منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القرآن الكريم والأحاديث وسيرة الأنبياء والصحابة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=95)
-   -   أسباب تعارض نظرية داروين مع القرآن الكريم (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=7341)

ميارى 5 - 6 - 2010 03:42 AM

أسباب تعارض نظرية داروين مع القرآن الكريم
 

بقلم : هارون يحي

مقدمة

إن العديد من المفاهيم لتتبادر إلى الذهن عندما تذكر نظرية داروين للنشوء. فهناك بعض الناس ممن يؤمنون بالمذهب المادى يعتقدون فى كون هذه النظرية حقيقة علمية مثبتة، بل و يؤيدونها بقوة و كذلك يعارضون كل الأفكار التى تعارضها و بنفس القوة.
http://www.harunyahya.com/arabic/boo...patible/10.jpgو فى الوقت ذاته فهناك مجموعة أخرى من الناس ممن لا تتعدى معرفتهم بهذه النظرية و ما تدّعيه من خرافات كونها معرفة سطحية، فهم غير مهتمين بها على الإطلاق، و يرجع ذلك إلى قلة معرفتهم بها، و كذلك لعدم إدراكهم لمدى الأذى الذى تسببت هذه النظرية فى حدوثه للبشرية على مدى القرن و نصف القرن الماضيين.
فهم لا يرون فى كيفية فرض هذه النظرية على العامة أية مشكلة، بغض النظر عن عدم صحتها على الإطلاق بجميع المقاييس، لا سيما العلمية، و لعل ذلك راجع إلى عدم مبالاتهم بمثل هذه الأمور.

و حتى و إن كانوا يعلمون أن هذه النظرية قد فقدت كل المصداقية العلمية، إلا أنهم لا يستطيعون أن يولوا أولئك الذين يعتقدون فى أهميتها أدنى اهتمام، فهم أنفسهم لا يعتقدون فى أهميتها.

فمن وجهة نظر هؤلاء، يعتبر تفسير عدم صحة هذه النظرية، أو نشر الكتب أو عقد المؤتمرات، شيئا ثانويا لا ضرورة ولا حاجة له، فهم يرون أنها نظرية قديمة قدم الأزل.

و هناك كذلك مجموعة ثالثة من الناس، تختلف عما سبقها، فهذه المجموعة قد تأثرت بالفعل بهذه النظرية بشكل سلبى - إن صح القول - ، فلقد خدعتهم الدعاية الكاذبة التى يتباناها أصحاب المذهب المادى، حتى أنهم قد اطمأنوا إلى صحة هذه النظرية، و اعتبروها حقيقة علمية ثابتة، و ليس هذا فحسب، فهم يحاولون أيضا إيجاد علاقة ما بين هذه النظرية الملحدة فى ذاتها، و ما بين الإيمان بنظرية خلق الله سبحانه و تعالى لهذا الكون.

و فى حقيقة الأمر، فإن كل ما سبق عرضه فى السطور القليلة السابقة لا يمت إلى الصواب بأى صلة، فنظرية النشوء هذه ليست بحقيقة علمية مثبتة، و ليست أمرا يمكن التهاون فى التعامل معه لعدم أهميته، و ليست كذلك ذات أية صلة بالعقيدة أو الدين.


فمن خلال هذا الكتاب، سنرى ما تحتويه أيديولوجية هذه النظرية من فكر غيرديني ، يؤدى بدوره إلى تفشى الإلحاد وإنكار وجود الله جل وعلا.

فهذه الأيديولوجية تعمل بدورها عندئذ على توطيد هذا الفكر الإلحادى بمجرد تفشيه.


فأصحاب المذهب المادى يعدون الدعامة الأساسية لهذه النظرية التى تؤمن و تضمن لهذه النظرية البقاء و ذلك عن طريق الدفاع – عن اقتناع – و بكل قوة عن مبادئها.


فنظرية داروين، و بكل تأكيد، مبنية على الأيديولوجية و الفلسفة المادية دون غيرها.


فمنذ اللحظة الأولى لولادة هذه النظرية على يد تشارلز داروين (1882 – 1809) و إلى يومنا هذا، فإنها لم تقدم للبشرية سوى النزاعات الفكرية، و صور الاستغلال المختلفة، و الحروب، بل و كذلك تسببت فى انحطاط الفكر و الأخلاق.


فمن ثمَ، و بناء على ما سبق من المعطيات، ظهرت الحاجة الملحة للمعرفة السليمة ذات الأساس الصلب لما تدعو إليه هذه النظرية، و ذلك بهدف التصدى لهذه الخرافات التى تروج لها نظرية داروين، و حتى يكون هذا التصدى فعالا على مختلف المستويات، سواء أكان فكريا أو غير ذلك.

يقوم هذا الكتاب بالرد على الأخطاء التى تنتسب إلى الذين يؤمنون بصحة هذه النظرية و ذلك من وجهة نظر مختلفة تماما عما سبقها من قبل.

حيث أن هذا الكتاب يقوم بالرد على أولئك المسلمين الذين يحاولون إيجاد عامل مشترك ما بين نظرية النشوء و نظرية خلق الله سبحانه و تعالى للكون، و كذلك أولئك الذين يحاولون إثبات صحة هذه النظرية استنادا للقران. فالهدف ليس توجيه أصابع الاتهام للمسلمين الماديين، و كذلك ليس الهدف منه الانتقاد اللاذع لإخواننا المسلمين، و إنما الهدف الحقيقى من وراء هذا الكتاب هو التوضيح، و الشرح لمدىالخطأ الذى يرتكبه أي مسلم بإيمانه بهذه النظرية، و كذلك تقديم المعونة لهؤلاء المسلمين على المستوى الفكرى، و لكى يصبح و بعون الله وسيلة لتبنى وجهة نظر أكثر صحة تجاه هذا الموضوع الذى يختلط على بعض المسلمين خاصة و الناس عامة نتيجة ما قد سبق سرده من أسباب واهية فى حقيقة أمرها، و إن بدت فى ظاهرها واقعية مقنعة.


و حتى يكون بالإمكان التأكيد على مدى الخطأ الذى قد يقع فيه بعض المسلمين بالاستهانة بهذه النظرية، و اعتقاد البعض منهم بعدم الحاجة إلى شن حرب لمكافحة هذه النظرية، وسيتم نقاش حقيقتين أخرتين فى هذا الكتاب فضلا عما سبق الإشارة إليه من أسباب دعت إلى ظهور الحاجة إلى مثل هذا الكتاب.


و الحقيقة الأولى هى أن نظرية داروين للنشوء تفتقد إلى أى أساس علمى مؤيد لها، و الحقيقة الثانية هى أن الهدف الحقيقى لمؤيدى هذه النظرية هومحاربة الدين.

فعلى المؤمنين حقا أن يتجنبوا الدفاع عن هذه النظرية و كذلك عن المعنى الذى يدعو إليه مذهبها الفكرى


-أيدولوجيتها- حيث أن كليهما إنما يتناقض مع الحقائق التى يدعوالإسلام إلى تبنيها. فبعض الذين يدافعون عن هذه النظرية إنما يدافعون عن جهل ، جهل بما سببته هذه النظرية للبشرية من دمار، و ذلك بدعوتها إلى إنكار حقيقة الخلق، كما أن المؤيدين لهذه النظرية ما هم إلا كارهون لهذا الدين الحنيف.


و من ثم، فعلى المسلمين الذين لا تتعدى معرفتهم بهذه النظرية كونها معرفة طفيفة، أن يتجنبوا الخوض فيها بغير علم، و ذلك اتباعا لقول الله تعالى فى القرآن العظيم:
"وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً" ( سورة الإسراء ، الآية 17)
و بناء على ذلك فإن السلوك النموذجى لأى مسلم تجاه هذا الموضوع هو ضرورة البحث بكل صدق و اخلاص وتمحيص ، وليس هذا فحسب بل يجب عليه أيضا التصرف بناء على إدراكه أنه طبقا لقول الله تعالى:
"وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا" (سورة الجن ، الآية 14)
فمن تفسير ما تأمرنا به هذه الآية الأخيرة، يتبين لنا أنه يجب على أولئك المسلمين ممن يؤمنون بصحة هذه النظرية، أن يتحروا الصدق قبل اتخاذهم هذا القرار الخطير و الخاطئ فى الوقت ذاته، فعليهم أن يبحثوا و بكل عمق فى هذا الصدد، و أن يتخذوا قرارهم بناء على ما تمليه عليهم ضمائرهم.
فإن هذا الكتاب ما هو إلا مصباح ينير لهم هذا الطريق، داعين الله العون و الهداية.

ميارى 5 - 6 - 2010 03:45 AM

الباب الأول
سبب تأييد بعض المسلمين لنظرية داروين



<<لمادى، و ذلك بغض النظر عن كونها ذات مشروعية علمية أولا، فلقد تم تبنيها فى الحال من قبل هؤلاء الماديين.
أما بالنسبة لحقيقة الخلق الذى و بكل تأكيد ينتسب إلى الله جل و علا، فنجد أنها تقف- و بكل قوة - معارضة لنظرية النشوء.
فطبقا لهذا الرأى المعارض لنظرية النشوء، و هو الرأى الخلقى، فالمادة لم تكن موجودة فى كل وقت و بدون بداية، و من ثم، يتم التحكم فيها من قبل قوى أخرى، و هذه القوى و بالطبع إنما هى الله سبحانه و تعالى.
فالله قد خلق المادة من عدم و نظمها تنظيما دقيقا بقدرته جل وعلا، فكل شئ، سواء كان حيا أو دون ذلك، إنما أوجده الله سبحانه و تعالى.
فالتصميم المدهش و المذهل، و كذلك الحسابات و التوازن و النظام البين الذى نراه فى حركة هذا الكون و فى المخلوقات كلها ما هى إلا دلائل جلية الوضوح على أن كل هذا لابد من انتمائه إلى الخالق الواحد، الله سبحانه و تعالى.

فالدين قد علمنا حقيقة هذا الخلق، التى يمكن أن تفهم من خلال التفكير و الحجة و الفهم السليم، و أيضا من خلال الملاحظة الشخصية لظواهر هذا الكون من قديم الأزل وعلى مر الزمان.

فكل الشرائع السماوية تدعو إلى وحدانية الخالق سبحانه و تعالى، فهو قد خلق الكون كله بأمره سبحانه "كن ..."، كما علمتنا كذلك هذه الشرائع السماوية العظيمة مدى عظمته سبحانه و تعالى و ذلك من خلال هذا النظام الكونى الدقيق الذى لا يعتريه أى قصور أو نقص أو عيب أو خلل.
فالكثير من الآيات القرآنية تكشف عن هذه الحقيقة، فعلى سبيل المثال و ليس الحصر، نجد كيفية كشفه سبحانه و تعالى عن إعجازه فى خلق هذا الكون الممتد الذى لا حدود له- من عدم - ، و ذلك من خلال قوله سبحانه و تعالى:
"بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ" (سورة البقرة ، الآية 117 )
كما يكشف عز و جل في كتابه العزيز؛
"وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير"ُ (سورة الأنعام ، الآية 73 )
و نجد العلم الحديث يحذو حذو ما تدعو إليه الشرائع السماوية المقدسة، و ذلك من خلال التأكيد على عدم صحة إدعاءات هذه النظرية المضللة و التأكيد فى الوقت ذاته على كون الله سبحانه هو خالق كل شئ .
كما نجد- بقليل من التفكر- مدى التناقض ما بين حيثيات هذه النظرية، و ما بين الظواهر الكونية المختلفة المحيطة بنا، و التى توضح كيف أن الحظ أو الصدفة لم يكن لهما أى دور فى نشأة هذا الكون.
فكل دليل قد ينشأ عن التفكر في هذا الكون, و ما يحتويه هذا الكون من سماء و أرض و مخلوقات ، إنما المراد منه التأكيد على قوة وحكمة الله سبحانه و تعالى.
فمن هنا, يمكن القول بأن الفرق الأساسي أو الأولي ما بين الدين و الإلحاد, أن الأول يدعو الى الإيمان بالله, و الأخير إنما يدعو الى الإيمان بالمذهب المادي دون غيره و العياذ بالله.
فنجد الله سبحانه و تعالى عندما يخاطب أولئك الذين يجحدون بآياته , إنما يلفت نظرهم إلى الإدعاءات التي يجزمون بها لمعارضة خلقه سبحانه لهذ الكون.
"أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ "(سورة الطور ، الآية 35)
فمنذ فجر التاريخ نجد أن كل من عارض خلق الله لهذا الكون قام بالإدعاء بأن الكون و البشرية جمعاء لم يخلقا، ليس هذا فقط , بل أنهم قد حاولوا تبرير هذا الإدعاء الغير منطقي بل و الغير معقول .
و بحلول القرن 19 و بفضل نظرية داروين للنشوء نجد أن هؤلاء ممن ادعوا هذا الإدعاء الباطل قد حظوا على أعظم و أقوى مساندة لإثبات صحة نظريتهم, نتيجة ما تدعيه هذه النظرية المضللة من ادعاءات خاطئة و في الوقت نفسه مكملة و مساندة لما يدعون هم أنفسهم.
فالمسلمون لا يمكن لهم أن يحاولوا التوصل إلى تسوية أو حل وسط بصدد هذا الموضوع.

وإن كان ذلك لا يتعارض مع كون حرية التفكير مكفولة للجميع, و كذلك حرية الإيمان بأية نظرية كانت, و لكن باستثناء تلك النظريات التي تنكر وجود الله سبحانه و تعالى أوخلقه هذا الكون, حيث أن هذا سيتضمن أيضا محاولة التوصل إلى تسوية في عنصر أساسي من عناصر ديننا الحنيف التي لا تقبل أية صورة من صور التحريف أو التسوية, فذلك غير مقبول على الإطلاق.
فالنشؤيون و على الرغم من علمهم بمدى الأثر الهدام الذي سوف تخلفه هذه النوعية من التسوية على الدين, فإنهم يحثون رجال الدين على المحاولة لإيجاد هذا الحل الوسط.
لداروينيون يشجعون نظرية الخلق بالتطور
نتيجة التسارع الملحوظ فى الكشوفات العلمية المعارضة لنظرية التطور و النشوء، و كذلك سرعة انتشارها بين العامة، فقد تم و بعون الله و حمده تضييق الخناق على هؤلاء العلماء الذين يؤيدون هذه النظرية بدون وعى.
"THE THOUGHT OF THE EYE MADE ME COLD ALL OVER!"
http://www.harunyahya.com/arabic/boo...anliyor19c.jpg
Charles Darwin
One of the most insoluble dilemmas for the theory of evolution is the complex structures in living things. For instance, evolutionists claim that the eye, made up of some 40 different parts, came about by chance. Yet they cannot explain how it did so. In fact, it is impossible that blind chance should have "created" such a magnificent structure. The diagram below shows some of the eye's components.
فى حين أن كل كشف علمى جديد يعمل على معارضة نظرية داروين ، نجد فى الوقت ذاته أنه لا يؤيدها سوى التهييج والخطاب المزيف الموجه للعامة، و بدون أي دليل- قوى كان أو ضعيف - على صحتها ، فالفلسفة النشؤية إنما تعتمد على الدعاية الكاذبة.
و على صعيد آخر، فإن أكثر المجلات المؤيدة لنظرية داروين بروزا وشهرة مثل مجلة "العلم"، ومجلة "الطبيعة" ، ومجلة "الأمريكى العلمى" ، ومجلة " العالم الجديد " ، أصبحت- عن اقتناع - مجبرة على الاعتراف بأن الكثير من المظاهر المقترنة بنظرية داروين قد وصلت إلى طريق مسدود.
فالعلماء الذين يدافعون عن نظرية الخلق الإلهى يتفوقون و ترجح كفتهم فى المناظرات العلمية التى تتم بينهم و بين أقرانهم ممن يؤيدون نظرية داروين، و بذلك يتم كشف ادعاءات النشؤيين الواهية التى لا أساس لها من الصحة على الإطلاق.
و عند هذه النقطة، نجد أن نظرية الخلق بالتطور تعد فى صالح الماديين.
و هذه إحدى الطرق التى يلجأ إليها النشؤيون لإضعاف شوكة مؤيدى معارضيهم من المؤمنين بالله و بخلقه سبحانه لهذا الكون و كذلك لإضعاف موقفهم الفكرى المضاد للعقيدة الداروينية.
و على الرغم من أن النشؤيين لا يؤمنون بالله، و ذلك لأنهم قد جعلوا من الصدفة إلهاوالعياذ بالله ، و أنهم يعارضون و بشكل كامل حقيقة وجود هذا الخلق على يده سبحانه و تعالى، فهم يعتقدون أن نظريتهم ستلقى رواجا أكثر إذا ما تجاهلوا أصحاب الفكر الدينى منهم، و الذين يعتقدون فى أن الله هو خالق هذا الكون و لكن عن طريق نظرية داروين.
ففى حقيقة الأمر، نجد أنهم يحاولون الترويج إلى التوصل إلى حل وسط ما بين نظريتهم و بين الدين، حيث أنهم يعتقدون أن ذلك سيؤدى إلى أن تصبح نظريتهم أكثر قبولا، و أن يصبح الإيمان بالله أكثر هوانا وضعفا.
إنطلاقا مما قد سبق التعرض إليه من فلسفة معارضة لجميع الشرائع السماوية، و خاصة الإسلام، نجد أنه من الخطأ الغير مقبول الجمع مابين الاعتقاد فى أن الله قد خلق هذا الكون و فى الوقت ذاته الاعتقاد فى نظرية النشوء و تأييدها على الرغم مما تفتقده من أدلة علمية تؤيدها.
وعلاوة على ذلك، فإنه لمن الخطأ أيضا الادعاء أن النشوء يتطابق مع القرآن العظيم، و ذلك بتجاهل جميع التحذيرات فى هذا الكتاب المقدس – القرآن الكريم – نفسه.

و بناء على ذلك، فيجب على كل مسلم ممن يؤيدون هذه النظرية الرجوع عن هذا الباطل و التوبة إلى الله.
نبذ نظرية النشوء لا يعنى نبذ العلم
http://www.harunyahya.com/arabic/boo...anliyor38a.jpg
إنه لمن الخطأ أن نستخف بعدد المسلمين الذين يؤمنون بأن جميع المخلوقات قد نشأت عن طريق التطور أو النشوء. فخطأهم الفادح هذا إنما يرجع أساسا إلى قلة المعرفة و وجهات النظر الخاطئة، والتى على رأس قائمتها نجد اعتقادهم بأن نظرية النشوء حقيقة علمية مثبتة.
فهؤلاء لا يدركون أن العلم قد قضى تماما على أية مصداقية كانت لهذه النظرية – نظرية النشوء – و ذلك على مختلف المستويات، فبغض النظر عن كون ذلك على المستوى الجزيئى، أو علم الحفريات، أو علم الأحياء ، فلقد أثبتت الأبحاث العلمية عدم صحة الادعاءات المقترنة بنظرية النشوء.

و على الرغم من كل ذلك، نجد أن نظرية داروين باقية حتى يومنا هذا، و يؤمن بها الكثيرون، و ذلك يرجع إلى المجهود الضخم الذى يبذله مؤيدو هذه النظرية لإبقائها على قيد الحياة، فبغض النظر عن كل الحقائق العلمية التى تثبت عدم صحتها، نجد هؤلاء يبذلون كل ما فى وسعهم للترويج لها و إن كان ذلك بتضليل العامة عن عمد.

فالكثير من خطبهم و كتاباتهم تحتوي على مصطلحات علمية قد تبدو للوهلة الأولى معقدة, إلا أنه و مع القليل من الفهم و التحليل, يمكن التوصل إلى انعدام أي دليل مؤيد لنظريتهم هذه , وذلك أيضا يمكن استنباطه بوضوح أكثر من خلال الفحص الدقيق لإصداراتهم.


فنجد أن تفسيراتهم قليلا ما تستند إلى دليل علمي قوي ثابت.


و نجد أيضا أن الكثير من السيناريوهات المدهشة التى يستندون إليها مكتوبةعن التاريخ الطبيعي , و لا تحتوي على أي نسق يمكن من خلاله التأكيد على صحة نظريتهم, و من ثم فإن المناطق الأولية التي تبدأ عندها التصدعات في الظهور في الأسس المبنية عليها هذه النظرية تكون جلية الوضوح، فهم لا يعتمدون على تفسير الكثير من الأمور الجوهرية مثل كيفية النشوء الحقيقي للكائنات الحية من تلك التي لا حياة لها, و كذلك إهمالهم الفجوات العميقة في سجلات الحفريات, والنظم المعقدة في الكائنات الحية و كيفية عملها بالتحديد.


فهم يخشون أن تكشف هذه الأمور مدى الضعف الذي تتصف به نظريتهم, فأيما شئ قد يقولونه في هذا الصدد, قد يتعارض مع أهدافهم, و كذلك قد يبرز مدى الفراغ الذي تحتوي عليه نظريتهم في مضمونها.

و لقد قام تشارلز داروين(1882-1809), مؤسس هذه النظرية, بالتعرض إلى أحد النظم المعقدة في الكائنات الحية, و هي العين, و لقد أدرك حينئذ مدى الخطورة التي يمكن أن تتعرض لها نظريته إذا ما حاول دراسة هذا النظام إلاعجازي المقعد-العين- استنادا إلى نظريته الواهية, و لقد اعترف أن مجرد التفكير في مثل هذا الإعجاز الإلهي قد أصابه بالقشعريرة في جسده كله.
فالعلماء النشوئيون في يومنا هذا, مثلهم كمثل داروين, يعلمون أن نظريتهم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تفسر كينونة مثل هذا النظام المعقد.
فبدلا من أن يعترفوا بعجزهم, فهم يحاولون التغلب على هذا العجز العلمي بكتابة سيناريوهات تخيلية, و كذلك يعملون على خداع الناس بفرض طابع علمي كاذب على نظريتهم, أو بمعنى أخر يلبسون نظريتهم قناعا علميا مزيفا.
ولحسن الحظ, فإن هذه الأساليب تتجلى أيما تجل أثناء المناظرات التي تكون وجها لوجه ما بين النشوئيين و ما بين أولئك الذين يؤمنون بالله و خلقه لهذا الكون, و كذلك تتجلى هذه الألاعيب من خلال كتابات هؤلاء النشوئيين و وثائقهم.
إلا أن هؤلاء النشوئيين في حقيقة الأمر لا يبالون ببعض الأمور الهامة كالمصداقية العلمية و المنطق, حيث أن هدفهم الأوحد هو جعل الناس يعتقدون في صحة هذه النظرية وفي كونها حقيقة علمية بغض النظر عن الكيفية.
فبهذه الطريقة, نجد أن المسلمين الذين يعتقدون في صحة هذه النظرية يتأثرون بما تظهره هذه النظرية من مظهر علمي كاذب مخادع.
فهم على الأخص تؤرقهم الشعارات الداروينية كتلك التي تقول: إن أي شخص لا يؤمن بنظرية داروين إنما هو شخص منساق مأمور دون اقتناع أو دليل, و كذلك شخص غير علمي.

فمن خلال التأثر بالمعلومات القديمة المهجورة أو من خلال كتابات و مناقشات النشوئيين, اعتقد هؤلاء المسلمون في إمكانية كون نظرية النشوء السبب الأوحد وراء نشأة هذا الكون.
و بعد ذلك يحاولون التوفيق بين الدين و بين نظرية النشوء، و ذلك لكونهم غافلين عن آخر ما توصلت إليه التطورات العلمية، ليس هذا فقط، بل نتيجة كونهم غير مدركين كذلك لما تحتويه هذه النظرية من تناقضات داخلية و فقدان تام و كامل للمصداقية العلمية.
و على الرغم من ذلك، و بكون النشوء و الخلق متعارضين تماما و بكل معنى الكلمة، إلا أن إثبات صحة إحدىالنظريتين يعتبر و بكل تأكيد إثباتا لبطلان الأخرى، أو بمعنى أدق، فإن إثبات بطلان ما تدعيه نظرية داروين ما هو إلا إثبات لصحة ما تدعيه نظرية الخلق التى علمنا إياها الله سبحانه و تعالى.
و لهذه الأسباب فإن الماديين يرون من هذه المناظرات التى تهدف إلى محاربة نظريتهم، نوعا من ساحات القتال، فهى بالنسبة إليهم صراع فكرى أيديولوجى مباشر لا علاقة له بالعلم.
و من ثم فهم يلجأون إلى كل الوسائل الممكنة التى قد تعينهم على معارضة بل و اعتراض طريق من يدعون إلى الحق ممن يؤمنون بخلق الله لهذا الكون.
فعلى سبيل المثال، نجد أن النشؤى "ليرى فلانك" ينصح باتباع الأساليب الآتية لمحاربة حقيقة هذا الخلق:
"يجب على متابعى أنصار نظرية الخلق الإلهية أن يراقبوا عن قرب تكوين مجالس التعليم بالولايات المختلفة.
فعلى أولئك المهتمين بتحسين مستوى التعليم و الحريصين على منع السلفيين من استغلال المدارس العامة فى نشر المواعظ، أن يصبحوا المكون الرئيسى لهذه المجالس.

فإذا فشل هذا الأسلوب، و تم تبنى الكتب التى تنتمى إلى هؤلاء الخلقيين و نشرها بين الطلبة، فيجب اللجوء إلى القضاء، من خلال دعاوى قانونية أمام المحاكم."
فمما لا شك فيه، و استشهادا بما سبق عرضه من كلمات على لسان هذا النشؤى المعروف، فإننا لا نتحدث عن مناظرة علمية، بل حرب فكرية شعواء يشنها النشؤيون من خلال هيكل من الاستراتيجيات السابق تعيينها.
فالمسلمون الذين يدافعون عن نظرية النشوء هذه يجب عليهم أن يتوخوا الحذر من تلك الحرب الأيديولوجية، فالداروينية ليست رأيا علميا، و لكنها على النقيض تماما، فهى نظام فكرى مصمم خصيصا ليقود الناس إلى إنكار و جود الله سبحانه و تعالى و العياذ بالله.
و بما أن هذه النظرية ليس لها أى أساس علمى تقوم عليه، فإنه يجب على المسلمين ألا يسمحوا لأنفسهم أن يضلوا باتباع حججها الواهية، مما قد يؤدى بهم إلى تأييدها، مهما كانت نواياهم حسنة.
النتائج المترتبة على كون النشوؤيين ضمن فئات الأغلبية
يلجأ النشؤيون إلى الزعم بكون نظريتهم ذات رواج كبير في المجتمع العلمي, و يمكن اعتبار هذا الزعم الخدعة
الكبرى التي يعتمد عليها النشؤيون في دعوتهم المضلة.

باختصار، فهم يزعمون أنه لمجرد كونهم قد كسبوا تأييد الأغلبية من الناس, فذلك يكفيهم لإثبات صحة ما يزعمون من كون نظرية النشوء التفسير الوحيد لكيفية خلق هذا الكون.
و بتطبيق هذا المنطق, بالإضافة الى الإعتماد أيضا في هذه الدعاية الكاذبة على الإدعاء بقبول الكثير من الجامعات لنظرية داروين, فهم بذلك يمارسون ضغوط شديدة ذات طابع نفسي على الناس جميعا و بلا أية استثنائات, فحتى الذين يؤمنون بالله قد أصبحوا عرضة لهذه الضغوط التي ترمي الى اجبارهم على قبول هذه النظرية و التسليم بكونها صحيحة.
و من الجدير بالذكر, أن الأستاذ أردا دنكل, و الذي يعتبر من أكثر أساتذة الفلسفة -الذين يؤمنون بنظرية داروين- شهرة و احتراما بجامعة البسفور بل و في تركيا كلها قد أقر بخطأ ما سبق ذكره من أساليب ملتوية يلجأ إليها النشؤيون للإيهام بصحة نظريتهم و الترويج لها.

و نقلا عن دنكل:
"- هل تأييد العديد من الناس أولي الشأن و الإحترام أو المؤسسات أو الهيئات على مختلف أشكالها يعد سببا كافيا للجزم بصحة نظرية النشوء؟
- هل يمكن إثبات صحة هذه النظرية بإصدار حكم من إحدى المحاكم؟

- هل إعتقاد بعض الناس أولي الشأن الرفيع في أي شئ كان، يعني بالضرورة كونه صحيحا؟"
و أريد التذكرة بإحدى الحقائق التاريخية- محاكمة جاليليو- ألم يقف جاليليو وحده مدافعاعن نظريته وبدون أي تأييد من أي شخص كان في وجه كل من عارضوه من مترفي عصره ومن محامين و من علماء عصره الذين – على وجه الخصوص – قد عارضوه بشراسة؟
- ألم تكشف الكثير من نتائج التحقيق الصادرة عن العديد من المحاكمات عن مواقف أخرى مشابهة لمواقف جاليليو؟

و استنباطا لموقف جاليليو هذا فإنه يحق لنا القول بأن تأييد الدوائر المؤثرة أو ذات النفوذ لا يجعل الباطل حقا و لا يمت بأية صلة إلى الطرق السليمة التي يمكن من خلالها إثبات الحقائق العلمية.

باختصار فإن تأييد الكم للكيف لا يعني بالضرورة كون هذا الكيف على حق.
و هناك العديد من الأمثلة عبر التاريخ البشري الزاخر و التي تظهر مدى التباين في مستوى التأييد الذي حظت به بعض النظريات العلمية في مهدها و التي أصبحت بعد ذلك من المسلمات .

فبعد أن كانت هذه النظريات تحظى بتأييد الأقلية, أصبحت بعد ذلك ذات تأييد واسع من قبل الأغلبية العظمى من الناس لما أظهرت من المصداقية.
علاوة على كل ذلك فإن نظرية داروين- ومن الأساس- لا تحظى بكل ذلك التأييد الذي يدعيه مؤيدوها ويوهمون الناس به.

و من أكبر الدلائل على ذلك أنه ما بين ال 20 و ال30 عاما الماضيين, فإن عدد العلماء المعارضين لداروين قد ارتفع بشكل هائل لا يمكن إغفاله.

فمعظم هؤلاء العلماء الذين تحروا رشدا قد تخلوا عن إيمانهم- و الذي كان ينبع عن عقيدة- بنظرية داروين وذلك بعد ما أكرمهم الله برؤية ما في هذا ا لكون من إبداع لا يعتريه أي قصور أو خلل, و كذلك بعد ما تجلت لهم عظمة الخالق – الله سبحانه و تعالى- من خلال مخلوقاته التي لا حصر لها.
ونتيجة ذلك فلقد طبعت أعداد لا تعد و لا تحصى من الأعمال التي تثبت عدم صحتها و تقر بذلك.
بل و الأهم من ذلك, أن هؤلاء العلماء المشار إليهم إنما ينتمون الى جامعات مرموقة من كل بقاع العالم, و لاسيما من الولايات المتحدة و أوروبا.

فمنهم من هم خبراء أكاديميون في مجالات عدة كعلم الأحياء, و الكيمياء الحيوية, و الأحياء الدقيقة و علوم التشريح و الحفريات و غيرها من المجالات العلمية المختلفة.
و من ثم فإنه لمن الخطأ الفادح التصريح بكون هذه النظرية تحظى بتأييد أغلبية المجتمع العلمي, فهذا قول ليس بصحيح.
و لذلك, حتى و إن كان ا لنشؤيون أغلبية من حيث ا لعدد فهذا لا يعني بالحتمية كونهم على حق.

فالحكم على مدى صحة الأمور من عدمه لا يجب الإعتماد فيه على مثل هذه النظرة الكمية البحتة المجردة من المنطق, فعلى المسلمين النشوئيين أن يدركوا ان القرآن الكريم قد ناقش هذا الأمر و بوضوح و ذلك حينما تعرض للكثير من المجتمعات عبر العصور المختلفة و التي بنت آراءها تبعا لهذا المبدأ لفكري الخاطئ في الحكم على مصداقية الأمور, مما أدى بهم إلى الضلالة
و إنكار الله – سبحانه و تعالى – و كتبه و رسله.

http://www.harunyahya.com/arabic/boo...atible/24b.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/boo...atible/24a.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/boo...atible/24c.jpg
Prof. Owen Gingerich
Prof. Carl Friedrich von Weizsacker
Prof. Dr. Donald Chittick
http://www.harunyahya.com/arabic/boo...atible/24d.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/boo...atible/24e.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/boo...atible/24f.jpg
Prof.Robert Matthews
Prof.Michael J.Behe

Prof. David Menton http://www.harunyahya.com/arabic/boo...lanliyor13.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/boo...lanliyor23.jpg
S. Jocelyn Bell Burnell
William Dembski
Many contemporary scientists reject evolution and accept that God, the Lord of Infinite Intelligence and Might, created the universe. Some of the scientists who accept the truth of creation are, from left to right, Owen Gingerich, professor of astronomy and history of science at Harvard University; Carl Friedrich von Weizsacker, professor of physics at Germany's Max-Planck-Gesellschaft University; Donald Chittick, professor of chemistry at Oregon State University; Robert Matthews, professor of physics at Oxford University; Michael J. Behe, professor of biology at Lehigh University; David Menton, professor of anatomy at Washington University; S. Jocelyn Bell Burnell, professor of physics at the Open University in England; and William Dembski, associate professor in the conceptual foundations of science at Baylor University.
فالله يحذر كل من تسول له نفسه من اتباع الباطل متعمدا خوفا من البطش و لمجرد كون هذا الباطل ضمن ما تؤمن به الأغلبية, فعلى المسلمين حقا ان يأخذوا حذرهم من هؤلاء المضليين الذين – و بلا أدنى شك- يبغونها عوجا.
يقول الله تعالى؛
"وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ " (سورة الأنعام ، الآية 116 )

ميارى 5 - 6 - 2010 03:51 AM

الباب الثانى
حقائق مهمة مهملة من قبل المسلمين النشؤيين



فى الفصل السابق من هذا الكتاب، تعرضنا لحقيقة اعتقاد بعض المسلمين فى صحة نظرية داروين، و كيف أن هذا قد يكون نتيجة قلة الوعى بآخر التطورات العلمية التى تثبت عدم صحة هذه النظرية.

فإن هذا النقص فى الوعى يؤدى إلى استمرارية اعتقاد هؤلاء المسلمين فى صحة هذه النظرية و ذلك من خلال قبول الأفكار و المعتقدات التى ينفيها العلم.

علاوة على ذلك، فإن الاعتقاد فى صحة ما تروج له هذه النظرية، يتضمن بداخله تجاهل العديد من الحقائق الخطيرة، و من هذه الحقائق المهملة، كون البنية التحتية لنظرية النشوء تعكس عقلية وثنية تعزى الألوهية إلى الصدفة والحوادث الطبيعية و تولد الكثير من الكوارث، كالاضطهادات و النزاعات و الحروب و غير ذلك مما لا يحمد عقباه من الصراعات.

فإن هذا الفصل من الكتاب سيركز – بمشيئة الله – على الحقائق التى قد تجاهلها المسلمون المؤمنون بنظرية داروين، و كذلك على دعوتهم إلى التوقف عن تأييد هذه العقلية الوثنية التى تزود الفكر المادى الإلحادى بالأساس اللازم لقيامه.
نظرية النشوء إحدى الأفكار الوثنية القديمة
http://www.harunyahya.com/arabic/boo...patible/29.jpg
A picture showing Thales' (d. 546 bce) idea of a flat Earth floating on water. The picture shows air and fire, two of Earth's four basic elements.
على عكس ما يدعيه مؤيدو نظرية داروين، فإن النشوء و الارتقاء ما هى إلا عقيدة وثنية لا نظرية علمية.
فإن فكرة النمو و الارتقاء هذه ظهرت أولا فى المجتمعات القديمة كتلك التى كانت فى مصر القديمة و بابل، ثم انتقلت إلى الفلاسفة اليونانيين القدماء.

فسنجد أن الأوثان السومرية تحتوى على عبارات منكرة للخلق و تدعى أن الكائنات الحية قد انبثقت دون أى تدخل كنتيجة لإحدى عمليات التطور التدريجى ، فتبعا للمعتقدات السومرية، فإن الحياة نفسها قد نشأت من اضطراب وتهيج المياه.


و نجد أن المصريين القدماء فى إحدى عصورهم – مثلهم كمثل السومريين – قد اعتقدوا فى كون المخلوقات كلها قد نشأت من الطين، و كان ذلك يعد جزءا هاما من ديانتهم الخرافية أنذاك، و التى كانت تنكر بالطبع وجود
الله الخالق.

و نجد أن أهم ما يدعيه الفلاسفة اليونانيون: إمبيدوكليس (القرن الخامس قبل الميلاد) و طاليس ( 546 ق.م.)

و أناكسيماندير (من بلدة ميليتاس) أن أولى الكائنات الحية قد نشأت من تلك غير الحية كالهواء و النار و الماء.

فتلك النظرية قد افترضت أن الكائنات الحية الأولى قد نشأت فجأة فى الماء، و أنه بعد ذلك، تركت بعض هذه الكائنات سكنى الماء و سكنت الأرض.
http://www.harunyahya.com/arabic/boo...anliyor28a.jpg
Some philosophers, such as Empedocles (d. fifth century bce), believed that Earth was composed of four elements: earth, air, fire, and water. In this seventeenth-century illustration, the four elements are symbolized as rings around the sun.
و يؤمن طاليس أن المياه هى مصدر كل حياة، و أن النبات و كذلك الحيوان بدأت من تطورالماء، و أن البشرية كانت هى الناتج النهائى لهذه العملية.

و يرى أناكسيماندير و هو أحد الفلاسفة المعاصرين لطاليس - وفىالوقت نفسه يصغره سنا - ، أن الإنسان قد نشأ من الأسماك، و أن مصدر الحياة قد نشأ بما أسماه "الكتلة الأساسية".

و تعتبر قصيدة أناكسميندير عن الطبيعة أولى الأعمال الفكرية المتاحة والمبنية على نظرية النشوء و الارتقاء.
ففى هذه القصيدة الشعرية يصف أناكسيماندير كيفية نشوء المخلوقات من مادة طينية لزجة قد جففتها الشمس. و لقد اعتقد أن الحيوانات الأولى كانت مغطاة بالقشور الشائكة و أنهم كانوا يعيشون فى البحار.

و كيف أن هذه الحيوانات الشبيهة بالأسماك قد تطورت بالتدريج، حيث انتقلت إلى العيش على اليابس بدلا من البحار، و سقطت قشورها، و صارت بشرا فى نهاية الأمر.
(لمزيد من التفاصيل انظر " ديانة نظرية داروين " لهارون يحيى, مطابع أبو القاسم , جدة , 2003).

و تعد نظرية أناكسيماندير اللبنة الأولى في البناء الحالي لنظرية داروين, لما فيها من متشابهات كثيرة مع نظرية داروين.


أما عن إمبيدوكليس , فلقد عمل على تجميع الآراء التي سبقته, و قدم اقتراحا مضمونه أن العناصر الأولية كالماء و الهواء و النار قد تجمعت مع بعضها البعض لتكوين أجسام.

كما أنه اعتقد في كون الإنسان قد تطورمن أصل نباتي, و أن الصدفة وحدها قد لعبت دورا في هذه العملية.
وكما قد تم ذكره من قبل, فإن هذه المبادىء هي الأساس الأولي الذي بنيت عليه نظرية داروين.

و لقد ادعى هراقليطس Heraclites (القرن الخامس ق.م.) أن هذا الكون كان في حالة تغير دائم, و لذلك فهو لا يرى أية أهمية للسؤال- و الذي وصفه بالخرافي- عن كيفية نشأةهذا الكون و رجح كون هذا الكون لا بداية له ولا نهاية.

و بدلا من كل ذلك فإنه- و ببساطة- يرى أن هذا الكون كان موجودا وبدون مسبب.

و باختصار, فإنه أضحى واضحا أن المذهب المادي و الذي يعتبر من الدعائم الأساسية لنظرية النشوء قد كان موجودا في الحضارة اليونانية القديمة.
و من الحقائق التاريخية أيضا, أن فكرة التطور التلقائي كانت مؤيدة من قبل الكثير من الفلاسفة الإغريق الآخرين,

و على وجه الخصوص-
Aristotle ( 22-384 B.C ).
و مضمون هذه الفكرة, أن بعض الكائنات و خاصة بعض الديدان و الحشرات و كذلك النباتات قد وجدت من تلقاء نفسها في الطبيعة, و من ثم لم تكن في حاجة الى المرور بأية مرحلة من مراحل التخصيب أو التلقيح. و لقد قام Maurice Manqua و الذي اشتهر بدراسته لأفكار Aristotle عن التاريخ الطبيعي, بتحليل بعض معتقدات و أفكار Aristotle في هذا المجال, حيث قال( Maurice ):
" إن اهتمام Aristotle الشديد بأصل هذه الحياة قد أدى به الى الإيمان بالتطور التلقائي للكائنات غير الحية حتى أصبحت كائنات حية, و ذلك حتى يكون بإمكانه تبرير العديد من الوقائع التي لم يكن بمقدوره تبريرها بأية طريقة أخرى".
من خلال الملاحظة الدقيقة, فمن الممكن رؤية تشابهات كبيرة ما بين أفكار المفكرين النشؤيين القدماء و ما بين أقرانهم من المعاصرين.

و تعتبر جذور المبدأ المادي التي نجدها جلية الوضوح في الحضارة السومرية الوثنية, أن هذا الكون لا بداية له و لا نهاية , و أن هذه الحياة قد انبثقت من اللا حياة و بمحض الصدفة, كما أنها كانت شائعة ما بين المفكرين الإغريق الماديين, و نجد كذلك أن هاتين الفكرتين النشؤيتين- القديمة و المعاصرة- لهما نفس الأسس على الرغم من البعد الزمني, و هذه الأسس تنحصرفي الإدعاء بأن هذه الحياة قد نشأت من الماء و "الكتلة الأساسية", و أن الكائنات الحية إنما تنشأ نتيجة الصدفة فقط.

و من هنا نجد أن النظرية التي يؤيدها المسلمون, إنما هي نظرية قديمة مهجورة, تمتد جذورها الى أفكار عتيقة قد تم إثبات عدم صحتها من جميع النواحي, لاسيما الناحية العلمية.

وعلاوة على ذلك, فإن هذه الأفكار تحتوي علي معاني وثنية وأخري إلحادية قد تم طرحها في بادئ الأمر من قبل مفكرين ماديين يؤمنون بالمذهب المادي.

في حقيقة الأمر, فإن مبدأ النمو و الإرتقاء لا يقتصر على الحضارات السومرية القديمة أو الفلاسفة الإغريق وحدهم, بل إنه قد امتد الى بعض المعتقدات الدينية المعاصرة كالكنفوشية, و البوذية و الTaoism .

بمعنى أخر, فإن نظرية النمو و الإرتقاء, إنما هي نظرية معادية للعقيدة الإسلامية.

فبعض المسلمين النشؤيين وعلى الرغم من تعارض النمو و الإرتقاء مع العلم يزعمون تأييد القرآن الكريم لنظرية داروين, و يستندون استنادا خاطئا لبعض الآيات القرآنية لإثبات ما يدعون, كما أنهم يدعون كذبا أن نظرية النمو
و الإرتفاء على صورتها التي نعرفها اليوم, إنما كان أساسها علماء و مفكرون مسلمون يؤمنون بما يسمى " بنظرية النشوء الخلقية" و عندما ترجمت أعمالهم إلى اللغات الأخرى من اللغة العربية, ظهرت فكرة النمو و الإرتقاء في الحضارات الغربية, محاولين إيجاد مصدر لهذه النظرية في الإسلام.

إلا أنه و من الأمثلة القليلة التي سبق ذكرها, يتضح لنا أن نظرية النمو و الإرتقاء لا يصح أن تنتسب الى الفكر الأسلامي بأي شكل من الأشكال, فهي لا تتعدى كونها فكرة بدائية يرجع أصلها إلى مجتمعات وثنية قديمة.


و هي نظرية مبنية على أسس و مبادئ مادية, لا أساس لها من الصحة سواء من الناحية العلمية أو الناحية التاريخية.
مبدأ الصدفة يتعارض مع حقيقة الخلق
إن من يدعون عدم وجود أي تناقض ما بين نظرية النمو و الإرتقاء و ما بين العقيدة الإسلامية, إنما قد أغفلوا نقطة في غاية الأهمية, فهم يعتقدون على وجه الخطأ, أن نظرية النمو و الإرتقاء تقوم أساسا على الادعاء بأن الكائنات الحية قد نشأت و تطورت من بعضها البعض.
إلا أن هذا الاعتقاد ليس بصحيح, حيث أن نظرية النمو و الإرتقاء تدعي نشأة هذه الحياة بمحض الصدفة, و عن طريق آلية غير عاقلة.


بمعنى أخر فهم يدعون أن الحياة على كرتنا الأرضية قد نشأت دون خالق و من تلقاء نفسها من مواد غير حية.
فإن مثل هذا الادعاء, ينفي وجود الخالق سبحانه و تعالى منذ البداية, و لذلك فإنه لا يصح على الإطلاق قبول مثل هذا الرأي لأي مسلم موحد.

إلا أن بعض المسلمين ممن يجهلون هذه الحقيقة لا يرون أى ضرر فى الإعتقاد فى صحة هذه النظرية، إعتقاداً منهم فى إمكانية كون الله سبحانه وتعالي قد خلق هذا الكون بتطبيق مبادئ النمو والإرتقاء.

وكذلك فهم قد أهملوا حقيقة أخرى غاية فى الخطورة، وهى انه علي الرغم من محاولتهم إثبات اتفاق نظرية النمو والإرتقاء مع الدين وعدم تعارضهما، إلا أنهم فى حقيقة الأمرإنما يؤيدون ما تدعو إليه هذه النظرية دون غيرها.
وفى الوقت ذاته، فلأن النشؤيين أنفسهم يتجاهلون هذا الأمر تماماً، وذلك خوفاً لما قد يسببه هذا الأمر من رفض المجتمع لنظريتهم، فهم يرون إعتقاد بعض الناس فى كونها ذات صلة بالدين فى صالحهم.


وبالنظر لهذا الأمر كمسلم ورع، وبالتفكر فيه في ظلال القرآن، فسنجد ان مثل هذه النظرية بكل ما تحمله من معان مغالطة لديننا الإسلامي، منافية لتعاليمه، وكل ما هى مبنية عليه من أفكار الحادية، وكونها مبنية أساساً على مبدأ الصدفة، فإنه من المستحيل أن يكون لها أي صلة بالإسلام.

فإن نظرية النمو و الإرتقاء تعتقد-والعياذ بالله- في ألوهية الصدفة و الوقت و المواد غير الحية، و تنسب لقب
" الخالق" لمثل هذه المخلوقات الضعيفة غير العاقلة .

فلا يوجد أي مسلم يمكن أن يؤمن بصحة هذه النظرية المبنية على الأساس الوثني الإلحادي، حيث أن كل مسلم يعلم أن الله - سبحانه و تعالى – هو الخالق الأوحد لهذا الكون، لا شريك له، و أنه جل وعلا قد خلق هذا الكون من عدم، ولذلك فهو يستعين بالعلم و الحجة ليحارب كل المعتقدات و الأفكار التي تتعارض مع هذه الحقيقة.

إن النمو و الإرتقاء عنصر من عناصر المذهب المادي و الذي تبعاً لأفكاره، فإن الكون لا بداية له ولا نهاية، ومن ثم فلا حاجة للإيمان بوجود الخالق سبحانه وتعالي.

فهذه الأبديولوجية المارقة ،تقترح ان هذا الكون وهذه المجرات وهذه النجوم وهذه الكواكب وكل تلك الأجسام السماوية، بما فيها من أنظمة لا يعتريها اي خلل،ولا تشوب توازنها المتكامل شائبة،إنما ناتج عن الصدفة.

وإنطلاقاً من نفس المبدأ، فإن نظرية النمو والإرتقاء تدعي نشأة البروتينات والخلايا في بادئ الأمر- مكونات الحياة الأساسية- من خلال التطور ليس إلا،هذا التطورالذي قد نتج عن سلسلة من المصادفات البحتة.

وهي كذلك تدعي انتساب كل هذه العجائب في الخلق إلي الصدفة، سواءً كانت هذه العجائب تتجلي فى الأرض أو البحر أو السماء.
وعلي الرغم من أن هؤلاء النشؤيين محاطون بكل الدلائل التي تبين وتثبت وجود الخالق سبحانه، بدءاً من أجسامهم التي يعيشون فيها في هذا الكون، فإنهم ينسبون كل هذا الكمال إلي الصدفة والعمليات غير العاقلة.


وبمعني آخر فإنهم يلجأون إلي تأليه الصدفة بدلاً من الله – جلا وعلا- قاصدين نفي وجوده سبحانه والعياذ بالله، إلا أن هذا لايغير من الواقع شئ، فالله هو خالق كل شئ ومالك كل شئ، وهو أول كل شئ، وآخر كل شئ، سبحانه وتعالي عما يصفون فإن علم الله الذي لا حدود له، وإبداعه الذي لا مثيل له إنما يتجلي وبكل وضوح في كل خلقه.

وفي حقيقة الأمر، فإن التقدمات العلمية الحديثة، إنما تعارض وبكل حسم، إدعاءات النشؤيين التي لا اساس لها، بأن الحياة قد نشات من تلقاء نفسها ومن خلال عمليات مصدرها الطبيعة.

فإن التصميم الرفيع في هذه الحياة إنما يظهر وجود خالق ذي حكمة وعلم عظيمين، وهو رب السموات والأ رض وما بينهما.
فحقيقة كون حتي ادق الكائنات الحية علي درجة عالية من التعقيد، يضع أصحاب الفكر الإرتقائي في مأزق، وهي حقيقة كثيراً ما هم انفسهم يقرون بها.

فعلي سبيل المثال، فإن عالم الرياضات والفلك البريطاني الشهير،فريد هويل يعترف بإستحالة كون الصدفة سبباً في نشاة هذه الحياة، حيث يقول:

"فإن إحتمالية كون هذه الحياة قد نشأت بطريقة عشوائية، إنما متناهية الضآلة - بكل ما تحمله هذه الكلمة من معني- إلي الحد الذي يرجح سخافة ومنافاة هذه الإحتمالية للعقل البشري."

http://www.harunyahya.com/arabic/boo...ble/ilkel1.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...ble/ilkel2.jpg
Evolutionists claim that the first living cell came about in the conditions of the primitive Earth, from inanimate substances and the chance effects of natural events.
ونجد أيضاً أن النشؤي Pierre-Paul Grasse يعترف بأن إيعاز هذه القوة الإبداعية إلي الصدفة يعتبر وهما ما بعده وهم, يقول:
"ومع ذلك فإن نظرية داروين أكثر صعوبة وتعقيداً، فإن نباتا واحدا وكذلك حيوانا واحدا قد يحتاج إلي الآلاف والآلاف من الأحداث المواتية حتي يصبح كائناً ذا وجود،ومن ثم فإن حدوث المعجزات سيصبح هو القاعدة، فالأحداث متناهية الصغر من حيث احتمالية الحدوث لن يحول هذا دون حدوثها،فعلي الرغم من عدم وجود قانون معارض لأحلام اليقظة، إلا أن العلم لا يجب أن ينغمس في مثل هذه الأحلام."

فإن هذه الكلمات التي سبق ذكرها، تظهر وبكل وضوح الورطة الفكرية التي وقع فيها أصحاب نظرية داروين، فعلي الرغم من أنهم قد اقتنعوا باستحالة الدفاع عن صحة نظريتهم، وكذلك بعدم مصداقيتها العلمية، إلا أنهم قد رفضوا أيضا ًالتخلي عن نظريتهم، ويرجع ذلك إلي الهوس الأيديولوجي بهذه النظرية.

بعبارة أخري، فإن هويل يكشف عن سبب إيمان النشؤيين بالصدفة، يقول هويل:
"بالفعل، فإن مثل هذه النظرية - كون أن الحياة قد تجمعت بقوي ذكية عليا – شديدة الوضوح، إلي الحد الذي يجعل المرء يتساءل عن أسباب عدم تقبل كون هذه النظرية تثبت نفسها.
فهذه الأسباب نفسية فضلاً عن كونها علمية."
وما يصفه هويل بكونه سبب او دافع نفسي، قد أوجب علي النشؤيين إنكار الخلق.

فكل هذه الأسباب التي تم سردها،ألا تكفي لأن تظهر للنشؤيين المسلمين أن نظرية النمو والإرتقاء ما هي إلا نظرية قد تم تصميمها لإنكار وجود الله سبحانه وتعالي.
http://www.harunyahya.com/arabic/boo...e/hurriyet.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo.../hurriyet1.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo.../hurriyet2.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo.../hurriyet3.jpg
Evolutionists' claim that life formed by itself by chance from inanimate substances is as irrational and illogical as claiming that America's Statue of Liberty was formed by the coincidental coming together of sand and rocks when lightning struck the sea.
الانتقاء الطبيعي والتحول ليس لديهما القوة الكافية لإحداث التطور
إن المسلمين الذين يتجاهلون حقيقة أن نظرية النمو والإرتقاء قد تم إثبات عدم صحتها من الناحية العلمية، يواجهون ورطة أخري، وهي الإدعاء ان المليون ونصف المليون فصيلة من الكائنات الحية قد نشأت نتيجة لأحداث طبيعية غير عاقلة.
طبقاً لما يدعيه النشؤيون، فإن الخلية الأولي قد نشات نتيجة تفاعلات كيماوية في مواد غير حية.


ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أن هذا الإدعاء قد ثبت إستحالته علمياً، وبالإضافة إلي ذلك، فقد فشل بعض الباحثين ممن حاولوا تخليق اللبنة الأولي لهذا الكون وهي البروتين في محاولاتهم، حيث قاموا بتحضير خليط من الغازات مماثل لذلك المكون للغلاف الجوي الأولي للكرة الأرضية، إلا أنهم فشلوا علي الرغم من إجراء هذه المحاولات والتجارب تحت نفس الظروف المناخية.

وبما أنهم قد فشلوا علي الرغم من كل تلك الإمكانات التكنولوجية والعلمية المتوفرة لديهم، فمن اللامعقول واللا منطقي كون هذه التطورات قد نشأت بمحض الصدفة.

ونظرية النمو والإرتقاء تدعي أيضاً أن الحياة قد بدأت بهذه الخلية الأولي والتي إزدادت تعقيداً مع مرور الوقت، وكذلك إشتمل تطورها هذا علي تنوع هذه الخلايا، والتي انتهي بها المطاف إلي تكون الجنس البشرى.

باختصار، فالنظرية تقول أن بعض الآليات غيرالعاقلة لابد وأنها كانت السبب في تطور الكائنات الحية ونشأتها.
فعلي سبيل المثال، فإن الجرثومة الواحدة تحتوي علي ما يقرب من حوالي 2000 نوع من البروتينات، في حين أن الإنسان يحتوي علي تلك التي تخص حوالي 200,000 نوع من البروتينات.

بمعني أخر، فإن عملية أو آلية غير عاقلة واحدة لابد وأنها قد أنتجت الخصائص الجينية اللازمة لحوالي 198,000 نوع جديد من البروتينات بمرور الوقت.
A CELL'S FLAWLESS CREATION
DISPROVES EVOLUTION

http://www.harunyahya.com/arabic/boo...lanliyor18.jpg

Even a single cell, the building block of life, possesses an enormously complex structure. The above picture shows just some of the parts that go into making up a cell. There is an extraordinarily complex and flawlessly planned organization between all of these components. To claim that all of this could have come about by chance flies in the face of logic and scientific discoveries.
فهذا هو ما تدعيه نظرية النمو والإرتقاء، ولكن هل تحتوي الطبيعة فعلاً علي آلية يمكن لها أن تصنع وتطور الخصائص الجينية لأي من الكائنات الحية؟

إلا أن النسخة المستحدثة من نظرية داروين، تأخذ فى إعتبارها عمليتين طبيعيتين أخرتين، وهما الانتقاء الطبيعي والتحول، وذلك بإعتبار آخر ما توصلت إليه الكشوفات العلمية في مجال الجينات.

http://www.harunyahya.com/arabic/boo...lanliyor31.jpg
The evolutionists' imaginary tree of life
فمعني الانتقاء الطبيعي، وباختصار شديد، هو أن البقاء للأقوي الذي يمكنه مجاراة التغيرات في البيئة المحيطة، والفناء للأضعف الذي لا يمكن له التكيف مع البيئة المحيطة.

فعلي سبيل المثال، فإن الانخفاض المستمر في درجة حرارة منطقة معينة علي المدى البعيد نتيحة التغيرات المناخية الطبيعية سيؤدي بالضرورة إلي فناء تلك الكائنات التي لا تستطيع تحمل درجات الحرارة المنخفضة، وبقاء تلك التي تتحمل مثل ذلك التغير المناخي.
وكذلك في حالة الأرانب، نجد أن عامل السرعة هو الذي سيؤدي إلي البقاء، فهي تعيش دوماً تحت تهديد الافتراس

- الحيوانات المفترسة - ولذلك فإن البقاء سيكون للأسرع، ومن ثم ستورث هذه الصفات لما يليها من أجيال.

http://www.harunyahya.com/arabic/boo...le/ktphane.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...e/ktphane1.jpg
There is enough information in one human DNA molecule to fill 1,000 books. This giant encyclopedia has been shown to consist of 3 million letters. The flawless creation in DNA is proof of Allah's infinite power and might.
إلا أنه، وبالتحليل الدقيق لهذه الحالة - حالة الأرانب - نجد أنه لم تتم نشأة أي صفة جديدة في تلك الكائنات الحية، فهؤلاء الأرانب لم يتطوروا إلى صنف آخر من المخلوقات، كما أنهم لم يكتسبوا خاصية جديدة، لذلك لا يمكن القول أن الانتقاء الطبيعي يؤدي إلى النمو والإرتقاء.
ومن ثم، فلا يبقي لأصحاب نظرية داروين المستحدثة سوى ظاهرة التحول، وحتي يمكن قبول إدعاءاتهم، فإن مثل هذه التحولات الخلقية لابد وأن تطور الخصائص الجينية للكائنات الحية التي تخضع لمثل هذه التحولات.


والتحولات، تعرف علي أنها أخطاء في جينات الكائن الحي، نتجت عن التعرض لبعض المؤثرات الخارجية كالإشعاع، أو عن عيوب في الحمض النووي.

وبالطبع فإن مثل هذه التحولات سيؤدي إلي تغيرات في هذا الكائن الحي، إلا أن مثل هذه التغيرات دوماً ما تكون مدمرة.

أو يمكن القول،- من خلال تعريف التحول -، أن التحول لا يطور الكائنات الحية، إنما يضرها.
فإن علم الجينات قد أحدث طفرة غير مسبوقة في كثير من العلوم وذلك في خلال القرن العشرين.


فلقد أثبت العلماء أن التحول، لا يعتبر تغير بيولوجي يمكن الإستناد إليه لإثبات النمو والإرتقاء، حيث تم التوصل لهذه الحقيقة من خلال الفحص الدقيق لبعض الأمراض الناتجة عن الخلل الجيني وذلك في ضوء العلوم سريعة التطور، وهذا بالطبع يتعارض مع إدعاء النشؤيين.

http://www.harunyahya.com/arabic/boo...ble/tavsan.jpg According to natural selection, the strong and those able to adapt to their surroundings survive, while the rest disappear. Evolutionists propose that natural selection caused living things to evolve and resulted in new species. However, natural selection has no such effect; all of the supposed "evidence" presented so far confirms this. http://www.harunyahya.com/arabic/boo...le/tavsan1.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/boo...le/tavsan2.jpg فالتطور في علم الجينات علي وجه الخصوص قد تسبب في الاعتراف بكون التحول سبباً في حوالي 4,500 مرض من الأمراض التي كان من المفترض كونها أمراض جينية وراثية.

وحتي يمكن الجزم بأن التحولات هذه عوامل وراثية، فيجب أن يكون حدوث مثل هذه التحولات في الحيوانات المنوية التي ينتجها الذكور، أو في البويضات التي تنتج عن الإناث، فهذا النوع من التغيرات الوراثية هو الذي يمكن تمريره إلي الأجيال التالية.

فالكثير من الأمراض الوراثية تنتج عن التحولات الخلقية في هذه الخلايا بالذات – المني والبويضات- أما بالنسبة للتحول فإنما يحدث في الأعضاء الأخري كالكبد والمخ وذلك خلال إحدى مراحل النمو، ومن ثم لا يمكن تمريره لما يلي من الأجيال بالوراثة.

ومثل هذه التحولات الخلقية او التحولات المعروفة باسم "البدنية" تسبب العديد من الأمراض السرطانية وذلك من خلال إصابة خلايا الحمض النووي (DNA ) بالتشوه ومن ثم الخلل، ويعتبر السرطان من أحسن الأمثلة التي يمكن ذكرها عند الحديث عن الضرر الذي تسببه التحولات الخلقية أو التحولات الخلقية.

فالعديد من العوامل المسببة للسرطان، كالمواد الكيماوية وكذلك الأشعة فوق البنفسجية ينتج عن التعرض لها الإصابة بمثل هذه التحولات الخلقية.
ولقد استطاع الباحثون مؤخراً التوصل إلي كيفية حدوث مثل هٍذه التحولات الخلقية وذلك بعد الكشف مؤخراً عن نوعين من الجينات التي لها علاقة وطيدة بظهور الأورام السرطانية علي وجه الخصوص، إذا ما حدث أي خلل في وظائفها،

وهذه الجينات بنوعيها ضرورية حتي يمكن للخلايا أن تتكاثر وللجسد أن يجدد خلاياه.


http://www.harunyahya.com/arabic/boo...embinalari.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...mbinalari1.jpg
Just as an earthquake destroys a city instead of developing it, chance mutations lead to sickness, deformity, and handicaps in living things.
فإذا ما تشوهت أو أصيبت إحداهما بخلل ما، تبدأ الخلايا في النمو بدون أي تحكم وتبدأ الخلايا السرطانية في التكون.
ولمزيد من التوضيح، فيمكن مقارنة مثل هذا الموقف بما سيكون عليه الحال إذا ما انكسرت دواسة الوقود أثناء القيادة وكأن السائق مستمر في الضغط عليها إلي أسفل، دافعاً السيارة إلي مزيد من التسارع، وكذلك إذا ما تعطلت الكوابح أثناء سير السيارة، فالنتيجة واحدة، وهي حدوث الإرتطام ودمار السيارة.


وكذلك الحال في الإصابة بالسرطان، فالنمو غير المحكوم للخلايا يؤدي إلي الإصابة بالسرطان ثم إلي الوفاة.
فعندما تتشوه هذه الجينات عند الولادة، كما هو الحال في حالة الإصابة بسرطان شبكية العين، فإن الأطفال المصابة سريعا ما تموت.

إن الضرر الناتج عن مثل هذه التحولات الخلقية لا ينحصر في مثل هذه الأمثلة فقط، فإن الغالبية العظمي لما تم الكشف عنه من إصابات نتيجة مثل هذه التحولات الخلقية الخلقية إنما هي ضارة، والقليل منها فقط المحايد من حيث الأذي أوالنفع.


وعلي الرغم من كل هذا، فإن المؤمنين بصحة نظرية داروين - مشتملاً علي ذلك من هم من المسلمين- إنما يرون في مثل هذه التحولات التي قد تصل إلي حد التشوه، آلية لإحداث التطور في الخلائق.

فإن كانت الفصائل المختلفة قد تطورت من بعضها البعض كما يدعي النشؤيون فكان لابد من ظهور ملايين التحولات غيرالضارة ولأمكن تواجدها في كل الخلايا التناسلية.

فإن العلم ومن خلال إستمراره في التطور والتقدم قد كشف عن ملايين التحولات الخلقية أو التحولات المضرة وما ينتج عنها من أمراض.
وعلي الرغم من ذلك، فإن نظرية داروين إنما تواجه مأزقاً رهيباً، وهي عجز علماء النمو والإرتقاء عن الإستشهاد بأية حالة من حالات التحول أو التشوه والتى قد زودت ما تحتويه الجينات من خصائص جينية وراثية لأي خلق من المخلوقات.


فها هو Pierre-Paul Grasse أحد أشهر علماء الحيوان الفرنسيين بأكاديمية العلوم الفرنسية، يقارن التحول أو التشوه بالأخطاء الإملائية المحتمل حدوثها عند نسخ إحدي الكتابات الخطية.

فمثلها كمثل الحروف المغلوطة، فإن التحولات الخلقية إنما تقلل من المعلومات الوراثية و لا تزيدها، فهي تضر بتلك الموجودة أساسا.
و يذكر "جراسيه" هذه الحقيقة بالطريقة التالية:
"إن حدوث التحولات الخلقية مع مرور الوقت إنما يحدث دون أدنى انسجام أو ترابط.
فهذه التحولات الخلقية لا تكمل بعضها البعض، كما أنها ليست ذات أثر تراكمي ظاهر عبر الأجيال تجاه اتجاه معين.

فهي تعدل مايستمرفي البقاء، ولكن بدون أدنى نظام بغض النظر عن الكيفية.

فحالما يحدث مثل هذا الخلل أو الإضطراب- و لو كان بسيطا - في كائن منظم، ينتج عنه المرض ثم يعقبه الموت.

فليس هناك أي احتمال لأية تسوية أو أي حل وسط ما بين ظاهرة الحياة و ما بين الفوضى."

فإنطلاقا من هذه الحقيقة، و تبعا لما يقوله جراسيه عن هذه التحولات أو التحولات الخلقية، فعلى الرغم من كثرتها، فهي لا تؤدي الى أي نوع من أنواع التطور".
و يمكن مقارنة النتائج المترتبة عن مثل هذه التحولات الخلقية، بتلك الناتجة عن الزلازل، فكما أن الزلازل تدمر المدن، فإن للتحولات دوما تأثيرا سلبيا على النحو ذاته.

وبناء علي وجهة النظر هذه، فإن إدعاءات النشؤيين في شأن التحولات الخلقية أو التحولات الخلقية وماينتج عنها من تطور، لا أساس له من الصحة (لمزيد من التفاصيل، راجع "خداع النمو والإرتقاء" لهارون يحيي، مطابع طه، لندن 1999)


ميارى 5 - 6 - 2010 04:05 AM

أبحاث الحفريات تثبت الخلق

إنطلاقا مما قد سبق ذكره من حقائق بخصوص نظريتي التحول والانتقاءالطبيعي، فإن التقدم العلمي قد أثبت عدم إمتلاكهما لأية قوي مؤثرة على تطور أو نمو الكائنات الحية.

وبما أن الآلية التطورية لا وجود لها، فمن ثم لا يمكن وأن يكون قد حدث تطور للكائنات في الماضي.
إلا أن النشؤيين مصرون على كون الكائنات الحية قد تطورت على مر ملايين السنين عن طريق عملية تدريجية.

فخطأهم منحصر بين طيات هذا المنطق، فبافتراض صحة ما يدعون إليه، لظهرت لنا العديد من الأشكال الإنتقالية لكثير من الكائنات الحية خلال الإطار الزمني المطروح ، ليس هذا فقط، ولكن لظهر لنا ما يثبت تلك الأشكال المرحلية من خلال الحفريات المعنية بتلك الحقبة الزمنية.

http://www.harunyahya.com/arabic/boo...patible/01.jpg
For example, evolutionists claim that starfish evolved into real fish over millions of years. According to that claim, there must exist many transitional forms between the two species. However, not one fossil belonging to any such transitional form has ever been found. There are starfish and fish in the fossil record, but no forms between the two.
وتعد إدعاءات النشؤيين - غير المنطقية - جلية الوضوح في جميع الأحوال.
فلنأخذ في الاعتبار تطور الكائنات البحرية - كالأسماك على سبيل المثال - والتي يدعي النشؤيون تطورها من كائنات لا فقارية كنجم البحر أو الديدان البحرية.

فإن كان هذا الفرض صحيحا لوجدنا حفريات تدل على وجود كائنات تمثل مرحلة إنتقالية ما بين اللافقارية والفقارية، والتي تعد وبلا جدال ضرورة لحدوث مثل هذا التحول من الصورة اللافقارية الأولى ووصولاً إلي الصورة الفقارية النهائية التي نراها اليوم.

إلا أنه وبالرغم من عثور العلماء على العديد من الحفريات لكائنات فقارية وأخرى لكائنات لا فقارية، فإنه لم يتم العثور أبدا على حفريات لكائنات إنتقالية ما بين النوعين.

وهذا الإنعدام لمثل هذه الحفريات، إنما يثبت أن التطور لم يحدث على الإطلاق.

( في الحقيقة، فإن ظهور أولى الأسماك على الكرة الأرضية إنما كان في نفس الحقبة الجيولوجية لتلك التي ظهرت فيها الكائنات اللافقارية المركبة، فحفريات الأسماك تعود إلى 530 مليون سنة مضت، فخلال هذه الحقبة الزمنية المعروفة بالعصر الكامبري "
Cambrian Age " ، ظهرت أكبر مجموعات الكائنات اللافقارية بشكل عشوائي في الكرة الأرضية).
فعلى الرغم من كون النشؤيين ذوي دراية تامة بذلك، إلا أنهم يلجأون إلى أساليب الخطاب الشعبي والدلائل المزيفة لجعل العامة يؤمنون بنظريتهم.

وحتى داروين نفسه، فلقد علم ان سجل الحفريات لا يؤيد نظريته، فلم يكن باستطاعته سوى أن يأمل في ان تقوى شوكة نظريته، وان تظهر حفريات تلك المراحل الانتقالية المفقودة.


إلا أن أتباع داروين في يومنا هذا يفتقدون إلى ذلك الأمل، وذلك لأنهم قد اعترفوا بكون سجلات الحفريات زاخرة بالقدر الكافي والذي يمكن الإستناد إليه لإثبات عدم صحة نظريتهم، فهذه الحفريات تصف بدقة متناهية مراحل الخلق وبالتفصيل.

و يقوم الأستاذ نيلسون،- احد أشهر علماء النباتات النشؤيين السويديين من جامعة لوند- بالتعليق على سجل الحفريات، حيث يقول:
" لقد باءت محاولاتي لإظهار كيفية حدوث النمو والإرتقاء، والتي استمرت لأكثر من 40 عاماً بالفشل...


إن المواد الحفرية في وقتنا هذا قد صارت مكتملة تماما حتى أنه أصبح من الممكن إنشاء فصائل جديدة من الكائنات، ولذلك فإن إنعدام السلاسل الإنتقالية ما بين الأجيال المختلفة لبعض الكائنات، لا يمكن إرجاعه إلى ندرة المواد الحفرية، فالعجز حقيقي، ولن يمكن معالجته".

كما ينوه الأستاذ (ت. نيفيل جورج)، أستاذ الباليونتولوجي بجامعة جلاسكو عن عدم التوصل بعد لأشكال الحياة الإنتقالية التي طالما ظل البحث عنها قائما، يقول نيفيل:
" لا حاجة لنا الآن في الإعتذار عن افتقار السجلات الحفرية لما نحتاجه من معلومات.
فلقد أصبحت هذه السجلات زاخرة بالمعلومات بطريقة لا يمكن التحكم فيها في بعض الأحيان، فلقد تخطت الإستكشافات مرحلة التوحد والتكامل وذلك لكثرة هذه الاستكشافات، إلا أن السجلات الحفرية، بالرغم من ذلك، مستمرة في كونها مكونة أساساً من فجوات."


و لقد وصل النشؤيون الى حد الاعتراف بليس فقط كون السجلات الحفرية تعارض نظرية داروين، بل و أنها تؤيد خلق الله سبحانه و تعالى لهذا الكون.

http://www.harunyahya.com/arabic/boo...patible/51.jpg
Not one fossil of any transitional forms posited by evolutionists has ever been found. Throughout history, fish have always existed as fish, birds as birds, and human beings as human beings.
فعلى سبيل المثال نجد عالم الباليونتولوجي (Mark Czarnecki) يعترف بالأتي:
"من العقبات الأساسية التي تقف أمام لإثبات صحة نظرية النمو و الأرتقاء، عقبة السجلات الحفرية ، و هي البصمات التي تركتها الكائنات المنقرضة في التكوينات الجيولوجية للكرة الأرضية".
فهذه السجلات، لم تكشف أبدا عن آثار الأشكال الإفتراضية الوسطية التي تمثل المراحل الأنتقالية ما بين صور الخلق المختلفة، بل على العكس فإن الفصائل المختلفة للكائنات تظهر و تختفي بشكل مفاجئ و بدون ترابط، و هذا الشذوذ في السجلات الحفرية قد ساند بقوة حجة من يؤمنون بأن الله هو خالق هذه الأنواع كلها...

و كما نرى، فإن أنصار نظرية النمو و الأرتقاء يعانون من حالة من الإحباط الرهيب بخصوص موضوع الصور الأنتقالية للكائنات الحية المختلفة. حيث لم تكشف أية عملية تنقيب عن حفريات في أي بقعة من بقاع الأرض عن أدنى أثر لأي شكل من الأشكال الأنتقالية التي أدعى وجودها داروين.

فكل هذه الكشوفات، لإنما تحطم آمال النشؤيين، و تبين كيف أن الكائنات الحية على كرتنا الأرضية قد نشأت فجأة دون تطور، و لا يعتريها أي قصور أو خلل.

و على الرغم من معرفة أنصار داروين أن الأشكال الانتقالية لم تكن أبدا موجودة، إلا أنهم يكابرون و يرفضون أن يتخلوا عن نظريتهم.
كما أنهم يقدمون تفسيرات خاطئة متحاملين على هذه السجلات الحفرية.


في عملِه بحثِا عن زمن سحيق ، هنري جي ، محرّر مجلةِ الطبيعةِ صاحبة الشهرة العالمية ، يَصِفُ كَيف أن تفسيرات السجلات الحفرية هذه إنما هي - في حقيقة الأمر - على درجة عالية من المصداقية العلمية :
" . . نحن نُرتّبُ الحفرياتَ ترتيبا يعكس اكتسابا تدريجيا لما نراه في أنفسنا من خصائص . فنحن لا نبحث عن الحقيقةَ، إنما نَخْلقُها تبعا للواقع ، حتى تتفق مع ادعائاتنا الخاطئة الخاصة . . .
فبأخْذ خَط حفريات معين والادّعاء بأنّها تمثل نسبا ، لَيسَ بفرضية علمية من الممكن أَنْ تُختَبرَ، وإنما هو زعم يحمل نفس مصداقية قصص ما قبل النوم
.
مسلية هذه القصص ، بل وربما تعليمية ، إلا أنها لَيسَت بعلمية".
ولِهذا فإن المؤمنين بالله لا يَجِبُ أنْ ينخدعوا بذلك العبث الكلامي و بذاك البطلانِ المرتدي عباءة العلمِ .
وإنه لخطأ عظيم الاعتِقاد في أنه لمجرد كون بعض الناسِ علماءَ ، أنهم يتفوهون بالحقيقةَ وبأنّه يَجِبُ أَن نصدقهم .
إن علماءِ التطور لَيْسَ لديهم أدنى شعور بتأنيب الضمير تجاه ما يخفونه من وقائع ، وما يُحرّفُونه من حقائقَ علميةَ ، وما يصوغونه من دلائل مزوّرة لخدمة أيديولوجيتهم الخاصة .
إنّ تاريخَ الدارونيةِ ملئ بمثل هذه الأمثلةِ .
وبالأخذ في الاعتبار أكثر الخطوطَ الرئيسيةَ الأساسيةَ للداروينيةِ ، فسيظهر لنا فورا بطلانها وأساسها الفاسد كلياً
.
و بتفحص التفاصيلِ ، فسيصير الموقف أكثر وضوحا .
)
لمزيد من المعلومات ، برجاء مراجعة "خداع التطور" ، "طه" للنشر ، لندن، 1999 و"دحض الدارونية" ، "جود وورد" للنشر، نيودلهي، 2003 (.
وعلى عكس ما يَدّعيه التطوريون ، فأينما ننظر نَرى عظمة في تصميم وتخطيط كل ما للكائنات الحيّة وغير الحية من خصائص .
وهذه إشارة إلى أن الله قد خَلقَهم أجمعين .
يُواصل التطوريون شَنّ كفاحِهم اليائسِ لأنهم لا يُريدونَ أَنْ يَقْبلوا هذه الحقيقةِ .
كمادّيين ملتزمين بحق، فإنهم يُحاولونَ بث الحياة في جثّة هامدة .
كُلّ هذا يُؤدّي إلى استنتاج واحد فقط : تعمل الداروينية على ابعاد الناسَ عن المنطق ، والعِلْم، والحقيقة وتوجّههم نحو اللا عقلانيةِ .
الذين يُؤمنونَ بالتطورِ يرفضون اتباع سبيل المنطق والعِلْمِ ، وينخدعون بتلك الهراءات الخرافية التي بدأت بالظهور مع بداية القرن التاسع عشر( عام 1800 ) عندما كان داروين حيَّا.
وفي نهاية الأمر ، يَبْدأونَ في الاعتِقاد أن الصدفة يُمْكِنُ أَنْ تَلْعبَ دور الإله، بالرغم من أنَّ الكون كله ملىء بالإشاراتِ الدالة على الخَلْقِ.
وإنه ليكفي أَنْ نتأمل آلية واحدة فقط من الآلياتِ الغير منقوصة الموجودة في السماءِ والبحرِ، في الحيواناتِ والنباتاتِ ، حتى يتسنى لنا رؤية هذه الإشارات.

وللقَول بِأَنَّ كُلّ هذه الإشارات من عمل الصدفة إنما هو إهانةُ للتَفكير، والمنطق، والعِلْم.
المطلوب هوالاعتراف بقدرة الله وعظمته ، ومن ثم الإسلام له سبحانه وتعالى .
إنه لخطأ الاعتقاد في أن تشارلز داروين كَانَ متدينا
جزء كبير من أولئك المتدينين - أصحاب الاتجاه ديني - ممن يَدْعمونَ نظريةَ التطورِ يَقترحُ بأنّ تشارلز داروين كَانَ ذا اتجاه ديني.
إلا أنهم - ومما لا شك فيه - مخطئون ، حيث أن داروين - خلال حياته - قد كَشفَ عن وجهاتَ نظره السلبية تجاه الله وتجاه الدين.

لقد كان داروين بالفعل مؤمنا بالله في فترة شبابِه، إلا أن إيمانه هذا قد بَهتَ وضعف بشكل تدريجي إلى أن حل محله الإلحادِ أثناء فترة أوسّطِ العُمرِ.

http://www.harunyahya.com/arabic/boo...patible/55.jpg
Darwin and the Darwinian Revolution, by the Darwinist historian Gertrude Himmelfarb.
إلا أنه لم يذع هذه الحقيقةِ ، فهو لَمْ يرغب-على وجه الخصوص- في استثارة معارضة زوجتِه المؤمنةِ ، وكذلك أقربائه المقرّبين ، بل والمؤسسةِ الدينيةِ ككل.
في كتابِها "داروين والثورة الدارونية"، تَكْتبُ المؤرخة الداروينية

Gertrude Himmelfarb
:
"إن المدى الكامل لعدم إيمان داروين، من ثم ، لا يُمْكِنُ رؤيته من خلال أعماله المَنْشُورِة ولا من خلال سيرته الذاتيةِ المَنْشُورةِ ، ولكن فقط من خلال النسخةِ الأصليةِ لتلك السيرة الذاتيةِ "
يَكْشفُ كتابَها أيضاً بأنّه عندما كان إبنَ داروين - فرانسيز-عَلى وَشَكِ أَنْ يَنْشرَ كتابه
"حياة ورسائل تشارلز داروين" ، عارضتْ زوجةَ داروين- إيما- المشروع بعنف ولَمْ ترغب في التصديق أوالموافقة عليه ؛ َخوفا من أن هذه الرسائلَ قَدْ تُسبّبُ فضيحة له بعد موتِه.
حذّرَت إيما إبنها مطالبة إياه أن يتخلص من تلك الجزئيات التي تحتوي على إشاراتَ صريحة عن الإلحادِ.

العائلة بأكملها كانت تخشى أن تؤدي إشاعة مثل هذه البياناتِ إلى تلف سمعة داروين

طبقاً لعالم الأحياء
Ernst Mayr ، أحد مؤسسي الدارونية الحديثة؛
" من الواضح أن داروين قد فقد إيمانه في الفترة ما بين عامي 1836-1839 قبل قراءته لمالثوس.
وحتى لا يؤذي مشاعرَ أصدقائِه وزوجتِه، استعملَ داروين أسلوبا لغويا ربانيا - دون الانتماء لدين معين - في أغلب الأحيان في منشوراتِه، إلا أنه يوجد الكثيرَ في دفاترِ ملاحظاته ما يُشيرُ بأنّه كَانَ قَدْ أَصْبَحَ 'مادّيا' في ذاك الوقت "
لقد كان داروين دائماً آخذا في الاعتبار ردود أفعال عائلته، وعلى مدى حياته كان يخفي وبكل حرص و عناية أفكارَه عن الدينِ.
ونقلا عن داروين نفسه، أن سبب هذا هو أن :
"منذ سَنَوات عديدة مضت كان قد نصِحني بقوة أحد الأصدقاء بعدم تقديم أيّ شئَ خاص بالدينِ في أعمالِي؛ و ذلك إذا ما رغبت في تَقَدُّم العِلْمِ في إنجلترا ؛ ولقد أدى هذا إلى أنني قد أغفلت الصلاتَ المتبادلةَ بين الموضوعين.
ولربما تَصرّفتُ بشكل مختلف ، إذا ماكانت لدي القدرة على الرؤية المستقبلية لما كان سيؤول له العالم من تحرر."
وكما يُمْكِنُ أَنْ نَرى مِنْ الجملةِ الأخيرة ، فلو كان داروين واثقا من أنه لَنْ يَجْذبَ أي ردِّ فعل، لَرُبَّمَا كان أقل حذرا ً.
عندما اقترح كارل ماركس (1818-1883) أن يهدي كتابه
Das Kapital ( العاصمة ) إلى داروين، رَفضَ داروين هذا الشرف بكل حزم على أساس أنَّ هذا سيَؤذي بَعْض أفرادِ عائلتِه إذا ما ارتبطَ إسم داروين بمثل هذا الكتابِ الإلحاديِ

على أية حال، فإنه ما زال من الممكن أن نفهم موقفَ داروين من المفاهيمِ والاعتقاداتِ الروحانيةِ من خلال كلماتِه هذه إلى ابنِ عمه:

"بالنسبة إلي ، فإن المشاعر الإنسانية في نفس ضآلة بعض الجراثيم الموجودة في أجساد الحيوانات"

عارضَ داروين أيضاً التوجيه الديني للأطفالِ من منطلق ضرورة تحريرهم من الإيمان النابع من الدين
يعتبر التطوريون المعاصرون ِوجهاتِ النظر المعادية للدين هذه نوعا مِن التراثِ.


كما يعارض التطوريون الجدد بكل عنف تدريس المفاهيم الخلقية creationism في المَدارِسِ ، تماما كما كان داروين يرغب في عدم تعرف الأطفال على الله - الإله - أثناء فترة التعليم.

فهم يحاولون بكل نشاط كسب التأييد العالمي لهم حتى يمكن إزالة فكرة الخلق من المناهج التعليمية .

إلحاد داروين وجُهود إخْفائه
يقول داروين عن نفسه في إشارة منه إلى ما يعانيه من نقص إيماني ،
"بدأ الكفر بالله في الزَحف علي بمعدل جد بطىء ، إلا أنه اكتمل أخيراً "
يَصِفُ الكتاب نفسه كَيف أن والد تشارلز داروين قد خلا به نجيا عندما كان - أي تشارلز داروين - عَلى وَشَكِ أَنْ يَتزوّجَ وأوصاه بإخفاء شَكَّه الدينيَ عنْ زوجتِه.
على أية حال، فإن إيما كَانتْ مدركة لحقيقة إيمانِه المستمر التّناقصِ منذ البداية.
عندما تم طرح كتابه " انحدار الإنسان " ، اعترفتْ إيما إلى إبنتِها بخصوص مشاعرِها تجاه الكتاب معاداته للدين:

"سأكره هذا الكتاب كثيرا حيث أنه ثانيةً ينحي الله بعيدا أكثر"
وفي رسالة كَتبَها سنة 1876، ذكر داروين كيف أن إيمانه قد صارأضعفَ:
"… هذا الاستنتاج (الإيمان بالله ) كَان قويا لدي - بقدر ما أَتذكّرَ - عندما كنت أكتب
"أصل الأنواعِ" ؛ وإنه - ومنذ ذلك الحين - قد بدأت هذه الفكرة في الاضمحلال التدريجي جداً، والمصحوب بالعديد من التقلّباتِ..."
وفي الوقت نفسه ، وَجدَ أن ضرورة امتلاك أي شخص آخر معتقدات ذات طابع ديني يعتبر أمر شاذ ، وقال أن هؤلاء الناسِ، والذين يعتقد أنهم قد تطوّروا مِنْ حيواناتِ بدائيةِ، لا يَستطيعونَ أَنْ يثقوا بتلك الإعتقاداتِ:
"هل يمكن لعقل بهذا الانحطاط كالذي يمتلكه الإنسان و الذي - كما أعتقد تماما - قد انحدر من ذلك العقل الذي تمتلكه أكثر الحيوانات انحطاطا، أن يوثق به عندما يتعلق الأمر بالتوصل لمثل هذه الإستنتاجاتِ الكبيرةِ ?"
السبب الأساسي وراء إلحاد داروين , وإنكاره وجود الله هو الكبر والتفاخر.
و يُمْكِنُ رؤية ذلك من خلال البيان أدناه :

"من منطلق وجود إله واحد عالم لكل شىء و قادر على كل شىء وهو الذي يأمر وينهى ، فإنه أمر مسلم به ، إلا أنني - وبكل صدق - أجد صعوبة في التسليم بمثل هذا الأمر."
في مخطوط يدوي قصير ملحق بقصّةِ حياتِه ، كَتبَ:
"لاأَشْعرَ بأي ندمِ لارتكابي أيّ ذنب عظيم"
تصريحات داروين الإلحادية المنكرة لوجود الله ودينه إنما تتبع في الحقيقة منطقا إلحاديا كلاسيكيا.
تصِفُ إحدى الآيات القرآنية كيف أن أولئك الذين يُنكرونَ اللهَ إنما يُدركُون في الحقيقة بأنّه موجود إلا أنهم له ناكرون تكبّرا:

"وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ " (سورة النمل ، الآية 14)
إنّ أكثرالنقاط أهميةً هنا هي: كَانَ لإلحاد داروين الأثرُ الأعظمُ في تَشكيل نظريتِه.
فلقد زور الحقائقَ، والملاحظات، والبراهين حتى يبقي على ادعائه بأنّ الحياةِ لَمْ تُخْلَقُ. عند قرأُة "أصلَ الأنواعِ" ، نجد وبشكل واضح كَمْ أن داروين قد استعصى عليه إنكار كُلّ دليل على الخَلْقِ.

(وعلى سبيل المثال : -، التراكيب المعقّدة في الكائنات الحية ، وكَيف أن السجلات الحفرية تشير إلى الظهورِالمفاجئِ للحياة ، والحقائق التي تُشيرُ إلى حدود التباين الكبيرالذي يمكن أن يكون في الكائنات الحية في الطبيعة) ، وطريقة تأجيله تفسير تلك الأشياءِ التي لم يتمكن من تفسيرها آنذاك قائلاً :
"ربما ستفسر هذه المسألةِ يوما ما في المستقبلِ."
فلو كان داروين عالما محايدا ، لما أظهر مثل هذا الاستبداد.

وأسلوب داروين الخاص ومناهجه تبين أنّ داروين كَانَ مُلحداً وأنه قد أسس نظريتَه على الإلحادِ.

وفي الحقيقة ، فعلى مدى ال150 سنة الماضية ، أيد الملحدون داروين ودعمته عقائد غير متدينة تحديدا بسبب إلحادِه .

ومن ثم فباعتبار حقيقة إلحادِ داروين ، فالمسلمون لا يَجِبُ أنْ يرتكبوا خطأ الاعتقاد في كونه متدينا، أَوحتى الاعتقاد في عدم كونه معارضا للدينِ ، ومواصة دَعْمه ، نظريته ، وأولئك الذين يفكرون بنفس أسلوبه.

فهم إذا ما فعلوا هذا ، يكونون قد حذوا حذو الملحدين.

Darwin admitted to being an atheist in his letters and autobiography.
قادتْ الدارونيةُ الإنسانيةً مِنْ كارثةِ إلى كارثةِ
http://www.harunyahya.com/arabic/boo...patible/61.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...atible/61a.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...atible/61b.jpg في بِداية هذا الكتابِ، رَأينَا كَيفَ أن التطوريين المسلمين قد صوّرُوا الدارونيةً على أنها حقيقةَ علمية مثبتة مُهملينَ بذلك وجهَها الحقيقيَ.

الدارونية، والتي منحت الفاشية والشيوعية- أكثر أيدولوجيات القرنِ العشرينِ دموية - دعما "علمياً" ، لَها كذلك وجهُ "حقيقيُ" آخر أكثر ظلمة.

هذه الأيدولوجيات، التي وَصلتْ إلى أعنف قُمَمها أثناء القرن السابق - القرن العشرين- ، كَانتْ مسؤولة عن الثوراتِ الشيوعيةِ والإنقلابات العسكرية الفاشيةِ المعروفة باسم Coups D'etat ، أضف إلى ذلك القتال ، والنزاعات، والحروب الأهلية ، وتقسيم العالمِ إلى كتلتين.
مثل هؤلاء الدكتاتوريين الدمويِن أمثال "لينين" ، و"ستالين" ، و"ماو"، و" بول بوت"، و"هتلر" ، و"موسوليني"، و"فرانكُو" قد ترك كل بصمته الدموية.


حوالي 120 مليون نسمة ماتوا كنتيجة لوَحْشيَّةِ الأنظمةِ الشيوعيةِ وحدها، ونجد كذلك أن الحربين العالميتين وحدهما قد كلّفتَا البشرية حوالي 65 مليون روح.
كَانتْ الحرب العالمية الثانية، التي بَدأتْ بإحتلالِ هتلر لبولندا في 1939، كارثة حقيقية للإنسانيةِ. ( لمزيد من التفاصيل برجاء مراجعة " الكوارث التي جلبتها الداروينية للبشرية"
Al-Attique Publishers Inc., Ontario, 2001
و " الفاشية : أيديولوجية الداروينية الدموية " Arastirma Publishing, Istanbul, 2002
، هارون يحيى )


و يُمْكِنُ العثورعلي الدارونية في الجذورِ الأيديولوجيِة لكُلّ هذه الكوارثِ الأخلاقيةِ والإقتصاديةِ والسياسيةِ ، حيث أنها تغذّي وتقوّي كلّ واحدة منها.
الشيوعية، والفاشية، والدارونية
ذَكر َكارل ماركس وفريدريك إنجيلز-الآباء الروحيون للشيوعيةِ- في أعمالِهم كَمْ أن الدارونيةِ أَثّرتْ عليهم.

أظهرماركس تعاطفه تجاه داروين بأن قدم إليه نسخة من كتابِه Das Kapital ، الذي كَتبَ فيه مُلاحظة شخصية. حَملتْ الطبعةُ الألمانيةُ كذلك الرسالةُ التاليةُ والتي كتبها ماركس بنفسه ؛
"إلى تشارلز داروين، مِنْ معجب حقيقي، مِنْ كارل ماركس."
كَانتْ للدارونية من الأهميةِ بالنسبة للشيوعيةِ أنه بمجرد أن نُشِرَ كتاب داروين، كَتبَ إنجيلز إلى ماركس قائلا :
" إن داروين ، الذي أَقْرأُه الآن ، ببساطة، رائع "
اعتبرَ الشيوعي الروسي البارز Georgi Valentinovich Plekhanov الماركسيةً " تطبيق الدارونية في العلومِ الاجتماعية "35


يقول Heinrich von Treitschke ، المؤرخ الألماني العنصري ، و مستشار هتلر الأيديولوجي الأكثر أهميةً :
"إن الأمم لا يمكن أَنْ تَزْدهر بدون منافسةِ حادّةِ ، مثل صراع داروين من أجل البقاءِ "
وهكذا يُشيرُ إلى أصلِ العنفِ في جذورِ النازيةِ.
هتلر نفسه كَانَ داروينيا .


َومن وحي مفهومِ "الصراع من أجل البقاء" المستخدمَ مِن قِبل داروين ، سمى هتلرعملَه الخاصَ الشهير َ، Mein Kampf
( صراعي ).


في عام 1933 و في أحد التجمعات الحزبِية الاحتفالية بنوريمبيرج، أعلنَ هتلر الآتي:
" إن الجنس الأعلى من حقه أن يُخضع لنفسه جنساً أدنى منه … وهذا حقّ نَرى ممارسته في الطبيعةِ المحيطة بنا والذي يُمْكِنُ إعتباره الحقَّ المعقولََ الوحيد ، وذلك لأنه قد أُسّسَ على العِلْمِ "
وهذا يظهر مدى تُأثّره - أي هتلر - بداروين.

وكذلك موسوليني، زعيم الفاشيةِ الإيطاليةِ ، كان يفَضَّل الداروينية نظرا لما تحويه من مباديء ومعتقدات وحاولَ استعمالها لتَبرير إحتلالِ إيطاليا لإثيوبيا.

فرانكُو، الدكتاتورالإسباني في ذَلِك الوَقت، نجده قد طبق مبادىء الداروينية نظريا و عمليا كليهما.
( راجع "الفاشية : أيديولوجية داروينية دموية"
Arastirma Publishing, Istanbul, 2002 ، هارون يحيى )
وبالقول بأنّ الحياةِ معركة وبأنّ الأقوياء قد قُدّر لهم أن ينتصروا في تلك المعركة وأن الضعفاء قد حكم عليهم بالخسارة ، فَتحَ داروين بذلك الطريق إلى استخدام القوةِ الوحشية ، والعنف، وإلى اندلاع الحروب، ونشوب النزاعات ، وانتشار المذابح على نطاق واسع.

والدكتاتوريون الذين اضطهدوا الناسَ ، سواء في داخل البلاد أو في خارجها ، كَانوا مُلهَمين جداً بالدارونيةِ إلى درجة أنهم قد ارتدوا عباءة تعاليمها .


من وجهة نظرهم ، فإن قانونَ الطبيعةِ يَتطْلبُ أنّ يسحق الضعيف ويحطم ، وأنه بما أن الناس قد تطورت من الحيوانات فإنهم لا يجب أن يتوارثوا أي مبادىء أخلاقية إيجابية.

عنصرية داروين
تعتبر عنصرية داروين إحدى أهم الصفات - وفي الوقت نفسه أقلها شيوعا بين الناس - التي يتسم بها داروين : اعتبرَ داروين الأوروبيين البيض أكثر "تقدماً" مِنْ الأجناس البشرية الأخرى.

بافتراض أن الإنسان قد تَطوّرَ مِنْ مخلوقات أشباهِ قرود ، فلقد افترض داروين بأنّ بَعْض الأجناسِ قد تطوّرتْ أكثر مِنْ غيرها ، وأنّ هذه الأخيرة ما زالَتْ تحملُ بعض صفات القرود.

في كتابِه، "أصل الإنسانِ" ، الذي نَشرَ بعد " أصلِ الأنواعِ "، علّقَ - أي داروين - بكل جرأة على "الاختلافات الأعظم بين رجالِ الأجناسِ المُختلفةِ"
http://www.harunyahya.com/arabic/boo...nazibayrak.jpg
Racist neo-Nazi movements are spreading to many countries. At the root of such movements is a fascistic hatred of peoples of other nations. Behind this idea lies Darwinism, according to which, the inferiority of some races in comparison to others is very natural.
وفي كتابِه هذا - " أصل الإنسان " - ساوى داروين ما بين الأجناس أصحاب البشرة السمراء وسكّان أستراليا الأصليين وما بين الغوريلات ، ثم افترض بعد ذلك أَنَّ هذه الأجناس سيتم " التخلص منها " مِن قِبل " الأجناس المتحضرة " - على حد تعبيره -بمرور الوقت.
يقول:
"في فترةِ مستقبليةِ ما ، لَيسَت ببعيدَة إذا ما قيست بالقرون ، سنجد أن الأجناس المُتَحضّرة للإنسان - وبشكل شبه مؤكد - سَتُبيدُ وتَستبدلُ الأجناسَ الوحشيةَ في كافة أنحاء العالم.
في الوقت نفسه ، ستباد بلا شَكَّ الكائنات الأشباه آدمية.

ومن ثم ستزداد الفجوة ما بين الإنسانِ وما بين أقربِ حلفائه اتساعا ، حيث سَيَنتقلُ إلى حالةٍ أكثر تَحَضّراً ، كما نَتمنّى، بل وستكون اكثر اتساعا إذا ما حتى قورنت - أي هذه الفجوة - بالتي بين القوقازيينِ وبين قرد منحط كالبابون ، بدلاً مِنْ تلك الموجودة الآن بين الزنجي أَو الإسترالي وما بين الغوريللا"
ولم تقف أفكار داروين الحمقاء عند حد أنها قد صيغت في صورة نظريات ، بل تجاوزت هذا الحد إلى أنها وبالإضافة إلى ذلك قد حازت على درجة من الاحترامِ العلميِ والاجتماعيِ مما مَكّنَها من توفير أهم " أساس علمي " على الإطلاق للتمييز العنصري.

وبافتِراض أنّ الكائناتِ الحيّة قد تَطوّرتْ نتيجة الصراعِ من أجل البقاء ، فسرعان ما تم تطبيق الدارونية في العلومِ الاجتماعية.
تُؤكّدُ هذه العقيدةِ الجديدةِ والمعروفة باسم " الدارونيةِ الإجتماعية " بأنّ الجنس البشري الحاليِ يقع على درجاتِ مختلفةِ من " السلّم التطوّري " ، وأن الأجناس الأوروبية هي الأكثر " تقدماً " على الإطلاق ، وأن العديد مِنْ الأجناسِ الأخرى ما زالَتْ لها صفات القردة.

علاوة على ذلك ، فالدارونية ليس فقط تمهد للهجماتِ العنصريةِ ، بل أنها تَسْمحُ بحدوث كُلّ أنواع الأعمالِ الإنفصاليةِ والتدميريةِ كذلك.

ومبدأ " الحياة صراع " هذا نجده قد خلق حجّةً تستغل في تبرير وَضْع الأناسِ الآخرينِ الذين يَعِيشونَ بسلام في نفس البلدِ في معسكراتِ الاعتقال ، بالإضافة إلى استعمالِ العنفِ والقوةِ الوحشية ، ونشوب الحروب ، والموت ، والقتل.

على أية حال، فالمسلمون الذين يُدركونَ بأنّ اللهِ قد خَلقَهم جميعا وخلق كُلّ شيء آخر، و أن الله قد نفخ فيهم جميعا من روحه ، وأن العالم مكان سلامِ وأخوّةِ ، و أن الناس كلهم سواسية ، وأن كُلّ شخص سَيُعاقبُ في الآخرة عما اقترف في هذه الدنيا من ذنوب ، لا يمكن لهم أن يؤذوا غيرهم من الناس.


فقط أولئك الذين يَعتقدونَ بأنّهم جاؤوا إلى هذا الوجود بِمحض الصُّدفَة ، ويؤمنون بأنّ العالمَ مكان نزاعِ ، لن يشعروا بالمسؤولية تجاه الغير ، و لَنْ يُبالوا بما يعملون ، و يُمْكِنُ أَنْ ينشغل في مثل هذه النشاطاتِ.

ولِهذا فإن المسلمين يَجِبُ أَنْ يحتكموا إلى ضمائرِهم قبل قُبُول الدارونيةِ ، ولِماذا يَجِبُ أَنْ يَفْهموا الثمن الحقيقي لتأييد نظرية العِلْم نفسه يُكذبها.
الضررَ الذي ألحقته الدارونيةُ بالإنسانيةِ جلي الوضوح.


فالمآسي، والمعاناة ، والنزاعات التي تُؤدّي إليها هي أيضا غنية عن التعريف.
كما رَأينَا في من خلال هذا الباب ، فإن الأسلوب المتبع لإقناع الناس بأفكارِ ومفاهيمِ غيرعقلانيةِ وغير منطقيةِ يَجِبُ أَنْ يقنعَنا أن تلك الدارونيةِ خطر بالغ.



ميارى 5 - 6 - 2010 04:18 AM

الباب الثالث
علم خلق الله

حتى الآن ، فقد قمنا بفَحص الخطأَ الخطير الذي يرتكبه التطوريون المسلمونِ الذين يَقْبلونَ الزعمَ بأنّ اللهِ- من خلال النمووالارتقاء- قد خَلْق الكائناتِ الحيّةِ.

وعلى خلاف التطوريين الآخرينِ، فمثل هؤلاء الناسِ لا يَدعونَ بشكل مباشر أنّ الحياة قد ظَهرتْ بمحض الصُّدفَة.

على أية حال، فبالزعم أن الله قد استعملَ التطور في خَلْقِه، فهم بذلك وبشكل إرادي أو غير إرادي ، يَدْعمُون الدارونيةَ في بَعْض النقاطِ.

طبقاً لمنظورِهم الخاطئِ، فإن الله لا بدَّ وقد استعملَ آلياتِ تطوّرية كالتحول والانتخاب الطبيعي.
إلا أن العِلْم قد بَيّنَ أنَّ لا الانتخاب الطبيعي ولا التحول يُمْكِنُ له أَنْ يَخْلقَ نوعا جديدا.

بمعنى آخر، فهاتان الآلياتان لا تمتلكان خواص تطوّريةُ.


أولئك الذين يَدْعمونَ فكرةَ الخَلْقِ التطوّريِ يَزْعمُون بأنّ اللهِ يَستعملُ آلية التحول لتَغْييرالخصائص الجينية الوراثية للكائنِ الحيِّ ومن ثم يتمْكن – أي هذا الكائن الحي - من اكتساب أعضاء ذات وظائف معينة ، أَو بأنه - سبحانه و تعالى - يَخْلقُ مخلوقات في صورة بدائيةَ أولاً وبعد ذلك يطبق الانتخاب الطبيعي لتَحويل تلك المخلوقات إلى مخلوقات أخرى أكثر تعقيداً واكتمالا.

أ
و بمعنى آخر، أن الله - جل و علا - يطبقُ الانتخاب الطبيعي على الكائن الحي إذا ما أراد أن يخلق لهذا الكائن الحي المشار إليه عضوا جديدا ، أوإذا ما أراد لعضو آخر موجود بالفعل أن يضمر ، أَو إذا ما أراد التخلّصُ مِنْ هذا الكائن الحي برمته للتحول من سلالة إلى أخرىِ.
وإنه لمن الطبيعيُ جداً لمن هم غافلون عن آخر التَطَوّراتِ العلميةِ أن يفترضوا مثل هذه الافتراضاتِ ، وخصوصاً إذا ما رغبوا في دَعْم النمو و الارتقاء.


على أية حال، فإن مثل هذه الإدّعاءات تصيرهباء منثورا إذا ما ووجهت بالحقائق العلمية.

علاوة على ذلك، وكما سَنَرى لاحقاً، فإن القرآن لا يَذْكرُ شيئا من هذا القبيل.

وهناك أمر بحاجة إلى توضيح ، وهو أن الله- بالطبع ومما لا شك فيه- كان يُمكنُ له أنْ يطبق النمو و الارتقاء في خَلْقه إذا ما أراد ذلك ، فهو القادر على كل شىء.

إلا أن القرآن - وفي الوقت نفسه - لا يَحوي أي إشارةِ عن التطورِ؛ حيث لا توجد ولو حتى آية واحدة تَدْعمُ إدّعاءَ التطوريين بالظهورِ المرحليِ للسلالات والأنواع المختلفةِ.

والعِلْمُ كذلك يَكْشفُ زيفَ مثل هذا الإدّعاءِ.

وبما أن الموقف في غاية الوضوح ، فإنه لا يمكن لأي مسلم أومسلمة أن يبرر تأييد مثل هذه النظرية.

فالأسباب الوحيدة المحتمل تسببها في الوقوع في مثل هذه الأخطاءِ هي قلة المعلوماتِ، وعقدة النقص عند التعامل مع التطوريين، والاعتقاد في كون التطوريين على حق لمجرد كونهم أغلبية .

ميارى 5 - 6 - 2010 04:25 AM

اللهُ خَلقَ الكونَ مِنْ عدم
يخلق الله كل شىء كيفما شاء ، وقتما شاء ، دون الحاجة إلى التقيد بأيّ نموذج معين .
فالله قادر على أن يخلق ما يشاء ومن العدم.
وذلك لكونه سبحانه المنزه عن أيما عيب والغني عن أيّ حاجة.

فهو لا يحتاج لأيّ سبب، أو أداة ، أَو مراحل لإتمام خَلْقِه.

لا أحد يَجِبُ أَنْ يُخْدَعَ بحقيقة كون كُلّ شيءِ مُرْتبط بأسباب معينة وبقوانين طبيعيةِ.

فاللهَ فوق كُلّ هذه الأسبابِ والقوانينِ، فهو موجدها و خَالقها.


فالله، رب السماواتِ و الأرضِ ، يُمْكِنُ له كذلك أَنْ يذهب بكل هذه الأسبابِ إذا ما أراد ذلك.
فعلى سبيل المثال، فالله قادر على خلق أناسَ لَيسوا بِحاجةٍ إلى الأوكسجينِ للبَقاء، ومن ثم لَيسوا بِحاجةٍ إلى رئتين.

وبأخذ هذا في الاعتبار، فلماذا "يَحتاجُ" الله إذن لتطويرالرئةِ بمرور الوقت من خلال آلية النمو و الارتقاء أَو من خلال أيّ آلية أخرى؟!

ومن ثم ؛ فإن وضع قيود لقدرة الله تبعا لأحاسيس وأفكار البشر إنما هو خطأ فادح.


فنحن لا نحيط بشىء من علمه إلا بما شاء .
فالله قادر على جعل عملية الخلق عملية مرحلية إذا ما شاء ذلك .

فعلى سبيل المثال، فالله يخلق النبات من فلقه الحب والنوى والإنسان من اتحاد الحيوان المنوي مع البويضة.


إلا أن مراحل الخلق هذه ، كما سَنَرى لاحقاً، لَيْسَ لها - على الإطلاق - أي علاقة بالنمو والارتقاء أَو بعامل الصدفةِ.
فكُلّ مرحلة من مراحل نموالنبات ، أَو تحول الخلية الواحدة إلى كائن بشري "في أحسن تقويم" إنما هو بفضل المنظوماتِ المثاليةِ التي خلقها الله القادر على كل شىء.


فلقد شاء الله أن يخَلقَ السماوات و الأرضَ ، وما بينهما، وكُلّ الكائنات الحيّة وغير الحية.

http://www.harunyahya.com/arabic/boo...ible/tohum.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...ble/tohum1.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...ble/tohum2.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...ble/tohum3.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...ble/tohum4.jpg
There are signs of Allah's infinite power and intelligence at every stage of a flower's development. It is Allah, the Lord of all the worlds, Who turns a seed into a beautifully colored flower.
فإن ذلك على الله يسير ، حيث يشير القرآن إلى ذلك من خلال الآيات التالية:
"وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ " (سورة الأنعام ، الآية73)
"إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ " (سورة النحل ، الآية 40)

"هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ " (سورة غافر ، الآية 68)


http://www.harunyahya.com/arabic/boo...le/yumurta.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...myumurtada.jpg
It is Allah's infinite might and wisdom that turns a cell, invisible to the naked eye, into a thinking, speaking, and breathing human being.

فإن الخَلْق على الله يسير.
فكما تبين لنا هذه الآيات فما على الله إذا قضى أمرا إلا أن يقول له كن فيكون .


فالعديد مِنْ الآيات تَكْشفُ لنا أنّ الله قد خَلقَ هذا الكونَ وخلق الكائنات الحية كلها في أحسن تقويم.
وإنه لخطأ غاية في الفداحة والخطورة أن يلجأ بعض المسلمين إلى التفسيرات الملتوية في مواجهة هذه الحقيقة الواضحة -الله سبحانه وتعالى خالق كل شىء في أحسن تقويم - وكذلك أن يدعوا مثل هذه الادعاءات الزائفة الخادعة والتي تحتوي في طياتها على ما يؤول إلى أن الله سبحانه وتعالى قد خلق هذا الكون بتطبيق مبادىء النمو و الارتقاء من تحول وانتخاب طبيعي ومراحل انتقالية ما بين القردة والبشر.


وإنه لمن الخطأ تَقديم مثل هذه التفسيراتِ والتي ليس لها أي دليل في القرآن أَو في العِلْم ، على أمل أَنْ يتقبلنا التطوريون من أنصار داروين.
فاللهُ هو واضع ومصدر كُلّ القوانين في هذا الكونِ وهو الذي يعطيها الشكلَ الذي يَختارُه، وهوالذي يخلق ما يشاء متى يشاء ، وسع كرسيه السماواتِ و الأرضِ ، وهو العلي العظيم المتحكم في كل شىء.

ميارى 5 - 6 - 2010 04:27 AM

وبالرغم من كل ذلك فإن بَعْض الناسِ لا يدركون قدرة الله بشكل كامل ومن ثم يصدرون أَحْكاما بخصوص الله سبحانه استنادا إلى قدراتهم المحدودةِ .

يَكْشفُ اللهُ لنا عن وجود هذه الفئة من خلال الآيات القرآنِية التالية:
"وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ " (سورة الأنعام ، الآية 91)
"مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ " (سورة الحج ، الآية 74)

"وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " (سورة الزمر ، الآية 67)
وعلى عكس ذلك الذي يقترحه الذين يعتقدون في الخلق التطوري ، فالله جل في علاه لَمْ يَخْلقْ في بادىء الأمر قرودا ثم جعل هذه القرود بشرا من خلال أشكالِ انتقاليةِ تفتقد إلى بعض الأعضاء البشرية .

بل بالأحرى، وكما يَكْشفُ القرآن ، خَلقَ اللهَ الإنسان في أحسن تقويم:
"لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ " (سورة التين ، الآية 4)

"خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ " (سورة التغابن ، الآية 3)

تعتبرالآيات أعلاه جزءا مِنْ البراهينِ على أن اللهِ خَلقَ الإنسان في أحسن تقويم ، أي الشكل الذي هو عليه الآن.
وبالطبع، فإن لدى الإنسان العديد من نقاط الضعف ، والتي جميعها تُذكّره بافتقاره إلى ربه.


وتعتبرالعاهات وحالات العجز نَتائِجَا لخَلْق هادف، حيث تعمل كتذكرة لأولئك الذين يَرونَها وكإختبار لأولئك الذين ابتلاهم الله بها.

كسلالات وأنواع، خَلقَ اللهَ كُلّ الكائنات الحيّة بشكل آني وفي أحسن تقويم ، دون الحاجةِ للتطورِ مطلقاً.
وتلك الحقيقةِ الواضحة يكشف عنها القرآن:

"هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ( سورة الحشر ، الآية 24)

ويَصِفُ القرآنُ كيف أن الخَلْق على الله يسير:
"أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيم" ( سورة يس ، الآية 81)

"مَّا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ " ( سورة لقمان ، الآية 28)

ميارى 5 - 6 - 2010 04:28 AM

أشكال اللهِ المختلفةِ للخَلْقِ
نقطة أخرى مهمة أهملتْ مِن قِبل أولئك الذين يُؤمنونَ بالخَلْقِ التطوّريِ وهي أشكالُ اللهِ المختلفةِ للخَلْقِ.
فلقد خلق اللهُ كائنات حيّةَ تَختلفُ بشكل ملحوظ عن البشرِ والحيواناتِ، مثل الملائكةِ والجنّ.

وهذه المسألةِ سَتُناقشُ في الصفحاتِ التاليةِ.

الْمَلائِكَة أُولو أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاث وَرُبَاع
الملائكة كائناتَ دائمة الطاعة لأوامرَاللهِ.
ويَصِفُ القرآنُ خَلْقُهم – أي هذه الملائكة - كالتّالي:
"الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " ( سورة فاطر ، الآية 1)
وكما نَرى مِنْ هذا الوصفِ، فإن أشكالَ الملائكةِ تَختلفُ إلى حدٍّ كبير عنْ تلك التي للبشرِ. يَلفتُ اللهُ الانتباه إلى الأشكالِ المختلفةِ للخَلْقِ في الآية أعلاهِ.
وتبين الآيات أيضاً كَيف أن الملائكة تطِيعُ الله وتمتثل لأوامره:

"وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ
يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " ( سورة النحل ، الآية 49-50)
"لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا " ( سورة النساء ، الآية 172)
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " ( سورة التحريم ، الآية 6)
وبالإضافة إلى ذلك ، فلقد خُلِقتْ الملائكة قبل بني آدم.
وفي حقيقة الأمر فلقد أخبرَ اللهَ الملائكةَ عند خلقه آدم - الإنسان الأول - وأَمرهم بالسجود له.

وفي الوقت نفسه ، فلقد آتى اللهَ النبي آدم، عليه السلام ، علما يختلف عن ذلك الذى آتاه الملائكةِ ، حيث علّمه الأسماءَ كلها.

والملائكة لا تَمتلكُ مثل هذا العلمِ.
وكما يَذْكرُ القرآن :

"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ

قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ"

( سورة البقرة ، الآية 30-34 )
الجنّ مَخْلُوقات مِنْ نارِ
مثلها كمثل الملائكةِ، يَختلفُ مظهرُ الجنّ أيضاً عن بني البشر.
الآيات التالية تبين أن الإنسان خلقَ مِنْ طينِ، بينما الجنّ خُلِقَ مِنْ نارِ:

"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ
وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ "
( سورة الحجر ، الاية 26-27)
"خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ
وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ " ( سورة الرحمن ، الآية 14-15)

وفي القرآنِ، يَكْشفُ اللهَ كذلك عن الغرضِ من خَلْق الإنسِ والجنّ:
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ " ( سورة الذاريات ، الآية 56)
ومما يتضحُ لنا مِنْ هذا ، أنه بالرغم من أن الإنس والجنّ كائناتَ مختلفةَ تمام الاختلاف ، فإن كليهما قد خُلِق لعِبادَة اللهِ وحده بتطبيق القِيَمِ التي وَصفَها لنا سبحانه وتعالى.

فلقد كَشفَ لنا- سبحانه وتعالى - في العديد مِنْ الآيات أنّ الملائكة والجنّ كليهما لَهُما بَعْض الخصائصِ التي تَختلفُ عن الخصائصِ الإنسانيةِ.
فعلى سبيل المثال، كلاهما يمكنه نقل المادة:

"قَالَ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ
قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ "
( سورة النمل ، الآية 38-39)
ويَذكر القرآن كذلك أنّ الجنّ - مثل الملائكة - قد خُلِقَت قبل الانسان.
فعندما خَلقَ الله النبي آدم، عليه السلام، أَمرَ اللهَ الملائكةَ والجنّ أن يسجدوا له.

وبعد ذلك، يذكر أنّ الشيطان من الجنّ:

"وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا " ( سورة الكهف ، الآية 18)
الخَلْق مسألة يسيرة على الله ، فهو القادر على أن يخلق مِنْ لا شيءِ وبدون سببِ مسبقِ. فكما خَلقَ الملائكةَ والجنّ على هيئات مختلفةِ ومِنْ عدم ، فلقد خَلقَ الإنسان أيضا من عدم خلقا منفصلا مستقلا ودون الحاجةِ للتطورِ.

والشىء نفسه يمكن تطبيقُه على الكائناتِ الحيّةِ الأخرى، مثل الحيواناتِ والنباتاتِ.
الله خَلقَ كُلّ هذه الكائنات آنياً ومن لا شيء ودون إخضاعهم لعملية التطور, بمعنى آخر، بدون تَحويل سلالة إلى أخرى.


وكما قد رَأينَا سابقا،َ فإن المراحلَ التي يَستعملُها الله في هذا الخَلْقِ المذَكور سابقا ، لا علاقة لها بصدفةِ النمو والارتقاء أَو الأحداثِ العشوائيةِ، حيث أن كلا منها إنما هي ناتجة عن الأنظمة التي لا خلل بها والتي أنشأها الله - مالك الملك - بقدرته

ميارى 5 - 6 - 2010 04:30 AM

كَيف أن الطين المخلقَة كهيئة الطير قد بث فيها نبي الله عيسى الحياة بأمر الله
وَهبَ اللهُ نبيه عيسى- عليه السلام - قدرات تفوق قدرات البشر الطبيعية في هذه الحياة الدنياِ، كما يرَى في:
"إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " (سورة آل عمران ، الآية 45)

فلقد جاءَ إلى هذا العالمِ بدون أبِّ ، وكان يكلّم الناس في المهدِ ، وكان يشفي المرضى بشكل عجيب معجز.
وعلاوة على ذلك ، فعندما خلق النبي عيسى، عليه السلام ، من الطين كهيئة الطيرونفخ فيه ، دبت الحياة في هذا الطير بإذن اللهِ.

وهذه الحقيقةِ مذكورة في القرآنِ:

"وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ " (سورة آل عمران ، الآية 49)
"إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ " (سورة المائدة ، الآية 110)
فالله قادر على أَنْ يَخْلقَ أيما شىء بشكل تلقائي - إن صح التعبير- وفي التو و اللحظة ، على النحوِ نفسه .
فهذه إحدى معجزاتِه - جل في علاه- وحقيقة غاية في الأهمية لا يجب على التطوريين المسلمين إهمالها.

مثال آخر شبيه يَذْكرُالنبي إبراهيم - عليه السلام - ويبين كَيفَ أن اللهَ يهب للكائنات غير الحية الحياة:

"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (سورة البقرة ، الآية 260)
كَيف أن امرأة النبي زكريا العاقر قد أنجبت
مثال آخر على الخَلْقِ الأعجوبيِ يتعلّقُ بالبشرى التي بشر بها الله نبيه زكريا ، عليه السلام ، إنجاب امرأته غلاما :
"يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا
قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا

قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا "
(سورة مريم ، الآية 7-9)
وكما تبين لنا هذه الآيات السابق سردها ، فإن مسألة الخَلْق مسألة هينة على الله سبحانه الذي لا يحتاج إلى مسببات لإتمام خلقه .
فلقد وَهبَ هذا النبي طفلا ، و بأَمْره " كُن! " صارت زوجة هذا النبي حاملاً وبشكل تلقائي.

يقول الله في تكملة الآية:


"قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا " (سورة مريم ، الآية 9)
أمثلة على البعث بعد الموت في القرآن
الخَلْق والبعث كليَّاً بيد اللهِ ، وكما هو الحالُ بالنسبة للخَلْقِ ، فالله لَيْسَ بحاجة إلى أية مسبباتِ خارجيةِ عندما يتعلق الأمر بالبعث.
وهناك العديد مِنْ الأمثلةِ في القرآنِ الكريم والتي تشير إلى هذا الموضوع.


يَكْشفُ القرآنَ عنّ أَنْ الناسَ سيبعثون من مرقدهم تارة أخرى يوم القيامة وذلك بعد موتهم ودفنهم في هذه الحياة الدنيا:
"ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُورًا "
( سورة الإسراء ، الآية 98-99 )
وكما رَأينَا ، فإن الكفار لا يَعتقدونَ بأنّ الناسِ سَيُعاد خلقهم مرة أخرى بعد مَوتهم وبعد أن صاروا ترابا.
ويُلخّصُ هذا المثالِ الحالةَ بالنسبة إلى نظريةَ التطورِ.


ربنا الله، الذي سَيُعيدُ تكوين أجسامَ الناسِ مِنْ العدم يوم الحسابِ ، قد سبق وأن خَلقَ الإنسان الأولَ أيضاً ، النبي آدم ، مِنْ لا شيءِ.
هذه الآيات مهمة جداً لأولئك الذين يُؤمنونَ بالقرآنِ إلا أنهم وفي الوقت ذاته يصرّونَ -على الرغم من هذا- على الإيمان بأفكارِ التطوريين
.
يقول الله عزوجل:
"وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ" ( سورة الأنعام ، الآية 94)
يُشيرُ القرآنُ إلى بعث الإنسان بعد الموت يوم الحسابِ.
ويُوضحُ بأنّ هذا الخَلْق سَيَكُونُ مثل "الخَلْق الأول".

وكُلّ شخص وبعد أن يكون قد مات و صار ترابا ، سيولد مرة أخرى يم القيامة من خلال إعادة خلقه كهيئة الإنسان .


ولِهذا السبب نفسه فإن عملية الخَلْق الأول للإنسان تشْبهُ عملية إعادة الخلق الإنساني هذه ولا تَتم بشكل مرحلي ، بل تتم بشكل لحظي معجز.
ونجد في القرآنِ العديد مِنْ الأمثلةِ على البعث بعد الموت .


وعلى سبيل المثال ، فلقد شاء اللهُ لقوم النبي موسى، عليه السلام ، أن يمروا بمثل هذه التجربة ، حيث أماتهم الله ثم أحياهم.
وهذا الموقف مَوْصُوفُ في القرآنِ كالتّالي:

"وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ
ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"
(سورة البقرة ، الآية 55-56)
والقرآن يَحتوي على مثال آخريَتضمّنُ قوم النبي موسى ، عليه السلام.
فلقد أمرهم الله أن يضَرْبوا جثّة أحد موتاهم بقطعة لحمِ من بقرة كانوا قد ذبحوها من قبل.

وكما يبين اللهَ لنا في هذه الآية ، فالغرض من مثل هذا الموقف هو إثبات حقيقة البعث لهم وللتأكد من إيمانهم .


وهذا الأمر- وبكل المقاييس - أمرمعجز.
على أية حال، وكما سَنَرى في جزءِ الآية الآتي ذكره ، فلقد ازدادت قلوب هؤلاء القوم قسوة بَعْدَ أَنْ حَدثتْ هذه المعجزةَ:

"وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ
فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ

ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ"

( سورة البقرة ، الآية 72-74)
يضرب اللهُ مثالاً آخر:
"كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ"
( سورة البقرة ، الآية 242-243 )
ويُورد لنا القرآنُ مثالا آخرا : موقف قد واجهُه شخص لم يُؤمنْ بالبعثِ بعد الموتِ.
وطبقاً للآيات ، فلقد أمات اللهَ شخصَا 100 سنةِ وبعد ذلك أحياه بعد الموت.


على أية حال، و بالرغم من مرور كل تلك الفترة الزمنية ، فلقد اعتقد الشخص بأنّه كَانَ ميتَا ليومِ واحد فقط بل ولأقل من ذلك .

وعندما أُخبرَ بالحقيقةَ ، آمن أخيراً، كما نَرى في الآية التاليِة:
"أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ( سورة البقرة ، الآية 259 )
يَتعلّقُ المثالُ الآخر بأصحابِ الكهفِ .
والذي يُميّزُ هذه القصّةِ عن غيرها من القصص بأنّ في هذه الحالةِ، فالمجموعة المشار إليها لَمْ تُقْتَل ، بل ظلت نائمة لفترة أطولِ مِنْ الفترة الطبيعية المعتادة لحياة أي إنسان .


ولقد اشتملت هذه المجموعة على شبابِ مؤمنِ كان قد هجر قومه مريدا مأوى في كهف وذلك لأن قومه كان قد اتّجهَ إلى الشرك باللهِ وإلى عبادةِ الأصنام.

على أية حال، فلقد أنامهم الله بشكل أعجوبي معجزلأكثر مِنْ 300 سنة بداخل الكهفِ ، وكان ذلك على النحوالتّالي:
" فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا " ( سورة الكهف ، الآية 11)
" وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا
قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا "
( سورة الكهف ، الآية 25-26)
على أية حال، فلقد أيقظهم الله بعد فترة من الزمن .
والوصف يَستمرُّ:

"ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى " ( سورة الكهف ، الآية 12-13)

وهم لَمْ يُدركوا بأنّهم كَانوا نائمين كل هذه الفترة الزمنية الطويلة.
وظنوا أنّهم كَانوا نائمينَ لمدّة يوم ، أَو لبضعة ساعات ، ليس إلا ، بينما كَانوا في الحقيقة نياما حوالي ثلاثمائة سنة و ازدادوا تسعا.

الآية موضع السّؤال تقول:

"وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا " ( سورة الكهف ، الآية 19)
مثل هذه الأمثلةِ المذكورة في القرآنِ تبين و بشكل واضح بأنّ اللهِ لا حاجةُ له في أيّة مسببات للخَلْقِ.
سلوك النحل ِ: معضلة لا حل لها بالنسبة للتطوريين
يَكْشفُ الله لنا ومن خلال القرآنِ بأنّه أوحى إلى النحل وأخبرَه بما يَجِبُ عليه عمَله:
"وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ

ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" ( سورة النحل ، الآية 68-69)
وكما نَعْرفُ ، فإن النحلَ يَجْمعُ اللقاح ويصنع منه عسلاً بخَلْطه – أي اللقاح - بإفرازاتِ تفرزها أجسامهِ. وحتى يتمكن من اخْتزان العسل وتربية صغاره ، فالنحل يصنع خلايا شمعِية سداسيةِ الشكل مرتبة ترتيب غاية في الدقة ، ولزواياها نفس القياس ، ومتماثلة بشكل عام.
و يَصنعون أقراصَ العسل باستخدام هذه الخلايا.

وعلاوة على ذلك، فإن النحل الذي يَتْركُ الخليةَ بحثا عن الغذاءِ ويرجعُ إليها مرة أخرى إنما قد أمده اللهَ بأنظمةِ خاصِّة تُمْكِنُه من إيجاد طريق العودة.

وحتى تمتلك حشرة كالنحلة – من تلقاء نفسها - مثل هذه المعرفة بخصوص زوايا المسدسات ، وتكتشف صيغةَ تصنيع الشمعِ ، وتُصمّم الأنظمةَ الضروريةَ لتَصنيعه بداخل جسمِها ، وبعد ذلك تضع مثل هذه المعلوماتِ في حمضها النووي الخاص حتى يتسنى لأعضاء هذه السلالة مستقبلا أن يَمتلكُوا نفس القدراتِ ، بالطبع أمر مستحيل.

وإنه لمن الواضح أن النحل قد عُلّمَ كُلّ هذه الأشياءِ مِن قِبل قوَّة عليا.

بمعنى آخر، فإن مثل هذه المعرفةِ قد أوحى الله بها للنحل ، كما تكشف لنا هذه الآيات.

الله ، الذي وسع كُلّ شىء علما ، يَصِفُ للنحلةِ ما تحتاجُ عمله ، والنحلة بعد ذلك تَتصرّفُ بشكل كامل من وحي هذا الوصف وعلى ضوءِ هذا الإلهامِ الآلهي.

مثل هذا السلوكِ الواعيِ دليلُ واضحُ على الخَلْقِ.

ودراسة مثل هذه الخصائص في الحيواناتِ تَكْشفُ التصميمَ المنزه عن أيما عيب وكذلك عن الوعي الكامل المتأصّلَ في الكائنات الحية.

فإن مثل هذه الأمور- مرةً أخرى - تتيحُ للفرد فرصة فهم أن الله لا يضاهى قدرته شىء.

http://www.harunyahya.com/arabic/boo...tible/ari2.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...tible/ari1.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...atible/ari.jpg

Your lord revealed to the bees: "Build dwellings in themountains and the trees, and also in the structures which men erect.Then eat from every kind of fruit and travel the paths of your Lord, which have been made easy for you to follow." From inside them comes a drink of varying colours, containing healing for mankind. There is certainly a Sign in that for people who reflect. (Qur'an, 16:68-69)
فاللهُ قادر على أن يخلق أيما مخلوق شاء ، و بأية خصائص كانت ، وهو القادر على كل شىء ، و مليك كل شىء.
على أية حال ، فإن التطوريين يعتقدون في أنّ مثل هذه المميزّاتِ والخصائص الإستثنائيةِ التي اختص بها الله بعض مخلوقاته إنما ترجع إلى الصُّدفَة.

وطبقاً لهذا الإدّعاءِ الغيرمنطقيِ ، فإن النحل قد تَعلّمَ حِساب الزوايا بل واستطاعَ أن ينقل هذا العلم إلى غيره من النحلِ من خلال الصُّدفَة.


وطبقاً لهذا الإدّعاء فإن الصدفةُ قد أدت كذلك إلى ظهورِ أنظمةِ جسمانيةِ قادرة على انتاج الشمعِ والعسلِ .
وبمجرد التفكر لثوان قليلة فقط ، يصبح من الممكن رُؤية أن مثل هذه السيناريوهات الخياليةِ أبعد ما تكون عنْ المنطق والحجة والعِلْمِ.

فاللهُ يَخْلقُ النحلَ ويَهبه الوعي.

ومثل هذه المعجزاتِ في الخَلْقِ تَضِعُ التطوريين في موقف محيّر لا يُمْكِنُهُم أبَداً الفرار منه.

ميارى 5 - 6 - 2010 04:32 AM

النبي سليمان كان يفَهمَ لغة النمل
كما أشير إليه في القسمِ السابقِ، فإن التطوريين يَزْعمُون بأنّ الكائنات الحيّةِ إنما هي من عمل الصدفة البحتة والأحداثِ العشوائيةِ.
ففي رأيهم، وعلى الرغم مِنْ حقيقة عدم وجود أي برهان يؤكد هذه الإطروحةِ الخياليةِ، فإن الحيوانات لا تَمتلكَ أي وعي.

وعلى الصعيد الآخر فإنه يوجد الكثير مِنْ الدلائلِ التي تفند إدّعاءاتِهم وتدحضها.


فبالأخذ في الاعتبار الوصف القرآني لما جرى بين النبي سليمان، عليه السلام، و بين نملة .
فطبقاً للآيات ، فالنبي سليمان قد سَمعَ و فَهمَ كلام النملةَ، كما ترُوِي الآيات التاليةِ:

"حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ* فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ " (سورة النمل الآية 18-19)
فكما تُوضحُ هذه الآيات ، فلقد خاطبتْ نملة من النمل باقي النمل .
وبالطبع ، وبافتراض أن هذه النملة ما هي إلا مخلوق "خلق" بمحض الصُّدفَة فإنه لمن المستبعد أَنْ يَكُونَ لدَى هذا الكائن نظام اتصالِ خاص يَسْمحُ له بمُخَاطَبَة عشيرته الخاصةِ أَو إظهار سلوك ما قد يشير إلى امتلاك وعي أو منطقِ.


http://www.harunyahya.com/arabic/boo...e/karinca2.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...e/karinca1.jpg
As revealed in the Qur'an, Allah enabled Prophet Sulayman, peace be upon him, to understand the language of the ants.
فالمخلوق الذي يوجده الله في هذا الوجود بمشيئته سبحانه وتعالى سوف يظهر سلوكاً واعياً على النحو وإلى الحدّ الذي يريده الله.
وإنه لمن المحتمل أيضا التواصل و التخاطب مَع مثل هذا المخلوقِ، إذا ما أراد الله ذلك.


فالحيوانات ، و التي طبقاً لنظريةِ التطورِ، يفترضُ افتِقارها إلى الوعي إنما تكشف سلوكيتها في الحقيقة عن قدر كبيرِ من المنطق والسببية ، كما رَأينَا في هذين المثالين. ونحن َرُبَّمَا لا نَستطيعُ أن نتَوَقُّع أن يدرك الداروينيون طبيعة مثل هذا الموقف الإستثنائي ،
(
وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )

على أية حال، فإن أولئك الذين يَقُولونَ بأنّهم يُؤمنونَ بوجودِ الله وقدرته يجب عليهم أَنْ يُفكّروا حقا بشأن مثل هذه الإشاراتِ، حيث أنها وبكل حزم و وضوح تثبت عدم صحة نظرية النمو و الارتقاء.

هذا و من ثم يبين أنه لا مجال على الإطلاق للدفاع عن النمو و الارتقاء .
معجزة الخَلْق
إن إهْمال حقيقة قدرة الله على الخلق والتدمير يلعب دورا هاما في إيمان بعض المسلمين بالتطورِ.
مثل هؤلاء التطوريين المسلمين متأثرون بالاتجاه الطبيعي ، الذي يزعم بأنّ قوانينَ الطبيعةِ ثابتة وغير قابلة للتغيير ، وبأنّ لا شيءِ يُمْكِنُ أَنْ يَحْدثَ خارج إطار هذه القوانين.


إلا أن هذا يعتبر خطأ جسيم.
والذي نشير إليه بلفظ "قوانين الطبيعةِ" إنما أساسه خَلْق اللهِ وإبْقاؤه المادة في شكل معيّن.


وإنه لمن المستحيل أَنْ تَكُون هذه الخصائص قد انبثقت من تطور المادة من تلقاء نفسها.
وكما قد أوضحَ الله ، فإنه سبحانه وتعالى يُمْكِنُ أَنْ يُعدّلَ هذه القوانينِ في أي وقت كان، بل ومن الممكن له جل وعلا أن يَتصرّف خارج نطاق هذه القوانين.

ونسمي مثل هذه الأحداث بالمعجزاتِ .
http://www.harunyahya.com/arabic/boo...atible/su2.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...atible/su1.jpg وكون بقاء أهل الكهف على قيد الحياة لأكثر مِنْ 300 سنة يعتبر معجزة خارقة لقوانينِ الطبيعةِ.
ويعتبر من المعجزات أيضا ، أولئك الذين أماتهم الله ثم أحياهم بعد ذلك .

يَحْدثُ كُلّ حدث لأن الله أراد له الحدوث.


تلك التي تَحْدثُ في إطار بَعْض القوانينِ الطبيعية أحداث طبيعية ، بينما الأخرى تعتبر معجزاتَ.
والنقطة التي مَنْ الضَّرُوري أَنْ تُفْهَمَ هنا بأنّ قدرة اللهِ لا يحدها تلك القوانين التي خَلقَها الله سبحانه وتعالى بقدرته و مشيئته.


فإذا ما أراد الله فإنه يمكنه أَنْ يَعْكسَ كُلّ قوانين الطبيعةِ تماما.
فإن ذلك على الله يَسير.


وبما أن التطوريين المسلمين قد وقعوا تحت تأثيرالاتجاه الطبيعي ، والذي يعتبر أساس الدارونيةِ ، فإنهم من ثم يُحاولونَ تَفسير أصلِ الحياةِ الإنسانيةِ وغيرها من الحيوات من خلال القوانينِ الطبيعيةِ.
هؤلاء التطوريون المسلمون يَعتقدونَ في أنّ اللهِ قد أوجد الكائنات الحية في هذا الوجود بواسطة خَلْق تحده و تحكمه القوانينِ الطبيعيةِ ، ومن ثم يَتخيّلُون بأنّ الخَلْقِ قد أوجد من خلال التحولِ ، والانتخاب الطبيعي ، والتغير ، وتحول سلالة إلى أخرى.

وعلى أية حال ، فإنه لخطأ فادح أن يتقبل المسلمون مثل هذا المنطقِ "الطبيعتي" ، حيث أن المعجزاتِ التي يصفها القرآنِ بشكل واضح تَكْشفُ أنّ مثل هذا المنطقِ لا أساس له من الصحة.


وبالنظر إلى تلك الآياتِ التي تُناقشُ خَلْقَ الإنسان وغيره من الكائنات الحية ، نَرى بِأَنَّ هذا الخَلْقِ قد تم عَلى نَحوٍ أعجوبي معجزوخارق لقوانينِ الطبيعةِ.
وهكذا يبين الله كيفية خَلْقَ الكائنات الحية :

"وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " ( سورة النور، الآية 45)
تُشيرُ هذه الآية إلى مجموعاتِ الكائنات الحيّةِ الأساسية على الكرة الأرضِية - الزواحف، والطيور، والثدييات - وتَقُولُ بأنّ الله قد خَلقَ كلّ هذه الكائنات مِنْ الماءِ .

وبنظرة أقربِ ، فإن هذه المجموعاتِ لَمْ تُخْلَقُ " من بعضها البعض" كما " يستنبط " النمو و الارتقاء ، بل "مِنْ الماءِ."
بأسلوب آخر، فإن هذه الكائنات قد خلقها الله مُنفصلة من مادة مشتركة الله خالقها.

ولقدأوضحَ العِلْمُ الحديث بأنّ هذه المادّةِ المشتركةِ هي الماء ، المكوّن الأساسي للأجسام الحيّة كلها.

وأجسام الثديياتِ حوالي 70 بالمائة منها ماء .


والماء الجسمانيِ لكل كائن حي يمكن الاتصال بين الخلايا بعضها البعض ، بالإضافة إلى الاتصالِ بينِ الخلايا وبينَ الأنسجَة المختلفة .
وإنها حقيقةُ مقبولةُ أنه لا شيء يُمْكِنُ أَنْ يَعِيشَ دون ماءِ.


وعلى الرغم من ذلك فإن بَعْض المسلمين يسيؤونَ فهم الآية أعلاهَ ويُحاولون إعْطائها من المعنى ما يجعلها أكثرَ توافقا مع التطورِ.
وعلى أية حال، فإنه من الواضح أن حقيقةِ الخَلْقِ مِنْ الماءِ لَيْسَت لَها علاقة بالتطورُ، حيث أن تلك النظرية لا تَدّعي بأنّ كُلّ كائن حيّ أساس نشأته الماء.


بل على العكس، فإن نظرية النمو والارتقاء تزْعمُ بأنّ السلالات المختلفة للكائنات الحيِّة قد تَطوّرَت مِنْ بعضها البعض، وهذا تناقض واضح لحقيقة أنّ كُلّ الكائنات الحيّة قد خُلِقتْ مِنْ الماءِ (بأسلوب آخر، أنّها خُلِقت بشكل مستقل).
خَلْق الإنسان مِنْ طين
في القرآنِ، يَكْشفُ لنا اللهَ أنّ الإنسان قد خُلِقَ بطريقةٍ أعجوبية معجزة.
فلكي يخَلق الله الإنسانِ الأولِ، شكّلَ سبحانه وتعالى طيناً، وبعد ذلك نفخ فيه من روحه:

"إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ " ( سورة ص ، الآية 71-72)
"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ " ( سورة المؤمنون ، الآية 12)
"فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لازِبٍ " ( سورة الصافات ، الآية11)
ومن هنا يُمْكِنُ أَنْ يُرى بأنّ الإنسان لَمْ يُخْلَق مِنْ أصل قردِ أَو من أي نوعِ آخرِ، كما يحاول المسلمون التطوريون أن يحملونا على الاعتقاد ، بل خلقه الله من طين , وهي مادة لا حياة فيها.

فلقد أحال الله بشكل أعجوبي تلك المادة الغير حية إلى كائن بشري ونفخ فيه من روحه.
فليست هناك "عملية تطوّرية طبيعية" تعمل هنا، بل هي قدرة الله على الخَلْق الأعجوبيِ المباشرِ.

وفي حقيقة الأمر ، فإن كلمات الله المذكورة أدناه تبين أن الإنسان قد خُلِقَ مباشرة بقدرةِ اللهِ:

"قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ " ( سورة ص ، الآية 75)
وباختصار فإن القرآن لا يَحتوي علي أي تفسيرِ " لخَلْقِ تطوّريِ " للإنسان أولغيره من الكائنات الحية.
بل على العكس، فالقرآن يُصرّحُ بأنّ اللهِ قد خَلقَ كل هذه المخلوقات بشكل إعجوبي مِنْ مثل هذه الموادِ الغير عاقلةِ كالماء والطين.

على الرغم مِنْ هذا، فإن التاريخَ الإسلامِي يكشف عن أن بَعْض المسلمين قد تُأثّروا بالفلسفةِ الإغريقية القدِيمَةِ ، وكذلك ببعض العناصر المادّية والتطوّرية الدخيلة ، وبعد ذلك حاولَ هؤلاء أَنْ يُوفقوا ما بين تلك الفلسفةِ وما بين القرآنِ.


ولقد رَدَّ العالم والمفكر الإسلامي الجليل الإمامِ الغزالي على هذه التياراتِ والتي بدأت في الظَهور في عصره ، من خلال كتابه
( تهافت الفلاسفة ِ
) ومن خلال غيره من الأعمال الأخرى.

على أية حال ، فبانتشارِ نظريةِ التطورِ أثناء القرنينِ التاسع عشر والعشرينِ ، بَدأتْ افتراضات "الخَلْق بالتطورِ" في الظُهُور ثانية في العالمِ الإسلاميِ.

ويعمل الفصلُ القادمُ على تناول الأخطاء التي ارتكبها أولئك المسلمون الذين يُدافعونَ عن مثل هذه الافتراضات ، وكذلك تُحلّيل تعليقاتَهم على الآيات القرآنية التي يَستعملونَها لتَبرير موقفِهم.


الساعة الآن 06:43 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى