منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   النقد الأدبي والفني (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=107)
-   -   الفنان والقاص والشاعر فاتح المدرّس.. ظل الغياب عاش شاهداً على أحزان عصرنا وكان ثورة ل (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=17548)

المفتش كرمبو 23 - 7 - 2011 03:26 PM

الفنان والقاص والشاعر فاتح المدرّس.. ظل الغياب عاش شاهداً على أحزان عصرنا وكان ثورة ل
 
لفنان والقاص والشاعر فاتح المدرّس.. ظل الغياب
عاش شاهداً على أحزان عصرنا وكان ثورة لونية وثقافية عالمية


17 - 07 - 2011
أوس داوود يعقوب http://www.falestiny.com/image/200px/ausyakoub.jpg غنية هي عوالم الفنان التشكيلي والقاص والشاعر الراحل فاتح المدرّس (1922م ـ 1999م) .. فبين الشعر والقصة والرسم والموسيقى، تكثفت مسيرته كفيلسوف عميق، ولا شك أن تلخيص تجربة (المدرّس) الإنسانية والإبداعية ضرب من المستحيل. ليس لأنه أبرز التشكيليين السوريين في القرن العشرين، وأول مؤسسي التجريد في بلادنا، ومن أبرز رموز الحداثة في الفن التشكيلي العربي، وإنما لأنه فنانٌ له تجربته الفنية وتمرده وعبقريته في كتاباته القصصية والشعرية والنقدية ونتاجه الفني. فنانٌ عاش معنا وعايش همومنا، وشاهَدَنا بطريقته، وصوَرَنا بأسلوبه، وَوَثَّقنا بأعماله، وتهكَّمَ علينا بألوانه وأشكاله ورموزه، وغادَرَنا شامخاً مبتسماً.

بين الشعر والفن التشكلي من العلاقة العميقة ما يتيح الزعم بأن في الأفق الثقافي العربي ما يمكن أن يصقل الحيوية ويبلورها في حقل إبداعي واحد، بحيث يساعدان على تجاوز العديد من الإشكاليات التي لا يزال يجابهها الفنان والشاعر بدرجات متفاوتة من المعرفة والموهبة وما لا يخفى من التردد أمام إلحاح المغامرة في الجانبين.
فبين ريشة (المدرّس) وألوانه وخطوطه وبين العالم كلام يتجاوز مفهوم البلاغة اللسانية. ولا شك أنه كلما تألق الكلام بين الفنان وبين ألوانه وأدواته، كلما أصبح الكلام بين العمل الفني والمشاهد لغة تضاهي فصاحة الشعر أحياناً.
لقد كتب (المدرّس) القصة والشعر، وحاول أن يمارس تقنية اللون على الكلمات، مستفيداً من عفويته وواقعيته في حرفية النص الأدبي، حيث الطبيعة والأسطورة ترافقانه على الدوام.

بدأ (فاتح) في أربعينيات القرن الماضي فناناً سريالياً، يشرح كل لوحة من أعماله بتعليق فلسفي أو أدبي، وهنا برز الجانب الأدبي في شخصيته المتوازنة مع الجانب الفني. استمد ألوانه من حقول الشمال في حلب، وحظيت القرية والبيت العتيق على مكانة متقدمة في أعماله، فظهرت شديدة الاتصال بالطبيعة على اختلاف ألوانها الفطرية.
وبعد أن ذهب إلى روما، أخذ اتجاهاً آخر ساير فيه المدارس الرمزية الأوروبية بشكل خاص، لأن هذه الفترة كانت فترة مد كبير جداً للرمزية في ايطاليا وفرنسا.‏‏‏
بعد عودته من ايطاليا في وقت متأخر من 1950، تخلى (فاتح) عن أسلوب الصيغ التقليدية السائدة في سوريا وبدأ خلق المفردات اللغوية الخاصة به حيث تم إقتباسها من الفنون البدائية والقديمة لبلاده. في واقع تعبيري يختلط بلغة الخيال. أبطاله مأخوذة من كل من العصر الحاضر ومن الحضارات القديمة، وخصوصاً من الفلاحين والشخصيات الأسطورية. كما كان من أوائل صناع التماثيل والأيقونات المسيحية. واستعان بهذه التيمات في إثراء أعماله واستعان بحيوية الألوان الدافئة وقام بتنفيذها بطرق متنوعة، وأحياناً يقوم بتكثيف للتيمات والألوان داخل أعماله مع تطبيق الطلاء وخدوش في بعض الأحيان، أو منقر، أو مع إضافة الرمال. وفي كثير من الأحيان استخدم مجموعة معينة من الألوان، مثل الحمراء والسوداء والبيضاء.

ومنذ الخمسينيات، وتحديداً بعدما ربحت لوحته الرائعة «كفر جنّة» القرية المستلقية على جبال الشمال بألوانها العجيبة غير المألوفة، وبالنبض الحي لصخورها البنفسجية الهادئة والحمراء الحارة، أحس الجميع أنَّ عهداً جديداً في الرسم السوري قد بدأ.
ولقد تميزت جميع لوحات (فاتح) بشيء من الشجن وبحس مأساوي، وهذا الشجن ينقل صورة عن طفولته المعذبة وفترة مراهقته المسحوقة والصعبة والتي كان فيها محتاجاً فعلاً.
وكانت الأرض التي عاش عليها وعاشها، ولا تزال وستبقى مصدراً من مصادر إلهامه الكثيرة؛ هي والذين يعيشون عليها، « يبدأ الرسم بمحبة الأرض ومن عليها » ـ كما يقول في مذكرات لم تنشرـ .. أرض الشمال هذه التي احتضنت طفولته وشبابه الأول، صارت بعداً من أبعاد شخصيته، يرتاح إلى ألوانها، صخورها، رياحينها، هي وكل بقعة من بقاع سورية تشبهها، أما أهلها «الوجه الثاني للعالم الخارجي» فتصوراتهم مشكلاتهم، والآلام التي زرعتها في نفوسنا كلنا معاركنا الخاسرة، وهي هَم حياته الأول والأخير، فلوحات النزوح والمقاومة، كما سنرى، والدمار الذي خلفته في ديارنا ونفوسنا معارك فلسطين والحرب الأهلية في لبنان، تحتل لدى (فاتح) حيزاً يكاد يضاهي الحيز للأرض ويزيد، فآخر لوحة وضعها على ما أعلم كانت بعنوان «خُلِقوا ليُصلَبوا».


الساعة الآن 07:07 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى