![]() |
التوبة والاستغفار 90 تقديم علاء بسيوني قضية كن فيكون شرحناها في الحلقة الماضية وقلنا أن الناس تفهمها على أساس أنها خلق من العدم وكلمة العدم في مفهوم ربنا أمر وفي مفهوم البشر أمر آخر ونريد أن نوضح الفرق بينهما قبل أن نكمل رحلتنا مع القرآن الكريم. د. هداية: لا عدم في وجود الله تبارك وتعالى العدم هذا في مفهومنا نحن إنما طالما قلت الله فلا عدم لا يمكن أن يكون هناك عدم. ثانياً مسألة (كن فيكون) المفهوم السائد عند الناس أنها تتدخل في الخلق أو بها الإيجاد أو أنها متعلقة بكون الموجود وهذا كلام يرده القرآن وضربنا مثالاً في الحلقة السابقة ينهي المسألة والمثال جاء في عيسى عليه السلام في اختلاف الآيات (إذا قضى أمراً) (إنما أمره إذا أراد شيئاً) إلى آخر هذه التراكيب. الله تعالى يضرب المثال بعيسى عليه السلام وأنه سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى أن يتخذه ولداً أو يتخذ العُزير ولداً فيضرب سبحانه وتعالى المثل بعيسى عليه السلام ويقول ليعلم الجميع حقيقة عيسى عليه السلام عند الله فيقول (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ) هذا التركيب بهذا المعنى أول شيء يخطر في الأذهان أنه يا أيها الذين توقفتم في خلق عيسى عليه السلام إن كان لكم أن تتوقفوا فكان أولى أن تتوقفوا في خلق آدم لأن عيسى عليه السلام وجد على الأقل أماً تحمله أما آدم فلم يكن له أم ولا أب وكيف خلق عليه السلام. (خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) آل عمران) قال له أي قال لعيسى عليه السلام وقليل من المفسرين قال اللكلام على آدم لا نختلف معهم قال له يعني قال للمخلوق أو قال للشيء أو للموجود الشيء الذي يُخلق طالما قال له كن فيكون فنتأكد أن (كن) تأخرت عن المخلوق ولأنها تأخرت عن المخلوق إذن لا علاقة لها به، بماذا تتعلق (كن)؟ نسأل سؤالين ثم نقول، لو قلت هل (له) هو وجد أو لم يوجد؟ خُلق أم لم يخلق؟ بعد (له) نفهم منها أنه خلق. لو قلت لم يُخلق يكون الكلام للمعدوم أو للا موجود ضرب من السفه لا ينفع. ولو قلت أنت تقول له يعني وُجد تقول له اتوجد فهل هذا منطق؟ كأنك تقول للذي خُلق اتخِلِق. المقدم: ما الفرق بين الخلق والكينونة؟ د. هداية: هذا موضوع آخر، 90% أدخلوهما في بعض لدرجة أنهم يقولون سبحان من كان أمره بين الكاف والنون، ما الأمر الذي كان بين الكاف والنون؟! إياك أن تفهم أن (كن) جاءت غير بعد (له) لم ترد في القرآن من غير (له). (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) يس) (خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) آل عمران). إذن بماذا تتعلق (كن)؟ لما قال سبحانه وتعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات)هل الكل عبدوا؟ نعم الكل عبدوا لكن بعضهم من عبد طوعاً وبعضهم من عبد كرهاً لكن بمفهوم الناس يقولون البعض لم يعبد الله. هذا الكلام صحيح وإنما التوصيف خطأ منطقه سليم لأنه إياك أن تفهم أنه عندما يقول الله تعالى شيئاً في القرآن ولا يتم فلما يقول تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) إذن سيعبدوه ولا يستطيع أحد أن يفلت من ذهنه المسألة. ونذكر بالآية قوله تعالى (هل من مزيد) لا تعني أنها تسأل عن مزيد لأن المولى تعالى قال (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) يعني لا يمكن أن تسأل وتكون فاضية إذن ساعة ما تقول امتلأت يعني امتلأت إذن هل من مزيد يعني لا مزيد لا مكان لأنها ملئت ومع ذلك امتلائها هذا ليس على سعة وإنما على حشر لكن الغاية في السؤال (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) ق) لا يمكن أن تقول إنها فاضية لأنه هو قاضي بامتلائها وكذلك إياك أن تقول هناك جن وإنس لم يعبدوا لأنه سبحانه وتعالى قاضي بالعبادة، الناس التي كفرت هذا موضوع ثاني وهذا كفر وهمي كفر غير حقيقي، الكفر في اللغة يعني الستر والتغطية والستر أول وجود الإيمان لأنه لا يمكن أن تستر غائباً ساعة ما تقول من هذا علاء؟ أنت ذكرت إسمه أنت سترت موجود لكن في حق الله تعالى نقول سترت واجب الوجود لأن الله سبحانه وتعالى غير موجود لأنه لو موجود سيكون له واجد وموجده أولى بالعبادة، إذن هناك كلمات لا تنفع في حق الله تعالى إذن لا نقول موجود وإنما إن الله واجب الوجود لأن موجود إسم مفعول وأي مفعول له فاعل. نتذكر الآية عندما تكلم تعالى عن مسألة السموات والأرض وقال لهما (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فصلت) الله تعالى خلق السموات والأرض ثم قال لهما ائتيا هذه الآية متعلقة بلازم المعنى، ما معنى إئتيا؟ لا تعني تعالوا وإنما تعني هل ستكونان مسلمين؟ إئتيا يعني إلزما حدود الخلق المعادلة التي تحكم حدود الخلق، قالتا هذا من المجاز والشاهد في الكلام (طوعاً أو كرهاً) (وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا (83) آل عمران) هناك من هو مسلم طوعاً وهناك من هو مسلم كرهاً مستسلم بالله رغماً عنه لا يمكن له أن يصحى الصبح ويعمل شيئاً لم يكتبه الله تعالى بدليل أن يعيش على أرض الله تحت سماء الله ويأكل من رزق الله هذه (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) هناك مسائل لم نفهمها في القرآن على مراد الله بل ونطوع الأمور على مزاجنا. الذي يقول ((إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) يس)) نسأله أمره هنا قبل (له) أو بعدها؟ لأن (كن) بعد (له) (ثم قال له كن فيكون) (كن) جاءت متأخرة عن (له). المقدم: الله تعالى خلق آدم وخلق عيسى أو العزير فما الداعي لكلمة (كن) أو (ائتيا) هل هذا نوع من المجاز؟ نحسم القضية في مسألة الخلق والإيجاد، إذا كان الله تعالى خلق آدم وعيسى ثم قال له فطالما أنه خلقه هل هناك مرحلة بينية وهل لو طبقناها على آدم مسألة لخلق هو اختيار التراب والماء ثم الطين والصلصال والحمأ المسنون لغاية ما استوى جسداً ثم جاءت النفخة الإلهية فهل يمكن اعتبار هذه المرحلة البينية هي الفرق ما بين الخلق وكن فيكون؟ د. هداية: كلمة (له) يعني خلق يعني اكتمل ودبت فيه الروح كمال الخلق (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) آل عمران) (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) يس) (له) يعني الشيء وُلِد. المقدم: خلقه يعني وجده إذن لماذا قال له (كن)؟ د. هداية: هذه هي المشكلة (كن فيكون) على مرادي فيك بالطاعة أو غيرها (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا (13) السجدة) انتهى الأمر. هناك شرح كثير لها يبينها يؤكدها من القرآن هي هكذا لأنه (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) هذه آية ليست للعب ويقول (إنما أمره) أمره لما يريد الخلق يوجدك ويقول لك كن فيكون، الذي قضى به عليك سيحصل لا يمكن أن تخرج منه ولا تعدّل عليه ونعود للسؤال القديم: إذن لماذا يحاسبنا؟ هنا سبق في علمه سبحانه وتعالى أن هذا يصلح للجنة وهذا يصلح للنار وهم شهدوا على أنفسهم بما قضاه الله تعالى عليهم وأحدهم يقول (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون) والثاني بعد أن دخل النار قال (إِنَّا مُوقِنُونَ (12) السجدة) هذه المسألة ليست بمزاجي أنا. في الحلقة السابقة قلنا كأننا نحاسب المولى عز وجل على قدرته. أسألك سؤالاً ولله المثل الأعلى فيه: هل يمكن أن تقول لأحد عنده مال إذا أراد أن يبني عمارة أو يفتح شركة أو غيره أن تقول له لماذا فعلت هذا؟ هو حُر فما بالك بالخالق الأعظم الذي لا يُسأل عما يفعل هذا أول توصيف لله سبحانه وتعالى. المقدم: الجدال الذي نقوله ليس من باب المجادلة الفارغة وإنما من باب الأسئلة التي نسمعها من الناس. أمر آخر مسألة التراب والطين بعض الناس قالت هذا اختيار الله تعالى وليس اختيارنا وقالوا ربنا لما خلقنا جمع من تراب الأرض وفيها الطينة الجيدة وغير الجيدة فيمكن هذا هو السبب في اختلاف الناس بألوانهم وأطباعهم، يقولون لو أن أحدهم كان سارقاً أو زانياً فلا دخل له بهذا لأنه يمكن أن يكون من الطينة السيئة! د. هداية: لا حاشاه، نحن شرحنا هذا في حلقة سابقة. قال تعالى (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) الفجر) ألهمها يعني بيّن لها ثم قال (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)) من الفاعل في التزكية؟ بني آدم، وقال (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)) من الفاعل هنا؟ بني آدم أيضاً. ثم قال (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) يعني بينا له طريق الحق وطريق الشر. هل يعقل أن يقوم إنسان بارتكاب الخطأ وهو لا يعلم أنه خطأ؟ إذا كان يعلم أنه ليس خطأ فلماذا يستتر به من الناس؟ المقدم: هذا كان سابقاً لأن اليوم الناس لا تستتر. د. هداية: هذا موضوع البجاحة أمر آخر. المقدم: أعطيك مثالاً بعض الناس تقول أن الله تعالى لم يحرم الخمر وإنما قال اجتنبوه. د. هداية: هذا كلام من يريد أن يستعبط لما يقول تعالى (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) البلد) من الذي اقتحم العقبة؟ هو الذي اقتحمها. من كان يجادل في موضوع الربا ويعترضون اليوم هم الذين يبحثون عن الاقتصاد الإسلامي ويقولون أن الحل في الأزمة الاقتصادية هي أن تكون الفائدة صفر وقد طبقت هذه في اليابان وأفلحت إذن صدق الله تعالى عندما قال (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ (276) البقرة) والصادقات هنا مقصود بها كل معاملات الخير. (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) البلد) لما قال الشيخ الشعراوي رحمه الله أن الشيوعية سقطت والرأسمالية ستقع قريباً اعترضوا عليه وقال لا يمكن فالرأسمالية نظام محبوك ومحكوم، اليوم ما هي أخبار الرأسمالية والاشتراكية؟! ضحكوا واعترضوا واللقاء يوم القيامة والقرآن لم يترك مثالاً فقال (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) الشعراء) فالذي سيقول أنا فعلت هذا لأجل ابني أو احتمال أن ينفعوني لذلك الوهم الذي نعيش عليه أن نعمل للميت هذا وهم. المقدم: الأولاد أحياناً يكونوا سبباً في دخول أحدهم الجنة فقد يحب أحدهم أولاده زيادة عن اللزوم ويريدهم أن يعيشوا حياة طيبة فيرتشي ليضع أولاده في مدارس خاصة أو ليحافظ لهم على مستوى معيشة عالي ويقول الظروف اضطرتني أن أفعل هذا، حتى بعض النساء اللواتي يمارسن الدعارة يقولون نحن نعيل أيتاماً. د. هداية: القرآن قال (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) البلد) (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس) الآيات ليست للدردشة أو نشغلها في البيت ونخرج المسلمون للأسف يعملون أشياء غريبة. المقدم: هل هذا معنى قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ (14) التغابن)؟ د. هداية: طبعاً ممكن إبنٌ لي يكون سبب شقائي دنيا وآخرة. لما الملك يؤمر بالكلمات الأربع للجنين لما يقول شقي أو سعيد الكلام في الآخرة لأن الدنيا لا تعني فالذي أكل اليوم فول أو طعمية هذا لا يهم لكن في النهاية هل أكل من حلال أو من حرام؟ ماذا اشتهى؟ هذا اشتهى الحلال وهناك من يشتهي الحرام لكن البعض يشتهي الحرام ويستلذ به ومهما أحضرت له من حرام لا ينظر إليه. المقدم: بغض النظر هل هو أكل بسيط أو غالي ممكن يكون يأكل أشياء غالية من أموال حلال وقد يأكل أحدهم فول وطعمية بأموال حرام. د. هداية: العبرة فيما اشتهى وكيف قرأ الآية وطبقها؟ وكيف سمع الكلام وطبقه على مراد الله تعالى أو مراده هو. العقيددة من أهم مراحل الإنسان ولهذا نقول لما جبريل سأل الرسول r عن الإيمان بعد أن قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله كرر ثانية وقال وأن تؤمن بالقدر خيره وشره لأنه لما تقول أنا مؤمن ثم تجزع عند أول ابتلاء فأنت لست مؤمناً وإنما مدّعي الإيمان المقدم: الذين يموت لهم ولد ويسخطون د. هداية: يخرجون عن إلف المعتاد في خلق الله في بشره يلطم ويشق الخدود. المقدم: هذه الجملة سمعتها مؤخراً من أحدهم قال ربنا لا يأخذ إلا الناس الطيبة ويترك لنا الناس السيئة. والبعض يقول للميت لماذا تركتني وحيداً كأن الميت هو الذي ترك الدنيا بمزاجه! د. هداية: بعد يوم أو اثنين ستعود الحياة إلى طبيعتها وهذا لا يدل على الحزن أو عدمه فقد ترى إنساناً لا يتكلم ولكنه حزين أكثر من هذا الذي يتكلم، الحزن ليس حراماً وإنما الحرام المجاهرة بالكفر والعياذ بالله الحرام المجاهرة بكلام الله تعالى وكأنك تكلم بشراً. الاعتقاد من أخطر الأمور التي غابت عن الأمة في القرنين الأخيرين فهي خطيرة وعلينا أن نصحح عقيدتنا قبل (مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ (43) الروم). في سورة الفجر يقول (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) الفجر) فليسمع الذين يعملون للميت قوله تعالى (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد) يعني لا أحد يأخذ العذاب عن الآخر ولا أحد يعكي الآخر نعيماً، هذا المفهوم يجب أن يتغير يقول (يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) إذن الذي مضى لم يكن حياة! ولما سماها تعال حياة أضاف لها الدنيا وفي الحقيقة (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ (64) العنكبوت) وختمها بقوله (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) يعني 90% لا يعلمون ولهذا قال (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) الفجر) هذه ساعة ما رأى أن المسألة لم يعد ينفع فيها كلام. والأهم من هذا قال (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) الفجر) إذن هذا ليس من هؤلاء، النفس المطمئنة لا تقول هذا الكلام في تلك اللجظة وقلنا هذه النفس لم تكن مطمئنة في الدنيا بل كانت قلقة وعدم الاطمئنان هذا يولد السعي والعمل أما الاطمئنان يولد الكسل ولهذا أبو بكر الصديق بمنتهى الذكاء قال أنا لا آمن مكر الله حتى لو كانت إحدى قدماي في الجنة. يجب أن أبقى قلقاً حتى أسعى وللأسف مفهوم القرآن شيء ومفهوم الناس شيئ آخر. لما نناقش أحد الناس في قوله تعالى (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) النجم) لا يسلم لك بالمعنى المنطقي يقول يمكن أن يكون معناها غير ذلك. لما يقول تعالى (كن فيكون) أنت تستميت في عملك وسعيك والحديث الذي قلناه (وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار) عندما تسمع هذا الحديث يجب أن تعمل وتشتغل لتكون على الصراط المستقيم لأنك لا تعرف متى ينتهي أجلك. أخذوا حديث (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة) على أنهم يدخلون النار قليلاً أولاً ثم يخرجوا منها! أنا وجدت لهم في صحيح مسلم نص قال فيه (من قال لا إله إلا الله حرّم الله عليه النار) كيف سيدخلون النار؟! يعني الرجل الذي قال لا إله إلا الله يجب أن يكون قالها على وجهها الصحيح من البداية لأنه لن يدخل النار إذا قالها كما ذكر الحديث والذي قالها ليس على وجهها هذا يدخل النار ولا يخرج منها. المقدم: نود أن نعمل حلقة عن هذا الموضوع. المفترض أن هناك إلهام لطريق الخير والشر والإنسان يختار فلو أردنا أن نجري مقارنة بين الناس على عهد الرسول r وعصرنا نجد أن هناك تباين ومفارقة شديدة فهل يمكن أن نصل لوصفة لنصل إلى اليقين الذي كان عليه أولئك الناس؟ القصص التي وصلت لنا عن الصحابة أحدهم لما طُعن بالرمح في غزوة من الغزوات قال فزت ورب الكعبة هذ الرجل أصيب وتألم وجرحه ينزف ويعرف أنه سيموت لم يهمه شيء ولكن عنده يقين أنه يرى الجنة ونقارن هذا بالذين يموتون الآن في زماننا وهم يخافون على مصانعهم وأولادهم وأموالهم وحساباتهم في البنوك هنا وهناك ينظرون إلى الدنيا التي لن يأخذوها معهم! الأول أخذ عشرة على عشرة في العقيدة والثاني أخذ صفر على عشرة فكيف يمكن أن نصل من الصفر إلى العشرة من غير درجات الرأفة التي يتمسك بها الناس؟ د. هداية: أنت تقول أخذ صفر في العقيدة، هل انتبهنا أن الأسئلة في القبر كلها في العقيدة، الأولاد في الجامعة يسألون أستاذهم منذ أول يوم هل هذا يدخل في الامتحان؟ هذا امتحان متسرب يعني أنت تقول سيأتي في الامتحان لتذاكره أو لا، أسئلة القبر أسئلة مسرّبة من ربك؟ عقيدة البعض أنها سهلة الله ربي، الإسلام ديني البعض يعتقد أنه سيجيب بلسان المقال لدرجة أنني سمعتها على المنابر يقول أن أحد الأسئلة ما قولك في محمد؟ هذا ليس صحيحاً الناس لن تموت على عهد محمد فقط! نحن لم نفهم الأسئلة، السؤال الثالث عن الرسول في الحديث الواضح للرسول الكلام فيه صيانة احتمال أن الشخص يمكن أن يكون قد مات في عهد آدم أو عهد موسى أو عيسى أو عهد إبراهيم وأو غيرهم . هو يسأل من ربك؟ لن تقول الله ربي إلا إذا كان حالك في الدنيا الله ربك، هل ستقول الله ربي إدعاءً؟ لو قلت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وعملت عكسها في الدنيا قلت أعمل تأمين وبورصة إذن أنت قلت وما اعتقدت. ما دينك؟ السؤال متسرب والإجابات موجودة (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ (85) آل عمران) أتباع كل الأنبياء والرسل يقولون الإسلام ديني إذن ما جاء به موسى ليس ديناً وإنما ديانة على دين الإسلام فالرجل الذي قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن موسى رسول الله هذا اسمه مسلم فلما يُسأل في القبر يقول الإسلام ديني لكن لما يُسأل ما قولك في هذا الرجل لن يقول هو محمد وإنما سيقول هو موسى، الذي مات على عهد موسى لم ير محمداً. في القرآن بعض الناس قالوا عن الرسول r أنه ساحر وآخرون قالوا مجنون وآخرون قالوا كذاب أشر أنت ما قولك فيه؟ لو كنت واعياً وطبقت تقول هو رسول الله حقاً ليس بشاعر ولا مجنون ولا مسحور ولا كذاب ولا ساحر. الذي مات على عهد عيسى عندما يُسأل ما قولك في هذا الرجل سيقول هو رسول الله حقاً، الإسم ليس القضية لكن ماذا اعتقدت أنت به هل اعتقدت أنه نبي أو كذاب؟ أي نبي أو رسول، الإجابة من أي مسلم مسلِّم لذلك اليهودي على عهد موسى مسلم والنصراني على عهد عيسى مسلم ديانته النصرانية أو اليهويدة لكن دينه الإسلام لا يمكن لله تعالى أن يبدل دينه ولذلك هذه الكلمة (دين) لما تبحث في القرآن كله (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ (19) آل عمران) (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ (13) الشورى) لا يمكن أن تجد كلمة أديان في القرآن. المقدم: ذكرنا هذا الكلام كثيراً وقلنا أن الذين يذهبون للخارج ويقومون بعمل حوارات يقولون حوار الأديان د. هداية: ليس هناك أديان وإنما ديانات. الأهم لما تجيب على أسئلة القبر الثلاثة من ربك؟ ما دينك؟ ما قولك في هذا الرجل؟ يسألك سؤال امتياز سؤال الجنة ما عملك؟ أوما علمك؟ تقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدّقت يعني كبّقت يعني لم أفعل كالذي قال (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ (29) الروم) أنا قرأت الكتاب ونفذته ولذلك أقول للمشاهدين علينا أن نصاحب القرآن وقد كنت في الأردن والإمارات في الفترة السابقة قابلت أحدهم وقال لي مسألة (كن فيكون) لم أكن أفهمها على النحو الذي شرحته وهو رجل في السبعين. أريد أن اقول لو قرأنا القرآن أكثر من مرة يبدأ يحصل عندك تفاهم واستيعاب. المقدم: مسألة (كُن فيكون) هل خلاصتها أنها هي إظهار لبقية العالم؟ د. هداية: يعني أنت خُلِقت فكُن على مرادي. هذا الموضوع إذا أردت أن أشرحه كما كتبته مستنداً إلى القرآن والأحاديث أحتاج إلى عشر حلقات. (كن فيكون) لا تمضي ولا تفهم بالمعنى وإنما تُفهم بالمُراد. أريد أن نقدم بعض الحلقات قبل أن نبدأ التفسير ماذا تعني هذه الكلمة وما مراد الله تعالى من هذه الكلمة وما هو لازم معنى هذه الكلمة؟ وقد ضربنا أمثلة إذا قابلك أحدهم وقال ما معنى ألم؟ تقول له هذا السؤال خطأ لأن ألم حرف والحرف في حد ذاته ليس له معنى. إذا قال أحدهم ألف، لام، كاف، تاء، ألف، باء تقول هذا يهجئ كلمة كتاب لكن كل حرف من هجاء كلمة الكتاب ليس لها معنى فالسؤال ما معنى (ألم) سؤال خطأ اصلاً والحروف المقطعة فيها شغل حلقات عديدة، الحروف المقطعة في القرآن والغرض منها ولماذا اختار غير المنقوط. الحرف ليس له معنى لكن يمكن أن نسأل ما المراد من الحرف؟ لماذا قال الله تعالى ق؟ لماذا قال تعالى نون؟ ما المرامن نون وليس ما معناها؟ لازم معنى ق وليس معناها لأن الحرف في حد ذاته الذي يدخل في تركيب الكلمات ليس له معنى. لما نركب الكلمة تسأل ما معنى الكلمة. وكما ذكرنا سابقاً البعض يسأل ما معنى الروح؟ نقول له أي روح وفي أي آية؟ عندنا كلمة روح واحدة لها ست معاني. مثل قوله تعالى (البيت العتيق) البعض يفسر العتيق بمعنى القديم لكن لم يقل القديم، يمكن كلمة واحدة لها ست معاني كلها مرادة لكن لا يمكن أن يكون هناك كلمتان مختلفتان لهما معنى واحد. المقدم: إذن كما وضع معجم ألفاظ القرآن الكريم، معجم غريب ألفاظ القرآن الكريم نحن نحتاج أن نعمل معجم للمعاني ولازم المعاني والمراد. ذكرنا في الحلقة السابقة قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا (11) فصلت) لا يمكن أن يكون معنى ائتيا بمعنى تعالوا وإنما تفهم من مراد المعنى أو لازم معنى الكلمة، هناك فرق في التوصيف بين الاثنين. إذن (كن فيكون) ليست للإيجاد بدليل قوله (له). المقدم: ما زال للمشاهدين في ذمتك مفهوم الأمانة الذي وعدنا الناس به من حلقات طويلة. د. هداية: إن شاء الله بعد حلقات التوبة. المقدم: قبل أن أختم أحب أن أنوه على الوصفة التي توصل الناس للعقيدة السليمة كالذي قال فزت ورب الكعبة. ونقول للناس أنه حتى لو كانوا قد أخطأوا في العقيدة فمن السهل جداً العودة. د. هداية: أقول للذي أخطأ في العقيدة لا ينتظرنا إلى الحلقة القادمة وإنما يتوب من اليوم: تب إلى الله ورجعت إلى الله وندمت على ما فعلت وعزمت عزماً أكيداً صادقاً أن لا أعصي الله إن شاء الله أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله لأنني لو قلت له لنتظرني للحلقة القادمة أكون متخلفاً لأن القرآن لما وصف التوبة قال (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ (17) النساء) فنتوب اليوم ولا ننتظر للغد. المقدم: للذي شغلته الدنيا ومتعها ونسي أنه في لحظة واحدة كل هذا سيصير صفراً لكن المصيبة أن الرصيد الذي ستدخل به الجنة أيضاً سيساوي صفراً وستقول الآيات التي نتمنى أن لا يقولها إنسان مسلم (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) الفجر). علينا أن نصاحب القرآن الكريم عن طريق القراءة بفهم ووعي وتدبر ثم تطبيق. بُثّت الحلقة بتاريخ 25/11/2008م |
التوبة والاستغفار 91 تقديم علاء بسيوني د. هداية: مسألة خلق عيسى يبدو للوهلة الأولى للمتأمل أن فيه لا أقول إشكال لأن كلمة إشكال تعني عدم التسليم بما أراده الله تبارك وتعالى إنما أقول أن هناك إعجاز في الخلق لا بد أن يعترف به كل من آمن وأسلم لله تبارك وتعالى. هذا الاعجاز اعترضت عليه بعض الطوائف من غير المسلمين الناس الذين لم يسلّموا لمحمد r والتبس عليهم الأمر في خلق فألّهوه عليه السلام. هؤلاء الناس ومن من المسلمين على شاكلتهم في مسألة أن هناك نعرة ما فائدة أن يأتي عيسى على هذا الشكل؟! كأنهم يفرضون على الله تبارك وتعالى مراده يعني كأننا نحن نتحكم بالله سبحانه وتعالى أو نقول أنه لم يكن يجب أن يحصل كذا واللازم يحصل هذا. المقدم: المولى سبحانه وتعالى المولى ليس محتاجاً لمن يبرر له أفعاله لكن الأمة هي التي تحتاج من يدبر لها أمرها. د. هداية: تدبير الأمر في الآية والذي يجب أن نفهمه وأنت في الحلقة السابقة ألمحت إلى صحيح الاعتقاد. مسألة أنني مسلم لله تبارك وتعالى وليس مسألة أني أصلي وأحج وأصوم وإنما ماذا أعتقد في كنه هذا الإله الحق ولهذا أكرر أن أول سؤال في القبر من ربك؟ فتقول الله ربي ولكن لسان حالي يقول ربي هذا ما كنهه؟ ما هي قدرته وهيمنته؟ هذا يظهر من خلال أفعالي وضربنا مثلاً في الحلقة السابقة أنت مدير شركة وأنا كل يوم أقول أنك ممتاز ثم كلما أصدرت أمراً إدارياً لا أنفذه إذن هذا مجرد. "لا إله إلا الله محمد رسول" هؤلاء مطمئنون جداً ووقف فهمهم عند القول لكن الأمر ليس هكذا وإنما الأمر أن هذا الإله سبحانه وتعالى له قدرة وله حكمة وله هيمنه ونحن في الأول والآخر عبد. الآية التي معنا لو دققنا في الآية فيها في المفهوم السائد في مسألة كن فيكون أن (كن) تتدخل في الإيجاد إذن أكون قد أوقعت آيات كثيرة من دون أن أشعر وهذا المفهوم الآية نفسها ترده والمسألة كلها تحتاج إلى فض اشتباك في المفاهيم المغلوطة. القرآن الكريم عندما يكلمنا في مسألة عيسى التي التبس عليكم الأمر فيه يقول (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) وفي الحقيقى أن هذا المثل هو المثل الوحيد في القرآن الذي لم يُضرب للتشبيه والتمثيل إنما ضرب أنك توقفت في مسألة ما كان يجب أن تتوقف فيها. عيسى له أم إسمها مريم أما آدم فليس له أب ولا أم فمن المنطق المجرّد أيهما أصعب في الخلق؟ آدم أصعب. الآية هذه ذكرنا سابقاً أن بعض آيات القرآن لا تمشي بالمعنى ولا بلازم المعنى وإنما تمشي بالمراد من الكلام. يقول تعالى (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) نقف عند الآية لنرى عظمة اللغة العربية: هل عيسى مثله مثل آدم؟ أو آدم مثله مثل عيسى؟ ليس هناك تطابق إنما يوجد إعجاز هنا وهنا فنسأل أيهما أقوى في الإعجاز وأيهما أصعب في الخلق؟ المقدم: على ربنا ليس هناك أصعب د. هداية: أصعب من وجهة نظري أنا كبني آدم. المراد في هذا الجزء من الآية (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) وكأني بالله تبارك وتعالى يقول يا من توقفتم في خلق عيسى واعتبرتم أن في خلقه معجزة أو قضية أكبر من فهمكم فلماذا لم تتوقفوا في آدم؟ وكان الأولى بكم أن تتوقفوا في آدم ولو توقفتم في آدم فسيكون لكم عذر إنما عدم توقفكم في آدم وتوقفكم في عيسى أنتم أعذرتم أنفسكم وضيعتوا أنفسكم لأنه كان من باب أولى أن يقفوا عند آدم ولو وقفوا عند آدم كانت مقبولة لكنهم وقفوا عند عيسى ولو أنهم توقفوا عند آدم لكان مقوبلاً فعيسى وجد أماً تحمله أما آدم من الذي حمله ومن الذي خلق هذا وذاك؟ إذن توقفك في هذه المسألة ليس وقوف تدبر ولا تفكر وإنما توقف طبر واستعلاء وكأنه تقليد لإبليس عليه لعنة الله بدليل أنه لما قال (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) المفروض أن يتكلم عن عيسى أنه جاء من مريم وإنما قال (خلقه من تراب) جاء بالأصعب. هنا تظهر إشكالية ثانية عند المفسرين هل عيسى خُلق من تراب؟ أو جاء في رحم مريم؟ لما نقول (خلقه من تراب) لا يمكن أن يكون الكلام على عيسى وإنما الكلام على آدم. أين موضوع عيسى إذن؟ هذا سؤال مهم وندخل في النطفة والعلقة! البعض لم يفهموا المثل. الله تعالى ضرب لنا المثل بالأصعب الذي خلق من تراب أو الذي خلق في بطن أمه؟ خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون. المقدم: البعض فهم هذا الكلام خاصة أن الاعجاز القرآني واستخدام القرآن لبعض الألفاظ وإبداعات إلهية في الصياغة اللغوية في لغتنا العربية الجميلة تجعل بعض الناس تتدبر والبعض لا يعترض أننا نتحدث بأمور النحو. وهناك من فهم أنه لماذا لا يكون المعنى أن عيسى مثل آدم فكما أن رب العالمين خلق آدم من تراب قال له كن فيكون قبل الخلق كذلك عيسى خلقه الله تعالى من تراب وقال له كن فيكون، وإرادة ربنا ارتأت أن يأتي عيسى بهذا الشكل ليسبب فتنة ويرى من يتدبر الأمر ويعرف أن الكون له إله واحد لا يمكن أن يتجسد في بشر وناس آخرون ستتدخل وتؤلّه هذا المخلوق ويقولون هو الله أو هو ابن الله تجسد في هذا المخلوق حتى يفدي الناس من الخطايا حسب الاعتقاد المسيحي. السؤال ما الذي قسم الناس فريقين ولماذا لم يحصل هذا الانقسام مع آدم؟ أو مع قصة العزير؟ إذا كان العزير ابن الله لماذا لا ينتشر الآن طائفة تعبد العزير؟ د. هداية: لم يتوقف أحد عند خلق آدم. كان هناك طائفة تعبد العزير ولكنها اندثرت الآن وجاء بعدا المسيحيون ممن يعبدون المسيح. هذه ليست قضيتنا قضيتنا مسألة مهمة وهي أن بعض الناس فهمت (فقال له كن فيكون) لكن اين مسألة (فحملته) أنا رجل مؤمن بقرآني وبإيماني آخذ القرآن ككل والآيات تخدم بعضها. فالواضح أمامنا أنها حملته ولما حملته وضعته لكن المثال مضروب لماذا؟ هناك نقطة لو انتبهنا إلى ما قلت هم اشتركوا ونحن معهم في (كن) والجهة منفكة بيننا وبين آدم وعيسى في جهة الخلق. (كن فيكون) للكل والجهة تنفك آدم من تراب، كلنا من ذكر وأنثى، عيسى من أنثى بلا ذكر إذن الجهة انفكت في طريقة الخلق لكن الكل يقع تحت بند (كن فيكون) إذن آدم وعيسى ونحن في آيات القرآن المتفرقة (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) (وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) مسألة القضاء إذن أزلية على مراده آدم سيأتي بهذه الطريقة، عيسى سيأتي بهذه الطريقة وبقية البشر ستأتي بهذه الطريقة. إذن هنا الجهة انفكت في جهة الخلق لكن اتّحدت في (كن فيكون). الناصح يسأل السؤال الذي سألته آخر الحلقة الماضية ما دلالة (كن) طالما لا تدخل في الإيجاد. نحن نقول هي قطعاً غير داخلة في الإيجاد لأن الآية تقول (خلقه من تراب ثم قال له) و (ثم) هي للترتيب والتراخي وكلمة (خلقه من تراب) يعني الخلق تمّ وهو تعالى قال (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) هنا تعني الخلق وهنا تعني الخلق. (كن) التوقف كان يكون صحيحاً لو سأل أحدهم ما دلالة (كن) لما تقول أن الخلق تم. حتى الذين حاولوا أن يعملوها قالوا من سرعة الإيجاد فنقول له سرعة الإيجاد ليست في خلقه وإنما في قضى. وأضرب مثالاً ولله المثل الأعلى أنت تريد أن تفعل شيئاً تأتيني الفكرة أولاً، هذه الفكرة هل هي سهلة أو صعبة؟ هل سيأتي من يساعدني فيها أو لا؟ هل عملها أحد من قبل يعني تجربة؟ يعني هي فكرة ثم تجربة ثم تطبيق التجربة ثم تتم الفكرة، هذا لما أنت أردت شيئاً لكن المولى تعالى قال (إذا أراد شيئاً أن يقول له) إذن الوجود جاء قبل (له) يعني ساعة ما تريد شيئاً عليك أن تأخذ الأسباب كلها وقد تنجح وقد تفشل أما مراد الله سبحانه وتعالى فهو فوري ساعة قضى تم الإيجاد بدليل (له) ثم قال (يكون له كن). المقدم: إذا كان الكلام هكذا والمسألة تمت من أول ما قضى الله تعالى بالخلق فما دور (كن) في مسألة الخلق؟ هل هي مجرد إظهار للشيء لباقي المخلوقات؟ أو هي مجرد الأمر الإلهي أن يبدأ هذا المخلوق أن يمارس دوره؟ أو هي كن كما أراد المولى سبحانه وتعالى؟ د. هداية: على مراد الله. حت تحل الإشكالية ما ذكرته كله ذكره الناس لكن أين الرأي الذي يقابل منطق التفسير؟ هناك آية يقول فيها المولى عز وجل (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) كل المفسرين على أن اللام في (ليعبدون) لام الغاية أو لام التعليل وهي ليست هذه ولا تلك. العبودية قضية غير مفهومة إلى الآن على مراد الله فيها بدليل انتبه لكتب العقيدة في مسألة توحيد الألوهية والربوبية. يجب أن نعرف أولاً هل العبودية تتعلق بالعابد أو بالمعبود سبحانه وتعالى؟ المفروض أن تتعلق بالعابد. المقدم: أنا أفهم أنها تتعلق بالمعبود أولاً لأنه الذي يضع أسس العبادة. د. هداية: لا، العبودية كممارسة تتعلق بالعابد يمارسها على مراد المعبود وليس على مزاجي أنا. هي علاقة بين طرفين المعبود سبحانه وتعالى والعابد وهي المفروض أن تمشي على مراد المعبود ولو مشت على مراد العابد ينطبق فيها آيات القرآن (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم) لكني أقول أن العبادة تتعلق بالممارِس العابد الذي إما أن ينجح فيها أو يفشل فيها. اللام في (ليعبدون) لو أخذناها على أنها لام التعليل فإذن أنت كإله محتاج لعبادة الناس ولكن إياك أن تستقر هذه في عقيدتك! الله تعالى لا يحتاج شيئاً. إذن اللام في (ليعبدون) لا تنفع أن تكون لام التعليل ولا لام الغاية لأنهما يؤديان إلى احتياج المولى عز وجل وهذه مسألة لا يمكن أن تكون في حق الله. ويجب أن نفكر ما هي هذه اللام؟ نسأل هل كلهم يعبدون أو كلهم قانتون؟ هم في الحقيقة كلهم قانتون بمعنى كلمة قانت يعني طائع إما طوعاً وإما كرهاً أما يعبدون هل الكل سيمارس العبادة أو أن بعضهم سيمارس وبعضهم لن يمارس إذن اللام هذه أختار لها لفظاً يناسب مسألة طلب العبادة إذن اسمها لام المطلوب. المطلوب من الخلق أن يعبدوا بعضهم يعبد وبعضهم يكفر وهذه (كن فيكون) يعني كن على ما أردت لك لأن هناك من أردت له أن يكفر وهناك من أردت له أن يكفر ولذلك في توضيف القرآن بالقرآن قال (إن هو إلا ذكر للعالمين لمن شاء منكم أن يستقيم) المشيئة راجعة هنا للبشر ثم قال (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين) إذن يفهمنا أن مشيئتك أنت إن كانت سيئة فمنك أنت وإن كانت حسنة فهي بفضل الله تبارك وتعالى. البعض يسأل كيف والإثنان من الله؟ نقول نعم لأنه سبق في علمه سبحانه أنه لو أطلق حرية اختيارهذا فسيختار الشيء فجاء به بمشيئته دون أن يظلمه وأكبر دليل على هذا لا أحد يعرف ماذا كتب الله تعالى له. تخيل إثنان بلغا سن البلوغ مع بعض وقلنا لهم أنتم الآن مكلفان لا هذا يعرف ماذا كتب الله تعالى ولا هذا يعرف ماذا كتب الله له لكن أحدهم يختار الإسلام والآخر يكفر هو كفر لا لأن الله تعالى كتب عليه الكفر وإنما كفر لأنه إنسان سيء بعدما ربنا كتب ربنا عليه الكفر لأن الله تعالى لم يقل له أنا كتبت عليك الكفر ولو أن الله أخبرنا أنه كتب على فلان الإيمان وكتب على فلان الكفر كان يكون إنحاز للمسألة بتأثير علمه أنه مكتوب عليه الكفر إنما ربنا لم يخبر أحداً ماذا كتب عليه. المقدم: وهذا ليس فيه نوع من أنواع الظلم للإنسان؟ د. هداية: إطلاقاً بدليل أنه تعالى قال (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) وبعدها ذكر الفاعل فقال (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) لأن الذي دساها لو قلنا له إياك أن تُسلِم لأنه مكتوب عليك الكفر فيكون هذا سيكولوجياً راح للكفر بتأثير كلامنا بالإيحاء. في الإسلام أنت لست مطالباً بالإسلام بمحمد r فقط وإنما مطالب بالإسلام بمحمد والذين من قبله كما ذكر في أول البقرة وفي آخرها (والذي يؤمنون بالذي أنزل إليك وما أنزل من قبلك) والذين عند عيسى يؤمنون به لغاية آدم ثم عيسى لما يأتي يقول جئت مصدقاً لما بين يدي ومبشراً بالذي سيأتي بعدي. الأنبياء والمرسلين سلسة لا نختار بينهم فإذا دخلت عند عيسى أختار عيسى ومن قبله وإذا دخلت عند موسى أختار موسى ومن قبله وإذا دخلت عند محمد تأخذ محمد r ومن قبله. المسألة (كن فيكون) أنت خُلِقت فكُن على مرادي فيك لإثبات قدرة الله تعالى فيك. وقلنا سابقاً أنا أبو جهل لو كان مكتوباً له أن يكون الصدّيق ما كان يمكن له أن يكون أبو جهل والصدّيق لو كان مكتوباً له أن يكون أبو جهل ما كان يمكن له أن يكون الصدّيق ولذلك أهل الجنة في الجنة يقولون (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) والهداية هم قاموا بفعل لكنهم قالوا نحن لم نعمل إلا لأن الرحمة وصلت بهداية المعونة بعد هداية الدلالة. الرسول دلّ إلى الطريق الصح فمشينا به. المقدم: بعض الناس قالت في مثل عيسى وآدم أنه قد يكون خلق عيسى على هذه الطريقة إثبات لطلاقة القدرة الإلهية أن آدم خُلق من غير ذكر ولا أنثى وبقية الخلق خلقوا من ذكر وحواء خلقت من ذكر بدون أنثى وبقي الخلق من أنثى بلا ذكر. د. هداية: مسألة خلق حواء من ذكر بلا أنثى هذه قضية خطأ وقديمة فاشلة. علينا أن نصحح الكلام: آدم وحواء خلقا مع بعض بنفس الطريقة لأنه تعالى قال (ومن كل شيء خلقنا زوجين) لما نوح بدأ حياة جديدة وهو يسمى عند فقهاء اللغة آدم الثاني (قلنا احمل فيها من كل زوجين) حتى تبدأ حياة يجب أن يكون هناك زوجان. لو أخذنا فكرة ضلع آدم - هذا أولاً كلام إسرائيلي بحت – وكل الأحاديث في هذا المجال من الاسرائيليات نقارن بين ما جاء في القرآن وما أوردته الاسرائيليات. الاسرائيليات قالت أن آدم كان نائماً في الجنة واستوحش ثم أفاق فوجد حواء أمامه ثم تزوجها يعني أنه كان في الجنة وحده والقرآن يقول (يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة) فمن نصدّق؟ كلام القرآن طبعاً كلام القرآن في مسألة (قلنا احمل فيها من كل زوجين) ومسألة عندما يريد رب العالمين أن يخلق شيئاً يجب أن يكون زوجين. لما نأخذ أي ضلع وتحلله وترجعه إلى عناصره وتعمل منه خلق يعطيك تكوين العظم فقط لا يعطيك دماً ولا شعراً ولا أظافراً ولا لحماً هذا من الناحية البيولوجية لو سألنا عالماً بيولوجياً هل العظم يعطينا لحم وشعر يقول لك لا ولكن تعطي عظماً فقط. التركيب العظمي يعطي عظماً فقط. الناس تحتج بالحديث الصحيح عن رسول الله r: "استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء" يعني الضلع هنا مجاز وليس حقيقة وليس المقصود منه ضلع آدم، الضلع لو كان مستقيماً يقع القلب والرئتين وظيفة الضلع أن انحناءه يحفظ القلب والرئتين ولو سألنا هل الضلع مستقيم أو لا سيرد من دون تفكير أن الضلع أعوج لكنه في الحقيقة مستقيم لأن غاية استقامته أنه أعوج إذن استقامة الضلع هي أن يؤدي دوره فلو كان غير منحني لن يؤدي وظيفته فكلمة أعوج يعني مستقيم. المقدم: البعض يقول أن الرجل عنده 23 ضلعاً في القفص الصدري والمرأة عندها 24 د. هداية: تعالى نعد الأضلاع وهذا كلام فارغ لأنه بيولوجياً عدد أضلاع المرأة هو تماماً كعدد أضلاع الرجل. كلام الرسول r صحيح في أن الضلع الأعوج يحتوي القلب والرئتين والمرأة الصالحة تحتوي الرجل والأولاد كما يحتوي الضلع القلب والرئتين فكلام الرسول r مجاز. المقدم: أليس مقصوداً أيضاً أنه من ضمن هذا الاعوجاج الدلع والملاطفة وإلا لو كانت المرأة مثل الرجل لكان الأمر وكأن الرجل متزوج من أحد أصحابه! د. هداية: قلنا سابقاً عملوا تجربة في فرنسا لأطفال يعيشون بين رجلين ففضلوا وتجربة لأطفال يعيشون بين امرأتين ففشلوا ونجحت التجربة لأطفال بعيشون بين رجل وامرأة حتى ولو لم يكونا متزوجين. أساس الخلقة أن الأب يشد والأم ترخي وكلام الرسول r"استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع" من ضلع يعني من طبيعة تختلف عن طبيعة الرجل. ثم قال r (وإن أعوج ما في الضلع أعلاه) الاعوجاج يزيد في أعلى الضلع أعوج على وزن أفعل التفضيل يعني أحلى. المقدم: البعض فسر أعوج على أنه أسوأ والبعض قال أن المقصود أن دماغ المرأة أسوأ ما فيها. د. هداية: هذا غير صحيح على الإطلاق بدليل أنه r قال:" وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، إن أنت ذهبت لتقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء" معناها لا تحاول أن يغير طبيعتها. بعض الشراح قال أن "فاستوصوا بالنساء خيراً" هذا يعني فاقبله على عوجه. البعض يشتكي من زوجته نتيجة عدم فهم خلقة كل واحد من الرجل والمرأة والرسول r يقول لنا أن طبيعة النساء مختلفة عن طبيعة الرجال بدليل انه كلّم النساء يوصيهن بالرجال كما كلّم الرجال يوصيهم بالنساء، الرسول r يريد أن يقيم البيت على الرضى. هذه الطبيعة التي خلق الله تعالى عليها النساء وليست من ضلع آدم والرسول r كان يمكن أن يخبرنا لكنه يتكلم كلاماً مجازياً "استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من عوج" عوج هنا تفهم بلازم المعنى يعني خلقن من طبيعة مختلفة عن طبيعة الرجل. المقدم: من باب الأسئلة الصعبة الطبيعة المختلفة لعيسى u والمعجزات التي عملها والناس رأتها في عهده ألا توقع الناس في فتنة. وابليس قال لله تعالى (رب بما أغويتني) يعني أنت تعلم يا رب أنك خلقتني من نار فما الذي جعلك تأمرني بالسجود لآدم وأنت تعرف أني لن أسجد؟ كأن إبليس يحاول أن يرمي بالمسؤولية على الله سبحانه وتعالى وهو يعرف طبيعته فكأن نفس المنهج يقال مع عيسى u فالله تعالى خلقه من أنثى لم تختلي برجل لا عن طريق زواج ولا أية علاقة أخرى معاذ الله ثم لما يأتي هذا الطفل يتكلم صغيراً في المهد ثم لما يكبر يكون طاقة للشفاء والرحمة والرأفة ويحيي الموتى بإذن الله، هذه التصرفات تبدو وكأنها ليست تصرفات بشر عادي وإنما لإله لأن التصرفات فوق مستوى طاقة البشر فمن الطبيعي أن يكون هناك من يقول هذه ليست تصرفات بشر عادي وهناك آيتين في القرآن الكريم مرة يتكلم تعالى عن مريم التي أحصنت فرجها فقال (فنفخنا فيه) ومرة ثانية قال (فنفخنا فيها)، أليست هذه أسئلة صعبة؟ د. هداية: كلها أسئلة لكنها ليست صعبة لأنه ساعة التبس الأمر على من التبس عليه الأمر نسأل سؤالاً واحداً هل عيسى قال أنا إله؟ عيسى قال (إني عبد الله) تتحقق على لسانه مناط كلمة احتار فيها العالمين (إني عبد الله) ولم يقل أنه يشفي المرضى والأكمه والأبرص أو يحيي الموتى بذاته وإنما قال بإذن الله وقدرته هو لم يدّعي هذا هم تصوروا ذلك لكن السؤال الفيصل هل الكل تصور هذا؟ لا وإنما البعض إذن أجزاء من البعض عادزا. عيسى u لم يقل أنا وإنما قال (الله) إذن أين الالتباس؟ هي مسألة ابليس. ماذا فعل إبليس؟ (فسجد الملائكة كلهم أجمعين إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين) إذن ابليس أبى واستكبر إذن منطق إبليس هو الخطأ ومنطق من يمضي على هذا الدرب خطأ والذي يؤدي بالناس إلى الهلكة هو الكِبر، الإنسان الذي لديه كبر لا يريد أن يسمع أنه أخطأ والكبر له درجات لكن في النهاية لن يدخل الجنة من طان في قلبه مثقال ذرة من كبر لأن هذا المثقال سيجعله يتعالى عن العباد ويستعلي على الخلق ويرفض التنفيذ هو لن يدخل النار بمثقال الذرة وإنما هذا المثقال سيؤدي به إلى أن يضيع العبادات، البعض عندما تسأله لماذا لا تصلي؟ يقول لك هل يحتاج ربنا لعبادتي؟! هذا كِبر غريب، هو يعرف أن هناك إله ثم تسله هل تؤمن به أو لا تؤمن؟ يقول لك هذا الأمر غير واضح فتقول له أنا أوضح لك فيقول لك بكِبر أنت توضح لي؟! كيف تتصور أن العملية تسير؟ إله وكتب ورسل؟ فيقول لك العملية أبسط من هذا بكثير لو ربنا هداني سأصلي، إذن هذا يعرف أن له رباً وهذا يذكرني بالمشركين في مكة حين قالوا إن رب محمد قد قلاه، إذن هم يعرفون أن لمحمد رب! وقد اتهموه r أنه يأتي بالقرآن من عنده. المنطق يعود إليه حتى الذي أضل يقول الحق من تلقاء نفسه. المقدم: هم الذين قالوا أن هذه مشيئة الله ولولا مشيئته لكا أضللنا وما كفرنا. د. هداية: القضية أنني أنا عبد وهذا ما قاله عيسى الذي ألله البعض (إني عبد الله) لو قال إني رسول الله لا تكون مشكلة لكن لما أراد تعالى أن يشرِّف عيسى u قال (إني عبد الله) ولما أراد أن يشرِّف محمداً r قال (سبحان الذي أسرى بعبده) لم يقل برسوله أو بنبيه مع أن الإسراء حصل بعد البعثة وتم التكليف. العبودية شرف كبير والكبر الذي عند البعض لا يفهم أن العبد تشريف لأنه عبد لله تعالى كما قال عيسى u (إني عبد الله). المقدم: حتى في الأناجيل يذكر أن أحدهم ذهب ليسأل عيسى u أيها السيد أأنت الله؟ أو أأنت ابن الله؟ فردّ عليه قائلاً أنا رسول من الآب (البعض قالوا الأب واختلفوا فيها) قال عيسى أنا رسول الله اتبعوني لكن مسألة تأليه المسيح حصلت بعد وفاته بقرون من أتباعه الذين يدخلوا هذه العقيدة في أفهام الناس. د. هداية: علينا أن نأخذ منهجنا وعلمنا وحقيقة القصص القرآني كله من القرآن والقرآن يتحدث باستطراد والآيات تمشي على أكثر من رؤية لكل نبي أو رسول ذكرهم القرآن الكريم وفي سورة يوسف قال تعالى (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ (3)) يعني أحسن قصة تأخذها محكمة هدفها موجود وغايتها موجودة تأخذها من القرآن والقرآن تحدث عن هذا وقال إن عيسى u بلسانه هو قال (يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم) هذه واضحة لا تحتاج لتفسير (مصدقاً لما بين يدي من التوراة) يعني موافق لكل ما جاء به موسى. المقدم: إذن تعاليم الإنجيل ليس فيها مخالفة لتعاليم التوراة الحقيقية ولا ستختلف مع تعاليم القرآن؟ د. هداية: لا يمكن ولذلك ليس من قبيل الصدفة أن بداية سورة البقرة أنت مسلم خذ المنهج (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)) وفي آخر البقرة (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)) هذه قضية منتهية في كل الكتب السماوية الصحيحة تتسق مع المنطق والعقل والفكر أن هناك إله ينزل منهج على نبي أو رسول والمطلوب من البشر اتّباعه المقدم: الذي خرج من مسألة الكبر كثير في أوروبا وأميركا باعتبار هذه المجتمعات تربت خلال قرون طويلة على مسألة إعمال العقل والفكر وحرية القراءة والتفكير إلى أن يهتدي كثير من الناس وتفهم الإسلام هو الدين الشامل من آدم إلى محمد r وفي بعض الدول العربية هناك نوع من الحساسية بين المسلمين والمسيحيين وهناك كثير من الأكاديميين في الجامعات عملوا دراسات وأبحاث ومقارنات في هذا الموضوع وهناك بعض الأناجيل عمل عليها دراسات وأخرجوا منها كلمات وآيات تقريباً نفس المنهج الذي في القرآن الكريم لأن كله يخرج من مشكاة واحدة د. هداية: عظمة الأداء القرآني في أخطر نقطة في توصيف العقيدة يقول (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)) إذا طرق بابك أحد وفتحت له وقال أنا أريد أن أسلم فعليه قبل أن ينطق بالشهادة أن يكفر بالطاغوت كل ما يطغي الإنسان الكِبر الشيطان النفس العاصية الجار أو الصديق السيء لذا قبل أن تعلن إيمانك بالله الحق عليك أن تكفر بالطاغوت فالكفر هنا يسبق الإيمان، الكفر بالذي ضيّعنا والطاغوت هنا يعني كل من تسبب في طغيانك (فمن يكفر بالطاغوت) يعني يكفر أولاً قبل أن يؤمن (فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) يعني كأن الذي يريد أن يسلم أقول له اكفر بالذي كنت عليه أولاً هذا منطق. المقدم: بعض الناس تفهم أن الموضوع هو صراع بين الأنبياء والرسل وهناك كثير لم يصل إليهم أن الأنبياء والرسل على منهج واحد له واحد والله تعالى لن يغير رأيه وأن وجود عداوات بين الأتباع هذا اليوم خطأ. د. هداية: هذا من صنيعة الفكر البشري فكر الدين الحق والمنطق الحق. ائتني بأي منهج أرضي يعني فرعون مثلاً كانوا يأتونه كرهاً والله تعالى الحق يقول (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) هل هناك منهج وضعي هكذا؟ كلا، القانون الأرضي يطبق على الكل ولا يجوز الاعتذار للجهل بالقانون. القرآن والمناهج الإلهية قال (فمن شاء فليؤمن) ومشيئة هذا الذي يؤمن هي (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) وتركك في الجنة إن شاء الله أنت الذي تقول (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) إذن الفكر البشري والمنهج البشري غير منهج السماء لأن منهج السماء منهج عقل ومنطق وعلم ولا يمكن أن تتشابك أبداً أكثر من رسالة جاءت من إله واحد إنما هو منهج واحد للرسل جميعاً والشريعة هي التي تتغير ولذلك (إن الدين عند الله الإسلام) هذه آية محتاجة لشرح كبير وفي نفس السورة (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) الدين عند الله الإسلام ليس دين محمد فقط وإنما دين كل الأنبياء والمرسلين وأكرر هنا أن اليهودية ديانة دينها الإسلام والنصرانية ديانة دينها الإسلام وإسلام محمد ديانة دينها الإسلام ولذلك خاطبنا المولى سبحانه وتعالى نحن المسلمون (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ (13) الشورى) لذلك نرجو أن يلغي الناس كلمة الأديان وحوار الأديان وقولوا حوار الديانات حوار الرسالات لكن ليس هناك أديان لأنه لما يسمعنا أحد من الغرب نقول أديان يعتبرون أن هناك آلهة لأن المنطق المجرد إن لكل إله دين. المقدم: الكلام يحتاج إلى تبيان ونوضح أن هذه النقاشات التي نناقشها هي من باب التحقيق العلمي المبني على القرآن الكريم الكتاب الأوحد الباقي على البسيطة التي لم يحدث فيه تحريف والباقي على مراد الله لذلك نحن نبحث من باب البحث العلمي وليس غرضنا الطعن في عقائد الآخرين إطلاقاً ولا أن نستعلي عليهم لأن الكبر هذا من صنع البشر والكبر الذي يكون ملازماً للنفس البشرية على أن لا أكون مخطئاً فالهدف هو الأخوة الإنسانية وليس العداوة البشرية لأني أعلم أن هذه المناقشات تثير بعض الحساسيات. بُثّت الحلقة بتاريخ 2/12/2008م |
التوبة والاستغفار 92 تقديم علاء بسيوني (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) وذكرنا المثل الذي ضربه سبحانه وتعالى عن آدم وعيسى عليهما السلام (خلقه من تراب ثم قال له) وقلنا أن الكينونة هنا على المنهج فنحتاج إلى أن نلخص الموضوع للذين لم يفهموا ونحتاج أن نلخص الفرق بين الخلق والإرادة والكينونة. د. هداية: بداية قلنا أن الله تبارك وتعالى قضاؤه لا يرد وقضاؤه يتم فور المشيئة والإرادة على عكسنا نحن تماماً وضربنا مثالاً أننا نحن إذا أردنا شيئاً نفكر فيه ثم نخطط له ثم نجربه ثم ننفذ إنما المولى عز وجل (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) (له) يعني الشيء ساعة أراد الله تبارك وتعالى وُجِد وتمّ خلقه والآية التي ذكرتها (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) (خلقه) يعني آدم من تراب (ثم قال له) ساعة خلقه أي تم الخلق أما (كن فيكون) (كُن) لا تدخل في الإيجاد إنما تدخل بعد الإيجاد أي كُن على مرادي فيك بالإيمان، بالكفر، بالإيمان ثم الكفر أو الكفر ثم الإيمان الحاية التي سيعيشها كل مخلوق ولا يستطيع مخلوق أن يفعل شيئاً لم يقض به الله تبارك وتعالى قضاء الله تبارك وتعالى أزلي وقدره أبدي والله تبارك وتعالى له في خلقه شؤون ولا يُسأل عما يفعل. الآية (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) قلنا أن اللام في (ليعبدون) ظن الكثير أنها لام تعليل وهي لا يمكن أن تكون لام التعليل وإنما هي لام المطلوب يعني خلق الله تبارك وتعالى الجن والإنس وطلب منهم أن يعبدوه فمن آمن واتبع فهو في الجنة ومن أبى وعصى وكفر فهو في النار وهذه قاعدة قرآنية واضحة وضوح الشمس في كبد السماء والله تبارك وتعالى من عدالته كإله خالق عادل على منهجه سبحانه وتعالى (لا إكراه في الدين) (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) الآيات أوضح من أن تُشرح. الله تبارك وتعالى خلق كل واحد منا وأوجد له مكاناً في الجنة ومكاناً في النار وهو قاضي بالمكان لكن لم يخبرك أين أنت من الجنة أو النار وترك هذا لاختيارك أنت فإن ولدت أنا جبراً فأنا لم أختر يوم ميلادي ولا أبي ولا أمي لكن اخترت أفعالي واخترت اختياري واخترت تصرفاتي. المقدم: هذه المسألة التي نتكلم عنها هل الإنسان مسير أو مخير؟ د. هداية: أنت مسير في أمور ليس لك دخل بها كالميلاد والرزق والبعث لكن مخير في سعيك على الرزق يعني مقدار الرزق هذه للمولى عز وجل لكن سعيك عليه أنت مسؤول عنه أنت مقدر لك ألف جنيه يوم الثلاثاء إما أن تأتي بهم من حلال وإما تأتي بهم من حرام هذه تعود عليك أنت لكن المبلغ سيأتي سيأتي وضربنا المثال (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) ألهمها هنا يعني وضح لها هذا حلال وهذا حرام هذا طريق الخير وهذا طريق الشر والفعل لي (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) المقدم: بعض أساتذة علم الاجتماع هناك مدارس منهم تقول أن الإنسان وليد البيئة التي ولد فيها وهي التي تؤثر على صلاحه أو طلاحه ويقولون أن واحد وُلِد في بيئة صالحة من أم وأب مسلمين وربوه تربية صالحة وأخلاقه جيده فصار الولد مثل أبيه يذهب للمسجد وأخلاقه جيدة وهو ميسور الحال وكبر وتعلم ودينه جيد وولد آخر وُلِد في بيئة غير صالحة وفقيرة فقر الفكر والمال وأمه وأبوه لم يربوه على الدين ولا يهتمون هل الرزق الذي يكسبونه من حلال أو من حرام فنشأ الولد في هذه البيئة وصار نشالاً أو سارقاً فهل هذا الولد مظلوم؟ ما ذنبه هو إن لم يربه أبويه في بيئة صالحة والكل من حوله علمه أن حتى يأكل عليه أن يسرق أو يختلس فهكذا تكون الأقدار ظلمت هذا ونصفت هذا؟ د هداية: أبداً، كل نظريات علم النفس وعلم الاجتماع نظريات إطلاقها ليس صحيحاً فأنت ترى إمام مسجد يخرج من صلبه ولد فاسد والعكس بالعكس وفي البيئات الراقية شاهدنا بأنفسنا حتى لو كانت البيئة سيئة إنما يخرج منها أولاد صالحين فالمسألة نسبية. القضية في أن المولى عز وجل لم يظلم أحداً أبداً بدليل أعطني منهجاً واحداً قال صاحبه وهو يضعه (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) إلا هذا المنهد الحق؟! (لا إكراه في الدين) وذكرنا سابقاً لو أن أحدهم دخل عليك وهو يلوي ذراع أحدهم ويقول له قل لا إله إلا الله هذا لا ينفع أنت سترفض وتقول لا، المسألأة مسألة العقيدة لا ينفع فيها لا إجبار ولا إكراه ولذلك (لا إكراه في الدين) أنت يمكن أن تكره الناس على أمور كثيرة جداً على تطبيق قانون على نزع ملكية لكن أن تكرهه الناس على الإيمان بالخالق الحق؟ الخالق الحق لا يرضاه وهذه القضية محسومة من أول سورة البقرة والمولى عز وجل يقول (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) المشيئة مطلقة هذه مسائل اختيارية بحت على عكس الميلاد والرزق ومن أبواي هذه أمور لا دخل لي بها وإنما لي دخل في اختيار طريقي وأنت نفسك تشهد وترى الذي من بيت صالح جداً وهو فاسد جداً وترى الذي هو من بيت فاسد جداً وخرج صالحاً جداً والتي لم تكن تلبس الحجاب فترة طويلة ثم لبسته والتي خلعت الحجاب بعد أن ارتدته، كلما ترى قضية من هذه القضايا تقول سبحان الله لله في خلقه شؤون لكن هل أجبر المولى تبارك وتعالى أحداً على الطاعة أو على العبادة أو على المعصية؟ إطلاقاً الآيات توضح ذلك تماماً. المقدم: هناك أكثر من نقطة فيما يتعلق بمسألة الجنة والنار وذكرنا في حلقة سابقة عن حديث "إن الإنسان ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها" والعكس بالعكس وناك من يقول ألا يقول الله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) لنفترض أني منذ سبعين سنة وأنا أعمل حسنات فالمفروض أن يكون قد كتب في كتابي على الأقل حسنات سبعين سنة والله يضاعف لمن يشاء وعند سن واحد وسبعين أخطأت خطأ وضعفت ومت عليها فهل من غلطة واحدة حتى لو لم أتب عنها أو مت عليها وجاءني تلفون من إحدى السيدات الفضليات تقول أنها امرأة كبيرة تصلي وتصوم وتعيش وحيدة في الدنيا وهي ليس لها علاقة بأحد وتعيش وحدها وهي فقط تؤنس وحدتها بسيجارة وتقول أنتم قلتم أن السيجارة معصية وحرام بفتوى شرعية وأنها ضرر للنفس والمال ثم بدات بالبكاء وتقول أن الكلام الذي تقولونه وأنا امرأة طيبة وعلاقاتي بالجميع جيدة ولا أرتكب أخطاء وأعيش لوحدي هل سيذهب إلى عملي الصالح وعبادتي وحبي لله تبارك وتعالى سيذهب هدراً إذا مت وأنا أمشك السيجارة وأرمى في جهنم؟ د. هداية: الحديث لم يقل هذا أبداً، الكلام الذي ذكرته أنت ينطبق عليه قوله تعالى (فأما من ثقلت موازينه) (وأما من خفت موازينه) يعني إنسان عمل حسنات في حياته ستوزن وستوزن سيئاته لكن الحديث يتكلم عن عمل أهل النار (فيعمل بعمل أهل النار) عمل أهل النار يعني كفر يعني العقيدة تحولت فأصبح العمل هدراً ليس بعد الكفر ذنب، هات لي كافر عمل كل أعمال الخير المتصورة كيف سيدخل هذا الرجل الجنة؟ ما هي العقيدة؟ هل الكافر له ميزان؟ هل ستوزن أعماله؟ لا ليس له ميزان الميزان للمؤمن نرى العقيدة أولاً إذا كان الكتاب باليمين سيكون هناك ميزان أما إذا كان الكتاب بالشمال فليس هناك وزن. المقدم: افترض أن هناك إثنان كفار ملحدين واحد يعمل خيراً وآخر معه في الإلحاد لكن يسرق ويقتل لما يدخلا النار بأمر الله هل يدخلا في نفس المنزلة؟ د. هداية: لا ليسا في نفس المنزلة. وذكرنا سابقاً أن أقل الجنة جنة وأقل النار نار إنما نحن نقول منطقية الميزان هي لواحد شهد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لكن الذي قال ليس هناك إله ويقول كل هذا كلام فارغ فكيف توزن له؟ هذا ينطبق عليه (خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه) لكن نتكلم عن الميزان والكلام الذي ذكرته رداً على الحديث عن رسول الله يتكلم عن عمل أهل النار لا أنه عمل خيراً سبعين سنة ثم دخن سيجارة ومات يدخله الله النار لا أحد يمكن أن يقول هذا! لكن أناقش موضوع السيدة التي تعترف أنها تعمل خيراً ولكنها تدخن وتعلم أن التدخين حرام فعليها أن تتركه، مجاهدة النفس هنا نقطة مهمة وعلينا أن تصون الله في نفسها لأن المجاهدة هنا فهي تصوم وتصلي وتزكي وتعمل الخير وهي تعلم أن التدخين حرام لكنها تدخن هذا لا ينفع لن أقول هي في النار بهذا العمل لكن هذا لا يليق بإنسان مؤمن ويعلم من هو الله لذلك أذكركم بحديث جبريل الذي يجب أن نقوله دائماً لما سأله عن الإسلام أعطانا عقيدة المسلم ثم لما سأله عن الإيمان أعطاه عقيدة المؤمن ولما ساله عن الإحسان بعد أن قال الإسلام والإيمان لم يقل في الإحسان ما قاله في الإسلام والإيمان، في الاسلام قال أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وفي الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وفي الإحسان قال أن تعبد الله يعني طبق هؤلاء بخشية ففي الإحسان قال أن تعبد الله كأننك تراه أو أن تخشى الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك تكلم هنا في عقيدة المحسن ليس فيها عمل لأنه قائم به لكنه يريد أن يعمل كل هذا وهو خائف من ربنا كأن المولى يراه وإن كنت أنت لا تراه فإنه يراك فاعبده كأنك تراه. المقدم: أو كأنك ترى أنه يراك لأن الناس تنسى في بعض الأحيان فالله تعالى موجود في كل مكان لكنهم غير مستحضرين أن الله مطلع عليهم. هذه السيدة الكبيرة لو تخيلت لحظة أنه كشف عنك الحجاب ورأيت الله عز وجل هل يمكن في تلك اللحظة أن تأخذي سيجارة وتدخينها؟! د. هداية: هذا كلام الرسول r، وإن كنت غير قادرة على تصور هذا فإن الله يراك يراك. المقدم: اسئلة كثيرة تدور في ذهني ونحن نناقش الآيات في مسألة القضاء والقدر ومسألة (كن فيكون) كل واحد له مكان في الجنة ومكان في النار قبل أن يُخلق وسيشغر أحد هذين المكانين لا محالة فلو كان في الجنة سيشغر مكانه في النار والعكس بالعكس. نحن سنخصص إن شاء الله حلقة عن مسألة الدخول والخروج إلى الجنة أو النار لكن نذكر المشاهدين أنه في صحيح مسلم قال رسول الله r: من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول قد حرّم الله عليه النار" د. هداية: القضية قائمة على حديث الناس مطمئنة له جداً وهو "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة" البعض يقول يدخل النار قليلاً ثم يدخل الجنة نتيدة أعماله هذا الذي يفهمونه من الأحاديث ورغم أنها في البخاري ومسلم قلنا أنه علينا أن نأخذ الأمور بمنطقية الأحداث، القرآن يقول لا خروج والأحاديث تقول خروج، لدينا حديث في مسلم، هم يقولون أن هذا يدخل الجنة لكن بعد أن يدخل النار قليلاً، هذا الحديث في مسلم :"من شهد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرّم الله عليه النار" إذن الشهادة أو القول يجب أن يتبعهم العمل أم أنهم يريدون القول أنه من شهد أنه لا إله إلا الله وزنى من دون توبة يددخل الجنة؟! هذا لا ينفع، فالأحاديث لما تشغلها مع بعضها مع الآيات نجد بمنتهى الوضوح من شهد أنه لا إله إلا الله على وجهها، على وجهها يعني شهد وعمل يعني شهد أن لا إله إلا الله وقرأ المنهج وطبقه لذلك السؤال الرابع في القبر للذي سيجيب صح على الثلاثة أسئلة: من ربك؟ لسان حاله يقول الله ربي، ما دينك؟ لسان حاله يقول الإسلام ديني، ما قولك في هذا الرجل؟ لسان حاله يقول هو رسول الله حقاً، إن أجاب على هذه الأسئلة بهذه الطريقة يسأله السؤال الرابع ما عملك؟ أو ما علمك؟ باختلاف الروايات يقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت يعني عملت ولا تعني أنه من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ومات تدخله الجنة! هو شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ولما سمع الأذان صلى ولما جاء رمضان صام لوما استطاع الحج حج ولما توجبت عليه الزكاة زكّى المعاملات كلها صحيحة لم يسرق ولم يزني ولم يقتل، هذا ليس ملاكاً، وحتى لو سرق وزنى لكنه تاب إلى الله (إن الله يجب التوابين) قال التوابين لم يقل التائبين التوابين يعني كثير التوبة إما عن معصية ويتوب أو عن معاصي كثيرة وتاب ثم يتوب من توبة كما علمنا الرسول r "يا أيها الناس استغفروا ربكم وتوبوا إليه فإني استغفره وأتوب إليه في اليوم مائة مرة" مم كان يتوب r ويستغفر؟ كان r يتوب من توبة ليعلم الناس كيف يتوبوا. القرآن قال للرسول r(يا أيها النبي اتق الله) هذا لا يعني أنه r لم يكن متقياً لله وإنما تعني يا أيها النبي اتق الله أي دُم على تقواه وعلّم الأمة كيف تتقي لأنه بوصفه زعيم الأمة الكلام موجه له. فالكلام باختصار بين رأينا والرأي المقابل أنه يقول إعمل الذي تريد فأنت ستدخل النار قليلاً ثم تخرج من الذي يضمن هذا؟ وما هي مدتها؟! القرآن لم يتكلم في هذا والرأي الذي نرجحه إعمل ما شئت ثم تب إلى الله وهذه ليست دعوة أو تصريح للناس ليسرقوا أو يزنوا! ولذلك نعود لصفات عباد الرحمن نفى الصفات غير المحببة عنهم بعد أن قال في البداية (وعباد الرحمن الذي يمشون على الأرض هونا) (والذين يبيتون لربهم سجداً وقياما) هذه أفعال مثبتة لهم لكنه قال (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) الفرقان) نفى عنهم هذه الصفات (لا يدعون مع الله إلهاً آخر) نفى عنهم الشرك لا يمكن لعبد من عباد الرحمن أن يكون مشركاً، (ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق) قتل النفس عملية قبيحة جداً فوق التصور في منطق التدين يعني عقيدتي أن الله هو خالق فلان فكيف أقتله؟ هذه من أكبر الكبائر ولذلك في بعض الروايات "الآدمي بنيان الرب ملعون من هدمه" "لعن الله من أعان على قتل مسلم ولو بشق كلمة" يعني كلمة اقتل أربع حروف لما تثل إلى (اق) شق الكلمة تكون قد أخذت الذنب ودخلت النار والعياذ بالله. ثم قال (ولا يزنون) ثم صان احتمال فهمك أن يكون عباد الرحمن الملائكة لأن الملائكة وصفوا بنفس الوصف فقال (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) الذي يفعل هذا لم يقل من عباد الرحمن أو ليس منهم كأنه يقول لو لم تكن من عباد الرحمن فأنت فعلت هذا لو تبت وعملت صفاتهم المثبتة ستكون منهم ولو كنت منهم ووقعت تب لذلك قال (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا). في البداية قال (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)) قال يخلد فكيف ستخرجه من النار؟ يخلد يعني لن يخرج من النار. المقدم: الحديث يقول "شفاعتي حق لأهل الكبائر من أمتي"؟! د. هداية: الحديث على رأسي لكن أن أقول أن الله تبارك وتعالى يقول (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)) قلنا أن الأثام جزاء الإثم (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70)) الذي لا يدخل أبداً هو الذي تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فالله تعالى سيبدل سيئاته السابقة حسنات أو أن الله تعالى يغفر له فيجعل مستقبله كله حسنات، هذا كيف تدخله النار؟! أسأل سؤالاً أحدهم ارتكب الفواحش كلها ثم تاب إلى الله وكانت توبة نصوحة ولم يعد للكبائر ثانية فكيف تدخله النار؟! (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)) هذا أكرمه الله تعالى بالتوبة. لما تكلم عن المقابل تكلم عن الفاسق فقط والفسق هذا توصيف للكافر والمشرك والمنافق لأن بعض الناس السطحيين وبعض العامة يقول أنا لست كافراً وإنما أنا فاسق فقط وهو يتصور أن الفسق أقل من الكفر، لما وصف الفسق في سورة السجدة قال (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا (20)) أين الخروج؟ ختى يفهم الناس أحدهم يقول لك إعمل ما تشاء وستدخل النار قليلاً ثم تخرج وهذه ليست مضمونة ورأي آخر يقول صحيح إعمل ما تريد لكن تب وداوم على التوبة ولو تبت وداومت على التوبة فلن تدخل النار فأنت تأخذ أي رأي؟ بالتأكيد تأخذ رأي القرآن الكريم. المقدم: نعود لسورة السجدة قال تعالى (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)) قال المجرمون ولم يقل الكفار؟ د. هداية: المجرم في هذه الآية كل شيء فيه إجرام نفهم ما معنى إجرام نفهم أن المجرم هو الكافر والمشكر والفاسق. القرآن يقسم الناس إلى اثنين (إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم) لما تقول الأبرار يعني هم المسلم والمتقي والمحسن والمؤمن والمسلم الوجه لله ومقابلهم الفجار الذين هم الفاسق والكافر والمشرك والمنافق والعاصي دون توبة لأن العاضي بالتوبة لا يعود عاصياً. إذا عصيت الله بأمر فقلت أنا عاصي لكن إذا تبت فلن تصفني بأني عاصي، عاصي يعني لم تب ولو تاب لا يعود عاصياً فقال (إن الأبرار لفي نعيم) ولو يصفهم ثم قال (وإن الفجار لفي جحيم) وصفهم ولم يصف الأبرار (يصلونها يوم الدين وما هم عنها بغائبين) كيف ستخرجهم من النار والمولى يقول وما هم عنها بغائبين؟! المقدم: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)) د. هداية: قال تعالى رداً عليهم (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها) يعني لو أن المولى لم يردهم مؤمنين ما كانوا مؤمنين بالأساس وكان سيكون هناك إجبار على العبودية ولن تنفع عندها (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) أنت لما يكون عندك أحدهم يسمع كلامك وأنت مبسوط منه وتعتقد أنه يحبك باختياره ولكن في وسط الكلام يقول لك لولا أن أوصاني فلان بهذا يعني هذا مجبر على حبك وليس محبة فيك! بالتأكيد ستغضب وستدعه لأنك تريد من يحبك لنفسك. فالاجبار والإكراه لا يدخل في المنطق الديني فإذا كنا نرفضه في المنطق البشري فكيف نرضاه في المنطق الديني؟! لا تمشي في المنطق البشري فما بالك بالمنطق الديني؟! المقدم: (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13)) د. هداية: العذاب لا يكون مؤقتاً أبداً، إسمه عذاب الخلد يعني على طول لو كنا واعيين نقول اللهم اكتبنا من أهل الجنة، لا أدخلني النار قليلاً ثم أخرجني! اللهم اجعلني من أهل الجنة اللهم اكتب لي التوبة، اللهم اجعلني من المتطهرين، اللهم ثبتني على الإيمان، لا أحد يقول أدخلني النار قليلاً ثم أخرجني هذا دعاء غريب أن يدعو أحدهم به. آية السجدة غريبة علينا أن نقرأها مراراً (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا (20) السجدة) وشرحناها سابقاً، أعيدوا فيها يعني ليس فيها خروج وقلنا أننا نوافق بعض المفسرين قالوا أن معنى أعيدوا فيها يعني أنهم يخرجوا قليلاً لأن كثرة العذاب تجعلهم يتيهون لكن هذا الخروج هو فترة تغيير جلود حتى يظهر العذاب تخرجه ليظهر العذاب. مسألة (أعيدوا فيها) تتسق في القرآن مع (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ (56) النساء) هم يخرجوا لأي سبب؟ لأن هذا المنطق الفاسد الذي أرادوا أن يصدقوه ليس له معنى في الدين كالذين قالوا (وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً (80) البقرة) فالمولى تعالى رد عليهم (قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا) ربنا لا يغير كلامه لكن هل هناك آية في القرآن قالت أن أحدهم يدخل النار ثم يخرج (قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا (80) البقرة) لو عندك هذا الكلام مكتوباً أرونا إياه لو اتخذوا عند الله عهداً سينفذ لأن الله تعالى (ما يبدل القول لدي) والكلام تهكم عليهم! ليس معهم صك بهذا إذن كل هذا كلام من أوهامهم. المقدم: في سورة السجدة الآية 15 (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) ما هو السجود المقصود في الآية مع التذكير بالآيات هل هو سجود التلاوة أو أن المعنى أكبر بكثير وكأنه يسجد بكل جوارحه وفكره؟ د. هداية: ما معنى تسجد؟ يعني يطبق ويخشع برضى. (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا) ذكروا هذه تبين أن الفطرة داخل النفس البشرية هي التي جعلته يقول لك أين الطريق؟ أو يقول لك علّمني؟ (إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا). المقدم: ما علاقة السجود بعد التسبيح؟ د. هداية: السجود هنا مطلق الخضوع والخشوع وإعلان الرضى بما قضى الله سلباً وإيجاباً إن كان خيراً أو شراً وأذكرك بقول الرسول r لجبريل "وأن تؤمن بالقدر خيره وشره" لا أن تقول الحمد لله في الخير وتعترض في الشر، الحمد لله على كل حال وفي أي حال. (وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) التسبيح أن تنزه الله أن يكون ظلمك في هذا الموقف فالتسبيح مطلق التنزيه المقدم: بعض الناس تقول إذا ظلمت أو أصبها شر تقول لماذا أنا يا رب؟ خاصة في العلاقات الزوجية إذا ظلم طرف الطرف الآخر يقول هذه عشرة العمر فكيف يفعل هذا؟ لماذا يا رب؟ د. هداية: التسبيح يعني الحمد لله الذي كان في قضائه عليّ رحمة وأكون مقتنعاً أن هذا القضاء أفضل من أي شيء آخر ومهما كان من وجهة نظري سيء فيجب أن أكون راضياً لأن الرضى لا يظهر إلا عند المصيبة والضيق. في الفرح لا بد أن يكون راضياً السؤال لا يظهر إلا عند الضيق والمصيبة، لذلك الناس الواعية لو أحد عنده مشكلة يجب أن تذهب أما في الفرح فيمكن أن لا تذهب لأنه في الفرح أناس كثيرة تذهب أما في المصيبة والحزن فلا يذهب كثيرون، هو في المشكلة هذه يحتاج لك فتذهب إليه لتساعده هكذا يفعل الحكيم. المقدم: هذا يعتبر تكليف إلهي من ضمن الإسلام أن تقف مع أخيك وهناك أناس غافلة عن هذا الأمر، البعض عند المشاكل تجده يسأل عنك ويأتيك يومياً ويمكن أن لا يتصل بك في الأفراح لأنه يعلم أنك سعيد إنما يتصل بك في المشاكل حتى يساعدك. د. هداية: هو نفس الشخص يمكن أن لا يتصل في الفرح لكنه يتصل بك في الضيق. المقدم: أحياناً بعض الناس تكون ذاهبة بنية تكون ذاهبة بنية إخراج الناس من الضيق وتزيد إيمانك بالله وتهون عليك المصيبة وأناس آخرين يدخلون بنية إخراجك من الضيق لكنهم يعرضون عليك السهر والشرب والنساء د. هداية: هذه هي الصحبة التي تحدثنا عنها قلنا أن الصاحب هو الذي يهون علي الأمر ويدبره ويضعني على طريق الدعوة والخير. فالآيات واضحة في أن السجود أتبعه الله تبارك وتعالى بالتسبيح (التسبيح بالحمد). كلمة الحمد لله ما معناها؟ الشكر يكون لله تبارك وتعالى ويكون للناس لأن الشكر يكون على شيء طيب فأنت لا تشكر من أذاك لكن الحمد لا يكون إلا لله، الحمد لله حتى على مشلكة أو في ضيق. (الحمد لله رب العالمين) الآية إطلاقها بديع جداً فالحمد لله على الخير وعلى الشر التي هي "أن تؤمن بالقدر خيره وشره" تؤمن يعني تسلِّم، اللغة العربية الكلمة فيها واسعة المعاني والمرادات ولوازم المعنى لما قال أن تؤمن بالله لا تعني أن تقول أشهد أن لا إله إلا الله، لا هذه الإسلام لكن عند الإيمان أنت تطبق أشهد أن لا إله إلا الله. لما تكلم عن الإسلام قال أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ولما تكلم عن الإيمان قال "أن تؤمن بالله" بعد أن قال في الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، إذن الشهادة لساناً والإيمان عملاً، قال أن تؤمن بالله وملائكته، ما معنى الإيمان بالملائكة؟ المقدم: ما دلالة ترتيب الملائكة بعد الله ثم الكتب ثم الرسل؟ د. هداية: لأن الملائكة هي التي أتت بالكتاب إلى الرسل لكن أنت تؤمن بالملائكة هنا تأخذنا إلى المشركين الذين قالوا إن الملائكة بنات الله، تؤمن بالملائكة على أنهم عباد. ذكرنا في أسئلة القبر "ماذا تقول في هذا الرجل الذي بعث إليكم؟" الناس تتصور أن الإجابة هو محمد rألم يمت أحد على عهد موسى؟! القبر للكل فالذي مات على عهد موسى سيسأل من ربك؟ فيقول الله ربي، ما دينك؟ الإسلام ديني، هو مات يهودياً لكن توصيفه مسلم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن موسى رسول الله، اليهودية ديانة لن يسال عنها وإنما يسأل عن الشرع العام، هو لا يسأل عن أسمائهم! عند محمد rلو قال لأبي لهب ما رأيك في هذا الرجل؟ سيقول كاذب أو ساحر أو مجنون. المؤمن الحق أبو بكر الصديق لما يُسأل هذا السؤال ما قولك في هذا الرجل؟ يقول هو رسول الله حقاً لا ساحر ولا شاعر ولا كذاب. لما تسمع هذا الكلام على منابر الجمعة تذكرك بأيام الجامعة يخرج زميلك وتسأله ما أخبار الامتحان؟ فيقول لك سهل جداً وعندما تأتي ورقة الإمتحان يكون هو قد كتب عشر صفحات لكنه لم يفهم السؤال، هو كتب لكنه لم يجب عن السؤال. هذا نفس الأمر في القبر لو أنت في القبر لم تفهم المطلوب ستجيب خطأ. لا تقول هو محمد هو لا يسأل عن إسمه وإنما ما قولك في هذا الرجل؟ لجواب هو رسول الله حقاً، أدى الأمانة، هدى الأمة وأزاح الغمة. المقدم: الرسول r قال للصحابة في خطبة الوداع "وأنتم تُسألون عني" د. هداية: هو r قال لهم: "تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي إذا اعتصتم به كتاب الله" وستسألون عني فماذا أنتم قائلون؟ قالوا نشهد أنك أدّيت وبلغت ونصحت. وأنتم تسألون عنه. الذي يقف أمام قبر الرسول rعليه أن يشهد له أولاً أن الرسالة جاءته عن طريقه r ولذلك في محكم التنزيل (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193) آل عمران) إثبتها له ولذلك الصحابة قالوا نشهد أنك أدّيت وبلّغت ونصحت هذه الكلمات تبين أن هؤلاء الناس فهمت جيداً. عندما نُسأل في القبر علينا ننفي ما قيل عنه وأن نثبت الحق أولاً لم يكن شاعراً ولا كذاباً ولا مجنوناً بل هو الصادق الأمين وهنا يظهر التفاوت في الإجابة كل على قدر مذاكرته. يمكن أن يجيب أحدهم هو محمد بن عبد الله لكن ما قولك؟ يعني ما عقيدتك في هذا الموضوع. السؤال الرابع ما عملك؟ عقيدتك سليمة وإجاباتك سليمة فيسألك ما عملك؟ تقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت. لما قال هنا أن تشهد أن لا إله إلا الله ثم قال أن تؤمن بالله وملائكته، الإيمان بالملائكة يعني تؤمن أن جبريل ملك عبد لله تنفي الذي قاله المشركون والكفار وذلك قال (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ (256) البقرة) قلنا أن الكفر بالطاغوت يجب أن يسبق الإيمان حتى يكون التوحيد ساعة نقول أشهد أن لا إله إلا الله يكون توحيد صافي وساعة أعمل شيئاً لا اشرك بالله فلا نقول الدكتور فلان شفى ابني إنما الشافي هو الله، صحيح الدكتور سبب لكن سبب لمن (إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) (كن) هنا يعني كُن على مرادي. المقدم: سنستكمل إن شاء الله في الحلقة القادمة سورة السجدة وأدعو الله أن نكون من المذكورين في هذه الآيات (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) السجدة) اللهم اجعلنا منهم. الجنة دخولها صعب "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات" فالذي يريد الشهوات لا يلوم إلا نفسه والذي يمسك نفسه ويأتي كل فعل وهو يريد وجه المولى سبحانه وتعالى يظهر أنه صعب نسأل الله أن نكون من أهل الجنة جميعاً. بُثّت الحلقة بتاريخ 16/12/2008م |
التوبة والاستغفار 93 تقديم علاء بسيوني (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)) الآيات تتكلم عن المصيبة فهل نفهم أن الآيات تحدد أن المصائب والنوازل والابتلاءات هي فقط المكتوبة لكن باقي الأشياء لا؟ أي من باب الحصر، لأول وهلة نفهم أن ربنا يقول أن الموجود في الكتاب من مصيبة تحصل في الأرض أو في النفس هل المقصود مصائب الأرض مثل الزلازل والبراكين وفي النفس المرض والوفاة؟ والكتاب هل هو اللوح المحفوظ؟ هل هو القضاء والقدر؟ علينا أن نوضح هذه المفاهيم للناس. د. هداية: موضوع القضاء والقدر من الموضوعات الشائكة جداً في فهمنا للقرآن وفي فهمنا لتوقيع الآيات في القرآن الكريم وفي كلام رسول الله r. نقول في البداية من ضمن الأمور المتعلقة بتلقي الإنسان وقبول القضاء والقدر موضوع السحر، موضوع العين، موضوع الحسد هذه الأمور عندما تسمع كلام الناس فيها تفهم من الوهلة الأولى أن الذي يتكلم بهذه الطريقة لم يستوعب أن الله تبارك وتعالى هو المهيمن. هناك أناس مثلاً أحدهم عمل لي عملاً بوقف الحال أو عدم الزواج. هل كان مكتوب لفلان أن يتزوج ثم عمل له عمل فمنع الزواج؟ يعني الساحر استطاع في مفهوم الناس الآن أن يمنع أمراً كتبه الله تبارك وتعالى هذا المفهوم إذا استقر عند الذين يتحدثون بهذه الألفاظ فاعلم على الفور أن هناك اضطراباً في العقيدة يقولون أنا معمول لي عمل بوقف الحال يعني ربنا كان يريد أمراً ثم جاء الساحر فأوقف الحال أو أوقف ما كتبه الله تبارك وتعالى. الحمد لله الغالبية العظمى من المشاهدين فهموا المسألة وبدأت الأمور تتضح لكن البعض يحاولون أن يُظهروا أن المسألة فيها سحر عليهم أن يفهموا ماذا يقولون؟ هم يقولون فلان عُمل له عمل بوقف الحال يعني ربنا أراد أمراً ثم جاء الساحر فأوقف الحال المتحدث بهذه الألفاظ عقيدته فاسدة. الصح عندما نسمع من رسول الله r :"كتب الله مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة" المقدم: إذن فلان الذي يشتكي أن أحدهم عمل له عملاً بوقف الحال عليه أن يعلم أن الله تبارك وتعالى كتب منذ خمسين ألف سنة أن هذا الرجل سيقف حاله. د. هداية: هذا إذا كان الحال فعلاً واقف، الحال ماشي وليس واقفاً. المسألة في فهمي أنا كيف تلقيت الأمور وليست المسألة أن الحال واقف أو ماشي. المقدم: نعطي مثالاً في موضوع الزواج وبالتحديد بالنسبة للنساء اللواتي يطلق عليهن إسم عانس مع أن الرجل قد يبقى أربعين سنة أو أكثر بدون زواج ويقال له أعزب لكن المرأة إذا بلغت الثلاثين ولم تتزوج تبدأ بالقلق. لكن هناك من النساء من يتزوجن في سنة 18 وهناك من يتزوجن في سن 31 فلماذا التي وصلت للثلاثين تقلق وتبدأ تشعر بأن أحدهم عمل لها عملاً؟ د. هداية: نسأل سؤالاً هل اللواتي تزوجن في سن 18 كلهن نجحن؟ بالطبع لا فمنهن من تطلقت بعد سنوات هذه أمور كتبها الله تبارك وتعالى والمسألة تسير بأيدينا. والآيات التي اخترتها في سورة الحديد في توقيع القضاء والقدر ومسألة كن فيكون هي الآية تبين هذا الأمر. هذا الكلام مكتوب قبل أن يبرأ الله السموات والأرض وقبل أن يبرأ الله الأنفس وقبل أن يبرأ الله المصيبة وسنشرح الآيات في سياق الحلقة. إنما القضية ما هي عقيدتي؟ هل أعبد إلهاً يعطّله ساحر؟ يجب أن أقول ألفاظ قاسية حتى نوقظ الناس! هل أعبد إلهاً يعطله ساحر؟ إذن الساحر يُعبد لأنه أقوى! أين القوي؟ أين المهيمن؟ عندنا أسماء والمشكلة طلعت في الأسماء وقالوا أسماء قديمة وأسماء جديدة وهناك من يتهكم على الذين يعدّلوا المفاهيم وتركنا القضية في فهم الأسماء. عندما يتصل بك أحدهم ويقول لك أنا موقوف حالي، من الذي أوقفه؟ ساحر أو حاسد لأن بعض الناس لا يصدّقون أن الحسد أخطر من السحر والعين أخطر من السحر. هل الحاسد عندما يحسد فلان هل هو يوقف قضاء فلان أو أن الله تعالى هو الذي كتب له هذا؟ المقدم: فلان سيشتري سيارة ثم يحسده فلان عليها. د. هداية: حديث الرسول r سنشرحه بعد قليل. إرجع إلى الذي سيُسحر أو يُحسد أو التي ستُحسد أو تُسحر، عندما كان عمرها 120 يوماً في بطن أمها ما الذي حصل؟ ألم يرسل الله تبارز تعالى ينفخ الروح ويؤمر بأربع كلمات، هذا هو الإله الحق القوي المتين المهيمن القاهر فوق عباده، هذه هي العقيدة السليمة. الملك يؤمر بأربعة أشياء رزقه وأجله يعني الأجل كُتب قبل الميلاد وهو لم يخرج إلى الدنيا بعد، توقيع هذه في القرآن (الذي خلق الموت والحياة) فالموت مخلوق قبل الحياة والموت من مخلوقات الله تبارك وتعالى ويأمر الله تعالى الملك بالأجل قبل الميلاد، يولد المولود وهو عنده سبعة شهور أو تسعة لكن أجله كُتب قبل هذا، هل يمكنك أن تقول أن فلاناً قتل فلان يعني أماته؟! بقدر الله تبارك وتعالى، أنت تتكلم عن الساحر تكلم عن القاتل هذا القاتل هل أخرج المسدس وعجّل بموت فلان في وقت لم يرده الله تعالى له؟ هذه نفس مسألة الساحر. الساحر والحاسد والقاتل نريد أن نكشف للناس ألفاظاً تدل على فساد العقيدة وفساد العقيدة لا يمكن أن ينبني معه عمل صالح أبداً. المقدم: أنا مقتنع بما قلته لكن الناس عندما ترى مشاكل أو أشياء غير طبيعية تقول كيف أصدق كلامكم؟! الناس تخلط بين مفهوم السحر الذي هو نوع من تغييب العقل أو سحر العين وبين قدرة الجن وعندنا في القرآن الكريم أن سليمان عليه السلام كان مسخر له الشياطين من الإنس والجن يعملون له أشياء خارقة لنواميسنا نحن كبشر، أنا لا يمكن أن أطير لكن الجن يطير. سمعت قصصاً كثيرة من ناس وهي موجودة في كتاب د. هداية: أنا سأسمع منك لكن أريد أن ألفت النظر إلى أننا نحن متفقين أننا سنعمل حلقات عديدة عن السحر لكنني سأسمع منك الآن وأرد بمنتهى البساطة. المقدم: مختصر الكلام أن الناس أحضرت هذا الكتاب وأنه يبدأ بالتسبيح وذكر الله والأسماء ثم يبدأ يسحبك أنك لما تقول هذا الكلام عدد من المرات سوف يطيعك الجن ويسمع لك وأن هناك نعرفه بدأ يدرس الكتاب جيداً وأصبح يسخر الجن واتصل بأحد نعرفه وقال له أنا مسافر خارجاً وكنت أريد أن أحضر عيد ميلادك لكن لا أستطيع لكني وضعت هديتك في الخزانة ففتح الخزانة ووجد الهدية فهذا بالتأكيد يدل على وجود عفريت أحضر الهدية. وهذا الرجل عندما زاد في قراءة الكتاب بدأ يتعب وأصبح لديه مشاكل ثم لم يتمكن من التخلص من هذا الكتاب وكلما حاول التخلص من الكتاب يجده عنده في البيت. جاءني الكتاب وقرأته وفعلاً شعرت بالخوف وطلبت إرجاعه. د. هداية: هل عاد الكتاب إليك؟ المقدم: لا لم يرجع. د. هداية: لماذا لم يرجع إليك الكتاب؟! موضوع الهدية والكلام الفارغ أقل ما يقال في هذا الذي تحدثت عنه لأنه كافر لأنه لا يمكن تسخر الجني للإنسي إلا بعد أن يكفر الإنسي بالله لأن القرآن قسم الناس على اثنين إما أن تكون من أولياء الله أو تكون من أولياء الشيطان. الساحر رقم واحد يعني كافر رقم واحد لو قابلته عليك أن تعمل بوصية الرسول r بألا تسلِّم عليه وليس لك علاقة به على الإطلاق لأنه كفر بالله تبارك وتعالى بدليل أنه سخر الجن لأن الجن لا يُسخر لرجل صالح أبداً. المقدم: الدجالون يقولون عن هكذا أشخاص سيدنا وشيخنا. د. هداية: أنت ضربت مثالاً بسليمان النبي عليه الصلاة والسلام هذا نبي وهذه كانت آية من آيات الله فيه كنبي معجزة من المعجزات وكان الجن يعملون له التماثيل والمحاريب لكنه لما مات لم يعرفوا ذلك، حتى تسخيرهم بإذن الله تبارك وتعالى هو بما أراده الله تبارك وتعالى والذي أقوله للسادة المشاهدين أن العقيدة عندنا لا تتجزأ يعني إذا تزوجت أنا راضي وإن لم أتزوج أنا راضي والآية معنا سنشرحها فالمسألة لا تتجزأ والعقيدة مسألة واحدة لا تتجزأ ويفشل العمل المبني على العقيدة الفاسدة ويخرج الإنسان به إلى النار والعياذ بالله لذلك عدد أهل الجنة قليل جداً لأن الرجل قد يكون مصلياً وصائماً لكنه يعتقد بالسحر ويعتقد بأن فلان يمكن أو يوقف حاله. يقولون الحال وقف، من الذي أوقفه؟ يقولون الساحر، يعني الله تعالى أراد شيئاً والساحر أوقفه؟! المقدم: أنا رزقي مكتوب عند الله تبارك وتعالى فلو كتب ربي أن يأتيني اليوم مال وغداً لا يأتيني أي مال فهذا لا يدل على أنه لم يأتيني المال لأن هناك ساحر عمل لي عملاً! د. هداية: خذ جزئية ثانية ماذا عملت في اليوم الذي جاءك فيه المال وماذا عملت في اليوم الذي لم يأتك فيه المال؟ ما هو عملك أنت؟ التي لم تتزوج ما هي أخلاقها في التعامل مع الناس؟ تخبرك مثلاً أنه تقدم لها عريس فشتمت أمها أمامه إذن هو بالتأكيد لن يأتي! يجب أن يتركها لا يمكن أبداً أن تشتم والدتها أمام العريس ويبقى معها! ثم يضربون مثالاً يقولون واحدة جيدة جداً لكنها لم تتزوج إذن رب العالمين شاء لها أن لا تتزوج ربما ليس هناك رجل يمكن أن يستاهلها. إذا تزوجت فبأمر من الله تبارك وتعالى وإذا لم تتزوج بأمر من الله تبارك وتعالى وهذه مسألة كن فيكون التي لا نريد نحن أن نفهمها. كن فيكون بعد ما تم الخلق فكن فيكون لا تتعلق إلا في هذه المنطقة التي هي بقاءك على مراد الله تعالى فيك إما بالإيمان وإما بالكفر، إما بالأمور السلبية أو الأمور الإيجابية تمشي الأمور كلها من ساعة (ثم قال له كن فيكون) ولذلك لم يقل ثم يكون لأن الذي قال هو المولى تبارك وتعالى فـلما يقول (كن فيكون) أنت تكون فوراً لكن ليس في الخلق وإنما فيما بعد الخلق لأن الخلق تمّ. المقدم: نعود للألفاظ التي استخدمها الله تبارك وتعالى في الآيات التي تحدثت عن المصائب (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)) ما هو تعريف المصيبة؟ وما هو الفرق بين المصيبة في الأرض والمصيبة في النفس؟ د. هداية: المصيبة في اللغة العربية تميل إلى أنها أمر لا يرضي الإنسان مع أنك لما تفعل شيئاً بطريقة جيدة يقال أصاب كبد الحقيقة. أصاب لا تمشي دائماً على أنها أمور سيئة لأننا نقول أصاب الهدف، أصاب الحق. أصاب مصيبة يعني حصلت مصيبة بنجاح لكن استخدامها في الغالب للأمور التي لا تُرضي الإنسان. المقدم: حتى يقال فلان أصيب إصابات جسيمة. د. هداية: المصيبة للأمور التي لا ترضي الإنسان ولذلك توقيع القرآن في استخدام (من) (ما أصاب من مصيبة). (وما من دابة في الأرض) (من) لما تأتي بعد (ما) تحصر كل ما يدب على الأرض، (ما أصاب من مصيبة) يعني تحصر كل المصائب لا تحصل مصيبة إلا في كتاب (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ) يعني إذن لو أنني ضليع باللغة العربية بعد استخدام (من) اشتثنى ولما يأتي نفي واستثناء معاً يعني حصر، قصر، ليس هناك شيء يحصل إلا مكتوب لذا داء بعد (ما) بـ (من). أنت تتكلم في آلآف وأنا ليس معي شيء فحتى أثبت لك أنه ليس معي شيء على الإطلاق أقول ما معي من نقود أي ما معي من جنس النقود شيء، أنا جيبي فارغ لو قلت ليس معي نقود قد لا يكون معي آلآف لكن معي مئات لكن لما أقول ما معي من نقود يعني ليس معي شيء أبداً فلما يقول تعالى (ما أصاب من مصيبة) يجب أن أتوقع أنه سيأتي بعدها (إلا) (إلا في كتاب) كتبه الله تعالى نعود للحديث الشريف "كتب الله مقادير الخلائق) هذه الخلائق لما تُخلق ستعيش في أرض وسماء لكن قدر المقادير قبل خلق السموات والأرض التي تحملهم الأرض التي تقلهم والسماء التي تظلهم قبل هذه بخمسين ألف سنة (خمسين ألف سنة هنا للمبالغة ويمكن أن تكون أكثر من هذا أو أقل لكنها تدل على أنها قبل الخلق). المقدم: هذا في الحديث لكن ماذا عن الآية التي تقول (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة)؟ د. هداية: كلمة مقدار تحدده إذن هو ليس للتهويل. أما في الحديث فقال "قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) كأنه يريد أن يقول أن القضاء قضى به الله فالله تعالى لا يُفاجأ في أمور فالساحر لا يمنع فلان من الزواج على غير مراد الله. آية السحر التي في القرآن لم يفهمها الناس (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) طالما ذكر في الآية (من) يأتي بعدها استثناء (إلا بإذن الله) فالساحر لو كان سيعمل فعلاً نقول له لماذا لا تُنهي لنا موضوع غزة؟! هذا كلام فارغ؟ طالما هناك مغفل فاعلم أن النصاب بخير. المقدم: أقسم بالله العظيم لو خرج أحدهم على إحدى الفضائيات وطلب من الناس جمع المال لدفعها للسحرة حتى يهزم اليهود لدفع الناس بالملايين. د. هداية: أكرر طالما هناك مغفل فاعلم أن النصاب بخير. لذلك فرق بين الناس في تلقي الكلام لما تجد إنساناً واعياً في مجلس تجد النصاب لا يمكنه الكلام لكن تسمع كلام فارغ من بعض الناس لما يفعله السحرة وكأن الله تبارك وتعالى ترك ملكه هكذا حاشاه! المقدم: نضيف إلى الغفلة الطمع د. هداية: الطمع هو غفلة وهو عدم رضى. الغفلة جاءت نتيجة أن أحدهم غير راضي عن حاله فهل يمكن أن تجد إنساناً راضياً عن حاله ويذهب إلى ساحر؟ لا يمكن. وكلمة ساحر أقصد بها النصاب الدجال الذي يقول العمل المعمول لك موجود في بطن سمكة لا أدري أين وكلام من هذا القبيل كل هذا كلام يدل على وجود الغفلة والغفلة بدأت أصلاً في العقيدة. العقيدة السليمة تقول لو أن أحدهم عمل لك عملاً فهو لو عمل ووقع العمل يقع بأمر الله تعالى لا بأمر الساحر! ساعة استثنى الله تبارك وتعالى قال (إلا عبادك منهم المخلَصين) هذا كلام إبليس لم يقل المخلِصين وإنما المخلَصين وحتى لا نفهم أنه تفضُّل من إبليس علينا رد عليه تبارك وتعالى (إن هذا صراط علي مستقيم إن عبادي) قال عبادي ولم يقل المخلَصين (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) لا بالوسوسة ولا بالسحر إذا اعتصمت بالله لن يصيبك لا سحر ولا عين ولا فتنة ولا انقسام ولا تشقق ولا صف ممزق ولذلك قال تعالى (واعتصموا بحبل الله) بحبل الله لا بحبل الشيطان! لا بأفكاركم ولا أهوائكم ولا واعز لشيء أو لهدف قال (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا). المقدم: إذن الناس الذين تفرقوا هي التي قتلت أطفال غزة قبل أن يقتلهم اليهود؟ د. هداية: بالضبط، هل انقسمنا على أنفسنا لنرضي الله تبارك وتعالى أو نرضي أهواءنا؟ والقرآن الكريم يقول (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم) لم يقل ظلموا من إذن ظلموا غيرهم وظلموا أنفسهم بداية. (اتبعوا أهواءهم بغير علم) وعندنا قوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنسفهم) سواء قلنا سحر أو حسد أو هوى المسمى واحد فساد العقيدة والبعد عن الإله الواحد سبحانه وتعالى. لما يأتي أحدهم ويقول لك أنا أعالج بالقرآن، ماذا يفعل؟ يقرأ القرآن، هل القرآن بعيد عني أنا؟ يمكنني أنا أن أقرأ القرآن لكن الناس أصبح فيها هبل. المقدم: أنا أفكر أن الإنسان إذا كان عنده حساسية في الصدر يأخذ دواء للسعال لا يأخذه غيره فإذا كنت أنا المريض فلماذا يأخذ غيري الدواء؟ د. هداية: سابقاً قلنا أنني إذا كنت مريضاً وأخذتني للدكتور والدكتور كتب لي روشته فهل تصرفها أنت وتأخذها فأشفى أنا؟! المريض هو الذي يجب أن يأخذ الدواء ولو كان القرآن يشفي (وهذا كلام نحن ضده تماماً، القرآن ليس كتاب شفاء هو كتاب شفاء لما في الصدور وليس للسعال مثلاً!) الناس ضيعت الدين والدنيا والناس. الله تعالى لم ينزل القرآن ليشتغل به فقط بعض الناس دون غيرهم وإنما هو منهج نزل للجميع (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) هل يهدي فقط الشخص الذي يقرأ في أذني أو يضع يده على رأسي؟! هذا ضرب من الخبل والناس تائهة! القرآن حسم الأمور ووضع كل شيء في نصابه (ما أصاب من مصيبة) من الذي أصاب؟ أين الفاعل؟ الله سبحانه وتعالى. (من مصيبة في الأرض أو في أنفسكم) مصائب الأرض مثل الزلازل والبراكين وقطع الحرث والزرع، يفسد الزرع، البحار والمحيطات والجبال أي شيء يحصل فيها هذا من ضمن الأرض، (في أنفسكم) نقص أهلك أحد يموت منهم من أولادك من نفسك. المقدم: حدودنا الدنيوية قبل الآخرة سماوات وأرض شيء يقل وشيء يظلّ في الآية قال (في الأرض) فقط ولم يقل في السموات لماذا؟ د. هداية: لأن أهل السموات هم من الملائكة هؤلاء لن يحصل لهم شيء لا يرضون عنه فلم يذكرهم في الآية. ليس في السموات ابتلاءات. المصيبة للتكليف. الذي يحصل في غزة الآن هو ابتلاء للكل في داخل غزة وخارجها والذي يسمع والذي يتصرف والكل الابتلاء يأتي للجميع. المقدم: هل هو ابتلاء لليهود أيضاً؟ د. هداية: طبعاً هم أولاً قبلنا نحن. المعتدي قبل المعتدى عليه، لديهم بعض القوة العسكرية لكن استخدموها في الشر! هل التوراة تقول لهم هكذا؟ أم أن الذي وصل لهم محرّف؟ المقدم: الغريب أن الكلام في الغرب أن العرب والمسلمين إرهابيين لأنهم يضربوا صواريخ لكن هم يضربون الصواريخ على أرض احتلها اليهود، أليس احتلال الأرض واغتصابها إرهاب؟! والذي مكتوب في التوراة وقاله بعض اليهود أنهم أمة مختارة من المولى وبقية الناس هم الأمميين كالحيوانات وبالتالي من حق الجندي اليهودي أنه لما يدخل في أي مكان يقتل من غير أية مشكلة ولا فرق بين طفل وشيخ ونساء والمهم أن يبيد هؤلاء الأمميين ليخلص الأرض منهم فتبقى الأرض خالصة لجنس اليهود. لماذا لم يعترض الغرب على هذه النظرة التي لا يمكن وصفها أقل من إرهابية مجرمة تتنافى مع المنطق المجرّد. يقولون عنا إرهابيين لكن في تاريخنا وغزواتنا لدينا تعليمات في الكتاب والسنة أن لا نقتل الأطفال والنساء. د. هداية: المصيبة في أن الغرب الذي تتكلم عنه سواء تكلم أو لم يتكلم لا يتكلم بتعاليم دينه وإنما بمصالحه وأهوائه!. المقدم: هل الأطفال الذين كانوا مختبئين في المدارس أو الأطفال في قانا كانوا يضربون الصواريخ؟! لا حول ولا قوة إلا بالله!. المقدم: كل شيء سيحصل في الأرض أو في النفس في كتاب من قبل أن نبرأها، ما معنى نبرأها؟ وهل الضمير في نبرأها عائد على المصيبة؟ د. هداية: أكثر المفسرين قالوا أن الهاء في (نبرأها) عائدة إما على الأرض أو على النفس أو على المصيبة وبعض المفسرين - ونحن نحترم الجميع- قلة من المفسرين مثل الدكتور عبد الجليل عيسى قال أن الهاء تعود على الأرض والنفس والمصيبة كلها. لو كان لنا أن نحتار لاخترنا أن الهائ عائدة على الأرض لأن أساس المخلوق أنه جاء في الأرض فالذي سيحصل على الأرض أو في النفس مكتوب قبل خلق الأرض لأنها تعتبر الأشمل في المعنى. لو قلنا أن الهاء عائدة على المصيبة نقول المصيبة قضاء الله تعالى قضى به قبل خلق الأرض. إذن أفضل معنى يتفق مع اللغويين بالذات أن الهاء عائدة على الأرض لأن المعنى يريد أن يوصل لنا أننا كمخلوقات خُلِقنا للأرض ولما تكلم المولى تعالى عن آدم عليه السلام قال (إني جاعل في الأرض خليفة) هو مخلوق للأرض فلما نتكلم عنه ونقول أن المولى تبارك وتعالى قضى بكل شيء قبل خلقه كما في الحديث الشريف – علينا أن نعلم أن الحديث الصحيح دائماً مبني على القرآن ولو بحثنا في الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة لا نجدها مبنية على القرآن إنما الحديث الصحيح مبني على القرآن. يقول r:" كتب الله مقادير الخلائق" لم يقل مقادير الأرض لأن الأرض لن تعترض وإنما الذي سيعترض هو هذا المخلوق الإنسان. "كتب الله مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة" يعني قبل خلق المنظومة التي ستعيش فيها. نبرأ يعني خلق لذلك من أسماء الله تعالى البارئ وبعدها المصوّر. ما الفرق بين الخالق والبارئ؟ هذه مسألة أعقد وأطول من أن نتكلم فيها في خمس دقائق أو عشر هناك فرق كبير بين البارئ والخالق. لو بحثنا في القرآن لا نجد أبداً أن البارئ أُطلقت على الناس لكن أطلق الخالق على الناس في قوله تعالى (فتبارك الله أحسن الخالقين) فأثبت أن هناك خالقين مثل الصانع والنجار لكن هؤلاء يخلقون من شيء من موجود وللأسف بعض الناس يقولون أن الله تبارك تعالى خلق من عدم وهذه جملة خاطئة لأنه في وجود الله تبارك وتعالى لا يوجد عدم وإنما العدم هذه مسألة افترضها الناس، طالما قلنا الله فكل شيء موجود وهو سبحانه وتعالى ليس بموجود لأنه إذا قلنا أنه موجود فهناك من أوجده، موجود إسم مفعول لما نبحث في كل المفعول لنضع إسم الجلالة مفعول لا نجد إلا "معبود" فلذلك لم يقل تعالى فتبارك الله أحسن البارئين لأنه ليس هناك إلا بارئ واحد سبحانه وتعالى لكنه قال أحسن الخالقين لأن هناك خالقين، هو سبحانه وتعالى هو أحسن الخالقين لأنه يخلق عن غير سبق وغير احتياج لمادة أو غيرها، المولى لا يخلق عن تجربة فهذا هو البارئ. وبعدها يأتي المصوِّر. المقدم: الله تبارك وتعالى خلقنا في أحسن صورة وفي أحسن تقويم والناس تفهم أن معنى هذا أن كل الناس يجب أن يكونوا على قدر من الوسامة والجمال والمرأة غير الجميلة هل هي على أحسن صورة؟ د. هداية: هذا التقويم وليس التكوين لو قال أحسن تكوين لكنا كلنا في جمال يوسف عليه السلام رجالاً ونساء. قال تعالى (في أحسن تقويم) يعني أحسن ما يقوِّم هذه النطفة هي هذه الخِلقة وهذا التصوير. المقدم: يعني الله سبحانه وتعالى يعلم أن لو هذه المرأة خُلِقت على مستوى عالي من الجمال فسيكون عليها مصيبة؟ د. هداية: كله على مراد الله، نحن نتكلم من باب التجراب لكن الإطلاق لله تبارك وتعالى ولذلك يجب أن نسلِّم للقول (ولله في خلقه شؤون). إذن (من قبل أن نبرأها) الهاء عائدة على الأرض. المقدم: لماذا ختمت الآية بقوله تعالى (إن ذلك على الله يسير)؟ وهل هناك بعض العقول التي ستسصعب شيئاً على الله تعالى؟ د. هداية: نعم، عندنا الكفر درجات وأنواع، الخروج على إلف المعتاد الذي تعتبر مصيبة من مصائب العقيدة في هذا الزمن الذي نحن فيه البعض يقول فلان ليس كافراً وإنما فاسق فقط وكأنه يستصغر كلمة فاسق ونحن شرحناها من قبل. لذلك قال (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً) وضع الفسق مقابل الإيمان كأن الفاسق أعلى في التوصيف من الكافر والكافر يندرج تحت بند الفسق. المقدم: لأن الفسق في معناه اللغوي لو طبقته عقائدياً هو خروج من الفطرة وخروج على التعاليم. د. هداية: خروج على التعاليم، خروج على المنهج، خروج على الجماعة، خروج على القرآن، على التوراة، على الإنجيل، هكذا هو الفسق. ثم لما وصّفهم قال الذين هم في النار خالدين فيها ولو أرادوا الخروج لأعادهم الله تعالى للنار (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) السجدة) القضية ليس كما يتصور الناس حتى في الألفاظ.. المقدم: جاءني كثير من المداخلات حول موضوع الخلود في النار. د. هداية: لذلك قلنا يجب أن نشرح الموضوع في حلقات لنتلكم عن الآيات والأحاديث التي يذكرها الناس ونبين كيف أن الحديث لا ينفع أن يشتغل طالما هناك آية. المقدم: بعض الناس قالوا هناك آراء مختلفة فلا تحجروا على آراء دون أخرى. د. هداية: نحن قلنا أننا نحترم جميع الآراء من أراد أن يدخل النار هل يريدنا أن نجعو له ليدخلها؟! أنا أختار عقيدة سليمة أرادها الله تبارك وتعالى لأنه بالتأكيد مراد الله واحد لا يمكن أن تتعدد لله تعالى إرادته في الأمر الواحد يجب أن يكون مراد الله واحد. الحق واحد لا يتعدد ومن أسماء الله تعالى الأحد ولما نعلن الوحدانية لا نقول أنه الواحد ونسكت إنما نقول الواحد الأحد. قال تعالى (قل هو الله أحد) لو يقل واحد لأن الأحد لا يمكن أن يكون له شريك أو ند أو مثيل لأن التوحيد على وزن الأفعلية لا يتكرر، هذه مسألة أكبر من مدارك الناس التي تعمل بسطحية. وأنا أبدأ هذا الموضوع بجملة أن هذا الزمان الذي نعيش فيه الآن هناك من الناس من استسهل المعصية فيبقى عليها ويدخل النار على أنه يتوب ويكون من أهل الجنة من البداية والآيات ستظهر هذا الكلام. الأسهل أن أكون في الجنة من بداية الأمر لكن هذا يستلزم ترك المعاصي وللأسف بعض الناس لا يريدون ترك المعاصي يريدون أن يبقوا على المعاصي ولو بقوا قليلاً في النار!. المقدم: لذلك دائماً نكرر كلاماً يجب أن يستوعبه الناس في ثبات العقيدة وصحتها أنه لن يجتمع على الإنسان المؤمن نارين ولا جنتين، أنت تريد أن تعيش في الدنيا ملتزم ستعيش وكأنك في النار لأنك حابس نفسك عن شهوات ومباهج كثيرة فكأنك حابس نفسك وكأنك في نار ولكن هذه مقابلها في الآخرة جنة ونعيم والعكس بالعكس. د. هداية: في تصور الناس أنهم يعيشون في جنة في الدنيا بمعاصيهم واتباعهم شهواتهم، هذا نعيم مؤقت لأنه سبق وقلنا أن كل نعيم سوى الجنة حقير، الناس تتصور أن هذا نعيم لكن عندما نقارنه بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر سيكون نعيماً حقيراً حتى الخيال الواسع لا يمكن أن يتصور نعيم الجنة ولذلك هي غالية. الفرق بين كلامنا وكلام هؤلاء الناس أننا نقول لهم تُب وأنت في الجنة من بدايتها والتوبة هذه طلبها وأرادها المولى سبحانه وتعالى. الحياة على الأرض بدأت بتوبة لكن البعض لا يريد التوبة وإنما يريد أن يبقى على المعاصي وأول شرط في التوبة الإقلاع عن المعصية وهؤلاء الناس لا يريدون الإقلاع عن المعصية ويقول أننا سندخل النار سندخلها بناء على فهمهم للآية (وإن منكم إلا واردها) لكن نقول لهؤلاء الرسول صلى الله عليه وسلم منا فهل سيدخلها؟! الرسول منكم (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) هل تريدون أن تدخلوه معكم النار إذا كان الورود بمعنى الدخول؟! لا طبعاً. الورود قلنا أنه من المشترك اللفظي في اللغة العربية فتأتي الكلمة بمعاني كثيرة جداً (فلما ورد ماء مدين) يعني وصل فقط. (وإن منكم إلا واردها) يعني المرور، الجنة بعد النار وحتى نصل إلى الجنة يجب أن نمر على النار لأن الصراط شريط مضروب على جهنم فالذي يريد أن يدخل الجنة يمر على الصراط فوق النار. صيانة احتمال القرآن لأهل الجنة قال (لا يسمعون حسيسها) القرآن خاف على أهل الجنة لأنه لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة، الناس لا تريد أن تفهم هذه الآية. المولى تعالى يقول أن أصحاب الجنة ليس فقط لا يدخلون النار وإنما لا يسمعون حسيسها، القرآن أكرمهم بالتوبة والعمل الصالح وترك المعاصي والعودة إلى الله تبارك وتعالى. المقدم: سُئلت سؤالاً صعباً العاصي لو تاب ربنا يقبل التوبة مهما كان حجم المعاصي لكن إفرض أن الإنسان لم يتب سيدخل النار لكن هل يساوى بالكفار والمشركين؟ ما الفرق بينه وبين من لم يقل لا إله إلا الله؟ د. هداية: المسألة ليست قولاً فقط، عين القضية في مفهوم القول "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة" الناس تحتج بهذا الحديث لكن المسألة ليست قولاً فقط علينا أن نأخذ مع هذا الحديث حديث مسلم "من شهد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرّم الله عليه النار" شهد لا يعني أنه تكلم وإنما شهج وعمل بالشهادة. من الشهل أن نتكلم فقط. المقدم: كلمة شهد لو أردنا أن نطبقها على (بدر) لو أخذنا شهدت بدر يعني فقط تفرجت عليها من بعيد أو المقصود أني اشتركت فيها، شهد بدراً يعني دخلت فيها وعملت. د. هداية: الذي دخل بدر هل دخل على أنه سيعيش؟ هو داخل والله أعلم لكنه داخل مقدماً لروحه هو داخل مقدم الموت على الحياة فالذي يدخل المعركة لا يحارب على أنه سينتصر ويعيش ويعود وإنما يدخل قائلاً بسم الله توكلت على الله أشهد أن لا إله إلا الله، لماذا ينطق بالشهادة؟ لأنها قد تكون آخر شيء. المسألة ليست قولاً فقط فلا تقل لي كيف تساوي هذا العاصي الذي لم يتب الكافر؟ واحد قالها وواحد لم يقلها وهذا زنا والآخر زنا وهذا شرب الخمر والآخر شربها هذا عصي وهذا عصي فما نفع القول إذن؟ القول لم يمنعه من المعاصي إذن لم يفعل شيئاً. المقدم: جزاكم الله خيراً ونراكم في الحلقة القادمة إن شاء الله. لا تنسوا إخوانكم في غزة وفي العراق وفي كل مكان من صالح الدعاء إلى أن يأذن الله بأن يكون في أيدينا ما هو أكبر من الدعاء. بُثّت الحلقة بتاريخ 6/1/2009م |
التوبة والاستغفار 94 تقديم علاء بسيوني بدأنا بشرح جزء من آية في سورة الحديد (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)) مسألأة أن هذا شيء يسير على ربنا قلنا أن بعض الناس تستصعب هذه المسألة كيف أن الله تعالى يعلم إذا سقطت ورقة من شجرة؟! لكن سأقف عند الآية الثانية لماذا يقول لنا تعالى (لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ) كيف أطبق هذا في العقيدة؟ نلمح في الآية نوع من الأمر، الله تبارك وتعالى يوضح لنا أن هذه القضية مكتوبة من قبل أن نُخلَق وقبل خلق الأرض والسموات حتى إذا حصل لك شيء طيب لا تفرح كثيراً وإذا أصابك شيء سيء لا تحزن كثيراً، لماذا هذا الأمر مهم بالنسبة لإيماني كإنسان مسلم؟ وكيف أطبقه؟ د. هداية: في البداية أقف عند قوله تعالى (إن ذلك على الله يسير) بعض المسلمين لما يجد واحد عنده ثمانين سنة والأطباء يقولون أن وضعه ميؤوس منه فيتوجه إلى الله تعالى بأن يشفيه ثم هناك شيء ما في داخله تقول كيف يشفيه؟! عمره ثمانين سنة والأطباء قالوا وضعه سيء؟ هنا يجب أن نقف، يتوجه بالدعاء وهو مستصعب المسألة على ربنا لأنه أخذ فيها معطيات البشرية أن الطبيب قال لا فائدة. البعض يتصلون ويسألون عن إمكانية رفع الأجهزة عن مريض ورأي الدين في هذا الأمر أنه طالما هناك أي سبب من أسباب الحياة يجب أن تأخذه، عندما نقول لهم اتركوا الأجهزة لعل وعسى، يقولون لعل وعسى ماذا؟ الرجل عنده ثمانين سنة يتكلم بمعطيات البشر، هو يعرف أن ربنا تعالى قادر على الشفاء لكنه يكلم نفسه ويقول كيف ربنا قادر؟ هنا مكمن الخطورة في العقيدة، الناس تستصعب المسألة بمعطيات البشرية لكن المولى عز وجل؟! هنا أؤكد ثانية مسألة فساد العقيدة. نحن للأسف نريد أن نطبق علمنا نحن ونقيد به علم الله تبارك وتعالى وقدرته. المقدم: أنت كطبيب بشري لا تعرف العلاج لكن الله تبارك وتعالى يعلم. د. هداية: السؤال الذي يأتينا دائماً هل نرفع الأجهزة عن المريض؟ الطبيب يقول اسألوا أهل المريض ويخرج نفسه خارج اللعبة لأن الأجهزة تحتاج إلى مال فيسأل أهل المريض إذا كان عندهم مال ليبقوا الأجهزة أو لا؟ رجل العلم يقول إسأل الطبيب والشرع يقول لنا (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) أهل الذكر في هذه القضية هم الأطباء. المقدم: فالطبيب لا ينفع أن يحيل المسألة على أهل الميت فربما البعض يريد أن يرث هذا المريض فيقول ارفعوا الأجهزة عن المريض. د. هداية: بعض الأحيان تحدث أشياء يرفضها أهل العلم، الكم الغفير من الناس لا يفهم لماذا يوافق أهل العلم على مسألة ما ويرفضون أخرى؟ القضية ليست في السؤال نفسه وإنما فيما وراء السؤال. نضرب مثالاً في مسألة التبرع بالأعضاء كثير من فقهاء الأمة أقفلوا هذا الباب وقالوا لا يجوز لأن الأعضاء ليست ملكك أنت لتتبرع بها، الذين قالوا يجوز أدخلوا أموراً في المسألة. الذين قالوا لا يجوز في هذه القضية نظروا بعد الحجب ووجدوا أن الفقير سيُباع لو قالوا يجوز سيباع الفقير ويقسّم جسده ويُباع! أنت داخل مستشفى ولا نغرف ماذا يحصل؟ تحدث قضايا أن يؤخذ من مريض أعضاء كانت سليمة لتوضع لمريض آخر. لو أقفلنا المسألة من بدايتها تكون رحمت الفقير. المقدم: ألا ينفع أن ينظر الفقهاء إلى المسألة بميزان من حيث الضرر والنفع؟ د. هداية: هذا جانب من الموضوع، البيع يكون عن مِلك وأنت لا تملك جسدك. المقدم: الأطباء مثل أي وسط آخر منهم الجيد ومنهم الرديء ولو أن أحدهم ليس عنده ضمير ولا يخاف ربنا لن يحتاج إلى إذن المريض ولا إلى فتوى يجوز أو لا يجوز نقل الأعضاء وقد يتصرف من عنده ويأخذ من مريض ويعطيه لمريض آخر!. د. هداية: عندا قضايا هكذا لكن أنا أتكلم في إباحة الموضوع أنك أبحت، لكن لو أقفلنا الباب نحدّ قضايا كثيرة للفقير. البعض لا يفهم لماذا تقول القاعدة نعم أو لا. الذين يقولون يجوز التبرع ولا يجوز البيع، نقول لهم من يتبرع بدون مقابل؟! لم أر من تبرع بدون مقابل سواء كان مقتدراً أو غير مقتدر إلا الذي يتبرع لأحد من أفراد عائلته لكن للأسف المسألة تحولت إلى بيع ومافيا! القضية أن نتعامل مع معطيات القدرة الإلهية قياساً على معطياتنا نحن، فأنت تدعو لمريض بالشفاء وهناك في داخلك ما يقول لك كيف يشفى وهو على شفير الموت؟! الرسول r علّمنا أن نسأل الله ونحن موقنون بالإجابة. المقدم: قد يكون هناك أشياء غير منظورة ولا نعرفها نحن مثل الحالة النفسية أو قيمة روحية تساعد المرضى. سمعت قصة غريبة من أحد أعرفه والناس الذين لا يعترفون بالروحانيات يقولون هذا كلام فارغ ودجل وخرافات! القصة أعرفها لواحد عنده سرطان على الكبد وكان في الإنعاش وذهب إلى المدينة المنورة وعاش فيها سنوات وليس فيه شيء يذهب إلى مصر يشعر بالتعب فينقل إلى الإنعاش ثم يعود للمدينة المنورة فلا يشعر بشيء كيف تفسرها؟ د. هداية: قد يكون التشخيص غير دقيق، جائز أن المريض يرتاح نفسياً في المدينة ويجوز أن تكون الحالة النفسية للمريض نؤثرة في المرض العضوي. بعض الأطباء يقول أن الموضوع النفسي مهم في كل الأمراض. المرض يعني هناك إصابة في الجسم. لو أحدهم يشكو من أي ألم في جسمه لو زعل يزيد الألم لأن الحالة النفسية تُظهر الألم، ولما يفرح الإنسان من خبر تراه يقوم من مرضه! هذا كله سيكولوجي وكله بقدر الله سبحانه وتعالى. المقدم: عليما أن لا نستبعد أن العلاقة بين النفس والجسد يمكن أن يتأثر أحدهما بالآخر فإذا تعبت النفس يتأثر الجسد والعس صحيح. د. هداية: مثل حالة الصائم، الصائم الذي لا يصلي عندما يصوم تراه جالس في المجلس وهو لم يكن يصلي أساساً! في رمضان تجده في المسجد لأن الصيام يرفع القيمة الروحية في الإنسان فتجده ينزع إلى مواطن العبادة والطاعة أما في الأيام العادية عندما يأكل ويشرب المادة تغلب الروح التي تحتاج إلى سمو لذلك القرآن سمي روحاً لأن يعالج هذه القضية من الناحية العقائدية لا من الناحية المادية فالعقيدة تنقى في الصيام فتجد هذا الإنسان أول ما يسمع الأذان يذهب للمسجد ولم يكن يفعل هذا لا في شعبان ولا في شوال ولا غيره. لذلك بعد أن عرض المولى تبارك وتعالى قضية شائكة في التلقي ختمها بقوله (إن ذلك على الله يسير) كأن القرآن يريدنا أن نفيق إياك أن تستصعب مسألة على الله تبارك وتعالى. ما معنى (إن ذلك)؟ ذلك يعني القضية كلها ليست مسألة أنها في كتاب وإنما في التقدير الإلهي، المقادير كلها تدخل في بعضها ما الذي يجعلني أقابلك من سنوات لنعمل برنامج الرحمن أو طريق الهداية؟ المقادير تجدها متشابكة بطريقة تستوجب إطلاق القدرة لا ينفع معها قدرة عادية أو مقيدة. المقدم: أول مرة عملنا مع بعض عملاً إعلامياً في برنامج ولد الهدى في التلفزيون المصري وحينها كان عندي برنامج رب اشرح لي صدري مع الدكتور عبد الله شحاته رحمة الله عليه وفي هذا الوقت كان الدكتور في إجازة في مرسى مطروح واعتذر عن الحضور للاحتفال وبدل أن نعمل حلقة خاصة من برنامج رب اشرح لي صدري فقلت في الاجتماع أن القيمة الكبيرة للذكرى لمولد الرسول ليست حفلة وإنما علامة فارقة في الإنسانية تغير تاريخ البشري كله إلى الأبد فتعالوا نعمل ندوة كبيرة احتفالاً بمولده، وكان الترتيب الإلهي أن ألتقي بك وبالشيخ محمد جبريل والدكتور أحمد شوقي عبد الرحيم فهل كان لأحد أن يتخيل أننا ونحن نعمل هذه السهرة التي كانت مقررة لساعة استمرت ثلاث ساعات وربع وسبحان الله هذا المفروض أننا في ندوة وانتهت لكن لم يعلم أحد أن هذا التجمع كان إيذاناً بوفاة الدكتور عبد الله شحاته بعدما انهى مشواره وأرسل للمكتبة تفسير الجزء الثلاثين من القرآن الكريم وكان يعتذر عن حضور بعض الندوات لأنه كان منقطعاً للتفسير. من كان يعلم أنه بعد هذه السهرة سنكمل برنامج الرحمن علم القرآن ثم نبدأ مع بعض ونتعهد أن نهب حياتنا للعقيدة إلى أن نلقى الله؟ أول ما انتهيت من تلك السهرة سجدت لله سجدة شكر في الاستديو ثم سجدنا كلنا لأننا شعرنا أن الذي حصل شيء غير طبيعي. د. هداية: هذا ما أتكلم عنه، المقادير متشابكة، هذه الدنيا والبلاد والقارات يجب أن يكون الله تعالى المهيمن القدير المقتدر بعد أن عرض لنا هذه القضية قال تعالى (إن ذلك على الله يسير). المقدم: الآية (لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)) نلمح في صياغة الآية نوع من الأمر والتكليف أنه إذا أصابك خير فلا تفرح كثيراً لأنها كانت مكتوبة وإذا أصابك سوء من مرض أو فقد عزيز إرض به ولا تحزن كثيراً لأنه كان مكتوباً قبل أن تُخلق. كيف نطبق هذا؟ وفي مسألة الدعاء عندنا أحاديث تحثنا على الدعاء وأن الدعاء مخ العبادة ويجب أن ندعو الله تعالى ونطلب منه ألن تأتي ساعات يمكن أن يقول فيها أحدنا ما فائدة الدعاء؟ إذا أردت أن أشتري سيارة فأدعو الله أن يفتح لي باب رزق حتى أشتريها بدل المواصلات، ألم يكتب المولى سبحانه وتعالى أنه في هذا الشهر سيرزقني مالاً أشتري به سيارة؟ لو كنت أدعو منذ أشهر سوف أعتبر أن الله تعالى قبِل دعوتي بالحصول على المال وشراء العربية ولو لم يكتب الله تعالى لي ذلك سوف أدعو وأدعو ولن أحصل على المال، فهل المفروض أن أدعو أو لا أدعو؟ د. هداية: هذا سؤال جيد لكن أولاً حتى أجيب يجب أن ننسى السائد في الفهم في هذا الموضوع. يجب أن أفهم أولاً أن الله تبارك وتعالى أمرني بالدعاء هذه قاعدة في الموضوع (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) ادعوني فعل أمر والآمر هو الله سبحانه وتعالى فكونك تدعو الله فأنت أولاً نفّذت أوامر الله وأطعت المولى عز وجل. لو لم تدعو وقلت لن أدعو وسأعمل وسأحصل على المال لشراء السيارة ستكون كفرت لماذا؟ المولى تعالى يقول لك ادعو وأنت تقول لماذا أدعو؟ هذا كفر بالله، هذه نقطة. ندخل على الاحتمالات: لماذا تدعو؟ الإجابة الأولى بناء على القاعدة أن الله أمرني بالدعاء وأنا أدعو. السؤال الثاني: هل أدعو فقط وأنام ليأتيني المال أو أدعو وأذهب لأعمل ليأتيني المال؟ أعمل ليأتيني المال. إذن انفكت الجهة بين الدعاء والتنفيذ وبني الأمر على عقيدة سليمة دعت وهي تدعو قالت يمكن أن أعمل ولا يأتيني المال لكني أعود إلى الله تعالى وحكمته وقضاؤه فإذا جاءني المال فبفضل من الله وإن لم يأتيني المال فبتقصير مني ويبقى الدعاء هنا مصلح للقضية حتى في الآخرة إن لم أحصل على السيارة في الدنيا ربنا يبدلني خيراً منها في الآخرة. المقدم: أنت تقول إما بفضل من الله أو بتقصير مني لكن من تجربتي أقول أنه في بعض الأحيان أنت لم تقصر في موضوع بل تحضر له جيداً لكنه يتم ولكن لا ينجح أو لا يتم الاتفاق. يمكن أن يكون أحدهم سلّم بضاعة اتفق عليها واستلم بعض المبلغ وهو أتم عمله بشكل جيد ولم يقصر فيه لكنه لم يستلم باقي المبلغ، هذا عمل الذي عليه وأتقن عمله لكنه لم يحصل على المال. د. هداية: هذا حل للفكر الذي أتكلم عنه فالذي غلب هنا قضاء الله تبارك وتعالى. الذي غلب هو ما كتبه الله تبارك وتعالى. المقدم: يعني المولى تعالى كتب أنك ستتفق مع هذا الشخص على مبلغ معين واعطيه الشغل ولا تأخذ إلا قسم من المبلغ. د. هداية: هنا لا تحاسب أنت وإنما يحاسب الذي نصب عليك وأنت ستأخذ ثواب الصبر وثواب العمل. المقدم: تقصد أن تقول أنني أخذت حقي في المبلغ كله قسم منه في الدنيا وهو الذي أخذته وقسم في الآخرة؟ د. هداية: بل أضعاف في الآخرة لأن المولى عز وجل مكافأته ليس كالبشر. يقول لك أحدهم لا تذهب لهذا الشخص فهو نصاب فتقول أنا أذهب إليه واتفقت معه إذا أراد أن ينصب لكن أنا أسلمه الأشياء سليمة، والبعض يقول غشّه في بعض المواد لتعوض خسارتك هذا ابتلاء آخر. المقدم: إذا أحدهم نصب عليّ في مشروع سابق والآن فرصتي أن آخذ حقي منه فهل أغشّه؟ د. هداية: لا، أعود لكلام النبي صلى الله عليه وسلم "أدِّ الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك" لأني لو فعلت مثله أكون خائن مثله. مسألة الدعاء يرد القضاء هذا وهم الناس متوهمة أمراً. ليس هناك حديث بهذا النص أما الحديث فهو: كاد الدعاء (كاد من أفعال المقاربة). عندما تقول فلان ضرب فلاناً الأمر انتهى وضربه أما عندما تقول كاد فلان أن يضرب فلاناً لا يكون ضربه. "كاد الدعاء أن يرد القضاء" يريد أن يبين قيمة الدعاء لكن هل يرد القضاء؟ لا يمكن لأن الذي قضى هو الله سبحانه وتعالى الذي لا يقدر عليه أحد ولا يغير كلامه وهو سبحانه وتعالى الذي قال (ما يبدل القول لديّ وما أنا بظلام للعبيد) يعني أي قضاء قضى به الله تبارك وتعالى لا يمكن أن يظلم أحداً. المقدم: عندما يقال فلان يُبتلى إما بالخير أو بالشر والله تعالى لا يظلم أحداً لو طبقنا هذا على مآسي الحرب التي تحصل والأطفال التي تقطع أوصالهم ما ذنبهم؟ د. هداية: هؤلاء ليس لهم ذنب وإنما سبق في علم الله تبارك وتعالى أن هذا الولد الذي عنده سنة أو أشهر أو أكثر هذا أفضل من أن يكبر في الدنيا ويُبتلى بل إن موته بهذه الطريقة ابتلاء لأهله، الدنيا ليست دار انتقام والله تعالى لا ينتقم من أحد وإنما الدنيا هي دار ابتلاء وقوله تعالى (إن الله عزيز ذو انتقام) ينتقم ممن يستحق. الأطفال الذين يموتون اليوم ليس لهم ذنب لكن هذا ابتلاء والذي فعل بهم هذا سيحمل هذا الوزر يوم القيامة. الجندي الإسرائيلي الذي تجده يضرب فلسطينياً مقيداً، لماذا يضربه وهو مقيد؟ هذا يبين جبن وخسة وحقارة هذا الصنف من البشرية لو كان لهذا الجندي الجرأة لفك قيود المقيد وضربه! هذا ابتلاء للكل للذين رأوا الصورة وللذين يقيدوا الناس ويضربوهم فالدنيا دار ابتلاء للجميع ولكن الله تعالى لا ينتقم من الناس والله تعالى ليس المنتقم كما يسمونه بعض الناس لكنه سبحانه عزيز ذو انتقام ساعة ينتقم ينتقم ممن يستحق لكن ليس في الدنيا وإنما في الآخرة. والله تبارك وتعالى أحكم وأعدل من مفهومنا عنه نحن سبحانه وتعالى. المقدم: ويمكن لأن المفهوم هذا غير سليم، تأتيني رسائل تقول أستحلفك بالله أن ترسل هذه الرسالة لعشرة أشخاص بأن يقرأوا سورة الفتح الليلة حتى ننتصر. أقول لهم هل إذا قرأنا هذه السورة أو غيرها فقط سننصر إخواننا في غزة؟ أين العمل؟ د. هداية: الدعاء قد يكون سبيل كثير من الناس لكن مع الدعاء العمل (وقل اعملوا) (وأعدوا لهم). للأسف شركات التلفون تلعب هذه اللعية تقول لك انشر هذه الرسالة لألف أو مليون هذا كلام فارغ. العمل هو مناط الابتلاء في الدنيا، أنت عندما ابتُليت ماذا فعلت؟ صور الأطفال التي تضايقك الكل مبتلى فيها الذين يقومون بهذا الفعل الإجرامي، أهل الأطفال رضوا أو لم يرضوا؟ الأهل يقولون نحن محتسبين عند الله سبحانه وتعالى، هذه الصور كلها ابتلاء للجميع. المقدم: في الحلقة السابقة قلنا لو خرج أحدهم على فضائية وقال سنعمل تبرعات للدجالين والسحرة ليعملوا أعمال لإسرائيل ويسحرونها ستجد الناس تتبرع فلماذا لا ندعو دعوة جادة ونحتاج إلى جمعية إسلامية نجمع المال لعمل أبحاث علمية لنتقوى علمياً ودينياً وعسكرياً في أمور احتكرها الغرب فهم يصنعون السلاح والذخيرة والطائرات المقاتلة ونحن جالسون نتفرج. من هنا من هذا المنبر نعلن منظمة مجتمع مدني الناس كلها تتبرع من منظمات ورجال أعمال لا يكون همنا فقط أن أهلنا في فلسطين لما يقتلوا نرسل لهم بطاطين وأكل وشرب. د. هداية: هذا أضعف الإيمان. المفروض أن لا أدخل في شيء أنا لست أهلاً له. المقدم: الرسول r جلس في مكة 13 سنة بدون حرب ولم يكونوا يردوا على أذى كفار قريش لأنهم لم يكونوا جاهزون بعد بجيش. د. هداية: هذا الأمر أصعب من أن يناقش بيني وبينك فقط، هذه مسألة سبقنا فيها علماء وفقهاء في الأمة ويجب أن نسمع كلام القرآن والعقل والمنطق والعقل المسلم المسلِّم لله تبارك وتعالى في مثل هذا الموضوع. المقدم: هذا دوري كإعلامي ليس فقط دورنا أن نحشد الناس لإطعام المتضررين فقط أو تغطيتهم وإنما علينا أن نتعلم ونتقوى. د. هداية: هذا سابق على أنك ترد عدوان. نحن طول عمرنا نرد عدوان لكن مصر في 1973 كانت المبادرة منها وإن كانت ترد عدوان 1967 يوم كانت أرضها محتلة لكن لما أخذت مصر زمام المبادرة انطشف العدو على حقيقته. هم سموا حرب 1967 حرب الستة أيام وفي 73 خلصنا الأمر في 6 ساعات. من 76 الناس اشتغلت وزمام المبادرة كان معهم وقلنا الله أكبر يوم العبور لأننا كنا نشتغل أخذت الأسباب مع الدعاء. الآية التي معنا ترد على الموضوع الذي نتكلم فيه. ساعة وضحت الآية (ما أصاب من مصيبة) الأمر يسير بقضاء الله تبارك وتعالى وجوب القضاء ووجوب القدر وقلنا سابقاً أن القضاء هو ما قضى الله تعالى به أزلاً والقدر هو وقوع هذا القضاء. فما قضى به الله تبارك وتعالى لا يمكن لأحد أن يرده لا دعاء ولا عمل ولا سحر ولا شيء، ما قضى الله به يتم على مراد الله فيما أراد والقدر يحقق ذلك. بعدما قال (إن ذلك على الله يسير) ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم لا تتم بمعطيات وأسباب إلا في كتاب من قبل خلق الأرض الذي حملت الناس التي ستعمل هذا الكلام وحت يستوعب العقل البشري هذه المسألة قال (إن ذلك على الله يسير) لأن الكلام على الله . (لكيلا) فيها ثلاث أشياء اللام لام التعليل وكي ولا النافية، تخيل هذه التركيبة اللغوية (لكيلا تأسوا على ما فاتكم) فاتكم ليس بمعنى عدّاكم فاتكم يعني لم يكن من نصيبكم لأن الناس تعتقد أن الذي فات هو الذي عدّى، هذا مضمون كلام الرسول r "واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك" هذا ما فاتك فالذي لم يأت لك ليس لأنك لم تعمل ولكن لأنه ليس لك من البداية. المقدم: نعود لمسألة شراء السيارة جائز أن شراء السيارة فيه شر لك فلو كان تمم لك الصفقة وحصلت على المال واشتريت السيارة ثم أخذت عائلتك فيها لعملت حادثة مات أحد أولادك! د. هداية: نأخذ مثالاً طائرة فيها عدد مقاعد محدود وذهب أحدهم واشترى تذكرة درجة أولى - وهذه حادثة حصلت أمام أعيننا – ذهب إلى المطار قبل موعد إقلاع الطائرة بساعة ونصف دخل أحدهم المطار قبل ما يصل صاحب الكرسي الذي حضر قبل ساعة ونصف وهذا الرجل الذي دخل صاحب فلان أو علان فقالوا نتصرف صاحب الكرسي تأخر المفروض أن يأتي صاحب الكرسي قبل ساعتين عندما دخلوا الطائرة على نفس الكرسي قال لهم الأول هذا ليس صحيحاً فقالوا له أنت تأخرت هل توافق أن تركب على درجة سياحية؟ قال لا، قالوا إذن أجِّل السفر فوافق والرجل الآخر ركب الطائرة فانفجرت الطائرة! كيف نفلسف الأمر؟ الرجل الثاني كأنه عمل واسطة ليموت لأن هذا هو موعده مع الموت والرجل الأول ليس مكتوب له أن يموت لأنه ليس معاده وهو طبعاً خرج من المطار وهو غاضب لكنه لما سمع أن الطائرة انفجرت قال الحمد لله وما قالها إلا لأن الطائرة وقعت لذلك قال تعالى (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم) أنت تتصور أن هناك معطيات اعملها لكنك لن تأخذ إلا ما كُُتب لك. حتى لو لم تقصِّر في أمر إذا لم يكتبه لك الله تعالى فعليك أن تسلِّم بالأمر لذلك قال تعالى (إن ذلك على الله يسير) ثم شرح لك (لكيلا تأسوا على ما فاتكم) يعني افرح يعني هذا الرجل في المطار من البداية ما قال لا باس أسافر غداً لم يقل الحمد لله إلا بعد أن انفجرت الطائرة! لم يفطن أن يقول الحمد لله إلا بعد ان انفجرت الطائرة لذلك الواعي عليه أن يسلِّم ساعة يحصل معك وضع من الأوضاع تسلم لأنك غير مقصر ولو كنت مقصراً ستسلِّم وأنت تؤنب نفسك لأنك قصّرت. القرآن واضح وضوح الشمس في كبد السماء من حيث معطيات في القرآن في الوقائع التي تطبقها أنت على حياتك هنا يقول (لكيلا تأسوا على فاتكم) هذا لم يأتي لأنه ليس من نصيبي (ولا تفرحوا بما آتاكم) هذا آتاكم وهو لك ومكتوب لك لكن ساعة ما يأتيك لا تفرح حتى لو أنك عملت لأنه (إن الله لا يحب كل مختال فخور) ما الذي جاء بهذه الجملة في الآية هنا؟ المقدم: مختال وفخور نحن تعملنا أن الفخر في إطلاقه بجرعة مناسبة لا بأس به أن أكون منتسباً لأمة محمد صلى الله عليم وسلم فمتى يكون الفخر فخر مرضي؟ د. هداية: عندما لا يكون في محله يكون عن شيء لم تفعله أنت ويكون فيه كبر وتعالي على الناس. المقدم: هؤلاء العرب العيب موجود في الجينات حتى قبل نزول الإسلام تجد أنهم معتادون على الكلام لا العمل فالشعر إما هو فخر بالأنساب وغيره وإما ذم في الناس الآخرين وإما رثاء على أحد وإما غزل وكله كلام بكلام تجد أن العرب تعودوا على الكلام إما جيداً أو قبيحاً وعندما تأتي للعمل لا تجد شيئاً ولهذا تجدنا دائماً مقصرين ومتخلفين. د. هداية: ما سبب ورود (والله لا يحب كل مختال فخور) في الآية؟ لأنه ساعات عندما تأتيك أشياء أنت عملت خمسين بالمائة منها وتأتيك بفضل من الله تعالى أنت تنسبها لنفسك تقول أنا عملتها كلها ولا تقول الحقيقة لا تقول أنا قصرت والله أكرمني. أساس القضية أن لا تحزن كثيراً ولا تفرح كثيراً لأنه في بعض الأحيان في الفرح تنسب لنفسك أشياء لم تفعلها أنت فليفت نظرنا إلى أن (والله لا يحب كل مختال فخور) من هو المختال؟ ومن هو الفخور؟ هاتان الصفتان ذم لأن المختال يتكبر على الناس ويصل الكبر فيه للتكبر على الله والعياذ بالله والفخر نفس الشيء تبدأ بالناس ثم تتعدى والعياذ بالله لله تبارك وتعالى. المقدم: تكلم ربنا سبحانه وتعالى على تصرفين أن الإنسان يحزن على شيء لم يأت وليس من نصيبه ويفرح بشيء جاءه وينسبها لنفسه المفروض كمنطق بشري أن يقول أن الله تعالى لا يحب المختال الفخور الذي يفرح بما جاءه ولا يحب أيضاً الذي يحزن على الذي لم يأته الروق لكنه لم يتكلم عن الذي لم يأته لماذا؟ لم يقل والله لا يحب كل حزين إيمانه ضعيف. د. هداية: لأن هذا الذي يحصل وهذا الذي يوقع الناس فالذي لم يأته الرزق كيف يختال؟! الحزن صفة غير مذمومة ولو افترضنا أن الإنسان حزن لأمر فاته فهذا سيضره هو إذن يكفيه الآية (لكيلا تأسوا على ما فاتكم) لكن المصيبة في أن الفرحة بالذي حصل ستسبب اختيال وفخر وكبر وستتعدة لصفة القرآن ذمها والرسول r ذمها حيث قال "لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" المقدم: لأن فعل الكِبر أنت تتعدى به على الناس وليس حزناً دفيناً في قلبك. د. هداية: الحزن عائد عليك أنت وحدك يصيبك لكن الثانية الفرح تجعلك تعتدي على غيرك. المقدم: الآية بعدها (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24)) هل هذا الوصف يشمل كل مختال فخور؟ د. هداية: هذا توصيفهم، من هو كل مختال فخور؟ المقدم: ما علاقة البخل بالفخر والاختيال؟ د. هداية: الآية فيها تعلّق لأن القرآن يمكن أن تكون الآية كلها اعتراض لجملة مبني عليها (الذين) وقد يكون (الذين) كل مختال فخور يعني التوصيفات القرآنية لا تتعلق بكلمة سابقة على نفس الآية. عندما تقول (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24)) يتولى يعني يتولى عن هذا الأمر. أنت تأمرني بشيء طيب أنفذه لكن إذا أمرتني بشيء سيء عليّ أن أتولى عنه ولا أفعله وفي هذه الحالة (الله هو الغني الحميد). المقدم: نفهم (الغني) لكن ما دلالة (الحميد)؟ د. هداية: ما معنى الحميد؟ أول آية عندنا في القرآن (الحمد لله رب العالمين) الحميد لما نرجعها لأصلها تأتي من الحمد فالحميد هو المحمود بحق وفي كل الأحوال. الشكر يأتي بعد الأمور الطيبة المحبوبة فلو أن أحدهم عمل لك شيئاً لم يعجبك فلن تشكره هذا بالنسبة للبشر لكن لما تأتيك نعمة من المولى عز وجل فأنت تشكره هنا الشكر غالب إنما لما تأتيك مصيبة أو سيئة أو أمر لا يرضيك فلا تتذمر وإنما تحمد الله فالحمد هنا إعلان الثناء مع الضيق تنزه المولى عن أنك تقول له لماذا يا رب؟ عندما تأتي حالة وفاة لعزيز المسلم الواعي يقول إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله والناس التي تقول لماذا يا رب؟! الحمد يعني تنزيه الله بالثناء عليه لأنه لا ينفع أن أتذمر أو أعترض في وجوده سبحانه وتعالى لكن قد أعترض على فلان أو فلان فالحميد هو الذي يُحمد عند الضيق عند المصيبة عند الكرب لا ينفع أن تقول له لماذا يا رب؟ أليس هناك أحد غيري؟ هناك ألفاظ لا تليق بالمولى عز وجل ولذلك (الذين إذا أصبتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) المصيبة هنا قال أغلب أهل التفسير أنها الموت لكن هي أي مصيبة الموت أو غيره مصيبة في نفسي أو في إهلي أقول (إنا لله وإنا إليه راجعون) نحن بما لنا من أولاد وأموال ملك لله عز وجل فالذي يأخذ من ملكه لا يغضب منه أحد ولا يناقشه أحد. قسها ولله المثل الأعلى (إنا لله وإنا إليه راجعون) فلما ينقص منا أحد هو ملك لله تعالى (وإنا إليه راجعون) الذي لم يمت اليوم لو بقي إلى يوم القيامة سيعود إلى الله تبارك وتعالى وسيموت. عندما قال تعالى (الحمد لله رب العالمين) قال بعدها (مالك يوم الدين) هذا يوم الجزاء والحساب على هذه أو عدمها. المقدم: لا تنسونا من صالح الدعاء والدعاء لأهلنا في غزة. بُثّت الحلقة بتاريخ 13/1/2009م |
التوبة والاستغفار 95 تقديم علاء بسيوني المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مشوار وارتحال مع القرآن الكريم ورحلة طويلة مع طريق الهداية لأنه طريق قد يبدو أنه سهل وقصير لكنه هو طويل جداً لأنه يحتاج إلى تدبر لكن الناس الذين يريدون بالطريقة التي تعود كثيرون عليها لخّص وأنجِز وأعطني الخلاصة في كلمتين بالتأكيد لن يقرأوا القرآن بتدير وأكيد لن يفهموا بتدبر وعمق ولن يطبقوا بالتالي بتدبر وعمق. كنا في سورة الحديد والآيات كلها ملامحها تتكلم عن أمور قدرية مسألة القضاء والقدر ومسألة كن فيكون ووقفنا معها قليلاً لأن الموضوع صهب ويحتاج إلى بعض الشرح والردود. وقفنا عند الآيات 20، 21، 22، 23 لكننا أخذنا الآيات 22 و23 تكلمنا فيهما والمفترض أن نكمل الآيات 24 و25 لكن القرآن يشرح بعضه لذا نحن سنعود إلى الخلف آيتين 20 و21 لنربط المعنى الذي قلناه في الحلقة السابقة بمعنى مهم جداً وسنذهب بعدها لاستكمال الرحلة وقد ننتقل من سورة إلى سورة ومن آية لآية لأن القرآن كله يشرح بعضه بعضاً ويدعم بعضه بعضاً. (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الحديد) المقدم: ما الربط الذي نبحث عنه خاصة أننا تكلمنا في الحلقة السابقة عن معنى كلمة مصيبة وعن الفرق بين المصيبة في الأرض والمصيبة في النفس وما هو الكتاب وما معنى نبرأه وما معنى أن يأسى الإنسان على ما فات إذا لم يأته مال فلأنه ليس له نصيب فيه وما معنى أن لا يفرح الإنسان بما أتاه لأنه مكتوب له أنه سيأتيه ولماذا لا يحب الله تعالى كل مختال فخور؟ هذا الذي أعادنا للآيتين 20 و21 فلماذا؟ د. هداية: أولاً نريد أن نجع بالذاكرة لما بدأنا فيه في البرنامج أن مسألة التفسير لا تكون بسرعة بحيث نلخص ونعطي موجزاً ولا تكون أن نعمل في آية بحد ذاتها ولكن المفروض أن نخرج بالمسألة من القرآن بمفهوم قرآني استعرضه الله تبارك وتعالى على مدار 6236 آية. وسيظهر لنا من خلال عملنا في الآية 20 (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) نقف عند معنى الغرور؟ ونجد أن هناك ثلاث آيات بمعنى (فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغَرور) تكررت مرتين هناك الحياة الدنيا متاع الغرور وهناك غَرور يدفعك أن يزين لك مسألة أن تفتح قلبك دنيا فتبدأ تتباهى وتتفاخر وهذه التي قال فيها تعالى (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) المقدم: كنا فسرنا سابقاً الفرق بين الغُرور والغَرور د. هداية: هذا فسرناه منذ زمن وسنعيد تفسيره اليوم إن شاء الله. دعنا نأخذ الآية من أولها ولكني أردت أن أضع نقطة نظام كيف نعمل في البرنامج. أولاً مطع الاية في منتهى الإبداع البياني (إعلموا) من الذي يُعلِم؟ الله سبحانه وتعالى وما هو المطلوب منا نحن؟ أين فاعل (إعلموا)؟ نحن عندنا مشكلة أساسية أن الناس 85% منهم لا يريدون أن يعملوا شيئاً وإنما يريدون أن يأتيهم كل شيء على الجاهز ونحن نذكِّر الناس بمسألة إذا جاء رمضان فُتِّحت أبواب الجنة وأغلقت أبواب النار وصُفدت الشياطين فالناس مكمئنة أن الشياطين مصفدة ونحن سندخل الجنة! عندما تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين أين الذي عملته أنت إذن؟! الناس من هذه المفاهيم الخاطئة أصبحت تعتقد أن فلان بعد أن يموت نقرأ له قرآن أو نعمل له عمرة نحن نعمل لبعض لأنه هو لم يعمل وتجد أسئلة بمنتهى الغرابة وعندما نجيب الناس عليها إجابة منطقية من القرآن تقول أننا نضيق عليهم ونسد الطريق وسنجد اليوم عندما نشرح الآيات بالتفصيل الواضح. (إعلموا) هذا فعل أمر، أين الفاعل؟ المفترض أنا عندما أسمع الأمر الإلهي أبدأ أطبقه وأعي هذا الموضوع. (إعلموا) يعني هناك شيء يجب أن أعمله. الذي يستعرض القرآن بسرعة يقول لك الفاعل هو الذي يقول إعملوا، هذا فاعل إلقاء العلم لكن امطلوب منه عمل المجهود هو الذي سيتعلّم لا الذي يُعلِّم. أنا حتى أعلم ليس عندي قبله رصيد أنا سأبذل مجهوداً لأعلم وهذا هو التعلّم، انظر إلى عظمة اأداء القرآني في (إعملوا) الفاعل فيها واو الجماعة (الذي في تصور الناس أن الفاعل (أنتم) لكنها ليست كذلك) واو الجماعة بدل أنتم. الفاعل في (إعملوا) هو الذي سيعمل لكن القرآن أعطانا أيضاً مادة العِلم. (إعلموا) ماذا؟ إعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد، لو أخذنا هذه الأشياء ستجد الدنيا هكذا لأن (أنما) قصر وحصر نحن نسميها الكافّة والمكفوفة لكن عندما نأتي لـ (أنما) و(إنما) تكون للحصر والقصر إذن الدنيا هكذا فقط لكن لو انتبهنا أن الذي يقرأ هنا ليعلم يقلق ويتساءل أنا لست هكذا فأين أنا هنا؟ المقدم: يعني إذا كان هذا توصيف الدنيا في القرآن د. هداية: لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد هذه الأمور كلها مذمومة. المقدم: لكن مسألة التكاثر في الأموال إذا أحدهم ربنا رزقه الأموال من حلال؟ د. هداية: هذا ليس من باب التكاثر، الله تعالى قال (ألهكم التكاثر) يعني التكاثر مدعاة أن يلهيك إذن التكاثر صفة مذمومة. المقدم: لكن مسألة الأموال في إطلاقها ليست حراماً والأولاد ليست حراماً د. هداية: الذي ليس حراماً لا تتفاخر أنت، الذي ليس حراماً لا تتكاثر على الناس وإنما تأخذ المسألة على أنها عطاء من الله تبارك وتعالى ونعمة وفضل. المقدم: جاء في ذهني مثل الناس تعمله في مسألة الأولاد والذي يتفاخر أن عنده أولاد أمام أحد آخر ليس عنده أولاد، هل جاء به من عنده؟! المسألة ليست شطارة منه هو د. هداية: هذا هو المذموم، هكذا ضرب القرآن المثال أنه ليس لك فضل في هذا بدليل أنه قال (كمثل غيث) الغيث ليس لك أنت دخل فيه، لم يقل كمثل مطر لأن الغيث ليس مطراً عادياً وإنما نكر بعد قحط وعطش وهلاك لذلك قال غيث ليبين لك أنه لا دخل لك فيه فجاء بالمثال بشيء ليس لك دخل فيه فأنت لا دخل لك لا في الأموال ولا في الأولاد وضيعت الدنيا وضيعت وقتك في اللعب واللهو والزينة. علينا أن نفهم (إعلموا) ماذا نعلم؟ أن المسألة محصورة في هذا الكلام. أين أنا وأين المسلمون والمؤمنون هنا؟ لم يذكرهم لأنه يضرب المثال بالأمور التي يخرج بها الإنسان عن مراد الله في أنك تعلم، إعلم ولا تفعل هذا، إعلم أن هذه هي المسألة فلا تعملها فالذي لم يذكر هنا أنه يجب أن يُعمل قال (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ) لم يقل سابقوا إلى عمل وإنما قال اسبقوا إلى مغفرة بالعمل ولم يقل العمل لأن كل واحد يعمل ما يقدر عليه (فاتقوا الله ما استطعتم). (إعلموا) أن الحياة عبارة عن لعب ولهو وزينة. المقدم: أولاً حسب ما يفهم كثير من الناس أن هناك زينة جيدة أن يتزين الإنسان بالزينة المباحة إما الرجل لامرأته والمرأة لزوجها وأن أسكن في بيت جيد وأن أذهب إلى المسجد وآخذ زينتي، ومسألة اللعب كيف نفهمها والرسول صلى الله عليه وسلم كان يلهو مع السيدة عائشة؟! وما الفرق بين اللعب واللهو والزينة التي من المفروض في الآية أنها مذمومة وبين ما يمكن للإنسان المسلم أن يقوم به من لهو ولعب وزينة حلال؟ ما الذي يجعل هذه التوصيفات حلالاً وما الذي يجعلها حراماً؟ هل التطبيق أو الجُرعة أو الإثنان معاً؟ المقدم: الدنيا فيها لعب ولهو وزينة الآيات توحي أن هذه الأمور مذمومة أو أنها تحذير أن تلهينا هذه الأمور عن الطريق المستقيم لكن عندنا آيات في القرآن الكريم (خذوا زينتكم عند كل مسجد) هذه زينة وهذا أمر إلهي وهناك أناس تأثم إذا ذهبت للمسجد بملابس العمل وقد يكونوا يعملون في مطابخ أو غيره وبهذا يكون قد أذى الملائكة وأذى المصلّين وأظهر عدم احترام للمولى سبحانه وتعالى وعدم احترام للمسجد. هذا أمر إلهي بأخذ الزينة فلماذ في آية سورة الحديد الزينة واللعب واللهو مذمومين؟ د. هداية: علينا أن نفرق دائماً بين المجاز المرسل في إطلاق اللفظ أو إطلاق اللفظ على حقيقته. هنا يقول (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) لكن هناك يقول (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ (31) الأعراف) أولاً كلمة زينة هنا مجاز وكلمة مسجد مجاز. المقدم: كلمة مسجد ليس مقصوداً به الجامع فقط وإنما كل مكان فيه سجود لله تعالى إما صلاة أو سجوداً للمنهج. د. هداية: هذا البرنامج في عُرف المجاز اللغوي مسجد فلا ينفع أن تخرج بشكل سيء في برنامج ديني بالذات تلبس أشياء غريبة على الموضة لأن هذا البرنامج يعتبر مسجداً فأنت مأمور من الله تبارك وتعالى أن تأخذ ليس الزينة وإنما زينتكم، لماذا زينتكم؟ أي ما يليق بكل واحد على حدة. كلمة زينة هنا مجاز مرسل علاقته المحلية لأنه ليست الزينة التي هي المكياج إنما الزينة هنا جاءت لعب ولهو وزينة فهذه تخص أول من تخص النساء، لماذا؟ عندما نسير في التعريفات اللغوية من فضل الله تعالى علينا في هذه الآية أن جاء باللعب بعد اللهو (لعب ولهو) لأن كثيرين يخلطون بين الإثنين. ما الفرق بين اللعب واللهو؟ اللعب لا يكون إلا للأطفال لا تجد رجلاً يلعب فإذا رأيته تستسفهه. يمكن أن يلهو الرجل لكن لا يمكن له أن يلعب فجاء باللعب لسنّ (لعب للأطفال) لهو للرجال، زينة للنساء وبعض الرجال لأنك تجد بعض الرجال يضعون كحلاً في أعينهم ليظهروا بشكل جيد في برنامج أو يضع الملابس النسائية والسلاسل هذا تشبه بالنساء. المقدم: الناس التي تشتغل مثلنا على التلفزيون ونظراً لظروف العمل والكاميرات والإضاءة نضطر لوضع بودرة معينة لتمتص الإاءة ولا تظهر الوجوه لامعة على الشاشة. د. هداية: هذه البودرة إذا استعلمت لهذا الغرض فهي ليست حراماً وإنما المقصود الزينة اتي يضعها الرجال تشبهاً بالنساء مثل الحلي والسلاسل والمكياج وغيرها. ونحن نخرج على التلفزيون بدون بودرة ولا شيء آخر ولم يحصل لنا شيء ولله الحمد. جاء باللعب وهذا يخص مرحلة سنية ثم ذكر اللهو وهذا يخص بقية المراحل، هذا اللهو ليس اللعب لكنه قد يكون أحدهم جالساً على الشات مهتماً جداً ويضيع وقته فيما لا يفيد وبدون لزوم وأنت تجد النتائج في الدنيا والآخرة. المقدم: الأطباء هذه الآيام سموا نوعاً جديداً من الإدمان وهو إدمان الإنترنت وهناك نساء طلبيت الطلاق أو الخُلع بسبب الانترنت لأن أزواجهن يقضون أوقاتهن على الانترنت يتحادثون مع نساء وغيره والشات لم يعد فقط عن طريق الكلام وإنما هناك كاميرات وميكروفونات فيرى الناس بعضهم بعضاً بدون احترام لخصوصية البيوت فالذي تكلمه ويكلمك يمكنه أن يراك وأنت ترتدي البيجاما أو الشورت أو غيره. د. هداية: هذا كله من باب التسهيل من باب (فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) بعض المفسرين في هذه الآية قال أن الغَرور يعني الشيطان لكنها لا تعني الشيطان فقط وإنما الغَرور كل ما يغرك من جاه ومال وسلطان ونفسك ومنصبك، الشيطان يحرك كل هذا واللنفس العاصية تتقبل هذا غَرور. عندما نأتي لمسألة اللعب الطفل يلعب لو أطقت له اللعب مطلقاً سيصبح لاهياً لكن أو قننت له اللعب فتركته يلعب على جرعات منذ صغره وهو عنده 3 سنوات يتعود أن اللعب ليس مطلقاً هكذا وهذه هي الحياة الدنيا لذا قال (إنما الحياة الدنيا) الناس تتلقى الحياة هكذا لكنها ليست هكذا وإنما لها ضوابطها وهذا هو السر أن الصلاة قسمت على خمس فروض في خمس أوقات بالأزمنة هذه لكي تعود وتشحن على طول من – إلى. كان بالإمكان أن نصلي الفروض الخمس مع بعض في الليل أو الصبح لكن حكمة الله تبارك وتعالى كل هذه الحكم تندرج عند قوله تعالى ساعة سألت الملائكة (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) رد المولى بمنتهى الإبداع البياني (إني أعلم ما لا تعلمون) هذه الآية تندرج تحتها الحكمة من خلق الإنسان. وهذا الخلق وضع له ضوابط من أول لحظة بل إن الخلق جاء على المنهج والضوابط كما في قوله تعالى (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) البقرة) التي هي (الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الرحمن) وقلنا أن القرآن هنا ليس كتاب محمد صلى الله عليه وسلم وإنما مثال لكل منهج ومن عدالة هذا الإله الحق أنك تولد على منهج ولذلك قال (لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم) ولم يذكر فيمَ؟ في الأنساب، في السلطان؟ إذن التفاخر مطلق، هذه مسألة يقطعها القرآن بالقرآن. ثم في مسألة الأموال والأولاد قال (وتكاثر في الأموال والأولاد) قال (في الأموال) ولم يقل بالأموال. المقدم: في التفاخر قال تفاخر بـ والتكاثر قال (في) د. هداية: وتكاثر في الأموال لم يقل بالأموال يعني كأنك لو عندك مليار ستريدهم اثنان أنت لا تتفاخر بل تتكاثر والتكاثر هنا لأجل التفاخر أنت تستزيد ولو من حرام لأجل التباهي أنا عندي وأنا عندي. المقدم: هل تعتقد أن هذا الموضوع هو أحد أسباب تفسير ظاهرة أن كثيراً من الأغنياء لا يشبعون. كنا عندما نسمع كلمة مليون جنيه كنا نستغرب وبعد فترة صار هذا الرقم رقم صغير قد تشتري بها سيارة واحدة أو شقة واحدة، حتى المليار أصبح رقماً صغيراً. د. هداية: هذا من باب التكاثر. هذا الذي ذكرته هو فائدة ذكر كلمة (في الأموال). المقدم: دعني أكمل السؤال، صرنا نسمع أن شخصيات كبيرة ورجال أعمال وشركات عندهم كذا مليار والمليار رقم كبير جداً لو صرف منه كل يوم لا ينفذ ومع هذا تجدهم يريدون أن يحتكروا السوق أو يرفع أسعار السلع د. هداية: هذا التكاثر في الأموال. لو قال تكتثر بالأموال لكان المليون يكفي أو المليار يكفي لكن من عظمة الأداء البياني للقرآن أنه قال تكاثر في الأموال الرجل يعمل وسبق التفاخر التكاثر إبن الرجل الغني الفلاني سيتفاخر بأبيه الذي يعمل ويكسب وأنا أصرف، هذه حقائق قال القرآن عنها (تفاخر بينكم وتكاثر في الأموال) التكاثر هو الذي سيعمل تفاخر. المقدم: لذلك مجلة فوربس المشهورة تنزل ترتيب أغنى الأغنياء في العالم د. هداية: هؤلاء الذين يعملون في التكاثر للتفاخر في مثل هذه المجلة، هو يكثر في الأموال والمجلة تفاخر هذا الأداء القرآني يجب أن نقف اليوم مع أنفسنا ونحسبه أحدهم يقول لك نحن ليس عندنا شيء لكنه نقول له القرآن لم يترك شيئاً وقد ذكر هذا في سورة الفجر (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه) أكرمن هذه التكاثر (وأما إذا ابتلاه) يقول ليس عندي فعلى ماذا يحاسبني، الرد جاء من المولى تعالى على الاثنين (كلا). المقدم: هناك كلام كثير نسمعه ممن رزقهم قليل نوعاً ما يقارنون أنفسهم بالغرب الكفار الذين شوارعهم نظيفة وعندهم كل شيء هؤلاء أخذوا نصيبهم في الدنيا أما نحن فنتعذب في الدنيا لأجل الآخرة ثم يضعون أنفسهم في مقارنة ثانية مع الأغنياء من المسلمين فيقولون هؤلاء سيدخلون الجنة بعد مئات السنين أما نحن فسندخل مباشرة. د. هداية: هذا الكلام بمفهوم الناس وليس هناك أي حديث يثبت هذا الكلام ولذلك رد القرآن على الاثنين (كلا) لكن في موضع آخر قال (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) لا المال ولا عدمه. المقدم: إذن لو كان الفقير متقياً فهذا هو المطلوب ولو كان الغني متقياً فهذا هو المطلوب. د. هداية: والرزاق هو الله تبارك وتعالى ليس لنا نحن أي دخل في هذه المسألة. بعد ذلك قال (كمثل غيث) هذه التي تشرح أنه لا الأموال ولا الأولاد أنت لك فضل فيهم فعلى ماذا تتفاخر؟! المقدم: لم يتضح بعد لديّ الميزان الحساس ما هو الذي يجعل اللعب واللهو والزينة حلال أو حرام؟ هل هو نوعيتها أو طريقة أدائها أو الجرعة أو الوقت فمثلاً لو عندي شغلي له مواعيد من 8 إلى 5 أنا آخذ أجري على هذا فلو أنا حضرت إلى العمل الساعة 4 بعد أن ذهبت لحضور مباراة كرة أو السينما غيرها أو ذهبت إلى البيت لأنام في موعد العمل، لو نمت في البيت خارج مواعيد العمل هذا حلال لكن لو نمت خلال مواعيد العمل هذا حرام؟ د. هداية: مسألة السينما لا أريد أن أتطرق لها لأني أجدها حرام وليس لي علاقة بما يقوله غيري في هذه المسألة أنا أراى أن السينما لهو بيّن. مرجعيتي في كل أمر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات" أنا لن أتكلم في الحلال والحرام وإنما كل إنسان يحسب الحلال والحرام. المقدم: ما تقوله سوف يفسره الناس بشكل مغلوط بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إستفت قلبك وإن أفتوك" د. هداية: إستفت قلبك هذا بعد أن تسمع أكثر من فتوى من مفتي أو من عالم، أنت تستفتي قلبك على كلام علماء وليس بالهوى وإلا يندرج هذا التصرف تحت (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم) لا علماءهم لكن عندما أسمع علماء أفاضل ورأي أحدهم مغاير للآخرين أستفت قلبي وأختار بينهم لا على مرادي أنا أو هواي أنا في المسألة. المقدم: بعض العلماء قالوا أن الفن حلاله حلال وحرامه حرام إذا لم يكن هناك مشاهد فاضحة أو نساء عاريات وإنما يهدف لقيم فاضلة في المجتمع فلا بأس به، لو يعرض فيلم بوليسي يعلم الناس مكافحة الجريمة وكيف تحتاط لنفسها فلا بأس لكن أسأل ألا يمكن تعلم هذه المسألة من غير الفيلم؟ كلمة لا بأس تبين أنه ليس حراماً لكنه عادي لكن المهم أن لا تضيع وقتك فلا أترك عملي الذي آخذ عليه أجراً لأذهب إلى السينما وإلا سيكون المال الذي آخذه مقابل عملي حرام. الأمور تتداخل في بعضها وعلى الإنسان أن يُعمل قلبه. المقدم: ما الذي يجعل اللعب واللهو والزينة حراماً؟ د. هداية: اللعب يخص الأطفال لو رجل لعب أو امرأة فهذا حرام. لا نريد الخلط بين أمرين اللعب والمداعبة بين الزوج وزوجته هذا ليس لعباً. المقدم: أعطيك مثالاً: أنا رجل قطعت الأربعين عاماً ولست طفلاً بعد انتهاء العمل أردت أن أذهب للمارسة لعبة التنس التي أحبها فأقول أنا ذاهب لألعب التنس أو ذاهب للعب الكرة. د. هداية: هذا حلال ليس فيه شبهة حرام. المذكور في الآية اللعب الخاص بالأطفال الذي يجعلهم أناس تلهو بعد ذلك. يمكن بدل كلمة ألعب أن أستعمل كلمة أتريّض. المقدم: أنا أسأل هذه الأسئلة لأن الناس تستخدم هذه الألفاظ. مثلاً كلمة اللهو نحن نأخذ أطفالنا ونقول نحن ذاهبون إلى الملاهي ومدينة الملاهي. د. هداية: كم مرة تذهب إليها؟ المقدم: هناك من يذهب مرة في الأسبوع وهناك من يذهب مرة في الشهر وهناك من يذهب مرة في السنة وهناك من لا يذهب مطلقاً. د. هداية: المسألة هل الذهاب إلى الملاهي أصبح حاجة أو تسلية إذا أخذت ولدي إلى الملاهي ليلعب مع الأطفال لكن لا آخذه كل يوم فإذا أخذته كل يوم ستحوّل هذا الولد إلى إنسان متخصص في اللعب وتضييع الوقت. المقدم: إذن المقياس هو الجرعة. د. هداية: إذا قلت لابنك الذي عنده أربع سنوات أنه سيأخذه إلى الملاهي مرة كل أسبوع حصلت حادثة وفاة فعليك أن تعرّفه أن حادثة الوفاة أكبر من الذهاب إلى الملاهي وتعلّمه وهو صغير وهذا هو التعليم تعلَّمه أن يقدم واجب العزاء ويواسي الناس. أما الذي يقول لا، آخذه للملاهي لأن هذا اليوم يوم ذهابه وقد وعدته فيكبر ليصبح إنساناً لا يقدر المواقف ولا يتحمل المسؤولية ولذلك القرآن لا يعرض الموضوع صدفة (أنما الحياة الدنيا لعب ولهو) يجب أن نسأل أنفسنا من أين جاء اللهو؟ لهو الرجال والشباب والنساء جاء من عدم تقنين اللعب وهم صغار والجرعة لم تقنن والوقت لم يكن صحيحاً. ذكرنا سابقاً أن مواقيت الصلاة مهمة لأمثلة كثيرة جداً والعامة من الناس يقولون أمثلة جميلة منه "كل وقت وله أذان" هذا مثل شعبي لازم معناه أن الذي ينفع الآن لا ينفع بعد قليل والذي ينفع اليوم قد لا ينفع غداً. المقدم: هل يمكن أن تقول كلمتين للناس الذي نسمعهم دائماً يقولون أصل العمل عبادة وظروف عملنا لا تسمح لنا أن نصلي إلا الخمس صلوات مع بعض عندما يعودون للبيت. د. هداية: نقول لهؤلاء آية في كتاب الله تعالى (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) كتاباً أي واحداً وموقوتاً. وهذه النقطة بُحّ صوتنا ونحن نتكلم عنها وقلنا هذه الآية شرحها سهل (إن الصلاة كانت) كانت هنا من الكينونة من الفريضة، كانت على المؤمنين ولم يقل على المسلمين مع أنها فرض من الأركان الخمسة للإسلام وليس للإيمان لكن التعبير القرآني أن الذي سيؤمن بهذا الكلام سيطبقه فهذا هو التطبيق ولذلك نعود لحديث جبريل مع الرسول صلى الله عليه وسلم أرسله الله تبارك وتعالى حتى يعلمنا لأن الصحابة قعدوا عن هذه الأسئلة في وقت كانوا أحوج ما يكون للتعلّم فيه. موضوع جديد والإسلام والإيمان والإحسان والتقوى هذه المسائل لم تكن واضحة فيرسل الله تعالى جبريل عليه السلام ليسأل الرسول صلى الله عليه وسلم أمام الصحابة لأن الصحابة سيتعلمون وينقلون لنا هذا العلم لذا يجب أن ننتبه لهذا الحديث، جبريل أرسله الله تبارك وتعالى على هيئة بشر وليس على هيئة ملك وجلس بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له أخبرني عن الإسلام، عن الإيمان، عن الإحسان. ورد الرسول صلى الله عليه وسلم. لما جاء الإسلام أخذ الأركان وعملها منطق يعني "أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وأن تحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" هذا حديث الأعمال وهو غير حديث الأركان لما نضع الحديثين مقابل بعض تجد أنه قدّم الصوم على الحج في حديث الأعمال لأننا عادة نؤخر الحج في التطبيق حتى يبلغ المسلم ويصبح عنده مال وفي حديث الأركان قدّم الحج على الصوم "أخبرني عن الإيمان، قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر" لم يقل أن تؤمن بالدنيا لأنك أنت تعيشها وستلعب وتلهو وتأخذ فيها حقك فهذه ليس فيها إيمان وإنما جاء باليوم الآخر الذي عليه يبكي العارِف. المقدم: هل انتبهت لهاتني الكلمتين (اليوم الآخِر) جاء في ذهني كأن هذا اليوم نهاية الزمان لكن المفترض أنه بعد اليوم الآخر الذي هو الساعة ويوم القيامة والبعث والحساب، بعد الحساب هناك جزاء وفريقان فريق في الجنة وفريق في النار يعني يحيون حياة، فهل هذه الحياة لأنه كُتب فيها الخلود فتوقف فيها الزمن وبيس فيها أيام؟ ولن تسأل في الجنة ما هو اليوم؟ الاثنين أو الأربعاء أو الخميس. د. هداية: أنت لن تعدّ. اليوم الآخر آخر أيام حساب أنت تعد فيها فجر يطلع فيكون يوماً جديداً. سابقاً قلنا أدخِلأ إنساناً في غرفة مظلمة وليس فيها شبابيك واتركه عشرة أيام فلا يمكن له أن يحسب عدد الأيام لأنه لم يحصل عليه تعاقب ليل ونهار، هكذا الآخرة ليس فيها عدّ ولذلك قال تعالى (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان) لم يقل لهي الحياة وفي الدنيا وصفها (الحياة الدنيا) لأن هناك حيوان إذن الحياة مقسومة إلى قسمين إما حياة دنيا أو حيوان. ما معنى حيوان؟ معناها من كلام يقوله المحتضر (يا ليتني قدمت لحياتي) لو قلت له حياتك فاتت فيقول لك الحياة التي فاتت لم يكن لها فائدة وإنما الحياة الحقيقية في الآخرة ولذلك عبر عنها (يا ليتني قدمت لحياتي) وقال قدّمت. قال تعالى (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) رب العالمين عجل له فيه ولم يقل من كان يريد العاجلة فليأخذها لأنه لو فكرنا فيها بتدبر نجد أن المولى تعالى أعطانا إياها من ساعة ما قال آدم. قال عجلنا ولم يقل سنعطيه إياها عطاء عادياً طالما هو يريد العاجلة سنعجل له فيها. لكن علينا أن ننتبه لنقطة (عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) يعني الذي يقول هذا يعيش الدنيا بالطول وبالعرض قل له هذا عبيط! عجلنا له فيها ليس على مراده هو وإنما على مراد الله. والذي يخرج عن الإيمان وعن التقوى إلى ملاهي ومعازف ويقول عش حياتك وعندما تنتهي حياته يقول (يا ليتني قدمت لحياتي) والذي يحافظ على الصلوات ومواقيتها والعمل يقولون هذا حابس نفسه هذا عندما تلتقيان في الآخرة تسمع قصة جميلة بين واحد أخذ النعيم الحقيقي الذي كان يبكي عليه العارف والآخر يقول انظرونا نقتبس من نوركم والمنطق غبي لأن هذا أساساً منافق. المقدم: جزاكم الله كل خير وبارك الله فيك ونذكر بموضوع الصلاة وإن شاء الله بعد انتهاء حلقات التوبة سنفي بوعدنا ونبدأ حلقات عن الصلاة. هناك بلاد كثيرة وأعمال وشركات كثيرة بنوا مصانع ووقت الصلاة يقف العمل عشر دقائق والمحلات تقف ويضعون لافتة مغلق للصلاة أو لا بارك الله في عمل ينهي عن الصلاة وهذا لم يخرب المصانع ولا تعطلت بل بالعكس لأنه (من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب). د. هداية: لو توقف الناس ربع ساعة لكل صلاة لو ضربناها في خمسة يعني ساعة وربع في 24 ساعة يعني ليست هي مسألة كبيرة. المقدم: من المعاني الجميلة التي أحب أن أتوقف عندها مسألة (يا ليتني قدمت لحياتي) الذي يشتري شقة في مصيف أو شاليه بالتقسيط يفرح به كثيراً وتكونظروفه المادية ضيقة لكن كل فترة يجمع بعض المال ليشتري بعض الفرش للشقة، يمكن أن لا يعيش هذا الإنسان ليسكن في هذه الشقة بعد أن تكتمل لكن المفروض إيماناً ويقيناً وعقائدياً أن المكان الذي يجب أن نفرشه ونحن ذاهبون إليه هو مكاننا في الجنة فماذا تريد أن تفرشه وما نوعية الكماليات التي تريدها هناك وما أرسلت له؟ د. هداية: هذه بقية الآية (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن) المقدم: هذه الآية وحدها تحتاج لشرح لكن أحببت أن ألخص لننطلق في اللقاء القادم في الشرح والتفسير. جزاكم الله كل خير ونراكم على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بُثّت الحلقة بتاريخ 27/1/2009م |
التوبة والاستغفار 96 تقديم علاء بسيوني المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقاء جديد في طريق الهداية. في ارتحالنا مع القرآن الكريم هي ليست رحلة وإنما ارتحال من مكان إلى مكان ومن معنى إلى معنى ومن آية إلى آية لأن القرآن يشرح بعضه بعضاً والآيات كلها تسلِّم المفاهيم لبعضها ثم إلى العقل البشري ومن العقل إلى القلب إلى الفؤاد إلى العقيدة إلى اليقين إلى عمل صالح بفضل الله يؤدي إلى الإحسان ويؤدي إلى الجنة بفضل الله ورحمته. تكلمنا في سورة الحديد عن موضوع اللعب واللهو والزينة وسألنا ما هو الميزان الحساس لمعرفة ما الذي يجعل هذه الأمور حلالاً أو حراماً؟ هل الوقت أو الطريقة أو الجرعة؟ أو كلها مع بعض؟. ثم اتفقنا أن مسألة أنت كيف تنظر إلى الدنيا؟ قلنا أنها وُصفت بالدنيا لأنها مرتبة أدنى لكن الحياة الآخرة هي الحيوان صيغة الامتلاء على وزن فعلان مثل رحمان. قلنا أن بعض الناس مستعجلة جداً وعقيدتها ليست سليمة وتفهم أن متع الدنيا كلها والمباهج التي فيها هي منتهى المُراد وهناك من يقول ليس هناك آخرة ولا حساب ولا جنة ولا نار ولا ربّ هؤلاء ملحدين والبعض يقول هناك إله لكنه رحيم غفور، هؤلاء يفكرون فيما بين أيديهم أما مسألة الجنة أو النار فهذه مسائل لا يعرفونها وإنما يريدون المال والسيارات وغيرها! وقفنا عند الآية (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) الإسراء) لكل واحد من هؤلاء مشوار وطريق ونحن نريد أن نكون في طريق الهداية من الصنف الذي يريد الآخرة.كنا في اللقاء السابق في سورة الحديد وانتقلنا إلى سورة الإسراء. (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21) لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22) الإسراء). أريد أن أسأل أولاً ما علاقة الآية الأخيرة (لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)) بما قبلها؟ بعد أن تكلم تعالى عن العطاء والدنيا والآخرة ثم تكلم عن مسألة الشرك؟ د. هداية: العقيدة والتوحيد. كأن المولى تعالى يريد أن يخبرنا أن كل ما سبق لو أردت أن تعمله بشكل صحيح لا تجعل مع الله إلهاً آخر وإلا ستظلم نفسك. المقدم: سؤال آخر المقصود هنا (لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)) أنك لا تقول أن هناك مع الله إلهاً آخر اسمه كذا أو أن من هواك يكون إلهاً، أن فلان الفلاني يكون إلهك كمديرك أو الحاكم أو الرياء أو المصلحة الشخصية أو أهواءك. إذن هذه الآية وردت هنا لتؤكد على مسألة العقيدة. المقدم: يقول تعالى (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)) ألا تخدم هذه الآية معنى الآيات في سورة الحديد في مسألة التفاخر؟ د. هداية: التفاخر أو الأشياء التي لم تعملها أنت تتفاخر بعطاء الله سواء كان هكذا أو هكذا الاثنان من عطاء الله وسنشرحها. المقدم: كما أن الناس تحب أن تتفاخر في الدنيا يجب أن يعلموا أن التفاخر الحقيقي الدائم هو التفاخر في الآخرة. د. هداية: وأهل الجنة ليس عندهم هذه المسألة وإنما يقولون (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) لا يقولون نحن عملنا لكن في الدنيا الإنسان يتفاخر ويقول أنا عملت! في الجنة ينسبون العمل لله ولولا عطاء الله لما عملوا. المقدم: ما هي كلمة السر التي جعلت هؤلاء في الآخرة لا يتفاخرون؟ الناس في الدنيا يقولون فلان يأخذ راتباً أكثر من راتبي وفلان عنده أولاد! في الدنيا حتى من الناس الصالحين من يقول فلان عنده أكثر مني د. هداية: لا، هؤلاء لا يكونوا من الصالحين، بمجرد أنه نظر في رزق فلان فهو ليس من الصالحين. أهل الجنة أقلّ مما تتخيل وتحتاج إلى شغل وعمل بلا نوم ولا كسل ولا يقال إفعل ما تشاء والله غفور رحيم، كل هذا ليس دأب أهل الجنة إنما دأب أهل الجنة ما قاله الصديق رضي الله عنه إن صحّ هذا الحديث "أنا لا أمن مكر ربي ولو كانت إحدى قدماي في الجنة" هذا يعمل 24 ساعة بالعقيدة السليمة. المقدم: يعني هل مسألة التفضيل في الجنة لن يكون هناك حقد أو حسد بسبب قوله تعالى (ونزعنا ما في قلوبهم من غل إخواناً متقابلين) د. هداية: أصل المسألة أن (نزعنا) ليست في ذلك الوقت ولكن تعني نزعنا منذ البداية. المقدم: هذا موضوع يحتاج إلى تفسير، القصة التي قالت أن جبريل عليه السلام نزل وشق صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج من قلبه نكتة سوداء وقال هذا حظُّ الشيطان منك، هل إذا أُخرجت هذه النكتة السوداء يصبح قلب الإنسان سليماً وليس للشيطان تأثير عليه ولا يكون فيه غلّ؟ د. هداية: الرسول صلى الله عليه وسلم جاء جبريل عليه السلام وأخرج هذه النكتة منه فمن يُخرجها من قلبي وقلبك؟ المقدم: تذكرت مسألة حصلت معي وأنا في سن الرابعة عندما سمعت هذه القصة أول مرة تمنيت أن تحصل معي أنا لأن هذا فضل كبير وفكرت في الموضوع هذا وتمنيت أن لا يأتيني الشيطان أبداً وصرت أبكي إلى أن غلبني النوم ولا أذكر ماذا رأيت حينها لكني أتذكر أن هذا الموضوع استوقفني وهانحن بعد أكثر من أربعين سنة نتكلم في نفس الموضوع. إشرح لي هذه المسألة طالما أن جبريل لم يفتح لي قلبي ولم يأخذ هذه النكتة السوداء التي فيه هل يمكن أن أفعل هذا أنا لنفسي؟ د. هداية: يجب أن نعملها لأنفسنا، الآية في سورة الإسراء تشرح آية سورة الحديد. والضمائر في هذه الآية لها دور مهم جداً في التدبر (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)) الإرادة هنا الفاعل في (يريد) يعود على الإنسان (عجلنا له فيها) الفاعل هو الله تعالى ويستمر في الآية (ما نشاء لمن نريد) (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا) مذموماً مدحوراً الإنسان ليس الفاعل فيها يعني تتوقف إرادة الإنسان الخارج عن مراد الله تبارك وتعالى وعن ما طلبه الله تبارك وتعالى وأذكّر المشاهدين بقوله تعالى (إعلموا) إعلموا كما أقول لك إعلم يا علاء وأسكت ستسألني ماذا أعمل؟ الدور سيأتي عليك بعدما أقول، المنهج جاء والقرآن موجود ولكن نحن الذين قصّرنا، ولذلك القرآن في الإسراء حسم الموضوع بطريقة مبدعةقال (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)) هو عليه أن يريد، ما الذي يحصل؟ يعطيه العاجلة لكن الآخرة جهنم، هذا إذا وصل إلى جهنم لن يكون له حق أن يتكلم لأنه هو الذي أراد وطلب. هو عليه الإرادة والطلب فقط. والصنف الآخر (وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) أين الفاعل هنا؟ هذا أراد وهذا أراد، واحد أراد ولم يعمل شيئاً في العطاء بل عمل ضد المنهج ولذلك الآية الأخرى تقول (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)) واحد يقول عندما يذهب فلان إلى الخمّارة فهل هذا من عطاء الله؟! ألم يطلب هو؟ هذا ليس عطاء الله بفعل الله وإنما عطاء الله بطلب البشر. المقدم: الإنسان عندما يذهب الخمّارة ويتفرج على الراقصات وغيره يعتقد أن هذا شيء جميل. د. هداية: آية الحديد (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)) تتكلم عن تحقير الحياة الدنيا وأنها لا تستأهل منك كل الذي تفعله ولذلك هنا في سورة الإسراء قال (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)) ثم قال (وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) هذه الآية تذكِّرنا (وسعى لها سعيها) من الذي سعى. هو أم قريبه بعد أن يموت هو؟! ولذلك (وسعى لها سعيها) تذكرني بعقيدة التوحيد والعمل (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) لم يقل إلا ما أراد. علينا أن نتوقف هنا لأن الآيات تكمل بعضها. (وسعى لها سعيها وهو مؤمن) هناك لم يكن هناك شروط (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) لم يذكر شروط لكن طريق الجنة يحتاج إلى متطلبات يجب أن تسعى لها سعيها وأنت مؤمن. الإيمان هنا يعني العقيدة، هذه ليست درجة الإيمان بعد الإسلام وقبل التقوى وإنما الإيمان هنا كلمة أطلقت وأريد بها العقيدة بعدها قال (لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)) هذه العقيدة. المقدم: لدي سؤال كلما تنفجر أحداث مثل أحداث العراق وفلسطين في مسألة تحقير آيات القرآن للكريم للمسائل التي يراها الإنسان مهمة فمثلاً في سورة التوبة (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)) ما معنى تربصوا؟ المقدم: وقفنا عند مسألة مهمة وهي أن الأشياء التي تعجب الناس في الدنيا هي أمور غير مهمة وليس لها نفس الأهميو وهذا الزهو الذي فُتن به الناس، هذا الكلام موجود في سورة الحديد في قوله تعالى (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)) هذه الأشياء ليست مهمة فلا تغتروا بها بل المهم الآخرة ثم انتقلنا إلى سورة التوبة (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)) لو طبقنا هذه الآية على واقعنا اليوم كل واحد لما تمر عليه أزمة في حياته لا نتكلم عن الجهاد في فلسطين أو نصرة إخواننا في العراق وإنما أتكلم عن مسألة أن تنصر ربك ومنهجه في نفسك وفي عملك هل ستشهد زور على أحد؟ أو أي سيئة فتقول إنهم سيقطعون رزقي وعندي عيال يجب أن أربيها! أو أن تترك الظالم على ظلمه أو أن ترى المنكر ولا تصححه مع أن أهم ملمحين في الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. د. هداية: خيرية هذه الأمة (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ (110) آل عمران). المقدم: هذه الآية هل تتكلم عن واقعنا اليوم أو عن واقع كل أمة لم تنصر الله في شغلها أو في الجهاد؟ د. هداية: واقع كل أمة لم تنصر منهج الله تبارك وتعالى على مراد الشيطان والنفس. دعنا نتأمل أي أمر يخطر على بالي أو بالك أو بال أي أحد يكون فيه أحد أمرين إما تنصر الله أو تنصر الشيطان والنفس، هذه الحكاية تظهر عندما تعرض أية فكرة يكون فيها إما تنصر الله أو تنصر الشيطان والنفس ولذلك مسألة الجزاء والحساب سُمي في القرآن يوم الدين. ما معنى يوم الدين؟ ألفاظ القرآن ليس فيها صدفة مثلاً يقول تعالى (وليطوّفوا بالبيت العتيق) فيقولون العتيق يعني القديم لكن الله تعالى لم يقل القديم ولا ينفع أن نضع هذه مكان تلك هذا مستحيل في القرآن ويمكننا إثباته في أكثر من كلمة. لذلك يجب أن نعلِّم أولادنا الفرق بين معنى الكلمة ومرادها، العتيق يعني القديم لكن في الاية البيت عتيق لا لأنه قديم ولكن لأن الله تعالى يعتق فيه من جاءه مخلصاً، إذن الكلمة عتيق تأخذ معنى القِدَم وتأخذ معنى العتق. (مالك يوم الدين) كان يمكن أن يقول مالك يوم الجزاء أو يوم الحساب أو أي لفظ آخر لكن قال الدين لأن الدين كما يقول أهل اللغة من المشترك اللفظي ويأتي بأكثر من معنى فيأتي بمعنى الجزاء والشرع والديانة، لكن لماذا قال الدين؟ لأن هذا اليوم الذي سيظهر فيه قيمة الدين، هل قبلته أو رفضته؟ لذلك قال تعالى (الحمد لله رب العالمين) صفاته (الرحمن الرحيم) أهم شيء بعد صفات الكمال هذه (مالك يوم الدين) فإذا أردت أن تبتعد عن معصية عليك أن تتذكر هذه الكلمة (مالك يوم الدين) ونذكركم أيضاً باختلاف القراءات في هذه الآية هناك قراءة (مالك يوم الدين) وقراءة (ملك يوم الدين) أيها نأخذ؟ الاختيار في منتهى الإبداع لما تختار القراءة، قد يختار أحدهم (ملِك يوم الدين) لأن الملِك يتعدى ملكه إلى ملكك، فالملك يملك حاجته ويتعدى ملكه لكل رعيته وكل مملوك، هذا الملِك، فقد يكون عندك قطعة أرض ويأتي الملك ويؤممها لك فماذا تفعل؟ إنما المالك لا يملك إلا حاجته، إذا وقّعنا هذا الكلام على الله سبحانه وتعالى تجد أن مالك يوم الدين أفضل من ملك يوم الدين. المقدم: لأن كل ما في الوجود مِلكٌ لله. د. هداية: أيهما أقوى بعيداً عن الله تعالى ملك أو مالك؟ المقدم: كلُغة، ملك أقوى. د. هداية: إذا خيّرتك أيها تريد أن تكون ملك أو مالك؟ تقول ملك حتى يكون كل شيء لي لكن إذا وقّعناها على الله عز وجل تكون مالك أقوى لأنه في ذلك اليوم لن ينازعه أحد. لأنك لما تسلِّم له هذا قمة توقيع معنى العبودية (إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ (11) العاديات) هل هو خبير بهم فقط في هذا اليوم؟ أليس خبيراً بهم في غير هذا اليوم؟! هو سبحانه خبير بهم دائماً لكن الآية معناها أنه حتى الذي كفر بالله لن يتمكن من الكلام بل وسيسلِّم لله تعالى أنه هو الخبير ألم يصفهم الله تعالى بقوله (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12) السجدة) يطلبون من الله تعالى أن يعيدهم ليعملوا صالحاً، لكن الآية لها توقيع آخر (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ (100) المؤمنون) ألا زلت تتمنى؟! هذا نطق بالحق وهذا نطق بالحق (إنا موقنون) هذا كاذب لأن اليقين لا يكون أبداً رأي العين. لا تقول أنا على يقين أن هذا فنجان مثلاً لأن هذا الأمر لا يحتاج إلى يقين ليس مع العين أين إنما أنا على يقين أن الله واحد وعلى يقين أن محمداً صلى الله عليه وسلم، اليقين بالغيبيات ولذلك أول سورة البقرة (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) عندما قال (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)) أول توصيف للمتقين (الذين يؤمنون بالغيب) هؤلاء الموقنون. أسأل سؤالاً من هو المتأكد مائة في المائة أن هناك آخرة؟ مسألة الإيمان باليقين بالغيب تبدأ من مرحلة الظن لا من مرحلة اليقين، الذي أخذ كتابه بيمينه سيقول (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) الحاقة) لم يقل إني علمت أني ملاق حسابيه، أنا لا أعمل من مرحلة اليقين وإنما من مرحلة الظن. هناك أربع درجات للإدراك العلم وهو إدراك اليقين عندما أقول أنا علمت القضية يعني قرأتها كلها واستوعبتها وفهمتها العلم إدراك اليقين ونسبة العلم هنا مائة في المائة، الظنّ إدراك الطرف الراجح، الوهم إدراك الطرف المرجوح، الشك تساوي الطرفين. هناك قضية ما وهناك أربعة أشخاص أحدهم احتضن القضية مائة في المائة فهو يعلمها، وشخص آخر يعلم القضية 60 في المائة وليس لديه فكرة عن 40 في المائة منها فهذا ظانّ، وآخر 60 في المائة جهل و40 في المائة علم هذا واهم وآخر 50 في المائة علم و50 في المائة جهل هذا شاكّ، بعض العلماء وضعوا الجهل مع هذه التصنيفات لكن نقول له الجهل ليس درجة علم. أرسل لي أحدهم مرة يقول أننا نسينا الجهل لكننا لم ننسه وإنما الناس أخطأت فالجهل ليس درجة علم بل هو صفر في المائة علم. البعض قسّم درجات الإدراك إلى خمسة أقسام: العلم والظن والوهم والشك والجهل، يجب أن يخرج الجهل خارج التقسيمات أننا نتكلم عن الإدراك والإحاطة، باقي التقسيمات الأربعة كلها فيها درجات علم (100%، 60%، 40%، 50%) لكن الجهل ليس فيه علم مطلقاً. العلم إذن إدراك اليقين والظن إدراك الطرف الراجح وهو أقرب نسبة للعلم والوهم إدراك الطرف المرجوح والشكّ تساوي الطرفين. الظانّ أعلى من الشاكّ لذا جاء في الآية (إني ظننت أني ملاق حسابيه) لها معنيان: وهو في حضرة علاّم الغيوب لا يمكنه أن يقول إني علمت أني ملاق حسابيه هذا عيب، لأن علمه كله هو بفضل الله تبارك وتعالى، والمعنى الآخر أنه هو بدأ يتحرك لليقين من نسبة 51% المقدم: لكنه لم ينل الجنة إلا بعد أن وصل إلى مائة في المائة لأن القرآن الكريم يقول (إن الظن لا يغني عن الحق شيئاً) د. هداية: لكنه هو تحرك من نسبة 51% وهذا الذي سيأتيك ويقول لك أن واثق أن هناك آخرة في مسألة (الذين يؤمنون بالغيب) لأن الكلمة لما نفلسفها هذا غيب فكيف تؤمن به؟ الصدّيق كيف صدّق قصة الإسراء؟ لو صدّقنا كلام الصدّيق نعرف معنى (يؤمنون بالغيب) لما سألوه لماذا تصدق محمداً صلى الله عليه وسلم؟ قال لهم أنا أصدّقه وهو يأتي بخبر السماء وهو غيب فسأكون رجلاً غير صادق إن كذّبته في مسألة الإسراء والقرآن الكريم قال في هذه الحادثة (سبحان الذي أسرى) الصديق قال الكلام هو الذي أصاب كبد الحقيقة لأن محمداً صلى الله عليه وسلم أُسري به والذي أسرى لم يقل سبِّحوا الذي أسرى وإنما (سبحان الذي أسرى) أنت في هذه المسألة لن تعرف أن تُسبِّحه. إذن الإيمان بالغيب نأخذه قال الله وقال رسول الله ولا تجتهد أنت ولذلك لما جاءت الآية علّقت على الذي يرفض القرآن أو يرفض المنهج ويعمل على هواه قال (بل اتّبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم) لأنه لا يمكن أن يكون هناك علم في الأهواء ولكل واحد هواه فالهوى لا يمكن أن يكون عن علم ولا عن منهج ولا عن استراتيجية ولا غيره. فترى الذي يتّبع هواه كل مرة يتصرف على شكل، لكن المنهج من السماء المُتقي تعريفه ثابت وأهل الصلاح تعريفهم ثابت أهل الجنة تعريفهم ثابت وأهل النار تعريفهم ثابت القضية في التلقّي أنا أتلقى القرآن لما أسمع مثلاً (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)) الإنسان المؤمن يقول سبحان الله كله من عطاء الله بينما آخر يقول لك هل تقول لي أن الله قال لواحد إذهب إلى الخمّارة؟! المقدم: ربنا سبحانه وتعالى يؤكد في آخر الآية (وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) د. هداية: (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ) أنت ماذا تريد؟ هل تريد الخير أو الشر؟ (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) الشمس) الفاعل يعود للمولى عز وجل ثم قال تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)) الجزاء في الآخرة متوقف على اختيار الإنسان. المقدم: هناك صنفان في غاية السهولة أنت تريد الخير وفاهم الخير بشكل صحيح أن تعيش في الدنيا بالحلال د. هداية: أذكرك بآية (يا ليتني قدمت لحياتي) المقدم: إذا كنت تريد الآخرة وسعيت لها سعيها وأنت مؤمن فالله تعالى سيعطيك الآخرة والصنف الآخر الذي يريد العاجلة ينقسم إلى صنفين صنف يعرف أن المخدرات حرام والسجائر حرام والاحتكار حرام ويقول أنا أريد الدنيا يكون هو الذي اختار، والبعض يكون قاتل مأجور ولما تقول له هذا حرام يقول لك أنا نصيبي هكذا وهذا شغلي هذا يعرف أن الشر شر ويأخذه هذا ربنا يهديه ويهدينا أجمعين، وصنف آخر الذي يريد العاجلة لكنه يرى في العاجلة خير وغرّته الدنيا ولا يريدها من حرام إنما يريد أن يرزقه الله تعالى الملايين من حلال ويريد أن يكون لديه أولاد بالحلال لكنه يريد دنيا وكل ما يشغله هو الدنيا ولو أصاب تجارته شيء تجده مهموماً وقد يصاب بالذبحة، هذا لا ينوي الشر إنما يريد الدنيا وهو يقول ربنا طلب منا أن نجتهد وأنا أجتهد وتجده كل وقته في العمل وقلبه مشغول بهذه المسألة. هل هناك شيء ناقص جعلت هذا الشخص يغترّ بالدنيا فتشغله بحيث لم يعد عنده وقت للتفكير في الآخرة؟ المقدم: هناك من يريد الآخرة ولا يريد شيئاً من الدنيا وإنما يسعى للآخرة سعيها وهناك صنف يعرف الشر ويعرف الحرام ويعمله ويريد أن يعيش الدنيا نسأل الله له الهداية لكن هناك صنف آخر يريد العاجلة لكنه لا يرى فيها شراً وإنما يرى الخير والرزق والأموال والمزارع هذه مُتَع حلال لم يحرمها الله تعالى، هو يعمل ويجتهد ويجمع أموالاً من حلال وربنا وفقه لكنه ابتدأ هذا الموضوع يشغله لدرجة أنه نسي الآخرة ولم يعد عنده وقت للطاعة ولا الصلاة في وقتها ولا الذِكر، هل هناك عملية استغراق أو عملية تزيين أو زيادة في الجرعة بحيث أنه لم يعد يتذكر الآخرة؟ د. هداية: نقف عند سؤالك الأول أن كل الذي عنده حلال لكنه كلها مُتَع، هو يستمتع بماله ويسكن في فيللا ويسافر إلى بلدان مختلفة ويصرف كل هذه أشياء له، أسألك سؤالاً: هل يؤدي ما عليه من التوحيد والعقيدة السليمة وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام؟ المقدم: هو يُخرج الزكاة لكنه لا يفكر إلا بعمله د. هداية: أنت تقول أمراً خطيراً تقول أنه لم يعد يفكر في الآخرة، هل هو يُصلّي أو لا يصلّي؟ المقدم: إذا كان لا يصلّي فقد حُسم الأمر د. هداية: لو كان يتمتع بالدنيا ويؤدي كل الذي عليه من واجبات وطاعات فهو في درجة جيدة في الجنة لكن هناك درجة أحسن. المقدم: هل الأحسن هو الذي يزهد في الدنيا؟ د. هداية: الذي يتزهّد فيها لأننا نستعمل الكلمة خطأ (يزهد). يتزهّد يعني أنا قادر أن أسكن في قصر مثلاً لكن أقول يكفيني شقة جيدة في مكان جيد والفرق للصدقات لكنه سيكون الفرق لي في الآخرة. سؤالك واسئلتي يحلهما الآيتان اللتان معنا (من كان يريد العاجلة) هذا أراد العاجلة والثاني (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن) بماذا سعى لها. سعى لها في الدنيا لكنه لم يريدها، أنا أعيش في الدنيا لكني لا أحتاجها، فرق بين الذي يريد الدنيا ويقول لك أنا أريد الدنيا وأعمل الذي عليّ من طاعات هذه قلة أدب مع المولى عز وجل لأن المسألة ليست هكذا، هل ينفع أن أصلي الظهر مثلاً فأقول لله تعالى ليس لك عليّ شيء من الآن إلى العصر؟! المقدم: إن حياتي كلها وصلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. د. هداية: انظر كيف كان يفتتح الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة (إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا من المسلمين) في الدعاء وفي الآية (وأنا أول المسلمين) أنا لست لنفسي وأنا في الصلاة، فصلاتي أنا ونسكي أنا ومحياي ومماتي أنا ليس لي ولا للدنيا وإنما لله رب العالمين. لو ركزنا في هاتين الآيتين سنحل مسائل كثيرة عالقة عند المشاهدين (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) هذا أرادها ولم يعشها العاجلة هي منتهى أمله. المقدم: هذه مثل المثل الشعبي الذي يقول (الدنيا في قلبه) لكن هناك من يقول الدنيا ليست في قلبي وإنما في يدي. د. هداية: تماماً وهناك دعاء بهذا المعنى "اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا" "اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا" في أيدينا لأنه من يريد الآخرة ويسعى لها سعيها سيسعى في الدنيا لكنه لا يريدها، نأخذ المحتاج والغني سبيلاً للآخرة. لما يسألك المولى تعالى هل زرت هذا المريض؟ يقول لك لو عُدته لوجدتني عنده، يعني وأنت ذاهب لزيارة المريض أنت ذاهب لله تبارك وتعالى. نضع الآيتين في سطرين تحت بعض: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) (وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) هذان نقيضان، الذي أراد العاجلة وصارت في قلبه استمتع ولم يترك شيئاً إلا وعمله والذي أريد أن أؤكد عليه هو إياك أن تقول أن أحدهم سيبدأ ممن أراد العاجلة وينتهي مع من أراد الآخرة. المقدم: هل من الممكن أن أحدهم تغرّه الدنيا وهو شاب صغير ثم عندما يصل إلى الخمسين مثلاً يهدأ ويتذكر ويتوقف ويقول ماذا فعلت خلال السنوات الماضية؟! وراجع نفسه وتاب الله تعالى عليه وعاد يذكر الله تعالى د. هداية: على ماذا مات هذا الرجل؟ مات على توبة، قلنا في أول حلقة في حديثنا عن التوبة أن كونك تعيش لغاية أن تقول تبت إلى الله هذه في حد ذاتها فضل من الله، هذه مسألة تحتاج إلى الحمد في حد ذاتها أنني عشت إلى تبت ولم يأت أجلي قبل التوبة. طالما أفاق الإنسان وقال تُبت إلى الله ورجعت إلى الله هذا فضل من الله يسوجب الحمد في حد ذاته. المقدم: ذكّرتني بسؤال صعب جداً سألني إياه أحدهم. واحد انتحر المفروض أن الحكم واحد أن هذا مصيره في النار لأنه قتل نفسه، واحد تعرض لنفس الضغوط النفسية وقرر ينتحر وانتحر فعلاً لكنه وهو ينتحر هناك وسائل انتحار تجعل المنتحر يموت فوراً مثل شرب السُّم أو رصاصة في الرأس وهناك رجل انتحر ويئس من رحمة الله وانتحر بإشعال النار في جسده لكن الناس نقلوه بسرعة إلى المستشفى حتى ينقذوه فأنقذوه وأفاق لمدة نصف ساعة وراجع نفسه فيما فعله من معصية وطلب من الله تعالى الصفح وتاب ثم مات فما وضعه؟ د. هداية: هذا تاب إلى الله، هذه يقاس عليها توبة العاجز التي انقسم عليها العلماء إلى فريقين فريق قال لا توبة للعاجز وفريق قال التوبة توبة للعاجز وغير العاجز. أقول للفريق الذي يقول لا توبة للعاجز أنهم يتكلمون بجهل لأننا في هذه النقطة كلنا جهلة لأن العليم الأوحد في هذا الموضوع هو الله تبارك وتعالى ليس فقط يعلم متى يموت هذا الشخص وإنما عليم - كما ذكرنا سابقاً – مناط عِلم الله أنه سبحانه وتعالى علِم ما كان وما يكون وما سوف يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، توبة العاجز تُقبل ونحن مع هذا الفريق الذي يقول أن توبة العاجز تُقبل بإذن الله بعِلم الله فهذا العاجز لو عاش هل كان سيتوب أو سيبقى على ما هو عليه هذا بعِلم الله تبارك وتعالى ولذلك لا يمكنني أنا أن أقول أنه ليس له توبة. بدليل فرِّق بين الذي انتحر ومات فوراً والذي انتحر ثم أفاق لنصف ساعة، ما الفرق في عطاء ربنا لهما؟ المقدم: أن هذا ربنا أمهله وهذا لم يمهله. د. هداية: لأنه سبحانه وسبق في علمه أن الأول لا فائدة منه وأما الثاني ففيه فائدة, والله تبارك وتعالى لا يظلم أحداً لذا علينا أن نسلِّم لله تبارك وتعالى بما قضاه وما قدّره وهذا عين قضية القضاء والقدر. القضاء والقدر عبارة عن أنك تسلِّم لما أراده الله تبارك وتعالى لا أن تستسلم. هناك فرق بين أسلِّم لما قضاه أو أستسلم لما قضاه الله فيقول أحدهم أنا لن أعمل طالما أن الله قضى عليّ الفقر أو الذل. القضاء والقدر الشطارة أنني أسلِّم. ولهذا الرجل في قمة الإيمان إسمه مسلم الذي هو مسلِّم لوجه الله تعالى بعد أن تدرج من الإسلام إلى الإيمان إلى التقوى إلى الإحسان ثم إسلام الوجه لله تبارك وتعالى التي هي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) آل عمران) قال مسلمون لم يقل مؤمنون ولا محسنون ولا متّقون إذن إسلام الوجه لله هي أعلى درجات الإسلام كدين وديانة وشرع. المقدم: جزاكم الله كل خير. وإن شاء الله تعالى في الحلقة القادمة نوضح للناس بأمثلة تطبيقية كيف يكونوا من الصنف الثاني ((وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) لأن هناك كثيرين يقولون أن الغرب فيه أناس كثيرة تحسن العمل وتتقن العمل. د. هداية: هذه عظمة (وهو مؤمن) وعليه أن يريد الآخرة. المقدم: كيف نكون من الذين يريدون الآخرة ونستغل الدنيا كي تكون وسيلة للآخرة وليست غاية. الآية التي تكلمنا عنها التي تتكلم عن مباهج الدنيا كلها وتكبر عندك الأموال والأولاد والشغل ستلهيك عن ذكر الله وتجعلك ضعيفاً تجعل الدنيا في قلبك بحيث لو كان هناك من المسليمن من يحتاج نصرتك كإخواننا في غزة تقول أنا أريد أن أربّي العيال ولا أريد أن أدخل في معركة خاسرة وتبقى على مُتَع الدنيا وتظن أن الجهاد مسألة صعبة وسيخرب بيتك وفلوسك واقتصادك وهذا الكلام ينطبق على الأفراد وعلى الأمم والجماعات. والدماء التي تُراق كل يوم للأسف صرنا نتفرج عليها على الفضائيات كالمسلسلات، هذه الدماء في رقابنا جميعاً لأن الدنيا أصبحت في قلبونا وليست في أيدينا، يا رب سلِّم. نلقاكم في الأسبوع القادم بإذن الله، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. بُثّت الحلقة بتاريخ 3/2/2009م |
التوبة والاستغفار 97 تقديم علاء بسيوني المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. موعد لقاء جديد نخطو فيه خطوات على طريق الهداية. تذكرون أننا في رحلة وارتحال مع آيات سورة الإسراء ونستخرج المعاني والدلالات من الآيات. ذكرنا سابقاً أنه من أهمية النيّة أنه ليس من قبيل الصدفة عندما تفتح صحيح البخاري أول ما تجده في أوب باب (إنما الأعمال بالنيات) هذا الكلام نذكره لأنه متعلق بسلامة العقيدة لأن العقيدة السليمة تبني إنساناً سليماً فاهم الدنيا صح وعارف أن الدنيا وسيلة أو مطيّة أو طريق يذهب به للمستقر الأخير الذي هو الآخرة إما يمين وإما شمال ليس لهما ثالث. يتكلم المولى تعالى في السورة عن الإرادة البشرية المستعجل الذي يريد العاجلة أن يأخذ كل متعه ونصيبه في الدنيا يأخذه والذي يريد الآخرة لكن يعمل لها الشغل المطلوب حسب المنهج يأخذه، إذن إبن آدم هو الذي يختار حقيقة فلا يلومنّ إلا نفسه. كيف نفرق بين أننا نريد الآخرة لكن في نفس الوقت نعمل في الدنيا حتى لا يقول لنا أحد إذن العقيدة الإسلامية أن تجلس على شجرة أو نخلة ولا تعمل ولا تشتغل وانتظر حتى تكون غريباً في الدنيا وتذهب للآخرة على طول، هذا الكلام غير منضبط وغير صحيح ويحتاج إلى ميزان حساس نضبط به الأمور، ما هو هذا الميزان؟ نبدأ بسم الله الرحمن الرحيم ونرحب بفضيلة الدكتور محمد هداية. الكلام الذي ذكرته سابقاً يمكن أن نضيف له حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "كُن في الدنيا كغريب أو عابر سبيل" بعض الناس يمكن أن تفهم من هذا الكلام أن المطلوب أن نترك الدنيا تماماً لا نحتاج منها لشيء والمُتع الحلال التي قال تعالى أنها موجودة وأنه يمكن أن نستمتع بها وهي زينة الحياة الدنيا، هل هذا معناه يجب أن أترك الدنيا لأشتري الآخرة؟ أم أنه هناك طريقة لشراء الآخرة والتعامل مع الدنيا وهذه الطريقة موجودة بشكل جميل جداً في آيات سورة الإسراء (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)) د. هداية: الكلام الذي ذكرته مهم جداً أن تفهم الناس أننا نمضي بين رأيين الرأي الأول خذ الدنيا كلها والرأي الثاني التزهد الكامل وترك الدنيا والاستعداد للآخرة من الآن، هذا الكلام غير صحيح، لا الرأي الأول صحيح ولا الرأي الثاني. الآيات في سورة الإسراء لو تدبرناها تجد أن الله تبارك وتعالى بالصياغة البلاغية في القرآن أراد أن يوضح لنا حقيقة الأمر. عندنا آيتان، هاتان الآيتان تتكلمان عن أناس طلبوا الدنيا وأناس طلبوا الآخرة، الصياغة لوحدها تبين لنا المفهوم الصحيح في هذا المطلب والمفهوم الصحيح في هذا المطلب. قبل أن أشرح ألفت النظر لنقطة مهمة، عندنا آياتان آية تتكلم عن أولئك الذين يطلبون الدنيا التي سُميت الحياة فيها العاجلة والمطلب الثاني في الآية الثانية أولئك الذين يطلبون الآخرة. هل انتبهنا لصياغة الله تبارك وتعالى في الآيتين ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ) وعندما تكلم عن الآخرة قال (وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ) يجب أن أقف عند سؤال لماذا لم يقل من أراد العاجلة في الآية الأولى أو قال ومن كان يريد الآخرة في الآية الثانية؟ يجب أن نقف عند نقطة بيانية في مطلع الآيتين، اختلاف الصياغة واضح وله هدف. لما نسمع (من كان يريد العاجلة) و (ومن أراد الآخرة) نجد أن فعل الإرادة في طلب الدنيا في الآية الأولى مضارع وفي الآية الثانية ماضي فيجب أن أسأل نفسي لماذا أطلق الله تبارك وتعالى على من يطلبون الدنيا المضارع (من كان يريد العاجلة)؟ وساعة أراد سبحانه وتعالى أن يصف أهل الجنة أو أهل الآخرة قال (ومن أراد الآخرة) لم يقل هناك يريد الآخرة ولم يقل في الأولى ومن أراد العاجلة. الفعل الماضي في آية الآخرة (ومن أراد الآخرة) في العاقبة الحسنة يؤكد أن الذي يطلب الآخرة طلبه ثابت لا يتجدد أراد ومن ساعة ما أراد هو منضبط بدليل لو أراد الآخرة ثم تزعزع إلى الكفر أو العصيان أو الشرك أو الفسق ومات على ذلك لن يكون ممن أرادوا الآخرة. يعني إذا اهتز في عقيدته أو في أعماله خرج من أولئك الذين أرادوا (بالفعل الماضي) إذن الذي طلب الآخرة يجب أن يكون قد طلبها عن قصد ولذلك لم يقل ومن أراد الآخرة نعطيها له وإنما اشترط شرطين شرط واضح وشرط ضمني، الشرط الواضح (وهو مؤمن) والشرط الضمني (وسعى لها سعيها) إذن هناك سعي محدد للآخرة لا يختلف باختلاف الساعي وإنما هو ثابت، إذا اختلف باختلاف الساعي سيكون فقط في الدرجة. المقدم: هذه نقطة مهمة في الدرجة. مسألة أنه ثابت على المبدأ وأنه لو تزعزع عن المنهج سيذهب في داهية، لكن كل ابن آدم خطاء وهناك كثيرون يمكن أن يكونوا قد فهموا العقيدة بشكل صحيح وأن الحياة الدنيا مشوار وأنه يريد الآخرة لكن مع ضغوط الحياة يضعف، مسألة المال قد يكون قد أدخل مبلغاً من حرام أو أخذ مبلغاً ما عمولة فيها شبهة رشوة، نظر نظرة لامرأة جميلة، زوجته تنكد عليه فتكلم مع زميلة له لم يزني بها وإنما تكلم معها فقط، أنا أتكلم عن ملايين تفعل هذا السؤال هل بهذه الأخطاء تكون قد فسدت نيتنا أو أننا ما زلنا مخلصين لكننا نقول يا رب نحن ضعفاء وغير قادرين؟ د. هداية: المهم هل نصحح أم لا؟ نحن كلنا نخطيء ليس هناك من لا يُخطيء، نحن لا ندّعي أننا ملائكة لكن هل نستمر على المعصية أم أننا نرجع؟ هذه هي القضية. القرآن يقول (فأما من ثقلت موازينه) و (وأما من خفت موازينه) إذن سيكون هناك ميزان، المسألة في النهاية هل ستأتي مؤمناً؟ أنت ستأتي مؤمناً والعقيدة سليمة إذن سنزن. المقدم: بداهة حتى لو مؤمن تأتي ومعك سيئات د. هداية: أكيد وإلا ما قال (فأما من ثقلت) يعني هناك كفة رجحت عن كفة يعني كل كفة فيها شيء ولكن كفّة الحسنات أكثر فرجحت. هذه النقطة التي تكلمت فيها هي سبب قسمة القرآن للأمور على اثنين والآية التي معنا أكبر دليل (من كان يريد العاجلة) وقال في المقابل (ومن أراد الآخرة) ليس هناك صنف ثالث، (فأما من ثقلت موازينه) (وأمت من خفت موازينه)، (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه)، (إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم) (أولئك هم خير البرية) (أولئك هم شر البرية) يعني المسألة مقسومة على اثنين. الصنف الذي أراد الآخرة هو الذي سيوزَن وسترجح كفة الحسنات المهم أنه في الجنة وقلنا سابقاً أن أقلّ الجنة جنة وأقل النار والعياذ بالله نار. الآية توضح نقطة مهمة في الذي تقوله أنت، أنت تقول أنا أخطأت، أنا أحيا فأنا أخطيء، هنا قال (من كان يريد العاجلة) جاء بصيغة الفعل المضارع ليعطي معنى التجدد أنك يمكن أن تعود فتطلب الآخرة لأنه لو قال (من أراد العاجلة) لا يكون هناك رجوع كأن المولى عز وجل من رحمته بنا ولأنه شرع التوبة في بداية الدنيا في معصية آدم عليه السلام صاغ الفعل المضارع لتجدد المسألة وكأنه يفتح لنا باب التوبة كل يوم، حتى لو أنك لو طلبت الدنيا وأخذتها ثم رجعت إرجع وستكون هنا (ومن أراد الآخرة). لما نأخذ الآية (من كان يريد العاجلة) ججاء بالفعل المضارع لأنه يفيد الحال والاستقبال فيعطي معنى التجدد فإذا طلب أحدهم الدنيا اليوم وغداً وبعد غد لكن هناك من سيطلب الدنيا ثم يستفيق فينفع معها الهداية والدعوة أو آية قرأتها أو موقف فبدل أن يجدد غداً طلب العاجلة يكون ممن أراد الآخرة. لماذا سميت العاجلة هنا؟ وعندما يأخذها يقال (عجلنا له فيها) لم يقل نعطيه إياها وإنما طالب العاجلة يُعجّل له، هذا يفرحه لكن قال بعدها (ما نشاء لمن نريد) يعني ليس كل ما يطلبه سيأخذه. (ما نشاء لمن نريد) قيّدت من يأخذ العاجلة ومن لا يأخذها حتى لو طلبها فمنهم من يطلب العاجلة ولا يأخذ منها شيئاً. المقدم: هل هذا نوع من رحمة ربنا؟ د. هداية: لا، لأن هذا الذي فشل في الحصول عليها سيبقى وراءها بالفعل (يريد) إن لم يطلب الآخرة. المقدم: ما الفرق بين الاثنين؟ بمعنى ربنا يعجل لأحد طلب ولا يعجل لآخر طلب، ربنا يعجل لأحدهم بأن أعطاه مال وسيارات وغيرها فاستمتع هذا وعاش أياماً جميلة والمفترض أن هذه الأمور أثرت عليه فاغترّ كأنه ملك الدنيا كلها ومن الطبيعي أن هذا الغرور لا يجعله يستفيق إلا من رحم ربي فيموت على هذا ويكون إلى جهنم، أما الذي طلب الدنيا ولم يعطيه الله شيئاً فما استمتع ولم يغتر بشيء لكنه بقي على حاله يطلب الدنيا. د. هداية: ماذا عمل هذا الشخص؟ إذا استمر في طلب العاجلة فهو ليس ممن أرادوا الآخرة. الفضل يكون عندما يطلب أحدهم الدنيا ولا يعطيه الله شيئاً فيعود ويطلب الآخرة هذه تكون إشارة من الله تعالى وهذا يحصل هناك من يكون مقبل على معصية والظروف تعطلها له فينقسم الناس إلى قسمين قسم يصر ويصر حتى يعملها أو يموت وهو لم يحققها وقسم يقول طالما لم تُحقق فالحمد لله واستفقت فأكون ممن أراد الآخرة ويجب الانتباه أنه كلما ذكرنا إرادة الآخرة يجب أن تكون بصيغة الفعل الماضي (من أراد الآخرة) لأن الذي أراد الآخرة اليوم يجب أن (وسعى لها سعيها) الآخرة لها سعي ولها طريق ثابتة وهذا الثابت يحتاج منا إلى عمل وثبات وعمل معين ولهذا لفت نظرنا إلى مسألة قديمة جداً (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)) قال عطاء ربك ولم يقل عطاء الله. المقدم: السؤال المطروح لماذا قيّد الله سبحانه وتعالى المشيئة بالطلب رغم أنه قال أنه سيعجّل للذي يريد العاجلة لكنه وضع شرطين أن هناك من يريد والله تعالى يعطيه وهناك من يريد والله تعالى لا يعطيه؟ ثم قوله تعالى (ما نشاء لمن نريد) يمكن أن لهذا الذي يريد العاجلة يمكن أنه يطلب خمسين ستين طلب المال والجاه والصحة والأولاد والسيارات ويمكن أن يعطيه الله تعالى المال ولا يعطيه الأولاد أو الصحة، فلماذا هذا التقييد أولاً؟ د. هداية: أولاً يجب أن ننتبه جداً للتقييد كيف جاء قال (ما نشاء لمن نريد) هذه تذكرنا بقضية تكلمنا فيها منذ حلقات وهي القضاء والقدر وهذا يرد على الذيت يتكلمون عن حديث الدعاء يرد القدر هذه أحاديث فيها كلام! الأحاديث التي تأتي على غير مراد القرآن يجب أن نقف عندها. هناك رواية "ولا يرد القدر إلا الدعاء" لم يقل يرد القضاء لأن مسألة رد القدر لغوياً غير مسألة رد القضاء لكن لها روايات في الأحاديث الضعيفة "لا يرد القضاء". المقدم: هل الدعاء المأثور اللهم إني لا أسألك رد القضاء وإنما أسألك اللطف فيه صحيح؟ د. هداية: هذا رد القدر لأنه أن تتقبل المسألة هذا رد القدر إذن الرد هنا بأن صاحب الأزمة أو الابتلاء يقوى عليه. المقدم: لكن هل هناك نهي أن أسأل الله تعالى أن يرد القضاء؟ د. هداية: هذا مستحيل، رد القضاء مستحيل عقلاً والقرآن صاغها صياغة يجب أن نعيها (ما يبدل القول لديّ) قول الله تعالى أزلي وليس حادثاً هذا هو القضاء لكن الناس لم تستوعب المسألة لأنهم يقولون لماذا ندعو إذن؟ المقدم: هناك أناس تمسكوا بالآية (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) د. هداية: من الذي يمحو؟ الله تبارك وتعالى. يمحو الله ما يشاء هو سبحانه الذي محى وأثبت وهذا حصل قبل خلق آدم عليه السلام، قضاء الله أزلي وقدر الله أن يقع هذا القضاء. المقدم: فإذن مسألة أن يكون هناك آية تُبدّل وأن الرسول يُنسّاها د. هداية: هذه الآية ليست الآية من القرآن وإنما معجزات، عندنا آيات مفهومة خطأ عند بعض الناس. (من كان يريد العاجلة) هذا واحد طالب أمراً ما (عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) لم يقل عجلنا له ما أراد أو ما طلب، (ما نشاء لمن نريد) هذه التركيبة صيانة للقضاء والقدر، لأن هذا الذي طلب سبق في علم الله تبارك وتعالى أنه لن يصلحه إلا أنه طالب للعاجلة والجزئية التي ذكرتها لبعض الناس الذين لم تأتهم العاجلة فيفيقون ويعودون هؤلاء قِلّة. يجب أن نقف عند الآيات، القرآن الكريم في مواقف العقيدة تكون صياغته بليغة، إسمع قول الحق تبارك وتعالى (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200)) لم يقل آتنا ماذا، (خلاق) هنا بمعنى نصيب، ماذا طلب هؤلاء؟ آتنا كل ما يخطر على بالك في مسألة العاجلة بدليل أنه لم يقل آتنا ماذا. هناك فريق سيقول آتنا في الدنيا وهذا ليس له في الدنيا خلاق، ومنهم من سيقول (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)) المقدم: هل هذه الصياغة هي الميزان الحساس؟ ما هي حسنة الدنيا وحسنة الآخرة؟ د. هداية: نعم، هذا هو الميزان الحساس. يجب أن نقف هنا لنبين كيف نُخطيء وكيف نفهم المسائل خطأ من الأول ونستمر، أولاً هم نسبوا الكلام للرسول صلى الله عليه وسلم وهو ليس للرسول "الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" هذا الحديث فيه كلام لكنه لا يعني حسنة الدنيا وقالوا أن خير متاع الدنيا المرأة الصالحة هذا الكلام لعلي ابن أبي طالب رضي الل عنه وأرضاه، لكن نقف عند من ناقش عليّ إذا كان عليّ قال هذا الكلام فعلاً أن حسنة الدنيا المرأة الصالحة هذا فكر ضيق جداً وأشك أنه قال هذا الكلام، لماذا؟ الكلمة نكرة والنكرة تفيد العموم لو كانت الآية تقول ربنا آتنا في الدنيا الحسنة كانت تعني أمراً واحداً لكن كلمة حسنة تعطي معنى مفتوحاً. الحسن البصري قال أنه لو كانت تعني أمراً واحداً فهي تعني فهم المنهج.الذي عليه يبكي العارف أنه لما أفهم منهجي سأختار زوجة صح وأربي أولادي صح وأتعامل مع الناس صح، هذه المسألة مع سورة الإسراء (وما كان عطاء ربك محذورا) هذا عطاء الربوبية وليس عطاء الألوهية ونحن قلنا أن هناك عطاءان عطاء ربوبية وعطاء ألوهية، عطاء الألوهية المناهج التوراة الإنجيل القرآن أما عطاء الربوبية الأكل والشرب والنوم والسعة والراحة فقال (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)) يجب أن أفهم أن عطاء الربوبية الذي هو مناط الدنيا. المقدم: ربنا يتكلم عن غائبين (هؤلاء) و (هؤلاء) كان من المتصور لغوياً أن يقال (عطاء ربهم) فلماذا وجه الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم (عطاء ربك)؟ د. هداية: الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم ولكل من يستمع، الكاف خطاب للرسول أولاً ولكل من يستمع ولكل من يقرأ ولكل من يتدبر، القرآن يعتني دائماً بالذي يأخذه أو يتناوله هذه عناية إلهية لمن يتدبر فعندما تقرأ أنت تشعر أنه يخاطبك أنت لكن في البداية الخطاب كان للرسول عليه الصلاة والسلام بوصفه نبي هذه الأمة وبالتالي هو القائد الذي نأخذ منه وعنه صلى الله عليه وسلكم لكن لو أنت الذي تقرأ ستفهم وما كان عطاء ربك يا فلان، لا بد أن يهتم بك المولى عز وجل ولهذا يجب أن نفهم هذا الكلام، الناس منقسمة على قسمين ناس طالبة الدنيا وناس في سورة البقرة واعية جداً قِس عليها (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها) التي هي (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة) قال سنأخذ من حسنة الدنيا حتى نحصل على حسنة الآخرة. ما هي حسنة الدنيا؟ العمل الصالح، الرزق الحلال لأن بعض الناس لا تريد أن تفهم أن طالب العاجلة قال له تعالى (من كان يريد العاجلة) هذا سيموت وفي سورة البقرة قبل عنه (وما له في الآخرة من خلاق) خلاق يعني نصيب ليس له نصيب أبداً. لكن (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها) فمن سعي الآخرة أن لا أسرق وأتحرى أن آكل حلال ولا أسرق ولا أغش، هذه أمور دنيا لكني أعملها لأني طالب الآخرة التي هي (وسعى لها سعيها) الهاء التي في (سعيها) تعود على انضباط المنهج أن أنضبط بالمنهج لا بمنهج من عندي حتى لا أفسد الدنيا التي هي (فأقم وجهك للدين حنيفاً) وقبلها قال أن هناك من طلب الهوى في سورة الروم (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم) هذه عكس (وسعى لها سعيها) طالما حدد السعي إذن وفق منهج معين محدد. المقدم: وعندنا (من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى) إذن النفس دائماً تعمل على هواها وكأن الشيطان يريد أن يصارع هذا الهوى منهج ربنا. د. هداية: لماذا؟ لأن الشيطان يتمنى أن يموت الناس على معصية ولهذا جهاد النفس والشيطان أنه هو يطلب منك وأنت ترفض وتعود للمنهج الذي هو (وسعى لها سعيها) والذي هو (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم) وقال بعدها (فمن يهدي من أضل الله) كأنهم لم يسمعوا كلام الله الذي هو عبارة عن مناهج ورسالات بمنهج إفعل ولا تفعل من عهد آدم إلى أن تقوم الساعة. المقدم: نربط الآيات ببعض كأن سورة الإسراء وسورة البقرة فيهما ربط لطيف جداً أن الحسنة في الدنيا التي تكلمت عنها سورة البقرة هي سعيها في سورة الإسراء. د. هداية: كيف تصل إلى الآخةر؟ من الدناي فأنت ماذا عملت في الدنيا؟ أنت سعيت لكن هل سعيت وفق هواك أووفق منهج الله تبارك وتعالى؟ عندنا جملة في كل آية تقيد المسألة بعد أن قال (عجلنا له ما نشاء لمن نريد) وفق القضاء والقدر وفي الثانية قال (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها) حتى الذي طلب الآخرة هو مقيّد (وهو مؤمن). المقدم: الإضافة هنا (وهو مؤمن) المفترض بداهة أنني إذا أردت الآخرة سأكون مؤمناً وعقيدتي سليمة هل ممكن أن أكون أريد الآخرة وأسعى لها سعيها وأنا لست مؤمناً؟ د. هداية: نعم بأن يشغِّل دماغه إذا سألته لماذا تفعل هذا يقول لك لأني أرى أنه لو علمت كذا سأقرب الناس أكثر للإسلام قل له كان الولى قالها فهل أنت أذكى من الرسول؟ حاشاه، الذي يوهمه بالكلام هو الشيطان والنفس تتلقى وهنا يتحقق قول الله تعالى (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) الكهف) سعيهم هذه عكس (وسعى لها سعيها) لما سعوا سعيهم هم ذهبوا مع الأخسرين أعمالاً. المقدم: سعيهم هم على هواهم وسعيها على منهج الله (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون) د. هداية: هاتان الآيتان أنا أعتبرهما حجر ركن وحجر زاوية في مسألة العقيدة، هذه التي تؤجل الحجاب وهذا الذي يماريك في الدخان أو في الخمر نتيجة (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) الكهف) ثم قال (في الحياة الدنيا) كأن سعيهم هذه لا تأتي إلا مع الحياة الدنيا لأنه في الآخرة ليس هناك سعي ولا عمل وإنما الآخرة نتيجة تصل لها بسعيك في الدنيا (سعيها) على وفق منهج الله تعالى لا وفق منهجك أنت. المقدم: سعيها تأتي مع الآخرة وسعيهم تأتي مع الدنيا. المقدم: ربنا سبحانه وتعالى كرر هذه التحذيرات كثيراً مرة سماها العاجلة ومرة سماها الدنيا، دنيا من الدنو والحقارة والدار الآخرة هي الحيوان والحياة الحقيقية وكأن الحياة الدنيا التي تعيشها أشبه بكذبة أنت تعيشها فاصبر للآخرة ومع هذا الناس غرّتهم الدنيا ولا يصبروا ونحن نكرر طلبنا من الناس أن لا يسموا بناتهم "دنيا" لأن فيها وصف بمعنى الدنو فلماذا رغم التحذيرات الناس ما زالت مغترة بالدنيا؟ تحذيرات إلهية مستمرة ومتواصلة في القرآن الكريم ليتدبر الإنسان، عاجلة ونتيجتها بشعة ودنيا من الدنو والدناءة قريبة من الإنسان تغر الإنسان، لا تفعل هذا والآخرة هي بيتك ولو أنك مؤمن حقاً لا ينتهي بك الأمر في نهاية المطاف إلا وأنت في الجنة، ومع ذلك الناس في غيبوبة فما سبب هذه الحالة الغريبة من الغيبوبة؟ د. هداية: عدم التدبر وعدم فهم الآيات على مراد الله (سألني أحدهم وهل نحن نعرف مراد الله؟ نقول نحن نعم نحن نريد أن نعرف، المنهج نزل على مراد الله تعالى) المنهج يبين صياغة الآيات أن هذا منهج. مثلاً قوله تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)) عندنا كلمة العاجلة وكلمة عجّلنا، قبلها ببضع آيات قال (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11)) عجولا، هذه هي العاجلة وعجلنا إذن الكلام يناسب ما تريده أنت. البعض يقول ربنا كتب علي هذا أو ربنا لم يهديني بعد، لا علاقة لله تبارك وتعالى - إن صح التعبير - إلا بهداية المعونة وهداية المعونة تمت بمجرد إرسال الرسول وبمجرد قراءتك للقرآن وبمجرد أنك أتيت من أبوين مسلمين فماذا تريد بعد؟ لا ينقص إلا أن ينزل ملك يأخذ منك السيجارة أو ملك يحجّب واحدة، عندما يقول الناس ربنا لم يهديني بعد فهل كتب تعالى في منهجه إنتظروا حتى أهديكم؟! أبداً. في مطلع الكتاب قال (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) عليك دور يجب أن تعمله حتى يهديك الكتاب وهو أن تتقي. المقدم: عندما يمرض الإنسان ويحتاج إلى مضاد حيوي بعض هذه الأدوية يقول لك الدكتور أنها تؤخذ على معدة فارغة بينما هناك مضاد حيوي آخر يجب أن تأخذه بعد أن تأكل، هناك اشتراطات للدواء حتى يأتي بنتيجة إذن علينا أن نفعل شيئاً حتى نسنفيد من المنهج. د. هداية: أنا دائماً أردد هذه الآية (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس) من الذي ألهم؟ ربنا سبحانه وتعالى، إذن هذه هي هداية المعونة. عندنا هداية الدلالة من الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه فيها هداية معونة أن أرسله ربنا سبحانه وتعالى لنا وأعظم شيء في القرآن في سرة الإسراء أنه قال (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)) هذا عدل. الرسول يهدي هداية الدلالة إلى الطريق الصحيح والمنهج الصحيح وهذه فيها معونة أن الله تعالى أرسله وهناك هداية معونة أخرى أن يأتي أحد يشرح لك القرآن، أحد يعلمك لغة، هناك من يرى هذه الحلقة مثلاً ويتحول عنها ويتفرج على رقص وغيره هل سينزل عليه ملك يمنعه من تغيير المحطة؟! قال تعالى (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)) ألهمها يعني بيّن لها، بيّن لها الفجور حتى تجتنبه وبيّن لها التقوى لتتّبعه لأن التقوى هذه وسيلة وسلاح تلقي القرآن (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين). ثم قال تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)) قسم الناس إلى قسمين واحد أفلح أنه زكّى النفس وواحد خاب أنه لم يزكِّ النفس بل دسّاها. في هذه الآيات هناك فاعل وفاعل، الفاعل الأول الله تبارك وتعالى لكن الفاعل الثاني أنت ولهذا قلنا لهم في رمضان أنتم تصدقون مسألة صُفِّدت الشياطين وتفهمونها أن ربنا سبحانه وتعالى يصفِّد الشياطين إذا كانت كذلك فلماذا تأخذ الأجر أنت؟ ماذا تكون فعلت أنت.؟ هذا يكون عكس كلام القرآن (أفحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) وإذا كانت الفتنة في الأيام العادية معقولة فيجب أن تكون في رمضان أشد وأصعب إذن عن ماذا تصوم؟ الناس إما أنها متراخية لا تريد أن تعمل مثل مسألة الحج عن الغير والعمرة عن الغير هم يتصورون هكذا، الذي يموت ماذا يفعلون له؟ الحج أو العمرة فقط والصدقة الجارية لكن كيف تزكّي نفس الميت؟ أو كيف يتلقى القرآن بشكل صحيح؟! المسألة انتهت، كيف يذهب له العمل؟! هم تركوا الآية الواضحة وضوح الشمس وذهبوا لأحاديث لم يفهموها الحديث صحيح بدليل أنه يقول "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث" من ثلاث من عمله، صدقة جارية أجراها هو أو علم ينتفع به هو تركه أو ولد صالح يدعو له هو الذي جعله صالحاً فالمسألة تحتاج إلى وقفة فيقول لهم القرآن (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) (وسعى لها سعيها) تذكرنا بـ (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يُرى) يُرى هنا ليس بمعنى يُشاهد وإنما لازم معنى كلمة يُرى هو يُفرز فالذي كان خالصاً لوجه الله يُقبل والذي لم يكن خالصاً لوجه الله أو فيه رياء أو سمعة يُرفض وقال تعالى في الحديث القدسي: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل لي عملاً أشرك فيه معي غيري فأنا منه بريء وهو للذي أشرك" ولهذا لما قسم الناس إلى قسمين قال في البقرة (ومن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا) ولم يقل آتنا ماذا؟ إذن هو لم يطلب أي حسنات بدليل أنه قال (ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة) الأول لم يقل كلمة حسنة، لو طلب حسنة في الدنيا ربما كانت قادته إلى الخير لكنه تعالى قال (وما له في الآخرة من خلاق) لأنه لم يطلب حسنة وإنما قال (ربنا آتنا في الدنيا) لم يقل ماذا طلب لكن طالما الفريق الثاني طلب في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة يعني الأول لم يطلب حسنة وإنما يطلب شراً فهل تريدون أن تحجوا عنه؟! المقدم: تذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته لمن هاجر إليه": المسألة جاءت من منهج لذلك لما تكلم عن الآخرة قال (وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) قال (أولئك) ولم يقل هؤلاء كأنه يريد أن يقول لنا أن هؤلاء منزلتهم بعيدة لا يأخذوا إشارة القريب منزلة بعيدة المنال صعبة يجب أن تتعب حتى تكون منهم (فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا). تخيل المولى تبارك وتعالى يقول (ولئن شكرتم لأزيدنكم) انظر لما تشكر أنت لما يشكر أحدنا الآخر يكون الآخر سعيد جداً فما بالك عندما الله تعالى يشكر؟! (فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) هؤلاء سعيهم مشكور من ربنا سبحانه وتعالى! هل وضع أحدنا نفسه عندما يرتكب معصية يخرج من هؤلاء إلى هؤلاء لأجل هذه الكلمة (فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا)؟ المقدم: رضي الله عنهم ورضوا عنه د. هداية: هذه الآية فيها إشكالية ضمائر وأسمع لها شرحاً غريباً جداً. الآية في سورة البينة، البينة رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة هذا توصيف الرسول، في سورة الإسراء قال (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) الرسول يبين لك ويوضح لك كل شيء. لما تكلم تعالى في سورة البينة قسم الناس إلى قسمين (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)) رضي الله عنهم الفاعل ربنا تعالى رضي عن الناس، (ورضوا عنه) يقولون رضوا عن ربهم، هذا لايمكن فمن أنا حتى أرضى عن الله تبارك وتعالى؟! رضوا عنه هنا الضمير يعود إلى الجزاء هم رضوا عن الجزاء وعن الجنة (جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)) رضي الله عنهم فأعطاهم هذا الجزاء ورضوا هم عن هذا الجزاء، لو كان رضوا عنه يعني عن ربنا لقال ذلك لمن خشيه ولكنه قال (ذلك لمن خشي ربه) يعني ترضى عن الجزاء. إذن الرضا عن الجزاء يتحقق لك الجزاء بأنك كنت تخاف المولى عز وجل. رضي الله عنهم لكن أنا أرضى عن ربنا؟! عندما رضي الله تعالى عني عبدته فالعبادة رضى لكن ليس رضى مني ولكن رضى من الله تعالى، العبادة لله على مراده فيّ رضى من الله فيّ أنا. قال تعالى (جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)) رضي الله عنهم فكان هذا الجزاء ورضوا هم عن الجزاء لأنهم خشوا الله تبارك وتعالى (ذلك لمن خشي ربه) المسألة ليست رضى عن الله وإنما رضى من الله تعالى أن عبدته فالعبادة رضى لكن رضى من الله تعالى لكن أنا أرضى عن الله؟! هل تريد أن تفهمني أن الكافر ليس راضياً عن الله؟! دعه ينفجر! الكفر عبارة عن أول إثبات لله تبارك وتعالى دون أن يشعر الكافر وضربنا مثالاً سابقاً أنك أنت دائماً لا تستر إلا موجوداً لو زرتك وأهل بيتك غير موجودين لا تقفل الأبواب لكن لو زرتك وأهل بيتك موجودون ستغلق الأبواب وتستر الموجود هذا البنسبة للبشر لكن بالنسبة للمولى الكافر يثبت وجود الله تبارك وتعالى لأن كونه يقول لك أنا أكفر بالله قل له شكراً أنت اعترفت أن هناك إله، الله واجب الوجود فأول جنود الإيمان الكفر. الذي يقول أنا غير مقتنع بإلهك هذا قل له شكراً أنت أثبت وجوده. لذلك رضي الله عنهم ورضوا هن عن الجزاء لأنهم برضى الله عنهم عبدوه وخافوه لذلك قال في خاتمة السورة (ذلك لمن خشي ربه) لو الضمير في رضوا عنه عائد على ربنا لقال ذلك لمن خشيه لكن رضي الله عنهم ورضوا عن جزاء الله فيهم ذلك لمن خشي ربه أساساً الطريق بدأ من هنا من خاتمة الآية أن الإنسان خاف الله تعالى فمشي على المنهج فكان له الجزاء يوم القيامة الجنة فرضي كما قال تعالى (فهو في عيشة راضية) وقلنا سابقاً إذا كانت العيشة راضية فكيف بالذي يعيشها؟ سيكون في منتهى الرضا لكن رضى عن المنهج ورضى عن الجزاء ورضى عن الجنة وليس رضى عن الله تبارك وتعالى. المقدم: نختم بسؤال نجيب عنه في الحلقة القادمة: عندما وصف عقاب الذين يستعجلوا قال (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) الإسراء) قال جهنم وقال مذموماً ومدحوراً وقال (ثم) للتراخي حتى يتيح الفرصة. د. هداية: هذه (من كان يريد العاجلة) حتى يعمل المضارع أن هناك أمل في التوبة. ربنا سبحان وتعالى راضي بنا لدرجة لكننا نحن لسنا راضين عن أنفسنا. المقدم: لكن الفريق الثاني (وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) وتركها لخيال البشر تخيل لو سعي الإنسان ربنا سيشكره عليه فتخيل شكل الجزاء وشكل الجنة رغم أن القرآن مليء بوصف الأنهار وغيرها. انتهى الموضوع (كان سعيهم مشكوراً). د. هداية: تخيل لما إنسان يشكرك كم تفرح فما بالك لما الإله يشكرك؟! المقدم: ثم تكلم عن العطاء وأن هذا عطاء وهذا عطاء بينما بفهمي أنا المتواضع المفروض أن يطلق العطاء على المِنّة الإلهية في موضوع الجنة لكن لو أخذت الأشياء العاجلة التي ستودي بي إلى النار فكيف يكون هذا عطاءً؟! وفي النهاية دعاء يا رب نكون من أهل الآخرة التي تؤدي إلى الجنة وليس إلى النار ونسعى السعي ونحن مؤمنين ربنا فأدخلنا الجنة آمين. بُثّت الحلقة بتاريخ 17/2/2009م |
التوبة والاستغفار 98 تقديم علاء بسيوني أنا سعيد بالحلقة لأنها تتكلم عن الجنة لأنها تطبيق لقول "بشِّروا ولا تنفِّروا" ولا أتضايق عندما نتكلم عن النار لأنه يكون من باب التحذير. الذين يريدون العاجلة جعل الله تعالى لهم جهنم يصلاها مذموماً مدحورا أما الذي أراد الآخرة فقال تعالى عنه (فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) ثم قال بعدها (كلا نمد) إستقبال كلمة العطاء على أساس أنه سيؤدي بي إلى الجنة لكن عطاء ربنا هنا لأنه قال (هؤلاء وهؤلاء) وكأنه يتكلم عن صنفين من البشر فهل إن أعطاني بعض النعم التي استعجلت بها وأودت بي إلى النار هل هذا عطاء أو شيء سيء؟ فلماذا سماه الله تعالى عطاء في الحالتين؟ د. هداية: عندنا عدة أسئلة: السؤال الأول هل يكفي قوله تعالى (فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19))؟ أقول أنها تكفي لسبب لأن الآية قبلها ناقشناها الحلقة الماضية (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)) إذن من طلب العاجلة فهو في النار إلا من تاب إلى الله تبارك وتعالى وهذا الاستثناء غير موجود في الآية وإنما يوجد ما هو أكبر من الاستثناء وهو قول الحق تبارك تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ) بصيغة الفعل المضارع لأنه قد يأتي أحدهم وينتقل إلى الفئة الأخرى فطبعاً يكفي جداً أن يقول (فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) قال أولئك مع أنه في الآية الأخرى قال (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ) طالما ما زالوا يعملون فيطلق عليهم (هؤلاء) وإذا صاروا من أهل الجنة يقال لهم (أولئك) بعيد المنزلة والمنال. السؤال الثاني ما هو عطاء ربك؟ هل هو عطاء واحد أو عطائين؟ الذي يقسمه على اثنين (هؤلاء وهؤلاء)، لكن قبل أن أجيب على هذا السؤال أذهب لآية لما كنت أحقق التفسير الآية تقول (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)) أقسم بالله 99.9 % يتكلمون عن التفضيل الذي يحس به الناس أين دوري أنا كداعية؟ يقولون المال والبنون لكنها ليست هي التفضيل، الآية تقسم على اثنين وتلقيك للقرآن هو الذي سيصنفك. الآية تقول (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) لو كان سألنا عشرة أشخاص عن معنى التفضيل في الآية يقول لك أحدهم الذي عنده مال والآخر يقول الذي عنده أولاد وآخر عنده سلطان ولا يقول أحد أن هذا من أهل الجنة وليس عنده لكنهم لم يعرفوا أن الذي ليس عنده هذا تفضيل. يقول تعالى (وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا) فالذي كتبه الله تعالى من أهل الجنة أعطاه المنهج ليسير عليه وأعطاه صبراً على عدم المال وصبر على عدم الجاه إذا أعطاه، وإذن عطاء ربك مقسوم على اثنين أيضاً المال عند الذي طلب العاجلة هذا عطاء وعدم المال عند الذي طلب الآخرة عطاء أيضاً. المقدم: هل أفهم من هذا أن الأغنياء المتقين لن يدخلوا الجنة؟! د. هداية: لا، يدخلوا، أنا قلت عند الذي يطلب العاجلة، أنا محكوم بصنفين صنف طلب العاجلة هذا لن يدخل الجنة أبداً بدليل أنه قال بعدها (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)) الناس في الدنيا مقسومة إلى قسمين فإذا بقي هذا الذي طلب العاجلة في قسمه فلن يدخل الجنة أبداً بدليل الآية (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ) - هذا كلام الله تعالى وليس كلامي أنا - وجاء الفعل بصيغة المضارع حتى إذا أراد أن ينتقل السامع من صنف إلى صنف بعد أن تسمع الشرح يمكنه أن يأتي لكنه سيكون عندها من الصنف الذي أراد الآخرة. عندما نقسم العطاء عندنا صنفان أعطى الذي طلب العاجلة مالاً أو لم يعطه مالاً وبقي يطلب العاجلة وحتى إذا لم يعطه يكون عطاء لأن المال قد يفسده فبحكمته منعه سبحانه وتعالى. إسمع الآية الآن بهذا المفهوم (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)) انظر ماذا سيطلب هذا وهذا؟ الذي أراد الآخرة لن يموت من الجوع لأن الله تعالى سيعطيه مالاً وقد يكون مالاً كثيراً لكن هذا الذي أراد الآخرة سيُهلك هذا المال في الخير ولن يطغى به. عندما نسمع (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)) أنا شخصياً سأنظر من باب أن الذي مُنع المال وكانت له العاقبة الجنة هذا الذي فُضِّل وإن كان مُنع فالمنع في حد ذاته بهذا المفهوم عطاء. المقدم: سيأتي أحدهم ويسأل لماذا إذا طلب أحدهم المال والله تعالى لم يعطه لأنه بعلمه يعلم أن المال سيلهيه ويفسده فربنا سبحانه وتعالى برحمته منعه لأنه أراد أن يكون من أهل الجنة ولماذا غيره أذا طلب يُعطى المال؟ د. هداية: أنت تريد أن تسأل لماذا فُضِّل الأول من عند الله تعالى؟ هذه إرادة الله. المقدم: هناك آية أخرى تقول نفس الكلام (يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) ما هي حدود المشيئة الإلهية وشروطها التي تجعل فلان يستأهل المغفرة أم غيره فلا؟ د, هداية: حكمة الله تبارك وتعالى لأنه من حكمة الله تبارك وتعالى هذا المنهج. أسأل سؤالاً هل كل من رأى محمداً صلى الله عليه سلم سيدخل الجنة؟ بالقطع لا، الذين كفروا به وقت نزول الرسالة وماتوا وهم كفار لن يدخلوا الجنة. البعض يقول ليتني عشت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، يا أخي سِر على مراد الله. هل تريد أن تعيش في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم مثل أبو لهب مثلاً؟ كن واعياً. لا أقول ليتني كنت في عصر كذا لأن هذا ليس من العقيدة، لأن الله تعالى خلقني لهذا الزمان. من العقيدة أن أُسلِّم يعني لا ينفع أن تطلق العنان لهواك، لما قال تعالى (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ (20)) العطاء واحد لكن هناك هؤلاء وهؤلاء هذا يجعل العطاء عطائين وأكد (وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) يعني إطلب كما تشاء. بعد أن نعلم هذان التصنيفان سنطلب الآخرة والذي يطلب العاجلة بعد أن عرف هذه التصنيفات يكون غبياً. المولى عز وجل له إرادة وله حكمة فإذا قال البعض هذا مؤمن وهذا كافر قل له هذا من حكمة الله. يقول تعالى (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)) لم يقل أحسن تكوين، لماذا أقسم بهذه الأمور بالذات في السورة؟ إشارات إلى الرسالات السماوية ومهبط الوحي. قلنا سابقاً أن البلد الأمين إشارة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهذا من باب التفسير الإشاري. (التين) إشارة إلى آدم، والزيتون إشارة عيسى وطور سنين إلى موسى وهذا البلد الأمين إشارة إلى إبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام، أشار إلى شتات الرسالات في القسم وقال في المقسوم عليه (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ولم يقل أحسن تكوين ليعني حتى إذا رأيت واحداً قبيح الخلقة فهذا ما يقوم هذه النطفة وإذا رأيت كافراً في عقيدته فاعلم أن هذا ما يقوِّم هذه النطفة، هذه حكمة الله تبارك وتعالى ومع ذلك هل منع الله كافراً أن يُسلِم؟ بالعكس بل دعاه إلى الإسلام والإيمان وأرسل له الرسالات ولما جاءت الرسالة الخاتمة ذكر كل ما ورد في الرسالات السابقة ونحن إلى الآن لا يمكن أن نمنعنأحداً أن يسلم أو آخر أن يتنصر ولا يمكن أن ترغم أحداً أو تكرهه لا على الإسلام ولا على الكفر والقرآن عبّر عن هذا (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ (256) البقرة). المقدم: أظن أن لهذه الآية سبب في النزول لما الرسول صلى الله عليه وسلم كان في المدينة ورأى أحداً من الأنصار كان قبل البعثة المحمدية أرسل أولاده إلى الشام مع قبائل اليهود على أساس أنهم أهل كتاب وأن الآولاد تعلموا وتاجروا ودخلوا في أحد الأديرة وتنصروا فلما جاءت البعثة وأسلم أبوهم وعندما أتوا إلى المدينة طلب منهم أبوهم أن يسلموا فرفضوا أن يدخلوا في الإسلام وحبسهم وأكرههم على الإسلام وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك وقال له: أيدخل بعضي إلى النار وأنا أنظر؟ قال له الرسول صلى الله عليه وسلم الآية (لا إكراه في الدين) د. هداية: هذه هي العقيدة، العقيدة أن يدخل الإنسان الدين باختياره بحرية لكني أسأل سؤالاً ألم يرسل الله تعالى المنهج؟ ألم يرسل الرسل؟ قال تعالى (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15) الإسراء) فإذا جاء الرسول بطلت الحجة. المقدم: نسأل سؤالاً عن مسألة الاشتياق للرسول صلى الله عليه وسلم فكلنا نجب أن نراه ولكننا إن شاء الله تعالى سنجتمع به في الآخرة. الله تعالى قال (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ (144) آل عمران) الله تعالى قبض الرسول لكن هذا لا يعني أن المنهج انتهى بل على العكس هو باق إلى يوم القيامة. مع اشتياقنا للرسول صلى الله عليه وسلم وحبنا لأن نراه لا يجب أن نقول ليتنا كنا في زمانه لأن هذه إرادة الله عز وجل لكن عندنا فرصة لأن نلتقي به إذا مشينا على منهجه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مكلّف بإيصال المنهج لنا. هل الرسول صلى الله عليه وسلم هو المبتغى في ذاته وشخصه أو في منهجه الذي أبلغه ثم تطبيقه وسنّته؟ د. هداية: الأهم في الموضوع هو المنهج (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193) آل عمران) لم يقل إننا رأينا، رؤية الرسول صلى الله عليه مبتغى لنا وهدف وغاية لنا جميعاً أن نكون في صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم لكن هذا الكلام يجب أن نقف عند المهم فيه، أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه لما مات الرسول صلى الله عليه وسلم ماذا قال؟ عمر رضي الله عنه قال من قال إن محمداً قد مات سأضرب عنقه لأنه كان رافضاً للفكرة فأبو بكر قال فليجلس المتكلم يا معشر المسلمين من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ولا يمكن أن نقول أن أبا بكر لم يكن يحب الرسول صلى الله عليه ولسم لكن هذه مسألة عقيدة فقال : من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت. إذن المهم المنهج. الصاحبة لم يكونوا يذهبوا لرؤية الرسول ولكن لسؤاله وعندما قعدوا عن المسألة أرسل الله تعالى لهم جبريل يسأله ليعلمهم. إذن وجوده صلى الله عليه وسلم له غاية "السماع والتطبيق" أن أستمع إلى المنهج وأطبّق (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) الجن) أستمع أهم شيء كان يمكن أن يجلسوا ليتأملوا جماله صلى الله عليه وسلم لكن ليست هذه القصة. غاية المنهج أن تقلِّد الرسول كيف كان يصلي كيف كان يصوم كيف كان يحج كيف كان يتعامل؟ ولذلك في الصلاة قال صلوا كما رأيتموني أصلي وفي الحج قال خذوا عني مناسككم وكان في كل موقف يشرح لهم ويوصيهم هذا ليس له علاقة برؤية الرسول لكن كما قلنا من يجتهد ويكون في منزلة عالية سيرى الرسول صلى الله عليه وسلم. المقدم: يقول صلى الله عليه وسلم: إذا سألتم الله الجنة فاطلبوا الفردوس الأعلى، الفردوس الأعلى واضح أنها منزلة متميزة وفيها النبيين والشهداء والصديقين. مسألة (سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) تجبّ مسألة الخيال وأن أقعد مع الرسول صلى الله عليه وسلم في مجلسه وأذكر تحية جميلة "طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة مقعدا" يعني أنت قعدت في الجنة لن يزحزحك أحد منها، هل (سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)) تجب كل هذا وتفتح الخيال لكل إنسان أن يتمنى ما يتمناه من نعيم في الجنة. د. هداية: كما ذكرنا سابقاً العطاء مقسوم. لما تكلم عن الذي طلب الدنيا وقال عجلنا له فيها ما نشاء قال (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا (18) الإسراء) ولما تكلم عن الذي أراد الآخرة ذكر شرطين (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا (19)) كل واحد بحسب عمله (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) المطففين). (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا (18) الإسراء) ما معنى (يصلاها)؟ يصلاها ليس لها علاقة بالوصول وإنما يصلاها من صليّ يعني احترق بنارها من صليّ يعني احترق وخاف حرّ نارها وليس لها علاقة بالوصول أو الدخول. يصلاها يحترق بها، مدحوراً يعني مطروداً من رحمة الله تبارك وتعالى لكن مذموماً هل من الله؟ من الناس؟ أو من الله ومن الناس؟ آخذ المعنى الأخير من الله ومن الناس. شاهد الزور بعد أن يشهد للذي طلب منه أن يشهد له سيكون نظرته له سيئة لكونه شاعد زور ويسقط من عينه. هذا ذمّه رغم أنه احتاجه. عندما يرفض أح الرشوة تجد الذي حاول رشوته يحترمه. (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا) هذه قمة المعاملات، هل رشيت أو لا؟ دفعت أو لم أدفع؟ سعي الآخرة في الدنيا والدنيا حياة وعمل وتعاملات لذا أحذر أن كلمة (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) تعني السعي وفق المنهج الهي لا وفق الهوى. (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) قال بعدها (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21) لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)) المؤمن في الآية ليست إيمان العبودية يعني ليست درجة من درجات العبودية الخمس (الإسلام – الإيمان – التقوى – الإحسان – إسلام الوجه لله) (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) في الآية يعني العقيدة، (لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَر) يعني إذا لم تجعل مع الله إلهاً آخر تكون من الذين طلبوا الآخرة. المقدم: وقد يكون النساء والأولاد نوع من الإله الذي اتخذه الإنسان لنفسه؟ ويكون نوعاً من الشرك. د. هداية: طبعاً، الذي طلب العاجلة لم ينتبه لأمر وهو (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ) حتى الذي أخذته في الدنيا أعطاك إلياه الله تعالى، وأنت أشركت معه لذلك قلنا الرجل المشرك يتلخبط بدليل أنه قال (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) منطق اللغة أن يقول رب أرجعن ولكنه قال أرجعون من باب الشرك لأنه ربما ظن أن ملائكة الموت هي التي ترجعه أيضاً ليس عنده ما يحكمه في هذا الإله فقال (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ (100) المؤمنون). المسألة تحتاج إلى وقفة في توصيف الآيات فليس من سبيل الصدفة أن يقول (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ) الضمائر كلها الفاعل فيها الله تعالى، (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) كان ينبغي أن يخيفك هذا التحذير ويرجعك (وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)) العطاء لن يُحظَر عن أحد لكن يجب أن نقف ماذا نطلب وماذا نريد؟ العطاء مقسوم على اثنين فعلى سبيل المثال الذي يقوم الليل والذي ينام هذا كله عطاء، العطاء ليس محظوراً هنا فلم يمنع أحد الذي نام من أن يقوم ويصلي ولم يجبر أحد الذي قام على القيام . المقدم: هذا المثال هو في سُنة وليس تكليفاً إلهياً للجميع د. هداية: إذن ما الذي أجبر هذا على القيام؟ عندما أشتاق للجنة وأشتاق لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم عنها وتوصيفها فلما سمع الرجل الحديث "ركعتان في جوف الليل خير من الدنيا وما فيها" فهذا الذي قام أراد الآخرة. الآيات تحتاج لوقت طويل لتدبرها. الذي لم يطلب الآخرة ولم يسع لها سعيها وهو مؤمن وإن كان لم يطلب الدنيا فكأنه طلب الدنيا. قد يقول أحدهم أنا لم أطلب الدنيا ولا الآخرة قل له طلبت الدنيا لأنه طلب الآخرة كان مشروطاً بعمل أشياء ليكون ممن أراد الآخرة فلو لم يعملها يكون تلقائياً ممن طلب الدنيا. واحد قام يصيل القيام والآخر نائم وقد يكون من أهل الجنة أيضاً لكن هذا هو التفضيل فلما قال تعالى (وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (21)) تلقوا الآيات في قول الحق (كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ) أو في قول الحق (انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) أنت تنظر وتقول الفقير الذي إن شاء الله من أهل الجنة مفضل على الذين عنده مال والآخر يقول لا هذا المفضل لأنه أخذ المال فكل واحد ينظر لها من منظار. المقدم: المفترض مع دخول الجنة أن يكون الكل راضي وليس هناك شكوى والذي يدخل النار كل الناس تذمهم (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) وربنا سبحانه وتعالى يذمهم لكن في الجنة المقارنة أنا دخلت للجنة بفضل ربنا ولكن في درجة متوسطة لست في مرتبة الرسول صلى الله عليه وسلم وأهلي وأقاربي كل واحد في درجة ونحن لا نعلم نعيم الجنة سؤالي لو كنت في الجنة التي في وسط ألن تطلب نفسي الذهاب إلى الجنة الأعلى أم أن الله تعالى بالنسبة لكل إنسان في مكانه يكون في منتهى الرضى والإشباع ولن يكون هناك حسد أو بغضاء أو أن قوله (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ (43) الأعراف)؟. د. هداية: تجيبك هذه الآية وتجيبك الآية الأخرى (جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8) البينة) رضوا عن الجزاء وقلنا سابقاً أقل الجنة جنة. المقدم: نسأل الله أن نكون من أهلها. المقدم: مسألة التوحيد والشرك مسألة مهمة جداً وسبق وتكلمنا عنها في آيات سورة الفرقان وإن شاء الله في نهاية هذه الحلقات المقبلة سنذهب إلى سورة السجدة ثم نعود لسورة الفرقان وننهي موضوع التوبة والاستغفار التي تحدثنا عنها فيما يقارب المائة حلقة. مسألة التوحيد والشرك يؤكد عليها رب العالمين مرة أخرى بعد أن تكلم عن أهل الجنة وأهل النار (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً). البعض يقول أن الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم فهل هذا خطاب للنبي؟ وهل يمكن للنبي أن يُشرك؟ د. هداية: الخطاب في البداية للنبي بوصفه مبلِّغاً بهذا الكلام ثم الكلام للقارئ والمستمع. الآية فيها نقطة مهمة هذا هو سبيل أهل الجنة لطلب الآخرة. لو انتبهنا لتقارب الكلمات الذي وصل النار (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) الذي طلب النار واحترق بنارها مذموم مدحور والذي طلب الآخرة سعيه مشكور، فذكر لك سبيل هذا فقال (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً) يعني لو أنت جعلت مع الله إلهاً آخر ستكون ممن طلبوا العاجلة. المقدم: ويحصل أمران أولاً ستُذمّ وتُذل مخذولاً هذه كأن المولى يرسل رسالة طالما أنت أشركت واستعنت بغيري ومنهجي هذا المنهج الذي استعنت به وهواك سيخذلك ولن تصل د. هداية: هناك نقطة مهمة في الآية (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ) هناك حديث للرسول صلى الله عليه وسلم لما قال "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" بعدما تكلم عن السؤال والاستعانة تكلم عن عقيدة الإنسان ساعة فقال أولاً "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك" وفي المقابل "أن يضروك" لن ينفعوا أو يضروا إلا بما أمر به الله تبارك وتعالى قضاءً وقدراً في تحقيقه فقال "واعلم أن الأمة لو اجتعمت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك" المقدم: مثال مريض ذهبت للدكتور وصف لي وصفة فشفيت. د. هداية: الدكتور عالجك والشافي هو الله تعالى. المقدم: الأمة ما زالت بخير وجدت في صحيفة أن شخصاً كان مريضاً وشفي بحمد الله وعادة نقرأ فلان الفلاني يشكر الدكتور الفلاني أو رئيس القسم الفلاني على شفائه ولكني قرأت في صفحة الاجتماعيات أن عائلة فلان الفلاني الذي شفي تسجد لله شكراً بأن منّ الله عليه بالشفاء ثم ذكر شكره للأطباء الذين جعلهم الله سبباً في الشفاء. د. هداية: هذه الآية (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ) اتصل بي أحد الإخوة من العراق الشقيق في الأسبوع الماضي وقال في خطبة الجمعة لديهم عادة ما يفتتح الشيخ خطبته بالقول: الحمد لله الذي فضّل ديننا على سائر الأديان، وهم سمعونا عندما قلنا (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ (19) آل عمران) هذه تذكرني بالآية (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ) هناك إله واحد بل إنه الأحد يعني هناك دين واحد لا يمكن أن يكون هناك عدة أديان. يجب أن ننتبه لهذه النقطة لأنها مسألة تهز عقيدة المستمع عندما تقول هناك أديان إذن هناك آلهة، أنت تدعو للتوحيد والآيات تقول (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ (85) آل عمران) إذن ربنا يفضل ديننا على دين من؟ الدين كله لله تعالى وهذا ليس تفضيلاً هذا مراد الله أن يكون خاتماً للرسالات واليهودية رسالة والنصرانية رسالة ومن إيماننا كمسلمين نؤمن بعيسى وموسى وسائر الأديان وفي بداية وختام البقرة نقطة مهمة في بدايتها قال (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)) وفي الختام (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ (285)) وبعدها قال (وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) المقدم: لماذا أتبعها بقوله (غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)؟ د. هداية: لأننا طالما سنعمل سنخطئ، وإليك المصير تؤكد أننا راجعون للإله الحق فالله واحد والدين واحد ولا تفضيل. (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) يقولون محمد أفضل الأنبياء والمرسلين. المقدم: من الذي فضل الله أم أنت؟ د. هداية: هناك جمل خطيرة في العقيدة تحتاج لوقفة. المقدم: ربنا قال في القرآن (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ (253) البقرة) ربنا يفضل. د. هداية: ليست على وزن أفعل أنا تقول أفضل يعني جعلت أحد أفضل من أحد لكن يجب أن تستقيم العقيدة على كلام القرآن. المقدم: أنا مأمور في سورة البقرة (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) د. هداية: هناك مسألة أخرى وهي أنه ينسحب كره المسلمين لليهود إلى موسى عليه السلام وقد رأيتها في أميركا، موسى نبي الله وإيماننا بمحمد عليه الصلاة والسلام لا يكتمل إلا بإيماننا بموسى وعيسى عليهما السلام وقد بين القرآن هذا في كلام عيسى عليه السلام (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ (6) الصف) يعني أيّد كل ما جاء به موسى (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (6) الصف) كأنه يقول لهم أنا حلقة في سلسلة الذي قبلي يجي أن أوافق عليه والذي بعدي يجب أن أبشر به لأنني أنا كعيسى رسول في سلسلة فهذه قضية مهمة أن نقول فضّل ديننا على سائر الأديان هذا كلام فارغ وأسأل الله تعالى أن يكون هذا الكلام يقال بدون عقيدة راسخة داخلنا ويجب أن نصحو لكلامنا لأن العقيدة مهمة جداً بدليل أنه لما ذكر طالب الدنيا وطالب الآخرة ومصيرهما قال (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ) ولو حصل ستقعد مذموماً مخذولاً لأنه لا يمكن عندها أن تكون من أهل الجنة. هذه قضية مهمة وأذكر الناس بالآية (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) أي على عقيدة سليمة وعقيدة صحيحة وعلى توحيد الألوهية بعطاء الألوهية في المناهج وبتوحيد الربوبية في عطاءات الربوبية في العطاءات المختلفة من رزق ومال وجاه وسلطان أو منع هذا كله وفي هذا عطاء. المقدم: لو إنسان أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن ولكن ناله من رزق المولى سبحانه وتعالى أموال وشركات ومصانع كيف لا تكون هذه الأشياء في يده وليس في قلبه؟ وكيف لا تغره الدنيا بمتعها؟ وكيف نضع منظومة متوازنة لمعيار الإنفاق لأنه مع مثرة هذه الأمور هناك أناس عندهم ثراء لا حصر له ولكن له شروط فما هي هذه الشروط؟ د. هداية: الحسد مذموم (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)) لكن الرسول صلى الله عليه وسلم سمح بلازم معنى الحسد في موضعين في المال ينفق في سبيل الله وفي القرآن تحسد شخصاً يمشي على المنهج هذه تسمى غبطة والغبطة يعني أن تفعل مثله لكن الحسد المذموم تمني زوال النعمة عن الغير حتى لو لم تصلني، هذا مرض لكن الغبطة أقول فلان يصلي ويصوم سأفعل مثله هذه غبطة وأدعو له أن يثبته وأنا أقلده ورجل أعطاه المولى عز وجل مالاً فأنفقه في الخير في سبيل الله. المقدم: أليس من الذكاء أنه مع الشدة أنفق أكثر؟ د. هداية: بالطبع، لا ينفع أن تقول لفقير الحالة الاقتصادية سيئة. هذا الموضوع في منتهى الخطورة لأن الذي يلتزم مع ناس يعطيهم فلا يقول لهم الحالة الاقتصادية سيئة ويتوقف عن إعطائهم قد يخفض المبلغ لكن لا يقطعه أنا أرى أن هذه الأحوال التي نحن فيها ابتلاء أكبر والابتلاءات يزيد في هذه الحالات كما في رمضان الشيطان سيعمل أكثر لأنك ستجتهد في العبادة أكثر والحديث عن تصفيد الشياطين في رمضان صحيح في أن الأفعال في الحديث مبنية لما لم يسمى فاعله (غُلّقت وفُتحت) أنت الذي تصفد وتفتح لأنك صائم لكن أن تفتح وتصفد وأنت جالس؟ الابتلاءات تشتد مع الكرب وهنا (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت) يعني قول الإيمان يكون مع (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) لا أقول آمنت وأقف مكتوف الأيدي ويقول أنا في الجنة! وذكر الفتنة في الآية وليس الابتلاء. المقدم: ما الفقر بين الابتلاء والفتنة؟ هذا ملمح من بداية سورة العنكبوت ثم نذهب إلى سورة السجدة ونعود للفرقان حتى نلم الخيوط كلها حتى نكون من أهل الجنة ومن عباد الرحمن ونضع خلاصة لهذا التوصيف الإلهي كيفية تطبيق المنهج بشكل واقعي في كل حياتنا وفي نفس الوقت نقول يا رب وفقنا وأعطنا نوراً وعلماً وهداية لنكمل مع بعض في طريق الهداية. بُثّت الحلقة بتاريخ 24/2/2009م |
التوبة والاستغفار 99 تقديم علاء بسيوني المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. موعد ولقاء جديد نخطو فيه خطوات على طريق الهداية. القرآن الكريم والآيات التي فيه دائماً ونحن نحاول أن نربط العلاقات ببعض والمفاهيم ببعض التي فيه الصورة تتضح أكثر وعقيدة المسلم بمعدنها النفيس تكون واضحة أكثر عندما يكون فاهماً لآيات القرآن الكريم. كنا وقفنا عند رحلة سنخوص فيها في سورة العنكبوت وفي أولها الله تعالى يسأل الناس هل سيتركون دون أن يُبتلوا ويُمتحنوا؟ ونحن نسأل من داخل الآية عدداً من الأسئلة: ما الفرق بين الفتنة والامتحان ووالابتلاء والبلاء لأن كل لفظ له مدلوله وإلا لكان الله سبحانه وتعالى استخدم كلمة مكان كلمة وحاشاه، هذا يستحيل لأن كل حرف في القرآن الكريم أنزله تعالى بعلمه وبخبرته العليم الخبير. هذه الارتحالات مع سور القرآن وآياته توضح فعلاً وجاءتنا أسئلة من المشاهدين. قبل أن نبدأ بآية سورة العنكبوت سألنا بعض المشاهدين عن الآية في سورة الحديد (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)) ما معنى أعجب الكفار؟ وما هو النبات؟ وماذا أعجب الكفار بهذه القصة؟ ولما شُبهت الدنيا بهذا؟ وما الدلالة البليغة في هذا التصوير القرآني؟د. هداية: سبق وتحدثنا في هذه الآية وقلنا أن الكفار في هذه الآية ليس كفر العقيدة وإنما الكفار هنا إشارة إلى أصل الكلمة في اللغة. القرآن الكريم يستخدم الكلمة، يعني كلمة الكفار لما تسمعها تعني من كفر بالله تعالى أو كفر بالقرآن أو كفر بالرسول أو إلى آخر هذا الكلام، لكن كلمة كافر لها أصل لغوي فيستخدم القرآن في آية من الآيات أصل الكلمة لغوياً، فالكفار هنا هم الحُرّاث وألفت نظر المشاهدين أن بعض السادة المفسرين حتى في العصر الحديث والقديم يكتبون أن الكفار هم الزُرّاع والقرآن الكريم نهانا عن أن نقول على من يفلح الأرض أنه زارع وقال الحق تبارك وتعالى في آية في سورة الواقعة أوضح من الشمس في كبد السماء (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64)) لم يقل ما تزرعون يعني كلمة زارع لا تأتي لبشر ومن الخطأ اللغوي أن يقال مزارع نسأل الله أن تؤثر على العقيدة، الناس ليست فاهمة وكلمة زارع لا تُطلق إلا على الخالق سبحانه وتعالى بدليل ما جاء في سورة الواقعة (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64)) فليفت الله تبارك وتعالى نظر الناس أن كلمة زارع لا تكون إلا لله تبارك وتعالى، الفلاح أو الذي يفلح الأرض يسمى حارثاً من حرث. المقدم: لماذا لم يقال أن عملية الإنبات هي التي تخص المولى سبحانه وتعالى باعتبار أنني أنا وضعت البذرة في الأرض لكن مسألة تكبر النبتة وتتغذى وتمتد المقدم: الإنبات مرحلة في الزرع لكن الزرع كعملية متكاملة لله تبارك وتعالى بدليل (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64)) فالكفار في سورة الحديد كلمة معناه الحُرّاث المقدم: الكفر هنا ليس كفر العقيدة د. هداية: لا ليس كفر العقيدة وإنما استخدم أصل الكلمة وضرب المثال بالنبات الذي يفهم هذا المثال الحُرّاث لأن هذا عملهم فلما يعجبهم يكون زرعاً على أعلى مستوى فالكفار هنا كلمة لتوضح مدلول الكلمة المأخوذة من اصطلاح لغوي. المقدم: كوصف وتشبيه هلى يمكن أن تكون كلمة الكفار هنا بمعنيين الزارع والناس الذين كفروا باعتبار أن الذي سيعجب بالحياة الدنيا واللعب واللهو والزينة وتدخل قلبه وينسى الآخرة سيكون كالذي كفر؟ د. هداية: هذا تأويل لكن أصل المسألة كما يقول المثل عندنا "أعطي الخبز لخبازه" لأن الخباز سيفهم فيه، أنت ترى رغيف الخبز فيه نقاط صفراء أو بنية اللون الخباز يعرف سبب هذه النقط هذه قصة يفهمها أهل الصنعة. فالله سبحانه وتعالى يضرب مثلاً بغيث سيُنبت والذي يفهم قضية الإنبات تأخر أو لم يتأخر أو الزهرة تأخرت وعندما كنا ندرس العلوم كان المسؤول عن المعمل أشطر منا وكان يعرفها بمجرد أن يمسكها قبل أن يراها ونحن كنا لا زلنا نتعلم. هنا يضرب المثال (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ) لماذا جاءت كلمة الكفار هنا؟ حتى يلفت نظرنا إلى أصل الكلمة فالكافر عقائدياً يستر وجود الله تبارك وتعالى كما يستر الحارث أو الحراث البذرة تحت الأرض. أصل كلمة الكفر العقائدي جاءت من كلمة كفر البذرة تحت الأرض ونسميه الحرث لذلك قال القرآن (أفرأيتم ما تحرثون) من ضمن عملية الحرث أن تقلب الأرض لتدخل البذور ومن زمان كان الناس يسمون الفلاح يا كافر ليعاكسوه والولد يذهب لأبيه يخبره أن الأستاذ ناداه يا ابن الكافر فيقول الأب هذا صحيح أنا كافر لأنهم كانوا يفهمون هذه المسألة ومعنى الكلمة. وهنا يضرب القرآن المثال في ألص الكلمة في اللغة التي أصبح لها فيما بعد معنى اصطلاحي السائد الآن. المقدم: نعود للتشبيه نفسه خصوصاً أن الآية تتكلم على الحياة التي نعيشها لعب ولهو وزينة وتفاخر وتكاثر في الأموال والأولاد هذه الأمور كلها تكلمنا عن مسألة الفتنة مسألة أنها فتنة والناس ستقول أليست هذه الأمور حلالاً ومتع حلال، مسألة الأولاد أم أن المنهي عنه هو التفاخر وأن تملأ هذه الأمور قلبي فتنسيني الآخرة؟، هل هو بهذا المعنى؟ د. هداية: نحن قلنا هذا، قلنا أنك لما تتباهي بأمر أنت عملتها تكون مقبولة لكن أن تتباهى بأمر لم تعمله أنت فليس له معنى! الثقة بالنفس والغرور بينهما خيط رفيع جداً، الإنسان الواثق بنفسه يظهر في كلامه أما المغرور فيظهر في كلامه ويكون ممقوتاً لكن لا بأس أن تكون واثقاً في نفسك لكن لا تكن مغروراً. يوم القيامة الذي أخذ كتابه بيمينه سيقول (هاؤم اقرأوا كتابيه) هذا نوع من أنواع الثقة والفرحة بالذي عمله والآخر سيقول (يا ليتني لم أوت كتابيه) وسبق أن ضربنا مثالاً أن الذي يذهب لصلاة الفجر يصدر صوتاً وهو نازل على السِلِّم ويسعل ويفتح الباب وينادي على البواب لكن الحرامي الذي يخرج في نفس التوقيت ليسرق يطلع على المواسير ويلبس حذاء مطاطياً يلبس قفازات ويعمل كل الاحتياطات للستر عكس الأول. فقول (هاؤم اقرأوا كتابيه) يدل على أنه عمل شيئاً طيباً بينما (يا ليتني لو أوت كتابيه) هذا عمل سيئاً، كل هذا عطاء الله سبحانه وتعالى فالتباهي لا يكون بشيء لم تعمله أنتوقلنا سابقاً أن أهل الجنة فهموا هذه المسألة وهم في الجنة لم ينسبوا الفضل لذاتهم وإنما نسبوه لله تبارك وتعالى (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) أثبتوا لله تبارك وتعالى هداية الدلالة والمعونة وحتى توفيقهم نسبوه إلى الله تبارك وتعالى. المقدم: بعض الناس سألت عن (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) الحديد) وفي آية أخرى (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران) ما الفرق بين سابقوا وسارعوا؟ د. هداية: هنا الفرق في الفاعل، المسارعة والمسابقة فيها فاعلين، سارعوا هنا ستكون مسألة بفاعل واحد أنت تسرع حتى لا يفوتك الوقت لكن أصل المسارعة يأتي من المسابقة. لماذا قال سارعوا؟ لأنه لو بقيت جالساً يدركك الموت، هنا سابقوا من؟ الموت لأن الإنسان يولَد وقد كُتب الأجل لذلك قال بعض الحكماء أن سهم الموت ينطلق خلف الإنسان ساعة الولادة للأجل الذي كتبه الله تعالى. (سابقوا) كأنها تعني سابقوا الموت وأدركوا المغفرة والجنة، سبق وقلناها أن مهمة إبليس بينه وبين نفسه وأمام الله أ، يوقعني في عمل أبقى عليه عساني أموت على هذا الفعل فلا يكون هناك توبة، وهنا سندخل في متاهات الميزان وهل هي كبيرة أو غير كبيرة وهل هناك توبة من الكبيرة أم توزن على علاّتها مناقشة كبيرة جداً فلما يقول تعالى (سابقوا إلى مغفرة) اي سابقوا الموت الذي قدّره عليكم وأنتم في بطون أمهاتكم وسبق أن ذكرنا أن الجنين وهو عمره 120 يوم يؤمر الملك بأربع كلمات رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد وذكرنا أن شقي أو سعيد ليست في الدنيا وإنما في الآخرة ولذلك قال (سابقوا إلى مغفرة من ربكم) وبالتالي لو سابقت ووصلت إلى المغفرة سيكون لي الجنة وهذه الجنة عرضها كعرض السموات والأرض إذن هي تستحق المسابقة إنما لما يقول سارعوا هو يخاف عليك من الوقت الذي هو عنوان المسابقة أو مناط المسابقة التي بيني وبين الموت. المقدم: نعود إلى موضوع في سورة الشورى الآية 20 (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)) تتكلم في نفس الموضوع وهناك رابطين الرابط الأول موضوع الحرث والزرع والموضوع الثاني الذي نتكلم فيه، بدأ بالكلام عن حرث الآخرة وهناك مسائل أخرى في الآية بدأ بالآخرة واستخدم الفعل المضارع (يريد) واستخدم نفس الأدوات (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه) كأن المولى تبارك وتعالى يطبق مسألة الحسنة بعشرة أمثالها والله يضاعف لمن يشاء ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها كقوله تعالى (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) في سورة الإسراء، الآيات مترابطة، أسأل ما دلالة استخدام كلمة الحرث في الآخرة؟ وفي الدنيا رغم أنه من المفروض في الدنيا كل شيء سينتهي ويكون كالهشيم تذروه الرايح وانطبقت السموات على الأرض والواعي والفاهم عليه أن يستعجل ليحرث في الدنيا حتى يحصد في الآخرة، ما هذه الصورة البلاغية القرآنية؟ المقدم: التشبيه والتصوير في مسألة الحرث, ان هناك حرث دنيا وحرث آخرة صورة سهلة حتى يستوعبها الناس السؤال ماذا ستختار أنت؟ هل ستختار الذي تستعجل عليه في الدنيا أو تختار الذي تتعب فيه فعلاً وأنت ببصرك وبصييرتك ترى نتيجة الحصاد في الآخرة، رب العالمين يضرب أمثالاً كثيرة في مسألة الدنيا والآخرة لستخدم الحرث فما تعليقك على هذه المسألة هل استخدام الحرث لسهولة الفعل للتصور؟ د. هداية: لأن كثيرين يرون بأعينهم أن فلان يزرع جيداً، فلان لا يزرع جيداً، فلان يحرث جيداً وآخرون لا يحرثون جيداً هذه مسألة واضحة أمامنا والناس تراها وتسمع عنها، لكن الجديد فيها أن الله تبارك وتعالى استخدام كلمة الحرث للإثنين فأشعر من الآية أن المولى سبحانه وتعالى يريد أن يلفت نظرنا إلى أن حتى الذي يطلب الدنيا سيتعب لكن ليس نتيجة تعبه في الآخرة يساوي صفر (وما له في الآخرة من نصيب) هذا حرث وهذا حرث لكن هذا حرث في أمر يستاهل وآخر حرث في أمر لا يستاهل وأتعب نفسه على الفاضي وضيّع عمره سدى. وهنا مسألة الدعاء بزيادة العمر ليس هناك ما يسمى زيادة العمر لأن العمر مكتوب فكيف يزيد العمر؟ هذا عاش أربعين سنة وهذا عاش أربعين سنة لكن الأول عاش الأربعين كأنهم مائة سنة والآخر عاشهم كأنهم عشرة هذا نتيجة العمل في الفترة الزمنية التي كتبها الله تعالى المقدم: وتوفيق ربنا د. هداية: هنا توفيق وإخلاص. الفعلين في سورة الشورى مختلفين عن سورة الإسراء. المقدم: في الإسراء كان هناك فعل أراد ويريد د. هداية: في الإسراء قال (من كان يريد العاجلة) لم يقل حرث العاجلة وقال (ومن أراد الآخرة) وليس حرث الآخرة. كأن المولى سبحانه وتعالى يريد أن يلفت نظرنا إلى مسألة الإرادة السابقة بالنسبة للعاجلة أنت ساعة أعلنت إيمانك عقدت العزم على أنه سينطلق في العمل للآخرة وهو منطلق يكون في الحياة الدنيا لكنه يفهمها صح وهناك من يعيش في الدنيا ولا يفهم الحقيقة والذي لم يفهم ينقسم إلى اثنين واحد عنده استعداد يفهم وآخر لا يريد أن يفهم معتقداً أنه سيدخل النار قليلاً ثم يخرج وهو سعيد بهذه المسألة جداً مع أنه ليس لها أساس لا في القرآن ولا في المنطق ولا في العقل اللهم إلا في بعض الأحاديث التي لا نأخذ نحن بها. خطورة القضية أنه في سورة الشورى قال (من كان يريد حرث الدنيا – من كان يريد حرث الآخرة) وضع الدنيا والآخرة بنفس التوصيف، أما في سورة الإسراء فكانت مختلفة (يريد – أراد). في سورة الشورى يريد أن يقول أنه من أراد العاجلة عليه أن يجدد الإرادة في مسألة الحرث لأن بالمنطق أنت أخذت قطعة أرض فلن تصحو من النوم يوماً وتجدها مزروعة! قال تعالى في سورة الواقعة (أم نحن الزارعون) بعد أن أسند الحرث لك أنت (أفرأيتم ما تحرثون) والحرث كلمة كلها مشقة وأؤكد على أنها استخدمت للدنيا ربما الذي اختار الدنيا يمكن أن يؤنب نفسه ويعود وهذا سر بقاء الفعل المضارع مع الدنيا أنه ما زال عنده فرصة التوبة التي هي موضوعنا (من كان يريد حرث الدنيا) يمكن أن يلفت أحد نظره فيعود فيكون هناك تجدد في الإرادة، في الآخرة أنت أردت العاجلة ليس حرث العاجلة أنت أردت العاجلة (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن) السعي يحتاج إلى (يريد) وله شروط وهذا منهج ثابت ليس من عندنا نحن وليس من قبيل الصدفة أن تكون الآية التي بعد الآية في سورة الشورى التي نحن بصددها (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)) رغم أن هذا تأليف لكن كلمة (الدين) مفردة ليست أديان مع أن المنطق الباطل الذي يلعبون عليه في منطق الأديان السماوية كان يفترض أن يقول شرعوا لهم من الأديان حتى لا ينسبها إلى الدين لأن (إن الدين عند الله الإسلام) قال وإن اختلف المنهج يجب أن تكون الكلمة مفردة ولذلك يقول (أم لهم شركاء شرعوا لهم) نذكر الآية التي عملنا عليه سابقاً (شرع لكم من الدين) المقدم: إذن هنا كأن الذي يفعل هذا كأنه ينازع المولى عز وجل في التنظير والنظرية د. هداية: هذه المسألة التي عقيدتنا ترفضها تماماً المقدم: أنا عندي نظرية من عند الإله فكيف أعمل أنها منهج بشر؟! د. هداية: شطارتي أن أفتح عقلي لأستوعب هذا المنهج أما الآخر فيقول نحن سندخل النار قليلاً ثم نخرج فلماذا أنت غاضب؟ نقول له إذهب أنت النار وابتعد عني! (شرعوا لهم من الدين) وبعدها قال (ما لم يأذن به الله) لأن (إن الدين عند الله الإسلام) فإذا عملت شيئاً بإدّعاء مثل البِدع، تعريف البدعة أنها الزيادة في الدين على سبيل التعبّد لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (وكل بدعة ضلالة) كل بدعة ضلالة هذه البدع التي تعيش فيها الناس هي في الدين، الآية تتكلم في هذه النقاط أن يأتي الذي أراد أن ينازع الله – إن صح التعبير – أو يوقع هذا في الغلط إذا كان شيطان إنس أم شيطان جن فيُلبِّس على أحدهم تلبيس إبليس يلبس الباطل ثوب الحق والرجل المنطقي يقول (قولة حق يراد بها باطل) وابن الجوزية في كتابه المهم "تلبيس إبليس" ذكر كيف أن ابليس لعنة الله عليه يدخل إلى كل إنسان من مدخله، هذا من الغناء، وآخر من الأفلام، آخر من السلسلات، آخر من الدين، هذه (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) فالسؤال هنا هي أيّ أرادة؟ والشطارة أن يجدد الإنسان الإرادة في حرث الآخرة على منهج الله حتى نخرج من تحت وطأة في سورة الروم لما قال (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم) هنا دخل الهوى لكنه قال بغير علم المقدم: وبغير علم يعني تركتم المنهج. المقدم: (وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) الشورى) كلمة الفصل تجيب على بعض الناس الذي عندهم إيمان وقلب طيب جداً ويتساءلون كيف يترك الله تعالى القتلة يعملون هكاذا في فلسطين والعراق ويترك الشر ونحن مغلوبون؟ د. هداية: هذه هي الفتنة وهذا هو الابتلاء وأهم من هذا وذاك القضاء الذي لن يتغير (ولولا كلمة الفصل ) لو أن الله شاءت إرادته الأزلية أن ينتقم لانتقم لكن له إرادة متبوعة بالحكمة وإرادته لا تنفصل عن حكمته أبداً المقدم: ولهذا ختم تعالى الآية (بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) د. هداية: هذا الذي لم ينظر إلا إلى الدنيا وعذابهم مؤجل وهذه حكمة وقبلها الإرادة والمسلم الواعي إذا لم يسلِّم بما أراد الله تبارك وتعالى فيما قيمة إسلامه؟ هل سيكون إسلام على هواي أنا؟ لا ينفع. كلمة أسلمت يعني سلمت لهذا الإله الحق كل شيء ولذلك أذكر بدعاء افتتاح الصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين" لا للهوى ولا للنفس ولا للشيطان، أنا أرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفتتح بهذا الدعاء في كل صلاة لتؤثر الصلاة وتكون كل صلاة إلى الصلاة التالية مكفرات لما بينها وعلينا أن نعي هذه المسألة وللأسف البعض يسألون هل يجب أن اقول هذا الدعاء في كل صلاة؟ نقول لهم هو لا يأخذ من وقتك دقيقة المقدم: حتى لو نسيت أن تقولها وقّعها في قلبك واجعل نيتك هكذا أن حياتك لله ومماتك لله. د. هداية: أنت لو توقّع من غير كلام وهذا حرص الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا مثل شعبي يقول "الدوي على الودان أمرّ من السحر" التكرار هذا أحدهم يقول لك أني لم أنتبه إلى هذا المعنى مع أني أقولها منذ سبع سنين مثلاً. نذكر عمر بن الخطاب لما تكلم أبو بكر في وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وقال من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت هذا قول أبو بكر ثم قرأ الآية (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) مثله كمثل باقي الرسل يجب أن يموت (أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) قال عمر كأني لو مرة أسمعها هذا لا يعني أنه لم يسمعها من قبل لكنه أول مرة ينفعل لها. ونحن نقرأ القرآن يجب أن نأخذ لازم معنى قول عمر أن نصحو ونحن نصلي ونحن نقرأ القرآن ونحن نتكلم لأنه في بعض الأحيان المصورون معنا ونحن نصور ست حلقات مثلاً يأتي أحدهم ويقول هذه الحلقة جميلة جداً أجمل من الحلقات الباقية والمخرج يقول لك هذه الحلقات الأخرى أعلى من هذه الحلقة لكن هذا المصور أفاق في هذه الحلقة وانفعل فيها. إذن التلقي هنا الآيات هذه تتكلم فيها أنه لما تتلقى وتنفعل وهذا الرد على السؤال عن سبب تكرار الأحداث والقصة ليعمل لك إنفعال وأنت تقرأ في سورة الشورى تقول لنفسك أليس هذا المعنى كان في سورة الإسراء لكن هنا الفعل ماضي وهناك مضارع، هذا قمة التفسير أن تلفت نظرك آية في سورة ما إلى سورة أخرى، أنت تقول في سورة الشورى جاء الفعل مضارعاً اقول لك جاء الفعل مضارعاً مع كلمة الحرث لأن الحرث يريد استمرار عمل أما في الإسراء فهناك أراد العاجلة وليس حرث العاجلة وعندها ستتوقف عند الفرق في بين العاجلة وحرث العاجلة وبين الآخرة وحرث الآخرة ويبدأ يسأل كيف يكون الحرث؟ هذا مراد الله سبحانه وتعالى من تكرار الآيات باختلاف الأفعال والأحداث والإشارات لدرجة أنك تجد آيتين مثل بعضهما بالضبط لكنهما يختلفان فيما قبلهما وبعدهما من الآيات. المقدم: قد يكون مكانها هنا في توسطها آيتين في مكان غير الآيتين في مكان آخر هو الذي يظهر الفرق د. هداية: بالضبط مثل الكفار وردت في آيات بمعنى كفار العقيدة ووردت كلمة كفار بمعنى أصل الكلمة التي هي الحرث لأنك قد تسأل نفسك لماذا سمي الكافر كافراً ولماذا سمي المنافق منافقاً؟ ما هو أصل الكلمة في النفاق وما هو أصل الكلمة في الكفر؟ وما هو أصل الكلمة في الإيمان؟ يكون هناك هدف لأن كلمة الكفار اليوم تستخدم في المعنى الإصطلاحي والناس تستغرب معناها في الأصل اللغوي المقدم: الناس عرفتها على أنها كفار عقيدة د. هداية: فاستخدمها القرآن مرة بمعنى أصلها اللغوي. المقدم: نحن نتكلم على طريقة التلقي وهذا أمر مهم الآيات موجودة والقرآن موجود وإذاعات تفسر القرآن لكن مسألة التلقي مهمة جداً، عمر من الصحابة وفي واقعة وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم اهتزّّ وفي موقف آخر (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله) هل هو عمر أو غريه من الصحابة الذي فهم من الآية أنها تنعي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ استقرأ فيها نعي الرسول؟ د. هداية: أبو بكر الصديق المقدم: ما الذي كان عند أبي بكر زيادة عن عمر بن الخطاب؟ كان هناك سباق بين أبو بكر وعمر؟ د. هداية: هذا شيء محمود، والقرآن الكريم قال (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) في النتائج فحتى تصل إلى نتيجة عالية يجب أن يتسابقوا وهذه الغبطة التي تحدثنا عنها. المسألة تحتاج أن أفتح المجارك وأدخل بقلب مفتوح لا أدخل لأؤدي واحباً فقط مثل الذي يصلي وهو يؤدي واجب، ذكرنا سابقاً أنك تخرج من مكتبك إلى بيتك ولم تشعر إلا وأنت تركن السيارة بجانب البيت لم تنتبه في أي شوارع مشيت؟ المصيبة أن تجد نفسك وأنت في الصلاة تُسلِّم لم تنتبه للأربع ركعات هذه ليست صلاة والله أعلم إذا كانت تُكتب، والرسول صلى الله عليه وسلم كل كلامه "صلّوا كما رأيتموني أصلي" وحديث المشيء صلاته يجب أن ننتبه إلى كل هذه الأمور فالصلاة ليست مسألة أداء واجب فقط. المقدم: وعمر بن الخطاب كان له قصة في مسألة العباءة د. هداية: لا، هذا كان علي بن أبي طالب إن صحّت القصة أنه انشغل بالعباءة. نسأل الله السلامة المقدم: هي مسألة جهاد مع النفس ومع مسألة الحرث حتى نجد في النهاية الحصاد في الجنة إن شاء الله د. هداية: (والذين جاهدوا فينا) (فينا) يجعلنا نقف أمام إبداع البيان لم يقل في الله وإنما قال (فينا). المقدم: (والذين جاهدوا فينا) وفي سورة العنكبوت (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)) مسألة (في الله) و(فينا) لأول وهلة قد نظن أنهما نفس المعنى لكن الصياغة مختلفة لماذا؟ د. هداية: لأن (في الله) تعطي التوحيد المطلق و(فينا) تعطي التعظيم وتخيفك قليلاً وهذا له أجر (لنهيدتهم سبلنا) ويجب أن نقف عند سبلنا. المقدم: (سبلنا) بعض الناس تفهم أن هناك أكثر من طريقة بينما القرآن يقول للرسول صلى الله عليه وسلم (قل هذه سيبلي أدعو إلى الله على بصيرة) هذه الآية تعطي معنى أنه ليس هناك إلا سبيل واحد وأن الرسول صلى الله عليه وسلم وكل الرسل والأنبياء يتبعون منهجاً ليس من تأليفهم هم وإنما وحي وأمر من الله لكن (سبلنا) هل تعطي فكرة التفرق وأن كل واحد يجتهد ويؤلف كل واحد على ذوقه أو أن كل واحد رغم التوحيد في العبودية والتوحيد في الهدف أني ذاهب إلى الجنة على منهج الله لكن قد يسلك دروباً وسبلاً مختلفة في الدنيا؟ د. هداية: كلمة السبيل ومشتقاتها وردت في القرآن 166 مرة مثل سبيل الله، أما سبلنا بالجمع فوردت عشر مرات بمشتقاتها لكن لما تفحص 166 كلمة السبيل تجد أنها بمعنى الصراط والشرع ولما تفحص كلمة سبلنا بالجمع تجد أنها لا تنفع إلا في الدنيا لا تنفع إلا في العمل ليست منهجاً، لو أراد معنى منهج يأتي بكلمة سبيل (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله) كلمة سبيل مفردة هنا إنما في الآية (لنهدينهم سبلنا) هنا هداية دلالة ومعونة حتى يتحركوا، هداية الدلالة قد تُكر لوحدها أما هداية المعونة فيجب أن تكون معها هداية الدلالة التي بدونها لا يمكن أن أفعل شيئاً. (فلنهدينهم سبلنا) ماذا تريد أنت في الجنة؟ تريد أن تدخل من أبواب الجنة الثمانية كما كان أبو بكر حريصاً على هذه المسألة، الرسول صلى الله عليه وسلم قال كل واحد يدخل من باب عمله فسأل أبو بكر – لم ينتبه أحد للمسألة والقِلّة حتى في التلقي- فسأله هل يمكن أن يدخل أحدهم من الأبواب الثمانية كلها؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم وأنت كذلك، هذه السبل، هي الجنة. المقدم: واحد قد يكون حصاده في الجنة من باب الصيام وآخر قُتل في سبيل الله وواحد الصلاة وآخر إتقان العمل وآخر ترك علماً نفع به الإسلام والمسلمين فهل يمكن أن يكون هذا تطبيق لكل هذه السبل؟ د. هداية: نعم، هم كلهم في الجنة، السبيل هنا واحد والوصول له يحتاج إلى سُبل، أنت تصلي الليل قيام وتهجد وتصوم وتزكي هذه سبل ولهذا جاء معها كلمة الهداية (لنهيدنهم سبلنا). الذي ذكرته مهم جداً أننا نطبقه بشرط (على سبيل الله) على منهج واحد ولا نعدد المناهج فيكون الهدف واحد والمنهج واحد والطريق له من مليون سبيل (سبلنا) وكلها نافعة بشرط أن ابتعد عن الهوى أو أؤلف من عندي أو أقول لم يهدني الله بعد عندها أكون خرجت خارج السبيل. السبيل له سُبل، سبيل بغاية له سبل لكن كلها على منهج الله تبارك وتعالى ونعيد الآية في سورة الروم (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (29)) ثم قال الحل (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30)) الدين مفرد. المقدم: (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) العنكبوت) د. هداية: الآية الثالثة جملة اعتراضية لأن النص أحسب أم حسب الآية 2 (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2)) والآية 4 (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4)) الآية 3 اعتراضية توضح حقيقة الفتنة. (ألم) الأحرف المقطعة تكلمنا فيها وبالمناسبة أريد أن أقول لما نزل القرآن بالحروف المقطعة على رأس عدد من السور هناك من ينتظر غلطة واحدة في القرآن لتعمل منها مشكلة وتخطيء الرسول صلى الله عليه وسلم وتعيب على القرآن لكنهم لم يفعلوها ولم يتكلموا في الحروف المقطعة. المقدم: إذن ما هو السر طالما أنهم كانوا ينتظرون غلطة واحدة؟ د. هداية: لو كان فيها إشكالية من كان أولى بالاعتراض وهم أقدر الناس عليها من ناحية اللغة كلهم كانوا فحول في اللغة والوليد بن المغيرة قال كلاماً في القرآن لم يقله أحد. إذن ليس فيها إشكالية وسكوتهم عنها إما علامة الفهم أو علامة الرضا فلن يسكت المعترض أبداً. أدركوا حقيقة الحروف. المقدم: الرجل الأمي لا يمكن أن يفسر الحرف د. هداية: عندما يقولون عن الرسول صلى الله عليه وسلم أمي والقرآن يصفه بهذا هناك مناط لهذه الكلمة فمقلوب الأمية ماذا؟ نذكر مثالاً الرجل الأمي (أمية اللغة أو القراءة) لو كلمك في السياسة أو الاقتصاد تجده موسوعة لكن قل له استهجى كلمة اقتصاد لا يعرف، إذن الرجل يتكلم معك فيها هذا الرجل يدخل الحروف في بعضها فيعمل كلاماً يعني يعرف أن الألف مع القاف مع التاء مع الصاد مع الألف مع الدال تعمل كلمة اقتصاد لكنه لا يعرف أن يجزيء الكلام إلى حروف ولا سأل ماذا يعني حرف ألف؟ قد يقول لك ما معنى اقتصاد؟ لمن لا يقول لك ما معنى ألف؟ لأنها ليس لها معنى وإنما يكون لها معنى عندما تدخل في الكلام. أنت وصفت الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه أمي وهو يقول (ألم، كهيعص) ويقولها بطريقة أنت ملزم أن تقولها مثله. سأل طفل الشيخ مرة عن معنى (كهيعص) وكان قد نطقها كأنها كلمة لكن الشيخ صححها له كما أخذها هو سماعاً فالقرآن يؤخذ سماعاً والأمي - الذي لم يفهم الناس معنى توصيفه أنه أمي- تهجى الأحرف. (ألم) ألفت النظر أنه لم يسأل عنها أحد ولم يسأل عن معناها الحرف ليس له معنى في حد ذاته وإنما له معنى مع غيره من الحروف. المقدم: البعض عمل دراسات عن الأحرف وقال أن معظمها موجود في السورة د. هداية: المسألة ليست في ألم فقد ودر في القرآن ن و ق وص لماذا لم يقل ض مثلاً؟ لماذا وردت السين ولم ترد الشين. الرازي وصل لستة عشر رأياً لكنها تبقى آراء لكن أذكر أنهم في السابق لم يعترضوا عليها ولم يسالوا عن معناها. (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2)) (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4)) الآية 3 اعتراضية كأنه يريد أن يقول لك أنت لست بدعاً في الفتنة كل الناس مبتلاة وهذا ما قضى به الله. قضى بماذا؟ المسألة ليست قولاً، الإيمان ليس كلمة الإيمان عمل وهذه الآيات تؤكد هذا والآيات تسأل وتترك الإجابة لك (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)) ما هو اعتراضك؟ ثم قال (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ) هل تكلم عن سيئات؟ نعم تكلم، مجرد وهمك - ألفت النظر إلى كلام بعض المفسرين عن معنى كلمة حسب وذكرنا نحن سابقاً درجات الإدراك الأربعة العلم إدراك اليقين والظن إدراك الطرف الراجح والشك تساوي الطرفين والوهم إدراك الطرف المرجوح وأقرب نسبة للعلم الظن وهي التي استخدمها القرآن كثيراً بمعنى علمت (إني ظننت) ظننت هنا بمعنى علمت لكن لا يمكن أن اقول علمت، هذه نقطة. نحن تحركنا من 51% وعملت ولم أنتظر لتكون النسبة 70 أو 80% هذا الرجل الشاطر والمرأة الشاطرة، لما يقول (أحسب) الفعل (حسَب) يأتي بمعنى عدّ أو (حسِب) بمعنى الوهم وليس الظنّ إدراك الطرف المرجوح الذي حيب هذا خطأ لأنه لم يدرك الطرف الراجح وإنما الطرف المرجوح إذن حسِب بمعنى توهّم وفهم خطأ ليس ظناً لأن الظن أفضل واستخدمه القرآن بدل العلم. لو كنت تعلم أمراً ما مائة في المائة وأستاذك هو الذي يسألك فلأنك تلميذ مؤدب لن تقول له علمت ومتأكد وإنما تقول أنا شاكك أو أظن، هذا مؤدب. لما يقول المولى تبارك وتعالى (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2)) هل هي بمعنى علمت أو ظنت أو شكّت أوتوهمت؟ توهمت أن يتركوا سدى على القول يعني تسأل أحدهم عن حاله فيقول أنا مؤمن لكن يؤذن للصلاة فلا يقوم يصلي، يأتي رمضان ولا يصوم إذن أين الإيمان؟ آيات سورة العنكبوت تؤكد فكرة أن الإيمان قولٌ يلزمه وتبعه العمل يصدقه (ما وقر في القلب وصدّقه العمل) صدّقه يعني صادق عليه بالعمل وليس كلاماً فقط. (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2)) ما هي الفتنة؟ الفتنة والابتلاء والبلاء والامتحان ليست مترادفات، الابتلاء عنوان مضمونه وموضوعه الفتنة. الرجل الذي يعمل بالذهب يُدخل السبيكة النار يفتنها فتنصهر المواد الشائبة مثل النحاس وغيره ويبقى الذهب خالصاً نقياً. هذا تشبيه من المولى عز وجل للمؤمن الذي يستحق الجنة بالذهب الخالص أنفس المعادن أما المنافقين والعصاة والفاسقين كالشوائب التي انصهرت في النار ومصيرهم في الآخرة النار ولذلك هناك تعبير نقول عنه (منه وله) الفتنة فيها نار وهذه الآية فيها جنة ونار جنة للذهب وما شابهه ونار للخبث وما شابهه. المقدم: جزاكم الله كل خير، الأسئلة كثيرة جداً وسنتكلم عن معنى الابتلاء والفتنة والبلاء نفسرها للناس ونتكلم عن تطبيق العمل الذي يصادق على القول وهناك سؤال منطقي جداً الناس قالت آمنا فسنبتليهم ونفتنهم والذين لم يقولوا فهل هم خارج الآية؟ أو أن الآية تكلمت عنهم ونحن لم ننتبه، أسئلة كثيرة كلها تصب في سلامة العقيدة، نكمل المسيرة ونراكم بألف خير، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. بُثّت الحلقة بتاريخ 3/3/2009م |
الساعة الآن 04:20 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |