منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   الشعر والأدب العالمي المترجم (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=127)
-   -   الجدتان - أربع روايات قصيرة للأديبة دوريس ماي ليسّينج (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=2915)

المُنـى 27 - 12 - 2009 03:05 PM

الجدتان - أربع روايات قصيرة للأديبة دوريس ماي ليسّينج
 
الجدتان - أربع روايات قصيرة للأديبة ليسّينج

يحوي هذا العمل أربع روايات قصيرة للأديبة ليسّينج, هي :الجدتان, فكتوريا وآل ستافيني, السبب, وطفل غير شرعي..
الثيم العام على روايات هذا الكتاب هو الرومانسية . نجد هذا واضحاً في جميع الفصول خلا "السبب". ويبدو لي من خلال قراءتي للعمل بأن الاقتباس الذي أوردته بالأعلى من فيلم "اسم الوردة" مناسب تماماً , فالخلط واضح بين الحب الحقيقي وبين الشهوة الآنية التي استعملتها الكاتبة بشكلٍ واضح في أعمدة بناء رواياتها الأربع.

وعموماً, نجد في هذه الروايات رسائل مخفية -مشفرة إن أمكن- نتوصل إلى معرفتها عند قراءة الرواية كاملة. فمثلاً,في رواية "السبب",نجد فكرة الجزء الغائب هو المتسلط دوماً في الأمور والمتحكم بها, على الرغم من عدم ظهوره وتهميشه ظاهرياً,وهذا الجزء يتمثل في المرأة "ديسترا" التي كانت مغمورةً قبل أن تقوم باغتيال السوط, ونجده في المرأة التي أحبها دي رود من المدن وغيرت جميع تعاليمه وأساس دولته.


نبذة عن الكاتبة:

دوريس ماي ليسّينج (1919م) إيرانية المولد بريطانية الجنسية. من عمالقة الأدب العالمي الحديث ,قدمت أكثر من 60 عملاً ادبياً, لم يترجم منها إلى العربية سوى أربع روايات هي :
"مذكرات من نجا" ,"الحلم الجميل", "الأنثى" و "الجدتان".
حازت على العديد من الجوائز العالمية في مجال الأدب. أهمها جائزة نوبل للآداب 2007م -حيث تعتبر أكبر الحائزين على الجائزة عمراً إلى الآن-, جائزة سومرست موم البريطانية (1954م), وجائزة لوس أنجلس تايمز للكتاب (1995م).
اتخذت من جين سومرز اسماً لها في العديد من كتاباتها.
لكن أهم أعمالها على الإطلاق -من وجهة نظرها هي- هي سلسلة الخيال العلمي "Canopus in Argos".
تميزت أعمالها بثلاث مراحل من التحولات, قدمت في كل مرحلةٍ منهن إبداعاً أدبياً, فتنقلت بين الأعمال الشيوعية,أولى مراحلها, تلتها أعمالها المهتمة بالسيكولوجيا, لتصل أخيراً إلى الخيال العلمي.
تعيش الآن بمدينة لندن البريطانية.

الرواية الأولى: الجدتان..

"توقفت ميري, وتهالكت على أحد الكراسي إلى جوار منضدةٍ قريبة. كانت لاتزال تنظر إلى ليليان, ثم إلى زوجها توماس. ثم تحركت من وجهٍ إلى وجه, تلك العينان الصغيرتان اللتان تنمان عن اتهام. كانتا عينان تفتشان عن شيءٍ ما. كانت في يدها علبة رسائل, كانت تجلس على بعد عشرة أقدامٍ وهي تحملق".
"أخيراً نهضت ميري, لكن بصعوبةٍ بالغة, وسارت نحو المنضدة, التي كانت تجلس الأسرة من حولها, وتركت نفسها تنهار فوق أحد الكراسي البعيدة عنهم ,فهي ليست واحدة منهم"!
كان هذا هو موقف ميري لويد وهي تمسك بحزمة رسائل توماس الغرامية التي كان يرسلها إلى صديقة أمه ليليان. لم تكن تظن يوماً أن عجوزاً في عمر ليليان قد تحاول أو أن تفكر حتى بأن تقع في حب فتاً بعمر ابنها!!!..لابد أن نعود قليلاً إلى الوراء لنفهم الحكاية.
كانت روزانا وليليان فتاتين صغيرتين, مقربتين من بعضهما البعض, تعيشان في باكستر تيث "كان باكستر رحالة لا يعرف طعم الراحة بحاراً حط مصادفة في هذه الجنة من الخليج"..وكذلك كانتا..تشبهانه إلى حدٍ ما.
ثم كبرتا ونضجتا , فـ"ـالتحقت الاثنتان بالجامعة, ليليان بسبب الرياضة وروزانا بسبب الفرقة المسرحية". ثم وقعت ليليان في غرام ثيو ويسترن, بينما وقعت روزانا مع هارولد ستراذر. ليتزوج الأربعة ,و ترزق ليليان بابنها إيان، في حين رُزقت روزانا بولدٍ أسمته توماس.
لكن المآسي كانت في طريقها إلى بيت ليليان, إذ توفي زوجها ثيو في حادث سير. ولم يكن حظ روزانا بأفضل منها, إذ انفصلت عن هارولد ليعيش كلاً منهما بعيداً عن الآخر.." وفي تلك البلدة الساحلية ,حيث يضع الطقس وأسلوب الحياة الناس أمام الأنظار دوماً ,كانت هناك امرأتان, بلا رجلين. بمعية ولديهما".
وبمرور الأيام نشأت علاقة صداقة بين توماس وإيان. كأبناء صديقتين , إلا أن الأمر تعقد أكثر فأكثر, حينما أصبحا منخرطين في علاقةٍ معهما.. إذ كان توم مغرم بليليان ,بينما انخرط إيان بعشق روزانا.
لكن سفر توماس إلى والده هارولد, لتقديم بعض العروض المسرحية ,كان من شأنه أن يغير تفكيره قليلاً تجاه الحياة. وهناك وقع في حب ميري لويد وهي شابة على مقربةٍ من عمره.. "ففي هذا المكان البعيد عن البيت, وعن والدته ,وعن ليليان, أدرك العدد الكبير من الروابط والحقوق المقيّد بها هناك"، لينتهي بهما الأمر كزوجين.
كما تعرف إيان على هانّا ,وأغرم بها, ليصير كصديقه متزوجاً ..
إلا أن الاشتياق إلى ليليان، جعل توماس يبدأ بكتابة الرسائل إليها، معبراً عن اشتياقه وغرامه. وبدأت هي ترد عليه. لتتالى رسائلهما غراماً وعشقاً.
ومرت الأيام, وفي أحدها استطاعت هانّا أن تكتشف العلاقة السرية التي كانت تجري بين زوجها إيان وروزانا . فأخبرت ميري التي بدورها بدأت في التفتيش عن علاقةٍ من المفترض أن تكون قائمة بين زوجها توماس وإيليان. لتجد أخيراً حزمة رسائل في حقيبة زوجها. التقطتها واتجهت إلى تجمع الأسرة (ليليان وإيان, وروزانا وتوماس) في مطعم باكستر. اتجهت إلى هناك "وأخيراً نهضت ميري, لكن بصعوبة بالغة, وسارت نحو المنضدة التي كانت تجلس الأسرة من حولها ,وتركت نفسها تنهار فوق أحد الكراسي البعيدة عنهم، فهي ليست واحدةٌ منهم"..

يتبع

المُنـى 27 - 12 - 2009 03:06 PM

الرواية الثانية: فكتوريا وآل ستافيني


"ظلمة باردة حلت فوق ساحة اللعب في فناء المدرسة" في هذه الصورة , بقيت فكتوريا الفتاة السوداء ذات التسعة أعوام, وتوماس ستافيني ,الولد المدلل لعائلة ستافيني الثرية, بقيا ينتظران من يقلهما.
(كان ذلك النهار رهيباً بالنسبة إليها, فقد ابتدأ بنقل خالتها إلى المستشفى على جناح السرعة) لقد طلبت إدارة المدرسة من عائلة ستافيني أن تُقل فكتوريا إلى بيتهم الغني, لعدم وجود من يقدر على أخذها من المدرسة.. فقد ماتت أمها منذ زمن, وهاهي خالتها تشارف على الموت.
جاء إدوارد ستافيني وحملها مع أخيه إلى بيت العائلة حيث اعتنى بها, فقد كان بيت ستافيني بيتاً ليبرالياً لا يفرق بين البشر, ويؤمن بحقوق الناس والمساواة..إلا أن إحسان إدوارد الذي يكبرها كثيراً, علّق في قلبها حباً له إلى النهاية.. (لقد جذبها إدوارد من يدها وسار بها على مدى صورٍ من الزمن).. وهكذا قضت تلك الليلة في بيت ستافيني.
وفي اليوم التالي ,ذهبت إلى عائلة تشادويك, مع ابنتهم بيسي , فأمهم فيليس تشادويك كانت صديقةً لخالتها, وهكذا عاشت معهم ,حتى تم إخراج خالتها من المستشفى فاعتنت بها و لكنها (ظلت تذهب سراً إلى البيت "بيت آل ستافيني" وتقف في ذلك المكان أو تمشي جيئةً وذهاباً خارجه, متمنيةً بالقدر نفسه أن يراها وألا يراها احد)..
(لقد أدركت الآن مبعث التشوش والاضطراب في ذهنها على مدىً طويل :ففي ذلك البيت لايوجد سوى أسرة واحدة, هي أسرة تلك المرأة الشقراء, الأم, ومعها توماس وإدوارد. ولم تسأل نفسها عن سبب عدم وجود أب, ولم يكن لأيٍ من الأسر التي تعرفها أب, بمعنى أب حقيقي موجود فعلاً في البيت)..
لم يمر وقت طويل, حتى فارقت خالتها الحياة.. فـ(بقيت فكتوريا في الشقة الفارغة ,وفتحت النوافذ لتطرد روائح الموت والأدوية)..مع حزنها, إلا أنها كانت سعيدةً بعض الشيء ,لقد أصبح لها أخيراً مكاناً خاصاً بها لوحدها. شقة خالتها. لكن ذلك لم يكن حقيقياً , فسرعان ماتمت مصادرة الشقة لأن فكتوريا مازالت تُعدُ قاصراً ولايمكنها أن تحتفظ بمثل هذه الشقة, لذا لابد لها من أن تسكن مع عائلةٍ أخرى أو تذهب إلى دار الأيتام..إلا أن فيليس استقبلتها في بيتها وأسكنتها مع عائلتها.
كانت تجربة حياة فيليس تشادويك مدرسة!! لقد قالت لها بطريقةٍ أو بأخرى "بالله عليكِ اخرجي واستمتعي بوقتك, لأنكِ ستقابلين رجلاً ما, وعندئذٍ يحين أجلك"!! نصحتها بأن تستخدم جميع إمكانياتها لتحصيل المال وتجربة الحياة. وهذا ماحدث, فأخذت تعمل في العديد من الأعمال, ولكنها استقرت أخيراً في العمل في نادٍ للقمار, وهناك قابلت توماس ستافيني والذي صار حينها في السابعة عشرة من عمره, أما هي فقد تجاوزت التاسعة عشر. وهناك تواعدا على اللقاء ثانيةً.. وهكذا بدأت علاقتهما التي استمرت فصل الصيف بكامله..كان نتيجة ذلك حمل فكتوريا.
إلا أن علاقتهما انقضت دون أن يدري توماس بحملها , ودون أن تدري هي حتى بانقطاعها! وبمرور الزمن صار لديها ميري الصغيرة , وأخذ دولاب الزمن يدور حتى التقت بشابٍ موسيقي أسود هو سام بيسلي, وأصبحت السيدة بيسلي, كما أنجبت منه ديكسون.
إلا أن الحياة مازالت تملك المفاجأت لفكتوريا,ففيليس ,راعيتها الأولى ماتت فجأةً!! وبحادث سيارة انتهت حياة بيسلي ليخلف وراءه أرملة!.
وهنا توسطت فكتوريا أحزانها (بدت فكتوريا أمام نفسها كأنها مخلوق صغير لا حول له ولا قوة, فشقت طريقها بضربات حظ)! وهنا قررت أن من حق ابنتها ميري أن تحيا حياة عائلتها التي تنتمي إليها فعلاً, عائلة ستافيني, فاتصلت بتوماس لتخبره بأن له بنتاً اسمها ميري. وهي تبلغ السادسة من العمر الآن , وعلى غير المتوقع تقبل توماس الخبر بكل حماس وفرح, وطلب رؤيتها .. وأُعجب بابنته الصغيرة وأحبها أيما حب.
كما أحبتها عائلة ستافيني ,وقرروا أن يجعلوها أحد أفراد عائلتهم..مما يعني أنها ستدرس في مدارسهم وليست مدارس أمها ,وهذا ماكانت فكتوريا تريده حقاً.
وهكذا تعيش ميري حياتها التي تنتمي لها بينما عاشت أمها حياتها أيضاً!!


الرواية الثالثة: السبب

(بالأمس دفنت الحادي عشر, فأصبحتُ بذلك الشخص الباقي من الاثني عشر. ثمة موقعٌ شاغرٌ في مقبرتنا بين الحادي عشر و الأول ينتظرني أنا, الثاني عشر).. كانت هذه الكلمات ,بداية تدوينٍ لتاريخ أمة ,وميلاد شعب, كما هي ساعة وفاته أيضاً!.
لقد أوصى الحادي عشر قائلاً للثاني عشر "بعد أن يكون الاثنا عشر قد ماتوا فإن الحقيقة تكون قد ماتت بدورها, وعندما تأتي للالتحاق بنا لن يبقى أحدٌ ليروي قصتنا (...) احكِ ,اجمع المدن كلها واحكِ القصة, وعندئذٍ ستبقى في أذهانهم ولن تختفي"..
كان ينبغي على أحدهم أن يروي القصة, كان ينبغي على صانع القصة أن يرويها "ربما أموت أنا إثر أي نفسٍ أتنفسه, هنالك الكثير الذي يمكنني إنجازه..تدوين حكايتنا وإن باختصارٍ على الأقل"..
"منذ ست حيواتٍ تغلب علينا الروديون القادمون من الشرق" هكذا تبدأ الحكاية..لقد كانت " جيادهم تثير الرهبة قدر الرهبة التي تثيرها فرسانها الذين يعتلون ظهورها. تعلمت كيف تطأ بحوافرها وتنهش من لحم كل عدوٍ يقف في طريقها".. لقد "أطلقنا على القائد كلمة رود", فوحد رود هذه البلدات الصغيرة المتناثرة, ليجعل منها بلدةً واحدةً كاملةً سماها المدن.
"لقد سن نظاماً قانونياًُ مرتجلاً لكنه يفي بالغرض, فحواه العين بالعين والسن بالسن"..كانت هذه جزءاً من سيرة رود أول الحكام الروديين, خلفه ابنه إينرود, فأحدث تغييرات جوهرية "فالقانون بات أكثر مرونةً ومنحت النساء حقوق الملكية نفسها التي يتمتع بها الرجل", ثم انقضى زمنه, ليليه ابنه السوط! " وهو اسم ينطبق عليه تماماً, إذ كان قاسياً لا يرحم(...) لكن زوجه هي التي أنقذت المدن" حيث دست له السم!!
وهنا ظهرت ديسترا لتحكم المدن " كان الحاكم الجديد هو ديسترا التي حاولت بدءاً وضع حدٍ لهذه القصص والأغاني القاسية المنحرفة التي أحدثت أنظمةً وسط السكان فاستخدموها مبرراً لفعل الإثم (...) أنشأت ديسترا كليةً لرواة القصص وأخرى لكتاب الأغاني (...) كانت ديسترا امرأةً مسنةً عندما أطلقت علينا اسم حراس الشعب, وكان ذلك الاسم هو أول اسمٍ لنا"..
لقد "كنت موجوداً بينهم لأن والدتي كانت صديقة ديسترا, وهي من إحدى الأسر التي كانت ديسترا تختار من بين صفوفها المديرين والحكام وقادة الجيش, فكان هناك زهاء اثنتي عشرة أسرة"..اختارت ديسترا الاثني عشر. –لقد كانوا في البداية ثلاثة عشر, إلا أن أحدهم لابد أن بخلف ديسترا إذا ما ماتت فسيتبقى في النهاية اثنا عشر.
وضعت ديسترا ابنها دي رود و ابنتها شوشة ضمن الاثنا عشر.
وعندما بلغ الاثنا عشر الخامسة عشر من العمر, داهم المرض ديسترا فدعتهم للاجتماع وأبلغتهم أن عليهم أن يختاروا أحدهم خلفاً لها. كانت كلماتها واضحة جداً "إن كون دي رود ابني لا يعني أنه يجب أن يُختار, ولا أن تُختار شوشة لأنها ابنتي"..
وهكذا انعقد مجلس الاثني عشر لاختيار الخليفة.. وقررنا بالإجماع.. " اخترنا دي رود, ولعل سبب ذلك يرجع إلى نتيجةٍ معروفةٍ مقدماً (...) أن دي رود وريث ديسترا في كل الأحوال (...) لقد اخترناه على الرغم من علمنا بأن ديسترا كانت مخلصةً في قولها بأن علينا أن نختار الأفضل" .
ولما علمت ديسترا باختيارهم لم تكن تستطع إخفاء العلامة التي ارتسمت على وجهها والتي تنطق بأن هذا الاختيار لم يرق لها وكانت تخشاه..وربما خيب أملها فيهم!! "أتذكر كيف وقفنا كلنا ننتظر ونشعر بالخذلان المريع, وربما شعرنا أيضاً ن رفض ديسترا التعبير عن شكرها لنا إنما يعني خيبة أملها فينا أو غضبها منا"!!
وهكذا قضت ديسترا فخلفها المنتخب دي رود , وكانت الأمور جيدةٌ في بدايتها , إلى أن تعلق بإحدى الفتيات من المدن. حينها بدأ يتصرف بغرابة, فأبدا اهتماماً شديداً بالجيش وتناسى الاثنا عشر الذين خرج من بينهم حاكماً. ولقد ماتوا جميعاً الآن ولم يبق سوى واحد.. " جلست فوق الصخرة التي تغطي قبر شوشة ونظرت إلى القبور واحداً واحداً, وأنا أفكر في أصدقائي (...) كم تمنيت لو كان في إمكاني أن أستلقي في قبري وينتهي كل شيء (...) لقد تبخر كل ماعملنا من أجله. لقد كان زماناً مدهشاً, كل مافيه رائع أشبه بحلم, بات بعيداً وانتهى"..
تغيرت قصص الأسلاف وشوهت, وأصبحت مسخاً مشوهاً الآن!! لا يطيق الانسان أن يسمعها فكيف يتلذذ بها شباب هذا الزمن!!
لقد غير دي رود الموسيقى الأولى واستبدلها بأخرى عنيفة وفجة!! لقد "عادت بذاءة السوط القاسي"..و "بعد أن أُخمِدَت على حين غرة كل احتفالات القصص والموسيقى, ظهرت كل أنواع الخرافات وانتشرت الآلهة الجديدة. لم تكن قصصنا وأغانينا تحتفي بالآلهة بل كانت هناك حقيقة أساسية عن ارتباطنا ببعضنا بعضاً تحت الشمس"..
لقد خيبنا ظن ديسترا فـ" اخترنا الوحش الذي كان يدمر كل شيءٍ صنعته أمه".
"لقد شاهدنا هذا الانسان الموجود هنا, دي رود بوصفه غادراً, وغداً, طموحاً, يحبك الدسائس لا ضمير له..لقد كانت الحقيقة دائماً وأبداً أنه غبي"..كانت الحقيقة أن "ثمة من يُسدي النصح إلى دي رود ويرشده (...) ربما لم يستلم على مدى كل هذه الأعوام رسائلنا"!!
" لقد خذلناها. الغلطة غلطتنا, ونحن نتحمل المسؤولية. لقد كنا نحن بأفرادنا الاثني عشر المنشغلين دوماً بجهودنا بالإنابة عن المدن المتفاخرين بمنجزاتنا ,نحن, ولا أحد غيرنا, سبب خراب المدن, وعلى الأرجح تماماً, سبب تحطم فؤاد ديسترا قبيل وفاتها".
كان هذا الاستنتاج الأخير قبل أن يختم آخر الاثنا عشر بحكاية خبرٍ عن عمّال السور, وكان قد كلف دي رود عمّالاً ليصنعوا سوراً حول المدن يفصلها عن العالم الخارجي تماماً..لقد ذكر العمّال أنهم وجدوا أثناء عملهم في بناء السور بقايا مدينةٍ تحت المدن !! وقال الناس :"في يومٍ من الأيام, كانت توجد مدينةٌ جميلةٌ هنا تحت الأرض التي نقف عليها. ما الشيء الذي سيحول دون حدوث ذلك مرةً أخرى؟"...
بهذه القصة التي كتبها آخر الاثنا عشر, بدأ علماء الآثار في التنقيب عن مُدُنِه والمدينة المغمورة التي حكى عنها!!!


الرواية الثالثة: السبب

(بالأمس دفنت الحادي عشر, فأصبحتُ بذلك الشخص الباقي من الاثني عشر. ثمة موقعٌ شاغرٌ في مقبرتنا بين الحادي عشر و الأول ينتظرني أنا, الثاني عشر).. كانت هذه الكلمات ,بداية تدوينٍ لتاريخ أمة ,وميلاد شعب, كما هي ساعة وفاته أيضاً!.
لقد أوصى الحادي عشر قائلاً للثاني عشر "بعد أن يكون الاثنا عشر قد ماتوا فإن الحقيقة تكون قد ماتت بدورها, وعندما تأتي للالتحاق بنا لن يبقى أحدٌ ليروي قصتنا (...) احكِ ,اجمع المدن كلها واحكِ القصة, وعندئذٍ ستبقى في أذهانهم ولن تختفي"..
كان ينبغي على أحدهم أن يروي القصة, كان ينبغي على صانع القصة أن يرويها "ربما أموت أنا إثر أي نفسٍ أتنفسه, هنالك الكثير الذي يمكنني إنجازه..تدوين حكايتنا وإن باختصارٍ على الأقل"..
"منذ ست حيواتٍ تغلب علينا الروديون القادمون من الشرق" هكذا تبدأ الحكاية..لقد كانت " جيادهم تثير الرهبة قدر الرهبة التي تثيرها فرسانها الذين يعتلون ظهورها. تعلمت كيف تطأ بحوافرها وتنهش من لحم كل عدوٍ يقف في طريقها".. لقد "أطلقنا على القائد كلمة رود", فوحد رود هذه البلدات الصغيرة المتناثرة, ليجعل منها بلدةً واحدةً كاملةً سماها المدن.
"لقد سن نظاماً قانونياًُ مرتجلاً لكنه يفي بالغرض, فحواه العين بالعين والسن بالسن"..كانت هذه جزءاً من سيرة رود أول الحكام الروديين, خلفه ابنه إينرود, فأحدث تغييرات جوهرية "فالقانون بات أكثر مرونةً ومنحت النساء حقوق الملكية نفسها التي يتمتع بها الرجل", ثم انقضى زمنه, ليليه ابنه السوط! " وهو اسم ينطبق عليه تماماً, إذ كان قاسياً لا يرحم(...) لكن زوجه هي التي أنقذت المدن" حيث دست له السم!!
وهنا ظهرت ديسترا لتحكم المدن " كان الحاكم الجديد هو ديسترا التي حاولت بدءاً وضع حدٍ لهذه القصص والأغاني القاسية المنحرفة التي أحدثت أنظمةً وسط السكان فاستخدموها مبرراً لفعل الإثم (...) أنشأت ديسترا كليةً لرواة القصص وأخرى لكتاب الأغاني (...) كانت ديسترا امرأةً مسنةً عندما أطلقت علينا اسم حراس الشعب, وكان ذلك الاسم هو أول اسمٍ لنا"..
لقد "كنت موجوداً بينهم لأن والدتي كانت صديقة ديسترا, وهي من إحدى الأسر التي كانت ديسترا تختار من بين صفوفها المديرين والحكام وقادة الجيش, فكان هناك زهاء اثنتي عشرة أسرة"..اختارت ديسترا الاثني عشر. –لقد كانوا في البداية ثلاثة عشر, إلا أن أحدهم لابد أن بخلف ديسترا إذا ما ماتت فسيتبقى في النهاية اثنا عشر.
وضعت ديسترا ابنها دي رود و ابنتها شوشة ضمن الاثنا عشر.
وعندما بلغ الاثنا عشر الخامسة عشر من العمر, داهم المرض ديسترا فدعتهم للاجتماع وأبلغتهم أن عليهم أن يختاروا أحدهم خلفاً لها. كانت كلماتها واضحة جداً "إن كون دي رود ابني لا يعني أنه يجب أن يُختار, ولا أن تُختار شوشة لأنها ابنتي"..
وهكذا انعقد مجلس الاثني عشر لاختيار الخليفة.. وقررنا بالإجماع.. " اخترنا دي رود, ولعل سبب ذلك يرجع إلى نتيجةٍ معروفةٍ مقدماً (...) أن دي رود وريث ديسترا في كل الأحوال (...) لقد اخترناه على الرغم من علمنا بأن ديسترا كانت مخلصةً في قولها بأن علينا أن نختار الأفضل" .
ولما علمت ديسترا باختيارهم لم تكن تستطع إخفاء العلامة التي ارتسمت على وجهها والتي تنطق بأن هذا الاختيار لم يرق لها وكانت تخشاه..وربما خيب أملها فيهم!! "أتذكر كيف وقفنا كلنا ننتظر ونشعر بالخذلان المريع, وربما شعرنا أيضاً ن رفض ديسترا التعبير عن شكرها لنا إنما يعني خيبة أملها فينا أو غضبها منا"!!
وهكذا قضت ديسترا فخلفها المنتخب دي رود , وكانت الأمور جيدةٌ في بدايتها , إلى أن تعلق بإحدى الفتيات من المدن. حينها بدأ يتصرف بغرابة, فأبدا اهتماماً شديداً بالجيش وتناسى الاثنا عشر الذين خرج من بينهم حاكماً. ولقد ماتوا جميعاً الآن ولم يبق سوى واحد.. " جلست فوق الصخرة التي تغطي قبر شوشة ونظرت إلى القبور واحداً واحداً, وأنا أفكر في أصدقائي (...) كم تمنيت لو كان في إمكاني أن أستلقي في قبري وينتهي كل شيء (...) لقد تبخر كل ماعملنا من أجله. لقد كان زماناً مدهشاً, كل مافيه رائع أشبه بحلم, بات بعيداً وانتهى"..
تغيرت قصص الأسلاف وشوهت, وأصبحت مسخاً مشوهاً الآن!! لا يطيق الانسان أن يسمعها فكيف يتلذذ بها شباب هذا الزمن!!
لقد غير دي رود الموسيقى الأولى واستبدلها بأخرى عنيفة وفجة!! لقد "عادت بذاءة السوط القاسي"..و "بعد أن أُخمِدَت على حين غرة كل احتفالات القصص والموسيقى, ظهرت كل أنواع الخرافات وانتشرت الآلهة الجديدة. لم تكن قصصنا وأغانينا تحتفي بالآلهة بل كانت هناك حقيقة أساسية عن ارتباطنا ببعضنا بعضاً تحت الشمس"..
لقد خيبنا ظن ديسترا فـ" اخترنا الوحش الذي كان يدمر كل شيءٍ صنعته أمه".
"لقد شاهدنا هذا الانسان الموجود هنا, دي رود بوصفه غادراً, وغداً, طموحاً, يحبك الدسائس لا ضمير له..لقد كانت الحقيقة دائماً وأبداً أنه غبي"..كانت الحقيقة أن "ثمة من يُسدي النصح إلى دي رود ويرشده (...) ربما لم يستلم على مدى كل هذه الأعوام رسائلنا"!!
" لقد خذلناها. الغلطة غلطتنا, ونحن نتحمل المسؤولية. لقد كنا نحن بأفرادنا الاثني عشر المنشغلين دوماً بجهودنا بالإنابة عن المدن المتفاخرين بمنجزاتنا ,نحن, ولا أحد غيرنا, سبب خراب المدن, وعلى الأرجح تماماً, سبب تحطم فؤاد ديسترا قبيل وفاتها".
كان هذا الاستنتاج الأخير قبل أن يختم آخر الاثنا عشر بحكاية خبرٍ عن عمّال السور, وكان قد كلف دي رود عمّالاً ليصنعوا سوراً حول المدن يفصلها عن العالم الخارجي تماماً..لقد ذكر العمّال أنهم وجدوا أثناء عملهم في بناء السور بقايا مدينةٍ تحت المدن !! وقال الناس :"في يومٍ من الأيام, كانت توجد مدينةٌ جميلةٌ هنا تحت الأرض التي نقف عليها. ما الشيء الذي سيحول دون حدوث ذلك مرةً أخرى؟"...
بهذه القصة التي كتبها آخر الاثنا عشر, بدأ علماء الآثار في التنقيب عن مُدُنِه والمدينة المغمورة التي حكى عنها!!!

ملك القلوب 24 - 2 - 2010 11:27 PM

مشكورة المنى على الطرح

صائد الأفكار 5 - 3 - 2010 11:21 PM

شكرا لك على الافادة والطرح
انجاز رااااائع منك يا المنى


يسلمو كثيرررررر

أبو جمال 19 - 3 - 2010 03:02 PM

شكرا لك على الافادة والطرح


يسلمو كثيرررررر

جمال جرار 9 - 7 - 2012 06:56 PM



اشراقة شمس 28 - 9 - 2012 10:56 PM

يسلمووووووو
تحياااااااتي

shreeata 28 - 9 - 2012 11:05 PM

سلمت الايادي على روعة الادراج
تحيات لك
رائعة واكثر

lawanda 29 - 9 - 2012 05:05 PM

شكرا على اختيارك الموفق
تحاتي الك


الساعة الآن 02:57 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى