[الامير الشهابي]

برحيل غارسيا ترحل العظمة للخلود ويبق الأدب خالدا
عن عمر يناهز 87 رحل الكاتب الروائي العالمي الكبير غابرييل غارسيا ماركيز
=========================================
قرآءة في بعض ماكتبه غابريل غارسيا ماركيز (بقلم الأمير الشهابي ) .
قرأت لقلم يصحو على تراتيل وألحان الذات حين تخاطب نفسها والآخرين ، قرأت بعمق معاني النضج الأنساني في هذه المخطوطه الرائعه ، ربما أجد أن هناك فلسفة وراء كل حرف فرسم غارسيا لوحة للوجود بكل معانيها ، وقفت بين الصور الزاهيه، فأخذنا غارسيا لنقاء الثلج الذي رسم صورة من الوجع الأنساني ، ما أجمل أن نتقل بين معاني تدور بنا كقرص الشمس ، الثواني الساعات السنين الحب الشيخوخه الأنفلات من رهبة الخوف وتحدي قطار الزمن الذي يمعن بقهرنا، لذة الأنتصار على الهزيمه في درب الصعود لقمة وليس التربع عليها ، ترميز النظرة الدونيه بين البشر في الأعلى والأسفل الرفض المستعر بالأعماق لشتى أشكال التفرقة والعنصريه المبطنه بالأديان ،لأن الأصل التساوي في الخروج من الرحم للوجود ، والنظرة للاسفل من خلال يد تمسك بالآخرين تعينهم على النهوض والأستمرار بدل من أن تدوسهم أقدامنا في ماراثون الغايات الفانيه ، كم كان هذا الخطاب الروحي الفلزي رائعا بكل المقاييس لكاتب أجاد كيف يؤطر لنهاية سحريه (في الصندوق سيكون هناك جسد بلا فلزة ) ! أيتها الروح توسدي مكانك بين الأرواح الطاهره ، فقد غادرت عالم الشر المحيق بنا ، عودي حيث كنت للرب الذي وهبنا الحياه ، فخط غارسيا حروفه بهذه الأيقونة على مذبح البشاره لتعمد الحروف القدسيه ، الحروف لاتموت ولاتقبل جنازا ولاعزاء ، اليوم أكتشف في كتاباتك غارسيا سراديب عميقه تحتاج من يفك شفرتها ويستمع للصندوق الأسود أروع ماتسجله في رحيلك ومازال في بحر الكلمات ، أشعر أن هناك شيئا كتبته بين السطور غني بالمضامين الساحره ، لأن سحرك لايموت بموتك ورحيلك
======================================
غارسيا مر من هنا
==========
"لو شاء الله أن ينسى أنني دمية، وأن يهبني شيئاً من حياة أخرى، فإنني سوف أستثمرها بكل قواي. ربما لن أقول كل ما أفكر به، لكنني حتماً سأفكر في كل ما سأقوله. سأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه. سأنام قليلاً، وأحلم كثيراً، مدركاً أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور. سوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام.
لو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى، فسأرتدي ملابس بسيطة وأستلقي على الأرض، ليس فقط عاري الجسد وإنما عاري الروح أيضاً. سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا، دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق. للطفـل سـوف أعطي الأجنحة، لكنني سأدعه يتعلّم التحليق وحده. وللكهول سأعلّمهم أن الموت لا يأتي مع الشيخوخة بل بفعل النسيان. لقد تعلمت منكم الكثير أيها البشر... تعلمت أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل، غير مدركين أن سرّ السعادة تكمن في تسلقه. تعلّمت أن المولود الجديد حين يشد على إصبع أبيه للمرّة الأولى فذلك يعني أنه أمسك بها إلى الأبد. تعلّمت أن الإنسان يحق له أن ينظر من فوق إلى الآخر فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف. تعلمت منكم أشياء كثيرة! لكن، قلة منها ستفيدني، لأنها عندما ستوضب في حقيبتي أكون أودع الحياة. قل دائماً ما تشعر به، وافعل ما تفكّر فيه. لو كنت أعرف أنها المرة الأخيرة التي أراكِ فيها نائمة لكنت ضممتك بشدة بين ذراعيّ ولتضرعت إلى الله أن يجعلني حارساً لروحك. لو كنت أعرف أنها الدقائق الأخيرة التي أراك فيها ، لقلت " أحبك" ولتجاهلت، بخجل، أنك تعرفين ذلك. هناك دوماً يوم الغد، والحياة تمنحنا الفرصة لنفعل الأفضل، لكن لو أنني مخطئ وهذا هو يومي الأخير، أحب أن أقول كم أحبك، وأنني لن أنساك أبداً. لأن الغد ليس مضموناً لا للشاب ولا للمسن.
ربما تكون في هذا اليوم المرة الأخيرة التي ترى فيها أولئك الذين تحبهم . فلا تنتظر أكثر، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتي ولا بد أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت من أجل ابتسامة، أو عناق، أو قبلة، أو أنك كنت مشغولاً كي ترسل لهم أمنية أخيرة. حافظ بقربك على مَنْ تحب، إهمس في أذنهم أنك بحاجة إليهم، أحببهم واعتني بهم، وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل: أفهمك، سامحني، من فضلك، شكراً، وكل كلمات الحب التي تعرفها. لن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار، فاطلب من الربّ القوة والحكمة للتعبير عنها. وبرهن لأصدقائك ولأحبائك كم هم مهمون لديك". * رسالة الكاتب إلى أصدقائه ومحبيه إثر قراره ”
================