منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   واحة الأدب والشعر العربي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=199)
-   -   الشاعرة: نازك الملائكة (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=16213)

المفتش كرمبو 23 - 5 - 2011 03:34 PM

ثلاث أغنيات عربية
-1-

الساعة

دقّت الساعة في أرض بلادي العربيّه

جلجلت , ضجّت , ودوّت ملء وديان قصيّه

غلغلت عبر بساتين النخيل العنبريّه

وتلوّت في صحاررسخت كالأبديّه

دقّت الساعة واهتزّت لها سمر الصحاري

وارتوت بيد عطاش لانبلاج , لانفجار

ورمال لم تزل منذ عصور في انتظار

فتحت أذرعها العطشى وألوت بالإسار

***

إحملي أغنية الصحو إلى خضر المروج

ووعودا مورقات عربيّات الأريج

نبضت بين المحيط المترامي والخليج

***

إثنتا عشرة من دقّاتها هزّت ربانا

غلغلت عبر صحارينا النشاوى وقرانا

وسمعناها تنادي وأفقنا من كرانا


المفتش كرمبو 23 - 5 - 2011 03:35 PM

-2-

اللصوص

ولصوص هناك كثار كلّهم جشع وخداع
أقبلوا من وراء البحار يسرقون طعام الجياع
***

يأخذون الثرى والهواء يخطفون الندى والنور
***

يخنقون الأغاني الحنون يمنعون الكرى والحلم
***

إنّهم يقطعون الطرق ويسّدون كلّ سبيل
-3-

النسر المطعون

حيث النخيل السامق المزدهي حيث الصحارى المحرقات الرّمال
حيث الينابيع وكاساتها تقطر شهدا وتغذّي التلال
وحيث أغنيات أنهارنا تشدو بها شفاه ريح الشمال
هناك ألقى طائر ظلّه ضخما , إلهيّا تحدّى المحال
***

جناحاه مبسوطان فوق المدى من الخليج للمحيط السحيق
في كبرياء الريش تحيا ذرى وأعصر يقظى ومجد عريق
أقام فوق الأرض لا يرتقي نحو الأعالي في الفضاء الطليق
واللانهايات تنادي وفي ندائها همس الخلود العميق
***

في قلبه النابض قد أغمدوا رمحا غليظ الخدّ خشن الشّفاه
من صدره الحرّ يغذّي الثرى والورد يستنبته من دماه
يا رمح اسرائيل مهما ارتوى من جنحه من روحه من مناه
يبقى ثرانا عربيّ الشذى والضوء , يبقى عربيّ المياه
***

يافا وحيفا في غد نلتقي فنحن والضوء على موعد
تبقى فلسطين لنا نغمة قدسيّة على فم المنشد
ونسرنا الشامخ لن ينثني أمام باب الزمن الموصد
غدا فلسطين لنا كلّها كأن اسرائيل لم توجد


المفتش كرمبو 23 - 5 - 2011 03:36 PM

نشرت الشاعرة قصيدتها الشهيرة (الكوليرا) عام 1947 فسجلت اسمها في مقدمة مجددي الشعر مع الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب الذي نشر في العام نفسه قصيدته (هل كان حبا) واعتبر النقاد هاتين القصيدتين بداية ما عرف فيما بعد بالشعر الحر.


قصيدة - الكوليرا
( نازك الملائكة )
1947



سكَن الليلُ
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ
في عُمْق الظلمةِ, تحتَ الصمتِ, على الأمواتْ
صَرخَاتٌ تعلو, تضطربُ
حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ


في كل فؤادٍ غليانُ
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ
هذا ما قد مَزّقَهُ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ


يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ
طَلَع الفجرُ
أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ
في صمتِ الفجْر, أصِخْ, انظُرْ ركبَ الباكين
عشرةُ أمواتٍ, عشرونا
لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا
اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين

مَوْتَى, مَوْتَى, ضاعَ العددُ
مَوْتَى, موتَى, لم يَبْقَ غَدُ
في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ
لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ
هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ

تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ
الكوليرا
في كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ
في صمْت الأبدِ القاسي حيثُ الموتُ دواءْ
استيقظَ داءُ الكوليرا
حقْدًا يتدفّقُ موْتورا
هبطَ الوادي المرِحَ الوُضّاءْ


يصرخُ مضطربًا مجنونا
لا يسمَعُ صوتَ الباكينا
في كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداءْ
في كوخ الفلاّحة في البيتْ
لا شيءَ سوى صرَخات الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ


في شخص الكوليرا القاسي ينتقمُ الموتْ
الصمتُ مريرْ
لا شيءَ سوى رجْعِ التكبيرْ
حتّى حَفّارُ القبر ثَوَى لم يبقَ نَصِيرْ
الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ
الميّتُ من سيؤبّنُهُ
لم يبقَ سوى نوْحٍ وزفيرْ

الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ
يبكي من قلبٍ ملتهِبِ
وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ
يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ
لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ
الموتُ, الموتُ, الموتْ
يا مصرُ شعوري مزَّقَهُ ما فعلَ الموتْ



الساعة الآن 04:49 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى