منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   صفحات من التاريخ وحضارات الأمم (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=201)
-   -   ‏المدن المنسيّة والجبال الكلسيّة ‏‏ في شمال سورية (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=10321)

بلا عنوان 24 - 9 - 2010 02:30 PM

‏المدن المنسيّة والجبال الكلسيّة ‏‏ في شمال سورية
 
‏المدن المنسيّة والجبال الكلسيّة ‏‏ في شمال سورية بقلم : الدكتور علي القيّم



‏ ‏‏ ‏من يزور محافظة ادلب، ومدنها المنسيّة البالغ عددها نحو /700/ موقع أثري، يدرك جيداً أنه كان هناك حضارات ‏رائعة وتقاليد وعادات وطرز معمارية مثيرة للإعجاب والدهشة.. مازالت آثارها وبقاياها تثير الذكريات والأفكار، ‏وأن هناك من صنع في هذه المنطقة من سورية سماء من الأرض ومن الحجر. ‏‏

--------------------------------------------------------------

‏تمتاز هذه المنطقة التي تقع شمال سورية بجبالها الكلسية البيضاء، لذلك أُطلق عليها مدن الكتلة الكلسية، وتمتد من ‏الشمال إلى الجنوب بطول /140/ كم،

ومحورها من مدينتي كورش «النبي هوري» وأفاميا، بعرض يتراوح بين ‏‏(20 إلى 40) كم، يحدّها شرقاً طريق حماة، حلب اعزاز، وغرباً وادي نهر ‏عفرين ونهر العاصي وتقسم هذه المنطقة إلى ثلاثة أقسام: ‏‏- القسم الشمالي: يضم جبل سمعان. ‏‏- القسم الأوسط: يضم جبال باريشا والأعلى والدويلة والوسطاني. ‏‏- القسم الجنوبي: يضم جبل الزاوية، ويتألف من كتلتين يفصل بينهما وادٍ قامت فيه مدينة البارة. ‏لقد بدأ الاستقرار والاستيطان في هذه المنطقة منذ القرون الأولى للميلاد، وبلغت قمة تطورها وازدهارها مع انتشار ‏الديانة المسيحية بين القرنين الرابع والسادس الميلاديين، فشهدت البلاد حركة عمرانية كبيرة عمّت جميع المناطق ‏والقرى وقد قام العديد من الرحالة وعلماء الآثار برصد بقايا آثار هذه المدن والمواقع ونشروا عنها كتابات في غاية ‏الأهمية، نعتقد أن أبرزها كان كتاب العالم الروسي «جورج تشالنكو» (1978 -1905) م (القرى الأثرية في شمال ‏سورية) ويقع في ثلاثة أجزاء، تضم دراسات عن قلعة القديس سمعان العمودي - البارة - قاطوره - الرويحة - جبل ‏الشيخ بركات - برج حيدر - الأتارب - النبي هوري «كورش، عين دارا - ترمانين - دير حسان - سرجيلا - كفر لانا ‏وغيرها.. كما قام «تشالنكو» بتكليف من المعهد الفرنسي لآثار الشرق الأدنى، برسم عدد كبير من تصاميم الأطلال، ‏وبالتحضير لنشر عدد من الدراسات التي لم تصدر منها إلا دراسة واحدة كاملة، وهي دراسته الضخمة حول ‏‏«الكنائس السورية المنبرية» وهنا لا بد من الإشارة إلى أعمال «جورج تات» و«جان بيار سوديني» الأستاذ في ‏جامعة باريس الأولى، ومجموعات البحث الأثرية المتعددة الاختصاصات التي عمدت من خلال تنويعات منهجية في ‏العمل إلى الإحاطة بالمرتفعات الكلسية والمدن المنسيّة من مختلف نواحيها العمرانية والبيئية والاجتماعية ‏والاقتصادية. ‏‏ ‏داحس ‏تعد آثار داحس في جبل باريشا، إحدى أكبر قرى هذه المنطقة،

التي تمثل فيها جميع الحقب التاريخية، وخاصة في ‏القرن الخامس الميلادي، حيث شهدت نهضة تجارية تمثلت فيها ببعض مظاهر التنظيم العمراني، وسوق تجاري له ‏أروقة ومقصورات رائعة البناء والزخارف، وبقايا أبنية جميلة ظلت مسكونة حتى بداية القرن العاشر الميلادي. ‏أعمال الكشف الأثري امتدت لتشمل دارة رومانية أطلق عليها اسم «البازيليكة» ويعود تاريخها إلى القرن الثاني ‏للميلاد. وتم فتح ورشات تنقيب وكشف وترميم في مجمّع كنيسة مارسمعان العمودي، حيث كان هناك مجمّع ضخم ‏تبلغ مساحته نحو /12,000/ متر مربع، وقد أُقيم ما بين سنتي 476) و (471 ميلادي حول العمود الذي كان يعيش ‏عليه القديس سمعان، ومنذ القرن السادس أُحيط المجمّع بتصوينة وكانت تربطه بقرية دير سمعان طريق مقدسة، تقوم ‏على جانبيها الدكاكين ويقطعها قوس نصر في منتصفها، وكان المدخل يفضي إلى ساحة أولى مجهّزة بعدد من ‏خزانات المياه الضخمة،

وعلى طرفها الشرقي فندق أقامه فنانو المنطقة، وعبر سلسلة من القناطر المزدوجة التي ‏كانت تقوم على طرف الفندق الشرقي، كانت جماهير الحجاج تتدفق نحو الساحة الرئيسية، التي كانت المنشآت الدينية ‏تحيط بها من الشرق ومن الغرب، وتنفتح في جهتها الشمالية بوابة ضخمة تفضي إلى المشهد المصلّب المؤلف من ‏أربعة أسواق بازيليكية، متصالبة يقوم في وسطها بناء مثمّن الشكل.. أما تصميم «البازيليكية» فكان يظهر ميلاً باتجاه ‏الشمال وكان يزين جدار محرابها الخارجي طوابق من الأعمدة، وعند الزاوية الجنوبية الشرقية، كان موقع الدير ‏وكنيسته الخاصة به، وتحيط أقسامه فسحة صغيرة، وقد جرى تحصين المجمّع بعد اخضاعه لتعديلات عديدة في ‏النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي. ‏‏ ‏زخارف هندسية ‏من أبرز ما يلفت النظر في الهندسة الدينية والمدنية في المرتفعات الكلسية والمدن المنسيّة، المكانة التي تحتلها ‏الزخارف فيها، فبالإضافة إلى أهميتها على صعيد تطور أشكالها وعلى صعيد الرموز التي تحملها، فإن لتلك ‏الزخارف دورها فيما توفره من معطيات تاريخية ومن معلومات حول صانعيها، ولهذه الزخارف نماذج عديدة أهمها: ‏ما يسمى المقولبات المستوحاة من النماذج الكلاسيكية والمزينة أحياناً ببعض الأفاريز، والشكل الآخر الذي يتمثل ‏بالأشكال المنفردة التي تشكل المدوّرات أغلبيتها ‏وقد شهدت الفترة الممتدة من أواسط القرن الرابع الميلادي إلى بدايات

القرن السابع الميلادي، إقامة عدد كبير من ‏الكنائس التي تتوزع بشكل غير متساوٍ بين المناطق، حيث نجد أن عدداً من القرى تحتوي على كنيسة واحدة، في حين ‏أن قرى أخرى تحتوي على كنيستين أو ثلاث، معظمها من الكنائس ذات السوق الواحدة والواجهات الوافرة ‏الزخارف. ‏كانت الزخارف في القرن الرابع الميلادي مقتصرة على سواكف الأبواب، وعلى أساور الأقواس وتيجان الأعمدة ‏وعتبات الهياكل، وما إن بدأ القرن الخامس الميلادي، حتى أخذ المهندس السوري الجوّال «قيريس» يطبع الكنائس ‏التي أقامها في عدد من قرى جبل باريشا بطابعه الخاص، كما تدل على ذلك الكتابات المؤرخة التي تحمل اسمه، وكان ‏‏«قيريس» يطوّر في أشكال الزخرف النباتي الكلاسيكي، من أفاريز أوراق الأكانت إلى النخيلات إلى الوريقات ‏المتداخلة، إلى الجدائل المزدوجة، وقد ظلّت الصيغ التي أطلقها في العمارة السورية، تسود أكثر من قرنين من ‏الزمن.. ‏غير أن توافد الصناع من مختلف أنحاء بلاد الشام إلى هذه المنطقة سبب عودة الزخم الهندسي، والزخرفي إلى ‏المرتفعات الكلسية بأسرها، وقد تزينت واجهات العمائر بالمقولبات التي كانت تحيط بالنوافذ والأقواس المحمولة، ‏وحلّت الأشكال الهندسية محل الأشكال النباتية بصورة تدريجية، وعادت الغصون العنبيّة إلى الظهور في القرن ‏السادس الميلادي على هيئة سلسلة من الوريقات المثلثة البارزة، بحيث لم يبق من غصون «الأكانت» إلا الضلوع، ‏ومن بين أشهر كنائس النصف الأول من القرن السادس الميلادي، كنائس قلب لوزة، والكنيسة الشرقية في «باقيرحا» ‏التي بنيت سنة /546/ م وكنيسة دير سيتا، وكنيسة «بابيستا» وكنيسة السيدة في الشيخ سليمان. ‏وتميزت زخارف النصف الثاني من القرن السادس الميلادي بدمج تيارات زخرفية متعددة، وتمثلت تلك النزعة في ‏كنيسة بحيو الشرقية. وفي كفر كيلا وكنيسة خربة تيزين، وفي كنيسة الثالوث في دار قيتا بمقولباتها الهندسية...

إن ‏هذا التنوع والغنى في الزخارف لم يكن إلا دلائل ملموسة عن تنامي ازدهار المنطقة التي شهدت نوعاً من أنواع الحدة ‏الثقافية المنفتحة على الخصائص الاقليمية والمحلية، وعلى التأثيرات الخارجية... ‏‏ ‏النمو السكاني والاقتصادي ‏لقد تبين من الدراسات العديدة التي تمت في المرتفعات الكلسية والمدن المنسّية أن المنطقة مرّت بمرحلتين متتاليتين ‏من النمو السكاني والاقتصادي بدأت أولاهما في القرن الأول الميلادي، وتطورت في القرن الثاني الميلادي، إلى أن ‏توقفت في أواسط القرن الثالث عندما عمّت الشرق موجة الطاعون المعروف باسم «وباء قبريانوس».. أما المرحلة ‏الثانية فقد بدأت في أواسط القرن الرابع بين (340 و 350) م وتوقفت في أواسط القرن السادس بين (540 و ‏‏550) م واختلفت مدّتها بحسب المناطق، وقد شهدت المنطقة تطوراً كميّاً تمثل بازدياد عدد بيوتها وسكانها، تبعه في ‏القرن الخامس تطور نوعي تمثل باعتماد تقنيات بنائىة باهظة وتنوع في الزخارف، وتبين أن أساس هذا الغنى يعود ‏إلى ازدياد في المحاصيل الزراعية التي سمحت بقيام التجارة مع المدن والمناطق المجاورة مثل: انطاكية واللاذقية ‏وسلوقية وحلب وقنسرين.. ‏في أواسط القرن السادس الميلادي توقف النمو السكاني في المنطقة بسبب الازدياد الذي طرأ على أعداد السكان بشكل ‏فاق قدرة التربة الزراعية، ما أدى إلى هجرة واسعة منها وإلى تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وكان النسيان ‏الذي نرجو ألا يستمر طويلاً في هذه المنطقة التي تعدّ من أغنى مناطق العالم روعة وغنى بآثارها وزخارفها وأوابدها ‏الجميلة التي يمكن أن تشكّل السياحة الثقافية والدينية أحد أهم عناصر عودة الحياة إليها. ‏‏‏


أزهار 28 - 9 - 2010 12:08 AM


ناجي أبوشعيب 28 - 9 - 2010 12:19 AM

بلا عنـوان شكرا لك على ما نقلت لنا ...
بكلّ صراحة لأوّل مرّة أسمع بها
بورك فيك أن جعلتنا نستفيد ..
احتراماتي
أخوك ناجي

سماح 28 - 9 - 2010 12:31 AM

http://k4shcool.com//uploads/images/k4-1750f19acf.jpg

عاشق تراب الأقصى 2 - 11 - 2010 12:22 AM


طرحك في منتهي الروعه والفائده


كل الشكر و التقدير لك على جهودك

ودمت بكل خير



الساعة الآن 10:08 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى