[المفتش كرمبو]

اما ( خسارة متأزمة بالفقدان ) فهو أطول نــــــــــــــــــــص في المجموعة ( خمس وعشرين صفحة ) فقد كتب بلغة نثرية من البداية الى النهاية ولم نجد فيه حدة الحدث هو نص شعري أقرب الى الشعر وأبعد كثيرا عن القصة . وهي صورة فنية ذات صبغة شاعرية رسمها الكاتب في لوحة وصفية لأبعاد محبوبته التي يناجيها قائلا ( ايتها الصديقة .. المفرطة في الحساسة والود / قلت في صمت / أليس ما عندي من حلقة وعندها من حبل / ) وفي لوحة أخرى يقول مناجيا ( دعيني أحاول / أن أذرع الغرفة الضيقة جيئة وذهابا / وأن أدخن ما بقي من سجارة / لألف لعينك ديوانا فيه حلاوة الماء / ) (( هنا اللغة الشعرية باهضة سببت عجز واضح في النص القصصي ولذلك ظل العديد من الكتاب يعاني من عدم تقبل هذا النوع السردي الشعري ألا عند خاصة الخاصة ))2 فنحن هنا أمام لغة شعرية بالكامل بما تحوي من ( أنزياحات ) و(تشبيهات) وفي الكثير من المقاطع و المفردات والجمل يجنح لأستخدام أسلوب النداء ( ايتها الصديقة ، ايتها البلد ، ايتها الحرية ، ايتها البهية، أيتها القصيدة، ايتها الشاعرة ، وداعا أيتها الخاسرة بالسنين الآسرة ) فضلا عن الموضوع الشعري للنص المتمثل في تشخيص خسارة متوغلة بالنسيان .
وياتي النص الاخير ( النص علم العلوم ومنه يجتاف العصر ) كتب هذا النص في تفسير النص او النص المفتوح ، يقول في ص118 ( النص في تقلباته ضغوط ومخاوف يخرج للعالم .. يكون حرا أول ولادته . لكنه يتحول الى ثابت مدلول بعناصر أشارته ) ويقول في ص122( النص المفتوح حتما هو من سيفلت من المقصات الدامغة التي تعكر صفو التمازج بالفن القائم ) وهكذا يستمر السرد بعبارات تتمادى في دفء وأنجذاب وبلغة أقرب الى الســـــفر الشعري الفلسفي( في تركيب موحد مقوم من الفجوات دون تقلص أو تمدد في حرفيات المبتغى ) .وهذا يدل على خيال الكاتب الواسع وقدرته على الإتيان بالأروع والمدهش .
أن محمد الاحمد في هذه القصص يتحول الى شاعر ينثر مشاعره بصدق وهي مشاعر مرتبطة بالذات الانسانية فالشعرية هنا منذورة لأعادة صياغة الواقع وتأمله . والحدث والحبكة الفنية أذن هما تمرد على عناصر القصة مع المحافظة على التشكيل السردي القصصي . بالاضافة الى إمتلاكه لغة شعرية عملية تستند النضج حقق فيها دهشة الشعر وايحاءاته وفتح فضاءات رحبة , وهي لغة ذات دلالة وذات وظيفة .. لغة متوازنة وظفت بغرض التكثيف السردي لخدمة الحبكة ، صنعت وتصنع من قصصه وسيلة لبناء عالمه القصصي .