![]() |
[ ص: 318 ] أم عطية الأنصارية ( ع )
اسمها : نسيبة بنت الحارث . وقيل : نسيبة بنت كعب . من فقهاء الصحابة لها عدة أحاديث . وهي التي غسلت بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب . حدث عنها : محمد بن سيرين ، وأخته حفصة بنت سيرين ، وأم شراحيل ، وعلي بن الأقمر ، وعبد الملك بن عمير ، وإسماعيل بن عبد الرحمن ; وعدة . عاشت إلى حدود سنة سبعين . وهي القائلة : نهينا عن اتباع الجنازة ، ولم يعزم علينا . حديثها مخرج في الكتب الستة . [ ص: 319 ] فاطمة بنت قيس الفهرية ( ع ) إحدى المهاجرات وأخت الضحاك . كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي ، فطلقها ، فخطبها معاوية بن أبي سفيان ، وأبو جهم ، فنصحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشار عليها بأسامة بن زيد ، فتزوجت به . وهي التي روت حديث السكنى والنفقة للمطلقة بتة . وهي التي روت قصة الجساسة . حدث عنها : الشعبي ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وآخرون . توفيت في خلافة معاوية وحديثها في الدواوين كلها . [ ص: 320 ] عثمان بن حنيف ( ت ، س ، ق ) ابن واهب بن عكيم بن ثعلبة بن الحارث بن مجدعة بن عمرو بن حنش بن عوف بن عمرو بن عوف . الأنصاري الأوسي القبائي . أخو سهل بن حنيف . ووالد : عبد الله ، وحارثة ، والبراء ، ومحمد ، وعبد الله . وأم سهل من جلة الأنصار . ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أبي مجلز : أن عمر وجه عثمان بن حنيف على خراج السواد ، ورزقه كل يوم ربع شاة وخمسة دراهم . وأمره أن يمسح السواد ، عامره وغامره ولا يمسح سبخة . ولا تلا ، ولا أجمة ، ولا مستنقع ماء . فمسح كل شيء دون جبل حلوان إلى أرض العرب ، وهو أسفل الفرات . وكتب إلى عمر : إني وجدت كل شيء بلغه الماء ، غامرا وعامرا ، [ ص: 321 ] ستة وثلاثين ألف جريب - وكان ذراع عمر الذي ذرع به السواد ذراعا وقبضة والإبهام مضجعة . وكتب إليه : أن افرض الخراج على كل جريب ، عامر أو غامر ، درهما وقفيزا وافرض على الكرم ، على كل جريب عشرة دراهم ، وأطعمهم النخل والشجر ، وقال : هذا قوة لهم على عمارة بلادهم . وفرض على الموسر ثمانية وأربعين درهما ، وعلى من دون ذلك أربعة وعشرين درهما ، وعلى من لم يجد شيئا اثني عشر درهما ، ورفع عنهم الرق بالخراج الذي وضعه في رقابهم . فحمل من خراج سواد الكوفة إلى عمر في أول سنة ثمانون ألف ألف درهم ، ثم حمل من قابل مائة وعشرون ألف ألف درهم . فلم يزل على ذلك . حصين بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن ميمون ، قال : جئت فإذا عمر واقف على حذيفة ، وعثمان بن حنيف ، وهو يقول : تخافان أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق ؟ قال عثمان : لو شئت لأضعفت على أرضي . وقال حذيفة : لقد حملت الأرض شيئا هي له مطيقة . فجعل يقول : انظرا ما [ ص: 322 ] لديكما ، والله لئن سلمني الله لأدعن أرامل العراق لا يحتجن . فما أتت عليه رابعة حتى أصيب . قال ابن سعد : قتل عثمان ، وفارق ابن كريز البصرة ، فبعث علي عليها عثمان بن حنيف واليا ; فلم يزل حتى قدم عليه طلحة والزبير ، فقاتلهما ومعه حكيم بن جبلة العبدي . ثم توادعوا ، حتى يقدم علي . ثم كانت ليلة ذات ريح وظلمة ، فأقبل أصحاب طلحة ، فقتلوا حرس عثمان بن حنيف ودخلوا عليه ، فنتفوا لحيته وجفون عينيه ، وقالوا : لولا العهد لقتلناك . فقال : إن أخي وال لعلي على المدينة ، ولو قتلتموني لقتل من بالمدينة من أقارب طلحة والزبير . ثم سجن . وأخذوا بيت المال . وكان يكنى : أبا عبد الله . توفي في خلافة معاوية وله عقب . ولعثمان حديث لين في " مسند أحمد " . |
[ ص: 323 ] خباب بن الأرت ( ع )
ابن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة ، من تميم . أبو يحيى التميمي . من نجباء السابقين له عدة أحاديث . وقيل : كنيته أبو عبد الله . شهد بدرا ، والمشاهد . حدث عنه : مسروق ، وأبو وائل ، وأبو معمر ، وقيس بن أبي حازم ، وعلقمة بن قيس ; وعدة . قيل : مات في خلافة عمر وصلى عليه عمر . وليس هذا بشيء ، بل مات بالكوفة سنة سبع وثلاثين وصلى عليه علي . وقيل : عاش ثلاثا وسبعين سنة . [ ص: 324 ] نعم ، الذي مات سنة تسع عشرة وصلى عليه عمر : هو خباب مولى عتبة بن غزوان ، صحابي مهاجري أيضا . قال منصور ، عن مجاهد : أول من أظهر إسلامه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ، وخباب ، وبلال ، وصهيب ، وعمار . وأما ابن إسحاق ، فذكر إسلام خباب بعد تسعة عشر إنسانا ، وأنه كمل العشرين . الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي ليلى الكندي ، قال : قال عمر لخباب : ادنه ، فما أحد أحق بهذا المجلس منك إلا عمار . قال : فجعل يريه بظهره شيئا ، يعني : من آثار تعذيب قريش له . أبو الضحى ، عن مسروق ، عن خباب ، قال : كنت قينا بمكة ، فعملت للعاص بن وائل سيفا ، فجئت أتقاضاه ، فقال : لا أعطيك حتى تكفر بمحمد . فقلت : لا أكفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - حتى تموت ثم تبعث . فقال : إذا بعثت كان لي مال فسوف أقضيك . فقلت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فأنزلت : أفرأيت الذي كفر بآياتنا . لخباب - بالمكرر - اثنان وثلاثون حديثا . ومنها : ثلاثة في [ ص: 325 ] " الصحيحين " وانفرد له البخاري بحديثين; ومسلم بحديث . |
سهل بن حنيف ( ع )
أبو ثابت ، الأنصاري الأوسي العوفي . والد أبي أمامة بن سهل . وأخو عثمان بن حنيف . شهد بدرا والمشاهد . حدث عنه ابناه : أبو أمامة ، وعبد الله ; وعبيد بن السباق ، وأبو وائل ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، ويسير بن عمرو ; وآخرون . وكان من أمراء علي ، رضي الله عنه . مات بالكوفة ، في سنة ثمان وثلاثين وصلى عليه علي . وحديثه في الكتب الستة . [ ص: 326 ] الحاكم في " مستدركه " ، من طريق عبد الواحد بن زياد : حدثنا عثمان بن حكيم : حدثتنا الرباب جدتي ، عن سهل بن حنيف : اغتسلت في سيل ، فخرجت محموما ، فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : مروا أبا ثابت فليتصدق . مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي أمامة بن سهل ، قال : رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف ، فقال : والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة! فلبط بسهل ، فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل : يا رسول الله ، هل لك في سهل ؟ والله ما يرفع رأسه ! قال : هل تتهمون به أحدا ؟ قالوا : نتهم عامر بن ربيعة . فدعاه ، فتغيظ عليه ، وقال : علام يقتل أحدكم أخاه ! ألا بركت! اغتسل له . فغسل وجهه ، ويديه ، ومرفقيه ، وركبتيه ، وأطراف رجليه ، وداخلة إزاره ، في قدح ، ثم صب عليه . فراح سهل مع الناس ما به بأس . أبو صالح : حدثني أبو شريح : أنه سمع سهل بن أبي أمامة بن سهل يحدث عن أبيه ، عن جده : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تشددوا على أنفسكم ; فإنما هلك من كان قبلكم بتشديدهم على أنفسهم ، وستجدون [ ص: 327 ] بقاياهم في الصوامع والديارات . إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر ، عن عبد الله بن معقل ، قال : صلى علي على سهل بن حنيف ; فكبر ستا . رواه الأعمش ، عن يزيد ، عن ابن معقل ، فقال : كبر خمسا ، ثم التفت إلينا ، فقال : إنه بدري . [ ص: 328 ] قال ابن سعد : سهل بن حنيف بن واهب بن عكيم بن ثعلبة بن عمرو بن الحارث بن مجدعة بن عمرو بن حنش بن عوف بن عمرو بن عوف ; أبو سعد ، وأبو عبد الله . وله من الولد : أبو أمامة أسعد ، وعثمان ، وسعد . وعقبه اليوم بالمدينة ، وببغداد . قال : وقالوا : آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين سهل وبين علي . شهد بدرا ، وثبت يوم أحد . وبايع على الموت ، وجعل ينضح بالنبل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله : نبلوا سهلا فإنه سهل . قال الزهري : لم يعط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أموال بني النضير أحدا من الأنصار إلا سهل بن حنيف ، وأبا دجانة . كانا فقيرين . الأعمش ، عن يزيد بن زياد - مدني - عن عبد الله بن معقل ، قال : كبر علي - رضي الله عنه - في سلطانه كله أربعا أربعا على الجنازة ، إلا على سهل بن حنيف ، فإنه كبر عليه خمسا ، ثم التفت إليهم ، فقال : إنه بدري . [ ص: 329 ] أبو نعيم : حدثنا أبو جناب : سمعت عمير بن سعيد يقول : صلى علي على سهل ، فكبر خمسا . فقالوا : ما هذا ؟ فقال : لأهل بدر فضل على غيرهم ; فأردت أن أعلمكم فضله . عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : دخل علي بسيفه على فاطمة وهي تغسل الدم عن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : خذيه ، فلقد أحسنت به القتال . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن كنت أحسنت فلقد أحسن سهل بن حنيف . وروي نحوه مرسلا . |
خوات بن جبير ( بخ )
ابن النعمان بن أمية بن البرك ، وهو امرؤ القيس بن ثعلبة بن عمرو بن عوف ، الأنصاري الأوسي . [ ص: 330 ] أخو عبد الله بن جبير العقبي البدري ، الذي كان أمير الرماة يوم أحد . ويكنى خوات : أبا صالح . قال قيس بن أبي حذيفة : كنيته : أبو عبد الله . قال ابن سعد : قالوا : وكان خوات بن جبير صاحب ذات النحيين في الجاهلية ، ثم أسلم فحسن إسلامه . الواقدي : أخبرني عبد الملك بن أبي سليمان ، عن خوات بن صالح ، عن أبيه . وأخبرنا ابن أبي سبرة ، عن المسور بن رفاعة ، عن عبد الله بن مكنف : أن خوات بن جبير خرج إلى بدر ، فلما كان بالروحاء أصابه نصيل حجر ، فكسر ، فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، وضرب له بسهمه وأجره ; فكان كمن شهدها . قالوا : مات خوات بالمدينة سنة أربعين وهو ابن أربع وسبعين سنة . وكان يخضب ، وكان ربعة من الرجال . [ ص: 331 ] عبدالله بن جبير شهد العقبة مع السبعين ، وبدرا وأحدا . واستعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ على الرماة ، وهم خمسون رجلا ; وأمرهم فوقفوا على عينين فاستشهد يومئذ ومثل به . قتله عكرمة بن أبي جهل . قتادة بن النعمان ( ع ) ابن زيد بن عامر . الأمير المجاهد . أبو عمر الأنصاري الظفري البدري . [ ص: 332 ] من نجباء الصحابة وهو أخو أبي سعيد الخدري لأمه . وهو الذي وقعت عينه على خده يوم أحد ، فأتى بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فغمزها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده الشريفة ، فردها ; فكانت أصح عينيه . له أحاديث . روى عنه : أخوه أبو سعيد ، وابنه عمر ، ومحمود بن لبيد ; وغيرهم . وكان على مقدمة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لما سار إلى الشام ، كان من الرماة المعدودين . [ ص: 333 ] عاش خمسا وستين سنة . توفي في سنة ثلاث وعشرين بالمدينة ونزل عمر يومئذ في قبره . عبد الرحمن بن الغسيل : حدثنا عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أبيه ، عن جده : أنه أصيبت عينه يوم بدر ، فسالت حدقته على وجنته ; فأراد القوم أن يقطعوها ، فقالوا : نأتي نبي الله نستشيره . فجاء ، فأخبره الخبر . فأدناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه ، فرفع حدقته حتى وضعها موضعها ، ثم غمزها براحته وقال : اللهم اكسه جمالا . فمات ، وما يدري من لقيه أي عينيه أصيبت . قال ابن سعد : بنو ظفر : من الأوس . وقيل : يكنى : أبا عبد الله . وقال الواقدي : شهد العقبة مع السبعين . وكذا قال ابن عقبة ، وأبو معشر . ولم يذكره ابن إسحاق فيمن شهد العقبة - رضي الله عنه . عامر بن ربيعة ( ع ) ابن كعب بن مالك . أبو عبد الله العنزي ، عنز بن وائل . من حلفاء آل عمر بن الخطاب ; العدوي . [ ص: 334 ] من السابقين الأولين أسلم قبل عمر ، وهاجر الهجرتين ، وشهد بدرا . قال ابن إسحاق : أول من قدم المدينة مهاجرا : أبو سلمة بن عبد الأسد ، وبعده ، عامر بن ربيعة . له أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أبي بكر ، وعمر . حدث عنه : ولده عبد الله ، وابن عمر ، وابن الزبير ، وأبو أمامة بن سهل ; وغيرهم . وكان الخطاب قد تبناه . وكان معه لواء عمر لما قدم الجابية . قال الواقدي : كان موت عامر بن ربيعة بعد قتل عثمان بأيام . وكان لزم بيته ، فلم يشعر الناس إلا بجنازته قد أخرجت . روى يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة : أن أباه رئي في المنام حين طعنوا على عثمان ، فقيل له : قم فسل الله أن يعيذك من الفتنة . توفي عامر سنة خمس وثلاثين قبل مقتل عثمان بيسير . جعفر بن عون : أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن عامر بن [ ص: 335 ] ربيعة ، قال : لما طعنوا على عثمان ، صلى أبي في الليل ، ودعا ، فقال : اللهم قني من الفتنة بما وقيت به الصالحين من عبادك ، فما أخرج ، ولا أصبح ، إلا بجنازته . |
أبو الدرداء ( ع )
الإمام القدوة . قاضي دمشق ، وصاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو الدرداء عويمر بن زيد بن قيس ويقال : عويمر بن عامر ، ويقال : ابن عبد الله . وقيل : ابن ثعلبة بن عبد الله ، الأنصاري الخزرجي . حكيم هذه الأمة . وسيد القراء بدمشق . وقال ابن أبي حاتم : هو عويمر بن قيس بن زيد بن قيس بن أمية بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج . قال : ويقال : اسمه عامر بن مالك . روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم- عدة أحاديث . [ ص: 336 ] وهو معدود فيمن تلا على النبي - صلى الله عليه وسلم- ولم يبلغنا أبدا أنه قرأ على غيره . وهو معدود فيمن جمع القرآن في حياة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . وتصدر للإقراء بدمشق في خلافة عثمان وقبل ذلك . روى عنه : أنس بن مالك ، وفضالة بن عبيد ، وابن عباس ، وأبو أمامة ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ; وغيرهم من جلة الصحابة ، وجبير بن نفير ، وزيد بن وهب ، وأبو إدريس الخولاني ، وعلقمة بن قيس ، وقبيصة بن ذؤيب ، وزوجته أم الدرداء العالمة ، وابنه بلال بن أبي الدرداء ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء بن يسار ، ومعدان بن أبي طلحة ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وخالد بن معدان ، وعبد الله بن عامر اليحصبي . وقيل : إنه قرأ عليه القرآن ولحقه ; فإن صح ، فلعله قرأ عليه بعض القرآن وهو صبي . وقرأ عليه عطية بن قيس ، وأم الدرداء . وقال أبو عمرو الداني : عرض عليه القرآن : خليد بن سعد ، وراشد بن سعد ، وخالد بن معدان ، وابن عامر . كذا قال الداني . وولي القضاء بدمشق ، في دولة عثمان . فهو أول من ذكر لنا من قضاتها . وداره بباب البريد . ثم صارت في دولة السلطان صلاح الدين تعرف بدار الغزي . [ ص: 337 ] ويروى له مائة وتسعة وسبعون حديثا . واتفقا له على حديثين ، وانفرد البخاري بثلاثة ، ومسلم بثمانية . روى سعيد بن عبد العزيز ، عن مغيث بن سمي : أن أبا الدرداء ، عويمر بن عامر من بني الحارث بن الخزرج . وقال ابن إسحاق مرة : هو عويمر بن ثعلبة . مات قبل عثمان بثلاث سنين . وقال البخاري : سألت رجلا من ولد أبي الدرداء ، فقال : اسمه عامر بن مالك . ولقبه : عويمر . وقال أبو مسهر : هو عويمر بن ثعلبة . وقال أحمد ، وابن أبي شيبة ، وعدة : عويمر بن عامر . وآخر من زعم أنه رأى أبا الدرداء ، شيخ عاش إلى دولة الرشيد ، فقال أبو إبراهيم الترجماني : حدثنا إسحاق أبو الحارث ، قال : رأيت أبا الدرداء أقنى أشهل يخضب بالصفرة . روى الأعمش ، عن خيثمة : قال أبو الدرداء : كنت تاجرا قبل المبعث ، فلما جاء الإسلام ، جمعت التجارة والعبادة ، فلم يجتمعا ، [ ص: 338 ] فتركت التجارة ، ولزمت العبادة . قلت : الأفضل جمع الأمرين مع الجهاد ، وهذا الذي قاله ، هو طريق جماعة من السلف والصوفية ، ولا ريب أن أمزجة الناس تختلف في ذلك ، فبعضهم يقوى على الجمع ، كالصديق ، وعبد الرحمن بن عوف ، وكما كان ابن المبارك ; وبعضهم يعجز ، ويقتصر على العبادة ، وبعضهم يقوى في بدايته ، ثم يعجز ، وبالعكس ; وكل سائغ . ولكن لا بد من النهضة بحقوق الزوجة والعيال . قال سعيد بن عبد العزيز : أسلم أبو الدرداء يوم بدر ، ثم شهد أحدا ، وأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يومئذ أن يرد من على الجبل ، فردهم وحده . وكان قد تأخر إسلامه قليلا . قال شريح بن عبيد الحمصي : لما هزم أصحاب رسول الله يوم أحد ، كان أبو الدرداء يومئذ فيمن فاء إلى رسول الله في الناس ، فلما أظلهم المشركون من فوقهم ، قال رسول الله : اللهم ، ليس لهم أن يعلونا فثاب إليه ناس ، وانتدبوا ، وفيهم عويمر أبو الدرداء ، حتى أدحضوهم عن مكانهم ، وكان أبو الدرداء يومئذ حسن البلاء . فقال رسول الله : نعم الفارس عويمر ! . [ ص: 339 ] وقال : حكيم أمتي عويمر . هذا رواه يحيى البابلتي : حدثنا صفوان بن عمرو ، عن شريح . ثابت البناني ، وثمامة ، عن أنس : مات النبي - صلى الله عليه وسلم- ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرداء ، ومعاذ ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد . وقال زكريا ، وابن أبي خالد ، عن الشعبي : جمع القرآن على عهد رسول الله ستة ، وهم من الأنصار : معاذ ، وأبو الدرداء ، وزيد ، وأبو زيد ، وأبي ، وسعد بن عبيد . وكان بقي على مجمع بن جارية سورة أو سورتان ، حين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم . [ ص: 340 ] إسماعيل ، عن الشعبي ، قال : كان ابن مسعود قد أخذ بضعا وسبعين سورة ، يعني من النبي - صلى الله عليه وسلم- وتعلم بقيته من مجمع ، ولم يجمع أحد من الخلفاء من الصحابة القرآن غير عثمان . قال أبو الزاهرية : كان أبو الدرداء من آخر الأنصار إسلاما وكان يعبد صنما ، فدخل ابن رواحة ، ومحمد بن مسلمة بيته ، فكسرا صنمه ، فرجع فجعل يجمع الصنم ، ويقول : ويحك! هلا امتنعت! ألا دفعت عن نفسك؟! ، فقالت أم الدرداء : لو كان ينفع أو يدفع عن أحد ، دفع عن نفسه ، ونفعها ! . فقال أبو الدرداء : أعدي لي ماء في المغتسل . فاغتسل ، ولبس حلته ، ثم ذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فنظر إليه ابن رواحة مقبلا ، فقال : يا رسول الله ، هذا أبو الدرداء ، وما أراه إلا جاء في طلبنا ؟ فقال : إنما جاء ليسلم ، إن ربي وعدني بأبي الدرداء أن يسلم . روى من قوله : " وكان يعبد . . . إلى آخره " معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن جبير بن نفير . وروى منه ، أبو صالح ، عن معاوية عن أبي الزاهرية ، عن جبير ، عن [ ص: 341 ] أبي الدرداء : قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : إن الله وعدني إسلام أبي الدرداء . فأسلم . وروى أبو مسهر ، عن سعيد بن عبد العزيز : أن أبا الدرداء أسلم يوم بدر ، وشهد أحدا . وفرض له عمر في أربع مائة - يعني في الشهر- ألحقه في البدريين . وقال الواقدي : قيل : لم يشهد أحدا . سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول : كانت الصحابة يقولون : أرحمنا بنا أبو بكر ; وأنطقنا بالحق عمر ; وأميننا أبو عبيدة ; وأعلمنا بالحرام والحلال معاذ ; وأقرؤنا أبي ، ورجل عنده علم ابن مسعود ، وتبعهم عويمر أبو الدرداء بالعقل . وقال ابن إسحاق : كان الصحابة يقولون : أتبعنا للعلم والعمل أبو الدرداء . وروى عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه : أن رسول الله آخى بين سلمان وأبي الدرداء ; فجاءه سلمان يزوره ، فإذا أم الدرداء متبذلة ، فقال : ما شأنك ؟ قالت : إن أخاك لا حاجة له في الدنيا ، يقوم الليل ، ويصوم النهار . فجاء أبو الدرداء ، فرحب به ، وقرب إليه طعاما . فقال له سلمان : كل . قال : إني صائم . قال : أقسمت عليك لتفطرن . فأكل معه . ثم بات عنده ، فلما كان من الليل ، أراد أبو الدرداء أن يقوم ، فمنعه سلمان وقال : [ ص: 342 ] إن لجسدك عليك حقا . ولربك عليك حقا . ولأهلك عليك حقا ; صم ، وأفطر ، وصل ، وائت أهلك ، وأعط كل ذي حق حقه . فلما كان وجه الصبح ، قال : قم الآن إن شئت ; فقاما ، فتوضآ ، ثم ركعا ، ثم خرجا إلى الصلاة ، فدنا أبو الدرداء ليخبر رسول الله بالذي أمره سلمان . فقال له : يا أبا الدرداء ، إن لجسدك عليك حقا ، مثل ما قال لك سلمان . البابلتي : حدثنا الأوزاعي : حدثنا حسان بن عطية ، قال : قال أبو الدرداء : لو أنسيت آية لم أجد أحدا يذكرنيها إلا رجلا ببرك الغماد ، رحلت إليه . الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن أبي الدرداء ، قال : سلوني ، فوالله لئن فقدتموني لتفقدن رجلا عظيما من أمة محمد ، صلى الله عليه وسلم . ربيعة القصير ، عن أبي إدريس ، عن يزيد بن عميرة ، قال : لما حضرت معاذا الوفاة ، قالوا : أوصنا . فقال : العلم والإيمان مكانهما ، من ابتغاهما وجدهما . - قالها ثلاثا- فالتمسوا العلم عند أربعة : عند عويمر أبي [ ص: 343 ] الدرداء ، وسلمان ، وابن مسعود ، وعبد الله بن سلام ، الذي كان يهوديا فأسلم . وعن ابن مسعود : علماء الناس ثلاثة : واحد بالعراق ، وآخر بالشام - يعني : أبا الدرداء - وهو يحتاج إلى الذي بالعراق - يعني : نفسه- وهما يحتاجان إلى الذي بالمدينة ، يعني : عليا رضي الله عنه . إسناده ضعيف . ابن وهب : أخبرني يحيى بن عبد الله ، عن عبد الرحمن الحجري ، قال : قال أبو ذر لأبي الدرداء : ما حملت ورقاء ، ولا أظلت خضراء ، أعلم منك يا أبا الدرداء . منصور ، عن رجل ، عن مسروق ، قال : وجدت علم الصحابة انتهى إلى ستة : عمر ، وعلي ، وأبي ، وزيد ، وأبي الدرداء ، وابن مسعود ; ثم انتهى علمهم إلى علي ، وعبد الله . وقال خالد بن معدان : كان ابن عمر يقول : حدثونا عن العاقلين . فيقال : من العاقلان ؟ فيقول : معاذ ، وأبو الدرداء . [ ص: 344 ] وروى سعد بن إسحاق ، عن محمد بن كعب ، قال : جمع القرآن خمسة : معاذ ، وعبادة بن الصامت ، وأبو الدرداء ، وأبي ، وأبو أيوب . فلما كان زمن عمر ، كتب إليه يزيد بن أبي سفيان : إن أهل الشام قد كثروا ، وملئوا المدائن ، واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم . فأعني برجال يعلمونهم . فدعا عمر الخمسة ; فقال : إن إخوانكم قد استعانوني من يعلمهم القرآن ، ويفقههم في الدين ، فأعينوني يرحمكم الله بثلاثة منكم إن أحببتم ، وإن انتدب ثلاثة منكم فليخرجوا . فقالوا : ما كنا لنتساهم ، هذا شيخ كبير - لأبي أيوب- وأما هذا فسقيم - لأبي - فخرج معاذ ، وعبادة ، وأبو الدرداء . فقال عمر : ابدءوا بحمص ، فإنكم ستجدون الناس على وجوه مختلفة ، منهم من يلقن ، فإذا رأيتم ذلك ، فوجهوا إليه طائفة من الناس ، فإذا رضيتم منهم ، فليقم بها واحد ، وليخرج واحد إلى دمشق ، والآخر إلى فلسطين . قال : فقدموا حمص فكانوا بها ; حتى إذا رضوا من الناس أقام بها عبادة بن الصامت ; وخرج أبو الدرداء إلى دمشق ، ومعاذ إلى فلسطين ، فمات في طاعون عمواس . ثم صار عبادة بعد إلى فلسطين وبها مات . ولم يزل أبو الدرداء بدمشق حتى مات . [ ص: 345 ] |
الأحوص بن حكيم : عن راشد بن سعد ، قال : بلغ عمر أن أبا الدرداء ، ابتنى كنيفا بحمص . فكتب إليه : يا عويمر ، أما كانت لك كفاية فيما بنت الروم عن تزيين الدنيا ، وقد أذن الله بخرابها . فإذا أتاك كتابي ، فانتقل إلى دمشق . مالك ، عن يحيى بن سعيد ، قال : كان أبو الدرداء ، إذا قضى بين اثنين ، ثم أدبرا عنه ، نظر إليهما ، فقال : ارجعا إلي ، أعيدا علي قضيتكما . معمر ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن ابن أبي ليلى ، قال : كتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد : سلام عليك . أما بعد ، فإن العبد إذا عمل بمعصية الله ، أبغضه الله ; فإذا أبغضه الله ، بغضه إلى عباده . وقال أبو وائل ، عن أبي الدرداء : إني لآمركم بالأمر وما أفعله ، ولكن لعل الله يأجرني فيه . شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه : أن عمر قال لابن مسعود ، وأبي ذر ، وأبي الدرداء : ما هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأحسبه حبسهم بالمدينة حتى أصيب . [ ص: 346 ] سعيد بن عبد العزيز ، عن مسلم بن مشكم : قال لي أبو الدرداء : اعدد من في مجلسنا . قال : فجاءوا ألفا وستمائة ونيفا . فكانوا يقرءون ويتسابقون عشرة عشرة ، فإذا صلى الصبح ، انفتل وقرأ جزءا ; فيحدقون به يسمعون ألفاظه . وكان ابن عامر مقدما فيهم . وقال هشام بن عمار : حدثنا يزيد بن أبي مالك ، عن أبيه ، قال : كان أبو الدرداء يصلي ، ثم يقرئ ويقرأ ، حتى إذا أراد القيام ، قال لأصحابه : هل من وليمة أو عقيقة نشهدها ؟ فإن قالوا : نعم ، وإلا قال : اللهم ، إني أشهدك أني صائم . وهو الذي سن هذه الحلق للقراءة . قال القاسم بن عبد الرحمن : كان أبو الدرداء من الذين أوتوا العلم . أبو الضحى ; عن مسروق ، قال : شاممت أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- فوجدت علمهم انتهى إلى عمر ، وعلي ، وعبد الله ، ومعاذ ، وأبي الدرداء ، وزيد بن ثابت . . وعن يزيد بن معاوية ، قال : إن أبا الدرداء من العلماء الفقهاء ، الذين يشفون من الداء . [ ص: 347 ] وقال الليث ، عن رجل عن آخر : رأيت أبا الدرداء دخل مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم- ومعه من الأتباع مثل السلطان : فمن سائل عن فريضة ، ومن سائل عن حساب ، وسائل عن حديث ، وسائل عن معضلة ، وسائل عن شعر . قال ربيعة بن يزيد القصير : كان أبو الدرداء إذا حدث عن رسول الله قال : اللهم إن لا هكذا ، وإلا فكشكله . منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال أبو الدرداء : ما لي أرى علماءكم يذهبون ، وجهالكم لا يتعلمون ! تعلموا ، فإن العالم والمتعلم شريكان في الأجر . وعن أبي الدرداء ، من وجه مرسل : لن تكون عالما حتى تكون متعلما ، ولا تكون متعلما حتى تكون بما علمت عاملا ; إن أخوف ما أخاف إذا وقفت للحساب أن يقال لي : ما عملت فيما علمت ؟ . جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، قال أبو الدرداء : ويل للذي لا يعلم مرة ، وويل للذي يعلم ولا يعمل سبع مرات . [ ص: 348 ] ابن عجلان ، عن عون بن عبد الله : قلت لأم الدرداء : أي عبادة أبي الدرداء كانت أكثر ؟ قالت : التفكر والاعتبار . وعن أبي الدرداء : تفكر ساعة خير من قيام ليلة . عمرو بن واقد ، عن ابن حلبس : قيل لأبي الدرداء - وكان لا يفتر من الذكر- : كم تسبح في كل يوم ؟ قال : مائة ألف ، إلا أن تخطئ الأصابع . الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، قال : بينا أبو الدرداء يوقد تحت قدر له ، إذ سمعت في القدر صوتا ينشج ، كهيئة صوت الصبي ، ثم انكفأت القدر ، ثم رجعت إلى مكانها ، لم ينصب منها شيء . فجعل أبو الدرداء ينادي : يا سلمان ، انظر إلى ما لم تنظر إلى مثله أنت ولا أبوك ! فقال له سلمان : أما إنك لو سكت ، لسمعت من آيات ربك الكبرى . الأوزاعي ، عن بلال بن سعد ، أن أبا الدرداء قال : أعوذ بالله من تفرقة القلب . قيل : وما تفرقة القلب ؟ قال : أن يجعل لي في كل واد مال . [ ص: 349 ] روي عن أبي الدرداء ، قال : لولا ثلاث ما أحببت البقاء : ساعة ظمأ الهواجر ، والسجود في الليل ، ومجالسة أقوام ينتقون جيد الكلام كما ينتقى أطايب الثمر . الأعمش ، عن غيلان ، عن يعلى بن الوليد ، قال : لقيت أبا الدرداء ، فقلت : ما تحب لمن تحب ؟ قال : الموت . قلت : فإن لم يمت ؟ قال : يقل ماله وولده . قال معاوية بن قرة : قال أبو الدرداء : ثلاثة أحبهن ، ويكرههن الناس : الفقر ، والمرض ، والموت . أحب الفقر تواضعا لربي ، والموت اشتياقا لربي ، والمرض تكفيرا لخطيئتي . الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبيه : أن أبا الدرداء أوجعت عينه حتى ذهبت ، فقيل له : لو دعوت الله ؟ فقال : ما فرغت بعد من دعائه لذنوبي ; فكيف أدعو لعيني ؟ . حريز بن عثمان : حدثنا راشد بن سعد ، قال : جاء رجل إلى أبي [ ص: 350 ] الدرداء فقال : أوصني . قال : اذكر الله في السراء يذكرك في الضراء ; وإذا ذكرت الموتى ، فاجعل نفسك كأحدهم ، وإذا أشرفت نفسك على شيء من الدنيا ، فانظر إلى ما يصير . إبراهيم النخعي ، عن همام بن الحارث : كان أبو الدرداء يقرئ رجلا أعجميا : إن شجرة الزقوم طعام الأثيم فقال : " طعام اليتيم " فرد عليه ، فلم يقدر أن يقولها . فقال : قل : طعام الفاجر . فأقرأه " طعام الفاجر " . منصور ، عن عبد الله بن مرة ، أن أبا الدرداء قال : اعبد الله كأنك تراه وعد نفسك في الموتى ، وإياك ودعوة المظلوم ، واعلم أن قليلا يغنيك خير من كثير يلهيك ، وأن البر لا يبلى ، وأن الإثم لا ينسى . شيبان ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن أبي الدرداء : إياك ودعوات المظلوم ; فإنهن يصعدن إلى الله كأنهن شرارات من نار . وروى لقمان بن عامر ، أن أبا الدرداء قال : أهل الأموال يأكلون ونأكل ، ويشربون ونشرب ، ويلبسون ونلبس ، ويركبون ونركب ، ولهم فضول أموال ينظرون إليها ، وننظر إليها معهم ، وحسابهم عليها ونحن منها برآء . وعنه ، قال : الحمد لله الذي جعل الأغنياء يتمنون أنهم مثلنا عند [ ص: 351 ] الموت ، ولا نتمنى أننا مثلهم حينئذ . ما أنصفنا إخواننا الأغنياء : يحبوننا على الدين ، ويعادوننا على الدنيا . رواه صفوان بن عمرو الحمصي ، عن عبد الرحمن بن جبير . وروى صفوان ، عن ابن جبير ، عن أبيه ، قال : لما فتحت قبرس ، مر بالسبي على أبي الدرداء ، فبكى ، فقلت له : تبكي في مثل هذا اليوم الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله ؟ قال : يا جبير ، بينا هذه الأمة قاهرة ظاهرة إذ عصوا الله ، فلقوا ما ترى . ما أهون العباد على الله إذا هم عصوه . بقية ، عن حبيب بن عمر ، عن أبي عبد الصمد ، عن أم الدرداء ، قالت : كان أبو الدرداء لا يحدث بحديث إلا تبسم ، فقلت : إني أخاف أن يحمقك الناس . فقال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لا يحدث بحديث إلا تبسم . أخرجه أحمد في " المسند " . عكرمة بن عمار ، عن أبي قدامة محمد بن عبيد ، عن أم الدرداء ، قالت : كان لأبي الدرداء ستون وثلاثمائة خليل في الله . يدعو لهم في الصلاة ، فقلت له في ذلك ، فقال : إنه ليس رجل يدعو لأخيه في الغيب إلا وكل الله به ملكين يقولان : ولك بمثل . أفلا أرغب أن تدعو لي الملائكة . [ ص: 352 ] وقال أبو الزاهرية : قال أبو الدرداء : إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم . قالت أم الدرداء : لما احتضر أبو الدرداء ، جعل يقول : من يعمل لمثل يومي هذا ؟ من يعمل لمثل مضجعي هذا ؟ . أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق : أخبرنا الفتح بن عبد السلام ، أخبرنا محمد بن عمر القاضي ، ومحمد بن علي ، ومحمد بن أحمد الطرائقي : قالوا : أخبرنا محمد بن أحمد بن المسلمة : أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن : أخبرنا جعفر الفريابي : حدثنا محمد بن عائذ : حدثنا الهيثم بن حميد : حدثنا الوضين بن عطاء ، عن يزيد بن مزيد ، قال : ذكر الدجال في مجلس فيه أبو الدرداء فقال نوف البكالي إني لغير الدجال أخوف مني من الدجال . فقال أبو الدرداء : وما هو ؟ قال : أخاف أن أستلب إيماني وأنا لا أشعر . فقال أبو الدرداء : ثكلتك أمك يابن الكندية ! وهل في [ ص: 353 ] الأرض خمسون يتخوفون ما تتخوف ؟ ثم قال : وثلاثون ، وعشرون ، وعشرة ، وخمسة . ثم قال : وثلاثة . كل ذلك يقول : ثكلتك أمك! والذي نفسي بيده ما أمن عبد على إيمانه إلا سلبه ، أو انتزع منه فيفقده . والذي نفسي بيده ما الإيمان إلا كالقميص يتقمصه مرة ويضعه أخرى . قال الواقدي ، وأبو مسهر ، وابن نمير : مات أبو الدرداء سنة اثنتين وثلاثين . وعن خالد بن معدان ، قال : مات سنة إحدى وثلاثين . فهذا خطأ ، لأن الثوري روى عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن حريث بن ظهير ، قال : لما جاء نعي - يعني : ابن مسعود - إلى أبي الدرداء ، قال : أما إنه لم يخلف بعده مثله! ووفاة عبد الله في سنة 32 . وروى إسماعيل بن عبيد الله ، عن أبي عبيد الله الأشعري ، قال : مات أبو الدرداء قبل مقتل عثمان ، رضي الله عنهما . وقيل : الذين في حلقة إقراء أبي الدرداء كانوا أزيد من ألف رجل ، ولكل عشرة منهم ملقن ، وكان أبو الدرداء يطوف عليهم قائما ، فإذا أحكم الرجل منهم ، تحول إلى أبي الدرداء - يعني يعرض عليه . وعن أبي الدرداء ، قال : من أكثر ذكر الموت قل فرحه ، وقل حسده . |
[ ص: 354 ] عياض بن غنم
ابن زهير بن أبي شداد ، أبو سعد الفهري . ممن بايع بيعة الرضوان واستخلفه قرابته أبو عبيدة بن الجراح ، لما احتضر ، على الشام . حدث عنه : جبير بن نفير ; وغيره . وكان خيرا صالحا زاهدا سخيا . وهو الذي افتتح الجزيرة صلحا . أقره عمر على الشام . فعاش بعد نحوا من عامين . وقيل : عاش ستين سنة ، ومات في سنة عشرين بالشام . قال ابن سعد : شهد الحديبية ، وكان أحد الأمراء الخمسة يوم اليرموك . [ ص: 355 ] روى عنه : عياض بن عمرو الأشعري . قلت : فأما عياض بن زهير الفهري ، فبدري كبير . وهو عم عياض بن غنم . يكنى أيضا : أبا سعد ، لا رواية له ، توفي زمن عثمان في سنة ثلاثين رضي الله عنهما . سلمة بن سلامة ابن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل ، أبو عوف الأشهلي ، ابن عمة محمد بن مسلمة . شهد العقبتين ، وبدرا وأحدا ، والمشاهد . وله حديث في " مسند " الإمام أحمد من رواية محمود بن لبيد عنه . [ ص: 356 ] قيل : توفي سنة أربع وثلاثين . وقال ابن سعد : مات سنة خمس وأربعين وهو ابن سبعين سنة . ودفن بالمدينة . وقد انقرض عقبه . آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبي سبرة بن أبي رهم العامري . وقيل : بينه وبين الزبير بن العوام . |
النعمان بن مقرن
أبو حكيم ; وقيل : أبو عمرو المزني ; الأمير صاحب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . [ ص: 357 ] كان إليه لواء قومه يوم فتح مكة . ثم كان أمير الجيش الذين افتتحوا نهاوند . فاستشهد يومئذ . وكان مجاب الدعوة ، فنعاه عمر على المنبر إلى المسلمين ، وبكى . حدث عنه : ابنه معاوية ، ومعقل بن يسار ، ومسلم بن الهيضم ، وجبير بن حية الثقفي . وكان مقتله في سنة إحدى وعشرين ، يوم جمعة ، رضي الله عنه . زائدة : حدثنا عاصم بن كليب الجرمي : حدثني أبي : أنه أبطأ على عمر خبر نهاوند وابن مقرن ، وأنه كان يستنصر ، وأن الناس كانوا ، مما يرون من استنصاره ، ليس همهم إلا نهاوند وابن مقرن ; فجاء إليهم أعرابي مهاجر ; فلما بلغ البقيع ، قال : ما أتاكم عن نهاوند ؟ قالوا : وما ذاك ؟ قال : لا شيء . فأرسل إليه عمر ، فأتاه ، فقال : أقبلت بأهلي مهاجرا حتى وردنا مكان كذا وكذا ، فلما صدرنا إذا نحن براكب على جمل أحمر ، ما رأيت مثله ، فقلت : يا عبد الله ، من أين أقبلت ؟ قال : من العراق . قلت : ما خبر الناس ؟ قال : اقتتل الناس بنهاوند ، ففتحها الله ، وقتل ابن مقرن ; والله ما أدري أي الناس هو ؟ ولا ما نهاوند ؟ فقال : أتدري أي يوم ذاك من الجمعة ؟ قال : لا . قال عمر : لكني أدري ! عد منازلك . قال : نزلنا مكان كذا ، ثم ارتحلنا ، فنزلنا منزل كذا ، حتى عد . فقال عمر : ذاك يوم كذا وكذا من الجمعة ; لعلك تكون لقيت بريدا من برد الجن ، فإن لهم بردا . [ ص: 358 ] فلبث ما لبث ، ثم جاء البشير : بأنهم التقوا ذلك اليوم . معاذ بن الحارث ابن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار ، الأنصاري النجاري . أخو عوف ، ورافع ، ورفاعة . وأمهم عفراء بنت عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار . كان شهد بدرا . وله من الولد : عبيد الله ، والحارث ، وعوف ، وسلمى ، وإبراهيم ، وعائشة ، وسارة . قال الواقدي : يروى أن معاذا هذا ، ورافع بن مالك الزرقي ، أول من أسلم من الأنصار بمكة . وأمر الستة أثبت . وشهد معاذ العقبتين جميعا ، وآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين معمر بن الحارث الجمحي ، أحد البدريين . [ ص: 359 ] ومات معاذ بعد مقتل عثمان وله عقب . |
معوذ بن الحارث
ابن رفاعة ، ابن عفراء . وهو والد الربيع بنت معوذ ، وأختها عميرة . شهد العقبة مع السبعين ، عند ابن إسحاق فقط . وهو الذي قيل : إنه ضرب أبا جهل ، هو وأخوه عوف ، حتى أثخناه . وعطف هو عليهما ، فقتلهما ، ثم وقع صريعا ، ثم ذفف عليه ابن مسعود . وكان معوذ وعوف قد وقفا يومئذ في الصف بجنب عبد الرحمن بن عوف ، وقالا له : يا عم ، أتعرف أبا جهل ؟ فإنه بلغنا أنه يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدلهما عليه ، فشدا معا عليه . عوف بن الحارث ابن رفاعة ، ابن عفراء . [ ص: 360 ] شهد العقبة . وبعضهم عده أحد الستة النفر الذين لقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولا . شهد بدرا واستشهد . رفاعة بدري تفرد بذكره ابن إسحاق ، فقال الواقدي : ليس ذلك عندنا بثبت . ولعوف عقب . قال جرير بن حازم : سمعت محمد بن سيرين يقول في قتل أبي جهل : أقعصه ابنا عفراء ، وذفف عليه ابن مسعود . وفي رواية صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، عن جده : أن اللذين سألاه ، وقتلا أبا جهل : معاذ بن عمرو بن الجموح ; ومعاذ بن عفراء . وهو أصح . |
[ ص: 361 ] حذيفة بن اليمان ( ع )
من نجباء أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو صاحب السر . واسم اليمان : حسل - ويقال : حسيل - بن جابر العبسي اليماني ، أبو عبد الله . حليف الأنصار ، من أعيان المهاجرين . حدث عنه : أبو وائل ; وزر بن حبيش ، وزيد بن وهب ، وربعي بن حراش ، وصلة بن زفر ، وثعلبة بن زهدم ، وأبو العالية الرياحي ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، ومسلم بن نذير ، وأبو إدريس الخولاني ، وقيس بن عباد ، وأبو البختري الطائي ، ونعيم بن أبي هند ، وهمام بن الحارث ; وخلق سواهم . له في " الصحيحين " اثنا عشر حديثا ، وفي " البخاري " ثمانية ، وفي مسلم سبعة عشر حديثا . [ ص: 362 ] وكان والده " حسل " قد أصاب دما في قومه ، فهرب إلى المدينة ، وحالف بني عبد الأشهل ، فسماه قومه " اليمان " لحلفه لليمانية ، وهم الأنصار . شهد هو وابنه حذيفة أحدا ، فاستشهد يومئذ . قتله بعض الصحابة غلطا ، ولم يعرفه ; لأن الجيش يختفون في لأمة الحرب ، ويسترون وجوههم ; فإن لم يكن لهم علامة بينة ، وإلا ربما قتل الأخ أخاه ، ولا يشعر . ولما شدوا على اليمان يومئذ بقي حذيفة يصيح : أبي ! أبي ! يا قوم ! فراح خطأ . فتصدق حذيفة عليهم بديته . قال الواقدي : آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين حذيفة وعمار . وكذا قال ابن إسحاق . إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رجل ، عن حذيفة : أنه أقبل هو [ ص: 363 ] وأبوه ، فلقيهم أبو جهل ، قال : إلى أين ؟ قالا : حاجة لنا . قال : ما جئتم إلا لتمدوا محمدا . فأخذوا عليهما موثقا ألا يكثرا عليهم . فأتيا رسول الله ، فأخبراه . ابن جريج : أخبرني أبو حرب بن أبي الأسود ، عن أبي الأسود ; قال : وعن رجل ، عن زاذان : أن عليا سئل عن حذيفة ، فقال : علم المنافقين ، وسأل عن المعضلات ; فإن تسألوه تجدوه بها عالما . أبو عوانة ، عن سليمان ، عن ثابت أبي المقدام ، عن أبي يحيى ، قال : سأل رجل حذيفة ، وأنا عنده ، فقال : ما النفاق ؟ قال : أن تتكلم بالإسلام ولا تعمل به . سلام بن مسكين ، عن ابن سيرين : أن عمر كتب في عهد حذيفة على المدائن : اسمعوا له وأطيعوا ، وأعطوه ما سألكم . فخرج من عند عمر على حمار موكف ، تحته زاده . فلما قدم استقبله الدهاقين وبيده رغيف ، وعرق من لحم . [ ص: 364 ] ولي حذيفة إمرة المدائن لعمر ، فبقي عليها إلى بعد مقتل عثمان ، وتوفي بعد عثمان بأربعين ليلة . قال حذيفة : ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي ، فأخذنا كفار قريش ، فقالوا : إنكم تريدون محمدا ؟ فقلنا : ما نريد إلا المدينة ; فأخذوا العهد علينا : لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه . فأخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : نفي بعهدهم ، ونستعين الله عليهم . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أسر إلى حذيفة أسماء المنافقين ، وضبط عنه الفتن الكائنة في الأمة . وقد ناشده عمر : أأنا من المنافقين ؟ فقال : لا ، ولا أزكي أحدا بعدك . وحذيفة هو الذي ندبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الأحزاب ليجس له خبر العدو . وعلى يده فتح الدينور عنوة . ومناقبه تطول ، رضي الله عنه . أبو إسحاق ، عن مسلم بن نذير ، عن حذيفة ، قال : أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 365 ] بعضلة ساقي فقال : الائتزار هاهنا ، فإن أبيت فأسفل ، فإن أبيت فلا حق للإزار فيما أسفل من الكعبين . وفي لفظ : فلا حق للإزار في الكعبين . عقيل ، ويونس ، عن الزهري : أخبرني أبو إدريس : سمع حذيفة يقول : والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة . قال حذيفة : كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر ، مخافة أن يدركني . الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة ، قال : قام فينا رسول الله مقاما ، فحدثنا بما هو كائن إلى قيام الساعة ، فحفظه من حفظه ، ونسيه من نسيه . [ ص: 366 ] قلت : قد كان - صلى الله عليه وسلم - يرتل كلامه ويفسره ; فلعله قال في مجلسه ذلك ما يكتب في جزء ; فذكر أكبر الكوائن ، ولو ذكر أكثر ما هو كائن في الوجود ، لما تهيأ أن يقوله في سنة ، بل ولا في أعوام ، ففكر في هذا . مات حذيفة بالمدائن سنة ست وثلاثين ، وقد شاخ . قال ابن سيرين : بعث عمر حذيفة على المدائن ، فقرأ عهده عليهم ، فقالوا : سل ما شئت . قال : طعاما آكله ، وعلف حماري هذا - ما دمت فيكم - من تبن . فأقام فيهم ، ما شاء الله ; ثم كتب إليه عمر : اقدم . فلما بلغ عمر قدومه ، كمن له على الطريق ; فلما رآه على الحال التي خرج عليها ، أتاه فالتزمه ، وقال : أنت أخي ، وأنا أخوك . مالك بن مغول ، عن طلحة : قدم حذيفة المدائن على حمار سادلا رجليه ، وبيده عرق ورغيف . سعيد بن مسروق الثوري ، عن عكرمة : هو ركوب الأنبياء ، يسدل رجليه من جانب . أبو بكر بن عياش : سمعت أبا إسحاق يقول : كان حذيفة يجيء كل جمعة من المدائن إلى الكوفة . قال أبو بكر : فقلت له : يمكن هذا ؟ قال : كانت له بغلة فارهة . ابن سعد : أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي : حدثنا عبد الجبار بن [ ص: 367 ] العباس ، عن أبي عاصم الغطفاني ، قال : كان حذيفة لا يزال يحدث الحديث يستفظعونه . فقيل له : يوشك أن تحدثنا : أنه يكون فينا مسخ ! قال : نعم ! ليكونن فيكم مسخ : قردة وخنازير . أبو وائل ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس . فكتبنا له ألفا وخمسمائة . سفيان ، عن الأعمش ، عن موسى بن عبد الله بن يزيد ، عن أمه : قالت : كان في خاتم حذيفة : كركيان ، بينهما : الحمد لله . عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن موسى ، عن أمه ، قالت : كان خاتم حذيفة من ذهب فيه فص ياقوت أسمانجونه ; فيه : كركيان متقابلان ; بينهما : الحمد لله . حماد بن سلمة : أخبرنا علي بن زيد ، عن الحسن ، عن جندب : أن [ ص: 368 ] حذيفة قال : ما كلام أتكلم به ، يرد عني عشرين سوطا ، إلا كنت متكلما به . خالد ، عن أبي قلابة ، عن حذيفة ، قال : إني لأشتري ديني بعضه ببعض ، مخافة أن يذهب كله . أبو نعيم : حدثنا سعد بن أوس ، عن بلال بن يحيى ، قال : بلغني أن حذيفة كان يقول : ما أدرك هذا الأمر أحد من الصحابة إلا قد اشترى بعض دينه ببعض . قالوا : وأنت ؟ قال : وأنا والله ، إني لأدخل على أحدهم - وليس أحد إلا فيه محاسن ومساوئ - فأذكر من محاسنه ، وأعرض عما سوى ذلك ، وربما دعاني أحدهم إلى الغداء ، فأقول : إني صائم ، ولست بصائم . جماعة ، عن الحسن ، قال : لما حضر حذيفة الموت ، قال : حبيب جاء على فاقة ; لا أفلح من ندم! أليس بعدي ما أعلم! الحمد لله الذي سبق بي الفتنة! قادتها وعلوجها . شعبة : أخبرنا عبد الملك بن ميسرة ، عن النزال بن سبرة ، قال : قلت لأبي مسعود الأنصاري : ماذا قال حذيفة عند موته ؟ قال : لما كان عند السحر ، قال : أعوذ بالله من صباح إلى النار . ثلاثا . ثم قال : اشتروا لي ثوبين أبيضين ; فإنهما لن يتركا علي إلا قليلا حتى أبدل بهما خيرا منهما ، أو أسلبهما سلبا قبيحا . [ ص: 369 ] شعبة - أيضا - عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة ، قال : ابتاعوا لي كفنا . فجاءوا بحلة ثمنها ثلاثمائة ، فقال : لا ، اشتروا لي ثوبين أبيضين . وعن جزي بن بكير ، قال : لما قتل عثمان ، فزعنا إلى حذيفة ، فدخلنا عليه . قال ابن سعد : مات حذيفة بالمدائن بعد عثمان وله عقب ، وقد شهد أخوه صفوان بن اليمان أحدا . |
الساعة الآن 01:25 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |