منتديات المُنى والأرب - تدبر في استقرار الأرض

تدبر في استقرار الأرض

د مأمون فريز جرار
حين تصحو من نومك حاول أن تلاحظ حركات جسمك ، انظر إلى المفاصل التي يتكون منها جسمك كيف تساعدك على الحركة بكل اتجاهاتها بدءا من حركة الكف وأجزاء اليد الأخرى وانتهاء بالمفاصل كافة التي تعطي الجسد مرونة تمكن الإنسان من القيام بأنشطته في الحياة .
وانظر وأنت تمشي على الأرض ثابت الخطو مطمئنا وتذكر أنك تمشي على أرض تدور حول نفسها بسرعة كبيرة وتدور في الوقت نفسه حول الشمس ، ولكنك لا تشعر بدوار كدوار البحر ، ولا تهتز الأشياء من حولك .
وتذكر أن عظيمات صغيرة في أذنيك تتحكم باستواء حركتك في مشيك وأن التهاب الأذن الوسطى يجعلك تتهادى في مشيتك ولا يستقيم سيرك.
من آيات الله تعالى في الأرض التي نعيش عليها أنها ذات قرار ، وأنها ذلول وأنها ممهدة وأنها بساط ممتد نمشي عليه في استواء واعتدال وثبات .
وقد عرض علينا القرآن الكريم في أكثر من آية نعمة الله علينا في هذا الشأن ، ولنقف على بعضها ولنضعها نصب أعيننا ولنقل بلسان المقال والحال : سبحان الله والحمد لله.
في مجال التذكير بآيات الله تعالى نجد استفهاما يشير إلى آية من آيات الله الدالة على قدرته يمتن الله بها على عباده بجعل الأرض مستقرة لا تميد بأهلها وهي منة دالة عليه ربا وإلها للعالمين: ( أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون ).
وتفكر في هذا المشهد التي ترسمه الآية وقل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له .
وإذا كانت الآية السابقة قد بدأت باستفهام يثير التنبه فإن آية أخرى تحدثت عن الأمر نفسه ولكن بأسلوب التقرير : ( الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين ) .
ومع كون الأرض قرارا لا تميد بأهلها فهي ممهدة لهم يسيرون في أرجائها مطمئنين اطمئنان الإنسان في مهده ولننظر في امتنان الله تعالى علينا بنعمة المهاد الدالة على قدرته وحكمته ورحمته : ( الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون ) وقال ممتنا على عباده ومذكرا بنعمته ( ألم نجعل الأرض مهادا ).
واستمع إلى هذا التصوير البديع لحال الإنسان مع الأرض وسيره فيها مطمئنا : ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ).
إن هذه النعمة التي ألفناها حتى نسيناها : نعمة تذليل الأرض واستقرارها وسيرنا في مناكبها وهي تدور دورتين في الوقت نفسه ، إنها نعمة تستحق التذكر ، ويستحق ربنا المنعم بها علينا الشكر بكل تجلياته القولية والعملية