منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   سِير أعلام وشخصيات (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=57)
-   -   تراجم الفقهاء والحفاظ والمفسرين (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=2430)

B-happy 8 - 12 - 2009 10:30 PM

تراجم الفقهاء والحفاظ والمفسرين
 
ابن الجوزى


حظي "ابن الجوزي" بشهرة واسعة، ومكانة كبيرة في الخطابة والوعظ والتصنيف، كما برز في كثير من العلوم والفنون، وبلغت مؤلفاته أوج الشهرة والذيوع في عصره، وفي العصور التالية له، ونسج على منوالها العديد من المصنفين على مر العصور.

هو "أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن جعفر" وينتهي إلى "أبي بكر الصديق" رضي الله عنه.

ولد ببغداد سنة [ 510هـ= 1116م] وعاش حياته في الطور الأخير من الدولة العباسية، حينما سيطر الأتراك السلاجقة على الدولة العباسية.

وقد عرف بابن الجوزي لشجرة جوز كانت في داره بواسط، ولم تكن بالبلدة شجرة جوز سواها، وقيل: نسبة إلى "فرضة الجوز" وهي مرفأ نهر البصرة.

وقد توفي أبوه وهو في الثالثة من عمره فتولت تربيته عمته، فرعته وأرسلته إلى مسجد " محمد بن ناصر الحافظ" ببغداد، فحفظ على يديه القرآن الكريم، وتعلم الحديث الشريف، وقد لازمه نحو ثلاثين عامًا أخذ عنه الكثير حتى قال عنه: "لم أستفد من أحد استفادتي منه".


شيخوخة وأساتذته
تعلم "ابن الجوزي" على عدد كبير من الشيوخ، وقد ذكر لنفسه (87) شيخًا، منهم:
• أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر [ 467 ـ 550 هـ= 1074- 1155م]: وهو خاله، كان حافظًا ضابطًا متقنًا ثقة، وفقيهًا ولغويًا بارعًا، وهو أول معلم له.
• أبو منصور موهوب بن أحمد بن الخضر الجواليقي [ 465- 540هـ= 1072م-1145م]: وهو اللغوي المحدث والأديب المعروف، وقد أخذ عنه اللغة والأدب.
• أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري المعروف بابن الطبري [ 435-531هـ=1043-1136م] وقد أخذ عنه الحديث.
• أبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسين بن إبراهيم بن خيرون [ 454-539هـ= 1062-1144م] وقد أخذ عنه القراءات.


منزلته ومكانته
كان "ابن الجوزي" علامة عصره في التاريخ والحديث والوعظ والجدل والكلام، وقد جلس للتدريس والوعظ وهو صغير، وقد أوقع الله له في القلوب القبول والهيبة، فكان يحضر مجالسه الخلفاء والوزراء والأمراء والعلماء والأعيان، وكان مع ذيوع صيته وعلو مكانته زاهدًا في الدنيا متقللا منها، وكان يختم القرآن في سبعة أيام، ولا يخرج من بيته إلا إلى المسجد أو المجلس، ويروى عنه أنه كان قليل المزاح.
يقول عن نفسه: "إني رجل حُبّب إليّ العلم من زمن الطفولة فتشاغلت به، ثم لم يحبب إلي فن واحد بل فنونه كلها، ثم لا تقصر همتي في فن على بعضه، بل أروم استقصاءه، والزمان لا يتسع، والعمر ضيق، والشوق يقوى، والعجز يظهر، فيبقى بعض الحسرات".


مجالس وعظه
بدأ "ابن الجوزي" تجربة موهبته في الوعظ والخطابة في سن السابعة عشرة، وما لبث أن جذب انتباه الناس فأقبلوا على مجلسه لسماع مواعظه حتى بلغت شهرته في ذلك مبلغًا عظيمًا، فلم يعرف تاريخ الوعظ والمجالس الدينية ـ على مر العصور ـ مجلسًا كمجلس "ابن الجوزي" يحفل بعدد هائل من المريدين يصل إلى عشرة آلاف رجل.
وكان يحضر مجلسه الخلفاء والأمراء والسلاطين والوزراء، وكان مجلسه بإزاء داره على شاطئ "دجلة" بالقرب من قصر الخليفة، فكانت الأرض تُفرش بالحصير ليجلس عليها الناس، ثم يصعد "ابن الجوزي" المنبر، ويبتدئ القرّاء بقراءة القرآن، يتناوبون التلاوة بأصوات شجية مطربة، فإذا فرغوا من التلاوة بدأ "ابن الجوزي" خطبته، فتناول فيها تفسير الآيات التي تلاها القراء، فيأخذ بألباب وعقول سامعيه، ينظم فيها عقود الحكمة ورقائق الزهد والمواعظ، بما يرقق القلوب ويحرك الأشجان، فتدمع العيون، وتخشع النفوس، وتذوب المشاعر في خشوع وجلال للخالق العظيم يحركها الشوق والوجد والإيمان.


أقوال العلماء فيه
اتفق العلماء والأدباء على الثناء على "ابن الجوزي" فمدحوا علمه وورعه ومهارته في الخطابة والفقه والحديث والتاريخ والأدب.
قال عنه "ابن كثير": "أحد أفراد العلماء، برز في علوم كثيرة، وانفرد بها عن غيره، وجمع المصنفات الكبار والصغار نحوًا من ثلاثمائة مصنف".
وقد وصفه "ابن الجزري" بأنه: "شيخ العراق وإمام الآفاق".
وقال عنه "ابن العماد الحنبلي": "كان ابن الجوزي لطيف الصوت حلو الشمائل، رخيم النغمة، موزون الحركات، لذيذ الفاكهة".
وقال عنه "ابن جبير": "آية الزمان، وقرة عين الإيمان، رئيس الحنبلية، والمخصوص في العلوم بالرتب العلية، إمام الجماعة، وفارس حلبة هذه الصناعة، والمشهود له بالسبق الكريم في البلاغة والبراعة".
وقال عنه "شمس الدين الذهبي": "ما علمت أن أحدًا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل".


مؤلفاته

تميز "ابن الجوزي" بغزارة إنتاجه وكثرة مصنفاته التي بلغت نحو ثلاثمائة مصنف شملت الكثير من العلوم والفنون، فهو أحد العلماء المكثرين في التصنيف في التفسير والحديث والتاريخ واللغة والطب والفقه والمواعظ وغيرها من العلوم،

ومن أشهر تلك المصنفات:
• أخبار الظرّاف والمتماجنين.
• أخبار النساء.
• أعمار الأعيان.
• بستان الواعظين.
• تلبيس إبليس.
• تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير.
• تاريخ بيت المقدس.
• تحفة المودود في أحكام المولود.
• الثبات عند الممات.
• جواهر المواعظ.
• الجليس الصالح والأنيس الناصح.
• حسن السلوك في مواعظ الملوك.
• ذم الهوى.
• زاد المسير في علم التفسير.
• سيرة عمر بن عبد العزيز.
• صفوة الصفوة.
• صيد الخاطر.
• الطب الروحاني.
• فنون الأفنان في علوم القرآن.
• كتاب الأذكياء.
• كتاب الحمقى والمغفلين.
• لطائف المعارف فيما للموسم العام من الوظائف.
• لفتة الكبد إلى نصيحة الولد.
• مناقب عمر بن الخطاب.
• المنتظم في تاريخ الملوك والأمم.
• الناسخ والمنسوخ في الحديث.
• الوفا في فضائل المصطفى.
• اليواقيت في الخطب.


شعره
كان "ابن الجوزي" شاعرًا مجيدًا إلى جانب كونه أديبًا بارعًا وخطيبًا مفوهًا، وله أشعار حسنة كثيرة، منها قوله في الفخر:
مازلت أدرك ما غلا بل ما علا ++++ وأكابد النهج العسير الأطولا
تجري بي الآمال في حلباتـه ++++ جري السعيد إلى مدى ما أمّلا
لو كان هذا العلم شخصًا ناطقًا ++++ وسألته: هل زار مثلي؟ قال: لا
ومنها قوله في الزهد والقناعة:
إذا قنعت بميسور من القوت ++++ بقيت في الناس حرًا غير ممقوت
يا قوت يومي إذا ما در خلفك لي ++++ فلست آسي على در وياقوت
وأوصى أن يُكتب على قبره:
يا كثير العفو عمن ++++ كثر الذنب لديه
جاءك المذنب يرجو ++++ الصفح عن جرم يديه
أنا ضيف وجزاء ++++ الضيف إحسان لديه


وفاته
توفي "ابن الجوزي" ليلة الجمعة [ 12 من رمضان 597هـ= 16 من يونيو 1200] عن عمر بلغ سبعا وثمانين سنة بعد أن مرض خمسة أيام، فبكاه أهل بغداد، وازدحموا على جنازته، حتى أقفلت الأسواق، فكان ذلك يومًا مشهورًا مشهودًا، يشهد بمكانة "ابن الجوزي" وحب الناس له.


من مصادر الدراسة:
• البداية والنهاية: عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي-تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي ـ دار هجر للطباعة والنشر ـ القاهرة [ 1419هـ= 1998م].
• شذرات الذهب في أخبار من ذهب: أبو الفتح عبد الحي بن العماد الحنبلي ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت [د.ت].
• العبر في خبر من غبر: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي- تحقيق: أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت: [1405هـ= 1985مم]
• الكامل في التاريخ: ابن الأثير: أبو الحسن على بن أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني- دار صادر ـ بيروت ـ [د.ت].
• النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي الأتابكي ـ تحقيق: محمد حسين شمس الدين ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت: [1413هـ= 1992م].
• وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان ـ تحقيق: د. إحسان عباس ـ دار الثقافة ـ بيروت [د.ت].

B-happy 8 - 12 - 2009 10:32 PM

ابن الأثير سنة 261 هجرية


أبو السعادات مجد الدين المبارك بن محمد بن محمد، محدث لغوى أصولى له النهاية فى غريب الحديث، وجامع الأصول وغيرها.

إبن السبكى سنة 771 هجرية

عبد الوهاب بن على بن عبد الكافى السبكى أبو نصر قاضى القضاه المؤرخ الباحث ولد فى القاهرة وانتقل إلى دمشق مع والده فسكنها وتوفى بها نسبه الى "سبك" من أعمال المنوفية بمصر، وهو صاحب طبقات الشافعية : جامع الجوامع.
ابن الصلاح


حمل الأئمة المحققون من السلف الصالح تكاليف الجهاد العلمي منذ أن نشطت حلقات العلم، وازدهرت حركة التأليف في القرون الأولى، وكان كل جيل يسلم ما لديه من أمانة العلم إلى من خلفه، فيحمل المشعل المتّقد، ويصونه ويسدّ ثغراته، ويكمل ما يحتاج إلى إكمال وتنظيم.

وفي الوقت الذي نشطت فيه حركة جمع الحديث، ووضع المؤلفات الجامعة، كانت توضع الضوابط الدقيقة للأسانيد والرواة، والآليات التي تمكّن من البصر بعلل المرويات ومظان الوهم أو التدليس والخطأ.

وكان جهابذة المحدثين يجمعون بين الاشتغال بالرواية والجمع وتصنيف السنن والصحاح من جانب، والبصر بالأسانيد ومعرفة الرجال: كأحمد بن حنبل، والبخاري، ومسلم من جانب آخر، وقد يغلب جانب على آخر، فتغلب مشاركة صاحبه في التأليف فيه.
وكانت دواوين السنة أسبق في الظهور من الكتب التي تتعلق بعلم الحديث الذي يتناول الرواية وشروطها، وأنواعها، وأحكامها، وحال الرواة، وشروطهم، وأصناف الكتب التي تجمع الحديث من الجوامع، والسنن، والمسانيد، والمعاجم، وغيرها.

ويعد القاضي "أبو محمد الرامَهُرمزي" المتوفى سنة (360 هـ = 970م) أول من صنف في هذا الفن الذي يُعرف بعلم الحديث، وقعّد قواعده، وأرسى أصوله، في كتابه "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي"، وإن لم يستوعب جميع أبحاث هذا الفن، ثم جاء الحاكم النيسابوري، صاحب "المستدرك على الصحيحين" المتوفَّى سنة (405هـ = 1014م)، فخطا بهذا الفن خطوات واسعة، في كتابه "معرفة علوم الحديث"، وهو الكتاب الذي سار على نهجه من صنفوا بعده الكتب الجامعة في علوم الحديث.

ثم جاء الحافظ أبو بكر البغدادي المتوفى سنة (463هـ=1070م)، فعكف على تحرير مناهج المحدثين من شوائب الخلل التي طرأت عليها، فصنف عدة كتب لمعالجة هذا الأمر، فوضع في أصول الحديث كتابه "الكفاية في علم الرواية"، وألف في آداب الرواية كتابه "الجامع لآداب الشيخ والسامع".

وأسهم علماء المغرب في هذا الفن، وكان قد صار دار حديث ورواية، وأنجب أفذاذًا من المحدثين، فيضع حافظ المغرب "القاضي عياض" المتوفى سنة (544هـ = 11449م) كتابه المعروف "الإلماع في ضبط الرواية وتقييد السماع".
وفي القرن السابع الهجري يتقدم "ابن الصلاح" المتوفى (643هـ=1245م) فيحيي تراث السلف الصالح في هذا الفن، ويعيد إليه حيويته ونضارته بكتابه المعروف بـ"مقدمة ابن الصلاح"، الذي يعد عمدة في المنهج النقلي لتوثيق المصادر وتحقيق النصوص في مجال الدراسات الإسلامية.


المولد والنشأة
في سنة (577 هـ = 1181م) وُلد "تقي الدين عثمان بن الصلاح عبد الرحمن بن عثمان" في بلدة "شرخان" قرب "شهرزور" التابعة لإربل بالعراق، وغلب عليه لقب أبيه الصلاح عبد الرحمن، فصار لا يعرف إلا به. وكان والده من مشايخ بلدته، فأولاه عنايته؛ حيث عهد به إلى من حفّظه القرآن وعلمه التجويد، ثم تلقى على يديه علومه الأولى في الفقه، وقد أرسله إلى "الموصل" فسمع الحديث من "أبي جعفر عبيد الله بن أحمد" المعروف بابن السمين، فكان أول شيوخه بعد أبيه، ثم تردد على عدد من علماء الموصل يسمع منهم الحديث، ولزم أستاذه "عماد الدين أبا أحمد بن يونس" الذي اصطفاه معيدًا له، فأقام لديه فترة، ثم بدأ الرحلة في طلب الحديث، فرحل إلى همذان ونيسابور ومرو وبغداد ودمشق يسمع من أعلامها ويروي عنهم.


الاشتغال بالتدريس
وبعد هذه السياحة الطويلة في طلب العلم، استقر في مدينة القدس في بادئ الأمر مدرسًا بالمدرسة الصلاحية نسبة إلى صلاح الدين الأيوبي، وأقبل الناس عليه لِمَا رأوا من علمه وتقواه، ثم انتقل إلى دمشق تسبقه شهرته وفضله، فتولى التدريس في المدرسة الرواحية، ولَمّا بنى الملك الأشرف ابن الملك العادل دار الحديث الأشرفية، تولى ابن الصلاح أمرها والتدريس بها، ثم عهد إليه- إلى جانب ذلك- التدريس في مدرسة "ست الشام"، وهي المدرسة التي أنشأتها "زمرد خاتون" بنت "أيوب" زوجة "ناصر الدين بن أسد الدين شيركوه" صاحب حمص.
ويذكر المؤرخ الكبير ابن خلكان أنه قدم عليه في (شوال 632هـ=مايو 1235م) وأقام عنده، وذكر أنه كان يقوم بوظائفه على خير وجه دون إخلال، وقد تتلمذ عليه كثيرون، منهم: ابن خلكان، وفخر الدين عمر بن يحيى الكرجي، وزين الدين الفارقي، وغيرهم.


مقدمة ابن الصلاح
لم تشغله أعباء مناصبه عن الفتيا والتأليف، فصنّف في علوم الحديث والرواية، والرجال والفقه، بالإضافة إلى شروحه وأماليه وفتاواه، ومن تلك المؤلفات: "شرح صحيح مسلم"، و"أدب المفتي والمستفتي"، و"طبقات فقهاء الشافعية"، و"مشكل الوسيط في فقه الشافعية"، و"مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث"، وقد جمع في هذا الكتاب ما انتهت إليه جهود العلماء الذين سبقوه من المشارقة والمغاربة، وأحسن تصنيفها وثبوتها.

وقد تلقت الأمة هذا الكتاب بالقبول، واستأثر بمنزلة خاصة عند العلماء في عصر ابن الصلاح والعصور التي تلته، وتتابع عليه العلماء شرحًا وتلخيصًا ونظمًا، وعَدُّوه من أحسن ما صنف أهل الحديث في معرفة اصطلاح الحديث.
فلخصه الإمام محيي الدين النووي المتوفى سنة (676هـ = 1277م) في كتاب سماه "الإرشاد إلى علم الإسناد"، ثم اختصر التلخيص في كتابه "التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير"، وهو الذي شرحه الحافظ السيوطي في كتابه التدريب، كما اختصر المقدمة قاضي القضاة "بدر الدين بن جماعة" المتوفى سنة (733هـ=1332م) في كتابه "مختصر مقدمة ابن الصلاح".

وقد نظّم قاضي "القضاة شهاب الدين الخولي" المتوفى سنة (693هـ = 12933م) مقدمة ابن الصلاح شعرًا في أرجوزته "أقصى الأمل والسول في علوم أحاديث الرسول"، وقام بهذا العلم أيضًا الحافظ "زين الدين العراقي" في ألفيته (أي ألف بيت) المعروفة بألفية العراقي، وعمل لها شرحًا سماه "فتح المغيث".
وقام جماعة من كبار حفاظ الحديث فوضعوا شروحًا لتلك المقدمة، يأتي في مقدمتها: "محاسن الاصطلاح" لسراج الدين البلقيني المتوفى (805هـ=1402م)، و"التقييد وإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح" لزين الدين العراقي المتوفى (806هـ=1403م)، ويجدر بالذكر أن الدكتورة "عائشة عبد الرحمن" قد نشرت في مصر مقدمة "ابن الصلاح" مع كتاب "محاسن الاصطلاح" نشرة علمية دقيقة، مع مقدمة نفيسة، سنة (1394هـ = 1974م).


وفاة ابن الصلاح
وبعد حياة حافلة تُوفي ابن الصلاح في دمشق في سحر الأربعاء الموافق (25من ربيع الآخر 643هـ = 19من سبتمبر 1245م)، وقد ازدحم الناس للصلاة عليه، وتم دفنه في مقابر الصوفية.


من مصادر الدراسة:
• تاج الدين السبكي- طبقات الشافعية الكبرى- تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو ومحمود محمد الطناحي- هجر للطباعة والنشر- القاهرة (1413 هـ = 1992).
• ابن خلكان- وفيات الأعيان- تحقيق إحسان عباس- دار صادر- بيروت- بدون تاريخ.
• الذهبي- سير أعلام النبلاء- تحقيق بشار عواد معروف ومحيي هلال السرحان- المجلد (23)- مؤسسة الرسالة- بيروت (1412 هـ = 1992م).
• عائشة عبد الرحمن- مقدمة تحقيقها لكتابي مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح- دار الكتب المصرية- القاهرة (1994م).

B-happy 8 - 12 - 2009 10:33 PM

إبن العربي


مؤلف هذا التفسير هو‏:‏ أحد الأعلام الكبار ـ ختام علماء الأندلس وآخر أئمتها وحفاظها القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد ـ المعافري الأندلسي الاشبيلي‏.‏

ولدأبو بكر سنة‏468‏ هجرية وتأدب ببلده وقرأ القراءات وسمع به من أبي عبد الله بن منظور وأبي محمد بن خزرج ثم انتقل ورحل إلي جملة من البلاد والأقطار فسمع العلم في بلاد الاندلس وبخاصة قرطبة التي زخرت بالعلماء
له شهرة في فنه وعلمه فعن هؤلاء وهؤلاء أخذ جملة من الفنون حتي اتقن الفقه والأصول وقيد الحديث واتسع في الرواية واتقن مسائل الخلاف والكلام وتبحر في التفسير وبرع في الأدب والشعر‏.‏

وأخيرا وبعد هذه الرحلات المتوالية والجد في طلب العلم عاد ابن العربي وفي جعبته العلم الكثير‏.‏
كان متقدما في المعارف كلها ـ متكلما في أنواعها ـ نافذا في جمعها ـ وحريصا علي أدائها ونشرها حتي قالوا عنه‏:‏

إنه أحد من بلغ مرتبة الاجتهاد واحد من انفرد بالاندلس بعلو الإسناد ويجمع إلي ذلك كله‏:‏
آداب الاخلاق مع حسن المعاشرة وكثرة الاحتمال ـ وكرم النفس وحسن العهد وثبات الود وغير ذلك من صفات العلماء العاملين الذين يألفون ويؤلفون رضي الله عنه وارضاه‏.‏ واستقضي أبو بكر ببلده فنفع الله به أهلها لصرامته وشدته ونفوذ أحكامه وكانت له في الظالمين سورة مرهوبة يؤثر عنه في قضائه احكام غريبة ثم صرف عن القضاء وأقبل علي نشر العلم وبثه‏.‏ وكان نصيحا أديبا شاعرا كثير الخير مليح المجلس يتعرض تفسير ابن العربي‏:‏ أحكام القرآن لآيات الأحكام في القرآن الكريم كما يظهر من اسمه ـ وطريقه في تفسيره‏:‏ أن يذكر السورة ـ ثم يذكر عدد ما فيها من آيات الاحكام ثم يأخذ في شرحها آية آية قائلا‏:‏ الآية الأولي وفيها خمس مسائل مثلا‏.‏

والآية الثانية وفيها سبع مسائل مثلا‏..‏ وهكذا حتي يفرغ من آيات الاحكام الموجودة في السورة كلها‏.‏
وكتاب أحكام القرآن يعتبر مرجعا مهما للتفسير الفقهي عند المالكية وذلك لأن ابن العربي كان مالكي المذهب كثير التعصب له والدفاع عنه‏.‏

والذي يتصفح هذا التفسير يلمس منه روح الإنصاف لمخالفيه أحيانا ـ كما يلمس منه روح التعصب المذهبي التي تستولي علي صاحبها فتجعله أحيانا كثيرة يرمي مخالفيه وان كان اماما له قيمته ومركزه بالكلمات المقذعة اللاذعة تارة بالتصريح وتارة بالتلميح‏.‏
فإذا أضيف إلي ذلك ما ذكرناه من قبل إنه جمع آداب الاخلاق وحسن المعاشرة وكثرة الاحتمال وكرم النفس وحسن العهد وثبات الود‏..‏ إذا أضيف ذلك علمنا أن ما كتبه ابن العربي في كتبه كلها انما هو محوط بسياج الروح العلمية الاسلامية الكريمة من عالم جمع إلي العلم وفضله العمل به والسير علي منواله‏.
ابن العطار توفى سنة 724 هجرية


على بن إبراهيم بن داود بن سليمان ، أبو حسن علاء الدين بن العطار ، من أهل دمشق ، كان أبوه عطارا وجده طبيبا ، باشر مشيخة المدرسة النورية ثلاثين سنة ، له مصنفات منها الوثائق المجموعة ، والاعتقاد الخالص من الشك والانتقاد وغيرهما.
ابن العماد توفى سنة 808 هجرية


أحمد بن عماد بن يوسف بن عبد النبى أبو العباس شهاب الدين الأقفهسى ، وسمى القاهرى ، فقيه شافعى له تصانيف منها التعقبات على المهمات وشرح المنهاج والمعفوات فى الفقه ونسب إلى أقفهس من البهنسا بمصر.
ابن القصار توفى سنة 398 هجرية


على بن أحمد البغدادى القاضى أبو الحسن المعروف بابن القصار، تفقه على الأبهرى، وله كتاب فى مسائل الخلاف، كان أصوليا ولى قضاء بغداد قال أبو ذر هو أفقه من رأيت من المالكيين، وكان ثقة قليل الحديث

B-happy 8 - 12 - 2009 10:33 PM

ابن القيم




نسبه ونسبته:
هو الفقيه، المفتي، الإمام الربّاني شيخ الإسلام الثاني أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزُّرعي ثم الدِّمشقي الشهير بـ"ابن قيم الجوزية" لا غيره خلافًا للكوثري الذي نبزه بـ"ابن زفيل" .


ولادته:
ولد -رحمه الله- في السابع من شهر صفر الخير سنة (691هـ).


أسرته ونشأته وطلبه للعلم:
نشأ ابن قيِّم الجوزية في جوِّ علمي في كنف والده الشيخ الصالح قيم الجوزية، وأخذ عنه الفرائض، وذكرت كتب التراجم بعض أفراد أسرته كابن أخيه أبي الفداء عماد الدين إسماعيل بن زين الدين عبد الرحمن الذي اقتنى أكثر مكتبة عمّه، وأبناؤه عبد الله وإبراهيم، وكلهم معروف بالعلم وطلبه.
وعُرف عن ابن قيم الجوزية -رحمه الله- الرغبة الصادقة الجامحة في طلب العلم، والجَلَد والتَّفاني في البحث منذ نعومة أظفاره؛ فقد سمع من الشِّهاب العابر المتوفى سنة (697هـ) فقال -رحمه الله- : "وسمّعت عليه عدّة أجزاء، ولم يتفق لي قراءة هذا العلم عليه؛ لصغر السِّنِّ ، واخترام المنية له -رحمه الله- " وبهذا يكون قد بدأ الطلب لسبع سنين مضت من عمره.


رحلاته:
قَدم ابن قيّم الجوزية -رحمه الله- القاهرة غير مرّة ، وناظر ، وذاكر.
وقد أشار إلى ذلك المقريزي فقال : "وقدم القاهرة غير مرّة" .
قال: "وذاكرت مرة بعض رؤساء الطب بمصر" .
وقال: "وقد جرت لي مناظرة بمصر مع أكبر من يشير إليه اليهود بالعلم والرياسة" .
وزار بيت المقدس، وأعطى فيها دروسًا.
قال: "ومثله لي قلته في القدس" .
وكان -رحمه الله- كثير الحجِّ والمجاورة كما ذكر في بعض كتبه. قال ابن رجب: وحج مرات كثيرةً، وجاور بمكة، وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدّة العبادة وكثرة الطواف أمرًا يُتعجب منه" .


مكتبته:
كان ابن قيّم الجوزية -رحمه الله- مُغرمًا بجمع الكتب، وهذا دليلُ الرَّغبة الصّادقة للعلم بحثًا وتصنيفًا، وقراءةً وإقراءً يظهر ذلك في غزارة المادة العلمية في مؤلفاته، والقدرة العجيبة على حشد الأدلة.
وقد وصف تلاميذه -رحمهم الله- مكتبته فأجادوا:
قال ابن رجب: "وكان شديد المحبة للعلم وكتابته ومطالعته وتصنيفه، واقتناء الكتب، واقتنى من الكتب ما لم يحصل لغيره" .
وقال ابن كثير -رحمه الله-: "واقتنى من الكتب ما لم لا يتهيأ لغيره تحصيل عُشْرِه من كتب السلف والخلف" .
قلت: ومع هذا كله يقول بتواضع جم: "بحسب بضاعتنا المزجاة من الكتب" .
ورحم اللهُ شيخه شيخَ الإسلام ابن تيمية القائل: "فمن نوّر الله قلبه هداه ما يبلغه من ذلك، ومن أعماه لم تزدْهُ كثرةُ الكتب إلا حيرة وضلالةً" .


مشاهير شيوخه:
تلقى ابن قيم الجوزية -رحمه الله- العلم على كثير من المشايخ ، ومنهم:
1- قيم الجوزية والده -رحمه الله-.
2- شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لازمه ، وتفقه به، وقرأ عليه كثيرًا من الكتب ، وبدأت ملازمته له سنة (712هـ) حتى توفي شيخ الإسلام سجينًا في قلعة دمشق (728هـ).
3- المزي -رحمه الله- .


تلاميذه :
1- ابن رجب الحنبلي ، صرح بأنه شيخه، ثم قال: "ولازمت مجالسه قبل موته أزيد من سنة ، وسمّعت عليه قصيدته النونية الطويلة في السّنة ، وأشياء من تصانيفه وغيرها" .
2- ابن كثير -رحمه الله- قال : "وكنت من أصحب الناس له وأحبّ الناس إليه" .
3- الذهبي -رحمه الله- ترجم لابن القيم الجوزية في "المعجم المختص" بشيوخه .
4- ابن عبد الهادي -رحمه الله- ؛ كما قال ابن رجب: "وكان الفضلاء يعظمونه ويتتلمذون له كابن عبد الهادي وغيره" .
5- الفيروزآبادي صاحب "القاموس المحيط" ، كما قال الشوكاني: "ثم ارتحل إلى دمشق فدخلها سنة (755هـ) فسمع من التقي السبكي وجماعة زيادة عن مائة كابن القيم" .


علاقته بشيخه ابن تيمية ومنهجه :
بدأت ملازمة ابن قيم الجوزية لشيخ الإسلام ابن تيمية عند قدومه إلى دمشق سنة (712هـ) ، واستمرت إلى وفاة الشيخ سنة (728هـ) ، وبهذا تكون مدة مرافقة ابن قيم الجوزية لشيخه ستة عشر عامًا بقي طيلتها قريبًا منه يتلقى عنه علمًا جمًا ، وقرأ عليه فنونًا كثيرة.
قال الصفدي: "قرأ عليه قطعة من "المحرّر" لجدّه المجد، وقرأ عليه من "المحصول" ، ومن كتاب "الأحكام" للسيف الآمدي، وقرأ عليه قطعة من "الأربعين" و"المحصل" وقرأ عليه كثيرًا من تصانيفه" .

وبدأت هذه الملازمة بتوبة ابن قيم الجوزية على يدي شيخه ابن تيمية ؛ كما أشار إلى ذلك بقوله

يـا قـوم والله العظيـم نصـيحة مـن مشـفق وأخ لكـم معـوان
جربت هـذا كلـه ووقعت فـي تلك الشبــاك وكنت ذا طيـران
حتى أتـاح لـي الإلـه بفضلـه مـن ليس تجـزيه يـدي ولسـاني
فتـى أتى مـن أرض حـرّان فيا أهلًا بمـن قـد جـاء من حــران

وكان لهذه الملازمة أثرٌ بالغٌ في نفس ابن قيم الجوزية ؛ فشارك شيخه في الذَّبِّ عن المنهج السلفي، وحمل رايتَه من بعده ، وتحرر من كل تبعية لغير كتاب الله وسُنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بفهم السلف الصالح.
قال الشوكاني : "وليس له على غير الدليل مُعَوَّل في الغالب، وقد يميل نادرًا إلى المذهب الذي نشأ عليه، ولكنه لا يتجاسر على الدَّفع في وجوه الأدلة بالمحامل الباردة ؛ كما يفعله غيرُه من المتمذهبين، بل لا بد له من مستند في ذلك ، وغالب أبحاثه الإنصافُ والميلُ مع الدليل حيث مال، وعدم التعويل على القيل والقال، وإذا استوعب الكلام في بحث وطوَّل ذيولَه أتى بما لم يأت به غيره، وساق ما ينشرح له صدورُ الراغبين في أخذ مذاهبهم عن الدليل، وأظنها سرت إليه بركةُ ملازمته لشيخه ابن تيمية في السَّراء والضّراء والقيام معه في محنه، ومواساته بنفسه، وطول تردده إليه.
وبالجملة فهو أحد من قام بنشر السُّنة، وجعلها بينه وبين الآراء المحدثة أعظم جُنَّة ، فرحمه الله وجزاه عن المسلمين خيرًا .
ومع هذا كله فلم يكن ابن قيم الجوزية -رحمه الله- نسخةً من شيخه ابن تيمية، بل كان متفننًا في علوم شتى -باتفاق المتقدمين والمتأخرين- تدل على علو كعبه، ورسوخه في العلم.
وكيف يكون ابن قيم الجوزية مُرَدِّدًا لصدى صوت شيخه ابن تيمية -رحمه الله- وهو ينكرُ التقليدَ ويحاربُه بكلِّ ما أتي من حَوْل وقوَّة؟!


ثناء العلماء عليه:
قال ابن كثير -رحمه الله- : "سمع الحديث ، واشتغل بالعلم ، وبرع في علوم متعددة ، ولا سيما علم التفسير والحديث الأصلين ، ولما عاد الشيخُ تقي الدين ابن تيمية من الدّيار المصرية في سنة ثنتي عشرة وسبعمائة لازمه إلى أن مات الشيخ، فأخذ عنه علمًا جمًّا ، مع ما سلف له من الاشتغال؛ فصار فريدًا في بابه في فنون كثيرة، مع كثرة الطَّلَب ليلًا ونهارًا، وكثرة الابتهال ، وكان حسنَ القراءة والخُلُق ، وكثيرَ التَّودُّد لا يحسدُ أحدًا ولا يؤذيه ، ولا يستغيبُه ولا يحقدُ على أحد ، وكنت أصحب الناس له ، وأحب الناس إليه ، ولا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثرَ عبادة منه، وكانت له طريقةٌ في الصلاة يطيلها جدًا ، ويمدُّ ركوعَه وسجودَه ويلومُه كثير من أصحابه في بعض الأحيان ، فلا يرجع ولا ينزع عن ذلك -رحمه الله- ، وله من التّصانيف الكِبار والصِّغار شيءٌ كثير ، وكتَبَ بخطّه الحسنِ شيئًا كثيرًا ، واقتنى من الكتب ما لا يتهيأ لغيره تحصيل عشره من كتب السلف والخلف.

وبالجملة كان قليلَ النظير في مجموعه وأموره وأحواله ، والغالب عليه الخيرُ والأخلاقُ الصالحةُ ، سامحه الله ورحمه" .
قال ابن رجب -رحمه الله- : "وتفقه في المذهب ، وبرع وأفتى ، ولازم الشيخ تقي الدين وأخذ عنه ، وتفنَّن في علوم الإسلام ، وكان عارفًا بالتفسير لا يجارى فيه ، وبأصول الدين ، وإليه فيهما المنتهى ، والحديث معانيه وفقهه ، ودقائق الاستنباط منه ، لا يُلحق في ذلك ، وبالفقه وأصوله وبالعربية ، وله فيها اليَدُ الطولى ، وتعلم الكلام والنَّحو وغير ذلك ، وكان عالمًا بعلم السّلوك ، وكلام أهل التّصوف وإشاراتهم ودقائقهم ، له في كل فَنّ من هذه الفنون اليد الطولى.
وكان -رحمه الله- ذا عبادة وتَهَجد ، وطول صلاة إلى الغاية القصوى ، وَتَألُّه ولهج بالذّكر ، وشغف بالمحبة ، والإنابة والاستغفار ، والافتقار إلى الله والانكسار له ، والاطراح بين يديه على عتبة عبوديته ، لم أشاهد مثله في ذلك ، ولا رأيت أوسع منه علمًا ، ولا أعْرَف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه، وليس هو المعصوم، ولكن لم أر في معناه مثله " .
وقال ابن ناصر الدين الدمشقي -رحمه الله- : "وكان ذا فنون في العلوم ، وخاصة التفسير والأصول في المنطوق والمفهوم" .
وقال السيوطي -رحمه الله- : "قد صَنَّفَ ، وناظر ، واجتهد ، وصار من الأئمة الكبار في التفسير والحديث ، والفروع ، والأصلين ، والعربية" .


مؤلفاته :
ضرب ابن قيم الجوزية بحظ وافر في علوم شتى يظهر هذا الأمر جَليًّا لمن استقصى كتبه التي كانت للمتقين إمامًا، وأفاد منها الموافق والمخالف.

قال ابن حجر -رحمه الله- ، "ولو لم يكن للشيخ تقي الدين من المناقب إلا تلميذه الشهير الشيخ شمس الدين ابن قيم الجوزية صاحب التصانيف النافعة السائرة التي انتفع بها الموافق والمخالف لكان غاية في الدلالة على عظم منزلته" .
وإليك أشهرها مرتَّبة على حروف المعجم:

1- اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية.
2- أحكام أهل الذمة.
3- إعلام الموقعين عن رب العالمين.
4- إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان.
5- بدائع الفوائد.
6- تحفة المودود في أحكام المولود.
7- تهذيب مختصر سنن أبي داود.
8- الجواب الكافي، وهو المسمى "الداء والدواء".
9- جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على محمد -صلى الله عليه وسلم- خير الأنام.
10- حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح.
11- حكم تارك الصلاة.
12- "الرسالة التبوكية "وهو الذي بين يديك.
13- روضة المحبين ونزهة المشتاقين.
14- الروح.
15- زاد المعاد في هدي خير العباد.
16- شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل.
17- الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة.
18- طريق الهجرتين وباب السعادتين.
19- الطرق الحكمية في السياسة الشرعية.
20- عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، وقد انتهيت من تحقيقه بحمد الله وفضله على نسختين خطيتين.
21- الفروسية.
22- الفوائد.
23- الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية ، وهي "القصيدة النونية".
24- الكلام على مسألة السماع.
25- مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.
26- مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة.
27- المنار المنيف في الصحيح والضعيف.
28- هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى.
29- الوابل الصيب في الكلم الطيب.


محنة وثبات :
حُبس مع شيخه ابن تيمية في المرة الأخيرة في القلعة منفردًا عنه بعد أن أهين وطيف به على جمل مضروبًا بالدرة سنة (726هـ) ، ولم يفرج عنه إلا بعد موت شيخه سنة (728هـ) .
وحبس مرة لإنكاره شدّ الرحال إلى قبر الخليل.
قال ابن رجب -رحمه الله- : "وقد امتحن وأوذي مرات" .


وفاته :
توفي -رحمه الله- ليلة الخميس ثالث عشرين من رجب الفرد سنة (751هـ) ، ودفن بدمشق بمقبرة الباب الصغير -رحمه الله- وأسكنه الفردوس الأعلى ، وجمعنا وإياه في عليين مع النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين ، وحسن أولئك رفيقًا.


مصادر ترجمته:
1- "أبجد العلوم" ، صديق حسن خان ، (3 / 138).
2- "البداية والنهاية" ، ابن كثير ، (14 / 234).
3- "البدر الطالع" ، الشوكاني ، (2 / 143).
4- "بغية الوعاة" ، للسيوطي ، (1 / 62).
5- "التاج المكلل" ، صديق حسن خان ، (ص416).
6- "الدرر الكامنة" ، ابن حجر ، (4 / 21-23).
7- "ذيل طبقات الحنابلة" ، ابن رجب ، (2 / 447).
8- "ذيل العبر في خبر من عبر" ، (5 / 282).
9- "الرد الوافر" ابن ناصر الدين الدمشقي (ص68).
10- "شذرات الذهب" ، ابن العماد ، (6 / 168).
11- "طبقات المفسرين" ، للداوودي ، (2 / 93).
12- "الفتح المبين في طبقات الأصوليين" ، المراغي ، (2 / 76).
وقد صنفت كتب مفردة مثل:
1- "ابن قيم الجوزية" ، محمد مسلم الغنيمي.
2- "ابن قيم الجوزية حياته وآثاره" ، بكر بن عبد الله أبو زيد.
3- "ابن قيم الجوزية وموقفه من التفكير الإسلامي" ، عوض الله حجازي.
4- "ابن القيم وآثاره العلمية" ، أحمد ماهر البقري.
5- "ابن القيم اللغوي" ، أحمد ماهر البقري.
6- "ابن قيم الجوزية عصره ومنهجه" ، عبد العظيم عبد السلام.

B-happy 8 - 12 - 2009 10:35 PM

ابن اللبان سنة 478 هجرية




أبو الحسين بن اللبان محمد بن عبدالله بن الحسن عالم وقته فى الفرائض والمواريث من أهل البصرة له كتب فى الفرائض ، قال السبكى ليس لأحد مثلها.
ابن المنذر سنة 277 هجرية




محمد بن ادريس بن المنذر بن داود بن مهرأن أبو حاتم الحنظلى الرازى كان أحد الأئمة الحفاظ سمع محمد بن عبدالله الانصارى وأبا زيد النحوى وعثمان بن الهيثم المؤذن والأمام أحمد و آخرين وروى عنه يونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان الريان وغيرهما. قدم بغداد وحدث ب هجريةا. وأول كتبه الحديث سنه تسع ومائتين
ابن بطال سنة 404 هجرية




سليمان بن محمد بن بطال البطليوسى فقيه باحث تعلم بقرطبة واشتهر بكتابه المقنع فى أصول الأحكام الذى قيل فيه أنه لا يستغنى عنه الحكام .
ابن تيميّـة


إسمه ونسبه
هو شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن عبدالله بن محمد الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبدالله بن تيمية الحراني ثم الدمشقي.
وتيمية هي والدة جدة الأعلى محمد . وكانت واعظة راوية.
ولد رحمه الله يوم الأثنين العاشر من ربيع الأول ، بحران سنة 661هـ ولما بلغ سبع سنوات من عمره إنتقل مع والده إلى دمشق ، هربا من التتار .

نشأته
نشا في بيت علم وفقه ودين، فأبوه و أجداده وإخوانه وكثير من أعمامه كانوا من العلماء المشاهير، منهم جده الأعلى الرابع محمد بن الخضر، ومنهم عبدالحليم بن محمد بن تيمية، وعبدالغني بن محمد بن تيمية ، و حده الأدنى عبدالسلام بن عبدالله بن تيمية مجد الدين أبو البركات صاحب التصانيف التي منها : المنتقى من أحاديث الأحكام وقد قام الشوكاني بشرحه في كتابه "نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار"، والمجرد في الفقه والمسودة في الأصول وغيرها،وكذلك أبوه و أخوه عبدالرحمن وغيرهم.
وفي هذه البيئة العلمية الصالحة كانت نشأة هذا العالم الجليل الذي بدأ بطلب العلم على والده وعلماء بلاده أولا، فحفظ القرآن وهو صغير، ودرس الحديث والفقه و الأصول والتفسير، وعرف بالذكاء والفطنة وقوة الحفظ والنجابة منذ صغره، ثم توسع في دراسة العلوم وتبحر فيها، وأجتمعت فيه صفات المجتهد وأعترف له بذلك الداني والقاصي والقريب والبعيد وعلماء عصره.

خصاله
تميز شيخ الإسلام إبن تيمية بالإضافة إلى العلم والفقه في الدين و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بخصال حميده فكان سخيا كريما، كثير العبادة والذكر والقرآن، وكان ورعا زاهدا متواضعا، ومع ذلك فقد كانت له هيبة عند السلطان وقصته مع سلطان التتار معروفه، كما عرف رحمه الله بالصبر وقوة الإحتمال في سبيل الله.

جهاده
جاهد شيخ الإسلام فارس المعقول والمنقول في الله حق جهاده، فقد حاهد بالسيف وحرضّ المسلمين على القتال بالقول و العمل، فقد كان يصول ويجول بسيفه في ساحات الوغى مع الفرسان والشجعان، والذين شاهدوه في القتال أثناء فتح عكا عجبوا من شجاعته وفتكه بالأعداء .
وقد قام بالدفاع عن دمشق عندما غزاها التتار، وحاربهم عند شقحب جنوبي دمشق وكتب الله هزيمة التتار، وبهذه المعركة سلمت بلاد الشام وفلسطين ومصر والحجاز.
وطلب من الحكام متابعة الجهاد لإبادة أعداء الأمة الذين كانوا عونا للغزاة، فأجج ذلك عليه حقد الحكام و حسد العلماء و الأقران ودس المنافقين والفجار، فناله الأذى والسجن والنفي والتعذيب فما لان و لاخضع .
وكانت كلمته المشهورة: "مايصنع أعدائي بي؟!! أنا جنتي وبستاني في صدري أنّى رحت، فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة" وكان يقول في سجنه: المحبوس من حبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه.
أما جهاده بالقلم واللسان فإنه رحمه الله وقف أمام أعداء الإسلام من أصحاب الملل والنحل والفرق والمذاهب الباطلة والبدع كالطود الشامخ فقد تصدى للفلاسفة، والباطنية، من صوفية، وإسماعيلية ونصيرية وروافض، كما تصدى للملاحدة والجهمية والمعتزلة والأشاعرة ولا تزال بحمد الله ردود الشيخ سلاحا فعالا ضد أعداء هذا الدين العظيم على مر الدوام وذلك لأنها إنما تستند على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهدي السلف الصالح، مع قوة الإستنباط، وقوة الإستدلال و الإحتجاج الشرعي والعقلي، وسعة العلم التي وهبها الله له ولا تزال ردود الشيخ وكتبه هي أقوى سلاح بعد كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم للتصدي لهذه الفرق الضالة والمذاهب الهدامة التي راجت اليوم وهي إمتداد للماضي، وغيّرت أسمائها فقط مثل البعثية و الإشتراكية و القومية و البهائية و القاديانية وغيرها من الفرق .

مؤلفاته و إنتاجه العلمي
يعتبر شيخ الإسلام من العلماء الأفذاذ الذين تركوا تراثا ضخما ثمينا، لايزال العلماء والباحثون ينهلون منه وقد ألف ابن قيم الجوزية كتب ورسائل شيخه ابن تيمية التي قام بتأليفها وهي مطبوعة.
وقد زادت مؤلفاته على ثلاثمائة مؤلف في مختلف العلوم، و منها ماهو في المجلدات المتعدده وهذه بعض مؤلفاته رحمه الله:
1 - بيان موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول (طبع في 11 مجلدا).
2 - إثبات المعاد .
3 - ثبوت النبوات عقلا ونقلا .
4 - الرد على الحلولية والإتحادية .
5 - الإستقامة (في مجلدين).
6 - مجموع فتاوى ابن تيمية : جمعها عبدالرحمن بن قاسم وتقع في (37) مجلدا.
7 - إصلاح الراعي والرعية.
8 - منهاج السنة .
9 - الإحتجاج بالقدر .
10 - الإيمان.
11 - حقيقة الصيام.
12 - الرسالة التدمرية.
13 - الرسالة الحموية.
14 - شرح حديث النزول.
15 - العبودية.
16 - المظالم المشتركة.
17 - الواسطة بين الحق والخلق.
18 - الفرقان بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان.
19 - الكلم الطيب.
20 - رفع أعلام عن الأئمة الأعلام.
21 - حجاب المرأة ولباسها في الصلاة.
22 - قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة.
23 - الرسالة العشرية.
24 - الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح.

وفاة شيخ الإسلام
توفي شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الحراني رحمه الله رحمة واسعة ليلة الإثنين العشرين من ذي القعده سنة(728) وعمره (67) عاما وهو مسجون بسجن القلعة بدمشق وحضر جنازته جمهور كبير جدا يفوق العدد.
ولمن أراد الإستزاده و الإطلاع عن سيرة هذا الشيخ الكبير والعالم النحرير والحجة القوية فعليه بالعودة إلى الكتب التي أولفت عنه رحمه الله رحمة واسعة وهي كثيرة ومنها:
1 - العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام أبن تيمية لتلميذه ابن عبدالهادي.
2 - الرد الوافر لابن ناصر الدين الدمشقي .
3 - الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية للبزاز.
4 - حياة ابن تيمية للبيطار.
5 - ابن تيمية للإستنبولي.
وغيرها كثير .
ابن جريح توفى سنة 489 هجرية




عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أبو الوليد، وأبو خالد فقيه الحرم المكى كان إمام أهل الحجاز فى عصره وهو أول من صنف التصانيف فى العلم بمكة

B-happy 8 - 12 - 2009 10:37 PM

ابن حجر




شيخ الإسلام: أبو الفضل، أحمد بن شيخ الإسلام علاء الدين علي، المعروف: بابن حجر العسقلاني المصري، صاحب: فتح الباري شرح صحيح البخاري، الإمام، العلامة، الحجة، هادي الناس إلى المحجة، له تصانيف على أكف القبول مرفوعة، وآثار حسنة لا مقطوعة ولا ممنوعة.

جمع من العلوم والفضائل والحسنات، والكمالات والمبرات، والتصنيفات والتأليفات، مالا يأتي عليه الحصر.
كان حافظا، دينا، ورعا، زاهدا، عابدا، مفسرا، شاعرا، فقيها، أصوليا، متكلما، ناقدا، بصيرا، جامعا ، حرر ترجمته جمع من الأعيان، وعدّوه في جملة البالغين إلى درجة الاجتهاد في هذا الشأن، منها: كتاب الجواهر والدرر، في ترجمة شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر.

وتشهد بفضائله، وغزارة علومه، وكثرة فواضله، تآليفه الموجودة بأيدي الناس، وقد رزق السعادة التامة، والإتقان الكبير، والإنصاف الكامل فيها، منها: بلوغ المرام من أدلة الأحكام، وهو كتاب لو خُطَّ بماء الذهب، وبيع بالأرواح والمهج، لما أدى حقه.
ومنها: الدرر الكامنة، في أعيان المائة الثامنة.
وكتاب: تلخيص الحبير، في تخريج أحاديث الرافعي الكبير.
وتعجيل المنفعة في رجال الأربعة، إلى غير ذلك من الرسائل المختصرة، والدفاتر المطولة، - والله يختص برحمته من يشاء -.

وهو الإمام، العلامة، حافظ العصر، قاضي القضاة، شيخ الإسلام.

ولد سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، وتوفي ليلة السبت المسفر صباحها، في ثامن عشر ذي الحجة، سنة ثمان وخمسين وثمانمائة، وكان عمره إذ ذاك تسعة وسبعين سنة، وأربعة أشهر، وعشرة أيام، وصلى عليه خلق كثير.
وتصانيفه أكثر من أن تحصى، وكلها أتقن من تأليفات السيوطي، وشهرته تغني عن إكثار المدح له، وإطالة ترجمته.
أفاده القنوجي رحمه الله في أبجد العلوم.

ابن حزم سنة 456 هجرية




على بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهرى أبومحمد. عالم الأندلس فى عصر ولد بقرطبة كانت له ولأبيه من قبله رياسة الوزارة وتدبير المملكة فزهد بها وانصرف إلى العلم والتأليف وكان يستنبط الأحكام من الكتاب والسنه، انتقد-كثيرا من الفقهاء توفى فى بادية لبلة بالأندلس وله فى الفقة كتاب المحلى وفى الأصول الأحكام

ابن خزيمة سنة 311




محمد بن إسحق بن خزيمة السلمى أمام نيسابور فى عصر كان فقيها مجتهدا عالما بالحديث مولده ووفاته بنيسابور ورحل إلى العراق والشام والجزيرة ومصر وله مصنفات كثيرة منها كتاب التوحيد واثبات صفات الرب.
إبن دقيق العيد


لم تكن القاهرة وحدها في العصر المملوكي حاضرة العلم في مصر، ومركز الإشعاع الثقافي وملتقى العلماء والفقهاء، بل نافستها مراكز أخرى في صعيد مصر، امتلأت بالمدارس ودور الحديث، وازدانت بأعلامها من رجال الفقه والحديث واللغة والأدب، وكانت إسنا وقوص وأسيوط وأخميم، وأسوان، ومنفلوط، تموج حركة ونشاطًا، بحلقات العلم التي تحتضنها ساحات المساجد وقاعات المدارس. ويذكر ابن دقماق المؤرخ المصري أنه كان بقوص وحدها ستة عشر مكانًا للتدريس، وبلغ من ازدهار الحركة العلمية بصعيد مصر في تلك الفترة المملوكية أن وضع الأدفوي كتابه المعروف "الطالع السعيد" وخصصه فقط لتراجم نجباء علماء الصعيد.


المولد والنشأة
في عرض البحر ولد ابن دقيق العيد، وأبواه متوجهان إلى الحجاز لأداء فريضة الحج في (25 من شعبان 625هـ=31 من يونيو 122م)، ولما قدم أبوه مكة حمله، وطاف به البيت، وسأل الله أن يجعله عالمًا عاملاً.
ونشأ ابن دقيق العيد في قوص بين أسرة كريمة، تعد من أشرف بيوتات الصعيد وأكرمها حسبًا ونسبًا، وأشهرها علمًا وأدبًا، فأبوه أبو الحسن علي بن وهب عالم جليل، مشهود له بالتقدم في الحديث والفقه والأصول، وعُرف جده لأبيه بالعلم والتقى والورع، وكانت أمه من أصل كريم، وحسبها شرفًا أن أباها هو الإمام تقي الدين بن المفرج الذي شُدّت إليه الرحال، وقصده طلاب العلم.
وتعود سبب شهرته باسم ابن دقيق العيد، أن جده "مطيعًا" كان يلبس في يوم عيد طيلسانًا ناصع البياض، فقيل كأنه دقيق العيد، فسمي به، وعُرف مطيع بدقيق العيد، ولما كان "علي بن وهب" حفيده دعاه الناس بابن دقيق العيد، واشتهر به ابنه تقي الدين أيضًا، فأصبح لا يُعرف إلا به.
بدأ ابن دقيق العيد طريق العلم بحفظ القرآن الكريم، ثم تردد على حلقات العلماء في قوص، فدرس الفقه المالكي على أبيه، والفقه الشافعي على تلميذ أبيه البهاء القفطي، ودرس علوم العربية على محمد أبي الفضل المرسي، ثم ارتحل إلى القاهرة واتصل بالعز بن عبد السلام، فأخذ عنه الفقه الشافعي والأصول، ولازمه حتى وفاته. ثم تطلعت نفسه إلى الرحلة في طلب العلم، وملاقاة العلماء، فارتحل إلى دمشق في سنة (660هـ=1261م) وسمع من علمائها ثم عاد إلى مصر.


قيامه بالتدريس والتأليف
استقر ابن دقيق العيد بمدينة قوص بعد رحلته في طلب الحديث، وتولى قضاءها على مذهب المالكية، وكان في السابعة والثلاثين من عمره، ولم يستمر في هذا المنصب كثيرًا، فتركه وولى وجهه شطر القاهرة وهو دون الأربعين، وأقام بها تسبقه شهرته في التمكن من الفقه، والمعرفة الواسعة بالحديث وعلومه.

وفي القاهرة درس الحديث النبوي في دار الحديث الكاملية، وهي المدرسة التي بناها السلطان الكامل سنة (621هـ=1224م)، ثم تولى مشيختها بعد ذلك، وكان على تبحره في علوم الحديث يتسدد في روايته، فلا يروي حديثًا إلى عن تحرٍّ واحتراز، ومن ثم كان قليل التحديث لا عن قلة ما يحفظه ولكن مبالغة في التحري والدقة. ويصف ابن سيد الناس مكانة شيخه ابن دقيق العيد في هذا الفن بقوله: "وكان للعلوم جامعًا، وفي فنونها بارعًا مقدمًا في معرفة علل الحديث على أقرانه، منفردًا بهذا الفن النفيس في زمانه". ولابن دقيق العيد كتاب عمدة في علم مصطلح الحديث سماه "الاقتراح في معرفة الاصطلاح" والكتاب مطبوع نشرته وزارة الأوقاف بالعراق.

ودرّس الفقه الشافعي في المدرسة الناصرية التي أنشأها صلاح الدين الأيوبي بجوار قبة الإمام الشافعي، ولما كان شيخًا قد تضلّع في الفقه وأحاط بمسائله في المذهبين المالكي والشافعي؛ فقد قام بتدريسهما في المدرسة الفاضلية.
ولم يقف الشيخ الجليل على أدلة المذهبين، والاجتهاد في نطاقهما، وإنما تجاوز ذلك إلى مرحلة الاجتهاد المستقل في بعض ما كان يعرض له من قضايا، حيث كان يستخرج الأحكام من الكتاب والسنة، غير مقلد لأحد في اجتهاده، وقد شهد له معاصروه بالسبق والتقدم في الفقه، وأقروا له بالاجتهاد، فوصفه الإسنوي بأنه "حافظ الوقت خاتمة المجتهد". ويقول الأدفوي: "ولا شك أنه من أهل الاجتهاد ولا ينازع في ذلك إلا من هو من أهل العناد، ومن تأمل كلامه علم أنه أكثر تحقيقًا وأمتن وأعلم من بعض المجتهدين فيما تقدم وأتقن".

وله مؤلفات فقهية تنطق بعلو كعبه في هذا الميدان، منها: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام للعلامة الحافظ عبد الغني النابلسي. وكتاب العمدة يحتوي على مجموعة من الأحاديث مبوبة على أبواب الفقه، مثل باب الطهارة وباب الوضوء، وباب التيمم، وقد قام ابن دقيق العيد بشرح الكتاب، فتصدى لبيان معاني الحديث، وما به من بيان، واستنبط ما فيه من أحكام، وأقوال الفقهاء فيه واختلافاتهم. وقد أملى ابن دقيق العيد هذا الشرح على تلميذه عماد الدين بن الأثير. وقد طُبع هذا الكتاب بالقاهرة سنة (1342هـ= 1924م) واعتنى بنشره محمد منير الدمشقي.
وإلى جانب هذا له شرح مقدمة المطرزي في أصول الفقه، وشرح مختصر الزبيدي في فقه الشافعية، وشرح مختصر ابن الحاجب في فقه المالكية، غير أن هذه الكتب فُقدت ولم يصل إلينا منها شيء.
وله جملة من الفتاوى والمباحثات الفقهية والأصولية، لا يجمعها كتاب، وقد أورد السبكي في طبقات الشافعية نماذج منها، وقد صدرها بقوله: "فوائد الشيخ تقي الدين ومباحثه أكثر من أن تُحصى، ولكنها غالبًا متعلقة بالعلم من حيث هو؛ حديثًا وأصولاً وقواعد كلية".


الأديب الشاعر
كان ابن دقيق العيد على انشغاله بالفقه والحديث أديبًا بارعًا، وخطيبًا مفوهًا، وشاعرًا مجيدًا، ولو انصرف إلى الأدب لكان له منزلة ومكانة، ويجمع معاصروه على براعته في الخطابة وتفوقه فيها، فكان يملك أفئدة الناس بأسلوبه المؤثر ونبراته الصادقة، وعظاته البالغة، وذكر السبكي أن لابن دقيق العيد "ديوان خطب". وله أيضًا "ديوان شعر" جمعه صلاح الدين الصفدي المؤرخ المعروف، ونُشر بالقاهرة.


قاضي القضاة
تولى ابن دقيق العيد منصب قاضي القضاة في أخريات حياته في (18 من جمادى الأولى 695هـ= من مارس 1296م) بعد وفاة القاضي ابن بنت الأعز، وقبله بعد تردد وإلحاح، وكانت فترة توليه القضاء على قصرها من أكثر سني عمره خطرًا وأعظمها شأنًا، فقد أصبح على اتصال وثيق بالسلطان وكبار رجال الدولة، لكن كان له من ورعه ودينه وعلمه ما يجعله يجهر بالحق ويدافع عنه، فلا يقبل شهادة الأمير؛ لأنه عنده غير عدل، وإن كان الكبراء والعلماء يتملقونه ويقتربون إليه، فرد شهادة "منكوتمر" نائب السلطنة حين بعث إليه يعلمه أن تاجرًا مات وترك أخًا من غير وارث سواه، وأراد منه أن يثبت استحقاق الأخ لجميع الميراث بناء على هذا الإخبار، فرفض ابن دقيق العيد، وترددت الرسل بينهما، لكن القاضي كان يرفض في كل مرة، على الرغم من إلحاح منكوتمر عليه؛ لأن الأدلة لم تكن كافية لإثبات أخوة المذكور إلا شهادة منكوتمر، وأمام إصرار نائب السلطنة، استقال ابن دقيق من منصب القضاء احترامًا لنفسه وإجلالاً لمنصب القضاء، فلما بلغ السلطان "حسام الدين لاجين" ذلك أنكر على نائبه تصرفه في التدخل في عمل القضاء، وأرسل في طلب الشيخ، فلما جاء قام إليه وأجلسه بجواره، وأخذ يسترضيه ويتلطف به حتى قبل أن يعود إلى منصبه.
ويذكر له وهو في منصبه أن رفض قيام السلطان "الناصر محمد بن قلاوون" بجمع المال من الرعية لمواجهة التتار، معتمدًا على الفتوى التي أصدرها العز بن عبد السلام بجواز ذلك أيام سيف الدين قطز، وقال للسلطان: إن ابن عبد السلام لم يفت في ذلك إلا بعد أن أحضر جميع الأمراء كل ما لديهم من أموال، ثم قال له في شجاعة: كيف يحل مع ذلك أخذ شيء من أموال الرعية، لا والله لا جاز لأحد أن يتعرض لدرهم من أولاد الناس إلا بوجه شرعي" واضطر السلطان أن يرضخ لكلام القاضي الشجاع.

ولا شك أن ابن دقيق العيد قد ارتفع بمنزلة القاضي وحافظ على كرامة منصبه، فتطبيق الأحكام الشرعية هو سبيله إلى العدل دون تفرقة، والالتزام بالحق هو الميزان الذي يستعمله في قضاياه وفتاواه، فحين رأى بعض الناس تستحلّ أموال اليتامى القصّر الذين لا يستطيعون التصرف فيما يرثونه من أموال أنشأ ما يسمى "المودع الحكمي"، وهو شبه في زماننا "الديوان الحسبي" تُحفظ فيه أموال اليتامى الصغار، يقول ابن حجر العسقلاني: "وهو أول من عمل المودع الحكمي، وقرر أن من مات وله وارث إن كان كبيرًا أقبض حصته، وإن كان صغيرًا أحمل المال في المودع، وإن كان للميت وصي خاص ومعه عدول يندبهم القاضي لينضبط أصل المال على كل تقدير".
وكان ابن دقيق معنيًا بشئون القضاة الذين يتبعونه في الأقاليم، فيرسل إليهم الرسائل المطولة التي ترسم لهم ما يجب عليهم أن ينتهجوه ويلتزموه في أحكامهم، وكيفية معالجة قضايا الناس، وتضمنت رسائله أيضًا وصاياه لهم بالتزام العدل وتطبيق أحكام الشرع.


وفاة الشيخ
يذكر عدد كبير من المؤخرين أن ابن دقيق العيد كان على رأس المائة السابعة الذي حدد للأمة أمر دينها بعلمه الغزير واجتهاده الواسع، وشهد له معاصروه بالسبق والتقدم في العلم، فقد كان ضليعًا في جميع العلوم اللغوية والشرعية والعقلية. ويؤكد السبكي ذلك فيقول: "ولم ندرك أحدًا من مشايخنا يختلف في أن ابن دقيق العيد هو العالم المبعوث على رأس السبعمائة، المشار إليه في الحديث النبوي، وأنه أستاذ زمانه علمًا ودينًا".
وقضى الشيخ حياته بين التأليف والتدريس نهارًا، والعبادة والصلاة ليلاً، حتى لقي الله في يوم الجمعة (11 من صفر 702هـ=5 من أكتوبر 1302م).


من مصادر الدراسة:
• عبد الوهاب السبكي: طبقات الشافعية الكبرى – تحقيق محمود محمد الطناحي وعبد الفتاح محمد الحلو – دار هجر للطباعة والنشر – القاهرة – 1413هـ=1992م.
• الأدفوي: الطالع السعيد الجامع لأسماء نجباء الصعيد – تحقيق سعد محمد حسن – الدار المصرية للتأليف والترجمة – القاهرة – 1966م.
• الإسنوي: طبقات الشافعية – تحقيق عبد الله الجبوري – رئاسة ديوان الأوقاف – بغداد – 1390هـ.
• محمود رزق سليم: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي – مكتبة الآداب – القاهرة – بدون تاريخ.
• علي صافي حسين: ابن دقيق العيد حياته وديوانه – دار المعارف – القاهرة – 1960م.

B-happy 8 - 12 - 2009 10:41 PM

ابن راهويه


إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلى المروزى المعروف بابن راهويه أحد أعلام نيسابور نقل عنه أنه أملى أحد عشر ألف حديث من حفظة وكان فقيها ومحدثا.
ابن رجب سنة 795 هجرية




عبد الرحمن بن أحمد بن رجب السلامى البغدادى ثم الدمشقى أبو الفرج من العلماء ولد فى بغداد ونشآ وتوفى فى دمشق ومن كتبه- القواعد الفقهية الاستخراج لأحكام الخراج وذيل طبقات الحنابلة لابن أبى يعلى وغيرها.
ابن رشد سنة 520 هجرية




محمد بن أحمد بن رشد أبو الوليد قاضى الجماعة بقرطبة من أعيان المالكية له تآليف منها "المقدمات الممهدات " فى الأحكام الشرعية "البيان والتحصيل " فقه (وشرح معانى الآثار " وغيرها. مولده ووفاته بقرطبة.
ابن رشد الحفيد سنة 595 هجرية




محمد بن أحمد بن أحمد بن آحمد بن رشد الأندلسى أبو الوليد الفليسوف ويلقب بالحفيد تمييزا له عن جده المتوفى سنة 520 توفى بمراكش ودفن فى قرطبة له كتب كثيرة منها " بداية المجتهد ونهايه المقتصد " فى الفقه قال ابن الأبار، كان يفزع إلى فتواه فى الخطب كما يفزع إلى فتواه فى الفقه
ابن سيرين


عُرف محمد بن سيرين بالزهد والورع، وكان محدثًا بارعًا وفقيهًا متمكنًا، وقد اجتمع على حبه أهل زمانه، حيث وجدوا فيه من العلم والحكمة والأدب والزهد والتواضع ما جعله يتربع في أفئدتهم ونفوسهم وعقولهم ويحظى بتلك المنزلة الرفيعة.


الميلاد والنشأة
ولد أبو بكر محمد بن سيرين البصري الأنصاري في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة (33 هـ = 653م)، فهو من التابعين الذين عُرفوا بالزهد والورع، وكان إمام عصره في علوم الدين، وقد اشتهر بالعلم والفقه وتعبير الرؤيا.
وكان أبوه مولى لأنس بن مالك، وهو من سبي "عين التمر"، وقد كاتبه أنس على عشرين ألف درهم، فأداها وعُتِقَ. وكانت أمه صفية مولاة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه.


شيوخه وتلاميذه
وقد سمع محمد بن سيرين من عدد من الصحابة منهم: عبد الله بن عمر، وجندب بن عبد الله البجلي، وأبو هريرة، وعبد الله بن الزبير، وعمران بن حصين، وعدي بن حاتم، وسليمان بن عامر، وأم عطية الأنصارية.
كما سمع من عدد من التابعين منهم: عبيدة السلماني، ومسلم بن يسار، وشريح، وقيس بن عباد، وعلقمة، والربيع بن خيثم، ومعبد بن خيثم، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأخته حفصة بنت أبي بكر، وغيرهم كثيرون.
وذكر أنه أدرك ثلاثين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم). وروى عنه عدد كبير من التابعين، منهم: الشعبي وأيوب، وقتادة وسليمان التيمي وغيرهم.


زهده وورعه
كانت حياة ابن سيرين تفيض بالروحانية وتشع بالزهد والورع، فقد كان كثير الصوم والذكر، يصوم يومًا ويفطر يومًا، وكان اليوم الذي يفطر فيه يتغدى ولا يتعشى، ثم يتسحر ويصبح صائمًا.
وكان دائم الذكر والدعاء لله ، وكان له سبعة أوراد يقرؤها بالليل، فإذا فاته منها شيء قرأه في النهار، وكان يحيي الليل في رمضان.
روى هشام بن حسان قال: "ربما سمعت بكاء محمد بن سيرين في جوف الليل وهو يصلي،
وكان إذا ذُكر الموت مات كل عضو منه على حِدَتِهِ، وتغيّر لونه واصفر، وكأنه ليس بالذي كان". وقد وصفه الحافظ أبو نعيم في طبقاته بقوله: "كان ذا ورع وأمانة وحيطة وحسانة، كان بالليل بكّاء، وبالنهار بسّامًا سائحًا، يصوم يومًا ويفطر يومًا". وقال عنه بكر بن عبد الله المزني: "من سره أن ينظر إلى أورع أهل زمانه؛ فلينظر إلى محمد بن سيرين، فوالله ما أدركنا من هو أورع منه".


قدوة حتى في السجن
وكان ابن سيرين على قدر من الثراء، وكان له ثلاثون ولدًا، ولكنه امتُحن بفقد المال والولد؛ فقد توفي أبناؤه جميعًا فلم يبق منهم غير عبد الله.
كما فقد أمواله حينما أصيب بخسارة كبيرة في تجارته، وقد تعرض للسجن، فقد حُبس في دين ركبه لغريمٍ له، فقد كان اشترى زيتًا بأربعين ألف درهم، فوجد في زقٍ من هذه الصفقة فأرة، فما كان منه إلا أن صب الزيت كله، ولم يبع شيئًا منه، فقد أبت عليه أمانته وخلقه وورعه أن يطعمه الناس أو يبيعهم إياه؛ حيث ظن أن الفأرة كانت في المعصرة.
وقد ضرب ابن سيرين أروع الأمثلة في الأمانة والصدق وحسن الخلق حتى وهو في سجنه، حيث إنه لمّا حبس في دينه، وهو من هو في زهده وورعه وعلمه، وكانت شهرته قد طبقت الآفاق وعرفه الناس وعلموا فضله ومكانته، فقد تعاطف معه سجانه، وأبت عليه مروءته أن يبات هذا العالم الجليل في جنبات السجن، وأن يقضي ليله خلف القضبان كالمجرمين، فقال له: "إذا كان الليل فاذهب إلى أهلك، وإذا أصبحت فتعال"، فما كان من ذلك العالم القدوة إلا أن أجابه بثقة وإيمان: "لا والله لا أعينك على خيانة السلطان".
وتجلت أمانته وصدقه في موقف آخر تعرض له وهو في سجنه أيضا؛ فحينما حضرت الوفاة أنس بن مالك أوصى أن يغسّله محمد بن سيرين، فلما أتوه في ذلك قال: "أنا محبوس"! قالوا: قد استأذنّا الأمير فأذن لك. فإذا به يجيبهم بتلك الهمة العالية، والوعي الشديد: "إن الأمير لم يحبسني، وإنما حبسني الذي له الحق"، فلما أذن له صاحب الحق خرج فغسّله.


في حياته الخاصة
كان ابن سيرين مثالا صادقًا للمسلم الحق وللخلق الرفيع، وكانت حياته حافلة بالصور الرائعة للأمانة والزهد والبر والتواضع، يقدم في حياته وسلوكه القدوة والنموذج للداعية الواعي والعابد المخلص والصديق الناصح والابن البار والعالم المجتهد والتاجر الأمين.
لقد كان بارًا بأمه شديد اللين والتواضع لها، يخفض لها جناح الذل والرحمة حتى لا يُسمع له صوت بحضرتها ولا يكلمها إلا عن ضعف وخضوع، حتى قال عنه بعض آل سيرين: "ما رأيت محمد بن سيرين يكلم أمه إلا وهو يتضرع".
تغلب ابن سيرين على محنته بالصبر والإيمان والتسليم بقضاء الله ، فحينما ركبه الدين لم يقنط ولم ييئس، وإنما كان صابرًا شاكرًا، ووجد في الزهد الدواء لكل داء، ووجد في الذكر والدعاء البرء والشفاء، فخفّف من مطعمه حتى كان أكثر أدمه السمك الصغار، ووصل ليله بنهاره في الصلاة والذكر والدعاء.


ثناء العلماء والفقهاء عليه
نال ابن سيرين حب وثناء وتقدير الكثير من العلماء ممن عاصروه وممن جاءوا من بعده، وشهد له كثيرون بالفضل والزهد والورع والعلم والفقه.
فقال عنه الخطيب البغدادي في تاريخه: "كان ابن سيرين أحد الفقهاء المذكورين بالورع في وقته". وقال عنه مورق العجلي: "ما رأيت رجلا أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين". وقال ابن عون: "كان ابن سيرين من أرجى الناس لهذه الأمة وأشدهم أزرًا على نفسه". وقال عثمان البتي: "لم يكن بهذه البلدة أحد أعلم بالقضاء من محمد بن سيرين". وقال خلف: "كان محمد بن سيرين قد أُعطي هديًا وسمتًا وخشوعًا فكان الناس إذا رأوه ذكروا الله". وقال يونس بن عبيد: "أما ابن سيرين فإنه لم يعرض له أمران في دينه إلا أخذ بأوثقهما". وقال سفيان بن عيينة: لم يكن في كوفي ولا بصرى ورع مثل ورع محمد بن سيرين".


رواياته من الحديث
روى محمد بن سيرين عددًا من الأحاديث، فقد سمع عن عدد من الصحابة وروى عنهم، ومما أسند ابن سيرين من أحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) ما رواه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل ناسيًا وهو صائم فليتم فإنما أطعمه الله وسقاه" أخرجه البخاري.
وروى أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله خيرًا إلا أعطاه" أخرجه البخاري. وروى عنه أيضا قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من هم بحسنة فلم يعملها كُتبت له حسنة، ومن هم بحسنة فعملها كتبت له عشرا إلى سبعمائة ضعف، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب وإن عملها كتبت" أخرجه مسلم.. وقد بلغ عدد مروياته في الكتب التسعة (874) حديثًا.


آثاره ومؤلفاته
عرف ابن سيرين بالحكمة والزهد، وكان بليغًا فصيحًا في مواعظه، ومن أقواله التي صارت تجري مجرى الأمثال لفصاحتها وبلاغتها، ويسرها: "إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرًا جعل له واعظًا من قلبه يأمره وينهاه".. "ظلمٌ لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم وتكتم خيره".. "الكلام أوسع من أن يكذب فيه ظريف".. "لا تكرم أخاك بما يشق عليك".. "العزلة عبادة".


تفسير الأحلام
ويعد ابن سيرين الرائد الأول لعلم تفسير الأحلام، وهو أول من أفرد له التصانيف، وجعله علمًا له أدواته وأصوله وقواعده وشروطه.
وقد صنف ابن سيرين كتابين يعدان أساسًا لمن صنّف بعده في هذا الفن وهما: تعبير الرؤيا، وتفسير الأحلام الكبير. وقد طبعا مرارًا.


منهجه في تفسير الأحلام
أوضح ابن سيرين في مقدمة كتابه "تعبير الرؤيا" شروط تعبير الرؤيا التي يجب أن يكون عليها من يتعرض لهذا الفن، فيقول: "إن الرؤيا لما كانت جزءًا من ستة وأربعين جزءا من النبوة، لزم أن يكون المعبر عالمًا بكتاب الله ، حافظًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم خبيرًا بلسان العرب واشتقاق الألفاظ، عارفًا بهيئات الناس، ضابطًا لأصول التعبير، عفيف النفس، طاهر الأخلاق، صادق اللسان؛ ليوفقه الله لما فيه الصواب ويهديه لمعرفة معارف أولي الألباب".
ويرى ابن سيرين أن الرؤيا قد تُعبّر باختلاف أحوال الأزمنة والأوقات، فتارة تعبر من كتاب الله ، وتارة تعبر من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما قد تعبر بالمثل السائر. فأما التأويل من القرآن فكالبيض يُعبّر عنها بالنساء ، لقوله تعالى: "كأنهن بيض مكنون"، وكالحجارة يعبر عنها بالقسوة، لقوله تعالى: "ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة".
وأما التأول من حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) فكالضلع يعبر عنه بالمرأة؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "المرأة خُلقت من ضلع أعوج"، وكالفأرة يعبر عنها بالمرأة الفاسقة لقوله (صلى الله عليه وسلم) "الفأرة فاسقة"، وكالغراب الذي يعبر عنه بالرجل الفاسق؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) سمّاه فاسقًا.


نماذج من تفسير الرؤيا عنده
جعل ابن سيرين لكل رمز من الرموز التي يراها النائم في منامه معنى يدل عليه في سياق الجو الذي يحيط به والملابسات والحوادث التي يظهر من خلالها؛ فمن رأى أنه دخل الجنة، فإنه يدخلها، وهي بشارة له بما تقدم من صالح الأعمال، فإن رأى أنه يأكل ثمارها، أو أعطاها غيره فإن ثمار الجنة كلام طيب، مثل كلام البر والخير بقدر ذلك.
أما رؤيا المطر فإنها دليل غيث ورحمة، وكذلك الغمام، فإن كان خاصًا في موضع دار أو محلة دون غيرها كان ذلك أوجاعًا أو أمراضًا، أو خسارة في الدنيا تقع بأهل ذلك الموضع المخصوص بها.
ورؤية الحية تأويلها عدو كاتم العداوة مبالغ فيها بقدر عظم الحية وهيبتها في المنظر. والنور في التأويل هداية. والظلمة ضلال. والطريق طريق الحق، والميل عنه ميل إلى الباطل. والأسد عدو متسلط ذو سلطان وبأس شديد. أما الكلب فعدو غير بالغ في عدواته، وقد ينقلب صديقًا، ولكنه دنيء النفس قليل المروءة.


وفاته
توفي ابن سيرين بالبصرة في (9 من شوال 110هـ = 15 من يناير 729م) عن عمر بلغ نحو ثمانين عامًا.


أهم مصادر الدراسة:
• تاريخ بغداد: أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي- دار الكتب العلمية – بيروت: د.ت.
• تهذيب الأسماء واللغات: أبو زكريا محيي الدين بن شرف النووي- مكتب ابن تيمية – القاهرة: د.ت.
• حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني- دار الكتب العلمية – بيروت: 1409 هـ = 1988م.
• صفة الصفوة: جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي – تحقيق: محمود فاضوري- دار المعرفة – بيروت: د.ت.
المعارف: عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري – تحقيق: د. ثروت عكاشة- دار المعارف بمصر – القاهرة: 1389 هـ = 1969م.

B-happy 8 - 12 - 2009 10:45 PM

ابن شهاب توفى سنة 350 هجرية


إبراهيم بن محمد ، من علماء الكلام من أهل بغداد ، له كتاب مجالس الفقهاء ومناظرتهم نحو 40ورقة.
ابن عابدين سنة 1252 هجرية




محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقى فقية الديارالشامية وإمام الحنفية فى عصره مولده ووفاته فى دمشق وله الكتاب المشهور رد المختار على الدرالمختار خمسه مجلدات فى الفقه يعرف بحاشية ابن عابدن وغير ذلك

ابن عبد البر سنة 463 هجرية


يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر النمرى القرطبى المالكى أبو عمر ومن كبار حفاظ الحديث ومؤرخ أديب بحاثة ولد بقرطبة ورحل رحلات طويلة وولى قضاء لشبونة وغيرها توفى بشاطبة. من كتبه الدرر فى اختصار المغازى والسير والاستيعاب فى تراجم الصحابة وغيرها.

ابن عبد الحكم توفى سنة 214

عبدالله بن الحكم بن أيمن بن ليث بن رافع أبومحمد، فقيه مصرى من العلماء كان من أجلة أصحاب مالك ، انتهت اليه الرياسة بمصر بعد أشهب ، ولد فى الإسكندرية وتوفى بالقاهرة وله مصنفات فى الفقه وغيره.
ابن عبد السلام سنة 749


محمد بن عبد السلام بن يوسف بن كثير الهوارى بن المنستيرى، أبوعبدالله فقيه مالكى. كان قاضى الجماعة بتونس وولى القضاء بها سنة 73 هجرية له كتب منها شرح جامع الأمهات لابن الحاجب

ابن عرفة سنة 803 هجرية




محمد بن محمد بن عرفة الورغنى أبو عبد الله إمام تونس ولد وتوفى بها ومن كتبه المختصر الكبير فى كتب المالكية ومختصر الفرائض والحدود فى التعاربف الفقيهية وهو منسوب إلى (ورغمة) قرية بافريقية.

ابن فورك سنة 406


محمد بن الحسن بن فورك الانصارى الأصبهانى أبو بكر واعظ عالم بالأصول والكلام من فقهاء الشافعية سمع بالبصرة وبغداد وحدث بنيسابور وتوفى على مقربة منها ونقلى أليها، له تصانيف كثيرة منها (الحدود فى الأصول) وغيره
ابن قدامة سنة 620 هجرية

عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر بن عبد الله المقدسى ثم الدمشقى الحنبلى موفق الدين رحل إلى بغداد وسمع بها من عبد القادر الجيلانى وغيره ثم عاد إلى دمشق وصنف كتاب المغنى ورحل إلى بغداد بعد ذلك توفى بدمشق ومن كتبه الكافى فى الفقه، مختصر العلل مختصر الهداية وروضة الناطر وجنة المناظر.

ابن كثيرالدمشقي


هو أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير

بن زرع القرشي ولد سنة 700هـ في منطقة ((مجدل القرية)) وهي قرية من

نواحي مدينة بصرى بالشام ويعود أصله من البصرة التي نزح منها إلى

الشام أخذ مبادئ العلوم عن أخيه عبدالوهاب ثم انتقل إلى دمشق عند

بلوغه الخامسة فتلقى بها شتى أنواع العلم خاصة في التفسير

والحديث والفقه أما عن شيوخه فيعتبر شيخ الإسلام ابن تيمية

مرجعه الأساسي الذي استفاد منه ومن شيوخه في الفقه الشيخ برهان

الدين الغزاري المعروف بابن الفركاح أما أشهر من سمع منهم الحديث فهم

أحمد بن أبي طالب المعمر وجمال الدين المزي الذي تزوج ابن كثير

بابنته ومن الأعلام المحدثين الذين تتلمذ عليهم الحافظ شمس الدين

الذهبي شغل ابن كثير منصب الخطابة بجامع المزة وخلف شيخه

الذهبي في تدريس الحديث وشغل كرسي التدريس بالجامع الأموي في

التفسير وله العديد من المؤلفات توفي ابن كثير رحمه الله في

شعبان سنة 774هـ عن عمر ناهز أربع وسبعين عاماً ودفن في مقبرة

الصوفية بجانب شيخه ابن تيمية رحمهما الله تعالى

ابن ماجه


فتحت قزوين في خلافة عثمان بن عفان، وأصبح البراء بن عازب الصحابي الجليل أول والٍ عليها سنة (24هـ= 644م) ومنذ ذلك الحين دخلها الإسلام، واستوطنها الفاتحون العرب، وتسرب إليها اللسان العربي، وما كاد يطل القرن الثالث الهجري حتى اكتسبت قزوين شهرة كبيرة في فن الحديث، وبرز فيه عدد كبير من المحدثين، مثل: الحافظ علي بن محمد أبي الحسن الطنافسي المتوفى سنة (233هـ= 847م)، والحافظ عمرو بن رافع البجلي المتوفى سنة (237هـ= 851م)، وإسماعيل بن توبة المتوفى سنة (247هـ=861م)، وابن ماجه صاحب السنن موضع حديثنا.

وبلغ من مكانة قزوين واتساع الحركة العلمية فيها أن خصها بعض أبنائها بالتأريخ لها، وترجمة أعيانها وعلمائها، ومن أشهر هذه الكتب: التدوين في أخبار قزوين للحافظ الرافعي المتوفى سنة (622هـ= 1225م).
استقبلت قزوين مولد أبي عبد الله محمد بن يزيد الربعي، المعروف بابن ماجه سنة (209هـ= 824م) وكانت آنذاك حاضرة من حواضر العلم تموج بالحركة والنشاط العلمي، وتزخر بحلقات العلماء والفقهاء، شأنها في ذلك شأن المراكز العلمية الأخرى ذات الإشعاع الحضاري، مثل: بغداد، والكوفة، والبصرة، ومرو، وأصفهان، وكانت الدولة العباسية تعيش أزهى فتراتها قوة وحضارة، وكان المأمون رجل المرحلة، ورائد النهضة ومفجر الطاقات.

في هذا الجو العلمي عاش ابن ماجه حياته الأولى؛ فحفظ القرآن الكريم، وتردد على حلقات المحدثين التي امتلأت بها مساجد قزوين، حتى حصّل قدرًا كبيرًا من الحديث ثم تطلع إلى الرحلة في طلب الحديث، وكانت من تقاليد العصر التي التزمها كبار المحدثين لملاقاة الشيوخ، استنادًا إلى نصوص الحديث التي تحث على طلب العلم، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة"، وقد صدّر الإمام البخاري كتاب العلم في صحيحه بباب الخروج في طلب العلم، وجاء في مقدمة الباب: "ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد". وبلغ من أهمية الرحلة في طلب الحديث أن وضع فيها مؤلفات تضم الأصول والإرشادات التي على طالب العلم المرتحل أن يتتبعها، ويلتزم بها.


الرحلة في طلب الحديث
ولم يشذ ابن ماجه عن هذا التقليد العلمي المتبع، فخرج سنة (230هـ = 844م) وهو في الثانية والعشرين من عمره في طلب الحديث ومشافهة الشيوخ والتلقي عليهم، فرحل إلى خراسان، والبصرة والكوفة، وبغداد ودمشق، ومكة والمدينة، ومصر، ومن شيوخه إبراهيم بن المنذر تلميذ البخاري المتوفى سنة (236هـ= 850م)، والحافظ الحلواني أبو محمد حسن بن علي بن محمد الخلال، والحافظ الزبير بن بطار، وسلمة بن شبيب، والحافظ يعقوب بن حميد، وإسماعيل بن موسى الفزاري، وحرملة بن يحيي، وزهير بن حرب.
وبعد رحلة شاقة استغرقت أكثر من خمسة عشر عامًا عاد ابن ماجه إلى قزوين، واستقر بها، منصرفًا إلى التأليف والتصنيف، ورواية الحديث بعد أن طارت شهرته، وقصده الطلاب من كل مكان، من أمثال: إبراهيم بن دينار الجرشي، وإسحاق بن محمد القزويني، وسليمان بن يزيد القزويني، وابن الحسن بن قطان، وأبي بكر حامد الأبهري وغيرهم.


مؤلفاته
كان ابن ماجه موضع ثقة معاصريه وتقديرهم، معدودًا في كبار الأئمة وفحول المحدثين، فيصفه صاحب كتاب التدوين في تاريخ قزوين بأنه "إمام من أئمة المسلمين، كبير متقن، مقبول باتفاق". ويقول عنه الذهبي: "إنه حافظ صدوق واسع العلم". ولم تكن شهادة المؤرخين له بالسبق والتقدم إلا لسعة علمه ولما ترك من كتب ومصنفات، غير أن معظمها قد امتدت إليه يد الإهمال والنسيان، فضاع مع ما ضاع من ذخائر تراثنا العظيم، فكان له تفسير للقرآن وصفه ابن كثير في كتابه البداية بأنه تفسير حافل، وأشار إليه السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن"، وله أيضًا كتاب في التاريخ ظل موجودًا بعد وفاته مدة طويلة، فقد شاهده الحافظ ابن طاهر المقدسي المتوفى سنة (507هـ= 1113م)، ورأى عليه تعليقًا بخط جعفر بن إدريس تلميذ ابن ماجه، وقال عنه ابن كثير بأنه تاريخ كامل، ووصفه ابن خلكان بأنه تاريخ مليح.


سنن ابن ماجه
غير أن كتابه "السنن" هو ما بقي من كتبه، وقد طبقت شهرته الآفاق، وبه عرف ابن ماجه، واحتل مكانته المعروفة بين كبار الحفاظ والمحدثين، وقد عد الكتاب رابع كتب السنن المعروفة، وهي سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ومتمم للكتب الستة التي تشمل إلى ما سبق صحيح البخاري ومسلم، وهي المراجع الأصول للسنة النبوية.
والمتقدمون من العلماء كانوا يعدون هذه الكتب الأصول خمسة ليس من بينها سنن ابن ماجه، غير أن المتأخرين أدخلوها ضمن الكتب الستة المعتمدة، وأول من جعلها كذلك هو الإمام الحافظ ابن طاهر المقدسي، الذي وضع كتابًا في شروط الأئمة الستة، وآخر في أطراف الكتب الستة، أي في جميع الأحاديث التي تشتمل عليها، وبعد ذلك اتفق معه في الرأي جميع الأئمة.
وكان العلماء قد بحثوا أي المصنفين يكون السادس بين كتب الصحاح: موطأ الإمام مالك أم سنن ابن ماجه، ويجيب على هذا العلامة المحدث عبد الغني النابلسي المتوفى سنة (1143هـ= 1730م)، فيقول في مقدمة كتابه: "ذخائر المواريث في الدلالة على موضع الحديث": "وقد اختُلف في السادس، فعند المشارقة هو كتاب السنن لأبي عبد الله محمد بن ماجه القزويني، وعند المغاربة الموطأ للإمام مالك بن أنس، ولكن عامة المتأخرين اتفقوا على أن سنن ابن ماجه هو أولى من الموطأ، وهو السادس في الصحاح". وقال السخاوي: "وقدموه على الموطأ لكثرة زوائده على الخمسة بخلاف الموطأ".


خصائص سنن ابن ماجه وشروحه
اشتهر الكتاب بدقة تبويبه وكثرتها، فهو يشتمل على مقدمة وسبعة وثلاثين كتابًا، وألف وخمسمائة باب، تضم أربعة آلاف وثلاثمائة وواحدا وأربعين حديثًا، ومن هذه الأحاديث 3002 حديث اشترك معه في تخريجها أصحاب الكتب الخمسة، وانفرد هو بتخريج 1329 حديثًا، وهي الزوائد على ما جاء في الكتب الخمسة، من بينها 428 حديثًا صحيح الإسناد و119 حديثًا حسن الإسناد، وهذا ما أشار إليه ابن حجر بقوله: "إنه انفرد بأحاديث كثيرة صحيحة".
وقد لقي الكتاب عناية من كبار الحفاظ والمحدثين فأولوه عناية بالشرح، ومن هذا الشروح:
• شرح سنن ابن ماجه، للحافظ علاء الدين مغلطاي، المتوفى سنة (762هـ= 1360م)
• ما تمس إليه الحاجة على سنن ابن ماجه، لسراج الدين عمر بن علي بن الملقن، المتوفى سنة (804هـ- 1401م)، واقتصر فيه على شرح الأحاديث التي انفرد بروايتها ابن ماجه، ولم تدرج في كتب الصحاح الخمسة.
• الديباجة في شرح سنن ابن ماجه، للشيخ كمال الدين محمد بن مرسي الدبيري، المتوفى سنة (808هـ= 1405م).
• مصباح الزجاجة في شرح سنن ابن ماجه، للجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة (911هـ= 1505م)
• شرح سنن ابن ماجه، للمحدث محمد بن عبد الهادي السندي، المتوفى سنة ( 1138هـ= 1725م)
وقد طبع الكتاب مبكرًا، فكان من أوائل الكتب التي أخرجتها المطابع العربية، فنُشر في الهند بدلهي سنة (1264هـ= 1847م)، وعليه حاشيتان، إحداهما: مصباح الزجاجة للسيوطي، والأخرى: إنجاح الحاجة لمولوي عبد الغني الدهلوي، ثم نشر بالقاهرة سنة (1313هـ= 1895م) وعليه حاشية السندي، وهو شرح مختصر يُعْنى بضبط غريب الألفاظ وبيان الإعراب بصفة خاصة، ثم نشرت السنن وحققها تحقيقا علميا العالم الجليل محمد فؤاد عبد الباقي، ورقّم كتبها وأبوابها وأحاديثها في سنة (1371هـ= 1951م)، وقد صدرت في مجلدين ومزودة بفهارس متعددة تعين الباحث على الوصول إلى الحديث في سهولة ويسر.


وفاة ابن ماجه
أمضى ابن ماجه بقية عمره في قزوين خادمًا للحديث معنيًا بروايته، مقبلا على تلاميذه حتى توفي يوم الإثنين، ودفن يوم الثلاثاء الموافق (22 من رمضان 273هـ= 20 من نوفمبر 886هـ).


من مصادر الدراسة:
• ابن ماجه ـ سنن ابن ماجه ـ تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ـ دار الحديث ـ القاهرة ـ بدون تاريخ.
• الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ـ تحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرين ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت .
• ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ـ تحقيق إحسان عباس ـ دار صادر ـ بيروت ـ (1398هـ= 1978م)
• المقريزي ـ المقفى الكبير ـ تحقيق محمد اليعلاوي ـ دار الغرب الإسلامي ـ بيروت ـ (1411 هـ- 1991م)
• عبد العزيز عزت عبد الجليل ـ الإمام ابن ماجه صاحب السنن ـ مطبوعات مجلة الأزهرـ القاهرة 1410هـ.
عبد الرحمن عتر ـ معالم السنة النبوية ـ مكتبة المنارـ الأردن ـ (1406هـ= 1986م)

B-happy 8 - 12 - 2009 10:46 PM

ابن يونس سنة 415 هجرية


أبو بكر محمد بن عبد الله بن يونس الصقلى ، كان فقيها اماما فرضيا،. وكان ملازما للجهاد ألف كتابا فى الفرائض وكتابا جامعا للمدونة اضاف إليها غيرها من الأمهات

أبو بكر الطرطوشى


كان المسلمون الأوائل يعتقدون أن الإقامة في الرباطات والحياة في الثغور نوع من الجهاد، لأنهم يحرسون الحدود ويكونون طلائع الجيوش الإسلامية التي تصد هجمات الأعداء، وكانت الإسكندرية واحدة من تلك الثغور التي احتشدت بالمجاهدين والمرابطين منذ فتحها عمرو بن العاص وأشرق عليها نور الإسلام، وجذبت إليها عددًا كبيرًا من المسلمين وبخاصة من المغرب والأندلس.

وكان المسلمون في هذه البلاد النائية يمرون بالإسكندرية وهم في رحلتهم الشاقة إلى الحجاز للقيام بمناسك الحج، أو في طريقهم إلى حواضر العلم في المشرق الإسلامي لتلقي العلم ومشافهة العلماء والأخذ منهم، فإذا ما ألقوا رحالهم وطلبوا الراحة من وعثاء السفر، عاودوا رحلتهم إلى حيث يريدون.
وكان كثير من هؤلاء المارين تجذبهم الحياة في الإسكندرية فيقيمون بها ويتخذونها موطنًا لهم، فينالون شرف المرابطة في الثغور، أو المساهمة في إثراء حلقات العلم التي كانت تمتلئ بها مساجد الإسكندرية، وذلك إن كانوا من حملة العلم والفقه.

وازداد توثق الإسكندرية بالمغرب قوة وترابطًا بعد قيام الدولة الفاطمية، وهي التي قامت في بلاد المغرب ثم انتقلت إلى مصر وأنشأت القاهرة واتخذتها عاصمة لها، وأصبح المغرب منذ ذلك الحين ولاية تابعة لمصر، وكان من شأن هذا أن كثرت رحلات المغاربة والأندلسيين إلى مصر وإلى ثغرها البديع، ومن بين من جذبتهم الإسكندرية للحياة فيها العالم الزاهد والفقيه الكبير: أبو بكر الطرطوشي.


المولد والنشأة
في مدينة طرطوشة الأندلسية ولد أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف المعروف بأبي بكر الطرطوشي نسبة إلى بلده، وهي مدينة كبيرة تقوم على سفح جبل إلى الشرق من مدينتي بلنسية وقرطبة، بينها وبين البحر المتوسط عشرون ميلا، ومحاطة بسور منيع له أربعة أبواب، وبها دار لصناعة السفن، وتزدهر بها التجارة، وتعمر أسواقها بالبضائع وكان مولده في (26 من جمادى الأولى 451 هـ = 10 من يوليو 1059م).
وكانت طرطوشة يومئذ ثغر مملكة سرقطسة التي تتمتع في ظل أمرائها من بني هود بالرخاء وسعة العيش، وفي الوقت نفسه كانت من حواضر العلم في الأندلس، وتموج بالعلماء وحلقاتهم التي تمتلئ بطلبة العلم، وكان أبو الوليد الباجي أحد علمائها الكبار الذين تُشدّ إليهم الرحال، وعُدّ إمام عصره في الفقه وفي مسائل الخلاف.
حفظ الطرطوشي في بلده القرآن، وتعلم مبادئ القراءة والكتاب، ودرس شيئا من الفقه قبل أن ينتقل إلى مدينة سرقسطة ويتصل بكبير علمائها أبي الوليد الباجي، ويتتلمذ عليه وهو في العشرين من عمره أو نحوها، أي حوالي سنة (470 هـ = 1077م)، وظل ملازمًا له ينهل من علمه الواسع ويتأثر بمنهجه في التفكير.


الرحلة إلى المشرق
غادر الطرطوشي وطنه سنة (476 هـ = 1083م) وهو فتى غض الإهاب في السادسة والعشرين إلى المشرق العربي، فنزل مكة، وأدى مناسك الحج وألقى بعض الدروس، ثم قصد بغداد حاضرة الخلافة العباسية، وملتقى أئمة العلم، ومحط طلاب المعرفة من أرجاء الدنيا، وكان الوزير نظام الملك قد أنشأ المدارس التي سميت باسمه "المدارس النظامية" وكان أول من أنشأ معاهد مستقلة للعلم، يتفرغ فيها المعلمون للتدريس والتلاميذ للتعلم، وأوقف عليها أموالا طائلة حتى تنهض برسالتها السامية، وقد شهد الطرطوشي نظامية بغداد وهي في أوج تألقها وازدهارها، وتتلمذ بها.
وفي بغداد تفقه الطرطوشي على عدد من أعلام بغداد، فتتلمذ على كبير الفقهاء الشافعية في بغداد أبي بكر الشاشي، وكان يتولى التدريس بالمدرسة النظامية، ولزم أبا أحمد الجرجاني، وأبا سعد بن المتولي، وهم يومئذ أئمة الفقه الشافعي، ثم رحل إلى البصرة وتتلمذ فيها على أبي علي التستري المتوفى سنة (479 هـ = 1086م) وسمع منه سنن أبي داود.
ثم رحل إلى الشام، وطوّف في مدنه، فزار حلب وإنطاكية ونزل بمدينة بيت المقدس –رد الله غربتها، وأعادها إلى أحضان المسلمين، وخلصها من رجس اليهود-، وتجمع المصادر التي ترجمت له على أنه قضى الفترة التي عاشها في الشام معلمًا متمكنًا تهفو إلى علمه النفوس وتقبل عليه القلوب، وكان لزهده وورعه أثر في ذلك فاجتمع عليه الناس أينما حل.


في الإسكندرية
اتجه الطرطوشي بعد إقامته في الشام فترة من عمره إلى الإسكندرية تسبقه سمعته الطيبة وتهيئ له مكانًا في القلوب، فاشتاقت إلى رؤيته، ونزل الثغر في سنة (488 هـ = 1095م) وكانت مصر في تلك الفترة قد أمسك بزمامها الوزير الأفضل شاهنشاه بن بدر الجمالي، الذي استبد بالحكم دون الخلفاء الفاطميين، فلم يعد لهم حول ولا قوة، وأصبح تصريف الأمور كلها في يد الوزير القوي.
استقر الطرطوشي في الإسكندرية وأقبل عليه طلاب العلم، وامتلأت حلقاته الدراسية بالراغبين في تعلم الفقه والحديث ومسائل الخلاف، ولم يمض وقت على مجيئه حتى تزوج بسيدة موسرة من نساء الإسكندرية، فتحسنت أحواله ولانت له الحياة، ووهبته دارًا من أملاكها، فاتخذ من دورها العلوي سكنا له معها، وجعل طابقها السفلي مدرسة يلقي فيها دروسه.


الدين النصيحة
وبعد أن استقرت به الحياة خرج الطرطوشي إلى القاهرة عاصمة البلاد وحاضرة الخلافة الفاطمية، وفي أثناء إقامته هناك زار الوزير الكبير الأفضل بن بدر الجمالي، لا ليمدحه أو يقدم له آيات الشكر، وإنما لينصحه ويعظه دون نظر إلى مكانته وهيبته، فقد امتلأ قلب الطرطوشي بخشية الله والخوف منه، فانتزع منه كل خوف لما سواه، واستوى عنده كل شيء، وهذا ما عبر عنه أحد الصالحين حين شاهد الطرطوشي وحضر دروسه في الشام فقال: "الذي عند أبي بكر الطرطوشي من العلم هو الذي عند الناس، والذي عنده مما ليس مثله عند غيره.. دينه".
ومما قاله الطرطوشي لهذا الوزير: "... واعلم أن هذا الملك الذي أصبحت فيه إنما صار إليك بموت من كان قبلك، وهو خارج عن يديك مثل ما صار إليك؛ فاتق الله فيما حولك من هذه الأمة، فإن الله سائلك عن النقير والقطمير والفتيل، قال الله تعالى: "فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون".


العلم في الهواء الطلق
عاد الطرطوشي إلى الإسكندرية ليستأنف نشاطه وسيرته الأولى مع تلاميذه الذين التفوا حوله، وكانت له طريقة محببة جعلت قلوب تلامذته تتعلق به وتأنس معه، فلم يكتف بما يعقده لهم من حلقات دراسية في بيته أو في المسجد، بل كان يصطحبهم في رحلات إلى البساتين والأماكن الجميلة، وهناك في الهواء الطلق يلقي دروسه أو يذكرهم بما حفظوه ودروسه.

وأترك أحد تلامذته يصف لنا ما يحدث في تلك الرحلات حيث يقول: "كان صاحب نزهة مع طلبته في أكثر الأوقات، يخرج معهم إلى البستان، فيقيمون الأيام المتوالية في فرحة ومذاكرة ومداعبة مما لا يقدح في حق الطلبة، بل يدل على فضلهم وسلامة صدرهم، وخرجنا معه في بعض النزهة فكنا ثلاثمائة وستين رجلا لكثرة الآخذين عنه المحبين في صحبته وخدمته".
غير أن هذا الإقبال جلب له خصومة قاضي المدينة "مكين الدولة بن حديد"، وزادها اشتعالا ما كان يثيره الطرطوشي من نقد حول تصرفات القاضي المالية حول المكوس والمغارم الظالمة، وكذلك أطلق الطرطوشي لسانه في نقد كثير من العادات التي تنافي الشرع الحكيم، وقد جمعها في كتاب أطلق عليه "بدع الأمور ومحدثاتها"، وأصدر فتاوى أثارت الرأي العام مثل فتواه بحرمة تناول الجبن الذي يأتي به الروم إلى المدينة.
وقد ضاق قاضي المدينة وأعوانه بمسلك الطرطوشي، وبعثوا على الوزير الأفضل بشكاواهم، وصدّر الوزير الأمر على أنه بداية للخروج على النظام وإثارة للشغب، ولا بد من التصرف بشدة مع الطرطوشي الذي اجتمع عليه الناس لعلمه وورعه وزهده، وما كان من الوزير إلا أن بعث في طلب الطرطوشي، فلما قدم عليه قابله مقابلة طيبة، وأمره بالإقامة في مسجد الرصد بالفسطاط، ومنع الناس من الاتصال به، وقرر له راتبًا شهريًا، وسمح لخادمه بالإقامة معه. وظل الطرطوشي محدد الإقامة منذ أواخر سنة (514 هـ = 1120م) حتى (شوال سنة 515 هـ = 1121م)، ثم انكشفت الغمة بمقتل الأفضل وتولي مأمون البطائحي أمور الوزارة، فأفرج عن الشيخ وأحسن وفادته.


سراج الملوك
عاد الطرطوشي إلى الإسكندرية واستأنف حياته السابقة: حياة الدرس والإقراء، وبدأ يؤلف كتابًا في فن السياسة والحكم، وما يجب أن يكون عليه الراعي والرعية، وأتم هذا الكتاب في سنة واحدة وسماه "سراج الملوك" وتوجه به إلى القاهرة (516 هـ = 1122م) ليقدمه إلى الوزير الجديد "مأمون البطائحي"، فاستقبله أحسن استقبال وجلس بين يديه؛ إمعانًا في التقدير والإجلال، وأغدق عليه عطفه ورعايته.

ولم يكن الطرطوشي ليكتفي بالاستقبال الطيب دون أن يعرض عليه ما يراه منافيًا للشرع، وبخاصة فيما يتعلق بالنظم المتبعة للمواريث، حيث كان القضاة الشيعة يفتون بأن ترث البنت كل تركة أبيها إذا كانت وحيدة لا أخ لها ولا أخت، وكان هذا مخالفًا للشرع؛ حيث تحرم العصبة من المشاركة في الميراث، فلما عرض الطرطوشي الأمر على الوزير وذكّره بأن هذا مخالف للمذاهب السُّنّية التي تقضي بألا ترث البنت في هذه الحالة أكثر من نصف التركة، وبعد مناقشة طويلة اعتذر الوزير بأنه لا يملك تغيير ما يقضي به المذهب الشيعي، لكنه وافق على حل وسط يرضي المذهب الشيعي ويرضي ما يقوله الطرطوشي، وأصدر أمرًا للقضاة بأن يُتّبع في الميراث مذهب الميت، فإن كان سنيًا اتُّبع المذهب السني، وإن كان شيعيًا اتبع المذهب الشيعي.

موضوع الكتاب
وكتاب "سراج الملوك" يتألف من أربعة وستين فصلا تتناول سياسة الملك وفن الحكم وتدبير أمور الرعية، وقد تناول في كتابه الخصال التي يقوم عليها الملك، والخصال المحمودة في السلطان والتي تمكّن له ملكه، وتسبغ الكمال عليه، والصفات التي توجب ذم السلطان، وعرّج على ما يجب على الرعية فعله إذا جنح السلطان إلى الجور، وتناول صحبة السلطان وسيرته مع الجند، وفي اقتضاء الجباية وإنفاق الأموال.

وتحدث الطرطوشي في كتابه عن الوزراء وصفاتهم وآدابهم، وتكلم عن المشاورة والنصيحة باعتبارهما من أسس الملك، وعرض لتصرفات السلطان تجاه الأموال والجباية، ولسياسته نحو عماله على المدن، وتناول سياسة الدولة نحو أهل الذمة، وما يتصل بذلك من أحكام، وتحدث عن شئون الحرب وما تتطلبه من سياسة وتدبير.
وللطرطوشي إلى جانب هذا الكتاب القيم عدد آخر من الكتب منها: مختصر تفسير الثعالبي، وشرح لرسالة الشيخ ابن أبي زيد القيرواني، في الفقه المالكي، والكتاب الكبير في مسائل الخلاف، وكتاب الفتن، وكتاب الحوادث والبدع، أو بدع الأمور محدثاتها.

وكان الطرطوشي إلى جانب تضلعه في أمور الشريعة ومسائل الخلاف أديبًا بارعًا، ويظهر ذلك في أسلوبه الرشيق الجميل في كتابه سراح الملوك، وكان شاعرًا محسنًا، وقد احتفظ كتابه هذا بنماذج طيبة من شعره، ظلت أبيات منها سائرة على الألسنة حتى يومنا هذا، مثل قوله:
إن لله عبادًا فطنا طلّقوا الدنيا وخافوا الفتنا
فكروا فيها، فلما علموا أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجّة واتخذوا صالح الأعمال فيها سُفنا


وفاة الشيخ
بلغ أبو بكر الطرطوشي مكانة عالية، وصار من أقطاب الفقه المالكي في عصره، وأصبح ملجأ الناس في الفتوى يلوذون به حتى تضل بهم السبل، ثقة منهم في علمه ودينه وأمانته، وتطلع إليه الحكام التماسًا للرأي والمشورة وطلبا للفتيا فيما يقدمون عليه من أعمال، فطلب منه عاهل دولة المرابطين "يوسف بن تاشفين" فتواه في إقدامه على خلع ملوك الطوائف في الأندلس لانغماسهم في اللهو وانصرافهم عن الرعية، فأفتاه بذلك، متفقًا مع ما أفتى به فقهاء المغرب والأندلس من جواز ذلك.

نجح الشيخ أثناء إقامته بالإسكندرية، من إحداث نشاط علمي وافر، وتتلمذ عليه عدد كبير من الفقهاء، حمل بعضهم الراية من بعده، مثل: سند بن عنان الذي خلف الطرطوشي في مدرسته، وأبي طاهر بن عوف، وكانت له مدرسة مستقلة.
ظل الطرطوشي يواصل عمله في مدرسته حتى توفي في (26 من جمادى الأولى 520 هـ = 20 من يونيو 1127م) وهو في التاسعة والستين من عمره.


من مصادر الدراسة:
• ابن خلكان: وفيات الأعيان – تحقيق إحسان عباس – دار صادر بيروت.
• الذهبي: سير أعلام النبلاء – مؤسسة الرسالة – بيروت – 1412 هـ = 1992م.
• جمال الدين الشيال: أبو بكر الطرطوشي – دار الكتاب العربي للطباعة والنشر – القاهرة – 1968م.
• محمد عبد الله عنان: تراجم شرقية وأندلسية – مكتبة الخانجي – القاهرة – 1390 هـ= 1970م.

B-happy 8 - 12 - 2009 10:47 PM

أبو زرعة الرازى


سيد الحفاظ
وصفه كتاب التراجم والسير بأنه سيد الحفاظ لقوة حفظه التي تميز بها بين أقرانه من أهل الحديث
إنه المحدث الإمام أبو زرعة الرازي الذي يقول عن نفسه: "أحفظ مائتي ألف حديث كما يحفظ الإنسان قل هو الله أحد (سورة الإخلاص).

نسبه ونشأته
هو الإمام سيد الحفاظ عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ محدث الري ودخول الزاي في نسبته غير مقيس كالمروزي، ولد سنة 210هـ
بدأ طلب العلم وهو حدث فارتحل من الري وهو ابن ثلاث عشرة سنة وأقام بالكوفة عشرة أشهر ثم رجع إلى الري ثم خرج في رحلته الثانية وغاب عن وطنه أربع عشرة سنة وجلس للتحديث وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة وارتحل إلى الحجاز والشام ومصر والعراق والجزيرة وخراسان ليتعلم على عدد من علماء الحديث، ومن شيوخه أحمد بن يونس اليربوعي والحسن بن بشر.
وروي عن ابن مهدي الرازي المعمر قال: هذا الشيخ عندي صدوق فانه قال رأيت أبا زرعة الرازي فقلت له كيف رأيته فقال أسود اللحية نحيف أسمر وهذه صفة أبي زرعة.

قوة حفظه
قال صالح بن محمد جزرة سمعت أبا زرعة يقول كتبت عن إبراهيم ابن موسى الرازي مائة ألف حديث وعن أبي بكر بن أبي شيبة مائة ألف فقلت له بلغني أنك تحفظ مائة ألف حديث تقدر أن تملي علي ألف حديث من حفظك قال لا ولكن إذا ألقي علي عرفت.
وسئل أبو زرعة عن رجل حلف بالطلاق أن أبا زرعة يحفظ مائتي ألف حديث هل حنث فقال: لا، ثم قال أبو زرعة أحفظ مائتي ألف حديث كما يحفظ الإنسان قل هو الله أحد (سورة الإخلاص) وفي المذاكرة ثلاث مائة ألف حديث.
وروي عن محمد بن مسلم قال: كنت عند إسحاق بنيسابور فقال رجل من العراق سمعت أحمد بن حنبل يقول صح من الحديث سبع مائة ألف حديث وكسر وهذا الفتى يعني أبا زرعة قد حفظ ست مائة ألف حديث.
وعن ابن عدي قال:سمعت أبا يعلى الموصلي يقول ما سمعنا بذكر أحد في الحفظ إلا كان اسمه أكبر من رؤيته إلا أبا زرعة الرازي فإن مشاهدته كانت أعظم من اسمه وكان قد جمع حفظ الأبواب والشيوخ والتفسير كتبنا بانتخابه بواسط ستة آلاف حديث.
وقال الحاكم سمعت الفقيه أبا حامد أحمد بن محمد سمعت أبا العباس الثقفي يقول لما انصرف قتيبة بن سعيد إلى الري سألوه أن يحدثهم فامتنع فقال: أحدثكم بعد أن حضر مجلسي أحمد وابن معين وابن المديني وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو خيثمة قالوا له فإن عندنا غلاما يسرد كل ما حدثت به مجلسا مجلسا قم يا أبا زرعة قال فقام فسرد كل ما حدث به قتيبة فحدثهم قتيبة.
وقال سعيد بن عمرو الحافظ سمعت أبا زرعة يقول دخلت البصرة فحضرت سليمان الشاذ كوني يوم الجمعة فروى حديثا فرددت عليه ثم قال حدثنا ابن أبي غنية عن أبيه عن سعد ابن إبراهيم عن نافع بن جبير قال: [لا حلف في الإسلام] فقلت هذا وهم وهم فيه إسحاق بن سليمان وإنما هو سعد عن أبيه عن جبير قال من يقول هذا قلت حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا أبن أبي غنية فغضب ثم قال لي ما تقول فيمن جعل الأذان مكان الإقامة قلت يعيد قال: من قال هذا قلت الشعبي قال من عن الشعبي قلت حدثنا قبيصة عن سفيان عن جابر عن الشعبي قال ومن غير هذا قلت إبراهيم وحدثنا أبو نعيم حدثنا منصور بن أبي الأسود عن مغيرة عنه قال أخطأت قلت حدثنا أبو نعيم حدثنا جعفر الأحمر حدثنا مغيرة قال أخطأت قلت حدثنا أبو نعيم حدثنا أبو كدينة عن مغيرة قال أصبت ثم قال أبو زرعة اشتبه علي وكتبت هذه الأحاديث الثلاثة عن أبي نعيم فما طالعتها منذ كتبتها ثم قال وأي شيء غير هذا قلت معاذ بن هشام عن أشعث عن الحسن قال هذا سرقته مني وصدق كان ذاكرني به رجل ببغداد فحفظته عنه.


ثناء العلماء عليه
قال أبو بكر الخطيب: كان إماما ربانيا حافظا متقنا مكثرا جالس أحمد بن حنبل وذاكره وحدث عنه.
وقال ابن أبي شيبة ما رأيت أحفظ من أبي زرعة.
وقال محمد بن إسحاق الصاغاني: أبو زرعة يشبه بأحمد بن حنبل.
وقال علي بن الحسين بن الجنيد ما رأيت أحدا أعلم بحديث مالك ابن أنس مسندها ومنقطعها من أبي زرعة وكذلك سائر العلوم.
قال ابن أبي حاتم سئل أبي عن أبي زرعة فقال إمام.
قال عمر بن محمد بن إسحاق القطان سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول ما جاوز الجسر أحد أفقه من إسحاق بن راهويه ولا أحفظ من أبي زرعة.
وقال إسحاق بن راهويه: كل حديث لا يعرفه أبو زرعة الرازي فليس له أصل.
قال ابن أبي حاتم سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: ما رأيت أكثر تواضعا من أبي زرعة هو وأبو حاتم إماما خراسان.
وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن أحمد سمعت أحمد بن حنبل يدعو الله لأبي زرعة وسمعت عبد الواحد بن غياث يقول ما رأى أبو زرعة مثل نفسه.
ابن عدي سمعت القاسم بن صفوان سمعت أبا حاتم يقول أزهد من رأيت أربعة آدم بن أبي إياس وثابت بن محمد الزاهد وأبو زرعة الرازي وذكر آخر.
قال النسائي: أبو زرعة رازي ثقة.
وقال إسحاق بن إبراهيم بن عبد الحميد القرشي سمعت عبد الله بن أحمد يقول ذاكرت أبي ليلة الحفاظ فقال يا بني قد كان الحفظ عندنا ثم تحول إلى خراسان إلى هؤلاء الشباب الأربعة قلت من هم قال أبو زرعه ذاك الرازي ومحمد بن إسماعيل ذاك البخاري وعبد الله بن عبد الرحمن ذاك السمرقندي والحسن بن شجاع ذاك البلخي قلت يا أبه فمن أحفظ هؤلاء قال أما أبو زرعة فأسردهم وأما البخاري فأعرفهم وأما عبد الله يعني الدارمي فأتقنهم وأما ابن شجاع فأجمعهم للأبواب.

مواقف من حياته
قال أبو علي جزرة قال لي أبو زرعة مر بنا إلى سليمان الشاذكوني نذاكره قال فذهبنا فما زال يذاكره حتى عجز الشاذكوني عن حفظه فلما أعياه ألقى عليه حديثا من حديث الرازيين فلم يعرفه أبو زرعة فقال سليمان يا سبحان الله حديث بلدك هذا مخرجه من عندكم وأبو زرعة ساكت والشاذكوني يخجله ويري من حضر أنه قد عجز فلما خرجنا رأيت أبا زرعة قد اغتم ويقول لا أدري من أين جاء بهذا فقلت له وضعه في القوت كي تعجز و تخجل قال هكذا قلت نعم فسري عنه.
++++++++
وروي عن ابن عدي سمعت محمد بن إبراهيم المقرئ سمعت فضلك الصائغ يقول دخلت المدينة فصرت إلى باب أبي مصعب فخرج إلي شيخ مخضب وكنت ناعسا فحركني وقال: من أين أنت أي شيء تنام، قلت: أصلحك الله أنا من الريّ، فقال: تركت أبا زرعة وجئتني لقيت مالكا وغيره فما رأت عيناي مثل أبي زرعة.
قال ودخلت على الربيع بمصر فقال من أين قلت من الري قال تركت أبا زرعة وجئت إن أبا زرعة آية وإن الله إذا جعل إنسانا آية أبانه من شكله حتى لا يكون له ثان
++++*
وقال أبو نعيم بن عدي سمعت ابن خراش يقول كان بيني وبين أبي زرعة موعد أن أبكر عليه فأذاكره فبكرت فمررت بأبي حاتم وهو قاعد وحده فأجلسني معه يذاكرني حتى أضحى النهار فقلت بيني وبين أبي زرعة موعد فجئت إلى أبي زرعة والناس منكبون عليه فقال لي تأخرت عن الموعد قلت بكرت فمررت بهذا المسترشد فدعاني فرحمته لوحدته وهو أعلى إسنادا منك.
++++*
وروي عن محمد بن مسلم بن وارة قال: رأيت أبا زرعة في المنام فقلت له ما حالك قال أحمد الله على الأحوال كلها إني حضرت فوقفت بين يدي الله تعالى فقال لي يا عبيد الله لم تذرعت في القول في عبادي قلت يا رب إنهم حاولوا دينك فقال صدقت ثم أتي بطاهر الخلقاني فاستعديت عليه إلى ربي فضرب الحد مائة ثم أمر به إلى الحبس ثم قال ألحقوا عبيد الله بأصحابه وبأبي عبد الله وأبي عبد الله وأبي عبد الله سفيان ومالك وأحمد بن حنبل.
++++*
قال أبو الحسن البناني حدثنا محمد بن علي بن الهيثم الفسوي قال لما قدم حمدون البرذعي على أبي زرعة لكتابة الحديث دخل فرأى في داره أواني وفرشا كثيرة وكان ذلك لأخيه قال فهم أن يرجع ولا يكتب فلما كان من الليل رأى كأنه على شط بركة ورأى ظل شخص في الماء فقال أنت الذي زهدت في أبي زرعة أما علمت أن أحمد بن حنبل كان من الأبدال فلما مات أبدل الله مكانه أبا زرعة.
++++*
وسمعت أبا زرعة يقول إذا انفرد ابن إسحاق بالحديث لا يكون حجة ثم روى له حديث القراءة خلف الإمام وسمعته يقول كان الحوضي وعلي بن الجعد وقبيصة يقدرون على الحفظ يجيؤون بالحديث بتمام وذكر عن قبيصة كأنه يقرأ من كتاب، قلت يعجبني كثيرا كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل يبين عليه الورع بخلاف رفيقه أبي حاتم فإنه جراح، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي ومحمد بن الحسين الفقيه وإبراهيم بن عبد الرحمن الشاهد وست القضاة بنت يحيى قراءة قالوا أخبرتنا كريمة بنت عبد الوهاب القرشية أخبرنا أبو الخير محمد بن أحمد بن محمد الباغبان في كتابه أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن منده أخبرنا أبي أخبرنا محمد بن الحسين النيسابوري حدثنا أبو زرعة الرازي حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال كان من دعاء النبي (صلى الله عليه وسلم) اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك وجميع سخطك، أخرجه مسلم عن أبي زرعه فوافقناه بعلو درجة.

وفاته
قال أبو جعفر محمد بن علي وراق أبي زرعة حضرنا أبا زرعة وهو يحتضر بماشهران وهو في السوق حدثنا بندار وعنده أبو حاتم وابن وارة والمنذر بن شاذان وغيرهم فذكروا حديث التلقين لقنوا موتاكم لا إله إلا الله واستحيوا من أبي زرعة أن يلقنوه فقالوا تعالوا نذكر الحديث فقال ابن وارة حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن صالح وجعل يقول ابن أبي ولم يجاوزه وقال أبو حاتم حدثنا بندار حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح ولم يجاوز والباقون سكتوا فقال أبو زرعة وهو في السوق حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الحميد عن صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة عن معاذ ابن جبل قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) [من كان آخر كلامه لا اله إلا الله دخل الجنة وتوفي رحمه الله]
قال أبو الحسين بن المنادي وأبو سعيد بن يونس توفي أبو زرعة الرازي في آخر يوم من سنة أربع وستين ومائتين ومولده كان في سنة مائتين.
وذكر إبراهيم بن حرب العسكري أنه رأى أبا زرعة الرازي بالمنام وهو يؤم الملائكة في السماء الرابعة فقلت بم نلت هذه المنزلة قال برفع اليدين في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه.


الساعة الآن 04:12 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى