![]() |
بومة الدهشة العاشقة الليلة، لن أبتلع أقراصي المنومة كي لا يفاجئني الموت على حين غرة كلصّ.. أريد أن أكون صاحية حين يصل كعشيق طال غيابه كي أطارحه البكاء وأقول له إنني انتظرته طويلاً.. تُرى هل الرياح امرأة مشرّدة تقرع الأبواب كلها بحثاً عن موقد وسقف؟ وهل المطر حلم يستحم؟ وهل النجوم بصمات أصابع جداتي الموؤودات؟ وهل القمر عاشقة متجددة، يقص شهريار عنقها آخر كل شهر؟ وهل القلم شمعة انفردت بنفسها إلى الأبد وصادقت دموعها الحارة حتى القطرة الأخيرة، على السطر الأخير؟ 16/3/1990 |
تحولات عاشقة الى نورس أريد أن أرتدي استقراري، لكن روحي المتوحشة تفتح ثقباً في قواقع حلزون الاستقرار، لتنطلق هاربة إلى فضاءات الدهشة، وفي محطات الإعصار تركب القطار مع الشعراء الجوّالين من رعايا شهوة الحرية وحاسة الليل، بعد أن تشتري "تذكرة بلا عودة". أريد أن أرتدي حياتي المفصّلة على (الباترون) العام، لكن روحي المتمردة، ترفض الدخول في فساتين الدانتيل المقولبة كالأحذية.. وعبثاً أقسرها على ارتداء القفازات المخملية للمصافحات اللزجة، وألملم شعرها المجنون تحت تاج السهرات الكرنفاليه، وأسرحه بغير الأزهار البرية من منافي الحرية، وأغطي وجهها بقناع يليق بالمسرحيات الطاووسية، وأدسّ في حنجرتها شريط تسجيل مدججاً بالبلاغة الطبلية.. وحينما أحيط عنقها بعقد اللؤلؤ الثمين والبارد، تقطعه وترحل إلى قاع المحيطات لتسامر الأصداف النابضة باللؤلؤ الحي.. أتمنى أن أرتدي النوم (بدلاً من قميص الكوابيس) وأغلق أزراره جيداً على روحي، في سرير وثير تحيط به الهواتف المذهبة والأزرار.. وله خادمة توقظ التثاؤب بمروحة من ريش النعام.. وتغني لي بصوت من أفيون القمر حتى أنام.. لكن روحي تقص قصبة من خيزرانة السجّان، وتثقبها بصرخة صامتة من حزنها فتصير ناياً، وتنطلق بها هاربة إلى حقول الحرية، وهي تعزف صدقها في ناي أحزانها كمن يبكي عبر حنجرة مقطوعة مزنَّرة بالكمّامات وهو ينطح الأسلاك الشائكة المزروعة حول العيون العدوانية، بدل الأهداب ، أسلاك شائكة تُسوّر الغيوم عقاباً للطيور.. أريد أن أرتدي حبك لا قيد حبك، أريد أن أدخل في فضائك الشاسع لا في قفصك الذهبي، لا أريد أن تحبني حتى الموت أريد أن تحبني حتى .. الحياة! لا أريد أن تحبني إلى الأبد: أحبني الآن! مئات الأعوام والانهيارات تحاصرني.. وأنا أطفو فوق الأنواء كعصفور الزلازل.. أطير صوب الشمس ولو أحرقت طرف جناحي.. مئات الأعوام وأنا أشتعل راحلة من رمادي إلى ضوئي، وقلبي محبرة بحجم قنبلة يدوية، تهدد بالانفجار باستمرار.. أنا المرأة التي غرقت بها المراكب كلها وخذلتها وحين لم يبقَ لها من الأشرعة غير جناحيها تعلّمت كيف تتحول من امرأة إلى نورس. منذ مئات الأعوام رفضت أن أحيا في حدائق التعاسة المرفهة المزينة بورود اصطناعية من حرير الشهوات المذعورة وتنهدات العوانس المتزوجات اللطيفات بعيونهن المكحلة بالدمع المعلّق الذي لا يجف ولا يهطل وأيديهنّ التي تداعب أصابع البيانو بالحسرات والأمنيات المكبوتة والتنهدات تسيل من أجسادهن سراً مثل بكاء الشموع في محراب الأحزان الرائعة المقدسة.. من زمان، كرهت غادة الكاميليا وفرتر وفرجيني والمنفلوطي والتضحيات النرجسية في محراب عبادة الذات المزدوجة، وقررت أن أهبط إلى قاع الليل الأرضي، والنهار لتلامس أبجديتي كل ما تدّعي معرفته وترقص تحت الشمس كتمساح أفريقي صغير يطارد ذيله ببراءة زوربا الراقص في الطين مكتشفاً النجوم محلّقاً بعيداً عن حضارات تعشق بهجة الألم للألم. منذ مئات الأعوام، طرّزت ولادة على طرف ثوبها: "أنا والله أصلح للمعالي وأمشي مشيتي وأتيه تيها أمكّن عاشقي من صحن خدي وأعطي قبلتي من يشتهيها" تُرجم اليوم ولادة في عشرات المدن العربية، إذا قالت لجارها صباح الياسمين والفل أو اعترفت أنها قالت لحبيبها قبل ربع قرن: أحبك!! قطفتُ حبك وردة أسطورية لا مثيل لها وركضت بها فخورة إلى مضارب قبيلتي فأعلنتْ بعض الخيام الحداد رافعة الأعلام السود!.. ماذا أقول لمن يركض إلى الملجأ، حين يسمع كلمة "حب" ويدق طبول الحرب، بعد أن يقرع صفارات الإنذار، ويطلق النار؟ 27/9/1992 |
العلامة الفارقة : عاشقة لماذا يذكّرني صوتك بتلك اللحظة المسحورة اللامنسية، لحظة ألصقت صدفة على أذني، وسمعت للمرة الأولى صوت الأسرار وحكايا الريح والأمواج؟ لماذا يذكّرني حبك، بشهقاتي يوم شاهدت البحر للمرة الأولى وكنت طفلة؟ لماذا يذكّرني حبك، بأول تفاحة قطفتها خلسة عن شجرة، والتهمتها سراً دون أن أغسلها؟ لماذا تذكّرني حكايتنا، بأول أرجوحة ارتعش جسد طفولتي لهبوبها، وفرح بتحليقها وسقوطها؟ لماذا تذكّرني حروفك، بجموح فتوّتي، وظلمات مراهقتي؟ لماذا يذكّرني حبك، بأول شجرة لوز تسلقتها، وأول سقطة موجعة عن غصنها؟ لماذا يذكّرني حبرك الأخضر، بالصباغ الداكن للجوز الأخضر على أصابعي، بعد ساعة من الشراهة الطفولية الشهوانية ومحاولات تكسيره بالحجر على طرف الصخرة واستخراج قلبه الأبيض لالتهامه؟ لماذا تذكّرني شفتاك، بطعم الطباشير في المدرسة، يوم ذقتها خلسة عن المعلمة وكتبت على اللوح سراً كلمة : "الحرية"؟ لماذا يذكّرني دفء حضورك، بمعطفي المخملي الأول، والياسمين في ضفائري؟ لماذا يذكّرني حبك بطفولتي ، ومدينتي، ويعيدني إلى جذوري؟ لماذا يذكّرني خصب أصابعك بالغوطة، وقامتك بقاسيون؟ ولماذا، حين استلمت اليوم جواز سفري، كتبت إلى جانب عبارة "العلامة الفارقة"، عبارة: عاشقة؟... ولماذا قرعتْ القبيلةُ طبول الغضب حين ضبطتني كجدّتي الأندلسية "ولادة" متلبسة بالحب؟ 10/1/1994 |
هدر دم ورقة عاشقة في تلك السهرة الاجتماعية (الوجيهة) كان شكلك طريفاً مثل نورس ضل طريقه من الشواطئ إلى المزاد العلني. في تلك السهرة، دسستَ في يدي قصيدة حب فتلطختْ أصابعي بدم الورقة. أخفيتُ قصيدتك تحت أساوري كي لا تهدر القبيلة دم ورقتك! وكالهنود الحمر، كتبت لك في اليوم التالي رسالة حب بسحب الدخان على صفحة السماء فهدروا دم السحابة!... 10/1/1994 |
عاشقة تروي حرائقها الاندلسية محاكمة ولادة "رواية أولى" * حدِّثينا عن حبك لابن زيدون... - نام اللقاء داخل نسيانه عصوراً مثل جيتار داخل تابوته الخشبي المغبر وحين تكهربنا من القصيدة الأخيرة والذاكرة الأولى عادت الأوتار مشحوذة شجية الحزن كسيف عربي في واجهة بائع التذكارات بمدريد.. وعاد تابوتي أشجاراً حية في سفوح (السييرانيفادا) الغرناطية.. تقمصنا نورسين. حلَّقنا فوق البحر. تعاتبنا على ما لم نفعله - في حياتنا السابقة - بأجنحتنا! * كيف تعيشين التقمص الثاني لحبكما؟ - ثورة الصدى على الصدأ. بالحذر المتهوّر، أحلِّق فوقه: قمراً على وسادة لا أجرؤ على التقاطه، والفرار!. * أما زلتِ تحبينه؟ - لا أريد أن ترفق بي حرائق ذاكرتي وها أنا أستحضره حياً، متأججاً كطعنة برق، لأحيا احتضاري به، حتى ثمالة الصحو. * توهمنا قصتكما انتهت بالذبول التدريجي المحتوم للورد... - حبنا حكاية المد والجزر بلا نهاية ولا انقطاع ولا بداية. ما من لحظة فيه تشبه الأخرى. كما لا يشبه المد والجزر ذاته: يتكرر دون أن يتكرر.. في أزلية المحيطات.. ألا ترى كيف تمحو الأمواج عبارة "الخاتمة" كلما سطرناها على رمال شواطئ الأبدية؟ محاكاة ولادة "رواية ثانية" * تركض الشائعات عنكما كالريح في حدائق الخرائب المعلّقة ، فهل أحببت ابن زيدون؟ نعم أم لا؟ - نعم ولا في آن معاً. ربما أحببت فيه رجلاً لا أعرفه مالِكُ روحي أهواه ما دمت أجهله، فأرسمه بريشة جنوني الملونة كما يحلو لي. لم أعرف ابن زيدون حقاً، فتعلقت به لم يكن بوسعي أن أحب رجلاً أعرفه كي لا تنكسر شهوات حرفي إلى اللانهاية.. والكلمة حين تعشق المستحيل، تكتشف المطلق! * ولكن ماذا سيحدث لك ذات ليلة إذا باغتك الرجل المستحيل بحضوره قائلاً: آسف يا ولادة. تركتكِ تنتظرين طويلاً وتتقمصين حيوات متعددة قبل وصولي؟ - قد أقول له: أنا رياح متعبة سئمت ترحالها وآن لها أن تترجل عن صهوة المباهج النورسية لتعود امرأةً تتعلم فن البكاء. وقد اعترف له ببساطة. الرياح لا تستطيع الإقامة في بستان واحد مسوّر والضوء لا يقدر على الزواج من الستائر والجدران والسجاد والتحف والأثريات ولا مفر له من الانتشار إلى حيث لا يدري في الفضاءات اللامتناهية للمجهول... * تريدين ، أم لا تريدين الالتقاء به؟ - نعم، ولا لذلك الرجل الذي أحببت دائماً دون أن أعرفه كي أظل أوزع أعضاء أبجديتي، وأنثر روحي في فضاء الغرباء، بلا مقابل، مثل بيدر متحالف مع مناقير عصافيره، ضد فزّاعي الطيور وحراسه! محاكمة ولادة "رواية ثالثة" ... * نريد اعترافاتك حول حبك لابن زيدون. - كان حباً كبيراً، فقد غدر بي وغدرت به. طعنني وطعنته. تبادلنا العشق والكراهية لكننا تواطأنا معاً دائماً، للاحتفاظ بأسطورتنا جميلة وأبدية. ألم يكن دائماً، أجمل الشعر أكذبه؟ حكاية حبنا هزلية، تشبه ملايين الحكايا الأخرى لكننا صعّدناها بقوة الفن من فحم إلى ماس. * قولي بوضوح، هل كان حبكما أم لم يكن؟ - من يجرؤ على أن يقرن الحب بالوضوح؟ أليس الحب مسيرة الشموع في الريح على دروب الخيالات المرتجفة المخاتلة المتصلة المنفصلة المتوحدة المنفردة في آن؟ أليس الحب ارتسام الظلام المرتعشة فوق بركة الزئبق المضطربة الغامضة في الأعماق؟ ألهذا نكره قليلاً كل الذين نحبهم كثيراً؟ غرناطة - ربيع 1991 |
وين الردود والحضور يا حلوين!!جهودي ما تستاهل كلمة شكرا؟
|
مشكوره على اختيارك لهذه الروائع
|
|
الساعة الآن 08:02 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |