منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   النقد الأدبي والفني (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=107)
-   -   النقد العربــــي ومناهجـــــه (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=12019)

B-happy 26 - 11 - 2010 02:27 PM

النقد العربــــي ومناهجـــــه
 
النقد العربــــي ومناهجـــــه

النقد العربــــي ومناهجـــــه

الدكتور جميل حمداوي

1- مفهـــوم النقــــــد:

النقد عملية وصفية تبدأ بعد عملية الإبداع مباشرة ، وتستهدف قراءة الأثر الأدبي ومقاربته قصد تبيان مواطن الجودة و الرداءة. ويسمى الذي يمارس وظيفة مدارسة الإبداع ومحاكمته الناقد ؛لأنه يكشف ماهو صحيح وأصيل في النص الأدبي ويميزه عما هو زائف ومصطنع. لكن في مرحلة مابعد البنيوية و مع التصور السيميوطيقي وجمالية التقبل، استبعد مصطلح الناقد وصار مجرد قارئ يقارب الحقيقة النصية ويعيد إنتاج النص وبناءه من جديد . وتسمى مهمة الناقد بالنقد وغالبا ما يرتبط هذا الأخير بالوصف والتفسير والتأويل والكشف والتحليل والتقويم. أما النص الذي يتم تقويمه من قبل الناقد يسمى بالنص المنقود.
هذا، ويخضع النقد لمجموعة من الخطوات و الإجراءات الضرورية التي تتجسد في قراءة النص وملاحظته وتحليله مضمونا وشكلا ثم تقويمه إيجابا وسلبا. وفي الأخير، ترد عملية التوجيه وهي عملية أساسية في العملية النقدية لأنها تسعى إلى تأطير المبدع وتدريبه وتكوينه وتوجيهه الوجهة الصحيحة والسليمة من أجل الوصول إلى المبتغى المنشود .
وإذا كانت بعض المناهج النقدية تكتفي بعملية الوصف الظاهري الداخلي للنص كما هو شأن المنهج البنيوي اللساني والمنهج السيميوطيقي، فإن هناك مناهج تتعدى الوصف إلى التفسير والتأويل كما هو شان المنهج النفسي والبنيوية التكوينية و المنهج التأويلي(الهرمونيتيقي Herméneutique).
وللنقد أهمية كبيرة لأنه يوجه دفة الإبداع ويساعده على النمو والازدهار والتقدم، ويضيء السبيل للمبدعين المبتدئين والكتاب الكبار. كما أن النقد يقوم بوظيفة التقويم والتقييم ويميز مواطن الجمال ومواطن القبح، ويفرز الجودة من الرداءة، والطبع من التكلف والتصنيع والتصنع. ويعرف النقد أيضا الكتاب و المبدعين بآخر نظريات الإبداع والنقد ومدارسه وتصوراته الفلسفية والفنية والجمالية، ويجلي لهم طرائق التجديد و يبعدهم عن التقليد.

2- مـــفهــــوم المنهــــج النقدي:

إذا تصفحنا المعاجم والقواميس اللغوية للبحث عن مدلول المنهج فإننا نجد شبكة من الدلالات اللغوية التي تحيل على الخطة والطريقة والهدف والسير الواضح والصراط المستقيم. ويعني هذا أن المنهج عبارة عن خطة واضحة المدخلات والمخرجات، وهو أيضا عبارة عن خطة واضحة الخطوات والمراقي تنطلق من البداية نحو النهاية. ويعني هذا أن المنهج ينطلق من مجموعة من الفرضيات والأهداف والغايات ويمر عبر سيرورة من الخطوات العملية والإجرائية قصد الوصول إلى نتائج ملموسة ومحددة بدقة مضبوطة.
ويقصد بالمنهج النقدي في مجال الأدب تلك الطريقة التي يتبعها الناقد في قراءة العمل الإبداعي والفني قصد استكناه دلالاته وبنياته الجمالية والشكلية. ويعتمد المنهج النقدي على التصور النظري والتحليل النصي التطبيقي. ويعني هذا أن الناقد يحدد مجموعة من النظريات النقدية والأدبية ومنطلقاتها الفلسفية والإبستمولوجية ويختزلها في فرضيات ومعطيات أو مسلمات، ثم ينتقل بعد ذلك إلى التأكد من تلك التصورات النظرية عن طريق التحليل النصي والتطبيق الإجرائي ليستخلص مجموعة من النتائج والخلاصات التركيبية. والأمر الطبيعي في مجال النقد أن يكون النص الأدبي هو الذي يستدعي المنهج النقدي ، والأمر الشاذ وغير المقبول حينما يفرض المنهج النقدي قسرا على النص الأدبي على غرار دلالات قصة سرير بروكوست التي تبين لنا أن الناقد يقيس النص على مقاس المنهج. إذ نجد كثيرا من النقاد يتسلحون بمناهج أكثر حداثة وعمقا للتعامل مع نص سطحي مباشر لايحتاج إلى سبر وتحليل دقيق، وهناك من يتسلح بمناهج تقليدية وقاصرة للتعامل مع نصوص أكثر تعقيدا وغموضا. ومن هنا نحدد أربعة أنماط من القراءة وأربعة أنواع من النصوص الأدبية على الشكل التالي:
• قراءة مفتوحة ونص مفتوح؛
• قراءة مفتوحة ونص مغلق؛
• قراءة مغلقة ونص مفتوح؛
• قراءة مغلقة ونص مغلق.
وتتعدد المناهج بتعدد جوانب النص ( المؤلف والنص والقارئ والمرجع والأسلوب والبيان والعتبات والذوق....)، ولكن يبقى المنهج الأفضل هو المنهج التكاملي الذي يحيط بكل مكونات النص الأدبي.

3- النقد االعربــــــي القديــــــم :

ظهر النقد الأدبي عند العرب منذ العصر الجاهلي في شكل أحكام انطباعية وذوقية وموازنات ذات أحكام تأثرية مبنية على الاستنتاجات الذاتية كما نجد ذلك عند النابغة الذبياني في تقويمه لشعر الخنساء وحسان بن ثابت. وقد قامت الأسواق العربية وخاصة سوق المربد بدور هام في تنشيط الحركة الإبداعية والنقدية. كما كان الشعراء المبدعون نقادا يمارسون التقويم الذاتي من خلال مراجعة نصوصهم الشعرية وتنقيحها واستشارة المثقفين وأهل الدراية بالشعر كما نجد ذلك عند زهير بن أبي سلمي الذي كتب مجموعة من القصائد الشعرية التي سماها "الحوليات " و التي تدل على عملية النقد والمدارسة والمراجعة الطويلة والعميقة والمتأنية . وتدل كثير من المصطلحات النقدية التي وردت في شعر شعراء الجاهلية على نشاط الحركة النقدية وازدهارها كما يبين ذلك الباحث المغربي الشاهد البوشيخي في كتابه" مصطلحات النقد العربي لدى الشعراء الجاهليين والإسلاميين".
وإبان فترة الإسلام سيرتبط النقد بالمقياس الأخلاقي والديني كما نلتمس ذلك في أقوال وآراء الرسول (صلى الله عليه وسلم) والخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم.
وسيتطور النقد في القرن الأول الهجري وفترة الدولة العباسية مع ابن قتيبة والجمحي و الأصمعي والمفضل الضبي من خلال مختاراتهما الشعرية وقدامة بن جعفر وابن طباطبا صاحب عيار الشعر والحاتمي في حليته وابن وكيع التنيسي وابن جني والمرزوقي شارح عمود الشعر العربي والصولي صاحب الوساطة بين المتنبي وخصومه...
هذا، ويعد كتاب" نقد الشعر" أول كتاب ينظر للشعرية العربية على غرار كتاب فن الشعر لأرسطو لوجود التقعيد الفلسفي والتنظير المنطقي لمفهوم الشعر وتفريعاته التجريدية. بينما يعد أبو بكرالباقلاني أول من حلل قصيدة شعرية متكاملة في كتابه" إعجاز القرآن"، بعدما كان التركيز النقدي على البيت المفرد أو مجموعة من الأبيات الشعرية المتقطعة. وفي هذه الفترة عرف النقاد المنهج الطبقي والمنهج البيئي والمنهج الأخلاقي والمنهج الفني مع ابن سلام الجمحي صاحب كتاب" طبقات فحول الشعراء في الجاهلية والإسلام"، والأصمعي صاحب "كتاب الفحولة "، وابن قتيبة في كتابة" الشعر والشعراء"، والشعرية الإنشائية خاصة مع قدامة بن جعفر في "نقد الشعر" و"نقد النثر". واعتمد عبد القاهر الجرجاني على نظرية النظم والمنهج البلاغي لدراسة الأدب وصوره الفنية رغبة في تثبيت إعجاز القرآن وخاصة في كتابيه" دلائل الإعجاز" و" أسرار البلاغة". ولكن أول دراسة نقدية ممنهجة حسب الدكتور محمد مندور هي دراسة الآمدي في كتابه:" الموازنة بين الطائيين: البحتري وأبي تمام". وقد بلغ النقد أوجه مع حازم القرطاجني الذي اتبع منهجا فلسفيا في التعامل مع ظاهرة التخييل الأدبي والمحاكاة وربط الأوزان الشعرية بأغراضها الدلالية في كتابه الرائع" منهاج البلغاء وسراج الأدباء" والسجلماسي في كتابه" المنزع البديع في تجنيس أساليب البديع"، وابن البناء المراكشي العددي في كتابه"الروض المريع في صناعة البديع".
ومن القضايا النقدية التي أثيرت في النقد العربي القديم قضية اللفظ والمعنى وقضية السرقات الشعرية وقضية أفضلية الشعر والنثر وقضية الإعجاز القرآني وقضية عمود الشعر العربي وقضية المقارنة والموازنة كما عند الآمدي والصولي، وقضية بناء القصيدة عند ابن طباطبا وابن قتيبة، وقضية الفن والدين عند الأصمعي والصولي وغيرهما... وقضية التخييل الشعري والمحاكاة كما عند فلاسفة النقد أمثال الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد والقرطاجني وابن البناء المراكشي والسجلماسي... لكن هذا النقد سيتراجع نشاطه مع عصر الانحطاط ليهتم بالتجميع وكتابة التعليقات والحواشي مع ابن رشيق القيرواني في كتابه" العمدة " وابن خلدون في" مقدمته".

4- النقد العربي الحديث والمعاصر:

مع عصر النهضة، سيتخذ النقد طابعا بيانيا ولغويا وخاصة مع علماء الأزهر الذين كانوا ينقدون الأدب على ضوء المقاييس اللغوية والبلاغية والعروضية كما نجد ذلك واضحا عند حسين المرصفي في كتابه" الوسيلة الأدبية"، وطه حسين في بداياته النقدية عندما تعرض لمصطفى لطفي المنفلوطي مركزا على زلاته اللغوية وأخطائه البيانية وهناته التعبيرية.
ومع بداية القرن العشرين، سيظهر المنهج التاريخي أو كما يسميه شكري فيصل في كتابه "مناهج الدراسة الأدبية في الأدب العربي" (1) النظرية المدرسية؛ لأن هذا المنهج كان يدرس في المدارس الثانوية والجامعات في أوربا والعالم العربي. ويهدف هذا المنهج إلى تقسيم الأدب العربي إلى عصور سياسية كالعصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام وعصر بني أمية والعصر العباسي وعصر الانحطاط أو العصر المغولي أو العصر العثماني ثم العصر الحديث والعصر المعاصر. وهذا المنهج يتعامل مع الظاهرة الأدبية من زاوية سياسية، فكلما تقدم العصر سياسيا ازدهر الأدب، وكلما ضعف العصر ضعف الأدب. وهذا المنهج ظهر لأول مرة في أوربا وبالضبط في فرنسا مع أندري دوشيسون André Dechesson الذي ألف كتاب " تاريخ فرنسا الأدبي" سنة 1767م. ويقسم فيه الأدب الفرنسي حسب العصور والظروف السياسية ويقول:" إن النصوص الأدبية الراقية هي عصور الأدب الراقية، وعصور تاريخ السياسة المنحطة هي عصور الأدب المنحطة"(2).
وقد اتبع كثير من مؤرخي الأدب العربي الحديث منهج المستشرقين في تقسيم الأدب العربي(بروكلمان، وجيب ،ونالينو، ونيكلسون، وهوار...)، ومن هؤلاء جورجي زيدان في كتابه " تاريخ آداب اللغة العربية" الذي انتهى منه سنة 1914م. وفي هذا الكتاب يدعي السبق بقوله:" ولعلنا أول من فعل ذلك، فنحن أول من سمى هذا العلم بهذا الاسم"، وفي موضع آخر يقول إن المستشرقين أول من كتب فيه باللغة العربية(3)، والشيخ أحمد الإسكندري والشيخ مصطفى عثمان بك في كتابهما" الوسيط في الأدب العربي وتاريخه" (4) الذي صدر سنة 1916م. وكان تاريخ الأدب عندهما هو العلم" الباحث عن أحوال اللغة، نثرها ونظمها في عصورها المختلفة من حيث رفعتها وضعتها، وعما كان لنابغيها من الأثر البين فيها.... ومن فوائده:
1- معرفة أسباب ارتقاء أدب اللغة وانحطاطه، دينية كانت تلك الأسباب أو اجتماعية أو سياسية، فنستمسك بأسباب الارتقاء، ونتحامى أسباب الانحطاط.
2- معرفة أساليب اللغة، وفنونها، وأفكار أهلها ومواضعاتهم، واختلاف أذواقهم في نثرهم ونظمهم، على اختلاف عصورهم، حتى يتهيأ للمتخرج في هذا العلم أن يميز بين صور الكلام في عصر وصوره في آخر، بل ربما صح أن يلحق القول بقائله عينه.
3- معرفة أحوال النابهين من أهل اللغة في كل عصر، وما كان لنثرهم وشعرهم، وتأليفهم من أثر محمود، أو حال ممقوتة، لنحتذي مثال المحسن، ونتنكب عن طريق المسيء". (5)
ومن المؤرخين العرب المحدثين أيضا نذكر محمد حسن نائل المرصفي في كتابه "أدب اللغة العربية"، وعبد الله دراز وكيل مشيخة الجامع الأحمدي في كتابه" تاريخ أدب اللغة العربية"، وأحمد حسن الزيات في كتابه" تاريخ الأدب العربي" الذي اعتبر المنهج السياسي في تدريس تاريخ الأدب العربي نتاجا إيطاليا ظهر في القرن الثامن عشر. و نستحضر في هذا المجال كذلك طه حسين وشوقي ضيف و أحمد أمين في كتبه المتسلسلة "فجر الإسلام" و"ضحى الإسلام" و"ظهر الإسلام"، وحنا الفاخوري في كتابه المدرسي "تاريخ الأدب العربي"، وعمر فروخ في تأريخه للأدب العربي، وعبد الله كنون في كتابه" النبوغ المغربي في الأدب العربي".
لكن هذا المنهج سيتجاوز من قبل النقاد الذي دعوا إلى المنهج البيئي أو الإقليمي مع أحمد ضيف في كتابه" مقدمة لدراسة بلاغة العرب"، والأستاذ أمين الخولي في كتابه" إلى الأدب المصري"، وشوقي ضيف في كتابه" الأدب العربي المعاصر في مصر"، والدكتور كمال السوافيري في كتابه "الأدب العربي المعاصر في فلسطين"....
وسيرفض المنهج السياسي المدرسي والمنهج الإقليمي الذي يقسم الأدب العربي إلى بيئات وأقاليم فيقال: أدب عراقي، وأدب فلسطيني، وأدب جزائري، وأدب أندلسي، وأدب تونسي....وسيعوضان بالمنهج القومي مع عبد الله كنون الذي يرى أن الجمع القومي ينفي" جميع الفوارق الاصطناعية بين أبناء العروبة على اختلاف بلدانهم وتباعد أنحائهم، كما ينبغي أن ننفي نحن جميع الفوارق الاعتبارية بين آداب أقطارهم العديدة في الماضي والحاضر. ذلك أن الأدب العربي وحدة لاتتجزأ في جميع بلاده بالمغرب والمشرق، وفي الأندلس وصقلية المفقودتين...
وهناك قضية شكلية لها علاقة بالموضوع، وهي هذا التقسيم إلى العصور الذي ينبغي أن يعاد فيه النظر كالتقسيم على الأقطار؛ لأنه كذلك تقليد محض لمنهاج البحث في الأدب الأوربي ، ولعله تقليد له في العرض دون الجوهر، وإلا فليس بلازم أن يكون لعصر الجاهلية أدب ولعصر صدر الإسلام أدب ولعصر الأمويين أدب، وهكذا حتى تنتهي العصور، وتكون النتيجة تعصب قوم لأدب وآخرين لغيره مما لا يوحى به إلا النزعات الإقليمية وهي إلى مذهب الشعوبية أقرب منها إلى القومية العربية." (6)
ويبدو أن المنهج الذي يتبناه عبد الله كنون هو منهج ذو مظاهر دينية قائمة على الوحدة العربية الإسلامية بأسسها المشتركة كوحدة الدين ووحدة اللغة ووحدة التاريخ ووحدة العادات والتقاليد ووحدة المصير المشترك. لكن عبد الله كنون سيؤلف كتابا بعنوان" أحاديث عن الأدب المغربي الحديث"، وبذلك يقع في تناقض كبير حيث سيطبق المنهج الإقليمي البيئي الذي اعتبره سابقا نتاجا للشعوبية والعرقية.
وإلى جانب هذه المناهج، نذكر المنهج الفني الذي يقسم الأدب العربي حسب الأغراض الفنية أو الفنون والأنواع الأجناسية كما فعل مصطفى صادق الرافعي في كتابه "تاريخ الأدب العربي"،وطه حسين في "الأدب الجاهلي" حينما تحدث عن المدرسة الأوسية في الشعر الجاهلي التي امتدت حتى العصر الإسلامي والأموي، وشوقي ضيف في كتابيه" الفن ومذاهبه في الشعر العربي" و" الفن ومذاهبه في النثر العربي"حيث قسم الأدب العربي إلى ثلاث مدارس فنية: مدرسة الصنعة ومدرسة التصنيع ومدرسة التصنع، و محمد مندور في كنابه" الأدب وفنونه"،وعز الدين إسماعيل في" فنون الأدب" ، وعبد المنعم تليمة في" مقدمة في نظرية الأدب" ، ورشيد يحياوي في"مقدمات في نظرية الأنواع الأدبية". فهؤلاء الدارسون عددوا الأجناس الأدبية وقسموها إلى فنون وأنواع و أغراض وأنماط تشكل نظرية الأدب.
أما المنهج التأثري فهو منهج يعتمد على الذوق والجمال والمفاضلة الذاتية والأحكام الانطباعية المبنية على المدارسة والخبرة، ومن أهم رواد هذا المنهج طه حسين في كتابه "أحاديث الأربعاء" في الجزء الثالث، وعباس محمود العقاد في كتابه "الديوان في الأدب والنقد" ومقالاته النقدية، والمازني في كتابه" حصاد الهشيم"،و ميخائيل نعيمة في كتابه "الغربال". بينما المنهج الجمالي الذي يبحث عن مقومات الجمال في النص الأدبي من خلال تشغيل عدة مفاهيم إستيتيقية كالمتعة والروعة والتناسب والتوازي والتوازن والازدواج والتماثل والائتلاف والاختلاف والبديع فيمثله الدكتور ميشال عاصي في كتابه" مفاهيم الجمالية والنقد في أدب الجاحظ " والذي صدر سنة 1974م عن دار العلم للملايين ببيروت اللبنانية.
ومع تأسيس الجامعة الأهلية المصرية سنة 1908م، واستدعاء المستشرقين للتدريس بها، ستطبق مناهج نقدية جديدة على الإبداع الأدبي قديمه وحديثه كالمنهج الاجتماعي الذي يرى أن الأدب مرآة تعكس المجتمع بكل مظاهره السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. و قد تبلور هذا المنهج مع طه حسين في كتابه" ذكرى أبي العلاء المعري" و"حديث الأربعاء" الجزء الأول والثاني ، وقد تأثر كثيرا بأستاذه كارلو نالينو وبأساتذة علم الاجتماع كدوركايم وليڤي برول وابن خلدون صاحب نظرية العمران الاجتماعي والفلسفة الاجتماعية. وقد سار على منواله عباس محمود العقاد في كتابه"شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي"، ففيه يعمد الناقد إلى دراسة شعراء مصر انطلاقا من العرق والزمان والمكان من خلال مفهوم الحتمية التي تربط الأدب جدليا ببيئته.
ومع ظهور النظريات الإيديولوجية الحديثة كالنظرية الاشتراكية والشيوعية ، سيظهر المنهج الإيديولوجي الاشتراكي والمنهج المادي الجدلي في الساحة النقدية العربية مع مجموعة من النقاد كمحمد مندور وحسين مروة وسلامة موسى وعز الدين إسماعيل ومحمد برادة وإدريس الناقوري وعبد القادر الشاوي......
ومع بداية الستينيات، ستفرز ظاهرة المثاقفة والترجمة والاطلاع على المناهج الغربية مجموعة من المناهج النقدية الحديثة والمعاصرة كالبنيوية اللسانية مع حسين الواد وعبد السلام المسدي وصلاح فضل وموريس أبو ناضر وكمال أبو ديب وجميل المرزوقي وجميل شاكر وسعيد يقطين، كما ستتبلور أيضا البنيوية التكوينية التي تجمع بين الفهم والتفسير لتعقد تماثلا بين البنية الجمالية المستقلة والبنية المرجعية كما نظر لها لوسيان گولدمان وسيتبناها كل من محمد بنيس وجمال شحيذ ومحمد برادة وطاهر لبيب وحميد لحمداني وسعيد علوش وإدريس بلمليح وعبد الرحمن بوعلي وبنعيسى بوحمالة...
وإلى جانب المنهج البنيوي اللساني و التكويني، نذكر المنهج الموضوعاتي أو الموضوعية البنيوية التي تدرس الأدب العربي على مستوى التيمات والموضوعات ولكن بطريقة بنيوية حديثة مع سعيد علوش في كتابه" النقد الموضوعاتي"، وحميد لحمداني في كتابه" سحر الموضوع" ، وعبد الكريم حسن في كتابه"الموضوعية البنيوية دراسة في شعر السياب"، وعلي شلق في كتابه" القبلة في الشعر العربي القديم والحديث".
أما المنهج السميوطيقي فسيتشكل مع محمد مفتاح ومحمد السرغيني وسامي سويدان وعبد الفتاح كليطو وعبد المجيد نوسي وسعيد بنكراد... من خلال التركيز على شكل المضمون تفكيكا وتركيبا ودراسة النص الأدبي وجميع الخطابات اللصيقة به كعلامات وإشارات وأيقونات تستوجب تفكيكها بنيويا وتناصيا وسيميائيا.
وبعد أن اهتم المنهج الاجتماعي بالمرجع الخارجي وذلك بربط الأدب بالمجتمع مباشرة مع المادية الجدلية أو بطريقة غير مباشرة مع البنيوية التكوينية، و اهتم المنهج النفسي بربط الأدب بذات المبدع الشعورية واللاشعورية مع عزالدين إسماعيل والعقاد ومحمد النويهي وجورج طرابيشي ويوسف اليوسف ، كما اختص الأدب الأسطوري بدراسة الأساطير في النص الأدبي كنماذج عليا منمطة تحيل على الذاكرة البشرية كما عند مصطفى ناصف في كتابه"قراءة ثانية لشعرنا القديم"، ومحمد نجيب البهبيتي في كتابه" المعلقة العربية الأولى"، وأحمد كمال زكي في" التفسير الأسطوري للشعر القديم"، وإبراهيم عبد الرحمن في" التفسير الأسطوري للشعر الجاهلي" ، وعبد الفتاح محمد أحمد في" المنهج الأسطوري في تفسير الشعر الجاهلي"، فإن جمالية التلقي ونظرية الاستقبال مع إيزرIzer ويوسYauss الألمانيين ستدعو الجميع للاهتمام بالقارئ والقراءة بكل مستوياتهما؛ لأن القراءة تركيب للنص من جديد عن طريق التأويل والتفكيك ،مما سينتج عن نظرية القارئ ظهور مناهج جديدة أخرى كالمنهج التفكيكي والمنهج التأويلي.
ومن النقاد العرب الذين اهتموا بمنهج القراءة نجد حسين الواد في كتابه" في مناهج الدراسات الأدبية"، ورشيد بنحدو في الكثير من مقالاته التي خصصها لأنماط القراءة( القراءة البلاغية، والقراءة الجمالية، والقراءة السوسيولوجية، والقراءة السيميائية....)، وحميد لحمداني في كتابه" القراءة وتوليد الدلالة، تغيير عاداتنا في القراءة"، ومحمد مفتاح في كتابه" النص: من القراءة إلى التنظير". أما التفكيكية فمن أهم روادها الناقد السعودي عبد الله محمد الغذامي في كتابه" الخطيئة والتكفير" و كتاب"تشريح النص"،و كتاب"الكتابة ضد الكتابة"، والناقد المغربي محمد مفتاح في"مجهول البيان" وعبد الفتح كليطو في كثير من دراساته حول السرد العربي وخاصة" الحكاية والتأويل" و" الغائب" . ومن أهم رواد النقد التأويلي الهرمونيتيقي نستحضر الدكتور مصطفى ناصف في كتابه" نظرية التأويل"، وسعيد علوش في كتابه" هرمنوتيك النثر الأدبي".
ولا ننسى كذلك المنهج الأسلوبي الذي يحاول دراسة الأدب العربي من خلال وجهة بلاغية جديدة وأسلوبية حداثية تستلهم نظريات الشعرية الغربية لدى تودوروف، وجون كوهن، وريفاتير،ولوتمان، وبييرغيرو، وليو سبيتزر،وماروزو...ومن أهم ممثليه في الأدب العربي الدكتور عبد السلام المسدي في كتابه" الأسلوب والأسلوبية" ، ومحمد الهادي الطرابلسي" في منهجية الدراسة الأسلوبية" ، وحمادي صمود في"المناهج اللغوية في دراسة الظاهرة الأدبية"، وأحمد درويش في " الأسلوب والأسلوبية"،وصلاح فضل في" علم الأسلوب وصلته بعلم اللغة"، وعبد الله صولة في" الأسلوبية الذاتية أو النشوئية"، ودكتور حميد لحمداني في كتابه القيم"أسلوبية الرواية"،والهادي الجطلاوي في كتابه " مدخل إلى الأسلوبية". وثمة مناهج ومقاربات ظهرت مؤخرا في الساحة العربية الحديثة كلسانيات النص مع محمد خطابي في كتابه" لسانيات النص" والأزهر الزناد في" نسيج النص"، والمقاربة المناصية التي من روادها شعيب حليفي وجميل حمداوي وعبد الفتاح الحجمري وعبد الرزاق بلال ومحمد بنيس وسعيد يقطين... وتهتم هذه المقاربة بدراسة عتبات النص الموازي كالعنوان والمقدمة والإهداء والغلاف والرسوم والأيقون والمقتبسات والهوامش ، أي كل ما يحيط بالنص الأدبي من عتبات فوقية وعمودية، و ملحقات داخلية وخارجية.

خلاصـــة تركيبيــــة:

هذه هي أهم التطورات المرحلية التي عرفها النقد العربي قديما وحديثا، وهذه كذلك أهم المناهج النقدية التي استند إليها النقاد في تحليل النصوص الإبداعية وتقويمها ومدارستها نظريا وتطبيقيا. ويلاحظ كذلك أن هذه المناهج النقدية العربية ولاسيما الحديثة والمعاصرة كانت نتاج المثاقفة والاحتكاك مع الغرب والاطلاع على فكر الآخر عن طريق التلمذة والترجمة. وقد ساهم هذا الحوار الثقافي على مستوى الممارسة النقدية في ظهور إشكالية الأصالة والمعاصرة أو ثنائية التجريب والتأصيل في النقد العربي.
وعليه، فقد ظهر اتجاه يدافع عن الحداثة النقدية وذلك بالدعوة إلى ضرورة الاستفادة من كل ماهو مستجد في الساحة النقدية الغربية كما نجد ذلك عند محمد مفتاح ومحمد بنيس وحميد لحمداني وحسين الواد وصلاح فضل ...، واتجاه يدعو إلى تأصيل النقد العربي وعدم التسرع في الحكم سلبا على تراثنا العربي القديم ومن هؤلاء الدكتور عبد العزيز حمودة في كتبه القيمة والشيقة مثل:" المرايا المقعرة"، و"المرايا المحدبة"، و"الخروج من التيه". لكن هناك من كان موقفه وسطا يدافع عن التراث ويوفق بين أدواته وآليات النقد الغربي كمصطفى ناصف في كثير من كتبه ودراساته التي يعتمد فيها على أدوات البلاغة العربية القديمة ، وعبد الفتاح كليطو في "الأدب والغرابة" و"الحكاية والتأويل"، وكتابه" الغائب "، وعبد الله محمد الغذامي في كتابيه" القصيدة والنص المضاد" و"المشاكلة والاختلاف".

-----------------------------
الهوامش:






1 - الدكتور شكري فيصل: مناهج الدراسة الأدبية في الأدب العربي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، الطبعة السادسة، 1986، ص:17-24؛ 2 - نقلا عن أحمد نوفل بن رحال: دروس ابن يوسف، النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط1، 2000، ص:95؛ 3 - أحمد نوفل: نفسه، ص:97؛ 4 - أحمد الإسكندري ومصطفى عثمان: الوسيط في الأدب العربي وتاريخه، دار المعارف بمصر، ط1 ، 1916م، 5 - نفس المرجع السابق، ص:4-5؛ 6 - عبد الله كنون: خل وبقل، المطبعة المهدية، تطوان، المغرب، بدون تاريخ، صص:148-158؛


الامير الشهابي 26 - 11 - 2010 03:37 PM

الاخت الغاليه هابي ...رائع هذا الاستعراض وهذا أعتبره بداية مشوارنا أن نلقي الضوء على النقد
بمايعنيه شكرا اليك وأضمن ردي هذه القراءه ألتي سجلتها في أحد المنتديات ألتي تعتبر مدرسة
نقديه ...
------------------------------------------------------------------------------------------
ألاستاذ رمضان أحمد عبدالله ...تحيه أليك في هذا الجهد الواضح
حقا في (دراسة في رواية وشم في الذاكره) ومعنونه في السباحة في زمن السقوط. لقد أفتقدت
بصدق المؤشر على بعض التعليقات الدلاليه نظرا لأنني لم أطلع
عن نص الروايه وأنني سأعمل جاهدا للاطلاع عليها لمزيد من
إكتساب المعرفه في الحدث القصصي ألمتراكم ..نعم الحقيقه أن
الكاتبه وإن مالت الى السرد ألايحائي فأن ضرورة إبراز الدور
الفاعل للشخصيات التي بدت أنها مركبة في صناعة الحدث الذي
في صورته هو تصاعد درامي في الحدث وألنتيجه ..الاخت الكاتبه تحدثت في فن قصصي مميز أعطى ألاحداث بعدها
الاجتماعي والأنساني وهذه ميزة رائعة للقصة المزج بين البعدين
وأنني ألاحظ من خلال الدراسه والتعليق أن الكاتبه قد وظفت
الحوار بشكل ناطق (نابضا بالفعل والحركة) ونقلت مايجري
خارج ساحة النفس البشريه من فعل وحركه وما يدور من
انعكاس في النفس البشريه من تأنيب الضمير في حوار معها
وبدا أن التنقل في الساحتين الداخليه والخارجيه للنفس البشريه
في فن أدارة الحدث والحوار يدلل على أن ألكاتبه كانت مقتدرة في فن ادارة الحدث وتناميه في محطات مختلفه ومسيطرة على
أهم أداة من أدوات هذا الفن ...ان القصة أجمالا تقدم في مجملها
نماذج من قطاعات ليست مختلفه بالبعد الذي جمعتها الاحداث
من حيث وظائف الشخوص القصصيه ففيها العديد من الشخوص
التي تمثل واقعا إجتماعيا تم إبرازه في صورة حبكة متناسقه
وأنتقال في مزج مشفوع بالبينة والدليل أحيانا فلم نرى حركة
فجائية في النص أقفدته سمة الترابط والنمو فكانت الاحداث
ذات أيقاع مؤثر واضح في قراءتي للدراسه ألتي أستفاض
فيها استاذنا الكريم وأغنانا فعلا بهذا الدفق من التحليل الرائع
شكرا اليكم أن أعطيتموني أن أعبر عن رؤية نقديه وليس
نقدا فما زلت بكل صدق أتعلم ومازلت ألف باء في مدرسة
النقد ...تحية للكاتبه الرائعه (ين يخثة مريم) التي قدمت مشهدا متكاملا نابضا
ليس لمعاناة فقط بل للأسباب والنتائج فيما قرأناه من قصة
عبرت بصدق عن واقع أجتماعي في صورته المؤلمه
ألامير الشهابي 26/11/2010
============================
الدراسه في رواية (وشم في الذاكره)
السباحة فى نهر السقوط "دراسة فى رواية ( وشم فى الذاكرة ) للكاتبة المغربية "
" السباحة فى نهر السقوط "

دراسة فى رواية ( وشم فى الذاكرة ) للكاتبة المغربية " مريم بن بخثة " .
دراسة : رمضان أحمد عبد الله .
ــــــــــ
تتلاطم أمواج النهر بين شاطئيه ، لكن من الغريب أن نجد إنسانا يحفر نهر سقوطه بيديه ، ليسقط فيه بمحض إرادته دون أن يكون هناك مبررات أو دوافع للسقوط أو الانتحار .
أيضا نجد أن بعض أثرياء المجتمع أو منهم من ذوى السطوة و السلطة هم سبب سقوط الفقراء ، و أخيرا ربما نجد أن التفسخ الأسرى هو الدافع للسقوط ، هذا ما نجده فى رواية " وشم فى الذاكرة " للكاتبة المغربية / مريم بن بخثة ، التى ندخل إليها كما يلى .

1 ــ أمواج الأحداث .

ينفتح المشهد الأول فى الرواية على حوار بين اثنين يتهم كل منهما الآخر بالتقصير ، يدق الهاتف ... تتضايق سعاد لأنه ليس رقم الهاتف الذى تريده و تنتظره . بينما يتواصل الحوار بينها و بين الآخر و على مدار الأحداث ندرك أن هذا الآخر ليس شخصا و إنما هو " الضمير "أو الذات الداخلية لها .

ــ فى فصل ( خارطة الطريق )
تقف سعاد خلف الستائر ترقب ثم تواصل تحاورها مع نفسها بأنها لم تحفظ ثق الأهل فيها .

ــ فى ( القناع )
تسرد الكاتبة عن جمال سعاد و تسترجع عندما ارادت ان ترتدى الحجاب و صارحت الأم بذلك، و سرور الأم و طلبها من سعادأن تتمهل فى ذلك فهى مازالت صغيرة ، لكن سعاد تصر على إرتداء الحجاب ثم يأتى تأنيب سعاد لنفسها لأنها تخلع الحجاب و هى خارج البيت .

ــ فى ( الإنحدار )
سعاد مع صديقتين " جيهان و غيثة " يركبن التاكسى ، يبدلن ملابسهن بملابس شفافة شبه عارية ، يتضاحكن و يتفاخرن وسط تعجب السائق مما يفعلن اندهاشه عندما اخبرنه بوجهتهن إلى المقهى و رفضه تقاضى أجر توصيلهن لأن مصدره حرام .

ــ فى ( بنات الليل )
تدخل الفتيات إلى فيلا جميلة يقابلن خالد منسق تنظيم العمل الإباحى ، يوزع عليهن الأعمال فسعاد لديها ضيف فى الفيلا و جيهان وغيثة لديهما ضيوفا فى الفندق ، خالد ينظم هذه الأعمال حيث يجلب الزبائن مقابل عمولة و جزء من الغنائم التى يحصلن عليها أو اموال .

ــ فى ( الزيف )
تنتظر سعاد عودة جيهان و غيثة . يتصل بها خالد و يؤكد على نصيبه من الأموال ، تؤنب سعاد نفسها على سقوطها خاصة أن والديها قد ربياها على الثقة و هى من أسرة فاضلة و ليست مفككة أو ساقطة .

ــ فى ( جيهان )
تسرد الكاتبة عن التفسخ الأسرى فى أسرة جيهان و انقسام جيهان بين الأب و الأم اللذين ينتهى بهما الحال إلى الطلاق .

ــ فى ( غيثة )
تسرد الكاتبة عن أسرة غيثة الفقيرة التى تعيش فى حجرة واحدة ضيقة تنتفى فيها الآدمية و الخصوصية ، ثم يموت الأب الفقير فتخرج غيثة للعمل بأحد بيوت الأثرياء فيتعدى عليها صاحب المنزل و يهتك بكارتها و يهددها و تطالب أم غيثة الإبنة الجريحة بالتزام الصمت خشية بطش صاحب السطوة .

ــ فى ( لحظات حرجة )
تواصل سعاد تأنيب نفسها لسقوطها اللا مبرر ثم تهاتف جيهان و غيثة فلا تردان ، فتتوجه إلى الله أن يسامحها .

ــ فى ( كشف المستور )
تقبض الشرطة على سعاد فى الفيلا بعد القبض على جيهان و غيثة و اعترافهما بكل شئ عن ممارسة الرذيلة مقابل المال ، تفكر سعاد فيما سيفعله والداها عندما يعرفان .

ــ فى ( فى حضرة الشرطة )
صرن الفتيات مثل حشرات تحت أقدام الشرطة بعد أن كن مثل نجمات متلألئات .

ــ فى ( الأقدار )
يتم القبض على خالد السمسار و معه " كوكايين " و يعترف بكل شئ ، تأتى صحف الصباح حاملة عناوين القبض على سعاد الدلوعة "بنت الفشوش " .

ــ فى ( إنكسار الدهر )
يقلق الأب و الأم على سعاد بعد أن يعرفان أنها لم تذهب لى المدرسة اليوم . يأتى رجال الشرطة يأخذون الأب إلى مقر الشرطة ليعرفا الحقيقة ، يصفع الأخ سعاد على وجها صفعة قوية .

ــ فى ( سقوط القناع )
يدور همس السجينات تأتى مسئولة السجن تأمرهن بالصمت .

ــ فى (الميلاد)
تظل سعاد فى السجن كئيبة عكس كل السجينات ، ثم تقص الكاتبة عن سجن الرجال الذى يشبه سوق عكاظ ، الذى يعودون ليه بسرعة فهو بمثابة فندق خمس نجوم لهم ، يبرمون فيه صفقات تعود عليهم بالربح .

فى ( الحرية )
تهرب سعاد من عالم النساء و تظل كئيبة حتى ترى صديقتيها فى قت الراحة ثم تسير خلف السجانة إلى أحد الممرات فتجد الأب و الأم فى انتظارها فتدرك أنهما سامحاها .

2 ــ أمواج الموضوعات .

تطرح الكاتب هنا موضوعين هامين يمثلان الخط الفكرى و المعادل الموضوعى فى الرواية ( السقوط / خيان الثقة ) .

2 / 1 ــ السقوط .
يمثل ذروة الخط الفكرى حيث نرى أوجه السقوط تمثله فتيات الثلاث ( سعاد / جيهان / غيثة ) إخترن السقوط طريقا و يمهدن له و زللن العقبات فانطلقن بسرعة الصاروخ إلى فخ الدعار و ممارسة الرذيلة مع راغبى المتعة الحرام مقابل المال الذى يدقه رجال الأعمال و كبار السن المتصابيين .
سعاد تسقط بمحض إرادتها و ليس لها أى مبرر فهى جميلة و من أسرة متدينة مقدورة الحال ، يثق بها الأب و الأم ثقة عمياء لا حدود لها . تخلع حجاب العفة
و ترتدى ملابس العرى و تسبح عبر شطآن المتعة حتى يتم القبض عليها فتؤنب نفسها و تطلب من الله المغفرة .
بينما جيهان ربما كان لها مبررا فى سقوطها ــ من وجهة نظرها ــ فالأب و الأم دائمى الخلاف و منقسمين بل إنهما منفصلين ، و هى لا تستطيع ان تنحاز لأحدهما ضد الآخر خشية غضب أحدهما ، و كم حاولت الاصلاح و التوفيق بينهما إلا انها فشلت ، فاختارت هذا الطريق تسلية و تسرية عن نفسها حتى يتم القبض عليها بعد موت العجوز الذى لم يحتمل و لم يقو على النشوة نظرا لفارق السن بينهما و مع التعذيب تعترف جيهان بكل شئ .
الوجه الأخير للسقوط المبرر هو سقوط المجتمع البشرى نفسه بين فكى الرذيلة الذى تجسده مأساة أسرة غيثة ــ الفقيرة ــ التى جاءت لتخدم فى بيت أحد أصحاب النفوذبعد وفاة الأب تاركا الأسرة بلا عائل ، فيعتدى صاحب المنزل ــ و النفوذ ــ على الفتاة و يسلبها أغلى ما تملك ، فى المستشفى تخبر أمها بما حدث فتطلب الأم منها أن تلتزم الصمت و تسى هذا الأمر خوفا من بطش الرجل.
ندرك مع الكاتبة أن السقوط الأسرى و المجتمعى و كذلك الثقة المفرطة هم المسؤلون عن هذا السقوط .

2/ 2 ــ خيانة الثقة .

الثقة مع السقوط يمثلان ارتباط العلة بالمعلول، فالثقة سبقت السقوط أو هى التى سهلت الطريق له ، فالثقة الزائدة أو المنعدمة هى التى أدت إلى السقوط فى نهر الرذيلة . ثقة أسرة سعاد فيها و الثناء عليها عندما اختارت ان ترتدى الحجاب طواعية ، فالوالدان إكتفيا برغبة الإبنة و نفاذها دون الملاحظة او السؤال عن وقت رجوعها أو تاخرها خارج المنزل أو ملابسها التى كانت ربما تضعها فى المنزل ، هذه الملابس الخليعة العارية و أيضا دون السؤال أو التعرف على الصديقات أو سؤالها عن الأماكن التى تذهب إليها .
الجانب الآخر فى خيانة الثقة هو الخيانة ، خيانة سعاد نفسها لثقة الأبوين وبدلا من السير على الدرب السليم إنحرفت و اختارت أن تكون ساقطة خائنة للأمانة . جانب آخر من جوانب خيانة الثقة يتمثل فى ثقة أهل غيثة فى صاحب المنزل الذى تخدم فيه فهى بمثاب أمانة فى بيته تعانى ظروفا معيشية و أسرية قاسية ، تنام فى المطبخ تشتهى أشياء و لا تأكلها . ينقض عليها و يسلبها شرفها .
إن ثقة الفقراء فى الأسياد الأغنياء ليست فى موضعها ، هكذا يثبت السادة غالبا .

3 ــ أمواج التقنية .

3 / 1 ــ السرد و الحبكة .
تعتمد الكاتبة فى حبكة روايتها على أسلوبين تزاوج كثيرا بينهما .
الأول هو السرد التلقائى الذى غالبا ما تبدأه الكاتبة أول كل فصل و الذى يأتى معبرا عن شخص و ثقاف الكاتبة نفسها ، تبدأ بهذا الأسلوب السردى ثم تدخل إلى الحدث لتفتح مجالا و تفسح مكانا للأسلوب الثانى و هو السرد الاسترجاعى الذى من خلاله تقص الكاتبة ــ أو الشخصية ــ تقص عن نفسها كما يحدث مع الشخصية الرئيسية و المحورية فى الرواية و هى سعاد ، ثم نرى فى مشاهد كثيرة أن الكاتبة تعتمد على طريقة السرد الحوارى حيث تتوارى الكاتبة و تترك المجال لشخصين يتحاوران أو يقصان و بذلك تمزج بين السرد بنوعيه و الحوار ، هكذا يتعدد صوت السارد أو يتعدد ضمير القص فنجد أحيانا صوت سعاد بمفردها هو الذى يسرد و وذلك عندما تؤنب نفسها ، و ربما نجد صوتين مثل صوت غيثة مع أمها أو سعاد مع والدتها، أو بين سعاد ضميرها أ صوتها الداخلى الذى نراه كثيرا يتناوب مع سعاد السرد الحوارى أو الحوار السردى .
هكذا تعتمد الكاتبة على تبادل الأماكن و الأدوار بينها و بين الشخوص ، ويتجسد هذا فى الرواية على النحو التالى :

أ . صوت سعاد منفردا فى الصفحات ( 15 / 16 / 17 / 20 /34 / 37 / 53 / 54/ 57 / 58 / 59/ 106 ) .

ب . تبادل السرد بين سعاد و الكاتبة فى صفحات ( 66 / 67 ) .

ج . صوت سعاد مع الأم فى صفحات ( 21 / 22) .

د . صوت غيثة يروى و يقص بالأنا فى صفحات ( 47 / 66 ) .

هـ . صوت غيثة مع أمها فى صفحة ( 49 ) .

و . الصوت الآخر الداخلى لسعاد جاء فى العديد من الصفحات مثل ( 11 / 13 / 14 / 18 / 19 / 33 / 35 / 36 / 95 / 96 / 97 /102 / 103 / 107 / 109 )

3 / 2 ـــ التشخيص .

تحتوى الرواية على تسعة عشر شخصية ذكرتها الكاتبة و هى ( سعاد / والد سعاد / والدة سعاد / شقيق سعاد / جيهان / والد جيهان / والدة جيهان / غيثة / والد غيثة / والدة غيثة / صاحب المنزل الذى تخدم فيه / زوجة صاحب المنزل / خالد السمسار و تاجر الكوكايين / الرجل الضيف فى الفيلا الذى بات مع سعاد / الزبونين فى الفندق مع جيهان و غيثة / سائق التاكسى / السجانة /الرجل العجوز الذى توفى ) .
ثم ذكرت الكاتبة شخصيات فى شكل مجموعات مثل ( رجال الفندق / رجال الشرطة / إخوة غيثة / المسجونين فى سجن الرجال ) هذا على الصعيد العددى .
أما عن رسم ملامح الشخوص فى الرواية فقد استطاعت الكاتبة تصوير ملامح
و رسم أبعاد كل شخصية ، فجاء الوصف الخاص بكل شخصية معبرا عن حقيقتها . كما أن الكاتبة اجادت فى إبراز أماكن ضعف و قوة شخصية " سعاد " التى تعتبر الشخصية المحورية داخل العمل و اوضحت السقوط الغير مببر لها، كذلك أظهرت الصوت الداخلى لسعاد الذى يظهر و يؤنبها دائما فهو بمثابة الضمير النقدى و والذى يتوازن مع صوت الكاتبة و رأيها .
أيضا أبرزت الكاتبة ملامح الانهيار الأسرى بين والدى " جيهان " ، و برعت فى وصف و رسم ملامح فقر أسرة غيثة ووصف المكان و الناس داخل الأسرة وقسوة مخدومها الذى أطاح ببرائتها البكورية ، إضافة إلى ما سبق أضاءت الكاتبة حول شخصية " خالد " السمسار و الذى يترزق ممن الرذيلة و كذلك تاجر الكوكايين .
اما عن الشخصيتين اللتين حظيتا بتعاطف القارئ فهما ( جيهان / غيثة ) لأنهما ضحيتى المجتمع و إن كانت ظروفهما ليست مبررا مطلقا للسقوط فكم من الأسر المنقسمة أو المنفصلة التى لا ينجرف أبنائها بناتها لى حافة الرذيلة مثلما انجرفت جيهان، أيضا كم من فتيات أغتصبن و لم ينزلقن إلى بئر الرذيلة رغم مرارة التجربة و قسوة المشهد الاجتماعى .
بينما جيهان و غيثة سقطتا فى أول إختبار مجتمعى لأن روح الصمود المقاومة إنعدمت لديهما لأنهما ضعيفتى الشخصية فلم تحتملا .

4 ــ الجانب الأخلاقى .

يطغى الجانب الأخلاقى فى الرواية ، فنجد له حضورا كبيرا ، فالكاتبة تعايش مشكلة عصرية أنثوية إجتماعية ، و للأدب وظيفته الإجتماعية التى تضاف إلى قيمه الجمالية .
فالقيم الجماليةتتضافر لتوصيل رسالة ما إلى القارئ و هذا ما حاولت الكاتبة أن تفعله . فقد أرادت التحذير الوعظ لأخذ العبر من المواقف .
و مع اختلاف النقاد بين مؤيد و معارض حول إمكانية أن يكون للأدب غاية أو غايات غير تلك الجمالية ، إلا أنه من المرجح دائما ان للأدب رسالة إجتماعية ، إنسانية ، و رغم ذلك فهو لا يتبنى حلولا للمشكلات أ و القضايا و لكنه يقدمها إلى القارئ .
نجد الجانب الأخلاقى فى الرواية متجسدا فيما يلى :

أ . تأنيب الضمير .
نراه لدى سعاد التى تدرك انها سقطت و تعنف نفسها دائما و تستحضر الجانب الآخر وتحادث ذاتها فى مواقف كثيرة ، و تعطى نفسها جرعات ندم و لوم و عتاب على سلوكها المسلك الخطأ و فى هذا رسالة لكل فتاة .

ب ـ العفو الأسرى .
نجده لدى أسرة سعاد عندما يزورها الوالدان فى السجن و يحتضناها فى محاولة إدخالها جوا آخر للتعايش مع الواقع و الحياة كى تتخطى الأزمة ، فيذهب الأب و الأم إلى السجن لزيارتها فتفرح و تدرك أنهما عفيا عنها .

ج . الإنهيار الأسرى و آثاره .
يعد الأنهيار الأسرى أحد أسباب السقوط كما نجده لدى والدى جيهان و هما كثيرى التنازع و الخلاف و قد انفصلا رغم محاولات جيهان الفاشلة للاصلاح بينهما و هو ما أدى إلى سقوطها .

د . إستغلال أصحاب النفوذ نفوذهم ضد الفقراء الذين يعملون لديهم و التهديد و الترهيب .
كما حدث مع غيثة بعد أن تعدى عليها صاحب المنزل و هتك عرضها و ألزمها الصمت هى أمها خوفا من مغبة الأمر .

هـ . صمت المغلوب .
نجده لدى غيثة و أمها اللتين صمتتا خوفا من بطش صاحب النفوذ، حيث شددت الأم على ابنتها ألا تتفوه بكلمة و أن تنسى الأمر تماما كأنه لم يكن ، فالفقير فى المجتمع مغلوبا على أمره و ليس هناك من يحميه .

م . وجود سجنين للرجال .
فهناك سجن يشقى فيه المسجون و يقضى العقوبة بمعناها ، و هناك سجن آخر يتمناه الرجال و يعودون إليه كلما خرجوا منه فهو بالنسبة لهم مثل سوق عكاظ أو فندق خمس نجوم يعقدون فيه صفقاتهم المربحة .

5 ــ أمواج مضادة .
للأراء أن تلقى أو تختلف حول العمل الواحد فمن وجهة نظرى أرى أن الرواية قد سقطت فى شرك التعليق على الأحداث من وجهة نظر الكاتبة لأنها أرادت توصيل وجهة نظرها فى الحياة ، لذلك أرى انه كان من الواجب حذف هذه التعليقات الزائدة فنيا من وجهة نظرى :
Xxxxxxx

Xxxxxxx

Xxxxxxx

ــ ص 69 آخر ثلاثة سطور .

ــ ص 72 أول خمسة أسطر .

ــ ص 74 من السطر العاشر حتى الرابع عشر .

ــ ص 89 أول أربعة عشر سطرا .

ــ ص 90 من السطر الثانى حتى آخر الصفحة .

ص 97 تحذف بأكملها .

ــ ص 71 فصل ( فى حضرة الشرطة ) زائد و يجب حزفه .

ــ فصل ( الميلاد ) زائد و يجب حذفه أيضا .

كانت هذه هى الأمواج التى سبحنا عبرها مع الرواية التى نجحت كاتبتها فى توصيل وجهة نظرها إلى القارئ حيث جسدت شخوصا لهم دوافهعم .
نرجو لها التوفيق فى أعمل أخرى قادمة .

رمضان أحمد عبد الله .
القاهرة 26 / 7 / 2010


الغريب 3 - 12 - 2010 12:30 PM

مشكورة هابي على الطرح والفائدة
بانتظار المزيد من مواضيعك المميزة


الساعة الآن 07:50 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى