[أبو جمال]

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله و بعد..فهذه كلمة بسيطة أذكر بها نفسي وكل من يطلب رضا الرحمن والجنة على ظهر هذه الحياة الدنيا، أسأل الله أن ينفع بها .-فقد قال ربنا تبارك وتعالى في سورة المعارج في صفات أهل الجنة المكرمون. " والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون " -و قال في سورة المؤمنون في صفات المؤمنون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون "-وقال في علامات الصادقين المتقين في سورة البقرة " والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون "-والوفاء من صفات أولي الألباب أهل العقول النيرة بكتاب الله وسنة رسول الله " إنما يتذكر أولوا الألباب * الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق " - والوفاء من صفات الأنبياء والمرسلين بل إن الله عندما ذكر إسماعيل عليه السلام زكى فيه صدق الوعد قبل الرسالة والنبوة فتأمل "واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا " (مريم)و قال تعالى في إبراهيم عليه السلام " وإبراهيم الذي وفّى " (النجم) *فالوفاء بالعهد من علامات الصادقين المتقين ومن صفات أولي الألباب ، ومن صفات الأنبياء وهو خلق ملازم لأهل الجنة في حياتهم الدنيا، إذ كيف يطمع في الجنة وصحبة الأنبياء والصادقين والمتقين من لا يفي بالعهد ؟؟ *وتأمل في هذا الموقف العظيم في سيرة من علم البشرية الوفاء الحبيب صلى الله عليه وسلم وقبل غزوة بدر يخبره حذيفة ابن اليمان أن كفار قريش قد أخذوه قبل أن يدخل المدينة هو وأبي حسيل وقالوا لهما : إنكم تريدان محمدا . فقلنا : ما نريده ما نريد إلا المدينة . فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة، ولا نقاتل معك يا رسول الله. والحرب خدعة يا رسول الله.*فاسمع أيها الحبيب.... ماذا قال لهما من بعثه الله ليتمم به مكارم الأخلاق؟ مع أنه كان في أشد الحاجة إليهما فعدد المسلمين 300 والمشركين قرابة الألف وهم الذين سفكوا دماء المسلمين واستحلوا أموالهم ، وعذبوهم أشد العذاب وبالرغم من كل هذا قال لهما رسول الله صلى الله عله وسلم " أرجعا نفي للمشركين بعهدهم ونستعين الله على قتالهم "...[ رواه مسلم ]نفي لمن يا رسول الله؟للمشركين . نعم، لمن يقاتلنا ويستحل دمائنا وأموالنا.نعم.لأننا لا نجاهد أحداً إلا لننشر ديننا وأخلاقنا،ولا نتخلى عنها أبدا بحجة أنهم كفار *أيها الأخ الحبيب... إن كان هذا هو وفاء المسلمون للمشركين بل للمشركين المحاربين وفي الحرب نفسها.فكيف يكون وفاءُ المسلمونَ للمسلمين !!*وهذا هو الفاروق عمر الذي علم الأمة كيف يكون الانقياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل إليه أبا عبيدة بن الجراح أثناء فتوحات المسلمين للمسجد الأقصى يستفتيه في فتوى غريبة جداً ويقول له أن احد الجنود قد أمَّن قرية من القرى على دمائهم وأموالهم وهي في طريقنا فماذا نصنع؟*فتأمل أيها الحبيب... في هذا الموقف الغريب جندي لا يعرف أسمه من جيش المسلمين يعطي الأمان لقرية بكاملها، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذمة المسلمين واحدة " ، ولكن هذه القرية إن لم تفتح فقد تكون ثغرة عظيمة يتضرر بها المسلمين كثيرا إذا انقلبت عليهم ، ومع هذا يقول الفاروق رضي الله عنه " يا أبا عبيده لن تكونوا أوفياء حتى تفوا " ما أبدع هذه العبارة وما أروعها لمن فهم معناها فالوفاء كباقي الأخلاق ليس شعاراً يرفع في السماء ولا كلمة تطير في الهواء ولكن الوفاء خلق لن يتحقق إلا إذا أتيت به وتحملت في سبيل إتيانه كل شيء .فهل نحن من الأوفياء حقاً ؟؟-فبهذه الأخلاق فتح المسلمين بلاد الفرس وبلاد الروم واسبانيا وفرنسا وغيرها ، ولقد أبدع صاحب الظلال الشهيد سيد قطب حين قال " ولقد انتصر محمداً حين انتصر حينما جعل من المصحف نسخاً كثيرة لا أقول مطبوعة في الأوراق ولكن مزروعة في قلوب الرجال فتحركوا بهذا القران يمشون على الأرض حتى فتح الله على أيديهم ووصل الدين إلى ما وصل إليه ". -وبهذه الأخلاق انتصر الصحابة ودخل الناس في دين الله لما رءوا هذه الأخلاق تتحرك بينهم،وما سب أحد النبي وأصحابه وأزواجه إلا لأنه لم يرى في أتباعهم أخلاقهم فلو رأت البشرية أخلاق النبي في أتباعه لما تجرؤا أبدا عليه ، ولكننا نحن الذين تركنا أخلاقنا وهي مصدر عزنا فَهُنَّا على أنفسنا وهنا على غيرنا ، واستهان بنا أعداؤنا إذ لم نعد لفساد سلوكهم وقبح أخلاقهم محاربين بل أصبحنا بهم متشبهين ولأخلاقنا تاركين فأصبحنا لهم تابعين إلا من رحم ربنا الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.ولنا بحول الله وقوته لقاء آخر مع.. هل نحن من الأوفياء بالعهود مع الله؟؟