منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القسم الإسلامي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=21)
-   -   زكاة العنب (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=29837)

منتصر أبوفرحة 27 - 3 - 2013 10:35 PM

زكاة العنب
 
بسم الله الرحمن الرحيم


الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله تعالى :


السؤال:

رجلٌ يملك بستانًا من عنبٍ، قيمة المحصول بعد الجني تفوق النصابَ، فهل يُخرج الزكاةَ من قيمة المحصول أم يُخرجها زكاةَ زرعٍ؟ فالرجاء من شيخنا تفصيلُ كلِّ ما يحتاجه السائل ممَّا له علاقةٌ بزكاة العنب حتى يكون على بيِّنةٍ من أمر دينه، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالزكاة في العنب واجبةٌ قولاً واحدًا، فقد أجمع العلماء من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم على وجوب الزكاة في التمر والزبيب(١)، ولا يُشترط فيه الحول كشأن سائر الزروع والثمار، وإنما تجب فيه الزكاة حين بُدُوِّ صلاحه أي: عند التلوُّن أو حلول الحلاوة لقوله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١] لأنَّ الخارج نماءٌ في ذاته فوجبت فيه الزكاة.

أمَّا وقتُ إخراجه فإنما يكون بعد الجفاف باتِّفاقٍ، أي: وقتَ أن يصير العنب زبيبًا إن كان قابلاً للتزبُّب، قال ابن قدامة -رحمه الله-: «ووقت الإخراج للزكاة بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار لأنه أوانُ الكمال وحالُ الادِّخار»(٢)، ويدلُّ عليه ما روى البيهقيُّ وغيره عن أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُمَا إِلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَهُمَا أَنْ يُعَلِّمَا النَّاسَ أَمْرَ دِينِهِمْ وَقَالَ: «لاَ تَأْخُذَا فِي الصَّدَقَةِ إِلاَّ مِنْ هَذِهِ الأَصْنَافِ الأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ»(٣).

ويُشترط في زكاة العنب بلوغُ يابسه خمسةَ أَوْسُقٍ، فإن نقص المحصولُ عن هذا النصاب لم تجب فيه الزكاة، وهو قول أكثر أهل العلم(٤)؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ»(٥)، قال النوويُّ -رحمه الله-: «لا تجب الزكاة في الرُّطَب والعنب إلاَّ أن يبلغ يابسُه نصابًا وهو خمسة أَوْسُقٍ، هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافَّةً إلاَّ أبا حنيفة وزُفَرَ فقالا: تجب في كلِّ كثيرٍ وقليلٍ»(٦)، والوَسْقُ ستُّون صاعًا بالإجماع(٧)، وخمسةُ أوسقٍ تساوي ثلاثمائة صاعٍ (٣٠٠)، ومقدارُ الصاع من الزبيب ١٦٤٠غ، ويتحقَّق النصاب ببلوغه ٤٩٢ كلغ، والواجب إخراج العشر كاملاً إذا سُقي العنب بدون كلفةٍ، أي: كان سقيُه بالأمطار أو الأنهار أو الأودية، أمَّا إذا سُقي العنب بكلفةٍ كالسقي بالسواني والمكائن والنواضح والرشَّاشات فالواجب فيه نصف العشر لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا(٨) العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ»(٩)، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «فِيمَا سَقَتِ الأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ»(١٠).

هذا، وإن كان العنب لا يصير زبيبًا فإنه إذا بلغ خَرْصُه [أيِ: التقديرُ التقريبيُّ المبنيُّ على الظنِّ الغالب] خمسةَ أوسقٍ فيُجزئه إن أخرجها بالقيمة، فقد نُقل عن مالكٍ -رحمه الله- إخراجُ الزكاة من ثمن العنب وهو ربع العشر -كما في زكاة النقدين-، قال ابن تيمية -رحمه الله-: «والرُّطَب الذي لا يُتْمِر، والزيتون الذي لا يُعْصَر، والعنب الذي لا يُزَبَّب فقال مالكٌ وغيرُه: تُخْرَج الزكاةُ من ثمنه إذا بلغ خمسةَ أوسقٍ وإن لم يبلغ ثمنُه مائتي درهمٍ»(١١)، وقال أبو عبيدٍ -رحمه الله-: «فإذا كانت الثمار رُطَبًا لا يكون منه تمرٌ، أو كانت عنبًا لا يكون منه زبيبٌ فإنه يُحكى عن مالكٍ أنه قال: إذا بلغ خَرْصُه خمسةَ أوسقٍ كان في ثمنه إذا بِيع في كلِّ مائتي درهمٍ خمسةُ دراهم»(١٢).

غيرَ أنَّ من مقتضى الاعتبار والقياس أن يكون المقدارُ الواجب إخراجُه بالقيمة هو العشرَ أو نصفَ العشر -بحسَب ما تقدَّم-، لا كما تقرَّر في زكاة النقدين، لأنَّ الثمن يُعَدُّ بدلاً عن الخارج من الأرض، والبدلُ يأخذ حُكْمَ المبدل ويُقدَّر بقدْرِه، وبهذا قال الشعبيُّ وغيرُه، فقد سئل -رحمه الله- عمَّن باع كَرْمَه عنبًا؟ قال: «يُخْرِجُ مِنْ ثَمَنِهِ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ»(١٣).

وجريًا على مقتضى العدل والإنصاف فإنه إذا أخرج الزكاةَ من القيمة فالمعتبرُ -في ذلك- قيمة العنب في شجره لا بقيمته في السوق تحقيقًا للعدل.

كما يجوز له أن يُخرج المقدارَ الواجب المنصوص عليه [العُشْرَ أو نصفَ العشر] بزبيبٍ آخَرَ -وهو الأفضل- أو بأيِّ عينٍ أخرى غيرِ ذلك المال كحَبٍّ أو تمرٍ، وإن أخرج العُشْرَ أو نِصْفَه عنبًا فيجزئه -أيضًا- عند أكثر العلماء، وبه قال ابن تيمية -رحمه الله-(١٤).

هذا، وإذا تعذَّر عليه معرفة المقدار الغالب حين الخَرْص فإنه يُخرج العُشْرَ احتياطًا «لأنَّ الأصل وجوبُ العشر، وإنما يسقط بوجود الكلفة، فما لم يتحقَّق المُسْقِط يبقى على الأصل، ولأنَّ الأصل عدمُ الكلفة في الأكثر، فلا يثبت وجودها مع الشكِّ فيه»(١٥).

وله في كلِّ ذلك أن يطرح نفقاتِ الزراعة مِن: بذرٍ وسمادٍ وتكاليفِ أجرة العمَّال والديونِ ونحوها من الخارج من الأرض -على الصحيح من أقوال أهل العلم- ثمَّ يزكِّي الباقيَ، سواءٌ كانت التكاليفُ أموالاً استدانها للنفقة على عنبه ومحصولِه، أو للنفقة على نفسه وأهله وعياله، أو لم تكن التكاليفُ والنفقات دينًا، لأنَّ المال لا يُعَدُّ كسبًا وزيادةً إذا أنفق مِثْلَه للحصول عليه.

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢ صفر ١٤٣٤ﻫ
الموافق ﻟ: ١٥ ديسمبر ٢٠١٢م



--------------------------------------------------------------------------------

(١) انظر: «الإجماع» لابن المنذر (٣٢)، «المغني» لابن قدامة (٢/ ٦٩٠)، «المجموع» للنووي (٥/ ٤٥١).

(٢) «المغني» لابن قدامة (٢/ ٧١١)، ونقل الاتفاقَ النوويُّ في «المجموع» (٥/ ٥٣٢).

(٣) أخرجه البيهقي في «الكبرى» (٧٤٥١)، والحاكم في «المستدرك» (١٤٩٢)، والدارقطني في «سننه» (١٨٩٣)، من حديث أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه ومعاذٍ رضي الله عنهما. وصحَّحه الألباني في «الإرواء» (٨٠١)، وفي «السلسلة الصحيحة» (٢/ ٥٤٠).

(٤) انظر: «المغني» لابن قدامة (٢/ ٦٩٥).

(٥) أخرجه البخاري في «الزكاة» باب زكاة الورِق (١٤٤٧)، ومسلم في «الزكاة» (٩٧٩)، من حديث أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه.

(٦) «المجموع» للنووي (٥/ ٤٥٨).

(٧) المصدر السابق، الجزء والصفحة نفسهما.

(٨) وهو ما يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفيرةٍ [«النهاية» لابن الأثير (٣/ ١٨٢)]، والعَثْر ما سقته السماء من الشجر والزرع [«المعجم الوسيط» (٢/ ٥٨٤)].

(٩) أخرجه البخاري في «الزكاة» باب العُشر فيما يُسقى من ماء السماء وبالماء الجاري (١٤٨٣) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

(١٠) أخرجه مسلم في «الزكاة» (٩٨١) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

(١١) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٥/ ٢٨).

(١٢) «الأموال» للقاسم بن سلاَّم (٥٠٤).

(١٣) «الخراج» ليحيى بن آدم (١٥٢).

(١٤) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٥/ ٥٦).

(١٥) «المغني» لابن قدامة (٢/ ٧٠٠).



من موقع الشيخ حفظه الله تعالى

الغراب الأسود 27 - 3 - 2013 11:06 PM

رد: زكاة العنب
 
بارك الله بك وجزاك الخير على افادتنا

B-happy 27 - 3 - 2013 11:06 PM

رد: زكاة العنب
 
ما شاء الله عليك اخي منتصر
جزاك الله الخير

غربة وطن 27 - 3 - 2013 11:13 PM

رد: زكاة العنب
 
بوركت استاذ منتصر ويعطيك العافية

منتصر أبوفرحة 28 - 3 - 2013 09:25 PM

رد: زكاة العنب
 
واياكم اخواني وفيكم بارك الله جميعا

زوج السيدة المدير 28 - 3 - 2013 11:12 PM

رد: زكاة العنب
 
مشكور على الافادة ويارك الله بك

اشراقة شمس 28 - 3 - 2013 11:24 PM

رد: زكاة العنب
 
سلمت الايادي وجزاك الله كل الخير

روح., 28 - 3 - 2013 11:34 PM

رد: زكاة العنب
 
شكرا على جهودك وبوركت يداك على الطرح

ابو فداء 29 - 3 - 2013 12:36 AM

رد: زكاة العنب
 
جهد رااقي منتصر
سلمت لناااا

بصيرة الأعمى 29 - 3 - 2013 12:55 AM

رد: زكاة العنب
 
بارك الله فيك أخ منتصر
معلومة قيمة
محبتي
بصيرة
#cc#


الساعة الآن 11:26 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى