منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القرآن الكريم والأحاديث وسيرة الأنبياء والصحابة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=95)
-   -   بين فكي التاريخ - للشاعر سهيل عيساوي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=4519)

ملك القلوب 27 - 2 - 2010 12:15 AM

سيد قطب
هو سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي، ولد في قرية "موشة" وهي إحدى قرى محافظة أسيوط بتاريخ 9 / 10 / 1906
تلقّى دراسته الابتدائية في قريته. في سنة 1920 سافر إلى القاهرة، والتحق بمدرسة المعلمين الأوّلية ونال منها شهادة الكفاءة للتعليم الأوّلي. ثم التحق بتجهيزية دار العلوم.
في سنة 1932 حصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية دار العلوم. وعمل مدرسا حوالي ست سنوات، ثم شغل عدة وظائف في الوزارة.
عين بعد سنتين في وزارة المعارف بوظيفة "مراقب مساعد" بمكتب وزير المعارف آنذاك ـ إسماعيل القباني ـ، وبسبب خلافات مع رجال الوزارة، قدّم استقالته على خلفية عدم تبنيهم لاقتراحاته ذات الميول الإسلامية.
وقبل مجلس ثورة يوليو الاستقالة سنة 1954، وفي نفس السنة تم اعتقال السيد قطب مع مجموعة كبيرة من زعماء "الإخوان المسلمين". وحكم عليه بالسجن لمدة (15) سنة. ولكن الرئيس العراقي عبد السلام عارف تدخّل لدى الرئيس المصري جمال عبد الناصر، فتم الإفراج عنه بسبب تدهور حالته الصحية سنة 1964.
وفي سنة 1965 اعتقل مرة أخرى بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم واغتيال جمال عبد الناصر واستلام الاخوان المسلمين الحكم في مصر.
وقد صدر حكم الإعدام على سيد قطب بتاريخ 21 / 8 / 1966 وتم تنفيذه بسرعة بعد أسبوع واحد فقط (في 29 / 8 / 1966) قبل أن يتدخّل أحد الزعماء العرب!!
سيد قطب الصحفي
لسيد قطب علاقة وثيقة مع الصحف والمجلات. فقد بدأ بنشر نتاجه وهو لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره. وقد نشر أولى مقالاته في صحيفة "البلاغ" و"الحياة الجديدة" و"الأسبوع" و"الأهرام" و"الجهاد".
وكان السيد قطب غزير الإنتاج، يكتب المقالات الأدبية والنقدية والتربوية والاجتماعية والسياسية.
ففي المجلات كتب في "الكاتب المصري" و"الكتاب" و"الوادي" و"الشؤون الاجتماعية" و"الأديب" و"الرسالة" و"الثقافة" و"دار العلوم" وغيرها. وقد اشرف على مجلتي "الفكر الجديد" و"العالم العربي"، كما اشرف على مجلة "الإخوان" التي لاحقتها السلطات وفرضت عليها الرقابة دون غيرها من الصحف وأوقفتها عن الصدور في 5 / 8 / 1954.
وبسبب نشاطه الإخواني أغلقت كثير من الصحف أبوابها بوجه إبداعه فكتب يشكو أن الصحف المصرية ـ إلا النادر القليل منها ـ هي مؤسسات دولية، لا مصرية ولا عربية، مؤسسات تساهم فيها أقلام المخابرات البريطانية والفرنسية والمصرية والعربية أخيراً.
وفي موقع آخر كتب ليعرّف الجمهور الكادح الفقير انه ليس هو الذي يموّل الجريدة بقروشه...:
"تعتمد هذه الصحف على إعلانات تملكها شركات رأسمالية ضخمة، وتخدم بدورها المؤسسات الرأسمالية.. وتعتمد ثانيا على المصروفات السرية المؤقتة أو الدائمة التي تدفعها الوزارات لصحافتها الحزبية أو للصحف التي تريد شراءها أو ضمان حيادها.. وتعتمد ثالثا على المصروفات السرية لأقلام المخابرات الدولية وبخاصة إنكلترا وأمريكا..".
سيد قطب الأديب
سيد قطب أديب له مكانته في عالم الأدب والنقد وله علاقات مع عدة أدباء منهم طه حسين وأحمد حسن الزيات وتوفيق الحكيم ويحيى حقي ومحمود تيمور ونجيب محفوظ وغيرهم.
ولكن علاقته المميزة كانت مع عباس محمود العقاد. وهو أستاذ سيد قطب واثّر كثيراً على مسار تفكير سيد قطب الأدبي والنقدي والحزبي.
كان سيد قطب يكتب عن جميع كتب العقاد ويمدحه ويشير إلى عبقرية الرجل واعتبره شاعر العالم أجمع. لكنه في سنة 1948 خرج نهائياً من مدرسة العقاد. وكان سيد قطب قد دفع الثمن غالياً بسبب دفاعه المستميت عن العقاد وأدبه من قبل الصحف الوفدية (بعد خروجهما من الحزب) والمسؤولين في وزارة المعارف.
سيد قطب والأحزاب
كما أشرت سابقاً، انضمّ سيد قطب إلى حزب الوفد ثم انفصل عنه، وانضم إلى حزب السعديين - نسبة إلى سعد زغلول - لكنه ملّ من الأحزاب ورجالها وعلل موقفه هذا قائلاً:
"لم أعد أرى في حزب من هذه الأحزاب ما يستحق عناء الحماسة له والعمل من أجله".
سيد قطب في ظلال الفكر الحركي الإسلامي
منذ سنة 1953 انضم سيسد قطب عمليا لحركة الإخوان المسلمين وكلّفه الإخوان بتحرير لسان حالهم جريدة "الإخوان المسلمين" وإلقاء أحاديث ومحاضرات إسلامية. كما مثّل الإخوان خارج مصر في سوريا والأردن اللتين منع من دخولهما، ثم القدس.
سيد قطب وثورة الضباط الأحرار
مما لا شك فيه انه كان للإخوان المسلمين تنظيم قوي قبيل قيام الثورة، وأنهم لم يكونوا بمعزل عن الأمور والتطورات في مصر، وان تنظيمهم الفكري والاجتماعي والسياسي كان أكثر نضوجاً من تنظيم الضباط الأحرار. زد على ذلك أن بعض الضباط الإسلاميين كانوا شركاء حقيقيين مع الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر، وزد عليه محاولة محمد نجيب الرئيس الأول لمصر بعد الجلاء البريطاني التقرب من الإخوان المسلمين من اجل احتواء قوتهم. لكن مطلبه هذا كلفه العزل من منصبه وفرض الإقامة الجبرية عليه، حتى جاء السادات وفكّ أسره المنزلي.
وتروي لنا بعض المصادر الشحيحة إن الضباط الأحرار قبيل الثورة كانوا يتشاورون مع سيد قطب حول الثورة وأسس نجاحها. والذي يؤكّد ذلك انه تم تعيينه من قبل قيادة الثورة مستشاراً للثورة في أمور داخلية وأوكلت له مهمة تغيير مناهج التعليم التي عُمِل بها في مصر، والتي أكل الدهر عليها وشرب.
كما أن لا أحد ينكر قيمة المقالات التي نشرها سيد قطب والتي دعا فيها الشعب المصري للخروج على سياسة القهر والرجعية المصرية.
وقد حاول سيد قطب التوفيق بين عبد الناصر والإخوان. وانحاز سيد قطب إلى الإخوان ورفض جميع المناصب التي عرضها عليه عبد الناصر مثل وزير المعارف، ومدير سلطة الإذاعة ...
نهاية مفكر
تم إلقاء القبض على سيد قطب وزجّه في السجن فرأى أهوال التعذيب من قبل المحققين. وكان قد قتل من جراء التعذيب عدد من أعضاء تنظيم الإخوان.
وكان سيد قطب جريئاً أثناء محاكمته القصيرة، والتي منع محامون أجانب وممثلو هيئات الدفاع عن حقوق السجين من المرافعة عنه فيها، وعن باقي أعضاء التنظيم.
وفي ليلة تنفيذ الحكم، طلب منه أن يقبل بالمساومة والاعتذار ، أو أن يكتب سطراً واحداً يطلب فيه الرحمة من الرئيس جمال عبد الناصر فرفض. وفي نفس الوقت حاول ملك السعودية التوسط لدى عبد الناصر بالعدول عن إعدام سيد قطب، ولكن عبد الناصر رفض.
وقد أعدم سيد قطب في فجر يوم 29 / 8 / 1966
سيد قطب بين فكّي التاريخ
إن إعدام مفكر عربي إسلامي مثل السيد قطب الذي قدّم خدماته الفكرية في الأدب والدين والاجتماع والسياسة، بهذه الصورة الوحشية وغير المنصفة، يعتبر من اكبر أخطاء نظام جمال عبد الناصر. لا سيما وان الرجل قدم خدمات جليلة لقيادة الثورة، ولو انه قبل بالأموال والمناصب، لصار عندهم قائداً وطنياً.
والذي يزيد الجرح نزيفاً قيام بعض الجهات باتهام سيد قطب بالعمالة لأمريكا أو بالتخطيط لقلب نظام الحكم ، مع العلم انه رأى أن الوقت غير مناسب لقلب النظام وتحويله إلى نظام إسلامي صرف.
إن صمود هذا الرجل في سجنه ومحنته المستمرة والمتكررة وعدم قبوله بالمناصب وإيمانه برسالته يجعله في صفوف الرجال العظماء في هذا العصر.
مقتطفات من كتابه "معالم في الطريق"
يعتبر هذا الكتاب من أهم كتب السيد قطب. وقد كتبه في السجن على شكل رسائل جمعت وصدرت في كتاب. واخترت لكم منه هذه الأفكار الخالدة:
"لا بدّ من قيادة للبشرية جديدة، إنّ قيادة الرجل الغربي للبشرية قد أوشكت على الزوال... لأن النظام الغربي قد انتهى دوره لأنه لم يعد يملك رصيدا من القيم يسمح له بالقيادة"
وفي موقع آخر يقول عن سر نجاح الأمة الإسلامية:
"لقد اجتمع في الإسلام المتفوق، العربي والفارسي والشامي والمصري والمغربي والتركي والصيني والهندي والروماني والإغريقي والاندونيسي والإفريقي إلى آخر الأقوام والأجناس وتجمّعت خصائصهم كلها لتعمل متمازجة متعاونة متناسقة في بناء المجتمع الإسلامي والحضارة الإسلامية. ولم تكن هذه الحضارة الضخمة يوما ما [عربية] إنما كانت دائماً [إسلامية] ولم تكن [قومية] إنما كانت دائماً [عقيدية]".
أما عن رأيه بالشيوعية العالمية فيقول:
"وأرادت الشيوعية ان تقيم تجمعا من نوع آخر، يتخطّى حواجز الجنس والقوم والأرض واللغة واللون، ولكنها لم تقمه على قاعدة إنسانية عامة، إنما أقامته على القاعدة "الطبقية" فكان هذا المجتمع هو الوجه الآخر للتجمّع الروماني القديم. هذا تجمع على قاعدة طبقة [الأشراف] وذلك تجمع على قاعدة طبقة الصعاليك [البروليتاريا]"...
وعند تصور سيد قطب للدولة ونظام حكمها يقول:
"ومملكة الله في الأرض لا تقوم بان يتولّى الحاكمية في الأرض رجال بأعينهم ـ وهم رجال دين ـ كما كان الأمر في سلطة الكنيسة، ولا رجال ينطقون باسم الآلهة كما كان الحال فيما يعرف باسم "الثيوقراطية" أو الحكم الإلهي المقدس!! ولكنها تقوم بان تكون شريعة الله هي الحاكمة وان يكون مردّ الأمر إلى الله وفق ما قرره من شريعة مبيّنة".
رأيه في الاستعمار العالمي
ومما جاء في هذا الكتاب أيضاً، رأي السيد قطب في الاستعمار العالمي الذي تغلغل عميقا في الأمة الإسلامية: "ونحن نشهد نموذجاً من تمويه الراية في محاولة الصليبية العالمية اليوم أن تخدعنا عن حقيقة المعركة، وان تزوّر التاريخ، فتزعم لنا أن الحروب الصليبية كانت ستاراً للاستعمار... كلا... إنما الاستعمار الذي جاء متأخراً هو الستار للروح الصليبية التي لم تعد قادرة على السفور كما كانت في القرون الوسطى! والتي تحطّمت على صخرة العقيدة بقيادة مسلمين من شتى العناصر، وفيهم صلاح الدين الكردي، ونوران شاه المملوكي، العناصر التي نسيت قوميتها وذكرت عقيدتها فانتصرت تحت راية العقيدة".
وهذا غيض من فيض. وللمزيد عن سيد قطب وأدبه وأفكاره ونضاله واستشهاده يمكن الرجوع للكتب التي ألّفها، وبعضها مقالات تمّ جمعها وإصدارها في كتاب بعد إعدامه:
1 - التصور الفني في القرآن.
2 - خصائص التصور الإسلامي.
3 - دراسات إسلامية.
4 - السلام العالمي والإسلام.
5 - في ظلال القرآن (ثمانية مجلدات).
6 - كتب وشخصيات.
7 - لماذا أعدموني؟
8 - المدينة المسحورة.
9 - معركتنا مع اليهود.
10 - مشاهد القيامة في القرآن.
11 - مهمة الشاعر في الحياة.
12 - النقد الأدبي أصوله ومنهجه.
13 - معالم في الطريق.
أما أهم الكتب التي صدرت عنه:
1 - سيد قطب أو ثورة الفكر الإسلامي، محمد علي قطب.
2 - سيد قطب حياته وأدبه، عبد الباقي محمد حسين.
3 - سيد قطب الشهيد الحي، د. صباح عبد الفتاح الخالدي.
4 - سيد قطب من القرية إلى المشنقة، عادل حمودة.
5 - مذابح الإخوان في سجون ناصر، جابر رزق.

ملك القلوب 27 - 2 - 2010 12:18 AM

الباب الثالث : شعراء

طرفة بن العبد
هو عمرو بن العبد. و"طرفة" لقب غلب عليه. ولد في البحرين سنة 543 م، وقتل في عهد عمرو بن هند، ملك الحيرة سنة 569 م. فيكون قد عاش ستة وعشرين عاما فقط، ولهذا عرف باسم "الغلام القتيل".
وينتمي طرفة لأسرة عرفت بكثرة شعرائها من جهة الأب والأم. وكان في صباه عاكفا على حياة اللهو، يعاقر الخمر وينفق ماله عليها. ولكن مكانه في قومه جعله جريئا على الهجاء. وقد مات أبوه وهو صغير فأبى أعمامه أن يقسموا ماله وظلموه.
ولما اشتدّت عليه وطأة التمرد عاد إلى قبيلته وراح يرعى إبل أخيه "معبد" إلا أنها سرقت منه. ولما قصد مالكاً ابن عمه نهره. فعاد مجدداً إلى الإغارة والغزو.
موته
توجه طرفة إلى بلاط الحيرة حيث الملك عمرو بن هند، وكان فيه خاله المتلمّس (جرير بن عبد المسيح).
وكان طرفة في صباه معجباً بنفسه يتخلّج في مشيته. فمشى تلك المشية مرة بين يديّ الملك عمرو بن هند فنظر إليه نظرة كادت تبتلعه. وكان المتلمّس حاضراً ، فلما قاما قال له المتلمّس: "يا طرفة إني أخاف عليك من نظرته إليك". فقال طرفة: "كلا"...
بعدها كتب عمرو بن هند لكل من طرفة والمتلمّس كتاباً إلى المكعبر عامله في البحرين وعمان، وإذ كانا في الطريق بأرض بالقرب من الحيرة، رأيا شيخاً دار بينهما وبينه حديث. ونبّه الشيخ المتلمّس إلى ما قد يكون في الرسالة. ولما لم يكن المتلمّس يعرف القراءة، فقد استدعى غلاماً من أهل الحيرة ليقرأ الرسالة له، فإذا فيها:
"باسمك اللهم.. من عمرو بن هند إلى المكعبر.. إذا أتاك كتابي هذا من المتلمّس فاقطع يديه ورجليه وادفنه حياً".
فألقى المتلمّس الصحيفة في النهر، ثم قال لطرفة أن يطّلع على مضمون الرسالة التي يحملها هو أيضاً فلم يفعل، بل سار حتى قدم عامل البحرين ودفع إليه بها.
فلما وقف المكعبر على ما جاء في الرسالة أوعز إلى طرفة بالهرب لما كان بينه وبين الشاعر من نسب ، فأبى . فحبسه الوالي وكتب إلى عمرو بن هند قائلاً : "ابعث إلى عملك من تريد فاني غير قاتله".
فبعث ملك الحيرة رجلاً من تغلب، وجيء بطرفة إليه فقال له: "إني قاتلك لا محالة .. فاختر لنفسك ميتة تهواها".
فقال: "إن كان ولا بدّ فاسقني الخمر وأفصدني". ففعل به ذلك.
شعره
شعر طرفة قليل لأنه لم يعش طويلاً. ولكنه حافل بذكر الأحداث، ويعكس أفكاره وخواطره بالحياة وبالموت، وتبرز فيه الدعوة لقطف ثمار اللذة الجسدية والمعنوية قبل فوات العمر.
وقد ترك لنا طرفة ديواناً من الشعر أشهر ما فيه "المعلّقة".
ويحوي الديوان 657 بيتاً ، أما المعلقة فيبلغ عدد أبياتها (104) بيتاً وهي على البحر الطويل. ومن موضوعاتها:
1 - الغزل - الوقوف على الأطلال ووصف خولة.
2 - وصف الناقة.
3 - يعرّف نفسه ثم يعاتب ابن عمه.
4 - ذكر الموت، ووصيته لابنة أخيه أن تندبه.
مختارات من معلقة طرفة بن العبد
فيما يلي بعض الأبيات المختارة من معلقة طرفة تدور حول عدة مواضيع:
نسيب
لخولة أطلال ببرقـة ثهمــدِ
تلوح كبـاقي الوشم في ظاهر اليدِ
وقوفـاً بها صحبي عليّ مطيَّهم
يقولون لا تهلـك أسـىً وتجـلَّدِ
من أنا
إذا القوم قالوا : من فتى؟ خلتُ أنني
عُنيت فلم اكسل ولـم اتـبـلَّدِ
ولستُ بحلاّلِ التـلاعِ مـخـافةً
ولكن متى يسترفدِ القـومُ أرفِـدِ
خواطر وآراء
ألا أيهـذا اللائمي أحضر الوغـى
وأنْ أشهدَ اللذاتِ، هل انت مُخْلِدي؟
فإن كنتَ لا تسطيعُ دفعَ مـنيـّتي
فدعني أبادِرْهـا بـمـا ملكَتْ يدي
ولولا ثلاثٍ هنَّ من لـذّةِ الفتـى
وجدِّكَ لـم أحفلْ متـى قام عُوَّدي
فمنهنَّ سبقي العاذلاتِ بشـربـةٍ
كُمَيْتٍ مـتى ما تُعْـلَ بالـماءِ تُزْبِدِ
حكم
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً
على المرءِ مـن وَقْعِ الحسامِ المهنَّدِ
ستبدي لكَ الايامُ ما كنتَ جاهلاً
ويأتيكَ بـالأخبـارِ مـن لم تُزَوِّدِ

طرفة بين فكّي التاريخ
طرفة الشاعر الجاهلي المبدع عانى من ظلم الأقرباء وهو أشنع ضروب الاستبداد لأنه يأتي من الأيدي التي نحبها والتي نظنّ أننا نأمن شرّها. ولم تمهله المؤامرات التي حيكت ضده كثيرا فمات في ربيع عمره عن 0(26) عاما، حيث قتل بوحشية لا لذنب اقترفه سوى إبداعه وإن كان بالهجاء.
سقط الشاعر ضحية لخلاف شخصي مع الملك. وإذا صحّت الرواية حول موته وأنه حمل الكتاب الذي يحوي أمراً بقتله، فإنّ هذا يدلّ على مدى عزّة النفس والثقة التي كان طرفة يتمتّع بها، وإن كانت في آخر الأمر، سبب مقتله.
بمقتل طرفة بن العبد في ربيع عمره وفي بداية عطائه حرم عشاق الأدب العربي والباحثين في علوم الصحراء والبداوة وتاريخ العرب من مصدر خصب كان يمكن أن يزوّدهم بالمعلومات التي يحتاجونها، وحرموا من عطاء خيال مبدع.
وتبقى معلّقة الشاعر شاهدا على مجد صاحبها وعلى الظلم والنهاية المؤلمة للشاعر.

ملك القلوب 27 - 2 - 2010 12:18 AM

أبو فراس الحمداني
هو الحارث بن سعيد بن حمدان، كنيته "أبو فراس". ولد في الموصل واغتيل والده وهو في الثالثة من عمره على يد ابن أخيه جرّاء طموحه السياسي، لكنّ سيف الدولة قام برعاية أبي فراس.
استقرّ أبو فراس في بلاد الحمدانيين في حلب. درس الأدب والفروسية، ثم تولّى منبج وأخذ يرصد تحرّكات الروم. وقع مرتين في أسر الروم. وطال به الأسر وهو أمير ، فكاتب ابن عمه سيف الدولة ليفتديه، لكنّ سيف الدولة تباطأ وظلّ يهمله.
كانت مدة الأسر الأولى سبع سنين وأشهراً على الأرجح. وقد استطاع النجاة بأن فرّ من سجنه في خرشنة، وهي حصن على الفرات. أما الأسر الثاني فكان سنة 962 م. وقد حمله الروم إلى القسطنطينية، فكاتب سيف الدولة وحاول استعطافه وحثّه على افتدائه، وراسل الخصوم . وفي سنة (966) م تم تحريره.
وفي سجنه نظم الروميات، وهي من أروع الشعر الإنساني وأصدقه.
لماذا تأخّر سيف الدولة في تحريره؟
علم سيف الدولة أن أبا فراس فارس طموح، فخاف على ملكه منه، ولهذا أراد أن يحطّ من قدره وان يكسر شوكته ويخذله ويذلّه بإبقائه أطول فترة ممكنة في الأسر.
ولهذا قام بمساواته مع باقي الأسرى، رغم انه ابن عمه، وله صولات وجولات في الكرم والدفاع عن حدود الدولة وخدمة سيف الدولة الحمداني.
أبو فراس الحمداني بين فكّي التاريخ
سقوط الفارس في ساحة الميدان
بعد سنة من افتداء الشاعر، توفي سيف الدولة (967) م وخلفه ابنه أبو المعالي سعد الدولة، وهو ابن أخت الشاعر. وكان أبو المعالي صغير السن فجعل غلامه التركي فرعويه وصياً عليه.
وعندها عزم أبو فراس الحمداني على الاستيلاء على حمص، فوجّه إليه أبو المعالي مولاه فرعويه، فسقط الشاعر في أوّل اشتباك في الرابع من نيسان سنة 968 م وهو في السادسة والثلاثين من عمره.
وهكذا نجد أنّ رأي سيف الدولة الحمداني فيه كان صادقاً وفي محله. فقد كان أبو فراس الحمداني طموحاً الأمر الذي جرّ عليه الويلات.
أشعاره :
من آخر أشعاره مخاطبته ابنة أخيه:
أبنيّتـي لا تـحزنـي كل الأنام إلى ذهـــابْ
أبنيّتـي صبراً جـميلاً للجليل مـن الـمـصابْ
نوحي علـيّ بحسـرةٍ من خلفِ ستركِ والحجابْ
قولـي إذا ناديتنـي وعييتُ عـن ردِّ الجوابْ
زين الشباب أبو فراسٍ لم يمتَّعْ بالشبــــابْ
ومن روائع شعره ما كتبه لأمه وهو في الأسر:
لولا العجوز بـمنبجٍ ما خفت أسباب المنيّـهْ
ولكان لي عمّا سألت من فدا نفـس أبــيّهْ
وفي قصيدة أخرى إلى والدته وهو يئن من الجراح والأسر، يقول:
مصابي جليل والعزاء جميلُ وظني بأنّ الله سوف يديلُ
جراح وأسر واشتياقٌ وغربةٌ أهمّكَ؟ أنّـي بعدها لحمولُ
وأثناء أسره في القسطنطينية بعث إلى سيف الدولة يقول:
بمن يثق الإنسان فـيمـا نواه؟
ومن أين للحرّ الكريم صحاب؟
وفي قصيدة "أراك عصيّ الدمع" الشهيرة يقول:
أراك عصيّ الدمع شيمتك الصبر
أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمر؟
نعم أنا مشتاق وعنـديَ لوعةٌ
ولكنّ مثلي لا يُذاع له سـرُّ
إذا الليل أضواني بسطتُ يدَ الهوى
وأذللتُ دمعاً من خلائقهِ الكِبْرُ
كلمة أخيرة
أبو فراس الحمداني الشاعر والفارس الذي لا يهاب الموت عاني الكثير من سيف الدولة الذي خاف من فروسيته وشعبيته فأحبّ أن يبقيه في أسر الروم. أما نحن القراء فأمتعنا ما كتبه الشاعر من كتابة صادقة في الحب والفخر والرثاء والشكوى.
يقول:
لم أعدُ فـيـه مفاخري ومديح آبائي النُّجُبْ
لا في المديح ولا الهجاءِ ولا المجونِ ولا اللعبْ
ولما تحرر من أسره حاول ردّ اعتباره واستعادة مجده لكنّ يد الموت كانت أطول . وفي معركة غير متكافئة سقط شاعرنا ومات وهو يلفظ الشعر الصادق، فهو لم يكن يكتب الشعر للتكسّب مثل شعراء العصر العباسي وشعراء البلاط في عصرنا.

ملك القلوب 27 - 2 - 2010 12:20 AM

الباب الرابع : في الاجتماع

أبو ذر الغفاري
هو أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري. كان من السابقين إلى الإسلام. وهو أول من حيا النبي صلى الله عليه وسلّم بتحية الإسلام. وكان قد امتنع عن بيعة أبي بكر، ثم بايعه كارهاً.
رفض كل الأموال التي بذلت له في سبيل تغيير رأيه أو كتم أفكاره المعارضة للسلطة الأموية، وقد اعترض على سيرة الحكام في بيت المال، فقام عثمان بنفيه إلى الشام.
وقد فشل معاوية بتطويق أمره وثنيه عن سلوكه فكتب إلى عثمان بأمره، فأمره أن يحمله إليه على قنب يابس ، وان يعنِّفوا به السير .. ففعل. ولم يصل أبو ذر إلى المدينة إلا بعد أن تسلّخ لحم فخذيه. ثم نفاه عثمان إلى الربذة . فبقي هناك حتى مات قهراً وفقراً وذلاً .
وكان ما أصاب أبو ذر من معاملة عثمان له أحد أسباب نقمة المسلمين عليه وخروجهم عن طاعته.
فكر أبو ذر الغفاري
بسبب موقفه الصحيح من بيت المال والغنى الفاحش ، ينظر بعض المؤرخين الجدد إليه على انه من أنصار الاشتراكية أو الشيوعية.
والحقيقة أن أبا ذر مصلح اجتماعي أراد محاربة السلطة بالطرق السلمية من خلال شرح موقفه المستند إلى القرآن والسنة النبوية. لهذا كان يدعو إلى التقشف وعدم التبذير. وهذا الأمر لم يرق لمعاوية وأهل بيته.
كان أبو ذر يعتقد انه لا يجوز لمسلم بان يكون له في ملكه أكثر من قوت يومه وليلته، مستنداً على الآية الكريمة "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشّرهم بعذاب أليم".
وكان يخطب في أهل الشام فيقول:
"يا معشر الأغنياء والفقراء.. بشِّر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بمكاوٍ من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ..".
محنة أبي ذر
1 - حاول بنو أمية إتّباع أسلوب التهديد والوعيد والفقر والجوع والقتل.. وكان ردّ أبي ذرّ: "إن بني أمية تهددني بالفقر والقتل، ولبطن الأرض أحبّ إليّ من ظهرها والفقر أحبّ إليّ من الغنى".
2 - كما حاول بنو أمية نبذ أبي ذر اجتماعياً وإبعاد الناس عنه (كما فعلوا مع غيره، مثل عليّ بن أبي طالب مثلاً )، لهذا منعوا الناس من الاقتراب إليه، ووصل الأمر أن الناس كانوا يفرّون منه عندما يقبل!
3 - تم نفيه إلى الشام في زمن الخليفة عثمان بن عفان، وذلك حتى يكون تحت مراقبة معاوية والي الشام وأعوانه.
4 - محاولة إعطائه الأموال بغير حق وذلك كي يتم فضحه أمام الملأ.
5 - قطع عطاء أبي ذر وذلك من أجل الضغط الاقتصادي عليه.
6 - النفي إلى الربذة، وكان أبو ذر لا يحبّ هذا المكان.
أبو ذر بين فكّي التاريخ
كان أبو ذر رمزا للصحابي المثالي الذي يتمسّك بدين الله ورسوله ولا يحيد عنه قيد أنملة ، رغم كل الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية والنفي والمقاطعة.
حارب الفساد بغير السيف.. لأنه لم يرغب بإراقة دم المسلم .. ولم يكن رجل حرب.. والغريب تجاهل العديد من المؤرخين العرب لقضيته الإنسانية ولثورته الاجتماعية والتي تعتبر من الثورات الأولى في صدر الإسلام.
وهنالك من حاول تنظيف يديّ عثمان بن عفان ومعاوية بن أبي سفيان من قضية محاربته وعزله.
وأخيراً : كانت أفكار أبي ذر إسلامية خالصة، وكان القرآن مرجعه الأول يضاف إليه الأحاديث النبوية الشريفة التي سمعها وحفظها عن ظهر قلب من الرسول مباشرة.

ملك القلوب 27 - 2 - 2010 12:21 AM

الباب الخامس : في القيادة

خالد بن الوليد
(ت 642 م)
هو خالد بن المغيرة المخزومي. اسلم في السنة الثامنة من الهجرة بعد أن كان شديداً على المسلمين .. استلم قيادة الجيش في سرية مؤتة بعد استشهاد القواد الذين عيّنهم الرسول. لقّبه الرسول "سيف الله المسلول".
استطاع خالد بحكمته الانسحاب بجيش المسلمين بنجاح وإنقاذه من جيش الروم . وفي حروب الردة برع خالد في القضاء على المرتدين مثل مسيلمة بن ثمامة وطلحة بن خويلد.
ساهم خالد بن الوليد بفتح العراق في زمن الخليفة الراشدي الأول أبي بكر الصديق ، ثم طلب منه الخليفة التوجه إلى الشام لملاقاة الروم ، فاستطاع خالد الذي كان معه عشرة آلاف مقاتل، الوصول إلى اليرموك خلال 18 يوماً ، في مسيرته الشهيرة التي استطاع بها قطع بادية الشام.
قال عنه أبو بكر الصديق: "والله لأُنسِيَنَّ الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد".
لما وصل اليرموك وحّد الفرق الإسلامية. وكان جيش المسلمين أربعين ألف فارس مقابل مائتي ألف مقاتل رومي.
رتّب خالد الجيش الإسلامي إلى كراديس، كل كردوس من ألف مقاتل على رأسه رجل خبير بالحرب. وكان من نتائج ذلك تفرّق الروم الذين سقط فرسانهم وتركوا وراءهم أكثر من مائة وخمسين ألف قتيل ، بينما فقد المسلمون في هذه المعركة ثلاثة آلاف قتيل .
وقد عزل خالد بن الوليد من قبل الخليفة الجديد عمر بن الخطاب. وكان ذلك حين كان في الشام. وهناك جاء البريد إلى خالد حاملاً معه خبر وفاة أبي بكر الصديق واستلام عمر بن الخطاب الخلافة، وأمر عمر بعزله عن قيادة الجيش وتولية أبي عبيدة الجراح مكانه.
خالد بن الوليد بين فكّي التاريخ
لقد ساهمت عبقرية خالد بن الوليد في كسر جحافل الفرس والروم والقضاء على المرتدين في الجزيرة العربية. وقد ثمّن الخليفة الراشدي أبو بكر الصديق عطاءه وحكمته فولاّه قيادة الجيش في الشام. وبفضل حكمته انتصرت جيوش المسلمين. ولكن الخليفة عمر بن الخطاب عزله.
لماذا ؟!
يُقال إن عمر بن الخطاب كان يضمر العداء الشخصي لخالد. ويقول عمر بن الخطاب عن سبب العزل:
"إني لم اعزل خالداً عن سخطةٍ ولا خيانةٍ ولكنّ الناس فخّموه وفُتنوا به فخفت أن يوكلوا إليه، فحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع وان لا يكونوا بعرض فتنة".
أما خالد بن الوليد فاستأنف الجهاد في صفوف جيش أبي عبيدة بن الجراح مثله مثل أيّ جندي، وقال جملته المشهورة:
"أنا لا أقاتل من أجل عمر، وإنما أقاتل لإرضاء ربّ عمر".
وعندما كان على فراش الموت في مدينة حمص قال:
"ما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة أو رمية سهم. وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير .. فلا نامت أعين الجبناء".
مات خالد بن الوليد سنة (642) م في مدينة حمص، ولم يترك وراءه ثروة مع انه فتح بلاد الشام وفيها الثروات الهائلة.

طارق بن زياد
(ت 720 م)
طارق بن زياد بربري من قبيلة الصدف. وكانت مضارب خيام هذه القبيلة في جبال المغرب العالية. وهي قبيلة شديدة البأس، ديانتها وثنية. وكان طارق بن زياد فارساً شجاعاً مقداماً ، وكان غازياً بطاشاً.
ولم يصل المسلمون إلى شمال أفريقيا إلا في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك ، الذي وكّل موسى بن نصير بهذه المهمة.
وقد دخلت القبائل الوثنية في الإسلام ، ومن بينها قبيلة طارق بن زياد، ذلك الفارس الشاب الذي أعجب موسى بن نصير بشجاعته وقوته، ولهذا عهد إليه بفتح شمال أفريقيا . وحارب طارق المشركين ودخل الكثيرون منهم في الإسلام وتم أسر من لم يسلم منهم. وبعد هذا النجاح عينه موسى بن نصير واليا على طنجة.
فتح الأندلس
كان الحلم الأكبر الذي يراود طارق بن زياد هو اجتياز الماء إلى الجهة الأخرى واجتياح أسبانيا ، التي كانت تحت حكم ملك القوط لذريق. وكان حاكم سحبة يناصب لذريق هذا العداء، ولهذا قام بالاتصال بطارق بن زياد وموسى بن نصير وأخذ يحثهما على غزو أسبانيا مبديا استعداده لمساعدتهما.
وبعد مراسلات مع الخليفة في الشام وافق الخليفة على ذلك. وقاد طارق بن زياد جيش المسلمين واجتاز المضيق الذي يفصل بين شمال أفريقيا وأوروبا، والذي أصبح يعرف فيما بعد باسمه (مضيق طارق بن زياد)، والتقى الجمعان بالقرب من نهر لكه. ووقف طارق بن زياد يومها أمام جنوده وألقى خطبته المشهورة:
"أيها الناس أين المفرّ؟ البحر من ورائكم والعدو من أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر.. وإني لم أحذِّركم أمراً أنا عنه بنجوة.. واعلموا إنكم إن صبرتم على الأشـقّ قليلاً استمتعتم بالأرفهِ الألذّ طويلاً .. وإن حملتُ فاحملوا وإن وقفت فقفوا. ثم كونوا كهيئة رجل واحد في القتال. ألا وإني عامد إلى طاغيتهم بحيث لا أتهيبه حتى أخالطه أو أُقتَلَ دونه. فإن قتِلتُ فلا تهنوا ولا تحزنوا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وتولّوا الدبر لعدوّكم فتبدّدوا بين قتيل وأسير".
هجم المسلمون على جيش القوط فدبّ الرعب في قلوبهم.
أما قائدهم لذريق فلمحه طارق بن زياد وصوّب رمحه نحوه وأرداه قتيلاً يتخبّط في دمائه التي صبغت لون النهر. وعندها صاح طارق بن زياد: "قتلت الطاغية.. قتلت لذريق"..
وبعد هذه المعركة صارت الطريق ممهدة أمام المسلمين لفتح البلاد. وفتح طارق المدن الأسبانية واحدة تلو الأخرى . لكنه احتاج إلى المدد فكاتب موسى بن نصير قائلاً : "إن الأمم قد تداعت علينا من كل ناحية فالغوث الغوث".
سارع موسى بن نصير ووصل الأندلس على رأس جيش قوامه 18 ألف مقاتل من العرب والبربر وذلك سنة 712. واتحد الجيش مع جيش طارق بن زياد، حيث خاض الجيش الموحد معركة "وادي موسى" التي هزم المسلمون فيها جموع القوط ودانت لهم بعد هذا النصر الأندلس كلها.
طارق بن زياد بين فكي التاريخ
لطارق بن زياد فضل كبير في إخضاع القبائل البربرية في شمال أفريقيا وفي فتح الأندلس وهزم القوط في "معركة نهر لكه" و"معركة وادي موسى".
وبالرغم من قلة جنده وشحّ المساعدات، وبالرغم من المصاعب التي واجهها في بلاد يدخلها لأوّل مرة، إلا انه استطاع فتح الأندلس وتحقيق الانتصار. إلا أن كل هذا لم يشفع له عند موسى بن نصير الذي ربما يكون قد توجه للأندلس عام 712 لا ليقدّم المساعدات لطارق بن زياد بعد رسالته إليه، وإنما لينسب فتح الأندلس لنفسه.
لقد كان موسى بن نصير حاقداً على طارق لأنه تقدّم أكثر مما أراد !! وبدلاً من تهنئته قام بإهانته وتوبيخه ثم عزله وسجنه ولم يطلق سراحه إلا بعد تدخّل الخليفة الوليد !!
نهاية البطل
توجه طارق بن زياد بصحبة موسى بن نصير إلى دمشق ومعه أربعمائة من أفراد الأسرة المالكة وجموع من الأسرى والعبيد والعديد من النفائس.
ولما وصلا طبريا في فلسطين، طلب منهما سليمان ولي العهد التأخّر حتى يموت الخليفة الوليد الذي كان يصارع الموت. لكنهما تابعا تقدّمهما ودخلا مع الغنائم إلى دمشق.
وبسبب هذا غضب عليهما سليمان، لأنه كان يريد أن ينسب الفتح والغنائم لنفسه ..
وعندما تولّى سليمان الخلافة ، عزل موسى وأولاده ، وقتل ابنه عبد العزيز بن موسى الذي شارك في فتح الأندلس . أما طارق بن زياد جالب النصر والغنائم فأهمِلَ وبقي بدون شأن ومات فقيراً سنة 720 م.
عانى طارق بن زياد من الظلم والحبس عند موسى بن نصير، فحسب أن العدل عند الخليفة الوليد .. لهذا توجه إلى الشام . ولكن بعد وصوله مع موسى بن نصير إلى دمشق، مات الخليفة بعد أربعين يوماً ، وتسلّم السلطة وليّ العهد الذي كان يتوعدهما، والذي انتقم من كليهما.
مات طارق بن زياد معدماً . وقيل انه شوهد في آخر أيامه يتسوّل أمام المسجد !! وكان يستحقّ أن يكون والياً على البلاد التي فتحها مثله مثل عمرو بن العاص الذي فتح مصر وتولى ولايتها ....

ملك القلوب 27 - 2 - 2010 12:22 AM

أبو مسلم الخراساني
هو إبراهيم أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم. أصله فارسي. عرف بعدائه للأمويين ، وانضم إلى الدعوة العباسية واستطاع جمع الفلاحين والمؤيدين من الفرس حوله، لهذا تقرّب منه أبو العباس السفاح الذي صار الخليفة العباسي الأول.
كان أبو مسلم الخراساني في بداية الدولة العباسية مقرباً من الخليفة العباسي الأول ، لكنّ الخليفة الثاني (أبو جعفر المنصور) خشي من تعاظم قوته وكثرة مؤيديه فدبّر مؤامرة لقتله.
أبو مسلم الخراساني بين فكّي التاريخ
كان أبو مسلم الخراساني المحرّك الأساسي للدعوة العباسية في بلاد فارس، وعرف بنو العباس كيف يكسبونه لصفهم ، وعرف هو كيف يجمع حوله الموالي والشيعة الناقمين على حكم بني أمية الجائر.
كان من المفروض أن يتقاسم أبو مسلم الخراساني السلطة هو وأعوانه ممن ضحّوا في سبيل إقامة الدولة العباسية وهدم الدولة الأموية. لقد كان أبو مسلم مهندس الثورة ، غير أن الخليفة الثاني أصدر أوامره بتصفيته . وبهذا زادت نقمة الشيعة والموالي الذين عانوا الكثير وفعلوا الكثير من أجل الإطاحة بالبيت الأموي ، والذين كانوا عماد الثورة العباسية، التي ما كانت لتنتصر بدونهم ...
قصة اغتيال أبي مسلم الخراساني
يورد المسعودي قصة خداع أبي مسلم ثم اغتياله فيقول:
بعث المنصور إلى أبي مسلم الخراساني لمذاكرته. فتقدّم أبو مسلم الخراساني إلى مضرب المنصور. وكان المنصور قد أخبر صاحب حرسه وأمرهم أن يقوموا خلف السرير الذي وراء أبي مسلم الخراساني. وأمرهم ألاّ يظهروا إذا عاتبه، فإذا صفّق بيد على يد فليظهروا وليضربوا عنقه وما أدركوا منه بسيوفهم .
جلس المنصور فقام أبو مسلم من موضعه ودخل فسلّم عليه فردّ عليه وأذن له بالجلوس ، وحادثه ساعة ، ثم أقبل يعاتبه .
فقال أبو مسلم : ليس يقال هذا لي بعد بلائي وما كان مني .
فقال له المنصور: يا ابن الخبيثة.. إنما فعلت هذا بجدنا وحظوظنا .. ألست الكاتب الذي تبدأ بنفسك وتزعم انك ابن سليط بن عبد الله بن العباس؟
فأخذ أبو مسلم يعتذر إليه ، فقال له المنصور : قتلتني إن لم أقتلك ...
ثم صفّق المنصور بإحدى يديه على الأخرى فخرج إليه القوم واعتورته السيوف فتخلّطت أجزاؤه.. وأتوا عليه والمنصور يصيح : اضربوا قطع الله أيديكم ...
وكان أبو جعفر المنصور قد أعدّ صرر المال . فما أن فرغ من قتل أبي مسلم حتى خرج الخزانون بالمال ونثروه على الخراسانيين ، فانشغل هؤلاء بالمال ولم يسألوا عن أبي مسلم .
وكان أبو جعفر يريد إقصاء أبي مسلم الخراساني عن خراسان حيث أهله، وأراد أن يعهد له بولاية مصر والشام . ونسي أبو جعفر المنصور أن أبا مسلم الخراساني هو من قضى على ثورة عمه عبد الله بن علي الذي طلب الخلافة لنفسه، والذي كاد يطيح بخلافة المنصور لولا أبي مسلم الخراساني الذي أسره وجاء به إلى المنصور فقتله.

عبد الله أوجلان الكردي
ولد عبد الله أوجلان لأسرة فلاحين عام 1949 في بلدة أوميزلي في محافظة سانلي الواقعة على الحدود التركية السورية. درس في جامعة أنقرة، وهناك بدأ نضاله. سجن سنة 1972 لمدة سبعة أشهر بحجة نشاطه المؤيد للأكراد.
في سنة 1978 أسس عبد الله أوجلان حزب العمال الكردستاني. وفي سنة 1980 غادر تركيا ليعمل من المنفى وخاصة من دمشق وسهل البقاع اللبناني، الذي يخضع للسيطرة السورية.
في سهل البقاع أقام أوجلان معسكرات التدريب لأعضاء حزبه، لكنّ هذه المعسكرات سرعان ما أغلقت بضغط من أنقرة.
حاول أوجلان إقناع حكومة تركيا بفتح حوار مع الأكراد وهو على رأسهم، وتعهّد بان يتم وقف إطلاق النار من حزب العمال الكردستاني إذا استجابت تركيا إلى هذا الطلب. لكنّ أنقرة ظلّت ترفض مطالبه ومطالب حزبه.
في تشرين أول 1998 تم إبعاد أوجلان من سوريا، وذلك تحت الضغوط التركية الشديدة، التي كادت أن تتحوّل إلى حرب بين البلدين، بحجة اتهام تركيا لسوريا انها تسمح لأوجلان ولحزب العمال الكردستاني بالتدرب والانطلاق من أراضيها ومن سهل البقاع اللبناني.
وقد اضطرّ أوجلان عندها أن يتوجه إلى أوروبا، حيث حاول الحصول على حق اللجوء السياسي لكنه أخفق.
وقد نجحت المخابرات التركية باعتقاله يوم 15 / 2 / 1999 في نيروبي، عاصمة كينيا. ويتهم الأكراد المخابرات الإسرائيلية بالضلوع في عملية رصده وتعقبه بواسطة الهاتف النقال (الهاتف النقال كان أيضاًسبب اغتيال المهندس يحيى عياش ).
محاكمته
بعد خطفه نقل عبد الله أوجلان إلى جزيرة امرالي وسط إجراءات أمنية مشددة. وقد دفع منظر أوجلان وهو مختطف ومكبّل أنصاره وأنصار القضية الكردية إلى التظاهر في العواصم الأوروبية أمام السفارات الإسرائيلية والأمريكية والتركية.
ودلّت هذه المظاهرات على مدى حب الشعب الكردي لزعيمه. أما الدول الأوروبية وإسرائيل فأخذت جميعها الحيطة والحذر من نقمة الأكراد. لا سيما وان لها باع في مثل هذه الأعمال.
وخلال المحاكمة قام أوجلان، وبصورة مفاجئة، بتقديم الاعتذار لأسر الضحايا من الأتراك الذين قتلوا في أعمال العنف التي نفّذها حزبه. كما طالب أعضاء حزبه بتسليم السلاح وترك أعمال المقاومة المسلحة، وأبدى استعداده لأن يكون وسيطا بين تركيا وبين الأكراد بشرط عدم إعدامه .
ورغم هذا العرض الرخيص من جانبه... إلا أن المحكمة العسكرية التركية، التي تمّ تشكيلها خصيصاً لمحاكمته، رفضت عرضه، وأصدرت عليه قرار الحكم بالإعدام شنقاً.
وقد لاقى هذا القرار الرضى والتأييد في تركيا ، وأيّدته الولايات المتحدة الأمريكية التي اعتبرت أن أوجلان هو " إرهابي دولي". وواضح طبعاً أن من تتهمه واشنطن بالعمالة لا بدّ أن يكون وطنياً ، وأن من تتهمه بالإرهاب هو حتماً مناضل معادٍ لها ولسياساتها.
أما الدول الأوروبية فطالبت بعدم تنفيذ حكم الإعدام خوفاً من قيام الأكراد بمظاهرات عارمة تهزّ أمن هذه الدول المضيفة لهم!!
حزب العمال الكردي
هو منظمة ماركسية ـ لينينية أسسها عبد الله أوجلان. ويسعى هذا الحزب إلى أقامة دولة كبرى للأكراد، الذين يبلغ عددهم نحو (22) مليون كردي، والذين يعيشون في الأراضي التركية والسورية والعراقية والإيرانية.
ويتّخذ الحزب من شمال العراق مقرا له لشنّ الهجوم على مواقع الجيش التركي، الذي ترفض حكومته العسكرية إجراء أي حوار مع الأكراد أو الاعتراف بهم كشعب.
وفي نفس الوقت يتعرّض الأكراد في شمال العراق لقصف القوات التركية.
وقد حظرت فرنسا وألمانيا نشاط حزب العمال الكردستاني على أراضيها، وذلك بعد عملياته ضد المصالح التركية عام 1993.
ويخشى الكثيرون أن يؤدي إعدام أوجلان، فيما لو تم تنفيذه، إلى ردود فعل عنيفة من قبل حزب العمال، رداً على إعدام زعيمه.
ومن جهة أخرى، من البديهي أن إعدام أوجلان هو ضربة قاصمة لهذا الحزب الذي سيفقد زعيمه التاريخي.
عبد الله أوجلان بين فكّي التاريخ
في نظري وفي نظر أبناء شعبه وفي نظر الشعوب التي تتطلّع إلى الحرية فإنّ عبد الله أوجلان هو إنسان وطني ومناضل يحبّ شعبه، ويناضل من اجل تحقيق حكم ذاتي لشعبه ومن ثم الانفصال عن الدولة التي تذلّ شعبه صباحاً ومساء ... وإقامة دولة للأكراد .
ويجتر العالم "الديمقراطي" الصمت، فيما يقوم الجيش التركي بذبح الأكراد لمجرّد رغبتهم بإنشاء وطن قومي على أرضهم... وما المانع في ذلك طالما أنهم شعب مثل باقي الشعوب ولهم لغة وحضارة وتاريخ يؤهلهم لان يكونوا أحراراً على أرضهم وان يتمتّعوا بحق تقرير المصير؟!
أما العالم الغربي فيصمت على جرائم تركيا الحديثة لأنها تنتمي للحلف الأطلس، وتحاول التقنّع بالقناع الغربي حتى يتم احتسابها دولة الرجل الأبيض وحتى تمحو من الذاكرة التاريخية أي علاقة لها بالإسلام والعرب والشرق.. وآسيا.
وللتذكير فقط فإن تركيا بثوبها القديم والجديد لا تحب الشعوب الأخرى وخاصة الشعوب الإسلامية منها. ولا ننسى أن تركيا تتحكّم بمياه الفرات وتحرم سوريا والعراق من مياهه ومن حصصهما الطبيعية من هذه المياه.
كما إننا لا ننسى تركيا في ظل حكم "تركيا الفتاة" أي تركيا الطورانية التي حاولت تتريك العرب وعممت سياسة الجهل والفساد في محيط الأمة العربية والدويلات التي وقعت تحت سيطرتها.
إنّ عدم تمتّع الاتراك بالقيم العليا جعلهم غير قادرين على حمل الرسالة التاريخية والإنسانية ورفع راية الإسلام بصدق.
وبعد انفصال المناطق العربية عن تركيا، وبعد تحطيم الحلم التركي الطوراني، ذلك الحلم الذي سعى إلى تتريك العرب والشعوب البلقانية وإنشاء المملكة التركية ما قبل الإسلام!! زاد الحقد التركي على الأمة العربية وصار يترجم يوميا من خلال علاقة تركيا بالعرب، والتي هي علاقات فاترة، ومن خلال عقد الاتفاقيات ضد العرب والتحالف الاستراتيجي مع الغرب ومع إسرائيل والتآمر على وحدة العراق واقتطاع لواء الاسكندرونة العربي من سوريا.
عبد الله أوجلان
أسير المؤامرات العالمية وسجين الحرية
إن اعدموا أوجلان فلن يعدموا شعباً يصل تعداده إلى (22) مليون نسمة.. أي نصف تعداد أتراك تركيا... ولن يستطيعوا القضاء على قضية إنسانية من الدرجة الأولى هي قضية شعب محروم من أدنى شروط العيش بكرامة مثل باقي الشعوب.
وصمت العالم الأوروبي والعربي والإسلامي.. مؤسف ومذلّ.. كما أن للأكراد ضلعاً في عدم انتشار قضيتهم بالشكل المطلوب والملائم، لأنهم لم يطوّروا اللغة الدبلوماسية والخطاب السياسي، ولم يسعوا لاستغلال الإعلام العالمي بالشكل الذي يضمن لهم تطور قضيتهم واستقطاب التأييد العالمي لها.
إن الكفاح المسلّح وحده لا يكفي، فالأكراد بحاجة لآلية حوار تخاطب العالم الأصم ... ولسنا ندري إن كان أوجلان فطن إلى ذلك فقط في زنزانته لإنقاذ رقبته كما يتهمه البعض ، أم لأنه فهم أن الحوار كفيل بإيجاد حل لقضية الشعب الكردي، خاصة وان الأتراك عرفوا بسالة المقاتلين الأكراد ، وعرفوا تصميمهم على التمسك بقضيتهم والنضال المستمر حتى إيجاد حل عادل لها.

ملك القلوب 27 - 2 - 2010 12:24 AM

للدم .. لون واحد للسيف عدة ألوان
القواسم المشتركة بين جميع من تناولناهم في هذا الكتاب هي:
1 - جميعهم تعرضوا للملاحقة، وفي اغلب الأحيان للتصفية الجسدية.
2 - خذلهم وغدر بهم من عملوا لأجلهم.
3 - قسم من هؤلاء كان مضطهدا لكونه من أبناء الأقلية الفارسية في الدولة الإسلامية، ورُمي معظمهم بشبهة الكفر والزندقة.
4 - القتل بصورة وحشية: فقد قتل الإمام عليّ بن أبي طالب بسيف مسموم، أما الحسين فاجتمع على قتله عشرة من الفرسان، والحلاج صلب وقطعت أعضاؤه، وابن المقفّع قطعت أعضاء جسمه ورميت بالتنور، وأبو مسلم الخراساني هوت عليه سيوف حراس أبي جعفر المنصور كالمطر...
5 - الأمان والغدر: من الأبطال من وثق بقاتله مثل الحسن بن علي الذي وثق بزوجته وهي من دسّ له السم في الطعام، وأبي مسلم الخراساني الذي جاء إلى أبي جعفر المنصور مصالحا.. وقتل.. وطرفة بن العبد الذي حمل رسالة موته ولم يصدّق انها تحمل طلباً بقتله بل ظنّ أنها تحمل له العطايا.. لكنها حملت المنايا..
6 - التصميم على قتال الفئة الضالة حتى الشهادة: إذ لم يتراجع كل هؤلاء عن مبادئهم، ولو تراجعوا لنجوا من الموت البشع... فقد قاتل الحسين في معركة خاسرة عسكريا ورابحة معنويا... وقاتل ابن الزبير حتى تخلّى عنه عشرون ألف من أصحابه وحتى تخلّى عنه أولاده وظلّ يقاتل رغم أنهم كانوا يعرضون عليه أمور الدنيا ومتاعها إذا استلم.. ولكنه لم يقبل ذلك...
7 - ثوار السيف ثاروا على السلطة من اجل تصحيح مسار الأمة الإسلامية والعربية، ولو تم لهم الأمر لتغيّر وجه التاريخ. ومن هؤلاء: الحسين بن علي، والحسن بن علي، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير.
8 - تعرضهم للاغتيال للتخلص منهم وطمس ذكرهم فقد قتل الحسن مسموما، وقتل الإمام عليّ وهو ذاهب إلى صلاة الصبح وقتل الخليفة عمر بن عبد العزيز مسموما، وقتل الإمام حسن البنا بعد إعدامه بإطلاق ست رصاصات في قلبه.
9 - محاولة طمس آثار المفكرين من شهداء الفكر. فقد أحرقت كتبهم ومنع الخطاطون من نقل وتداول كتبهم، مثل الحلاج وابن المقفّع وابن رشد وعمر بن الخيام.
10 - الموت في ريعان الشباب، كما حدث مع أبي فراس الحمداني والحسن بن علي وطرفة بن العبد ... وبهذا حرمنا من عطائهم الذي كان سيدفع المسيرة الإنسانية إلى الأمام.
11 - تمتع أغلبهم بمواهب الشعر والخطابة إلى جانب قوتهم الشخصية. الشعر: صدق، والخطابة: رجولة وفروسية.
12 - كان موتهم أقوى من الحياة، فقد قتلوا بصورة وحشية بشعة، ولكنهم استقبلوا الموت كمن يستقبل أعزّ الأصدقاء ، الأمر الذي خلّدهم في ذاكرة البشرية وتاريخها. وبعضهم قامت من بعد مقتلهم فرق ومدارس تنشط حتى اليوم. فشيعة علي والحسين أكثر من عُشر المسلمين اليوم، وحركة الإخوان المسلمين تنشط في عشرات الدول، وللحلاج عشاق من الأدباء والتصوفين، وأبو ذر شغل الناس بفكره، وعبد الله أوجلان وضع قضية الأكراد أمام الرأي العام.
13 - تعرّضوا لمؤامرات تزييف تاريخهم وسيرتهم. فمعظم المؤرخين في العصر الأموي أو العباسي أو التركي، استُكتِبوا ولم يكتبوا ما يجب كتابته، ولا ما تمليه عليه ضمائرهم، بل كتبوا ما يريد السلطان وما تقتضيه الحاجة. وهكذا أهمل المؤرخون الأبطال ورفعوا من شأن القتلة والطغاة. بل إن الأمر لم يقف عند حد الإهمال المتعمد وإنما تجاوز ذلك إلى حد مهاجمة هؤلاء العظماء واتهامهم باتهامات باطلة وإنهم ساروا إلى الموت بأقدامهم .. وإنهم خرجوا على الخليفة الشرعي والسلطة الشرعية... فيما كتب المؤرخون بتوسع عن الملوك والأمراء وأهملوا أحوال العامة والأبطال الذين خرجوا من هذه الجموع.
14 - عدم التحقيق الكافي في النهايات الغامضة للأبطال مثل طارق بن زياد وخالد بن الوليد ، وعدم معالجة خاتمة الأبطال بطريقة موضوعية. إذ كان المؤرخ يكتب صفحات عديدة عن أحد الأعلام، وفي نهاية المطاف يكتب: "مات مسموماً عام كذا والله اعلم ..."!! دون أن يجهد نفسه بمحاولة الإجابة على الأسئلة التي لا بد أن تثور مثل: لماذا قتل مسموما؟ ما هي دوافع القتل؟ ومن يقف وراء هذا العمل؟!
15 - بعضهم غيّر وجه التاريخ وقضى على ممالك عمّرت مئات السنين، لكنه عجز عن تغيير وإزالة الحقد من القلوب... ويبدو أن هذا النجاح الذي أصابه هو السبب في كثرة أعدائه ومبغضيه الذين ظلوا يحيكون المؤامرات ضده حتى إزاحته من طريقهم... ومن هؤلاء نذكر الإمام أحمد بن حنبل الذي استطاع بثباته منع تبني الدولة الإسلامية لفكرة المعتزلة، وخالد بن الوليد الذي قضى على المرتدين وهزم الفرس والروم، وطارق بن زياد الذي وصل القارة الأوروبية واخضع بلاد القوط لحكم الإسلام ..
16 - بعضهم قتل بسبب تشدده في أمور الدين ومحاولة نشر الدين الإسلامي بصورة أفضل، مثل الإمام حسن البنا والسيد قطب. وبعضهم اتهم بالزندقة والخروج عن الدين الإسلامي مثل الحلاج وابن رشد وابن المقفّع وعمر بن الخيام.
17 - رفض أبطالنا في زمنهم، ولكن، وبعد حقبة من الزمن، تم إعادة الاعتبار لهم ومنحهم التعظيم الذي يستحقونه.
المصادر
1 - محمد عزة دروزة: تاريخ الجنس العربي، الجزء الثامن، المكتبة العصرية، بيروت، 1964.
2 - محمد عزة دروزة: تاريخ الجنس العربي، الجزء السابع، ط1، صيدا ـ لبنان.
3 - ابن عبد ربه الأندلسي: العقد الفريد، ج 5، بيروت،
4 - عبد السلام هارون: نوادر المخطوطات، ج2، دار الجيل ـ بيروت.
5 - محمد مخزون: تحف مواقف الصحابة في الفتنة، ج 2، مصر.
6 - عباس محمود العقاد: عبقرية علي، القاهرة.
7 - فؤاد دوارة: شعر وشعراء، القاهرة، 1957.
8 - ابن سباط الغربي: تاريخ ابن سباط، ج 1، طرابلس، لبنان، 1993.
9 - محمد ابراهيم الصفيري: حاسة سادسة، دار الكتاب العربي، سوريا.
10 - الحلاج: الديوان، تحقيق: كامل مصطفى الشيعي، ألمانيا، 1997.
11 - سهيل عيساوي: نظارتي، كفر مندا، 1996.
12 - ابن شطي: مختصر طبقات الحنابلة، دار الكتاب العربي، بيروت، 1986.
13 - د. محمد أمين فروخ: موسوعة عباقرة الإسلام، الأجزاء 1 ـ 5، دار الفكر العربي، بيروت، 1989.
14 - عطا الله قبطي: تاريخ العرب السياسي من الجاهلية حتى قيام الدولة العباسية، حيفا، 1993.
15 - غازي عبد الرحمن القصيبي: في خيمة شاعر، ج2، لندن، 1994.
16 - حسن البنا: الدعوة والداعية، مذكرات، القاهرة، 1990.
17 - راضي آل ياسين: صُلح الحسن، مؤسسة النعمان، بيروت، 1991.
18 - باقر شريف القرشي: حياة الإمام الحسن بن علي، الجزء الثاني، دار البلاغة، بيروت، 1993.
19 - حنا الفاخوري: تاريخ الأدب العربي.
20 - السيد هادي المدرسي: عاشوراء، دار الهلال، بيروت، 1985.
21 - الإمام الطيراني: مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب، دار الأوراد، 1992.
22 - الامام الطبري: استشهاد الحسن، ط 8، دار الديان للتراث، مصر، 1988.
23 - ابن تيمية: رأس الحسين، دار الديان للتراث، مصر، 1988.
24 - فريال بنت عبد الله بن محمود الهديب: صورة يزيد بن معاوية في الروايات الأدبية، دار أجا للتوزيع، الرياض، 1990.
25 - هزاع بن عيد الشمري: يزيد بن معاوية الخليفة المفترى عليه، دار أجا، الرياض، 1993.
26 - د. يوسف الغيث: تاريخ عصر الخلافة العباسية، دار الفكر المعاصر، بيروت ـ دار الفكر، دمشق، 1996.
27 - محمد سمارة: تاريخ العرب السياسي، الطيرة، 1991.
28 - سعيد برغوثي، يوسف زعبي: دروس في التاريخ، وزارة المعارف، القدس، 1989.
29 - جوني منصور، عماد بهو: أسماء ومصطلحات: اعبلين، 1990.
30 - محمد الغزالي: سر تأخر العرب والمسلمين، القاهرة.
31 - جرجي زيدان: تاريخ آداب اللغة العربية، الجزء الأول، دار الهلال، القاهرة، 1957.
32 - طه حسين: في الأدب الجاهلي، القاهرة، 1933.
33 - الوافي في الفكر العربي، دار الفكر اللبناني، بيروت، 1994.
34 - غازي التوبة: جذور ازمة المسلم المعاصر ـ الجانب النفسي، الكويت، 1996.
35 - جبر مرتضى العاملي: دراسات وبحوث في التاريخ الإسلامي، ج 1، بيروت، 1993.
36 - محسن الأمين: أعيان الشيعة، ج 1، دار الثقافة والمطبوعات، بيروت، 1986.
37 - صلاح عبد الفتاح الخالدي: سيد قطب من ميلاده إلى استشهاده، دمشق ـ بيروت، 1991.
38 - سيد قطب: معالم في الطريق (بدون تاريخ).
صحف:
1 - صوت الحق والحرية، الجمعة 12 / 2 / 1999 ام الفحم.
2 - الصنارة، الجمعة، 1 / 7 / 1999، الناصرة.
3 - كل العرب، الجمعة، 1 / 7 / 1999، الناصرة.


الساعة الآن 06:57 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى