منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القسم الإسلامي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=21)
-   -   {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=28947)

ناجي أبوشعيب 22 - 12 - 2012 10:34 PM

{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }
 
zolzz%zzolz

{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }

{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120

مع غمرة الأحداث العالمية، والحركات ضد الإرهاب، ذلك المسمى الذي وراءه ما وراءه من الغايات والنوايا، فقد ألبسوه قميص عثمان، لتظهر كثير من النوايا، وتتكلم الألسنة، وتنفث الأقلام بما تكنُّه الصدور.. وقد برز الكثير من العداوات التي في صدورهم على الإسلام وأهله والخافي الله أعلم به.
لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما تحدّث عن الفتن التي تأتي كقطع الليل المظلم، وأن بعضها يرقّق بعضاً.
وفي موطن آخر يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعداء الإسلام، يأتون المسلمين، خلف غايات عديدة، ومقاصد متباينة.. كل هذا من أجل النَّيل منه، وتشويه تعاليمه لتنفير الناس منه.
ذلك أننا نرى إعلامهم يتناقض في مصطلحاته، فمرة يعتبرون الإسلام بتعاليمه، إرهابياً ويدعو للإرهاب، وأخرى: يطالبون بمنع تدريس القرآن الكريم، للطلاب، لأنه ينشئهم على الإرهاب، وثالثة يقتنصون بعض آيات من القرآن الكريم ويطالبون بحذفها من القرآن، ورابعة قد حققوها في بعض ديار الإسلام، ويريدون تعميمها في كل مكان، وذلك بنبذ اللغة العربية، وإبدالها بلغاتهم، وهدفهم وراء ذلك إبعاد ناشئة المسلمين من فهم القرآن، ومقاصده الشرعية.. وتحويل الكتابة من الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية.
ثم يأتون بانتقادات متكررة للمملكة العربية السعودية خاصة وللمسلمين عامة: حول حجاب المرأة، وحقوقها، والحدود الشرعية التي تطبّق، والتنقيص من مبادئ الإسلام، وتصيُّد نقاط تصدر مع بعض الأفراد لتعميمها على الإسلام، ليقولوا: إن الإسلام قاصر عن التّعامل مع الأمم الأخرى: اقتصادياً وحضارياً وأخلاقيا، واجتماعياً، وحتى سياسياً..
فهم يريدون لأبناء الإسلام السير في ركابهم والتخلـّي عن مُثُلهم الإسلامية، ليتساووا معهم في البعد عن الله، وعن تطبيق شرعه الذي شرع لعباده، وفي الأساس الوحدانية مع الله في العقيدة والعمل، ونبذ ما يخالف ذلك.
ثم يقولون من باب التهدئة: إننا لسنا ضد المسلمين، وليس الغرب ضد الإسلام والمسلمين، وإنما نحارب الإرهاب.. وقد جعلوا للإرهاب ثوباً بمقاسه، وتفصيلاته لا ينطبق إلا على المسلمين، وعلى تعاليم دين الله الحق: الإسلام، الذي لا يقبل الله من الثقلين: الإنس والجن، ديناً غيره.. كما جاء بذلك نص القرآن الكريم، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أما اليهود وأعمالهم الإرهابية: قتل النساء والأطفال، هدم البيوت وقطع الأشجار، تجويع الفلسطينيين.. فهو ليس بإرهاب؟
لكنهم مع ذلك يناقضون أنفسهم، فيظهر ما يريدون إخفاءه، وذلك مع هذه المقالة: مرة عندما أعلن أحد زعمائهم قائلاً: الآن عادت الحروب الصليبية، وما كتبه ذوو المكانة عندهم في العلم والرأي في: الواشنطن بوست تحت عنوان: على أميركا أن تحرّر المرأة السعودية، كما حررت المرأة الأفغانية..وغير هذا من الأقوال الكثيرة، التي تطفح بها وسائل الإعلام، الموجهة ضد الإسلام، وتعاليمه ومصدري التشريع فيه: كتاب الله، وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بصفة عامة، وضد المملكة العربية السعودية، وقيادتها خاصة، بعد أن زار سمو الأمير عبدالله أميركا، وقدّم مشروعات إيجابية في حلّ القضية الفلسطينية، وبان أمام العالم، موقف المملكة الثابت، حول القضية الفلسطينية، وأن الإرهاب الحقيقي ليس من الشعب الفلسطيني الأعزل الذي يقاسي مع الفقر، الاضطهاد والتكالب ضدّه، وانتهاكاً لجميع الأعراف الدولية، بل حتى أعراف وحوش الغابات.. التي تتقيد بمبادئ لا يعرفها الحكام الصهاينة. بإجرامهم وعنجهيتهم، في الإصرار على إبادة الشعب الفلسطيني، وإبعاده عن أرضه..
والتعتيم على قضيته، لتوصف المطالبة بالحقّ ظلماً بالإرهاب.
وما ركّزوا على المملكة وقيادتها، إلا لإدراكهم بأنها ثقل الإسلام، وعون المسلمين، وأنها إذا تراخت في تعاليم الإسلام، وتخلّت عن تطبيق الأحكام الشرعية في الحدود والقصاص، وفي ردع المجرم ومحاربة الفساد، فإن غيرها سهل قيادها في نظرهم.. فهجومهم على المملكة هجوم على الإسلام.. وتعد، على شرع الله الذي شرع لعباده.
وما علموا أن الإسلام يقوى عندما يمتحن، وأن أبناءه يتماسكون، ويعودون إليه بعد غفلة، عندما يشعرون بتحدّي الأعداء.. لأنهم يعرفون أنهم إذا عادوا إلى الله بصدق، واتجهت قلوبهم إلى بارئها، هيأ الله لهم عزاً في نفوسهم، ومهابة في قلوب أعدائهم، فقد نصر الله رسوله على المشركين بالرعب مسيرة شهر، ويقول سبحانه في الحديث القدسي: «أنا عند حسن ظن عبدي بي» وفي الحديث الآخر: «فإن تقرَّب إليّ عبدي شبراً تقرّبت منه ذراعاً، وإن تقرّب إلىَّ ذراعاً تقرّبت منه باعاً، وإن جاءني يمشي جئت إليه هرولة».
واليهود والنصارى مع عداوتهم فيما بينهم، كما أخبر الله عنهم في القرآن الكريم، يزيِّن بعضهم لبعض زخرف القول غروراً، بالأكاذيب، والمواعيد، ليتفقوا ضد الإسلام، باعتباره العدو المشترك بينهم.. مع أن بعضهم يحوك لبعض ليوقع به.. فالغدر ونقض العهود، والأكاذيب والدسائس، من شيمهم..
من سورة البقرة: تنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن اتباع اليهود والنصارى، والتشبه بهم، فيما يختص بالدين، ذلك - وإن كان الخطاب للرسول الكريم، فإن المقصود أمته إلى يوم القيامة - أن اليهود والنصارى سيظلون يحاربون الإسلام وأهله، ويكيدون لهم بغايات متعددة، وطرق متشعبة، ولن يرضوا عنهم إلا أن يحيدوا عن طريقه السليم .. ولا يشرفهم كما قال أحد القساوسة المبشِّرين والأصح المنصِّرين :أن يدخلوا النصرانية، ولا أن يقتربوا من اليهودية.. بل يهمُّهم أن يكون المسلمون متمردين على دينهم، حتى يسهل قيادتهم.. بتشكيكهم في دينهم، وما ذلك إلا أن النصارى واليهود، ليسوا ملتزمين بعقائدهم الأصلية لأنهم اتبعوا الهوى. فانحرف بهم هواهم إلى معاندة الله في شرعه، وإفساد ما جاءهم من الحق.. باتّباعهم الشيطان وأعوانه من الإنس والجن:{إنَّا أّطّعًنّا سّادّتّنّا وّكٍبّرّاءّنّا فّأّضّلٍَونّا السَّبٌيلاً} الأحزاب (67).
إنهم يمكرون، ويمكر الله والله خير الماكرين، وإن الواجب، على كل مسلم أن يدرك مكائدهم، ليزداد تمسكاً بدينه، وتطبيقاً لشرع الله، ولن يضره كيدهم، ولا أكاذيبهم.. فإن النصر مع الصّبر، ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً، ما داموا متمسكّين بما أمر الله، منتهين عَمّا نهى عنه ورسوله.
عقلاء ولكنهم حمقاء:
ذكر ابن الجوزي في كتابه الحمقى والمغفلين: أن في مقدمة الحمقى إبليس، فإنه كان متعبِّداً، مؤذِّناً للملائكة، فظهر منه من الحمق والغفلة، ما يزيد على كل مغفّل، فإنه لما رأى آدم مخلوقاً من طين، أضمر في نفسه: لئن فضلت عليه لأهلكنّه، ولئن فضّل عليّ لأعصينّه، ولو تدبر الأمر لعلم أنه إن كان الاختيار، قد سبق لآدم لم يطلق مغالبته بحيلة، ولكنه القدر، ونسي المقدار، ثم لو وقف على هذه الحالة، لكان الأمر يحمل على الحسد، ولكن خرج إلى الاعتراض على المالك، بالتخطئة للحكمة، فقال: أرأيت هذا الذي كرّمت عليّ؟
ومجموع المندرج في كلامه: أني أحكم من الحكيم، وأعلم من العليم، وأن الذي فعله من تقديم آدم، ليس بصواب، وهو يعلم يقيناً أنّ علمه، مستفاد من علمه سبحانه، فكأنه يقول: يا من علّمني أنا أعلم منك، ويا من قدّر بتفضيل هذا عليّ، ما فعلت صواباً، فلمّا أعيته الحيل رضي بإهلاك نفسه، فأوثق عقداً بإصراره ثم أخذ مجتهداً في إهلاك غيره.
ومن أعظم الحمق والتغفيل: ما جرى لإخوة يوسف، في قولهم «فأكله الذئب»، ولم يشقُّوا قميصه، وقصتهم مع يوسف في قوله: إن الصّاع يخبرني بكذا وكذا.. ومن التغفيل: ادعاء هاروت وماروت الاستعصام عن الوقوع في الزّلل، ومقاومة الأقدار، فكلما نزلا من السماء، على تلك النيّة، نزلا ووقعا في المعصية.
وأترك هذه المقاييس التي ذكر ابن الجوزي للقارئ ليحكم على منطوق وإعلام اليهود اليوم؟؟!!


zolzz%zzolz

ناجي أبوشعيب 22 - 12 - 2012 10:44 PM

رد: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }
 
zolz#cc#zolz

القاعدة الرابعة والثلاثون: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فهذا لقاء يتجدد مع قاعدة قرآنية عقدية، نزلت قبل أربعة عشر قرناً، ولا تزال معانيها تتجدد لأهل الإسلام في كل زمان؛ تلكم القاعدة القرآنية التي دل عليها قول الله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120]

ولا يخفى أن هذه القاعدة المحكمة جاءت في سورة البقرة، تلك السورة التي تحدثت بتفصيل عن حقيقة أهل الكتاب، واليهود بشكل أخص ـ لكونهم يسكنون المدينة ـ.
ونزول هذه الآية الكريمة ـ كما أشار إليه جمع من المفسرين ـ جاء عقب مرحلةٍ من محاولات النبي صلى الله عليه وسلم لتأليف اليهود، لعلهم يستجيبون، وينقادون لدين الإسلام، فجاء هذا الخبر القاطع لكل محاولات التأليف التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يمارسها معهم.

يقول شيخ المفسرين ـ ابن جرير الطبري رحمه الله ـ:
"وليست اليهود ـ يا محمد ـ ولا النصارى براضية عنك أبداً، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق، فإن الذي تدعوهم إليه من ذلك لهو السبيل إلى الاجتماع فيه معك على الألفة والدين القيم، ولا سبيل لك إلى إرضائهم باتباع ملتهم، لأن اليهودية ضد النصرانية، والنصرانية ضد اليهودية، ولا تجتمع النصرانية واليهودية في شخص واحد في حال واحدة، واليهود والنصارى لا تجتمع على الرضا بك، إلا أن تكون يهودياً نصرانياً، وذلك مما لا يكون منك أبداً، لأنك شخص واحد، ولن يجتمع فيك دينان متضادان في حال واحدة، وإذا لم يكن إلى اجتماعهما فيك في وقت واحد سبيل، لم يكن لك إلى إرضاء الفريقين سبيل، وإذا لم يكن لك إلى ذلك سبيل، فالزم هدى الله الذي لجميع الخلق إلى الألفة عليه سبيل"(1) انتهى

فتأمل ما تضمنته تتمة هذه القاعدة من وعيد عظيم لمن اتبع أهواءهم، ولمن هذا الوعيد العظيم؟! لمحمد صلى الله عليه وسلم! مع أنه لا يمكن أن يقع منه شيء من ذلك بعصمة الله له، قال تعالى في تتمة هذه القاعدة المحكمة: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120].

وتأمل ـ أيها المؤمن ـ كيف قسّم الله تعالى الأمر ـ في هذا الأصل العظيم ـ إلى قسمين: هدىً وهوىً، فالهدى هو هدى الله، وليس وراء ذلك إلا اتباع الهوى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ}، يقول ابن جرير: في تتمة تعليقه على هذه الآية:
"يعني جل ثناؤه بقوله: (ولئن اتبعت)، يا محمد، هوى هؤلاء اليهود والنصارى - فيما يرضيهم عنك - من تهود وتنصر، فصرت من ذلك إلى إرضائهم، ووافقت فيه محبتهم - من بعد الذي جاءك من العلم بضلالتهم وكفرهم بربهم، ومن بعد الذي اقتصصت عليك من نبئهم في هذه السورة - ما لك من الله من ولي = يعني بذلك: ليس لك يا محمد من ولي يلي أمرك، وقيم يقوم به = ولا نصير، ينصرك من الله، فيدفع عنك ما ينزل بك من عقوبته، ويمنعك من ذلك، إن أحل بك ذلك ربك"(2).
فإذا كان هذا الكلام موجهاً للنبي صلى الله عليه وسلم، فمن الناس بعده؟!

وهذه القاعدة المحكمة قالها الذي يعلم السرّ وأخفى، والذي لا يخفى عليه شيءٌ من أحوال خلقه، لا حاضراً ولا مستقبلاً، فالذي قال هذا الكلام، هو الذي قال: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]؟!

وقد أحسن العلامة السيد محمد رشيد رضا رحمه الله ـ حين لخص القواعد التي اشتملت عليها سورة البقرة ـ فجعل من جملة هذه القواعد هذه القاعدة التي نحن بصدد الحديث عنها {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} فقال رحمه الله، عن هذه الآية إنها:

"آية للنبي صلى الله عليه وسلم كاشفة عن حال أهل الملتين في عصره، ولا تزال مطردة في أمته من بعده، وقد اغتر زعماء بعض الشعوب الإسلامية فحاولوا إرضاء بعض الدول بما دون اتباع ملتهم من الكفر فلم يرضوا عنهم، ولو اتبعوا ملتهم لاشترطوا أن يتبعوهم في فهمها وصور العمل بها، حتى لا يبقى لهم أدنى استقلال في دينهم ولا في أنفسهم"(3) انتهى.

ومع وضوح هذا النص القرآني المحكم، فإنك لتتألم ـ أيها المؤمن ـ من تشكيك بعض المسلمين بهذه الحقيقة، وهذا التشكيك يأخذ صوراً شتى، تبدأ من التشكيك في كون هؤلاء كفاراً أصلاً! وتنتهي عند المطالبة بالتماهي والاندماج التام معهم، في مسخ واضح لأصل من الأصول الكبار، ألا وهو الولاء والبراء!
ولم يفرق هؤلاء بين ما يصلح أن يؤخذ منهم، ويستفاد منه في أمور الدنيا، وبين اعتزاز المؤمن بدينه، وتمايزه بعقيدته! وليس الحديث عن هذه الطوام التي لا يقولها عاقل قرأ التاريخ، فضلاً عمن عقل عن الله ورسوله قولهما.

وإن المؤمن ـ وهو يسمع أمثال هذه الكلمات الفجّة ـ ليتساءل عن هؤلاء الكتاب الذين يحملون أسماء إسلامية: ألم يسمع هؤلاء قول الله عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217]؟.
وأين هم من قولَ الله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109]؟!
ألم يتأملوا قوله عز وجل عن سائر الكفار: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ}[آل عمران: 149، 150]؟!

هذه شهادة من الله على أعدائنا بما يريدون منا، وما يحاولونه من صدنا عن ديننا، فهل بعد هذه الشهادة من شهادة؟ أولم يكف بربك أنه على كل شيءٍ شهيد؟!

أيها القراء النجباء:

إن هذه القاعدة المحكمة: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} وما جاء في معناها من الآيات التي ذكرتُ بعضها خَبَرٌ، والخبر لا ينسخ، لأن نسخه يستلزم أن يكون المخبر بهذا كاذباً، وهذا لو كان في حق آحاد فضلاء الناس لكان من أعظم القدح فيه، فكيف إذا كان المتكلم به هو الله العليم الخبير؟!
ولو أردنا أن نقلب صفحات التاريخ؛ لوجدنا الجواب الذي يزيد المؤمن يقيناً بهذه القاعدة المحكمة!
فمن الذي سمّ الشاة التي وجد النبي صلى الله عليه وسلـّم أثرها حتى لقي ربه؟! ومن الذي قتل الفاروق رضي الله عنه؟
ومن الذي سَمَّ جملة من الخلفاء المسلمين الذين كان لهم أثر في ضعف شوكة اليهود أو النصارى؟!

أيها الإخوة الفضلاء:

لقد غرّ بعض هؤلاء المتحدثين ـ بما ذكرناه آنفاً ـ كونهم يتعاملون مع بعض الأفراد من اليهود والنصارى فلا يجدون منهم إلا تعاملاً جيداً ـ كما يقولون ـ وهذا قد يقع، ولكنه لا يمكن أبداً أن يكون قاضياً على هذا الخبر المحكم من كلام ربنا، ذلك أن العلاقة الفردية قد يشوبها من المصالح، أو تكون حالات استثنائية، فإذا جدّ الجدّ، ظهرت أخلاقهم على الحقيقة، ومن له أدنى بصر أو بصيرة أدرك ما فعلته الحروب الصليبية التي غزت بلاد الشام قبل وبعد صلاح الدين! وما فعله إخوانهم وأبناؤهم في فلسطين وأفغانستان والعراق،وما حرب غزة الأخيرة إلا أكبر شاهد، ولا ينكره إلا من طمس الله بصيرته ـ عياذاً بالله ـ!

نسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه الذي ارتضاه لنا، وأن يعيذنا من الحور بعد الكور، وإلى لقاء جديد في الحلقة القادمة إن شاء الله، والحمد لله ربّ العالمين.

zolz#cc#zolz

غربة وطن 22 - 12 - 2012 10:47 PM

رد: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }
 
جزاك الله الخير وبارك بك على الطرح الهادف
صدق الله العظيم

دانا 22 - 12 - 2012 10:48 PM

رد: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }
 
قولَ الله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109]؟!
جزاك الله الخير على طرحك ويعطيك العافية

وفاء بنت غزة 22 - 12 - 2012 10:52 PM

رد: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }
 
مجهود مميز ومفيد يسلمو اخي الكريم
بارك الله فيك

ناجي أبوشعيب 22 - 12 - 2012 10:53 PM

رد: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }
 
zolz#cc#zolz

قوله تعالى ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم

التحليل الموضوعي

قوله تعالى : ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير

[ ص: 90 ] قوله تعالى : ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم فيه مسألتان :

الأولى : قوله تعالى : ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم المعنى : ليس غرضهم يا محمد بما يقترحون من الآيات أن يؤمنوا ، بل لو أتيتهم بكل ما يسألون لم يرضوا عنك ، وإنما يرضيهم ترك ما أنت عليه من الإسلام واتباعهم . يقال : رضي يرضى رضا ورضا ورضوانا ورضوانا ومرضاة ، وهو من ذوات الواو ، ويقال في التثنية : رضوان ، وحكى الكسائي : رضيان . وحكي رضاء ممدود ، وكأنه مصدر راضى يراضي مراضاة ورضاء . تتبع منصوب بأن ولكنها لا تظهر مع حتى ، قاله الخليل . وذلك أن حتى خافضة للاسم ، كقوله : حتى مطلع الفجر وما يعمل في الاسم لا يعمل في الفعل ألبتة ، وما يخفض اسما لا ينصب شيئا . وقال النحاس : تتبع منصوب بحتى ، وحتى بدل من أن . والملة : اسم لما شرعه الله لعباده في كتبه وعلى ألسنة رسله . فكانت الملة والشريعة سواء ، فأما الدين فقد فرق بينه وبين الملة والشريعة ، فإن الملة والشريعة ما دعا الله عباده إلى فعله ، والدين ما فعله العباد عن أمره .

الثانية : تمسك بهذه الآية جماعة من العلماء منهم أبو حنيفة والشافعي وداود وأحمد بن حنبل على أن الكفر كله ملة واحدة ، لقوله تعالى : ملتهم فوحد الملة ، وبقوله تعالى : لكم دينكم ولي دين ، وبقوله عليه السلام : لا يتوارث أهل ملتين على أن المراد به الإسلام والكفر ، بدليل قوله عليه السلام : لا يرث المسلم الكافر . وذهب مالك وأحمد في الرواية الأخرى إلى أن الكفر ملل ، فلا يرث اليهودي النصراني ، ولا يرثان المجوسي ، [ ص: 91 ] أخذا بظاهر قوله عليه السلام : لا يتوارث أهل ملتين ، وأما قوله تعالى : ملتهم فالمراد به الكثرة وإن كانت موحدة في اللفظ بدليل إضافتها إلى ضمير الكثرة ، كما تقول : أخذت عن علماء أهل المدينة - مثلا - علمهم ، وسمعت عليهم حديثهم ، يعني علومهم وأحاديثهم .

قوله تعالى : قل إن هدى الله هو الهدى المعنى ما أنت عليه يا محمد من هدى الله الحق الذي يضعه في قلب من يشاء هو الهدى الحقيقي ، لا ما يدعيه هؤلاء .

قوله تعالى : ولئن اتبعت أهواءهم الأهواء جمع هوى ، كما تقول : جمل وأجمال ، ولما كانت مختلفة جمعت ، ولو حمل على أفراد الملة لقال هواهم . وفي هذا الخطاب وجهان : أحدهما : أنه للرسول ، لتوجه الخطاب إليه . والثاني : أنه للرسول والمراد به أمته ، وعلى الأول يكون فيه تأديب لأمته ، إذ منزلتهم دون منزلته . وسبب الآية أنهم كانوا يسألون المسالمة والهدنة ، ويعدون النبي صلى الله عليه وسلم بالإسلام ، فأعلمه الله أنهم لن يرضوا عنه حتى يتبع ملتهم ، وأمره بجهادهم .
فائدة جليلة : قوله تعالى : من العلم سئل أحمد بن حنبل عمن يقول : القرآن مخلوق ، فقال : كافر ، فقيل : بم كفرته ؟ فقال : بآيات من كتاب الله تعالى : ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم والقرآن من علم الله . فمن زعم أنه مخلوق فقد كفر .


zolz#cc#zolz

ناجي أبوشعيب 22 - 12 - 2012 11:19 PM

رد: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }
 
zolz#cc#zolz

وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى ...

بسم الله الرحمن الرحيم...
الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام دينا ؛ والصلاة والسلام على نبي الرحمة الذي بعثه الله فينا من أنفَسنا وأنفُسنا ، بدين الحق... قال : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة : 33 )... وقال : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً) (الفتح : 28 ) ...
أما بعد ؛ فهذه " خواطر " في جولة مباركة مع نخبة من العلماء حول ما جاء في تفسير قوله تعالى :( ولَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ. ) = ( الآية 120 من سورة البقرة ) ...

٭ قال ابن كثير رحمه الله : قال ابن جرير رحمه الله: يعني بقوله جل ثناؤه: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } وليست اليهود ولا النصارى براضية عنك أبداً يا محمد, فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم, وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق... وقوله تعالى: {قل إن هدى الله هو الهدى} أي: قل يا محمد إن هدى الله الذي بعثني به هو الهدى, يعني هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل, قال قتادة في قوله: {قل إن هدى الله هو الهدى} قال: خصومة علمها الله محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه يخاصمون بها أهل الضلالة, قال قتادة: وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق, ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله», (قلت): هذا الحديث مخرج في الصحيح عن عبد الله بن عمرو... {ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير} فيه تهديد ووعيد شديد للأمة, عن اتباع طرائق اليهود والنصارى بعد ما علموا من القرآن والسنة, عياذاً بالله من ذلك ، فإن الخطاب مع الرسول صلى الله عليه وسلّم والأمر لأمته ، وقد استدل كثير من الفقهاء بقوله: {حتى تتبع ملتهم} ، حيث أفرد الملة ، على أن الكفر كله ملة واحدة, كقوله تعالى: {لكم دينكم ولي دين} ... والله أعلم .

حول كلام ابن كثير وابن جرير رحمهما الله
1- وليست اليهود ولا النصارى براضية عنك أبداً .. يا محمد, فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم, وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق = قاله ابن جرير، ومن كلام الطبري أيضا:... ولا سبـيـل لك إلـى إرضائهم بـاتبـاع ملتهم لأن الـيهودية ضد النصرانـية, والنصرانـية ضد الـيهودية ...

٭ وليست اليهود ولا النصارى براضية عنك أبداً ...
* قال ابن الجوزي رحمه الله في زاد المسير
في سبب نزولها ثلاثة أقوال : أحدها أن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلي النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبلتهم ، فلما صرف إلى الكعبة يئسوا منه ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس . والثاني : أنهم دعوه إلى دينهم ، فنزلت ، قاله مقاتل . والثالث : أنهم كانوا يسألونه الهدنة ، ويُطمِعونه في أنه إن هادنهم وافقوه ؛ فنزلت ، ذكر معناه الزجاج .

* قال أبو حيان رحمه الله في البحر المحيط
روي أن اليهود والنصارى طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدنة ، ووعدوه أن يتبعوه بعد مدة خداعاً منهم ، فأطلعه الله على سر خداعهم ، فنزلت الآية... وفيها نفى الله رضاهم عنه إلا بمتابعة دينهم ، وذلك بيان أنهم أصحاب الجحيم الذين هم أصحابها ، لا يطمع في إسلامهم ....

٭ فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم, وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق
- تركٌ وفِـعل ...أما الـتَّرك فالتخلي جملة وتفصيلا عما يطلبون ، سواء أكان ذلك الصلاة إلى قبلتهم ، وهو مستحيل لأن لكل منهما قبلة تختلف عن قبلة الآخر ،قال تعالى : ( وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ) (البقرة : 145 ) ، أو كان دعوتهم إياه إلى ملتهم ، وهو مستحيل أيضا نظراً أن لهما ملتين متباينتين ، قال تعالى : ( وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة : 111 ) وقال : (وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (البقرة : 135 ) .. ، أو كان طلب الهدنة ، وهذا لا طائل من ورائه لأنه مجرد خداع يخفي خلفه شراً كثيراً ... إنهم قوم حسد وبغض ومكر وغدر وخيانة ونقض ... لا يركن إليهم ويطمئن لهم إلا من غفل عن قوله تعالى :( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) (آل عمران : 118 ) ... وعن قوله تعالى : ( وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ) (البقرة : 217 ) ...
وأما الفعل فالرغبة في رضا الله بالدعوة إليه ، أي إلى كلمة الحق : لا إله إلا الله ... محمد رسول الله ... يدعوهم إلى الإسلام الذي هو الدين الوحيد عند الله ، وقال عنه سبحانه : ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (آل عمران : 85 ) ...فإن سمعوا وقبلوا الدين القيِّم ودخلوا فيه صادقين ، وهذا مطمع بعيد المنال ، فذلك سبيل الألفة والوِآم ، وإن توَلوا فما ثم إلا العداوة والخصام ...( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) (العنكبوت : 18 ) ..

٭ ولا سبـيـل لك إلـى إرضائهم بـاتبـاع ملتهم لأن الـيهودية ضد النصرانـية, والنصرانـية ضد الـيهودية ...

- قلت: من المستحيل إرضاؤهم لأن كل فريق منهم يدعي أن الآخر ليس على شيء ؛ قال تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (البقرة : 113 ) ...
- بيَّن تعالى تناقضَهم وتباغضَهم وتعاديهم وتعاندَهم (ابن كثير )
- نفى عنهم العلم بتشبيههم بالذين لا يعلمون .
- أخبر أنه سيفصل بينهم يوم القيامة فيما اختلفوا فيه .
- وظاهر سياق الاَية يقتضي ذمهم فيما قالوه, مع علمهم بخلاف ذلك, ولهذا قال تعالى: {وهم يتلون الكتاب}, أي وهم يعلمون شريعة التوراة والإنجيل, كل منهما قد كانت مشروعة في وقت, ولكنهم تجاحدوا فيما بينهم عناداً وكفراً ومقابلة للفاسد ... (ابن كثير ) ... والله أعلم.

قلت : العداوة والبغضاء بينهما أدخلتهما في حروب مدمرة كثيرة عبر تاريخهما ، كل منهما عدو للآخر... لكن ، متى تعلق الأمر بالإسلام وأهله ترى اليهود والنصارى في تلاحم مدهش وتآزر محير... إيــــهْ ... لو تدبرنا قول ربنا العليم الخبير : ( لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ ) (الحشر : 14 ) ... إنهم يخشوننا خشية مرعبة...تبلغ منها قلوبُهم الحناجر... جعلتهم يُطوِّرون الأسلحة حتى أصبحت قُراهم المحصنة طائراتٍ وبوارج ، وجُدرهم دباباتٍ ومصفحات ... لو أضرموا الحرب بينهم لهلكوا ، بل لانقرضوا... لكن لن يشعلوها فيما بينهم ...خبروها وعاشوا ما جرَّت عليهم من ويلات.. فاستيقظوا ... وغرقنا في سبات عميق... نسينا : ( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ) (الأنفال : 60 )... تآلفوا وتحالفوا للقضاء علينا نحن... نحن الذين اختلفنا وتدابرنا فتشتت شمل أمتنا ، واستهلكنا من مصطلحاتهم العفنة ما كفى لتلويث عقولنا - إلا من رحم الله - نردد ، خائفين ، كالببغاء مقولتهم " القوة الكبرى" ... ونسينا: ( أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً ) (البقرة : 165 ) ... نقول عشرات المرات في صلواتنا وأذكارنا : الله أكبر ... لكنْ ، نرددها آلـيّـاً دون أن نعيَ لا مغزاها ولا معناها - إلا من أخلصه الله - لقد أخبرنا الله تعالى أن قلوبهم مشتتة لكونهم لا يعقلون ... لا يعقلون ...فكيف نتبنَّى كلام السفهاء ونتداوله ؟ عار... والله عار ...ما أن يلوُون ألسنتَهم بكلمة حتى تجِد لها من بني جلدتنا مَن يُترجمها ويُروِّج لها...وقليلا ما تجد من ينتقدها ويفضح ما تخفي من ضرّ وضرَر ... متى سنفْهم أن وراء كل تركيب لفظي من تراكيبهم القذرة شراً مستطيراً ؟ متى نُعِدّ لكل " مصطلح " مما يلفقون ما يرده ليصفع به وجوههم الحربائية ؟ أليست لغتنا أسمى وأغنى اللغات ؟ أم ترانا تفرنسنا وتنجلزنا و.... نسينا الضاد.؟؟؟؟

2 - قل يا محمد ( صلى الله وسلم على خاتم أنبيائه ورسله ) إن هدى الله الذي بعثني به هو الهدى, يعني هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل...

- الدين : أي الدين الحق الذي لا ثاني له ، ( كل ما عداه باطل )... قال تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ) (آل عمران : 19 )... وقال : ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (آل عمران : 85 )
* قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى : فمن لم يقر باطنا وظاهرًا بأن الله لا يقبل دينًا سوي الإسلام، فليس بمسلم‏.‏ ومن لم يقر بأن بعْد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم لن يكون مسلماً إلا مَن آمن به واتَّبعه باطنًا وظاهرًا فليس بمسلم‏.‏ ومن لم يحرم التدين ـ بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم ـ بدين اليهود والنصارى، بل من لم يكفرهم ويبغضهم ، فليس بمسلم باتفاق المسلمين‏.‏...
- المستقيم : قال تعالى :( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (يوسف : 40 ) ...وقال : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم : 30 ) وقال : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) (الروم : 43 ) ...
* {ذلك الدين القيم} هو الدين المستقيم الذي أمر الله به, من توحيده وإخلاص العمل له, وهو الإسلام الذي دعا إليه جميعُ الرسل...
وقال : (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام : 153 )...
* قال الإمام أحمد بن حنبل..., عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً بيده, ثم قال «هذا سبيل الله مستقيماً» وخط عن يمينه وشماله ثم قال «هذه السُّبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه, ثم قرأ {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}...
- الصحيح : سلم من التحريف والتغيير والتبديل، وسيبقى سالما ... سليما ... صحيحا... لأن القرآن الكريم (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت : 42 ).. ولأن الله تعالى تكفل بحفظه، قال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر : 9 )...
- الكامل : قال تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) (المائدة : 3 )
* قال ابن كثير رحمه الله : هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم, فلا يحتاجون إلى دين غيره, ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه, ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء وبعثه إلى الإنس والجن, فلا حلال إلا ما أحله, ولا حرام إلا ما حرمه, ولا دين إلا ما شرعه, وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه ولا خلف كما قال تعالى: {وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً} أي صدقاً في الأخبار, وعدلاً في الأوامر والنواهي, فلما أكمل لهم الدين, تمت عليهم النعمة, ولهذا قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} أي فارضوه أنتم لأنفسكم, فإنه الدين الذي أحبه الله ورضيه, وبعث به أفضل الرسل الكرام, وأنزل به أشرف كتبه...
* وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} وهو الإسلام, أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان, فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً, وقد أتمه الله فلا ينقصه أبداً, وقد رضيه الله فلا يسخطه أبداً ...
- الشامل: قال تعالى :( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) (النحل : 89 )
* قال الإمام السعدي رحمه الله : قوله تعالى : " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء " أي في أصول الدين وفروعه ، وفي أحكام الدارين ، وكل ما يحتاج إليه العباد ، فهو مبيَّـن فيه ، أتم تبيين ، بألفاظ واضحة ، ومعان جلية . حتى إنه تعالى يثني فيه الأمور الكبار ، التي يحتاج القلب لمرورها عليه كل وقت ، وإعادتها في كل ساعة ، ويعيدها ، ويبديها بألفاظ مختلفة وأدلة متنوعة ، لتستقر في القلوب فتثمر من الخير والبر ، بحسب ثبوتها في القلب . وحتى إنه تعالى يجمع في اللفظ القليل الواضح ، معاني كثيرة ، يكون اللفظ لها ، كالقاعدة والأساس . واعتبر هذا ، بالآية التي بعد هذه الآية ، وما فيها من أنواع الأوامر والنواهي ، التي لا تحصى . فلما كان هذا القرآن تبيانا لكل شيء ، صار حجة الله على العباد كلهم . فانقطعت به حجة الظالمين ، وانتفع به المسلمون ، فصار هدى لهم ، يهتدون به إلى أمر دينهم ودنياهم ، ورحمة ينالون به كل خير في الدنيا والآخرة . فالهدى ، ما نالوا به ، من علم نافع ، وعمل صالح . والرحمة ، ما ترتب على ذلك من ثواب الدنيا والآخرة ، كصلاح القلب وبره ، وطمأنينته . وتمام العقل ، الذي لا يتم إلا بتربيته على معانيه ، التي هي أجل المعاني وأعلاها ، والأعمال الكريمة والأخلاق الفاضلة ، والرزق الواسع ، والنصر على الأعداء بالقول والفعل ، ونيل رضا الله تعالى ، وكرامته العظيمة ، التي لا يعلم ما فيها من النعيم المقيم ، إلا الرب الرحيم .


3 - قول قتادة : هي خصومة علمها الله محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه يخاصمون بها أهل الضلالة...

كيف نخاصمهم بها اليوم ؟ كيف ؟ وكثيرٌ منا تبنَّوا عباراتِ العدوّ الرنانة التي تبدو وكأنها لا عيب فيها ، وهي العيب كله ، مثل : " حوار الديانات " ..." تقارب الأديان " " تعايش العقائد " وما شابه هذه الألفاظ المسمومة السامة ... وهنا أسئلة لا بُد منها :

ا- كيف يمكن تقارب المتضادات التي لا تزداد بمرور الزمان إلا بعداً عن بعضها بعض ؟ أما قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) (آل عمران : 100 ) ؟؟؟ يريدون منا اليوم أن نتنازل عن مقوماتنا التي لا قيمة لنا بدونها ، كأن نعيد كتابة القرآن لإسقاط الكثير من آيه ملبين رغباتهم المنحرفة، وكأن نراجع ما صح وثبت عندنا من السنة لإلغاء كل ما لا تهوى أنفسهم المريضة أو يعارض " مصالحهم " التي ما هي إلا مفاسد ، وأي مفاسد ... ، ومنها ... ومنها ... ونحن لن نتنازل عن حبة خرذل من ديننا الحنيف الذي أعزنا الله به... أبداً... فأي حوار ؟ وأي تقارب ؟ وأي تعايش ؟

ب - هل سيكون الحوار من منطلق دعوتهم إلى دين الحق بعدما يبيَّـن لهم بالبراهين القاطعة أن ما هم عليه ضلالة ، أم هو مجرد لقاءات يسودها اللغو ثم تنتهي وكل حزب بما لديهم فرحون ؟ بيانات ملتوية ، وعهود تُنقض قبل أن تُكتب ... أين نحن من قوله تعالى : (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ) (البقرة : 105 ) ... ما يريدون لنا إلا الشر ، فالحذر الحذر ... إنهم لا إيمان ولا أيمان لهم.

ج - كيف يمكن التعايش وطائرات الغزو تمطر الموت ومصفحاته تزرع الخراب ؟ رعب في السماء وفزع في الأرض...مجازر ودمار... ماذا يريدون ؟ الجواب : ( وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء ) (النساء : 89 )

د - كيف نخاصمهم بقوله تعالى : ( قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى ) ونحن قد تخلت طوائف منا كثيرة عن هدى الله واتبعت سبل الغاوين ؟ بدع لا تُعد هنا ، وشركيات لا تُحصى هناك ... فهلّا خاصمنا بها بعضنا بعضا قبل أن نخاصم بها أعداءنا على اختلاف مشاربهم العكرة !!! إن حالنا يرثى لها... ولن تكون لنا مكانة تلمع وكلمة تسمع حتى نعود ، جميعا ، إلى كتاب الله وسنة رسوله ...أما ونحن شراذم متشرذمة ... فلا ... سنظل غثاء السيل ... وسنبقى تلكم القصعة التي تداعى إليها الأمم ...

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ... لا حول ولا قوة إلا بالله السميع العليم....

4 - حديث :«لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق, ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله»( متفق عليه )
٭ من ألفاظ البخاري :
* عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :... وَلَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ ...* بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ يُقَاتِلُونَ ...وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ ؛ - حَدَّثَنَا قَيْسٌ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ ...
٭ من ألفاظ مسلم :
* أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ....
* عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ ...
* عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَنْ يَزَالَ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ ....
* عن مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَان قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ....

قال ابن حجر : قَوْل البخاري ( وَهُمْ أَهْل الْعِلْم ) هُوَ مِنْ كَلَامه ... وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث الْبَاب ثُمَّ قَالَ سَمِعْت مُحَمَّد بْنَ إِسْمَاعِيل هُوَ الْبُخَارِيّ يَقُول ، سَمِعْت عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ يَقُول هُمْ أَصْحَاب الْحَدِيث ، وَذَكَرَ فِي " كِتَاب خَلْق أَفْعَال الْعِبَاد " عَقِب حَدِيث أَبِي سَعِيد فِي قَوْله تَعَالَى ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) هُمْ الطَّائِفَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث " لَا تَزَال طَائِفَة مِنْ أُمَّتِي " ثُمَّ سَاقَهُ، وَقَالَ وَجَاءَ نَحْوه عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَمُعَاوِيَة وَجَابِر وَسَلَمَة بْن نُفَيْل وَقُرَّة بْنَ إِيَاس اِنْتَهَى . وَأَخْرَجَ الْحَاكِم فِي عُلُوم الْحَدِيث بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ أَحْمَد: إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْل الْحَدِيث فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ ؟

وقال :( حَتَّى يَأْتِيهِمْ أَمْر اللَّه وَهُمْ ظَاهِرُونَ ) أَيْ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ ، أَيْ غَالِبُونَ ، أَوْ الْمُرَاد بِالظُّهُورِ أَنَّهُمْ غَيْر مُسْتَتِرِينَ بَلْ مَشْهُورُونَ وَالْأَوَّل أَوْلَى ، وَقَدْ وَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ حَدِيث جَابِر بْن سَمُرَة " لَنْ يَبْرَح هَذَا الدِّين قَائِمًا تُقَاتِل عَلَيْهِ عِصَابَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَقُوم السَّاعَة " وَلَهُ فِي حَدِيث عُقْبَة بْن عَامِر " لَا تَزَال عِصَابَة مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْر اللَّه قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ لَا يَضُرّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَأْتِيهِمْ السَّاعَة "...

5 - {ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير} فيه تهديد ووعيد شديد للأمة, عن اتباع طرائق اليهود والنصارى بعد ما علموا من القرآن والسنة, عياذاً بالله من ذلك ، فإن الخطاب مع الرسول والأمر لأمته ...

* قال ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم :. ..ومع أن الله قد حذرنا سبيلهم، فقضاؤه نافذ بما أخبر به رسوله، مما سبق في علمه، حيث قال فيما خرجاه في الصحيحين: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى، قال: فمن ؟ ". وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، فقيل يا رسول الله، كفارس والروم ؟ قال: ومن الناس إلا أولئك ؟ ". فأخبر أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى، وهم أهل الكتاب، ومضاهاة لفارس والروم، وهم الأعاجم....بيان أن هذا ليس إخباراً عن جميع الأمة، وأنه لا تزال طائفة منهم على الحق إلى قيام الساعة ...
- وقد كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن التشبه بهؤلاء وهؤلاء، وليس هذا إخباراً عن جميع الأمة، بل قد تواتر عنه أنه : لا تزال طائفة من أمته ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة. وأخبر صلى الله عليه وسلم: " أن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة، وأن الله لا يزال يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم فيه بطاعته ".
فعلم بخبره الصدق أنه في أمته قوم مستمسكون بهديه، الذي هو دين الإسلام محضاً، وقوم منحرفون إلى شعبة من شعب اليهود، أو إلى شعبة من شعب النصارى، وإن كان الرجل لا يكفر بكل إنحراف، بل وقد لا يفسق أيضاً، بل قد يكون الإنحراف كفراً، وقد يكون فسقاً، وقد يكون معصية، وقد يكون خطأ.
وهذا الإنحراف أمر تتقاضاه الطباع ويزينه الشيطان، فلذلك أمر العبد بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية إلى الاستقامة التي لا يهودية فيها ولا نصراينة أصلاً....

6 - الكفر كله ملة واحدة ...
* قال القرطبي رحمه الله : تمسك بهذه الآية : (...حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ...) جماعة من العلماء منهم أبو حنيفة والشافعي وداود وأحمد بن حنبل على أن الكفر كله ملة واحدة، لقوله تعالى: "ملتهم" فوحد الملة، وبقوله تعالى: "لكم دينكم ولي دين" [الكافرون: 6]، وبقوله عليه السلام: (لا يتوارث أهل ملتين) على أن المراد به الإسلام والكفر، بدليل قوله عليه السلام: (لا يرث المسلم الكافر).... وذهب مالك وأحمد في الرواية الأخرى إلى أن الكفر ملل، فلا يرث اليهودي النصراني، ولا يرثان المجوسي، أخذا بظاهر قوله عليه السلام: (لا يتوارث أهل ملتين)، وأما قوله تعالى: "ملتهم" فالمراد به الكثرة وإن كانت موحدة في اللفظ بدليل إضافتها إلى ضمير الكثرة، كما تقول: أخذت عن علماء أهل المدينة - مثلا - علمهم، وسمعت عليهم حديثهم، يعني علومهم وأحاديثهم ...والله أعلم.

7- خاتمة ، قال الشوكاني رحمه الله في فتح القدير :- الملة: اسم لما شرعه الله لعباده في كتبه على ألسن أنبيائه وهكذا الشريعة، ثم رد عليهم ( أي على اليهود والنصارى ) سبحانه فأمره ( أي أمر خاتم رسله صلى الله عليه وسلم ) بأن يقول لهم: "إن هدى الله هو الهدى" الحقيقي، لا ما أنتم عليه من الشريعة المنسوخة والكتب المحرفة ، ثم أتبع ذلك بوعيد شديد لرسول الله إن اتبع أهواءهم وحاول رضاهم وأتعب نفسه في طلب ما يوافقهم، ويحتمل أن يكون تعريضاً لأمته وتحذيراً لهم أن يواقعوا شيئاً من ذلك، أو يدخلوا في أهوية أهل الملل ويطلبوا رضا أهل البدع... وفي هذه الآية من الوعيد الشديد الذي ترجف له القلوب وتتصدع منه الأفئدة، ما يوجب على أهل العلم الحاملين لحجج الله سبحانه والقائمين ببيان شرائعه، ترك الدهان لأهل المتمذهبين بمذاهب السوء، التاركين للعمل بالكتاب والسنة، المؤثرين لمحض الراي عليهما، فإن غالب هؤلاء وإن أظهر قبولاً وأبان من أخلاقه ليناً لا يرضيه إلا اتباع بدعته والدخول في مداخله والوقوع في خبائله، فإن فعل العالم ذلك بعد أن علمه الله من العلم ما يستفيد به أن هدى الله هو ما في كتابه وسنة رسوله، لا ما هم عليه من تلك البدع التي هي ضلالة محضة، وجهالة بينة ورأي منهار، وتقليد على شفا جرف هار، فهو إذ ذاك ما له من الله من ولي ولا نصير ومن كان كذلك فهو مخذول لا محالة وهالك بلا شك ولا شبهة...
والله أعلم
***
رضينا بالله ربّا سبحانه وتعتالى
وبالإسلام دينا
وبمحمد رسولا ( صلى الله عليه وسلّم )
نعوذ بالله من غضب الله ومن غضب رسوله


zolz#cc#zolz

سما 22 - 12 - 2012 11:21 PM

رد: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }
 
http://www.arabna.info/vb/mwaextraedit4/extra/01.gif
جزاكم الله خيرا
موضوع قيم جدا بارك الله بك
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ورزقنا واياكم الفردوس الأعلى

بلا عنوان 22 - 12 - 2012 11:21 PM

رد: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }
 
جَزآكـ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَالآرضْ
بآرَكـَ الله فيكـ عَ آلمَوضوعْ
آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـ بآلريآحينْ
دمْت بـِ طآعَة الله ...

ناجي أبوشعيب 22 - 12 - 2012 11:50 PM

رد: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }
 
غربة وطن
جزاك الله الخير وبارك بك على الطرح الهادف
صدق الله العظيم

zolz#cc#zolz

غربة وطن ...
هي تذكير و إنّ الذّكرى تنفع النّاس أجمعين
إنْ شاء اللّه يكون الطرح مفيدا
دمت بودّ
إحتراماتي
أخوك ناجي


zolz#cc#zolz


الساعة الآن 01:33 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى