![]() |
(4)
ليس تيهاً هذا الذي يرسمني بعينه، أو يدلُّني على احتمال خلقٍ جديد، الطرق نحوه تحزم أمتعتها وترحل، ما له في جوى البدوي لظلّه من طريق، أو في عطش الزمانِ لرجعِه _ بفقد النقطةِ رسمها _ من أثر. (5) يذوبُ الفناءُ في خطاي، كما يبدأ، فكلُّ ابتداءٍ فناء. أنا من كنتُ آخر، لا لون لي ولا علم، من أغلقَ بابَ الفهمِ ليفهم، ابن من لا ابن له، اليتيمُ إليّ.. علمتني يداي كيف أحبو، ودوني فناءٌ يمحو خطاي. ألهو كما يحلو لفكرتي، عن كائنٍ كنتُه، يصغي إلى نجيبِ قلبٍ، و رنينِ عدم. الوجدُ أخضرُ، يميلُ إلى الزرقة، الجمرُ باقٍ بأمري.. |
والفناء رقصٌ ما اكتمل.
مقامات مقامٌ له: كان على شبرٍ واحدٍ يناجي بحره، حين رسوتُ خِضراً لقلبه، وهو يُلقي خطوَه للبعيد. في الأرض كان رماحاً، وما جاء رسول. أغويته شطرَ اليمِّ، فلا أدرِ إن جاح بأمري، أو كفَّ عنه الطريق. مقامٌ غيرُه: جئتُ قبل الجنّ، على ظهرِ موجٍ، يغيبُ في الأزرق. مرّوا كخيطِ دخانٍ، تسلل من عود عرّافةٍ، يموج نهدُها كالنحاس. ألقت لسانها، ثم مضت، و تحت قمرٍ أبيضَ، تجرُّ الخرافة. كنتُ بلا عصاٍ ولا قمر، ودخلتُ ليلي بصحراءٍ، لم أعرف لها رسماً، لولا راياتٍ حمرٍ أشعلت مثلثاً ورديا على فخذِ جبل، ونارٍ في عصا عروة*، فيه قد سعت. سقراط مرّ راجلاً، مع قافلةٍ تذهب إلى حيثُ يأخذُها الطريق، يتكئ على امرأته تؤنّبه، حين ألقت عليَّ التحية.. هو لم يعرفْني، ودخلَ نفسه. |
مقامٌ لها*: علّقتِ القلبَ قنديلاً ممسوساً بالفراغ، وصارت حواءَ منّي تسعى إليّ، تلك التي قادَت بالقلبِ بوحاً، وعلى كفّها نارَ الذِهاب، أسكنتِ الريحَ إبطَها، فجاب قلبي قيثارةَ نحرٍ ولسان، وإن شكا الروحُ أخضرَه، مالت بنبضها، يعضني في العِرقِ أزيزاً، فحيحاً، أو خوار، أو بلعنةٍ منها أصابت اللحمَ إذ نطق النطفتين. قالت: أدخلني كما لو شئتَ بحراً دافقاً، أو كجرفٍ ليلكيٍ أوقع قطره عليّ. إليكَ هنا على طللٍ أطلّ، ومن زمنٍ سالَ طلُك إلي. مقامٌ ما: أطلقَ "آهً " توشوشُ لها: هُما.. هُم.. واحدُ. من أيقن صوته، سارَ بمجدِ غيره، وبكى عند شفرتها طفلاً، على ضفتيِهِ، ثم جمعاً عاد بها إلى الهمهمة. |
مقامُ لي: كبرقٍ أمهرَ لونَه على وترٍ تعرّى، سأتركُ وجعَ السؤال، أو كغيمةٍ غادرَها الرعدُ سأمضي؛ خاوياً من رغبة التكوين، ومن حلمٍ يقتل هذا الفراغ. حكاياتُ طفلٍ يقصُّ أثر. وجدته يرصدُ روحاً إذ عبق من لبِّ ريحانةٍ وقد عبر. |
عرّاب النساء*
هذه حكايةٌ من حكاياتِ أناسٍ مرّوا في غابر الزمان، وعلى وترٍ جارحٍ عبروا. بينهم جاءني عرّابٌ طيبُ الروح، خرجَ عادلاً يدعو إلى عشق النساء، ولا بأسَ عليه إن لم يؤثر نفسه على إحداهِنّ، وقد بات لحماً يسعى إلى عماء. قالَ: علّني فراغ.. لكنه مالَ على صدرهن يوقعُ نظرةً مليئةً به. رأيته يعبرُ سفحَ نهدٍ، وعلى صدرِ نهرٍ كان قد مرّ. عرفته من أهل الجهلِ؛ من دخلوا أجسادهم، ومكثوا فيها، وإن عبروا الطريق، فلأجلِ نفسهم الغابرةِ، وحسب. |
الجنية الممسوسة لمحتُها في القارِ من القلبِ، تطفو قليلاً بمائها، يشدّني سويداءُ الروحِ المعتّقِ إليها، وفي عينِ ليلي أنارت دمعَ القمر. لها عويتُ كذئبٍ، يعرفُ قداسةَ العَتمة، وكأيلٍ برّيٍ سرتُ نحوها، يثيرُ قدحُ ناري غبارَ الفضيحة. لكنها تلك الجنيةُ الممسوسةُ بخرافةِ الأرضِ، وقد أصابها السراب، لم تلمح أخضرَها الراكنَ في يباسِ العين، ولم تشأ لو كحّلته بلونِ زرقتي. صرختُ من فُجاءةِ القحط وبكيت، وعندَ مغيضها وقعتُ من شدّة الخوارِ والعطش، فأبت أن تبلّلَ ولو قليلاً جفونَها بماء جنوني، وأغلقت نوافذَ كحلِها على ليلٍ بلا قمر، كنتُ على قرصِه قد انتهيت. |
حديث العرّافة* حدثتني عرّافةٌ عن عاشقٍ مجنون، عاد للبلادِ يروي عن صورته في عيني امرأةٍ أحبها، فضحكت لسرّه النساء. يهمسُ بأقراطهنّ: جميعكنّ هي. أما الرجالُ فكانت تغيظهم النهنهات، وغضّوا آذانهم عن حديثه: جئت لأعلّمكم الغواية. بعضهم آمن بما قالت فيه النساء: "هو رجلُ قد توحّش، وطابَ له النومَ في سرائرهن ليعود أدمياً كما كان". غيرهم تعجبوا: كيف جاز له أن يكونَ هذا وذاك؟!.. وظنوا جميعهم أن سرَّ النساءِ لديه، فانسحبوا أناء الليل خلسةً سائلين: إن كان هو ذاك الذي تهمسُ النساء باسمه للريح؟!.. فضحكتِ النساءُ في سرّها: لقد عادَهَم ريحُ الجنون. القول "قيل عرّافٌ، لأنه أيقن ما قد رأى، لكنه لم يدعُ أحداً إلى ما قال"، هكذا جاءَ في النقش. |
قولٌ ما:
ينثالُ الجهلُ عليَّ فأعرف: أنا الآدميُ الأولُ، إذ جاءني صوتيَ الغائبُ في السحاب. لم يهطلْ وحياً أو مطراً، لكنه أضاءَ قولاً، ثم انطفأ. قال: إن المعرفةَ لغة، أو هكذا جاءَ في القِدم؛ إشاراتٌ نعبرها إذا لمحَت، لكن ضوءَها ليس الطريق. قولٌ غيره: إذ جئتُ من الجهلِ، فلا أدري؛ لمن ذهبَ القومُ بماءِ الخلود؟.. وظنّوا أنهم عبروا لعرشِ السحابِ البعيد! وفي الصوتِ الغريبِ خديعةٌ للقلبِ، إذا جاء، أو خشية0ٌ من جرحٍ، مسّه هذيُ السماء، فما اللغةُ يا صاحبي إلا ضوءَ سرابٍ، يخشى هذا العماء. |
قولٌ ذَهَب: كلما مكثتُ في الكهفِ، لأنجبَ قولي، أراني ومن بعده، قد خرجت، فرأيتكم وإيايَ في جوفِ كهفٍ مثلِه، يمتدُّ بلونِ السماء، أو يصمتُ في الغيبِ تارةً، كحبةِ رملٍ صمّاء، فكم هذا الوقتُ مليئاً بالوهمِ، حين يغفو على صفحةِ ماء. هذا السرُّ يا صاحبي ليس عماء؛ من يخبرنا القولَ، إذا سالَ على حرفٍ في الخلقِ، فأضاء. قولٌ لي: سأمضي في قلبِ جهليَ شاردا،ً أمحو ما عرّفته بالأسماء، و أنظرُ بعينِ نسرٍ _ بلا إشاراتٍ تحجبُني _ صوبَ نبضٍ يسري في هذا الفراغ. |
فهرس
إهداء لي رجوع تكوين في علمِ النقطة نقش معلّقة الضحك في وصلِ الهجاء في وصلِ الخاء أصوات شرفة تعارج وجيب غِواء عِواء نداء لسان ألسن ....... عتمةُ الرائي مزمار رؤى رقص مقامات مقامٌ له مقامٌ غيره مقامٌ لها مقامٌ ما مقامٌ لي حكايات عرّاب النساء الجنيةُ الممسوسة حديثُ العرّافة القول قولٌ ما قولٌ غيره. قولٌ ذَهَبْ قولٌ لي |
الساعة الآن 05:21 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |