![]() |
الباب الرابع
َأخطاء أولئك الذين يَستندونَ إلى الآيات القرآنية "لإثْبات" التطورِ إنّ عواملَ الإرشاد الأساسيةَ لأيّ مسلم يُؤمن باللهِ ويدين بدين الإسلام هي القرآنَ والسنة و هي تعاليم النبي، صلى الله عليه وسلم. يَحتوي القرآنُ على العديد مِنْ الآياتِ الخاصة بخَلْقِ الحياةِ و خَلْقِ الكونِ. إلا أنه لا شئ من هذه الآيات يعطي ولوحتىالإشارةَ الطفيفةَ إلى الخَلْقِ التطوريِ. http://www.harunyahya.com/arabic/boo...heopteryx2.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...heopteryx1.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...cheopteryx.jpg بمعنى آخر، فإن القرآن لا يَدْعمُ فكرةَ أن الفصائل أوالسلالات المختلفة قدِ تَطوّرتَ مِنْ بعضها البعض أَو بأنّ هناك رابطة أوعلاقة تطوّرية بينهم. بل على العكس، يَكْشفُ لنا القرآنَ بأنّ اللهِ قد خَلقَ هذا الكونَ بكل ما فيه من حيوات بشكل أعجوبي بأَمْره "َكنَ! ". وعندما نَتذكّرُ بأنّ الإكتشافاتِ العلميةِ تُبطلُ هي الأخرى عملية النمو و الارتقاء ، فنحن مرةً أخرى نَرى كَيفَ أن القرآنَ يسير بمحاذاة العِلْمَ دائماً. وبالطبع، فلو شاء اللهَ لَخْلقَ أيّ شئَ بواسطة التطورِ. إلا أنه ليس هناك أية إشارة إلى ذلك في القرآنِ، ولا توجدَ آية واحدة تَدْعمُ إدّعاءَ التطوريين بأن السلالات والأنواع قد نشاءت بالتطوّرَ التدريجيِ. فلو كان الخَلْق قد حَدثَ بهذه الطريقة، لكَناَ قد رأينا تفاصيلِه ضمن آيات القرآنِ. بالرغم من أنَّ كُلّ شيء على هذا القدر من الوضوح الشديد ،إلا أن بَعْض المسلمين ممن يؤيدون داروينِ يسيؤون فهم بَعْض الآياتِ و ينسبون إليها معان لاتتفق مع تلكَ المعاني الواضحة والجليةَ التي تدعو إليها حقا هذه الآياتِ . وبهدف الُدفاعَ عن نظرية التطورِ وتُزويّدهاُ ببَعْض الدلائلِ القرآنية المزيفة ، فإن معاني بَعْض الآياتِ قد شوّه، واعتمد على التخمين والتضليل في تفسيرمعاني بعض الآيات . وحول كون الناسِ في هذه الحالةِ الخطرةِ، يَقُولُ الله تعالى: "وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (سورة آل عمران ، الآية 78) أولئك الذين يَعْرفونَ القرآنَ و مازالوا يَحرفونَ معنى آياته الأصليِ ويسيؤونَ فهمها عن عمد إنما يرتِكبون بطلاناِ عظيما فيّ حق اللهِ.لا يجب على أي مسلمَ أومسلمة عمَلُ شيء كهذا عن طيب خاطر ، خشية من عواقب مثل تلك الفعلة. ومن ثم فإن كُلّ التعليقات المستندة إلى التخمينِ ، خصوصاً إن كانت صادرة عمن هم على دراية جيدة بالقرآنَ وما يَقُولهُ بصدد مثل هذه الأمورِ المهمةِ، غير مقبولة من الناحيتين الأدبية و الأخلاقيةً. بالطبع فإَنْ مثل هذا التعميمِ على كُلّ من يَدّعي بأنّ التطورِ متوافقُ مع الدينِ شىء غير صحيح ، وذلك لأن البعض مِنْهُمْ لا يُفكّر بشأن ما يعنيه مثل هذا الإدّعاءِ و لا يُدرك َ الأخطارَ الخفيةَ المترتبة عليه. إلا أنه، لا يَجِبُ على الناس أن يُضلّلوا بعضهم بعضا بالاستناد إلى ما يَقُولهُ القرآنِ و بالكَلام على لسانِ اللهِ بغيرالحق باستعمال آياته ُ لإثْبات النمو و الارتقاءِ . أولئك الذين يَفعلونَ ذلك يَجِبُ أَنْ يُعيدوا النظر في خطورةِ ما يَعْملونَ ويَتجنّبونَ مثل هذه التفسيراتِ أَو التعليقاتِ، وذلك لأن الله سَيُحمّلُهم مسؤوليةَ كلامِهم هذا. لَيسَ فقط مثل هؤلاء الناسِ يَخْدعونَ أنفسهم، ولَكنَّهم يَخْدعونَ أيضاً أولئك الذين يقَرأون كلامَهم هذا ، و يا لها من مسؤولية ثقيلة. وفي الأساس : فإن المسلمين الذين يُؤمنونَ بالتطورِ يَقْبلونَه كحقيقة علمية وهكذا فإنهم ينظرون إلى القرآن من منطلق حتمية تأكيدَه على صحة التطورَ. وهكذا يُحمّلونَ كُلّ كلمة قد تشتمل على تفسيرَ تطوّريَ ظاهري بما يستحيل أن تحَمله في حقيقة الأمر من معان. عندما يؤخذ القرآن في الاعتبار كوحدة واحدة لا تحتمل التجزئة ، أَو عندما تُقْرَأُ الآية موضع السّؤال بالإرتباط مع ما قَبلهاَ وماَ بَعدها، فسيَرى المرء أنّ التفسيراتَ المعَروضةْ خاطئة بل وعاجزةُ كذلك. |
في هذا الفصلِ، سَنأخذَ في الاعتبارُ تلك الآياتِ التي يقدمها المسلمون الذين يَقْبلونَ نظرية النمو و الارتقاء كدليل على صحتها.
ثمّ سَنَرْدُّ على إدّعاءاتهم، بالقرآنِ أيضا ، وسنُقارنُ تفسيراتهمِ بالتي للعلماءِ الإسلاميينِ البارزينِ. على أية حال، نحن يَجِبُ أَنْ ندرك الحقيقةِ الأساسيةِ التاليةِ: القرآن يجب أنْ يُقْرَأَ ويفسرَ بالشكلِ الذى أوحى به اللهِ ، وذلك بقلب مخلص تمام الإخلاص وبدون الُتأثّرَ بأيّ فكر أَو فلسفة غير إسلامية. والتفكر في معانيُ القرآنِ بهذا الإسلوبِ سَيَكْشفُ لنا أنّه لاْ يَحوي أي إشارات أو دلالات تخص الخَلْقِ بالتطورِ. بل على العكس، فسَنَرى أنّ اللهِ خَلقَ الكائنات الحيّةَ بل وغيرالحية كذلك وكُلّ شيء آخر بأمرإلهي واحدِِ "َكُن! " ولو وَجدتَ المخلوقاتِ الأنصاف آدميين و الأنصافِ قرود حقاً قبل النبي آدم، لبين الله لنا ذلك بأسلوب واضح وسلس الفهم. وانطلاقا من حقيقة كون القرآن ميسر للفهم و شديد الوضوح فإنه يمكن الجزم بأن ادعاءات النمو و اللارتقاء و الخَلْقِ التطوّريِ إنما هي ادعاءات كاذبة . http://www.harunyahya.com/arabic/boo...nstrksiyon.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...strksiyon2.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...strksiyon3.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...strksiyon1.jpg 1. عدم صحة كون الإنسان قد خُلِقَ من خلال المراحل التطوّريةEvolutionist scientists draw their strength from forgeries, distortions, and works of fantasy, and not, as some Muslims think, from scientific evidence. Reconstructions are an example of these distortions.Evolutionists shape features that leave no trace in the fossil record (e.g., the appearance of nose and lips, hair style, the shape of the eyebrows, and body hair) in order to support evolution. They portray these imaginary creatures as walking with their families, hunting, or engaged in some other aspect of daily life. Yet none of these creatures is supported by the existence of even one fossil. "مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا" ( سورة نوح، الآيات 14،13 ) أولئك الذين يَدْعمونَ الخَلْقَ التطوّريَ يُفسرون "أَطْوَارًا" وكأنها تعني المرور بمراحلِ خلق تطوّريةِ.على أية حال، فإن تفسير الكلمةِ العربيةِ "أَطْوَارًا" على أنها إشارة إلى مراحل خلق تطوّري، لا يتعدى كونه رأي شخصي، و لَمْ تُقْبَلُ بالإجماع مِن قِبل كُلّ علماء المسلمين. وكلمة "أَطْوَارًا" - حال - هي جمعُ "طور"، و لا تَظْهرُ في هذه الصيغة في أية آية قرآنية أخرى. تفسيرات العالمِ الإسلاميِ لهذه الآية تُبيّنُ هذه الحقيقةً. يفسر الإمام الطبري هذه الآية فيقول :" وقد خلقكم حالاً بعد حال, طورا نُطْفة, وطورا عَلَقة, وطورا مضغة " 44 يفسر Omar Nasuhi Bilmen الآية نفسها فيقول:" لقد خلقكم الله على مراحل مُخْتَلِفةِ. فلقد كنتم في بادىء الأمر نطفة ، ثم صرتم علقة ، ثم أصبحتم بعد ذلك مضغة، ثمّ بعد ذلك أنشأكم الله بشرا . ألَيستْ كُلّ هذه الحوادثِ والتغييراتِ المتجانسة والنموذجيةِ ببراهين شديدة الوضوح على قوَّة، وعظمة الله الخالق ؟ لم لا تتفكرون في خلقكم أنتم ?" 45 كما نَرى هنا، يُتفقُ علماء القرآن المسلمَون على أن تفسير الآية 14 من سورة نوح يشيرُ إلى عمليةِ تطورِ الإنسانِ بدءا مِنْ اتحاد المني مع البويضة. و انطلاقا مِنْ مبدأِ " تفسير القرآن بالقرآن " فلقد فسرعلماء القرآن المسلمَون هذه الآية أعلاه كماسبق ذكره لأن اللهِ يفسرلنا من خلال آياتِ أخرىِ تُوضّحُ لنا أن مراحلَ الخَلْقِ المشار إليها هي التي تكون داخل رحمِ الأمَّ. و لِهذا فإن كلمة " أَطْوَارًا " يَجِبُ أَنْ تُفسرمن هذا المنطلق. لاْ مُبرّرْ لإسْتِعْمال الكلمةِ كتدعيم لنظريةِ التطورِ، و التي تُحاولُ رَبْط أصولِ الإنسان بسلالات وأنواع أخرىِ من الكائنات الحيّةِ. |
. عدم صحة احتواء القرآن على إشارات دالة على العمليةِ التطوّريةِ "هَلْ أَتَى عَلَى الإنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا" (سورة الإنسان ، الآية 1). يَستعملُ نفس الناسِ هذه الآيةِ أيضاً كدليل على التطورِ. ففي التفسيرات المستندة للأهواء الشخصيِة، فإن التعبير " لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا" يفسر على أنه " حالات سابقة مرَبها الإنسان قبل أن يصيرإنسانا على صورته الحالية " إلا أن هذا الإدّعاءِ بعيد كل البعد عن الحقيقةِ كغيره من الادعاءات الباطلة الأخرى. مُحَاوَلَة إستعمال هذا التعبيرِ كدليل للتطورِ يعتبر إجبارا للتفسير للسير في اتجاه معين . و في الحقيقة، فإن علماء القرآن لا يُفسرونَ هذه الآية على أنها إشارة إلى عملية تطوّرية. lam yakun : he was not shay'an : a thing madhkuran : mentioned على سبيل المثال، يعلق Hamdi Yazirعلى هذه الآية التعليقات التالية: " في البِداية كَانتْ العناصرَ والمعادنَ، ثمّ بعد ذلك خلقت منها على مراحل عناصر الغذاء النباتية والحيوانية - "سُلالَةٍ مِّن طِينٍ " ( سورة المؤمنون ، الآية 12 ). ثمّ بعد ذلك ، بدأ شيءَ ما تدريجياً وببطء شديد في الانبثاق من الحيوان المنوي الذي قد رُشّحَ من هذه السلالة التي هي من طين السابق ذكرها . إلا أن ذلك الشىء لم يكن هو المخلوق المسمى إنسان . وكما أن الجنس البشري لا أبديّ ، فكذلك مادته ؛ والتي انبثقت لاحقاً. فلقد وجد الإنسان في هذا الكون بعد فترة طويلة من بداية الخليقة وخلق الله لهذا الكونِ"يُوضّحُ Omar Nasuhi Bilmen الآية بهذه الطريقة: " تُعلنُ هذه الآيات أنّ اللهِ قد خَلقَ الإنسان من قطرة ماءِ ليرى ويسَمْع في الوقت الذي لم يكن فيه هذا الإنسان شيئا ، وبأنّه - أي الله سبحانه وتعالى - قد وَضعَ هذا المخلوق - الإنسان - تحت الاختبار. … فالجنس البشري لَمْ يكن موجودا في البِداية ، إلا أنه قد خُلِقَ لاحقاً من سلالة من طين كجسد ذي شكل . ذاك المخلوق - الإنسان - لَمْ يكن معْروفا آنذاك ، فاسمه وسبب خلقه كَانا لغزا بالنسبة لسكنةِ الأرض والسماواتِ . ثمّ بعد ذلك ذكر هذا الإنسان بأَن له روح " يُوضّحُ الإمامُ الطبري معنى الآية فيقول :" ومعنى قوله: لَمْ يَكُنْ شَيْئا مَذْكُورا: لم يكن شيئا له نباهة ولا رفعة, ولا شرف, إنما كان طينا لازبا وحمأ مسنونا." لهذا السبب، فإن تفسيرالتعبيرِ عن الوقتِ في هذه الآيةِ كفترة تطوّرية يعتبر رؤية شخصيةُ بحتة. عدم صحة كون الخَلْقِ من الماءِ يُشيرُ إلى الخَلْقِ التطوّري " إِنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا " (سورة الإنسان ،الآية 2) أولئك الذين يُدافعونَ عن محاولةِ الخَلْقِ التطوّريِ يحاولون استخدام حقيقة كون الإنسان قد خلق من الماءِ - وهي حقيقة تخبرنا بها العديد من الآيات - كدليلَ على أن كُلّ الكائنات الحيّة انبثقت و نشأت من الماءِ هي الأخرى. على أية حال، فإن مثل هذه الآياتِ يفسر دائماً مِن قِبل العلماءِ والمفسرين على أنه إشارة إلى الخَلْقِ الناتج عن التحام المني والبويضة.على سبيل المثال، يُعلّقُ Mohamed Hamdi Yazir على الآية أعلاهِ كالتّالي:" … خُلِقَ الإنسان مِنْ نطفة من ماءِ. والنطفة هي الماءُ الخالص . والنطفة هي أيضاً السائل المنوي . ومن المتعارف عليه أن النطفة والسائل المنوي لَهُما نفس المعنى. إلا أنه في نهايةِ سورة القيامة يَقُولُ الله سبحانه وتعالى" أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى " ( سورة القيامة ، الآية 37) ، وفي هذا إشارة إلى أنّ النطفة جزء من المني . وكما هو مذكور في صحيح مسلمِ، أن الأطفال لا يَجيئونَ مِنْ السائلِ كله. والحديث ، كونه يَتكلّمُ عن كُلّ جزء صَغير من الكلِ ، لا يَقُولُ، " أجزاء السائل كلها " ولكن يتكلم عن أحد أجزاء " السائل كله " وأن الطفل لا يَجيءُ مِنْ السائلِ كله ، ولكن مِنْ جزء واحد فقط منه. فالنطفة ما هي إلا إحدى أجزاء المني الخالصة" و يُفسرها إبن الطبري بقوله:" إنا خلقنا ذرّية آدم من نطفة, يعني: من ماء الرجل وماء المرأة" أما Omar Nasuhi Bilmen فيوضّحُها بالإسلوبِ التالي:" … ( إِنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ...) أي شكّلنَاه من خليط سائلي الذكرِ والأنثى . نعم … فإن البشر كَانوا - لفترة زمنية معينة - نطفة ، أي ماء صاف شديد النقاء ، وبعد ذلك - ولفترة زمنية معينة كذلك - علقة ، أي كتلة متجلطة من الدمِّ ، وبعد ذلك مضغة، أي كتلة من اللحمِ . ثم بعد ذلك ، كونت العظام وكسيت لحما ، ثم إذا بها تنبض بالحياة " ,كما رَأينَا مِنْ هذه التفسيراتِ، فإنه ليس هناك علاقة بين خَلْقِ الإنسان مِنْ " نطَفة أمشاج " وبين إدّعاءِ نظرية النمو و الارتقاء بأن الإنسانِ قد نشأ تدريجياً على مراحل مِنْ خلية وحيدة تطوّرتْ بِمحض الصُّدفَة في الماءِ. وكما ذَكر كُلّ علماء القرآن الأجلاء ، فإن هذه الآية إنما تلفت إنتباهِنا إلى حقيقةِ الخَلْقِ داخل رحمِ الأمَّ. عندما نتَفْحصُ آية أخرى تناقش مراحلَ الخَلْقِ الإنسانيِ ، يظهر لنا الخطأ الأساسي في هذه التعليقاتِ بوضوح ، يقول الله جل وعلا : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِي" ( سورة الحج ، الآية 5) وتصف لنا هذه الآية مراحل خَلْقِ الإنسان. التُرَابٍ، أولى هذه المراحل وهوعبارة عن خليط من المواد العضوية وغير العضوية، والتي توَجِدُ في صورِها الأولّيةِ فوق سطح الأرضِ وفي باطنها ، هو المادة الخامُ التي تَتضمّنُ المعادنَ والعناصرَ الأساسيةَ في الجسمِ الإنسانيِ. المرحلةَ الثانيةَ هي تجمع هذه الموادِ في السائلِ المنويِ، والذي يصُفُه القرآنِ بلفظ " نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ". وتَحتوي هذه النطِفة على الحيوان المنَوي الذي يَمتلكُ الخصائص الجينية الوراثيةَ والهيكل التنظيمي الضروري لتَخْصيب البويضة داخل رحمِ الأمَّ. باختصار، فإن المادة الخام للإنسان هي(تُرَابٍ) الأرض، والذي يجمعُ خلاصته في نطفة من مني يمنى بالطريقة التي تؤدي إلى تكوين الإنسان بأمر الله . ويعقب مرحلةِ الماءَ , مراحل تطور الإنسانِ داخل رحمِ الأمَّ . وتلك المراحل يصُفها القرآنِ. نظرية النمو والاِرتقاء ، من الناحية الأخرى، تَفترضُ وجودَ ملايينِ المراحلِ الانتقالية الافتراضيةِ (الخلية الأولى، مخلوقاتَ أحادية الخلية، مخلوقات متعددة الخلية، لا فقريات، فقريّات، زواحف، ثدييات، قرود، ومراحل مماثلة لا تعد ولاتحصى ) بين نشأة الحياةِ من الماءِ إلى تكون الإنسانِ كهيئته الحالية. على أية حال ، فإنه من الواضح أن التسلسلِ الذي تعرضه الآية ِ ليس فيه مثل هذا المنطقِ أَو الوصفِ، فالإنسان يصير علقة بعد أن كان قطرة ماءِ. لهذا السبب، فإنه من الواضح أنّ الآية لا تَصِفُ المراحلَ التطوّريةَ المختلفةَ التي مَرّ بها الإنسان مِن قِبل أن يصير إنسانا ، بل بالأحرى ، فإنها تَصِفُ مراحلَ الخَلْقِ مِنْ قبل ذلك وداخل رحمِ الأمَّ و حتى الشيخوخةَ. و كذلك الآيات الأخرى التي تُصرّحُ بأنّ البشرِ والكائنات الحيّةِ الأخرى خُلِقا مِنْ الماءِ لا تَحتوي على أي معنى يُمْكِنُ أَنْ يُستَعملُ لدَعْم النمووالارتقاء. الآيات التاليةَ من بين تلك التي تَحتوي على مثل هذه البياناتِ: "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ" (سورة الأنبياء ، الآية 30 ) "وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ( سورة النور، الآية 45 ) "وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنثَى * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى" ( سورة النجم ، الآية 45-47)min: from nutfatin: nutfah, sperm-drop idha: when... tumna: be spurted forth "أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى " ( سورة القيامة ، الآية 37 )nutfatan: nutfah, a drop of water min: from maniyin: sperm yumna: being ejaculated "فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ" ( سورة الطارق، الآية 5-7 )khuliqa: was created min: from ma'in: water dafiqin: suddenly erupting, spurting, being caused to flow البعض من مفسري القرآن يَعتقدونَ بأنّ " ..وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ.. " تحتوي على معنى يَوازي نظريةَ التطورِ.على أية حال، فإن وجهةِ النظر هذه متصدعة تماما. تَكْشفُ الآياتَ أنّ الماءِ هي المادة الخامُ للكائنات الحية بالقول بأنّ كُلّ الكائنات الحيّة خُلِقتْ من الماء. في الحقيقة، فلقد كَشفَ عِلْمَ الأحياء الحديثَ عن أنّ الماءِ هو المكوّنُ الأساسي لكُلّ الأجسام الحيّة، فجسمِ الإنسان 70 بالمائة منه تقريباً ماءُ ؛ فالماءُ يَسْمحُ بالحركةِ داخل الخليةِ ، و بين الخلايا ، وبين الأنسجةِ فبدونه ، لَنْ تكون هناك حياة. |
عدم صحة كون الخَلْقِ من التُرَابٍ ثم من الماءِ يُشيرُ إلى الخَلْقِ التطوّريِ "قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا" (سورة الكهف ، الآية 37)
يعلق الإمامِ الطبري على هذه الآية كالتّالي :" يقول تعالـى ذكره: قال لصاحب الـجنتـين صاحبه الذي هو أقلّ منه مالاً وولدا, وَهُوَ يُحاوِرُهُ: يقول: وهو يخاطبه ويكلـمه: أكَفَرْتَ بـالّذِي خَـلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ يعنـي خـلق أبـاك آدم من تراب ثُمّ مِنْ نُطْفَةٍ يقول: ثم أنشأك من نطفة الرجل والـمرأة, ثم سوّاك رَجُلاً يقول: ثم عَد لك بشرا سويا رجلاً, ذكرا لا أنثى, يقول: أكفرت بـمن فعل بك هذا أن يعيدك خـلقا جديدا بعد ما تصير رفـاتا "52 ويعلق Omar Nasuhi Bilmen على نفس الآية قائلا : " أتكفرُ بالله العظيمَ الذي خَلقَ النبي آدم ، أصل سلالتك وسببِ خَلْقِكَ ، (مِنْ التراب) ، والذي بعد ذلك خَلقَك و- شكّلك كإنسان بعد أن خَلْقك - مِنْ نطفة ومن قطرة حيوان منوي ، مَنْ الذي أتى بك إلى الوجود وجعلك إنسانا كاملا كنتيجة لمراحلِ مختلفةِ مِنْ الحياةِ ؟ لأن إنْكار الدار الآخرة إنما يعني إنكار وجود الله العظيمَ، الذي يخبركَ بما سَيحْدثُ والذي هو قادر على أن يجعل ما يخبرك به حادثا بالفعل"53 كما يُشير هؤلاء المفسرون، فإن إستعمال مثل هذه الآيات كدليل على الخَلْقِ التطوّريِ إنما هو اجتهاد شخصي بحت ليس إلا، حيث أنها من المستحيل أن تحتوي هذه الآيات على تلك المعاني التي يَنْسبها إليها النشؤيون. إن التعبيرَ " خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ " إِنما يَصِفُ خَلْقَ النبي آدم، والخَلْق مِنْ الماءِ يُشيرُ إلى تطورِ الإنسان ، بَدْءا بالمنيِ. في الآية التالية أدناه نجد ُالإشارة المباشرة إلى أن اللهِ قد خَلقَ الإنسان مِنْ الطينِ المُجَفَّفِ. وهذه الآية، التي تَصِفُ خَلْقَ النبي آدم، لا تَتكلّمُ عن المرحلية ، حيث يقول الله تعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ " ( سورة الحجر ، الآية 28 - 29 ) وإذا قرىء التفسيرِ القرآني لمراحلِ الخَلْقِ بعناية، مع الأْخذُ في الاعتبار العملياتَ المتتاليةَ، سَيُدركُ فوراً عدم صحة مثل هذه النظرة التطوّريةِ .يَحتوي القرآنُ على العديد مِنْ الآيات التي تُشيرُ إلى أنّ النبي آدم، عليه السلام، لَمْ يخْلَقُ على مراحلِ تطوّريةِ ، يقول الله تعالى : "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ " (سورة آل عمران ، الآية 59) تنصُ الآيةَ أعلاهَ على أنّ اللهِ قد خَلقَ النبيين آدم وعيسى، عليهما السلام ، بالطّريقة نفسها. كما أكدنَا في وقت سابق، فإن النبي آدم خُلِقَ مِنْ الأرضِ، دون أب أو أم ، بأمر اللهِ " كن! "وكذلك نبي الله المسيح عِيسَى بن مريم أيضاً خُلِقَ بدون أبِّ، بإرادةِ اللهِ التي أبداها منَ خلال أمره " كن! " وبواسطة هذ الأمر، أصبحَت السيدة مريم ، عليها السلام، حاملاً في نبي الله المسيح عِيسَى بن مريم ، يقول الله في كتابه العزيز : "فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا " ( سورة مريم ، الآية 17 - 21 ) في الآيات الأخرى التي تُشيرُ إلى الخَلْقِ مِنْ الماءِ والتراب ، فإن التي توصف لَيسَت مراحلَ الإنسان التطوّريةِ ، وإنما التي تصفها هذه الآيات هي مراحلَ الخَلْقِ الإنسانيِ قبل الرحمِ، و أثنائه ، وبعد الولادةِ."يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ" ( سورة الحج ، الآية 5 ) "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" ( سورة غافر ، الآية 67 ) "مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى " ( سورة النجم ، الآية 46 ) |
عدم صحة كون الإنسان قد خلق على فترات زمنية متباعدةِ " إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ " ( سورة ص ، الآية 71 )
خطأ آخر في الخَلْقِ التطوّريِ يَنْجمُ عن التفسيرِ الخاطىءِ للآية أعلاهِ. يَدّعي النشؤيون بأنّ العبارةَ المُؤَكَّدةَ أعلاهِ تُشيرُ إلى أن الله قد خَلقً الإنسان بَبطءَ على مراحل بمرور الوقت. على أية حال، فإن نص الآية المبين أعلاه – دون أن يترجم - يجعله من الواضح تماما بأنّ وجهة النظرالسابقة لا تتعدى كونها وجهة نظر شخصية و متناقضة كليَّاً. وآية " إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ " إنما المقصود منها - تفسيرها - قصر الخلق على الله وحده لا شريك له ، فهو الذي خلق البشر من طين. فالآية لا تشير إلى أى فعل خلق مستقبلي مثل "سوف أَخْلقُ" . في الحقيقة، فإن نص الآيات لايقتصر على ذلك فقط ، إنما يقول الله بعد ذلك في الآية التي تليها مباشرة، http://www.harunyahya.com/arabic/boo...anliyor48d.jpg The Originator of the heavens and earth. When He decides on something, He just says to it, " Be" and it is. (Qur'an, 2:117) ومنها يتضحُ أنْ هذا الفعلِ يَحْدثَ لحظيا أي في توه ولحظته. وبالفعل فإنه لا يوجد عالم قرآني يُفسر معنى الآية على أنها "سوف أَخْلقُ" . على سبيل المثال، يعلق Suleyman Ates - وهوعالم تركي مسلم - على هذه الآية فيقول: " إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ "أخبرَ اللهُ الملائكةَ بأنه سيَخْلقُ إنسانا من الطينِ الفاسدِ. بعد إعْطاء الشكلِ الإنسانيِ الطينيِ والنفخ فيه من روحه ، ثم أمر الملائكةَ أن يسجدوا له. ولقد سجدوا له جميعاً إلا إبليس أبى أن يسجد لآدم ِ، قائلا بأنّه كونه قد خُلِقَ مِنْ نارِ أفضل مِنْ الإنسان الذي خلق مِنْ طينِ. يُفسر الإمامُ الطبري نفس الآية بقوله :" وقوله: إذْ قالَ رَبّكَ من صلة قوله: إذْ يَخْتَصِمُونَ, وتأويـل الكلام: ما كان لـي من علـم بـالـملأ الأعلـى إذ يختصمون حين قال ربك يا مـحمد للْـمَلائِكَةِ إنّـي خالِقٌ بَشَرا مِنْ طِينٍ يعنـي بذلك خـلق آدم. وقوله: فإذَا سَوّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِـيهِ مِنْ رُوحي يقول تعالـى ذكره: فإذا سوّيت خـلقه, وعَدّلْت صورته, ونفخت فـيه من روحي, قـيـل: عنى بذلك: ونفخت فـيه من قُدرتـي. ذكر من قال ذلك: حُدثت عن الـمسيب بن شريك, عن أبـي روق, عن الضحاك وَنَفَخْتُ فِـيهِ مِنْ رُوحي قال: من قدرتـي. فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ يقول: فـاسجدوا له وخِرّوا له سُجّدا. "54 أولئك الذين يُدافعونَ عن الخَلْقِ التطوّريِ يَستشهدُون بالآية التاليِة أيضاً لدَعْم الفرض بأن الإنسانِ قد خُلِقَ من خلال المرور بمراحل عملية معينة: "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ " ( سورة السجدة ، الآية 4) طبقاً لتفسيراتِ مثل هؤلاء الناسِ، يُشيرُ التعبيرُ المُؤَكَّد إلى عملية معينة، و في هذه الحالةِ عمليةَ تطوّريةَ. إلا أِنَّها في حقيقة الأمرلا تُشيرُ إلى أي شيء من هذا القبيل مطلقاً. كما قد أكدنا من قبل من خلال هذا الكتابِ ، فإن عدد كبير من الآياتِ تَصِفُ بالتفصيل خَلْق اللهِ مِنْ عدمِ، ولا يمكن أن تُفسر أي منها على كونها إشارة لعمليةَ تطوّريةَ. تُشدّدُ الآياتَ التاليةَ بأنّ اللهِ في حالةٍ ثابتة مِنْ الخَلْقِ. "أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أءِ لَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" ( سورة النمل ، الآية 64 ) "أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ" ( سورة العنكبوت ، الآية 19 ) "اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ( سورة الروم ، الآية 11 )خَلْق اللهِ المستمرلأدق التفاصيل في هذا الكونِ لا يَدْلُّ على التطورِ. مثله كمثل غيره من التفاسير ، فإن هذا التفسير يعتبر تحامل على المعنى المرجو إيصاله. علاوة على ذلك، فعندما يؤخذ القرآن كوحدة واحدة ، فإن مثل هذا الزعمِ يتبيّن بأنه لا أساس له من الصحة. يفسرُ Omar Nasuhi Bilmen الآية كالتالي :" … خَلقَ النبي آدم مِنْ الأرضِ ، من التراب"55 ويقول الإمام الطبري:" يقول تعالـى ذكره: الله تعالـى يبدأ إنشاء جميع الـخـلق منفردا بإنشائه من غير شريك ولا ظهير, فـيحدثه من غير شيء, بل بقدرته عزّ وجل, ثم يعيد خـلقا جديدا بعد إفنائه وإعدامه, كما بدأه خـلقا سويا, ولـم يك شيئا ثُمّ إلَـيْهِ تُرْجَعُونَ يقول: ثم إلـيه من بعد إعادتهم خـلقا جديدا يردّون, فـيحشرون لفصل القضاء بـينهم و لِـيَجْزِيَ الّذِينَ أسَاءُوا بِـمَا عَمِلُوا, وَيَجْزِيَ الّذِينَ أحْسَنُوا بـالـحُسْنَى."56 يَستشهدُ النشؤويون المسلمون بالآياتِ التالية لتدَعْيم موقفهم: " يَا أَيُّهَا الإنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ " ( سورة الإنفطار ، الآية 6-8 ) وإذا ما فسرت هذه الآية على أنها إشارة لمراحل الخلق التطوري ، فسيصير هذا التفسير أيضا مثله كمثل غيره من التفاسير ، تحاملا على المعنى المرجو إيصاله ، و يُفسر Hamdi Yazirالآية كالتّالي :" طبقاً لتفسير المقاتل ، فإن التعبير الإلهي "بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ " والمذكور في سورة القيامة في الآية 4 مَعْناه بأنّ الجسمَ مُتَناسَبُ بشكل جيدُ وبِنظام، تماما كدقة مُطابقة وتفاصيل الأعضاء التوأميةِ (ومثال على ذلك: العينان، الأذنان، اليدان، والقدمان) والمعروفة مِنْ عِلْمِ التشريح"57 طبقاً Abu Ali Farisi ، فإن التعبير "فَعَدَلَكَ" يَعْني في الحقيقة :" "شكّلَك في الشكلِ الأكثر جمالاً ، وبهذا القدر من التناسب أعطاك القدرة على التفكر والاستدلال ، و وأعطاَك السيادةَ على النباتاتِ ومختلف الكائنات الحيّةِ الأخرى . ولقد فضلك على سائر مخلوقات هذا العالم ِبأن جعلك أكثر نضجا. وهذا يتفق مع الآيات التالية "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ " ( سورة الحجر، الآية 29) و"وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " (سورة الإسراء ، الآية 70). كُلّ هذا ما هو إلا رحمة من الله وفضل"58 يفسر Omar Nasuhi Bilmen الآية :" نعم ، إلهك ( الَّذِي خَلَقَكَ ) الذي أعطاَك الهيئة مِنْ العدمِ ( فَسَوَّاكَ ) ، وأعطاَك أعضاء صحيحةَ ومثاليةَ ( فَعَدَلَكَ ) . لقد قسّمَ أعضائكَ ، بشكل جمالي يسر الناظرين وبترتيب طبيعي "59 يَذْكرُ الإمامُ الطبري أن الآية 7 من سورة الإنفطار تشيرُإلى أَنْ الله قد خلَقَ الإنسان بترتيب معين :" يقول: الذي خلقك أيها الإنسان فسوّى خلقك فَعَدَلكَ...... وأمالك إلى أيّ صورة شاء, إما إلى صورة حسنة, وإما إلى صورة قبيحة"60 وكما هو ظاهر مِنْ التفسيرات أعلاهِ، فالبيانات والدلالات واضحة تماماً؛ فهي تُشير إلى خلق اللهِ الصحيحِ ، المنظم ، الكاملِ للإنسان الأولِ . وبالفعل ، فإنه تُوْجَدَ في العديد مِنْ الآياتِ الأخرى بيانات أخرى مماثلة. فعلى سبيل المثال، في سورة السجدة ، الآيات 7-9 "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ" وكلمةَ "خَلْق" قد إستعملت أولاً في هذه الآياتِ، ثمّ تلاها القَول بخَلقَ العيونَ، والآذان، والقلوب. وهكذا، فإنما يخبَرُنا الله بأنّ كُلّ هذه المراحلِ حَدثتْ في نفس الوقت؛ بمعنى آخر، بأنّ عيون الإنسان الأولِ ،و آذانه، وقلبه قد خُلِقتْ سوية، وفي لحظةِ واحدة. وإنه لخطأ كبير أن تفسرهذه الآياتِ بأنها إشارة إلى نمووارتقاء الإنسان. في الحقيقة، فإن العلماءَ الإسلاميينَ الأجلاءَ كُلهمّ يتفقُون حول تفسيرِ هذه الآية. على سبيل المثال، الإمام الطبري يَقُولُ :" ثم سوّى الإنسان الذي بدأ خـلقه من طين خـلقا سويا معتدلاً, ونَفَخَ فِـيهِ مِنْ رُوحِهِ فصار حيا ناطقا وَجَعَلَ لَكُمُ السّمْعَ والأبْصَارَ والأفْئِدَةَ, قَلِـيلاً ما تشْكُرُونَ يقول: وأنعم علـيكم أيها الناس ربكم بأن أعطاكم السمع تسمعون به الأصوات, والأبصار تبصرون بها الأشخاص والأفئدة, تعقلون بها الـخير من السوء, لتشكروه علـى ما وهب لكم من ذلك"61 ويقول Omar Nasuhi Bilmen :" أَمرَ الله الإنسان الذي بَدأَ يتشكل ، وأكملَ جسده و هو ما زالَ في رحمِ أمِّه، وشكّلَه بالأسلوبِ الملائمِ في أحسن تقويم (وبعد ذلك نفخ فيه من روحه). أي أن الله ، أعطاَه الحياةَ وألهمَه القدرةَ الحيويةَ في روحِه … الله منحك مثل هذه القدرات المفيدةِ (السمع) والتي بفضلها يمكنك أن تَسْمعْ الكلمات التي تقال إليك ، وخَلق عينَيكِ وقلبَكِ والتي بها يمكن أن تَرى ما حولك وتُميّزُ بين ما هو مفيدُ وما هو دون ذلك. وكُلّ هذه ، إنما هي نعم إلهية عظيمة "62 |
. عدم صحة عدم كون آدم عليه السلام أول البشرية
إدّعاء آخر يقدّمَه أنصارالخَلْقَ التطوّريَ ينص على أنّ النبي آدم، عليه السلام، من المُمكنُ أَلاْ يَكُونَ هو أولَ إنسان خَلْقَه الله بل وربما لم يكن إنسانا من الأساس. (ونحن نُبرّئُ النبي آدم، عليه السلام من هذا الادعاء). وتقدم الآية التاليةَ كدليل على هذا: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ" (سورة البقرة ، الآية 30) أولئك الذين يَدْعمونَ هذا الإدّعاءِ يقولون أن الفعلِ " جعل " في التعبيرِ " جاعل في الأرض خليفة " يَعْني" التَعيين". بمعنى آخر، يَقترحونَ بأنّ النبي آدم ما كَانَ أولَ من خلق الله من بني البشر ، بل بأنّه قد "عُيّنَ" خليفة لله على عدد مِنْ الناسِ. على أية حال، فإن هذا الفعلِ في القرآنِ لَهُ المعاني التاليةُ: يخَلْق، يَخترعُ، يُترجمُ، يصنع، يضع في مكان ما و كذلك أن يُعيد. بَعْض أمثلةِ آيات القرآن التي استعمل فيها الفعلِ " جعل " : "خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الأْنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لاَ إِلَهَ إلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ" ( سورة الزمر ، الآية 6 ) "قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَْبْصَارَ وَالأَْفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ" ( سورة الملك ، الآية 23 )"وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا " ( سورة نوح ، الآية 16) "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَْرْضَ بِسَاطًا " ( سورة نوح ، الآية 19)كما يمكن رؤيته مِنْ الآيات أعلاهِ , فإن للفعلِ " جعل " معان مُخْتَلِفةُ. علاوة على ذلك، فالعِديد من الآيات تُصرّحُ بأنّ النبي آدم، عليه السلام، خُلِقَ مِنْ ترابِ. هذه الآيات تُوضحُ بأنّ النبي آدم، عليه السلام، ما كَانَ مجرد رجلا عاديا من ضمن باقي الرجال ، بل كان ذا خَلْق خاصّ ومختلف. يَكْشفُ لنا القرآنُ حقيقةَ أخرىغاية في الأهميةَ بخصوص النبي آدم و هي هبوطه مِنْ جنّة عدنِ. تقُولُ الآيات: "يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُون" ( سورة الأعراف ، الآية 27) "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ" ( سورة البقرة ، الآية 35-36) إنّ بياناتَ الآيات واضحة جداً. خَلقَ اللهُ النبي آدم، عليه السلام، مِنْ الترابِ. وأن النبي آدم ذو خَلْق خاصّ ظَهرَ بداية مِنْ خلال تواجدِه في الجنة وبعد ذلك مِنْ بعد هبوطه منها. و بالرغم من كل تلك الدلالات الواضحة فإن النشؤيين المسلمين يتغاضون عنها تماما ويَزْعمُون بأنّ "الجنة" المشارإليها هنا ليست جنة الآخرة وإنما هي إشارة إلى منطقة جميلة على الأرضِ، على الرغم مِنْ حقيقة كون القرآنِ قد حدَد العديد مِنْ صفات ومميزّاتِ جنة النبي آدم التي خُلِقَ فيها. فعلى سبيل المثال، تلك الجنة تَحتوي على كل من الملائكة والشياطين، وتَتكلّمُ الملائكةَ مع اللهِ. وإنه من الخطأ إصدار تفسيراتِ ملتوية لإجبار العامة على الفهم الخاطىء للآيات ومحاولة البحث عن دلائل مؤيدة للنمو و الارتقاء على الرغم من الوضوح التام لمعنى الآيات التي توضح هذه المسألةِ. تُصرّحُ العديد مِنْ الآيات بأنّ كُلّ الناس ينْحَدر نسلهم مِنْ النبي آدم، عليه السلام. بينما القرآن يُخبرُنا: "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ" ( سورة الأعراف ، الآية 172- 173) فآدم، عليه السلام، كَانَ أولَ من خلق الله من البشر و كذلك أول الرسل التي بعثها اللهِ للبشرية . إنّ الآيات واضحة تماما في هذه المسألةِ مما لا يجعل هناك حاجة لأيّ تعليق. وكُلّ ما يجب على الناسِ فعله هو قرَأة القرآنَ بقلب مخلص واتباع ما تمليه عليهم ضمائرِهم. و سَيَكْشفُ الله الحقيقةَ إلى الذين يقَرأون الآيات بتلك النيةِ. |
عدم صحة كون تعبير "آبَائِكُمُ الأْوَّلِينَ " المذَكورَ في القرآنِ يُشيرُ إلي أسلاف تطوّريين مسألة أخرى يُحاول التطوريون المسلمون تَصويرها على أنها دليل علىصحة إدّعاءاتِهم و هي تعبيرُ " آبَائِكُمُ الأَْوَّلِينَ "، الذي يَظْهرُ في عِدّة آيات.
طبقاً لتفسيرِهم الخاطئِ، يشيرُ هذا التعبيرِ مباشرة إلى أسلافِ الإنسانِ البدائيِ. حجتهم الجوهرية بصدد هذا الادعاء هي ورود تعبير " آبَائِكُمُ الأَْوَّلِينَ " في القرآنِ في صيغة الجمعِ . إثنان مِنْ الآيات موضع السّؤال تنصان على الآتي: "قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَْوَّلِينَ " (سورة الشعراء ، الآية 26) "لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأْوَّلِينَ " (سورة الدخان ، الآية 8) على أية حال، فهذا إدّعاء جائرلأن إستعمالَ الكلمةِ بصيغة الجمعِ شىء مألوف وبالتأكيد لا يُمْكن أنْ يُستَعملَ كقاعدة للتفسيرِ التطوري. يظهر هذا التعبيرِ في العديد مِنْ الآيات الأخرى، من بينها الآية 133 من سورة البقرة. هنا، تعبير " آبَائِكُمُ الأَْوَّلِينَ " لا يُشير إلى أيّ عملية تطوّرية، بل إلى الأجيالِ السَابِقةِ. بالطّريقة نفسها، التعبير " آبَائِكُمُ الأَْوَّلِينَ " في صيغة الماضي ، يُشيرُ إلى الأجيالِ الماضيةِ. فالتعبير لاَ يَحْتملَ أي معنى تطوّريِ: "أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون" ( سورة البقرة ، الآية 133) 8. الخطأ الخاص بشكل الخَلْقِ الإنسانيِ"وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا " (سورة نوح ، الآية 17-18) يعتبرُ التطوريون المسلمون هذه الآيةِ أساسا حيويا يُمْكِنُ الاستناد إليه لدعم وجههَ نظرهم. والتعبير "وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا "يُقَدَّمُ كدليل للتطورِ من المواد اللاعضويِة. على أية حال وكما هو مُشار إليه بشكل واضح في تفسيرِ الآية ، فهذه الآية إنما تظهرُ أن نشأة الإنسان الأولَى كانت مِنْ الأرضِ. يقدم Hamdi Yazir نفس التفسيرِ: "لتفسير هذه الآية احتمالان . الأول هو أن هذه الآية إشارة إلى أن الله قد خلق آدم من الأرض ثم أتبع ذلك تكاثر الجنس البشري بالشكل الذي نعرفه. والثاني ، هو أن الله قد خلق الجنس البشري جميعه مِنْ الأرضِ ، و ذلك لأن اللهَ يَخْلقُنا مِنْ خلال عملية الإنباتِ ، ومِنْ النباتاتِ ، ومِنْ الأرضِ"63 يفسرOmar Nasuhi Bilmen سورة نوح ، الآيات 17و18: "يأيها الناس ! فليكن في الاعتبار أن الله قد أخرجكم مِنْ الأرضِ كالنبات . بمعنى آخر ، "خَلقَ الله آدم ، أبا البشر، مِنْ الأرضِ ، أَو أن أصل الإنسان - الخلية الأولى - أساسه النباتات وغيرها من المواد الغذائية الأخرى التي تنْمو في باطن الأرضِ. ثم هأنتم - أيها الناس - تنمون وتعِيشون . (ثمّ) يأيها الناس ، يعيدكم الله إلى الأرض مرة أخرى . بمعنى آخر : عندما تَمُوتُون ، سَتَعُودُون إلى الأرضِ وتُصبحون جزءَا من التربةِ. (و) ثمّ يوم القيامة يُخرجُكم الله من القبورِ للحساب . هذه حقائقَ"64 وتعليق الإمامِ الطبري ينص على الآتي: " واللّهُ أنْبَتَكُم مِنَ الأرْض نَباتا يقول: والله أنشأكم من تراب الأرض, فخلقكم منه إنشاء ثُمّ يُعِيدُكُمْ فِيها يقول: ثم يعيدكم في الأرض كما كنتم ترابا فيصيركم كما كنتم من قبل أن يخلقكم ويُخْرِجُكُمْ إخْرَاجا يقول ويخرجكم منها إذا شاء أحياء كما كنتم بشرا من قبل أن يعيدكم فيها, فيصيركم ترابا إخراجا."65 كما رَأينَا مِنْ تفسيراتِ هؤلاء العلماءِ ، فهذه الآيةِ لا يمكن اتخاذها قاعدة للخَلْقِ التطوّريِ. وما هو أكثر من ذلك، فإن إدّعاء التطورِ اللا عضويِ لَيْسَ لهُ قاعدةُ علميةُ. وفكرة أن مواد بلا حياة يُمْكِنُ أَنْ تتحد بشكل ما لإنشاء حياةِ ، فكرة غيرعلميةُ و لَمْ تُؤكّدْ بأيّ تجربة أَوحتى بأيّ ملاحظة. بل على العكس تماماً: فعالم الأحياء الفرنسي لويس باستور (1822-1895) قد بين أنّ الحياةِ لا يُمْكِنُ أَنْ تنشأ إلا مِنْ الحياةِ. هذا يؤكد على أنّ اللهَ قد خَلقَ كُلّ الكائنات الحية بإرادته جل وعلا. (لمزيد من التفاصيلِ عن البراهينِ العلميِة ومكرِ التطوريين برجاء مراجعة " خديعِة التطورَ" لهارون يحيى، طه للنشر، لندن، 1999 ، و "الدارونية تدْحضُ" لهارون يحيى، للنشر Goodword ، نيودلهي، 2003) . عدم صحة كون القرآنَ يُشيرُ إلى الانتقاءِ الطبيعيِ أحد إدّعاءاتِ التطورِ الأكثر أساسية أنّه من الممكن اعتبارالانتخابِ الطبيعيِ قوةُ تطوّريةُ. كما رَأينَا في الفصولِ السابقةِ، الانتخابِ الطبيعيِ إحدى خدع النمو و الارتقاء التي تَزْعمُ حتمية البقاء للأقوى والفناء للأضعف بمرور الوقت. إلا أن العِلْمَ الحديثَ يؤكد على أنّ الانتخابِ الطبيعيِ لَيْسَ لهُ أي تأثير تطوّري ولا يمكن أن يتسبّب في تَطور نوعِ معين من السلالات أو ظُهُور - نشأة - نوع آخر. على أية حال، فإن الدارونيين إنما يَختارونَ إهمال هذه الحقائقِ العلميةِ بسبب اهتماماتهم وميولهم الماديةِ، وكذلك التطوريين المسلمينِ. تَدْعمُ بَعْض الدوائرِ الإسلاميةِ هذه النظرة الدارونية العقائدية ، بل ويحاولون كذلك تَزويدها بدلائلِ قرآنية محرفة تفاسيرها لإثبات صحتها . على سبيل المثال: "وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ" (سورة القصص ، الآيةِ 68) وتَكْشفُ لنا هذه الآيةِ عن أولئك الذين سيهديهم اللهِ إلى صراطه المستقيم وعن أولئك الأنبياء الذين سَيصطفيهمُ رُسُلا ، وإنه لخطأ عظيم القَول بأن هذه الآيةِ تُشيرُ إلى الانتخابِ الطبيعيِ التطوّريِ. يُتفقُ علماءُ القرآن بالإجماع على هذا التفسيرِ. فعلى سبيل المثال، يَعْرضُ الإمامَ الطبري التعليق التالي:" يقول تعالـى ذكره: وَرَبّكَ يا مـحمد يَخْـلُقُ ما يَشاءُ أن يخـلقه, ويَخْتارُ لولايته الـخِيَرة من خـلقه, ومن سبقت له منه السعادة." 66 يَعْرضُ العالمُ الجليلُ Omar Nasuhi Bilmen هذا التفسيرِ:" في تلك الآياتِ الكريمة ، يبين الله سبحانه وتعالى لعباده العديد من الأمور ، قدرته البديعة على الخلق ، تفضيله واصطفاءه من خلقه من يشاء ، حكمته وقدرته ، وحدانيته ، كريم ثنائه وعظمته ، توجيهه الإلهي ، وأن جميع خلقه سَيجمعونَ للقائه . بمعنى آخر ، لا أحد يقدر أَن يحول دون تَفْضيل واصطفاء اللهِ سبحانه وتعالى - بأي حال من الأحوال - لأي أحد من خلقه . فمهما كانت رغبة عبيده ، دون مشيئته ، فلا فعالية لها . بكُلّ الإحترام المستحق، فالله غير ملزوم بخَلْق ما يفضله ويستحسنه عبيده . فالله لا يُرسلُ أنبياءه تبعا لما يفضله الناس الذين يرسل إليهم هؤلاء الأنبياء أو يرونه مناسبا ، بل تبعا لما يقدره ويختاره هو جل وعلا . فالله وحده يَعْرفُ من خلال أي الوسائل سيعم الخير والرخاء . فالله أحد لا شريك له ، ولايمكن لأي شيء أن يكون دون أن يشاء الله ، ولا يمكن لمشيئة أي أحد من خلقه أن تتعارض مع مشيئته." 67 يُفسرُ Hamdi Yazirالآية كالتّالي:" إلهك يَخْلقُ ويصطفي ما يشاء . بمعنى آخر، فالله يَخْلقُ ما يشاء ويصطفي من خلقه من يشاء . فالله يَفْرضُ علي أولئك الذين يختار واجباتِ معينة كالنبوة وكالشفاعة . وأولئك الذين يصطفي لَيْسَ لهُمْ اختيار في هذه المسألةِ. فهم ليس لهم الحق في اختيار الشركاء أوالشفعاءِ الآخرينِ ماعَدا أولئك الذين يَختارهم الله . " 68 آيةِ أخرى يقدمها التطوريون المسلمون : "الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأْرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " ( سورة فاطر ، الآية 1) يتخذُ مثل هؤلاء المسلمون هذه الآية أعلاه دليلا على النمو و الارتقاء. على أية حال، فحتى يصلوا بالآية إلى هذا المعنى كان عليهم تحريف و تشويه المعنى الأصلي للآية. كما أن هذا المعنى الذي يدعونه يَتضاربُ تماما مع العقل والمنطقِ، حيث أن الآية إنما تَتحدّثُ عن خَلْقِ الملائكةِ. يفسر الإمامُ الطبري الآية كالتّالي:" وقوله: يَزِيدُ فِـي الـخَـلْقِ ما يَشاءُ وذلك زيادته تبـارك وتعالـى فـي خـلق هذا الـملك من الأجنـحة علـى الاَخر ما يشاء, ونقصانه عن الاَخر ما أحبّ, وكذلك ذلك فـي جميع خـلقه يزيد ما يشاء فـي خـلق ما شاء منه, وينقص ما شاء من خـلق ما شاء, له الـخـلق والأمر, وله القدرة والسلطان إنّ اللّهَ علـى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"69 ويتفق تفسير Omer Nasuhi Bilmen مع تفسير الإمام الطبري حيث يقول : " إن لله القدرة والسلطان ؛ ولذلك فهو يتحكم في خلق ملائكته كيفما شاء ، أجنحتهم وقدراتهم "70 10. عدم صحة استخدام القرآنِ كدليل على التحول الخلقي كما هو الحال بالنسبة للانتخابِ الطبيعيِ، يسيئُ التطوريون المسلمون فهم بعض آيات القرآن ويحرفونها عندما يتعلق الأمر بالتحول. على أية حال، فإنه لخطأ فظيع الإعتِقاد في كون آلية طبيعية مثل التحول- لَيْسَ لَها تأثير إيجابي على الخلق بل هي آلية تدميريةَ- يُمكنُ أَنْ تَكُونَ دليلاً على النمو و الارتقاء. لم يلاحظ لآلية التحول أي تأثيرَ على الإطلاق. (لمزيد من التفاصيلِ عن البراهينِ العلميِة ومكرِ التطوريين برجاء مراجعة " خديعِة التطورَ" لهارون يحيى، طه للنشر، لندن، 1999 ، و "الدارونية تدْحضُ" لهارون يحيى، للنشر Goodword ، نيودلهي، 2003) الشيء المهم في هذا المقام هوالدليلُ الذي يحاول التطوريون المسلمون الذين يَعتقدُون بأنّ التحول آلية تؤدي إلى التطورِ إيجاده مِنْ خلال القرآنِ. فهم يحرفونَ بَعْض الآيات بالكامل بعيداً عن معناها الفعليِ. ومن الآيات موضع السّؤال: "وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلاَ يَرْجِعُونَ" ( سورة يس، الآية 67) "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ" (سورة البقرة ، الآية 2) "فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ " (سورة الأعراف ، الآية 166)"قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ " "فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ " (سورة الأعراف ، الآية 107)(سورة المائدة ، الآية60) ومالم يَعتقد المرء في ضرورة تحريف معاني هذه الآيات لإيجاد بعض الأدلة على النمو و الارتقاء من القرآن، فإنه من المستحيل اعتبارهذه الآيات دليلا على النمو و الارتقاء . تَتحدث الآياتُ الأربعة الأولى عن إعجازالله في تغييّرُ أجسامَ الكائنات الحيّةِ. والآية الخامسة ليس موضوعها الحياة من الأساس ، مما يَجْعل من المستحيل تقبل فكرة أن تكون هذه الآية دلالة على التحول . تصوير المسلمين التطوريين هذه الآيات كدليل على النمو و الارتقاء و التطورِ إنما يظهر مدى كون نظرية النمو و الارتقاء فاسدة، ومشوهة ، وغير إسلامية في حقيقة الأمر. 11. عدم صحة احتواء القرآنِ على دلائل تثبت وجود نسب ما بين الإنسانِ والقرد آيةِ واحد هي التي تُفسر في أغلب الأحيان بشكل خاطئ أثناء النِقاشِ حول التطورِ، و الآية المشار إليها والتي يفسرها البَعْض على أنها إشارة إلى تلك النظريةِ - النمو و الارتقاء - هي الآيةُِ التي تخص مجموعة اليهود الذين أحالهم اللهِ إلى قردة: "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ" (سورة البقرة ، الآية 65-66) وهذه الآية لا يُمْكن أنْ تُفسّر بأسلوبِ يوازي نظرية النمو و الارتقاء ويدعمها ، وذلك للأسباب التالية: 1) العقاب المذكور قَدْ يَكُونُ عقابا روحيا. بمعنى آخر، فمن المحتملُ أن اليهود موضع السّؤال قد قُورنوا بالقرودِ من حيث الشخصية ولَيسَ المظهرالجسدي الفعليِ. 2) إذا كان العقابِ موضع السّؤال عقابا جسدياً، فإنها معجزة لا تتبع قوانينِ الطبيعةِ. نحن نَتحدّثُ هنا عن معجزة إلهية خارقة مفاجئة تمت بإرادة اللهِ , أي أنها عملية خَلْق واع لا مجال فيه للتحول. يَقترحُ التطورَ بأنّ الأنواع والسلالات المختلفة قد تَحوّلت من بعضها البعض على مر ملايينِ السَنَواتِ، بِمحض الصُّدفَة ومن خلال مراحلِ متتابعة. لهذا السبب، فهذا التفسير القرآني لَيْسَ لهُ علاقة بالسيناريو المقدّم مِن قِبل أولئك الذين يَدْعمونَ التطورَ. وفي حقيقة الأمر، فالآيةِ التي تليها تقول: " فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ " وهذه الآيةِ تُشيرُ إلى أنّ الناسَ - من اليهود - موضع السّؤال قد تُحوّلوا إلى القرودِ كتحذير إلى أولئك الذين سَيَجيئونَ لاحقاً. 3)أن هذا العقابِ قد حَدثَ بالفعل ولكن لمرّة واحدة فقط ، أي لم يتكرر ثانية ، واقتصر على مجموعة محدودة و محددة مِنْ الناسِ، بينما نظرية النمو و الارتقاء تُقدّمُ سيناريوآخر، وهو غير منطقيَ وغيراعلميَ، وينص على أن تلك القرودِ ينتسب إليها كُل بني البشر. 4) تَقُولُ الآيةَِ بأنّ البشرِ تُحوّلوا إلى قرودِ؛ و ليس العكس كما تدعي نظريةِ النمو و الارتقاء . 5 )"قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ " (سورة المائدة ، الآية60) ونص الآية يبين العلاقة ما بين هذه المجموعة من اليهود- الذين باؤوا بغضبَ من اللهِ - وبين إحالتهم إلى قردة وخنازيرِ.وفي هذه الحالةِ، فإذا ما طبقنا هذا المنطق الخاطئ الذي قد تناولناه من خلال أقسام هذا الكتابِ المختلفة على هذه الآية لأمكن القول بوجود علاقة نسب لَيسَ فقط بين البشرِ والقرودِ بل بين البشرِ والخنازيرِ كذلك! و هذا استنتاج غير واقعي بالمرة ، فحتى النشؤيون أنفسهم لم يَدّعوا بأنّ هناك مثل هذا النسبِ بين البشرِ والخنازيرِ. كما رَأينَا حتى الآن، فالإدّعاء بأنّ بَعْض الآياتِ تُشيرُ إلى التطورِ خطأُ ليس فقط يتناقضُ مع القرآن بل مع أطروحات - افتراضات - نظريةِ النمو و الارتقاء نفسها. |
الباب الخامس
ماذا لو لَمْ يُدرَكْ تهديد نظرية داروين؟ http://www.harunyahya.com/arabic/boo...rlerkolaj2.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...rlerkolaj1.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...erlerkolaj.jpg الفصول السَابِقة قد تناولت الأخطاءِ التي وقع فيها بَعْض المسلمين الذين يدعمون نظرية داروين. على أية حال ، فهناك نقطة أخرى يجب أخذها في الاعتَبار، وهي أن تلك النظريةِ تُمثّلُ خطرا خفيا على الآخرين، بالرغم من أنَّهم لا يُؤمنونَ بذلك في الحقيقة المسلمون الذين يَعتبرونَ نظرية داروين نظرية غير ضارة لاتمثل مصدرا للأذى ، على الرغم من تعارضُها التام مع حقيقةِ الخَلْقِ، ثم بعد ذلك يَتنحونَ جانبا يُراقبون ازدهارها مكتوفي الأيدي إنما يُساعدُون في الحقيقة على إحكام النظرية قبضتها على المجتمعِ بشكل أكثر قوة وعلى نطاق أكثراتساعا ومن ثم فهم بذلك يَسْمحونَ بانتشار و نمُوالإلحاد. لهذا السبب، يَجِبُ على المسلمين أَنْ يَفْهموا الفلسفةَ الحقيقية وراء هذه النظريةَ هذا يَعْني بأنّ كُلّ مسلم يَجِبُ أَنْ يَشْنَّ حربا فكرِية ضدّ الإلحاد و من المفترض أن تعبير "النمو و الارتقاء "في الفلسفةِ الماديةِ تعبير علمي والفلسفة المادية، بدورها ، وفي حقيقة الأمر ما هي إلا إلحاد أولئك الذين يَعتقدونَ أن الدارونيةِ لَيسَت تهديدا مخطئون يَزْعمُ بَعْض المسلمين بأنّ التطورِ شيء من الماضي ولَمْ يَعُدْ مقبولا، ولذا لا يُشكّلُ تهديدا خطيرا مِنْ وجهةِ نظر الإسلامِ. وكنتيجة لهذا الزعم أوالاعتقاد الخاطىء، يَرونَ بأنه لا حاجة لإظهار بطلانَه وإدّعاءاتَه اللاعلميةَ. فهم يَدّعونَ "بأنّ الدارونيةِ قد ماتت." وعلى العكس تماما ، فإن العديد مِنْ الناسِ ما زالوا يَدْعمونَ التطورَ - نظرية النمو والارتقاء - بسبب ما تحتويه من فلسفات ، على الرغم من إفلاسها العلمي فالداروينية ما زالت مؤثرة جداً في العديد مِنْ البلدانِ، والجامعات،و أجهزة الإعلام، والمَدارِس.71 وفي الحقيقة، تَبْقى الدارونيةَ نشيطةً على المسرح العالمي، بالسَيْطَرَة على المؤسسات الأكاديمية، وأجهزة الإعلام الدولية، ووجهات نظر النخبة الحاكمةِ. والتطوريون يُمْكِنُ أَنْ يُمارسوا مِنْ الضغطِ على العالمِ العلميِ ما يعتبر على درجة من الأهمية لا يجب إغفالها. التعليقات الأحادية الجانب التي تنشر في المقالات العلميةِ ويراها العالم من خلال أجهزةِ الإعلام، تصَورُ نظرية النمو و الارتقاء كحقيقة مُطلقة. وأجهزة الإعلام بشكل خاص ، والتي تُؤثّرُ على قسم كبير مِنْ المجتمعِ، يستغلون أيما حفرية يتم اكتشافها كبرهان جديد على التطورِ. والنظرية مَدْعُومة مِن قِبل الدارونيين الأكاديميين في المَدارِسِ والجامعاتِ. http://www.harunyahya.com/arabic/boo...e/Philipjo.jpg أما العلماء المؤمنونَ بالله فيمحقون مهنِيا ، ولا تنشر كُتُبهم ومقالاتهم وذلك لرفضهم نظرية داروين.Prof. Philip Johnson علاوة على ذلك، فهم يَتّهمونَ بالدوغماتيةِ والرجعية والتخلفِ. و في البلدانِ الغربيةِ إذا رغب أحد العلماء في تأسيس مستقبل مهني أكاديمي، فيَجِبُ عليه أَنْ يَغْضّ الطرف عن الدارونيةِ ، بل و يَجب عليه كذلك أن يدعمها ، سواء أرغب في ذلك أَولم يرغب. وفيما عدا ذلك، سيكون من الصّعبِ جداً الارتِقاء في مهنتِهم التي يختَاَرونها72 أحد أبرزِالنقّادِ العلميينِ لهذه النظريةِ هوالأستاذ فيليب جونسن، أستاذ القانون في جامعةِ كاليفورنيا - بيركيلي والزعيم الفكري لحركةِ التصميمِ الذكي، 73 الذي يَصِفُ كَيف أن النظرية - نظرية داروين - تستعمل كسلاح ضدّ الإيمانِ الحقيقيِ ، يقول جونسن: http://www.harunyahya.com/arabic/boo...e/Alidemir.jpg إن زعماء العِلْمِ يَرونَ أنفسهم وكأنهم قد حُبِسوا في معركة مستميتة ضدّ الأصوليين الدينيينِ , وهي العلامة التي يَمِيلونَ إلى إلصاقها بأي شخص يُؤمن بوجود خالق يَلْعب دوراً نشيطاً - فعالا - في الشؤون الدنيوية. Prof. Dr. Ali Demirsoy هؤلاء الأصوليون ينظر إليهم على أنهم تهديد على الحريةِ - الليبرالية - التحرّريةِ، و كذلك على دعم الرأي العامِ للبحث العلمي على وجه الخصوص. وباعتبارها أسطورة الخَلْقَ للطبيعيةِ العلميةِ، تَلْعبُ الدارونيةَ دورا أيديولوجيَا - فكريا - لا غنى عنهَ في الحربِ ضدّ الأصوليَّةِ. ولهذا السببِ، فإن المنظمات العلمية تُكرّسُ مجهوداتها لحِماية الدارونيةِ بدلاً مِنْ إختِبارها، بل إن قواعد البحث العلميِ شُكّلتْ لمُسَاعَدَتهم على النجاح 74 وباستعمال هذه "الدكتاتوريةِ الثقافيةِ" ، فإن التطوريين يُحوّلونَ بَعْض الجامعاتِ إلى أعشاشِ للتعليمِ الدارويني تنتجِ خرّيجين يَعتقدُون في كون الفلسفةِ الماديةِ عِلْمُ في حد ذاتها. فهم يَعتقدونَ أن الحقَّ في التعليمِ و التعلم يجب أَنْ يُسْلَبَ مِنْ المؤمنين بالله. وإحدى أوضحِ الأمثلةِ على هذا ، الموقفِ العدواني الغاضبِ لعلي ديميرسوي تطوري والأستاذ التركي النشؤي، أثناء إحدى المناظرات المُتَلفَزة حول موضوع التطورِ. يقول علي "لا يجب السماح لأي عالم يُؤمنُ بالله أن يدخل الجامعة. وإني لأطرد المؤمنين مِنْ الجامعاتِ إن استطعت." تَكْشفُ مثل هذه الأقاويل موقفَ التطوريين المُضر بشكل غاية في الوضوح. قَدْ يَكُون المسلمون متفائلين بشكل مبالغ فيه ، وذلك لكونهم غافلين عن الحقائقِ هذا الموقف الفعليةَ، ولذا فهم غير قادرين على إدْراك الدارونيةِ على أنها تهديد بالغ الخطورة. على أية حال، فإن المادّيين وخصوصاً الماركسيين يَشْنّونَ حربا جادّة ضروس ضدّ الدينِ بواسطة التأييد "العلميِ" الذي تمدهم به الدارونيةِ. ولِهذا فإن المسلمين في حاجة ماسة لتَحرير أنفسهم وبِأسرع ما يمكن مِنْ خطأِ التَفْكير بأنّ الدارونيةِ قد انتهت . ففي الوقت ذاته الذي يَشْنّ فيه التطوريون حربا عالمية مِنْ الأفكارِ ضدّ الدينِ، فإنه لخطأ كبير القَول بأن النظريةِ قد ماتت وأَنْ يغفل أذى الدارونيةَ . |
تَفادي الحربِ الفكرِية إنما يعمل على تَقوّية الدارونية
أولئك الذين يَعتقدونَ بأنّ الدارونيةِ قد ماتت أَو أنها لا تُمثّلَ أي خطرِ، الذين ينَشرون تلك الفكرةِ في دوائرِهم الخاصةِ، إنما يُساعدُون النظريةَ الجديدةَ على اكتساب حجة جديدة ، سواء أكان ذلك عن عمد أو غير ذلك. فهم عندما يقدّمون ذلك الرأي، يعتقد العامة من الناسَ بأنه ليس هناك مثل هذا الخطرِ، الداروينية. وعلاوة على ذلك، فإن هذا الاعتقاد الخاطىء يحول دون تكون الحسّاسية الأيديولوجية والعلمية اللازمة تجاه الدعايةِ الدارونية الكاذبة، وأباطيلها، ومقترحاتها، مما يؤدي ذلك بدوره إلى عدم إمكانية اتخاذ الإجراءات الوقائية المضادة. الذين يُؤمنونَ بالتطورِ يُواصلونَ العمل على تَهْيِئة الأساسِ، وإن كان باللجوء إلى حقائقِ قديمةِ، ويُدافعُون بكل عنف عن النظريةِ في أيما فرصة مواتية. يُحاولونَ إبْقاء أفكارِهم حيّةِ، ولوكان ذلك بالبطلانِ والتشويهِ. وبما أن العديد مِنْ المسلمين لا يعتقدونَ في خطورة مثل هذه النظرية، يترتب على ذلك أنهم يهملون القرأة عنها أو دراستها ، ومن ثم إن التقوا بمن يعتقد في صحتها يعجزون عن الرَدّ بشكل ذكي إذا ما نوقشت هذه النظرية. وعلى الرغم من ذلك فإنه من السّهلِ تَعَلّم بل وإدْراك بطلان هذه النظريةِ، حيث أنها فرضية ترجع إلى القرن التاسع عشرِ قد فَقدتْ كُلّ التبرير العلمي. علاوة على ذلك، فإن البيانات العلمية الخاصة بأصلِ الكونِ والحياةِ - مثل "التَضْبيط الدقيق" لهذا الكونِ (المَعروف كذلك بِالمبدأِ الأنثروبي)، وكون الحياةِ على درجة كبيرة من التعقيد على المستوى الجزيئيِ، والمعلومات المعقّدة المنبثقة من البحث في أصلِ الحياةِ، والظهور المفاجئ لأشكالِ الحياةِ شديدة التميّز في سجلِ الحفريات ، إنما هي معطيات تُؤكّدُ على حقيقةَ الخَلْقِ دون النمو و الارتقاء. إلا أن فشل المؤمنين بالله حقا في البَحْث في هذه المعطيات أَو حتى تَعَلّمها ، يؤدي حتما إلى مواصلة افتِقارهم إلى المعرفةَ الكافية التي تؤهلهم للرَدّ بشكل ذكي على التطوريين. لذا، فهم يُصارعونَ من أجل الرَدّ بالمنطقِ الخاطئِ والمعلوماتِ والأمثلةِ الخاطئةِ. و يَجِبُ على المسلمين أَنْ يُدركوا الخطرَ الحاليَ الذي تشكله نظرية داروين للنمو و الارتقاء ويُؤمنوا بضرورةِ الحرب الفكرِية على الداروينية قَبْلَ أَنْ يلجأوا إلى استعمال المحورالأدبِي الذي لا حدود له والذي يَتعاملُ مع زيفِ الفكرِ الداروني. وبأخذ هذه الحقيقةِ في الاعتبار، فإن الخلقيين التطوّرين الذين يَعتقدُون بأنّ الدارونيةِ لاَ تُشكّلَ أي خطرِ، إنما يسألون عن منهج الصمت الذي ينتهجه المسلمون تجاه الدارونيين. نَقُولُ هذا لأن بالرغم من كون هؤلاء - الخلقيين التطوّرين - لا يَعتبرونَ الصدفةَ قوة خالقة و يُؤمنونَ باللهِ، إلا أنهم يَفتقرونَ إلى الحقائقِ اللازمة لتَبنّي نظرة صحيحة وثابتة عند مجابهة إدّعاءاتِ التطوريين. ولذا فهم يَبْحثونَ عن حل وسط يمكن من خلاله الربط بين تلك الإدّعاءاتِ وبين إعتقاداتِهم الخاصةِ. ونتيجة لذلك ، فهم قدّموا أفكارا كتلك التي محتواها أن " اللهَ خَلقَ الكائنات الحيّةَ بواسطة النمو و الارتقاء " أَو أخرى تقول أن " التطور يتفقُ مع الدينِ." على أية حال، فكما يوضّحَ هذا الكتابِ ، هذه الحالةِ غير مقبولةُ بالنسبة لأيّ مسلم يُؤمنُ باللهِ حقاً. التطوريون يَدّعونَ التحدث باسم العِلْمَ، و لكنهم ، في الواقع، يَكْذبونَ باسمِه. ولِهذا فيَجِبُ على المسلمين ألا يصدقوا ذلك المكر، بمظهرِه "العلميِ" الخارجيِ ، بل يَجِبُ عليهم أَنْ يتحروا حقيقة العقائدِ التي تساندها هذه النظريةِ . الفشل في إدْراك الفلسفةِ الملحدةِ والهيكل النظامي الذي تستَنَد إليه هذه النظريةِ ، بالإضافة إلى الاعتِقاد في صحته، إنما يعني الاستسلام له وكذلك الاشتراك في جزء من اللومِ على كل هذا الأذى الواقع على البشريةِ بسبب الدارونيةِ. وبدون أنْ يدركوا ، فإن مثل هؤلاء المسلمين يلحقون بالمجتمعِ أذى عظيمَا . لهذا كله، يَجِبُ على التطوريين المسلمين أَنْ يُعيدوا النظر في الأفكارِ التي يَدْعمونَ. والاسْتِسْلام للجانبِ الآخرِ- نظرية دارون -، على الرغم من كونه مخطئ وأن نظريةُ داروين غير مُثبتةُ وغير موثوق فيها، وكذلك محاولة تَكييف الإسلامِ مع الدارونيةِ إنما هي خياراتَ مرفوضة. ونحن لا يَجِبُ أنْ نَنْسي أنّ المسلمين كُلّهم مُلزمونَ بشَنّ حرب فكرِية لدحض أيّ فكر مُنكرُ لوجودَ اللهِ واسْتِعْمال الحقِ لإزهاق الباطلِ. التهرب من تلك المسؤوليةِ، بنية التوصل للاتفاق مَع المُلحدين، والتنازل للجانبِ الآخرِ أَو الاستسلام لأفكارِهم كُلّها أخطاء شديدة الخطورة. فعلى سبيل المثال، في مجتمع تسوده الشيوعية ، واجب أي مسلم لَيسَ "أسْلمة" الشيوعيةِ. فمثل هذا الأسلوب إنما يَخْدمُ مصالحَ الشيوعيةِ دون غيرها و لَنْ يَعود بأي نفعِ على الدينِ. فواجبَ المسلم في هذه الحالة هو إسقاطَ الشيوعيةَ كفلسفة، ومهاجمُتها على المستوى الفكرِي، وإظهار حقيقةِ الإسلامِ. بالطّريقة نفسها، فواجب أي مسلم لَيسَ "أسْلمة" الداروينية ، وإنما واجبه إسقاطَ تلك الكذبة العظيمة الكذب ، ومهاجمُتها على المستوى الفكرِي، وإظهار حقيقةِ الخلقِ. ولذلك فإنه يَجِبُ علي المسلمين أَنْ يَتصرّفوا بإدراك و وعي وفطنة و يتبعوا ما تمليه عليهم ضمائرهم وألا يَدْعموا الدارونيةَ، والتي هي قاعدة كُلّ الفلسفات الملحدة. |
الدارونية تُشكّلُ تهديدا على المجتمعِ
لا أحد يفكرُ بأسلوبِ متحرر وصادقِ وغير متحيّزِ يُمْكِنُ أَنْ يَعتقدَ حقا بأنّ الذرّاتِ الغير واعيةِ قد تجمعت سويا بِمحض الصُّدفَة، ونظّمَت نفسها، وانبثق منها في النهاية أناس يفكرونَ، ويحللون، ولديهم أحاسيس ، ويبصرون، ويَسْمعُون، ويُؤسّسُون الحضارات، ويوجدون الاكتشافات ، ويبتكرون القطع الفنيةَ، وقد يشعرون بالبهجة،أو الحُزن ،أَو حتى يَدْرسُون الذرّاتَ التي تكُون أجسامَهم باستخدام المجهرِ الألكتروني. ورغم كل ذلك فإن هذا الإعتقادُ اللاعقلانيُ هوذاته الذي تَفْرضُه نظرية داروين على الناسِ. وبالرغم مِنْ المصطلحات العلميِة التي يَستعملونَها، فإن ذلك هو جوهرُ المنطقِ الداروني. الناس الذين يَقْبلونَ مثل هذا "المنطقِ" إنما يَبْدأُون في فَقْدان قدراتِهم على التحليلِ والحكمِ العقلانيِ. وهم بعد أن قبلوا هذا السيناريو الأكثر إستحالة ككونه منطقيّ ، يُصبحونَ غير قادرين على رُؤية البراهينِ شديدة الوضوحِ المرتبطة بالإيمانِ الدينيِ. ومثل هؤلاء الناسِ، من الذين فَقدوا القدرةَ على التفكير ورُؤية الحقائقِ شديدة الوضوح، وعلى فهْم حقيقة الاقتراحاتِ والدعايةِ التي يتعرضون لها ، وممَنْ يتقبلون فكرة النمو و الارتقاء بصورة عمياء بهدف اتباع الغالبية ليس إلا ، يُمْكِنُ انجذابهم بكل سهولة إلى أيّما إتّجاه. بعد الوُصُول إلى تلك المرحلةِ، فمثل هؤلاء الناسِ لا يَستطيعونَ إسْتِعْمال حتى ذكائهم الخاص , وهي حالة تُسهّل ُ كثيرا إعْطائهم بندقية وإرسالهم لِيصبحَ أحدهم إرهابيا أوإقناعهم أن داروين يَقُولُ بِأَنَّ "هذا الشخصِ ينتمي إلى جنسِ دون المستوى، ومن ثم يمكن َقْتلُه أَوقْتلُها." وفي حقيقة الأمر، فإن الضررَ الذي لحق بالشبابِ بسبب الدارونيةِ في العديد مِنْ البلدانِ يعتبرُغير قابل للتعديل مرة أخرى. فالمشاغبون في إنجلترا، والنازيون الجدد في ألمانيا، وحليقو الرؤوس في أمريكا، بل وأغلبية الشبابِ في كافة أنحاء العالم قد فقدوا كُلّ الصفات الإنسانية. مثل هؤلاء الناسِ، الذين هم قتلة ووحوش ، إنما هم أمثلةَ حية على خطرِ الدارونيةِ. وسبب أن مثل تلك الدول تواجه مشكلة فظيعة مَع شبابِها أَنَّ هؤلاء الشبابِ قد تلقوا تعليما دارونيا. ونحن يَجِبُ أَنْ ندرك أنّ الذين تربوا بهذه الطريقة لن يَجْلبوا سوى الأذى للجتمعاتِ التي يَجِدونَ أنفسهم فيها. ففي يوم من الأيام ، شباب اليومِ سَيَصيرون بالغين، ومديرين، ودبلوماسيين، ومعلمين. إذن فلو كنَّا نَتمنّى أن نرى في المستقبلِ حضارة حديثة و متقدّمة علمياً و عقلانية، فيحتمُ علينا ذلك أَنْ نُعلّمَ شبابَنا واضعين ذلك الهدفِ نصب أعيننا. وهذا لا يُمْكِنُ تحقيقه إلا بتحرير شبابنا مِنْ الأفكارِ والأباطيلِ الدارونية وأن نفسر ونوضّح لهم بأنّهم لَمْ ينشأوا من الحيوانات في بادىء الأمر ، بل الله خَلقَهم ، وأن لكل واحد منهم روح، وأنهم يَمتلكُون المعرفةَ الأعظمَ بين جميع الكائنات الحيّة. أي أننا يجب أن نعلمهم بالحقيقة. http://www.harunyahya.com/arabic/boo...atible/140.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...tible/140c.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...tible/140f.jpg فإذا عرف الشبابَ بأنّ الله هو خالِقهم وأنه وهب لهم روحا شريفةِ ومتفوّقةِ وذات وعي وضمير ، فسَيَتصرّفونَ وفقاً لذلك. Ruling elites that teach Darwinism to their young people as a scientific fact encourage aggression in them as well as the lie that it is necessary to fight to win the supposed "struggle for survival." أما إذا هم حملواعلى الإعتِقاد بأنّهم قد تَطوّروا مِنْ الحيواناتِ، وأنهم يشتركون مع القرودِ في النسب ، وما إلى ذلك من أفكار أخرى مماثلة ، فسَيَنْظرونَ إلى الحياةِ على أنها صراع تبرر فيه غاية الانتصاروسائل تحقيقه. وكنتيجة حتمية لذلك سَيَظْهر جيل أناني وغيرمسئول، قادر على كُلّ أنواع الوَحْشيَّةِ يفتقد إلى مفاهيمِ التَحَمّلِ، والحبّ، والاحترام، َو الأخوّة . وعلى أيّة حالٍ ، فإنهم سَيَرونَ أنفسهم وغيرهم من الأساس عديمي القيمة بسبب اعتقادِهم بأن الناس جميعا ينْحَدرون مِنْ الحيواناتِ. والاعتقاد بأنه ليس هناك هدف من وراء تبني حياةَ شريفةَ وأخلاقيةَ، فسيظهرون كُلّ أنواع الشرِّ واللا أخلاقية بشكل أناني . http://www.harunyahya.com/arabic/boo...tible/140e.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...tible/140d.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/boo...tible/140b.jpg Countries that raise terrorists by their own hands due to this mistaken education policy then try to round up these "robots of death." The true solution, however, is to provide these young people with an education that contains no trace of Darwin's ideas, all of which have been proven false and unfounded by modern scientific discoveries. إذن فما يتطلّب عمله،هو إزالة دكتاتوريةَ المفاهيمِ والنظرياتِ التطورية من المَدارِسِ، والكُتُب، والصحافة وأجهزة الإعلام والدوائر الإجتماعية - باختصار، من كل مكان - وتَوجيه الناسِ نحو الرشدِ والتَفْكير العميقِ اللذان يطَالبان بهما القرآن والعِلْم. |
الساعة الآن 01:56 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |