منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   البادية والتراث العربي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=283)
-   -   اجتماعيات من التراث (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=33383)

زوج السيدة المدير 31 - 8 - 2014 09:11 PM

اجتماعيات من التراث
 
اجتماعيات من التراث

الشعوب هي مهد الحضارة على الأرض ، وعلى أكف أبنائها المكافحين نشأت الحياة ، ومن بين أنامل رجالها المخلصين انبعث وهج المدنية المعاصرة ، وعلى رموش نسائها بزعت الأحلام تلو الأحلام حتى مطلع الفجر .
إن المطّلع على تراث الشعوب اليوم يرى عجبا ، حيث استغلت الشعوب الغابرة كل الظروف من أجل تأمين الحياة لتسير في طريقها الطبيعي رغم الصعاب ، وتغلبت تلك الشعوب على كل عسير ، ونالت قسطا وفيرا من التاريخ الناصع .
بعكس المدنية الحديثة التي لا زالت وفي كل يوم تكتسب المزيد والمزيد من القتامة ، برغم التقدم المادي و التكنلوجي والصناعي في جميع مجالات الحياة .
وشعبنا اليمني من أعرق الشعوب على وجه المعمورة ، وله من البهاء والجلال على صفحات التاريخ ما يجعلك تنبهر لشجاعة هذا الشعب و إقدامه وإصراره على استمرار الحياة بشكل لم يتسن للكثير من الشعوب في الدنيا .
وفي أقصى الشمال و الشمال الشرقي من اليمن الحبيب ، حيث اشتهر تواجد القبائل اليمنية منذ غابر القرون ، والتي لا زالت عروقها تنبض من تحت الثرى حتى اليوم .
كان لتلك القبائل تاريخها العظيم ومجدها الخالد الذي تأبد في صدور أبنائها وبناتها حتى يبعث الله الأرض ومن عليها ، ولا يزال الكثير من العادات و التقاليد الباهرة تمارس حتى يومنا ، وسأستعرض - بتوفيق الله- بعضا منها في هذه العجالة :
عادات :
المقاصد :
و المقاصد في اللغة العربية جمع مقصد ، وهو بمعنى الهدف ، ويقال مقصد أو ( منصد ) بتسكين الحرف الثاني في كلا اللفظتين ، على السواء .
والمراد بالمقصد ( المنصد ) : الذهاب بشكل جماعي من أجل استرضاء فرد أو جماعة أو طلب شيء معين .
وكثرا ما تذبح الذبائح من الأغنام و الأبقار و الجمال ، وتجتمع الرجال للذهاب إلى المقصد لنيل هدف من المقصود .
ومن الأمور التي تحصل فيها المقاصد هو طلب السماح والعفو في القتل غير العمد ، وأحيانا القتل العمد ، حيث تجتمع قبيلة القاتل ومن دار في فلكها ، ويأخذون الأبقار والجمال والأغنام ويذهبون إلى ولي الدم وقبيلته ، فتذبح الذبائح ، وتترك على الأرض في ساحة القبيلة المقصودة ، ويكون الأمر هنا على ثلاثة أوجه :
أما الوجه الأول : فإن أولياء الدم يقبلون ما جاء لأجله القاصدون ، وهنا تسلخ البهائم المذبوحة ، وتعد للأكل ، ويكون أولياء الدم ملزون بضيافة القبيلة القاصدة ، وتطلق الأعيرة النارية في الهواء ابتهاجا بالصلح بين المسلمين ، و تهتز القلوب طربا ، فتقال الأشعار ، و ترفع الأصوات بها في زوامل غير اعتيادية ، في إشادة كبيرة بكرم أولياء الدم ، وكما يقال الإعتذار عند الكرم دية .........
و الوجه الثاني : أن يرفض أولياء الدم العفو عن القاتل ، ولكنهم يسألون القاصدين أن يتفضلوا للضيافة ، ويقولون لهم ، إن الفرار في وجه الأكل من المعيبات ، ويكون للقاصدين خيارين سواء في المقام ، إما البقاء للضيافة ، أو ترك الذبائح و العودة إلى ديارهم .
و الوجه الثالث :
أن لا يقبل أهل القتيل بالمقصد ، ويرفضون العفو عن القاتل ، ثم يرفضون إضافة القبيلة القاصدة ، فيتركونهم بلا ضيافة ، في تعبير عن عدم قبولهم بأي حال من الأحوال ، عندها يغتاظ أهل القاتل وقبيلته ويتركون ذبائحهم على الأرض لتأكلها الكلاب ، تعبيرا عن الإستياء ، وهنا تكون الملامة على أولياء الدم ، لعدم تقديرهم للناس الذين أتوهم يتوسلونهم العفو، ويكون المقصودين ملزمين بدفع ثمن الأنعام المذبوحة على الأرض ، والتي تُركت للكلاب .

ومن الأمور التي تحدث فيها المقاصد ، هو رد الإعتبار لمن اتُّهِم بتهمة ثم تثبت براءته منها ، على أن تكون هذه التهمة من التهم المشينة بين القبائل ، وفي هذه الحالة لا خيار أمام المقصود سوى القبول ، فيقام احتفال مناسب ، يشيد بكرم الرجل .

وتحصل المقاصد كثيرا بعد انتهاكات الحقوق ، سواء في الدم أو المال أو العرض ، عندها لا بد من استرضاء المعتَدَى عليه ، خوفا من تألب القبائل حول الحق ، وأخذه عنوة ، واعتبار التأخر عن إعطاء الحق عيبا سيجازى من قام بذلك ، فيذهب المعتدون ويقصدون المعتدى عليهم ، و يطيّبون أنفسهم ، ويعيدوا حقوقهم .

وفي كل هذا يكون المقصود هو صاحب الكلمة الفصل ، وله أن يقبل المقصد بالشروط التي يراها ، وعلى القاصدين النزول عند حكمه ، والإلتزام بما يشترطه ولو كان جائرا ، ولكن قبيلة المقصود لا بد لها من التدخل ، في التخفيف من وطأة الشروط إن كانت غير منصفة ، إكراما للضيوف الذين أتوا حول المنازل والديار يستجدون من المقصود العفو ، ويطلبون السماح ، ولا زالت هذه العادة تمارس كثيرا حتى يومنا ، ومن عادات العرب هنا إنك إذا دُعيت إلى الذهاب إلى مقصد أن لا تتردد ، ولا يشغلك عذر عن الذهاب ، لأن ذلك يعد من السعي في الصلح بين المسلمين .

أعراف :
النَكَف :
و النكف عرف من أعراف القبائل ، وهو شعور الخال بالإهانة ، والعيب ، عند ختان الصبي دن إبلاغ خاله ، فلا بد من إبلاغ الخال وإخطاره بالعزم على ختان الطفل واستئذانه في ذلك ، وإلا عدّ ذلك عيبا كبيرا ، و إذا لم يتم إبلاغ الخال ، كان له الحق في ختان الصبي مرة أخرى !!!!!!!!!!!!!

أمراض شعبية :

الفِرْو :
ويسمى الخُلعة أو الفجعة ، و هو مرض يصيب الأطفال دون سن الثامنة ، ويحدث عندما يفاجأ الطفل بما يخيفه ، أو يتعرض للرعب الشديد ، ومن أعراضه ، حمى شديدة ، ويكون راحة كف الطفل أشد حرارة من ظهر كفه ، وبياض واضح في العينين , وكسل , وإعياء ، وقيء ، وإسهال .
وهو كما يقال يحدث إلتواء مفاجئ أو انقلاب خطير في الأمعاء ، ويكون علاجه بتمسيد بطن الطفل , وسحبه من أعلى إلى أسفل بطريقة يعرفها أطباء متخصصون في هذا المجال ، ثم وضع رباط على بطن الطفل لمدة ثلاث ألى أربع ساعات ، بعدها يشعر الطفل المريض بالأرتياح ، بسرعة .
وإذا لم يعالج الطفل في الوقت المناسب فإن حالته تسوء جدا ، ومن العجيب أن هذا المرض لا يوجد له علاج في المستشفيات الحديثة ، ولا يعرفه أطباء اليوم ، فإذا ذهبت بالطفل المريض إلى المشافي فإنك لن تجد له الدواء مطلقا ، ولكنك ستجد علاجه عند بعض الشيوخ أو العجائز ، وهو علاج مجاني و الحمد لله .

أكلات شعبية :
المرمومة :
كانت الذرة هي العنصر الأساسي في تكوين الأكلات الشعبية ، فعند تفتيت خبز الذرة إلى فتافت صغيرة جدا ، ثم وضعها في إناء من الحجر ، حتى يمتلئ بها ، ثم يصب عليها السمن الحار ، أو المرق ، أو الحليب ، فإنها تهبط حتى تصل منتصف الإناء ، وتسمى المرمومة .
كما تستخدم الذرة كوجبة هامة وهي لا تزال حباً ، حيث يؤخذ القَدر المراد من حبوب الذرة ثم يوضع في إناء ثم يغمر بالماء ، ويوقد عليها النار حتى يغلي الماء ، ثم يصب الماء من بينها وتترك لتجف قليلا ، وتؤكل مباشرة ، وتسمى اللكْوَة .

ما يؤسف له حقا :
مما يؤسف له تجاه تراثنا العابق بالأصالة أننا بدأنا نتخلى عن الكثير من العادات والتقاليد الغالية ، والتي تعتبر عنصرا فعالا في إقامة الدين ، و الدنيا ، وتركنا ما ورثناه عن الآباء بحجة الحداثة ، والتحمنا بالغرب و أخذنا ما أتانا به من ثقافات ليس لها علاقة لا من بعيد ولا قريب بحياتنا ، وظننا أننا بهذا سنصل إلى الرقي الذي وصله الغرب ، ولكن هذا يعد من فقدان الثقة في النفس والمجتمع ، حتى أصبح الواحد من شباب اليوم يقول لأبيه في الصباح : قوود مورنينق .

أنني من المفاخرين بالتراث الذي تركه الآباء والأجداد والذين تضمهم القبور ، رحمهم الله كم عانوا من أجل العيش ، ونحن اليوم نعاني من أجل اللحاق المسعور وراء الثقافات التي لم تمت لهم بصلة , والله المستعان وعليه التكلان .....

B-happy 31 - 8 - 2014 09:13 PM

رد: اجتماعيات من التراث
 
إبحار ممتع في التراث

خالص الشكر والتقدير لك أخي زوج السيدة المدير

زوج السيدة المدير 31 - 8 - 2014 09:15 PM

رد: اجتماعيات من التراث
 
مشكورة اخت هابي على مرورك والرد
تحيتي

بنت بلادي 31 - 8 - 2014 09:22 PM

رد: اجتماعيات من التراث
 
تسلم الأيادي وما يحرمنا جديدك
مودتي والتحية

~ مذهله ~ 1 - 10 - 2014 08:25 PM

رد: اجتماعيات من التراث
 
تسلم الايادي ويعطيك العافية

وردة المسااااء 13 - 12 - 2014 10:12 PM

رد: اجتماعيات من التراث
 
موضوع وطرح شيق
ورائع اعجبني ورآق لي
شكراً جزيلاً لك .
وبالتوفيق الدائم

ابو فداء 15 - 12 - 2014 11:26 PM

رد: اجتماعيات من التراث
 
مشكوووور
طرح راقي

أوراق الزمن 20 - 12 - 2014 10:40 PM

رد: اجتماعيات من التراث
 
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز

وفي انتظار جديدك الأروع والمميز

لك مني أجمل التحيات

وكل التوفيق لك يا رب

الغضنفر 29 - 12 - 2014 12:27 AM

رد: اجتماعيات من التراث
 
مجهود رائع وموضوع قيّم
استمتعت بتواجدي بصفحتك

بانتظار المزيد من هذا العطاء

لك مني ارقّ تحية وأعذبها

دمت بخير

أرب جمـال 27 - 4 - 2015 07:05 PM

رد: اجتماعيات من التراث
 
شكرا لتعريفنا بتراث الشعب اليمني
فرج الله كربهم
تقديري لك


الساعة الآن 03:11 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى