[نور الحربي]

هل نمارسُ النسيانَ عفواً
ونقطعُ الشريانَ جهراً
بينَ شوارع ِ التعقل ِ وأزقة ِ الجنون ِ
هل نمارسُ صرختنا في وضح ِ النَّهار ِ
حينَ لا تملكُ حناجرنا همسةَ الوداع ِ ؟؟؟

كنتَ لي بيادرَ قمح ٍ تُستطابُ
وأخاً يواسيني كلَّما جنَّ المُصابُ
كنتَ لي بيتي وطريقي
ونافذتي في عتم ِ السنين ِ
ورمحي المسجى
ورفيقي
وخارطةَ حزني التي أعرفها
وكتابَ شعر ٍ يرمحُ بذاكرتي كالفرس ِ الأصيل ِ

أقواسُ نصركَ حيثُ تمرُّ الحروفُ
وقضبانُ سجنكَ حيثُ تغفو يمامةُ الروح ِ
كيفَ تنامُ الحريةُ في مساكن ِ العبيد ِ
وكيفَ تتلمَّسُ الشمسُ دربها في عتم ِ الطريق ِ
تسقطُ الحريةُ سيدي حينَ نبغي أن نلونها بأقلام ِ الرصاص ِ
فالحريةُ لا تقبل إلا لونها
ولا ترضى إن سكبوا الدَّمَ الأزرقَ في عروقها ؟!؟


كنتَ لي كلَّ أهلي
وجذعَ زيتونة ِ يتكيءُ عليها في الملمات ِ رأسي
وجبيني الَّذي أسائلهُ
لو شاقني للتِّرحال ِ جُنحي
كنتَ لي أرضي
وخيمةً تمتدُ فوقَ رأسي
أوتادها جنحُ الصَّباح ِ وأرضها رمسي




عذراً إذا جهرَ البكاءُ
عذراً إذا أزفَ الفراقُ
فالحلمُ ينتهي وإن لم يشأ النيامُ
الريحُ لا تمرُّ إذما الشراعُ يشاءُ
تمرُّ الريحُ والغريقُ في حنجرته ِ ماءُ


حروفكَ رفأت حزني ولكن
إبرةُ الخائط ِ دونَ أن تدري
جرحتَ حلمَ الصحوة ِ
همسَ الفراقُ
سكتَ الصراخُ
أكثرُ الأحزان ِ تعرفنا دونَ أن ندري
لم أكن في الحلم ِ إلا شرشفاً أورقَ في غمضة ِ العين ِ
ولمَّا استفقتَ غسلتَ أصابعكَ من حلم ِ أمسي
لم أكن فوقَ الأرض ِ إلا
وردةً تُزهرُ في العتم ِ
وتؤمنُ يا صديقي ويؤمنُ ضوءُ الشَّمس ِ
إنَّ الورودَ لا تعيشُ في الظلِّ


قدرُ الأشجار ِ والأنهار ِ
أن تلوكها حباتُ التراب ِ
قدرُ الريح ِ والإعصار ِ
أن يستظلَّ وإن لم يشأ هدأة ِ الأنفاس ِ
قدرُ الخطوة ِ التي تجوبُ في مدن ِ الضَّياع ِ
والرحلةُ التي تبدأ من حيثُ الإنتهاء ِ



طريقُ العودة ِ خضابهُ دمي
وصمتُ الحقيقة ِ إن نطقَ يُشقي
سيتحررُ الكفنَُ
سأنتظرُ يا سيدي على بوابات ِ الرحيلَ
حتَّى يعتقَكَ السَّجان
وحينها لن تخشى عناقَ الغريب ِ


كنتَ لي جرحي
ورضيتُ
بالدمع ِ والدم ِ
بعتمة ِ الأحزان ِ تنهرني
بملح ِ البحر ِ والر مد ِ



تريدني خصلةَ شعر ٍ شقراءَ
يأكلها الحريقُ
وأريدكَ ناراً وإن تكمَّشتْ فييَّ السنةُ اللهيب ِ
تريدني في الر كن ِ الركين ِ
وأريدكَ بينَ العينين ِ
وقدراَ فوقَ الجبين ِ


لماذا ندخلُ النَّارَ إذا كنَّا
نبغي الرحيلَ في آخر ِ الدرب ِ
ولماذا نشدُّ إلى الشُّموس ِ أبصارنا
والعتمُ يسكنُ أصابع ِ الأمس ِ ؟؟


نعيمة عماشة -عسفيا الكرمل /فلسطين