منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القرآن الكريم والأحاديث وسيرة الأنبياء والصحابة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=95)
-   -   عجائب القصص اخرجها لكم من تراجم الصحابة (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=22535)

ابو رضوان 21 - 2 - 2012 09:46 PM

عجائب القصص اخرجها لكم من تراجم الصحابة ( متجدد )
 
عجائب القصص اخرجها لكم من تراجم الصحابة

خبر عجيب في الكهانة

لهيب بن مالك اللهبي

لُهَيب: بالتصغير، ابن مالك، اللهبي. قاله ابْنُ مَنْدَه.
وحكى فيه أبو عمر لهب مكبَّرًا، وبه جزم الرشاطي.
قال ابْنُ مَنْدَه: له خبر رواه عبد الله بن محمد العدوي بإسنادٍ لا يثبت.

وقال أَبُو عُمَرَ: روى خبرًا عجيبًا في الكهانة وأعلام النبوة، وأورد العقيلي حديثَه؛ قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد البلوي، أخبرني عمارة بن زيد، حدثني عبد الله بن العلاء عن أبي الشعشاع زنباع بن الشعشاع. حدثني أبي عن لُهيب بن مالك اللهبي؛ قال: حضرتُ عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرتُ عنده الكهانة؛ قال: فقلت له: بأبي أنت وأمي؛ ونحن أول مَنْ عرف حراسة السماء وخبَر الشياطين، ومنعهم استراق السمع عند قَذْف النجوم؛ وذلك أنا اجتمعنا إلى كاهن لنا يقال له خطر بن مالك، وكان شيخًا كبيرًا قد أتَتْ عليه مائتا سنة وثمانون سنة، وكان مِنْ أعلم كهاننا فقلْنا له: يا خطر، هل عندك علمٌ من هذه النجوم التي يرمى بها، فإنا قد فزعنا وخِفنا سوءَ عاقبتنا؟ فقال:
عُودُوا إِلَى السَّحَرْ ائْتُونِي بِسَحَرْ
أُخْبِركُم الخَبَرْ ألخَيْرٍ أَمْ ضَرَرْ
أَمْ لأمْنٍ أَم حَذَرْ

قال فأتيناه في وَجْه السحر، فإذا هو قائم شاخص نحو السماء، فناديناه: يا خطر، يا خطر، فأومأ إلينا أنْ أمسكوا. فانقضَّ نجم عظيم من السماء، فصرخ الكاهن رافعًا صوته:
أَصَابَهُ أَصَابَهُ
خَامَرَه عِقَابُهُ
عَاجَلَهُ عَذَابُهُ
أحْرَقَهُ شِهَابُهُ
زَايَلَهُ جَوَابُهُ
الأبيات.
وذكر بقية رَجزه وسجعه، ومن جملته:

أَقْسَمْتُ بِالْكَعْبَةِ وَالأرْكَانِ
قَدْ مُنِعَ السَّمْعَ عُتَاةُ الجَانِ
بِثَاقِبٍ بِكَفِّ ذِي سُلْطَانِ
مِنْ أَجْلِ مَبْعُوثٍ عَظِيمِ الشَّانِ
يُبْعثُ بالتَّنْزِيلِ وَالفُرْقَانِ
وفيه قال: فقلنا له: وَيْحك يا خطر، إنك لتذكر أمرًا عظيمًا، فماذا ترى لقومك؟ قال:
أَرَى لِقَوْمِي مَا أَرَى لِنَفْسِي
أَنْ يَتْبَعُوا خَيْرَ بَنِي الإِنْسِ
شِهَابُهُ مِثْلُ شُعَاعِ الشَّمْسِ

فذكر القصة؛ وفي آخرها فما أفاق خطر إلا بعد ثلاثة وهو يقول: لا إله إلا الله، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لَقَدْ نَطَقَ عَنْ مِثْلِ نُبُوَّة، وَإِنَّهُ لَيُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمةً وَحْدَهُ".

وأخرجه أَبُو سَعْدٍ في "شرف المصطفى" مِنْ هذا الوجه، قال أبو عمر: إسناده ضعيف، لو كان فيه حكم لما ذكرته؛ لأنّ رواته مجهولون، وعمارة بن زيد اتهموه بوَضْع الحديث، ولكنه في علم من أعلام النبوة، والأصول لا تدفعه، بل تشهد له وتصحّحه.

قلت: يستفاد من هذا أنه تجوزُ رواية الحديث الموضوع، إن كان بهذين الشرطين: ألا يكون فيه حكم، وأن تشهد له الأصول؛ وهو خلافُ ما نقلوه من الاتفاق على عدم جَوَاز ذلك، ويمكن أن يقال: ذكر هذا الشرط من جملة البيان
الاصابة في تمييز الصحابة جـ5/ص 510

***
لهيب بن مالك اللهبي
ويقال لهب. روى خبراً عجيباً في الكهانة وأعلام النبوة رأيت أن أذكره لما فيه من ذلك قال لهيب: حضرت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت عنده الكهانة فقلت: بأبي وأمي نحن أول من عرف حراسة السماء، وزجر الشياطين، ومنعهم من استراق السمع عند قذف النجوم، وذلك أنا اجتمعنا إلى كاهن لنا يقال له خطر بن مالك، وكان شيخاً كبيراً قد أتت عليه مائتا سنة وثمانون سنة وكان من أعلم كهاننا فقلنا: يا خطر: هل عندكم من علم هذه النجوم التي يرمى بها، فإنا قد فزعنا لها وخفنا سوء عاقبتها، فقال:
عودوا إلى السحر ... إيتوني بسحر
أخبركم الخبر ... ألخيرٍ أم ضرر
أو لأمنٍ أو حذر
قال: فانصرفنا يومنا، فلما كان في غد في وجه السحر أتيناه فإذا هو قائم على قدميه شاخص في السماء بعينه فناديناه يا خطر فأومى إلينا أن أمسكوا فأمسكنا فانقض نجم عظيم من السماء وصرخ الكاهن رافعاً صوته:
أصابه أصابه ... خامره عقابه
عاجله عذابه ... أحرقه شهابه
زايله جوابه
يا ويله ... ما حاله
عاوده خباله ... فقطعت حباله
وغيرت أحواله
ثم أمسك طويلاً وهو يقول:
يا معشر بني قحطان ... أخبركم بالحق والبيان
أقسمت بالكعبة والأركان ... والبلد المؤمن السدان
قد منع السمع عتاة الجان ... بثاقب بكف ذي سلطان
من أجل مبعوث عظيم الشان ... يبعث بالتنزيل والقرآن
وبالهدى وفاصل الفرقان ... تبطل به عبادة الأوثان
قال: فقلت: ويحك يا خطر إنك لتذكر أمراً عظيماً فماذا ترى لقومك؟ فقال:
أرى لقومي ما أرى لنفسي ... إن تتبعوا خير نبي الإنس
برهانه مثل شعاع الشمس ... يبعث في مكة دار الحمس
بمحكم التنزيل غير اللبس
فقلنا له: يا خطر وممن هو؟

فقال: والحياة والعيش، إنه لمن قريش ما في حلمه طيش ولا في خلقه طيش يكون في جيش وأي جيش من آل قحطان وآل أيش.
فقلنا: بين لنا من أي قريش هو؟ فقال: والبيت ذي الدعائم. والركن والأحائم. إنه لمن نجل هاشم. من معشر أكارم. يبعث بالملاحم. وقتل كل ظالم.
ثم قال: هذا هو البيان. أخبرني به رئيس الجان.
ثم قال: الله أكبر. جاء الحق وظهر. وانقطع عن الجن الخبر.
ثم سكت وأغمي عليه فما أفاق إلا بعد ثلاثة فقال: لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سبحان الله، لقد نطق على مثل نبوة، وإنه ليبعث يوم القيامة أمةً وحده " .
وذكر هذا الخبر أبو جعفر العقيلي في كتاب الصحابة له، فقال: أخبرنا عبد الله ابن أحمد البلوي المدني قال: أخبرني عمارة بن يزيد قال: حدثني عبيد الله بن العلاء، عن أبي الشعشاع زنباع بن الشعشاع، قال: حدثني أبي عن لهيب بن مالك الليثي، قال: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت عنده الكهانة. وساق الحديث إلى آخره.
قال أبو عمر: إسناد هذا الحديث ضعيف ولو كان فيه حكم لم أذكره لأن رواته مجهولون وعمارة بن زيد متهم بوضع الحديث، ولكنه في معنى حسن من أعلام النبوة والأصول في مثله لا تدفعه بل تصححه وتشهد له، والحمد لله.


الكتاب : الإستيعاب في معرفة الأصحاب
المؤلف : ابن عبد البر




***
لهيب بن مالك اللهبي

((لُهَيب: بالتصغير، ابن مالك، اللهبي. قاله ابْنُ مَنْدَه. وحكى فيه أبو عمر لهب مكبَّرًا، وبه جزم الرشاطي.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((لُهَيْب بن مَالِك اللَّهَيَبيّ)) أسد الغابة.
((قال ابْنُ مَنْدَه: له خبر رواه عبد الله بن محمد العدوي بإسنادٍ لا يثبت. وقال أَبُو عُمَرَ: روى خبرًا عجيبًا في الكهانة وأعلام النبوة، وأورد العقيلي حديثَه؛ قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد البلوي، أخبرني عمارة بن زيد، حدثني عبد الله بن العلاء عن أبي الشعشاع زنباع بن الشعشاع. حدثني أبي عن لُهيب بن مالك اللهبي؛ قال: حضرتُ عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرتُ عنده الكهانة؛ قال: فقلت له: بأبي أنت وأمي؛ ونحن أول مَنْ عرف حراسة السماء وخبَر الشياطين، ومنعهم استراق السمع عند قَذْف النجوم؛ وذلك أنا اجتمعنا إلى كاهن لنا يقال له خطر بن مالك، وكان شيخًا كبيرًا قد أتَتْ عليه مائتا سنة وثمانون سنة، وكان مِنْ أعلم كهاننا فقلْنا له: يا خطر، هل عندك علمٌ من هذه النجوم التي يرمى بها، فإنا قد فزعنا وخِفنا سوءَ عاقبتنا؟ فقال:
عُودُوا إِلَى السَّحَرْ ائْتُونِي بِسَحَرْ
أُخْبِركُم الخَبَرْ ألخَيْرٍ أَمْ ضَرَرْ
أَمْ لأمْنٍ أَم حَذَرْ

قال فأتيناه في وَجْه السحر، فإذا هو قائم شاخص نحو السماء، فناديناه: يا خطر، يا خطر، فأومأ إلينا أنْ أمسكوا.
فانقضَّ نجم عظيم من السماء، فصرخ الكاهن رافعًا صوته:

أَصَابَهُ أَصَابَهُ
خَامَرَه عِقَابُهُ
عَاجَلَهُ عَذَابُهُ
أحْرَقَهُ شِهَابُهُ
زَايَلَهُ جَوَابُهُ

الأبيات.
وذكر بقية رَجزه وسجعه، ومن جملته:

أَقْسَمْتُ بِالْكَعْبَةِ وَالأرْكَانِ
قَدْ مُنِعَ السَّمْعَ عُتَاةُ الجَانِ
بِثَاقِبٍ بِكَفِّ ذِي سُلْطَانِ
مِنْ أَجْلِ مَبْعُوثٍ عَظِيمِ الشَّانِ
يُبْعثُ بالتَّنْزِيلِ وَالفُرْقَانِ
وفيه قال: فقلنا له: وَيْحك يا خطر، إنك لتذكر أمرًا عظيمًا، فماذا ترى لقومك؟ قال:

أَرَى لِقَوْمِي مَا أَرَى لِنَفْسِي
أَنْ يَتْبَعُوا خَيْرَ بَنِي الإِنْسِ
شِهَابُهُ مِثْلُ شُعَاعِ الشَّمْسِ
فذكر القصة؛ وفي آخرها فما أفاق خطر إلا بعد ثلاثة وهو يقول: لا إله إلا الله، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لَقَدْ نَطَقَ عَنْ مِثْلِ نُبُوَّة، وَإِنَّهُ لَيُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمةً وَحْدَهُ".(*) وأخرجه أَبُو سَعْدٍ في "شرف المصطفى" مِنْ هذا الوجه، قال أبو عمر: إسناده ضعيف، لو كان فيه حكم لما ذكرته؛ لأنّ رواته مجهولون، وعمارة بن زيد اتهموه بوَضْع الحديث، ولكنه في علم من أعلام النبوة، والأصول لا تدفعه، بل تشهد له وتصحّحه. قلت: يستفاد من هذا أنه تجوزُ رواية الحديث الموضوع، إن كان بهذين الشرطين: ألا يكون فيه حكم، وأن تشهد له الأصول؛ وهو خلافُ ما نقلوه من الاتفاق على عدم جَوَاز ذلك، ويمكن أن يقال: ذكر هذا الشرط من جملة البيان)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((روى خبرًا عجيبًا في الكهانة وأعلام النّبوة، رأيت أن أذكره لما فيه من ذلك، قال لهيب:‏ حضرْتُ عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فذكرت عنده الكهانة، فقلت:‏ بأبي وأمي! نحن أوّل من عرف حراسة السّماء، وزجر الشيّاطين، ومنعهم من استراق السّمع عند قذف النّجوم، وذلك أنا اجتمعنا إلى كاهن لنا يقال له خطر بن مالك، وكان شيخًا كبيرًا قد أتتْ عليه مائتا سنة وثمانون سنة، وكان من أعلم كهاننا،
فقلنا:‏ يا خطر‏:‏ هل عندكم من علم هذه النّجُوم التي يُرمى بها، فإنا قد فزعنا لها وخِفْنا سوء عاقبتها، فقال:
عُودُوا إِلَي السِّحَرْ إِيتُونِي
بِسَحَرْ
أُخْبِرْكُمْ الخَبَرْ أَلِخْيَرٍ أَمْ ضَرَرْ
أَوْ لأَمْنٍ أَوْ حَذَرْ
قال:‏ فانصرفنا يومنا، فلما كان في غَدٍ في وجه السحر أتيناه، فإذا هو قائم على قدميه شاخص في السّماء بعينه، فناديناه يا خطر، فأوْمَأ إلينا أن أمسكوا، فأمسكنا فانقضَّ نجم عظيم من السّماء، وصرخ الكاهن رافعًا صوته‏:

أَصَابَهُ أَصَابَهُ خَامَرَهُ عِقَابُهُ
عَاجَلَهُ عَذَابُهُ أَحْرَقَهُ شِهَابُهُ
زَايَلَهُ جَوَابَهُ يَا وَيْلَهُ مَا حَالُهُ
عَاوَدَهُ خبَالُهُ فَقُطِّعَتْ حِبَالُهُ
وَغُيِّرَتْ أَحْوَالُهُ
ثم أمسك طويلًا، وهو يقول: ‏
يَا مَعْشَرَ بَنِي قْحْطَانِ
أُخْبِرُكُمْ بِالحَقِّ وَالبَيَانِ
أَقْسَمْتُ بِالكَعْبَةِ وَالأَرْكَانِ
وَالبَلَدِ المُؤمّنِ الـسّدَانِ
قَدْ مُنِعَ السَّمْعَ عُتَاةُ الجَانِ
بِثَاقِبٍ بِكَفِّ ذِي سُلْطَانِ
مِنْ أَجْلِ مَبْعُوثٍ عَظِيمِ الشَّانِ
يُبْعَثُ بالتَّنْزِيلِ وَالقُرْآنِ

وَبِالهُدَي وَفَاصِلِ الفُرْقَانِ تُبْطَلُ بِهْ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ
قال:‏ فقلت‏:‏ ويحك يا خطر، إنك لتذكُر أمرًا عظيمًا، فماذا ترى لقومك؟ فقال:
أَرَى لِقَومِي مَا أَرَى لِنَفْسِي إِنْ تَتْبَعُوا خَيْرَ نَبِيِّ الإِنْسِ

بُرْهَانُهُ مِثْلُ شُعَاعِ الشَّمْسِ يُبْعَثُ فِي مَكَّةَ دَارِ الحُمْسِِ
بِمُحْكََمِ التَّنْزِيلِ غَيْرِ اللّبْسِ
فقلنا له‏:‏ يا خطر، وممن هو؟ فقال:‏ والحياة والعيش، إنه لمن قريش، ما في حلمه طيش، ولا في خلقه طيش، يكون في جيش، وأي جيش، من آل قحطان وآل أيش‏.‏ فقلنا:‏ بَيّن لنا من أي قريش هو؟ فقال:‏ والبيت ذي الدعائم.‏ والركن والأحائم.‏ إنه لمن نجل هاشم. من مَعْشَرٍ أكارم‏.‏ يبعث بالملاحم‏.‏ وقتل كلّ ظالم.
ثم قال:‏ هذا هو البيان.‏ أخبرني به رئيس الجان. ثم قال:‏ الله أكبر.‏ جاء الحق وظهر.‏ وانقطع عن الجن الخبر. ثم سكت وأغمي عليه، فما أفاق إلا بعد ثلاثة، فقال‏:‏ لا إله إلا الله! فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ‏"‏سُبْحَانَ اللَّهُ، لَقَدْ نَطَق عَلَى مِثْلِ نُبُوَّةٍ، وَإِنَّهُ لَيُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أمّةً وَحْدَهُ‏"‏‏.
وذكر هذا الخبر أبو جعفر العقيلي في كتاب الصّحابة له، فقال:‏ أخبرنا عبد الله بن أحمد البلويّ المدنيّ، قال‏:‏ أخبرني عمارة بن يزيد، قال:‏ حدّثني عبيد الله بن العلاء، عن أبي الشّعشاع زنباع بن الشّعشاع، قال:‏ حدّثني أبيّ، عن لهُيَب بن مالك الليّثي، قال:‏ حضرْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فذكرت عنده الكهانة... وساق الحديث إلى آخره.))

الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
أسد الغابة

الاصابة في تمييز الصحابة جـ5/ص 510

ابو رضوان 21 - 2 - 2012 09:47 PM

مع سعيد بن العاص
ابن أبي أحيحة سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي ، والد عمرو بن سعيد الأشدق ، ووالد يحيى ، القرشي الأموي المدني الأمير . قتل أبوه يوم بدر مشركا ، وخلف سعيدا طفلا .
قال أبو حاتم : له صحبة .

قلت : لم يرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وروى عن عمر ; وعائشة ، وهو مقل .
حدث عنه : ابناه ، وعروة ، وسالم بن عبد الله .
وكان أميرا ، شريفا ، جوادا ، ممدحا ، حليما ، وقورا ، ذا حزم وعقل ، يصلح للخلافة .

ولي إمرة المدينة غير مرة لمعاوية . وقد ولي إمرة الكوفة لعثمان بن عفان . وقد اعتزل الفتنة ، فأحسن ، ولم يقاتل مع معاوية . ولما صفا الأمر لمعاوية ، وفد سعيد إليه ، فاحترمه ، وأجازه بمال جزيل .

ولما كان على الكوفة ، غزا طبرستان ، فافتتحها ، وفيه يقول الفرزدق : تـرى الغـر الجحـاجح مـن قريش

إذا مــا الأمـر ذو الـحدثـان عالا قيامــا ينظــرون إلــى سـعيد

كـــأنهم يـــرون بـــه هلالا

قال ابن سعد : توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولسعيد تسع سنين أو نحوها . ولم يزل في صحابة عثمان لقرابته منه ، فولاه الكوفة لما عزل عنها الوليد بن عقبة ، فقدمها وهو شاب مترف ، فأضر بأهلها ، فوليها خمس سنين إلا أشهرا . ثم قام عليه أهلها ، وطردوه ، وأمروا عليهم أبا موسى ، فأبى ، وجدد البيعة في أعناقهم لعثمان ، فولاه عثمان عليهم .

وكان سعيد بن العاص يوم الدار مع المقاتلة عن عثمان . ولما سار طلحة والزبير ، فنزلوا بمر الظهران ، قام سعيد خطيبا ، وقال : أما بعد : فإن عثمان عاش حميدا ، وذهب فقيدا شهيدا ، وقد زعمتم أنكم خرجتم تطلبون بدمه ، فإن كنتم تريدون ذا ، فإن قتلته على هذه المطي ، فميلوا عليهم . فقال مروان : لا بل نضرب بعضهم ببعض . فقال المغيرة : الرأي ما رأى سعيد . ومضى إلى الطائف ، وانعزل سعيد بمن اتبعه بمكة ، حتى مضت الجمل وصفين .

قال قبيصة بن جابر : سألوا معاوية ; من ترى للأمر بعدك ؟ قال : أما كريمة قريش فسعيد بن العاص ، وذكر جماعة .

ابن سعد : حدثنا علي بن محمد ، عن يزيد بن عياض ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، قال : خطب سعيد بن العاص أم كلثوم بنت علي بعد عمر ، وبعث إليها بمائة ألف ، فدخل عليها أخوها الحسين ، وقال : لا تزوجيه . فقال الحسن : أنا أزوجه . واتعدوا لذلك ، فحضروا ، فقال سعيد : وأين أبو عبد الله ؟ فقال الحسن : سأكفيك . قال : فلعل أبا عبد الله كره هذا . قال : نعم . قال : لا أدخل في شيء يكرهه . ورجع ، ولم يأخذ من المال شيئا .

قال سعيد بن عبد العزيز الدمشقي : إن عربية القرآن أقيمت على لسان سعيد بن العاص ، لأنه كان أشبههم لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم .

وعن الواقدي : أن سعيدا أصيب بمأمومة يوم الدار ، فكان إذا سمع الرعد ، غشي عليه .

وقال هشيم : قدم الزبير الكوفة ، وعليها سعيد بن العاص ، فبعث إلى الزبير بسبع مائة ألف ، فقبلها .

وقال صالح بن كيسان : كان سعيد بن العاص يخف بعض الخفة من المأمومة التي أصابته ، وهو على ذلك من أوفر الرجال وأحلمه .

ابن عون : عن عمير بن إسحاق قال : كان مروان يسب عليا رضي الله عنه في الجمع . فعزل بسعيد بن العاص ، فكان لا يسبه .

قال ابن عيينة : كان سعيد بن العاص إذا قصده سائل وليس عنده شيء ، قال : اكتب علي سجلا بمسألتك إلى الميسرة .

وذكر عبد الأعلى بن حماد : أن سعيد بن العاص استسقى من بيت ، فسقوه ، واتفق أن صاحب المنزل أراد بيعه لدين عليه ، فأدى عنه أربعة آلاف دينار . وقيل : إنه أطعم الناس في قحط حتى نفد ما في بيت المال ، وادان ، فعزله معاوية .

وقيل : مات وعليه ثمانون ألف دينار .

وعن سعيد ، قال : القلوب تتغير ، فلا ينبغي للمرء أن يكون مادحا اليوم ذاما غدا .

قال الزبير بن بكار : توفي سعيد بن العاص بقصره بالعرصة على ثلاثة أميال من المدينة ، وحمل إلى البقيع في سنة تسع وخمسين . كذا أرخه خليفة وغيره .

وقال مسدد : مات مع أبي هريرة سنة سبع أو ثمان وخمسين وقال أبو معشر : سنة ثمان .

وقيل : إن عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق سار بعد موت أبيه إلى معاوية ، فباعه منزله وبستانه الذي بالعرصة بثلاث مائة ألف درهم . ويقال : بألف ألف درهم . قاله الزبير . وفي ذلك المكان يقول عمرو بن الوليد بن عقبة : القصر ذو النخل والجمار فوقهما

أشهى إلى النفس من أبواب جيرون

وقد كان سعيد بن العاص أحد من ندبه عثمان لكتابة المصحف لفصاحته ، وشبه لهجته بلهجة الرسول -صلى الله عليه وسلم .


***


سعيد بن العاص( 2 ـ 59 هـ)


هو سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي، كنيته أبو عبد الرحمن، مات أبوه يوم بدر مشركاً، صحابي صغير مات النبي صلى الله عليه وسلم وله تسع سنين أو نحوها.


كان أحد أشراف قريش وأجوادها وفصحائها الممدّحين، له ذكر في كتب الحديث، روى الحديث عن عمر بن الخطاب وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، وروى عنه الحديث بنوه عبد الرحمن وعثمان والأشدق، وعروة بن الزبير، وسالم بن عبد الله وغيرهم، عرض عليه القرآن الكريم في خلافة عثمان بن عفان حين جمع القرآن لأن قرائته كانت أشبه بقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


ولي الكوفة في عهد عثمان بن عفان ما يقارب من خمس سنين ، وغزا طبرستان فافتتحها، ولما وقعت فتنة الخلافة بين علي بن أبي طالب وبين معاوية بن أبي سفيان اعتزل الفتنة، وأقام بمكة، وكان معاوية يقدمه من بين رجالات قريش، وولاه المدينة المنورة سنة 42 هـ لأكثر من مرة مناوبة مع مروان بن الحكم.


من مآثره أنه كف عن سب علي على المنابر، وكان يقول: "" لجليسي عليّ ثلاث خصال: إذا دنا رحبت به وإذا جلس أوسعت له وإذا حدث أقبلت عليه ""، ومن كرمه أنه استسقى ذات يوم من دار من دور المدينة فسقوه، ثم إن صاحب الدار عرضها للبيع بأربعة آلاف دينار كانت عليه، فقال سعيد إن له علينا ذماماً وأداها عنه، وقد أطعم الناس في سنة مجدبة حتى أنفق ما في بيت المال وأدان، فعزله معاوية لذلك.


مات سعيد في قصره بالعرصة على بعد ثلاثة أميال من المدينة ودفن في البقيع بناء على وصيته سنة 59هـ.


***
"قال رجل لسعيد بن العاص – وهو أمير الكوفة – يدي عندك بيضاء.
قال: وما هي؟
قال: كبت بك فرسك؛ فتقدمتُ إليك غلمانَك؛ فرفعت بضبعك، وهززتك مرارًا، ثم سقيتك ماءً، ثم أخذت بركابك حتى ركبت.
قال: فأين كنت ؟
قال: حجبت عنك .
قال: فقد أمرنا لك بمئتي ألف درهم، وبما يملكه الحاجب، تأديبًا له أن يجب مثلك، وهذه وسيلته".2)
2 ) ربيع الأبرار: 4/323. البصائر: 9/193

***

المروءة


- لما حضرتْ سعيدَ بن العاص الوفاةُ قال: يا بَنِيَّ، لا تفقدوا إخواني مني عندكم عين وجهي، أَجْرُوا عليهم ما كنتُ أُجْرِي، واصنعوا بهم ما كنت أصنع، ولا تُلْجِئُوهم للطلب؛ فإن الرجل إذا طلب الحاجة اضطربت أركانه، وارتعدت فرائصه، وَكَلَّ لسانه، وبدا الكلام في وجهه، اكفوهم مئونة الطلب بالعطية قبل المسألة؛ فإني لا أجد لوجه الرجل يأتي يتقلقل على فراشه ذاكرًا موضعًا لحاجته فعدا بها عليكم لا أرى قضى حاجته عوضًا من بذل وجهه، فبادروهم بقضاء حوائجهم قبل أن يسبقوكم إليها بالمسألة[1].


[1] ابن أبي الدنيا: الإخوان ص223.


****

سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، قتل أبوه يوم بدر كافرا، قتله علي بن أبي طالب، ونشأ سعيد في حجر عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وكان عمر سعيد يوم مات رسول الله تسع سنين، وكان من سادات المسلمين والأجواد المشهورين.
وكان جده سعيد بن العاص - ويكنى: بأبي أجنحة - رئيسا في قريش، يقال له: ذو التاج، لأنه كان إذا أعتم لا يعتم أحد يومئذٍ إعظاما له.
وكان سعيد هذا من عمال عمر على السواد، وجعله عثمان فيمن يكتب المصاحف لفصاحته، وكان أشبه الناس لحية برسول الله ، وكان في جملة الاثني عشر رجلا، الذين يستخرجون القرآن ويعلمونه ويكتبونه، منهم أبي بن كعب، وزيد بن ثابت.
واستنابه عثمان على الكوفة بعد عزله الوليد بن عقبة، فافتتح طبرستان وجرجان، ونقض العهد أهل أذربيجان فغزاهم ففتحها.
فلما مات عثمان اعتزل الفتنة فلم يشهد الجمل ولا صفين، فلما استقر الأمر لمعاوية وفد إليه فعتب عليه فاعتذر إليه فعذره في كلام طويل جدا، وولاّه المدينة مرتين، وعزله عنها مرتين بمروان بن الحكم.
وكان سعيد هذا لا يسبُّ عليا، ومروان يسبّه.
وروى عن النبي ، وعن عمر بن الخطاب، وعثمان، وعائشة، وعنه ابناه عمرو بن سعيد الأشدق، وأبو سعيد، وسالم بن عبد الله بن عمر، وعروة بن الزبير وغيرهم، وليس له في المسند ولا في الكتب الستة شيء.
وقد كان حسن السيرة، جيد السريرة، وكان كثيرا ما يجمع أصحابه في كل جمعة فيطعمهم ويكسوهم الحلل، ويرسل إلى بيوتهم بالهدايا والتحف والبر الكثير، وكان يصر الصرر فيضعها بين يدي المصلين من ذوي الحاجات في المسجد.
قال ابن عساكر: وقد كانت له دار بدمشق تعرف بعده بدار نعيم، وحمام نعيم، بنواحي الديماس، ثم رجع إلى المدينة فأقام بها إلى أن مات، وكان كريما جوادا ممدحا.
ثم أورد شيئا من حديثه من طريق يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو سعيد الجعفي، ثنا عبد الله بن الأجلح، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه أن سعيد بن العاص قال: إن رسول الله قال: «خياركم في الإسلام خياركم في الجاهلية».
وفي طريق الزبير بن بكار: حدثني رجل، عن عبد العزيز بن أبان، حدثني خالد بن سعيد، عن أبيه، عن ابن عمر قال: جاءت امرأة إلى رسول الله ببرد.
فقالت: إني نذرت أن أعطي هذا الثوب أكرم العرب.
فقال: «أعطه هذا الغلام» يعني - سعيد بن العاص - وهو واقف، فلذلك سميت الثياب السعيدية.
وأنشد الفرزدق قوله فيه:
ترى الغُرَّ الجحاجح من قريشٍ * إذا ما الخطب في الحدثان عالا
قياما ينظرون إلى سعيد * كأنهم يرون به هلالا
وذكر أن عثمان عزل عن الكوفة المغيرة وولاها سعيد بن أبي وقاص، ثم عزله وولاها الوليد بن عتبة، ثم عزله وولى سعيد بن العاص، فأقام بها حينا، ولم تحمد سيرته فيهم ولم يحبوه.
ثم ركب مالك بن الحارث - وهو الأشتر النخعي - في جماعة إلى عثمان وسألوه أن يعزل عنهم سعيدا فلم يعزله، وكان عنده بالمدينة فبعثه إليهم، وسبق الأشتر إلى الكوفة فخطب الناس وحثهم على منعه من الدخول إليهم، وركب الأشتر في جيش يمنعوه من الدخول.
قيل: تلقوه إلى العذيب، - وقد نزل سعيد بالرعثة - فمنعوه من الدخول إليهم، ولم يزالوا به حتى ردّوه إلى عثمان، وولى الأشتر أبا موسى الأشعري على الصلاة والثغر وحذيفة بن اليمان على الفيء.
فأجاز ذلك أهل الكوفة وبعثوا إلى عثمان في ذلك فأمضاه وسره ذلك فيما أظهره، ولكن هذا كان أول وهن دخل على عثمان.
وأقام سعيد بن العاص بالمدينة حتى كان زمن حصر عثمان فكان عنده بالدار.
ثم لما ركب طلحة والزبير مع عائشة من مكة يريدون قتلة عثمان ركب معهم، ثم انفرد عنهم هو والمغيرة بن شعبة وغيرهما، فأقام بالطائف حتى انقضت تلك الحروب كلها.
ثم ولاه معاوية إمرة المدينة سنة تسع وأربعين، وعزل مروان فأقام سبعا ثم رد مروان.
وقال عبد الملك بن عمير: عن قبيضة بن جابر قال: بعثني زياد في شغل إلى معاوية، فلما فرغت من أموري قلت: يا أمير المؤمنين لمن يكون الأمر من بعدك؟
فسكت ساعة ثم قال: يكون بين جماعة، إما كريم قريش سعيد بن العاص، وإما فتى قريش حياء ودهاء وسخاء، عبد الله بن عامر، وإما الحسن بن علي فرجل سيد كريم.
وإما القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله، الشديد في حدود الله مروان بن الحكم، وإما رجل فقيه عبد الله بن عمر، وإما رجل يتردد الشريعة مع دواهي السباع ويروغ روغان الثعلب فعبد الله بن الزبير.
وروينا أنه استسقى يوما في بعض طرق المدينة، فأخرج له رجل من دار ماء فشرب، ثم بعد حين رأى ذلك يعرض داره للبيع فسأل عنه لِمَ يبيع داره؟
فقالوا: عليه دين أربعة آلاف دينار، فبعث إلى غريمه فقال: هي لك عليّ، وأرسل إلى صاحب الدار فقال: استمتع بدارك.
وكان رجل من القراء الذين يجالسونه قد افتقر وأصابته فاقة شديدة.
فقالت له امرأته: إن أميرنا هذا يوصف بالكرم، فلو ذكرت له حالك فلعله يسمح لك بشيء.
فقال: ويحك! لا تحلقي وجهي، فألحت عليه في ذلك، فجاء فجلس إليه، فلما انصرف الناس عنه مكث الرجل جالسا في مكانه.
فقال له سعيد: أظن جلوسك لحاجة؟
فسكت الرجل، فقال سعيد لغلمانه: انصرفوا، ثم قال له سعيد: لم يبق غيري وغيرك، فسكت، فأطفأ المصباح ثم قال له: رحمك الله لست ترى وجهي فاذكر حاجتك.
فقال: أصلح الله الأمير أصابتنا فاقة وحاجة فأحببت ذكرها لك فاستحييت.
فقال له: إذا أصبحت فالق وكيلي فلانا، فلما أصبح الرجل لقي الوكيل فقال له الوكيل: إن الأمير قد أمر لك بشيء فأت بمن يحمله معك.
فقال: ما عندي من يحمله.
ثم انصرف الرجل إلى امرأته فلامها وقال: حملتيني على بذل وجهي للأمير، فقد أمر لي بشيء يحتاج إلى من يحمله.
وما أراه أمر لي إلا بدقيق أو طعام، ولو كان مالا لما احتاج إلى من يحمله، ولأعطانيه.
فقالت له المرأة: فمهما أعطاك فإنه يقوتنا فخذه، فرجع الرجل إلى الوكيل، فقال له الوكيل: إني أخبرت الأمير أنه ليس لك أحد يحمله، وقد أرسل بهؤلاء الثلاثة السودان يحملونه معك، فذهب الرجل.
فلما وصل إلى منزله إذا على رأس كل واحد منهم عشرة آلاف درهم.
فقال للغلمان: ضعوا ما معكم وانصرفوا.
فقالوا: إن الأمير قد أطلقنا لك، فإنه ما بعث مع خادم هدية إلى أحد، إلا كان الخادم الذي يحملها من جملتها.
قال: فحسن حال ذلك الرجل.
وذكر ابن عساكر: أن زياد بن أبي سفيان بعث إلى سعيد بن العاص هدايا وأموالا وكتابا ذكر فيه أنه يخطب إليه ابنته أم عثمان من آمنة بنت جرير بن عبد الله البجلي.
فلما وصلت الهدايا والأموال والكتاب قرأه، ثم فرق الهدايا في جلسائه، ثم كتب إليه كتابا لطيفا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم! قال الله تعالى: { كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى } [العلق: 6- 7] والسلام.
وروينا: أن سعيدا خطب أم كلثوم بنت علي من فاطمة، التي كانت تحت عمر بن الخطاب، فأجابت إلى ذلك وشاورت أخويها فكرها ذلك.
وفي رواية: إنما كره ذلك الحسين وأجاب الحسن، فهيأت دارها ونصبت سريرا وتواعدوا للكتاب، وأمرت ابنها زيد بن عمر أن يزوجها منه، فبعث إليها بمائة ألف.
وفي رواية: بمائتي ألف مهرا، واجتمع عنده أصحابه ليذهبوا معه، فقال: إني أكره أن أخرج أمي فاطمة، فترك التزويج وأطلق جميع ذلك المال لها.
وقال ابن معين، وعبد الأعلى بن حماد: سأل أعرابي سعيد بن العاص فأمر له بخمسمائة.
فقال الخادم: خمسمائة درهم أو دينار؟.
فقال: إنما أمرتك بخمسمائة درهم، وإذ قد جاش في نفسك أنها دنانير فادفع إليه خمسمائة دينار.
فلما قبضها الأعرابي جلس يبكي.
فقال له: مالك؟ ألم تقبض نوالك؟
قال: بلى والله! ولكن أبكي على الأرض كيف تأكل مثلك.
وقال عبد الحميد بن جعفر: جاء رجل في حمالة أربع ديات سأل فيها أهل المدينة، فقيل: له عليك بالحسن بن علي، أو عبد الله بن جعفر، أو سعيد بن العاص، أو عبد الله بن عباس.
فانطلق إلى المسجد فإذا سعيد داخل إليه، فقال: من هذا؟
فقيل: سعيد بن العاص فقصده فذكر له ما أقدمه فتركه حتى انصرف من المسجد إلى المنزل فقال للأعرابي: ائت بمن يحمل معك.
فقال: رحمك الله! إنما سألتك مالا لا تمرا.
فقال: أعرف، ائت بمن يحمل معك؟ فأعطاه أربعين ألفا فأخذها الأعرابي وانصرف ولم يسأل غيره.
وقال سعيد بن العاص لابنه: يا بني أجر لله المعروف إذا لم يكن ابتداء من غير مسألة، فأما إذا أتاك الرجل تكاد ترى دمه في وجهه، أوجاءك مخاطرا لا يدري أتعطيه أم تمنعه، فوالله لو خرجت له من جميع مالك ما كافأته.
وقال سعيد: لجليسي علي ثلاث، إذا دنا رحبت به، وإذا جلس أوسعت له، وإذا حدث أقبلت عليه.
وقال أيضا: يا بني لا تمازح الشريف فيحقد عليك ولا الدنيء فتهون عليه.
وفي رواية: فيجترئ عليك.
وخطب يوما فقال: من رزقه الله رزقا حسنا فليكن أسعد الناس به، إنما يتركه لأحد رجلين، إما مصلح فيسعد بما جمعت له وتخيب أنت، والمصلح لا يقل عليه شيء، وإما مفسد فلا يبقى له شيء.
فقال أبو معاوية: جمع أبو عثمان طرف الكلام.
وروى الأصمعي: عن حكيم بن قيس.
قال سعيد بن العاص: موطنان لا أستحي من رفقي فيهما والتأني عندهما، مخاطبتي جاهلا أو سفيها، وعند مسألتي حاجة لنفسي.
ودخلت عليه امرأة من العابدات وهو أمير الكوفة فأكرمها وأحسن إليها، فقالت: لا جعل الله لك إلى لئيم حاجة، ولا زالت المنة لك في أعناق الكرام، وإذا أزال عن كريم نعمة جعلك سببا لردها عليه.
وقد كان له عشرة من الولد ذكورا وإناثا، وكانت إحدى زوجاته أم البنين بنت الحكم بن أبي العاص - أخت مروان بن الحكم - ولما حضرت سعيدا الوفاة جمع بنيه.
وقال لهم: لا يفقدن أصحابي غير وجهي، وصلوهم بما كنت أصلهم به، وأجروا عليهم ما كنت أجري عليهم، واكفوهم مؤنة الطلب، فإن الرجل إذا طلب الحاجة اضطربت أركانه، وارتعدت فرائصه مخافة أن يرد، فوالله لرجل يتململ على فراشه يراكم موضعا لحاجته أعظم منة عليكم مما تعطونه.
ثم أوصاهم بوصايا كثيرة منها: أن يوفوا ما عليه من الدين والوعود، وأن لا يزوجوا أخواتهم إلا من الأكفاء، وأن يسودوا أكبرهم.
فتكفل بذلك كله ابنه عمرو بن سعيد الأشدق.
فلما دفنه بالبقيع، ثم ركب عمرو إلى معاوية فعزاه فيه واسترجع معاوية وحزن عليه قال: هل ترك من دين عليه؟
قال: نعم!
قال: وكم هو؟
قال: ثلاثمائة ألف درهم، وفي رواية: ثلاث آلاف ألف درهم.
فقال معاوية: هي عليّ!
فقال ابنه: يا أمير المؤمنين، إنه أوصاني أن لا أقضي دينه إلا من ثمن أراضيه، فاشترى منه معاوية أراضي بمبلغ الدين، وسأل منه عمرو أن يحملها إلى المدينة فحملها له، ثم شرع عمرو يقضي ما على أبيه من الدين حتى لم يبق أحد، فكان من جملة من طالبه شاب معه رقعة من أديم فيها عشرون ألفا.
فقال له عمرو: كيف استحققت هذه على أبي؟
فقال الشاب: إنه كان يوما يمشي وحده، فأحببت أن أكون معه حتى يصل إلى منزله، فقال: أبغني رقعة من أدم، فذهبت إلى الجزارين فأتيته بهذه، فكتب لي فيها هذا المبلغ، واعتذر بأنه ليس عنده اليوم شيء.
فدفع إليه عمرو ذلك المال وزاده شيئا كثيرا، ويروى أن معاوية قال لعمرو بن سعيد: من ترك مثلك لم يمت.
ثم قال: رحم الله أبا عثمان، ثم قال: قد مات من هو أكبر مني ومن هو أصغر مني، وأنشد قول الشاعر:
إذا سار من دون امرئ وإمامه * وأوحش من إخوانه فهو سائر
وكانت وفاة سعيد بن العاص في هذه السنة.
وقيل: في التي قبلها وقيل: في التي بعدها.
وقال بعضهم: كانت وفاته قبل عبد الله بن عامر بجمعة.

البداية والنهاية/الجزء الثامن/توفي في هذا العام سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف


منتصر أبوفرحة 21 - 2 - 2012 11:33 PM

هل الموضوع مستمر ؟؟
يعني هل ستقوم بسرد سير كثير من الصحابة ؟؟
وفقك الله أخي

B-happy 22 - 2 - 2012 12:25 AM

جزاك الله الخير ابو رضوان وبارك بك
ننتظر بقية الصحابة
تحياتي

ابو رضوان 22 - 2 - 2012 12:32 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منتصر أبوفرحة (المشاركة 226945)
هل الموضوع مستمر ؟؟
يعني هل ستقوم بسرد سير كثير من الصحابة ؟؟
وفقك الله أخي


نعم متجدد ان شاء الله
شكرا لمرورك العاطر بارك الله فيك

shreeata 22 - 2 - 2012 12:33 AM

سملت الايادي اخي الكريم
وحزاك الله عنا كل خير
تحيات لك

ابو رضوان 22 - 2 - 2012 12:37 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة b-happy (المشاركة 226955)
جزاك الله الخير ابو رضوان وبارك بك
ننتظر بقية الصحابة
تحياتي

شكرا لك اخي لمرورك العاطر ومعكم وبكم بارك الله فيكم
مستمر مع عجائب قصص الصحابة ان شاء الله

ابو رضوان 22 - 2 - 2012 12:38 AM

اليوم انقل لكم قصص عن صاحب المقالب وصاحب الدعابة الظريفة صاحب رسول الله
انه
نعيمان بن عمرو
بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك ابن النجار
شهد بدراً.
وكان من قدماء الصحابة وكبرائهم وكانت فيه دعابة زائدة وله أخبار ظريفة في دعابته منها

خبره مع سويبط بن حرملة.

أنبأنا عبد الله بن محمد، حدثنا محمد جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا روح حدثنا زمعة بن صالح، سمعت ابن شهاب يحدث عن عبد الله ابن وهب بن زمعة عن أم سلمة أن أبا بكر خرج تاجراً إلى بصرى ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة وكلاهما بدري وكان سويبط على الزاد فجاءه نعيمان فقال: أطعمني فقال: لا حتى يجيء أبو بكر وكان نعيمان رجلاً مضحاكاً مزاحاً فقال: لأغيظنك فذهب إلى ناس جلبوا ظهراً فقال: ابتاعوا مني غلاماً عربياً فارهاً وهو ذو لسان ولعله يقول: أنا حر فإن كنتم تاركيه لذلك فدعوه لا تفسدوا علي غلامي.
فقالوا: بل نبتاعه منك بعشرة قلائص فأقبل بها يسوقها وأقبل بالقوم حتى عقلها ثم قال: دونكم هو هذا فجاء القوم فقالوا: قد اشتريناك فقال سويبط: هو كاذب أنا رجل حر قالوا: قد أخبرنا خبرك فطرحوا الحبل في رقبته فذهبوا به وجاء أبو بكر فأخبر فذهب هو وأصحاب له فردوا القلائص وأخذوه فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من ذلك حولاً.

وروى عنها قالت: خرج أبو بكر الصديق قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بعام في تجارة إلى بصرى، ومعه نعيمان بن عمرو الأنصاري وسليط بن حرملة، وهما ممن شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
. وكان سليط بن حرملة على الزاد وكان نعيمان بن عمرو مزاحاً فقال لسليط: أطعمني فقال: لا أطعمك حتى يأتي أبو بكر فقال نعيمان: أنه سليط لأغيظنك فمروا بقوم فقال نعيمان لهم: تشترون مني عبداً، قالوا: نعم قال: إنه عبد له كلام وهو قائل لكم لست بعبد وأنا ابن عمه فإن كان إذا قال لكم هذا تركتموه فلا تشتروه ولا تفسدوا علي عبدي قالوا: لا بل نشتريه ولا ننظر إلى قوله فاشتروه منه بعشر قلائص ثم جاءوا ليأخذوه فامتنع منهم فوضعوا في عنقه عمامة فقال لهم: إنه يتهزأ ولست بعبده فقالوا: قد أخبرنا خبرك ولم يسمعوا كلامه فجاء أبو بكر فأخبر خبره فاتبع القوم فأخبرهم أنه يمزح ورد عليهم القلائص وأخذ سليطاً منهم. فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره الخبر فضحك من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً. قال الزبير: وأكثر.
قال أبو عمر: هكذا في خبر الزبير هذا سليط بن حرملة وهذا خطأ إنما هو سويبط بن حرملة من بني عبد الدار بدري ثم قال بعد: سليط بن عمرو فأخطأ أيضاً.

ذبح ناقة الاعرابي

وبالإسناد عن الزبير قال: حدثني مصعب عن جدي عبد الله بن مصعب عن ربيعة بن عثمان قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد وأناخ ناقته بفنائه فقال: بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لنعيمان بن عمرو الأنصاري وكان يقال له: النعيمان لو نحرتها فأكلناها فإنا قد قرمنا إلى اللحم ويغرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمنها
قال: فنحرها النعيمان ثم خرج الأعرابي فرأى راحلته فصاح واعقراه يا محمد، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " من فعل هذا " ؟. قالوا: النعيمان. فاتبعه يسأل عنه فوجده في دار ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب قد اختفى في خندق وجعل عليه الجريد والسعف فأشار إليه رجل ورفع صوته يقول: ما رأيته يا رسول الله وأشار بإصبعه حيث هو فأخرجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تغير وجهه بالسعف الذي سقط عليه فقال له: ما حملك على ما صنعت قال: الذين دلوك علي يا رسول الله هم الذين أمروني قال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عن وجهه ويضحك. قال " ثم غرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

اعمى يبول في المسجد
وضربه ل...؟!!

قال الزبير: وحدثني عمي مصعب بن عبد الله عن جدي عبد الله بن مصعب قال: كان مخرمة بن نوفل بن أهيب الزهري شيخاً كبيراً بالمدينة أعمى وكان قد بلغ مائة وخمس عشرة سنة فقام يوماً في المسجد يريد أن يبول فصاح به الناس فأتاه نعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد النجاري فتنحى به ناحية من المسجد ثم قال: اجلس ها هنا فأجلسه يبول وتركه فبال وصاح به الناس فلما فرغ قال: من جاء بي؟ ويحكم في هذا الموضع قالوا له: النعيمان بن عمرو. قال: فعل الله به وفعل أما إن لله علي إن ظفرت به أن أضربه بعصاي هذه ضربة تبلغ منه ما بلغت فمكث ما شاء الله حتى نسي ذلك مخرمة

. ثم أتاه يوماً وعثمان قائم يصلي في ناحية المسجد وكان عثمان إذا صلى لم يلتفت فقال له: هل لك في نعيمان قال: نعم أين هو دلني عليه. فأتى به حتى أوقفه على عثمان فقال: دونك هذا هو فجمع مخرمة يديه بعصاه فضرب عثمان فشجه فقيل له: إنما ضربت أمير المؤمنين عثمان فسمعت بذلك بنو زهرة فاجتمعوا في ذلك فقال عثمان دعوا نعيمان لعن الله نعيمان فقد شهد بدراً.
" لا تفعل فإنه يحب الله ورسوله "

قال الزبير: وحدثني يحيى بن محمد قال: حدثني يعقوب بن جعفر بن أبي كثير حدثنا أبو طوالة الأنصاري عن محمد ابن عمرو بن حزم عن أبيه قال: كان بالمدينة رجل يقال له نعيمان يصيب الشراب فكان يؤتى به النبي صلى الله عليه وسلم فيضربه بنعله ويأمر أصحابه فيضربونه بنعالهم ويحثون عليه التراب فلما كثر ذلك منه قال له رجل: من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لعنك الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تفعل فإنه يحب الله ورسوله "

هذا هدية لك !!!
. قال: وكان لا يدخل في المدينة رسل ولا طرفة إلا اشترى منها ثم جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هذا هدية لك فإذا جاء صاحبه يطلب ثمنه من نعيمان جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أعط هذا ثمن هذا فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أو لم تهده لي " . فيقول يا رسول الله لم يكن عندي ثمنه وأحببت أن تأكله فيضحك النبي صلى الله عليه وسلم ويأمر لصاحبه بثمنه.



قال أبو عمر: كان نعيمان رجلاً صالحاً على ما كان فيه من دعابة وكان له ابن قد انهمك في شرب الخمر فجلده رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مرات فلعنه رجل كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله " . وفي جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه في الخمر أربع مرات نسخ لقوله عليه السلام: " فإن شربها الرابعة فاقتلوه " . يقال إنه مات في زمن معاوية ويقال: بل ابنه الذي مات في زمن معاوية.

الكتاب : الإستيعاب في معرفة الأصحاب
المؤلف : ابن عبد البر


ابو رضوان 22 - 2 - 2012 12:40 AM

أسيد بن حضير

تلك الملائكة دنوا لصوتك
كان أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرأ القرآن بصوت ندي، ذات ليلة كان يقرأ من سورة البقرة، وله فرس مربوط، وبجواره ابنه، يقول : كنت أقرأ القرآن فجالت الفرس فقمت، وليس لي هم إلا ابني ثم قرأت، فجالت الفرس مرة أخري فرفعت رأسي فإذا شيء كهيئة الظلة في مثل المصابيح مقبل من السماء، فهالني مارأيت، فلما غدوت على رسول الله صلي الله عليه وسلم أخبرته. فقال الرسول الكريم : "تلك الملائكة دنوا لصوتك ولو قرأت حتى تصبح لأصبح الناس ينظرون إليهم".
تعالوا لنعرفه عن قرب
هو أسيد بن الحضير ابن سماك بن عتيك بن نافع بن امريء القيس بن زيد بن عبد الأشهل
الإمام أبو يحيى وقيل أبو عتيك الأنصاري الأوسي الأشهلي أحد النقباء الاثني عشر ليلة العقبة أسلم قديما وقال ما شهد بدرا وكان أبوه شريفا مطاعا يدعى حضير الكتائب وكان رئيس الأوس يوم بعاث فقتل يومئذ قبل عام الهجرة بست سنين وكان أسيد يعد من عقلاء الأشراف وذوي الرأي.
قال محمد بن سعد: آخى النبي بينه وبين زيد بن حارثة وله رواية أحاديث. روت عنه عائشة وكعب بن مالك وعبد الرحمن بن أبي ليلى ولم يلحقه. وذكر الواقدي أنه قدم الجابية مع عمر وكان مقدما على ربع الأنصار وأنه ممن أسلم على يد مصعب بن عمير هو وسعد بن معاذ. قال أبو هريرة قال رسول الله ( نعم الرجل أبو بكر نعم الرجل عمر نعم الرجل أسيد بن حضير ) أخرجه الترمذي وإسناده جيد
وروي أن أسيدا كان من أحسن الناس صوتا بالقرآن
ابن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله عن عائشة قالت: ثلاثة من الأنصار من بني عبد الأشهل لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا بعد رسول الله سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهم.
قال ابن إسحاق: أسيد بن حضير نقيب لم يشهد بدرا يكنى أبا يحيى
ويقال كان في أسيد مزاح وطيب أخلاق.
إنما أردت هذا يا رسول الله!!

روى حصين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أسيد بن حضير وكان فيه مزاح أنه كان عند النبي فطعنه النبي بعود كان معه فقال أصبرني فقال اصطبر قال إن عليك قميصا وليس علي قميص قال فكشف النبي قميصه قال فجعل يقبل كشحه ويقول إنما أردت هذا يا رسول الله.

أبو صالح كاتب الليث حدثنا يحيى بن عبد الله بن سالم عن نافع عن ابن عمر قال لما هلك أسيد بن الحضير وقام غرماؤه بمالهم سأل عمر في كم يؤدى ثمرها ليوفى ما عليه من الدين فقيل له في أربع سنين فقال لغرمائه ما عليكم أن لا تباع قالوا احتكم وإنما نقتص في أربع سنين فرضوا بذلك فأقر المال لهم قال ولم يكن باع نخل أسيد أربع سنين من عبد الرحمن بن عوف ولكنه وضعه على يدي عبد الرحمن للغرماء.
عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال هلك أسيد وترك عليه أربعة آلاف وكانت أرضه تغل في العام ألفا فأرادوا بيعها فبعث عمر إلى غرمائه هل لكم أن تقبضوا كل عام ألفا قالوا نعم.
قال يحيى بن بكير مات أسيد سنة عشرين وحمله عمر بين العمودين عمودي السرير حتى وضعه بالبقيع ثم صلى عليه وفيها أرخ موته الواقدي وأبو عبيد وجماعة وندم على تخلفه عن بدر وقال ظننت أنها العير ولو ظننت أنه غزو ما تخلفت وقد جرح يوم أحد سبع جراحات.

سير اعلام النبلاء

***
الكامل
هو أسيد بن الحضير بن سماك الأنصاري الأشهلي يكنى أبا يحيى وأبا عتيك وكان أبوه حضير فارس الأوس ورئيسهم يوم بُعاث.حاله في الجاهلية:كان يكتب بالعربية ويحسن السباحة والرمي، وكانوا في الجاهلية يسمون من كانت فيه هذه الخصال بالكامل...

إسلامه:
وكان أسيد من السابقين إلى الإسلام وهو أحد النقباء ليلة العقبة وكان إسلامه على يد مصعب بن عمير قبل سعد بن معاذ

قصة إسلامه:
فلما انصرف القوم بعث معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير، وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين، وكان مصعب يسمى بالمدينة المقرئ، وكان منزله على أسعد بن زرارة، ثم إن أسعد بن زرارة خرج بمصعب فدخل به حائطا من حوائط بني ظفر فجلسا في الحائط واجتمع إليهما رجال ممن أسلم، فقال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير: انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارنا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما فإن أسعد بن زرارة ابن خالتي ولولا ذاك لكفيتكه وكان سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدي قومهما من بني عبد الأشهل وهما مشركان فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إلى مصعب وأسعد وهما جالسان في الحائط فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب: هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق وأسعد وهما جالسان في الحائط فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب: هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه قال مصعب: إن يجلس أكلمه
قال: فوقف عليهما متشتما فقال: ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلا إن كانت لكما في أنفسكما حاجة فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع؟ فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك ماتكره قال: أنصفت ثم ركز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن فقالا والله لقد عرفنا في وجهة الإسلام قبل أن يتكلم به في إشراقه وتسهله ثم قال: ما أحسن هذا الكلام وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ قالا له: تغتسل وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ( ثم تصلي ركعتين فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق ) ثم قام وركع ركعتين.
واختلف في شهوده بدرًا قال ابن سعد: كان شريفا كاملا، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين زيد بن حارثة، وكان ممن ثبت يوم أحد، وجرح حينئذ سبع جراحات، وقال ابن السكن: شهد بدرًا والعقبة وكان من النقباء.
من ملامح شخصيته ولعه بالقرآن:
عن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة ـ وفرسه مربوطة عنده ـ إذ جالت الفرس فسكت فسكنت فقرأ فجالت الفرس فسكت فسكنت ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف وكان ابنه يحيى قريبا منها ـ فأشفق أن تصيبه فلما أخذه رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ يا ابن حضير قال: قد أشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا فرفعت رأسي وانصرفت إليه فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فخرجت حتى لا أراها قال وتدري ما ذاك؟ قال لا قال تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم

عن أبي سعيد الخدري وابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أسيد بن حضير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: اقرأ يا أسيد فقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود عليه السلام.
شعوره بالمسلمين وعطفه وحرصه عليهم:
عن أنس قال: جاء أسيد بن حضير إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان قسم طعاما فذكر له أهل بيت من الأنصار من بني ظفر فيهم حاجة وجل أهل ذلك البيت نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تركتنا يا أسيد حتى ذهب ما في أيدينا فإذا سمعت بشيء قد جاءنا فاذكر لي أهل ذلك البيت فجاءه بعد ذلك طعام من خيبر شعير أو تمر فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس وقسم في الأنصار فأجزل وقسم في أهل البيت فأجزل فقال أسيد بن حضير متشكرا: جزاك الله أي نبي الله أطيب الجزاء - أو قال: خيرا - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنتم معشر الأنصار فجزاكم الله أطيب الجزاء - أو قال خيرا - فإنكم ما علمت أعفة صبر وسترون بعدي أثرة في الأمر والقسم فاصبروا حتى تلقوني على الحوض

مواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم
موقفه في غزوة بدر:
عن عبد الله بن أبي سفيان قال ولقيه أسيد بن حضير فقال يا رسول الله الحمد لله الذي ظفرك وأقر عينك والله يا رسول الله ما كان تخلفي عن بدر وأنا أظن أنك تلقى عدوا ولكني ظننت أنها العير ولو ظننت أنه عدو ما تخلفت فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) صدقت.
مزاحه مع النبي صلى الله عليه وسلم:
عن أسيد بن حضير قال: بينما هو يحدث القوم وكان فيه مزاح بينا يضحكهم فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم في خاصرته بعود فقال أصبرني فقال "اصطبر" قال إن عليك قميصا وليس علي قميص فرفع النبي صلى الله عليه وسلم عن قميصه فاحتضنه وجعل يقبل كشحه ( الكشح وهو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفي ) قال إنما أردت هذا يا رسول الله.
موقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم من مقالة لليهود:
روى الإمام مسلم بسنده عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى "ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض" إلى آخر الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح فبلغ ذلك اليهود فقالوا ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا يا رسول الله إن اليهود تقول كذا وكذا أفلا نجامعهن فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل في آثارهما فسقاهما فعرفا أن لم يجد عليهما

(موقفه مع الرسول من الرجل الغادر):
كان أبو سفيان بن حرب قد قال لنفر من قريش بمكة: ما أحد يغتال محمدا فإنه يمشي في الأسواق فندرك ثأرن؟ فأتاه رجل من العرب فدخل عليه منزله وقال له: إن أنت وفيتني خرجت إليه حتى أغتاله فإني هاد بالطريق، خريت، معي خنجر مثل خافية النسر قال: أنت صاحبنا وأعطاه بعيرا ونفقة وقال: اطو أمرك فإني لا آمن أن يسمع هذا أحد فينميه إلى محمد، قال: قال الأعرابي: لا يعلمه أحد
فخرج ليلا على راحلته فسار خمسا وصبح ظهر الحي يوم سادسه ثم أقبل يسأل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أتى المصلى فقال له قائل: قد توجه إلى بني عبد الأشهل، فخرج الأعرابي يقود راحلته حتى انتهى إلى بني عبد الأشهل فعقل راحلته ثم أقبل يؤم رسول الله صلى الله عليه و سلم فوجده في جماعة في أصحابه يحدث في مسجده فلما دخل و رآه رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه: إن هذا الرجل يريد غدرا والله حائل بينه وبين ما يريده فوقف وقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا ابن عبد المطلب فذهب ينحني على رسول الله صلى الله عليه و سلم كأنه يساره فجبذه أسيد بن حضير وقال: تنح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجذب بداخل إزاره فإذا الخنجر فقال: يا رسول الله هذا غادر
فأسقط في يد الأعرابي وقال: دمي دمي يا محمد وأخذه أسيد بن حضير يلببه فقال له النبي صلى الله عليه و سلم: اصدقني ما أنت وما أقدمك فإن صدقتني نفعك الصدق وإن كذبتني فقد اطلعت على ما هممت به قال الأعرابي: فأنا آمن؟ قال: وأنت آمن فأخبره بخبر أبي سفيان وما جعل له فأمر به فحبس عند أسيد بن حضير ثم دعا به من الغد فقال: قد أمنتك فاذهب حيث شئت أو خير لك من ذلك؟ قال: وما هو؟ فقال أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك أنت رسول الله والله يا محمد ما كنت أفرق ( اخاف ) من الرجال فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي وضعفت ثم اطلعت على ما هممت به فما سبقت به الركبان ولم يطلع عليه أحد فعرفت أنك ممنوع وأنك على حق وأن حزب أبي سفيان حزب الشيطان.
فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يتبسم وأقام أياما ثم استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فخرج من عنده ولم يسمع له بذكر...

موقفه مع الرسول لما بلغه مقالة عبد الله بن أبي حين إقفاله من غزوة بني المصطلق:
قال ابن إسحاق: فلما استقل رسول الله صلى الله عليه وسلم(بالجيش) وسار لقيه أسيد بن حضير فحياه بتحية النبوة وسلم عليه ثم قال: يا نبي الله والله لقد رحت في ساعة منكرة(وقت الظهيرة) ما كنت تروح في مثلها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوما بلغك ما قال صاحبكم؟ قال: و أي صاحب يا رسول الله؟ قال: عبد الله بن أبي قال: وما قال؟ قال: زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال: فأنت يا رسول الله والله تخرجه منها إن شئت وهو والله الذليل وأنت العزيز ثم قال: يا رسول الله ارفق به فوالله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا.

مواقف من حياته مع الصحابة:
موقفه رضي الله عنه مع سيدنا سعد بن عبادة في حادث الإفك:
قالت السيدة عائشة في حديثها الطويل: فقام رسول الله من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول فقال رسول الله: ( من يعذرني من رجل بلغ أذاه في أهلي فوالله فوالله فوالله - ثلاث مرات - ما علمت على أهلي إلا خيرا وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي.
فقام سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله أنا والله أعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك

موقفه رضي الله عنه مع قومه لما اشتكى من مرضه:
عن عبد الله بن هبيرة أن أسيد بن حضير كان يؤم بني عبد الأشهل وانه اشتكى فخرج إليهم بعد شكواه فقالوا له تقدم قال لا أستطيع أن أصلي قالوا لا يؤمنا أحد غيرك ما دمت فقال اجلسوا فصلى بهم جلوسا.
موقفه مع سيدنا عمر رضي الله عنه:
عن أسيد بن حضير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنكم ستلقون بعدي أثرة فلما كان زمان عمر قسم حللا فبعث إلي منها بحلة فاستصغرتها فأعطيتها ابني فبينا أنا أصلي إذ مر بي شاب من قريش عليه حلة من تلك الحلل يجرها فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم ستلقون أثرة بعدي فقلت: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق رجل إلى عمر فأخبره فجاء وأنا أصلي فقال: صل يا أسيد فلما قضيت صلاتي قال: كيف قلت؟ فأخبرته قال: تلك حلة بعثت بها إلى فلان وهو بدري أحدي عقبي فأتاه هذا الفتى فابتاعها منه فلبسها فظننت أن ذلك يكون في زماني قلت: قد والله يا أمير المؤمنين ظننت أن ذلك لا يكون في زمانك.
موقفه رضي الله عنه مع آل أبي بكر:
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنها قالت: سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون إلى المدينة فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجري راقد أقبل أبي فلكزني لكزة ثم قال: حبست الناس! ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ وحضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد ونزلت: { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة } الآية قال أسيد بن حضير: لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر! ما أنتم إلا بركة.
موقفه رضي الله عنه عند وفاة امرأته:
عن عائشة قالت قدمنا من حج أو عمرة فتلقينا بذي الحليفة وكان غلمان من الأنصار تلقوا أهليهم فلقوا أسيد بن حضير فنعوا له امرأته فتقنع وجعل يبكي قالت فقلت له غفر الله لك أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولك من السابقة والقدم ما لك تبكي على امرأة فكشف عن رأسه وقال صدقت لعمري حقي أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال قالت قلت له ما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ قالت وهو يسير بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.


أثره في الآخرين:
في لحظات إسلامه الأولى رضي الله عنه أصبح داعية إلى الله تعالى، وكان هو وسعد بن معاذ سيدا قومهما وبمجرد أن أسلم أسيد رضي الله عنه قال لسيدنا مصعب: إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ ثم أخذ حربته فانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلا قال: أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب من عندكم فلما وقف على النادي قال له سعد: ما فعلت؟ قال: كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا: فافعل ما أحببت وقد حدثت أن بني حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم عرفوا أنه ابن خالتك ليحقروك فقام سعد ( مغضبا ) مبادرا للذي ذكر له من بني حارثة فأخذ الحربة ثم قال: والله ما أراك أغنيت شيئا فلما رآهما مطمئنين عرف أن أسيدا إنما أراد أن يسمع منهما فوقف عليهما متشتما ثم قال لأسعد بن زرارة: لولا مابيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني تغشانا في دارنا بما نكره وقد قال أسعد لمصعب: جاءك والله سيد قومه إن يتبعك لم يخالفك منهم أحد فقال له مصعب: أو تقعد فتسمع فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره قال سعد أنصفت ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن: قالا: فعرفنا والله في وجهة الإسلام: قبل أن يتكلم به في إشراقه وتسهله ثم تشهد شهادة الحق ثم صلي ركعتين فقام واغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق وركع ركعتين.
وممن روى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أسيد رضي الله عنه أم المؤمنين السيدة عائشة وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعكرمة بن خالد بن العاص...
بعض الأحاديث التي رواها عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
روى البخاري بسنده عن أسيد بن حضير رضي الله عنهم أن رجلا من الأنصار قال يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلانا قال: "ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض"
مناقبه وما قيل فيه:
في سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم الرجل أبو بكر نعم الرجل عمر نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح نعم الرجل أسيد بن حضير نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس نعم الرجل معاذ بن جبل نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح"
وعن عائشة قالت ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد منهم يلحق في الفضل كلهم من بني عبد الأشهل سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وعباد بن بشر

أضاءت لهما عصا
وقال عنه أنس بن مالك رضي الله عنه: كان أسيد بن حضير وعباد بن بشر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء حندس (شديدة الظلمة) فتحدثا عنده حتى إذا خرجا أضاءت لهما عصا أحدهما فمشيا في ضوئها فلما تفرق بهما الطريق أضاءت لكل واحد منهما عصاه فمشى في ضوئها انفرد بإخراجه البخاري.
روى الإمام أحمد بسنده عن عائشة أنها كانت تقول كان أسيد بن حضير من أفاضل الناس وكان يقول لو أني أكون كما أكون على أحوال ثلاث من أحوالي لكنت حين أقرأ القرآن وحين أسمعه يقرأ وإذا سمعت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا شهدت جنازة وما شهدت جنازة قط فحدثت نفسي بسوى ما هو مفعول بها وما هي صائرة إليه.
وفاته:
عن عروة أن أسيد بن حضير مات وعليه دين أربعة آلاف درهم فبيعت أرضه فقال عمر لا أترك بني أخي عالة فرد الأرض وباع ثمرها من الغرماء أربع سنين بأربعة آلاف كل سنة ألف درهم، وقد توقي رضي الله عنه سنة 20 من الهجرة ودفن بالبقيع.
من مراجع البحث:
سيرة ابن هشام.............. ابن هشام
الإصابة.................... ابن حجر العسقلاني
صفة الصفوة............... ابن الجوزي

ابو رضوان 22 - 2 - 2012 12:43 AM

رزق أخرجه الله لكم فهل معكم من لحمه شيء تطعمونا

من


سرية الخبط

من كتاب زاد المعاد



http://up.arab-x.com/Aug11/BoD68460.jpg


وكان أميرها أبا عبيدة بن الجراح وكانت في رجب سنة ثمان فيما أنبأنا به الحافظ أبو الفتح محمد بن سيد الناس في كتاب عيون الأثر له وهو عندي وهم كما سنذكره إن شاء الله تعالى قالوا بعث رسول الله أبا عبيدة بن الجراح في ثلاثمائة رجل من المهاجرين والأنصار وفيهم عمر بن الخطاب إلى حي من جهينة بالقبلية مما يلي ساحل البحر وبينها وبين المدينة خمس ليال فأصابهم في الطريق جوع شديد فأكلوا الخبط وألقى إليهم البحر حوتا عظيما فأكلوا منه ثم انصرفوا ولم يلقوا كيدا وفي هذا نظر فإن في الصحيحين من حديث جابر قال بعثنا رسول الله في ثلاثمائة راكب أميرنا أبو عبيدة بن الجراح نرصد عيرا لقريش فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط فسمي جيش الخبط فنحر رجل ثلاث جزائر ثم نحر ثلاث جزائر ثم نحر ثلات جزائر ثم إن أبا عبيدة نهاه فألقى إلينا البحر دابة يقال لها العنبر فأكلنا منها نصف شهر وادهنا من ودكها حتى ثابت إلينا أجسامنا وصلحت وأخذ أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه فنظر إلى أطول رجل في الجيش وأطول جمل فحمل عليه ومر تحته وتزودنا من لحمه وشائق فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله فذكرنا له ذلك فقال هو رزق أخرجه الله لكم فهل معكم من لحمه شيء تطعمونا فأرسلنا إلى رسول الله منه فأكل قلت وهذا السياق يدل على أن هذه الغزوة كانت قبل الهدنة وقبل عمرة الحديبية فإنه من حين صالح أهل مكة بالحديبية لم يكن يرصد لهم عيرا بل كان زمن أمن وهدنة إلى حين الفتح ويبعد أن تكون سرية الخبط على هذا الوجه مرتين مرة قبل الصلح ومرة بعده والله أعلم

فصل في فقه هذه القصة

ففيها جواز القتال في الشهر الحرام إن كان ذكر التاريخ فيها برجب محفوظا والظاهر والله أعلم أنه وهم غير محفوظ إذ لم يحفظ عن النبي أنه غزا في الشهر الحرام ولا أغار فيه ولا بعث فيه سرية وقد عير المشركون المسلمين بقتالهم في أول رجب في قصة العلاء بن الحضرمي فقالوا استحل محمد الشهر الحرام وأنزل الله في ذلك ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ) الآية ( البقرة 217 ) ولم يثبت نسخ هذا بنص يجب المصير إليه ولا أجمعت الأمة على نسخه وقد استدل على تحريم القتال في الأشهر الحرم بقوله تعالى ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) ( التوبة 5 ) ولا حجة في هذا لأن الأشهر الحرم هاهنا هي أشهر التسيير الأربعة التي سير الله فيها المشركين في الأرض يأمنون فيها وكان أولها يوم الحج الأكبر عاشر ذي الحجة وآخرها عاشر ربيع الآخر هذا هو الصحيح في الآية لوجوه عديدة ليس هذا موضعها وفيها جواز أكل ورق الشجر عند المخمصة وكذلك عشب الأرض وفيها جواز نهي الإمام وأمير الجيش للغزاة عن نحر ظهورهم وإن احتاجوا إليه خشية أن يحتاجوا إلى ظهرهم عند لقاء عدوهم ويجب عليهم الطاعة إذا نهاهم وفيها جواز أكل ميتة البحر وأنها لم تدخل في قوله عز وجل ( حرمت عليكم الميتة والدم) ( المائدة 3 ) وقد قال تعالى ( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم ) ( المائدة 5 ) وقد صح عن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عباس وجماعة من الصحابه أن صيد البحر ما صيد منه وطعامه ما مات فيه وفي السنن عن ابن عمر مرفوعا وموقوفا أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالسمك والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال حديث حسن وهذا الموقوف في حكم المرفوع لأن قول الصحابي أحل لنا كذا وحرم علينا ينصرف إلى إحلال النبي وتحريمه فإن قيل فالصحابة في هذه الواقعة كانوا مضطرين ولهذا لما هموا بأكلها قالوا إنها ميتة وقالوا نحن رسل رسول الله ونحن مضطرون فأكلوا
وهذا دليل على أنهم لو كانوا مستغنين عنها لما أكلوا منها قيل لا ريب أنهم كانوا مضطرين ولكن هيأ الله لهم من الرزق أطيبه وأحله وقد قال النبي لهم بعد أن قدموا هل بقي معكم من لحمه شيء قالوا نعم فأكل منه النبي وقال إنما هو رزق ساقه الله لكم ولو كان هذا رزق مضطر لم يأكل منه رسول الله في حال الاختيار ثم لو كان أكلهم منها للضرورة فكيف ساغ لهم أن يذهبوا من ودكها وينجسوا به ثيابهم وأبدانهم وأيضا فكثير من الفقهاء لا يجوز الشبع من الميتة إنما يجوزون منها سد الرمق والسرية أكلت منها حتى ثابت إليهم أجسامهم وسمنوا وتزودوا منها فإن قيل إنما يتم لكم الاستدلال بهذه القصة إذا كانت تلك الدابة قد ماتت في البحر ثم ألقاها ميتة ومن المعلوم أنه كما يحتمل ذلك يحتمل أن يكون البحر قد جزر عنها وهي حية فماتت بمفارقة الماء وذلك ذكاة حيوان البحر ولا سبيل إلى دفع هذا الاحتمال كيف وفي بعض طرق الحديث فجزر البحر عن حوت كالظرب قيل هذا الاحتمال مع بعده جدا فإنه يكاد يكون خرقا للعادة فإن مثل هذه الدابة إذا كانت حية إنما تكون في لجة البحر وثبجه دون ساحله وما رق منه ودنا من البر وأيضا فإنه لا يكفي ذلك في الحل لأنه إذا شك في السبب الذي مات به الحيوان هل هو سبب مبيح له أو غير مبيح لم يحل الحيوان كما قال النبي في الصيد يرمى بالسهم ثم يوجد في الماء وإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكله فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك فلو كان الحيوان البحري حراما إذا مات في البحر لم يبح وهذا مما لا يعلم فيه خلاف بين الأئمة وأيضا فلو لم تكن هذه النصوص مع المبيحين لكان القياس الصحيح معهم فإن المتية إنما حرمت لاحتقان الرطوبات والفضلات والدم الخبيث فيها والذكاة لما كانت تزيل ذلك الدم والفضلات كانت سبب الحل وإلا فالموت لا يقتضي التحريم فإنه حاصل بالذكاة كما يحصل بغيرها وإذا لم يكن في الحيوان دم وفضلات تزيلها الذكاة لم يحزم بالموت ولم يشترط لحله ذكاة كالجراد ولهذا لا ينجس بالموت ما لا نفس له سائلة كالذباب والنحلة ونحوهما والسمك من هذا الضرب فإنه لو كان له دم وفضلات تحتقن بموته لم يحل لموته بغير ذكاة ولم يكن فرق بين موته في الماء وموته خارجه إذ من المعلوم أن موته في البر لا يذهب تلك الفضلات التي تحرمه عند المحرمين إذا مات في البحر ولو لم يكن في المسألة نصوص لكان هذا القياس كافيا والله أعلم


فصل

وفيها دليل على جواز الاجتهاد في الوقائع في حياة النبي وإقراره على ذلك لكن هذا كان في الحال الحاجة إلى الاجتهاد وعدم تمكنهم من مراجعة النص وقد اجتهد أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بين يدي رسول الله في عدة من الوقائع وأقرهما على ذلك لكن في قضايا جزئية معينة لا في أحكام عامة وشرائع كلية فإن هذا لم يقع من أحد من الصحابة في حضوره ألبتة


الساعة الآن 08:29 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى