاء!
هل تبتغي المال؟ قلت: كلاّ ما كان من مطلي الثراء
ولا قصورا ، ولا رياضا ولا جنودا ولا إماء
وليس ما بي ، يا ربّ، داء ولا احتياجي إلى دواء
ولا حنيني إلى القناني ولا اشتياقي إلى الظباء
ولا أريد الذي لغيري ذا حكمة كان أم مضاء
لكن أمنية بنفسي يسترها الخوف والحياء!
فقال: يا شاعرا عجيبا قل لي إذن ما الذي تشاء؟
فقلت: يا ربّ، فصل صيف في أرض لبنان أو شتاء
فإّنني هنها غريب وليس في غربة هناء!
فاسضحك اللّه من كلامي وقال: هذا هو الغباء
لبنان أرض ككلّ أرض وناسه والورى سواء
وفيه شيء تشتاق فيه؟ فقلت: ما سرّني وساء
تحنّ نفسي إلى السواقي ، إلى الأقاحي، إلى الشّذاء
الى الروابي تعرى وتكسي، إلى العصافير والغناء
الى العناقيد ، والدوالي، والماء، والنور، والهواء!
فأشرف اللّه من علاه يشهد ((لبنان)) في الماء
فقال: ما أنت ذو جنون وإنّما أنت ذو وفاء
فإنّ لبنان ليس طودا، ولا بلادا،لكن سماء!

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:44 PM

[frame="13 95"]
في ذلك الرّوض الأغنّ بدى فتى

قد يبلغ العشرين عاما ذو نهى

كالبدر ألا أنه متكتّم

والغصن ألاّ أنه غصن ذوى

كتب الضّنى في وجهه هذا الذي

كاد الغرام به يؤول إلى الفنا

دَنِف تروّعه الغصون اذا انثنت

طربا، ويقلقه النسيم اذا جرى

حيران يُقعِده الهوى ويقيمه

فكأنه علم يداعبه الهوا

فأذا رنا للأفق ظنّ نجومه

عقدُ التي من رامها رام السّما

وتوهّم القمر المحلّق وجهَ من

ضنّت وجادت باللّقاء وبالنّوى

حجب الغمامُ البدرَ عند مسيره

فكأنه (أسماء) تسري في الدّجى

حسناء قد عشق المحب عفافها

وتعشّقت آدابه فهما سوا

كالغصن قامتها اذا الغصن انثنى

وجبينها يحكي الصباح اذا انجلى

وقعت غدائرها على أقدامها

فكأنها قد عضّها ناب الهوى

خَودٌ أذا نطقت حَسِبْتَ حديثها

درّا، ولكن ليس مما يشترى

وقفت تحيط بها الزهور كأنها

قمر تحيط به الكواكب في الفضا

ومشت تحف بها الغصون كأنها

ملك تحف به الجنود إذا مشى

للّه زورتها و قد قنط الفتى

فكأنها روح جرى فيمن توى

هيهات ما ظفر المؤمّل بالغنى

بألذّ من ظفر المتيّم باللّقا

فدنا يطارحها تحيّة عاشق

ويقول أهلا بالحبيب الذي أتى

بينا تصافح من يصافحها إذا

بدموعها سحّت فصافحت الثرى

"ما للعيون تحدّرت عبراتها

وعلام هذا الحزن يا ذات البهاء"؟

قالت حبيبي لو ترى ما قد جرى

في ربعنا شاركتني فيما ترى

جار القضاء عليّ في أحكامه

ما حيلة الأنسان إن جار القضا؟

فابك معي، فلربمّا نفع البكا

إن الليالي لا تدوم على الصفا

قال الفتى، والدمع منتثر على

خدّيه، يا أسماء قولي ما جرى

فتلفّتت في الرّوض خيفة سامع

فكأنها الظبي الغرير إذا رنا

وترددت بكلامها فكأنما

تبغي ولا تبغي التفوّه بالنبا

قالت ودمع الحزن يخنق صوتها:

وشت الحواسد عند من نخشى بنا

وغداً يعود الشّمل منفصم العرى

هذا هو الخبر اليقين بلا خفا

قد أنبأته بالفراق وما درت

أن الفراق حمام من عرف الهوى

فكأنما سهم أصاب فؤاده

وكأنه لما ارتمى طود هوى

أما الفتاة فراعها ما صار في

محبوبها وكأنها ندمت على...

جعلت تناديه بصوت محزن

فيجيبها كندائها رجع الصدى

حتى إذا قنطت دنت منه كما

يدنو أخو الدّاء العضال من الدوا

وحنت فحرّكت الفتى وإذا به

جسم ولكن لا حياة به ولا...

قد فارق الدنيا ففارقها الرّجا

وهوت تعانقه ففارقت الورى

قمران ضمّهما التّراب و ما عرفــ

ــت سواهما قمرين ضمّهما الثّرى

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:45 PM

[frame="13 98"]
لعمرك ما حزني لمال فقدته ولا خان عهدي في الحياة حبيب
ولكني أبكي وآندب زهرة جناها ولوع بالزهرة لعوب
رآها يحلّ الفجر جفونها ويلقي عليها تبره فيذوب
وينقض عن أعطافها النور لؤلؤا من الطلّ ما ضمت عليه جيوب
فعالجها حتى استوت في يمينه وعاد إلى مغناه وهو طروب
وشاد فأمست في الإناء سجينة لتشبع منها أعين وقلوب
ثوت بين جدران كقلب مضيمها تلّمس فيها منفذا فتخيب
فليست تحبي الشمس عند شروقها وليست تحبي الشمس حين تغيب
ومن عصيت عيناه فالوقت كلّه لديه ، وإن لاح الصباح ، غروب
لها الحجرة الحسناء في القصر إنما أحب إليها روضة وكثيب
وأجمل من نور المصابيح عندها حباحب تمضي في الدجى وتؤوب
ومن فتيات القصر يرفض حولها على نغمات كلهنّّ عجيب
ترافض أغصان الحدقة بكرة وللريح فيها جيئة وذهوب
وأجمل منهنّ الفراشات في الضحى لها كالأماني سكنة ووثوب
وأبهى من الديباخ والخزّبالدّمى فضاد تشعّ الشهب فيه رحيب
تحنّ إلى مرأى الغدير وصوته وتحرم منه ، والغدير قريب
وليس لها للبؤس في نسم الرّبى نصيب ، ولم يسكن لهنّ هبوب
إذا سقيت زادت ذبولا كأنما يرشّ عليها في المياه لهيب
وكانت قليل الطلّ ينعش روخحها وكانت بميسور الشّعاع تطيب
بها من أنوف الناشقين توعّك ومن نظرات الفاسقين ندوب
تمشّى الضنى فيها وأيار في الحمى وجفّت وسربال الربيع قشيب
ففيها كمقطوع الوريدين صفرة وفيها كمصباح البخيل شحوب
أيا زهرة الوادي الكئيبة إنني حزين لما صرت إليه كئيب
وأكثر خوفي أن تظني بني الورى سواء، وهم مثل النبات ضروب
وأعظم حزني أنّ خطبّك بعده مصائب شتّى لم تقع وخطوب
سيطرحك الإنسان خارج داره إذا لم يكن فيك العشية طيب
فتمسين للأفذار فيك ملاعب وفي صفحتك للنعال ضروب
إسارك، يا أخت الرياحين ، مفجع وموتك، يا بنت الربيع ، رهيب
ولكنها الدنيا، ولكنه القضا وهذا، لعمري ، مثل تلك غريب
فكم شقيت في ذي الحياة فضائل وكم نعمت في ذي الحياة عيوب
وكم شيم حسناء عاشت كأنها مساوىء يخشى شرّها وذنوب

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:46 PM

[frame="13 95"]
أزور فتقصيني وأنأى فتعب وأوهم أني مذب حين تغضب
وأرجو التلاقي كلّما بخلت به كذلك يرجى البرق والبرق خلّب
وأعجب من لاح يطيل ملامتي ويعجب مني عاذلي حين أعجب
هو البخل طبع في الرجال مذمم ولكنه في الغيد شيء محبب
كلفت بها بيضاء سكرى من الصبا وما شربت خمرا ولا هي تشرب
لها الدرّ ثغر واللجين ترائب وشمس الضّحى أم وبدر الدّجى أب
خليلي أما خدّها فمورّد حياء واما ثغرها فهو اشنب
لئن فرقّت بين الغواني جمالها لدام لها ما يجعل الغيد تغضب
ولو أن رهبان الصوامع أبصروا ملاحتها واللّه لم يترهّبوا
تكلّفني في الحبّ ما لا أطيقه وتضحك إما جئتها أتعتّب
أفاتنتي حسب المتّيم ما به وحسبك أني دون ذنب أعذّب
أحبك حبّ التازح الفرد أهله فهل منك حب الأهل من يتغرّب؟
وهبتك قلبي واستعضت به الأسى وهبتك شيئا في الورى ليس يوهب
فإن يك وصل فهو ما أتطلّب وإن يك بعد فالمنيّة أقرب

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:47 PM

[frame="13 98"]
سفرت فقلت لها أهذا كوكب قالت أجل وأين مني الكوكب؟
وتبسّمت فرأيت رئما ضاحكا عن لؤلؤ لكنّه لا يوهب
وتمايلت فالسمهري مصمم ورنت فأبصرت السّهام تصوّب
أنشبت ألحاظي بورد خدودها لّما رأيت لحاظها بي ننشب
قد كلمت قلبي ولم ترفق به واللّظ لو درت المليحة مخلب
بيضاء ناصعة كأن جبينها صبح وطرتّها عليه غيهب
يا طالما اكتسب الحرير ملاحة منها ويكسب غيرها ما يكسب
ولطاما بعض النساء حسدتها ولطالما حسد السليم الأجرب
بين الطلاء وبينهنّ قرابة مشهورة عنها الجميلة تنكب
إنّ الملاحة عندها عربية وجمال هاتيك الدّمى مستعرب
قل للغواني إنّها خلقت كذا الحسن لا يشرى ولا يستجلب
فإذا بلغتنّ الجمال تطريا فاعلمن أنّ بقاءه مستعصب
هيهات ما يغني الملاح الحسن إن كانت خلائقهنّ لا تستعذب
إني بلوت الغانيات فلم أجد فيهن قطّ مليحة لا تكذب
وصحبتهنّ فما استفدت سوى الأسى ما يستفاد من الغواني يتعب
وخيرتهنّ فما لبكر حرمة ترعى وأعذر من رأيت الثّيب
لا يخدعتك ضعفهنّ فإنّما بالضعف أهلكت الهزير الأرنب

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:48 PM

[frame="13 98"]
أقاح ذاك أم شنب وريق ذاك أم ضرب
ووجه ذاك أم قمر وخد ذاك أم ذهب
جمال غير مكتسب وبعض الحسن يكتسب
ثكلت الظرف، عاذلتي أهذا الحسن يجتنب؟
عددت لها العيوب وليس إلاّ الظّرف والأدب
فتاة بين مبسمها وبين عقودها نسب
لواحظها نمتها الهند لكن أهلها عرب
مرنّحة إذا خطرت رأيت الغصن يضطرب
مشت وونت روادفها فكاد الخصر ينقضب
يسر العاذلون إذا نأت ويعودني الوصب
ويصطخبون إن قربت وعندي يحسن الطّرب
فأبكى كلّما ضحكوا وأضحك كلّما غضبوا!

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:49 PM

[frame="13 98"]

ألقيت في حفلة تكريم الشاعر مسعود سماحة

--------

عادت رياض القوافي وهي حالية وكان صوّح فيها الزهر والعشب
واسترجعت دولة الأقلام نخوتها وكان أدركها الإعياء والتعب
بشاعر عبقريّ في قصائده عطر، وخمر رائق عجب
فاشرب بروحك خمرا كلّها أرج واشق بروحك عطرا كلّه طرب
وامرح بدنيا جمال من تصوّره فإنها السحر إلا إنه أدب
والبس مطارف حاكتها براعته تبقى عليك ويبلى الخزّ والقصب
كم درة يتمنّى البحر لو نسبت إليه باتت إلى مسعود تنتسب
لو أنها فيه لم تهتج غواربه لكنها لسواء فهو يصطخب
فلا جناح إذا ما قال شاعرنا للبحر _ يا بحر أغلى الدرّ ما أهب!
يا شاعر ((الدير)) كم هلهات قافية غنى الرواة بها واختالت الكتب
طلاقة الفجر فيها وهو منبثق ورقّة الماء فيها وهو منكسب
مرت على هضبات الدير هائمة فكاد يورق فيها الصّخر والحطب
إذا تساقي الندامى الراح صافية كانت قوافيك في الرّاح التي شربوا
فأنت في ألسن الأشباح إن نطقوا وأنت في همم الشّبان إن وثبوا
مسعود عيدك والشهر الجميل معا قد أقبلا ، وأنا في الأرض أضطرب
يحزّ في نفسي أني اليوم مبتعد وأنت من حولك الأنصار والصّحب
ألبيد (( والناس)) ما بيني وبينكم ليت المهامه تطوي لي فأقترب
ما كان أسعدني لو كنت بينكم كيما يؤدي لساني بعض ما يجب
لصاحب أنا تيّاه بصحبته وشاعر طالما تاهت به العرب
[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:53 PM

[frame="13 95"]
نظمها بلسان أرغمها ذووها على الاقتران برجل طاعن في العمر

--------------------

لي بعل ظنّه الناس أبي صدّقوني أنه غير أبي
واعدلوا عن لوم من لو مزجت ما بها بالماء لم يستعذب
ربّ لوم لم يففد إلا العنا كم سهام سدّدت لم تصب؟
يشتكي المرء لمن يرثي له ربّ شكوى خفّفت من نصب
زعموا أن الغواني لعب إنما اللعبة طبعا للصي
وأنا ما زلت في شرخ الصّبا ذاك بالغصن وذا بالكوكب
قد جرى حبّ العلى مجرى دمي فهي سوّلي والوفا من مشربي
أنا لو يعلم أهلي درّة ظلمت في البيع كالمخشلب
أخدوا الدينار مني بدلا أترابي سلعة للمكسب؟
لا، ولكن راعهم عصر به ساد في الفتيان حبّ الذّهب
ليس للآداب قدر بينهم آه لو كان نضارا أدبي!
حسبوني حين لازمت البكا طفلة أجهل ما يدري أبي
ثمّ بالغول أبي هدّدني أين من غول المنايا مهربي؟
أشيب لو أنّه الدّجى شاب ذعرا منه رأس الغيهب
ليت ما بيني وبين النوم من فرقة بيني وبين الأشيب
يا له فظا كثير الحزن لا يعرف الأنس قليل الطّرب
يخضب الشّعر ولكن عبئا ليس تخفي لغة المستغرب
قل لأهل الأرض لا تخشوا الرّدى إنّه مشتغل في طلبي
ولمن يعجب من بغضي له أيها الجاهل أمري اتّئب
إنما الغصن إذا هبّ الهوا مال للأغصان لا للحطب
وإذا المرء قضى عصر الصّبا صار أولى بالرّدى من مذهبي

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:54 PM

[frame="13 98"]
أحبّ إله في صباه إلاهة جرى السحر في أعطافها والترائب
تمنّت عليه آية يجىء بها إله سواه في العصور الذواهب
ليمسي على الأرباب أجمع سيّدا ، وتمسي تباهي كلّ ذات ذوائب
وكان إلها جامحا متضرّما هوى، فأتى بالمعجزات الغرائب
كسا الأرض بالزهر البديع لأجلها ورصّع آفاق السما بالكواكب
وما زال حتى علّم الطير ما الهوى فحنّت وغنّت في الذّرى والمناكب
وأنشأ جنات وأجرى جدواولا ومدّ المروج الخضر في كلّ جانب
وشاء، فشاع العطر في الماء والضّيا وفي كلّ صوت أو صدى متجاوب
ومسّ الضّحى فارفضّ تبرا على الربى وسال عقيقا في حواشي السباسب
وقال لأحلام البحار تجسّدي مواكب ألوان وجيش عجائب
فكانت لآل في الشطوط ، وفي الفضا غيوم، وموج ضاحك في الغوارب
ولما رأى الأشياء أحسن ما ترى وتّمت له دنيا بغير معايب
دعاها إليه كي تبارك صنعة ولم يدر أنّ الحبّ حمّ المطالب
فقالت له : أحسنت! أحسنت مبدعا فيا لك ربّا عبقريّ المواهب
ولكنّ لي أمنية ما تحقّقت إذا لم تنلنيها فما أنت صاحبي!
******

فدنياك هذي على حسنها وسحر مشاهدها والصور
تشاركني سائر لالآهات لذاذاتها ونساء البشر
أريد دنيا فيها شعاع يبقي أذا غابت النجوم
أريد دنيا تحسّ نفسي فيها نفوسا بلا جسوم
أريد خمرا بلا كؤوس من غير ما تنبت الكروم
أريد عطرا بلا زهور يسري وإن لم يكن نسيم
وزادت فقالت: أريد أنينا يشوّش روحي ولا محتضر
وماء يموج ولا جدول، ونارا بلا حطب تستعر
فأطرق ذاك الاله الفتيّ وفي نفسه ألم مستتر
وقال امهليني ثلاث ليال أذلّل فيها المراد العسر!
وراح يجوب رحاب الفضاء يحدوه شوق ويدعوه سر
فسال مع الشمس فوق الربى وغلغل في الحندس المعتكر
وأصغى إلى نسمات المروج وأصغى إلى نفحات الزّهر
وبعد ثلاث ليال أتاها فظنته جاء لكي يعتذر
فقال وجدت الذي تطلبين لدي شاعر ساحر مبتكر
وأخرج خيطا قصير المدى بلون التراب ولين الشّعر
فلما رأته عراها الأسى وغوّر إيمانها واندثر
فصاحت بغيط: أتسخر مني؟ إذن فاحمل العار، او فانتحر!
أجاب رويدّك ، يا ربّتي فما في التعجّل إلاّ الضرر!
وشدّ إلى آله خيطه ودغدغة صامتا في حذر
ففاضت خمور ، وسالت دموع، وشعّت بروق، ولاحت صور!
فصاحت به وهي مدهوشة: ألا إنّ ذا عالم محتضر!

فيا ليت شعري ماذا يسمّى؟ فقال لها: إن هذا الوتر1

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:55 PM

[frame="13 98"]
حرّ ومذهب كلّ حرّ مذهبي ما كنت بالغاوي ولا المعتصب
أني لأغضب للكريم ينوشه من دونه وألوم من لم يغضب
وأحبّ كلّ مهذب ولو أنّه خصمي، وأرحم كلّ غير مهذب
يأبى فؤادي أن يميل إلى الأذى حبّ الأذية من طباع العقرب
لي أن أردّ مساءة بمساءة لو انني أرضى ببرق خلب
حسب المسيء شعوره ومقاله في سرّه : يا ليتني لم أذنب
أنا لا تغشّني الطيالس والحلى كم في الطيالس من سقيم أجرب؟
عيناك من أثوابه في جنّة ويداك من أخلاقه في سبسب
وإذا بصرت به بصرت بأشمط وإذا تحدثه تكشّف عن صبي
إني إذا نزل البلاء بصاحبي دافعت عنه بناجذي وبمخلبي
وشددت ساعده الضعيف بساعدي وسترت منكبه العريّ بمنكبي
وأرى مساوئه كأني لا أرى وأرى محاسنه وإن لم تكتب
وألوم نفسي قبله إن أخطأت وإذا أساء إلّي لم أتعتّب
مقترب من صاحبي فإذا مشت في عطفه الغلواء لم أتقرب
أنا من ضميري ساكن في معقل أنا من خلالي سائر موكب
فإذا رآني الغباوة دونه فكما ترى في الماء ظلّ الكوكب

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:56 PM

[frame="1 98"]
خرج الناس يشترون هدايا العيد للأصدقاء والأحباب
فتمنّيت لو تساعفني الدنيا فأقضي في العيد بعض رغابي
كنت أهدي، إذن ، من الصبر أرطا لا إلى المنشئين والكتّاب
وإلى كلّ نابغ عبقريّ أمّة أهلها ذوو ألباب
وإلى كلّ شاعر عربيّ سلّة من فواكه الألقاب
وإلى كلّ تاجر حرم التوفيق زقّين من عصير الكذاب
وإلى كلّ عاشق مقلة تبصر كم من ملاحة في التراب
وإلى الغادة الجميلة ((مرآة)) تربها ضمائر العزّاب
وإلى الناشىء الغرير مرآنا وإلى الشيخ عزمة في الشباب
وإلى معشر الكسالى قصورا من لجين وعسجد في السحاب
علّني أستريح منهم فقد صاروا كظلّي في جيئتي وذهابي
وإلى ذي الغنى الذي يرهب الفقر ازدياد الذي به من عذاب
كلّما عدّ ماله مطمئنا أبصر الفقر واقفا بالباب
وإلى الصاحب المراوغ وجها أسودا حالكا كوخه الغراب
فإذا لاح فرّت الناس ذعرا من طريق المنافق الكذّاب
وإلى المؤمنين شيئا من الشكّ وبعض الإيمان للمرتاب
وإلى من يسبّني في غيابي شرفا كي يصونه من سبابي
وإلى حاسدي عمرا طويلا ليدوم الأسى بهم مما بي
وإلى الحقل زهرة وحلاه من ندى لامع ومن أعشاب
فقبيح أن نرتدي الحلل القشب وتبقىء الرّبى بغير ثياب
لم يكن لي الذي أردت فحسي أنني بالمنى ملأت وطابي
ولو انّ الزمان صاحب عقل كنت أهدي إلى الزمان عتابي

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:57 PM

[frame="2 98"]
سئمت نفسي الحياة مع الناس، وملّت حتى من الأحباب
وتمشت فيها الملالة حتى ضجرت من طعامهم والشراب
ومن الكذب لابسا بردة الصدق، وهذا مسربلا بالكذاب
ومن القبح في نقاب جميل ومن الحسن تحت ألف نقاب
ومن العابدين كلّ إله ومن الكافرين بالأرباب
ومن الواقفين كالأنصاب ومن الساجدين للأنصاب
ومن الراكبين خيل المعالي ومن الراكبين خيل التصابي
والألى يصمتون صمت الأفاعي والألى يهزجون هزج الذباب
صغرت حكمة الشيوخ لديها واستخفّت بكلّ ما للشباب
قالت أخرج من المدينة للقفر ففيه النجاة من أوصابي
وليك الليل راهي، وشموعي الشهب، والأرض كلها محرابي
وكتابي الفضاء أقرأ فيه سورا ما قرأتها في كتاب
-----------

وصلاتي الذي تقول السواقي وغنائي صوت الصّبا في الغاب
وكؤوسي الأوراق ألقت عليها الشمس ذوب النّضار عند الغياب
ورحيقي ما سال من مقلة الفجر على العشب كاللّجين المذاب
ولتكحّل يد المساء جفوني ولتعانق أحلامه أهدابي
وليقبّل فم الصباح جبيني وليعطّر أريجه جلبابي
ولأكن كالغراب رزقي في الحقل ، وفي السفح مجثمي واضطرابي
ساعة في الخلاء خير من الأعوام تقضى في القصر والأحقاب
يا لنفسي فإنها فتنتي بالحديث المنمّق الخلاّب
فإذا بي أقلى القصور ، وسكناها ، وأهلى القصور ذات القباب
فجرت العمران تنفض كفّي عن ردائي غباره وإهابي
وتركت الحنى وسرت وإياها وقد ذهّب الأصيل الروابي
نهتدي بالضحى، فإن عسعس الليل جعلنا الدليل ضوء الشهاب
وقضينا في الغاب وقتا جميلا في جوار الغدران والأعشاب
تارة في ملاءة من شعاع تارة في ملاءة من ضباب
تارة كالنسيم نمرح في الوادي، وطورا كالجدول المنساب
في سفوح الهضاب والظلّ فيها، ومع النور وهو فوق الهضاب
إنما نفسي التي ملت العمران ملّت في الغاب صمت الغاب
فأنا فيه مستقل طليق وكأني أدبّ في سرداب
علمتني الحياة في القفر أني ، أينما كنت ، ساكن في التراب
وسأبقى ما دمت في قفص الصّلصال عبد المنى أسير الرغاب

خلت أني في القفر أصبحت وحدي فإذا الناس كلّهم في ثيابي!

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:58 PM

[frame="3 98"]
القصيدة التي ألقاها الشاعر في حفلة تكريم الدكتور ظافر الرفاعي وزير خارجية سوريا والدكتور فريد زين الدين سفير سوريا في واشنطن

ومندوبها الدائم في الأمم المتحدة.

-------------

جعت والخبز وفير في وطابي والسنا حولي وروحي في ضباب
وشربت الماء عذبا سائغا وكأني لم أذق غير سراب
حيرة ليس لها مثل سوى حيرة الزورق في طاغي العباب
ليس بي داء ولكني امروء لست في أرضي ولا بين صحابي
مرّت الأعوام تتلو بعضها للورى ضحكي ولي وحدي اكتئابي
كلما استولدت نفسي أملا مدّت الدنيا له كفّ اغتصاب
أفلتت مني حلاوات الرؤى عندما أفلت من كفي شبابي
بتّ لا الإلهام باب مشرع لي ، ولا الأحلام تمشي في ركابي
أشتهى الخمر وكأسي في يدي وأحس الروح تعرى في ثيابي
يا رفاقي حطموا أفداحكم ليس في دني خمر لانسكاب
جفّ ضرع الشعر عندي وذوى ولكم عاش لمري واحتلاب
أيها السائل عني من أنا أنا كالشمس إلى الشرق انتسابي
لغة الفولاذ هاضت لغتي لا يعيش الشدو في دنيا اصطخاب
لست أشكو إن شكا غيري النّوى غربة الأجسام ليست باغتراب
أنا كالكرمة لو لم تغترب ما حواها الناس خمرا في الخوابي
أنا كالسوسن لو لم ينتقل لم يتوّج زهرة رأس كعاب
انا في نيويوريك بالجسم وبالروح في الشرق على تلك الهضاب
في ابتسام الفجر، في صمت الدّجى ، في أسى تشرين، في لوعة آب
أنا في الغوطة زهر وندى أنا في ((لبنان)) نجوى وتصابي
ربّ هبني لبلادي عودة وليكن للغير في الأخرى ثوابي
أيها الآتون من ذاك الحمى يا دعاة الخير، يا رمز الشباب
كم هششنا وهششتم للمنى وبكيتم وبكينا في الهضاب؟!
وأشتركنا في الجهاد أو عذاب والتقينا في الحديث أو كتاب؟
وعرفتم وعرفنا مثلكم أنما الحقّ لذي ظفر وناب
كلّ أرض نام عنبا أهلها فهي أرض لاغتصاب وانتساب
إنني ألمح في أوجهكم دفقة النور على تلك الروابي
وأرى أشباح أعوام مضت في كفاح ونضال ووثاب
وأرى أطياف عصر زاهر طالع كالشمس من خلف الحجاب
ليته يسرع كي أبصره قبل أن أغدو ترابا في التراب

[/frame]

صائد الأفكار 18 - 2 - 2011 11:59 PM

[frame="3 98"]
يا نفس هذا منزل الأحباب فانسي عذابك في النّوى و عذابي
و تهلّلي كالفجر في هذا الحمى و تألّقي كالخمر في الأكواب
و لتسمح البشرى دموعك مثلما يمحو الصباح ندى عن الأعشاب
و استرجعي عهد البشاشة و الرّضى فالدهر عاد تضاحكا و تصابي
أنا بين أصحابي الذين أحبّهم ما أجمل الدنيا مع الأصحاب
قد كنت مثل الطائر المحبوس في قفص ، و مثل النجم خلف ضباب
يمتدّ في جنح الظلام تأوّهي و يطول في أذن الزمان عتابي
و أهزّ أقلامي فترشح حدّة و أسى ، و يندى بالدموع كتابي
حتى لقيتكم فبت كأنّني لمسرّتي استرجعت عصر شبابي
ليس التعبّد أن تبيت على الطّوى و تروح في خرق من الأثواب
لكنه إنقاذ نفس معذّب من ربقة الآلام و الأوصاب
لكنه ضبط الهوى في عالم فيه الغوايه جمّة الأسباب
و حبائل الشيطان في جنباته و المال فيه أعظم الأرباب
هذا هو الرأي الصواب و غيره مهما حلا للناس غير صواب

[/frame]

صائد الأفكار 19 - 2 - 2011 12:00 AM

[frame="3 98"]
( في يوم من أيام الصيف الشديد الحر كان الشاعر جالسا مع بعض اصحاب له أمام داره فهبت ريح شديد اثارت الغبار و عقدته في الفضاء كالسرادق . و كان في مشهد الغبار ما حمله على التفكير فنظم القصيدة التاليه

--------------

من أين جئت ؟ و كيف عجت ببابي ؟ يا موكب الأجيال و الأحقاب
من القبور ؟ فكيف من حلّو بها أهناك ذو ألم و ذو تطراب ؟
و لهم صبابات لنا ؟ أم غودروا في بلقع ما فيه غير خراب ؟
***

أمررت بالأعشاب في تلك الرّبى و ذكرت أننك كنت في الأعشاب
حول الصخور النائمات على الثرى و على حوااشي الجدول المنساب
و على م تصعد كالسحابة في الفضا و إلى التراب مصير كلّ سحاب
لما طلعت على الشعاع كوزّعا مترجرجا كخواطر المرتاب
و ذهبت في عرض الفضاء كخيمة رفعت بلا عمد و لا أطناب
قال الصحاب لي : و تراكضوا للذعر يعتصمون بالأبواب
و هب اتقيتك بالحجاب فإنّني لا بدّ خالعة و أنت حجابي
كم سارح في غابة عند الضحى جاء المساء فكان بعض الغاب
و مصفق للخمر في أكوابه طربا ، و طيف الموت في الأكواب
أنا لو رأيت بك القذى ، محض القذى ، لسترت وجهي عنك مثل صحابي
لكن شهدت شبيبة ، و كهزلة ، و منى ، و أحلاما بغير حساب
و الشاربين بكلّ كأس ، و الألى عاشوا على ظمأ لكلّ شراب
و الضاربين بكلّ سيف في الوغى ، و الخانعين لكلّ ذي قرضاب
و الصارفين العمر في سوق الهوى و الصارفين العمر في المحراب
و الغيد بين جميلة و دميمة و العاشقين - الصّب و المتصابي
و العبد في أغلاله و حباله و الملك في الديباج و الأطياب
آبوا جميعا في طريق واحد الخاسر المسبّي مثل السابي
فضحكت من حرصي على ملك الصبا و عجبت كيف مضى عليه شبابي
ووقعت أنت على تراب ضاحك لما وقعت عليّ في جلبابي
و كذاك أشواق التراب مآلها و لئن تقادم عهدها لتراب

[/frame]

صائد الأفكار 19 - 2 - 2011 12:01 AM

[frame="4 95"]
ذات شوك كالحراب أو كأظفار العقاب

ربضت في الغاب كاللّص ، لفتك و استلاب

تقطع الدّرب على الفلاح و المولى المهاب

صنت عنها حرّ وجهي ، فتصدّت لثيابي

كلما أفلتّ من ناب تلقّتني بناب

فلها نهش الأفاعي ، و لها لسع الذئاب

و أذاها في سكوني ، كأذاها في اضطرابي

و هي كالقيد لساقي ، و لجيدي كالسّخاب

فكأنّا في عناق ، لا نضال ووثاب

.......

قلت : يا ساكنة الغاب ، و يا بنت التراب

لا تلجّي في اجتذابي ، أو فلجّي في اجتذابي

إن عودا فيه ماء ليس عودا لاحتطاب

أنا في فجر حياتي ، أنا في شرخ شبابي

الهوى ملء فؤادي ، و الصبى ملء إهابي

و المنى تنبت في دربي و تمشي في ركابي

أنا لم أضجر من العيش و لم أملل صحابي

لم أزل ألمح طيف المجد حتى في السراب

لم أزل استشعر اللّذة حتى في العذاب

لم أزل أستشرف الحسن و لو تحت نقاب

......

ما بنفسي خشية الموت و لا منه ارتهابي

أنا للأرض ، و إن طال عن الأرض اغترابي

غير أنّي لم يزل ضرعي لمري و احتلاب

لم أهب كلّ الذي عندي ، و لم يفرغ و طابي

......

أنا نهر لم أتمم بعد في الأرض انسيابي

أنا روض لم أذع كلّ عبيري و ملابي

أنا نجم لم يمزّق بعد جلباب الضباب

أنا فجر لم تتوّج فضّتي كلّ الروابي

لي رغاب لم تلد بعد فتبلى بالتباب ؟

و بنفسي ألف معنى لم يضمّن في كتاب

.......

فإذا استنفدت ما في دنّ نفسي من شراب

و إذا أنجم آمالي توارت في الحجاب

و إذا لم يبق في غيمي ماء لانسكاب

و إذا ما صرت كالعلّيق تمثال اكتئاب

لا يرجيني محتاج ، و لا يطمع ساب

فاجذبيني ... إن يكن منذي نفع للتراب

[/frame]


الساعة الآن 01:15 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى