منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   سِير أعلام وشخصيات (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=57)
-   -   تراجم القراء (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=6913)

ميارى 18 - 5 - 2010 02:34 AM

http://www.islamophile.org/spip/loca...66-1-c2d2e.jpg

الشيخ سيد النقشبندي

لحن ملائكي ...لم يكتمل!لم يكن يتخيل وهو طفل صغير يترنم بينه وبين نفسه بمدح رسول الله صلي الله عليه وسلم , وهو يستمع إلى المداحين أن يصل في يوم من الأيام إلى مكانه هؤلاء المداحين. بل إلى أن يتفوق علي بعضهم ويتربع بعذوبة صوته في قلوب مستمعيه.

رحلة أيام طويلة أستطاع خلالها الشيخ سيد النقشبندي ابن طنطا أن يجد نفسه بين هؤلاء إنه بحق إمام المداحين .
ولد الشيخ النقشبندي في قرية (دميرة) مركز طلخا بمحافظة الدقهلية عام 1920 م ثم انتقل وهو طفل بصحبه والدته إلى مدينة طهطا بمحافظة سوهاج وهناك تربي تربية صوفيه أساسها الايمان بالله وحب الرسول صلي الله عليه وسلم من منطلق الفطرة الصافيه وحفظ القرآن الكريم والتفقه في الدين وهو في سن مبكرة من عمره فانطبع على حب الله وعلي الصفاء المحمدي النادر الذي جعله فردا في ذاته زاهدا فيما أيدي الناس بصدق ووفاء.
بدأ شهرة الشيخ الجليل يرحمه الله وعرفته الاذاعات الدينية والعربية وذلك خلال احياءه الليلة الختامية لمولد الامام الحسين رضي الله عنه وكانت بدعوه من صديقه الحميم الحاج سيد محمد محمد من القاهرة فلبي الشيخ النقشبندي الدعوه واقام حفلا ترنم فيه بصوته وشدا بمدح الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم بابتهالاته الدينية المميزة في ساحة سيد الشهداء وأدهش مستمعيه فذاع صيته وتناقلته الاذاعات عبر موجاتها.

سعت اليه الشهرة في عام 1967 وبدات الاذاعة في عمل برامج دينية منها : برنامج (الباحث عن الحقيقة - سليمان الفارسي) بالاضافة الي الابتهالات الدينية بصوت الشيخ حتى أصبح صوته مظهرا من المظاهر الدينية خلال شهر رمضان والذي ارتبط في أذهاننا بصوتين بالغي الأداء الشيخ محمد رفعت (قيثارة السماء) لقرآءة القرآن والشيخ السيد النقشبندي في أدعيه الافطار وتسابيح الفجر.

كان مدحه للرسول صلي الله عليه وسلم نبضا سماويا يغزو القلوب فتتفتح لمدحه كل القلوب. كان يدعو الناس على بصيرة من ربه فتقبل الناس على مختلف مذاهبه هذا الحب الرباني الصافي فعاش الشيخ في حياتهم وفي كل أمورهم وصار صوته علامة بارزة في عصر ولقبه كبار الأدباء والكتاب في مصر بالصوت الخاشع والكروان الرباني وقيثارة السماء وامام المداحين وقد وصفه الدكتور مصطفي محمود في برنامجه التلفزيوني العلم والايمان ذات مرة بأنه مثل النور الكريم الفريد الذي لم يصل إليه أحد.

عاش الشيخ عبدا فقيرا زاهدا عابدا محبا مخلصا كريما لم يترك من حطام الدنيا شيئا يذكر وتزوج بشريكه عمره وكانت على شاكلته كرما وصفاء وعطاء واخلاصا وأنجب منها البنين والبنات ثم توفيت فتزوج من آخرى وأنجب منها ايضا.

ترك الشيخ النقشبندي تراثا اسلاميا كبيرا وضخما من الابتهالات والاناشيد والموشحات الدينية وكان قارئا للقرآن الكريم بطريقة مختلفة عن بقية قراء عصره ووقته وإن كانت شهرته كمداح للرسول صلي الله عليه وسلم ومبتهل ديني هي الصفة التي اقترنت به. وقد ترك تراثا صوتيا مسجلا للأذاعة والتلفزيون فيما نسمعه ونراه.
اشترك الشيخ في حفلات وابتهالات واناشيد وتواشيح دينية في معظم الدول الاسلامية والعربية بدعوه من هذه الدول وحكامها فزار ابو ظبي وسوريا والاردن وايران والمغرب العربي والسعودية واليمن ودول الخليج العربي واندونيسيا كما زار معظم الدول الافريقية والاسيوية.

حصل الشيخ النقشبندي العديد من الاوسمة والنياشين من مختلف الدول التي زارها فلم يكن تكريمه محليا فقط بل دوليا واسلاميا وقد كرمه الرئيس الراحل السادات عام 1979 فحصل على وسام الدولة من الدرجة الاولي وفي ليلة القدر كرمه الرئيس حسني مبارك بوسام الجمهورية من الدرجة الاولي عرفانا لما قدمه الشيخ من ابتهالات وتواشيح دينية تخدم الاسلام والمسلمين. وقد كرمته محافظة الغربية التي عاش ودفن بها باطلاق اسمه على اكبر شوارع مدينة طنطا.

قد كان الشيخ قمة في الاداء والتعبير حيث كان يبتهل الي الله من اعماق قلبه ويمدح الرسول صلي الله عليه وسلم باجود الالفاظ واحسنها والمستقاه من الشعر العربي الذي كان يستمد معانيه من تعاليم الاسلام ومقرراته وكان من خلال مدحه يحرص على غرس القيم الدينية وحب الرسول محمد صلي الله عليه وسلم وآل بيته وأصحابه الكرام .
وفي الرابع عشر من فبراير عام 1976 وعن 56 عاما توفي الشيخ السيد النقشبندي رحمه الله.


ميارى 18 - 5 - 2010 02:35 AM

http://www.islamophile.org/spip/loca...idiq-6419b.jpg

ولد الشيخ صديق السيد تايب المنشاوي ببلدة " المنشأة " بمحافظة سوهاج في سنة 1898 م , وهي بلدة كانت تسمي في العصر الفرعوني " منشات " وتجاورها بلدة " أخميم " وفي الاصل " تخميم" وهما اسمان فرعونيان معناهما ( ولد العم ) ثم حرفتا إلى المنشأة وأخميم , هذة المعلومة أكدها لي الشيخ محمود صديق المنشاوي , أحد أضلاع المثلث القرآني بعد والده وشقيقه محمد رحمهما الله .
بدا الشيخ صديق حفظ القرآن على يد والده , فقد كان محفظا جيدا للقرآن وعلي سعه كبيرة من العلم , وأكمل حفظ القرآن وهو يبلغ من العمر 9 سنوات. انتقل الشيخ صديق بعد ذلك إلى القاهرة وتلقي علم القرآءات على يد الشيخ المسعودي وكان معلم قراءات مشهور بمصر في ذلك الوقت .

والتحق الشيخ بالازهر الشريف من أجل هدف واحد وضعه نصب عينيه وهو تنمية المعلومات الدينية التي ترتبط بعلوم القراءات كالتفسير وعلم اللغة إلى ان تمكن من إتقانه للقراءات العشر الكبرى فعاد إلى بلدته بمحافظة سوهاج واشتهر عنه وقتها أنه القارىء الوحيد على مستوي الصعيد فلم يكن هناك وقتها قراء مشهورون .
وهناك نذر نفسه لتلاوة القرآن فكان يجد حياته مع كتاب الله وفي ضيافته بين دفتيه مترنما بكلماته , ولم يتقاض أجرا على القرآءة ولم يتفق على أجر معين طوال حياته المديدة حتى لقي ربه.
ذات مرة دعاه أحد الناس لتلاوة قرآنيه وبعد أن انتهي الشيخ من القرآءة وضع الرجل يده في جيبه ثم أخرجها وأعطي ما بها للشيخ فقبلها على استحياء , ثم عاد الشيخ إلي بلدته وفي اليوم التالي جاءه الرجل معتذرا فقد أعطاه مليما فأكرمه الشيخ صديق المنشاوي لأنه كان على سفر وقال له : الحمد لله هذا رزقي . وإذا كانت هذه الرواية قد وردت مع الشيخ رفعت فهي إن دلت على شيء فإنما تدل على نزاهه هؤلاء القراء فهي ليست تكرار بقدر مافيها من دروس وعبر ؟!

ويروي لي ابنه الشيخ محمود المنشاوي أنه كان لوالده صديق من كبار الأعيان يسمي محمد باشا حمادة الشريف وكان هذا الرجل يقيم المآدب يوميا طوال شهر رمضان للفقراء ويدعو الشيخ صديق لتلاوة القرآن وفي إحدي السنوات اشتري الرجل آلاف القناطير من القطن وبلغ سعر القنطار في ذلك الوقت ثلاثين جنيها ثم دهمته البورصة فأعلن إفلاسه وكان شهر رمضان قد اقترب موعده فماذا يفعل الرجل ؟
يقول الشيخ محمود : أرسل الرجل خطابا للوالد يخبره فيه أنه لم يعد ذا قدرة مالية على إحياء ليالي رمضان ولو دعاه أحد الناس فعليه أن يقبل فما كان من الشيخ صديق إلا أن ترك الخطاب وفي ليلة رؤية هلال رمضان أرسل إلى بيت الباشا كل مايلزم لإحياء هذه السنة وعاد الرجل في منتصف شهر رمضان فوجد كل شيء كما كان من قبل ووجد الشيخ يقرأ القرآن وظل الشيخ على هذه العادة لمدة ثماني سنوات إلى ان توفي محمد باشا الشريف.
وكان الشيخ يردد دائما : إنه الوفاء ولم ينس طيلة حياته أن هذا الرجل وقف بجواره يوم كانت حالته المادية بسيطة جدا فكان يعطيه خمسين قرشا كل يوم !!

عاصر الشيخ صديق كلا من الشيخ محمد رفعت والشيخ أحمد ندا والشيخ منصور بدار والشيخ علي محمود والقدامي من القراء وكان كريما يفتح بيته لكل محتاج فما كان ينفقه كثيرا حتى ظن الناس أنه مليونير.
ولم ينتقل الشيخ صديق المنشاوي إلى الاذاعة شأن غالبية القراء بل انتقلت الاذاعة إليه حيث كان يقرأ ببلدة العسيرات وهناك سجلت له عشرين شريطا أذيع منها شريط واحد فقط وللأسف فقد مسحت الشرائط كلها بعد ذلك لتسجل عليها أشياء آخرى دونما تحقيق وفقدت الاذاعة صوتا قل أن يوجد.
وحاول محمد امين حماد رئيس الاذاعة في ذلك الوقت عمل أي شيء لظهور الأشرطة فلم يستطع وطلب من الشيخ أن يستقر في القاهرة فرفض وأصر على عدم مغادرة الصعيد وقال : يكفي ابني محمد في القاهرة.
وكان الشيخ محمد قد ذاعت شهرته بالقاهرة بعد أن سجلت له الاذاعة بإسنا إحدي ليالي شهر رمضان سنة 1953 م.
وكان الشيخ يردد دائما أن أفضل قراءاته هو ماسجله للأذاعة وله سبعه أشرطة في هيئة الإذاعة البريطانية ومثلها في إذاعة سوريا .

قرأ الشيخ القرآن في كثير من محافظات مصر حتى إنه كان يتلو القرآن في محافظتي قنا وأسوان لمدة ثلاثة شهور متتاليه ولم يغادر مصر إلى أي دولة طوال حياته إلا لقضاء فريضة الحج عام 1924 م وكانت رحلة بالجمال .
كان الشيخ لا يرد طلب إنسان وذات مرة وهو يسأل عن صديق سمع حوار بين إمرأة يبدو الفقر على ملامحها وبين آخرين قائلة لهم " عندما نطاهر ابني سأطلب الشيخ صديق المنشاوي لتلاوة القرآن فسخر منها الناس ".
فما كان من الشيخ إلا أن ذهب إليهم وطلب من المرأة أن تحدد الميعاد حتى يأتي ليقرأ القرآن بل أرسل لها ماجاد الله عليه من خير.
كان الشيخ يقرأ القرآن راكعا مغمضا العينين حتي يستشعر جلال الله وترك مكتبة ضخمة تضم آلاف الكتب فقد كان شغفا بالاطلاع على كل فروع العلم والمعرفة وكان دائما ما يدخل في مناقشات علمية أو دينيه وكانت تنتهي لصالحه.
وكان الشيخ صديق يصطحب اولاده معه في حفلاته لينمي فيهم حب القرآن ..وساعدهم كثيرا في حفظ كتاب الله وكان وقته المزدحم بالعمل دفعه لإحضار قارئين لهذه المهمه.
لم يحصل الشيخ صديق على أي وسام طوال حياته وعاش للقرآن فقط وكان يقول : إن أجمل وسام يشرفني وأفتخر به هو حب الناس لي.
وقد عوضه الله بوسامين في عالم القرآءة : الأول الشيخ محمد صديق المنشاوي الذي ولد في يناير 1920 م وحفظ القرآن وعمره أحد عشر عاما على يد شيخ بلدته محمد النمكي قبل أن ينتقل إلى القاهرة مع والده وعمه ليدرس أحكام القرآن الكريم على يد الشيخ محمد أبو العلا والشيخ محمد سعودي وكان في صوته عذوبة جعلته يقفز إلى مصاف كبار القراء وسافر إلى العديد من الدول العربية والاسلامية ومنحته الحكومة الأندونيسية وساما رفيعا في منتصف الخمسينيات كما حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية من سوريا عام 1956 وترك الشيخ محمد أكثر من مائه وخمسين تسجيلا بإذاعة مصر والاذاعات الآخري كما سجل ختمة قرآنية مرتلة لإذاعة القرآن الكريم وتوفي في يوم مولده من عام 1969 م.
والوسام الآخر : هو الشيخ محمود صديق المنشاوي ثالث فرسان القرآءة فيعائلةالمنشاوي أشهر قراء أسيوط عمل قارئا للسورة بمسجد الامام الشافعي خلفا للمرحوم الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد , طاف بالعديد من الدول الاسلامية ومع اتحادهم - الأب والابناء - في نبرة الصوت إلا أن لكل منهم ميزة خاصة .

http://www.islamophile.org/spip/loca...ddiq-be778.jpg

وقد كانت لفتة جميلة من الرئيس حسني مبارك ودعوة مباركة من د. محمد على محجوب وزير الأوقاف أن منح اسم المرحوم الشيخ صديق المنشاوي الوسام الذي رفع شأن القراء وجعل هناك بصيصا من الأمل في أن هناك من يقدر القرآن كما منح الرئيس أيضا محمد صديق المنشاوي وساما آخر في احتفال ليلة القدر عام 1992 م.
وفي شهر أبريل من عام 1984 م سكت الصوت الفريد بعد أن ملأ الدنيا شدوا مات السهل الممتنع الذي تكسرت عنده أصوات كثيرة , مات الشيخ , مات أمين القرآن الشيخ صديق المنشاوي عن 86 عاما رحمه الله.

ميارى 18 - 5 - 2010 02:37 AM

http://www.islamophile.org/spip/loca...aban-3b74d.jpg

الشيخ شعبان عبد العزيز

ولد الشيخ شعبان عبد العزيز الصياد بقرية صراوة التابعة لمركز آشمون بمحافظة المنوفية وذلك فى 20/9/1940م. وهذه القرية تعرف بقرية القرآن الكريم حيث تتميز بكثرة الكتاتيب والمحفظين الأجلاء الذين حفظ وتخرج على أيديهم بعض الأعلام والمشاهير بجمهورية مصر العربية وفى مقدمتهم الشيخ شعبان عبد العزيز الصياد. نشأ الشيخ شعبان الصياد فى منزل ريفى متواضع عن أم ريفية وأب هو الشيخ/ عبد العزيز إسماعيل الصياد. الذى كان يتمتع بجمال فى الخلق والخلق إضافة إلى جمال وعذوبة صوته الذى كان يعرفه الجميع فى هذه القرية وفى القرى والمدن المجاورة. فقد كان صوته ملائكياً يشبه إلى حد كبير صوت الشيخ/ محمد رفعت. وذلك حسب روايات عديدة سمعناها من الذين عاصروه. وكان الشيخ/ عبد العزيز (والد الشيخ شعبان الصياد) يدعى الى السهرات والمناسبات وذاع صيته. وقدم نفسه الى الاذاعة المصرية وكان ذلك فى أوائل الأربعينات وعندما ظهرت نتيجة امتحانه أمام لجنة الاستماع فى الاذاعة وتم ارسال خطاب له للحضور الى الاذاعة. لكنه كان على موعد مع القدر حيث كان هذا اليوم نفسه هو يوم وفاته فى عام 1944م. وكان وقتها الشيخ شعبان الصياد لم يتجاوز الرابعة من عمره.

نشأته
إذا فقد نشأ الشيخ شعبان عبد العزيز الصياد فى بيت ملئ بآيات الله عن أب يحمل كتاب الله ويمتلك صوتاً جميلاً عذباً. فورث الشيخ شعبان الصياد هذا المسلك حيث كان يتردد بإنتظام على كتاب القرية ( كتاب الشيخة زينب ) وهى التى تخرج من كتابها العديد من المشاهير كما ذكرت. وقد كان الشيخ شعبان الصياد متميزاً بين أقرانه فى الكتاب حيث كان الأسرع حفظاً والأجمل صوتاً حتى أن المحفظة التى كانت تحفظه القرآن تثنى عليه دائماً وبين الحين والآخر تجعله يتلو بصوته الجميل ما حفظه من آيات أمام زملائه وغالباً ما كان يحظى بجوائز بسيطة للتشجيع والتحفيز على التميز باستمرار.

حفظ القرآن
أتم الشيخ شعبان الصياد حفظ القرآن الكريم كاملاً وهو فى السابعة من عمره.
التعليم الأزهرى قبل الجامعى
وكان طبيعياً أن يكمل المسيرة الدينية التى نشأ عليها. فالتحق بالمعهد الدينى الابتدائى وأثناء دراسته بالمعهد كان أساتذته يعلمون موهبته الصوتية. فكانوا دائما يجعلونه يتلو عليهم بعض آيات الله البينات فى الفصل الدراسى. وذاع صيته حتى أنه كان يفتتح أى مناسبة بالمعهد الذى يدرس به. وأتم الشيخ شعبان الصياد المرحلة الابتدائية وكان وقتها قد عرف فى البلدة كلها بحلاوة صوته وعذوبته وتمكنه من التلاوة السليمة الصحيحة. فبدأ يظهر فى المناسبات العامة على أثر دعوات من أصحابها وهو فى سن الثانية عشرة. ثم أكمل الشيخ دراسته بالمعهد الدينى بمدينة منوف بمحافظة المنوفية وكان أثناء هذه الدراسة. يذهب الى المناسبات المختلفة فى مدينة منوف والقرى المجاورة لها. حيث أتم دراسته الثانوية والتحق بجامعة الأزهر.
التحاقه بجامعة الأزهر الشريف

التحق الشيخ شعبان الصياد بكلية أصول الدين شعبة العقيدة والفلسفة واضطر الى السكن هناك وكانت أكثر إقامته فى صحن الأزهر الشريف. وكان يجمع بين الدراسة التى كان متفوقا فيها أيضاً وبين دعواته الى المناسبات المختلفة. وذاع صيته وسمع به مشاهير القراء فى ذلك الوقت وفى احدى الليالى كان الشيخ شعبان الصياد عائداً من مناسبة كان يتلو فيها كتاب الله. وعاد الى صحن الأزهر الشريف حيث كان يستعد لإمتحان فى الكلية (أصول الدين) وذلك فى اليوم التالى لهذه السهرة. وعند عودته مباشرة بدأ فى الاستذكار وغلبه النوم. فنام وفى هذه الاثناء كان الشيخ مصطفى إسماعيل (القارئ المشهور) فى جامع الأزهر لصلاة الفجر وإذا به يرى الشيخ شعبان الصياد وهو نائم وفى يده كتابه الذى سوف يمتحن فيه صباحاً. فقال لمن معه. انظروا وتمعنوا فى هذا الشاب النائم أمامكم فإن له مستقبل عظيم فى دنيا تلاوة القرآن الكريم.

وهكذا فإن موهبة الشيخ شعبان الصياد فرضت نفسها على الجميع بما فيهم كبار القراء الذين كان يتقابل معهم فى المناسبات المختلفة التى يتم دعوته إليها فكان دائما يثقل موهبته بكثرة الاستماع الى قراء القرآن فى ذلك الوقت وايضا السابقين وخاصة الذين كان يعجب بهم جداً ومنهم الشيخ محمد رفعت والشيخ محمد سلامة والشيخ مصطفى إسماعيل وهو قارئه المفضل وبرغم أنه لم يعاصر والده الشيخ / عبد العزيز الصياد إلا أنه كان له دائما المثل الأعلى حسبما كان يروى له ويحكى له عن جمال صوته وعذوبته وشهرته برغم أنه لم يكن قد التحق بالاذاعة فى ذلك الوقت.

إتمام التعليم الجامعى
أتم الشيخ شعبان الصياد تعليمه الجامعى وتخرج من كلية أصول الدين شعبة العقيدة والفلسفة وحصل على الليسانس بدرجة جيد جداً فى عام 1966 ورشح للعمل بالسلك الجامعى كمحاضر بالكلية ولكنه رفض وكان رفضه من أجل القرآن الكريم حيث قال: أن الجامعة وعمله بها كمحاضر وأستاذ سيجعل عليه إلتزامات تجاه الجامعة والطلبة مما يعيقه عن رسالته التى يعشقها ويؤمن بها وهى تلاوة القرآن الكريم.
فعمل مدرسا بالمعهد الدينى بمدينة سمنود بمحافظة الغربية وكان ينتقل إليها يومياً من مقر إقامته بمدينة منوف - محافظة المنوفية. ثم نقل الى معهد الباجور الدينى ثم الى معهد منوف الثانوى ثم الى مديرية الأوقاف بشبين الكوم حيث رقى الى موجه فى علوم القرآن لأنه كان يقوم بتدريس القرآن والتفسير والأحاديث النبوية الشريفة ثم رقى الى موجه أول حتى وصل الى درجة وكيل وزارة بوزارة الأوقاف.

قبل دخوله الأذاعة
أنطلق الشيخ شعبان الصياد فى إحياء المناسبات المختلفة وذاع صيته فى جميع محافظات الجمهورية وكان معظم الناس يتمسكون به فى مناسباتهم حتى أنه كان هناك من يؤجل مناسبته الى اليوم التالى فى حالة إنشغال الشيخ/ شعبان فى مناسبة ما فى نفس يوم مناسبته وبدأ الشيخ شعبان الصياد بتلاوة القرآن فى صلاة الجمعة فى عدة مساجد صغيرة فى مدينة منوف حتى وصل الى ان يكون قارئ السورة فى مسجد الشيخ زوين بمدينة منوف (أكبر مساجدها) وذلك قبل ان يلتحق بالاذاعة المصرية. وكان يسهر فى شهر رمضان المبارك سنوياً فى جمعية تحفيظ القرآن الكريم ويحضرها يومياً كبار رجال المحافظة ومشايخ المدينة ليستمعوا ويستفيدوا من قراءة الشيخ شعبان الصياد حيث أنه كان يقرأ القرآن الكريم وهو ملم وعلى دراية بكل معانيه وتفسيره.

موقف طريف فى حياة الشيخ شعبان الصياد
وفى عام 1969 وجد الشيخ شعبان الصياد سيارات الشرطة تحاصر منزله وقد تجمع الجيران لمتابعة الموقف. وعند استفساره من أحد ضباط الحرس الجمهورى كما وضح بعد ذلك. تبين أنهم عندهم أوامر من رئاسة الجمهورية بإحضار الشيخ شعبان الصياد لإحياء ثلاثة ليالى بمحافظة بورسعيد وكان ذلك لوفاة الزعيم الراحل/ جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت .

دخوله الإذاعة عام 1975
اتسعت شهرة الشيخ شعبان الصياد بجميع أنحاء الجمهورية. فتقدم للامتحان بالاذاعة والتليفزيون المصرى. وبعد الامتحان والعرض على لجنة الاستماع التى كانت تضم فطاحل العلماء فى ذلك الوقت أمثال الشيخ عبد الفتاح القاضى والشيخ محمد مرسى والشيخ عفيفى الساكت والشيخ رزق خليل حبة وغيرهم من العلماء كما استمع إليه أعضاء لجنة الموسيقى وكانت تضم كبار الموسيقيين مثل الأستاذ محمود الشريف الذى أثنى ثناءاً غير عادى على نغمات وصوت الشيخ شعبان الصياد. اجتاز الشيخ شعبان الصياد امتحان الاذاعة والتليفزيون بنجاح باهر وتم إعتماده كقارئ للقرآن الكريم بالبرنامج العام مباشرة دون المرور على اذاعات البرامج القصيرة. ففى هذا الوقت كان أى قارئ للقرآن الكريم يتم اعتماده بالاذاعة لا يذيع أى اذاعات بالبرنامج العام مباشرة ، بل يذيع بضع آيات عبارة عن عشرة دقائق فقط فى البرامج القصيرة فقط ولا يستطيع اذاعة أى قرآن فى البرنامج العام او فى صلاة الجمعة ولكن الشيخ شعبان الصياد لجمال وعذوبة صوته وتمكنه من التلاوة جعل لجان الاذاعة والتليفزيون يجيزون دخوله مباشرة للاذاعة فى البرنامج العام وجميع الاذاعات المحلية وكذلك لجنة امتحانات التليفزيون أجازته مباشرة حتى أنه فى أول شهر من التحاقه بالاذاعة والتليفزيون أسند إليه تلاوة القرآن الكريم يوم الجمعة من الاذاعة فى صلاة الجمعة وأيضاً اسند إليه تلاوة القرآن الكريم يوم الجمعة التالية مباشرة فى التليفزيون.
أنهالت المكالمات التليفونية على منزل الشيخ شعبان الصياد للتهنئة بالتحاقه بالاذاعة والتليفزيون المصرى. كما كانت الاتصالات التليفونية لا تنقطع للسؤال عن مواعيد إذاعاته المسجلة والمباشرة على الهواء وذلك لكثرة معجبيه واتساع القاعدة العريضة لمحبى الشيخ شعبان الصياد.
كان الشيخ شعبان الصياد يقرأ قرأن الفجر كل ثلاثة أسابيع فى مساجد مصر مثل مسجد مولانا الإمام الحسين والسيدة زينب. وكان دائماً محبيه ينتظرون تلاوة قرآن الفجر فكان منهم من ينتظره بالمسجد نفسه فى ظل الظروف الجوية وفى البرد القارس ويأتون من معظم محافظات الجمهورية. وكان البعض الآخر يسمع قراءته من الاذاعة مباشرة ثم يقوموا بالاتصال تليفونياً ليثنوا على ادائه وجمال وعذوبة صوته.

حتى اهل الطرب احبوه
وفى أحد الأيام وفى صلاة الفجر فى مسجد مولانا الإمام الحسين بالقاهرة ، ذهب الشيخ شعبان الصياد لتلاوة قرآن الفجر ، فإذا بصوت يناديه فنظر الى هذا الصوت ، فوجد المطرب الشعبى المعروف الأستاذ/ محمد عبد المطلب الذى عانقه وشد على يده وقال له أنا من أشد المعجبين بصوتك يا شيخ شعبان ودائماً أحضر وأسمع قرآن الفجر بصوتك ولكنى اليوم أصررت على مقابلتك وتهنئتك بهذا الصوت الجميل والفن الرائع الذى قلما نجد له مثيلاً فى تلاوة القرآن الكريم وقال له "ياملك الفجر". وظلت هذه التسمية واللقب ملازماً للشيخ/ شعبان الصياد حتى وفاته. ظل الشيخ شعبان الصياد يتردد باستمرار على الاذاعة المصرية لتسجيل القرآن بصوته كما أنه كان دائماً يذيع على الهواء من خلال الأمسيات الدينية من مختلف محافظات الجمهورية وصلاة الجمعة والمناسبات المختلفة.

أول قارىء بمسجد القنطرة شرق بعد عودة سيناء
ذاعت شهرة الشيخ شعبان الصياد حتى أنه أختير كأول قارئ يتلو آيات الله فى مسجد القنطرة شرق بمحافظة سيناء فى حضور الرئيس الراحل أنور السادات وذلك بعد عودة سيناء الى مصر من أيدى الاحتلال وقد أثنى الرئيس أنور السادات على آدائه فى هذا اليوم وشد على يده وعانقه وأمر له بجائزة فورية إعجاباً به وتقديراً لجمال تلاوته وعذوبة صوته. ومثلما حدث فى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر ، دعى الشيخ شعبان الصياد على رأس بعض القراء لإحياء مأتم وفاة الرئيس محمد أنور السادات رحمه الله.

استضافته
تم استضافة الشيخ شعبان الصياد فى العديد من البرامج الاذاعية فى البرنامج العام وصوت العرب وإذاعة القرآن الكريم لمعرفة شخصيته والاطلاع على أسراره الخاصة. أثنى العديد من مشاهير القراء على الشيخ شعبان الصياد مثل الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ أبو العنيين شعيشع والشيخ محمود على البنا وذلك فى عدة برامج فى الاذاعة والتليفزيون. كما أثنى عليه الكثير منهم على صفحات الجرائد والمجلات وتوقعوا له مستقبلاً باهر فى دنيا تلاوة القرآن الكريم.

رحلته مع التلاوة داخل مصر
صال وجال الشيخ شعبان الصياد بتلاواته فى جميع انحاء الجمهورية من أقصاها الى أقصاها وبالنسبة لسهراته فى جمهورية مصر العربية فكان يتلو القرآن الكريم بصوته الجميل فى المناسبات المختلفة بصورة شبه يومية.
رحلته مع التلاوة والسفر خارج مصر
كان فضيلة الشيخ يدعى دائما فى شهر رمضان المبارك للسفر الى معظم الدول العربية والإسلامية والأجنبية لإحياء شهر رمضان هناك وأول دعوة له فى شهر رمضان بعد دخوله الاذاعة مباشرة كانت الى دولة الكويت وتلى آيات الله فى معظم مساجدها وأشهرها وكان معه فى هذا الوقت الشيخ محمد محمود الطبلاوى ، والشيخ راغب مصطفى غلوش وهم من مشاهير قراء القرآن الكريم بجمهورية مصر العربية. فقضوا معاً شهر رمضان المبارك فى دولة الكويت وقاموا بالتسجيل فى الاذاعة والتليفزيون الكويتى ، بل قاموا بتسجيل القرآن الكريم مرتلاً بالتناوب بعضهم مع بعض حتى تم تسجيله كاملاً. ودعى فى العام التالى الى دبى وذلك لإحياء شهر رمضان هناك. وكانت وقتها تقام مسابقة القرآن الكريم فى وزارة الداخلية بدبى وكان الشيخ شعبان الصياد هو رئيس لجنة التحكيم واختبار القراء هناك. وتتابعت الدعوات عاماً تلو الآخر من معظم الدول العربية والإسلامية والأجنبية ، ومنها دولة إيران ، التى تعشق صوت الشيخ شعبان الصياد. فكان عندما يفرغ من تلاوته بإحدى المساجد هناك، كان المستمعون يقومون بحمل الشيخ شعبان الصياد على الأعناق بحيث لا تلمس قدمه الأرض حتى السيارة المخصصة لنقله الى مكان إقامته
تكريم الدول له
حصل على العديد من الجوائز والأوسمة والشهادات التقديرية من معظم الدول التى دعى إليها لإحياء ليالى شهر رمضان المبارك وكان آخرها سلطنة بروناى. وبالنسبة لسهراته فى جمهورية مصر العربية فكان يتلو القرآن الكريم بصوته الجميل فى المناسبات المختلفة بصور شبه يومية.

موقف طريف
وأذكر عندما التحق بالاذاعة عام 1975م. وبعدما أعجب به محبى سماع القرآن الكريم. كان قد دعى لإحياء مناسبة فى بلدة كفر العمار التابعة لمدينة بنها بمحافظة القليوبية وعندما وصلنا الى هذه البلدة وأثناء مرورنا بالسيارة فى شوارعها ، وجدنا حركات غير طبيعية واستعدادات فى الشوارع وكنا لا نعرف العنوان الذى سنذهب إليه. فتوقفنا بالسيارة لسؤال أحد الأشخاص عن العنوان فدلنا عليه ثم قلنا له ، لماذا هذه الاستعدادات ، فقال سوف يحضر الى بلدتنا اليوم القارئ الشيخ شعبان الصياد ، ولأنه هو قارئ البلدة المفضل فالكل فى إنتظاره وسعيد برؤيته على الطبيعة لأول مرة. فقلت له أن الذى تتحدث معه الآن هو الشيخ شعبان الصياد ، فما كان من الرجل إلا أن ارتمى على يد الشيخ شعبان الصياد يقبلها بهستيرية وقال اعذرونى لأننى غير مصدق أننى أمام الشيخ شعبان الصياد. وفى هذه الليلة كان مدعو مع الشيخ شعبان الصياد. الشيخ/ محمود على البنا وهو قارئ شهير ومعروف وأقدم من الشيخ شعبان الصياد. وعندما بدأ الشيخ شعبان الصياد بالتلاوة وانتهى منها. نال استحسان الجميع. ثم قام الشيخ محمود على البنا بالتلاوة بعده مباشرة. وفى أثناء الراحة بين المغرب والعشاء إذا بكبار البلدة يستأذنون الشيخ البنا ويطلبون أن يقوم الشيخ شعبان الصياد بتلاوة آيات الله البينات فى ختام الليلة. وكانت هذه هى المرة الأولى التى يختتم فيها قارئ صغير ليلة قرآنية فى وجود قارئ كبير له سمعته وشهرته ولكن هذا لم يأت من فراغ بل لأن الشيخ شعبان الصياد حالفه التوفيق فى هذه الليلة وككل ليلة لتمتعه بحلاوة وقوة وتمكن الصوت. وعند سؤال أحد القراء الكبار ( فضيلة الشيخ / محمود على البنا) عن رأيه فى الأصوات الجديدة فى تلاوة القرآن ) (عقب التحاق فضيلة الشيخ شعبان الصياد بالأذاعة) كان رده أتنبأ لصوت الشيخ شعبان عبد العزيز الصياد بالأنتشار لأنه من الأصوات الممتازة والمثقفة ( وكان ذلك فى حوار صحفى مع فضيلة الشيخ محمود على البنا بمجلة روزليوسف المصرية )

صحافة والقاب
كتب عنه كثيراً فى الجرائد والمجلات تمتدح أسلوبه ومدرسته الجديدة والفريدة التى لم يسبقه فيها أى قارئ آخر كما لقب بأكثر من لقب أيضاً على صفحات الجرائد والمجلات كملك الفجر ، ونجم الأمسيات الدينية و صوت السماء وغيرها من الألقاب التى كان يستحقها وأكثر. ويتميز الشيخ شعبان الصياد فى قراءته أنه بجانب صوته القوى المتمكن ذو النبرات السريعة والحساسة وذو النهاية الرائعة (القفلة) أنه كان يتلو القرآن الكريم وهو على علم تام ودراية كاملة بمعانيه حيث أنه دارس وفاهم لتفسير القرآن الكريم بل وكان يقوم بتدريسه الى الطلاب بجانب تدريس الفقه الحنفى والأحاديث النبوية. فكان يعطى لكل آية النغمة السليمة التى تناسب معناها والتى تساعد المستمع على فهم معانى القرآن الكريم.

من أول مرة
وبسؤال مهندسى الصوت باستديوهات الاذاعة والتليفزيون عن أهم ما يميز الشيخ شعبان الصياد عن غيره من القراء. فقالوا وأجمعوا أن الشيخ/ شعبان الصياد كان من أكثر القراء الذين كانوا يحبون التعامل معهم فى التسجيل بالاذاعة والتليفزيون. فإنه عندما كان يذهب لتسجيل نصف ساعة فإن الاستديو يتم حجزه لمدة نصف ساعة فقط لأنه كان من أكثر القراء تمكنا من صوته وكان يقرأ الآية مرة واحدة ولايعيدها مرة أخرى وتلك موهبة أعطاها وأكرم الله بها فضيلة الشيخ وكذلك ما يتعلق بالتمكن من الصوت أو النغمات أوالنبرة والقفلة وغيرها من الأمور الفنية والحمد لله على عطائه ونعمته.
كما كان يتميز الشيخ شعبان الصياد فى تلاواته بتعدد القراءات والنغمات فكان يقرأ الآية الواحدة بعدة طرق وكلها أجمل من بعضها وكلها حسب القوانين الموسيقية حيث أنه كان على دراية تامة بالموسيقى من حيث المقامات والنغمات والسلم الموسيقى وغيرها. كما كان يمتلك فضلاً عن قوة وجمال وعذوبة صوته، كان يمتلك نفساً طويلاً جداًَ مما كان يساعده ويمكنه من تنويع القراءات والنغمات كما يشاء وكما يستدعى معنى الآية ذلك. كما كان صوته عريضاً جداً متعدد الطوابق يستطيع أن يصل به الى أعلى الجوابات أى الطبقة العليا ثم يهبط به الى القرار وذلك فى نفس الآية وفى نفس الوقت. وكان الشيخ شعبان الصياد صاحب مدرسة فريدة ومتميزة فى قراءة القرآن الكريم لم يسبقه إليها أحد.

حياته الخاصة
فلقد نشأ الشيخ شعبان الصياد يتيم الأب لا يملك شيئ وسط أسرة فقيرة. فكان هذا دافعاً لأن يأخذ حياته منذ الطفولة مأخذ الجد والكفاح فلم يعرف معنى الطفولة حتى إنه فى إحدى برامج الاذاعة حين استضافته وسؤاله عن طفولته ، فأجاب لقد ولدت رجلاً. هكذا كان احساسه منذ بداية عهده بالدنيا فكان لا يعرف غير العمل حتى فى تربيته لأولاده كان دائما يذكرهم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم) وذلك حتى يحث أفراد الأسرة على الاجتهاد وتحمل المسئولية كما تحملها هو منذ الصغر. وكان دائما يضع نصب عينيه أنه لابد وأن يكون إنسان ذو شأن ومكانة عظيمة فى المجتمع الذى يعيش فيه وزرع ذلك فى أفراد أسرته الذين تبؤوا أعلى المناصب الأدبية فمنهم الضابط والطبيب والمحاسب والمحامى. وكان حريصاً أشد الحرص على انتظام أفراد أسرته فى الصلاة وفى حفظ القرآن الكريم حتى أنه كان يحضر لهم محفظا للقرآن فى المنزل لتحفيظهم القرآن وتعليمهم أحكامه. وكان الشيخ شعبان الصياد يتمتع بالذكاء الشديد وذاكرة شديدة القوة كما أنه كان شديد الثقة بالنفس كما كان متواضعاً جداً. وكان يحترم قراء القرآن الكريم أصغرهم وأكبرهم.

الثقة بالنفس
كان فضيلة الشيخ شعبان الصياد قوى الأرادة يحب التحدى فعلى سبيل المثال كان الشيخ شعبان الصياد مدعو فى احدى المناسبات وكان معه زميل قارئ للقرآن وكان هذا الزميل يقيم فى نفس البلدة التى كانت تقام فيها هذه المناسبة فأوصى عامل الميكرفون أن يجعل السماعات تحدث صفيراً أثناء تلاوة الشيخ شعبان الصياد ، ولذكاء الشيخ شعبان الصياد ، لاحظ هذه المؤامرة فما كان منه إلا أن أمر بإبعاد الميكرفون والسماعات وقرأ القرآن بصوته فقط ، ولقوة وجمال صوته كان يصل بصوته الى آخر المكان الذى تقام فيه هذه المناسبة بل وكان يصل الى خارج السرادق ليسمعه من بالخارج ونال استحسان وتشجيع كل من كان موجود فى هذه المناسبة.

موقف لاينساه
ومن المواقف التى لا تنسى أنه أثناء دعوته لإحياء أمسية دينية من مسجد سيدى عبد الوهاب الشعرانى بباب الشعرية وكان هو قارئ السورة بهذا المسجد ، وكانت الأمسية عبارة عن صلاة العشاء ثم ابتهالات دينية ثم تلاوة قرآنية للشيخ شعبان الصياد. وعند دخوله المسجد أخبره المسئولون عن الاذاعة أن إمام المسجد والشيخ المبتهل لم يحضرا وأنهم فى موقف حرج. فطمأنهم الشيخ شعبان الصياد ، وأذن لصلاة العشاء وأم المصلين فى الصلاة ، وقدم الابتهالات الدينية ، ثم قدم التلاوة القرآنية التى كانت من أجمل ما قرأ وكانت من أول سورة التحريم وكل ذلك كان على الهواء مباشرة وكانت ليلة عظيمة كتب عنها فى بعض الصحف ، وعلى أثر هذه الليلة طلب المسئولين عن البرامج الدينية بالاذاعة وكان أيامها الدكتور/ كامل البوهى ، طلبوا من الشيخ شعبان الصياد أن يقوم بتسجيل الابتهالات الدينية بالاذاعة ويقوم أيضاً بتقديمها على الهواء فى المناسبات المختلفة. ولكن الشيخ شعبان الصياد رفض هذا الاقتراح وفضل أن يظل كما هو فى تلاوة القرآن الكريم حيث أنه يجد نفسه فى القرآن وتلاوته دون غيره.

القارىء العالم
وكان فضيلة الشيخ شعبان الصياد معروفاً بدراسته الدينية وعلمه حيث كان من علماء الأزهر الشريف ، فكان فى كل المناسبات فى فترة الراحة يقوم بالإجابة عن الأسئلة الدينية المختلفة التى كانت تطرح عليه من الجماهير المتواجدة. وكان من أشد المنافسين له فى قرآءة القرآن الكريم يحبون سماع صوته حتى إن الشيخ محمد محمود الطبلاوى عندما أقام مسجداً فى حى المهندسين ، أصر أن يقوم بإفتتاح مسجده الشيخ شعبان الصياد ويقرأ فيه أول قرأءة وأول إذاعة صلاة جمعة على الهواء مباشرة.

مواقفه مع بعض الأشخاص من غير اهل التلاوة
كان له صديق مسيحى يعمل صيدلانياً ويمتلك صيدلية فى مدينة منوف بمحافظة المنوفية. وكان هذا الصديق من شدة إعجابه بصوت الشيخ شعبان الصياد ، كان يذهب وراءه فى أى مناسبة فى المنطقة حتى يسمعه وكان دائماً يطلب منه أن يتلو ما تيسر من سورة مريم ، كما كان هذا الصديق يحتفظ بعدة نسخ من شريط سورة مريم عنده فى المنزل والصيدلية والسيارة.

دخول رجل فى الاسلام
ومن ضمن المواقف أيضاً أنه أثناء تلاوة الشيخ شعبان الصياد لسورة الاسراء من أولها وكان ذلك فى مدينة فوة مركز دسوق - محافظة كفر الشيخ ، وكانت هذه المناسبة تقام سنوياً ويدعى لها كبار رجال المحافظة والمدينة وكانت بمناسبة العيد القومى للمدينة ، وكانوا دائماً يدعون الشيخ شعبان الصياد سنوياً لهذه المناسبة ولا تقام إلا فى حضوره. وأثناء تلاوة الشيخ شعبان الصياد لسورة الاسراء ، ومن شدة التجلى والروحانية ، إذا برجل مسيحى يدخل المسجد الذى كان يقام فيه هذه المناسبة ويصرخ بأعلى صوته "لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ، وهو على كل شئ قدير ، وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله" وكان هذا إعلاناً لإسلامه حيث اجتمع به الشيخ شعبان الصياد بعد إنتهاء المناسبة ودله على كيفية إشهار إسلامه وكان هذا من فضل الله تعالى وكانت من أسعد اللحظات التى مر بها الشيخ شعبان الصياد. وكان الشيخ شعبان الصياد متميزاً عن أقرانه القراء بأنه كان عالماً بالأزهر ، حيث حصل على شهادة العالمية وتدرج بالأزهر الشريف الى أن وصل الى درجة وكيل وزارة كما أنه كان دارساً لأحكام التلاوة والقرأت والتجويد حيث كان حريصاً على مجالسة العلماء الكبار الذين كانوا لا يبخلوا عليه بأى شئ خاص بالقرآن الكريم وأحكامه.

تواضع اهل العلم
وعندما كان يسأل الشيخ شعبان الصياد عن القراء الذين هم أقل منه أو أفضل منه فى المستوى فكان رده دائماً أنه أقل عباد الله ، وأن جميع القراء بلا استثناء أفضل منه فى نظره الشخصى فكان مثالاً للتواضع المقرون بالقوة والجمال. كما إنه كان ذو نبرات فى صوته حادة جداً وكان شديد التحكم فيها وكان قادراً على التحكم بصوته وبنغماته كيفما يشاء ، كما أن طول النفس كان من أهم ما يميزه ويساعده فى تلاواته المختلفة.

حديث الصحافة
وكتب عن الشيخ شعبان الصياد المقالات الكثيرة فى الصحف المختلفة والمجلات التى كانت تتابع تلاواته وتسجيلاته. وسهراته القرآنية فى المساجد المختلفة وآخر أخبار تسجيلاته لشركات الأسطوانات التى كانت تتهافت على تسجيل شرائط كاسيت له ، إلا أنه كان مقلاً فى تسجيلاته لهذه الشركات لكثرة ارتباطاته فى المناسبات المختلفة ، وبرغم ذلك كانت له تسجيلات لشركة صوت الحب ، وشركة صوت القاهرة وشركة إبراهيم فون.
ومن المجلات التى كانت تواظب على متابعة أخبار الشيخ شعبان الصياد ، مجلة روزاليوسف ومجلة الكواكب ومجلة الاذاعة والتليفزيون ، ومعظم الجرائد وكان منها جريدة المساء بتاريخ الأول من ديسمبر عام 2002 ميلادية - السادس والعشرون من شهر رمضان المعظم عام 1423 هجرية ، وكانت مقالة فى الصحفة التاسعة تحت عنوان "أصوات خالدة" وكتب فيها صاحب المقالة فى العنوان الرئيسى (الشيخ شعبان الصياد... نجم الأمسيات الدينية) وكتب فيها الآتى: "قارئ من علماء الأزهر ، تخرج من كلية أصول الدين ، وعين مدرساً للمواد العربية والشرعية بمعهد منوف الدينى ، وتدرج فى السلك الدراسى حتى وصل الى مدرس أول ثم موجه أول للمواد الشرعية وعلوم القرآن الكريم ، أى أنه أهل علم ودراية وخبرة بأصول القراءات - اشتهربتلاوةالقرآنوحسنالصوتالرخيم ، وبدأ يقرأ فى الليالى وهو طالب بالمعهد الثانوى الدينى ولم يبلغ السابعة عشرة ، وكان شيخ المعهد معجباً بصوته العزب ونفسه الطويل وتمكنه من أحكام القرآن فقدمه من خلال الاحتفالات التى كان يقيمها الأزهر الشريف ، ثم ذاعت شهرته فى محافظة المنوفية وانتشر صوته فى جميع محافظات مصر والدول العربية والإسلامية بعد أن لمع فى تلاوات الاذاعة عام 1965م. ولد الشيخ شعبان عبد العزيز الصياد عام 1940م بقرية صراوة - مركز آشمون - محافظة المنوفية وقد اصقل موهبته وهو صغير بأحكام التجويد وتلقيه القراءات بجانب مواصلته فى الأزهر حتى أصبح واحداً من علمائه وفقيهاً من فقهائه. فكان القارئ العالم ، وعندما أعجب بصوته أمين حماد رئيس الاذاعة والتليفزيون ، قدمه للجنة الاستماع للقراء ونجح بتقدير ممتاز ، وذاعت شهرته القرآنية ، خاصة فى الأمسيات الدينية التى كانت تقيمها الاذاعة فى المساجد الكبرى ، وفى الليالى الرمضانية فى مسجد الإمام الحسين ، والسيدة زينب رضى الله عنهما. وقد سافر الى كثير من الدول العربية والإسلامية والأجنبية ، فسافر الى الأردن وسوريا والعراق وأندونيسيا ولندن ، وباريس وأمريكا وغيرها ، ونال التقدير الكبير من الجاليات الإسلامية والعربية بهذه الدول ، كما شهد لجان التحكيم للمسابقات القرآنية بالسعودية وإيران وماليزيا ، وله آذان مسجل بالاذاعة فى غاية الروعة والابداع. فهو يعتبر صاحب الصوت الندى الذى يصدع لإعلام الصلاة - رحمه الله تعالى. رحل عن دنيانا عام 1998م. ولم يناهز الثامنة والخمسين عاماً". كانت هذه هى تفاصيل آخر مقالة كتبت عن الشيخ ( شعبان عبد العزيز الصياد) وكان كاتبها هو المستشار الاعلامى لنقابة قراء القرآن الكريم بجمهورية مصر العربية.

رحلته مع المرض حتى وفاته
ظل الشيخ شعبان الصياد فى عطائه المستمر فى تلاوة القرآن الكريم فى كافة انحاء المعمورة الى أن فاجأه المرض عام 1994م. فأصيب بمرض الفشل الكلوى ، فاستمر فى تلاواته ولكن فى أضيق الحدود حتى اقعده المرض تماماً. وقد احسن المولى عز وجل ختامه ولبى نداء ربه وفاضت روحه الطاهرة الى بارئها فى صباح فجر يوم من اعظم الايام فى الأسلام 19/1/1998م. الموافق الأول من شهر شوال (عيد الفطر) عام 1419 هجرية. سبحان الله حتى يوم وفاته كان يوم عيد وكانت جنازته فى مسقط رأسه بقرية صراوة مركز آشمون - محافظة المنوفية حيث دفن فى مدافن الأسرة ، وحضر الجنازة جمع غفير من جميع المحافظات وعلى رأسهم مندوب عن السيد رئيس الجمهورية حسنى مبارك الذى أرسل برقيتين للتعزية كما أرسل السيد رئيس مجلس الوزراء والسادة الوزراء وجميع كبار رجال الدولة ببرقيات تعازى فى وفاة المغفور له الشيخ شعبان الصياد ، ونقلت القناة السادسة بالتليفزيون مشهد الجنازة العظيمة وأذاعته مباشرة إذاعة القرآن الكريم. ولم يحضر الجنازة أى قارئ من قراء القرآن الكريم سوى الشيخ عبد العاطى ناصف والشيخ صلاح يوسف. كما لم يحضر شيخ الأزهر ولا مندوب عنه ولم يرسل شيخ الأزهر أى برقية عزاء ولم ترسل نقابة القراء أى برقية عزاء مما كان له الأثر المؤسف والغير منتظر تجاه عالم من علماء الأزهر الشريف وقارئ كبير وشهير وله سمعته وصيته فى عالم القرآن الكريم.


رحم الله العالم الجليل والقارئ ذو الحنجرة الذهبية والمدرسة الفريدة فى قراءة القرآن الكريم فضيلة القارىء الشيخ (شعبان عبد العزيز الصياد) رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته جزاءاً بما قدم للإنسانية من علم ينتفع به وتلاوات سوف تظل على مدى الدهر يسمعها ويستفيد منها محبى سماع القرآن الكريم.


ميارى 18 - 5 - 2010 02:39 AM


الشيخ محمد محمود الطبلاوي

ولادتـــه
ولد القارئ الشيخ محمد محمود الطبلاوي نائب نقيب القراء وقارئ مسجد الجامع الأزهر الشريف، يوم 14/11/1934م في قرية ميت عقبة مركز (إمبابة) الجيزة أيام كانت ميت عقبة قرية صغيرة قريبة جداً من ضفاف نيل مصر الخالد.
كان أهم ما يميز ميت عقبة آنذاك.. انتشار الكتاتيب والاهتمام بتحفيظ القرآن الكريم بصورة لم نعهدها الآن. ذهب به والده الحاج (محمود) رحمه الله إلى كتاب القرية ليكون من حفظة كتاب الله عز وجل لأنه ابنه الوحيد. عرف الطفل الموهوب محمد محمود الطبلاوي طريقه إلى الكتاب وهو في سن الرابعة مستغرقاً في حب القرآن وحفظه فأتمه حفظاً وتجويداً في العاشرة من عمره.
كانت بداية شاقة وممتعة في نفس الوقت بالنسبة للفتى المحب لكتاب الله عز وجل والذي لم يرض عنه بديلا.. يقول الشيخ الطبلاوي وهو يسترجع ذكريات لا تنسى مع كتاب الله عز وجل: وكان والدي يضرع إلى السماء داعياً رب العباد أن يرزقه ولداً ليهبه لحفظ كتابه الكريم وليكون من أهل القرآن ورجال الدين.
استجاب الخالق القدير لدعاء عبده الفقير إليه ورزق والدي بمولوده الوحيد ففرح بمولدي فرحة لم تعد لها فرحة في حياته كلها. لا لأنه رزق ولداً فقط وإنما ليشبع رغبته الشديدة في أن يكون له ابن من حفظة القرآن الكريم، لأن والدي كان يوقن أن القرآن هو التاج الذي يفخر كل مخلوق أن يتوج به لأنه تاج العزة والكرامة في الدنيا والآخرة.
وهذه النعمة العظيمة التي منّ الله علي بها وقدمها لي والدي على طبق من نور تجعلني أدعو الله ليل نهار أن يجعل هذا العمل الجليل في ميزان حسنات والدي يوم القيامة وأن يجعل القرآن الكريم نوراً يضيء له ويمشي به يوم الحساب لأن الدال على الخير كفاعله ووالدي فعل خيراً عندما أصر وكافح وصبر وقدم لي العون والمساعدة ووفر لي كل شيء حتى أتفرغ لحفظ القرآن الكريم. رحم الله والدي رحمة واسعة إنه على كل شيء قدير.
بعد أن حفظ الفتى الموهوب محمد محمود الطبلاوي القرآن كاملاً بالأحكام ولم يتوان لحظة واحدة في توظيف موهبته التي أنعم الله بها عليه فلم يترك الكتّاب أو ينقطع عنه وإنما ظل يتردد عليه بانتظام والتزام شديد ليراجع القرآن مرة كل شهر.

http://tbn0.google.com/images?q=tbn:...lawi-453bb.gif

يقول الشيخ الطبلاوي: فبدأت قارئاً صغيراً غير معروف كأي قارئ شق طريقه بالنحت في الصخر وملاطمة أمواج الحياة المتقلبة فقرأت الخميس والأربعين والرواتب والذكرى السنوية وبعض المناسبات البسيطة، كل ذلك في بداية حياتي القرآنية قبل بلوغي الخامسة عشرة من عمري وكنت راضيا بما يقسمه الله لي من أجر والذي لم يزد على ثلاثة جنيهات في السهرة ولما حصلت على خمسة جنيهات تخيلت أنني بلغت المجد ووصلت إلى القمة.
الموهبة وبداية الشهرة

لم ينس الشيخ الطبلاوي كل من قدم له نصحاً وإرشاداً وتوجيهاً.. ودائماً يذكر من تسببوا في إثقال موهبته في الحفظ والتجويد بكل خير فيقول: دائماً أتحين الفرصة التي أخلو فيها مع نفسي وأتذكر بدايتي مع القرآن ونشأتي وأول خطواتي على درب الهدى القرآني وما وصلت إليه الآن فأشعر أنني مدين بالكثير والكثير لكل من هو صاحب فضل عليّ بعد ربي العلي القدير فأدعو لوالدي ولسيدنا رحمهما الله ولزملائي الذي شجعوني واستمعوا إلي وأنا صغير وجعلوني أشعر بأنني قارئ موهوب وأتذكر قول شيخي الذي حفظني القرآن: (يا محمد أنت موهوب وصوتك جميل جداً وقوي معبر).
ولأن سيدنا كان خبيراً بالفطرة أستطاع أن يميز الأصوات بقوله: محمد الطبلاوي صوته رخيم وفلان صوته أقرع والآخر صوته نحاسي، وكان دائماً يحثني على الاهتمام بصوتي وأولاني رعاية واهتماماً خاصاً على غير ما كان يفعل مع زملائي من حيث التحفيظ بدقة والمراجعة المستمرة.
http://tbn2.google.com/images?q=tbn:...cts/659418.jpg


قرأ الشيخ محمد محمود الطبلاوي القرآن وانفرد بسهرات كثيرة وهو في الثانية عشرة من عمره ودعي لإحياء مآتم لكبار الموظفين والشخصيات البارزة والعائلات المعروفة بجوار مشاهير القراء الإذاعيين قبل أن يبلغ الخامسة عشرة واحتل بينهم مكانة مرموقة فاشتهر في الجيزة والقاهرة والقليوبية، وأصبح القارئ المفضل لكثير من العائلات الكبرى نظراً لقوة أدائه وقدراته العالية وروحه الشابة التي كانت تساعده على القراءة المتواصلة لمدة زمنية تزيد على الساعتين دون كلل ولا يظهر عليه الإرهاق.
بالإضافة إلى إصرار الناس على مواصلته للقراءة شوقاً للمزيد من الاستماع إليه لما تميز به من أداء فريد فرض موهبته على الساحة بقوة.. ساعده على ذلك حرصه الشديد على صوته وصحته مع المواظبة على مجالسة مشاهير القراء والاستماع إليهم مباشرة وعن طريق الإذاعة أمثال الشيخ رفعت والشيخ علي محمود والشيخ محمد سلامه والشيخ الصيفي والبهتيمي ومصطفى إسماعيل وغيرهم من قراء الرعيل الأول بالإذاعة.
http://tbn3.google.com/images?q=tbn:...khanemipg3.jpg

الالتحاق بالإذاعة
يعد الشيخ محمد محمود الطبلاوي أكثر القراء تقدماً للالتحاق بالإذاعة كقارئ بها وقد يحسد على صبره الجميل الذي أثبت قيمة ومبدءاً وثقة في نفس هذا القارئ المتين بكل معاني هذه الكلمة. لم يتسرب اليأس إلى نفسه ولم تنل منه أي سهام وجهت إليه. وإنما تقبل كل شيء بنفس راضية مطمئنة إلى أنّ كل شيء بقدر وأنّ مشيئة الله فوق مشيئة البشر.
تقدم تسع مرات للإذاعة ولم يأذن الله له. وفي المرة العاشرة اعتمد قارئاً بالإذاعة بإجماع لجنة اختبار القراء وأشاد المختصون بالموسيقى والنغم والانتقال من مقام موسيقي إلى مقام آخر بإمكاناته العالية، وحصل على تقدير (الامتياز) وكانت اللجنة منصفة في ذلك والذي لم يعرف عدد مرات تقدم الشيخ الطبلاوي للإذاعة كان عليه أن يقف مع نفسه وقفة تجبره على السؤال عن سر هذا القارئ الذي ترجم كل شيء وفك رموزاً وشفرات في برهة قصيرة.
إنه القارئ الوحيد الذي اشتهر في أول ربع ساعة ينطلق فيها صوته عبر الإذاعة من ينكر هذه الشهرة التي عمت أرجاء مصر والأمة العربية والإسلامية بعد انطلاق صوت صاحبها بعشر دقائق فقط.. إنني أسجل هنا حقيقة يعلمها الملايين وهي أن الشيخ الطبلاوي سجل الرقم القياسي من حيث سرعة الشهرة والصيت والانتشار وكأنه أراد أن يتحدث إلى من يهمه الأمر بلغة قرآنية وإمكانات صوتية فرضت على الدنيا اسماً جديداً أراد أن يترجم الصبر إلى فعل وعمل فحقق من الشهرة خلال نصف ساعة ما لم يحققه غيره في ثلاثين عاماً لأنه صبر 9 سنوات نصف صبر أيوب الذي صبر 18 عماً فجاءه الشفاء مرة واحدة بعد أن تفجر الماء الشافي تحت قدميه وبمجرد أن وضع قدميه تحقق له من الشفاء ما كان يحتاج إلى عشرات السنين.

كانت الفترة ما بين 1975 وحتى 1980 بمثابة غزو مفاجئ من الشيخ الطبلاوي فاحتل المقدمة مع المرحوم الشيخ عبدالباسط الذي أعطاه الجمهور اللقب مدى حياته.

مواقف في حياة الشيخ محمد محمود الطبلاوي
يقول : إنني تعرضت لموقف شديدة المرارة على نفسي وكان من الممكن أن يقضى علي كقارئ ولكن الله سلّم. هذا الموقف أنقذتني منه عناية السماء وقدرة الله. وهذا الموقف حدث عندما كنت مدعواَ لإحياء مأتم كبير بأحد أحياء القاهرة المهتم أهله باستدعاء مشاهير القراء وكان السرادق ضخماً والوافدون إليه بالآلاف، وكان التوفيق حليفي والنفحات مع التجليات جعلتني أقرأ قرآنا وكأنه من السماء...
وأثناء استراحتي قبل تلاوة الختام جاءني القهوجي وقال تشرب فنجان قهوة يا شيخ محمد؟ قلت له : إذا ما كنش فيه مانع. وبعد قليل أحضر القهوة ووضعها أمامي على الترابيزة.. فانشغلت ونسيتها.. فقال لي صاحب الميكروفون القهوة بردت يا شيخ محمد فمددت يدي لتناولها فجاءني صديق وسلم عليّ وبدلاً من وضع يدي على الفنجان صافحت الرجل وانشغلت مرة ثانية وأردت أن أمد يدي فشعرت بثقل بذراعي لم يمكنني من تناول الفنجان وفجأة جاءني صاحب المأتم وطلب مني القراءة فتركت القهوة ولكن صاحب الميكرفون شربها وبعد لحظات علمت أنه انتقل بسيارة الإسعاف إلى القصر العيني وبفضل من الله تم إسعافه ونجا بقدرة الله.

وهكذا تدخلت عناية السماء مرتين الأولى عندما منعتني القدرة من تناول القهوة والثانية نجاة الرجل بعد إسعافه بسرعة. وهذا الموقف حدث لي بعد إلتحاقي بالإذاعة ووصلت إلى المكانة التي لم يصل إليها أحد بهذه السرعة.
وهناك موقف لن ينسى وسيظل محفوراً بذاكرتي وهو: أراد أحد القراء أن يشن حرباً عليّ لا لشيء إلا لأنني أخذت حظاً وفيراً من الشهرة بفضل الله تعالى.. فقال هذا القارئ الذي لا داعي لذكر اسمه. بعد التحاقه بالإذاعة بشهور: أريد الفرصة لكي أمسح الطبلاوي وأمثاله!! فأعطي الفرصة كاملة وأخذ إذاعة خارجية بعدها استبعد ستة شهور لأنه لم يتقن التلاوة!! فهذه جرأة على قدرة الله. أراد الله أن يشعره بأن الله يسمع ويرى وبيده ملكوت كل شيء هو المعز وهو المذل وهو على كل شيء قدير.

موقف خارج مصر
يقول الشيخ الطبلاوي: سافرت إلى الهند ضمن وفد مصري ديني بدعوة من الشيخ أبو الحسن الندوي. وكان رئيس الوفد المرحوم الدكتور زكريا البري وزير الأوقاف في ذلك الوقت.. وحدث أننا تأخرنا عن موعد حضور المؤتمر المقام بجامعة الندوة بنيودلهي، وكان التأخير لمدة نصف ساعة بسبب الطيران.. وبذكاء وخبرة قال الدكتور البري: الوحيد الذي يستطيع أن يدخل أمامنا هو الشيخ الطبلاوي لأنه الوحيد المميز بالزي المعروف ولأنه مشهور هنا وله مكانته في قلوب الناس بما له من مكانة قرآنية، وربما يكون للعمة والطربوش دور في الصفح والسماح لنا بالدخول.
وحدث ما توقعه الدكتور البري وأكثر.. والمفاجأة أن رئيس المؤتمر وقف مرحباً وقال بصوت عال: حضر وفد مصر وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الطبلاوي.. فلنبدأ احتفالنا من جديد.. كانت لفتة طيبة أثلجت صدر الوزير لأن الندوة كانت تجمع شخصيات من مختلف دول العالم. وبعد انتهاء الجلسة التف حولي كل الموجودين على اختلاف ألوانهم وأجناسهم يأخذون معي الصور التذكارية.. فقال لهم الدكتور الوزير : كلكم تعرفون الشيخ الطبلاوي؟ فردوا وقالوا: والشيخ عبدالباسط أيضاً وكثير من قراء مصر العظماء.
وفي الحقيقة عاد السيد الوزير إلى مصر بعد انتهاء المؤتمر وأعطاني عدة مسئوليات.. منها شيخ عموم المقارئ المصرية.. وعضو بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.. وعضو بلجنة القرآن بالوزارة ومستشار ديني بوزارة الأوقاف.. ففوجئت بقيام مجموعة من مشاهير القراء بالاحتجاج على هذه الامتيازات.. تحسب لقراء القرآن كلهم وفي مصلحتنا جميعاً، ويعد هذا نجاحاً للقراء، وكسباً لنا جميعاً.. وواجب علينا أن نفرح بهذا.

المصحف المرتل
يقول الشيخ الطبلاوي: والحمد لله لقد أكرمني المولى جل شأنه بأن مكنني من تسجيل القرآن الكريم كاملاً مرتين.. مجوداً ومرتلاً. وهذا هو الرصيد الذي أعتز به وهو الثروة التي منّ الله عليّ بها في الدنيا والآخرة.
أما بالنسبة للمصحف المرتل فهو مسجل بصوتي ويذاع بدول الخليج بناء على رغبة إذاعاتها.. وإذا طلبت إذاعتنا الغالية هذا المصحف فلن أتأخر عن إهدائه لمستمعيها فوراً وبدون مقابل مادي لأن الإذاعة صاحبة فضل على جميع القراء.
بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من التلاوات النادرة والحفلات الخارجية التي سجلتها في السبعينيات بالمساجد الكبرى في مصر وفي بعض الدول العربية والإسلامية.

السفر والبعثات المتعددة إلى الخارج
سافر إلى أكثر من ثمانين دولة عربية وإسلامية وأجنبية. بدعوات خاصة تارة ومبعوثاً من قبل وزارة الأوقاف والأزهر الشريف تارات أخرى ممثلاً مصر في العديد من المؤتمرات ومحكماً لكثير من المسابقات الدولية التي تقام بين حفظة القرآن من كل دول العالم.
ومن الدعوات التي يعتز بها، هي الدعوة التي تلقاها من مستر جون لاتسيس باليونان ليتلو القرآن أمام جموع المسلمين لأول مرة في تاريخ اليونان.. وكذلك الدعوة التي وجهت إليه من قبل المسئولين بإيطاليا عن طريق السفارة المصرية لتلاوة القرآن الكريم بمدينة (روما) لأول مرة أمام جموع غفيرة من أبناء الجاليات العربية والإسلامية هناك.
ولم ينس الشيخ الطبلاوي دعوة القصر الملكي بالأردن لإحياء مأتم الملكة (زين الشرف) والدة الملك حسين، حيث أقيم العزاء الرسمي بقصر رغدان بعمان.
وهناك مئات الأسفار التي جاب خلالها الشيخ الطبلاوي معظم دول العالم لتلاوة كتاب الله عز وجل. ونتج عن هذا العمر القرآني للشيخ الطبلاوي كثير من التسجيلات التي سجلت بالاحتفالات الخارجية وهي موجودة لدى شركة (إبراهيم فون) لصاحبها الحاج إبراهيم محمد محمود الطبلاوي.

تكريم الشيخ الطبلاوي
حصل على وسام من لبنان في الاحتفال بليلة القدر تقديراً لجهوده في خدمة القرآن الكريم.. ورغم السعادة والفرحة التي لا يستطيع أن يصفها بهذا التقدير إلا أنه يقول: إني حزين لأنني كرمت خارج وطني ولم أكرم في بلدي مصر أم الدنيا ومنارة العلم وقبلة العلماء.


ميارى 18 - 5 - 2010 02:40 AM

http://www.islamophile.org/spip/loca...3i-4-8a72a.jpg

الشيخ عبد الفتاح محمود الشعشاعي

مسيرة حافلة:
ولد الشيخ عبد الفتاح محمود الشعشاعي في قرية شعشاع في المنوفية من عام 1890 ميلاديا ووالده الشيخ محمود ابراهيم الشعشاعي وسميت القرية بأسم جده شعشاع. حفظ القران على يد والده الشيخ محمود الشعشاعي في عشر سنوات فأتم أتم حفظ القران في عام 1900 ميلادي.
لا شك أن الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي ترسمت شخصيته وتأثرت بوالده الشيخ محمود ابراهيم الشعشاعي. سافر الى طنطا لطلب العلم من المسجد الأحمدي وتعلم التجويد وأصول المد بالطريقة العادية ولتفوق الشيخ وتميزه بصوت عذب فقد نصحه المشايخ للسفر الى القاهرة والالتحاق بالأزهر الشريف ودرس هناك القراءات على يد الشيخ بيومي والشيخ علي سبيع.
وعاد الشيخ الى قريته وبين جوانحه اصرارعنيد على العودة الى القاهرة مرة أخرى ليشق طريقه في زحام العباقرة نحو القمة وكان في القاهرة حشد هائل من عباقرة التلاوة وعندما بدأ الشيخ رحلته الى القاهرة كان أكثر المتفائلين يشك أن الشيخ الشاب سينجح حتى في كسب عيشه.

وكون الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي فرقة للتواشيح الدينية وكان في بطانته الشيخ زكريا أحمد الملحن العبقري والذي ذاع صيته فيما بعد وسرعان ما بدأ الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي يتألق ويلمع وأصبح له عشاق بالألوف. ولكن فرقة التواشيح لم تكن ترضي طموح الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي فغامر وألقى بنفسه في البحر الذي يتصارع فيه العمالقة وفي ذات مساء دخل ليقرأ في الليلة الختامية لمولد الشهيد الامام الحسين (رضي الله عنه) مع أعظم وأنبغ المقرئين في بداية هذا القرن أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ أحمد ندا والشيخ علي محمود والشيخ العيساوي الشيخ محمد جاد الله. وفي تلك الليلة طار صوت الشيخ الى العالم الاسلامي وأصبح له مكانا فوق القمة وأصبح له معجبين وتلاميذ ومنهم الشيخ محمود علي البنا والشيخ أبو العينين الشعيشع وغيرهما كثير.

http://www.islamophile.org/spip/loca...3i-1-29db9.jpg

ومنذ سنة 1930 تفرغ الشيخ لتلاوة القران الكريم وترك التواشيح الى غير رجعة ومع ذلك لم ينس رفاقه في الدرب فقرر تخصيص رواتب شهرية لهم حتى وفاتهم. وبعد افتتاح الاذاعة عام 1936 بدأ نجم الشيخ يتلألأ على أنه رفض التلاوة في الاذاعة في أول الأمر خشية من أن تكون التلاوة في الأذاعة من المحرمات ولكنه تراجع عن ذلك القرار بعد فتوى شيخ الأزهر الظواهري وقبول الشيخ رفعت لعرض الاذاعة. وكان يتقاضى راتبا سنويا قدره 500 جنيه مصري. وذات عام دخل الشيخ لقصر الملك لقراءة القران في رمضان ثم أقسم بعدها أن لا يعود الى التلاوة مرة أخرى فقد علم أنه بينما كان يقرأ القران في جناح القصر كان الملك يفسق في جناح آخر.
وكان للشيخ عبد الفتاح الشعشاعي طريقة خاصة للأداء ومتميزة عن طرق بقية القراء وكان الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي يستمع الى أصوات الشيخ رفعت وعلي محمود حيث يصفهم بأنهم أساتذة و عمالقة لا يتكررون ويعتبر أنهم مدارس ووصف مدرسة رفعت بأنها مدرسة انتهت ولن تتكرر بوفاة الشيخ رفعت.
رحلته الأولى للعراق: يقول الشيخ أبوالعينين شعيشع : جاءتني دعوة عاجلة من السفير العراقي بالقاهرة لإحياء مأتم الملكة (( عالية )) ملكة العراق بناء على رغبة من القصر الملكي الذي أرسل إلى السفارة بطلب القارىء الشيخ أبوالعينين شعيشع والقارىء الشيخ مصطفى إسماعيل فوافقت وبحثت عن الشيخ مصطفى إسماعيل كثيراً فلم أجده . والوقت لا يسمح بالتأخير فاتصلت بالسفير العراقي وأخبرته بصعوبة الحصول على الشيخ مصطفى إسماعيل اليوم فقال السفير إختر قارئاً من القراء الكبار معك فاخترت المرحوم الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي وعلى الرغم من أن العلاقة كانت مقطوعة بيننا وبينهم لكن السيد فؤاد سراج الدين وزير الداخلية آنذاك سهل لنا الإجراءات وأنهينا إجراءات السفر بسرعة ووصلنا مطار بغداد وإذا بمفاجأة لم نتوقعها .. إستقبال رسمي لنا بالمطار كاستقبال المعزين من الملوك والرؤساء ولكن المفاجأة أصبحت مفاجأتين قالوا: وين الشيخ مصطفى ؟ وين الشيخ مصطفى ؟ فقلت لهم: إنه غير موجود بالقاهرة ولم نعرف مكانه. والوقت كان ضيقا فأحضرت معي فضيلة الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي وهو أستاذنا ومن مشاهير قراء مصر وشيخ القراء وفوجئت بأن وجه الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي تغير تماماً وظهرت عليه علامات الغضب لأنه كان يعتز بنفسه جداً وقال: لو كنت قلت لي ونحن بالقاهرة إنني لست مطلوبا بالإسم من القصر ما كنت وافقت أبدا ولكنني الآن سأعود إلى القاهرة كل هذا في مطار بغداد . وأصر الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي على العودة إلى مصر وبمساعدة المسئولين العراقيين إستطعنا أن نثني الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي عن قراره الصعب وخرجنا من المطار وسط جمهور محتشد لاستقبالنا لا حصر له ونزلنا بأكبر فنادق بغداد واسترحنا بعض الوقت وتوجهنا بعد ذلك إلى القصر الملكي حيث العزاء. وكانت الليلة الأولى على مستوى الملوك والرؤساء والأمراء والثانية على مستوى كبار رجال الدولة والضيوف والثالثة على المستوى الشعبي ووفقنا في الليلة الأولى ولكن أثر الموقف مازال عالقاً بكيان الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي فلما رجعنا إلى مقر الإقامة بالفندق قال لي الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي أنا انتظرت الليلة علشان خاطرك وباكراً سأتجه إلى القاهرة فحاولت أن أقنعه ولكنه كان مصراً إصراراً لم أره على أحد من قبل فقلت له نم يا شيخنا وفي الصباح تسافر أو كما تحب. وقضيت الليل في التفكير كيف أثني الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي عن قراره.

http://www.islamophile.org/spip/loca...3i-3-44fc1.jpg

وجاءتني فكرة وذهبت إليه في الجناح المقيم به بالفندق وقلت له: هل يرضيك أن يقال عنك إنك ذهبت إلى العراق لإحياء مأتم الملكة ورجعت لأنك لم توفق في القراءة وإنك لم تعجب العراقيين ؟ فسكت لحظات ونظر إلي وربت على كتفي بحنان الأبوة وسماحة أهل القرآن وقال لي: يا (( أبوالعينين )) كيف يصدر هذا التفكير منك رغم حداثة سنك وأنا أكبرك سناً ولم أفكر مثل تفكيرك ؟! ووافق على البقاء لإستكمال العزاء ومدة الدعوة التي كان مقررا لها سبعة أيام وقرأ في المساء قراءة وكأنه في الجنة وتجلى عليه ربنا وكانموفقاً توفيقاً لا حدود له. وعاد إلى الفندقفي حالة نفسية ممتازة وفي نهاية الأسبوع حصلنا على وسام الرافدين وبعض الهدايا التذكارية وودعنا المسئولون بالبلاط الملكي العراقي كما استقبلونا رسميا وعدنا بسلامة الله إلى مصرنا الغالية. وبعد تلك الزيارة وهي الأولى للعراق أحبه العراقيون وأصبحت له شهرة واسعة في العراق وأصبح من قراء الاذاعة العراقية الأوائل. وقد تكررت زيارات الشيخ للعراق مرات عدة منذ ذلك الوقت و حتى آخر عام من وفاته.
ويعتبر الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي أول من تلى القرأن الكريم بمكبرات الصوت في مكة والمسجد النبوي ووقفة عرفات من عام 1948.

http://www.islamophile.org/spip/loca...3i-2-ae13a.jpg


توفي الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي في عام 1962 عن عمر يناهز الثانية والسبعين عاما قضاها في خدمة القران الكريم وكانت حياته حافلة بالعطاء وخلف ورائه تراثا قيما سيظل خالدا خلود القران فرحمة الله على الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي وجزاه عن المسلمين كل الخير.


ميارى 18 - 5 - 2010 02:41 AM

http://www.islamophile.org/spip/loca...afah-c0f17.jpg

الشيخ عبد المتعال منصور عرفة

(1927-1992) ولد بقرية بني عديات القبلية إحدى قري محافظة أسيوط في الثامن من ذي الحجة عام 1345 هـ الموافق الثامن من يونيو عام 1927 م, هذه القرية التي اشتهرت باسم قرية العلماء وذلك لإنجابها العديد من العلماء الأفاضل على رأسهم فضيلة الشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق.

نشأته :

التحق بأحد كتاتيب القرية عندما كان عمره خمس سنوات وفي سبتمبر 1936 عندما كان عمره تسع سنوات أتم حفظ القرءان وأجاد ترتيله. وفي نفس العام التحق بالمدرسة الإلزامية التي لم يكن يوجد غيرها في القرية ثم التحق بمعهد بني عديات الأزهري الذي كان معهداً أهلياً آنذاك حيث درس فيه التجويد والقراءات السبع وعلوم الفقه والحديث والتوحيد وبعضاً من علوم الصرف والبلاغة والعروض والقوافي وحفظ فيه الكثير من المتون منها:

• متن حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع للشيخ القاسم الشاطبي
• متن الخريدة وجوهرة التوحيد
• متن الجوهر المكنون في علوم البلاغة الثلاثة
• متن التحفة والجزرية في التجويد
• رسالة ابن أبي زيد القيرواني في فقه المالكية

وفي عام 1945 افتتح أول قسم في تاريخ الأزهر للقراءات بكلية اللغة العربية فسافر إلى القاهرة والتحق به في نفس الوقت الذي التحق أيضاً بالقسم العام بالأزهر لتلقي العلوم التي لا تدرس في قسم القراءات.

ترقيه في المناصب :

وفي عام 1949 حصل على الشهادة العالية من قسم القراءات وفي عام 1953 حصل على شهادة تخصص القراءات للدفعة الأولي التي تخرجت من القسم وعين في نفس العام مدرساً بالقسم الذي تخرج فيه. وفي عام 1954 حصل على شهادة العالمية من الأزهر والتي كانت سلماً لعضوية هيئة كبار العلماء. ثم اختاره الأزهر مبعوثاً إلى السودان حيث عمل هناك ناشراً للعلم النافع وذلك خلال الفترة من 1954 إلي 1957 قبل أن يعود للعمل بمعهد المنيا الأزهري.
وفي عام 1957 عقدت مسابقة بالأزهر لتعيين علماء مراقبين بالكادر الفني العالي فاجتازها بتفوق وعين مراقباً بالأزهر ثم انتدب للعمل في بعثة الأزهر بالجزائر فمكث هناك من عام 1963 حتي 1967 للتدريس بالمعاهد الدينية التي أنشئت على إثر استقلالها وعاد إلى القاهرة فعمل في جامعة الأزهر في تدريس مادة التجويد في كلياته المختلفة فعمل في سلك التدريس وعمل أيضاً في السلك الإداري وتدرج في المناصب من وكيل لمعهد القراءات في شبرا وذلك في 1969 حتي أصبح شيخاً لنفس المعهد عام 1975 قبل أن يعين شيخاً للمقارئ المصرية لتعليم القراءات.
ولما أنشئت إدارة لشئون القرءان الكريم بالأزهر الشريف انتدب للعمل بها مديراً مساعداً عام 1977 مع احتفاظه بمشيخة المعهد ثم مديراً عاماً لإدارة شئون القرءان حتي عام 1985 حيث شاء الله أن يشرفه بمدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم وأن يصله بخدمة القرءان الكريم وذلك من خلال عمله مستشاراً بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ومديراً لمراقبة النص القرءاني الكريم بالمجمع. وكان قد رشحه للعمل هناك شيخ المقارئ المصرية العلامة فضيلة الشيخ عامر عثمان عندما ضعفت صحته وعاد إلي القاهرة فتولى مهامه بالمجمع بالمدينة المنورة علي ساكنها أفضل الصلاة وأزكى السلام.

http://www.islamophile.org/spip/loca...alim-6b21d.jpg

صورة للشيخ عبد المتعال منصور مع فضيلة الإمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود ولم تكن هذه المرة الأولي في مجال مراجعة المصحف الشريف فقد اشترك الشيخ عبد المتعال منصور عرفة من قبل في مراجعة أول مصحف للأزهر الشريف بتوجيه من صاحب الفضيلة الأمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر وبتكليف من مجمع البحوث الإسلامية وذلك بالاشتراك مع مجموعة من العلماء الأفاضل على رأسهم فضيلة الشيخ عبد الفتاح القاضي وفضيلة الشيخ سليمان الصغير و فضيلة الشيخ محمد رشاد و فضيلة الشيخ محمد السيد وفا. ونظراً لقرب المطابع الأميرية من سكن الشيخ عبد المتعال فكثيراً ما شرف منزله وعمر باجتماع أعضاء هذه اللجنة فيه.
أما في مجال مراجعة القرءان الكريم برواية ورش عن الإمام نافع فقد قام فضيلته برئاسة لجنة لتعديل وضبط ومراجعة المصحف الشريف وذلك بإدارة إحياء التراث الإسلامي بدولة قطر مع مجموعة من الشيوخ الأجلاء.

http://www.islamophile.org/spip/loca...fice-998b5.jpg

نشاطه في مجال الدعوة

هذا وقد كان للشيخ عبد المتعال العديد من النشاطات بعيداً عن مجال العمل الوظيفي. فقد كان رحمه الله رئيساً لجمعية المحافظة على القرءان الكريم والتي من خلالها تم فتح المساجد في محافظة الجيزة للعمل في مجال تحفيظ القرءان وذلك في أواخر السبعينات. كما كان له الفضل الأكبر في بناء وإنشاء المعهد الأزهري بشارع الطيار فكري زاهر في مدينة التحرير بإمبابة وأيضاً المعهد الأزهري الابتدائي في بني عديات بأسيوط والذي أصر أهل القرية على تسميته باسم معهد الشيخ عبد المتعال الأزهري. كما ساهم في مجال بناء المساجد وعمارتها فقد شارك بدور كبير في إنشاء مسجد النور بمدينة التحرير بإمبابة وتطوير وتحسين بناء المسجد وعمارته وتوسعته و أفاض الله عليه فأكرمه وشرفه ببناء مسجد الرضوان بقريته في بني عديات بأسيوط.
وقد بدأت جهوده في مجال نشر الدعوة الإسلامية منذ حصوله على شهادة العالمية وكان ذلك من خلال إلقاء الخطب في المساجد ولم يكن يقتصر على مسجد واحد فقد كان له أربعة مساجد بالقاهرة كل مسجد يلقي فيه خطبة الجمعة وحين يكون في الشهر خمس جمع تكون الجمعة الخامسة في أحد المساجد خارج القاهرة.
وقد ساعدت خطبه ودروسه التي كان يلقيها على هداية الكثير من الشباب والشيوخ وتعريفهم بأمور دينهم وساهمت بقدر كبير في شرح المفاهيم الصحيحة للإسلام بعيداً عن التطرف والتمسك بصغائر الأمور وبعيداً عن المسائل الخلافية وكثيراً ما كان يستضيء بقول رسول الله " بشروا ولا تنفروا, يسروا ولا تعسروا" وقوله " إن هذا الدين يسر فأوغلوا فيه برفق ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه" وكان أساس منهجه في الدعوة قول الحق جل وعلا " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".

ومع أنك تجده سهلاً سمحاً في مجال الدعوة ألا أنك تجده في مجال العمل لا سهلاً ولا متسامحاً ولا تأخذه في الله لومة لائم فهو يضع نصب عينيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا ترضين أحداً بسخط الله" فلا مجال للقرابة ولا للوساطة في العمل وخاصة إذا كان هذا العمل يتعلق بكتاب الله فالقدرة علي العمل والكفاءة والنجاح هو الوسيلة لنيل الوظيفة والمثابرة على العمل و الإنتاج والإخلاص هو الوسيلة للترقي.
كما كان فضيلته رحمه الله مواظباً على أقامة مقرأة يومية للقرءان بعد صلاة الصبح وحتى شروق الشمس وقد تعلم فيها العديد من الشباب وشيوخ المنطقة, كما كان يقيم حضرة للذكر في كل خميس بعد صلاة العشاء في مسجد النور بإمبابة ما لم يكن مسافراً وكان يحضرها الكثير من أهالي الحي.
ثم اتسع مجال الدعوة فلم يقتصر على المساجد وإنما تعداها إلى وسائل الإعلام المسموعة والمرئية. ففي الإذاعة كان له حظ وافر في برنامج "من بيوت الله" و" المسابقات القرآنية" و "مسجد التلفزيون" و الأحاديث الدينية. كما شارك في عضوية هيئة التحكيم للمسابقة القرآنية التي تقام في ماليزيا سنوياً لفترة ثلاث سنوات.
كان رحمه الله عذب الصوت, يقرأ القرءان تسمعه غضاً طرياً سجله على شرائط برواية حفص عن عاصم ولكنه أوصى بعدم بيعها وعدم التربح منها وأجاز طبعها وإهداءها لمن يشاء ولكن بدون مقابل كما بدأ في تسجيل بعض الروايات الأخري ولكنه لم يتمها. وألف كتاباً بعنوان " كتاب الرياحين العطرة" شرح مختصر الفوائد المعتبرة في القراءات الشاذة للأربعة بعد العشرة.

وفاته :

الشيخ عبد المتعال منصور كان القرءان هو روحه التي عاش بها فكان يقرأه ليل نهار دون كلل وكانت له في الأسبوع ختمة من القرءان الكريم برواية من الروايات العشرين. وفي عام 1992, اصطفاه الله بالبلاء في الأشهر الأخيرة من عمره ولم يتوقف لسانه عن ترتيل القرءان الكريم في أشد المواقف ألماً بل أنك تعجب أنه في أواخر أيامه كثر دخوله في حالات الغيبوبة, تلك الحالة التي ينقطع فيها الاتصال بالعالم الخارجي وبكل من حوله, تجد أنه مازال يتلو القرءان... يصمت ثم تسمع آيات من سورة البقرة... يصمت ثم تسمع آيات من سورة ياسين ثم تسمع من الرحمن آيات وتسمع من الواقعة آيات... لا يدري شيئاُ عن كل أحبابه الذين بجواره ولكنه فقط يذكر آيات الله. وكثيراً ما كنت تسمعه يردد قوله تعالى من وسط الغيبوبة "فلنعم المجيبون" وكذلك قوله تعالى "وكل شيء عنده بمقدار"...
حقاً وصدقاً كل شيء عنده بمقدار
رحم الله مولانا فضيلة الشيخ عبد المتعال منصور عرفة
ورضي عنه وأرضاه وأسكنه فسيح جناته...


الساعة الآن 10:17 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى