منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القرآن الكريم والأحاديث وسيرة الأنبياء والصحابة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=95)
-   -   سلسلة رجال حول الرسول (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=1868)

المُنـى 25 - 11 - 2009 06:35 PM



الشاعر الشهيد
عبد الله بن رواحة




إنه الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة الخزرجي الأنصاري -رضي الله عنه- وكان يكنى أبا محمد. وقد حضر بيعتي العقبة الأولى والثانية، وشهد بدرًا وأحدًا والخندق، وكان أحد شعراء النبي ( الثلاثة، وكان بين يدي النبي ( في عمرة القضاء يقول:
خَلُّوا بني الكُفَّار عَنْ سَبيلِهِ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ
ضَرْبًا يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيـله
فنادى عليه عمر وقال له: في حرم الله وبين يدي رسول الله ( تقول هذا الشعر؟ فقال له النبي (: (خَلِّ عنه يا عمر، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وَقْعِ النبل) [أبو يعلي].
وكان عبد الله عابدًا محبًا لمجالس العلم والذِّكر، فيروى أنه كان إذا لقى رجلا من أصحابه قال له: تعال نؤمن بربنا ساعة. وذات مرة سمعه أحد الصحابة يقول ذلك، فذهب إلى النبي (، وقال: يا رسول الله، ألا ترى ابن رواحة، يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة؟! فقال له النبي (: (رحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة) [أحمد].
وذات مرة ذهب عبد الله إلى المسجد والنبي ( يخطب، وقبل أن يدخل سمع النبي ( يقول: (اجلسوا) فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي ( من خطبتيه، فبلغ ذلك النبي (، فقال له: (زادك الله حرصًا على طواعية الله ورسوله) [البيهقي].
وكان كثير الخوف والخشية من الله، وكان يبكي كثيرًا، ويقول: إن الله تعالى قال: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 17]، فلا أدري أأنجو منها أم لا؟
وعُرفَ عبد الله بن رواحة بكثرة الصيام حتى في الأيام الشديدة الحر، يقول أبو الدرداء -رضي الله عنه- خرجنا مع النبي ( في بعض أسفاره في يوم حار حتى وضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا النبي ( وابن رواحة.
ولما نزل قول الله تعالى: {والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وأنهم يقولون ما لا يفعلون} [224-226] أخذ عبد الله في البكاء لأنه كان شاعرًا يقول الشعر، ويدافع به عن الإسلام والمسلمين، وقال لنفسه: قد علم الله أني منهم، وكان معه كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وهم شعراء الرسول ( الثلاثة، فنزل قول الله تعالى: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرًا وانتصروا من بعد ما ظلموا} [_الشعراء: 227]. ففرح عبد الله بذلك، واستمر في نصرة المسلمين بشعره.
وذات يوم أنشد عبد الله من شعره بين يدي النبي (، وقال:
إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الخَيْــــرَ أَعْرِفُـــهُ
وَاللهُ يَعْرِفُ أنْ ما خَانَنِي الخَبَــــــرُ
أَنْتَ النبي وَمَنْ يُحْــرَمْ شَفَاعَتُـــــهُ
يَوْمَ الحِسَابِ لَقَدْ أَزْرَى بِـهِ القَــــدَرُ
فَثَّبَتَ اللهُ مَا آتَـــاكَ مـِنْ حـُسْـــنٍ
تَثَبِيتَ مَــــوسَى وَنَصْرًا كَالذي نَصَروا
فدعا له الرسول (: (وإياك فثبَّتَكَ الله) [ابن سعد].
وكما نصر عبد الله الإسلام في ميدان الكلمة، فقد نصره باقتدار في ميدان الحرب والجهاد بشجاعته وفروسيته.
وكان ابن رواحة أمينًا عادلاً، وقد أرسله النبي ( إلى يهود خيبر؛ ليأخذ الخراج والجزية مما في أراضيهم، فحاولوا إعطاءه رشوة؛ ليخفف عنهم الخراج، فقال لهم: يا أعداء الله، تطعموني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم (أي أتعامل معكم بالعدل).
وفي شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة، علم الرسول ( أن الروم قد حشدوا جيوشهم استعدادًا للهجوم على المسلمين، فأرسل النبي ( جيشًا إلى حدود الشام عدده ثلاثة آلاف مقاتل؛ ليؤمِّن الحدود الإسلامية من أطماع الروم، وجعل زيد بن حارثة أميرًا على الجيش، وقال لهم: (إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رَواحة) [البخاري].
فلما وصل جيش المسلمين إلي حدود الشام، علموا أن عدد جيش الروم مائتا ألف فارس، فقالوا: نكتب إلى النبي ( ليرسل إلينا مددًا من الرجال، أو يأمرنا أن نرجع أو أي أمر آخر، فقال لهم ابن رواحة: يا قوم، والله إن التي تكرهون هي التي خرجتم تطلبون، إنها الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، إنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به. فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور (نصر) وإما شهادة.
فكبر المسلمون وواصلوا مسيرتهم حتى نزلوا قرية بالشام تسمى مؤتة، وفيها دارت الحرب، وقاتل المسلمون أعداءهم قتالاً شديدًا، وأخذ زيد بن حارثة يقاتل ومعه راية المسلمين، فاستشهد زيد، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب، وراح يقاتل في شجاعة حتى استشهد، فأخذ عبد الله الراية، فأحس في نفسه بعض التردد، ولكنه سرعان ما تشجع، وراح يقاتل في شجاعة ويقول:
أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّـه طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرهِنَّـــــــه
فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّـة مَالِي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الجَنَّــــةْ
يَا نَفْسُ إلا تُقْتَلِى تَمُوتـي وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيـــــت
إِنْ تَفْعَلِى فَعْلَهُمَا هُدِيـتِ وَإِنْ تَأَخَّرْتِ فَقَد شُقِيــــتِ
ونال عبد الله الشهادة، ولحق بصاحبيه زيد وجعفر.

أرب جمـال 25 - 11 - 2009 06:35 PM

قيس بن سعد


الكريم بن الكريم
قيس بن سعد
إنه قيس بن سعد بن عبادة -رضي الله عنه-، الذي نشأ في بيت كريم صالح من أكرم بيوت العرب وأعرقها نسبًا، فأبوه هو الصحابي الجليل سعد بن عبادة سيد الخزرج، وقد تربى قيس منذ الصغر على الشجاعة والكرم، حتى صار يضرب به المثل في جوده وكرمه.
وذات مرة جاءت امرأة عجوز تشكو فقرها إلى قيس، فقال لخدمه: املئوا بيتها خبزًا وسمنًا وتمرًا. [ابن عساكر]، وكان قيس يطعم الناس في أسفاره مع النبي (، وكان إذا نفد (انتهى) ما معه يستدين وينادي في كل يوم: هلموا إلى اللحم والثريد. [ابن عساكر].
باع تجارة بتسعين ألفا، ثم أمر من ينادي بالمدينة: من أراد القرض فليأت، فجاء إليه أناس كثيرون، أقرضهم أربعين ألفًا وتصدق بالباقي، وذات يوم أصابه مرض فقل عواده وزواره، فسأل زوجته: لم قل عوادي؟ فأجابت: لأنهم يستحيون من أجل دينك فأمر مناديًا ينادي: من كان عليه دين فهو له، فأتى الناس يزورونه حتى هدموا درجة كانوا يصعدون عليها إليه.
وكان -رضي الله عنه- يقول: اللهم ارزقني مالاً وفعالاً (كرمًا) فإنه لا يصلح الفعال إلا بالمال. [ابن عساكر].
وجاءه كثير بن الصلت فطلب منه ثلاثين ألفًا على سبيل القرض، فأعطاه إياها، ولما ردها إليه رفض قيس أن يقبلها، وقال: إنا لا نعود في شيء أعطيناه.
واشترك قيس مع ثلاثمائة صحابي في غزوة سيف البحر بقيادة
أبي عبيدة بن الجراح، فأصابهم فيها جوع شديد، وفنى ما معهم من زاد، فقام قيس فذبح ثلاثة جمال له، وبعد مدة ذبح ثلاثة أخرى، ثم ذبح لهم ثلاثة أخرى، حتى نهاه أبو عبيدة عن ذلك حين رزق الله الجيش بحوت كبير ظلوا يأكلون منه ثمانية عشر يومًا، وعندما عادوا للنبي ( وذكروا له ذلك، قال عن قيس: (أما إنه في بيت جود) [ابن عساكر].
وتحدث أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- عن كرم قيس وسخائه، فقالا: لو تركنا هذا الفتى لسخائه لأهلك (قضى على) مال أبيه، فلما سمع سعد ذلك قام عند النبي ( فقال: من يعذرني من ابن أبي قحافة (أبي بكر) وابن الخطاب، يُبَخِّلان عليَّ ابني. وكان قيس يتمتع بالذكاء وحسن التدبير وسلامة التفكير.
وكان قيس ملازمًا للنبي ( حتى قال عنه أنس: كان
قيس بن سعد بن عبادة من النبي ( بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير. [البخاري والترمذي].
وقد عرف بشجاعته وبسالته وإقدامه، فكان حاملا للواء الأنصار مع رسول الله (، وشهد مع الرسول الغزوات، وأخذ النبي ( الراية يوم فتح مكة من أبيه سعد وأعطاها لابنه قيس؛ حيث كان بطلاً قويًّا وفارسًا مقدامًا ومجاهدًا عظيمًا.
وجاهد قيس مع الخلفاء الراشدين، ووقف مع الإمام علي بن أبي طالب في معركة صفين والجمل والنهروان، ورأى أن الحق في جانبه، وقد ولاه الإمام علي -رضي الله عنه- حكم مصر، ثم استدعاه منها وجعله على قيادة جيشه، ولما استشهد الإمام علي بايع ابنه الحسن -رضي الله عنه- وقاد خمسة آلاف رجل لحرب معاوية، لكن الحسن آثر أن يحقن دماء المسلمين فتفاوض مع معاوية وبايعه على الخلافة، وتنازل عنها، فرجع قيس إلى المدينة، وجمع قومه وخطب فيهم وقال:
إن شئتم جالدت بكم حتى يموت الأعجل منا، وإن شئتم أخذت لكم أمانًا، فاختار جنوده الأمان وقالوا: خذ لنا أمانًا. فأخذ لهم الأمان من معاوية.
[ابن عساكر].
وقد كان قيس بن سعد -رضي الله عنه- معروفًا بالذكاء والدهاء، وكان يقول عن نفسه: لولا أني سمعت رسول الله ( يقول: المكر والخديعة في النار لكنت من أمر هذه الأمة.
وروى قيس كثيرًا من أحاديث رسول الله ( وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين. وعاش قيس في المدينة، حتى توفي -رحمه الله- في آخر خلافة معاوية.



المُنـى 25 - 11 - 2009 06:36 PM



داعية في الإسلام
عمير بن وهب



عمير بن وهب
إنه عمير بن وهب -رضي الله عنه-، كان واحدًا من قادة قريش، وبطلاً من أبطالها، كان حادَّ الذكاء، وداهية حرب، طلب منه أهل مكة يوم بدر أن يستطلع لهم عدد المسلمين الذين خرجوا مع الرسول ( للقائهم، ويعرف مدى استعدادهم.
فانطلق هذا الداهية يترقب حول معسكر المسلمين، ثم رجع يقول لقومه: إنهم ثلاثمائة رجل، أو يزيدون قليلاً أو ينقصون قليلاً، وكان تقديره صحيحًا، ثم سأله قومه: هل وراءهم مدد أم لا؟ فقال: لم أجد وراءهم شيئًا، ولكنى رأيت قومًا وجوههم كوجوه الحيات، لا يموتون حتى يقتلوا منا أعدادهم، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم.
والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلاً منكم، فإذا أصابوا منكم مثل عددهم، فما خير العيش بعد ذلك؛ فانظروا رأيكم. فتأثر عدد من زعماء قريش بكلامه، وكادوا يجمعون رجالهم ويعودون إلى مكة بغير قتال، لولا أن أبا جهل أيقظ في نفوس الكفار نار الحقد، وأشعل نار الحرب، ولما نشبت المعركة
كان عمير بن وهب أول من رمى بنفسه عن فرسه بين المسلمين، وانتهت
المعركة بانتصار المسلمين على قريش، وعادت قوات قريش إلى مكة تجر
خيبتها وراءها.
وبعد بدر، أقبل عمير بن وهب على ابن عمه صفوان بن أمية وهو جالس في حجر الكعبة، وأخذا يتذكران ما حل بأهل مكة يوم بدر، فقال صفوان: قبح الله العيش بعد قتلى بدر، فقال عمير: صدقت، والله ما في العيش خير بعدهم، ولولا ديْن عليَّ لا أملك قضاءه، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدى؛ لركبت إلى محمد حتى أقتله، فإن لي عنده علة (سببًا) أعتكُّ بها عليه: أقول: قدمت من أجل ابني هذا الأسير، وكان ابنه وهب قد أسر يوم بدر، ففرح صفوان وقال له: عليَّ دينك أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم وأرعاهم.
فقال عمير لصفوان: اكتم خبري أيامًا حتى أصل إلى المدينة، ثم جهز عمير سيفه وسنَّه، وجعله حادًا، ووضع عليه السم، ثم انطلق حتى وصل إلى المدينة، وربط راحلته عند باب المسجد، وأخذ سيفه، وتوجه إلى رسول الله (، فرآه عمر بن الخطاب، فأسرع إلى رسول الله ( وقال: يا نبي الله، هذا عدو الله عمير بن وهب جاء رافعًا سيفه، لا تأمنه على شيء، فقال ( لعمر: (أدخله عليَّ).
فخرج عمر، وأمر بعض الصحابة أن يدخلوا إلى رسول الله ( ويحترسوا من عمير، وأمسك عمر بثياب عمير، ودخل به، فقال ( لعمر: (تأخَّر عنه (أي اتركه وابتعد عنه))، وقال لعمير: (اقترب يا عمير)، فاقترب عمير من الرسول (، وقال: انعموا صباحًا (وهى تحية الجاهلية)، فقال له (: (قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة).
ثم سأله (: (فما جاء بك يا عمير؟) فقال عمير: جئت لهذا الأسير عندكم (يقصد ابنه وهبًا)، تفادونا في أسرانا، فإنكم العشيرة والأهل، فقال النبي (: (فما بال السيف في عنقك؟) قال عمير: قبحها الله من سيوف، وهل أغنت عنا شيئًا؟! إنما نسيته في عنقي حين نزلت، ثم قال الرسول (: (أصدقني يا عمير، ما الذي جئت له؟) فقال عمير: ما جئت إلا في طلب أسيري.
فقال الرسول (: (بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في حجر الكعبة، ثم قلت: لولا دين عليَّ وعيال عندي؛ لخرجت حتى أقتل محمدًا، فتحمل لك صفوان ذلك، والله حائل (مانع) بينك وبين ذلك)، فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، كنا يا رسول الله نكذبك بالوحي، وبما يأتيك من السماء، وإن هذا الحديث كان بيني وبين صفوان في الحجر، لم يطلع عليه أحد، فأخبرك الله به، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، ففرح المسلمون بإسلام عمير فرحًا شديدًَا. فقال الرسول ( لأصحابه: (علموا أخاكم القرآن، وأطلقوا أسيره) [ابن هشام وابن جرير].
هكذا أسلم عمير بن وهب، وأصبح واحدًا من أولئك الذين أنعم الله عليهم بالهدى والنور، يقول عنه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما أسلم: والذي نفسي بيده، لخنزير كان أحب إلي من عمير حين طلع علينا (حين رآه في المدينة وهو قادم على الرسول ( ليقتله)، ولهو اليوم أحب إلي من بعض ولدي.
وبعد أيام قليلة، ذهب إلى رسول الله ( قائلاً: يا رسول الله، إني كنت جاهدًا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله، وإني أحب أن تأذن لي فألحق بقريش، فأدعوهم إلى الإسلام، لعل الله أن يهديهم، فأذن له الرسول (.
وفي الوقت الذي آمن فيه عمير بالمدينة، كان صفوان يقول لقريش: أبشروا بفتح يأتيكم بعد أيام ينسيكم وقعة بدر. وكان صفوان يخرج كل صباح إلى مشارق مكة يسأل القوافل القادمة من المدينة: ألم يحدث بالمدينة أمر؟ هل قتل محمد؟ وظل على هذا النحو حتى قال له رجل قدم من المدينة: لقد أسلم عمير. فغضب صفوان أشد الغضب، وحلف أن لا يكلم عميرًا أبدًا، ولا يعطي له ولا لأولاده شيئًا.
وعاد عمير بن وهب إلى مكة مسلمًا، وراح يدعو كل من يقابله من أهل مكة إلى الإسلام، فأسلم على يديه عدد كبير، ورأى صفوان بن أمية، فأخذ ينادي عليه، فأعرض عنه صفوان، فسار إليه عمير وهو يقول بأعلى صوته: يا صفوان أنت سيد من سادتنا، أرأيت الذي كنا عليه من عبادة حجر والذبح له؟ أهذا دين؟ اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله. فلم يردَّ عليه بكلمة.
وفي يوم فتح مكة، لم ينس عمير صاحبه وابن عمه صفوان بن أمية، فراح يدعوه إلى الإسلام، فشد صفوان رحاله نحو جدة، ليذهب منها إلى اليمن، وصمم عمير أن يسترد صفوان من يد الشيطان بأية وسيلة، وذهب إلى الرسول ( مسرعًا، وقال له: يا نبي الله، إن صفوان بن أمية سيد قومه قد خرج هاربًا منك، ليقذف بنفسه في البحر فأمنه (أي أعطه الأمان)، فقال النبي (: (قد أمنته)، فقال عمير: يا رسول الله، أعطني آية (علامة) يعرف بها أمانك، فأعطاه الرسول ( عمامته التي دخل بها مكة.
فخرج عمير بها حتى أدرك صفوان وهو يريد أن يركب البحر. فقال: يا صفوان فداك أبي وأمي، الله الله في نفسك أن تهلكها، هذا أمان رسول الله ( قد جئتك به. فقال له صفوان: ويحك، اغرب عني فلا تكلمني، فقال عمير: أي صفوان، فداك أبي وأمي، إن رسول الله ( أفضل الناس، وأبر الناس، وأحلم الناس، عزه عزك، وشرفه شرفك. فقال صفوان: إني أخاف على نفسي، فقال عمير: هو أحلم من ذاك وأكرم.
فرجع معه وذهبا إلى رسول الله (، فقال صفوان للنبي (: إن هذا يزعم أنك قد أمنتني. فقال الرسول (: (صدق)، فقال صفوان: فاجعلني فيه (أي في الإيمان) بالخيار شهرين. فقال الرسول (: (بل لك تسير أربعة أشهر) [ابن هشام].
وتحققت أمنية عمير وأسلم صفوان، وسَعِد عمير بإسلامه، وواصل عمير بن وهب مسيرة في نصرة الإسلام، حتى أصبح من أحب الناس إلى رسول الله (، ونال عمير احترام خلفاء الرسول ( وعاش
عمير بن وهب حتى خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.

أرب جمـال 25 - 11 - 2009 06:36 PM


شهيد يمشي على الأرض
طلحة بن عبيد الله




إنه الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله، قال عنه الرسول (: "من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض؛ فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله" [الترمذي].
وهو أحد العشرة الذين بشرهم الرسول ( بالجنة، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد الستة الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليكون منهم خليفة المسلمين.
وكان طلحة قد سافر إلى أرض بصرى بالشام في تجارة له، وبينما هو في السوق سمع راهبًا في صومعته يقول: سلوا أهل هذا الموسم أفيهم أحد من أهل الحرم؟ فذهب إليه طلحة، وقال له: نعم أنا، فقال الراهب: هل ظهر أحمد؟ قال طلحة: من أحمد؟ قال الراهب: ابن عبد الله بن عبد المطلب، هذا شهره الذي يخرج فيه، وهو آخر الأنبياء، ومخرجه من الحرم، ومهاجره إلى نخل وحرة ويباخ (يقصد المدينة المنورة)، فإياك أن تسبق إليه.
فوقع كلام الراهب في قلب طلحة، ورجع سريعًا إلى مكة وسأل أهلها: هل كان من حدث؟ قالوا نعم، محمد الأمين تنبأ، وقد تبعه ابن أبي قحافة، فذهب طلحة إلى أبي بكر، وأسلم على يده، وأخبره بقصة الراهب.[ابن سعد]، فكان من السابقين إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر.
ورغم ما كان لطلحة من ثراء ومال كثير ومكانة في قريش فقد تعرض لأذى المشركين واضطهادهم مما جعله يهاجر المدينة حين أذن النبي ( للمسلمين بالهجرة، وجاءت غزوة لكنه لم يشهدها، وقيل إن الرسول ( أرسله في مهمة خارج المدينة وحينما عاد ووجد المسلمين قد عادوا من غزوة بدر، حزن طلحة حزنًا شديدًا لما فاته من الأجر والثواب، لكن الرسول ( أخبره أن له من الأجر مثل من جاهد في المعركة، وأعطاه النبي ( سهمًا ونصيبًا من الغنائم مثل المقاتلين تمامًا.
ثم شهد طلحة غزوة أحد وما بعدها من الغزوات، وكان يوم أحد يومًا مشهودًا، أبلى فيه طلحة بلاء حسنًا حتى قال عنه النبي (: "طلحة شهيد يمشي على وجه الأرض" [ابن عساكر].
وحينما نزل قول الله تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) [الأحزاب: 23]، قال النبي (: "طلحة ممن قضى نحبه" [الترمذي].
وحينما حدث اضطراب في صفوف المسلمين، وتجمع المشركون حول رسول الله ( كل منهم يريد قتله، وكل منهم يوجه السيوف والسهام والرماح تجاه الرسول ( إذا بطلحة البطل الشجاع يشق صفوف المشركين حتى وصل إلى رسول الله (، وجعل من نفسه حصنًا منيعًا للنبي (، وقد أحزنه ما حدث لرسول الله ( من كسر رباعيته (أي مقدمة أسنانه)، وشج رأسه، فكان يتحمل بجسمه السهام عن رسول الله، ويتقي النبل عنه بيده حتى شلت يده، وشج رأسه، وحمل رسول الله ( على ظهره حتى صعد على صخرة، وأتاه أبو بكر وأبو عبيدة، فقال لهما الرسول: اليوم أوجب طلحة يا أبا بكر"، ثم قال لهما: "عليكما صاحبكما"، فأتيا إلى طلحة فوجداه في حفرة، وبه بضع وسبعون طعنة ورمية وضربة، وقد قطعت إصبعه" [ابن سعد].
وكان أبو بكر الصديق إذا ذكر يوم أحد قال: ذاك يوم كله لطلحة، وقد بشره الرسول ( بالجنة.
وقد بلغ طلحة مبلغًا عظيمًا في الجود والكرم حتى سمى بطلحة الخير، وطلحة الجواد، وطلحة الفياض، ويحكى أن طلحة اشترى بئر ماء في غزوة ذي قرد، ثم تصدق بها، فقال رسول الله (: "أنت طلحة الفياض" [الطبراني]، ومن يومها قيل له طلحة الفياض.
وقد أتاه مال من حضرموت بلغ سبعمائة ألف، فبات ليلته يتململ، فقالت له زوجته: مالك؟ فقال: تفكرت منذ الليلة، فقلت: ما ظن رجل بربه يبيت وهذا المال في بيته، فأشارت عليه أن يقسم هذا المال على أصحابه وإخوانه، فسرَّ من رأيها وأعجب به، وفي الصباح، قسم كل ما عنده بين المهاجرين والأنصار، وهكذا عاش حياته كلها كريمًا سخيًّا شجاعًا.
واشترك في باقي الغزوات مع النبي ( ومع أبي بكر وعمر وعثمان، وحزن حزنًا شديدًا حينما رأى مقتل عثمان بن عفان رضي الله واستشهاده، واشترك في موقعة الجمل مطالبًا بدم عثمان وبالقصاص ممن قتله، وعلم أن الحق في جانب علي، فترك قتاله وانسحب من ساحة المعركة وفي أثناء ذلك أصيب بسم فمات.
وقد روي عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: والله إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير ممن قال الله تعالى: (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانًا على سرر متقابلين) [الحجر: 47].
وتزوج طلحة -رضي الله عنه- أربع نسوة، كل واحدة منهن أخت لزوجة من زوجات النبي (، وهن: أم كلثوم بنت أبي بكر، أخت عائشة، وحمنة بنت جحش أخت زينب، والفارعة بنت أبي سفيان أخت أم حبيبة، ورقية بنت أبي أمية أخت أم سلمة.
وقد ترك طلحة تسعة أولاد ذكور وبنتًا واحدة، وروي عن النبي ( أكثر من ثلاثين حديثًا.




المُنـى 25 - 11 - 2009 06:37 PM



الصادق
عمير بن سعد




إنه عمير بن سعد بن عبيد الأنصاري -رضي الله عنه-، الذي بايع الرسول ( وهو ما زال غلامًا، وأبوه هو الصحابي الجليل سعد القارئ
-رضي الله عنه-.
ومنذ أسلم عمير وهو عابد لله سبحانه، تجده في الصف الأول في الصلاة والجهاد، وما عدا ذلك فهو معتكف في بيته، لا يسمع عنه أحد، ولا يراه الناس إلا قليلاً، اشتهر بالزهد والورع، كان صافي النفس، هادئ الطبع، حسن الصفات، مشرق الطلعة، يحبه الصحابة ويأنسون بالجلوس معه.
وذات يوم، سمع عمير زوج أمه الجلاس بن سويد -وكان له كالأب ينفق عليه- وهو يقول: إن كان محمد حقًّا لنحن شر من الحمير. فغضب الغلام غضبًا شديدًا، وامتلأ قلبه غيظًا وحيرة ، ثم قال لجلاس: والله يا جلاس إنك لمن أحب الناس إليَّ وأحسنهم عندي يدًا، وأعزهم عليَّ أن يصيبه شيء يكرهه، ولقد قلت الآن مقالة لو أذعتها عنك لآذتك، ولو صَمَتُّ عليها ليهلكن ديني، وإن حقَّ الدين لأولى بالوفاء، وإني مُبْلغٌ رسول الله ( ما قلت.
فقال الجلاس له: اكتمها عليَّ يا بني، فقال الغلام: لا والله. ومضى إلى رسول الله ( وهو يقول: لأبلِّغنَّ رسول الله ( قبل أن ينزل الوحي يُشْرِكني في إثمك.
فلما وصل الغلام إلى رسول الله ( أخبره بما قاله جلاس، فأرسل الرسول ( في طلب الجلاس، فلما جاء الجلاس ذكر له الرسول ( ما قاله الغلام، فأنكر وحلف بالله أنه ما قال ذلك.
فأنزل الله قرآنًا يؤكد صدق الغلام، ويفضح الجلاس ويحفظ للغلام مكانته عند الرسول (، فقال تعالى: {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرًا لهم وإن يتولوا يعذبهم عذابًا أليمًا في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير} [التوبة: 74].
فاعترف الجلاس بما قاله الغلام، واعتذر عن خطيئته، وتاب إلى الله، وحسن إسلامه، وما سمع الغلام من الجلاس شيئًا يكرهه بعدها، ثم أخذ النبي ( أذن الغلام، وقال: (وفَتْ أُذُنُك يا غلام، وصدَّقَك ربك)
[عبد الرزاق].
ويواصل عمير حياته على هذه الحال حتى تأتي خلافة الفاروق عمر بن الخطاب
-رضي الله عنه-، ويبدأ في اختيار ولاته وأمرائه، وفق دستوره الذي أعلنه في عبارته الشهيرة: أريد رجلاً إذا كان في القوم، وليس أميرًا عليهم بدا (ظهر) وكأنه أميرهم، وإذا كان فيهم وهو عليهم أمير، بدا وكأنه واحد منهم، أريد واليًا لا يميز نفسه على الناس في ملبس، ولا في مطعم، ولا في مسكن .. يقيم فيهم الصلاة، ويقسم بينهم بالحق، ويحكم فيهم بالعدل، ولا يغلق بابه دون حوائجهم. وعلى هذا الأساس اختار عمر بن الخطاب عميرًا ليكون واليًا على حمص، وحاول عمير أن يعتذر عن هذه الولاية، لكن عمر بن الخطاب ألزمه بها.
وذهب عمير إلى حمص، وبقى فيها عامًا كاملا دون أن يرسل إلى أمير المؤمنين بالمدينة، بل لم يصل إلى أمير المؤمنين منه أية رسالة، فأرسل إليه عمر -رضي الله عنه- ليأتي إليه، وجاء عمير وشاهده الناس، وهو يدخل المدينة وعليه آثار السفر، وهو يحمل على كتفيه جرابًا وقصعة (وعاء للطعام) وقربة ماء صغيرة، ويمشي في بطء شديد من التعب والجهد.
ولما وصل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قال له: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فرد عمر السلام ثم قال له: ما شأنك يا عمير؟ فقال عمير: شأني ما ترى، ألست تراني صحيح البدن، طاهر الدم، معي الدنيا (يقصد أنه يملك الدنيا كلها)؟ فقال عمر: وما معك؟ قال عمير: معي جرابي أحمل فيه زادي، وقَصْعَتي آكل فيها وأغسل فيها رأسي، وإداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي، وعصاي أتوكأ عليها، وأجاهد بها عدوًا إن عَرَض (ظهر)، فوالله ما الدنيا إلا تَبعٌ لمتاعي. فقال عمر: أجئت ماشيًا؟ قال عمير: نعم.
فقال عمر: أَوَلَمْ تَجدْ من يعطيك دابة تركبها؟ قال عمير: إنهم لم يفعلوا، وإني لم أسألهم. فقال عمر: فماذا عملت فيما عهدنا إليك به؟ قال عمير: أتيت البلد الذي بعثتني إليه، فجمعت صُلَحَاء أهله، ووليتُهم جَبايَة فيئهم (جمع صدقاتهم) وأموالهم، حتى إذا جمعوها وضعتها، ولو بقى لك منها شيء لأتيتك به، فقال عمر: فما جئتنا بشيء ؟ قال عمير: لا. فصاح عمر وهو فخور سعيد: جدِّدوا لعمير عهدًا، ولكن عميرًا رفض وقال في استغناء عظيم: تلك أيام خَلَتْ، لا عَمِلتُ لك، ولا لأحد بعدك.
فأي صنف من الرجال كان عمير بن سعد؟ لقد كان الصحابة على صواب حين وصفوه بأنه نسيج وحده (أي شخصيته متميزة فريدة من نوعها)، وكان عمر محقًّا أيضًا حينما قال: وددت لو أن لي رجالاً مثل عمير بن سعد أستعين بهم على أعمال المسلمين.
لقد عرف عمير مسئولية الإمارة، ورسم لنفسه وهو أمير حمص واجبات الحاكم المسلم وها هو ذا يخطب في أهل حمص قائلاً: ألا إن الإسلام حائط منيع، وباب وثيق، فحائط الإسلام العدل، وبابه الحق، فإذا نُقِضَ (هُدِمَ) الحائط، وخطم الباب، استفتح الإسلام، ولا يزال الإسلام منيعًا ما اشتد السلطان، وليست شدة السلطان قتلاً بالسيف، ولا ضربًا بالسوط، ولكن قضاءً بالحق، وأخذًا بالعدل. وظل عمير بن سعد رضي الله عنهما مقيمًا بالشام حتى مات بها في خلافة عمر، وقيل في خلافة عثمان.


أرب جمـال 25 - 11 - 2009 06:37 PM

معمر البصرة
عتبة بن غزوان



إنه عتبة بن غزوان أحد الرماة الأفذاذ الذين أبلوا في سبيل الله بلاء حسنًا، سابع سبعة سبقوا إلى الإسلام، وبسطوا أيديهم مبايعين رسول الله (، ومُتحدِّين قريشًا بكل ما معها من قوة وبأس، وتحمل مع إخوانه عذاب قريش واضطهادها.
هاجر إلى الحبشة في المرة الثانية، فلم يطق فراق رسول الله (، وسرعان ما رجع ليبقى بجوار الرسول ( حتى حان موعد الهجرة إلى المدينة، فهاجر مع المسلمين، ولكن قريشًا لم تهدأ بعد هجرة النبي ( وأصحابه إلى المدينة، بل بدأت في محاربة الإسلام، واصطدمت مع المسلمين في بدر، فحمل عتبة سلاحه ليضرب به رءوس الكفر، وظل رافعًا سلاحه مع الرسول ( في كل لقاءاته مع المشركين لا يتخلف عن جهاد، أو يتكاسل عن معركة.
وبقى عتبة بعد وفاة النبي ( مجاهدًا في سبيل الله، فقد أرسله أميـر المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أرض البصرة لقتال الفرس في الأُبُلَّة، وليطهر أرضها من رجسهم. ومضى عتبة بجيشه إلى الأبلة، والتقى بأقوى جيوش الفرس، ووقف عتبة أمام جنوده حاملاً رمحه بيده، وصاح: الله أكبر. تلك الكلمة التي زلزلت الأرض من تحت أقدام الفرس، وما هي إلا جولات مباركة حتى استسلمت الأبلة، وطهرت أرضها من الكفر، وتحرر أهلها من طغيان الفرس.
وبعد فتح الأبلة، أسس عليها عتبة مدينة البصرة، وبني فيها مسجدًا كبيرًا، وبقى عتبة -رضي الله عنه- بالبصرة يصلي بالناس، ويفقههم في دينهم، ويحكم بينهم بالعدل، ضاربًا لهم أروع مثال في الزهد والورع.
وظل عتبة -رضي الله عنه- واليًا على البصرة حتى جاء موسم الحج، فخرج حاجَّا بعدما استخلف المغيرة بن شعبة على البصرة، ولما فرغ من حجه، سافر إلى المدينة، وطلب من أمير المؤمنين عمر أن يعفيه من الإمارة، ولكن أمير المؤمنين رفض أن يعفيه منها، ولم يكن أمام عتبة إلا الطاعة، فأخذ راحلته ليركبها راجعًا إلى البصرة، واعتلى ظهرها، ثم دعا ربه قائلاً: اللهم لا تردّني إليها.
فاستجاب الله دعاءه، فسقط من على راحلته، فمات وهو في طريقه بين مكة والبصرة، وكان ذلك سنة ( 17هـ).

المُنـى 25 - 11 - 2009 06:38 PM



صاحب العمامة الحمراء
أبو دجانة الأنصاري



إنه الصحابي الجليل أبو دجانة الأنصاري، واسمه سِمَاك بن أوس بن خرشة، أسلم وآمن بالله ورسوله (، وقد آخى الرسول ( بينه وبين عتبة بن غزوان، وكان شديد الحب لله ولرسوله (، كثير العبادة، اشترك في غزوة بدر وحضر المعارك مع رسول الله (، وأبلى فيها بلاء حسنًا.
وقف يوم أحد إلى جانب فرسان المسلمين، يستمع إلى رسول الله ( وهو يعرض عليهم سيفه، قائلا: (من يأخذ مني هذا؟) فبسطوا أيديهم، كل إنسان منهم يقول: أنا ..أنا، فقال رسول الله (: (فمن يأخذه بحقه؟)، فأحجم القوم، فقال أبو دجانة: أنا آخذه بحقه، فأخذه أبو دجانة، ففلق به هام المشركين (أي شق رءوسهم) [مسلم].
وأخذ أبو دجانة عصابته الحمراء وتعصب بها، فقال الأنصار من قومه: أخرج أبو دجانة عصابة الموت، ثم نزل ساحة المعركة، وهو ينشد:
أَنَا الذي عَاهَدَنِي خَلِيــلِي وَنَحْنُ بِالسَّفْحِ لَدَى النَّخِيــلِ
أَنْ لا أُقِيمَ الدَّهرَ في الكبُولِ أَضــْرِبُ بِسَيْفِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ
وأخذ يقتل المشركين، ويفلق رءوسهم بسيف الرسول ( حتى بدأ النصر يلوح للمسلمين، فلما ترك الرماة أماكنهم، وانشغلوا بجمع الغنائم، عاود المشركون هجومهم مرة أخرى، ففر كثير من المسلمين، وثبت بعضهم يقاتل حول رسول الله (، منهم أبو دجانة الذي كان يدفع السهام عن رسول الله ( بعدما رأى كتائب المشركين تريد الوصول إليه، فتصدى لهم بكل ما أوتى من قوة؛ أملا في الحصول على الشهادة.
ومات الرسول ( وهو راض عنه، فواصل جهاده مع خليفته
أبي بكر الصديق، وشارك في حروب الردة، وكان في مقدمة جيش المسلمين الذاهب إلى اليمامة لمحاربة مدعى النبوة مسيلمة الكذاب وقومه بني حنيفة، وقاتل قتال الأسد حتى انكشف المرتدون، وفروا إلى حديقة مسيلمة، واختفوا خلف أسوارها وحصونها المنيعة، فألقى المسلمون بأنفسهم داخل الحديقة وفي مقدمتهم أبو دجانة، ففتح الحصن، وحمى القتال، فكسرت قدمه، ولكنه لم يهتم، وواصل جهاده حتى امتلأ جسده بالجراح، فسقط شهيدًا على أرض المعركة، وانتصر المسلمون، وفرحوا بنصر الله، وشكروا لأبي دجانة صنيعه من تضحية وجهاد لإعلاء كلمة الله.

B-happy 10 - 3 - 2010 10:23 PM

http://img84.imageshack.us/img84/8063/08ddef52825va.gif

بارك الله فيك وجزاك كل خير

جليسة الشاطئ 12 - 3 - 2010 02:50 AM

ســـــــــ الايادي لــــمت

أبو جمال 17 - 4 - 2010 01:35 PM

بارك الله فيك ونفع بك وأثابك

ميارى 10 - 5 - 2010 10:31 PM


بنت فلسطين 4 - 4 - 2011 06:53 PM

سلمت الايادي على طرحك وبارك الله بك
جزيل الشكر والتقدير
لك كل الود والتحية

B-happy 7 - 4 - 2011 03:51 PM


http://islamroses.com/zeenah_images/34.gif

على الموضوع
ولاحرمك ربـــي الأجــــر
اسأل الله العظيم رب العرش العظيم
أن يثيبك على ما طرحت خير الثواب والأجر


الدلع عطري 7 - 4 - 2011 04:25 PM

جزاك الله كل الخير وجعله في ميزان حسناتك ووفقك الله

shreeata 7 - 4 - 2011 05:37 PM

جزاك الله عنا خير
عزيزتي المنى
تحيات لك

أبو جمال 7 - 4 - 2011 08:45 PM

جزلك الله الخير وبارك بك ونفع بما ترفدينا به من مواضيع


الساعة الآن 08:20 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى