![]() |
الماء والحياة في أدب القرآن :
ما كان للغة في دنيانا هذه، أن احتفلت بنعمة الماء، احتفال لغة التنزيل العزيز بها. وما كان لأدب مما يضطرب فيه الناس في عالمنا أن تشرق فيه صفحات مباركة على نحو ما أشرقت الصور الوضيئة في الآيات الكريمة في إكبارها للرحمة مصورة في الماء. لقد انبثقت الحياة زاهية مباركة في الماء بقوله جل وعلا: (وجعلنا من الماء كل شيء حي )(الأنبياء:30) ولجلالة الماء وسموه، أن اقتضت الحكمة العلية، أن يكون (العرش) على الماء، (وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيُّكم أحسن عملا )(هود:7). ومن احتفال أدب القرآن بالماء، أن (الجنات) التي وُعِد بها المتقون، تجري من تحتها الأنهار، وهو القائل: (ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار )(الفتح:5). وهو القائل: (إن المتقين في جنات وعيون )(الحجر:45). ولن تكتمل الصورة البهية للجنة في القرآن، إلا أن تكون مزهوّة بالعيون. وقد تعجب أن تكون العربية، التي شرفها الله، فجعلها لغته، مخاطباً بها الناس كافة في قوله عزّ من قائل: (إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون )(يوسف:2)، قد استعارت (العين)، وهي عضو البصر، وهي أغلى ما يملكه المرء، فأطلقته على الموضع الذي ينبثق منه الماء، ذلك أن الجامع بينهما النفاسة والقيمة الغالية. غير أن كمال لغة التنزيل، قد ذهب إلى شيء من فارق بين الأصل والمستعار، إذ جمعت (العين) المبصرة على (أعين)، وجمعت (عين) الماء على (عيون). وأنت لا تجد في أدب الذكر آية لا تتضح فيها هذه الملاحظة. وتتفق الحياة مع الماء في جملة من أدب التنزيل العزيز، في قوله تعالى: (وينزل من السماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها )(الروم:24). (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت )(فصلت:29)(والذي نزّل من السماء ماءً بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا ً)(الزخرف:11). (ونزلنا من السماء ماءً مباركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد )(ق:9). (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها )(فاطر:27). وأنت ترى أن الماء بركة وحياة، وبه تشرق الأرض، ويعم الخصب، ويغاث الناس، قال تعالى: (وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته )(الشورى:8). والماء ينـزل من السماء (غوثاً) للناس، يعمهم رحمة وبركة. ومن هنا تصرفت العربية الشجاعة، فأخذت (الغوث) مصدراً، ثم فعلاً، من الغيث، الذي هو بركة ورحمة. وليس اتفاقاً أن يكون الماء (غيثاً) يغاث فيه الناس، ويكون (المطر) عذاباً حيثما ورد في مواضعه من الآيات الكريمة، قال تعالى: (وأمطرنا عليهم مطراً فانظر كيف كان عاقبة المجرمين )(الأعراف:84). (ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء )(الفرقان:40). ولقد احتفل بالماء حيثما وقع في كلامه تعالى، وكُرِّم تكرمة وافية، حتى إذا نقل من هذا الحيز الشريف إلى ضده، احتيج إلى صفة مميزة تصرفه إلى الشر، قال تعالى: (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه )(الكهف:29). (وسقوا ماءً حميماً فقطع أمعاءهم )(محمد:15). (ويُسقى من ماء صديد )(إبراهيم:116).(ثم جعل نسله من سلالة من ماءٍ مهين )(السجدة:8). ويندرج في هذا توجه الناقد القديم لقول أبي تمام: لا تسـقني ماء الملام فإنني صبُّ قد استعذبت ماء بكائي ذلك أن (الماء) لا يمكن أن يستعار لما يُكره كالملام، لأنه خير وبركة وحياة إلا في مواطن خاصة جعلها - جلت صنعته- منصرفة للعذاب، كما مثّلنا في جملة من الآي الكريم. غير أن أبا تمام، وقد أدرك ما يرمي إليه النافد، أجاب فأحسن الجواب، فقال لسائله الذي طلب متندراً أن يسقيه كأساً من (ماء الملام): لا أسقيكه حتى تأتيني بريشة من (جناح الذلّ). وأبو تمام في جوابه هذا يرمي إلى قوله تعالى: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة )(الإسراء:24) . وكأنه أراد أن يقول: إن (جناح الذل) استعارة وليس حقيقة، وأن (ماء الملام) استعارة أيضاً. أقول: وأين هذا من ذاك، أن لطف الصنعة في (جناح الذل) وما يتأتى فيها من تصوير للخفض وللعاطفة، التي تصحبها، لا يمكن أن تقابل بـ "ماء الملام". ومن هنا انصرفت "السقيا" إلى الخير في جملة من الآيات، كما انصرفت إلى الشر في شيء من لطف الصنعة اقتضاها أسلوب القرآن في تبكيته الكافرين وتعذيبهم. قال سبحانه: (وسقاهم ربهم شراباً طهوراً )(الإنسان:24). إن تخصيص "السقيا" بـ "شراب طهور" يصرفها بعيدة عما ورد في آيات أخرى ذُهب فيها إلى العذاب. وقد أدرك العرب في أدبهم نعمة الماء، فجعلوه في تحيتهم ودعائهم، ألا ترى أنهم قد أكثروا من قولهم: (سقياً ورعياً)، في التحية والدعاء. وإذا كان سقي فلابد أن يعقبه خصب، ترعاه إبلهم ودوابهم، ومن هذا قول النابغة: نُبِّئت نُعما على الهجران عاتبةً سقيا ورعياً لذاك العاتب الزاري ولو أنك ذهبت إلى تجريد الماء في أدبنا القديم، لكان لك من ذلك سفر عظيم. ومن هنا حق لنا القول: إن العرب قد أدركوا حاجتهم إلى الماء إدراكاً خاصاً، فخلعت هذه الحاجة على أدبهم رواء نضيراً، تصرفوا فيه إلى معاني الخير والجمال، وسائر ألوان الحياة. ثم نجيل الطرف في لغة التنزيل العزيز فإذا الذي أدركناه من هذه الصنعة في أدبنا، ليس بشيء إزاء هذا الفن، الذي أحكمت صنعته قدرة لطيف خبير، يتضاءل معها ما يضطرب فيه بنو البشر. |
العربية بين النصرانية والإسلام :
إذا كان لنا أن نقول: إن العربية قد تأثرت بالإسلام، فكان من ذلك عربية تحمل طابعاً إسلامياً، فإن العربية قبل الإسلام ، ليس فيها شيء من الوثنية الجاهلية كان سمة لها، على نحو ما كان للإسلام من سمات في هذه اللغة العريقة. وقد نقول: وهل كان للنصرانية شيء من سمات في العربية الجاهلية؟ والجواب عن هذا: أننا لم نقف على شيء من ذلك، بل إن الصفة الغالبة على الأدب القديم في أحقاب ما قبل الإسلام هي (البداوة). وإن مادة هذا النمط من الحياة، قد طبع الأدب الجاهلي، بحيث غلب هذا على الالتماعات التي تستوقفنا، مما هو مندرج في أشتات الحضارة، من مواد تتصل بالعطور والحلي واللباس ونحو ذلك من أصناف ما يطعمون وما يشربون. ومع قولنا: إن الإسلام قد أبقى أثره في اللغة، فإن من العلم أن نقول: إن صفات العربية الجاهلية، قد بقيت في العربية الإسلامية، بحيث يصعب عليك أن تميز بين العربية على لسان شاعر نصراني كالأخطل، وعربية إسلامية على لسان الفرزدق. ولو لا تمسك جرير بالإسلام، ما أحسست شيئاً يميزه عن شعر الفرزدق أو الأخطل. . ولما كان جرير أشد لصوقاً بالإسلام من صاحبه الفرزدق، كان من ذلك شيء من أدب إسلامي، يتمثل فيما أخذه من آية كريمة، أو عبارة إسلامية وردت في الأثر الشريف. وما أظن أن الدارس ليكتشف من شعر الأخطل أنه نصراني، وأن أدبه يُلمح إلى ذلك، لو لا هذه الأبيات التي كنا قد حفظناها أيام الطلب: ولست بصائمٍ رمضانَ طوعاً ولست بآكل لحم الأضاحي ولست بقائمٍ كالعيْرِ أدعــو قُبيل الصبح حيّ على الفلاح ولكني سأشربها شـمـولاً وأسجدُ عند مُنبلج الصّـباح ولقد تعسف الأب لويس شيخو اليسوعي، حين جعل جمهرةً من شعراء الجاهلية، من (شعراء النصرانية). وليس في شعرهم شيء، يتسم بهذه النصرانية المدعاة. وقد نجد شيئاً من الكلم النصراني، في أدب الديارات، وفي شعر أبي نواس خاصة، كالفصح والباعوث، والراهب، والقس، والمزامير، والصليب، والمذبح، والزنار ونحو هذا من الكلم الخاص. ودلالة هذا معروفة فهي أشتات اقتضاها في مذهب أبي نواس، أدب اللهو والشراب، والخمر، وليس من شيء آخر. غير أننا نقف على عربية خاصة، كتبها نصارى في مادة نصرانية، فجاءت عربية خاصة. وإنك لتجد هذه العربية النصرانية، في النص العربي، للعهدين القديم والجديد، وما تجده منها في سائر أعمال الرسل والقديسين من رجال النصرانية. وهذه العربية حافلة بالكلمات النصرانية، ذات الأصول الدينية التاريخية. وقد نجد شيئاً من هذا، في ترسّل الكتاب اللبنانيين النصارى، فيما كتب "الشدياق" قبل أن يُسلم ، وبعد إسلامه، وما نجده في أدب جبران خليل جبران، ومارون عبّود، ولا تعدم أن تجد شيئا من هذا في أدب مي زيادة. ولو شئنا أن نقف على شيء من غير العربية في المعروف المأثور من أدباء اليهود وشعرائهم في الجاهلية والإسلام، لما وقفنا على أي شيء من ذلك لأننا نجد عربية قديمة لا تختلف في شيء عن العربية الجاهلية في موادها البدوية وغيرها. غير أننا نقف في أدب الشيخ ناصيف اليازجي في كتابه في (المقامات) التي وسمها بـ"مجمع البحرين" على عربية هي في الذروة من الفصاحة. لقد حفلت بأوابد الكلم في القديم، جاهلية وإسلامية، كما حفلت بجمهرة من نوادر الأمثال، وإشارات كثيرة إلى (نوابغ الكلم) من مشهور مجازات العربية واستعاراتها. وإنك لتجد في كل "مقامة" من هذه المقامات أدباً جماً ولغة عالية سليمة، عربية النجاد. تغرس أصولها بعيدة في بيئة ضاربة في مجتمع بدوي قديم، ولو لا أنك تقرأ أن قائلها (يازجي) عاش في جبل لبنان لما شككت أن صاحبها أعرابي لم "تعجبه الحضارة"، ولا عرف لينها، ولا نعم بخيرها، وملاذها. ولم يقتصر الأمر على هذا، فإنك لتجد فيها إلى جانب هذه الأشتات البدوية، إسلاما ناصعاً يتمثل في شيء من كرائم الآيات، وتعابير لا نجدها إلا في لغة التنزيل العزيز، ولو لا أنك تقرأ في فاتحة هذه المقامات أن "اليازجي" هذا الذي تزيّ بزيّ البدوي الصميم هو من "الأمة العيسوية" لما خامرك شك في أنه مسلم شرح الله قلبه للإسلام. فكيف لنا أن نفسر هذه الظاهرة؟ ألنا أن نقول : إن "المقامات" موضوع إسلامي يفرض على صاحبه أن يتزود بمواد الإسلام من الآي الكريم والأثر الشريف!! لا، ليس لنا أن نقول ذلك، فالمقامات في الذي كانت ترمي إليه، علم لغوي يختزن الأوابد والفرائد والشعر والرجز، مما يشتمل على قول مأثور، ومثل سائر، ومواد أخرى من أعلاق العربية الغالية. فكيف نقول إذن؟ ليس لنا أن نقول إلا أن يكون اليازجي قد آمن قلبه بالإسلام، وانتهى إلى أن أدب العربية لا بد له أن ينعش بهذا الفيض العلوي الإسلامي، ولو لا أن الانقلاب من النصرانية إلى الإسلام من شأنه أن يثير أمامه المشكلات والصعاب في عصر ما زال فيه للسلطان الديني النصراني قوة، لكان له أن يستجيب لهذا الداعي في دخيلته، وما أظن أن رجال العلم من النصارى في عصره لم يبتئسوا مما فرط فيه اليازجي في حق دينهم حين كتب هذه "المقامات" التي عمرت بالطابع الإسلامي. وقد يكون مفيداً جدًّا أن نستقري هذه الآثار الإسلامية في "مجمع البحرين" ليكون القارئ على ثقة مما حملته إليه من دعوى، قد يظنها عريضة مدّعاة لا تخلو من إغراق. وإني لواثق أن القارئ لن يحملني على التعصب للإسلام وأنا أفجؤه بهذا الذي ذكرت، ودونك هذه الآثار: 1 - جاء في المقامة الأولى لمعروفة بـ "البدوية" في الصفحة 5: . . . . . . حتى إذا أشرفنا على فريق يناوح الطريق، عرض لنا لصوص قد أطلقوا الأعنة، وأشرعوا الأسنة، فأخذ الشيخ القلق، وقال: أعوذ برب الفلق، من شر ما خلق. أقول: وفي هذا اقتباس من سورة الفلق وهو قوله تعالى: (قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق )(الفلق:1-2). 2 - وجاء فيها أيضاً قول المؤلف: . . . .ولما التقت العين بالعين، على أدنى من قاب قوسين، قال : يا قوم هل أدلُّكُمْ على تجارة. . . . أقول: وفي هذا اقتباس من قوله - تعالى- : (فكان قاب قوسين أو أدنى )(النجم:9) وفي اقتباس آخر من قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تُنجيكم من عذاب... )(الصف:10) 3 - وجاء فيها أيضاً قوله : . . . . . حتى إذا أثخنوهم، شدّوا الوثاق، وقد كادت أرواحهم تبلغ التراق. . . ثم أدخلونا إلى بيت طويل الدعائم في صدره شيخ. . . . . فقال: أحسنت أيها النذير فسنوفي لك الكيل.. أقول : وفي هذا اقتباس أو إيماء لقوله تعالى : (حتى إذا أثخنتُموهم فشُدّوا الوثاق )(محمد:4). وكذلك لقوله تعالى: (كلاّ إذا بلغت التراقي )(القيامة:26) . وليس بعيداً أن يكون المؤلف قد نظر إلى قوله تعالى: (وأوفوا الكيل والميزان بالقسط )(الأنعام: 152). 4- وجاء فيها في الصفحة 6 قول المؤلف: . . . . وقال: (يا قوم اتّبعوا من لا يسألكم أجرا ً). أقول: وفي هذا إيماء لقوله تعالى: (يا قوم لا أسألكم عليه أجرا ً)(هود:51) أو إنه إيماء لقوله تعالى: (يا قوم اتبعوا المرسلين، اتبعوا من لا يسألكم أجرا ً)(يس:20-21). 5- وجاء في الصفحة 7 من هذه المقامة: . . . . .وأخذ يتخطى ويتمطى ذات اليمين وذات الشّمال. . . . أقول: لعلّ في هذا شيئاً نظره المؤلف في قوله تعالى: (. . . ونُقلبهم ذات اليمين وذات الشمال )(الكهف:18). 6 - وجاء فيها أيضاً قول المؤلف: . . . . . . وقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله. . . . . أقول: وهذه من العبارات التي يرددها المسلمون في اتكالهم على الله ذي الحول والطول. 7 - وجاء في المقامة الثالثة المعروفة "العقيقية" في الصفحة 13: ولما فرغ من "أبياته" زفر زفرة الضرام وقال: ":كُلُّ من عليها فان ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام". أقول: وهذا الذي ذكره المؤلف هو الآية السادسة والعشرون من سورة الرحمن، غير أن المؤلف أدرج الآية في كلامه ولم يُشر ولم يومئ إلى أنها آية كريمة. 8 - وجاء في الصفحة 14 منها قوله: . . . . وقال: اركبي باسم الله مجراها. . . . أقول: وليس من شكّ أن المؤلف نظر إلى قوله تعالى: (وقال اركبوا فيها باسم الله مجريها ومرساها )(هود:41) 9 - وجاء فيها قوله أيضاً: . . . . . فقلت : إن الشيخ قد أتى بقلب سليم: والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. . . . . أقول: إن الشق الأول من قول المؤلف مأخوذ من قوله تعالى: (يوم لا ينفع مالُ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )(الشعراء:89). وأما الشق الثاني فهو من الآية 213 من سورة البقرة، وكلاهما مندرج في كلامه، وليس من إشارة إلى أنه شيء من لغة التنزيل العزيز. 10 - وجاء في المقامة الرابعة المعروفة بـ "الشامية" في الصفحة 18 قوله: . . . . وسأستغفر الله لي ولهم إذا وقفنا على الصراط . . . . أقول: والاستغفار للنفس، للمتكلم، وللمخاطبين أو المتحدث عنهم، من دعاء المسلمين، وهو شيء من بعض الدعاء الذي يتوجه به خطيب الجمعة في خطبته. وأما الصراط فهو أدب سلامي، وقد عمرت اللغة الشريفة بذكر "الصراط" وفيه للمسلمين عظة وعبرة وذكرى. 11 - ثم نقف على قول المؤلف في هذه "المقامة" في الصفحة 19: . . . . لو رمى الله بك أصحاب الفيل، أغنيت عن الطير الأبابيل. . . . أقول: وليس من شك أن في "أصحاب الفيل" إشارة أو لمحةً لما ورد من "أصحاب الفيل" في قوله تعالى: (ألم تر كيف فعل ربُّك بأصحاب الفيل )(الفيل:1). وليس قوله: "عن الطير الأبابيل" إلا شيئاً من قوله 0 تعالى: (وأرسل عليهم طيراً أبابيل )(الفيل:3). 12 - وجاء في "المقامة" الخامسة المعروفة قوله: . . . . وما أدراك ما هيه، قال: هي فرية وسوس بها إليها الشيطان، ومرية ما أنزل الله بها من سلطان. قال: فادفع عن نفسك بالتي هي أحسن، ولا تجادل في أشياء إن تبد لك تسؤك فتحزن. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. . . . أقول : وجملة هذا الذي دبّجه اليازجيّ في "مقامته"، اقتباس من آيات محكمات يقرؤها المسلم فيقف على مكانها من لغة التنزيل العزيز. وقوله: "وما أدراك ما هيَهْ" هو الآية العاشرة من سورة القارعة. وقولة "هي فرية وسْوسَ بها إليها الشيطان"، فشيء غير بعيد من قوله تعالى: (فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وُوري عنهما )(الأعراف:20) وقوله: (ومرية ما أنزل الله بها من سلطان) هو بعض من الآية الأربعين من سورة يوسف: (ما تعبدون من دون الله إلا أسماء سمّيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان)، وقوله: "فادفع عن نفسك بالتي هي أحسن) مأخوذ من قوله تعالى: (ادفعْ بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )-(فصلت:34). وقوله: "ولا تجادلي أشياء. . . . ." مأخوذ من قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسُؤْكم )(المائدة:101). ثم ختم قوله بقوله: (لا حول ولا قوة. . . .) وقد كنا أشرنا إلى ذلك. 13 - وجاء في الصفحة 22 قوله: . . . . .وقالوا لها: "أنفقي مما رزقكِ الله حتى يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده. . أقول: وقوله: "أنفقي ممّا………" يشعر بآيات عدة ورد فيها الأمر بالإنفاق ومنها: (وأنفقوا مما رزقناكم. .)(البقرة:254) وقوله: "حتى يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده" يومئ إلى قول تعالى: (فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده )(المائدة:52). 14 - وجاء فيها أيضاً قوله: . . . .. قال: قد رأيتم في الكتاب رأي العين، أن للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن أحسنتم فإليكم، وإلا فكتاب الله عليكم. قالوا: قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان، فقد أحسنت وما جزاء الإحسان إلا الإحسان. . . . أقول: وفي جملة هذا إشارات وإيماءات إلى آيات عدة، غير أن المؤلف قد أوتي من البراعة في أنه أدرج ما اقتبس من غير إيذان مما قد يغفل عنه القارئ الذي لم يتمثل كلام الله جل وعلا. فقوله: "أن للذكر مثل حظ الأنثيين" فآية معروفة هي الحادية عشرة من سورة النساء، وهي من قواعد الميراث المهمة في الفقه الإسلامي. وقوله: "فإن أحسنتم فإليكم" غير بعيد من الآية الكريمة (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم )(الإسراء:7). وقوله : "وإلا فكتاب الله عليكم" يومئ إلى أن المؤلف قد نظر إلى قوله تعالى: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم )(النساء:24). وقوله: "قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان" فهو الآية 41 من سورة يوسف. وقوله: "ما جزاء الإحسان إلا الإحسان" فهو من الآية 60 من سورة يوسف وهي: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ). 15 - وجاء فيها في الصفحة 23 قوله: . . . . قلت: ليس معي إلا دينار واحد فاقتسماه، وإلا فنظرةُ إلى ميسًرة من رزق الله. أقول : وهل يخفى ونحن نقرأ هذا أن نتذكر في الحال قوله تعالى: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميْسرة )(البقرة 280) 16 - وجاء في "المقامة" السادسة المعروفة بـ "الخزرجية" قوله في الصفحة 27: . . . . ولكن خُلق الإنسان من عَجَل. . . . أقول: وهذا من قوله تعالى: (خُلقَ الإنسان من عجل )(الأنبياء:37). 17 - وجاء في الصفحة نفسها قوله: . . . . قد علمتم يا قوم أن الخير معقود بنواصي الخيل. . . . أقول: وهذا من الحديث الشريف: "الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة، الأجر والغنيمة". ولكن المؤلف قد غيَّر من رواية الحديث فقدم وأخّر، والحديث هو هو. 18 - وجاء فيها أيضاً قوله: . . . فإن تمسّكتم بالعروة الوثقى، وإلا فالله خير وأبقى. . . أقول : قوله: "فإن تمسّكتم بالعروة الوُثقى" يومئ إلى قوله جل وعلا: (فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها... ) (البقرة:256). وقوله: (وإلا فالله خير...) هو من قوله تعالى: (والله خيرُ وأبقى )(طه:73). 19 - وجاء في الصفحة 28 من هذه "المقام" أيضاً: وقال ربِّ ثبِّتْ قدمي واشدُد عصاي التي أتوكأ عليها وأهشّ بها على غَنمي. . . أقول: وهذا كله يومئ إلى قوله تعالى: (قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي )(طه:18). 20 - وجاء في الصفحة نفسها قوله: . . . وقلتُ له: هنيًّا مرياًّ ، لقد جئت شيئاً فرياً... أقول: قوله: "لقد جئت. . ." يومئ إلى قوله تعالى: (فأتت به قومها تحمله، قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فريا ً)(مريم:27). 21 - وجاء في "المقامة" السابعة المعروفة بـ "اليمنية" في الصفحة 32 قوله: . . . فخذه وسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً. . . أقول: وهذا من قوله تعالى: (فسبّح بحمد ربِّك. . . )(النصر:3). 22 - وجاء فيها أيضاً قوله: فقال القاضي: إنني بحكمك راضً فاقض ما أنت قاض . . . والقاضي يقول: إن الله لا يضيع أجر المصلحين. . . أقول: وقوله: "فاقض ما أنت قاض" هو الآية الثانية والسبعين من سورة طه. وقوله: (إن الله لا يُضيع أجر المصلحين يومئ إلى الآية: (إن الله لا يُضيع أجر المحسنين )(التوبة:120). 23 - وجاء في "المقامة" الثامنة المعروفة بـ "البغدادية" قوله في الصفحة 34: . . . أو لم تيأسوا أن الكتاب قد أقام له وزناً. . . أقول: والفعل "تيأسوا" هنا بمعنى "تعلموا" وهو من قوله تعالى: (أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً ) (الرعد:31). و (ييأس) بمعنى يعلم، وهذا مما استشهد عليه النحاة واللغويون. يقول الشاعر القديم: أقول لهم بالشِّعب إذ يأسروني ألم تيأسوا إني ابن فارس زهدم 24- وجاء في الصفحة 35 منها قول: . . . سبحان من علم آدم الأسماء. . . وهذا يومئ إلى الآية (وعلَّمَ آدم الأسماء كلها... )(البقرة:31). 25- وجاء فيها أيضاً: وقال: يا أولي الألباب، إن الله يرزُق من يشاء بغير حساب... أقول: وقوله: (إن الله يرزُق...) هو الآية السابعة والثلاثين من سورة آل عمران. 26 - وجاء في (المقامة) الستين المعروفة بـ "القُدسية" في الصفحة 266 قوله: . . . الحمد لله الذي جعل حرمه أمناً للعباد، ومُقاماً للعبّاد، وهو الذي خَلق فسوّى، وقدّر فهدى، وأضحك وأبكى، وأمات وأحيى، والذي جعل الأرض مهاداً، والجبال أوتاداً، وبنى فوقكم سبعاً شداداً، والذي مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخ لا يبغيان، وهو كل يوم في شأن، لا إله إلا هو الفرد الصمد الذي لا يلد ولم يولد، ولم يكن له كُفواً أحد.. أقول: وجملة هذا من الكلم الشريف الذي تضمنته آيات عدة في سور مختلفات لا تخفى على كل مسلم وعى كتاب الله -سبحانه-. خــاتـمــــة وبعدُ. . فلا بد لي في هذه "الخاتمة" أن أعود إلى " مجمع البحرين" فأقول: إنه كتاب في "المقامات " اشتمل على ستين "مقامة"، عُرف كلُ منها باسم منسوب إلى بلد من البلدان العربية في الغالب، وقد يكون فيها ما نُسب إلى غير ذلك. و "المقامة" كما هو معروف، ضرب من الكتابة العربية القديمة ابتدعها أصحابها في العصر العباسي، وألبسوها لوناً من الحكاية، وقد اختار كلُّ واحد من أصحاب المقامات راوياً متحدثاً يحدث عن نفسه وعن غيره. وكان الغرض من "المقامات" أن يعرض صاحبها في كل منها "لمجموع لفيف" من اللغة وأوابدها، وفرائدها، وطائفة من أمثالها، وما جاء في أسرار ألفاظها، وكيف كان من أصولها، ولا تعدم أن تجد إشارات نحوية، وصرفية، وبلاغية، وعروضية، ونحو ذلك من المعارف اللغوية والتاريخية وغيرها. وصاحب المقامة يحكم العرض لهذه المسائل، وإنك لتقرؤها فلا تراه متعسفاً محمولاً على ما يريد بقسوة وشدة، وهذا يعني أن المواد اللغوية وما يتصل بالمعارف الأخرى تأتي وكأنها غير مقصودة لذواتها. والقارئ يقبل عليها ولا يمل مما حفلت به من أسجاع وفواصل، هي خصيصة من خصائص هذا الفن القديم. ولنرجع إلى "مجمع البحرين" الذي أراد له صاحبه اليازجي أن يكون وعاءً لجملة هذه المعارف اللغوية القديمة، وكان في طوقه أن يكتب مقاماته على نحو ما كتب المتقدمون من أصحاب المقامات. غير أن اليازجي ربما آمن أن "المقامة" محتاجة إلى نمط من الكلام البليغ، مع التزامه بالتقسيم القائم على الفواصل المنظومة، في تناسبها وأسجاعها. وهذا النمط من بليغ الكلام، لا يؤديه المثل القديم، والعبارة المأثورة المسجوعة، والرجز المحبب ذو النغم الراقص، ولكنه محتاج، بل مفتقر، إلى هذا العذب النمير الذي ينساب من الكلم الشريف، مما يعمر به كتاب الله وسنة نبيه الكريم. ومن أجل ذلك سعى اليازجي إلى الإفادة من لغة التنزيل العزيز، عارفاً وجه الإفادة، مهتدياً إلى الطريق إليها، فكان له ما أراد. وقد التزم بهذا، وقد كان له أن يأتي بمقاماته من غير أن يكون منه هذا الالتزام بالكلم الشريف، ولعل هذا يدعوني إلى أن أفترض افتراضاً مفتقراً إلى أن يكون شيئاً مقرّراً مؤيداً، وهو أن اليازجي قد أحب هذا الأدب السماوي، بل آمن به، ولولا (عيسوية) وصف بها نفسه في "فاتحة مجمع البحرين"، لكان غير اليازجي اللبناني، ولقلت أسلم قلباً ، وتنصر ظاهراً، بسبب ما كان من ظروف قاهرات. قد يكون شيء من هذا!! وأنا أخلص من هذا العرض إلى أن العربية مقترنة بالإسلام، وليس لعربية أخرى من وجود أدبي تاريخي فني، إذا انسلخت من هذا الذي طُبعت عليه، فكان منها قلباً وقالباً. |
مـن مـواد المـعجم التاريخــي الجمع في طائفة من الكلم القديم كثر الحديث عن "المعجم التاريخي"، وربما وصل العرب هذا المصطلح الجديد مما عرف في الدراسات المعجمية الحديثة، أن هذه الدراسات مهما اكتسبت من "التغريب"، لا يمكن أن تستغني عن الأصول اللغوية، ذلك أن الجديد اللغوي لا بد أن يحتفظ بشيء من علاقة عضوية بالأصول القديمة. ولنا أن نسأل أنفسنا : ألنا من تراثنا "معجم تاريخي؟" وهل لنا أن نعد مثلاً "لسان العرب" ضرباً من هذا المعجم؟ والجواب عن السؤالين هو أننا لا نملك هذا المعجم، وليس "لسان العرب" ولا غيره من المطولات هو هذا الذي نتساءل عنه. إن "المعجم التاريخي" يجب أن يكون قائماً على العناية بالأصول، ثم الفروع عن هذه الأصول، وهذا يعني أنه يسرد المسيرة التاريخية منذ نشأتها بل ولادتها إلى نهايتها، ولا أريد بـ "النهاية" الموت والفناء، وإن يكن هذا من الأمور الحاصلة في جمهرة من الألفاظ التي عفا عليها الزمن، أو قل قد انتفت الحاجة إليها. إن لكل كلمة من الكلمات في العربية، كما هي الحال في كل لغة، "سيرة" . . وهذه السيرة تخضع لظروف عدة، وتكون حاجة من حاجات المعربين. ومن هنا كانت الكلمة محكومة بحاجات، ما تني تزداد يوماً بعد يوم، على أن هذا الجديد من الحاجات، لا يخلق من اللفظ شيئاً من عدم، بل إن المعربين يكونون مسوقين إلى البحث عما لديهم من اللفظ، فيعملون فيه النظر، حتى يكون لهم الجديد في الأبنية التي عرفوها في العربية. ولنا أن نقول: إن المعجم التاريخي في ضبطه لأفراد هذه اللغة، لا يكون محكوماً، بل ساعياً إلى البحث عن الصواب والخطأ، ذلك أن "الصوابية" في كثير من الألفاظ، لا تخضع للاعتبار. . إن النظر إلى التطور (الصحيح) يبعدنا عن الخوض في الخطأ. إننا حين نبحث في سيرة اللفظة، فنراها تكتسي لبوساً خاصاً في كل عصر، اتساعاً ومجازاً، وتشبيهاً، ونحن نقبل هذا اللبوس، بل قل: إننا محكوم علينا أن نقبله، نكون في ذلك غير محصورين في دائرة الضيق ونتجاوز بذلك الحدود إلى أبعد من عصر الاحتجاج. ما زالت العربية القديمة موضع درس، وأن الكثير من نوادرها يسترعي النظر، وقد بدا لي أن طائفة من الكلم المجموع، تقتضينا أن نعود إليها، غير مكتفين بالذي شاع من أبنيتها. إن مصادر العربية القديمة ولا سيما مطولات المعجمات قد توقفت في طائفة فسردت فيها أقوالاً لا تخلوا من التضارب، وإن الدارس ليقف فيها على حشد من الآراء والتأويلات، وكان لي أن وقفت وقفة طويلة على طائفة من هذه المواد أبدأها بمسيرة تاريخية، لأشير في خاتمة المطاف إلى ما آلت إليه، وسأرتب هذه بحسب أوائلها، دون النظر إلى أصولها الاشتقاقية، ودونك - صاحبي الدارس المعني - هذه المواد: 1 - سـجـــال: إن هذه الكلمة قديمة، ولكنها بقيت في العربية المعاصرة، والمعربون في أيامنا درجوا على استعمالها مصدراً كأن أقرأ في "صحيفة الشرق الأوسط" في مناظرة الثقافة والأدب: لماذا اختفى "السجال" من حياتنا الثقافية؟ والذي يخلص من هذا، أن السجال بمعنى الجدال والمناظرة، وهذا هو الجاري لدى الكتاب في مقالاتهم وأبحاثهم، ومن هذا ما يقول آخر: اشتد "السجال" بين الأطراف كافة، وهذا شيء فاش كثير. أقول: و "السجال" بهذا الاستعمال وهذه الدلالة شيء جديد مستوحى من معنى السجال في الأصل. السجال": جمع سجْل بمعنى الدلو الممتلئة ماءً، ولا يكن سجل إلا وهو ممتلئ ماءً، قال لبيد: يُحيلُون السجال على السجال. وفي حديث أبي سفيان: أن هرقل سأله عن الحرب بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: الحرب "سجال" معناه: إنّا نُدَال عليه، ويُدال علينا أخرى. أقول: وقوله: "الحرب سجال" على التشبيه، أي هي كالسجل يتناوب فيها المستقيان من البئر، وهي كما في الأصل جمع "سَجْلُ" وليس فيها شيء مما درج عليه المعاصرون الذين حولوا الكلمة في استعمالهم إلى "مصدر" وكأنه في استعمالهم مصدر لـ "ساجل" مثل: سابق ومصدره "سباق" و "مسابقة". أقول أيضاً : إن الأقدمين ذهبوا في دلالة "السجال" وهي جمع إلى معنى المبادلة والمعاقبة فأخذوا من السَّجْل وهو الاسم، المساجلة ولم يحولوا السجال إلى مصدر نحو: السباق والمسابقة، والصراع والمصارعة، وغيرهما كثير جدا. وأريد أن أقول: إن مصدر "فاعل" هو المفاعلة والفعال، وهذا لا يعني أن كل فعل على هذا يأتي منه هاتان الصيغتان فكثيراً ما اكتفي في العربية بأحدهما وهجر الآخر على قياسيته. ألا ترى أنك تقول: "المباراة" من الفعل "بارى" ولا تقول براء ولم يجر به الاستعمال وتقول: مضاحكة ولا تقول: ضِحَاك، وتقول: ملاعبة ولا تقول : لِعَاب، وتقول: مكاثرة ومكابرة، ولا تقول: كِثَار ولا كبار. ومن هنا كان على المعاصرين أن يكتفوا بـ "مساجلة" لأن السجال بقيت في العربية جمعاً، ولم ترد مصدراً، وإن كانت قياسية كالمساجلة. واستعمل الزملكاني صاحب "البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن" في كلامه على الأحرف في فواتح السور كلمة التساجل، ولم يرد هذا المصدر في كتب اللغة، ولكن المؤلف جعله من قبيل التبادل والتناوب ونحوهما، وكان موفقاً فيه، قال: "إنها كالمهيِّجة لمن يسمعها، والموقظة للهمم الراقدة من البلغاء لطلب التساجل في الأعلام". . . أقول : فكيف نقول في "سجال" في استعمال المعاصرين الذين حولوها مصدراً؟ الجواب عن ذلك: ليس من ضير في هذا، وقد استوحى المعاصرون هذه الدلالة من المعنى في الأصل وأنها شيء مثل المساجلة بل قل نظير المساجلة في القياس، وليس لي أن أهرع إلى القول بـ "الخطأ". أقول: إن المعاصرين حين درجوا على استعمالهم هذا، لم يشعروا أنهم تجاوزوا الأصل، ولعل كثيرين منهم لم يعرفوا دلالة "السجال" في استعمال العرب الأقدمين ، ولكنهم يستعملون الكلمة حين يبدؤها أحدهم فتشيع، أفلي أن أقول: إن الكلمة قد "تُرْزَأ" بشيوعها؟ على أن في العربية شيئاً من هذا التحول كما سنرى. 2 - شــتّى: استعملت "شتى" في قوله تعالى: (إن سعيكم لشتى)-(اليل:4)، والمعنى: مختلف متعدد، والكلمة خبر، والخبر يفيد الوصف، وكأن (شتى) نعت أو صفة في المعنى، في حين وردت للمبتدأ اسم ذات في قوله تعالى: (وقلوبهم شتى )(الحشر:14). والخبر "شتى" في الآية تومئ إلى أنها، شتى جمع شتيت، كما سنرى في المثل العربي القديم، الذي يشير إلى دلالتها على الجمع "شتى يَوُوب الحلبة". وكلمة "شتى" في الأصل جمع شتيت مثل جريح وجرحى، ومريض ومرضى. وقد فطن إلى هذا الدكتور مصطفى جواد، وأشار إلى أنها في الاستعمال قد ابتعدت عن بناء الجمع، وتحولت إلى ما يشبه النعت أو الصفة. أقول: والذي ذكرته أنا من استشهاد بالآية الكريمة، لدليل كاف يؤيد رأي الدكتور مصطفى جواد في تحول هذه الكلمة إلى معنى الصفة أو النعت كما أن استشهادي بالمثل القديم يدل على أصالة الجمع فيها. 3 - غُـــزّى: جاءت هذه الكلمة في قوله تعالى: (أو كانوا غزّى )(آل عمران:156)، في المصحف الكريم الذي بين أيدينا، وقرأت "غُزاة" بضم الغين وفتحها، كما قرأت "غزي" بكسر الغين وتشديد الياء، وكلها بمعنى الجمع، والمفرد "غاز" وكذلك "غزي" مثل "ندي" و نَجي" وهما جمع "ناد و ناج". والذي دل عليه الاستقراء أن بناء "فُعَّل" من أبنية الجمع يكون جمعاً لـ "فاعل" صحيح اللام لا معتلها نحو : ساجد وراكع، وجمعهما "سُجَّدُ" و "رُكّعُ " ومن هنا كان "غُزّى" في لغة التنزيل العزيز من الجمع القليل. ومجيء غُزّى في الآية يقدم فائدة تاريخية نخلص منها إلى أن اللغويين حين عرضوا لأصول اللغة لم يفيدوا الفائدة القصوى من لغة التنزيل. 4 - فــوْضَــى: وهذه كلمة أخرى وُفّق إلى معرفتها الدكتور مصطفى جواد - رحمه الله - حين لمح الجمع في دلالتها وقال: هي "فضّى" في الأصل ثم عرض لها الإبدال بعد فك الإدغام فصارت "فوضى" وقال: إن المفرد منها فضيض مثل شتيت التي جمعت شتى وقد سبق الكلام عليه. أقول: لم يكن شيء من هذا لدى اللغويين الأقدمين كما نستفيده من المعجمات ذلك أنهم ذكروا: فوضى وفيضى و "فيضوضا" ولم يلمحوا أن أصلها فضّى على نحو ما ذهب إليه الدكتور مصطفى جواد. أقول: إن فوضى قد حولت في استعمالهم إلى نوع من المصدر، وكأنها صارت تفيد ما يفيده "الاضطراب" وعدم النظام وهذا في استعمال الأقدمين أيضاً، غير أننا نجد في شعر الأفوه الأزدي قوله: لاَ يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضى لاَ سَـراةَ لَهُمْ وَلاَ سَـرَاةَ إذا جُـهَّالهـم سـادُوا. وكلمة فوضى تفيد الوصف ومعناها مختلطون ، ومن هنا يصح لي أن ألمح صواب ما ذهب إليه الدكتور مصطفى جواد. 5 - مشـاكل : أقول: هي كلمة شاعت في العربية المعاصرة جمعاً لـ "مشكلة" وهي في الاستعمال القديم جمع سالم مؤنث "مشكلات". وقد كثر استعمال مشكلة في العربية المعاصرة، وكذلك جمعها، لقد اختار المترجمون النقلة في المشرق العربي كلمة مشكلة مؤنثة للكلمة الإنجليزية Problem فشاعت وكتب له السيرورة، ولو أنهم اختاروا كلمة أخرى بمعناها نحو معضلة مثلاً لشاعت أيضاً، في حين وجد المترجمون النقلة في المغرب العربي أن هذه الكلمة في الفرنسية مذكرة فاختاروا لها "المشكل". ولن تجد التونسي إلا قائلاً المشكل في هذا الأمر هو كذا وكذا كما لن تجد المشارقة إلا قائلين "المشكلة الكبرى". ثم أعود إلى جمعها فأقول: إن "مشكلة" هي بناء اسم الفاعل من الرباعي نحو "معضلة" وجمعها معضلات ولا نقول: معاضل، كما نقول مشاكل ولكننا نقف على قوله تعالى: (وحرمنا عليه المراضع )(القصص:12). واسم الفاعل هذا لا يأتي منه "مَفاعل" في الجمع إلا نوادر قليلة و "المراضع" جمع "مُرْضِعَة" لا "مُرْضَعْ" ، ومن هنا يكون لنا أن نحكم بصحة مشاكل، ولي أن أقول في هذا الجمع ما قيل في جمع مصيبة فقد جمعت على مصائب وهو الكثير ولكنه على غير قياس، وجمعت على "مَصَاوِب" واسم الفاعل لا يجمع على مفاعل إلا أنهم توهموا أن المفرد مصيبة على وزن فعيلة لا "مُفعلة". وكأن هذا الذي عبروا عنه بـ " التوهم" صوغ هذا الخروج عن القياس. 6 - مـصــائــر : أقول: في تاريخ هذه الكلمة المجموعة أنها جمعت وشاعت في هذه الصيغة في العربية المعاصرة ذلك أنها وردت مفردة عدة مرات في لغة التنزيل، وأن ورودها مفردة في لغة التنزيل يشير إلى أن الكلمة، وهي مفردة، تؤدي ما يراد منها، فليس ثمة حاجة إلى أن تجمع. وقد نسأل : لم كان هذا الجمع؟ والجواب عن هذا، أن العربية المعاصرة جمعت الكلمة تأثراً باللغات الغربية، التي ترد فيها هذه الكلمة مجموعة، كأن يقال فيها: "مصائر الأمم" أو "مصائر" الشعوب التي ما زالت تحت نير الاستعمار ومثل هذا. والكلمة الإنجليزية Denstiny والكلمة الفرنسية Destin أو الكلمة الأخرى Sort يأتي كله مجموعاً في هاتين اللغتين: ولما كنا ننقل عن هاتين اللغتين اضطراراً وحاجة ، فلا بد أن ننتهي إلى هذا الذي حصل من جمع هذه الكلمات، أقول أيضاً: إن المعربين في عصرنا يجهلون دقائق العربية، وهم يحسبون مصائر بالهمز فصيحة، ولو قال أحدهم: "مصاير" لحسبوا أنه متأثر بالإعراب الدارج العامي، ولم يعلموا أن "مصاير" بالياء هي الفصيحة، وأن الياء فيها لا تبدل همزة، وهي نظير مصايد ومشايخ وليس لنا أن نهمز هذه الألفاظ لأن الياء فيها أصل. إن الياء في مصاير ليست كالياء في حديقة التي تبدل همزة في الجمع فنقول: حدائق لأنها زائدة وليست أصلية والفعل "حدق". ثم إن المعاصرين قد جمعوا "مصير" على مصائر" جمع توهم، فكأن الميم أصل في الكلمة، وهي بذلك وزان "فعيل" كما قيل في "سرير" "سرائر" وهو غير "سُرُرُ" و "أسرة". وقد مرّ شيء من هذا في تعليقنا على "مصيبة" و "مصائب". ومصير اسم مفعول لا يمكن أن يجمع على مصاير لو لا فذلكة التوهم. 7 - مـصــاعب : "المصاعب" جمع "مُصْعَبْ"، وهو الفحل الذي يودع من الركوب والعمل للفحلة. قال أبو ذؤيب: كأنّ مصاعيب زُبَّ الرؤو سِ في دارِ صَرْمٍ تَلاقى مُريحا قالوا : أراد "مصاعب" فزاد الياء لتأتي له "فعولن". أقول: وجدت هذا دليلاً على أن حذف الياء هو الفصيح وليس العكس. وقد فات الدكتور مصطفى جواد هذا في ذهابه إلى أن جمع معجم هو معاجيم كأنه حملها على المسانيد جمع مُسْند والمراسيل جمع مرسل من مصطلحات الحديث الشريف. |
بين الأصالة والتوهم :
ذكرت أن "المسيل" هو السيلان ومن هنا كانت الميم زائدة، ولما جمع المسيل على "أمسلة" و "مُسُل" و مُسْلان" و "مسائل" ، علم أنهم توهموا أصالة الميم، وهي زائدة في الحقيقة. والأمر يتجاوز هذا، ذلك أن اللغويين أفردوا لها مادة في المعجم القديم، وكأنها أصل، وزاد فيها المعربون وذهبوا كل مذهب فكان منها "المَسَل" لمسيل الماء أيضاً وكان منها "المَسْل" بإسكان السين للقطر. ومن عجب أن جملة هذا في مادة "مَسَل" ولم يكن له إشارة في مادة "سيل". ومن هذا أيضاً أن "مدينة" قد جمعت على مدائن، ولم يلتفت إلى أصالة الياء بل حسبت مثل ياء "فعيلة" زائدة فجمعت على ذلك فكانت "مدائن". وقد جعلها اللغويون أصلاً في المعجم القديم "مَ دَ نَ" . والحقيقة التاريخية تشير إلى أنها "د ي ن "، غير أن مادة "د ي ن" في المعجم القديم قد خلت مما يشير إلى "المدينة". إن المدينة تشير في صوغها إلى أنها من "الدين" أي الحساب ومن هنا انصرفت إلى معاني التمدن والتحضر. إن "يوم الدين" في الأدب الإسلامي هو يوم الحساب ويوم الحكم. وهذا المعنى هو نفسه في الأصول السامية، فبيت الدين هو هذا المعنى في اللغة الآرامية، ومن هنا سميت كنيسة "بيت الدين"، وهي من حواضر لبنان. وبيت الدين في اللغة العبرانية تعني بيت الحكم، أي المحكمة. فمن حقنا أن نضع الأصلين في المعجم التاريخي، ويشار في مادة "د ي ن" إلى مادة "م د ن". وقد فطن الأزهري إلى شيء من هذا في جموع "مسيل" التي تقدمت فقال: وهذه الجموع على توهم ثبوت الميم أصلية مثل مكان وأمكنة، قال ساعدة بن جؤية، يصف النحل: منها جوارس للسراة وتختوي كَرَبَات أمْسلة إذا تتصوّبُ ولكن الأزهري حين أتي بالشواهد أراد أن يثبت معنى "أمسلة" فيه فقال: و"الأمسلة" جمع "المسيل"، وهو الجريد الرطب، وجمعه "المُسُل". وقال: "سمعت أعرابياً من بني سعد نشأ بالأحساء، يقول لجريد النخل الرطب: "المُسُل"، والواحد "مسيل". ومن هذا أيضاً قولهم: "ماء معين"، أي صاف عذب نمير، قال تعالى: ((يطاف عليهم بكأس من معين))-(الصافات:45). وقوله تعالى: ((قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين)) - (الملك:30). وقد ورد "المعين" في مادة "عين" في المعجم القديم، ووروده هنا يشير إلى أصله وهو "عين الماء". كما ورد في مادة "مَعن"، ومن دلالات "المَعْن" الاستقاء. إلا أن "معن" دلت على مواد كثيرة ابتعدت عن الماء والاستقاء فصارت مادة قائمة وحدها، لا صلة لها بـ "عين". ومن ذلك "المعان"، بمعنى المكان أو المنزل، و "الماعون" بمعنى الطاعة والزكاة وأسقاط البيت. ومن هذا أيضاً "المكان" الذي جمع على أمكنة، وقد سبق الكلام عليه. ولكني أضيف هنا إلى أن شهرة "المكان" وسيرورة استعماله جعلا منه أصلاً. أقول: "أصلاً" لأنهم أخذوا منه الفعل "م ك ن" الدال على القدرة، و"التمكن"، الثبوت في المكان والاستقرار فيه، ثم اتُّسِع فيه إلى القدرة مطلقاً. و "المكين" : هو القادر المتمكن ذو المكان وكأنهم حسبوه على "فعيل" ولم يُلمِحُوا إلى أنه من "ك و ن". خــاتمـــة وبعد فهذا موجز مفيد عرضت فيه لجملة من ألفاظ الجمع، وشققت فيها الكلام على الأصول وما عرض لها في تاريخها في الاستعمال من ضروب من الاتساع حتى انتهت إلى ما انتهت إليه. وكأني أدرك أن المعرب القديم تجاوز فيما دعي بـ "التوهم" مسألة الصواب والخطأ. ومن عجب أنه صوب مسائل ضاق بها المعاصرون فذهبوا فيها إلى الخطأ. ويحسن بي في هذا الصدد أن أفيد من سماحة لغة الذكر وشجاعتها فأورد منها: الأول: وهو مفيد كل الفائدة من الناحية اللغوية التاريخية، قال تعالى : ((إن السماوات والأرض كانتا رَتْقاً ففتقْناهما. . .))(الأنبياء:30). فعوملت "السماوات" و "الأرض" مثنّى فقال: "كانتا" ثم فتقناهما". فلينظر أصحابنا الذين لا علم لهم، شجاعة العربية في هذا الكلم البليغ: ألا ترى كيف استقام وضع الجمع مع المفرد ثم الإخبار عن هذه التركيبة بما يشعر أنهما مثنى؟ والثاني: مجيء مُفْعِلة مجموعة على "مَفاَعل" كما في قوله تعالى: ((وحرّمنا عليه المراضع من قبل ))(القصص:12). أقول: و"المراضع" في سياق الآية، تشير بوضوح إلى أنها جمع "مرضعة"، وهي أدل من أن تكون جمع "مُرضع"، وإن كان هذا لا يمتنع. ومن هنا فهو من الجمع العزيز الذي نستدل به على قوة جمع "مصائب" التي تقدم الكلام عليها. الثالث: وهو قوله تعالى: ((فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين ))(فصلت:11) وفي هذه الآية اجتمعت التثنية والجمع، فالمتحدث عنه مثنى، والضمير الذي عاد عليه، ضمير تثنية، وهو ألف الاثنين في ((قالتا))، ولكن المحمول عليها من الوصف الذي جاء حالاً من الضمير في ((أتينا)) كانا جمعاً مذكراً سالماً وكأن السماء والأرض حين نسب إليهما ما هو خاص بالآدميين، وهو القول، صوغ ذلك أن يجيء لهما ما جاء في الآية في قوله تعالى: ((أتينا طائعين))، وأن تعامل في النحو معاملة العاقل فتتحدث بلسان العاقل كما ورد في الآية الكريمة. أقول: لو كان لي أن أتوسع قليلاً لتجاوز مني هذا الموجز الصفحات الكثيرة، وفي الذي أوردته بعض ما أرمي إليه. وهذه طائفة أخرى من الجموع مما جاء في العربية على "أفاعيل" و"فعاليل" و تفاعيل"، وقد يجيء على "فَعَالِلْ" وأبنية أخرى. وقد بدا لي أن أعرض لهذه الطائفة من الجموع، لخصوصية فيها، ذلك أن الجموع قد اهتدى إليها المعربون قبل أن يكون في كلامهم ولغتهم مفرداتها. إنهم بنوا الجموع على مصادر موادها كما نرى وسأدرج هذه الطائفة من الجموع على حسب حروف المعجم، ودونك ما وصل إليه استقرائي: 1 - أبابيــــل: "أبابيل" وهي الجماعة في تفرقة،ولم ترد هذه في العربية سوى في قوله تعالى: ((وأرسل عليهم طيراً أبابيل ))(الفيل:3) قال القدامى، من علماء اللغة وأصحاب "غريب" القرآن: إنها جمع لا واحد له بمنزلة "عباديد" و شماميط" و "شعاعيل". غير أن نفراً من أهل اللغة، أعملوا النظر فأخرجوا لهذا الجمع مفرداً، وكأنهم تخيلوه وهو بحسب تصورهم: "إبِّيل" و إبَّوْل"، وقالوا أيضاً "إبَّالة"، ولم يرد أي من هذه المفردات في نصوص العربية. 2 - أســاطيــر: "الأساطير" معناها ما سطره الأولون،وواحد الأساطير أسطورة مثل أحدوثة وجمعها أحاديث. أقول: وردت "الأساطير" في آيات عدة بقوله تعالى: ((أساطير الأولين)) والكلمة جمع، ولم يسبقها المفرد في الاستعمال بدلالة ما قيل في المفرد، فقد ورد في كتب اللغة: واحدة الأساطير إسطار وإسطارة وأُسْطِير وأُسْطيرة وأُسْطُور وأسطورة. وقال قوم: أساطير جمع أسْطار، وأسطار جمع سطْر، فكأن "أساطير" على رأي هؤلاء جمع الجمع. وقال أبو عبيدة: "سطر ويجمع على أسْطر ثم جمع على أساطير". أقول أيضاً: وهي لا تخرج في الدلالة عما يسطر من كتابات، وهي في قوله تعالى تحتمل النبز، أي أن كتابات الأولين لا تعني شيئاً ذا قيمة. وقد وردت في الجمع، وهو المراد المقصود، ولم يستعمل المفرد لهذا المعنى في النبز، ومن أجل ذلك أعمل اللغويون نظرهم فوضعوه في عدة أبنية، ذلك أنهم نظروا في الأشباه والنظائر، فكان من ذلك أبنية عدة في المفرد، وأما ما يذهب إليه المعاصرون من فهم للأسطورة، فلم يكن في نصوصنا الأدبية التاريخية شيء يومئ إلى شبه يسير، بما يعرف عن "الأساطير"، لدى الإغريق والرومان، وشعوب الشرق القديم. و"الأساطير" في فهم المعاصرين واستعمالهم جمع مرتجل لا واحد له، ولكنهم قالوا: "أسطورة" وحملوها ما لها في اللغات الأجنبية Fable أو Mythe وحقيقة الأسطورة في العربية أنها تدل على غير ما تدل عليه في اللغات الأجنبية: إنها مجموعة أسطر أو كتابة شيء مسطور. وهي مأخوذة من الجمع "أساطير" قياساً على نظائرها: الأضاحيك والألاعيب والأهاجي، جمع أضحوكة وألعوبة وأهجية. 3 - أشــائب: و "الأشائب" هي الأخلاط، وهُرِعَ أهل "المعرب" إلى القول: إنها فارسية وأن أصلها أشوب. أقول: وأصحاب المعجمات جعلوها أصلاً وهو "أَشَبَ" و أشِبَ الشيء" أي خلطه، و "الأشابة" من الناس الأخلاط، قال النابغة: وثقت له بالنصر إذ قيل قد غزت كتائب من غَسَانَ ير أشائبَ أقول أيضاَ: ومن حق صاحب المعجم التاريخي أن ينظر في الأصول المتشابهة، ويصل العلاقات بينها، إذ لا بد لكل منها أن يتصل بصاحبه وأن هذه نسيج واحد، يتصل سداه بُلحمته. إن مادة "أشب" لا بد أن تكون مع مادة "شوب" شيئاً واحدا، فالشوبُ هو الخلط. وكل ما جاء في "الشوب" من دلالات كالعسل وغيره مثلاً كان معنى "الخلط" حاضراً فيه. و"الشائبة"ك وجمعها "شوائب" هي الأقذار والأدناس، تومئ بوضوح إلى "الخلط". ومن هنا كان بين المهموز "أشب" والأجوف "شوب" علاقة الشيء نفسه. أو قل: إن "شوب" هو الأصل قد ذُهِب به إلى المهموز، ومن هذا الكثير في العربية، ومنه "شور" ومنه "أشار" نجده واضحاً في "أَشِرَ". ومن المفيد أن يشير صاحب المعجم التاريخي، وحقه ذلك، إلى مادة "شيب". إن دلالة "الشيب" معروفة في العربية، وهو ابيضاض شعر الإنسان، ومنه الأشيب للرجل، ولا يقال للمرأة "شيباء". والأساس هو اختلاط البياض بالسواد، وخُصّ بشعر الإنسان. وكأن فكرة الخلط حين اكتسبت هذه "الخصوصية" اتسعت في العربية، فأفادت من الواو والياء، فانصرف "شاب يشوب" إلى مطلق الخلط، وانصرف "شاب يشيب" إلى الخلط الخاص بين اللونين في الشعر وهما البياض والسواد. وهذا معروف في العربية وله نظائر، ألا ترى أن "البَوْن" هو المسافة وأن "البين" هو البعد والفراق، وليس هذا وذلك بعيداً عن كلمة "بين" ، الظرف المكاني ثم الزماني. ومثل هذا "الطَّيْر" ودلالته معروفة و "الصور" ودلالته على التقلب منصرفاً إلى مصدر أميت فعله هو "طار يطور". 4 - أظافـــير: و "الأظافير" جماعة الأظفار. وقالوا: الظفر وجمعه أظفار وأظفور وأظافير. وهو الأظفور، وعلى هذا قولهم أظافير لا على أنه جمع أظفار الذي هو جمع ظُفْر. أقول: والذي درج عليه المعربون في أيامنا أنهم يقولون في جمع ظُفْر "أظافر" ، فلم يرد في كلامهم ولا في كتابتهم "أظفر" ولا "أظافير". وقد تكون "أظافير"، وهو جمع "ظُفْر" أو "أُظْفُور"على قول جماعة، غير داخلة فيما أنا فيه، ذلك أنها جمع مفرده معروف، وكنت قدمت، أن طائفة الجموع التي تكلمت عليها هي تلك التي اهتدى إليها المعربون في ممارستهم اللغوية، ولم يفكروا في المفرد لها، ولم يرد في استعمالهم. ولكن اللغويين فكروا فيه فذكروه في صيغ عدة كما رأينا في "أبابيل" و "أساطير". وسيقال إذن ، لم ذكرت "الأظافير" وهي مخالفة لما اشترطت وذهبت إليه؟ وأنا أرد على هذا القائل محترزاً بما ذهب إليه أحد الدارسين المجتهدين من المسلمين الهنود، وهو المولوي السيد كرامت حسين الكنتوري في كتابه "فقه اللسان" الذي اشتمل على نوادر الألفاظ، وما عرض لها في أبنيتها من الإبدال وزيد فيها حتى تحولت من الثلاثي إلى الرباعي. وفي هذا الكتاب جاء: إن "حذافير" أصلها "أظافير" وسيأتي هذا في حذافير. والكتاب قد طبع وهو بخط اليد على طريقة "طبع الحجر" في مجلدين في الهند. 5 - أظــانــين: و "الأظانين" على غير قياس، وهي جمع "ظن" مثل "الظنون" وهي من النوادر، وهذه قد يلجأ إليها الشاعر عند الضرورة والحاجة، أنشد ابن الأعرابي: لأصْبحنْ ظالِماً حرْباً رَباعية فاقْعُدْ لها ودعنْ عنك "الأظانينا" وليس لنا أن نعمل فيها النظر والقياس فنذهب إلى أنها جمع "أظنونة" أو نقول: أنها جمع الجمع. 6 - بيوتـــــات: و "البيوتات" : جمع الجمع، ذلك أن "بيت" يجمع على "بيوت" وأبيات ثم "بيوتات" على جمع الجمع. إن جمع الجمع مادة لغوية لا تعني ما يراد منها في اللفظ أي الجمع الكثير، بل إنها لإفادة الخاص لا العام. . إن "البيوتات" ذهبت إلى عدة قليلة من "البيوت" المشهورة، والأسر نحو قولهم: "بيوتات قريش". ومثل هذا قالوا: "رجالات" للجمع القليل من الزعماء والرؤوس كقولهم "رجالات العرب". إن جمع الجمع في مصلحة هذا، أفاد الخصوصية المتمثلة في القلة. وقد استفيد من "جمع الجمع" في الشؤون الفنية فتحول إلى مصطلحات فنية، كما في مصطلح الصيرفة والمصارف في عصرنا ومنها: "الدفوعات" لمجموع ما يدفع في المصارف والبنوك. و "القبوضات" لمجموع ما تقبضه المصارف والبنوك من حرفائها. و "الحسومات" لمجموع ما يُحْسَمُ من الفوائد المصرفية. ومن مصطلحات الصوفية "الفيوضات" و "الإشراقات" و "التجليات" وغيرها. 7 - تعاشــيب: و "التعاشيب": ضروب من النبت، لا واحد له. والعشب: النبذ المتفرق: أقول : هذا مما جرى في لغة الأقدمين، ولم يكن بهم حاجة إلى كلمة منه تكون مفردًا. 8 - تفــاريق: و "التفاريق" في قول ابن الأعرابي: إنّ العصا تُكْسَر فيتخذ منها ساجور، فإذا كُسر الساجور اتخذت منه الأوتاد، فإذا كسر الوتد، اتخذت منه التوادي تُصرُّ به الأخلاف. كل هذا من أجزاء العصا، يطلق عليه "تفاريق العصا" وهو يعني أن "التفاريق" مفيدة لصاحبها، جاء في الرجز: أَشْهَدُ بالمَرْوَةَ يوماً والصّفا أَنّك خيْرُ من "تفاريق العصا" والرجز لغنّية الأعرابية، وقيل لا مرأة قالته في ولدها، وكان سديد العرامة مع ضعف أسر ودقَّة. أقول: ولم نجد في نصوصهم ولا في المعجمات مفرداً للتفاريق وأنك لو قلت: "تفريق" بحسب القياس، لم تفد منه الفوائد التي كانت للجمع "تفاريق" في سلوك الأقدمين كما يشير أدبهم. 9 - تلابيـب: و "التلابيب" بصيغة الجمع في لغة المعاصرين، وأنت تقرأ في أدبهم: "وأمسك بتلابيبه" ، ولو أنك سألت من يقول هذا لأفادك أن المراد بـ "التلابيب" هو أطراف الثوب. وهذا هو دأب المعاصرين أنهم كثيراً ما يستعملون الكلمة فيعطونها شيئاً من معناها، أو ما يقرب منه، فيحدث في دلالتها ما يمكن أن أدعوه "تطور إلى الخطأ". أقول: إن الكلمة في الأدب القديم مفرد لا جمع، ودونك ما جاء من ذلك: قالوا: وتَلَبُبُ المرأة بمنطقتها، هو أن تضع أحد طرفيها على منكبها الأيسر وتخرج وسطها من تحت يدها اليمنى، فتغطي به صدرها، وترد الطرف الآخر على منكبها الأيسر. وقالوا أيضاً: و "التلبيب" من الإنسان هو ما في موضع اللببُ من ثيابه، وتلبب الرجل،تحزم وتشمّر. . و "اللَّبَبُ" كاللّبَّة وهو وسط الصدر والمنحر. و "لبَّبَ الرجل" جعل ثيابه في عنقه وصدره في الخصومة ثم قبضه وجرّهُ، وأخذ بتلبيبه كذلك. أقول: بعد هذا التوسع نصل إلى ما جاء في التهذيب للأزهري، قال: يقال: أخذ فلان بتلبيب فلان. وفي الحديث: فأخذت بتلبيبه وجررته. ومن هنا يتبين أن الكلمة استعمل مفردها ولم ير المعربون القدماء حاجة في الجمع، لأنه لا يدخل في خصوصية الدلالة، كما ورد في الشرح. ولكن المعاصرين لم يفهموا خصوصية الدلالة، وصرفوا الكلمة "مجموعة" إلى المعنى الذي بسطناه فجمعوا ما لم يُعْرف له جمع لانتفاء الحاجة إليه. 10 - جــراثيــم: و "الجرثومة" : أصل كل شيء، وقيل: ما اجتمع من التراب في أصول الشجر. واستعملت على الوسع فقالوا: فلان طابت أرومته، وعزت جرثومته. ولم يكن بهم حاجة إلى جمعه على جراثيم، وإن كان هو القياس. وقال المولوي السيد كرامت حسين الكنتوري الهندي في كتابه الذي أشرنا إليه وهو "فقه اللسان": "جراثيم" أصلها "سراشيم" جمع "سرش"، وهو عبراني بمعنى الأصل، وقريب منه "ضرس" في العربية، جمعوا "سرش" على قاعدة العبرانية، ثم أخذه العرب بإبدال السين جيماً، والشين ثاء وجمع على الطريقة العبرية "الياء والميم"، وحُسِب جمعاً للجرثومة، ولكونها على صيغة منتهى الجموع وضعوا لها مفرداً (انتهى كلام السيد المولوي). أقول : والذي في السريانية والآرامية هو "شرش" للجذر من النبات والشجر، وما زال العامية الشامية تعرف هذه الكلمة وكأن أهل الشام أدخلوها في عربيتهم الدارجة فجمعوها على "شروش" نظير "جذر وجذور" . وقد عرفتها الفصيحة المعاصرة في سورية ولبنان. أقول أيضاً: وقد صرّف المعاصرون الجراثيم إلى مصطلح علمي يفيد الأحياء الصغيرة والطفيلية التي تولد الأمراض والآفات، وكأنها تعني ما يعنيه لفظ "مكروب". 11 - حــذافيـــر: و "حذافير" الشيء: أعاليه ونواحيه. قالوا: فإذا نحن بالحي قد جاءوا "بحذافيرهم"، أي جميعهم. أقول: وقالوا: المفرد "حذفور" أو "حذفار". وقولهم: إن المفرد إما هذا وإما الآخر، يومئ إلى أنهم ولدوا هذا المفرد، وليس له وجود في كلامهم، ولم نقف فيما بين أيدينا من نصوص على "الحذفور" أو "الحذفار"، فهو شي مما ولدوه من الجمع، الذي فشا استعماله في كلامهم وأدبهم. أقول أيضاً: إن الحذافير تعني في استعمال المعاصرين الأشياء الصغيرة والدقيقة التي تدخل مع الأجزاء الكبيرة في شيء واحد. وكنت قد أشرت في "أظافير" إلى رأي المولوي الكنتوري الذي ذهب فيه إلى أن "حذافير" أصلها "أظافير" بعد إبدال الحاء من الهمزة. أقول أيضاً: وقد يرد "حذاريف" على القلب في كلام الناس وهي ليست من الكلم الفصيح وستأتي مع جمهرة من الكلم العامي الدارج. 12 - حـزاقيـل : و "الحزاقيل" : خشارة الناس، لا واحد لها. 13 - خــراطيــن: و "الخراطين": كما في لسان العرب (خرطن) : ديدان طوال تكون في طين الأنهار. قال الأزهري: لا أحسبها عربية محضة، وربما كان أصل الكلمة أنهم رأوا ذلك الدود، يدب في البقاع الرطبة، ووجدوا من خير مميزاته أنه يخرأ الطين، فكأنهم قالوا: دود خرأ الطين، ثم بكثرة الاستعمال صار دود "خراطين". . وبعد كونه كلاماً واقعاً صفة لموصوف، حُذف الموصوف وأقيم مقامه الوصف. ولمشابهة وزنه صيغة منتهى الجموع، حسبوه لفظاً واحداً جمعاً. ولغرابة نشأة الكلمة، ولعدم الحاجة إلى ذكر واحد معين من تلك الديدان، أن ما وضعوا له مفرداً. أقول : وهذا يدخل في طائفة الجموع التي ارتجلت دون أن يكون لها مفرد. قال المولوي السيد كرامت حسين الكنتوري في "فقه اللسان": "خراطيم" مأخوذ من "خراطين" لمشابهة خراطيم الفيلة المتحركة بـ "الخراطين" وحسبوه جمعاً لوجود الوزن. ولشدة الضرورة إلى استعماله مفرداً وهو "خُرطوم)، ثم لكون الخرطوم أنفاً مقدماً للفيل أطلقوه على السيد الشريف المقدم على القوم، وعلى الخمر السريعة الإسكار، وأول ما يجري من العنب قبل أن يداس. أقول: ومنه صاروا إلى الفعل "اخرنطم" وما اكتسب من دلالة تومئ إلى خرطوم الفيل. 14 - خـلابيـس : و "خلابيس" : الإبل تَرْوَى فتذهب ذهاباً شديداً فتُعنّي راعيها، يقال: أكفيك الإبل وخلابيسها. وقالوا : "الخلابيس" بمعنى الكذب، والواحد "خلبيس"، وقيل: لا واحد لها. أقول: ويتجه الظن إلى افتعال "خِلبيس". 15 - خناطيل : و "الخناطيل" : صفة لـ "إبل"، قالوا: إبل خناطيل أي متفرقة، وكأنهم ولدوا منه "خُنْطولة" مفرداً ولكنها من صنع القياس على النظائر. أقول : لقد قالوا في أحاديث إنها جمع أحدوثة ولكننا نجد الشائع الكثير أنها جمع حديث، ومنه "الحديث الشريف" الذي جمع على أحاديث. وكأن الأحدوثة على صلتها بالجمع بقيت معزولة في استعمالها الخاص، وهي من غير شك صُنعت قياساً على نظائرها. أقول: لم نقف على خنطولة في أدب الإبل، ولكن الخناطيل معروفة لدلالتها على صفة في الإبل هي التفرق. 16 - سـمـاديـــر: و "السمادير": هو الشيء الذي يتراءى للإنسان من الشراب عند السكر وهو ضعف البصر، ومنه "اسْمَدَرًّ بصره" أي ضعف. قال أدي شير في "الألفاظ الفارسية المعربة": إنه تعريب "شمادير". أقول: ولما كانت الكلمة على صيغة الجمع حسبوها جمعاً وهي في الأصل مفرد، وقد روعي اللفظ فيها وسنجد شيئاً من هذا. 17 - شــعـاريــر: انظر "شعاليل". 18 - شــعاليــل: و "الشعاليل" في قولهم: ذهب القوم " شعاليل" مثل "شعارير". وقالوا: لا واحد لها. أقول: وقد جاء "شُعْلُول" للفرقة من الناس، ولم يشيروا إلى أنه مفرد شعاليل. 19 - شـمـاطيــط : و "الشماطيط" في قولهم: جاءت الخيل "شماطيط" و "شماليل" أي متفرقة، وقالوا: لا واحد لها مثل أبابيل وعبابيد. وقيل: شمْطاط وشمطوط، وهذا من الكلم المصنوع وما أكثرة. 20 - ضـغـابيـــس : و "الضغابيس " للقثّاء الصغار وقيل: أصول الثمام. أقول: وليس "الضُّغْبوس" مفرداً لها، ذلك أن هذا ينصرف إلى الأغصان التي تشبه "العُرْجون". وقالوا: الضغبوس هو الضعيف. 21 - طحاريـر . . طخـاريــر: وكأنهما على الإبدال، وهما بمعنى، لقطع السحاب المتفرقة. وقالوا: واحدها طحرورة. أقول: لم أقف على هذا الواحد فيما يتصل بالسحاب والمطر. 22 - عبابيـــد: و "العبابيد" هي الآكام، وهي الأشياء المتفرقة والبعيدة، وقالوا: لا واحد لها. 23 - فراديس : من الكلم الذي جاءنا على صيغة الجمع "فعاليل" وهو من "المعرب" الدخيل والأصل براديس من "الألفاظ" الفارسية ، وقد حسبه العرب جمعاً على التوهم، فاعملوا فيه نظرهم فصنعوا المفرد فقالوا: "فردوس". 24 - قلاقـــل : و "القلاقل" جمع لما يُتوهّم مفرده، وهو "قَلْقَلة" وليس هو في الاستعمال وقد ورد في البيت المعروف لأبي الطيب: وَقَلِقْتُ بالهَمِّ الذي قَلْقَل الحشا قَلاقِلَ همٍّ كُلّهُنّ قَلاقَلُ والبيت من سقطات الشاعر كما في كتب البلاغة. 25 - وجاء في التكملة 1/81 أن أهل اليمن يسمون الطبل "الجَباَجبُ" ولا مفرد له. خاتمــــــة هذا ما بدالي، مما وقفت عليه، وهو أيضاً مما يجتزأ به، وغيره معروف في العربية. |
بارك الله فيه أختاه.. جزاك الله خيراً محبتي |
بارك الله فيك ميارى على موضوعك المتميز
جهود رائعه اختي ويعطيك العافيه على هذا الموضوع القيّم |
الساعة الآن 08:30 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |