منتديات المُنى والأرب - قصيدة : من وراء القضبان

1- أَمَا إنَّ صبري بعدكم لَجميلُ
ولو أنَّ درب الحادِثَاتِ طويلُ

2- وإنِّيَ أيْمُ الله بعد فراقكم
لأَعلم أنّ الصبر فيه ثقيلُ

3- تَكَادُ إذا ما زار طيْف خيالكم
من الحزن أحشاء الضلوع تسِيلُ

4- فللَّهِ ما بي من همومٍ وحسرةٍ
أصُولُ عليها تارةً وتصُولُ

5- أقمْتُ على الأحزان حتى سألْنَنِي
أَمَا لك يا هذا المقيمَ رحيلُ

6- وفي القلب ذكرى يعلمُ اللَّه أنّهُ
بها منذ عَنَّاهُ الفراقُ عليلُ

7- فيَا عين هلّا تسْمحِين بعَبْرةٍ
فيُشْفى بها للمُستهامِ غليلُ

8- يقولون قل شعرا وإنِّي لِفرْطِ ما
أُكابِدُهُ قد حِرْت كيف أقولُ

9- إلى اللَّهِ أشكو ما لقِيتُ فإنّهُ
وإن كان تحْويهِ الضّلوعُ جليلُ

10- قد اشتدّ هذا الضّرّ حتى رثى له
من الناس شانٍ شامتٌ وخليلُ

11- وقد طال هذا الأسْرُ حتى ظننْتُهُ
إذا زال ما في الأرض ليس يزولُ

12- أَيَا عجباً للدهر هذا أمَا بِهِ
من الناس راعٍ للوداد نبيلُ

13- وما عجَبي أنْ قلَّ في الخطْب صاحبي
وقد قِيل هم في النائبات قليلُ

14- فليْت أخا القربى الذي ما ظننتُهُ
يقابلني بالشرّ عنه يميلُ

15- أُسِرتُ ولا يشكو مع اللّه قِلَّةً
فتىً دمُهُ من أجلِهِ مبذولُ

16- فإنِّي وبي ما بي من الأسْر والضَّنى
عزيزٌ وسجّاني الطّليقُ ذليلُ

17- وكم قيل لي لا تمشِ في طُرُق الرّدى
وهل هو الّا المُشْتهَى المأمُولُ

18- لقد سِرتُ ألقاهُ بشوق مُتيَّمٍ
أتاه بشيراً باللقاء رسولُ

19- وللزوج و الأبناء حزنٌ ورِقّةٌ
وللأم من خلف السُّتور عويلُ

20- وما ليَ لا أمضي إلى الله والوغى
طريقٌ إلى رضوانهِ مكفولُ

21- تركتُ حياة الذلّ وهي لذيذةٌ
ويمَّمتُ درب العزّ وهو مَهولُ

22- وآثرتُ أن أشْقى لتسْعد أمّةٌ
ويُرغم أنفاً بالتراب عميلُ

23- وما أنا من يرضى الخضوع لنفسَهِ
وفي الموت من ذلّ الخضوع بديلُ

24- كفاني من الدنيا متاع مسافرٍ
وسيفٌ له عند الضِّراب صليلُ

25- وحتْفٌ إذا ما شبّت الحرب نارها
يعزّ له بين الحتوف مثيلُ

26- يساومني الأعداء ترك عقيدتي
وقد هد ّ جسمي القيد والتنكيلُ

27- ومن خلفهم أهلي وإنّ ملامهم
لأهونُ منه الصارم المسلولُ

28- فأنَّى وقد أرخصتُ للدين مهجتي
إذا ارهبتْني المُرهباتُ أميلُ

29- فلا تُطمِع الأعداءَ فيَّ نفوسُهم
فليس إلى ترك الجهاد سبيلُ

30- أنا في سبيل الله أحيا لأجلِهِ
وفيهِ إذا حان الفداء قتيلُ

ُ