منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   حـكايـات عـربـيـة (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=17740)

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 02:45 AM

كبريـاء الوزيـر
كان سليمان بن وانشوس من رؤساء البربر، ووزيراً لأمير الأندلس عبد الله بن محمد. دخل يوماً على الأمير فقال له:‏ ‏ اجلس يا بربري!‏ ‏ فغضب وقال:‏ ‏ إنما كان الناس يرغبون في الوزارة طلباً للشرف، وأمّا إذا صارت جالبَة للذُّل فقد غنينا عنكم. ثم خرج من غير أن يسلّم. فغضب الأمير وأمر بعزله.‏ ‏ ثم إن الأمير عبد الله حزن لفقده لأمانته ونصيحته وفضل رأيه. فقال للوزراء:‏ ‏ لقد وجدتُ لفقد سليمان تأثيراً. غير أني لو طلبتُ منه الرجوع لكان ذلك غضاضة علينا، ولَوَددتُ أن يبتدئنا هو بالرغبة.‏ ‏ فقال الوزير محمد بن الوليد بن غانم:‏ ‏ إن أذنتَ لي في المسير إليه اسْتَنهضْتُه إلى هذا. فأذن له. فنهض ابن غانم إلى دار سليمان فاستأذن. وكانت رتبة الوزير بالأندلس أيام بني أمية ألا يقوم الوزير إلا لوزير مثله، فإنه كان يتلقاه وينزله معه إلى مرتبته ولا يحجبه لحظةً. فأبطأ الإذن على بن غانم حيناً ثم أذن له. فدخل عليه فوجده قاعداً، فلم يتزحزح له ولا قام إليه. فقال له ابن غانم:‏ ‏ ما هذا الكِبْر؟ عهدي بك وأنت وزير للسلطان وفي أبهة رضاه تتلقاني واقفاً وتتزحزح لي عن صدر مجلسك. وأنت الآن في غضبه بضد ذلك!‏ ‏ فقال سليمان:‏ ‏ نعم. لأني كنتُ حينئذٍ عبداً مثلك، وأنا اليوم حرّ!‏ ‏ فخرج ابن غانم ولم يكلمه، ورجع إلى الأمير فأخبره، فأرسل الأمير إليه يرجوه العودة إلى الوزارة، وردّه إلى أفضل ما كان عليه. ‏
من كتاب "الحُلّة السِّيراء" لابن الأبّار.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 02:46 AM

كتـابُ توصيـة
قال أبو العيناء للجاحظ:‏ ‏ طلب مني صديق لي أن أسألك أن تكتب له خطاب توصية إلى والي البصرة.‏ ‏ فقال الجاحظ:‏ ‏ نعم. أكتبه ثم أبعثه إليك.‏ ‏ وكتب له الجاحظ الخطاب وختمه ثم أرسله إلى أبي العيناء. فلما تسلـّمه أبو العيناء أحبّ أن يرى ما كتبه الجاحظ، فقال لرجل عنده:‏ ‏ اِفتحـْه واقرأه عليّ.‏ ‏ فإذا فيه:‏ ‏ "كتابي إليك طلبه مني من أخافه لمن لا أعرفه. فافعل في أمره ما تراه، والسلام".‏ ‏ فغضب أبو العيناء ونهض إلى الجاحظ، فقال:‏ ‏ أعرّفك باعتنائي بهذا الصديق فتكتب له مثل هذا؟!‏ ‏ فقال الجاحظ:‏ ‏ لا تنكر ذلك، فإنها أمارة بيني وبين والي البصرة إذا عُنيت برجل.‏ ‏ قال أبو العيناء:‏ ‏ بل أنت ولد زنا.‏ ‏ قال: أتشتمني؟‏ ‏ قال: لا. إنها أمارة لي عند الثناء على إنسان! ‏
من كتاب "جمع الجواهر في المُلـَح والنوادر" للحُصْري. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 02:46 AM

كُتُب المُبَشـِّر بن فاتـِك
كان الأمير المبشر بن فاتك من أعيان أمراء مصر، وأفاضل علمائها، دائم الاشتغال، محبّ للاجتماع بالعلماء من أمثال ابن الهيثم وابن رضوان الطبيب.‏ ‏ وقد اقتنى المبشـّر كتبًا كثيرة جدًا، فكان في أكثر أوقاته لا يفارقها، وليس له دأب إلا المطالعة والكتابة، ويرى أن ذلك أهم ما عنده.‏ ‏ وكانت له زوجة كبيرة القدر أيضًا من أرباب الدولة. فلما توفـّى، رحمه الله، نهضت هي وجواريها إلى خزائن كتبه، وفي قلبها الحقد على الكتب لأنه كان يشتغل بها عنها، فجعلت تندبه، وفي أثناء ذلك ترمي الكتب في بركة ماء كبيرة في وسط الدار، وجواريها يساعدنها! ‏
من كتاب "طبقات الأطباء" لابن الأصيبعة.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 02:48 AM

كُـتُب وليّ العهـد
اختارني نصر الحاجب مؤدباً لوليّ عهد الخليفة المقتدر (وهو الراضي)، فرأيته ذكياً فطناً عاقلاً إلا أنه خالٍ من العلوم فحبّبت العلم إليه، واشتريت له من كتب الفقه والشعر واللغة والأخبار قطعةً حسنة. وقرأ علّي من كتب اللغة كتباً كثيرة منها "خلق الإنسان " للأصمعيّ. فمضى خَدَمٌ سمعوا ذلك إلى المقتدر وإلى والدته فقالوا لهما:‏ ‏ إن الصولي يعلّمه أسماء الفرج والذّكر!‏ ‏ فدعا المقتدر نصر الحاجب فعرّفه ذلك. ودعاني نصر - وكان من أحسن الناس عقلاً - فسألني عن ذلك، فعرّفته أن هذا من العلوم التي لا بد للفقهاء والقضاة منها، فقال:‏ ‏ جئني بالكتاب. فجئته به. فأخذه وأدخله إلى المقتدر وعرّفه ما عرّفته.‏ ‏ وإني لأذكر يوماً وهو يقرأ علّي شيئاً من شعر بشّار، وبين يديه كتب لغة وكتب أخبار، إذ جاء خدم من خدم جدّته السيدة، فأخذوا جميع ما بين يديه من الكتب، فجعلوه في منديل كبير كان معهم، وما كلّمونا بشيء، ومضوا. فرأيته قد وجم لذلك واغتاظ، فسكّنت منه وقلت له:‏ ‏ ليس ينبغي أن يُنكر الأمير هذا، فإنه يقال لهم إن الأمير ينظر في كتب لا ينبغي أن ينظر في مثلها، فأحبوا أن يمتحنوا ذلك. وقد سرّني هذا ليروا كل جميل حسن.‏ ‏ ومضت ساعات أو نحو ذلك، ثم ردّوا الكتب بحالها.‏ ‏ فقال لهم الراضي:‏ ‏ قولوا لمن أمركم بهذا: قد رأيتم هذه الكتب، وإنما هي حديث وفقه وشعر ولغة وأخبار وكتب العلماء، وليست من كتبكم التي تمترحونها مثل عجائب البحر وحديث سندباد والسنور والفأر!‏ ‏ وخفت أن يؤدي الخادم قوله فيقال: من كان عنده؟ فيذكرني، فيلحقني من ذلك ما أكره. فقمت إلى الخدم فسألتهم ألا يعيدوا قوله، فقالوا:‏ ‏ والله ما فهمناه، فكيف نعيده؟! ‏
من كتاب "الأوراق" للصولي.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 02:49 AM

كتمـان المعـروف

أراد جعفر البرمكي يومًا حاجة كان طريقه إليها على باب الأصمعي. ‏ ‏ فدفع إلى خادم له كيسًا فيه ألف دينار، وقال له: ‏ ‏ سأنزل إلى الأصمعي، وسيحدّثني ويضحكني فإذا رأيتني قد ضحكت فضع الكيس بين يديه. ‏ ‏ فلما دخل رأى جَرَّة مكسورة العُروة، وقَصعةً مُشَعَّبة، ورآه على مُصَلّى بالٍ، وعليه بركان أجرد. فغمز جعفر غلامه بعينه ألا يضع الكيس بين يديه، ولا يدفع إليه شيئًا. فلم يدع الأصمعي شيئًا مما يُضحك الثكلان والغضبان إلا أورده عليه، فما تبسَّم جعفر. ‏ ‏ فقال له إنسان: ‏ ‏ ما أدري من أي أمرَيك أعجب: أمِن صبرك على الضحك وقد أورد عليك ما لا يُصبر على مثله، أم من تركك إعطاءه وقد كنتَ عزمتَ على إعطائه؟ ‏ ‏ قال جعفر: ‏ ‏ ويلك! إني واللّه لو علمتُ أنه يكتُم المعروف بالفعل لما احتفلتُ بنشره له باللسان. وأين يقع مديحُ اللسان من مديح آثار الغنى على الإنسان؟ فاللسان قد يكذب، والحالُ لا تكذِب. فلستُ بعائد إلى هذا بمعروفٍ أبداً. ‏ ‏ ‏
من كتاب "البخلاء" للجاحظ

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 02:50 AM

كـرم يزيد بـن المهلـّب
أجمع علماء التاريخ على أنه لم يكن في دولة بني أمية أكرم من بني المهلـّب ابن أبي صفرة، كما لم يكن في دولة بني العباس أكرم من البرامكة. ‏ ‏ ويُروَى عن يزيد بن المهلب أمير البصرة أنه طلب أثناء حجه حلاقـًا. فجاء فحلق رأسه. فأمر له يزيد بألف درهم. فتحيـّر الحلاق ودُهش، وقال: ‏ ‏ هذا الألف أمضي أشتري أمي من مالكها. ‏ ‏ فقال يزيد: أعطوه ألفـًا آخر. ‏ ‏ فقال: امرأتي طالق إن حلقتُ رأس أحد بعدك! ‏ ‏ فقال يزيد: أعطوه ألفين آخرين. ‏ ‏ وذكر الحافظ ابن عساكر أن يزيد بن المهلب لما هرب من الحجاج، اجتاز في طريقه بالشام على أبيات عرب. فقال يزيد لغلامه: ‏ ‏ اطلب لنا من هؤلاء لبنا. ‏ ‏ فأتاه بلبنٍ فشربه، ثم قال: أعطهم ألف درهم. ‏ ‏ فقال الغلام: إن هؤلاء لا يعرفونك. ‏ ‏ قال: لكني أعرف نفسي. أعطهم ألف درهم. ‏ ‏ فأعطاهم. ‏
من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلـّكان. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 02:51 AM

كسرى أنو شـروان
كان كسرى أنو شروان أشهر ملوك الفرس وأعدلهم وأحسنهم سيرة، وأحبَّهم إلى قلوب الرعايا.‏ ‏ وكان على عهده رجل حكيم يقول للناس:‏ ‏ من يشتري ثلاث كلمات بألف دينار؟‏ ‏ فلم يأته منهم أحد. فلما سمع به كسرى أحضره وسأله عنها، فقال: ‏ ‏ ليس في الناس خير.‏ ‏ قال كسرى: هذا صحيح، ثم ماذا؟‏ ‏ قال: ولكن لا بد للناس من الناس.‏ ‏ قال: صدقت، ثم ماذا؟‏ ‏ فإن خالطْتَهُم فخالِطهُم على قدر ذلك.‏ ‏ قال كسرى: ‏ ‏ أحسنت يا هذا! هَاكَ الألف دينار.‏ ‏ قال الرجل: ‏ ‏ لا حاجة لي بها، وإنما أردتُ أن أعرف هل بقي في الدنيا من يشتري الحكمة بالمال. ‏
من كتاب "سرح العيون في شرح رسالة بن زيدون" لابن نُباتة المصري.


كان كسرى أنو شروان أشهر ملوك الفرس وأعدلهم وأحسنهم سيرة، وأحبّهم إلى قلوب الرعايا. وكان يقول: ‏ ‏ "إن الملوك إذا دبّرت مُلكها بما تأخذه ظُلما من مال رعيتها، كانت كمن يعمر سطح بيته بما يهدمه من أساسه".‏ ‏ ويحكى عن بعض رُسُل الملوك إليه، أنه لما وصل إلى قصر كسرى رأى في بنائه اعوجاجا. فلما سأل عن سببه قيل له: ‏ ‏ أترى هذا الكوخ عند نهاية القصر؟‏ ‏ قال: نعم.‏ ‏ قالوا: إنه بيتٌ لعجوز فقيرة، سألها الملك بيعه ليضم أرضه إلى فناء قصره فامتنعتْ، فأرغبها في مال كثير فلم تفعل، فتركها وبنى القصر على ما هو عليه.‏ ‏ فقال الرسول:‏ ‏ هذا الاعوجاج إذن أحسن من الاستواء! ‏
من كتاب "سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون" لابن نُباتة المصري.


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 02:52 AM

كـُفـِّي عن وجهـك
كانت فاطمة بنت الحسين بن عليّ عند حسن بن الحسن بن عليّ فلما احتـُضر قال لبعض أهله:‏ ‏ كأني بعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان إذا سمع بموتي قد جاء يتهادى في ثوب له مورّد، فيقول: "جئت أشهد ابن عمي"، وليس يريد إلا النظر إلى فاطمة. فإذا جاء فلا يدخلنّ.‏ ‏ فلما مات، جاء عبد الله بن عمرو في تلك الصفة التي وصفها. فمـُنع ساعة. فقال بعض القوم: لا يدخل، وقال بعضهم: افتحوا له فإن مثله لا يـُرَدّ. ففتحوا له ودخل.‏ ‏ فلما صرنا إلى القبر قامت عليه فاطمة تبكي، وجعلت تصكّ وجهها بيديها حاسرة. فدعا عبد الله بن عمرو وصيفاً له.‏ ‏ فقال:‏ ‏ انطلق إلى هذه المرأة، وقل لها: يـُقرئك ابن عمك السلام، ويقول لك:‏ ‏ كـُفـّي عن وجهك فإن لنا به حاجة.‏ ‏ فلما بلـّغها الرسالة أرسلت يديها، فأدخلتهما في كـُمـَّيـْها.‏ ‏ ‏
من كتاب "العقد الفريد" لابن عبد ربه

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 02:52 AM

كـلام من هـذا؟
حكى الأصمعيّ قال:‏ ‏ كنت أقرأ "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا، نكالاً من الله، والله غفور رحيم"، وبجنبي أعرابي، فقال لي:‏ ‏ كلام من هذا؟‏ ‏ فقلت: كلام الله.‏ ‏ قال: أعدْ.‏ ‏ فأعدتُ. فقال:‏ ‏ ليس هذا كلام الله.‏ ‏ فانتبهت، فقرأت: "والله عزيز حكيم".‏ ‏ فقال: أصبت، هذا كلام الله.‏ ‏ فقلت: أتقرأ القرآن؟‏ ‏ قال: لا.‏ ‏ فقلت: من أين علمت؟‏ ‏ قال: يا هذا، عزّ فحكم فقطع، ولو غفر ورحم لَمَا قطع! ‏
من كتاب "الكشكول" لبهاء الدين العاملي.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 02:53 AM

كَـمْ عِنـدك؟
قال رجل لإبراهيم بن أدهم الزّاهد:‏ ‏ يا أبا إسحاق، أُحِبُّ أن تقبل مني هذه الجُبَّة كُسْوَةً.‏ ‏ قال إبراهيم:‏ ‏ إن كنت غنياً قبِلتُها منك، وإن كنت فقيراً لم أقبلْها.‏ ‏ قال: فإني غنيّ.‏ ‏ قال: كم عندك؟‏ ‏ قال: ألفان.‏ ‏ قال: فَيَسُرُّك أن تكون أربعة آلاف؟‏ ‏ قال: نعم.‏ ‏ قال: أنت فقير، لا أقبلُها.
من كتاب "عيون الأخبار" لابن قتيبة.


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 02:57 AM

كم لك من السنين؟
قال رجل لهشام بن عمرو القوطي:‏ ‏ كم تَعُدّ؟‏ ‏ قال: من واحد إلى ألف ألف وأكثر.‏ ‏ قال: لم أُرِدْ هذا.‏ ‏ قال: فما أردتَ؟‏ ‏ قال: كم تَعُدُّ من السِّنّ؟‏ ‏ قال: اثنتين وثلاثين سِنَّة، ستة عشر من أعلى وستة عشر من أسفل.‏ ‏ قال: لم أُرِد هذا.‏ ‏ قال: فما أردت؟‏ ‏ قال: كم لك من السنين؟‏ ‏ قال: مالي منها شيء، كلها لله عزّ وجلّ.‏ ‏ قال: فما سِنُّك؟‏ ‏ قال: عَظْم.‏ ‏ قال: فابن كم أنت؟‏ ‏ قال: ابن اثنين، أبٍ وأم.‏ ‏ قال: فكم أتى عليك؟‏ ‏ قال: لو أتى عليّ شيءٌ لقتلني.‏ ‏ قال: فكيف أقول؟‏ ‏ قال: قل كم مضى من عمرك؟ ‏
من كتاب "أخبار الظراف والمتماجنين" لابن الجوزي.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 02:58 AM

كــن مـع الله
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه:‏ ‏ كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال لي:‏ ‏ يا غلام إني أعلمك كلمات:‏ ‏ احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله تعالى لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله تعالى عليك، وقال:‏ ‏ احفظ الله تجده أمامك، تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:00 AM

كيـف تركـت النــاس؟
وفد وافد على عمر بن عبد العزيز.‏ ‏ فقال له:‏ ‏ كيف تركت الناس؟‏ ‏ قال:‏ ‏ تركت غنيـَّهم موفوراً، وفقيرهم مجبوراً، وعاتيهم مقهوراً، ومظلومهم منصوراً.‏ ‏ فقال عمر:‏ ‏ لو لم تتم واحدة من هذه إلا بعضو من أعضائي، لكان ذلك عندي مرضياً.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:01 AM

لا أُحسـن ذلــك
أضاف بعضهم رجلاً كسولاً فلما أتى باللحم قال للضيف:‏ ‏ قطع اللحم حتى أوقد النار.‏ ‏ فقال الضيف:‏ ‏ لا أُحسن ذلك.‏ ‏ فقال له:‏ ‏ فنق هذا الأرز إلى أن أشتغل أنا بأمر اللحم على النار.‏ ‏ فقال الضيف:‏ ‏ لا أُحسن ذلك.‏ ‏ فلما استوى الطعام قال له:‏ ‏ مد الخوان.‏ ‏ فقال الضيف:‏ ‏ لا أُحسن هذا.‏ ‏ فقال له:‏ ‏ قم فكل.‏ ‏ فقال الضيف:‏ ‏ ـ والله لقد استحييت من كثرة خلافي لك.‏ ‏ وتقدم فأكل.‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:02 AM

لا أرضـاها لــك
خطب رجلٌ إلى ابن عبّاس يتيمةً يربّيها عنده، فقال ابن عباس:‏ ‏ لا أرضاها لك.‏ ‏ قال:‏ ‏ ولـِمَ، وفي حـِجْرِك نَشـَأَتْ؟‏ ‏ قال:‏ ‏ لأنها تتطلـّع إلى الرجال وتنظر.‏ ‏ قال الرجل:‏ ‏ لا أرى في ذلك عيبًا.‏ ‏ فقال ابن عباس:‏ ‏ الآن لا أرضاك لها. ‏
من كتاب "عيون الأخبار" لابن قتيبة. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:03 AM

لا أعــرف وجوههــم
سأل الخليفة أبو جعفر المنصور رجلاً من الخوار.‏ ‏ فقال:‏ ‏ ـ أخبرني أيّ جنودي كان أشدّ إقداماً في محاربتك؟‏ ‏ فقال:‏ ‏ ما أعرف وجوههم.‏ ‏ ولكن أعرف أقفاءهم.‏ ‏ فقل لهم يديروا لي ظهورهم أعرّفك بهم.‏
من كتاب "شرح لامية العجم" للصفدي.


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:04 AM

لا تعُـد إلينـا
مرض عمر بن عبد العزيز، فدخل عليه رجل يعوده في مرضه.‏ ‏ فسأله عن عِلـَّته.‏ ‏ فلما أخبره قال:‏ ‏ مِن هذه العلة مات فلان، ومات فلان.‏ ‏ فقال له عمر:‏ ‏ إذا عُدْتَ المرضى فلا تنْع إليهم الموتى، وإذا خرجتَ عنا فلا تعُدْ إلينا.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:05 AM

لا تقتدوا بصاحب عيال
مرّ سفيان الثوري بشيخ من الكوفيين كان كاتباً، فقال له سفيان:‏ ‏ يا شيخ، وَلِيَ فلانٌ فكتبتَ له ثم عُزِلَ، وولي فلان فكتبت له ثم عزل، وولي فلان فكتبت له. وأنت يوم القيامة أسوأهم حالاً.‏ ‏ فقال الشيخ:‏ ‏ فكيف أصنع يا أبا عبد الله بعيالي!‏ ‏ فقال سفيان لمن معه:‏ ‏ اسمعوا هذا! يقول إنه إذا عصى الله رزق عياله، وإذا أطاع الله ضيّع عياله! لا تقتدوا بصاحب عيال، فما كان عُذْرُ من عوقب إلا أنه قال عيالي! ‏
من كتاب "حلية الأولياء" لأبي نعيم الأصبهاني.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:05 AM

لا تَقْرَبْنـي يا خائـن
استودع رجلٌ أحد التجار مالاً ثم خرج إلى مكة للحج. فلما رجع طلبه فَجَحَدَه. فأتى إياس بن معاوية القاضي فأخبره. فقال له إياس: ‏ ‏ كم تركتَ عنده؟‏ ‏ قال: خمسمائة دينار.‏ ‏ قال إياس: ‏ ‏ أأخبرته أنك ستشكوه إليّ؟‏ ‏ قال: لا.‏ ‏ قال: فانصرِفْ واكتُم أمرَك ثم عُدْ إليّ بعد يومين.‏ ‏ ثم دعا إياسٌ التاجر، فقال له: ‏ ‏ قد حضر مال كثير أريد أن أستودعك إيّاه. أَفَحَصِينٌ منزلُك؟‏ ‏ قال: نعم.‏ ‏ قال: فأعدّ موضعا للمال وقوماً يحملونه، وسيكون لك ثلاثة آلاف دينار مقابلَ حفظك إيّاه عاما أو بعض عام.‏ ‏ ثم عاد الرجل الأول بعد يومين إلى إياس، فقال له القاضي: ‏ ‏ انطلق الآن إلى صاحبك فاطلب المال، فإن أعطاك فذاك، وإن جَحَدَك فقل له إني أخبر القاضي.‏ ‏ فأتى الرجلُ التاجرَ فقال:‏ ‏ أعطني مالي وإلا أتيتُ القاضي وأخبرتُه ما جرى.‏ ‏ فدفع إليه ماله. فرجع الرجل إلى إياس فقال:‏ ‏ قد أعطاني المال.‏ ‏ ثم جاء التاجر ومعه رجال ليحملوا وديعة القاضي، فلما سأل عنها صاح بن إياس: ‏ ‏ لا تقربْني يا خائن! ‏
من كتاب "محاضرات الأدباء" للراغب الأصبهاني. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:06 AM

لا شـيء يعـدل العافيــة
دخل ابن السماك يوماً، على أمير المؤمنين هارون الرشيد، فوافق أن وجده يرفع الماء إلى فمه ليشرب فقال:‏ ‏ ناشدتك الله يا أمير المؤمنين أن تنتظر به قليلاً. فلما وضع الماء قال له:‏ ‏ أستحلفك بالله تعالى، لو أنك مـُنعت هذه الشربة من الماء، فبكم كنت تشتريها؟ قال:‏ ‏ بنصف ملكي، قال:‏ ‏ اشرب هنأك الله، فلما شرب قال:‏ ‏ أستحلفك بالله تعالى، لو أنك منعت خروجها من جوفك بعد هذا، فبكم كنت تشتريها؟ قال:‏ ‏ بملكي كله. فقال:‏ ‏ يا أمير المؤمنين إن ملكا تربو عليه شربة ماء، وتفضله بولة واحدة، لخليق ألا يـُنافس فيه، فبكى هارون الرشيد، حتى ابتلت لحيته. فقال الفضل بن الربيع، أحد وزرائه، مهلاً يا ابن السماك، فأمير المؤمنين أحق من رجا العاقبة عند الله بعدله في ملكه، فقال ابن السماك، يا أمير المؤمينن، إن هذا ليس معك في قبرك غداً، فانظر لنفسك، فأنت بها أخبر، وعليها أبصر، وأما أنت يا فضل، فمن حق الأمير عليك، أن تكون يوم القيامة من حسناته، لا من سيئاته، فذلك أكفأ ما تؤدي به حقه عليك.‏ ‏ لا شيء أجل من العافية، ولا يدوم ملك إلا بالعدل، ولا ينفع نفساً إلا ما قدمت، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاً، ويوم لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم. ‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:06 AM

لا نظيرَ له في الغناء
قال العطويّ الشاعر: ‏ ‏ كنت في مجلس القاضي يحيى بن أكثم، فوافى إسحاق الموصلي، وأخذ يناظر أهل الكلام حتى انتصف منهم، ثم تكلم في الفقه فأحسن، وقاس واحتجّ، وتكلم في الشعر واللغة ففاق مَن حَضَر. ثم أقبل على القاضي يحيى فقال له: ‏ ‏ أعزّ اللّه القاضي! أفي شيء مما ناظرتُ فيه وحكيته نقص أو مطعن؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قال: فما بالي أقوم بسائر هذه العلوم قيامَ أهلها، وأُنْسبُ إلى فن واحد قد اقتصر الناس عليه؟ (يعني الغناء). ‏ ‏ فقلت: يا أبا محمد، أنت كالفَرّاء والأخفش في النحو؟ ‏ ‏ فقال: لا. ‏ ‏ فقلت: فأنت في اللغة ومعرفة الشعر كالأصمعيّ وأبي عُبيدة؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قلت: فأنت في علم الكلام كأبي الهذيل العلاّف والنظـّام؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قلت: فأنت في الفقه كالقاضي يحيى بن أكثم؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قلت: فأنت في قول الشعر كأبي العتاهية وأبي نواس؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قلت: فَمِنْ هُنا نُسبتَ إلى ما نُسبتَ إليه، لأنه لا نظير لك في الغناء، وأنت في غيره دون رؤساء أهله. ‏
من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:08 AM

لو صبـروا حتـى يرجـع
دخل محمد بن واضح دار المأمون وخلفه أكثر من خمسمائة راكب، كلهم راغب إليه، وراهب منه، وهو إذ ذاك يلي أعمالاً من أعمال السـَّواد. فدعا به المأمون، فقال:‏ ‏ يا أمير المؤمنين، أَعفـِني من عمل كذا وكذا، فإنه لا قوة لي عليه.‏ ‏ فقال:‏ ‏ قد أعفيتك.‏ ‏ واستعفى من عمل آخر، وهو يظن أنه لا يـُعفيه، فأعفاه حتى خرج من كل عمل في يده في أقل من ساعة، فخرج وما في يده شيء من عمله. فقال المأمون لسالم الحوائجي:‏ ‏ إذا خرج فانظر إلى موكبه، وأَحـْصِ من معه.‏ ‏ وكان المأمون قد رآه من مـُستشرَف له حين أقبل. فخرج سالم وقد شاع الخبر بعزله عن عمله، فنظر فإذا هو لا يتبعه أحد إلا غلام له. فرجع إلى المأمون فأخبره. فقال:‏ ‏ ويلهم! لو صبروا حتى يرجع إلى بيته كما خرج منه! ‏
من كتاب "المحاسن والمساوئ" للبيهقـي

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:09 AM

لوددنا أنّا رأينا ما رأيتَ!
عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، قال: ‏ ‏ جلسنا يوماً إلى المقداد بن عمرو، فمرّ به رجل فقال للمقداد: ‏ ‏ طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لوددنا أنا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت. ‏ ‏ فغضب المقداد، وجعلتُ أعجب من غضبه، وقلت له: ‏ ‏ ما لك غضبت؟ والله ما قال إلا خيراً.‏ ‏ فقال المقداد: ‏ ‏ ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضراً غيّبه الله عنه، ما يدري لو شهده كيف كان يكون فيه؟ لقد حضر رسول الله أقوام لم يجيبوه ولم يصدّقوه فكبّهم الله في جهنم أفلا تحمدون الله إذ أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم، مصدّقين بما جاء به نبيكم، وقد كُفيتم البلاء بغيركم؟ ‏ ‏ لقد بُعث النبي في جاهلية وقوم لا يرون أن ديناً أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقان فرّق به بين الحق والباطل، وبين الوالد وولده، فكان الرجل لَيرى والده وولده وأخاه كافراً وقد فتح الله قلبه للإيمان، يعلم أنه إن هلك دخل النار، فلا تقرّ عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار. ‏
من كتاب "صفة الصفوة" لابن الجوزي.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:11 AM

ليـس هـذا كـذاك
قال أبو العتاهية لمحمد بن مناذر: ‏ ‏ كم بيتـًا من الشـِّعر تنظم في اليوم؟ ‏ ‏ قال: ثلاثة أبيات أو خمسة. ‏ ‏ فقال أبو العتاهية: ‏ ‏ ولكني أقول المائة والمائتين. ‏ ‏ قال ابن مناذر: ‏ ‏ أجل، إنك تقول: ‏ يا عتب مالي ولك يا ليتني لم أرك وأنا أقول: ‏ سـتُظلم بغـداد وتجلو لنا الدُّجَى بمكــة مـا عشـــنا ثلاثــة أقمـر إذا نزلوا بطحـاء مكـة أشـرقت بيحيى وبالفضل بن يحيى وجعفر ومـا خُـــلِقتْ إلاَّ لجـودٍ أكــفَّهم وأقــــدامُهم إلا لأعــــواد منــبر ولو أردتَ أنت أن تنظم مثلَ هذا لطال عليك الدّهر! ‏
من كتاب "ربيع الأبرار" للزمخشري. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:13 AM

ليس هـذا مـِنْ عـِلـْمي
قال أبو حاتم السجستاني:‏ ‏ ورد علينا عامل من أهل الكوفة لم أر في عـُمـّال السلطان بالبصرة أبرع منه. فلما دخلتُ مسلـّما عليه، قال لي:‏ ‏ يا سجستاني، من علماؤكم بالبصرة؟‏ ‏ قلت:‏ ‏ الزّيادي أعلمنا بعلم الأصمعي، والمازني أعلمنا بالنحو، وهلال الرأي أفقهنا، والشاذكوني من أعلمنا بالحديث، وأنا - رحمك الله - أُنسب إلى علم القرآن، وابن الكلبي من أكتبنا للشروط.‏ ‏ فقال لكاتبه:‏ ‏ إذا كان غد فاجمعهم إليّ.‏ ‏ فلما جمعنا قال:‏ ‏ أيكم المازني؟‏ ‏ قال أبو عثمان: ها أنا ذا يرحمك الله.‏ ‏ قال: هل يجزي في كفارة الظهار عتق عبد أعور؟‏ ‏ فقال المازني:‏ ‏ لستُ صاحب فقه، أنا صاحب عربية.‏ ‏ فقال: يا زيادي، كيف يـُكتب بين رجل وامرأة خالعها على الثلث من صداقها؟‏ ‏ قال: ليس هذا من علمي، هذا من علم هلال الرأي.‏ ‏ قال: يا هلال، كم أسند ابن عون عن الحسن؟‏ ‏ قال: ليس هذا من علمي، هذا من علم الشاذكوني.‏ ‏ قال: يا شاذكوني، من قرأ (يثنوني صدورهم)؟‏ ‏ قال: ليس هذا من علمي، هذا من علم أبي حاتم.‏ ‏ قال: يا أبا حاتم، كيف تكتب كتابـاً إلى أمير المؤمنين تصف فيه خصاصة أهل البصرة، وما أصابهم في الثمرة، ونسأله لهم النظر والنظرة؟‏ ‏ قلت: لستُ صاحب بلاغة وكتابة، أنا صاحب قرآن.‏ ‏ فقال:‏ ‏ ما أقبح الرجل يتعاطى العلم خمسين سنة لا يعرف إلا فنـّا واحداً حتى إذا سـُئـِل عن غيره لم يـُحـْلِ فيه ولم يـُمرّ! ‏
من كتاب "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:14 AM

مـا المخــرج؟
‏عن علي رضي الله عنه قال:‏ ‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها ستكون فتن" قلت:‏ ‏ فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال:‏ ‏ "كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخـْلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء، وفي رواية "ولا تختلف به الآراء".‏ ‏ وهو الذي لم ينته الجن إذا سمعته أن قالوا:‏ ‏ "إنا سمعنا قرآناً عجباً" هو الذي من قال به صدق ومن عمل به أُجر، ومن دعا إليه هـُدِيَ إلى صراط مستقيم".

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:14 AM

ما براهينـك؟
حدّث ثمامة بن أشرس قال:‏ ‏ شهدتُ مجلساً للمأمون وقد أُتِيَ برجل ادعى أنه إبراهيم الخليل. فقال له المأمون:‏ ‏ ما سمعت بأجرأ على الله من هذا.‏ ‏ قلت: إن رَأَى أمير المؤمنين أن يأذن لي في كلامه.‏ ‏ قال: شأنك وإياه.‏ ‏ قلت: يا هذا، إن إبراهيم عليه السلام كانت له براهين.‏ ‏ قال: وما براهينه؟‏ ‏ قلت: أُضْرِمَتْ له النار وأُلقِيَ فيها فكانت عليه برداً وسلاماً. فنحن نُضْرِمُ لك ناراً ونطرحك فيها فإن كانت عليك برداً وسلاماً آمنّا بك وصدّقنَاك.‏ ‏ قال: هات ما هو أَلْينُ من هذا.‏ ‏ قلت: فبراهين موسى عليه السلام.‏ ‏ قال: وما هي؟‏ ‏ قلت: ألقى العصا فإذا هي حية تسعى تَلْقَفُ ما يأفكون، وضرب بها البحر فانفلق، وبياض يده من غير سوء.‏ ‏ قال: هذا أصعب. هات ما هو أَلْين.‏ ‏ قلت: فبراهين عيسى عليه السلام.‏ ‏ قال: وما براهينه؟‏ ‏ قلت: إحياء الموتى.‏ ‏ قال: جئت بالطّامّة الكبرى! دعني من براهين هذا.‏ ‏ قلت: فلا بدّ من براهين!‏ ‏ قال: ما معي من هذا شيء. قلتُ لجبريل: "إنكم توجّهونني إلى شياطين فأعطوني حجة أذهب بها وإلا لم أذهب"، فغضب جبريل عليّ وقال: "اذهب أولاً فانظر ما يقول لك القوم"!‏ ‏ فضحك المأمون وقال:‏ ‏ هذا من الأنبياء التي تصلح للمنادمة! ‏
من كتاب "مروج الذهب" للمسعودي.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:15 AM

ما ضـَرَّنا شـيء
أكنت في خدمة السلطان صلاح الدين بمرج عيون قبل خروج الإفرنج إلى عكا. وكان من عادته أن يركب في وقت الركوب، ثم ينزل، فيمدّ الطعام، ويأكل مع الناس، ثم ينهض إلى خيمة خاصة له ينام فيها، ثم يستيقظ من منامه ويصلي، ويجلس خلوة وأنا معه نقرأ شيئاً من الحديث أو شيئاً من الفقه.‏ ‏ فنزل يوماً على عادته، ومُدّ الطعام بين يديه، ثم عزم على النهوض لينام. فقيل له: "إن وقت الصلاة قد قرب"، فعاد إلى الجلوس وقال: "نصلي وننام". ثم جلس يتحدّث حديث متضجّر وقد أُخلي المكان إلا ممن لزم. فتقدم إليه مملوك وعرض عليه قضية لبعض الجند، فقال له صلاح الدين:‏ ‏ أنا الآن ضجران. أخّرها ساعة.‏ ‏ فلم يفعل، وقدّم الورقة إلى قريب من وجه السلطان بيده، وفتحها بحيث يقرأها. فوقعت عينه على الاسم المكتوب في رأسها فعرفه، فقال:‏ ‏ رجلٌ يستحق.‏ ‏ فقال المملوك: يُوَقّعُ المولى له؟‏ ‏ فقال: ليست الدواة حاضرة الآن. أخِّرها ساعة.‏ ‏ قال المملوك: هذه الدواة في صدر الخيمة.‏ ‏ وليس لهذا معنى إلا أنه يأمر السلطان بإحضار الدواة. فالتفت صلاح الدين فرأى الدواة، فقال: "صدقت."، وقام فأحضر الدواة ووقّع على الورقة.‏ ‏ قلت له: قال الله تعالى في نبيه صلى الله عليه وسلم: (وإنك لعلى خلق عظيم). وما أرى المولى إلا قد شاركه في هذا الخلق.‏ ‏ فقال:‏ ‏ ما ضرّنا شيء. قضينا حاجته وحصل الثواب. ‏
من كتاب "النوادر السلطانية والمحاسن اليُوسُفية" لبهاء الدين بن شَدّاد.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:16 AM

ما علـى هـذا اتبعتـك
عن شداد بن السهاد رضي الله عنه: أن رجلاً من الأعراب جاء فآمـَن بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال أهاجر معك، فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، فكانت غزوة غنم فيها النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، فقسم وقسم له، فقال الأعرابي:‏ ‏ ما هذا؟ فقال قسمته لك. فقال:‏ ‏ ما على هذا اتبعتك يا رسول الله، إنما اتبعتك على أن أُرمـَى ههنا - وأشار بيده إلى حلقه - بسهم فأموت فأدخل الجنة، قال:‏ ‏ إن تصدق الله يصدقك. فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتال العدو، فأُتيَ به إلى النبي محمولاً، قد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، أهو هو؟ قالوا:‏ ‏ نعم يا رسول الله. قال:‏ ‏ صدق الله فصدقه. ثم كـُفن في جـُبـَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام فصلى عليه، فكان مما ظهر من صلاته:‏ ‏ اللهم هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك، فـَقـُتـِلَ شهيداً، وأنا شهيد على ذلك.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:16 AM

مـا معنـا أحـد

كان الخليفة الوليد بن يزيد يلعب الشطرنج مع عبد الله بن معاوية. فاستأذن عليه رجلٌ من ثقيف. ‏ ‏ فخشي الخليفة أن يستنقصه الضيفُ إذ يراه يلعب، فستر رقعة الشطرنج برداء، ثم أذن له بالدخول.‏ ‏ فلما استقر بالضيف المجلس سأله الخليفة عن حاله، وقال له:‏ ‏ أقرأت القرآن؟‏ ‏ قال: لا والله يا أمير المؤمنين، قد شغلتني عنه أمور.‏ ‏ قال الوليد: أفتعرف الفقه؟‏ ‏ قال: لا والله.‏ ‏ قال: أتروي من الشعر شيئاً؟‏ ‏ قال: ولا هذا.‏ ‏ فكشف الوليد عن الشطرنج وقال لعبد الله بن معاوية:‏ ‏ دَوْرُك!‏ ‏ فتردد عبد الله ونظر إلى الخليفة كالمتسائل، فقال الوليد:‏ ‏ لا بأس علينا، فما معنا أحد! ‏
من كتاب "ربيع الأبرار ونصوص الأخبار" للزمخشري. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:17 AM

مـاذا تأكلــون؟
روى الجاحظ قال:‏ ‏ شهدت الأصمعي يوماً، وقد أقبل على جلسائه يسألهم عن عيشهم، وعما يأكلون ويشربون، فأقبل على الذي عن يمينه فقال: أيا فلان، ما أُدمك؟‏ ‏ قال: اللحم.‏ ‏ قال: في كل يوم لحم؟‏ ‏ قال: نعم.‏ ‏ قال: بئس العيش هذا. ليس هذا عيش آل الخطاب.‏ ‏ كان عمر بن الخطاب يضرب على هذا. وكان يقول:‏ ‏ مدمن اللحم، كمدمن الخمر.‏ ‏ ثم سأل الذي يليه: وهكذا حتى أتى على آخرهم. كل ذلك وهو يقول:‏ ‏ بئس العيش هذا؟ ليس هذا عيش آل الخطاب. كان ابن الخطاب يضرب على هذا.‏ ‏ فلما انقضى كلامه. أقبل عليه بعضهم فقال:‏ ‏ يا أبا سعيد ما أدمك؟‏ ‏ قال: يوماً لبن، ويوماً زيت، ويوماً سمن، ويوماً تمر، ويوماً جبن، ويوماً قفار، ويوماً لحم. عيش آل الخطاب.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:19 AM

مالـي ولهــذا
لما فرغ عمر بن عبد العزيز، من دفن سليمان بن عبد الملك، سمع للأرض رجة، فإذا مراكب الخلافة، البراذين والخيل والبغال، ولكل دابة سائس.‏ ‏ فقال: ما هذه؟‏ ‏ قالوا: مراكب الخلافة يا أمير المؤمنين، قربت إليك لتركبها.‏ ‏ فقال: مالي ولها، نحوها عني، دابتي أوفق لي. ثم لمح صاحب الشرطة يسير بين يديه بالحربة.‏ ‏ فقال له تنح عني، مالي ومالك، إنما أنا رجل من المسلمين.‏ ‏ وكان الخليفة إذا مات، فما لبس من الثياب أو مسَّ من الطيب، كان لولده، وما لم يلبس من الثياب وما لم يمس من الطيب، فهو للخليفة بعده.‏ ‏ فلما أن جاء عمر بن عبد العزيز قال له أهل سليمان: هذا لك، وهذا لنا.‏ ‏ فقال لهم: وما هذا وما هذا؟‏ ‏ قالوا: هذا ما لبس الخليفة من الثياب ومسَّ من الطيب، فهو لولده، وما لم يمس ولم يلبس، فهو للخليفة بعده، وهو لك.‏ ‏ فقال عمر: ما هذا لي ولا لسليمان، ولا لكم، ولكن يا مزاحم، ضم هذا كله إلى بيت مال المسلمين.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:20 AM

متمـم العبـدي والجويريـة
قال متمم العبدي:‏ ‏ خرجتُ من مكة زائراً لقبر النبي. فإذا بي بقرية على الطريق، إذا جويرية تسوق بعيراً وتترنـّم بصوت مليح في هذا الشعر: ‏ ألا أيها البيتُ الذي حِيل دونه بنا أنتَ من بيتٍ وأهلُك من أهلِ فقلت:‏ ‏ لمن هذا الشـِّعر يا جويرية؟‏ ‏ قالت: أما ترى تلك الكـُوَّةَ الموقـّاة بالكـِلـَّة الحمراء؟‏ ‏ قلت: أراها.‏ ‏ قالت: من هناك نهض هذا الشعر.‏ ‏ قلت: أَوَ قائلـُه في الأحياء؟‏ ‏ قالت: هيهات، لو أن لميت أن يرجع لطول غيبته لكان ذلك.‏ ‏ فأعجبني فصاحة لسانها ورقـّة ألفاظها. فقلت لها:‏ ‏ ألكِ أبوان؟‏ ‏ فقالت: فقدتُ خيرَهما وأجلـَّهما، ولي أم.‏ ‏ قلت: وأين أمك؟‏ ‏ قالت: منك بمرأى ومسمع.‏ ‏ فإذا امرأة تبيع الخـَرَزَ على ظهر الطريق. فأتيتها فقلت:‏ ‏ يا أُمـَّتـَاه، استمعي مني.‏ ‏ فقالت الجويرية: يا أُمـَّه، فاستمعي من عمـّي ما يلقيه إليك.‏ ‏ فقالت الأم: هيه، هل من خبر؟‏ ‏ قلت: أهذه ابنتـُك؟‏ ‏ قالت: كذا كان يقول أبوها.‏ ‏ قلت: أفتزوِّجينـَها؟‏ ‏ قالت: أَلـِعـِلـَّةٍ رغبتَ فيها؟ فما هي والله مـَن عندها جمال ولا لها مال.‏ ‏ قلت: لحلاوة لسانها وحسن عقلها.‏ ‏ فقالت: أَيـُّنا أمـْلـَكُ بها؟ أنا أمْ هي بنفسها؟‏ ‏ قلت: بل هي بنفسها.‏ ‏ قالت: فإيـّاها فخاطب.‏ ‏ فقلت: لعلـّها أن تستـَحـِيَ من الجواب في مثل هذا.‏ ‏ فقالت: ما ذاك عندها، أنا أَخـْبـَرُ بها.‏ ‏ فقلت: يا جارية، أما تستمعين ما تقول أمـُّك؟‏ ‏ قالت: قد سمعت.‏ ‏ قلت: فما عندك؟‏ ‏ قالت: أَوَ ليس حسبك أن قلتَ: إني أستحي من الجواب في مثل هذا؟ فإن كنتُ أستحي من شيء، فلـِمَ أفعلـُه؟ أتريد أن تكون الأعلى وأكون بساطـَك؟ لا والله لا يشـُدُّ عليَّ رجلٌ حـِواءه وأنا أجد مـَذْقـَةَ لبنٍ أو بـَقـْلـَةً ألين بها مـِعـَاي.‏ ‏ فورد عليّ أعجب كلام على وجه الأرض.‏ ‏ قلت: أتزوجك والإذن فيه إليك، وأُعطي الله عهداً أني لا أَقـْرَبـُك أبداً إلا عن إرادتك.‏ ‏ قالت: إذًا والله لا تكون لي في هذا إرادةٌ أبداً، ولا بعد الأبد إن كان بـَعـْدَه بـَعـْد.‏ ‏ فقلت: فقد رضيتُ بذلك.‏ ‏ فتزوجتـُها، وحملتـُها معي إلى العراق، وأقامت معي نحواً من ثلاثين سنة ما ضممتُ عليها حـِوايَ قـَطُّ. وكانت قد عـَلـِقـَت من أغاني المدينة أصواتـاً كثيرة، فكانت ربما ترنـَّمـَتْ بها، فأشتهيها. فقلت:‏ ‏ دعيني من أغانيك هذه، فإنها تبعثني على الدّنوّ منك.‏ ‏ فما سمعتها رافعةً صوتـَها بغناء بعد ذلك، حتى فارقت الدنيا. وإن أمـّها عندي حتى الساعة. ‏
من كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:20 AM

مثـل هــذا
كان الجاحظ قصير القامة دميم الوجه وله أخبار ظريفة كثيرة ونثر طائل ونظم ضعيف فمن أخباره ونوادره، قال:‏ ‏ ما أخجلني أحد مثل امرأتين، رأيت إحداهما في سامراء وكانت طويلة القامة وكنت على طعام فأردت أن أمازحها فقلت ـ انزلي كلي معنا!‏ ‏ فقالت:‏ ‏ اصعد أنت حتى ترى الدنيا!‏ ‏ وأما الأخرى فإنها أتتني وأنا على باب داري، فقالت:‏ ‏ لي إليك حاجة وأريد أن تمشي معي، فقمت معها إلى أن أتت بي إلى صائغ يهودي، فقالت له:‏ ‏ مثل هذا، وانصرفت!‏ ‏ فسألت الصائغ عن قولها، فقال:‏ ‏ إنها أتت إلي بفصّ، وأمرتني أنقش لها عليه صورة شيطان فقلت لها يا ستي، ما رأيت الشيطان فأتت بك وقالت ما سمعت! ‏
من كتاب شرح رسالة "ابن زيدون" لابن نُباته. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:21 AM

مَدَّ الله في بقائك
حَدَّثَ أبو الجهم بن حذيفة قال: ‏ ‏ وفدت على معاوية بن أبي سفيان وهو خليفة في دمشق، فقال لي: ‏ ‏ والله إن لك لَشَرَفًا وحقّا وقرابة يا أبا الجهم، وإنه لَزَمَتْنا مؤنٌ عظيمة، وهذه مائةُ ألفٍ لك فَخُذْها واعْذُر.‏ ‏ فَقَبَضْتُها على مضض وأنا أرى أنه قد قَصَّر بي ولم يوفني حقي، وقلت في نفسي: ‏ ‏ ما عسى أن أقول له وهو رجل قد ترك بلاد قومه، وتَخَلَّق بأخلاق أهل الشام الجفاة المُقَتّرين، ونسي كرم السادة من قريش. ‏ ‏ فلما توفى معاوية واستُخْلِفَ ابنه يزيد، سِرْتُ إليه وافدا وأقمت عنده أياما. فلما أردت الرحيل، قال لي: ‏ ‏ يا أبا الجهم، إني لَعارفٌ بحقك وقرابتك وشرفك، غير أن ثمة حقوقا لا نستطيع دَفْعَها، وهذه خمسون ألفا لك فخُذْها واعْذُر ابن أخيك. ‏ ‏ فأخذتُها منه وانصرفتُ مغتاظا، وقلت في نفسي: ‏ ‏ هو غلامٌ حَدَثٌ نشأ مع غير قومه من قريش، وسَكَنَ غَيْرَ بلده، وهو إلى هذا ابن امرأة كَلْبِيّة، فأيّ خيرٍ يُرْجَى منه؟! ‏ ‏ فلما بويع عبد الله بن الزبير بالخلافة في مكة فرِحت، وقلت في نفسي: ‏ ‏ هذا بقيّةُ سادة قريش الكرام! ‏ ‏ فأتيتُه وافدا، وأقمت عنده أيام. فلما أردت الانصراف قال لي: ‏ ‏ يا أبا الجهم مهما جهلتُ فلن أجهل شرفك وقرابتك وحقك غير أن علي مؤنا وحقوقا وأمورا يطول شرحها، لكني مع ذلك لن أخيب سفرك وأملك. هذه ألف درهم خذها واستعن بها على أمورك! ‏ ‏ فأخذتها فرحا مسرورا وقلت له: ‏ ‏ يا أمير المؤمنين، مد الله لقريش في بقائك، ولا ابتلاها بفَقْدِك، فوالله لازالت قريشٌ بخير ما بقيتَ لها. ‏ ‏ فتعجّب عبد الله بن الزبير من دعائي له وقال: ‏ ‏ جزاك الله خيرا يا أبا الجهم. ولكن خبرني: أعطاك معاوية مائة ألف ولم تقل له ما قلته لي وأعطاك ابنه يزيد خمسين ألفا فلم تَدْعُ له، وإنما أعطيتُك ألف درهم. ‏ ‏ قلت: ‏ ‏ نعم يا أمير المؤمنين، ومن أجل ذلك قلت ما قلت ودَعَوْتُ لك ما دعوت، لأني بِتُّ الآن واثقا من أنك متى هلكتَ فلن يلي الخلافة بعدك إلا الخنازير! ‏
من كتاب "شرح لامية العجم" لخليل بن أيبك الصَّفَدي. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:22 AM

مرحبـاً بـك
عن أنس رضي الله عنه قال:‏ ‏ أرسل الفقراء رسولاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:‏ ‏ يا رسول الله، إني رسول الفقراء إليك، فقال النبي صلوات الله عليه:‏ ‏ مرحباً بك وبمن جئتَ من عندهم، جئت من عند قوم أحبهم، فقال: إن الفقراء يقولون لك، ذهب الأغنياء بالخير كله، يحجون ولا نقدر أن نحج، وإذا مرضوا، بعثوا بفضل أموالهم ذخيرة لهم، فقال الرسول:‏ ‏ بلغ الفقراء عني، أن لمن صبر واحتسب ثلاث خصال ليست للأغنياء، الأولى أن في الجنة غرفاً من ياقوت أحمر، ينظر إليها أهل الجنة كما ينظر أهل الدنيا إلى النجوم في السماء، لا يدخلها إلا نبي فقير، أو مؤمن فقير، أو شهيد فقير، الثانية يدخل فقراء أمتي الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، وهو خمسمائة عام، الثالثة إذا قال الغني: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، وقال الفقير مثل ذلك، لم يلحق الغنيُ الفقير، وإن أنفق معها عشرة آلاف درهم، فرجع الرسول إليهم بذلك فقالوا:‏ ‏ رضينا ربنا رضينا.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:23 AM

مـُرِي خيَالَك أن يطرقـَني
كانت زادمهر جارية بارعة الجمال، طيـّبة الغناء. ورآها يومـاً فتى من بغداد فعشقها، وأخذ في استعطافها بالمراسلات والمكاتبات، وهي لا تعرف إلا الدنيا والدينار. وجعل يصف لها في رقاعـِه عشقـَه، وسهره في الليالي، وتقلـّبه على حرّ المقالي، وامتناعه من الطعام والشراب، وما يشاكل هذا من الهذيان الفارغ الذي لا طائل فيه ولا نفع.‏ ‏ فلما أعياه أمرها، ويئس من تعطـّفها عليه، كتب إليها في رقعة:‏ ‏ وإذ قد منعتني زيارتك، فمـُري بالله خيالـَك أن يطرُقـَني ويبرد حرارة قلبي.‏ ‏ فقالت زادمهر لرسولته:‏ ‏ ويحك، قولي لهذا الرقيع: أنا أعمل ما هو خير لك من أن يطرقك خيالي، أرسـِل إليّ دينارين في قرطاس حتى أجيئك أنا بنفسي! ‏ من "حكاية أبي القاسم البغدادي" لأبي المُطـَهـَّر الأزْدِي

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:23 AM

مسئوليـة الحـاكــم
‏لما رجع عمر رضي الله عنه من الشام إلى المدينة، انفرد عن الناس، ليتعرف أخبار رعيته، فمر بعجوز في خبائها فقصدها فقالت:‏ ‏ يا هذا ما فعل عمر؟ قال:‏ ‏ قد أقبل من الشام سالماً، فقالت:‏ ‏ لا جزاه الله عني خيراً، قال:‏ ‏ ولـِمَ؟ قالت:‏ ‏ لأنه والله ما نالني من عطائه منذ وُلـِّيَ أمر المؤمنين دينار ولا درهم. فقال:‏ ‏ وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟ فقالت:‏ ‏ سبحان الله، والله ما ظننت أن أحداً يلي على الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها.‏ ‏ فبكى عمر رضي الله عنه وقال:‏ ‏ واعمراه، كل أحد أفـْقه منك حتى العجائز يا عمر. ثم قال لها:‏ ‏ يا أمة الله، بكم تبيعينني ظلامتك من عمر؟ فإني أرحمه من النار، فقالت:‏ ‏ لا تهزأ بنا يرحمك الله، فقال:‏ ‏ لست بهزَّاء، فلم يزل بها حتى اشترى منها ظلامتها بخمسة وعشرين ديناراً. فبينما هو كذلك إذا أقبل علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما فقالا:‏ ‏ السلام عليك يا أمير المؤمنين، فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت:‏ ‏ واسوأتاه، شتمت أمير المؤمنين في وجهه، فقال لها عمر رضي الله عنه:‏ ‏ لا بأس عليك رحمك الله، ثم طلب رقعة يكتب فيها فلم يجد فقطع قطعة من مرقعته وكتب فيها:‏ ‏ بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها، منذ وُلـِّيَ إلى يوم كذا وكذا بخمسة وعشرين ديناراً، فما تدعي عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى، فعمر منه بريء، شهد على ذلك علي بن أبي طالب وابن مسعود، ثم دفع الكتاب إلى ولده وقال:‏ ‏ إذا أنا مت، فاجعله في كفني، ألقى به ربي. ‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:24 AM

مظلومـة
قال الشعبيّ:‏ ‏ كنت مع شُريح القاضي حين جاءته امرأةٌ تخاصم رجلاً. ‏ ‏ فأرسلتْ عينيها وبكت بكاءً مرّا فقلتُ لشُريح:‏ ‏ يا أبا أمية، ما أظنّ هذه البائسة إلا مظلومة.‏ ‏ فقال:‏ ‏ يا شعبيّ، إن إخوةَ يوسف جاءوا أباهم عِشَاءً يبكون.
من كتاب "محاضرات الأدباء" للراغب الإصبهاني.


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:25 AM

معاويـة والأحنــف

‏بينما كان أمير المؤمنين، معاوية بن أبي سفيان، جالساً، وعنده وجوه الناس إذ دخل رجل من أهل الشام، فقام خطيباً وقال:‏ ‏ لعن الله علي بن أبي طالب؛ فأطرق الناس، وفيهم الأحنف بن قيس، وكان معروفاً بالحلم، فقال الأحنف يا أمير المؤمنين:‏ ‏ إن هذا القائل، إن علم أن رضاك في لعن المرسلين لعنهم، فاتق الله، ودع عنك علياً، فقد لقي ربه، وأفرد بقبره، وخلا بعمله؛ وكان والله مبرزاً في سبقه، طاهر الثوب، ميمون النقيبة، عظيم المصيبة. فقال له معاوية:‏ ‏ يا أحنف، لقد أغضيت العين على القذى، أما والله لتصعدَنَّ المنبر، وتلعن علياً طوعاً أو كرهاً. فقال الأحنف:‏ ‏ إن تعفني خير لك، وإن تجبرني على ذلك، فوالله لا تجدني به شقياً أبداً، قال:‏ ‏ وما أنت قائل يا أحنف، قال:‏ ‏ أَحمدُ الله وأصلي على نبيه، ثم أقول:‏ ‏ إن أمير المؤمنين أمرني أن ألعن علياً، وقد اقتتل عليّ ومعاوية، واختلفا وادعى كل منهما أنه مـَبـْغـِيٌّ عليه، فإذا دعوت فأمنوا رحمكم الله، اللهم العنْ أنت وملائكتك وأنبياؤك وجميع خلقك الباغي منهما على صاحبه والعن الفئة الباغية، أَمـِّنوا رحمكم الله، لا أزيد على ذلك ولا أنقص يا معاوية، ولو كان فيه ذهاب نفسي، فقال معاوية:‏ ‏ إذن أعفيناك.


الساعة الآن 02:13 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى