منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   النقد الأدبي والفني (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=107)
-   -   السمات الشخصية والخصائص النفسية لدى المبدعات أدبيا (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=15618)

المفتش كرمبو 2 - 5 - 2011 01:17 PM

السمات الشخصية والخصائص النفسية لدى المبدعات أدبيا
 
ضاء صالون نون الأدبي في جلسته الشهرية إضاءة جديدة مسلطا الضوء على النفس المبدعة حيث حمل اللقاء عنوان السمات الشخصية والخصائص النفسية لدى المبدعات أدبيا – فدوى طوقان نموذجا - كان المحاوران هما الأستاذ الدكتور أحمد الشرقاوي، والأستاذة فتحية إبراهيم صرصور بعد التقديم للجلسة بدأ الدكتور أحمد بعرض ورقته مفتتحا بأهمية الكلمة سواء كانت منطوقة أم مكتوبة مؤكدا على أن الكلمات لا تفنى كما أنّ الأفعال لا تتلاشى، فالكلمة المكتوبة المنطوقة منها أو المتخيلة هي طاقة من موجات وذبذبات محفوظة تحت سقف السماء.
ذلك لأن التعبير بالكلمات طريقة الإنسان لتحديد ملامح شخصيته والتعبير عن ذاته، كما أنه وسيلة تساعد على التواصل والاتصال بين الفرد والجماعة.
عند الحديث عن الخصائص النفسية والسمات الشخصية للمبدعات أدبيا لابد من التركيز على محاور ثلاثة هي:
المرأة - الإبداع الأدبي - بعض الخصائص والسمات النفسية للمرأة.
تناول في حديثه عن المرأة أنها خلقت من ضلع ومن صفات الضلع الانحناء فكان الحنان ومن الانعطاف كان العطف وبالكل كان الوقاية والحماية وأسمى آيات الإيثار والعطاء في الأمومة.
ودورة حياة المرأة من الصبا والشباب والنضج والكهولة ثم الضعف والشيخوخة محورها الرئيس الوجدان والعاطفة وهي أقوى الطاقات وأهم القوى وعمودها الفقري الحب أصل الوجود فكان الوجدان، ومن العاطفة الرئيسة (الحب) تشعبت وتغيرت العواطف بالتفاعل مع المزاج البشري المتقلب من تقليب القلوب ومع أحوال النفس فكان الخوف والقلق والتوتر والحزن والغضب والكره والحقد والحسد، ومع الفرح والكبر كان الزهو، وبالإيمان والرضا كانت قمة الطمأنينة (السكينة) وبالتسامي والرقي كان أعذب ذوق وأتم السعادة في الوجد، ومع العواطف تفاعل الفكر والعقل مع البيان والفصاحة فكان التعبير والسحر في الكلمة شعرا ونثرا حسّا وجمالا وذوقا وتداخلت علوم المعرفة بالعلوم الإنسانية بين النفس والمنطق ليكون الإبداع مقالا أو قصيدة أو مسرحية.
أما عن الإبداع فيمكن تعرّيفه بأنه عملية معرفية وقدرة عقلية هي نتاج وتعبير اختراع وتجديد. وللإبداع مراحل منها: إعداد – كمون – استشراق – تحقيق وتقويم.
أما خصائص الإبداع فتتمثل في: حب الاستطلاع – الثقة بالنفس مع مثابرة وجدية – إدراك الأشياء المعقدة – متابعة تحقيق الهدف.
ثم تناول الدكتور أحمد في حديثه بنية الإبداع مشيرا إلى أنواع منها: مفتوحة – مغلقة - متسلطة – متسيّبة – دكتاتورية – ديمقراطية.
فمن الاندماج والتأمل والمعايشة والاستقلال الذاتي للفكرة، ثم الرضا وتذوق البهجة من الحس الجمالي والشعور بالمتعة، أو تأجيل الإشباع والشعور بالرضا أو من الصبر على المحاولة حتى تحقيق الهدف المنشود.

المفتش كرمبو 2 - 5 - 2011 01:18 PM

ثم تحدث الدكتور عن الأبعاد النفسية المهمة بالإبداع ومنها:
1- تقدير الذات بين الواقع والخيال.
2- البعد الوجداني خاصة الحب والخوف والحزن. في حين أن الحقد والحسد يقتلا الإبداع.
3- الاكتفاء الذاتي واعتماد الأديبة على نفسها مع تقبّل القيم وتقديرها لأمورها بنفسها مقابل مساءة الجماعة.
4- السيطرة أو الخضوع.
5- المشاركة الاجتماعية بين الاستقلال والانعزال أو الاغتراب أو المشاركة مع المودة والألفة.
6- عقد النقص وآليات الدفاع بين التبرير والإسقاط.
7- الحرمان والمعاناة.
ومع ظهور التيار العلمي في علم النفس الحديث ومع تطور تقنيات القياس والبحث وتوافر الأدلة والبراهين ومع الثورة العلمية في دراسة السلوك الإنساني ودراسات الشخصية اتضح تيارين للعلاقة بين الإبداع والشخصية:
ظهور مقياس الإبداع - دراسة السير الشخصية للمبدعين .ذلك أوضح حقائق جديدة:
1- مع ظهور حالات القلق والاكتئاب بين المبدعين إلا أنها لا تصل إلى درجة التشويش الذهني كما عند المبدعين أدبيا في مجال العلوم.
2- المبدعات لهن أصلا خصائص إيجابية لا نجدها عند المرضى العاديين أو عند الأسوياء.
3- دراسة السير الذاتية للمبدعات كانت في فترات إبداعهم.
4- يقترن ظهور الاضطراب بموضوع الإبداع إذ تزداد بين الأدباء والممثلين وتقل بين العلماء والمفكرين إذ إن الإغراق في الرؤى الذاتية وفي المشاعر تخلق ضغوطا انفعالية شديدة على الشخص المبدع ومن ثم القلق والتوتر.
5- حالات الانتحار بين المبدعين أقل من العاديين.
6- وجود تاريخ مرضي أسري بين المبدعين بالاضطراب النفسي يعزز أن من أسباب الاضطراب أسباب أسرية بين البيئة والوراثة.
7- العلاج العقلاني المعرفي الحديث يؤكد توظيف القدرات الإبداعية للعلاج والوقاية من الاضطراب النفسي.
8- وخلص الدكتور إلى أن من سمات شخصية المبدعات ما يلي: الشجاعة الأدبية – الإحساس بالجمال - حب الاستطلاع – الصراحة – النقد البناء – الدقة – حب الوحدة التفوق – الحدس القوي – انخفاض العدائية – السخط – الجرأة – حب المخاطرة – التقلّب الوجداني – المرح والنكتة – السيطرة – التأمل – المثابرة – تجنب الصراع – الإخلاص – الثقة بالنفس – الإحساس بالآخرين – تقبل الغموض – العناد – التحدّي للصعاب – قوة الوجدان.
*****

المفتش كرمبو 2 - 5 - 2011 01:21 PM

وبعد أن أتم الدكتور أحمد عرض ورقته بدأت الأستاذة فتحية بعرض صور من سمات الشخصية المبدعة لدى فدوى طوقان مستعينة بأقوالها الواردة في كتابيها: رحلة جبلية رحلة صعبة والرحلة الأصعب، افتتحت حديثها بتعريف فرويد للمبدع بأنه إنسان محبط في الواقع لأنه يريد الثروة والقوة والشرف والحب، لكنه تنقصه الوسائل لتحقيق هذه الإشباعات ومن ثم فهو يلجأ إلى التسامي بها، وتحقيقها خياليا، ومن خلال قوة تأثيراته في المتلقين لفنه يحصل الفنان على بعض الإشباعات أو كلها. مشيرة إلى قول الدكتور عبد العلي الجسماني بأن المبدع يبدع حين يحسّ بحالة النحن تلح عليه، فهو وإن تكلم بضمير الأنا لكن أناه هذه لا حدود تفصلها عن سائر الأنوات الأخرى في محيطه الاجتماعي فهو دائما بحاجة إلى النحن وإحساسه بهذه الحاجة يُعدُّ من دواعي إبداعه.
بعد هذه التوطئة بدأت بالحديث عن فدوى متناولة بعد التعريف بها أهم السمات البارزة في شخصيتها؛ إنها فدوى عبد الفتاح طوقان من مواليد مدينة نابلس عام 1917م على أرجح التقديرات لأن تاريخ ميلادها ضاع في جنبات السنين كما ضاع من ذاكرة الوالدين.
وكما اقتطع حبلها السرّي عن رحم أمها انفصلت بشكل مفاجئ عن مدرستها بسبب وردة ألقيت إليها من شاب ولمّا تزل في الصف الخامس الابتدائي، إلا أن بذرة الرفض الكامنة في أعماقها جعلتها تثور على حالة التهميش فثقفت نفسها، بداية أخذ أخويها إبراهيم وأحمد بيدها، لكنها سرعان ما أدركت ضرورة الاعتماد على النفس فهيأت نفسها على السير على درب النضال الثقافي دون أن يمسك أحد بيدها، قرأت عيون الأدب العربي من حماسة أبي تمام إلى شعر المهجر، تعلمت الإنجليزية حتى أتقنتها قراءة وكتابة وترجمة. أبدعت ثمانية دواوين، إضافة إلى ثلاثين قصيدة من شعر البواكير لم تضفها إلى دواوينها عدا قصيدة (سمو)، كما وثّقت للأحداث التي مرّت بها عبر كتابين: رحلة جبلية صعبة، والرحلة الأصعب. وما بين الصعوبة والوعورة عاشت حياتها .
وعن المؤثرات التي شكلت شخصيتها أشارت الأستاذة فتحية إلى أن القلق والضغط سواء أكان اجتماعيا أم نفسيا هما التربة الخصبة للإبداع، وبتتبع سيرة فدوى نجد أنها وقعت فريسة لهذين العاملين، فأنتجا شعرا صادرا عن نفس مأزومة، حتى ظهرت أوجاعها وأحزانها وقد عكستها مرآتها الشاعرة مسطورة في قصائد تنضح بعذاباتها وشقوتها ووحدتها الصامتة مما جعلها تطلق على زمنها اسم (زمن القهر والكبت).

المفتش كرمبو 2 - 5 - 2011 01:22 PM

فدوى إنسانة قلقة ولكن القلق الذي تحياه من النوع الذي يرتبط ارتباطا إيجابيا بالتفاوت الكبير بين الذات المُدرَكة والذات المثالية، لأن المرء يزداد قلقه كلما ألحت عليه الذات المثالية في التطلع إلى الأفضل في الأداء، فخفض التوتر إنما يتحقق بتحقق هدف التوافق بين الشخص وواقعه، ويبدو ذلك لدى فدوى بوضوح فهي في حالة عدم مصالحة مع نفسها أو توافق بين ما تريد وما هو واقع تقول (أخذت أحسّ أن المساعدات المستأجرات في البيت أكثر حرية وسعادة مني، وظللت أعجز وأضعف من أن أفرض نفسي على الأشياء والأمور التي كانت تجري من حولي، كنت على وعي بمهانة هذا الوضع وبعجزي عن تحطيمه والخروج من إطاره. هكذا قام خصام لا هدنة فيه بين نفسي المقهورة بالكبت، وبين الواقع المتجهم الذي أحياه مما أوجد في نفسي انفصاماً شقّها إلى نصفين: نصف كان يبدو للأعين مستسلماً خاضعاً ونصف كان يرعد ويبرق تحت السطح ويكاد يدمر نفسه، وظللت أعاني درامية التيار الذي يجري تحت سطح الماء الساكن وكأنني واحدة من شخصيات تشيكوف).
فدوى تعاني الاغتراب: بقدر حاجة المبدع إلى النحن وافتقاره لها يظهر عجز هذا المبدع عن التأقلم والعيش مع الجماعة، لذا نجد فدوى محرومة من الحياة الاجتماعية الجماعية، فرغم أن البيت يعج بساكنيه من إخوة وأعمام وأبناء وأحفاد إلا أن اغترابها النفسي عنهم جعلها تنزوي وحيدة في أحد أركان البيت لا تقيم علاقات مع أيٍ من بنات عمها، بل كانت علاقتها بهم سلبية تقوم على الغيرة، بل أكثر من ذلك أنها استقبلت خبر وفاة ابنة عمها شهيرة ببرود وسلبية.
كانت نفسية المبدع في داخلها تجعلها دائما في وضع تقييمي لنفسها ولأوضاعها، غير راضية عن حالها ووضعها تطمح بأفضل مما تجد، تقول (لم أكن يوما براضية عن حياتي أو سعيدة بها، فشجرة حياتي لم تثمر إلا القليل وظلّت روحي تتوق إلى إنجازات أفضل وآفاق أرحب) وهي تلخص صعوبة الحياة التي واجهتها فتقول (إن البذرة لا ترى النور قبل أن تشق في الأرض طريقاً صعباً، وقصتي هنا هي قصة كفاح البذرة مع الأرض الصخرية الصلبة، إنها قصة الكفاح مع العطش والصخر).
فدوى شأنها شأن كل المبدعين تلجأ إلى العمل فالانطلاق لا يتحقق إلا بالعمل تقول ( لقد أدركت أن العمل هو الوجه الآخر للحلم والإرادة…. وقررت أن أتعامل مع هذه العملة ذات الوجهين الإرادة والعمل.) ولأن العلاقة بين القدرات الإبداعية والسمات الشخصية هي علاقة دينامية تفاعلية نفسية فإن الشاعرة حين تجيش في نفسها عوامل التوتر والقلق، وتحتبس في صدرها بواعث التعبير عما يعتمل في بواطن ذاتها فإننا نجد كلّ قصيدة لديها هي تعبير عن تجربة مرت بها، لفت أخوها إبراهيم انتباهها بألا تنشغل بشئونها الخاصة قائلا لها: إن الناس لا تهمهم مشاعرنا الخاصة، ومع ذلك ظلت قصائدها لفترات طويلة تصوير حي لما تعانيه.

المفتش كرمبو 2 - 5 - 2011 01:23 PM

يُذكر في علم النفس التحليلي عن الشاعر بأنه يصبح بالخلق الإبداعي طبيب نفسه، وأن شعره إفراغ لشحناته الانفعالية يتخفف منها فيفيد ويستفيد، أي أنه ينفع الآخرين بإبداعه وينعش ذاته بارتواء عاطفته عمّا عبرت عنه قريحته الفياضة. كذلك كانت فدوى لا تجد من البشر مَن تشكو إليه فتلجأ إلى أوراقها تبثها مشاعرها وآهاتها فكان الشعر بمثابة دواء تستطب به من أزماتها.
يقول علماء النفس إنّ التجديد لدى المبدع لا يكون مقصودا بحد ذاته، بل يُعبّر عن هذا القلق العام وعن النزوع الشامل نحو التغيير وهذا ما نجده عند فدوى، كانت استجابتها للتجديد أسرع مما يتوقع، جاءت استجابتها للتجديد في نظام القصيدة سريعة حتى أنها سبقت في تطبيقه نازك الملائكة التي نظرت له، إن سرعة الاستجابة لديها ناتجة عن قلق عميق يعتريها إضافة لرغبة في الولوج بشكل جديد لم يكتب به شقيقها إبراهيم وهو الذي اتهمت لفترة بأن ما تقوله من شعر إنما هو من نظمه.
وهي تعلن عن سر رغبة التجدد التي تسكنها فتقول ( كانت هناك بذرة صغيرة تأبى الاكتفاء بذاتها وتنزع إلى التجدد والتغيّر، تنزع إلى أن تصير شيئاً آخر، فهي تأبى الثبوت والاستقرار، كنت أحسّ بتلك البذرة تتحرك في داخلي كدينامو لا يهدأ، وكنت أحسّ في الوقت نفسه بالقالب الفولاذي الذي أقبع داخله يعمل على خنق تلك البذرة لتصبح فيما بعد بركاناً يمكن أن ينفجر في أية لحظة ليطيح بالقاعدة والأساس الذي قام عليه ذلك القالب اللعين ).
والشاعر المبدع يرى أن الوزن الشعري ينطوي على دلالة شعورية يستعذب من خلالها الكشف عمّا يعتمل في نفسه وعمّا يجول في خاطره، والشاعرية الأصيلة ليست صياغة للحقائق المقررة وإنما هو استكشاف لهذه الحقائق بلغة تؤثر تأثيرا مباشرا في المستمع أو القارئ، كذلك نجد قصائد فدوى تحمل موسيقى مؤثرة يقع المتلقي تحت سيطرتها حتى يجد نفسه متفاعلا معها ومشاركا إياها في الموقف وكأنه يحيا الجو النفسي الذي تحياه الشاعرة نفسه، فيصبح كلاهما؛ المبدع والمتلقي وقد توحدا في معاناة نفسية متفاعلة.
بعد طرح الورقة فتح باب النقاش أمام الحضور الذين تجاوز عددهم المائة وعشرين أديبا ومثقفا ومحبا للأدب، من المداخلين من تمنى أن يرى مؤسسات وطنية ترعى الإبداع والمبدعين، ومنهم من طلب المزيد من اللقاءات التي تتناول الإبداع والمبدعين بالدراسة وتحليل أعمالهم، والبعض عرض نماذج من إبداعات المبدعات كفدوى ونازك.


الساعة الآن 09:58 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى