منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القرآن الكريم والأحاديث وسيرة الأنبياء والصحابة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=95)
-   -   حول قراءة سورة يس على الميت (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=8117)

ميارى 7 - 7 - 2010 05:40 AM

حول قراءة سورة يس على الميت
 
الموت، الحلقة ( 9 ) حول قراءة سورة يس على الميت
ضيوف الحلقة: الدكتور محمد هداية والشيخ عبد الله السعدي
بدأت الحلقة بتلاوة عطرة من آي الذكر الحكيم تلاها الشيخ عبد الله السعدي (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79) النساء) و (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29) أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33) وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) الأنبياء)
نستكمل حلقات الموت ويفتتح المقدم الحلقة بسؤال الدكتور هداية عن صحة الحديث حول قراءة سورة يس على الميت .
يجب ان تعلم الأمة وكل مسلم ما هو اسلامه، ونقول إذا دخل انسان ما في الاسلام نطلب منه أولاً أن ينطق بالشهادتين ثم يسألنا من أين يستقي الدين؟ وما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم يوضح أنه يجب على الأمة أن تتّبع هذا الرجل العظيم محمد. في الصلاة تكلم عنها وشرحها وما فاته أن يقول لأمّته "صلّوا كما رأيتموني أصلّي" فالذي يُسلم اليوم أصبح مكلفاً أن يصلي كصلاة الرسول. وكذلك في الحج قال صلى الله عليه وسلم "خذوا عني مناسككم" وقال صلى الله عليه وسلم "تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسُنّتي" وما فعله اليهود وغير المسلمين ممن يتربصون بالاسلام وما فعلوه في السنّة حاولوا أن يفعلوه بالقرآن فأرادوا أن يقسّموه ويجعلوا المسلمين يحبون سورة أكثر من سورة وهدفهم تضييع الدين وإخراج الاسلام عن القرآن والسنّة ولمّا كان الله تعالى قد حفط القرآن الكريم كما قال في سورة الحجر (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)) توجهوا بكامل قوتهم إلى السنّة وبدأوا يضعون وينسبون إلى الرسول الكريم أحاديث متعددة ويدخلوا في سند الروايات ويخلطوا بينها أو يحرّفوا فيها. والأمّة معذورة فهي تسمع وتطبّق وحديث قراءة سورة يس على الميت هو أحد هذه المحاولات لتضعيف السنّة النبوية المطهرة.
وللرد على مثل هذه الأحاديث نقول أننا نحب القرآن كله والرسول الكريم أخبرنا :" خيركم الحالّ المرتحل" أي الذي يبدأ بقرآءة القرآن من الفاتحة ويختم بالفاتحة ولا يقف عند سورة الناس فقط وإنما يبدأ من جديد بقرآءة الفاتحة وبداية سورة البقرة. وهنا أشدد على أن الموضوع ليس فقط في صحة حديث قراءة يس وإنما هو أكبر من ذلك وهذه الظاهرة تنتشر وواجب كل داعية أن يبيّن للناس الأحاديث الصحيحية والضعيفة والموضوعة وأدعو كل من يخالفنا الرأي أو يرى غير قولنا أن يتصل بنا ويوضح لنا خطأنا ويقدّم لنا الصواب وعلينا أن لا نقدّم للأمة إلا ما لا يخالف صحيح السنّة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "من تقوّل علي فليتبوأ مقعده من النار" نحن والحمد لله عاهدنا الله تعالى منذ عام 1979 أن لا نقول على الرسول صلى الله عليه وسلم إلا الصحيح من الأحاديث ونتحرّاها.
وقد تحرينا عن تفسير الشيخ عبد الجليل باشراف أكبر علماء الأمة الشيخ الشعراوي رحمه الله والشيخ الغزالي في بعض الأحيان وبحثنا في السند والرواية وفي الاصل والفصل وصحة الاحاديث او ضعفها أو كونها موضوعة، وللأسف وجدنا أن حوالي 80% من الأحاديث المتداولة بين الناس غير صحيحة. ونحن عندما تكلمنا عن موضوع الموت قلنا أننا نسمع الناس يقرأون سورة يس على الميت وعلينا أن نأخذ الناس بروية ونحاول أن نصحح ما استقر في الأمة منذ سنوات وهذا يستغرق وقتاً وهنا يصادفنا نوعان من الناس صنف يُسلّم فوراً ويستغفر الله تعالى ويستدرك ما يقول فيرجع إلى الله تعالى وصنف آخر لا يُسلّم بل يكابر وهذه ليست من صفات المسلم الحقّ وهنا أذكّركم واذكّر نفسي أنه حينما أمر الله تعالى رسوله بالصلاة (وكانت خمسين ركعة أولاً) قال سمعنا وأطعنا حتى لمّا صارت خمسة لم يسأل الرسول لماذا؟ إذن من صفات المسلم الحقّ أن يُسلّم للحق والاعتراف بالخطأ فضيلة والمسلم ليس من صفاته المكابرة.
نعود لقرآءة سورة يس عند الميت:
لم يصح فيها حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نستند إلى الشيخ محمد ناصر الدين الألباني الذي قضى عمره في علم اسمه الجرح والتعديل وهو علم يتعلق برواة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول الالباني عن بعض الرواة : ثقاة أو كذاب أو منكر للحديث، وقد جمع الشيخ الالباني الاحاديث في سلسلتين سلسلة الاحاديث الصحيحة وسلسلة الاحاديث الموضوعة والضعيفة جمع فيها كل الاحاديث كما كتب فيها عِلّة ضعف الحديث.
وعنوان مجلدات سلسلة الاحاديث الموضوعة والضعيفة هو سلسلة الاحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها الشيء في الأمّة وفي المجلد الأول من طبعة مكتبة المعارف ورد في الحديث رقم 169 صفحة 12: "إن لكل شيء قلباً وإن قلب القرآن يس من قرأها فكأنما قرأ القرآن عشر مرّات" وجاء في توصيف الحديث: موضوع، أخرجه الترمذي (4/26) والدارمي (3/406) من طريق حميد ابن عبد الرحمن عن الحسن بن صالح عن هارون ابن محمد عن مقاتل بن حيان عن قتادة عن أنس مرفوعاً وقال الترمذي حسن غريب. وهارون ابن محمد مجهول وفي الباب عن أبي بكر وهذا ضعيف وفي الباب عن أبي هريرة قلت (أي الالباني) حديث غريب ليس في نقله أنه حسّنه فالحديث ضعيف بل هو ظهر الضعف من أجل (هارون) وقيل حديث باطل لا أصل له. وقال الألباني: والحديث مما شان به السيوطي في جامعه والشيخ الصابوني في مختصره الذي زعم أنه لا يذكر فيه إلا الصحيح وهيهات. وهذا القول يُظهر مدى حزن الالباني من السيوطي لنسبة الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم. نحن نحبّ القرآن كله وسورة يس كذلك لكننا لا ننسب الى الرسول ما لم يقله. وهدف ذكر هذا الحديث يُعيد للأذهان قضية خلق القرآن في عصر ابن حنبل والشافعي والقول أن يس قلب القرآن تُدخل في موضوع إن كان للقرآن قلب فهو مخلوق والمخلوق يموت والى ما هناك من ما عُرف بفتنة خلق القرآن.
وفي المجلد الثالث من نفس السلسسة ورد الحديث برواية أخرى (والحديث له أكثر من رواية ومتن) حديث رقم 1246 :" من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفّف عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات (موضوع) أخرجه الثعلبي مرفوعاً قلت (أي الألباني) هذا اسناد مظلم هالك مسلسل بالعِلل. ولم يصحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أبو عبيدة قال ابن معين مجهول.
أيوب بن مدرك متفق على ضعفه وتركه (بل كذّاب)
قلت (أي الألباني) فهو آفة هذا الحديث (أي أبو أيوب).
وإذا نظرنا في متن الحديث أي نصّه نجد أنه قال: فقرأ سورة يس خفّف عنهم لم يرِد في الحديث قوله خُفّف عنه وإنما قال خَفّف عنهم، فمن الذي خفّف عنهم؟ القارئ للسورة ؟ وأين الله تعالى؟؟!! فالمتن نفسه فيه خطأ كبير. ثم كفانا أن الحديث فيه كذّاب ومجهول.
نقول للناس أن الموت أيسر مما يظن الناس وهو مكتوب على كل مخلوق لكن علينا أن نفتح شُعَب الايمان عندنا.
ونستعرض حديثاً آخر في سلسلة الألباني للأحاديث الضعيفة ففي المجلد 11 حديث رقم 5219 يقول: " ما من ميّت يموت فيُقرأ عنه سورة يس إلا هوّن الله عزّ وجلّ عليه (موضوع) وهذا أشهر حديث. آفته مروان هذا الذي وُصِف بأنه يضع الحديث، كذّاب، منكر الحديث. وحتى يُلبّس الحديث على السامع فيقول: "فكان المشيخة يقولون" وهذا اعتراف بكذبه. والمشيخة ليس بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن هم المشيخة؟ يقول الألباني : فمن الواضح أنهم من التابعين ولو أنهم أسندوا لكان اسنادهم حسن عندي.
وعليه نقول أنه لا حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في مسألة قراءة سورة يس عند الميت.
ونحن لسنا ضد قراءة سورة يس لكننا لا يجب أن ننسب للرسول ما لم يقله. ولا يجب أن نفضّل بعض القرآن على بعض أو نأخذ بعضه ونترك بعض لأن هذا ليس من الاسلام (الذين جعلوا القرآن عضين). ونقول أحِبّ ما شئت لكن لا تتقوّل على الرسول. وقد سألني احدهم مرة ما رأيك في سورة الاخلاص؟ ألم يقل الرسول أنها تعدل ثلث القرآن؟ أقول أن آيات القرآن الكريم وسوره تكلمت في ثلاث محاور رئيسية وهي التوحيد والبعث وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم بالاضافة إلى محاور وأركان أخرى تدخل تحت هذه المحاور الرئيسية، وسورة الاخلاص تعدل ثلث القرآن من حيث أنها تتحدث عن التوحيد وهو محور من المحاور الثلاث التي ذكرناها. لكن هل لو قرأنا سورة الاخلاص ثلاث مرات آخذ ثواب من قرأ عشرة أجزاء من القرآن؟ بالطبع لا لأن كل حرف في القرآن حسنة لا أقول الم حرف وإنما ألف حرف ولام حرف وميم حرف كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم وكأنه يؤكد فقه وعلم الأحرف المقطّعة في القرآن والتي دار عليها الكثير من النقاش بين المفسرين، وكأنه يؤكد لنا صلى الله عله وسلم أنه لا يتكلم إلا بتأصيل من القرآن وسنعرض إن شاء الله تعالى في الحلقات القادمة عن الأحرف المقطعة في القرآن.
وللأسف أن بعض الناس يتقولون على الرسول وعلى القرآن وقد ضيّعوا المسلمين فمنهم من يقول أنه يقرأ سورة يس بالمقلوب إن أراد أن يدعو على أحدهم فأين الاسلام وأين التسامح ومن أخطأ معنا نقول له سامحك الله لكن هل من الدين قراءة سورة يس لندعو بها على غيرنا من المسلمين؟
علينا أن نقرأ يس بمنتهى الحب لأنها سورة من سور القرآن ولا نفضل سورة على سورة ولا نحتج أن الله تعالى فضّل سورة الفاتحة في الحديث القدسي : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي. وجعل الفاتحة هي الصلاة لكننا نرد على المتسائلين أن الله هو الذي فضّل الفاتحة وليس لنا أن نفضّل نحن بعضاً من القرآن على بعض.
وسيسأل الناس إذا لم نقرأ سورة يس عند الميت فماذا نفعل؟ أقول لنفرض أن أحد الناس الصالحين مات ولم يكن حوله سوى بعض النساء الأميات اللاتي لا يحفظن القرآن ولا يقرأنه فهل يضيع هذا الميت؟ بالطبع لا.
وعلينا أن نعود إلى كنه الموت وندرك أنه السبيل الوحيد للانتقال إلى الدار الآخرة فعلينا أن يستقر هذا الأمر في نفوسنا ونتعامل مع الموت على أنه الوحيد الذي ينقلني إلى الآخرة وإلى لقاء الله تعالى. ولو لم يوجد الموت لما استطاع أي انسان أن يلقى الله عز وجلّ. وليس هناك علاقة أبداً بين حب الموت وحب لقاء الله تعالى، وعلينا أن نحب الموت لأنه هو الذي سيجعلني ألقى الله تعالى ولقاء الله عز وجل لا يكون إلا بعد الموت فمن كرِه الموت ليس له علاقة بلقاء الله تعالى. وفي الحديث الشريف في رواية مسلم: " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ولقاء الله بعد الموت" والواقع أنه لو كرِه أحدنا الموت فهو لا يكرهه لذاته ولكن يكره الحساب والعذاب الذي يذكره البعض في الاحاديث.
فيجب أن نسلّم بالموت والله تعالى هو الذي قضى الموت والحياة وقد تقدّم ذكر الموت على الحياة في سورة الملك (هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) والحياة في القرآن حياتين الحياة الدنيا والآخرة أي الحيوان والسبيل للحياة الآخرة هو الموت. فلنتخيل أنه لا يوجد موت والناس موجودون من عهد آدم وقد قال أحد الفلاسفة أنه لو لم يوجد موت والبشرية موجودة منذ آدم كان سيكون هناك من العقلاء من يقوم باختيار مجموعة من الناس ليقضوا عليهم . والمولى تعالى لا يُسئل عما يفعل فيجب أن يكون رضانا بتسليم ولننظر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فهل نحزن على أحد بعده لو كنا مسلمين بحقّ؟ وفي القرآن قال تعالى أن محمداً سيد الخلق ميّت (إنك ميت وإنهم لميتون) والتسليم عبارة عن عقل وتدبر وفقه لأنه هل حدث أن استطاع أحد أن يمنع مخلوقاً من الموت؟ ليس أمامنا إلا التسليم ونُقبل على الأمر بالاستعداد للموت فالموت هو أشد جنود الله تعالى. ومن أشد جنود الله الجبال الرواسي ولفط الجبال في القرآن يدل على الشّدة والقوة لتثبيت الأرض بقدرته تعالى وقد جاء في القرآن الكريم (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله) فالقرآن الذي حمل إلينا قضية الموت والحياة لو أنزله الله تعالى على الجبل أو على الإنسان يخشعوا ويخضعوا لأن من صفات المؤمن التسليم والخضوع (إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم).
أشد جنود الله الجبال الراسية والحديد يقطع الجبال والنار تُذيب الحديد والماء تطفئ النار والسحاب يحمل الماء والريح أو الهواء يقطع السحاب وابن آدم يغلب الرياح والسُكر يغلب ابن آدم والنوم يغلب السُكر والموت يغلب النوم فأقوى جنود الله هو الموت لأنه لا يمكن لأحد أن يمنعه.
فعلينا أن نأخذ حكمة وعلى كل مسلم يجب أن يدخل في قلبه شوقه للقاء الله تعالى والجنة والذي سيوصلني للقاء الله تعالى هو الموت فلا يجب علي أن أكره الموت ويجب أن يكون حضور الميت آية لي ودرساً ويجب أن أبحث عن عمل يقرّبني إلى الله تعالى. ونحن إن قلنا لا تقرأوا يس على موتاكم لأنه لا حديث صحيح في ذلك نقول للناس بنصّ الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصانا بسورة تدافع عن صاحبها وهي سورة المُلك لو قرأها الإنسان كل يوم وفهمها وعرف معناها يكون صاحبها وتدافع عنه.
وعلينا أن نقرأ القرآن بالترتيب من الفاتحة إلى الفاتحة و نقف عند سورة الناس وكما قلنا سابقاً :" خيركم الحالّ المرتحل" وسلّموا للموت أنه مخلوق وينام على فراشه كل المخلوقات فعلينا الاستعداد للموت وتوطين أنفسنا على لقاء الله تعالى واعملوا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لفاطمة : " اعملوا فما أُغني عنكم من الله شيئاً لن يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم، من أبطأ به عمله لم يُسرع به نسبه". فلا يقول أحدكم أبي شيخ أو غيره ونضرب مثلاً عندما دخل الرسول عليه الصلاة والسلام على شاب يحتضر فسأله كيف تجدك؟ قال أطمع برحمة ربي لكني أخاف ذنوبي قال له الرسول ما اجتمعا في قلب عبد إلا غفر الله له. فيجب علينا أن نكون بين الخوف والرجاء فالموت واجب على كل انسان والرضى بموت العزيز أو الحبيب أو الصديق أو الزوج والصبر عليه هو المطلوب لأن ليس هناك ميت أغلى من رسول الله وهذا منتهى التسليم لله رب العالمين. وإذا عدنا إلى عهد الرسول عليه الصلاة والسلام نجد أنه ما قرأ سورة يس على أحد مات من المسلمين و الصحابة ونحن كمسلمين يجب أن نأخذ السُنّة من الرسول الكريم ونتمسّك باتّباع السُنّة وصحيحها.
أسئلة المشاهدين:
السؤال الأول: إحدى المشاهدات تتساءل عن الاختلاف في الفتاوى بين العلماء وكيف يمكن لنا أن نميّز بين هذه الفتاوى وممن نأخذ خاصة أن لغتنا العربية ضعيفة مما لا يساعدنا في الرجوع لكتب التفاسير وفهم ما جاء فيها؟
يجيب الدكتور هداية أن اختلاف العلماء وارد فيما لا نصّ فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويضيف أن أعباء الدعاة كثيرة لأن الناس يتقبلون من الدعاة ما يقولونه على علّته وقد يكون الكثير من هذا الكلام خطأ أصلاً. فنسمع مثلاً من يقول أن الرسول لم يفسّر القرآن ونردّ عل هؤلاء أنه عليه الصلاة والسلام فسّر القرآن بما كان مناسباً ومتاحاً لقومه آنذاك ففسّر آيات وترك آيات منها الآيات الكونية والعلمية وسيأتي بعد الرسول صلى الله عليه وسلم من يحاول أن يفهم النصّ لكن لا نقول أن الرسول لم يفسّر القرآن. وللأسف أن من العلماء من يخالف غيره لرغبة أو هوى في نفسه والواجب أن يعمل الدعاة جميعاً ويدعون لله تبارك وتعالى وليس لأنفسهم ويجب عليهم أن يستوعبوا السؤال والسائل وهدفه من السؤال وغيره من الأمور التي تؤثّر على الإجابة وبالتأكيد أن الاختلاف باق إلى يوم الدين.
أما بالنسبة للأخت السائلة فبإمكانها أن تذهب إلى أحد المساجد القريبة منها ويكون فيه أحد المشايخ والدعاة المحترمين والخير في الأمة كثير وتأخذ برأي هذا الشيخ باستمرار وهو الذي يكون موضع ثقة بالنسبة لها. ولا ننسى أن الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات، والخلاف يكون في الأمور المشتبهات هذه.
السؤال الثاني: سألت إحدى المشاهدات عن الحديث الشريف:" طلعت في النار فرأيت أكثر أهلها نساء وطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها فقراء" فلمّا سُئل الرسول لماذا أجاب لأنهن يُكثِرن اللعن ويكفُرن العشير. فما معنى هذا الحديث؟
يجيب الدكتور هداية أن هذا الحديث ليس تقريراً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو تحذير للنساء حتى يتجنبن النار. ولم يقل في الحديث نساء المؤمنين وإنما قال النساء عامة وسنعرض إن شاء الله لهذا الموضوع في حديثنا عن الجنة في الحلقات القادمة. وأقول بنصّ حديث رسول الله: لو أن المرأة صامت شهرها وحفظت فرجها وصلّت خمسها قيل لها يوم القيامة ادخلي من أي باب من أبواب الجنة الثمانية شئتِ، فلا يمكن أن تكون المرأة الصالحة العابدة في النار. ثم إن ما جاء في الحديث عن إكثار اللعن وكُفران العشير لأنه كانت من عادة النساء عند العرب إذا أغضبها زوجها مرة بعد أن كان يٌحسن معاملتها تنسى كل إحسانه وتغضب منه وهذا يؤكّده علماء النفس أيضاً.
وعلينا أن نتنبّه إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا قضى" وكلمة رجل هنا تعني الرجل والمرأة وعليه. وقد سألتني إحدى الأخوات مرة عل تقول في الدعاء اللهم إني عبدك أو إني أمتك؟ فقلت لها نقول الدعاء بنصّه لأن كلمة عبد تشمل الذكر والأنثى فالنساء من حيث التوصيف المُطلق "عبد" فلا نغيّر بنصّ الدعاء. وقد وردت كلمة عبد وعباد في القرآن ويُقصد بها الذكر والأنثى كما في قوله تعالى (وعباد الرحمن الذي يمشون على الأرض هونا) وكل وصف في القرآن للمؤمنين إذا لم تُذكر المؤمنات تدخل النساء ضمن لفظ المؤمنين. والنساء هم الزوجة والأم والأخت والابنة والمرأة عليها عبء إصلاح الأمة في المرحلة المقبلة لأنها مسؤولة عن النشئ.
أما في قصة الفقراء يوجد حديث آخر موضوع أن أكثر أهل الجنة البُله. وهذا حديث موضوع.
السؤال الثالث: سألت متصلة عن الكتيّبات الصغيرة التي توزع عن روح الميّت وفيها بعض سور القرآن مثل يس والدخان والملك والكهف. وسألت عن صحة الحديث أن سورة الرحمن عروس القرآن. ثم سألت هل شعور الإنسان المصلِّي الملتزم بوجود الموت دائماً هو علامة جيدة؟
أجاب الدكتور أن على المسلم أن يضع الموت بين عينيه وهذا أفضل شيء للمؤمن وهو علامة إيمان وتسليم. ويقول أن الرجل الذي يسكر ويزني يخاف من الموت أيضاً لكن الشيطان يزيّن له أعماله وعلينا أن نستحضر الموت خاصة عند الموت ونتأسّى بالرسول صلى الله عليه وسلم (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) الذي كان ينام متوضأً وعلى جنبه الأيمن ثم يدعو بالدعاء التالي: "بسمك اللهم وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت روحي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين." وهذا الدعاء أصله ما جاء في قوله تعالى في القرآن الكريم (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) الزُمر) لأن الرسول لم يكن يتكلم إلا بتأصيل من القرآن والحديث القدسي عن الله تعالى. وكان عليه الصلاة والسلام يدخل للنوم وهو مسلّم بقضاء الله تعالى (إما أن تًردّ الروح وإما أن تُقبض)، فإذا أردنا النجاة في ذلك اليوم علينا أن نتأسّى بالرسول صلى الله عليه وسلم.
أما فيما يتعلق بالحديث عن سورة الرحمن أنها عروس القرآن فهذا أيضاً حديث غير صحيح . وأقول وأنبّه أن آفة هذه الأمة هي في هذه الكتيّبات الصغيرة لأنها تجتزئ من القرآن بعض السور وتترك البعض الآخر. ولو أردنا أن نوزّع الكتيبات فلتكن كتب علم صغيرة بدل تلك التي تجتزئ من القرآن.
دعاء ختام الحلقة من الشيخ عبد الله السعدي:
لا إله إلا الله عدد ما مشى فوق السموات والأراضين ودرج والحمد لله الذي بيده مفاتيح الفرج يا فزعنا إذا غُلقت الأبواب ويا رجاءنا إذا انقطعت الأسباب وحيل بيننا وبين الأهل والأحباب. يا سيدي قد وجدتك رحيماً فكيف لا أرجوك ووجدتك ضامراً معيناً فكيف لا أدعوك. من لي إذا قطعتني ومن ذا الذي يضُرّني إذا نفعتني ومن ذا الذي يعذّبني إذا رحمتني ومن ذا الذي يَقربني بسوء إذا نجّيتني ومن ذا الذي يُمرضني إذا عافيتني ومن ذا الذي يُقرّبني إذا أبعدتني. يا مسهّل الشديد ويا مُدوّن الحديث ويا من هو كل يوم في أمر جديد أَخرِجنا من حِلَق الضيق إلى أوسع الطريق. بك ندفع ما نُطيق وما لا نُطيق، اللهم ارحمنا إذا غسّلنا أهلونا وكفّنونا وحملونا على الأعناق ووارونا التراب، اللهم ارحم ميّتنا بالقبور، اللهم ثبّتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. اللهم ارحمنا رحمة واسعة تغنينا بها عن رحمة من سواك. اللهم ارحم آباءنا وأمهاتنا ، اللهم ارحمنا رحمة شاملة وتب علينا توبة نصوحا، اللهم فاقبل توبتنا وامح حوبتنا واغفر زلّتنا واستر عيوبنا. يا كريم، يا كيبراً فوق كل كبير صلّ على البشير النذير وعلى آله وأصحابه أجمعين.

فاصل ونواصل 7 - 7 - 2010 10:13 PM

بارك الله فيك واطال عمرك وذويك ولا حرمنا منك ولا من مواضيعك المختارة بدقة وعنايه

أبو جمال 13 - 7 - 2010 10:22 PM

بارك الله فيك واحسن اليك ورضي عنك
متميزة اختي ميارى

ميارى 23 - 7 - 2010 06:08 PM

فاصل ونواصل ، أبو جمال

http://quran.maktoob.com/vb/up/747950390561927080.gif

شيرين 14 - 8 - 2010 04:42 PM

http://islamroses.com/zeenah_images/jazak.gif


الساعة الآن 06:25 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى