منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   مكتبة الطفل (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=202)
-   -   للأطفال : كتاب المحاسن والأضداد للجاحظ (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=1402)

B-happy 18 - 11 - 2009 11:23 PM

للأطفال : كتاب المحاسن والأضداد للجاحظ
 

http://www.al-fateh.net/images/i-147/uu82we6.gif
إعداد: يعقوب محمد إسحاق رسوم: ضياء حجار
http://www.al-fateh.net/images/i-147/1.jpg
هذا الكتاب
هذا كتابٌ جميلٌ طريفٌ مفيدٌ، يحدثنا فيه الجاحظ عن محاسن الأشياء ومساوئ أضدادها. كأن يخبرنا عن محاسن الشجاعة ومساوئ ضدها (الجبن) مثلاً، أو محاسن الصدق ومساوئ ضده (الكذب) مثلاً. وهو لا يحدثنا عن ذلك بأسلوب الوعظ، كأن يقول مثلاً: "إن الشجاعة جيدة والجبن رديءٌ". وإنما يعرض لنا حكاياتٍ لطيفةٌ ووقائع حقيقيةً جرت للناس فعلاً، ويترك لنا أن نكتشف نحن من مدلولها محاسن الشيء وضده.
من ذلك مثلاً أنه يعرض، تحت عنوان "محاسن الثقة بالله سبحانه" هذه الحكاية. قال:
حدثني إبراهيم بن عبد الله عن أنس بن مالك قال: دخلنا على قوم من الأنصار (وهم سكان المدينة المنورة الأصليون) وفيهم فتى عليلٌ، فلم نخرج من عنده حتى قضى نحبه (أي توفي) فإذا عجوزٌ عند رأسه، فالتفت إليها بعض القوم فقال:"استسلمي لأمر الله تعالى واحتسبي"، (أي اطلبي الأجر والعوض منه تبارك وتعالى). فسألت: "أمات ابني؟" قال: "نعم". قالت: "أحقٌ ما تقولون؟" قلنا: "نعم". فمدت يدها إلى السماء وقالت: "اللهم إنك تعلم أني أسلمت إليك وهاجرت إلى نبيك محمدٍ صلوات الله عليه، رجاء أن تغيثني عند كل شدةٍ فلا تحملني هذه المصيبة اليوم".
فكشف ابنها الغطاء عن وجهه، وما برحنا حتى أكل وشرب وأكلنا معه.
وفي الصفحات التالية نصوصٌ مختارةٌ مما جمعه أديب العرب العظيم "الجاحظ" عن محاسن الأشياء وأضدادها.


محاسن المخاطبات
حكوا أن المأمون (وهو الخليفة العباسي الشهير، ابن هارون الرشيد، الذي بلغت الدولة العربية في عصره أوج عزها وقوتها وثرائها) دخل ذات يوم الديوان (أي القاعة المخصصة للكتاب والموظفين في قصر الخلافة الفخم ببغداد) فنظر فرأى غلاماً جميلاً على أذنه قلمُ فسأله: "من أنت"؟.. فأجابه:
- أنا الناشئ في دولتك، المتقلب في نعمتك.. المؤمل لخدمتك. واسمي: الحسن بن رجاء.


فقال المأمون: بالإحسان في البديهة تتفاضل العقول.
وأمر بأن يرفع هذا الفتى عن مرتبة الديوان إلى مراتب الخاصة، ويعطى مائة ألف درهم تقويةً له.
وحكوا عن "ابن القرية" (وهو رجل من عامة الناس) أنه دخل على عبد الملك بن مروان (وهو الخليفة الأموي الشهير)، في قصره الفخم بدمشق، فبينما هو عنده دخل أولادُ عبد الملك، فسأله:
- من هؤلاء الفتية يا أمير المؤمنين؟
أجابه عبد الملك: هؤلاء ولدُ أمير المؤمنين.
قال: بارك الله لك فيهم كما بارك لأبيك فيك. وبارك لهم فيك كما بارك لك في أبيك. فسر الخليفة وشحن فمه دراً. (أي أنعم عليه بأموالٍ كثيرة) مكافأةً له على جوابه الحسن الجميل.
ضدّه


حكوا أن نحوياً متحذلقاً اسمه "أبو علقمة النحوي" أحس بمرضٍ فذهب إلى طبيبٍ بارع اسمه "أعين" فقال:
- إني أكلت من لحوم الجوازئ، وطسئت طسأةً فأصابني وجعٌ بين الوابلة إلى دأية العنق، فلم يزل يربو حتى خالط الشراسيف، فهل عندك دواء؟
فأجابه الطبيب الذي لم يفهم من كلامه شيئاً:
- نعم.. خذ خوفقاً وسربقاً ورقرقاً فاغسله واشربه بماء.
فقال: لا أدري ما تقول.
قال: ولا أنا دريت ما قلت.
محاسن حفظ اللسان
حكوا أن المهلب بن أبي صفرة (وهو أمير البصرة وقائد الجيوش الإسلامية المنطلقة منها للفتوحات شرقاً) جمع أولاده وقال لهم:
- اتقوا زلة اللسان فإني وجدت الرجل تعثر قدمه فيقوم من عثرته، ويزل لسانه فيكون فيه هلاكه.


وشتم رجلٌ المهلب، فلم يجبه: فقيل له: "حلمت عنه". فقال:
- ما أعرف مساويه، وكرهت أن أبهته بما ليس فيه. (أي إنني لا أعرف عيوبه لأشتمه بها، ولا أسمح لنفسي أن أصفه بعيوبٍ قد يكون بريئاً منها).
وحكوا أنه كان يعيش في المدينة المنورة في زمن الخليفة العباسي "المتوكل" عالمٌ كبيرٌ جليل اسمه "الزبير". فاستدعاه المتوكل إلى بغداد ليقيم في قصره ويشرف على تعليم ابنه "المعتز".
قال الزبير: فأدخلت حجرةً في القصر فإذا أنا بالمعتز –وهو فتى- قد أتى وفي رجله نعلٌ من ذهب، وقد عثر، فسال الدم من قدمه، فجعل يغسل الدم ويقول:


يـصاب الفتى من عثرةٍ في iiلسانه
وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فـعثرته مـن فـيه تـرمي iiبرأسه
وعـثرته بـالرجل تـبرا على iiمهل


http://www.al-fateh.net/images/i-147/4-2.jpg
قال الزبير: فقلت في نفسي: الحمد لله الذي ضمني إلى من أريد أن أتعلم منه.
محاسن الصدق
قال بعض الحكماء: الصدق عزٌ وإن كان فيه ما تكره، والكذب ذلٌ وإن كان فيه ما تحب.
وقيل: الصدق ميزان الله الذي يدور عليه العدل، والكذب مكيال الشيطان الذي يدور عليه الجور.
وقال رجلٌ حكيم: لو لم يترك العاقل الكذب إلا مروءةً لكان بذلك حقيقاً (أي جديراً) فكيف وفيه المأثم والعار؟
وقال "الشعبي": عليك بالصدق حيث ترى أنه يضرك فإنه ينفعك، واجتنب الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك.
وقيل: كفاك موبخاً على الكذب علمك بأنك كاذب.
كذاب أمير المؤمنين


ويحكي لنا "الجاحظ" حكايةً طريفةً عن رجلٍ اشتهر بلقب "كذاب أمير المؤمنين" فيقول:
كان رجالٌ من أهل المدينة المنورة، من بين فقيهٍ وأديبٍ وشاعرٍ، يسافرون إلى بغداد (عاصمة الدولة زمن الخليفة العباسي "المهدي") فيرجعون بحالٍ حسنة وحظوةٍ (أي جوائز مالية قيمة). فاجتمع عدةٌ منهم فقالوا لصديقٍ لهم، لم يكن عنده شيءٌ من الأدب: "لو أتيت العراق فلعلك تصيب شيئاً". (أي نقترح عليك أن تسافر إلى بغداد وتزور علية القوم هناك فتملأ جيوبك بمكافأتهم وهباتهم المالية). فقال: "أنتم أصحاب آدابٍ تلتمسون بها" (أي: لا تقيسوا حالي على حالكم. فأنتم علماء وأدباء، أما أنا فإنسانٌ غير متعلم ولن يكافئني أحدٌ بأي جائزة) فقالوا: "نحن نحتال لك" (أي نساعدك).


فأخرجوه. فلما قدم بغداد قصد وجيهاً كبيراً فيها اسمه "عليٌ بن يقطين" وشكا إليه الحاجة. فسأله علي: "ما عندك من الأدب؟". قال: "ليس عندي من الأدب شيءٌ. غير أني أكذب الكذبة فأخيل من يسمعها أني صادق".
وكان هذا الرجل المدني ظريفاً مليحاً فأعجب به "عليٌ" وقربه إليه وجعله من ندمائه في مجلسه حتى عرف بذلك.
وكان الخليفة "المهدي" قد غضب على واحدٍ من قادة جنده، فطرده من وظيفته وصادر أمواله. فكان هذا القائد المنكوب يكثر من زيارة "علي بن يقطين" راجياً أن يكلم المهدي ليرضى عنه. وكان يرى قرب الرجل المدني من "علي" ومكانته الأثيرة لديه.
وذات يوم أتى "المدني" إلى ذلك القائد وقال له: "هات البشرى.. قد أرسلني علي بن يقطين إليك، وهو يقرؤك السلام ويقول: قد كلمت أمير المؤمنين في أمرك، ورضي عنك، وأمر برد مالك وضياعك، ويأمرك بالغدو إليه لتذهب معه إلى أمير المؤمنين متشكراً".
فمنحه القائد ألف دينارٍ، وهو يكاد يطير فرحاً. ثم ذهب معه إلى "علي" ليشكره.
فسأله "عليٌ" مستغرباً: وعلام تشكرني؟
فقال وهو يشير إلى "المدني" الواقف قربه: لقد أخبرني صديقك هذا بأمر كلامك لأمير المؤمنين في محنتي ورضاه عني.
فالتفت "علي" إلى "المدني" وسأله: ما هذا؟
فقال: أصلحك الله.. هذا بعض ذلك المتاع فنشرناه. (أي هذا بعض ما عندي من مخزون الكذب).
فضحك عليٌ، وأسرع فركب دابته وذهب إلى "المهدي" ونقل إليه القصة بتفاصيلها، فضحك المهدي وقال:
- إنا قد رضينا عن الرجل ورددنا عليه ماله.
وأجرى على المدني رزقاً واسعاً واستوصى به خيراً، حتى صار يعرف بلقب: "كذاب أمير المؤمنين"
محاسن المودة
قال أحد الحكماء: ليس الإنسان أن ينعم إلا بمودات الإخوان.
وقال آخر: الازدياد من الإخوان زيادةٌ في الآجال وتوفيرٌ لحسن الحال.
وقيل: عاشروا الناس معاشرةً إن عشتم حنوا إليكم وإن متم بكوا عليكم.
وقال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لابنه الحسن: ابذل لصديقك كل المودة، ولا تطمئن إليه كل الطمأنينة. وأعطه كل المواساة ولا تفش إليه كل الأسرار.


ضده
قال المأمون: الإخوان ثلاث طبقات: طبقةٌ كالغذاء لا يستغنى عنه، وطبقةٌ كالدواء يحتاج إليه، وطبقةٌ كالداء لا يحتاج إليه.
محاسن المكاتبات
في زمن الخليفة الأموي "الوليد بن عبد الملك" (الذي وصلت الفتوحات الإسلامية في عصره إلى الأندلس غرباً وإلى الصين شرقاً) كان يعيش في المدينة المنورة رجلٌ حليمٌ لبقٌ أديبٌ اسمه "عروة بن الزبير".
وذات يوم جاء إلى عروة رجلٌ اسمه كعب العبسي وقال له:
- قد أذنبت ذنباً إلى الوليد بن عبد الملك، وليس يزيل غضبه شيءٌ. فاكتب لي إليه. (أي فاكتب لي إليه رسالةً تشفع لي عنده وتجعله يعفو عن ذنبي الكبير).
فكتب عروة بن الزبير إلى الخليفة: لو لم يكن لكعبٍِ من قديم حرمته ما يغفر له عظيم جريرته لوجب أن لا تحرمه التفيوء بظل عفوك الذي تأمله القلوب ولا تعلق به الذنوب. وقد استشفع بي إليك، فوثقت له منك بعفوٍ لا يخالطه سخط. فحقق أمله وصدق فيّ ثقتي بك تجد الشكر وافياً بالنعمة.


فكتب إليه الوليد: قد شكرت رغبته إليك، وعفوت عنه لمعوله عليك. وله عندي ما يجب. فلا تقطع كتبك (أي رسائلك) عني في أمثاله وفي سائر أمورك.
محاسن الجواب
قيل للصحابي الجليل العباس بن عبد المطلب، وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم وأكبر منه سناً:
- أأنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فأجاب: هو عليه الصلاة والسلام أكبر مني، وأنا ولدت قبله.


ويحكى أن الخليفة العباسي "المهدي" (والد هارون الرشيد) كان مسافراً في باديةٍ فلقي إمرأةً أعرابيةً فسألها: "ممن العجوز"؟ قالت: "من قبيلة طيء". قال:
- ما منع طياً أن يكون فيها كريمٌ آخر مثل حاتم؟
أجابت: منعها الذي منع العرب أن يكون فيها مهديٌ آخر مثلك. فأعجب بها وأمر لها بجائزة.
محاسن الصحبة
يحكى أن رجلاً حكيماً اسمه "علقمة بن ليث" قال لابنه: يا بني.. إن نازعتك نفسك إلى الرجال يوماً لحاجتك إليهم (أي إن اضطرتك المصلحة والحاجة إلى أن تصاحب الناس) فاصحب من إن صحبته زانك، وإن تخففت له صانك (أي إن غبت عنه أو قصرت في حقه حفظ مودتك) وإن قلت له صدق قولك، وإن صلت شدد صولتك (أي إن قاتلت خصماً آزرك).. اصحب من إذا مددت إليه يدك بفضلٍ مدها، وإن رأى منك حسنةً عدها، وإن بدت منك ثلمةٌ سدها.
ضده
كان الخلفاء الأمويون في دمشق قد عينوا "يوسف بن عمر الثقفي" والياً على العراق، فكان مذموماً في عمله.
قال الوالي يوسف لكاتبه يوماً، وقد احتبس عن ديوانه (أي تأخر في القدوم إلى عمله بالديوان):
- ما حبسك؟ (أي ما أخرك؟".
قال: اشتكيت ضرسي.(أي كنت أعاني من آلام في ضرسي)


فقال الوالي غاضباً:
- تشتكي ضرسك وتقعد عن الديوان؟
ودعا الحجام (أي الحلاق) وأمره أن يقلع له ضرسين من أضراسه.
محاسن السخاء
كان طلحة بن عبيد الله رجلاً ثرياً غنياً، فقصده رجلٌ فقيرٌ ذات يوم، راجياً نيل مساعدة مالية منه، فوجده أمام بيته وقد شمر عن ذراعيه وهو يهنأ بعيراً (أي يداوي جملاً أجرب بأن يمسح جلده بالقطران، وهذا عملٌ يقوم به عادةً أجيرٌ صغير) فهمّ الرجل الفقير بأن يتراجع، فاستوقفه "طلحة" وسأله عن أمره فأخبره الصدق. فابتسم له طلحة وأمر خادماً له فجلب من البيت بدرةً (أي صرةً مليئةً بالنقود) وأعطاه إياها.


قال الرجل الفقير بعد أن شكره: أردت أن أنصرف حين رأيتك تهنأ البعير.
فابتسم "طلحة" وقال: هذا شيءٌ وذاك شيء.. إنا لا نضع الصغير ولا يتعاظمنا الكبير.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما أشرقت شمسٌ إلا ومعها ملكان يناديان، يسمعان الخلائق غير الجن والإنس،(وهما الثقلان): اللهم عجل لمنفقٍ خلفاً ولممسكٍ تلفاً،
وملكان يناديان:
- أيها الناس... هلموا إلى ربكم فإن ما قل وكفى خيرٌ مما كثر وألهى.
كان للخليفة الأموي الزاهد عمر بن عبد العزيز أختٌ صالحة اسمها "أم البنين"، ورثت عن زوجها الخليفة "الوليد بن عبد الملك" أموالاً طائلة، فكانت تقول: "لو كان البخل قميصاً (أي ثوباً) ما لبسته، أو طريقاً ما سلكتها". وكانت تكثر من الإنفاق على المحتاجين في سبيل الله، وتقول: "البخل كل البخل من بخل على نفسه بالجنة".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
السخي قريبٌ من الله، قريبٌ من الناس، بعيدٌ من النار.. والبخيلٌ بعيدٌ من الله، بعيدٌ من الجنة، قريبٌ من النار.. ولجاهلٌ سخيٌ أحب إلى الله عز وجل من عابدٍ بخيل.. وأدوأ الداء البخل.
كان قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري رحمه الله رجلاً غنياً. وكانت عنده بستانٌ نضرةٌ مشهورة بكثرة نخيلها ووفرة تمورها وجودتها. وفي موسم القطاف قصده ثلاثة رجالٍ فقراء مؤملين أن يعطيهم بعض التمر قوتاً لعيالهم. وحين وصلوا البستان وجدوا قيساً يمشي منحنياً وهو يلتقط حبات التمر اليابسة التي كانت قد سقطت على الأرض، فيمسح عنها التراب ويجمعها في طرف ثوبه.


فهموا بأن يرجعوا عنه وقالوا: "ما نظن عنده خيراً". ثم كلموه فأعطاهم أضعاف ما كانوا يتوقعونه. فقال واحدٌ منهم: "لقد رأيناك تصنع شيئاً لا يشبه فعالك" (أي أن قيامك بجمع حبات التمر اليابسة الساقطة لا ينسجم مع كرمك وسخائك). فابتسم وقال: إن الذي رأيتم يؤول إلى اجتماع ما ينفع وينمو.











B-happy 18 - 11 - 2009 11:25 PM

http://www.al-fateh.net/images/i-147/uu82we6.gif

مساوئ البخل
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:
- يا علي.. كن شجاعاً فإن الله يحب الشجاع.. وكن سخياً فإن الله يحب السخي.. وكن غيوراً فإن الله يحب الغيور.
وقال: السخاء شجرةٌ في الجنة، من أخذ منها بغصنٍ مد به إلى الجنة.
ويروى في الحديث أنه لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبدٍ صالح أبداً.


اشتهر من البخلاء رجلٌ اسمه "أبو عيسى". كان إذا وقع الدرهم في يده نقره بإصبعه ثم يقول له:
- كم من مدينةٍ قد دخلتها، وكم من يدٍ قد وقعت فيها.. فالآن استقر بك القرار واطمأنت بك الدار.
ثم يرمي به في صندوقه فيكون آخر العهد به.
وأطرف منه بخيلٌ آخر اسمه "سليمان بن مزاحم" كان إذا وقع الدرهم في يده يتأمله فيقرأ "لا إله إلا الله" منقوشة عليه، ويقلبه فيقرأ على الوجه الآخر "محمد رسول الله" فيقول له: "ما ينبغي أن تكون إلا معاذةً" (أي تميمةً أو ورقيةً أو حجاباً ضد السحر) ويقذفه في صندوقه.
وذكروا أنه كان بمدينة "الري" (وهي مدينة إسلامية جميلة في شمال إيران، قرب طهران. وكانت من عواصم الإسلام التجارية والثقافية والفنية. فيها ولد هارون الرشيد. وإليها ينسب علماءٌ كثيرون منهم الرازي الطبيب) رجلٌ شحيحٌ اسمه "المسيب" يتولى مهمة جمع الخراج (أي ضرائب الدولة) فكون لنفسه ثروة أغرت أحد الشعراء بأن يقصده ليمتدحه فينال مكافأةً مجزيةً. فأتاه ذلك الشاعر وامتدحه بقصيدةٍ طويلة فلم يعطه شيئاً، ثم سعل سعلةً فضرط، فقال الشاعر:


أتيت المسـيب في حاجـةٍ فما زال يسـعل حتى ضرط
فقال غلطنا حساب الخراج فقلت من الضرط جاء الغلط
http://www.al-fateh.net/images/i-148/10-2.jpg
وشاع هذان البيتان على ألسنة الناس فظلوا يرددونهما، انتقاماً منهم من شح ذلك الموظف وبخله حتى ترك وظيفته وهرب من غير أن يصدر قرارٌ بعزله.
حكاية نجيحٍ اليربوعي
يحكى أن رجلاً شحيحاً بخيلاً اسمه "نجيح اليربوعي" خرج يوماً يتصيد، فعرض له حمار وحش فتبعه وظل يجري خلفه حتى وصل إلى أكمةٍ (والأكمة هي التل أو الموضع الذي يكون أكثر ارتفاعاً مما حوله)، فإذا هو برجلٍ أعمى قاعدٍ في أطمار (أي ثياب بالية) وبين يديه ذهبٌ وفضةٌ ودرٌ وياقوت. فدنا منه فتناول بعضها فأصابه الذعر إذ تيبست يده ولم يعد يستطيع تحريكها، فرمى ما أخذه فتحركت يده فقال للأعمى:


- يا هذا.. ما هذا الذي بين يديك؟... وكيف يستطاع أخذه؟ وهل هو لك أم لغيرك؟ فإني أعجب مما أرى.. أجوادٌ أنت فتجود لنا أم بخيلٌ فنعذرك؟
فقال الأعمى:
- أنا ناقمٌ على إنسان شرير اسمه "سعد بن خشرم بن شماس" أبحث عنه منذ سنين، فإن أتيتني به أعطك كل هذا.
فانطلق "نجيحٌ" مسرعاً، وقد استطير فؤاده، حتى وصل إلى قومه ودخل خباءه (أي خيمته أو بيته) ووضع رأسه فنام وهو يشعر بالغم لأنه لا يعرف هذا الشخص المطلوب المدعو سعد بن خشرم. فأتاه آتٍ في المنام فقال له: "يا نجيح إن سعد بن خشرم في حي بني محلم". فأفاق من نومه وسأل عن بني محلم فقصدهم وسأل عن خشرم بن شماس فإذا هو بشيخٍ قاعدٍ على باب خبائه، فحياه نجيحٌ فرد عليه السلام. فسأله نجيحٌ: "من أنت؟" قال: "أنا خشرم بن شماس". فقال له: "فأين ولدك سعد؟". قال: "خرج في طلب نجيح اليربوعي. ذلك أن آتياً أتاه في منامه فحدثه أن له مالاً في نواحي بني يربوع لا يعلم مكانه إلا نجيح اليربوعي.
فضرب نجيح فرسه ورجع مسرعاً. فلما دنا من محلته رأى رجلاً مسافراً يركب ناقةً فقال له: "أيها الراكب هل لقيت سعداً في بني يربوع؟".


فأجابه: "أنا سعدٌ فهل تدلني على نجيح؟". قال: "أنا نجيح" وحدثه بالقصة كلها. فقال سعد: "الدال على الخير كفاعله". وهو أول من قالها.
فانطلقا حتى إذا أتيا ذلك المكان، فتوارى الرجل الأعمى عنهما (أي أختبأ) وترك المال فأخذه سعد كله. فقال نجيحٌ: "يا سعد قاسمني". فقال له: "اطو عني وعن مالي كشحاً". (أي اقطع أملك من ذلك). وأبى أن يعطيه شيئاً. فانتضى نجيحٌ سيفه وضربه فقتله. فلما وقع قتيلاً تحول الرجل الأعمى الحافظ للمال إلا سعلاةٍ (أي غولٍ، وهو حيوان خرافي مخيف) فأسرع فأكل جثة سعدٍ. وبقي المال على الأرض. فلما رأى نجيحٌ ذلك ولى هارباً إلى قومه.


وقال شاعرٌ يهجو إنساناً بخيلاً:


يبخـل بالمـاء ولو أنه منغمسٌ في وسط النيل
شحاً فلا تطمع في خبزه ولو تشـفعت بجبريـل
وقال شاعرٌ يهجو إنساناً بخيلاً:


أتينـا أبا طاهرٍ مفطرين إلى داره فرجعنـا صيامـا
وجاء بخبـزٍ له حامضٍ فقلت : دعوه وموتوا كراما
http://www.al-fateh.net/images/i-148/12-2.jpg
وكان "إياس بن معاوية" قاضي البصرة مشهوراً بذكائه. جاءه ذات يوم رجلٌ وشكا إليه كثرة ما يهب ويصل الناس (أي يعطيهم الأموال) وينفق.
فقال القاضي إياس: ينبغي لك أن تفرح بدلاً من أن تشكو. فإن النفقة داعية الرزق (أي جالبةٌ له).
وكانا جالسين قرب باب القاعة. فقال إياس للرجل: "أغلق هذا الباب". فأغلقه.
فسأله: "هل تدخل الريح؟". قال: "لا". قال: "فافتحه". ففتح الرجل الباب فصارت الريح تخترق في القاعة، فقال: "هكذا الرزق. أغلقت فلم تدخل الريح. فكذلك إذا أمسكت لم يأتك الرزق".
محاسن الشجاعة
قيل: كان باليمامة (وهي منطقة واحاتٍ صحراويةٍ في نجد) رجلٌ من بني حنيفة يقال له "جحدر بن ألك" وكان لسناً فاتكاً شاعراً شجاعاً، وكان الناس يشكون من بطشه وجبروته وأعماله في السلب وقطع الطريق. فبلغ الخبر الحجاج بن يوسف والي العراق البطاش المخيف، فكتب إلى وكيله في اليمامة يوبخه بتلاعب جحدر به، ويأمره بملاحقته والقبض عليه.
اختار الوكيل كتيبةً من الرجال الأقوياء الأشداء للقيام بهذه المهمة الصعبة، ووعدهم بأموالٍ كثيرة إن هم قتلوا جحدراً أو أتوه به أسيراً، ووعدهم بأن يوفدهم إلى الحجاج ليضاعف لهم العطايا أيضاً.
خرج أولئك الرجال إلى الصحراء، وبحثوا عن جحدر حتى وجدوه فأوهموه بأنهم جاءوا ليلتحقوا به وليكونوا من أعوانه، فصدقهم، فغدروا به وشدوه بالحبال وجلبوه أسيراً.
فلما قدموا به على الحجاج سأله وهو يشتعل غضباً: أنت جحدر؟
قال: نعم.
قال: ما حملك على ما بلغني عنك؟
قال: جراءة الجنان وجفوة السلطان وكلب الزمان.
فقال الحجاج: إنا قاذفوك في قبةٍ (أي غرفة) فيها أسدٌ، فإن قتلك كفانا مؤونتك. وإن قتلته خليناك (أي أطلقنا سراحك) ووصلناك (أي منحناك مكافأة).
قال: قد أعطيت –أصلحك الله- الأمنية، وأعظمت المنة، وقربت المحنة.
فأمر به فاستوثق منه الحديد، وألقي في السجن. وكتب الحجاج إلى وكيله بكسكر (وهي مدينةٌ قديمة في شمال العراق) يأمره أن يصيد له أسداً ضارياً. فلم يلبث ذلك الوكيل أن بعث إليه بأسدٍ هائلٍ مخيف، فأمر الحجاج بأن يلقى به في حيزٍ ضيق ويجوع ثلاثة أيام. ثم بعث إلى جحدر فأخرج وأعطي سيفاً ودلي على الأسد، فمشى إليه وأنشأ يقول:


ليثٌ ليثٌ في مكانٍ ضنك كلاهما ذو أنفٍ ومحـكِ
وصولةٍ في بطشه وفتك إن يكشف الله قناع الشك
الذئب يعوي والغراب يبكي
حتى إذا كان منه على قد رمح تمطى الأسد وزأر وحمل عليه (أي هاجمه) فتلقاه جحدر بالسيف فضرب هامته (أي رأسه) ففلقها.


وسقط الأسد كأنه خيمةٌ قوضتها الريح. فانثنى جحدر وقد تلطخ بدم الأسد فكبر الناس وهللوا. فقال الحجاج:
- يا جحدر.. إن أحببت ألحقك ببلادك وأحسن صحبتك وجائزتك فعلت ذلك.. وإن أحببت أن تقيم عندنا أقمت فنكرم منزلتك.
قال: أختار صحبة الأمير.
ضده
يقال: "هو أجبن من المنزوف ضرطاً". وحكايته أن نسوةً من العرب لم يكن لهن رجلٌ. فتزوجت واحدةٌ منهن برجلٍ كسول كان ينام إلى الضحى، فلا يفيق إلا إذا ضربته زوجته فيقول غاضباً معاتباً "لو لعاديةٍ نبهتني". أي ليتك أيقظتني لأتصدى لخيولٍ عاديةٍ مغيرةٍ عليكن، فأدفعها عنكن. فلما رأين ذلك فرحن وقلن: "إن صاحبنا لشجاع".


ثم اجتمعن وقلن: "تعالين نجربه".
فأتينه وهو نائم في الضحى، فأيقظته زوجته فقال متأففاً: "لو لعاديةٍ نبهتني" فقالت له: "نواصي الخيل معك" (أي أن الخيول المغيرين علينا قد وصلت) فانقلب يرتجف ويقول مذعوراً: "الخيل.. الخيل" ويضرط حتى مات... فضرب به المثل.
محاسن الدهاء والحيل
عندما وقعت فتنة الخلاف على رئاسة الدولة، بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب، ظهرت في المجتمع الإسلامي فرقةٌ ثالثةٌ من المتشددين، سمو أنفسهم "الخوارج"، ونشروا الذعر في كل مكانٍ وصلوا إليه لشدة تصلبهم. وبرز منهم شبيب بن يزيد الخارجي الذي لقب نفسه بلقب أمير المؤمنين.


ذكروا أن شبيب بن يزيد مر بغلامٍ كان يسبح في نهر الفرات، فقال له: "يا غلام اخرج إلي" فعرفه الغلام وأدرك أنه سيقتله لا محالة، فقال له: "إني خائفٌ منك. أفآمن أنا إذا خرجت حتى ألبس ثيابي؟". أجابه سعد: "نعم". وهذا عهدٌ منه. ومن المعروف عن الخوارج أنهم لا ينكثون بوعودهم.
فخرج الغلام من النهر وقال له: "والله لا ألبس ثيابي اليوم".
فضحك شبيب وقال: "خدعتني ورب الكعبة". وتركه ومضى.
وكان رجلٌ من الخوارج يقول متباهياً:


فمنا يزيدٌ والبطين وقعنبٌ ومنا أمير المؤمنين شبيب
فانتشر هذا البيت حتى وصل إلى الخليفة عبد الملك بن مروان في دمشق، فأمر بطلب قائله فأتي به، فلما وقف بين يديه قال: أأنت القائل: ومنا أميرُ المؤمنين شبيب؟


قال الرجل: أنا لم أقل هكذا يا أمير المؤمنين، وإنما قلت: ومنا أميرَ المؤمنين شبيبُ. (أي ومنا شبيبٌ يا أميرَ المؤمنين) فضحك عبد الملك وأمر بتخلية سبيله، فتخلص بدهائه وفطنته لإزالة الإعراب من الرفع إلى النصب.
ضده


اختصم فريقٌ من بين الطفاوة مع فريقٍ من بني راسب على رجلٍ، كل فريقٍ يدَعي أن هذا الرجل منهم وينتسب إليهم. وحين اشتد الخلاف قرر الفريقان أن يحتكما إلى أول طالع يطلع عليهم من الطريق، ويرضيا بحكمه. فطلع عليهم رجلٌ فاستوقفوه وقصوا عليه القصة وطلبوا حكمه ورأيه فقال:
- إن الأمر لبسيطٌ جداً.. اذهبوا بهذا الرجل إلى النهر، فألقوه فيه، فإن رسب فهو من بني راسب، وإن طفا فهو من بني الطفاوة.
فقال الرجل: لا أريدُ أن أكون من أحد هذين الحيين, ولا أعتقد أن هناك من هو أشد حماقةً من هذا الحكم الأبله.
محاسن الوفاء


قيل: "أوفى من فكيهة".
وفكيهة امرأةٌ من قبيلة قيس بن ثعلبة، كان من وفائها أن لصاً اسمه "السليك بن سلكة" أراد أن يغزو قبيلةً غفلةً ليسرق منها ما يستطيع سرقته. وقد علم رجال القبيلة بذلك فكمنوا له منتظرين، حتى إذا جاء برزوا له ولاحقوه يريدون الإمساك به.. فركض هارباً حتى دخل بيتاً فيه هذه المرأة فكيهة، فاستجار بها، فأجارته، فوصل الملاحقون وطلبوه منها فأبت، فنزعوا خمارها عن وجهها فصرخت مستغيثة ونادت إخوتها فجاءوا عشرةً غاضبين وطردوا أولئك الملاحقين. ونجا السليك، وقال:


لعمرو أبيـك والأبنـاء تنمي لنعم الجـار أخت بنـي عوارا
من الخفرات لم تفضح أخاها ولـم ترفـع لوالدهـا شـنارا
عنيت بهـا فكيهة حين قامت لنصل السيف فانتزعوا الخمارا
ضده
دخل رجلٌ على سليمان بن عبد الملك (الخليفة الأموي في دمشق) فقال: "يا أمير المؤمنين عندي نصيحةٌ". قال: "وما نصيحتك هذه؟". قال: فلانٌ كان عاملاً (أي والياً) لمن سبقك من الخلفاء، فخانهم وأخذ لنفسه أموالاً كثيرةً جليلة. فمُر باستخراجها منه.
فقال له سليمان ممتعضاً: أنت شرٌ منه وأخون، حيث اطلعت على أمره وأظهرته.
وطرده شر طردة، وأمر بالتحقيق بأمر ذلك الوالي المختلس.


حكوا أن رجلاً من قريشٍ قال لخالد بن صفوان: "ما اسمك؟". قال: خالد بن صفوان بن الأهتم.
قال: إن اسمك لكذبٌ. فما أنت بخالد. وإن أباك لصفوان وهو حجر. وإن جدك لأهتم أي أسنانه محطمة.
فسأله خالد: من أي قريش أنت؟
قال: من عبد الدار بن قصي بن كلاب.
قال: لقد هشمتك هاشم، وأمتك أمية، وجمحت بك جمح، وخزمتك مخزوم، وأقصتك قصي، فجعلتك عبد دارها، تفتح إذا دخلوا وتغلق إذا خرجوا.



قلب., 7 - 1 - 2010 05:58 PM

http://img112.imageshack.us/img112/3...d861ac2xo5.gif

أرب جمـال 14 - 2 - 2010 11:53 PM

طرح في[منتىآ] ـآلروعه
"يعطيكـ"
ـآلف عآفية
::
الله لا يحرمنا من ’’جديدكـ

دمت بخير ..}
..لكـ ودي..

http://www.3andna.com/photo/ToP/NiCE/3ANDNA_NICE27.gif

أرابيلا 2 - 3 - 2011 02:15 AM

طرح في[منتهىآ] ـآلروعه
"يعطيكـ" ـآلف عآفية
::
الله لا يحرمنا من ’’جديدكـ
دمت بخير ..}
..لكـ ودي..
http://www.3andna.com/photo/ToP/NiCE/3ANDNA_NICE27.gif

shreeata 2 - 3 - 2011 03:54 AM

جميل ورائع ما ادرجت بي هابي
جزاك الله كل خير
رائعة
تحيات لك

عاشقة الوطن 2 - 3 - 2011 02:50 PM




ابتهال 3 - 3 - 2011 09:37 AM

سلمت يمناك على روعة ما امتعتنا بهِ من إبداع جميل وراقي


والله لا يحرمنا من نور تواجدك ورقي عطائك



يعطيك ألف عافيه



مع أرق تحياتي العطره





صائد الأفكار 3 - 3 - 2011 07:02 PM

مجهود رائع وموضوع قيّم
استمتعت بتواجدي بصفحتك

بانتظار المزيد من هذا العطاء

لك مني ارقّ تحية وأعذبها

دمت بخير

سما 4 - 3 - 2011 12:31 AM

كتاب رائع
سلمت الايادي
لي عودة


الساعة الآن 07:31 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى