منتديات المُنى والأرب - حدَّثني ظِلّي وقال: “يا شاعرُ نَخبَكْ”..

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)

- واحة الأدب والشعر العربي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=199)

- - حدَّثني ظِلّي وقال: “يا شاعرُ نَخبَكْ”.. (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=29824)

حدَّثني ظِلّي وقال: “يا شاعرُ نَخبَكْ”..

“لقد سبق وقِيلَ كلُّ شيء، لكن وبما أنه لا أحد يستمع، فعلينا تكرار كل شيء من البداية”..

يقول أندريه جيد

أيُّ نصّ، أيُّ كتابٍ تُصدِرهُ، يحملُ بينَ أسطرهِ حقيقةَ إحساسِك بالنقص، نقص كبير يُربِك مشاعرك التي تحيا بها.. فعلُ الإبداعِ ليس سبيلا إلى الكمال.

قَدَرُك، أن تعيش منذوراً للنسيان..، بعد أن تمضي سيذكرونك لأيام وربما لأعوام، لكنهم لاحقا سيرددون بوحك قائلين: “قال أحدهم…” وقبل أن تمضي، سيتذكرون وجودك في يوم واحد فقط، يوم لا يعنيكَ بقدر ما يعني الفراشات حين تجد متعةً في الحقول.. الشِّعرُ ما عاد فاتحة العقول.

عبثا تحاولُ أن تنأى بحزنك بعيداً عن الناس، تُفكرُ أن الوحدة كفيلة بأن تغسِلَ رُوحَك، أن تُطهرَها من قلق اليومي.. لكنك عاجزٌ أبداً، لا تقدرُ أن تكون دونَ الآخر. بالآخر دائما تُقرنُ وجودك وتثبتُ لذاتك قيمة نفسك..

وَحدَكََ، وسَطَ كلِّ هذا الضجيج، تُحاولُ القبضَ على ما تبقى من لحظاتِ الْكَشْفْ، تُعيدُ صياغَتها أحرفاً من حبٍّ، وحيناً من سلام,, من يَسمَعُكَ؟ لا أحد. يلتفُون حولَكَ مُفتَعلينَ الإنصاتْ,, لا أحد يُصغي.. وحتى من لغا؛ فلهُ أجرهُ عند الله ما دام قد أعرض عن الضالين.
5

القُبَّعاتُ، وربطات العنق، والعطور المستوردة، وسجائر المارلبورو. طاولةُ المقهى التي لا تذكرُ ابتسامة سيدة حرَّة لشاعرها..
شهرزادُ التي زَيَّنَتْ جيدها بوِشَاحِ “سيمون دي بوفوار”.. شهريارُ الذي تَقَمصَ فجأة دَوْرَ البلِيدِ “غُوغُو” في مسرحية “صامويل بيكيت”…تــَحَايَا المُوضَة التي تتبادلُها في سهراتِ الْفِي آيْ بِي..، محاولاتكَ المستميتة في إقصاء مشاعرك إرضاء لعقل “براغماتي”..، احتفاؤك بـ”جاك بريل”، “ليو فيري”، “فيكتور خارا” و “رافي شنكار” (دون أن تفهم رافي شنكار).. حداثةٌ لا تُشبِهُكَ

عش نفسكَ..، الحداثة التي لا تشبُهكَ، ستًتعِبُ حتماً مشاعرك.

المرآة التي في بروازها الفاخر، مهما كانت لامعةً، فهي ليست صادقة معها نفسها، مدام قفاها أسود..
ليس سهلا أن تكون صادقا مع نفسك، ما دُمت تعيشُ كل لحظاتك مستحضرا السواد العالق في ذاكرتك

أعود إليك، إلى بوحك وأقول: نخبك
الشاعرُ ماتْ..، تماما كأي بوحٍ يُدخِلُ الدِّفءَ إلى قلبٍ؛ محكوم عليه أن يعود إلى صَمْتِهِ، كأي طينٍ نَفَختَ فيه روحَ الحبِّ؛ محكوم عليه أن يعود إلى قبرِهِ,,
منْ أنتْ؟ ماذا أنتَ وكيفَ أنتَ ومتى أنتْ..؟
“أنا شاعرْ” تقُول في سرَّكَ خوفاً. أقولُ ماذا بعد..!؟

قال لي ظلي، وقلتُ: أنا الذي أنا هنا الآن وَحْدي، كنَجمٍ بعَيــــــــــــــــــــدٍ، نأى بحزنِه وحِيداً
كانَ هُنا منذ آلافِ السِّنينْ / رُبما كنتُ مثلهُ هُنا منذُ آلافِ السنينْ -والكَهفُ هو الكهفُ- / ربَّما أنا مِتُّ وذهَبْتُ / ربما أنا، هذا الذي أنا الآن، لستُ أنا/ ربما هذا الذي أنا الآن، وهمٌ أو ظلٌّ أو فِكْرةٌ رُبَّما..
أقَلُّهُ، ولأكنْ ما كنتُهُ، – ما عادَ يَعْنِيـــــــني- لَستُ الوحِيدَ الوحيدَ الذي يسهَرُ وحَدهُ ، فهناكَ غيري…، ذاك الظِّلُّ الذي في السماءِ فَقَدَ أيضاً نَجْمَهُ/ ذاك الصّدى الذي في الْفَضَاءِ، فقدَ أيضا صوْتَهُ/ منْ ذا يُبالي إنْ أضاعَ جَسَدي رُوحَهُ

كاتب من المغرب