![]() |
سودة أم المؤمنين ( خ ، د ، س )
بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية . وهي أول من تزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد خديجة ، وانفردت به نحوا من ثلاث سنين أو أكثر ، حتى دخل بعائشة . وكانت سيدة جليلة نبيلة ضخمة . وكانت - أولا - عند السكران بن عمرو ، أخي سهيل بن عمرو العامري . [ ص: 266 ] وهي التي وهبت يومها لعائشة ؛ رعاية لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت قد فركت رضي الله عنها . لها أحاديث . وخرج لها البخاري . حدث عنها : ابن عباس ، ويحيى بن عبد الله الأنصاري . توفيت في آخر خلافة عمر بالمدينة . هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة ، من امرأة ، فيها حدة ، فلما كبرت جعلت يومها من النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة . [ ص: 267 ] وروى الواقدي ، عن ابن أخي الزهري ، عن أبيه ، قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بسودة في رمضان سنة عشر من النبوة ، وهاجر بها . وماتت بالمدينة في شوال سنة أربع وخمسين . وقال الواقدي : وهذا الثبت عندنا . وروى عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال : أن سودة رضي الله عنها - توفيت زمن عمر . قال ابن سعد : أسلمت سودة وزوجها ؛ فهاجرا إلى الحبشة . وعن بكير بن الأشج : أن السكران قدم من الحبشة بسودة ، فتوفي عنها ، فخطبها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : أمري إليك . قال : مري رجلا من قومك يزوجك ، فأمرت حاطب بن عمرو العامري ، فزوجها ، وهو مهاجري بدري . هشام الدستوائي : حدثنا القاسم بن أبي بزة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى سودة بطلاقها ، فجلست على طريقه ، فقالت : أنشدك بالذي أنزل عليك [ ص: 268 ] كتابه ، لم طلقتني ؟ ألموجدة ؟ قال : لا . قالت : فأنشدك الله لما راجعتني ؛ فلا حاجة لي في الرجال ؛ ولكني أحب أن أبعث في نسائك ، فراجعها . قالت : فإني قد جعلت يومي لعائشة . الأعمش ، عن إبراهيم ، قالت سودة : يا رسول الله ، صليت خلفك البارحة ؛ فركعت بي ، حتى أمسكت بأنفي مخافة أن يقطر الدم ، فضحك . وكانت تضحكه الأحيان بالشيء . صالح مولى التوأمة ، عن أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : هذه ثم ظهور الحصر . قال صالح : فكانت سودة تقول : لا أحج بعدها . وقالت عائشة : استأذنت سودة ليلة المزدلفة ، أن تدفع قبل حطمة الناس وكانت امرأة ثبطة - أي ثقيلة - فأذن لها [ ص: 269 ] حماد بن زيد ، عن هشام ، عن ابن سيرين : أن عمر بعث إلى سودة بغرارة دراهم ، فقالت : ما هذه ؟ قالوا : دراهم . قالت : في الغرارة مثل التمر ؛ يا جارية : بلغيني القنع ، ففرقتها . يروى لسودة خمسة أحاديث : منها في " الصحيحين " : حديث واحد عن البخاري . الواقدي : حدثنا موسى بن محمد بن عبد الرحمن ، عن ريطة ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بعث زيدا ، وبعث معه أبا رافع مولاه ، وأعطاهما بعيرين ، وخمسمائة درهم ، فخرجنا جميعا . وخرج زيد وأبو رافع بفاطمة ، وبأم كلثوم ، وبسودة بنت زمعة ، وبأم أيمن ، وأسامة ابنه صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت عبد المطلب ، الهاشمية . وهي شقيقة حمزة ، وأم حواري النبي صلى الله عليه وسلم : الزبير . وأمها من بني زهرة . [ ص: 270 ] تزوجها الحارث ، أخو أبي سفيان بن حرب ؛ فتوفي عنها . وتزوجها العوام . أخو سيدة النساء خديجة بنت خويلد ، فولدت له : الزبير ، [ والسائب ] وعبد الكعبة . والصحيح : أنه ما أسلم من عمات النبي صلى الله عليه وسلم سواها . ولقد وجدت على مصرع أخيها حمزة ، وصبرت ، واحتسبت . وهي من المهاجرات الأول وما أعلم هل أسلمت مع حمزة أخيها ، أو مع الزبير ولدها ؟ . وقد كانت يوم الخندق في حصن حسان بن ثابت . قالت : وكان حسان معنا في الذرية ، فمر بالحصن يهودي ، فجعل يطيف بالحصن والمسلمون في نحور عدوهم . . . . ثم ساقت الحديث ، وأنها نزلت ، وقتلت اليهودي بعمود . فروى هشام ، عن أبيه ، عنها ، قالت : أنا أول امرأة قتلت رجلا : كان حسان معنا ، فمر بنا يهودي ، فجعل يطيف بالحصن ؛ فقلت لحسان : إن هذا لا آمنه أن يدل على عورتنا ؛ فقم فاقتله . قال : يغفر الله لك ! لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا ، فاحتجزت ، [ ص: 271 ] وأخذت عمودا ، ونزلت ، فضربته ، حتى قتلته . توفيت صفية في سنة عشرين ودفنت بالبقيع . ولها بضع وسبعون سنة . وكيع ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : لما نزلت : وأنذر عشيرتك الأقربين قام النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا فاطمة بنت محمد ، يا صفية بنت عبد المطلب ، يا بني عبد المطلب ، لا أملك لكم من الله شيئا ؛ سلوني من مالي ما شئتم . ذكر أولاد - صفية رضي الله عنها - : ولدت صفية : الزبير ، والسائب ، وعبد الكعبة ، بني العوام . وهي القائلة تندب رسول الله صلى الله عليه وسلم : عين جودي بدمعة وسهود واندبي خير هالك مفقود واندبي المصطفى بحزن شديد فهذا مما أورد لصفية ، فالله أعلم بصحته .خالط القلب فهو كالمعمود كدت أقضي الحياة لما أتاه قدر خط في كتاب مجيد فلقد كان بالعباد رؤوفا ولهم رحمة ، وخير رشيد رضي الله عنه حيا ، وميتا وجزاه الجنان يوم الخلود |
[ ص: 272 ] أروى عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم
تزوجها عمير بن وهب ، فولدت له : طليبا . ثم خلف عليها أرطاة ، فولدت له : فاطمة . ثم أسلمت أروى ، وهاجرت . وأسلم ولدها طليب في دار الأرقم . روى هذا ابن سعد . ولم يسمع لها بذكر بعد ، ولا وجدنا لها رواية . عاتكة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت عبد المطلب . أسلمت ، وهاجرت . وهي صاحبة تلك الرؤيا في مهلك أهل بدر وتلك الرؤيا ثبطت أخاها أبا لهب عن شهود بدر . ولم نسمع لها بذكر في غير الرؤيا . البيضاء عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حكيم ، بنت عبد المطلب ، ما أظنها أدركت نبوة المصطفى . تزوجها كريز بن ربيعة العبشمي ، فولدت له : عامرا ، والد الأمير عبد الله ؛ وأروى والدة الشهيد عثمان . ثم خلف عليها : عقبة بن أبي معيط ، فولدت له : الوليد ، وخالدا ، وأم كلثوم . وللثلاثة صحبة . برة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت عبد المطلب . والدة أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي البدري . ثم خلف عليها أبو رهم بن عبد العزى العامري ، فولدت له : أبا سبرة ، أحد البدريين . لم تدرك المبعث ، وإنما ذكرتها استطرادا . |
أميمة
عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت عبد المطلب ، والدة عبد الله ، وأم المؤمنين زينب ، وعبيد الله ، [ ص: 274 ] وأبي أحمد عبد ، وحمنة ، أولاد جحش بن رياب الأسدي ، حليف قريش . أسلمت ، وهاجرت . قال ابن سعد : أطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين وسقا من تمر خيبر . وقيل : إنها أميمة بنت ربيعة ، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الحارث بن عبد المطلب ، الهاشمية - أعني التي أسلمت ، وأطعمت من تمر خيبر . والظاهر أن أميمة الكبرى ، العمة ، ما هاجرت ، ولا أدركت الإسلام ، فالله أعلم . لم يهتم بذكر إسلامها إلا الواقدي ، وروى في ذلك قصة ، فالله أعلم . ضباعة ( د ، س ، ق ) بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، الهاشمية . من المهاجرات . وكانت تحت المقداد بن الأسود ، فولدت له : عبد الله ، وكريمة . [ ص: 275 ] لها أحاديث يسيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . روى عنها : ابنتها كريمة ، وسعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وعبد الرحمن الأعرج ، وأنس بن مالك . وحدث عنها من القدماء : ابن عباس ، وجابر . وقتل ولدها عبد الله بن المقداد يوم الجمل مع أم المؤمنين عائشة . معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير ، فقالت : إني أريد الحج ، وأنا شاكية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني . بقيت ضباعة إلى بعد عام أربعين ، فيما أرى رضي الله عنها . ضباعة ( د ، س ، ق ) بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، الهاشمية . من المهاجرات . وكانت تحت المقداد بن الأسود ، فولدت له : عبد الله ، وكريمة . [ ص: 275 ] لها أحاديث يسيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . روى عنها : ابنتها كريمة ، وسعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وعبد الرحمن الأعرج ، وأنس بن مالك . وحدث عنها من القدماء : ابن عباس ، وجابر . وقتل ولدها عبد الله بن المقداد يوم الجمل مع أم المؤمنين عائشة . معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير ، فقالت : إني أريد الحج ، وأنا شاكية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني . بقيت ضباعة إلى بعد عام أربعين ، فيما أرى رضي الله عنها . درة بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي لهب بن عبد المطلب الهاشمية . من المهاجرات [ ص: 276 ] لها حديث واحد ، في " المسند " من رواية ابن ابن عمها الحارث بن نوفل . وقيل : تزوج بها دحية الكلبي . أم كلثوم ( خ ، م ، د ، ت ، س ) بنت عقبة بن أبي معيط : أبان بن ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، الأموي . من المهاجرات . أسلمت بمكة ، وبايعت . ولم يتهيأ لها هجرة إلى سنة سبع . وكان خروجها زمن صلح الحديبية ، فخرج في إثرها أخواها : الوليد وعمارة ، فما زالا حتى قدما المدينة ، فقالا : يا محمد ، ف لنا بشرطنا ، فقالت : أتردني يا رسول الله إلى الكفار يفتنوني عن ديني ولا صبر لي ، وحال النساء في الضعف ما قد علمت ؟ فأنزل الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الآيتين . [ ص: 277 ] فكان يقول : آلله ما أخرجكن إلا حب الله ورسوله والإسلام ! ما خرجتن لزوج ولا مال ، فإذا قلن ذلك ، لم يرجعهن إلى الكفار . ولم يكن لأم كلثوم بمكة زوج فتزوجها زيد بن حارثة ، ثم طلقها ، فتزوجها عبد الرحمن بن عوف ؛ فولدت له : إبراهيم ، وحميدا ، فلما توفي عنها ، تزوجها عمرو بن العاص ؛ فتوفيت عنده . روت عشرة أحاديث في " مسند " بقي بن مخلد . لها في " الصحيحين " حديث واحد . روى عنها ابناها : حميد ، وإبراهيم ، وبسرة بنت صفوان . توفيت في خلافة علي رضي الله عنه . روى لها الجماعة ، سوى ابن ماجه . وساق أخبارها ابن سعد وغيره . |
[ ص: 278 ] أم عمارة ( 4 )
نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول . الفاضلة المجاهدة الأنصارية الخزرجية النجارية المازنية المدنية . كان أخوها عبد الله بن كعب المازني من البدريين . وكان أخوها عبد الرحمن ، من البكائين . شهدت أم عمارة ليلة العقبة ، وشهدت أحدا ، والحديبية ، ويوم حنين ، ويوم اليمامة ، وجاهدت ، وفعلت الأفاعيل . روي لها أحاديث ، وقطعت يدها في الجهاد . وقال الواقدي : شهدت أحدا ، مع زوجها غزية بن عمرو ، ومع ولديها . خرجت تسقي ، ومعها شن ، وقاتلت ، وأبلت بلاء حسنا . وجرحت اثني عشر جرحا . وكان ضمرة بن سعيد المازني يحدث عن جدته ، وكانت قد شهدت أحدا ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لمقام نسيبة بنت كعب اليوم [ ص: 279 ] خير من مقام فلان وفلان . وكانت تراها يومئذ تقاتل أشد القتال ، وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها ، حتى جرحت ثلاثة عشر جرحا ؛ وكانت تقول : إني لأنظر إلى ابن قمئة وهو يضربها على عاتقها - وكان أعظم جراحها - ، فداوته سنة . ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلى حمراء الأسد ، فشدت عليها ثيابها ، فما استطاعت من نزف الدم رضي الله عنها ورحمها . ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمر : أخبرنا عبد الجبار بن عمارة ، عن عمارة بن غزية قال : قالت أم عمارة : رأيتني ، وانكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما بقي إلا في نفير ما يتمون عشرة ؛ وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه ، والناس يمرون به منهزمين ، ورآني ولا ترس معي ، فرأى رجلا موليا ومعه ترس ، فقال : ألق ترسك إلى من يقاتل ، فألقاه ، فأخذته ، فجعلت أترس به عن رسول الله . وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل ؛ لو كانوا رجالة مثلنا أصبناهم - إن شاء الله . فيقبل رجل على فرس ، فيضربني ، وترست له ، فلم يصنع شيئا ، وولى ؛ فأضرب عرقوب فرسه ، فوقع على ظهره ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح : يا ابن أم عمارة ، أمك ! أمك ! قالت : فعاونني عليه ، حتى أوردته شعوب . [ ص: 280 ] قال : أخبرنا محمد بن عمر : حدثني ابن أبي سبرة ، عن عمرو بن يحيى ، عن أمه ، عن عبد الله بن زيد ، قال : جرحت يومئذ جرحا ، وجعل الدم لا يرقأ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اعصب جرحك . فتقبل أمي إلي ، ومعها عصائب في حقوها ؛ فربطت جرحي ، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف ، فقال : انهض بني ، فضارب القوم ! وجعل يقول : من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة ! . فأقبل الذي ضرب ابني ، فقال رسول الله : هذا ضارب ابنك . قالت : فأعترض له ، فأضرب ساقه ، فبرك ، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم ، حتى رأيت نواجذه ، وقال : استقدت يا أم عمارة ! . ثم أقبلنا نعله بالسلاح ، حتى أتينا على نفسه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الحمد لله الذي ظفرك . أخبرنا محمد بن عمر : حدثني ابن أبي سبرة ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة ، عن الحارث بن عبد الله : سمعت عبد الله بن زيد بن عاصم يقول : شهدت أحدا ، فلما تفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دنوت منه أنا وأمي ، نذب عنه ، فقال : ابن أم عمارة ؟ قلت : نعم . قال : ارم ، فرميت بين يديه رجلا بحجر - وهو على فرس - فأصبت عين الفرس ، فاضطرب الفرس ، فوقع هو وصاحبه ؛ وجعلت أعلوه بالحجارة ، والنبي صلى الله عليه وسلم يبتسم . [ ص: 281 ] ونظر إلى جرح أمي على عاتقها ، فقال : أمك أمك ! اعصب جرحها . اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة . قلت : ما أبالي ما أصابني من الدنيا . وعن موسى بن ضمرة بن سعيد ، عن أبيه ، قال : أتي عمر بن الخطاب بمروط فيها مرط جيد ؛ فبعث به إلى أم عمارة . شعبة ، عن حبيب بن زيد الأنصاري ، عن امرأة ، عن أم عمارة ، قالت : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقربنا إليه طعاما ، وكان بعض من عنده صائما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أكل عند الصائم الطعام ، صلت عليه الملائكة . وعن محمد بن يحيى بن حبان ، قال : جرحت أم عمارة بأحد اثني عشر جرحا ، وقطعت يدها يوم اليمامة ؛ وجرحت يوم اليمامة سوى يدها أحد عشر جرحا ، فقدمت المدينة وبها الجراحة ، فلقد رئي أبو بكر - رضي الله عنه ، وهو خليفة ، يأتيها يسأل عنها . وابنها حبيب بن زيد بن عاصم هو الذي قطعه مسيلمة . [ ص: 282 ] وابنها الآخر عبد الله بن زيد المازني ، الذي حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قتل يوم الحرة وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب بسيفه . انفرد أبو أحمد الحاكم ، وابن منده بأنه شهد بدرا . قال ابن عبد البر : بل شهد أحدا . قلت : نعم ، الصحيح أنه لم يشهد بدرا . والله أعلم . |
أسماء بنت عميس ( ع )
ابن معبد بن الحارث الخثعمية . أم عبد الله . [ ص: 283 ] من المهاجرات الأول . قيل : أسلمت قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم . وهاجر بها زوجها جعفر الطيار إلى الحبشة ، فولدت له هناك : عبد الله ، ومحمدا ، وعونا . فلما هاجرت معه إلى المدينة سنة سبع ، واستشهد يوم مؤتة ، تزوج بها أبو بكر الصديق ، فولدت له : محمدا وقت الإحرام ، فحجت حجة الوداع ، ثم توفي الصديق ، فغسلته . وتزوج بها علي بن أبي طالب . سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل ، عن الشعبي ، قال : قدمت أسماء من الحبشة ، فقال لها عمر : يا حبشية ، سبقناكم بالهجرة . فقالت : لعمري ، لقد صدقت : كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ، ويعلم جاهلكم ، وكنا البعداء الطرداء ، أما والله لأذكرن ذلك لرسول الله ، فأتته ، فقال : للناس هجرة واحدة ، ولكم هجرتان. [ ص: 284 ] عبد الله بن نمير ، عن الأجلح ، عن عامر ، قال : قالت أسماء بنت عميس : يا رسول الله ، إن هؤلاء يزعمون أنا لسنا من المهاجرين . قال : كذب من يقول ذلك ، لكم الهجرة مرتين : هاجرتم إلى النجاشي ، وهاجرتم إلي . قال الشعبي : أول من أشار بنعش المرأة - يعني المكبة - أسماء ، رأت النصارى يصنعونه بالحبشة . الحكم بن عتيبة عن عبد الله بن شداد ، عن أسماء بنت عميس ، قالت : لما أصيب جعفر ، قال : تسلبي ثلاثا ، ثم اصنعي ما شئت . [ ص: 285 ] قال ابن المسيب : نفست أسماء بنت عميس بمحمد بذي الحليفة ، وهم يريدون حجة الوداع ، فأمرها أبو بكر أن تغتسل ، ثم تهل بالحج . الثوري ، عن عبد الكريم ، عن سعيد بن المسيب ، قال : نفست بذي الحليفة ، فهم أبو بكر بردها ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : مرها ، فلتغتسل ، ثم تهل بالحج . وروى القاسم بن محمد ، عن أسماء نحوا منه . ابن سعد : أخبرنا يزيد : أخبرنا ابن أبي خالد ، عن قيس ، قال : دخلت مع أبي بكر رضي الله عنه وكان أبيض ، خفيف اللحم ، فرأيت يدي أسماء موشومة . زاد خالد الطحان ، عن إسماعيل ، عن قيس : تذب عن أبي بكر . [ ص: 286 ] قال سعد بن إبراهيم قاضي المدينة : أوصى أبو بكر أن تغسله أسماء . قال قتادة : فغسلته بنت عميس امرأته . وقيل : عزم عليها لما أفطرت ، وقال : هو أقوى لك ، فذكرت يمينه في آخر النهار ، فدعت بماء ، فشربت ، وقالت : والله لا أتبعه اليوم حنثا . مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر : أن أسماء غسلت أبا بكر ؛ فسألت من حضر من المهاجرين ، وقالت : إني صائمة ، وهذا يوم شديد البرد ، فهل علي من غسل ؟ فقالوا : لا . روى أبو إسحاق ، عن مصعب بن سعد : أن عمر فرض الأعطية ، ففرض لأسماء بنت عميس ألف درهم . قال الواقدي : ثم تزوجت عليا فولدت له : يحيى ، وعونا . زكريا بن أبي زائدة : سمعت عامرا يقول : تزوج علي أسماء بنت عميس ، فتفاخر ابناها : محمد بن أبي بكر ، ومحمد بن جعفر ، فقال كل منهما : أنا أكرم منك ، وأبي خير من أبيك . قال : فقال لها علي : اقضي بينهما ، قالت : ما رأيت شابا من العرب خيرا من جعفر ، ولا رأيت كهلا خيرا من أبي بكر . [ ص: 287 ] فقال علي : ما تركت لنا شيئا ؛ ولو قلت غير الذي قلت لمقتك . قالت : إن ثلاثة أنت أخسهم خيار . ابن عيينة ، عن إسماعيل ، عن قيس ، قال : قال علي رضي الله عنه : كذبتكم من النساء الحارقة فما ثبتت منهن امرأة إلا أسماء بنت عميس . قلت : لأسماء حديث في " سنن " الأربعة . حدث عنها : ابنها عبد الله بن جعفر . وابن أختها عبد الله بن شداد . وسعيد بن المسيب . وعروة ، والشعبي ، والقاسم بن محمد . وآخرون . عاشت بعد علي . |
أسماء بنت أبي بكر ( ع )
عبد الله بن أبي قحافة عثمان أم عبد الله القرشية التيمية ، المكية ، ثم المدنية . [ ص: 288 ] والدة الخليفة عبد الله بن الزبير ، وأخت أم المؤمنين عائشة ، وآخر المهاجرات وفاة . روت عدة أحاديث . وعمرت دهرا . وتعرف بذات النطاقين وأمها : هي قتيلة بنت عبد العزى العامرية . حدث عنها ابناها : عبد الله ، وعروة ، وحفيدها عبد الله بن عروة ، وحفيده عباد بن عبد الله ، وابن عباس ، وأبو واقد الليثي ، وصفية بنت شيبة ، ومحمد بن المنكدر ، ووهب بن كيسان ، وأبو نوفل معاوية بن أبي عقرب ، والمطلب بن عبد الله بن حنطب ، وفاطمة بنت المنذر بن الزبير ، ومولاها عبد الله بن كيسان ، وابن أبي مليكة ، ونافلتها عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير ، وعدة . وكانت أسن من عائشة ببضع عشرة سنة . هاجرت حاملا بعبد الله . وقيل : لم يسقط لها سن . وشهدت اليرموك مع زوجها الزبير . وهي ، وأبوها ، وجدها ، وابنها ابن الزبير ، أربعتهم صحابيون . أخبرنا أحمد بن هبة الله : أنبأنا المؤيد الطوسي : أخبرنا أبو عبد الله الفراوي : أخبرنا عبد الغافر الفارسي ، أخبرنا ابن عمرويه ، أخبرنا إبراهيم بن سفيان ، حدثنا مسلم ، حدثنا داود بن عمرو ، حدثنا نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال : قالت أسماء بنت أبي بكر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني [ ص: 289 ] على الحوض أنظر من يرد علي منكم . شعبة ، عن مسلم القري قال : دخلنا على أم ابن الزبير ؛ فإذا هي امرأة ضخمة عمياء - نسألها عن متعة الحج ، فقالت : قد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها . قال عبد الرحمن بن أبي الزناد : كانت أسماء أكبر من عائشة بعشر . هشام بن عروة ، عن أبيه ، وفاطمة بنت المنذر ، عن أسماء ، قالت : صنعت سفرة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أبي حين أراد أن يهاجر ، فلم أجد لسفرته ولا لسقائه ما أربطهما ، فقلت لأبي : ما أجد إلا نطاقي ، قال : شقيه باثنين ، فاربطي بهما قال : فلذلك سميت : ذات النطاقين . ابن إسحاق : حدثني يحيى بن عباد عن أبيه ، عن أسماء ، قالت : [ ص: 290 ] لما توجه النبي صلى الله عليه وسلم من مكة حمل أبو بكر معه جميع ماله - خمسة آلاف ، أو ستة آلاف - فأتاني جدي أبو قحافة وقد عمي ، فقال : إن هذا قد فجعكم بماله ونفسه ، فقلت : كلا ، قد ترك لنا خيرا كثيرا . فعمدت إلى أحجار ، فجعلتهن في كوة البيت ، وغطيت عليها بثوب ، ثم أخذت بيده ، ووضعتها على الثوب ، فقلت : هذا تركه لنا ، فقال : أما إذ ترك لكم هذا ، فنعم . ابن إسحاق : حدثت عن أسماء ، قالت : أتى أبو جهل في نفر ، فخرجت إليهم ، فقالوا : أين أبوك ؟ قلت : لا أدري - والله - أين هو ؟ . فرفع أبو جهل يده ، ولطم خدي لطمة خر منها قرطي . ثم انصرفوا ، فمضت ثلاث لا ندري أين توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ أقبل رجل من الجن يسمعون صوته بأعلى مكة ، يقول : جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين قالا خيمتي أم معبد قال ابن أبي مليكة : كانت أسماء تصدع ، فتضع يدها على رأسها ، وتقول : بذنبي ، وما يغفره الله أكثر . وروى عروة عنها قالت : تزوجني الزبير وما له شيء غير فرسه ، فكنت أسوسه وأعلفه ، وأدق لناضحه النوى وأستقي وأعجن ، وكنت [ ص: 291 ] أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي - وهي على ثلثي فرسخ - فجئت يوما والنوى على رأسي ، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر ، فدعاني ، فقال : إخ ، إخ ، ليحملني خلفه ، فاستحييت ، وذكرت الزبير وغيرته . قالت : فمضى . فلما أتيت ، أخبرت الزبير ، فقال : والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه . قالت : حتى أرسل إلي أبو بكر بعد بخادم ، فكفتني سياسة الفرس ، فكأنما أعتقني . وعن ابن الزبير قال : نزلت هذه الآية في أسماء ، وكانت أمها يقال لها : قتيلة ، جاءتها بهدايا فلم تقبلها ، حتى سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين . وفي " الصحيح " قالت أسماء : يا رسول الله إن أمي قدمت ، وهي راغبة ، أفأصلها ؟ قال : نعم ، صلي أمك . عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة ، عن هشام ، أن عروة قال : [ ص: 292 ] ضرب الزبير أسماء ، فصاحت بعبد الله ابنها ، فأقبل ، فلما رآه ، قال : أمك طالق إن دخلت ، فقال : أتجعل أمي عرضة ليمينك ؟ ! فاقتحم ، وخلصها . قال : فبانت منه . حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة : أن الزبير طلق أسماء ، فأخذ عروة ، وهو يومئذ صغير . أسامة بن زيد ، عن محمد بن المنكدر قال : كانت أسماء بنت أبي بكر سخية النفس . هشام بن عروة ، عن القاسم بن محمد : سمعت ابن الزبير يقول : ما رأيت امرأة قط أجود من عائشة وأسماء ، وجودهما مختلف : أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء ، حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه ، وأما أسماء ، فكانت لا تدخر شيئا لغد . قال مصعب بن سعد : فرض عمر للمهاجرات : ألفا ألفا ، منهن : أم عبد ، وأسماء . هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر : أن أسماء كانت تمرض المرضة ، فتعتق كل مملوك لها . [ ص: 293 ] قال الواقدي : كان سعيد بن المسيب من أعبر الناس للرؤيا ، أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر ، وأخذت عن أبيها . معن بن عيسى : حدثنا شعيب بن طلحة ، عن أبيه : قالت أسماء لابنها : يا بني عش كريما ، ومت كريما ، لا يأخذك القوم أسيرا . قال هشام بن عروة : كثر اللصوص بالمدينة ، فاتخذت أسماء خنجرا زمن سعيد بن العاص : كانت تجعله تحت رأسها . قال عروة : دخلت أنا وأخي - قبل أن يقتل - على أمنا بعشر ليال ، وهي وجعة ، فقال عبد الله : كيف تجدينك ؟ قالت : وجعة . قال : إن في الموت لعافية . قالت : لعلك تشتهي موتي ، فلا تفعل ، وضحكت ، وقالت : والله ، ما أشتهي أن أموت ، حتى تأتي على أحد طرفيك : إما أن تقتل فأحتسبك ، وإما أن تظفر فتقر عيني . إياك أن تعرض على خطة فلا توافق ، فتقبلها كراهية الموت . قال : وإنما عنى أخي أن يقتل فيحزنها ذلك . وكانت بنت مائة سنة . [ ص: 294 ] ابن عيينة : حدثنا أبو المحياة ، عن أمه ، قال : لما قتل الحجاج ابن الزبير ، دخل على أسماء وقال لها : يا أمه ، إن أمير المؤمنين وصاني بك ، فهل لك من حاجة ؟ قالت : لست لك بأم ، ولكني أم المصلوب على رأس الثنية ، وما لي من حاجة ، ولكن أحدثك : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج في ثقيف كذاب ، ومبير فأما الكذاب فقد رأيناه - تعني المختار - وأما المبير فأنت . فقال لها : مبير المنافقين . أحمد بن يونس : حدثنا أبو المحياة يحيى بن يعلى التيمي ، عن أبيه ، قال : دخلت مكة بعد قتل ابن الزبير بثلاث - وهو مصلوب - فجاءت أمه عجوز طويلة عمياء ، فقالت للحجاج : أما آن للراكب أن ينزل ؟ فقال : المنافق ؟ قالت : والله ما كان منافقا ، كان صواما قواما برا . قال : انصرفي يا عجوز ، فقد خرفت . قالت : لا - والله - ما خرفت منذ سمعت رسول الله يقول : في ثقيف كذاب ومبير . . . الحديث . ابن عيينة ، عن منصور بن صفية ، عن أمه ، قالت : قيل لابن عمر : إن أسماء في ناحية المسجد - وذلك حين صلب ابن الزبير - فمال إليها ، فقال : إن هذه الجثث ليست بشيء ، وإنما الأرواح عند الله ، فاتقي الله واصبري . [ ص: 295 ] فقالت : وما يمنعني ، وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل . أيوب ، عن ابن أبي مليكة قال : دخلت على أسماء بعدما أصيب ابن الزبير ، فقالت : بلغني أن هذا صلب عبد الله ، اللهم لا تمتني حتى أوتى به ، فأحنطه وأكفنه . فأتيت به بعد ، فجعلت تحنطه بيدها ، وتكفنه بعدما ذهب بصرها . ومن وجه آخر - عن ابن أبي مليكة - : وصلت عليه ، وما أتت عليه جمعة إلا ماتت . شريك ، عن الركين بن الربيع ، قال : دخلت على أسماء بنت أبي بكر ، وقد كبرت ، وهي تصلي ، وامرأة تقول لها : قومي ، اقعدي ، افعلي من الكبر . قال ابن سعد : ماتت بعد ابنها بليال . وكان قتله لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين . [ ص: 296 ] قلت : كانت خاتمة المهاجرين والمهاجرات . إسحاق الأزرق ، عن عوف الأعرابي ، عن أبي الصديق الناجي : أن الحجاج دخل على أسماء فقال : إن ابنك ألحد في هذا البيت ، وإن الله أذاقه من عذاب أليم . قالت : كذبت . كان برا بوالدته ، صواما ، قواما ، ولكن قد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه سيخرج من ثقيف كذابان : الآخر منهما شر من الأول ، وهو مبير . مسندها ثمانية وخمسون حديثا . اتفق لها البخاري ومسلم على ثلاثة عشر حديثا . وانفرد البخاري بخمسة أحاديث ، ومسلم بأربعة . |
أم سليم الغميصاء
ويقال : الرميصاء . ويقال : سهلة . ويقال : أنيفة . ويقال : رميثة . بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار ; الأنصارية الخزرجية . أم خادم النبي ، صلى الله عليه وسلم : أنس بن مالك . فمات زوجها مالك بن النضر ، ثم تزوجها أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري ، فولدت له : أبا عمير ، وعبد الله . شهدت : حنينا ، وأحدا . من أفاضل النساء . قال محمد بن سيرين : كانت أم سليم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد ، ومعها خنجر . حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس : أن أم سليم اتخذت خنجرا يوم حنين ، فقال أبو طلحة : يا رسول الله ، هذه أم سليم معها خنجر! فقالت : يا رسول الله ، إن دنا مني مشرك بقرت به بطنه . [ ص: 305 ] همام بن يحيى ، عن إسحاق بن عبد الله ، عن جدته أم سليم : أنها آمنت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت : فجاء أبو أنس ، وكان غائبا ، فقال : أصبوت ؟ فقالت : ما صبوت ، ولكني آمنت . وجعلت تلقن أنسا : قل : لا إله إلا الله ، قل : أشهد أن محمدا رسول الله . ففعل . فيقول لها أبوه : لا تفسدي علي ابني . فتقول : إني لا أفسده . فخرج مالك ، فلقيه عدو له ، فقتله . فقالت : لا جرم ، لا أفطم أنسا حتى يدع الثدي ; ولا أتزوج حتى يأمرني أنس . فخطبها أبو طلحة ، وهو يومئذ مشرك ، فأبت . خالد بن مخلد : حدثنا محمد بن موسى ، عن عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس ، قال : خطب أبو طلحة أم سليم ، فقالت : إني قد آمنت ; فإن تابعتني تزوجتك ، قال : فأنا على مثل ما أنت عليه . فتزوجته أم سليم ، وكان صداقها الإسلام . سليمان بن المغيرة : حدثنا ثابت ، عن أنس ، قال : خطب أبو طلحة أم [ ص: 306 ] سليم ، فقالت : إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركا ، أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها عبد آل فلان ، وأنكم لو أشعلتم فيها نارا لاحترقت ؟ قال : فانصرف وفي قلبه ذلك ، ثم أتاها وقال : الذي عرضت علي قد قبلت . قال : فما كان لها مهر إلا الإسلام . مسلم بن إبراهيم : أخبرنا ربعي بن عبد الله بن الجارود الهذلي : حدثني الجارود : حدثنا أنس بن مالك : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يزور أم سليم ، فتتحفه بالشيء تصنعه له ، وأخ لي أصغر مني يكنى أبا عمير ، فزارنا يوما ، فقال : ما لي أرى أبا عمير خاثر النفس ؟ قالت : ماتت صعوة له كان يلعب بها . فجعل النبي يمسح رأسه ، ويقول : يا أبا عمير ، ما فعل النغير ؟ . همام : حدثنا إسحاق بن عبد الله ، عن أنس ، قال : لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل بيتا غير بيت أم سليم . فقيل له . فقال : إني أرحمها ، قتل [ ص: 307 ] أخوها معي . قلت : أخوها ، هو حرام بن ملحان ، الشهيد الذي قال يوم بئر معونة فزت ورب الكعبة ، لما طعن من ورائه ، فطلعت الحربة من صدره ، رضي الله عنه . أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أم سليم ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقيل في بيتي ، وكنت أبسط له نطعا ، فيقيل عليه ، فيعرق ، فكنت آخذ سكا فأعجنه بعرقه . قال ابن سيرين : فاستوهبت من أم سليم من ذلك السك ، فوهبت لي منه . قال أيوب : فاستوهبت من محمد من ذلك السك ، فوهب لي منه ; فإنه عندي الآن . قال : ولما مات محمد حنط بذلك السك . [ ص: 308 ] رواه ابن سعد ، عن عبد الله بن جعفر الرقي ، عن عبيد الله بن عمرو ، عنه . ابن سعد : أخبرنا عبد الله بن جعفر : حدثنا عبيد الله ، عن عبد الكريم ، عن البراء بن زيد : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في بيت أم سليم على نطع ، فعرق ، فاستيقظ ، وهي تمسح العرق ، فقال : ما تصنعين ؟ قالت : آخذ هذه البركة التي تخرج منك . ابن جريج ، عن عبد الكريم بن مالك : أخبرني البراء ابن بنت أنس ، عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أم سليم ، وقربة معلقة ، فشرب منها قائما ، فقامت إلى في السقاء ، فقطعته . رواه عبيد الله بن عمرو ، فزاد : وأمسكته عندها . عفان : حدثنا حماد : أخبرنا ثابت ، عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يحلق رأسه بمنى ، أخذ أبو طلحة شق شعره ، فجاء به إلى أم سليم ، فكانت تجعله في سكها . قالت : وكان يقيل عندي على نطع ، وكان معراقا - صلى الله عليه وسلم - فجعلت أسلت العرق في قارورة . فاستيقظ ، فقال : ما تجعلين ؟ قلت : أريد أن أدوف [ ص: 309 ] بعرقك طيبي . حميد الطويل : عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أم سليم ، فأتته بسمن وتمر . فقال : إني صائم . ثم قام ، فصلى ، ودعا لأم سليم ولأهل بيتها ، فقالت : إن لي خويصة قال : ما هي ؟ قالت : خادمك أنس ، فما ترك خير آخرة ولا دنيا إلا دعا لي به ، وبعثت معي بمكتل من رطب إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . وروى ثابت ، عن أنس ، قال : قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : دخلت الجنة ، فسمعت خشفة بين يدي ; فإذا أنا بالغميصاء بنت ملحان [ ص: 310 ] وروى عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس ، قال : ولدت أمي ، فبعثت بالولد معي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : هذا أخي . فأخذه ، فمضغ له تمرة فحنكه بها . قال حميد : قال أنس : ثقل ابن لأم سليم ، فخرج أبو طلحة إلى المسجد ، فتوفي الغلام . فهيأت أم سليم أمره ، وقالت : لا تخبروه . فرجع ، وقد سيرت له عشاءه ، فتعشى ، ثم أصاب من أهله . فلما كان من آخر الليل ، قالت : يا أبا طلحة ، ألم تر إلى آل أبي فلان استعاروا عارية ، فمنعوها ، وطلبت منهم ، فشق عليهم . فقال : ما أنصفوا . قالت : فإن ابنك كان عارية من الله ، فقبضه . فاسترجع ، وحمد الله . فلما أصبح غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآه ، قال : بارك الله لكما في ليلتكما . فحملت بعبد الله بن أبي طلحة ، فولدت ليلا ، فأرسلت به معي ، وأخذت تمرات عجوة ، فانتهيت به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يهنأ أباعر له ، ويسمها ، فقلت : يا رسول الله ، ولدت أم سليم الليلة . فمضغ بعض التمرات بريقه ، فأوجره إياه ، فتلمظ الصبي ، فقال : [ ص: 311 ] حب الأنصار التمر . فقلت : سمه يا رسول الله . قال : هو عبد الله . سمعه الأنصاري ، وعبد الله بن بكر ، منه . وروى سعيد بن مسروق الثوري ، عن عباية بن رفاعة ، قال : كانت أم أنس تحت أبي طلحة ، فذكر نحوه . وفيه : فقال رسول الله : اللهم بارك لهما في ليلتهما . قال عباية : فلقد رأيت لذلك الغلام سبع بنين ، كلهم قد ختم القرآن . رواه أبو الأحوص عنه . روت : أربعة عشر حديثا . اتفقا لها على حديث ، وانفرد البخاري بحديث ، ومسلم بحديثين . |
أم هانئ ( ع )
السيدة الفاضلة أم هانئ بنت عم النبي - صلى الله عليه وسلم - أبي طالب عبد مناف بن [ ص: 312 ] عبد المطلب بن هاشم . الهاشمية المكية . أخت : علي ، وجعفر . اسمها : فاختة . وقيل : هند . تأخر إسلامها . دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى منزلها يوم الفتح ، فصلى عندها ثمان ركعات ضحى . روت أحاديث . حدث عنها : حفيدها جعدة ، ومولاها أبو صالح باذام ، وكريب مولى ابن عباس ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، ومجاهد بن جبر ، وعطاء بن أبي رباح ، وعروة بن الزبير ; وآخرون . كانت تحت هبيرة بن عمرو بن عائذ المخزومي ، فهرب يوم الفتح إلى نجران . أولدها : عمرو بن هبيرة ، وجعدة ، وهانئا ، ويوسف . وأسلمت يوم الفتح . قال ابن إسحاق : لما بلغ هبيرة إسلامها ، قال أبياتا منها . [ ص: 313 ] وعاذلة هبت بليل تلومني وتعذلني بالليل ضل ضلالها وتزعم أني إن أطعت عشيرتي سأوذى وهل يؤذيني إلا زوالها فإن كنت قد تابعت دين محمد وقطعت الأرحام منك حبالها فكوني على أعلى سحيق بهضبة ململمة غبراء يبس بلالها قلت : لم يذكر أحد أن هبيرة أسلم . عاشت أم هانئ إلى بعد سنة خمسين . القعنبي ، عن مالك ، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله : أن أبا مرة مولى أم هانئ أخبره : أنه سمع أم هانئ تقول : ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح ، فوجدته يغتسل ، وفاطمة تستره بثوب ، فسلمت . فقال : من هذه ؟ قلت : أنا أم هانئ بنت أبي طالب . فقال : مرحبا بأم هانئ . فلما فرغ من غسله ، قام فصلى ثمان ركعات ملتحفا في ثوب واحد . فقلت : يا رسول الله ، زعم ابن أمي - تعني عليا - أنه قاتل رجلا قد أجرته : فلان بن هبيرة . فقال : قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ . وذلك ضحى . [ ص: 314 ] قال الدغولي : كان ابنها جعدة بن هبيرة ، قد ولاه علي بن أبي طالب خراسان ، وهو ابن أخته . وقيل : إن أم هانئ لما بانت عن هبيرة بإسلامها ، خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إني امرأة مصبية . فسكت عنها . بلغ مسندها : ستة وأربعين حديثا . لها من ذلك حديث واحد أخرجاه . |
[ ص: 316 ] أم حرام ( خ ، م ، د ، س ، ق )
بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار . الأنصارية النجارية المدنية . أخت أم سليم . وخالة أنس بن مالك . وزوجة عبادة بن الصامت . حديثها في جميع الدواوين ، سوى جامع أبي عيسى . كانت من علية النساء . حدث عنها : أنس بن مالك ; وغيره . سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما هو إلا أنا وأمي وخالتي أم حرام ، فقال : قوموا فلأصل بكم فصلى بنا في غير وقت صلاة . يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن أنس ، قال : حدثتني أم حرام بنت ملحان : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في بيتها يوما ، فاستيقظ ، وهو يضحك . فقلت : يا رسول الله : ما أضحكك ؟ قال : عرض علي ناس من أمتي يركبون ظهر هذا البحر ، كالملوك [ ص: 317 ] على الأسرة . قلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . قال : أنت من الأولين . فتزوجها عبادة بن الصامت ، فغزا بها في البحر ، فحملها معه . فلما رجعوا قربت لها بغلة لتركبها فصرعتها ، فدقت عنقها ، فماتت ، رضي الله عنها . قلت : يقال هذه غزوة قبرس في خلافة عثمان . وحديثها له طرق في " الصحيحين " . وبلغني أن قبرها تزوره الفرنج . |
الساعة الآن 01:53 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |