منتديات المُنى والأرب

عذاب القبر

عذاب القبر شكك به المشككين وانكره المنكرين من الخوارج والمعتزلة قديماً والقرآنيين والتحريرين حديثاً...ورغم الادلة والبراهين...الا انهم ثبتوا على رأيهم وتعصبوا لعلمائهم...فأضلوا انفسهم وأضلوا قليل من اصحاب الجهل...فما والله ما كان عنادهم وتعصبهم رغم الادلة والبراهين وعلمهم بها الا كِبراً ... كما كانت قريش تعلم صدق نبوة رسول الله ولكن كبرهم منعهم من الخضوع والرضوخ لكلمة الحق.

إن الايمان بعذاب القبر ونعيمه وسؤال منكر ونكير واتساعه وتضيقه ,واجب وهو من اصول الايمان بالغيب ...ومن انكره هو بين كافر وزنديق وضال منحرف كما بين العلماء.

قال الشيخ عبد الرحمن بن جبرين :"إنكار شيء من الأمور الغيبية التي أمر الله بالإيمان بها وأخبر بثبوتها وأحقيتها في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم؛ كالملائكة والكتب والرسائل والبعث بعد الموت وحشر الأجساد والجنة والنار، وكذا عذاب القبر ونعيمه ونحو ذلك، فإن من جحد منها شيئا فقد كذب الله وكذب رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك أكبر الطعن في الرسالة وما اشتملت عليه، فهو يخالف ما تستلزمه الشهادتان".

الأدلة من القرآن:

قال تعالى: { النار يعرضون عليها غدواً وعشيّاً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب }( غافر: 46 ). قال ابن كثير في تفسيره" وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور ، وهي قوله : ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ) .

وفي تفسير القرطبي:"و...الجمهور على أن هذا العرض في البرزخ . واحتج بعض أهل العلم في تثبيت عذاب القبر بقوله : النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ما دامت الدنيا . كذلك قال مجاهد وعكرمة ومقاتل ومحمد بن كعب كلهم قال : هذه الآية تدل على عذاب القبر في الدنيا ، ألا تراه يقول عن عذاب الآخرة : ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب" .

قال تعالى: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون } [السجدة:21]. قال ابن عباس: جزء منه في الدنيا والنصيب الأكبر منه في القبر والعذاب الأكبر هو عذاب جهنم، قال مجاهد: يعني به عذاب القبر.

السنة النبوية:

أما الادلة في السنة كثير . ولكن من انكر عذاب القبر منهم من انكر السنة النبوية ومنهم من اخذ بالعقل والمنطق ومنهم من ابطل العقيدة باحاديث الاحاد وقد قال الالباني رحمه الله " والزعم بأن العقيدة لا تثبت بما صح من أحاديث الآحاد زعم باطل دخيل في الإسلام , لم يقل به أحد من الأئمة الأعلام – كالأربعة وغيرهم- بل هو مما جاء به بعض علماء الكلام بدون برهان من الله ولا سلطان "

وفيما ورد من الاحاديث في عذاب القبر:

عن ابن عباس رضي الله عنها قال: مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ) متفق عليه.

عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة ).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي عجوزان من عجز يهود المدينة، فقالتا: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم، قالت: فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما، فخرجتا ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: يا رسول الله إن عجوزين من عجز يهود المدينة دخلتا علي فزعمتا أن أهل القبور يعذبون في قبورهم . فقال: صدقتا إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم . قالت: فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر ) رواه مسلم .

تنويه:

كثير منا قد سمع ما قد تداوله الناس او الدعاة من القصص التي تحكي لنا عن عذاب القبر...والتي يصف لك قبر قد احترق او خرج منه صوت صراخ وعذاب او عن افعى كبيرة وما شابهها من القصص...السؤال هل يقع العذاب على الروح ام على الجسد...ام كلاهما؟ وما صحة القصص المتناقلة بخصوص عذاب القبر؟

ان مذهب اهل السنة على ان العذاب يقع على الروح والبدن معاً . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" ومذهب سلف الأمة وأئمتها أن العذاب أو النعيم يحصل لروح الميت وبدنه ، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة ، وأيضا تتصل بالبدن أحيانا فيحصل له معها النعيم أو العذاب ".

والمسألة بين العلماء فيما اذا عذاب القبر يُرى او يسمع على خلاف...ولكن في سماع عذاب القبر على الاجماع لا يُسمع .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ) .وان الباحث في المسألة يدخل في مسأل شائكة مختلفة... ولكن الشاهد عند العلماء انه من الممكن مشاهدة عذاب القبر وحتى سماعه في حالات خاصة قد تكون لعبرة لفئة او شخص او قد تكون نذيرا ...

وما اريد ان اثيره مسألة المبالغة في قصص الدعاة في عذاب القبر واهواله مما ينفر الناس ويغلظ قلوبها ويجعل امر الله في عذاب القبر هين عندها من سماعهم لاهوال ومصائب في القبر يتناقلها الدعاة...فإن الدعوة تكون بالرفق وفي ما ورد وفي ما صح وان تكون الدعوة الى الله على طريق رسول الله وسلفه الصالحين بالرفق واللين والترغيب قبل الترهيب لا بتخويف الناس والمبالغة فيه حتى تقسى قلوب المسلمين.