منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   لكي لا ننسى .. (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=256)
-   -   في وداع عالم اﻷمة إبراهيم زيد الكيلاني (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=29927)

قلب., 6 - 4 - 2013 04:20 PM

رد: في وداع عالم اﻷمة إبراهيم زيد الكيلاني
 
حوار مع الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني رحمه الله
كانت قد اجرته جريدة الفرقان معه..

الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني، من أبرز العلماء العاملين في حقل الدعوة الإسلامية في الأردن، له بصمات واضحة ناطقة بجهده في دعوة الناس إلى الحق والهدى، وتبصيرهم بدينهم، وبحقيقة ما يدبر له من مكائد ومؤامرات تستهدف إقصاءه عن واقع الحياة، ولا زال على ذلك. امتاز سماحته بما امتاز به العلماء العاملون: جرأة في الحق، وكفاية في العلم، وفصاحة في القول، وعزة المسلم الرافض للذل والخنوع، وكبرياء العالِم المسلم بعيداً عن عالَم الصغار.
راعه هذا الاندلاق على أعتاب أعداء الإنسانية، وهذا التزوير للحقائق، والتفريط بالأرض والمقدسات، فجنّد يراعه وفكره لقول كلمة الحق، والدفاع عن مكتسبات الأمة الإسلامية، واستنهاض النائمين من علماء ومفكرين ومسؤولين في مختلف مواقعهم، علّهم يصطفّوا خلف راية الحق، ويحملوها إلى حيث مستقرها الراسخ الأكيد.
كما جنّد نفسه للعمل في خدمة كتاب الله تعالى، داعياً إلى تلاوته وحفظه وتفسيره وفهمه، وكذلك للدفاع عن كتاب الله http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/tbark.png في وجه المحاولات التي تجري لإلغاء بعض آياته في مناهج التعليم بحجة التحريض على الجهاد، وتشهد له كتاباته وخطبه ومحاضراته على ذلك.
ولد الدكتور إبراهيم في مدينة السلط عام (1937)، وتخرج من مدرستها الثانوية. التحق بكلية الشريعة في جامعة دمشق حيث تخرج منها في السنة الثالثة، ثم أكمل السنة الرابعة في جامعة بغداد، وأكمل الماجستير والدكتوراه في التفسير وعلوم القرآن في جامعة الأزهر / كلية أصول الدين.
شغل مواقع عدة:
- وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.
- عضو مجمع اللغة العربية الأردني.
- عضو مجلس التربية والتعليم.
- عميد كلية الشريعة في الجامعة الأردنية.
- عضو مجلس النواب الأردني (93-97).
- عضو لجنة المستشارين الشرعيين في البنك الإسلامي الأردني.
- عضو لجنة دراسة قانون الأحوال الشخصية الأردني.
- رئيس لجنة العلماء في حزب جبهة العمل الإسلامي ورئيس لجنة الفتوى فيه.
- عضو مجلس الإفتاء في الأردن.
- عضو مجلس الأوقاف.
- شارك في وضع القانون المدني الأردني، وكان عضواً في اللجنة ومقرراً لها.
- كان رئيساً للجنة القانونية في مجلس النواب التي قدمت مشروع القانون المدني الأردني ليكون قانوناً دائماً.
- خطيب المسجد الحسيني الكبير في عمان، وخطيب مسجد الجامعة الأردنية لسنوات وخطيب مسجد الملك عبدالله.
- عمل مديراً للبرامج الدينية في الإذاعة الأردنية، وقدم برامج إذاعية وتلفزيونية، وكان له حديث يومي بعنوان " من هدي القرآن الكريم " استمر لما يزيد على خمسة عشر عاماً، كما كان له ندوة أسبوعية في التلفزيون بعنوان " هدي الإسلام " وهو أول من عرّف العالم العربي والإسلامي بالعلامة المرحوم الشيخ محمد متولي الشعراوي، وقد سجّل معه الدكتور إبراهيم ما يقارب من سبعين حلقة تلفزيونية للتلفزيون الأردني بُثّت بعدها في التلفزيونات العربية.
- صدر له عدد من المؤلفات مثل: : معركة النبوة مع المشركين كما تعرضها سورة الأنبياء، تصوّر الألوهية كما تعرضه سورة الأنعام، دراسات في الفكر العربي الإسلامي، ومؤلفات أخرى في التفسير الموضوعي، وبحوث في موضوعات شتى.
- له اهتمامات أدبية، وخصوصاً في مجال الشعر.
- تفرغ أخيراً للعمل رئيساً لجمعية المحافظة على القرآن الكريم ولا زال.
التقته الفرقان بصفته رئيساً للجمعية للحديث حولها بمناسبة مرور (14) عاماً على تأسيسها.
الفرقان: لا شك أن عملكم في مجال خدمة القرآن الكريم متواصل وهو نتاج نشأتكم في بيئة قرآنية كان على رأسها والدكم المرحوم الشيخ عبدالحليم الكيلاني. هل لكم أن تقدموا لقراء الفرقان نبذة عن ذلك؟
د. إبراهيم: والدي الشيخ عبدالحليم كان مفتي مدينة السلط ومعلم القرآن والتربية الإسلامية في مدرستها الثانوية، وكان - بالإضافة إلى ذلك – يفتح داراً للقرآن يعلّم فيها أبناء السلط – صغاراً وكباراً – لمدة خمسين عاماً أو أكثر، وقلما تجد من أبناء السلط من لم يدرس في مدرسة الشيخ عبدالحليم، فكان يعلّم القرآن مع القراءة والكتابة، وكان موضع ثقة أبناء السلط من خلال عمله في المسجد وفي المدرسة وفي البيت.
هذه البيئة نشأت بها – من فضل الله تعالى-، كما أن والدي كان حافظاً للقرآن الكريم، وكان ورده اليومي عشرة أجزاء، فغرس ذلك في قلبي حبّ القرآن الكريم، ولذلك عندما انتقلت من العمل في الإذاعة الأردنية إلى كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، كان أول عمل لي أن أوجد صيغة لتعليم القرآن لطلاب الشريعة من خلال تحويل مادة كانت في الخطة الدراسية صورية، أي أن كل طالب يجب أن يحفظ أجزاء من القرآن ويتقن تلاوته. هذا الأمر لم يكن يطبّق. والحمد لله، فقد فعّلنا هذه المادة، وأوجدنا أيضاً مادة تلاوة في الكلية، وبفضل الله تعالى أصبحت مادة أساسية.
ثم عندما عُيّنت وزيراً للأوقاف، كانت هناك فكرة إنشاء جمعية المحافظة على القرآن الكريم، ولكن – حينئذ – لم يكن قانون وزارة الأوقاف يسمح بأن يضم جمعيات إليها، فحصلت الجمعية على الرخصة من وزارة الثقافة، ثم وكل إليّ رئاسة هذه الجمعية، وما زلنا في ظل العمل القرآني منذ ذلك الوقت.
أما بداية عملي فكانت في الإذاعة الأردنية حيث قدمت حديث: (من هدي القرآن الكريم)، وعملت مديراً للبرامج الدينية في الإذاعة، كما قدمت برنامج ندوة أسبوعية في الإذاعة وفي التلفزيون بعنوان: (هدي الإسلام)، ثم انتقلت سنة 1974 إلى الجامعة الأردنية وعُيّنت أستاذاً مساعداً في كلية الشريعة، ثم عُيّنت عميداً للكلية، وبعدها عُيّنت وزيراً للأوقاف سنة 1991م، ثم صرت نائباً في مجلس الأمة عن عمان من سنة 1993م إلى سنة 1997م. وخلال هذه المدة كنت أخدم الجمعية وأهدافها.
الفرقان: في مثل شهر نيسان من هذا العام، وفي عام 1991م، تأسست جمعية المحافظة على القرآن الكريم وها هي تدخل عامها الرابع عشر من عمرها. كيف ترون أداءها؟ وماذا حققت من إنجازات خلال هذه الفترة؟
د. إبراهيم: تستطيع أن تعرف إنجازات الجمعية من خلال مراكز تحفيظ القرآن الكريم وتعليمه، ومن خلال انتشارها الأفقي في قرى المملكة ومدنها وبواديها، ومن خلال انتشارها العمودي في مناهجها وبرامجها، والكتب التي تصدرها، والثقافة التي تعمّقها، والمجلة التي تصدرها. فهما انتشاران: انتشار عمودي فكراً وثقافة، وانتشار أفقي في مناطق المملكة المختلفة.
ومن أهم أهدافنا من خلال هذه المراكز، : إنقاذ الشباب من أن ينحرفوا في طرق الفساد، فناك جهات كثيرة حريصة على أن تنشىء للشباب نوادي (كوفي شوب)، ونوادي (تزلج) ونوادي (مساج)، ونوادي إفساد. وهناك أيضاً مراكز من أجل إفساد أخلاق الشباب بالجريمة المنظمة وغير المنظمة، فهدفنا أن ننشر الأمن ونحققه في المجتمع، وأن ننقذ هؤلاء الشباب من أسباب الجريمة.
أما نحن في مراكزنا فنعلّم القرآن، ونعصم ألسنتهم من الخطأ باللغة العربية الفصيحة، ونعصم أخلاقهم من الفساد بحسن التربية، وبحسن العبادة، وبحسن مجتمع الرفاق، وبحسن الاتصال بالمسجد، ومن خلال رعاية الوالدين والتعاون معهما. فنحن نقوم بعمل عظيم من حيث إنقاذ مجتمع الرفاق في الحي، وذلك بتحويله من العبث والفساد إلى البناء والتزكية والتربية والإصلاح.
الفرقان: من خلال ما تفضلتم به، يتبين أن رسالة الجمعية رسالة واضحة تستهدف خير المجتمع، وأنها متخصصة في مجال خدمة القرآن الكريم، كما أن الجمعية لا تتدخل في الشؤون الأخرى، إلا أنها - رغم ذلك - تجد نفسها في مرمى الاستهداف. لماذا؟
د. الكيلاني: عندما أعلن بوش حربه الصليبية من خلال حملته الانتخابية السابقة واللاحقة، كان لا بد أن يستهدف مؤسسات المجتمع المدني ومنها مؤسسات القرآن الكريم، ومن هنا نجد أن بناء الشخصية القرآنية هو الذي يقف أمام هدف بوش الذي يريد أن يعلّم المسلمين الفرح والرقص على الطريقة الغربية ليفسد دينهم ويفسد لغتهم وأخلاقهم. وقد ظهر هذا من خلال ما قامت به السفارات الأمريكية في بعض الدول العربية من توزيع نسخ من (فرقان) ألّفوه على أيديهم وسمّوه (الفرقان الحق) وهو (فرقان الباطل)، حرّفوا فيه كلام الله، وأفسدوا كل المعاني التي جاء بها الأنبياء من التوحيد وذكر الله والإيمان باليوم الآخر، وحرّفوا سور القرآن الكريم. هذا الهدف الاستعماري لا بد أن يقابله هدف آخر وهو حرب الجمعيات القرآنية، ووضع العوائق أمام تدريس القرآن وعلومه، ومنعنا من ذلك، ولكن (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون).
نحن نعمل في ظل الدستور، وفي ظل القانون، ومعنا ترخيص من وزارة الثقافة، ووقتها قال وزير الثقافة الأستاذ الدكتور خالد الكركي: أي ثقافة للأمة أعظم من ثقافة القرآن، وأي بناء لهوية الأمة أعظم من بناء القرآن الكريم؟ ولولا القرآن الكريم لما كانت عمان، ولما كانت دمشق، ولما كانت بغداد، ولما كانت أمة اسمها الأمة العربية الإسلامية، فنحن نحافظ على وجودنا وهويتنا بالمحافظة على هذا القرآن الكريم.
ومؤسسات المجتمع المدني في كل بلاد العالم تعمل بحرية، تدعمها الحكومات والشعوب وتقدم لها العون والمال، إلا في بلدنا، فإن مؤسسات المجتمع المدني مطالبة بأن تكون تحت السيف الحكومي، هذا على الرغم من أننا ندعو دائماً إلى التعاون والتنسيق، وعندما قالوا لنا في بداية ظهور قانون الأوقاف: نريد التنسيق. قلنا لهم: نحن أول من يتعاون ويطلب الاستشارة. ونحن في الجمعية نملك أحسن الكفاءات العلمية في القراءات - ووزارة الأوقاف تحتاج إلينا - فعندنا المتخصصون في القراءات وعلوم القرآن مثل الدكتور أحمد شكري، والدكتور محمد عصام القضاة، والدكتور أحمد القضاة، والدكتور محمد خازر المجالي، والدكتور أحمد شحروري، عدا عن من يحملون الإجازات. ثم لا أكتمك أننا رعينا جانب المرأة أكثر مما ترعاه أي جمعية أخرى. فعندنا من الحافظات المئات، وهناك سيدات بيوت بدلاً من أن يذهبن إلى الأسواق والنوادي والكماليات والبذخ والإسراف، يذهبن لبناء أسرهن وتنشئة أولادهن وبناتهن في ظلال القرآن الكريم.
والحمد لله فإن في جانب المرأة وإنجازاتها يفوق أحياناً جانب الرجال، وكلاهما يتنافسان على الخير.
وهناك دورات شرعية تقام للرجال والنساء في الجمعية يدرسون فيها التفسير والحديث والسيرة. هكذا يكون بناء المجتمع من الداخل.
نحن نواجه غزوة حضارية فاسدة تريد أن تجتث الشخصية الإسلامية من أصولها، فكيف نتصدّى لذلك؟ بأمرين اثنين: أولاً: أن تقوم الأسرة بواجبها، ونحن نساعد الأسرة على القيام بهذا الواجب من خلال الدورات القرآنية والشرعية التي تقام في المراكز الدائمة والصيفية .
ثانياً: التشجيع على تعلم اللغة العربية؛ هذه اللغة التي تُحَارَب الآن، حتى أن كثيرين ممن يتصدّون للغة، ويُطلب إليهم أن يكونوا مؤهلين، نجدهم لا يحسنون قراءتها.
كذلك تجد خريجي الجامعة والثانوية لا يحسنون قراءة القرآن قراءة صحيحة، بل إن بعضهم لا يحسن أن يقرأ صفحة واحدة بلا خطأ. هذا الأمر هزيمة للأمة. ثم بدل أن يشجعوننا على التعليم والقيام بواجبنا من خلال مؤسسات الجمعية يضعون أمامنا العقبات والعراقيل، ونحن نعمل تحت الشمس، وفوق الأرض، وندرّس الكلّ، ولا نستثني أحداً، فكل من يقصد نعلمه. فلماذا هذه العراقيل؟
انظر إلى اليهود، جمعيات التوراة المحرفة تدعم ماليّاً من ميزانية الحكومة اليهودية والمخصص لها، ونحن نُحارب. نحن نقول لهم: إننا نجمع من أهل الخير. فيقولون : لا، هذه الحصالات لم تأخذوا الإذن للتبرع من خلالها. هل على الذي يريد أن يتبرع بعشرة قروش أو عشرين قرشاً لكتاب الله أن يأخذ إذناً من وزارة التنمية؟ هذه مصادرة لحريات الناس.
إن الاعتداء على حصالات الجمعية التي تجمع من خلالها العشرة قروش والعشرون قرشاً، ماذا يعني؟
هذا يعني أن الاعتداء على كرامة الإنسان وحريته أصبح في غاية الغرابة والعجب.
الفرقان: بناءً على ما ذكرتم، كيف ترون مستقبل الجمعية في ظل قانون الأوقاف الجديد الذي يعتبر الجمعية من ضمن المؤسسات التي تشرف عليها وزارة الأوقاف؟
د. الكيلاني: قانون الأوقاف قانون رجعي متأخر، يصادر حريات الناس في عبادة الله، ويصادر حرية الناس في تعلم القرآن وتعليمه، هذا قانون غير حضاري وغير منتم للأمة والقرآن. ومستقبل الجمعية مضمون بأمر الله: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). هذه الجمعية لا تستمد قوتها إلا من الله، ثم من الشعب المسلم الذي يدعمها ويرعاها.
الفرقان: في ظل هذه الهجمة التي يتعرض لها العمل القرآني والإسلامي. ماالدور الذي يمكن أن يضطلع به علماء المسلمين؟
د. الكيلاني: الله http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/sbhanh.png ذكر دور علماء المسلمين في التعاون على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأي معروف أعظم من حفظ القرآن الكريم وتعلمه وتعليمه؟ وأي منكر أكبر من أن تضع العقبات أمام تعلم القرآن وتعليمه؟!
يقول تعالى في كتابه الكريم : " فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم واتّبع الذين ظلموا ما أُترفوا فيه وكانوا مجرمين. وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون". من هنا يتبين أن العلماء هم أصحاب البقية من الخير والهدى، فيجب عليهم أن يقوموا بواجبهم، فإذا لم يقوموا به، وشغلتهم دنياهم ورتبهم ورواتبهم عن العمل القرآني فإن النتيجة هي الهلاك. ولذلك قال سبحانه : (إلا قليلاً ممن أنجينا منهم).
وبهذه المناسبة أخاطب العلماء، وخريجي كليات الشريعة، وحفظة القرآن الكريم، أن يكونوا مع حِملة القرآن الكريم في مواجهة الحملات المشبوهة، وأن يقفوا مع الجمعية. ماذا سيكون جواب العلماء لربهم غداً حينما يقول لهم : فيم كنتم من أمر دينكم؟ والله لا يقبل الله لهم عذراً، إلا أن يكونوا مع القرآن والإسلام في معركته.
الفرقان: بصفتكم أكاديميّاً سابقاً، وكنتم عميداً لكلية الشريعة بالجامعة الأردنية منذ ثلاثين عاماً تقريباً، كيف ترون مستوى التدريس الشرعي في هذه الأيام،وكذلك مستوى طلاب الشريعة في الجامعات؟
د. إبراهيم : كان في كلية الشريعة علماء يسّر الله لهذا البلد أن قاموا بواجبهم فيها، وكان منهم العلامة الشيخ مصطفى الزرقا، والعلامة الشيخ محمد المبارك، والعلامة الدكتور فتحي الدريني، هؤلاء منارات قلّ أن نجد مثلها، ثم كانت الحرية الأكاديمية أقوى، كنت تجد علماء دعاة، كان الدكتور عبدالله عزام – http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/rhm.png – من خيرة المدرسين في هذه الكلية، وكان الطلاب يأتون إليه من مختلف الكليات في متطلبات الجامعة كالثقافة الإسلامية وغيرها، كان يدرّس العقيدة خيراً من أساتذة العقيدة، لأنه يشرحها بالطريقة العملية لا بالطريقة الجدالية الكلامية، فكنت تجد الحرية أكثر ، لكن الآن – للأسف - سلطان الخوف سيطر، والدنيا سيطرت، وأصبحتَ تجد أكثر الأساتذة الذين كانوا خطباء مساجد ودعاة، انصرفوا الآن إلى عملهم الأكاديمي المجرد، وروح الدعوة ضعفت عندهم.
الفرقان: هناك ضعف أيضاً عند طلاب المدارس في الأردن في مجال تلاوة القرآن الكريم. هل هذا بسبب وجود حصة يتيمة واحدة للتلاوة، أم أن ذلك مردّه إلى عدم إيلاء هذا الأمر الأهمية التي يستحقها من الجهات المعنية؟
د. إبراهيم: تتعرض المدارس في الأردن لضغوط، من ذلك إنقاص حصص التربية الإسلامية، وأذكر عندما كنت عضواً في مجلس التربية والتعليم، وكان وقتها أيضاً الدكتور إسحاق الفرحان عضواً في المجلس، قدّم وزير التربية وقتئذ مشروعاً لإنقاص حصص التربية الإسلامية من ثلاث حصص إلى حصتين، وقمنا وقتها بمواجهة هذا الاتجاه، وبفضل الله تعالى تمكنّا من تجميد هذا القرار. لكن بعد أن خرجنا وإذا بهذه الحصص تنقص إلى حصة، وحصص اللغة العربية تنقص أيضاً، والآن نحن أمام انهيار للغة الطالب القومية. كل قومية في العالم تعتز بلغتها، واليهود لا يدرّسون إلا بلغتهم، والإنجليز كذلك. ومما اتفق عليه علماء التربية أن الطالب في الصفوف الأربعة الأولى لا يستطيع أن يتعلم إلا لغة واحدة، وإذا حشرته بلغتين، ضعفت اللغتين، هذا ما قرّره علماء التربية، ولكن عندنا يُطلب من الطالب أن يدرس العربية مع الإنجليزية، فيضعف فيهما، ثم تكون نتيجة ذلك أن يتخرج من المدرسة الثانوية دون أن يحسن اللغة، ثم عندما يتخرج من الجامعة لا يحسن اللغة أيضاً، ثم حين يتعيّن محامياً أو قاضياً لا يستطيع أن يتحدث بلغة عربية سليمة، وما تعانيه (العدالة) الآن أنّ المواد القانونية التي تدرّس بالعربية وتطبّق بها لا تجد من يحسن فهمها أومن يحسن عرضها وتطبيقها. ومثل هذا يوجد في الصحافة والإعلام وغير ذلك. إذن نحن أمام خطر يتهدد وجود الأمة، وبدل أن يرجعوا إلى الأساس ويحسنوا تعليم اللغة وتعلمها ويزيدوا حصصها، يسيرون في الطريق الخاطئ ويشجعون اللغات الأجنبية على اللغة القومية.
الفرقان: إذن، هل من رسالة أو نداء توجهونه إلى القائمين على التعليم لتفادي الخلل في هذا الصدد؟
د. إبراهيم: وزارة التربية هي التي تضع مناهج التعليم، وبالتالي فأنا أوجه النداء إلى وزير التربية وإلى العاملين في الوزارة، كما أوجه النداء إلى رئيس الحكومة، وأوجه النداء إلى المجلس التشريعي للنواب، أن يتداركوا وجود الأمة وهويتها.
الآن، انظر ماذا يجري في البلاد العربية؟ تجد المخطط نفسه بإبعاد اللغة العربية وإضعافها وسيطرة الأجانب على التربية والتعليم، حتى إنهم في بعض هذه البلاد يسعون لإلغاء وزارة التربية وإيجاد مجلس أعلى للتربية صوري، والمستشارون الأمريكان هم الذين يوجهون المناهج، وقد أرادوا أن يجعلوا لكل مدرسة منهاجها الخاص حتى يمزقوا الأمة ثقافيّاً وحضاريّاً، ومثلما وزّعوا مراقبين في البنوك والشركات لمحاصرة المقاومة، كذلك وزّعوا مستشارين من أجل محاصرة بناء شخصية العربي المسلم. وهنا أذكّر بدور الوالدين في الأسرة في تعليم أولادهم القرآن وربطهم بالمسجد، لأن الأسرة هي آخر القلاع والحصون في المحافظة على إسلام أبنائنا، كما قال http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" ، " الزموا أولادكم وأحسنوا أدبهم".
الفرقان: ما النصيحة التي توجهونها للقائمين على العمل القرآني في فروع الجمعية ومراكزها، ولمعلميها وطلابها على وجه الخصوص؟
د. إبراهيم: أوجه لهم النصيحة التي وجهها القرآن الكريم لمن يتعلمون ويدرسون في قوله تعالى: " ما كان لنبي أن يؤتيه الله الكتاب والحُكم والنبوة، ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله، ولكن كونوا ربّانيين بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون".
فالرباينة هي الثمرة الخالصة الطيبة للمعلم والمتعلم، وهذه الربانية تعني الخلوص لله، إخلاص القصد، والذين حفظوا القرآن على مدى القرون هم هؤلاء الربانيون الذين كانوا يعلّمون لله، وأضرب أمثلة: الوالد – http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/rhm.png – في السلط، قام بتعليم القرآن وتدريسه لأكثر من خمسين عاماً، والشيخ سعيد العنبتاوي – http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/rhm.png – في الزرقاء، كم خرّج من الحفاظ والمجازين، وهو لازمٌ بيته من ساعة إلى ساعة، ومن حلقة إلى حلقة؟ كذلك العلماء في عمان وفي الكرك وفي مناطق أخرى.
الآن جمعيتنا تقوم بواجبها في تخريج حفاظ في مناطق ما كان فيها حافظ واحد، في معان والعقبة والمفرق وغيرها، أصبح فيها الحفاظ والحافظات الآن بالمئات. إنّ هذا ليس جهداً فرديّاً ماديّاً، وإنما جهد قلوب متصلة بالله، صدقت مع الله، وتعمل لله، تجد أحدهم مريضاً، ورغم مرضه يركب حافلة الجمعية ويذهب إلى البوادي والقرى يعلّم ويحفّظ القرآن ويقيم الدورات، بعد أن لم يكن فيها من يعلّم القرآن إلا ما رحم الله، فيجدون هؤلاء المعلمين الذين يصدق فيهم قول القائل: رهبان الليل فرسان النهار، لا يعرفون إلا ذكر الله، " تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون. كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون. وبالأسحار هم يستغفرون". هؤلاء هم الذين حفظوا كتاب الله، ولذلك وصفهم أحد الأدباء بقوله: " شباب والله مكتهلون في شبابهم، غضيضة عن الشرّ أعينهم، ثقيلة عن الباطل أرجلهم، أمضاء عبادة، وأطلاح سهر، نظر الله إليهم في جوف الليل مُنحية أصلابهم على أجزاء القرآن الكريم، كلما مرّ أحدهم بآية من ذكر الجنة بكى شوقاً إليها، وإذا مرّ بآية من ذكر النار شهق شهقة كأن زفير جهنم بين أذنيه".
هؤلاء هم الرجال الذين حفظوا هذا القرآن في القديم وفي الحديث، وسيبقى هذا القرآن محفوظاً بحفظ الله تعالى، وإنما نحن كما فعل أبوبكر - http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anho.png - عندما أمر بكتابة القرآن وحفظه حين استشهد أكثر من سبعين من الحفظة في معركة اليمامة، وكما أمر عثمان - http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anho.png – بكتابة المصاحف وتوزيعها، نحن نقوم بالعمل والبقية على الله، والقرآن شاهد مصدَّق، ومجادل مصدَّق، ومن حاربه حارب رب العالمين، والذين يمكرون بالقرآن، وبتعليمه وتعلمه، يمكرون بالبلد كلها، وبالأمة كلها، وما يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون. ولذلك أقول لحفظة القرآن ومعلميه: امضوا على بركة الله، فالله معكم ولن يتركم أعمالكم، والله حافظكم، ونحن بإذن الله أقوياء بالله، "من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب"، فإذا كنّا أولياء لله، ومعلمين لكتابه، وناصرين لدينه، فإن الله لن يتركنا وهوحسبنا ونعم الوكيل.
الفرقان: ننتقل إلى محور آخر هو تفسير القرآن الكريم – وهو تخصصكم الرئيسي –. فما الفرق بين منهج التفسير التحليلي للقرآن ومنهج التفسير الموضوعي له، وماذا تفضّلون ؟
د. إبراهيم: أنا بصراحة أميل إلى التفسير الموضوعي للقرآن، فهذا تفسير الإمام محمد عبده وتلميذه محمد رشيد رضا نحا نحواً جديداً في التفسير، وهو إظهار بيان القرآن الكريم في حلّ المشكلات المعاصرة، ولذلك نجد تفسير المنار لمحمد رشيد رضا، من أعظم التفاسير التي حظيت بها المكتبة الإسلامية، وكان الإمام محمد عبده – الذي يحتفلون بمرور مئة عام على وفاته – إماماً مجدداً ومفسراً وفقيهاً، وكان يعيش مشكلات عصره، وقاوم الإنجليز، ثم رأى أخيراً أن يعمل من خلال التدريس. وهناك أيضاً تفسير سيد قطب (في ظلال القرآن) وهو من التفاسير الجيدة، وهناك تفسير الأجزاء العشرة الأوائل من القرآن الكريم للشيخ محمود شلتوت، وتفسير سور متعددة في القرآن للدكتور محمد البهي وغيره. وأنا أحبّ أن أسير في هذا الجانب؛ جانب التفسير الموضوعي، لكن – مع ذلك - فإنّ التفسير الموضوعي يعتمد على التفسير التحليلي، وأرى أن من أعظم التفاسير في مجال التفسير التحليلي تفسير الكشاف للزمخشري، ما عدا معتزلياته طبعاً، لكن كل من جاء بعده عالة على الكشاف. ومن أمثلة التفسير التحليلي كذلك تفسير الألوسي والطبري، وكذلك تفسير الإمام محمد طاهر بن عاشور المسمى " التحرير والتنوير " وهو من أعظم التفاسير في هذا المجال.
الفرقان: وبماذا تنصحون طلبة العلم من هذه التفاسير ؟
د. إبراهيم: التفاسير نوعان: تفاسير مختصرة تناسب أكثر الناس مثل تفسير الشيخ حسنين مخلوف (البيان)، وهو عالم وفقيه ولغوي، وله تفسيرٌ مختصر اختصاراً كثيراً، وتفسير متوسط، فالمتوسط جيد.
وعندنا أيضاً في التفسير المأثور تفسير ابن كثير، وتفسير الطبري وهو شيخ المفسرين، وهو تفسير بالمأثور والرأي أيضاً، لأنه يعطي خلاصة الآية.
وفي التفسير اللغوي والبياني لا أجد خيراً من تفسير الكشاف للزمخشري، ويمشي على آثاره البيضاوي وأبوالسعود. وتفسير (الظلال) لسيد قطب يعتبر جامعاً بين التفسير البياني والتحليلي والموضوعي.
الفرقان: ما رأيكم بتفسير الشيخ الشعراوي – http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/rhm.png - ؟
د. إبراهيم: الشعراوي فقيه في اللغة، وفقيه في علم الكلام، وتفسيره فيه من هاتين الخاصيتين، فهو عنده عمق لغوي وعمق بياني، وأيضاً هو من علماء العقيدة والكلام.
الفرقان: الإعجاز العلمي في القرآن برز كوسيلة فعالة في الدعوة والإقناع. ما رأيكم في هذا المنهج؟ وهل هناك مبالغة في طرحه هذه الأيام؟
د. إبراهيم: إن الإعجاز العلمي كما يعرضه العالِم الأستاذ الدكتور زغلول النجار، منهجه جيد ووسط، فهناك في الإعجاز العلمي قوم يمشون على طريق المبالغة والخروج عن هداية النص أو معنى النص، مثل طنطاوي جوهري عندما حاول أن يلوي أعناق الآيات من أجل إخضاعها لبعض المخترعات العلمية. القرآن الكريم ليس كتاب مخترعات ولا كتاب فيزياء ولا غير ذلك، إنما القرآن كتاب هداية، فإذا وجدنا أن آية تتحدث عن آية من آيات الله الكونية، وسبقت دلالتها القرون، ووجدنا عالِماً مثل الدكتور زغلول النجار وغيره يتحدثون عنها، فهذا من الإعجاز الذي أكرمنا الله به ويسّره لنا. فعندما يتحدث عن آية (وأرسلنا الرياح لواقح)، وعن صعود الإنسان في طبقات الجو العليا وكيف يضيق نَفَسُه كأنما يصّعّد في السماء، وعن كروية الأرض، وعندما يتحدث الطبيب الفرنسي (بوكاي) عن آيات القرآن الكريم وكيف أنه سبق العلوم كلها، وأظهر من معجزات القرآن العلمية في كتابه: التوراة والإنجيل والقرآن والعلم" الذي تُرجم إلى العربية وطبعته دار المعارف، حيث قال: إنه –أي القرآن – الكتاب الوحيد الذي ليس فيه ما يناقض العلم، بينما نجد ما يناقض العلم في التوراة وفي الإنجيل، بل إن في القرآن الكريم لفتات علمية سبق إليها، ومنها ما تحدث به عن جثة فرعون (فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية)، وكيف أنه عندما أجرى هو شخصيّاً الفحوص – كطبيب باطني – على جثة فرعون وجد أن جلده لم يتعفن ولم يتغيّر شكله الهندسي، بينما جثث أخرى تغيّر فيها شكل الجلد الهندسي.
ثم نجد أن القرآن الكريم أوجد المنهج العلمي للعلوم وهو النظر إلى التجربة والاختبار وأخذ الملاحظة، (قل انظروا ماذا في السماوات والأرض)، (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت)، ولذلك (جوستاف لوبون) الذي كتب كتاب (الحضارة العربية) الذي ترجمه الأستاذ زعيتر إلى العربية، قال فيه: إن القرآن الكريم هو الذي أوجد منهج العلوم الذي قامت عليه الحضارة الغربية، وهو المنهج التجريبي.
الفرقان: صدر لكم مؤخراً كتاب " خصائص الأمة الإسلامية الحضارية كما تبينها سورة المائدة "، وقد لاقى قبولاً طيباً. هل من جديد في قادم الأيام؟
د. إبراهيم: أسأل الله أن يعينني على أن أخرج أيضاً كتاباً يتعلق بسورة الإسراء، وقد وضعتُ الخطوط الأولى لهذا الكتاب، وأنا ماض في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم، لأنني أجد أن شخصية السورة في إبداء موضوعها الرئيسي وخصائصها التوجيهية مما يعين على فهم القرآن الكريم.
الفرقان: شكراً لكم وأثابكم الله.

ناجي أبوشعيب 7 - 4 - 2013 03:53 PM

رد: في وداع عالم اﻷمة إبراهيم زيد الكيلاني
 
رحمه اللّه وغفر له
شكرا على الموضوع ابتني المنى

وفاء بنت غزة 7 - 4 - 2013 04:15 PM

رد: في وداع عالم اﻷمة إبراهيم زيد الكيلاني
 
(إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا عالمنا الجليل لمحزونون)..
رحمة الله عليه وجعل مثواه الجنه ان شاء الله

اشراقة شمس 8 - 4 - 2013 12:12 AM

رد: في وداع عالم اﻷمة إبراهيم زيد الكيلاني
 
كل معاني الرثاء قليلة بحق المرحوم الدكتور ابراهيم
جعله الله من رفقاء الرسول عليه افضل الصلاة والسلام

أرب جمـال 8 - 4 - 2013 12:37 AM

رد: في وداع عالم اﻷمة إبراهيم زيد الكيلاني
 
شكرا لك غاليتي المنى على ما ادرجت عن فقيدنا الغالي علينا وعلى كل مسلم وعربي
من عرفه لن ينساه ابدا
بارك الله بك ورحم الله الفقيد وأسكنه جنان الخلد
تعازينا الحارة الى آل زيد الكيلاني الكرام


الساعة الآن 05:20 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى