منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القسم الإسلامي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=21)
-   -   بمناسبة ذكرى الإسراء والعروج (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=8164)

ميارى 8 - 7 - 2010 04:47 PM

بمناسبة ذكرى الإسراء والعروج
 


حلقة خاصة بمناسبة ذكرى الإسراء والعروج 1
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) سورة الإسراء.
يبدأ المقدّم الحلقة بتهنئة العالم الاسلامي بهذه الذكرى ويقول: سمعنا عن حادثة الإسراء والمعراج ونتناولها سنوياً في المساجد والخُطَب والدكتور هداية له حضور جميل وجماهيرية عريضة فلو صنّفنا رحلة الاسراء والمعراج نقول أن فيها رحلتان رحلة أرضية ورحلة سماوية والمسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة وهناك التباس عند المسلمين في أشياء كثيرة فما هي تفاصيل الرحلتين وماذا حدث في كل سماء والحديث الذي دار بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين باقي الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ولماذا قال جبريل عليه السلام عند سدرة المنتهى لوتقدّمتُ لاحترقت ولو تقدّمتَ لخرقت وما دلالة أن يؤمّ الرسول صلى الله عليه وسلم بقية الأنبياء والرسل في المسجد الأقصى؟
يبدأ الدكتور جوابه بتهنئة العالم الاسلامي بهذه الذكرى العطرة وهي الإسراء والعروج كما أحب أن اسمّيها. لقد شاعت بيننا باسم الاسراء والمعراج لكني أقول أن المعراج هو مكان العروج ونحن لا يعنينا مكان العروج ولكن يعنينا الحادثة نفسها أي العروج فلو أردنا أن نتحدث عن المكانين نقول الإسراء والمعراج (الذي هو مصعد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السماء) أما إذا أردنا أن نتحدث عن الحادثتين نقول الاسراء والعروج.
والذي يجب أن يستقر في قلب المسلمين ليست الخرافات التي تلحق بأية قصة من قصص الاسلام وهذه الحادثة وقعت بين حادثتين تاريخيتين هما البعثة والهجرة أعني بها هجرة المسلمين وإخراج الرسول صلى الله عليه وسلم وحادثة الاسراء والعروج هي الحادثة الوسط بيت هاتين الحادثتين وقد حدثت بطريقة متفرّدة لأنها كما أراد الله تعالى منها ويجب أن يكون لها تأثير معيّن في نفس المسلم. ولمّا أسأل نفسي لماذا حدث الاسراء والعروج؟ هل حدث تسرية للرسول صلى الله عليه وسلم وأن السماء لم تدعه بعد أن هجر أهل الأرض له؟ هذا كان يمكن أن يكون بدون الحادثة. توجد أحاديث ضعيفة وخلافات بين أهل التفسير وأهل الحديث وبين أهل الحديث أنفسهم حول هذه الحادثة وهنا لي ملحظ على بعض ما يحصل في المساجد فأحياناً نسمع الخطيب يتحدث عن المرائي التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحلته في السماء ويتحدث عن عذاب الزُناة والناس يقولون الله! ولو كان الحديث صحيحاً يجب أن يظهر علينا الحزن والاستعاذة بالله من العذاب وللأسف أن معظم الناس يستمعون إلى القصة كقصة لكن الحق أنه يجب أن نأخذ الاسراء والعروج ونستفيد منه ونأخذ العبرة. فنحن مسلمون بعقيدة وليس بقصة وسنُسأل أمام الله تعالى عن عقيدة ولذلك حينما قال تعالى (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) يوسف) فهذا يعني أنه إذا حمل القرآن لنا قصة نأخذ العبرة منها والمثل وكيف نتفادى ما وقعت به تلك الأمة وكيف نسير على ما نجحت فيه هذه الأمة.
الإسراء حدث للرسول صلى الله عليه وسلم بعد مسألة أرجو أن نفهم نحن المسلمون الوقائع فيها أولاً حينما بُعِث الرسول صلى الله عليه وسلم للناس بدأ بالهداية والدعور سِرّاً بطريقة محددة معينة فتحرك بالسّر وبحذر ولو شاء الله تعالى لتحرّك في العلن ومن بداية القرآن أراد الله تعالى أن تبدأ الحياة بالتجربة العملية ولذلك كانت قصة آدم أول القرآن وبدأت بالأمر ثم المعصية ثم التوبة. إذا نظرنا إلى آدم عليه السلام ونسأل لماذا حدثت القصة؟: افعل ولا تفعل (لا تأكل من الشجرة فيأكل) ويعصي ثم يكتب الله تعالى على عباده التوبة ويعلّم آدم التوبة (فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) البقرة) ولولا أن علّمه الله تعالى كلمات ليتوب بها لما تاب ثم يقبل الله تعالى التوبة. والشاهد أنه لو لم يعطي الله تعالى آذم هذه الكلمات ما عرف أن يتوب. والمسألة حتى نفهمها بدأت بفضل الله تعالى الحياة بالتجربة وكذلك الاسراء حدث ليؤكّد الله تعالى لنا أنك إذا أخذت المنهج واتخذت الأسباب فأنت فعلت ما عليك فإذا انقطعت بك الأسباب بعد أخذك المنهج والأسباب ورفعت يديك إلى السماء لا يردّهما الله تعالى أبداً (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ (62) النمل). ولنرجع إلى رحلة الطائف والحديث إن صحّ ما فيه ويجب أن يُفهم على بعض الألفاظ في هذا الدعاء. الرسول صلى الله عليه وسلم يذهب إلى الطائف ويورد أن بنشر الاسلام خارج مكة وكان يظن أنه سيُقابل بالترحيب فحصل العكس فلما انقطعت به الأسباب لجأ إلى رب الأسباب وخالق الأسباب فقال دعاء أرجو أن يقع في قلوبنا جميعاً أن يسألوا ربّ الناس ولا يسألوا الناس كأنهم أصحاب الحلّ وينسوا رب الناس كما يفعل الناس عادة وهذه عقيدة فاسدة أن تسأل الناس وتنسى رب الناس ولقد وعظ الرسول صلى الله عليه وسلم ابن عبّاس بقوله :" إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله". فلمّا حدث للرسول صلى الله عليه وسلم ما حدث في الطائف ألجأ رأسه إلى الحائط ولجأ إلى رب الأسباب فقال: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكِلني إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملّكته أمري إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي لكن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلُح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحلّ عليّ سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك ".
يجب أن يستقر في قلوبنا ونسمع الكلمات ولا نتقوّل فالبعض يقول أن ضعف قوتي معناها أن المسلمين الأوائل كانوا ضعفاء ! كلا المعنى أنه كان هناك قوة أخذ منها حتى ضعفت وكذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم قلة حيلتي بمعنى أنه كان لديه حيل حتى استنفذها وأصبح محتاجاً لِمَدد من السماء. ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم يا أرحم الراحمين أنت ربُّ المستضعفين ولم يقل الضعفاء ولا يجب أن يكون المسلم ضعيفاً كما جاء في الحديث الشريف:"المؤمن القوي خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف" وقال تعالى (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ (الفتح)) فالمسلمون الأوائل ليسوا ضعفاء ولكنهم مستضعفين لله عز وجلّ ومهما بلغت قوتي أخذت منها حتى نفذت فلجأت إلى رب السماء الذي أنا مستضعف له ليمدّني بقوة هي أعلى من قوتي مهما بلغت قوتي. هكذا يتكلم الرسول صلى الله عليه وسلم على أنه استنفذ أسباب الأرض فلجأ إلى السماء وهنا كان حقاً على الله تعالى أن يستجيب مصداقاً لقوله تعالى (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ (62) النمل). ولا ننسى أن هذه الرسول صلى الله عليه وسلم بُشِّر بهذه الرحلة قبل حدوثها بفترة: عندما انقطع الوحي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال المشركون ربُّ محمد قلاه وهذه شهادة من المشركين أن محمداً له ربّ وأنه لا يأتي بالقرآن من عنده وبهذا القول ظهر الحق وزهق الباطل بلسانهم، وينزل القرآن بردّ السماء على مشركي الأرض (وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)) وبعض المفسرين يقول أن الآخرة هنا هي الدار الآخرة وهذا كلام عيب علينا أن نقوله لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يفهم تماماً أن الآخرة خير له من الدنيا فهل ينفع أن يُقسم للرسول على أن الآخرة خير من الأولى؟ هؤلاء المفسرين يأخذون الكلمة من القرآن ويفسّرونها خارج النصّ وما أرجوه من علماء هذا العصر أن يأخذ الكلمة ونفسّرها في إطار النصّ، وعلماء اللغة يقولون أن الكلمة في القرآن عاشقة لمكانها ومكانها عاشق لها. والآيات تتكلم عن انقطاع الوحي عن الرسول صلى الله عليه وسلم فالمولى تعالى يقول له (وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)) بمعنى أن آخر مرة يأتيك الوحي أفضل من السابقة وهكا حتى يأتيك اليقين وهذا تبشير الاسراء (والمقصود بالأولى في الآية أنها السابقة) سيظلّ الحق يعطيك حتى ترضى ولا تجد ما هو أعظم من رحلة الاسراء والعروج وكل المرائي التي رآها الرسول صلى الله عليه وسلم عظيمة وعِلّة الرحلة نفسها (لنريه من آياتنا) عظيمة ولسوف يعطيك ربك فترضى وعطاء الله هو كل عطاءاته: في استمرار نزول القرآن واستمرار حُبّ الله تعالى له واستمرار مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم عند ربّه كلها ليطمئن الرسول ويعرف أن يدعو إلى الله. الوحي انقطع عن الرسول صلى الله عليه وسلم لِعِلّة كبرى فالرسول يجب أن يكون مقتنعاً بأنه رسول وبما أنزله الله تعالى عليه ويقتنع بما يدعو إليه فإذا اقتنع هو أنذر عشيرته الأقربين (وأنذر عشريتك الأقربين) ثم الأقرب فالأقرب.
وهنا يستطرد المقدّم ويسأل هل كان عند الرسول صلى الله عليه وسلم تردد أو شكّ في هذه المسأله حتى يحتاج إلى التطمين؟
الجواب: ليس شكاً لكن إذا أنت كلّفتني بقضية وأخبرتك أنني غير مقتنع بها فمن المؤكّد أن تسحب القضية مني.
الأحداث التي حدثت لرسول الله صلى الله عليه وسلم من مسألة شقّ الصدر ومسألة الاسراء والعروج ومكانته عند ربّه كلها يُثبّت فؤاد الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك يُظهر الله تعالى قوة الرسول صلى الله عليه وسلم في تزكيته في أوائل سورة النجم. عندما تكلم عن العروج زكّى الله تعالى رسوله أعلى من تصور أي انسان وأعلى من باقي الأنبياء فزكّى عقله (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) النجم) وزكّى لسانه ومنطقه (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)) وزكّى شرعه (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)) وزكّى معلّمه (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)) وزكّاه بالعبودية لله تعالى (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)) وزكّى فؤاده (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)) والفؤاد محل القلب في البَدَن فإذا زكّى الفؤاد فكيف بالقلب؟ وزكّاه عن المجادلة والمحاورة والمناورة (أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12)) وزكّى بصره (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)) وزكّى رؤيته (لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)) ثم زكّاه كله جملة وتفصيلاً في قوله تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) والرسول صلى الله عليه وسلم بهذه المنزلة وتِلكم المكانة أعلى البشر ، هو محمد وهو بشر الذي بشّر به عيسى عليه السلام وجاء برسالة خاتمة تهيمن على باقي الرسالات وكتاب هيمن عن كل الكتب السابقة لذلك صلّى بالأنبياء ليُعلِن الله تعالى إمامته وقدوته للأنبياء جميعاً ويُعلِن الله تعالى تصديق الأنبياء جميعاً له. والشاهد أن مثل هذه الحادثة كان لا بد من حدوثها ليتأكد هو صلى الله عليه وسلم من منزِلته عند رب السماء فهي تزكية وتكريم وتأييد له صلى الله عليه وسلم.
توجّه الرسول صلى الله عليه وسلم لله تعالى ليسأله النصر والتأييد وأن يخفف عنه وأن يلهمه الرشاد لاستكمال المسيرة في الدعوة إلى الله تعالى فقال صلى الله عليه وسلم " اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكِلني (لن ألجأ إلى أسباب في الأرض) إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملّكته أمري إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي (ومن هذا نتعلّم أنه إذا وقع لنا أمر إذا كان هذا الأمر غضب من الله تعالى نحزن وإن كان ابتلاء من الله تعالى نتحمّل وحتى لو كان ابتلاء لن نتوجه إلا إليك يا ربي ولن أفِرّ منك إلا إليك) لكن عافيتك أوسع لي (الرسولصلى الله عليه وسلم يعرف قَدر الله تعالى عليه) أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلُح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحلّ عليّ سخطك لك العتبى حتى ترضى (التسليم المطلق لله تعالى بما قضى مهما كان هذا القضاء وهذا هو سِرُّ أو أول آية في القرآن بعد البسملة (الحمد لله رب العالمين) ليفهم الناس معنى الآية فأنت يا ربي الذي تُقرر وتقضي وتنزل وترفع وكل الصفات لك يا رب العالمين لك التسليم والرضى بما قضيت مهما كلن هذا القضاء ) ولا حول ولا قوة إلا بك (وفي رواية ولا حول ولا قوة إلا بالله)"
والحمد ليس كالشكر والفرق بينهما كبير: الشكر يكون لله وللناس أما الحمد فلا يكون إلا لله تعالى وحده. والحمد ليس الثناء (التسبيح هو الثناء) لكن الحمد هو إعلان الرضى والتسليم بقضاء الله وقدره مهما كان هذا القضاء في الضرّاء قبل السرّاء وفي المصائب قبل الأفراح ورحِم الله من قال أن الحمد لله كلمة مزدوجة الأداء تُقال عند اكَرب فتفرّجه وتُقال عند الخير فتزيده. فالحمد لله في كل حال على أي حال ولقد لخص الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المفهوم في قوله لك العتبى حتى ترضى. ومن جميل الدعاء " لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إن رضيت ولك الحمد بعد الرضى" لأنك إن لم تُحمَد أنت يا رب العالمين فمن يُحمَد؟ فالحمد لله وحده دون غيره سبحانه وتعالى جلّ شأنه وتعالى جدّه وتعالى قدره وتعالت أسماؤه. فالل تعالى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم له هذه المنزلة وهذا القدر فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يسأل الله تعالى ويعجز لسانه عن الشكر يقول "سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك جلّ وجهك وعزّ جاهك وتقدّست أسماؤك" هي منزلة تليق بمقام الله تعالى ولا يوجد مخلوق يصل إلى حق قدر الله تعالى.
حينما يقتنع الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه رسول يبدأ بإنذار عشيرته الأقربين ثم يخرج إلى الناس كافّة فحدث له ما حدث في مكة والطائف. ثم ننظر إلى الرحلة بقضاء الله تعالى فيها والرحلة هي أعجب مما نظن جميعاً ومهما قلنا أنها عجيبة لا يمكن أن نصل إلى قدرها بدليل مطلع الآية في الإنباء عنها (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)) التي جاءت في أوائل سورة الإسراء أو سورة بني اسرائيل كما تُسمّى أيضاً وذلك لأنها تتحدث عن بني اسرائيل وما فعلوه ويُفعل بهم.
ابتدأ تعالى السورة بنمط فريد من التسبيح، فمن يسمع قوله تعالى (سبح اسم ربك الأعلى) يقول سبحان ربي الأعلى وعندما نسمع قوله تعالى (فسبّح باسم ربك العظيم) نقول سبحان ربي العظيم والرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نجعلها في الركوع وفي الحالتين أمرنا تعالى بالتسبيح فسبّحنا بالإطلاق فلمّا علِم تبارك وتعالى أنه لن يوجد مخلوق يسبّحه في هذه الحادثة حقّ التسبيح سبّح نفسه فقال تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده) كأننا أُمرنا فعجزنا فسبّح الله تعالى نفسه. كان يمكن أن يقول (سبِّح اسم الذي أسرى) لكن من يستطيع أن يسبّح الله حق التسبيح في هذه الحادثة؟ هذه الحادثة خرجت عن إلف العادة ولكن الله تعالى أجرى فيها العادة بطريقة متفرّدة جداً سواء الرحلة الأرضية أو الرحلة السماوية.
(سبحان الذي أسرى) تنزيه مطلق لله تعالى عن أي شيء يأتي إلى ذهنك في هذه القضية لأن البعض قد يتساءل عن الوقت الذي استغرقته هذه الرحلة وقد يتعجب. نحن نعرف أن الفِعل يتميّز عن الاسم بأنه كلمة لها زمن ولها فاعل فلكل فعل إذن زمن وفاعل وعليه فإن زمن الحدوث للفعل يتوقف على قوة وقدرة الفاعل ولو أن نحمداً صلى الله عليه وسلم هو الذي قال أنا سريت من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى لكنا ناقشنا الأمر لكن الذي يقول هو الله تعالى وهو خالق الزمان والمكان فكيف نناقشه؟ يوجد على الأرض من ادّعى مُلك الأرض والبحار والمكان لكن لم يوجد أحد ادّعى ملك الزمانوالله تعالى ملِك الزمان نحن نقرأ في سورة الفاتحة (مالك يوم الدين) فالذي ملَك الزمان هو الله تعالى هو الذي أسرى بمحمد صلى الله عليه وسلم وهو خالق الزمان فكيف نتحدث عن الزمان؟ صفة الله تعالى أن يقول للشيئ كن فيكون أما نحن إذا أردنا شيئاً نحتاج لزمن حتى يتم الحدث والفعل لكن عندما ننسب القضية إلى الله تعالى (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) وهي تعني أن الشيء موجود قبل إرادة الله تعالى لها لأن الله تعالى ليس عنده زمن والدليل من الآية أنه قال (يقول له) ولم يقل يقول عنه (عنه نستعملها إذا لم يكن الشيء موجوداً). : كُن تعني إظهار الشيء لنا نحن لنراه لكنه هو موجود عند الله تعالى فلا زمن للفعل عند الله تعالى ولا يجوز لنا أن نتكلم عن الساعات والدقائق لأن هذه الرحلة قائمة بقدر الله تعالى وبقول الله (كُن). ومحمد صلى الله عليه وسلم هنا عبدٌ لا يملك إلا التنفيذ.
يسأل المقدّم عن حادثة شق الصدر وهل لها علاقة بالإسراء والعروج وهل كان العروج من المسجد الأقصى أو من هرَم خوفو في الجيزة ؟
حادثة شق الصدر:
حادثة شق الصدر فيها أكثر من حدث. منهم من يقول أنها وقعت والرسول صلى الله عليه وسلم عند حليمة السعدية وحدثت قبل الاسراء والعروج وأنا شخصياً لا أدخل في خلاف الأحاديث وأقول أنه وارد أن تكون حدثت في ذلك الوقت أو غيره فالحادثة لها معنى بالمدلول والحادثة هي أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءه ثلاثة نفر فشقوا عن قلبه وأخرجوه فغسلوه بطبق من ذهب بماء زمزم وفي رواية أنهم رفعوا منه نُكتَة سوداء ولكني شخصياً لا آخذ بها لأن اله تعالى يعلم أن محمداً سيكون رسوله . المهم من القضية أن آخذ مدلولها ولا يهم إن كانت حدثت وهو طفل أو قبل البعثة أو قبل الاسراء والمدلول من الحادثة أنه قبل كل عمل ضخم يحتاج محمد صلى الله عليه وسلم أن يذكّر الأمّة أنها تحتاج إلى تطهير معيّن قبل أن تُقدِم على العمل. الرسول صلى الله عليه وسلم حدثت له حادثة شق الصدر لأنه رسول وله معجزات وحدوثها قبل الاسراء لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سيذهب في رحلة أرضية وأخرى سماوية للقاء رب العالمين فلا بد أنه يحتاج لتغيير فيزيولوجي حتى يُبصِر المرائي واستيعابها وحتى يلقى الله تعالى ويراه. نأخذ المدلول من شق الصدر مع الإسراء والعروج النتهت بفرض الصلاة فالرسول صلى الله عليه وسلم احتاج إلى تطهير معيّن ليتلقّى فرض الصلاة ونحن نحتاج لتطهير معيّن لنقيم الصلاة والوضوء يطهّر من كل الذنوب قبل أن تلقى الله تعالى في الصلاة وأنا آخذ المدلول وأعرف المعنى من الوضوء والله تعالى يبيّن لنا قيمة الوضوء بأن شرَع التيمم حتى يلفت نزرنا إلى أن الوضوء ليس نظافة ولكن طهارة (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) البقرة). فنحن نأخذ كما قلنا من حادثة شق الصدر العبرة والأسوة حتى نتعلم أننا نحتاج للتطهير قبل أن نلفى الله تعالى. والرسول صلى الله عليه وسلم تقع عليه معجزات أما نحن فعلينا أن نطهّر قلوبنا بأيدينا وأذكر قصة الأعرابي الذي بشّره الرسول بالجنة فذهب إليه أحد الصحابة وبقي معه ثلاثة أيام يراقبه ماذا يفعل حتى استحق الجنة فلم يجده يفعل شيئاً خاصاً فلما سأله أجابه الأعرابي : ساعة أنام لا أحمِل في قلبي غِلاّ لأحد.
إذن أنا آخذ مدلول المعنى في حادثة شق الصدر وأنها على مُراد الله تعالى في محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أسوة لنا (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) الأحزاب) فإذا أردت أن تذهب إلى الصلاة التي فُرِضت في العروج والاسراء قبل العروج وشق الصدر قبل الاسراء فعليك أن تطهّر قلبك وبدََنك قبل أن تقف بين يدي الله تعالى فما بالكم في رجل يقف في الصلاة ويسرح ويخطط بالاعتداء على آخر؟؟
[motr]
يتبع ..
[/motr]

ميارى 8 - 7 - 2010 05:10 PM



حلقة خاصة بمناسبة ذكرى الإسراء والعروج 2
يبدأ المقدم الأستاذ هاشم بالترحيب بالدكتور هداية والتذكير بأنه يُصحح لنا مفاهيم خاطئة في الأمة منها تصحيح أن طه ويس ليسا من أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنها من الحروف المقطعة في القرآن ومفهوم الهجرة بأن المسلمين هاجروا لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أُخرِج من مكة وهي إذن حاثة إخراج وليست هجرة وكذلك صحح لنا مفهوم الإسراء والمعراج وطلب من الدكتور إعادة الفرق بين العروج والمعراج.
يقول الدكتور هداية أن الشائع بين الناس قول الإسراء والمعراج للدلالة على هذه الحادثة العظيمة والإسراء حدث والمعراج هو مكان العروج وعندما نعطف يجب أن نعطف مكاناً على مكان فنقول (المسرى والمعراج) أو نعطف حدثاً على حدث فنقول (الإسراء والعروج) ونحن لا يعنينا مكان العروج نفسه بقدر ما يعنينا مفهوم كل كلمة ومدلولها ونقف عند الحادثتين على أنهما أهم حدث بالنسبة للمسلمين من حيث الفرائض لأن في ها فرضت الصلاة وهذه هي أهم جزئية من العروج. هناك العديد من الأحاديث الموضوعة التي تتحدث عن المرائي التي رآها الرسول صلى الله عليه وسلم في رحلة العروج ونحن لا نخرج عن الكتاب والسنة الصحيحة بِفَهم أهل السلف الصالح. ونحن كمسلمين عندما سنقف بين يدي الله تعالى يوم القيامة لن يسألنا عن المرآئي التي رآها الرسول صلى الله عليه وسلم في العروج وإنما سيسألنا عن الصلاة. ولا يهمنا ماذا رأى الرسول صلى الله عليه وسلم لكن من الحديث الصحيح نلاحظ كم تحفّظ الرسول صلى الله عليه وسلم في رواية ما رأى لأنه صعب على الأمة أن تتخيل في حينها وفي ذلك العصر ما رأى بالفعل أما بالنسبة لنا اليوم ونحن نتابع ونحن جالسين في مكاننا ما يجري في قارة أخرى فهذا الأمر يُقرّب الحادثة إلى أذهاننا أكثر.
حادثة الإسراء والعروج هي حادثة خارجة عن إلف العادة إلى إطار المعجزة. والله تعالى صدّر الحادثة في بداية سورة الإسراء بقوله تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده) الفعل يعود إلى قوة خارقة والفعل في هذه الحادثة يُضاف إلى الله تعالى لا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حتى الرؤية كانت من الله تعالى (لنريه من آياتنا). فالواقعة كلها تخرج من إلف المعتاد إلى المعجزة وهي تخرج عن نطاق تصورنا وعقولنا وتقبّلنا وعن النواميس فتعود إلى النطاق الإيمان بالغيب. جعل الله تعالى الجنة للمؤمنين المتّقين وهي مكافأة على إيمانهم ويقينهم ولم يصف الله تعالى المتقين في بداية سورة البقرة صدفة (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)) فأول توصيف للمتقين هو أنهم يؤمنون بالغيب ثم يقيمون الصلاة ثانياً فجاء الإيمان بالغيب قبل الصلاة. تقع بنود كثيرة تحت الإيمان بالغيب منها أنه عندما يحدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن وصف جبريل نصدّقه ونأخذ بما يقول على أنه إيمان بالغيب وعندما يحدثنا أنه رأى كذا وكذا نصدقه إيماناً بالغيب. وتصوير الحادثة في سورة الإسراء (سبحان الذي أسرى بعبده) يوضح لنا أن رب محمد هو الذي أسرى به فمن الإيمان بالغيب أن نسمع ونصدّق ما أخبر به محمد صلى الله عليه وسلم ونتذكر موقف الصدّيق أبي أبكر مما قاله المشركون بعد حادثة الإسراء والعروج وكيف أن ردّه عليهم أكّد أن الحادثة لا تُصدّق لكن بما أن محمداً قالها فنحن نصدّقه لأنه هو الصادق الأمين والذي أطلق عليه هذا الوصف هم المشركون أنفسهم فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكذب في حياته قطّ. وعندما تثير هذه الحادثة جدلاً إلى يومنا هذا فهذا إعجاز آخر من الله تعالى. وعندما نسمع (سبحان الذي أسرى بعبده) يجب أن يستقر في قلوبنا أنه كلما سمعنا أو خطر على بالنا أمر لا يُصدّق نقول (سبحانك) تنزيهاً لصاحب الواقعة الحقيقي سبحانه وتعالى وتنزيهاً لمن أسرى بعبده صلى الله عليه وسلم. ويجب أن نوقّع في قلوبنا (سبحان الذي أسرى بعبده) فوصفه تعالى بعبده ولم يقل رسوله أو نبيّه لأن هذه الرحلة هي للعبد وليس للرسول أو النبي ومحمد صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة كان عبداً لأن هذا ما أراده الله تعالى وما أراده الله تعالى أن يقع سيقع وما أراده الله أن يراه سيراه ويؤكّد ذلك قوله تعالى (لنريه من آياتنا) ولم يقل ليرى وإنما لنُريه والرسول صلى الله عليه وسلم سيحصل له تغيير معيّن حتى يرى ما شاء الله تعالى أن يُريه فلا يناقش الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا لأن القرآن الكريم صادق (أفتمارونه على ما يرى) وليس له علاقة بما رأى وما رآه أراه الله تعالى إياه فالفعل يبقى لله تعالى. ففي سورة الإسراء قال تعالى (لنريه) وفي سورة النجم قال تعالى (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) هذا بعد أن جُهّز الرسول صلى الله عليه وسلم وأُعِدّ فأصبح قادراً على الرؤية. وهنا صدق موسى عليه السلام في طلبه (قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) لم يقل رب أريد أن أرى مثلاً وإنما قال رب أرني أنظر إليك لأن موسى لا يملك أن يرى بذاته وإنما يرى بتحويل من الله تبارك وتعالى. فالواقعة تدخل في نطاق المعجزة فسبحان الذي أوقعها وأسرى بعبده.
والعبودية هنا نتوقف عندها فول قلنا أن إنساناً ما عبدٌ لآخر ففيه ذُلّ والعبد نفسه يتضايق بوصفه بالعبد أما عندما نقول عبد الله فهذا شرف كبير أن أكون عبداً لرب العالمين والله تعالى اختار هذا اللفظ (عبده) ليُخرِج محمداً عن نطاق الفعل ويشرّفه بأنه نبي ورسول والأعلى منهما أنه عبد لله رب العالمين وهنا أتلقّى العبودية وأفهمها. فالواقعة لها توقيعات مهمة فأنا كمسلم عبد لله رب العالمين وهذا شرف وفي الحياة عندما يأتيك تكليف من شخص آخر يكون هذا شاقاً عليك لكن الأمر يختلف عندما يأتي التكليف من الله تعالى رب العالمين. قلنا في الحلقة السابقة أن الصيام والحج والزكاة جاء التكليف بها على الأرض أما الصلاة فهي عملية تحتاج إلى مكان معين لفرضها فيستدعي الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم ويكلّفه في مقام القرب بها. ونحن نعلم أن أول ما يُسأل العبد عنه يوم القيامة هو الصلاة فإن صلُحت صلُح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله. وهذا الحديث يؤكّد قوله تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر) فالذي يؤدي الصلاة بحقها تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر وسصلح سائر عمله ولذلك فُرضت الصلاة في مكان القُرب قال تعالى (كلا لا تطعه واسجد واقترب) لأن الله تعالى لمّا افترض الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وأمّته افترضها في مكان القرب أي إن سجدت يا محمد اقتربت والرسول صلى الله عليه وسلم يقول "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" والسجود أهم أركان الصلاة في إثبات الخشوع لأن الإنسان يضع أعلى وأشرف جزء في جسده على الأرض. قال تعالى لمريم عليها السلام (واسجدي واركعي) قدّم السجود على الركوع دلالة على الخشوع في الصلاة.
يسأل المقدم مستوضحاً الحديث الصحيح الذي ذكرت فيه حادثة الإسراء والعروج ومسألة فرض الصلاة وما معنى الصلاة وهل هي صلة بين العبد وربه؟
صحيحا البخاري ومسلم هما أصح الكتب في الأحاديث يليهم الإمام أحمد وقد ذكروا حديث الإسراء والعروج لكنهم لم يذكروا المرائي كلها وإنما ذكروا منها واقعة أو اثنتين بأحاديث اتّصل سندها بالرسول صلى الله عليه وسلمونحن يعنينا من الحادثة أنها حدثت والإيمان بها واجب على كل مسلم ولأني مسلم أفهم الهجرة والإسراء والعروج وقلنا أن الهجرة كانت للمسلمين أما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد وصفه تعالى في القرآن الكريم بأنه أُخرِج ولم يخرج بنفسه.
أنا أؤمن بالقضية في القرآن واخترت حديث مسلم أو البخاري وقد اتفقا في أمور واختلفا في أمور بسيطة لا يُبنى عليها أنها خلافات. الحديث في مسلم يقول :
"أُتيت بالبراق (وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودونالبغل. يضع حافره عند منتهى طرفه) قال، فركبته حتى أتيت بيت المقدس. قال، فربطتهبالحلقةالتي يربط به الأنبياء. قال، ثم دخلتالمسجد فصليت فيه ركعتين. ثم خرجت. فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء منلبن. فاخترت اللبن. فقال جبريل صلى الله عليه وسلم : اخترت الفطرة. ثم عرج بنا إلىالسماء. فاستفتح جبريل فقيل : من أنت؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : وقد بعث إليه؟ قال : قد بعث إليه. ففتح لنا. فإذا أنا بآدم. فرحب بي ودعا ليبخير. ثم عرج بنا إلى السماء الثانية. فاستفتح جبريل عليه السلام. فقيل : من أنت؟قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال. محمد. قيل : وقد بعث إليه؟ قال : قد بعث إليه؟ففتح لنا. فإذا أنا بابني الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا صلوات الله عليهما. فرحبا ودعوا لي بخير. ثم عرج بي إلى السماء الثالثة. فاستفتح جبريل. فقيل : من أنت. قال : جبريل. قيل. ومن معك؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم. قيل : وقد بعث إليه؟قال : قد بعث إليه. ففتح لنا. فإذا أنا بيوسف صلى الله عليه وسلم. إذا هو قد أعطيشطر الحسن. فرحب ودعا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة. فاستفتح جبريل عليهالسلام. قيل : من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قال : وقد بعثإليه؟ قال : قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بإدريس. فرحب ودعا لي بخير. قال اللهعز وجل : {ورفعناه مكانا عليا} [19/مريم/ آية 57] ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة. فاستفتح جبريل. قيل من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : وقد بعثإليه؟ قال : وقد بعث إليه. ففتح لنا. فإذا أنا بهارون صلى الله عليه وسلم. فرحبودعا لي بخير. ثم عرج إلى السماء السادسة. فاستفتح جبريل عليه السلام. قيل : منهذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : وقد بعث إليه؟ قال : قد بعثإليه. ففتح لنا فإذا أنا بموسى صلى الله عليه وسلم. فرحب ودعا لي بخير. ثم عرج إلىالسماء السابعة. فاستفتح جبريل. فقيل : من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل. وقد بعث إليه؟ قال : قد بعث إليه. ففتح لنا. فإذا أنا بإبراهيم صلى اللهعليه وسلم، مسندا ظهره إلى البيت المعمور. وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لايعودون إليه. ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى. وإن ورقها كآذان الفيلة. وإذا ثمرهاكالقلال. قال، فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت. فما أحد من خلق الله يستطيع أنينعتها من حسنها. فأوحى الله إلي ما أوحى. ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة. فنزلت إلى موسى صلى الله عليه وسلم. فقال : ما فرض ربك على أمتك؟ قلت خمسين صلاة. قال : ارجع إلى ربك. فاسأله التخفيف. فإن أمتك لا يطيقون ذلك. فإني قد بلوت بنيإسرائيل وخبرتهم. قال، فرجعت إلى ربي فقلت : يا رب! خفف على أمتي. فحط عني خمسا. فرجعت إلى موسى فقلت : حط عني خمسا. قال : إن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربكفاسأله التخفيف. قال، فلم أزل أرجع بين ربي تبارك وتعالى وبين موسى عليه السلام حتىقال : يا محمد! إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة. لكل صلاة عشر. فذلك خمسون صلاة. ومنهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة. فإن عملها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملهالم تكتب شيئا. فإن عملها كتبت سيئة واحدة. قال : فنزلت حتى انتهيت إلى موسى صلىالله عليه وسلم فأخبرته. فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف. فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم فقلت : قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه".
(المسند الصحيح رقم 162).
وعندما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم البُراق وصفه بوصف يعرفه أهل ذلك الزمان وبما يناسب فِكر العصر الذي كان أما إسم البراق قهو من البرق بمعنى السرعة ووصفه الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يضع حافره عند منتهى نظره فهو سريع جداً. وتوجد الكثير من الأحاديث التي تصف أنه عندما جاء يركبه لم يرض البراق فقال له جبريل ما ركبك خير منه قطّ وهذه كلام لا قيمة له ونحن نأخذ بما قاله لنا الرسول صلى الله عليه وسلم
الذي يعنينا ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أنه ركب البراق من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهنا أتمنى أن تكون حياتنا اهتمام بالوقائع الصحيحة واستقاء العِبرة بصرف النظر عن الحقلئق غير الصحيحة وأنبّه أنه يوجد كتاب في الأسواق بعنوان : عن اين عباس وفيه الكثير من الأحاديث العجيبة.
ثم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث وهذه نقطة اعترض عليها العلماء أن الرسول صلى الله عليه وسلم ربط البراق بحلقة كان الأنبياء يربطون بها عند المسجد الأقصى فيقول العلماء وهل سيُسرق البراق حتى ربطه الرسول صلى الله عليه وسلم؟ فنقول نحن تعلّمنا من الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل معه بعير له فسأله أتركها وأتوكل على الله فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم أعقلها وتوكل. والحديث في مسلم مسلم صحيح والرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الأمة كلها أنه بالرغم من أنه نبي وفي صحبة جبريل عليه السلام أخذ بالأسباب وهذا تعليم وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم يتابع الرسول حديثه أنه ربط البراق ثم صلّى ركعتين وهنا يقول البعض أن الصلاة لم تكن مفروضة فكيف صلّى الرسول صلى الله عليه وسلم؟ نقول أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يصلي منذ بداية بعثته لكن الصلاة التي فُرضت في العروج هي المفروضة على الأمة لكنه هو كنبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالهيئة التي كانت وقد علّمه جبريل الوضوء والصلاة. وهنا أنبّه أن الطبري في كتابه يعتبر أن السراء والعروج حدثت عند بداية البعثة وهذا كلام مردود وكذلك ابن خلدون في تاريخه تكلّم عن الإسراء والعروج في ثلاثة سطور "أُسري بي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عُرِد به إلى السماء فرأى سدرة المنتهى وجنة المأوى. وهذا الكلام كله يدلّ على أن الأحداث لا تهمنا.
صلّى الرسول صلى الله عليه وسلم الركعتين ثم يقول " ثم عَرج بنا" عند مسلم و "عُرِج بنا" عند غيره وأغلب الروايات أنه عُرج به بالبراق والضمير يعود على البراق أو على صحبة جبريل ولا يهمنا كيف عرج. ثم تكلم صلى الله عليه وسلم عن وصوله إلى السماء الأولى فاستفتح جبريل فقيل : من أنت؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : وقد بعث إليه؟ قال : قد بعث إليه. ففتح لنا. فإذا أنا بآدم. فرحب بي ودعا لي بخير وهكذا في كل سماء طانت الملائكة تقابله بالترحيب وكان صلى الله عليه وسلم يصف لنا في كل سماء وجود نبي من الأنبياء والبعض يسأل لماذا كان آدم عليه السلام في السماء الأولى وغيره من الأنبياء كل في سماء معينة فنقول أو آدم أول الأنبياء ومن الأولى أن يكون في السماء الأولى ويعنينا من هذا الأمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يلتقي في كل سماء بنبيّ فيرتقيه بمعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أعلى مكاناً ممن ارتقاهم وقلنا أن ادريس عليه السلام وُصِف في القرآن (ورفعناه مكاناً علّيا) والرسول صلى الله عليه وسلم ارتقاه يعني أنه أعلى من المكان العليّ وكل هذا له مدلول عند المسلم الواعي. وفي الثانية التقى عيسى ويحيى وهنا أحبّ أن ألفت نظر المشاهدين أن البعض يقول كيف يأتي في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول أنا كثيراً وهو نهى المسلمين عنها وكما يقولون الآن أعوذ بالله من كلمة أنا ولا بد من تصحيح هذا المفهوم لأن الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول شخص يطرق الباب على أحد عندما يُسأل من هو: أنا وإنما يجب أن يقول اسمه فهذا هو المنهي عنه وليس قول الإنسان عندما يتكلم عن نفسه أنا وأنا. وفي الثالثة يلتقي بيوسف عليه السلام ويصفه الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أُوتي شطر الحسن ويجب أن نفهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أُوتي الحُسن كله وهو صلى الله عليه وسلم له توصيف يختلف عن كل الأنبياء والمرسلين وأنه يرتقي فوق الجميع ويؤم الجميع في صلاته حتى تظهر إمامته للأنبياء والمرسلين جميعاً فهو صلى الله عليه وسلم العبد والرسول والنبي وعنده الكمال في أي شيء وُصِف به أي نبيّ غيره. وكان صلى الله عليه وسلم إذا مشى بين اثنين يبدو زكأنه أطولهم وأعظمهم وكلمة منه كخُطَب الناس جميعاً لأنه أُوتي جوامع الكلِم وفيه قال برنارد شو: لو أن محمداً بيننا الآن لحلّ مشكلات العالم كلها وهويشرب فنجان قهوة.
في السماء الرابعة التقى بإدريس عليه السلام وفي الخامسة بهارون أخو موسى (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) طه) وفي السادسة التقى موسى عليه السلام لم يوجهه موسى إلى شيء هنا قيرتقيه الرسول صلى الله عليه وسلم ويلتقي في السابعة بإبراهيم صلى الله عليه وسلم الذي يوجهه فيقول له: إنك لاقٍ ربك فاجعل كل أمرِك لأمّتك. وابراهيم عليه السلام تلقّاه كأبّ لأنه من ذرية اسماعيل وابراهيم عليه السلام هو الذي سمّانا المسلمين أما موسى وعيسى وباقي الأنبياء كانوا من ذرية اسحق. وعندماموسى عليه السلام كانت لديه الخبرة مع بني إسرائيل في المجادلة والمناقشة فبعد أن يصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى وهنا نسمع الكثير من الروايات التي ليس لها سند صحيح وفي الحلقة القادمة إن شاء الله سنتكلم عن بعض المرآئي ونناقشها.
علينا أن نرجع إلى ما قاله القرآن في سدرة المنتهى (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16)) ما يغشى مفتوحة ومحمد صلى الله عليه وسلمعندما يقول غشّاها الله ما غشّى لا يستطيع مخلوق أن يصفها من شدة ما فيها من بهاء وصفاء وجمال يُبهر لدرجة أنك لا تستطيع أن وصفها. هذه الجزئية واضحة في القرآن والسنّة (ما زاغ البصر وما طغى) وعندما يتكلم الرسول صلى الله عليه وسلم عن شيء فقد رآه حقاً (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) واختلف المفسرون وأهل اللغة في معنى الكبرى هل رأى الكُبرى من آيات ربه أو رأى آيات متعددة كبيرة؟ وهل هناك آية كبرى اختص بها الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وفي قوله تعالى (فأوحى إلى عبده ما أوحى) من الذي أوحى؟ جبريل عليه السلام بواسطة من الله تعالى أو الله تعالى مباشرة دون واسطة؟ الحديث يشرح هذا فيقول : فأوحى إليّ ربي ما أوحى ففرض عليّ خمسين صلاة في كل يوم وليلة. فالوحي عائد إلى الله تعالى مباشرة بدون واسطة ولقد ذكرنا سابقاً أن الصيام والحج والزكاة فرضت من الله تعالى بواسطة جبريل أما الصلاة فمباشرة من الله تعالى. سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بالصلاة فسمع وأطاع فلما قابل موسى عليه السلام في طريق العودة وهنا أذكر ما سأله الأخ المشاهد الحلقة الماضية عن كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذهب تسعة أشواط يسأل ربه التخفيف وكيف استحيا في المرة الأخيرة وأقول له أنه يجب أن نأخذ مدلول المعنى وليس المعنى من الكلام. في رواية البخاري أنه كان يحط في كل مرة عشرة وفي رواية أخرى أنه حطّ النصف وفي حديث الإمام مسلم الذي يجب أن نأخذه كله بما جاء فيه أنه كان يحطّ في كل مرة خكساً وهذا يدل على أنه قطع تسعة أشواط في الذهاب والعودة طالباً النخفيف من ربه وأنا أراها منطقية. إن أحدنا إذا كان مع من يحب لا يريد أن يقوم من أمامه أو يتركه وهذه العودة للرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه "إرجع إلى ربك فاسأله التخفيف" كانت فرصة له صلى الله عليه وسلم أن يعود إلى ربه. وموسى صلى الله عليه وسلم خبرته مع بني إسرائيل كان يطلب من الرسول أن يسأل ربه التخفيف والرسول صلى الله عليه وسلم لا يحب المجادلة وكان فرِحاً بعودته إلى ربه في كل مرة وفي الحديث لما طلب موسى منه العودة للتخفيف آخر مرة كان صلى الله عليه وسلم يريد العودة لكن الحياء منعه "استحييت من ربي" أنا أراها منطقية فالواحد منا عندما يصلي بخشوع لا يريد أن يترك الصلاة . الرسول صلى الله عليه وسلم في كل مرة كان يسأل ربه التخفيف كان يدفعه في كل مرة تجربة موسى مع قومه فوجدها الرسول صلى الله عليه وسلم فرصة سانحة للعودة إلى ربه وهذه قضية أصعب من أن يفهمها كل الناس. الموضوع فوق العادة وهذه فرصة لم تسنح لأحد قبل محمد صلى الله عليه وسلم. هذه قضية والقضية الأخرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم يتكلم عن التكليف بصورة جميلة فيقول: "ففرض عليّ " الفرض تأخذه النفس البشرية عادة على أنه تكليف فتستصعبه والرسول صلى الله عليه وسلم يأخذ التكليف على أنه عبد ويعتبره هدية من ربه. كان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يفرغ من الصلوات الخمس في المسجد ما إن يدخل بيته حتى يفزع إلى الصلاة وإذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة وإذا هجع الناس بالليل يبيت صلى الله عليه وسلم لله ساجداً أو راكعاً أو قائماً حتى تتوم قدماه وكان صلى الله عليه وسلمفي صلاته يطيل من الدعاء بعد التشهد ويُخفف عندما يؤم المسلمين أما في بيته فكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تصف الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاته وطول قيامه حتى تتورم قدماه وطول ركوعه وسجوده وجلوسه قبل التشهد وعندما تسأله لم يفعل هذا وقد غفر الله تعالى له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كان صلى الله عليه وسلم يقول: أفلا أحب أن أكون عبداً شكورا". لقد أخذ صلى الله عليه وسلم مسألة الصلاة بعين الهدية من الله تعالى "ففرض عليّ" كأنه يقول أهداما الله تعالى أو هدانا تعالى إلى أن نسجد بين يديه فالحمد لله الذي كرّم جباهنا بالسجود له سبحانه وتعالى. وحتى نعرف قيمة الصلة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وربه ننظر كيف أنه صلى الله عليه وسلم كان يفزع إلى الصلاة كلما حزبه أمر أو يقول لبلال :"أرحنا بها يا بلال". وصدق الإمام مالك في فهمه إذا أردت أن أناجي ربي أقوم إلى الصلاة وإذا أردت أن يناجيني ربي أقرأ القرآن.
وأهم نقطة في الصلاة هي أنه فُرضت في السماء والأبدع أن الوضوء مقدمة الصلاة وأقول للذي يسأل أنه يسرح في الصلاة أن علينا أن نضع في دماغنا ونحن نغسل العضو في الوضوء أن نوقع في قلوبنا ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم أنك ساعة تغسل كل عضو تخرج الذنوب مع الماء أو مع آخر قطرة من الماء فإذا ارتكبت ذنباً بين وقتي الصلاة بلسانك فتذكر ذلك وأنت تتمضمض واسأل الله تعالى المغفرة وانوي عدم العودة وكذلك يدك أو أي عضو تغسله في الوضوء والوضوء والصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كما جاء في حديثه لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه خمس مرات في اليوم هل يبقى من دَرَنه شيء؟ هكذا هو الوضوء والصلاة تغسل الذنوب والمعاصي وقال صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس فيما بينها ورمضان إلى رمضان والجمعة إلى الجمعة كفّارات لما قبلها ما اجتُنِبت الكبائر. ونلاحظ أنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر الحج هنا لأن الحج مرة واحدة في العمر لمن استطاع إليه سبيلا.
والله تعالى شرع التيمم كما قلنا في الحلقة السابقة لينبهنا إلى قيمة الوضوء وليعلمنا أننا نحتاج إلى طهارة وليس إلى نظافة قبل أن نقف بين يدي الله تعالى في الصلاة مصداقاً لقوله تعالى (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) ذكر التوابين أي كثيرري العودة إلى الله تعالى من غير معصية والرسول صلى الله عليه وسلم كل يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم سبعين مرة ولم يقل تعالى في الآية التائبين لأن التائب هو الذي يتوب عن معصية أما التوّاب فهو الذي يعود إلى ربه من غير معصية. ومن توضأ على وضوئه فهو نور على نور والرسول صلى الله عليه وسلم يصف أمته يوم القيامة بأنه يُحشروا غُرّاً محجّلين من بياض وجوههم وبياض في أيديهم وأرجلهم لأنهم كانوا يُحسنون الوضوء. فإذا توضأنا بإحسان صلّينا بإحسان وخشعنا في الصلاة وفي سورة المؤمنون أول ما وصف به تعالى المؤمنين قال (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) المؤمنون) أول مرحلة هي الخشوع في الصلاة ومن هذا علينا أن لا ندع حادثة الإسراء والعروج تمرّ إلا ونتعلم منها أن أهم ما فُرِض فيها هو الصلاة ولننظر إلى ختام الصلاة والتشهد والناس يخلطون بين التشهد والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يقول التشهد كاملاً في التشهد الأوسط وفي التشهد الأخير والتحيّات في الصلاة تعني التشهد والصلاة على الرسولصلى الله عليه وسلم. والألفاظ في التحيات هي توقيفية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله (وهناك من يقول أن هذه التحيات هي من الله تعالى لرسوله وهذا كلام غير صحيح وإنما هي توقيفية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) ثم الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كما علّمنا :"اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد" ثم لا يُسلّم الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة لكنه كان يطيل الدعاء لأنه لا يريد أن ينصرف من حضرة ربه تعالى وكلنا نعلم أنه بالسلام الأخير نخرج من الصلاة.

الامير الشهابي 9 - 7 - 2010 01:18 AM

الأخت مياري
بارك الله فيكي هذا الموضوع الرائع في ذكرى الاسراء والمعراج وكل عام واسرة المنتدى بخير
وجزاكي الله كل خير دوما وجعل الله هذا في ميزان حسناتك دوما

أرب جمـال 10 - 7 - 2010 12:39 AM

اعاده الله علينا وعلى الأمة الاسلامية بكل خير ومحبة
بارك الله فيك اختي ميارى على الموضوع الهادف وجزاك الله عنا خيرا

ميارى 23 - 7 - 2010 06:11 PM

الأمير الشهابي ، أرب جمال

http://quran.maktoob.com/vb/up/747950390561927080.gif

عبدالرحمن حموده 23 - 7 - 2010 06:43 PM

الغاليه ميارى
شكرا لكِ من صميم قلبي
وكل عام والمسلمين بخير ...:)

دام لنا عطاؤك اختي ميارى
دمتِ بود

ميارى 25 - 7 - 2010 04:28 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mr.slow (المشاركة 60867)
الغاليه ميارى
شكرا لكِ من صميم قلبي
وكل عام والمسلمين بخير ...:)

دام لنا عطاؤك اختي ميارى
دمتِ بود

http://www.fr7.com/up/image-FF32_4B698913.gif


الساعة الآن 07:23 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى