منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=1959)

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:32 AM

ألست ترى أن المقام على شفا وأن بياض الصبح ليس بذي خفا وكم رسم دار للأجنة قد عفا وكأن حديثًا للوفود معرفًا فأصبح وحش المنتدى يتجنب ولله في الدارات ذات المصانع أخلاء صدق كالنجوم الطوالع أشيع بينهم كل أبيض ناصع وأرجع حتى لست يومًا براجع فيا ليتني في قسمتي أتهيب أقرطبة لم يثنني عنك سلوان ولا بمثل إخواني بمغناك إخوان وإني إذا لم أسق ماءك ظمآن ولكن عداني عنك أمر له شان إليك تناهى والحسود معذب ألم تك خصت باختيار الخلايف ودانت لهم فيها ملوك الطوايف وعض ثقاف الملك كل مخالف بكل حسام مرهف الحد راعف به تحقن الآجال طورًا وتسكب إلى ملكها انقاد الملوك وسلموا وكتبتها ندا الوفود ويمموا وفيها استفادوا شرحهم وتعلموا وعاذوا بها من دهر وتحرموا فنكب عنهم صرفه المتحسب علوت فما في الحسن فوقك مرتقا هواؤك مختار وتربك منتقا وجسرك للدنيا وللدنيا وللدين ملتقى وبيتك مربوع القواعد بالتقا إلى فضله لأكباب تنضي وتضرب تولى خيار التابعين بقاءه وخطوا بأطراف العوالي فناءه ومدوا طويلا صيته وثناء فلا زال مخلوع عليه سناه يقوم عليه الثناء ويخطب مصابيحه مثل النجوم الشوابك تمزق أثواب النجوم الحوالك وتحفظه من كل لاه وسالك أجاد تنقض انقضاض النيازك فإبشارهم بالطبطبية تنهب أجدك لم تشهد بها ليلة القدر وقد جاش بر الناس منه إلى بحر وقد أسرجت فيه جبال من الزهر فلو أن ذلك النور يقبس من فجر لأوشك نور الفجر يفني ونضب كأن للثرياوات أطواد من نرجس ذوايبه تهفو بأدنى تنفس وطيب دخان الند من كل معطس وأنفاسه في كل جسم ملبس وأذياله فوق الكواكب تسحب إلى أن تبدت راية الفجر تزحف وقد قضى الذي لا يسوف تولوا وأزهار المصابيح تقطف وأبصارها صونًا تغض وتطرف فحسن دفاع الله أحمى وأرهب وفي ظهوها المعشون كل مرفع وفي بطنها الممشوق كل مشفع متى تأته شكوى الظلامة ترفع وكل بعيد المستغاث مدفع من الله في تلك المواطن يقرب وكم كربة ملئ الجوانح والقلب طرقت وقد نام المواسون من صحب بروعتها قبر الولى لي رهب وناديت في الترب المقدس يا رب فأبت بما يهوى الفؤاد ويرغب فيا صحبي حان قبلك مصرعي وكنت على عهد الوفا والرضا معي فحط بضاحي ذلك السرى مضجعي وذرني فجار القوم غير مروع فضدهم للجار أهل ومرحب رعى الله من يرعى العهود علىالنوى ويظهر بالقول المحبر ما نوى ولبيته من مستحكم الود والهوى يرى كل واد غير واديه مجتوى وكتابة ذي الوزارتين رحمه الله كالشمس شهرة والبحر والقطر كثرة ونحن نثبت له شيئًا من ذلك ليلًا يخلو هذا الكتاب من شيء من بيانه‏.‏
كتب يرجع الوزير أبا بكر بن عبد العزيز من رسالة كتب بها إليه مع حاج يضرب القرعة‏:‏ أطال الله بقاء وليي وإمامي الذي له إكباري وإعظامي وفي سلكه اتسامى وانتظامي وإلى ملكه انتسابي واعتزايي وبوده افتخاري وانتزايي للفضايل مجيبًا ومبديًا وللمحامد مشتملا ومرتديًا وبالغرايب متحفًا ومهديًا ولا زال الرخاء وأزل وجد من المصافاة وهزل وسحت من المراعاة وزل‏.‏
وصل كتابه صحبة عراف اليمامة وفخر نجد وتهامه يقرظه ويزكيه ويصفه بالخب يفسره ويجليه والخفي يظهره ويبديه ولعله رائد لابن أبي صايد أو هاد للمسيح الدجال قايد‏.‏
أشهد شهادة إنصاف أن عنده لعضبًا صاف ولو كان هناك ناظر صادق طاف ولله خطايا الألطاف لقلت هو باد غير خاف من بين كل ناعل وحاف‏.‏
وسأخبرك أيدك الله بما اتفق وكيف طار ونعق وتوسد الكرامة وارتفق طرق له وصفك ونعتك وثقفه بريك ونحتك ورفعه للعيون جدك وبختك وامتدت نحوه النواظر واستشرفه الغايب والحاضر وتسابق إليه النابه والخامل وازدحم عليه العاطل والعامل‏.‏
هذا يلتمس مزيدًا وذاك يبتغي حظًا جديدًا وهذا يطلب تقليدًا وذلك يسل إلى مغاليقه إقليدًا‏.‏
فكلما حزب وغل وجلب حلب واستدر وتلقاه وإن ساءه الغيب بما سر‏.‏
وكنت واتغت جملة من الأعيان ووافقت ثلة من جلة الإخوان على تمشية أمره وتوشية ذكره فلما صدقت تلك الفرقة واستوت بهم تلك الفرقة أحضرناه للسبار وأقعدناه للنقد والاختيار وأردنا أن نقف على جلايا تلك الأخبار فأحضرنا طحنًا ونطعًا وسرينا عنه من الوحشة قطعًا وقلنا له خذ هفوك ولا توردنا إلا صفوك ولا تصانعنا في الكريهة التي نراها والحادثة تستفظع ذكراها فما عندنا جهل وما منا إلا محتنك كهل لا يتكاده حزن ولا يستخفه سهل فسكن جايش فوره وضرب بلحيته على زوره ثم صدفينا النظر وصوب واستهل صارخًا وثوب وتحرج من الكذب وتحوب وقال لست للعشرة خابطًا ولا للطرف غامضًا ولا عن الصدق إذا صدع حايدًا ولا للغدر ممن وقع منه ذايدًا ولا بمعجزات النبوة لاعبًا ولا لصريح الجد مداعيًا ولا تطيبني مسألة ولا حلوان ولا تستفزني نضايد كثيرة ولا ألوان‏.‏
وإنما هو رسم وخط ورفع وحط ونحس وسعد ونقد ووعد ويوم وغد‏.‏
فققلنا له الآن صحت الوفادة وأينعت الإرادة‏.‏
ثم نظر إلينا نظر المستقل واجتذب النطع اجتذاب المدل ونثل الطجن وهاله وأداره حتى استدار هاله ثم قال يا أيها الملأ هذا المبتدأ فأيكم يبدأ‏.‏
فرمقني القوم بأبصارهم وفغروا وكبروا وليتهم عند ذلك صفروا‏.‏
فقلت يا قوم قد عضضت على ناجذي حلمًا وقتلت شأني كله علمًا وعقدت بيني وبين غد سلمًا فكيف أستكشف عما أعرف وأسبقهم عما لا يستبهم‏.‏
على الرحمن توكلت وعلى الشيطان تركلت ومن كسبي أكلت وفي مبرك السلامة بركت وجسيمات الأمور تركتني وتركت والنفس المطمئنة رجوت ولعلني قد نجوت وأصبت فيما نحوت‏.‏
فلحظتني عند هذه المقالة عينه وطواني صدقه ومينه‏.‏
ثم صار القوم دوني أنيجية وأعد له كل تورية وتعمية‏.‏
فقال قايل منهم نعالوا نشترك في ضمير ونرمه بهذا الطاغية ابن رذمير ففي كل قلب منه ندب كبير والسؤال عنه دين وأدب فإن أصابه استرحنا من النصب والشخوص وحرنا من العموم إلى الخصوص وإن أخطأه فهو لما سواه أخطأ ولما يدعيه ويريده منه أبطأ‏.‏
فقالوا نعم ما عرضت وأحسن بما رويت وفرضت‏.‏
فلما رأيناه يثقل التعريض ويحكم التقرير والتعويض قلنا له حقق ضميرك كل التحقيق وضع مسبحتك في الدقيق‏.‏
فابتدر ما أمر وحسر عن ذراعه وشمر ومرت أصبعه في خطه مر الذر المتهالك ووقعت وقع القطر المتدارك لا تمس الطحن إلا تحليلا وغمزًا كالوهم قليلا فطورًا يستقيم سبيلا وتارة يستدير إكليلا وآونة يأتي بالسماء ونجومها قبيلا‏.‏
فكان هنالك لنعش من بنات وللثريا من إخوات وطير قابضاتن وصافات وأسراب ناشرات خافقات‏.‏
فلما استوفى عدده وبلغ أمده وختم طرائقه وقدده وأعطى الأصول وفروعها وتدبر تفاريقها وجموعها‏.‏
فجمع وتقبض وفتر ثم انتفض وصعد ذهنه وتسافه وأخذ الطحن فسافه وزفر وشهق وعشر ونهق وألصق بظهره حشاه وكتم الربو ثم أفشاه وقال هذا الذي كنت أخشاه عميتم الأثر وكتمتم حقيقة الخبر وعثرتم خاطي فيما عثر ونثرتم نظام الحدس فما انتثر‏.‏
سألتم عن روح شارد وشيطان مارد وصادر مع اللحظات وارد‏.‏
لا وطن دارًا‏.‏
ولا يأوي قرارًا ولا يطعم النوم إلا غرارًا‏.‏
نعم أمره عندي مستقر‏.‏
هو زنديق مستتر وشهاب من شهب الكفر مستمر‏.‏
ثم رجع البصر واختصر‏.‏
وعاد إلى الحساب يتقراه والصواب يتحراه‏.‏
وتتبع أديم الطحن ففراه وقال أعوذ بالله من شر ما أراه‏.‏
إلى كم أرى في غلاء وبلاء كأني لست ذا أمرار وأحلاء تالله لو كانت قرعة رفعة وعلا ما غاب عني اللحياني ذو السبلة ولواجهنا البياض ذو الغرة المستقلة مواجهة حسان لجبله‏.‏
النحس على هذا الروح قد رتب وكتب عليه من الشقاء ما كتب وأخرج النصرة الداخلة من العتب‏.‏
ثم أشار إلى الحمرة وكأنما وضع يده على جمرة وقال كوسج نعي وسناط الوجه شقي وثقاف وطريق وجماعة وتفريق وقبض خارج ومنكوس مارج‏.‏
ثم وضع عمامته ولولب هامته وأمال وجهه فجرًا طلقًا ثم عرضه مجنًا مطرقًا وعقد أنامله عضا وأدمى صدره دعًا ورضًا وقطع بصره لمحًا وغضًا وتكفأ وتقلع وأدلع لسانه فاندلع‏.‏
فقلنا شر تأبطه أو شيطان يتخبطه أو قرين يستنزله ويختله أو رؤى في الذرة والغارب يفتله‏.‏
ثم تجاحظ وتحاذر وتضاءل وتنازر وقال والذي أحيا عزر وأخرج إبراهيم من آزر وملك عنان الريح وأذعن له كل شيء بالسجود والتسبيح إنه لمن عباد المسيح‏.‏
هيهات هيهات لا أضعضع بظن ولا يقعقع لي بشن ولا أنازع من هذه الفنون في فن‏.‏
قد ركبت أثباج البحار وقطعت نياط المفاوز والقفار‏.‏
وشافهني الحرم والبيت وصافحني الحجر الكميت وأحرمت ولبيت وطفت ووفيت ورزت المصطفى صلى الله عليه وسلم وتحفيت‏.‏
ثم ملت على عدن وانحدرت عن اليمن واستسقيت كل راعدة وأتيت كل قاعدة ورأيت صاحب الجمل قس بن ساعدة وردت عكاظ وصدقت الحفاظ وقدت العصية بنسع ومسحت الشامات بأخمس وتسع ووقفت حيث وقف الحكمان وشهدت زحف التركمان وكيف تصاوات القروم وغلبت الروم وهزم المدبر المقبل واكتسحت الجحا الإبل‏.‏
فقلنا لله أنت لقد جليت عن نفسك وأربى يومك على أمسك ولقد صدق مطريك ووفت صحيفة تزكيك وما كانت فراستنا لتخيب فيك‏.‏
فماذا تستقري من اللوح وترى في ذلك الروح بعيشك ألاما أمتعتنا بالإفشاء والبوح‏.‏
فرجع في البحث أدراجه وطالع كواكبه وأبراجه وظل على مادة الطحن يرقم ويرمق ويفتق ويرتق‏.‏
ثم جعل يبتسم وقال أحلف بالله وأقسم لقد استقاما النسم وإنه لكما أرسم وأسم وإني لا أجده إلا لاغبًا مبهورًا ومنكودًا مقهورًا‏.‏
ولن يلبث إلا شهورًا قد أفل طالع جده وفل حده وأتى عليه نقي خده وصي لم يملك أبوه وملك جده فقلنا صرحت وأوضحت وشهرت هذا المستور وفصحت وإن ساعدك قدر وكان لك عن هذا الورود صدر فحظك مبتدر وخطك صاف لا يشوبه كدر‏.‏
فقال هذا أمر قد آن أو كان وسيأتيكم الخبر الآن‏.‏
فانفصلنا وأصغينا الآذان وجعلنا نتلقى الركبا فلم يرعنا إلا النعمى الناجمة والبشرى الهاجمة بما بان فأدهنا في شأنه ولم يكن يعاوده خوف طغيانه فإذا الخبر لم يخط صماخه وكأنما كان عودًا وافي مناخه أو طايرًا أم أفراخه‏.‏
فلم ينشب أن أقبل يصمد نحونا أي صمد ويتعرضنا على عمد تعرض الجوزاء للنجوم وينقض انقضاض نيازك النجوم وقال ألم يأن أن تدينوا لي بالإكبار وتعلموا أني من الجهابذة الكبار فقلنا منك الإسجاح فقد ملكت ومنك ولك النجاح أية سلكت‏.‏
فأطرق زهوًا وأعرض عنا لهوًا وقال اعلموا أن القرعة لو طوت أسرارها ومنعتني أخبارها لمزقت صدراها وذروت غبارها ولكان لي عنها أوسع منتدح وأنجد زناد يقدح أين أنتم عن رصدي الأحلاك وعلمي بالأفلاك أنا في مرج الموج وأوج الأوج والمتفرد بعلم الفرد والزوج ومسترط السرطان ومستدير الدبران وبايع المشتري بالميزان والقابض بيوم الحساب والعمل على روق الثور وذنب الحمل أعقد نصل العقرب وأقيد الأبعد والأقرب لصيد أوابدها بالدقايق الدرج حتى اضطر سارحها إلى الحرج وأصبحها في أضيق منعرج أنا استذكرت بالأنبار فرحة الإقبال وترحة الإدبار وطالعت إقليدس فاستنبطته وصارعت المجسطي فجسطنته وارتمطت إلى الأرتماطيق وأطقت الألوطيق ولحظت التحليل بحل ما عقده وانتضيته ما مطل به الجهابذة فنفذه‏.‏
وعاينت زحل حين استقل على بعيره ورحل وضايقته في ساحته وحصرته في مساحته وحضرت قرانه وشهدت تقدمه ومرانه وشاهدته شفرًا بشفر وناجاني برقًا يعد في الكفر وتخريبه لملك الصفر وتغريقه لبلاد اللطينة وإنجاز الوعد في فتح قسنطينة‏.‏
أنا عقدت رشا الدلو وذروت غبار الحوت للغلو‏.‏
أنا اقتدحت سقط الجوزهر فلاح بعد خفايه وظهر‏.‏
أنا استشرت الهلال من مكامن سرره وأخذت عليه ثنايا سفره وقددت قلامته من ظفره ودللت طير الصاير على شجره فجنيت المر من ثمره أنا طرقت الزهرة في خدرها صافحتها من الفكرة بيد لم تدرها‏.‏
أنا أذكيت على ذكاء فظلت تلتهب‏.‏
وأحرزتها من الوهم شطنا أجذبها به فتنجذب‏.‏
أنا أنعي للمعتبرين حياتها فيشبهون الحسنة ويتحرون أوقاتها حتى تنتشر بعد الطي حياتها وتستقيل من العثار آياتها‏.‏
أنا انتضيت للشباب شرخًا واضرمت للمريخ عقارًا ومرخًا حتى أتغانى بملاحم حروبه وحوادث طلوعه وغروبه وتلمظه إلى النجيع وولوغه في مهجة البطل السجيع‏.‏
أنا أبري من اللمم وأشفي من الصمم وأنقل العطس إلى الشمم فقلنا أما الأولى فقد سلمنا لك جميعها وأما هذه الثلاثة فلن تستطيعها‏.‏
قال فلم تعجزون ولا تستخزون‏.‏
فقلنا من كان له علاج فبنفسه يبدأ ونغب بغيره‏.‏
ولسنا نريدك ولكن تهتز يدك‏.‏
قال أما من بينهم روى‏.‏
وأقي في روعه ما ألقى في روعي فمثله كالصارم حسنه في فرنده لا غمده وجماله في حده لا في خده والمرء كما قيل بأصغريه لا بمنخريه والشأن في الحيزوم لا في الخيشوم وفي الذكرين لا في الأنثيين وبعد فهو كلام ظاهره إجمال وباطنه احتمال وسأنبئكم بغزارة سيله وفجر ليله‏.‏
أما الأفطس فيدلي الضغنة وتيزوج في آل جفنه‏.‏
فإن الله أتم جاء الولد أتم وإن نام عرق خاله بقي الولد بحاله‏.‏
وأما الأصم فيخرج عن الغلام وبلا قال ويطلب في بني السميعة بركة الإسمية والفال فإن الله أراد ظفر بالمراد وجاء ابنه أسمع من قراد‏.‏
فأحس من بعض الحاضرين تمريضًا وعاين طرفًا غضيضًا فتعكر وتشذر وطوف وحذر وقال صاحب الشريعة سماهم بني السميعة قوموا يا بني اللكيعة فقد قطعتم رزقي وآذيتم طرقي وأذللتم ضربي وطرقي وسددتم طوقي وأخذتم على أفقي غربي وشرقي ذروني للتي هي للبلية تجني ثم الوجد يعني لو شرب نواديه إثر تجني‏.‏
ثم نجا بعزمته سميلًا وأرسل بنات نعش ذيلا وقد أفاد بما استصحب من ميامنك ليلًا كذبني أيدك الله عند نواه ولم يطلعني طلع ما نواه وما ذاك إلا لمطمع لواه ومغنم هواه فرفعت لي بعد وداعه نجوه ورمتني بشخصه فجوة فقلت ما أراك === إلا غائل أوثت عنك الحبائل‏.‏
فسراك سرى قين وحديثك مين ألم تعبر دجيلا ويممت سهيلا‏.‏
فقال طربت إلى الأصفية الصغار وشاقني الشوق بين الطواغيت والأصفار‏.‏
فقلت له هلم إلى خط نعيده وحظ نستفيد‏.‏
فقال لولا أن تقولوا الساعة متى وتطالبوني بإجياء الموتي لما أجمعت إلى الغرب غروبًا ولأريتكم من الحذق ضروبًا‏.‏
ثم قال إن لي بالحضرة أفراخًا وأما استصرخت عليها استصراخًا وانسلخت منها انسلاخًا وأعيا على أمره فلم أعلم له ظعنًا ولا مناخًا‏.‏
فلبثت كذلك أيامًا قد اعتم علي أمره اعتيامًا ولم أعرف له إنجادًا ولا اهتمامًا فإذا به وقد اضمرت عنه بأسًا ولم أطمع فيه رأسًا قد أشب لي شبابًا ولمعت صلعته شهابًا تكتنفه صرة وبيمناه قوصرة‏.‏
وتوود يسراه جرة‏.‏
فقلت له قاتلك الله‏.‏
ما أشد فقدانك إلا فقدتك وما أذكر وجداتك إلا وجدتك أين أفراخك والأم التي جذبها استصراخك‏.‏
فقال الصعلوك لو أعلم مذاهبه تحرم مناهبه وتحدم مراهبه‏.‏
ذرني وعلاجي أحاجي وأداجي وأعاين وأناجي وأتقلب في بركة دعاء الباجي‏.‏
فقلت له مالك وللميت ورحم الله من سميت‏.‏
قال لما أذن الله فالتأمت الشيمة وتمزقت عني المشيمة هممت بالسرق ولففت في الخرق وفارقت من الضيق منتداه وأفلتتني يداه فحنكني السعد بتمر المدينة وسقاني من ماء البلدة الأمينة وعوذني بدعوات متينة فها أنا كما ترى أتهادى واجتذب وأستحلي وأستعذب‏.‏
فقلنا لعمرك إنه لفضل عميم لولا الصميم وإنها لمنقبة لولا العقبة وأثرة ملتمسة لولا العطسة‏.‏
فقال دعنا من زخاريفك وأغضض من عنان تصاريفك‏.‏
البازل لا يكون إلا ذميما والليث لا يوجد إلا شميما ثم قام وحمل وابتدر وارتجل‏:‏ عيشنا كله خدع فاترك اللوم عنك ودع أنا كالليث والليوث لأرسانها ترع ولها الأوجه السيمة من يلقها يرع أي حسن لمازن بيد الدل يخترع أنا كالسيف حده لا يبالي بما وقع إنما الحسن للمهاة وللظبي يا لكع فقلت تباُ لك ساير اليوم إنك لتريش وتبري وتقد وتفري وتحاسن وتقابح وتارش وتنابح وتحب وتتأمل وتحسن وتغلغل وتشاعر وتراجز وتناطح وتناجز‏.‏
وأنت على هذا كله مصر ما جزاؤك إلا ريح فيها صر فما هو إلا أن غفلت عنه لمحة طرف أو نفحة عرف ثم التفت وإذا به قد أفلس وكأنما كان رقًا خلس ولم أدر أقام أو جلس‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:33 AM

ومحاسنه القطر الذي لا يعد والأمر الذي يأخذه الحد‏.‏
وكفى بهذه الرسالة دليلا على جلالة مقداره وتدفق بحاره وفخازه لما اشتملت عليه من بلاغة وبيان وبساط حال أنت على خبره بعيان وعلوم ذات افتنان خلد الله عليه الرحمة وضاعف له المنة والنعمة‏.‏
مولده‏:‏ بأوايل ربيع الثاني عام خمس وستين وأربع ماية‏.‏
وفاته من خط الحافظ المحدث أبي القاسم بن بشكوال رحمه الله‏.‏
كان ممن أصيب أيام الهرج بقرطبة فعظم المصاب به الشيخ الأجل ذو الوزارتين السيد الكامل الشهير الأثير الأديب اللغوي السري الكاتب البليغ معجزة زمانه وسابق أقرانه ذو المحاسن الجمة الجليلة الباهرة والأدوات الرفيعة الزكية الطاهرة الكاملة المجمع على تناهي نباهته وحمد خصاله وفصاحته من لا يشق غباره ولا تلحق آثاره معجزة زمانه في صناعة النثر النظم أبو عبد الله بن أبي الخصال رحمه الله تعالى ورضي عنه ونضر وجهه‏.‏
ألفى مقتولا قرب باب داره بالمدينة وقد سلب ما كان عليه بعد نهب داره واستيصال حاله وذهاب ماله‏.‏
وذلك يوم السبت الثاني عشر من شهر ذي الحجة من سنة أربعين وخمسماية‏.‏
فاحتمل إلى الربض الشرقي بحومة الدرب فغسل هنالك وكفن ودفن بمقبرة ابن عباس عصر يوم الأحد بعده ونعى إلى الناس وهم مشغولون بما كانوا بسبيله من الفتنة‏.‏
فكثر التفجع لفقده والتأسف على مصاب مثله وأجمعوا على أنه كان آخر رجال الأندلس علما ًوحلما وفهمًا ومعرفة‏.‏
وذكاء وحكمة ويقظة وجلالة ونباهة وتفننًا في العلوم‏.‏
وكان له رحمه الله اهتمام بها وتقدم في معرفتها وإتقانها‏.‏
وكان رحمه الله صاحب لغة وتاريخ وحديث وخبر وسير ومعرفة برجال الحديث مضطلعا بها ومعرفة بوقائع العرب وأيام الناس وبالنثر والنظم‏.‏
وكان جزل القول عذب اللفظ حلو الكلام عذب الفكاهة فصيح اللسان بارع الخط حسنه ومتقنه‏.‏
كان في ذلك كله واحد عصره‏.‏
ونسيج وحده يسلم إليه في ذلك كله مع جمال منظره وحسن خلقه وكرم فعاله ومشاركته لإخوانه‏.‏
وكان مع ذلك كله جميل التواضع حسن المعاشرة لأهل العلم مسارعًا لمهماتهم نهاضًا بتكاليفهم حافظًا لعهدهم مكرمًا لنبهائهم واسع الصدر حسن المجالسة والمحادثة كثير المذاكرة جم الإفادة‏.‏
له تصانيف جليلة نبيهة ظهر فيها علمه وفهمه أخذها الناس عنه مع ساير ما كان يحمله ويتقنه عن أشياخه الذين أخذ عنهم وسمع منهم وقرأ عليهم‏.‏
وقال غيره‏:‏ قتل بدرب الفرعوني بقرب رحبه أبان بداخل مدينة قرطبة قرب باب عبد الجبار يوم دخلها النصارى مع أميرهم ملك طليطلة يوم قيام ابن حمدين واقتتاله مع يحيى بن علي بن غانية المسوفي الملثم المرابطي يوم الأحد لثلاث عشرة مضت من ذي الحجة عام أربعين وخمسمائة‏.‏
قتله بربر المصامدة رجالة أهل دولة اللثام لحسن ملبسه ولم يعرفوه وقتلوا معه ابن أخته عبد الله بن عبد العزيز بن مسعود وكان أنكحه إبنته فقتلا معا‏.‏
وكان محمد خيرة الشيوخ وعبد الله خيرة الأحداث رحمهما الله تعالى‏.‏
محمد بن مفضل بن مهيب اللخمي يكنى أبا بكر من أهل شلب من العليا‏.‏
حاله قال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير كان منقبضًا عن الناس أديبًا شاعرا خمس عشرينيات الفازازي رحمه الله تعالى‏.‏
وذكره صاحب الذيل‏.‏
وقال لي شيخنا أبو البركات وهو جده أبو أبيه ما معناه‏:‏ كان شريفًا عالي الهمة عظيم الوقار ألوفا صموتا نحيف الجسم آدم اللون خفيف العارض مقطب الوجه دايم العبوس شامخ الأنف إلا أنه كان رجلا عالما راسخا عظيم النزاهة حافظا للمروءة شهير الذكر خطيبًا مصقعًا مهيبًا كشهرته قديم الرياسة يعضد حديثه قديمه‏.‏
واستقر بألمرية لما تغلب العدو على بلد سلفه‏.‏
ولما توفي شيخ المشايخ أبو إسحق بن الحجاج‏.‏
تنافس الناس من البلدين وغيرهم في خطبة إبنته‏.‏
قال شيخنا أبو البركات ومن خصه نقلت وكان ابن مهيب واحدًا منهم في الإلحاح بالخطبة متقدمًا في حلبتهم بجيوش الأشعار‏.‏
ورام غلبته ذوو اليسار من حيث كان بحمراء جيش الإعسار فأذلهم بالمقابلة في عقر الدار فلم يرجعوا من الغنيمة إلا بالفرار‏.‏
قلت وجلب في هذا المعنى شعرًا كثيرًا ناسب الغرض‏.‏
ونال من المتغلب على ألمرية على عهده حظوة فاستظهر به تارة على معقل مرشانة وتارة على الرسالة إلى الحضرة الحفصية بتونس‏.‏
ولما آب من سفره إليها سعى به لديه بما أوجب أن يحجر عليه التصرف وسجنه بمنزله‏.‏
فلما قصد ألمرية الغالب بالله مستخلصا إياها من يد الرييس أبي عبد الله بن الرميمي ونزل بمدينتها وحاصر قصبتها وقع اختيار الحاصر والمحصور على تعيين ابن مهيب بمحاولة الأمر وعقد الصلح رضي بدينه وأمانته فعقد الصلح بينهما على أن يسلم ابن الرميمي القصبة ويعان على ركوب البحر بماله وأهله وولده فتأتى ذلك واكتسب عند الغالب بالله ما شاء من عزة وتجلة‏.‏
وقفني شيخنا أبو البركات على ظهير سلطاني صدر عن الأمير الغالب بالله يدل على جلالة قدره نصه‏:‏ هذا ظهير كريم أظهر العناية الحافلة لمستوحيها ومستحقها وأجراه من الرعاية الكاملة على الحب طرقها‏.‏
أمر بإحكام أحكامه والتزام العمل بفصوله وأقسامه الأمير عبد الله محمد بن يوسف بن نصر نصر الله أعلامه وأدام لإقامة قسط العدل أيامه لوليه العلي المكانة وصفيه المليء بأثرتي المعرفة والديانة الحري بما اختصه أيده الله من الحفظ لمرتبته السامية والصيانة‏.‏
للشيخ الفقيه الجليل العالم الأوحد العلم الأتقى الأزهر الفاضل الخطيب الأرفع المحدث الثقة الراوية الصالح السني الحافظ الحافل الماجد السري الطاهر المكرم المبرور الكامل أبي بكر بن الشيخ الوزير الأجل الفقيه الحسيب الأصيل الأمجد المكرم المبرور الأفضل المرحوم أبي عمرو ابن مهيب أدام الله عزة جانبه ووصل بالعلم والعمل أرتقاء مراتبه أقام به الشواهد على اعتقاده أنه أخلص أوليائه ودًا وأفضلهم قصدًا وأكرمهم عهدًا حين ظهرت له‏.‏
أيده الله آثار آرايه الأصيلة وبانت في الصلاح والإصلاح ميامن مناقبه الجميلة ووجب له من العناية والمزيات أتم ما توجبه معارفه وتقتضيه مجادته وزهادته التي لا يفند في وصفها واصف‏.‏
وأعلن بأنه دام عزه أحق من حفظت عليه مرتبة صدور العلماء الراسخين في العلم وأبقيت مزية ما تميز به من التقى والورع الكافلي والحلم وبرع بصلة العناية بجانبه لما أهلته إليه معرفته من نف المتعلمين وإرشاد من يسترشده في مسايل الدين من المسلمين وأفصح بأنه أولى مخصوص بالتجلة والتوقي وأجدر منصوص على أن قدره لديه معتمد بالتكريم والتكبير‏.‏
وأمر أعلى الله أمره أن يستمر له ولزوجه الحرة الأصيلة الزكية التقية الصالحة المصونة المكرمة المبرورة عائشة بنت الشيخ الفقيه الجليل العالم الصالح السني الزاهد الفاضل المرحوم المقدس‏.‏
الأرضي أبي إسحق بن الحاج ما اطردت به العادة لهما قديمًا وحديثًا وتضمنه الظهيران الكريمان‏.‏
المؤرخ أحدهما بالعشر الأواخر لشوال عام خمسة وثلاثين وستماية من صرف النظر في أعشارهما وزكواتهما إليهما لضعا ذلك في أحق الوجوه ويؤديا فيه حق لله تعالى ما مثلهما علمًا ودينًا من يؤديه موكولًا ذلك لله إلى ما لديهما من نشر الأمانة مصروفًا إلى نظرهما الجاري مع العلم والديانة وتجديد أحكام ما بأيديهما من الظهاير والأوامر القديمة والحديثة المتضمنة تسويغ الأملاك على اختلافها وتباين أجناسها وأوصافها لهما ولأعقاب أعقابهما على التأبيد والتخليد والمحاشاة من اللوازم والمعلوز وللغارم وأن يطرد لشركائهما وعمرة أملاكهما ووكلايهما وحواشيهما ومن اتصل بهما جميل العناية وحفيل الرعاية وموصول الحماية الاستمرار الذي يطرد العمل به مدى الأيام وتتوالى التمشية له من غير انصرام على الدوام موفي بذلك ما يحق لجانب الفقيه العالم الأوحد الأسنى أب يبكر أدام الله عزته من حظوظ الإجلال منتهي فيه إلى أبعد آماد العنايات الشريفة الفسيحة المجال مقضي على حق ما انفرد به من العلم واتصف به من الديانة اللذين أضفيا عليه ملابس البهاء والجلال‏.‏
فمن وقف على هذا الظهير الكريم من الولاة والعمال وساير ولاة الأشغال وليتلقه بغاية الائتمار والامتثال إن شاء الله‏.‏
وكتب في الثاني عشر من ذي الحجة عام ثلاثة وأربعين وستمائة‏.‏
أخذ عن أبي العباس أحمد بن منذر الإشبيلي تلا عليه بإشبيلية وعلى عباس ابن عطية أبي عمرو‏.‏
وروى عن أبي محمد عبد الكبير الإشبيلي وصحب أبا الحسن بن زرقون وتفقه عليه‏.‏
وانتقل إلى ألمرية‏.‏
فصحب أبا إسحق البليفيقي وأخذ عنه وتزوج ابنته‏.‏
وأجاز له أبو عبد الله بن هشام الشواش وغيره‏.‏
ثم انتقل آخر عمره إلى سبتة‏.‏
شعره نقلت من خط شيخنا أبي البركات قوله في غرض الوصية‏:‏ الليل النوى هل من سبيل إلى فجر ويا قلب كم تأسى ويا دمع كم تجري أبى القلب إلا أن يهيم بحبكم وأن تبرحوا إلا القليل عن الفكر رحلت عنكم لا بقلبي وإنما تركت لديكم حين ودعتكم سري أعود بدهر الوصل من حين هجركم ورب وصال مستعاد من الهجر للعباب نفسي لست أنفق قربكم لزهدي فيكم بل حرصت على البر تقطع أكباد عليكم صبابة فاصبر إن الخير أجمع في الصبر ويا لقلب من لا يصلح الصبر عنهم وإن كان خيرا فهو عنهم من الشر ألا يا أخي فاسمع وصاتي فإنها لبتك لعمري من أخ سالم الصدر يحبك في ذات الإله ويبتغي بحبك عند الله مدخر الأجر لا إنما التوفيق كنت من أهله مراعاة حق الله في السر والجهر بتوجيده في ذاته وصفاته وأفعاله أيضًا وفي الندى والأمر فثابر على القرار والأثر الذي الذي يصح عن المختار والسادة الغر وعد لك الخيرات عما سواها وكن بها مستمسكا أبد الدهر إذا يسلك الشيطان فجًا سوى الذي سلكت ولا يلفى سبيلا إلى مكر وفرق الأجناس حاشى تقيهم فقد ظهر الإفساد في البر والبحر ولا تنسني واذكر أخاك بدعوة فإنك منه يا أخي لعلى ذكر قال شيخنا أبو البركات ومن شعره ومن خطه نقلت‏:‏ للصالحين إلى الصلاح طريق رحبت بهم وعدت عليك تضيق صرفوا النفوس من الهوى عن صوبها فغدت إلى طلب النجاة تتوق منها بعد أبيات‏:‏ يا قرة العين استمع من ناصح في صدره قلب عليك شفيق لا تخد عنك ترهات أحدثت وخز عبلات للجهول تروق واعكف على القرآن دهرك واجتمع فالشغل عنك لغيره تفريق واهجر بني الدنيا فإن بهجرهم يتضاعف الإيمان والتصديق والحق بقوم قد عنوا بتجارة نفقت لهم يوم القيامة سوق واحفظ لسانك عن إذاية مسلم فسبابه قال الرسول فسوق لا تبك هم الرزق فهو مقدر والعبد طول حياته مرزوق ولترض بالرحمن ربًا حاكمًا ودع الفضول فمنه ضل فريق حلوا عقال عقولهم وتحكموا إن التحكم بالعقول مروق ولقد أتتك نصيحتي ولشمسها في أفق حبك يا حبيب شروق فكن القريب مكانه من نفعها فمكان سدتها إليك سحيق واصطد بباري العزم أطيار الرضا فأخوك غاية بازه التحقيق ولتجعل التسبيح شأنك إنه في الصعب من شأنه التصفيق كمدارك الأصوات منها طيب تسلو النفوس به ومنه نهيق وعليكم مني تحية من له قلب إليكم أجمعه مشوق وقال ألفيت بخطه ما نصه وكان بعض السفهاء قد كتب إلي بيتين من شعروهما‏:‏ إليك أبا بكر رفعت وسيلتي ومثلك من تلقى إليه الوسائل غرقت ببحر الذل يوما وليس لي بأرضكم إلا اهتمامك ساحل وأساء المحاولة في دفعها فصرفته ولم أقف عليهما فضرب عليهما وكتب في ظهرهما‏:‏ حللت أبا بكر بموطن عزة فأنسيت ما قد كنت فيه من الذل وأصلك من كبر وكن متكبرًا وكيف يطيب الفرع من ذلك الأصل وكتبت إليه صحبة دراهم وجهت بها إليه‏:‏ جفوت وما زال الجفا سجية لمثلك ما إن زال تبلى بها مثل وما قلت في أصلي فكذبة فاجر رأى الفرع محمودًا فعاب على الأصل وبالإفك ما عثرت لا بحقيقة فما الكبر من شأني ولا كنت في ذل وما زلت والله الحميد مكرمًا وفي نائبات الدهر للعقد والحل وكيف نسخت المدح بالذم قبل أن تبث لي الشكوى وتدلي بما تدل ولكن لؤم الطبع يحمل أهله على الصعب من سب الكرام أو النيل إن كان بعض الكبر نقصا فإنه عليك من الأوغاد يحسب في الفصل وما الذل إلا ما أتى بك نحونا فقيرًا من التقوى سليبًا من العقل ومطلوبك الدنيا فخذها خسيسة توافي خسيس النفس والقول والفعل وما الجود إلا ما أصبت مكانه ومهما فقدت الأصل لا عار في البخل ومثلك من يجفي ويقلب خاسئًا فلست لإسداء الصنيعة بالأهل ولكنني عودت نفسي عادة من البذل لم أعدل بها قط عن نذل فخذها لحاك الله غير مبارك لسعيك فيها يا بن خانية النعل ومثلي من يوذي فيحتمل الأذى ولكنه قد يدر الجهل بالجهل وقد قال من لا شك في قوله من الحكما القتل أذهب للقتل فإن زدتنا زدنا وإن كنت نادمًا قبلناك أخذًا في أمورك بالعدل في أنفسهم وتكبروا فثاروا بسبب ذلك بطبيرة وجهاتها ثار منهم عبد الرحمن جد أبي بكر ثم حسن ثم عامر أخوه وإلى هذا أشار أبو بكر بن مهيب بقوله في بعض شعره‏:‏ إن لم أكن ملكا فكنت ريسًا وأنشد في الصلة الزبيرية قوله رحمه الله‏:‏ أملي من الدنيا المباحة كسرة أبقى بها رمقي ودار نابية قد أضرب الزمان عن سكانها فكأنها في القفر دار خالية ومن شعره في المقطوعات‏:‏ ترحل صبري والولوع مقيم وصح اشتياقي والسلو سقيم فيا ليت شعري هل أفوز بعطف من زينت خدي وردًا عليه أقوم ويا جنة قد حيل بينها بقلبي من شوقتي إليك جحيم دخوله غرناطة قال الشيخ دخل غرناطة مرتين أخبرني بذلك الشيخ القاضي أبو الحسن ابن عبيدة وهو بصير بأخباره إذ هو من أصحاب سلفه وممن رافق جده في الكتب عن بعض الأمراء مدة وفي توفي بسبتة أو لليلة من جمادة الآخرة عام خمسة وأربعين وستماية‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:34 AM

ابن خطاب الغافقي محمد بن عبد الله بن داود بن خطاب الغافقي حاله من صلة ابن الزبير‏:‏ كان كاتبًا بارعًا شاعرًا مجيدًا له مشاركة في أصول الفقه وعلم الكلام وغير ذلك مع نباهة وحسن فهم ذو فضل وتعقل وحسن سمت‏.‏
وورد على غرناطة واستعمل في الكتابة السلطانية مدة وكان معلوم القدر معظما عند الكافة‏.‏
ثم إنه رجع إلى مرسية وقد ساءت أحوالها فأقام بها مدة ثم انفصل عنه وقد اشتدت أحوالها واستقر بالعدوة بعد مكابدة‏.‏
قلت أخبرني شيخنا أبو الحسن الجياب رحمه الله قال كان شكس الأخلاق متقاطبًا زاهيًا بنفسه ابتدأ يومًا كتابًا مصدرًا مخطبته فقال فيه يصف صاحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عفوة العفوة وتركه لأمر عرض له فنظر إليه الفقيه عمر اللوشي وهو كاتب المقام السلطاني فظن لقصوره أنه وهم وأراد الصفوة فأصلحه فلما عاد ونظر إليه مزقه وكسر الآلة وقال لا أقيم بموضع بلغ فيه الجهل إلى هذا القدر وبتسور به الإصلاح على قلم يطمع بعد في مقامه‏.‏
وانصرف واستقر بتلمسان كاتبًا عن سلطانها أبي يحييى يغمراسن بن ريان‏.‏
وزعموا أن المستنصر أبا عبد الله بن الأمير أبي زكريا استقدمه على عادته في استدعاء الكتاب المشاهير والعلماء وبعث إليه ألف دينار من الذهب العين فاعتذر ورد عليه المال وكانت أشق ما مر على المستنصر وظهر له علو شأنه وبعد همته‏.‏
مشيخته روى عن القاضيين أبي عيسى بن أبي السداد وأبي بكر محرز وعن الأستاذ أبي بكر محمد بن محمد المعروف بالقرشي وقرأ وسمع على هؤلاء ببلده وأجاز له كتابة أبو الربيع بن سالم وغيره‏.‏
شعره من ذلك قوله‏:‏ أقنع بما أوتيته تنل الغنا وإذا دهتك ملمة فتصبر واعلم بأن الرزق مقسوم فلو رمنا زيادة ذرة لم نقدر والله أرحم بالعباد فلا تسل أحدًا تعش عيش الكرام وتؤجر وإذا سخطت لبؤس حالك مرة ورأيت نفسك قد غوت فلتبصر ومما قاله في صباه‏:‏ يا دعوة شاك ما قد دهاه من لحاظ رشاك ظبي تصدى للقلوب يصيدها من ناظريه في سلاح شاك ورمى وإن قالوا رنا عن فاتر ساج عليه سيم النساك قد كنت أحذر بطشه لو أنني أبصرت منه مخايل الفتاك أو ما عليه ولا عليه حاكم يحمي ثغورك أو يحوط حماك أو ما لجارك ذمة مرعية أبذا يظل دم الغريب طلاك إني استتمت إلى ظلالك ضلة فإذا ظباءك ماضيات ظباك ما لي أخاطب بانة ما أن تعي قولا ولا ترثي لدمعة باك أكريمة الحيين هل لمتيم رحمي لديك فأرتجي رحماك أصبتني بعد المشيب وليس من عذر لمن لم يصبه ثراك ولا ما جذبت عنائي لوعة والله يشهد أنني لولاك لما دعا داعي هواك أجبته من لا يجيب إذا دعت عيناك أصليتني نار الصدود وإنني راض بأن أصلى ولا أسلاك وتركت قلبي طايرًا متخبطا شباك ختلك أو بطعن سباك وتركت قلبي طايرًا متخبطا شباك ختلك أو بطعن سباك ومنعت أجفاني لذيذ منامها كي لا يتيح لي الكرى لقياك ولقد عجبت وأنت جد بخيلة أن أعرت الشمس بعض حلاك إني لأيأس من وصلك تارة لكن أعلل مطمعي بعلاك أسماك أنك قد خفضت مكانتي هلا خلعت علي من سيماك إني معناك المتيم فليكن حظي لديك مناسبًا مغناك تثني معاطفك الصبا خوطية وكذا الصبا فصباك مثل حماك أبعدتني منها بطعنة رامح ألذاك سمتك الورى بسمك أأموت من عطش وثغرك مورد فيه الحياة استودعتها فاك هلا تني عن حلوة فلعله وضعت أداة النفي في اسم لماك وقال يجيب أبا عبد الله بن خميس رحمه الله عن قصيدة بعث بها إليه أولها‏:‏ رد في حدايق مايها مرتاد قد لذ مورود وطاب مراد سالت على العافي جداوله كما صالت على العادي بدا ناد فشددت رحل مصيتي منه إلى حيث السيادة تبتنى وتشاد وركبت ناجية مبارية الصبا خضرًا فوق خضارة تعتاد يغتادها سكانها قلب على من كان من سكانها استبداد عجبًا لهم أحلامهم عادية تمضي عليهم حكمها أعواد خبر تلمسانًا بأنني جيتها لما دعاني نحوها الرواد وعاقتها سمعًا ولم أر حسنها لما دعاني نحوها الرواد وعاقتها سمعًا ولم أر حسنها إلا أناسًا حدثوا فأجاد ولرب حسن لا ثواه ناظر وبراه لا يخفى عليه فؤاد ودخلتها فدخلت منها جنة سكانها لا تخفى ولا حياد ورأيت فضلا باهرا ومكارما وعلا تغاضر دونها التعداد أهل الرواية والدراية والندا في نورهم أبدا لنا استمداد وأود حين أخط أطيب ذكرهم لو أن أسود مقلتي مداد وقال يخاطبه وقد وقف على بعض قصيدة‏:‏ رقت حواشي طبعك ابن خميس فهفا قريضك بن وهاج رسيسى ولمثله يصبو الحليم ويمترى ما للشروق به وسير العيس لك في البلاغة والبلاغة بعض ما تحويه من أثر محل رييسى نظم ونثر لا تباري فيهما تمهدت ذاك وذا بعلم الطوس وقال عند وفاته وربما نسبت لغيره‏:‏ رب أنت الحليم فاغفر ذنوبي ليس يغفو عن الذنوب سواكا رب ثبت عند السؤال لساني وأقمني على طريق هداكا رب كن إذا وقفت ذليلا ناكس الرأي استحي أن أراكا رب من لي والنار قد قربت لي وأنا قد أبحت عهد حماكا رب مالي من عدة لمآلى غير أني أعددت صدق رجاكا رب أقررت أني عبد سوء حلمك الجم غره فعصاكا نثره ومن نثره ما خاطب به صديقين له بمرسية من مدينة إشبيلية‏:‏ كتبت كتب الله لكما فوزًا بالحسنى وأجناكما من ثمرات إحسانه أكثر ما يجنى‏.‏
من إشبيلية وحالي بحمد الله حسنة ونفسي بحب قربكما مرتهنة وعلى بما لديكما من السراوة التي جبلتما على فطرتها وامتزتما في الاجتلاء بغرتها علم لا يدخله الشك ونسبتي إلى ودكما الذي لبسته معلمًا وتقلدته محرمًا لا يعبر عن معناها إلا بما لا يزال ولا ينفك‏.‏
فلنثن عنان القلم عن مداده ونأخذ في حديث سواه‏.‏
وصلنا إشبيلية ضحوة يوم الثلاثاء خامس ربيع الآخر ولقينا الإفانت على ميلين وفزنا بما ظهر من بشره واعتنايه بقرار الخاطر وقرة العين ونزلنا في الأخبية خارج البلد موضعا يعرف بالقنب قد تفجر عيونا وجمع ماؤه وهواؤه من المحاسن فنونا وعرض علينا النزول في الديار داخل المدينة فرأينا المقام فيه أحد الأسباب المسعدة على حفظ الصحة المعينة ورغبنا عن المدينة لحرها الوهاج وغبارها العجاج ومايها الأجاج‏.‏
ولما ثاب من النشاط البارح واستقل من المطي الرازح طفت في خارجها وداخلها ووقفت على مباينها المشيدة ومنازلها ورأيت انسياب أراقشها وتقصيت آثار طريانتها وبراقشها فشاهدت من المباني العتيقة والمنارة الأنيقة ما يملا أعين النظار وينفسح فيه مجال الاعتبار‏.‏
على أين ما رأيتها إلا بعد ما استولى عليها الخسف‏.‏
وبان عنها الظرف ونبا عنها الطرف فلا ترى من مغانيها إلا طللا دارسا والتلمح من بدايعها إلا محيًا عابسا لكن الرائي إذا قدر وضعها الأول وركب وهمه من مباينها ما تحلل وتخيل في ذهنه حسنها وتمثل تصور حسنًا يدعو إلى المجون ويسلى عن الشجون لولا أنها عرضت لأشمط راهب‏.‏
لما دان إلا بدن ولا تقرب بغير قارب وحسبي أن أصفها بما يقيها من القبول وأقول إنها في البلاد بمنزلة الربيع من الفصول ولولا أن خاطري مقسم وفكري حده مثلم لقضيت من الإطناب وطرًا ولم أدع من معاهدها عينًا إلا وصفتها ولا أثرًا‏.‏
توفي بتلمسان يوم عاشوراء سنة ست وثمانين وستماية‏.‏
ابن الصايغ محمد بن عبد الله بن محمد بن لب الأمي يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن الصايغ بالصاد المهملة والغين المعجمة من أهل ألمرية‏.‏
حاله من خط شيخنا أبي البركات في الكتاب المؤتم على أنباء أبناء الزمن‏.‏
كان سهلا سلس القياد لذيذ العشرة دمث الأخلاق ميالا إلى الدعة نفورا عن النصب يركن إلى فضل نباهة وذكا يحاسب بها عند التحصيل والدراسة والدؤوب على الطلب من رجل يجري من الألحان على مضمار لطيف ولم يكن له صوت رخيم يساوق إنطباعه في التلحين يخبر ذلك بالأوتار‏.‏
وحاول من ذلك بيده مع أصحابه ما لاذ به الظرفاء منهم‏.‏
واستعمل بدار الأشراف بألمرية فأحكم تلك الطريقة في أقرب زمان وجاء زمامه يروق من ذلك العمل شأنه‏.‏
ثم نهضت به همته إلى أرفع من ذلك فسار إلى غرناطة وقرأ بها العربية وغيرها وانخرط في سلك نبهاء الطلبة لأدنى مدة ثم رحل إلى بلاد المشرق في حدود العشرين وسبعمائة فلم يتجاوز القاهرة لموافقة هواها علة‏.‏
‏.‏
‏.‏
‏.‏
‏.‏
كان يشكوها وأخذ في إقراء العربية بها وعرف بها إلى أن صار يدعي بأبي عبد الله النوي‏.‏
قال شيخنا المذكور ورأى في صغره فارة أنثى فقال هذه قرينة فلقب بذلك وصار هذا اللقب أغلب من إسمه ومعرفته‏.‏
وجرى ذكره في التاج بما نصه‏:‏ لج معرفة لا يغيض وصاحب فنون يأخذ فيها ويفيض‏.‏
نشأ ببلده مسثمرًا عن ساعد اجتهاده وشارك في قنن العلم ووهاده حتى أينع روضه وفهق حوضه‏.‏
ثم أخذ في إراحة ذاته وشام بإرقة لذاته ثم سار في البطالة سير الجموح وواصل الغبوق بالصبوح حتى قضى وطره وسيم بطره وركب الفلك وخاض اللجج الحلك واستقر بمصر على النعمة العريضة على شك في قضائه الحجة العريضة وهو بمدرستها الصالحية نبيه المكانة معدود في أهل العلم والديانة‏.‏
مشيخته قرأ بألمرية على المكثب أبي عبد الله الميرقي وأخذ عن شيخ الجماعة أبي الحسن بن أبي العيش وقرأ بالحضرة على الخطيب أبي الحسن القيجاطي وغيره‏.‏
وأخذ بالقاهرة عن الأستاذ أبي حيان وانتفع به وبجاهه‏.‏
شعره قال شيخنا أبو البركات وكان أخذ من قرض جيد الشعر بالحظ الوافر‏.‏
فمن شعره ما نقله إلينا الحاج الحافظ المكثب أبو جعفر بن غصن حسبما قيده عنه بمصر‏.‏
بعد المزار ولوعته أشواق حكما بفيض مدامع الأماق وخفوق نجي النسيم إذا سرى أذكى لهيب فؤادي الخفاق أمعللي ن التواصل في غد من ذا الذي لغد فدينك باق إن الليالي سبق قد أقبلت وإذا تولت لم تنل بلحاق فصفح تمدونه على الحمى سقى الحما صوب الغمام الواكف الرقراق فيه لذي القلب السليم وداده قلب سليم يا له من راق قلب غداة فراقهم فارقته لا كان في الأيام يوم فراق يا ساريًا والليل ساج عاكف يفتري للعلا بنجايب ونياق عرج على مثوى النبي محمد خير البرية ذي المنخل البراق ورسول رب العالمين ومن له حفظ العهود وصحة الميثاق الظاهر الآيات قام دليلها والطاهر الأخلاق والأعراق بدر الهدى البادي آياته وجبينه كالشمس في الإشراق


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:35 AM

والصادق المأمون أكرم مرسل سارت رسالته إلى الآفاق والصادق المأمون أكرم مرسل سارت رسالته إلى الآفاق أعلى الكرام ندًا وأبسطهم يدًا قبضت عنان المجد باستحقاق وأشد خلق الله إقداما إذا حمي الوطيس وشمرت عن ساق أمضاهم والخيل تعثر في القنا وتجول سبحًا في الدم المهراق من صير الأديان دينًا واحدا من بعد إشراق مضى ونفاق وأجحلنا من حرمة الإسلام في ظل ظليل وارف الأوراق لو أن للبدر المنير كماله ما ناله كسف ونكس محاق لو أن للبحرين جود يمينه أمن السفين غوايل الإغراق لو أن للآباء رحمة قلبه ذابت نفوسهم من الإشفاق ذو العلم والخفي المنجلي والجاه والشرف القديم الباق آياته شهب وغر بنانه سحب النوال تدر بالأرزاق فاحت فيوح الأرض وهو غياثها وربت ربي الإيمان وهو الشاق ثنت المعارض خيرًا لما حكت فلق الصباح وكان ذا إفلاق يقظ الفؤاد سرى وقد هجع الورى لمقام صدق فوق ظهر براق وسما وأملاك السما تحفه حتى تجاوزهن سبع طباق منها‏:‏ يا ذا الذي اتصل الرجا بحبله وانبت من هذا للورى بطلاق حبي إليك وسيلتي وذخيرتي إني من الأعمال ذو إملاق وإليك أعملت الرواحل ضمرًا تختال بين الوخد والأعناق يحدو بهن من النحيب مردد وتقودهن أزمة الأشواق غرض إليه فوقنا أسهمًا وهي القسى برين كالأفواق وأنختها بفنايك الرحب الذي وسع الورى بالنايل الدقاق وقوي مؤملك الشفاعة في غد وكفى بها هبة من الرزاق وعليك يا خير الأنام تحية تحيي النفوس بنشرها الفتاق وأثبار مسجده الذي برحابه لمعامل الرحمن أي نفاق لا جود فيه بأدمع أسلاكها منظومة بترايب وتراق أغدو بتقبيل على حصبايه وعلى كرام جدره بعناق وعليك ذا النورين تسليم له نور يلوح بصفحه المهراق كفوًا لنبي وكفوا على جنة خيرت له بشهادة وصداق وعلى أب السبطين من سبق الألى سبقوا إلى الإسلام أي سباق الطاهر الصهر ابن عم المصطفى شرف على التعميم والإطلاق مبدي القضا من وراء حجابها ومقتح الأحكام عن إغلاق يغزو العداة بغلظة فيعيدهم بصوارم تفري القفار رقاق راياته لا شيء من عقيانها بمطار يوم وغي ولا بمطاق وعلى كرام سنة عثرت بهم عند النظام ليالي النساق ما بين أروع ما جد نيرانه جنح الظلام تشب للطراق ولما سني الله في الروم الوقعة المبيرة والوقيعة الشهيرة التي أجلت عن قتل مليكهم معركتها وانتهت للفتح معركتها وحركتها وعمت الإسلام بإتعاس فل الكفر بركتها قدم مع الوفود من أهل بلده وهنأ أمير المسلمين بفتحه ذلك وطلوع ولده فقال‏:‏ أمليك أم بدر الدجا الوضاح وحسامه أم بارق لماح أعلى المسالك ما بنته يد التقى وعمادها الأعلام والأرماح وأحق من يدعي خليفة ربه ملك خلافته هدى ونجاح كأمير أندلس وناصرها الذي أفنى العداة حسامه السفاح أسمى الملوك أبو الوليد المرتضى وأعز من شرفت به الأمداح هو دوحة الملك العلي فروعها وبراحتيه ترزق الأدواج وبمحو رسم عداته بلباته نطق الكتاب وخطت الألواح بدر الكمال لو أن بدرا مثله لم يبد خشية نوره الإصباح بحر النوال لو أن بدرا مثله لارتاع خشية فيضه الملاح ولمثله قاد الجياد عدوه فخبا له قدح وخاب قداح فأبادهم وملوكهم فتح بدا وبسعد جدك ربنا فتاح وقواصل تبري بهن مفاصل وصفاح يفري بهن صفاح لم تفن كلهم سيوف الهند بل لسيوف جودك في النفوس جراح ما زال حي عداك يحسد ميتهم ويحث فوتًا عاجلا فيراح فاقتل كبيرهم واحي صغيرهم واسب النسا فيما عليك جناح تستبيح ما حاط العداة وما حموا وحماك يا منصور ليس يباح يامة الكفران تفنيدًا وهل لجفون أعمى ينجلي مصباح وجوان يرتشف الندى فنديمه غربانه ووساده الصفاح وكذلك المطران جاد رسومه قطر المنايا الصارم الطفاح أروس أم تبيض النعام بمرجنا أصنافكم هذي أم الأشباح ما للمطامير اشتكت من ضيقها بالمال والأسرى وهن فساح جارت بكم أبطالنا فكأنكم كشح وجيش المسلمين وشاح قد انثنت بطحاؤنا بحطامكم ونباتها الريحان والتفاح تالله ما كنتم بأول عسكر أمل النجاح وحينه يجتاح القس غركم ليهلك نسلكم بسيوفنا إن إفكه لصراح كم ذا يسخركم ويسخر منكم غدرًا ومكرًا إنه لوقاح منها‏:‏ وفوارس نشوا لهب فراس طلبوا انتشاو الدما للراح أربوا على الأسد الهزبر بسالة مع أنهم غر الوجوه صباح خاضوا بحار الحرب يطمو بحرها ووطيسها حامي الصلى لفاح ما هم ببذل نفوسهم ونفيسهم عن النوال والنزال سجاح وإذا هم ذكروا بناد فانتشق مسكا تضوع عرفه النفاح فغدا وراح النصر يقدم جمعهم ويحفهم حيث اعتدوا أو راح سناك مولانا بسعد مقيل خلصاء قد عمتهم له أفراح وهنا ونالك بالأمير تجدد كل بحبك نفسه ترتاح قد جاء بعد العسر يسر شامل قد جاء بعد الشدة الإنجاح فالحمد لله الذي قد خصنا ولنا بحمدك بعده إفصاح وعلى المقام المولوي تحية كالزهر إذ تهدى شذاه رياح ما خط مدحك في الطروس محبر ومحيي دجاجر الأصيل صباح وقال يرثي الخطيب ببلده الشهير الفاضل أبا الحسن بن شعيب رحمه الله‏.‏
بوادي لقد حملت ما ليس لقواه فراق ولي شرق الأرض تقواه بليت بذا التفريق فاصبر فربما بلغت بحسن الصبر ما تمناه شجا كل نفس فقد أنفس جوهر تعد ولاتحصى كرام سجاياه بكى كلنا حزنًا عليه كما بكى لفرقته محرابه ومصلاه فلله خطب جليل لقد رمى أجل خطيب بالجلالة مصماه فلولاكم يغلب تأسينا الأسى ولم يشمل الشمل التفجع لولاه خطيب جلا فصل الخطاب بيانه وأعدل قاض فاضل في قضاياه وجسم الهدى الرحب السبيل وروحه ولفظ العلى الفخ الأصيل ومعناه مطيع رفيع خاضع متواضع كريم حليم طاهر القلب أواه متى يمشي هونًا ليس إلا لمسجد تميد خجلا أرض بها حط نعلاه تكلمه عرف وذكر وحكمة تلذ بها الأسماع ما كان أحلاه كذا صمته خوف وفكر وخشية فما زال يخشى الله والكل يخشاه يصوم وقد طال النهار مهجرًا وتبحر بالليل للتغمض عيناه فكم دارس أحياه من أربع التقا وكم غاسق من حندس الليل أحياه فيا طيبا أصلًا وذكرًا وترية ومنه استفاد الطيب أطيب رياه وفي حشرقة تحن ومرتجًا وباطنا وأمن سني شمس الضحى من محياه محيًا يروي الناظرين تهللًا فتعرفه في الصاحلين بسيماه بحبك هامت كل نفس منيبة كذا من أحب الله حببه الله نال شعيب في الزمان بدوره ولم تكن الشمس المنيرة إلاه أعزي أولى الإيمان كلا بفقده نعم أسنيه بحبه مأواه سقى الله وسمى الحيا ذلك الثرى وغاداه صوب الغاديات ومياه كما قد سقاه ليلة الدفن ربه من الغيث وكاف السحاب وأسخاه ترضوا عن القاضي الإمام خطيبكم فقد رضي الحمن عنه وأرضاه وصلوا على هادي الأنام نبيكم صلاة بها يمحو المسيء خطاياه عليك سلام الله ما الروض فاح إن سرت سحرًا ريح الصبا بخزاماه توفي رحمه الله في رمضان تحقيقًا من سنة خمس على شك وسبع ماية أخبرني بذلك من يوثق به‏.‏
محمد بن عبد الله بن الحاج البضيعة من أهل مالقة وتردد كثيرًا على الحضرة مسترفدًا ومنشدًا وفي غير ذلك من الأغراض يكنى أبا عبد الله‏.‏
حاله وشعره من الإكليل‏:‏ شاعر اتخذ النظم بضاعة وما ترك السعي في مذاهبه ساعة أجرى في الملا لا في الخلا وجعل ذكره دلوه في الدلا وركض في حبلة النجبا النجايب ورمى في الخواطي بسهم صايب فخرج بهرجه ونفق وارتفد بسببه وارتفق‏.‏
وهو الآن قد سالمته السنون وكأنما أمن المنون من رجل مكفوف الأذى حسن الحالة إلا إذا هذا قلت ثبت هذا والمذكور حي وقد مات رحمه الله‏.‏
ومن شعره‏:‏ رجاي في المولى العظيم عظيم غنيت به حيث الغنى بمديم وحسبي الرجا فيمن عليه معولي حديث حديث لم يزل وخديم وما عرفت نفسي سوى باب فضله على ثقة أن الكريم كريم وما اعتصم المملوك إلا بحبله فجانبه نعمى لنا ونعيم رضاه سبيل للنجاة وحبه طريق لجنات النعيم قديم وأنشد يومًا الأمير ثالث الأمراء من بين نصر يهنيه بالملك ويعزيه‏:‏ على من تنشر اليوم البنود وتحت لواء من ترى الجنود وقال على هذا الكذا الذي بين يديك فخجل وعظم استظراف الحاضرين لذلك‏.‏
توفي في كذا وسبعمائة‏.‏
محمد بن عبد الله بن فطيس يكنى أبا عبد الله من أهل مالقة‏.‏
وقال الأستاذ من بيت فطيس الألبيريين‏.‏
حاله قال طبيب ماهر وأديب شاعر كان في أيام بني حسون يخف عليهم وله فيهم أمدح كثيرة‏.‏
يذكر أنه دخل يومًا على القاضي أبي مروان بن حسون بعد انقطاع عن زيارته فعتبه القاضي فاعتذر ثم أنشد‏:‏ يا حاملًا من علاه تاجًا ومن سنا وجهه سراجا لو كان رودي عديل ودي لكنت من بابك الرتاجا إ لم يعرج عليك شخصي نفسي وروحي عليك عاجا وذكره ابن عسكر في كتابه‏.‏
ابن الحكيم اللخمي محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يحيى بن محمد بن فتوح ابن محمد بن أيوب ابن محمد بن الحكيم اللخمي ذو الوزارتين يكنى أبا عبد الله رندي النشأة إشبيلي الأصل يرجع بيته وبيت بين حجاج وبيت بين عباد إلى خرثومة واحدة وانتقل سلفه إلى رندة في دولة بني عباد ويحيى جد والده هو المعروف بالحكيم لطلبه‏.‏
وقدم ذو الوزارتين على حضرة غرناطة أيام السلطان أبي عبد الله محمد بن محمد بن نصر إثر قفوله من الحج في رحلته التي رافق فيها العلامة أبا عبد الله بن رشيد الفهري فألحقه السلطان بكتابه وأقام يكتب له في ديوان الإنشاء إلى أن توفي هذا السلطان وتقلد الملك بعده ولي عهده أبو عبد الله المخلوع فقلده الوزارة والكتابة وأشرك معه في الوزارة أبا سلطان عبد العزيز بن سلطان الداني‏.‏
فلما توفي أبو سلطان أفرده السلطان بالوزارة ولقبه ذا الوزارتين وصار صاحب أمره إلى أن توفي بحضرة غرناطة قتيلا نفعه الله تعالى‏.‏
غدوة يوم الفطر مستهل شوال سنة ثمان وسبعمائة وذلك لتاريخ خلع سلطانه وخلافة أخيه أمير المسلمين أبي الجيوش مكانه‏.‏
حاله كان رحمه الله تعالى علمًا في الفضيلة والسراوة ومكارم الأخلاق كريم النفس واسع الإيثار متين الحرمة عالي الهمة كاتبًا بليغًا أديبًا شاعرًا حسن الخط يكتب خطوطًا على أنواع كلها جميلة الانطباع خطيبًا فصيح القلم زاكي الشيم مؤثرًا لأهل العلم والأدب برًا بأهل الفضل والحسب نفقت بمدته للفضائل أسواق وأشرقت بإمداده للفضائل آفاق‏.‏
ومن عائد الصلة‏:‏ كان رحمه الله فريد دهره سماحة وبشاشة ولوذعية وانطباعًا رقيق الحاشية نافذ العزمة مهتزًا للمديح طلقًا لأمل كهفًا لغريب برمكي المائدة مهلبي الحلوى ريان من الأدب مضطلعًا بالرواية مستكثرًا من الفائدة‏.‏
يقوم على المسائل الفقهية ويتقدم الناس في باب التحسين والتقبيح ورفع راية الحديث والتحديث نفق بضاعة الطلب وأحيا معالم الأدب وأكرم العلم والعلماء ولم تشغله الساسة عن النظر ولا عاقه تدبير الملك عن المالعة والسماع والإفراط في اقتناء الكتب حتى ضاقت قصوره عن خزائنها وأثرت أنديته من ذخائرها‏.‏
قام له الدهر على رجل وأخدمه صدور البيوتات وأعلام الرياسات وخوطب من البلاد النازحة وأمل من الآفاق النائية‏.‏
رحلته ونباهته رحل إلى الحجاز الشريف من بلده على فتاء سنة أول عام ثلاث وثمانين وستمائة فحج وزار وتجول في بلاد المشرق منتجعًا عوالي الرواية في مظانها ومنقرًا عنها عند مسني شيوخها وقيد الأناشيد الغريبة والأبيات المرقصة وأقام بمكة شرفها الله من شهر رمضان إلى انقضاء الموسم فأخذ بها عن جماعة يأتي ذكرهم في مشيخته‏.‏
وانصرف إلى المدينة المشرفة ثم قفل مع الركب الشامي إلى دمشق ثم كر إلى المغرب لا يمر بمجلس علم أو تعلم إلا روى أو روى‏.‏
واحتل رندة حرسها الله أواخر عام خمسة وثمانين وستمائة وأقام بها عينًا في قرابته وعلمًا في أهله معظمًا عندهم إلى أن أوقع السلطان بالوزراء من بني حبيب الوقيعة البرمكية‏.‏
وورد رندة في أثر ذلك في شهر جمادة الآخرة من عام ستة وثمانين وستماية فتعرض إليه ومدحه وهنأه بقصيدة طويلة من أوليات شعره أولها‏:‏ ل إلى رج عشيات الوصال سبب أم ذاك من ضرب المحال فلما أنشدها إياه أعجب به وبحسن خطه ونصاعة ظرفه فأثنى عليه واستدعاه إلى الوقادة على حضرته فوفد إليها في آخر العام المذكور فأثبته في خواص دولته وأحظاه لديه إلى أن رقاه إلى كتابة الإنشاء ببابه‏.‏
واستمرت حاله معظم القدر مخصوصًا بالمزية إلى أن توفي السلطان ثاني الملوك من بني نصر وتقلد الملك بعده ولي عهده أبو عبد الله فزاد في إحظائه وتقريبه وجمع له بين الكتابة والوزارة ولقبه بذي الوزارتين وأعطاه العلامة وقلده الأمر فبعد الصيت وطاب الذكر إلى أن كان من الأمر ما يأتي به الذكر قريبًا إنشاء الله تعالى‏.‏
مشيخته قرا برندة على الشيخ النحوي أبي الحسن علي بن يوسف العبدري السفاح القرآن العظيم بالروايات السبع‏.‏
والعربية وغير ذلك‏.‏
وعلى الخطيب بها أبي القاسم ابن الأيسر وأخذ عن والده جميع مروياته‏.‏
واستجاز له في صغره أعلام ذلك الزمان وأخذ في رحلته عن الجلة من الجملة الذين يضيق عن أمثالهم الحصر‏.‏
فمنهم أبو اليمن جار الله بن عساكر لقيه بالحرم الشريف وانتفع به واستكثر من الرواية عنه‏.‏
ومنهم الشيخ أبو العز عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني المعروف بابن هبة الله الحراني‏.‏
ومنهم الشيخ الشريف أبو العباس أحمد بن عبد الله بن عمر بن معطي بن الإمام الجزائري جزائر المغرب نزيل بغداد‏.‏
ومنهم الشيخ أبو الصفا خليل بن أبي بكر بن محمد المرادي الحنبلي لقيه بالقاهرة‏.‏
ومنهم الشيخ رضي الدين القسطميني أبو بكر‏.‏
ومنهم الشيخ شرف الدين الحافظ أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي إمام الديار المصرية في الحديث ومؤرخها وحافظها‏.‏
ومنهم عبد المنعم بن محمد بن يوسف بن أحمد الخيمي شهاب الدين أبو عبد الله نزيل مشهد الحسين بن علي قرأ عليه قصيدته البائية الفريدة التي أولها‏:‏ يا مطلبًا ليس لي في غريه أرب إليك آل النقصي وانتهى الطلب ومنها البيت المشهور الذي وقع النزاع فيه‏:‏ يا بارقًا بأعالي الرقمتين بدا لقد حكيت ولكن فاتك السبب ومنهم عبد المولى يحيى بن حماد البعلبكي مولده سنة إحدى عشرة وستمائة‏.‏
ومنهم محمد بن بكر بن خلف بن أبي القاسم الصفار‏.‏
ومنهم الشيخ أبو الفضل الأديب جمال الدين بن أبي الخير بن علي بن عبد الله بن رواحة‏.‏
ومنهم محمد بن يحيى بن عبد الله القرشي جمال الدين أبو صادق ومن تخريجه الأربعون المروية بالأسانيد المصرية‏.‏
وسمع الحلبيات من ابن عماد الحراني والشيخ أبي الفضل عبد الرحيم خطيب الجزيرة ومولده سنة ثمان وتسعين وخمسمائة‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن عباس الأشعري تقي الدين الحافظ أبو القاسم‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن عبد المجيد الأنماطي‏.‏
ومنهم أبو البدر بن عبد الله ابن أبي الزبير الكاتب المصري‏.‏
ومنهم الشيخ عبد الرحيم بن عبد المنعم بن خلف التدميري‏.‏
ومن رؤساء شيوخه الشيخ محيي الدين أبو الفضل‏.‏
ومنهم زينب بنت الإمام الفضل وسمعت من أبيها‏.‏
ومنهم محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد الخراساني أبو عبد الله موقر الدين وألبسه خرقة التصوف‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن يحيى بن هبيرة الشيياني شرف الدين‏.‏
ومنهم الشيخ شهاب الدين أحمد بن عيسى بن عيسى بن يوسف بن إبراهيم بن إسماعيل السلفي‏.‏
ومنهم الشيخ علي بن عبد الكريم بن عبد الله الدمشقي أبو الحسن ولد سنة سبع وتسعين وخمسماية‏.‏
ومنهم الشيخ غازي بن أبي الفضل بن عبد الوهاب الجلاوي‏.‏
ومنهم الشيخ نور الدين علي بن محمد أبي البركات الأنصاري المقرئ بحرم الخليل سمع من أبي الحسن علي بن شجاع‏.‏
ومنهم يوسف بن داود بن عيسى بن أيوب الحنفي‏.‏
ومنهم الملك الأوحد يعقوب بن الملك الناصر صلاح الدين وداود بن الملك المعظم عيسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب‏.‏
ومنهم عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم بن علي بن جعفر القرشي الزهري خطيب القدس‏.‏
ومنهم الشيخ عبد الحفيظ ابن بدران ويدعى علي الدين من أهل بانياس سمع من ابن صيصري‏.‏
ومنهم الشيخ علي بن عبد الرحمن بن عبد المنعم المقدسي‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن محمد بن سالم ابن يوسف بن اسلم القرشي جمال الدين‏.‏
ومنهم عبد الواسع بن عبد الكافي شمس الدين‏.‏
ومنهم الشيخ أحمد بن أحمد الزجاجي البغدادي الغمام تقي الدين‏.‏
ومنهم عبد الجميل بن أحمد ين الزجاج‏.‏
ومنهم فاطمة بنت إبراهيم بن محمد بن محمود بن جوهر البعلبكي الشيخة الكاتبة الخيرة أم الخير‏.‏
ومنهم الشيخ يوسف ابن أبي ناصر السفاوي‏.‏
ومنهم الشيخ عبد السلام بن محمد بن مزروع أبو محمد عفيف الدين‏.‏
ومنهم الشيخ أحمد بن عثمان بن محمد الشافعي البخاري شمس الدين‏.‏
ومنهم الشيخ عبد الله بن خير بن أبي مجمد بن خلف القرشي‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الباقي بن علي الصواف شرف الدين‏.‏
ومنهم الشيخ علي بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن زريق الكاتب لقيه بتونس‏.‏
ومنهم الشيخ سليمان بن علي بن عبد الله الكاتب التلمساني عفيف الدين الصوفي الأديب نزيل دمشق ومولده بتلمسان‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن علي بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد الميموني البستي القسطلاني قطب الدين الغمام المفتي شيخ دار الحديث الكاملية بالقاهرة المعزية ومنهم الشيخ عبد الكريم بن علي بن جعفر القرشي جمال الدين‏.‏
ومنهم الشيخ أحمد بن محمد بن عبد الظاهر جمال الدين‏.‏
ومنهم محمد بن محمد بن إبراهيم النجاشي‏.‏
ومنهم الشيخ عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي بكر الطبري إمام الروضة النبوية ثم الصخرة القدسية‏.‏
ومنهم الشيخ فخر الدين عثمان بن أبي محمد بن إسماعيل بن جندرة‏.‏
ومنهم الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العلي بن أنسكرت فخر الدين‏.‏
ومنهم الشيخ ثابت بن علي بن عبد العزيز بن قاسم بن عبد الرازق سمع على ابن المغير البغدادي‏.‏
ومنهم الشيخ أمين الدين أبو الهامات جبريل بن إسماعيل بن سيد الأهل الغساني‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن أحمد بن عبد الله الأندلسي الأصل شرف الدين سمع من علم الدين الشيخوني وغيره‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن محمد الشامي الشافعي الدمشقي إمام مسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه يدعى شمس الدين سمع من الزبيدي‏.‏
ومنهم الشيخ يحيى بن الخضر بن حاتم الأنصاري يعرف بابن عز الدولة‏.‏
وأجاز له جماعة منهم ابن عماد الحراني ومنهم ابن يحيى بن محمد بن محمد الهمداني كمال الدين وسمع من ابن الزجاج وابن رواح الحميري‏.‏
ومنهم الشيخ عبد الملك أبو المعالي بن مفضل الواسطي عرف بابن الجوزي سمع على جماعة منهم شعيب الزعفراني ومنهم الشيخ محمد بن أحمد بن ياسر بن شاكر الحاكمي‏.‏
ومنهم الإمام مفتي المسلمين رضي الله عنه‏.‏
ومنهم أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن خليل العسقلاني المكي‏.‏
ومنهم الخطيب أبو عبد الله محمد بن صالح بن أحمد بن محمد بن رحيمة الكناني خطيب بجاية‏.‏
ومنهم قاضي القضاة ببلاد إفريقية أبو العباس ابن الغماز البلتسي لقيه بتونس‏.‏
ومنهم الفقيه العلامة الوزير أبو القاسم محمد بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن يوسف ين جزي الكلبي‏.‏
ومنهم الشيخ أبو محمد عبد اله بن يوسف الخلابي‏.‏
ومنهم الشيخ المغربي أبو محمد الحجاج ابن يوسف بن إبراهيم بن عتاب لقيه بتونس‏.‏
ومنهم الشيخ المغربي أبو محمد الحجاج ابن يوسف ين إبراهيم بن عتاب لقيه بتونس‏.‏
ومنهم الشيخ الفقيه أبو بكر بن محمد ابن إبراهيم بن محمد بن يربوع السبتي‏.‏
ومنهم الإمام قدوة النحاة أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن عبد الله بن أبي الربيع القرشي‏.‏
ومنهم الإمام أبو علي ناصر الدين منصور بن أحمد ابن عبد الحق الزواوي المشدالي من أهل بجاية‏.‏
ومنهم الخطيب القاضي أبو عمرو إسحق بن أبي إسحق بن عبد الوهاب الرندي‏.‏
إلى طائفة كبيرة من أهل المشرق والمغرب‏.‏
محنته أغلى به الأمير ولي العهد بسبب أمور اختلف فيها منها أبيات في هجو الدولة النصرية الله أعلم بصحة نسبتها إليه فأوقع به وناله بين يديه نكال كبير أفلت منه برفق واختفى مدة في المآذن المقفلة والأماكن الخفية حتى أصحى له جو سخطه وقضى الله برد أمره إليه وستيلايه على ما وراء بابه‏.‏
من روى عنه أخذ عنه الخطيب الصالح أبو إسحق بن أبي العاصي وتدبج معه رفيقه عبد الله بن رشيد وغير واحد‏.‏
وكان ممدوحًا وممن مدحه الرئيس أبو محمد عبد المهيمن الحضرمي والرئيس أبو الحسن بن الجياب وناهيك بهما‏.‏
ومن بديع مدح ابن الجياب له قصيدة راثية رائقة يهنيه فيها بعيد الفطر منها في أولها‏:‏ يا قادمًا عمت الدنيا بشائره أهلا بمقدمك الميمون طائره ومرحبًا بك من عيد تحف به من السعادة أجناد تظاهره قدمت فالخلق في نعمى وفي جذل أبدي بك البشر باديه وحاضره الأرض قد لبست أثواب سندسها والروض قد بسمت منه أزهره حاكت يد الغيث في ساحاته حللا لما سقاها دراكًا منك باكره فلاح فيها من الأنوار باهرها وفاح فيها من النوار عاطره وقام فيها خطيب الطير مرتجلا والزهر قد رصعت منه منابره موشي ثوب طواه الدهر آونة فها هو اليوم للأبصار ناشره فالغصن من نشوة يثني معاطفه والطير من طرب تشدو مزاهره وللكمام انشقاق عن أزاهرها كما بدت لك من خل ضمائره لله يومك ما أذكى فضائله قامت لدين الهوى فيه شعائره فافخر بحق على الأيام قاطبة فما لفضلك من ند يظاهره فأنت في عصرنا كابن الحكيم إذا قيست بفخر أولي العليا مفاخره يلتاح منه بأفق الملك نور هدى تضاءل الشمس مهما لاح زاهره مجد صميم على عرش السماك سما طالت مبانيه واستعلت مظاهره وزارة الدين والعلم الذي رفعت أعلامه والندى الفياض زاخره وليس هذا ببدع من مكارمه ساوت أواثله فيه أواخره يلقى الأمور بصدر مه منشرح بحر وآراؤه العظمى جواهره راعى أمور بصدر منه منشرح بحر وآراؤه العظمى جواهره راعي أمور الرعايا معملًا نظرًا كمثل علياه معدومًا نظائره والملك سير في تدبيره حكمًا تنال ما عجزت عنه عما كره سياسة الحكم لا بطش يكدرها فهو المهيب وما تخشى بوادره لا يصدر الملك إلا عن إشارته فالرشد لا تتعداه مصائره تجري الأمور على أقصى إرداته كأنما دهره فيه يشاوره وكم مقام له في كل مكرمة أنست موارده فيها مصادره فليس يجحده إلا أخو حسد يرى الصباح فيعشي منه ناظره لا ملك أكبر من ملك يدبره لا ملك أسعد من ملك يؤازره يا عز أمر به أشتدت مضاربه يا حسن ملك به ازدانت محاضره تثني البلاد وأهلوها بما عرفوا ويشهد الدهر آتيه وعابره بشرى لآمله الموصول مأمله تعسًا لحاسده المقطوع دابره فالعلم قد أشرقت نورًا مطالعه والجود قد أسبلت سحًا مواطره والناس في بشر والملك في ظفر عال على كل عالي القدر قاهره والأرض قد ملئت أمنًا جوانبها بيمن من خلصت فيها سرائره وإلى أياديه من مثنى وواحدة تساجل البحر إن فاضت زواخره فكل يوم تلقانا عوارفه كساه أمواله الطولي دفاتره فمن يؤدي لما أولاه من نعم شكرًا ولو أن سحبانا يظاهره يا أيها العبد بادر لثم راحته فلثمها خير مأمول تبادره وافخر بأن لقيت ابن الحكيم على عصر يباريك أو دهر تفاخره ولي الصيام وقد عظمت حرمته فأجره لك وافيه ووافره ومن مدح الرئيس أبي محمد عبد المهيمن الحضرمي له قوله‏:‏ تراءى سحيرا والنسيم عليل وللنجم طرف بالصباح كليل وللفجر نهر خاضه الليل فاعتلت شوى أدهم الظلماء منه خجول بريق بأعلى الرقمتين كأنه طلائع شهب السماء تجول فمزق ساجي الليل منه شرارة وخرق ستر الغيم منه نصول تبسم ثغر الروض عند ابتسامه وفاضت عيون للغمام همول ومالت غصون البان نشوي كأنها يدار عليها من صباه شمول وغنت على تلك الغصون حمائم لهن حفيف فوقها وهديل إذا سجعت في لحنها ثم قرقرت يطيح خفيف دونها وثقيل سقى الله ربعًا لا يزال يشوقني إليه رسوم دونها وطلول وجاد رياه كلما ذر شارق من الودق هتان أجش هطول ومالي أستسقي الغمام ومدمعي سفوح على تلك العراص همول وعاذلة باتت تلوم على السرى وتكثر من تعذالها وتطيل تقول إلى كم ذا فراق وغربة ونأي على ما خيلت ورحيل فأما تريني من ممارسة الهوى نحيلا فحد المشرفي نحيل وفوق أنابيب البراعة صفوة تزين وفي قد القناة ذبول ولولا السرى لم يحتل البدر كاملا ولا بات منه للسعود نزيل ولولا اغتراب المرء في طلب العلا لما كان نحو المجد منه وصول ولولا نوال ابن الحكيم محمد لأصبح ربع المجد وهو محيل وزير سما فوق السماك جلالة وليس له إلا نجوم قبيل من القوم أما في الندى فإنهم هضاب وأما في الندى فسيول حووا شرف العلياء إرثا ومكسبًا وطابت فروع منهم وأصول وما جونة هطالة ذات هيدب مرتها شمول مرجف وقبول لها رجل من رعدها ولوامع من البرق عنها للعيون كلول كما هدرت وسط القلاص وأرسلت شقاشقها عند الهياج فحول بأجود من كف الوزير محمد إذا ما توالت للسنين محول ولا روضة بالحسن طيبة الشذا يتم عليها أذخر وجليل وقد أذكيت للزهر فيها مجامر تعطر منها للنسيم ذيول بأطيب من أخلاقه الغر كلما تفاقم خطب للزمان يهول حويت أبا عبد الإله مناقبًا تفوت يدي من رامها وتطول فغرناطة مصر وأنت خصيبها ونائل يمناك الكريمة نيل فداك رجال حاولوا درك العلا ببخل وهل نال العلاء بخيل تخيرك المولى وزيرًا وناصحًا فكان له مما أراد حصول وألقي مقاليد الأمور مفوضا إليك فلم يعدل يمينك سول وقام بحفظ الملك منك مؤيد نهوض بما أعيا سواك كفيل وساس الرعاي منك أشوس باسل مبيد العدا للمعتفين منيل وأبلج وقاد الجبين كأنما على وجنتيه للنضار مسيل تهيم به العلياء حتى كأنها بثينة في الحب وهو جميل له عزمات لو أعير مضاؤها حسام لما نالت ظباه فلول سرى ذكره في الخافقين فأصبحت إليه قلوب العالمين تميل وأغدي قريضي جوده وثناؤه فأصبح في أقصى البلاد يجول إليك أيا فخر الوزارة أرقلت برحلي هوجاء الثجاء ذلول تسددني سهمًا لكل ثنية ضوامر أشباها لقسي نحول تسددني سهمًا لكل ثنية ضوامر أشباها لقسي نحول وقد لفظتني الأرض حتى رمت إلى ذراك برحلي هوجل وهجول فقيدت أفراسي به وركائبي ولذ مقام لي به وحلول وقد كنت ذا نفس عزوف وهمة عليها لأحداث الزمان دحول وتهوي العلا حظي وتغري بضده لذاك اعترته رقة ونحول وتأبي لي الأيام إلا إدالة فصونك لي أن الزمان مديل فكل خضوع في جنابك عزة وكل اعتزاز قد عداك خمول شعره وبضاعته في الشعر مزجاة وإن كان أعلم الناس بنقده وأشدهم تيقظًا لمواقعه الحسنة وأضدادها‏.‏
فمن ذلك قوله ورفعه إلى السلطان ببلده رندة وهو إذا ذاك فتى يملأ العين أبهة


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:36 AM


ويستميل القلوب لباقة وهي ومن خطه نقلت‏:‏ هل إلى رد عشيات الوصال سبب أم ذاك من ضرب المحال حالة يسرى بها الوهم إلى أنها تثبت براءًا باعتلال إذا مجال الوصل فيها مسرحي ونعيمي آمر فيها ووال ولحالات التراضي جوله مزجت بين قبول واقتبال فبوادي الخيف خفي مسعد وبأكناف مني أسني نوال لست أنسى الأنس فيها أبدًا لا ولا بالعذل في ذاك أبال وغزال قد بدا لي وجهه فرأيت البدر في حال الكمال ما أمال التيه من أعطافه لم يكن إلا على فضل اعتدال خص بالحسن فما أنت ترى بعده للناس حظًا في الجمال من تسلى عن هواه فأنا بسواه عن هواه غير سال فلئن أتعبني حبي له فكم نلت به أنعم حال إذ لآلئ حيده من قبلي ووشاحاه يميني وشمال خلف النوم لي السهد به وترامى الشخص لا طيف الخيال فيداوي بلماه ظمئي مزجك الصبهاء بالماء لزلال ذو أياد شملت كل الورى ومعال يا لها خير معال همة هامت بأحوال التقى وصفات بالجلالات حوال وقف النفس على إجهادها بين صوم وصلاة ونوال ومنها في ذكر القوم الموقع بهم‏:‏ وفريق من عتاة عاندوا أمره فاستوجبوا سوء نكال غرهم طول التجافي عنهم مع شيطان لهم كان موال فلقد كانت بهم رندة أو أهلها في سوء تدبير وحال ما يعود اليوم إلا بادروا برواة ونكيرات ثقال طوقوا النعمى فلما أنكروا طوقوا العدل بذي البيض العوال ما طل الدهر بهم غريمه فهو الآن وفي بعد المطال ولقد كنت غريم الدهر إذ شدني جورهم شد عقال ولكم نافرته مجتهدًا عندما ضاق بهم صدر احتمال ها أنا أنشدكم مهنئًا من بديع النظم بالسحر الحلال فأنا العبد الذي حبكم لم يزل والله في قلبي وبال أورقت روضة آمالي لكم وتولاها الكبير المتعال واقتنيت الجاه من خدمتكم فهو ما أدخره من كنز مال ومنها‏:‏ يا أمير المسلمين هذه خدمة تنبئ عن أصدق حال هي بنت ساعة أو ليلة سهلت الحب في ذاك الجلال ما عليها إذ أجادت مدحها من بعيد الفهم يلغيها وقال فهي في تأدية الشكر لكم أبدًا بين احتفاء واحتفال وكتب رحمه الله يخاطب أهله من مدينة تونس‏:‏ حي حي بالله يا ريح نجد وتحمل عظيم شوقي ووجدي وإذا ما بثثت حالي فبلغ من سلامي لهم على قدر ودي ما تناسيتهم وهل في مغيبي هم نسوني على تطاول بعدي فتلطف عند المرور عليهم وحقوقًا لهم على فأد قل لهم قد غدوت من وجدهم في حال شوق لكل رند وزند وإن استفسروا حديثي فإني باعتناء الإله بلغت قصدي فله الحمد إذ حباني بلطف عنده قل كل شكر وحمد قال شيخنا أبو بكر ولده وجدت بخطه رحمة الله عليه رسالة خاطب بها أخاه أبا إسحق إبراهيم افتتحها بقصيدة أولها‏.‏
ذكر اللوى شوقًا إلى أقماره فقضى أسى أو كاد من تذكاره وعلا زفير حريق نار ضلوعه فرمى على وجناتنه بشراره لو كنت تبصر خطه في خده لقرأت سر الوجد من أسطاره يا عاذليه اقصروا فلربما أفضى عتابكم إلى إضراره إن لم تعينوه على برجانه لا تنكروا بالله خلع عذاره ما كان اكتمه لأسرار الهوى لو أن جند الصبر من أنصاره بخل اللوى بالساكنيه وطيفهم وحديثه ونسيمه ومزاره فاقر السلام عليه قدر محبتي فيه وترفيعي إلى مقداره وألمم بسائر أخوتي وقرابتي من لم أكن لجوارهم بالكاره ما منه إلا أخ أو سيد أبدًا أرى دأبي على إكباره فاثبت لذاك الحي أن أخاهم في حفظ عهدهم على استبصاره ما منزل اللذات في أوطانه كلا ولا السلوان من أوطاره وقال رحمه الله في غرض كلفه سلطانه القول فيه‏:‏ ألا واصل مواصلة العقار ودع عنك التخلق بالوقار وقم واخلع عذارك في غزال يحق لمثله خلع العذار قضيب مائس من فوق دعص تعمم بالدجى فوق النهار ولاح بخده ألف ولام فصار معرفًا بين الدراري رماني قاسم والسين صاد بأشفار تنوب عن الشفار وقد قسمت محاسن وجنتيه على صدين من ماء ونار فمالي عن مذاهبه ذهاب وهذا فيه أشعاري شعار وقال العلامة ابن رشيد في ملئ العببة لما قدمنا المدينة سنة 684 للهجرة كان معي رفيقي الوزير أبو عبد الله بن أبي القاسم الحكيم وكان أرمد فلما دخلنا ذا الحليفة أو نحوها نزلنا عن الأكوار وقوي الشوق لقرب المزار فنزل وبادر إلى المشي على قدميه احتسابًا لتلك الآثار وإعظامًا لمن حل في تلك الديار فأحس بالشفاء فأنشد لنفسه في وصف الحال قوله‏:‏ ولما رأينا من ربوع حبيبنا بيثرب أعلامًا أثرن لنا الحبا وبالترب مها إذ كحلنا جفوننا شفينا فلا بأسًا نخاف ولا كربا وحين تبدى للعيون جمالها ومن بعدها عنا أديلت لنا قربا نزلنا من الأكوار نمشي كرامة لمن حل فيها أن نلم به ركبا نسح سجال الدمع في عرصاتها ونلثم من حب لواطئه التربا وإن بقائي دونه لخسارة ولو أن كفي تملأ الشرق والغربا فيا عجبًا ممن يحب بزعمه يقيم مع الدعوى ويستعمل الكتبا وزلات مثلي لا تعد كثيرة وبعدي عن المختار أعظمها ذنبا يصون بالعقل الفتى نفسه كما يصون الحر أسراره لا سيما إن كان في غربة يحتاج أن يعرف مقداره وقوله رحمه الله‏:‏ إني لأعسر أحيانًا فيلحقني يسر من الله أن العسر قد زالا يقول خير الورى في سنة ثبتت أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا وهو من أحسن ما قاله رحمه الله‏.‏
ومن شعره قوله‏:‏ فقدت حياتي بالفراق ومن غدا بحال نوى عمن يحب فقد فقد ومن أجل بعدي من ديار ألفتها جحيم فؤادي قد تلظى وقد وقد وحكى أن ذا الوزارتين المترجم لما اجتمع مع الفقيه الكاتب ابن أبي مدين‏.‏
أنشده ابن أبي مدين‏:‏ عشقتكمو بالسمع نبل لقاكم وسمع الفتى يهوي لعمر كطرفه وحببني ذكر الجليس إليكمو فلما التقينا كنتم فوق وصفه فأنشده ذو الوزارتين ابن الحكيم قوله‏:‏ حتى رأى بصرى فوق الذي سمعت أذنى فوفق بين السمع والبصر ومن نظمه مما يكتب على قوس‏:‏ أنا عدة للدين في يد من غدا لله منتصرًا على أعدائه أحكي الهلال وأسهمي في رجمها لمن اعتدى تحكي رجوم سمائه قد جاء في القرآن أني عدة إذ نص خير الخلق محكم آياته وإذا العدو أصابه سهمي فقد سبق القضاء بهلكه وفنائه ومن توقيعه ما نقلته من خط ولده أبي بكر في كتابه المسمى بالموارد المستعذية وكان بمدينة وادي آش الفقيه الكذا أبو عبد الله محمد بن غالب الطريفي فكتب يومًا إلى الشيخ خاصة والدي وخلاصته أبي جعفر ابن داود قصيدة طويلة على روى السين يشتكي فيها من جور مشرف بلدهم إذ ذاك أبي القاسم بن حسان منها‏:‏ فيا صفى أبي العباس كيف ترى وأنت كيس من فيها من أكياس ولوه إن كان ممن ترتضون به فقد دنا الفتح للأشراف في فاس ومنها يستطر ذكر ذي الوزارتين رحمه الله‏:‏ للشرق فضل منه أشرقت شهب من نورهم اقبسونا كل مقباس إن أفرطت بابن حسان غواثله فالأمر يكسوه ثوب الذل والياس وإن تزل به في جوره قدم كان الجزاء له ضربًا على الراس فقد أقامني المولى بنعمته لبث أحكامه بالعدل في الناس كتابته وهي مرتفعة عن نمط شعره‏.‏
فمن ذلك رسالة كتبها عن سلطانه في فتح مدينة قيجاطة‏:‏ من الأمير فلان أيده الله ونصره ووفقه لما يحب حتى يكون ممن قام بفرض الجهاد ونشره‏.‏
إلى ابننا الذي تمنحه الحب والرضى ونسأل الله أن يهبه الخلال التي تستحسن والشيم التي ترتضى الولد الأنجب الأرضى الأنجد الأرشد الأسعد محمد والى الله تعالى إسعاده وتولى بالتوفيق والإرشاد سداده وأطلع عليه من أنباء الفتوح المبشرة بالنصر الممنوح ما يكمل من بغيته في نصر دين الإسلام ويسني مراده‏.‏
أما بعد حمد الله الذي جعل الجهاد في سبيله أفضل الأعمال الذي يقربه إلى رضاه وندب إليه بما وعد من الثواب عليه فقال يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال تنبيهًا على محل الثقة بأن الفئة القليلة من أوليائه تغلب الفئة الكثيرة من أعدائه وتدارك دين الإسلام بإنجاز وعده في قوله ولينصرن الله من ينصره على رغم أنف من ظن أنه خاذله تعالى الله عن خذلان جنده‏.‏
والصلاة والسلام على نبيه ورسوله ومجتباه لهداية الخلق لسلوك سبيل الحق والعمل بمقتضاه‏.‏
قال تعالى فيما أنزل‏:‏ ‏"‏ قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ‏"‏ تحريضًا على أن يمحوا ظلام ضلالهم بنور هداه‏.‏
صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأبرار وأصحابه الأشداء على الكفار الذين جردوا في نصرة دينه صوارم العزم وأمضوا ظباه وفتحوا ما زوى له من مشارق الأرض ومغاربها حتى عم الإسلام حد المعمور ومنتهاه‏.‏
فإنا كتبنا لكم‏.‏
كتب الله لكم من سماع البشائر ما يعود بتحويل الأحوال وأطلع عليكم من أنباء الفتوح ما يلوح بآفاق الآمال مبشرا باليمن والإقبال‏.‏
من قيجاطة وبركان ثقتنا بالله وحده تظهر لنا ورد مشرع الفتح فترج عذب نطافه والحمد لله الذي هدانا لأن نتقلد نجادها ونمتطي جوادها ونستوري زنادها ونستفتح بها مغالق المآرب ولطائف المطالب حتى دخلت الملة الحنيفية في هذه الجزيرة الأندلسية أغوارها وأنجادها‏.‏
وقد تقرر عند الخاص والعام من أهل الإسلام واشتهر في جميع الأقطار اشتهار الصبح في سواد الظلام أنا ما قصرنا في الاستنصار والاستنفار ولا قصرنا عن الاعتضاد لكل من أملنا معونته والاستظهار ولا اكتفينا بمطولات الرسائل وبنات الأفكار حتى اقتحمنا بنفوسنا لجج البحار وسمحنا بالطارف من أموالنا والتلاد وأعطينا رجاء نصرة الإسلام موفور الأموال والبلاد واشترينا بما أنعم الله به علينا ما فرض الله على كافة أهل الإسلام من الجهاد فلم يكن بين تلبية المدعو وزهده وبين قبوله ورده إلا كما يحسو الطائر ماء الثماد ويأبى الله أن يكل نصر هذه الجزيرة إلى سواه وأن يجعل فيها سببًا إلا لمن أخلص لوجهه الكريم علانيته ونجواه‏.‏
ولما أسلم الإسلام بهذه الجزيرة الغريبة إلى مثاويه وبقي المسلمون يتوقعون حادثًا ساءت ظنونهم لمباديه ألقينا إلى الثقة بالله تعالى وحده يد الاستسلام وشمرنا عن ساعد الجد والاجتهاد في جهاد عبدة الأصنام وأخذنا بمقتضى قوله العالى وأنفقوا في سبيل الله أخذ الاعتزام فأمدنا الله تعالى بتوالي البشائر ونصرنا بألطاف أغنى فيها خلوص الضمائر عن قواد العساكر ونقلنا على أيدي قوادنا ورجالنا من السبايا والغنائم ما عد ذكره في الآفاق كالمثل السائر وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها وكيف يحصيها المحصي أو يحصرها الحاصر‏.‏
وحين أبدت لنا العناية الربانية وجوه الفتوح سافرة المحيا‏.‏
وانتشقنا نسيم النصر الممنوح عبق الريا استخرنا الله تعالى في الغزو بأنفسنا ونعم المستخار وكتبنا إلى من قرب من عمالنا بالحض على الجهاد والاستنفار‏.‏
وحين وافى من خف للجهاد من الأجناد والمطجوعين وغدوا بحكم رغبتهم في الثواب على طاعة الله مجتميعن خرجنا بهم ونصر الله تعالى أهدى دليل وعناية الله بهذه الفئة المفردة من المسلمين تقضي بتقريب البعيد من آمالنا وتكثير القليل‏.‏
ونحن نسأل الله تعالى أن يحملنا على جادة الرضا والقبول وأن يرشدنا إلى طريق يفضي إلى بلوغ الأمنية والمأمول إلى أن حللنا عشية يوم الأحد ثاني يوم خروجنا بمقربة حصن اللقوة فأدرنا به‏.‏
التدبير واستشرنا من أوليائنا من تحققنا نصحه فيما يشير فاقتضى الرأي المقترن بالرشاد المؤذن بالإسعاد قصد قيجاطة لما رجى من تيسير فتحها وأملا في إضاءة فجر الأماني لديها وبيان صبحها فسرنا نوها في جيش يجر على المجرة ذيل النقع المثار ويضيق عن كثرته واسع الأقطار ويقر عين الإسلام بما اشتمل عليه من الحماة والأنصار تطير بهم نياتهم بأجنحة العزم إلى قبض أرواح الكفار‏.‏
فلما وصلنا إلى وادي يانه على مقربة منها نزلنا به نريح الجياد ونكمل التأهب للقتال الاستعداد وبات المسلمون ليلتهم يسألون الله تعالى بأن يمنحهم الإعانة بتأييده والإمداد‏.‏
وحين فجر الفجر وأنار النهار وقدحتن به الأصباح زند الأنوار ركبنا إليها والعساكر قد انتظمت عقودها والسيوف قد كادت تلفظها غمودها وبصاير الأولياء المجاهدين قد لاح من نصر الله تعالى معهودها‏.‏
فلما وصلناها وجدنا ناسنا قد سبقوا إليها بالبوس وهتكوا ستر عصمتها المحروس وأذن لها بزوال النعم وذهاب النفوس فعاجلها الأولياء بالقتال وأهدوا إليها حمر المنايا من زرق النصال ورشقوا جنودها بالنبال وجدوا بنات الآجال فلما رأوا ما لا طاقة لهم به لاذوا بالفرار من الأسوار وولوا الأدبار وودعوا الديار وما فيها من الآثار‏.‏
وتسنم المسلمون ذروة البلد الأول فملكوه وخرقوا حجاب الستر المسدول عليه وهتكوه وتسرعوا إلى البلد الثاني وقد ملأ النصارى أسواره من حماة رجالهم وانتقوهم من متخيري أبطالهم ممن وثقوا بإقدامه في حماية ضلالهم فحمل عليهم المسلمون حملة عرفوهم بها كيف يكون اللقاء وصرفوهم إلى ما تنصرف إليه أرواحهم من الشقاء وأظهروا لهم من صدق العزايم ما علموا به أن لدين الإسلام أنصارًا لا يرغبون بأنفسهم عن الذب عنه وحماية راياته ولا يصدرون إلا إلى طاعة الله ابتغاء مرضاته‏.‏
وبادر جماعة إلى إضرام باب المدينة بالنيران وعقدوا تحت سماء العجاج منها سماء الدخان ورموا النصارى من النبال بشهب تتبع منهم كل شيطان‏.‏
فهزم الله النصارى وولوا أدبارهم وقذف الله في قلوبهم الرعب فأخلوا بروجهم وأسوارهم وتسنمها المسلمون معلنين شعار الإسلام رافعين من الرايات الحمر كواكب في سماء السعادة تبشر بتيسير كل مرام‏.‏
ودخلوا المدينة فألفوا بها من القوت والعتاد والمتاع الفاخر الذي يربو على العتداد ما ملأ كل يمين وشمال وظهروا عليها بعد بلوغ الأماني على الكمال وقتلوا بها من الحماة أعداء أبدوا في حماية ضلالهم ماضي الغنا والاعتزام وأعملوا فيهم ماضي العوامل وشبا الإضرام‏.‏
وارتفع الصارى إلى القصبة لائذين بامتناعها معتصمين بعلوها وارتفاعها متخليلين لضلالهم وعدم استبصارهم أن نور الهدى لا يحل بديارهم‏.‏
فرأينا أن نرقى الرجال إلى أبراج البلد وأسواره وأمرناهم أن يبيتوا طول ليلتهم مضيقين على من اعتصم بالقصبة في حصاره وعمدنا بالعسكر المظفر إلى موضع استيطانه من المحلة المنصورة واستقراره‏.‏
فلما بدا ضوء الصباح بنور الإشراق ولاح وجه الغزالة طارحًا شعاعه على الآفاق أمرنا بترتيب العساكر على القصبة للحصار وعينا لكل جماعة مهنهم جهة يبادرون إلى منازلتها بالقتال أشد البدار فانتهى المسلمون من ذلك إلى غاية لم تخطر للكافرين ببال وجرعوهم كؤوس المنايا وأداروا بها بنات الحنايا فأفضت السجال وأظهر الكفار مع وقوعهم في بحر الموت صبرا وطمعوا أن يقيموا بذلك لصلباتهم عذرا‏.‏
فلما رأوا من عزمنا ما لم تتخيله ظنونهم وأوهامهم وصابرهم المسلمون عند النزال مصابرة عظم فيها إقدامهم وثبتت أقدامهم ألقوا بأيديهم إلى التهلكة إلقاء من هاله لمعان الأسنة واهتزاز ردينيات القنا ولاذوا بطلب الأمان لياذ الغريق بالساحل بعد ما أشرف على الفناء وهبط زعيمهم مقتحمًا خطر تلك المسالك متضرعًا تضرع من طمع في الحياة بعد ما أخذته أيدي المهالك وشرط أن يملكنا القصبة‏.‏
ويبقى خديمًا لنا بما بيده من البلاد الكثيرة والكتيبة المتخبة فلم نظهر له عند ذلك قبولًا ولم نجعل له إلى تكميل ما رغب فيه سبلا فقاده البأس الشديد إلى الإذعان ورغب أن يكمل ما نريده على شرط الأمان‏.‏
فأسعفنا رغبته على شروط بعد عهد المسلمين بمثلها وهيئت الأسباب بما نعتمده من الثقة بالله وحده في أمورنا كلها وذلك على كذا وكذا‏.‏
وحين كملت الشروط حق التكميل وظهرت لنا منه إمارات الوفاء الجميل دخلنا القصبة حماها الله وقد أغنى يوم النصر عن شهر السلاح كما أغنى ضوء الصبح عن نور المصباح ورفعت على أبراجها حمر الأعلام ناطقة عن الإسلام بالتعريف والإعلام‏.‏
وفي الحين وجهنا من يقبض تلك الحصون ويزيل ما بها من جرم الكفر المأفون أمناء ردالنا‏.‏
فالحمد لله على هذه النعمة التي أحدثت للقلوب استبشارًا وخفضت علم التثليث ورفعت للتوحيد منارًا وأظهرت للملة الحنيفية على أعدائها اعتلاء واستكبارًا‏.‏
وهذا القدر من الفتح وإن كان سامي الفخر باقي الذكر بقائ الدهر فإننا لنرجو من الله أن يتبعه بما هو أعلى منه متانة وأعظم في قلوب أهل إيمان موقعًا وأعز مكانة وأن يرغم بما يظهر على أيدينا من عز الإسلام أنف من أظهر له عنادًا وخذلانا‏.‏
فاستبشروا بهذا الفتح العظيم وبشروا واشكروا الله عليه فواجب أن تشكروا‏.‏
وقد كتبنا هذا ونحن على عزمنا في غزو بلاد الكفار والسعي الحميد إلى التنكيل بهم والإضرار والمسلمون أعزهم الله في أرضهم يشنون المغار ويمتلكون الأنجاد منها والأغوار ويكثرون القتل والإسار ويحمون أينما نزلوا السيف والنار والسلام‏.‏
ومن نثر آخر إجازة ما صورته‏:‏ وها أنا أجري منه على حسن معتقده وأكله في هذا الغرض إلى ما رآه بمقتضى تودده وأجيز له ولولديه أقر الله بهما عينه وجمع بينهما وبينه رواية جميع ما نقلته وحملته وحسن اطلاعه يفصل من ذلك ما أجملته فقد أطلقت لهم الإذن في جميعه وأبحت لهم الحمل عني ولهم الاختيار في تنويعه‏.‏
والله سبحانه وتعالى يخلص أعمالنا لذاته و يجعلها في ابتغاء مرضاته‏.‏
قال هذا محمد بن عبد الرحمن بن الحكيم حامدًا لله عز وجل ومصليًا ومسلمًا‏.‏
وفاته قتل حمه الله صبيحة عيد الفطر من عام ثمانية وسبعمائة وذلك لتاريخ خلع سلطانه‏.‏
واستولت يد الغوغاء على منازله شغلهم بها مدبر الفتنة خيفة من أن يعاجلوه قبل تمام أمره‏.‏
فضاع بها مال لا يكتب وعروض لا يعلم لها قيمة من الكتب والذخيرة والفرش والآنية والسلاح والمتاع والخرثي وأخفرت ذمته وتعدى به عدوة القتل إلى المثلة وقانا الله مصارع السوء فطييف بشلوه وانتهب فضاع ولم يقبر وجرت فيه شناعة كبيرة رحمه الله تعالى‏.‏
مولده برندة ظهر يوم الاثنين الحادي والعشرين من ربيع الأول المبارك من عام ستين وستمائة‏.‏
وممن رثاه شيخنا أبو بكر بي شبرين رحمه الله تعالى بقوله‏:‏ ومما شجاني أن أهين مكانها وأهمل قدر ما عهدناه مهملا ألا أصنع بها يا دهر ما أنت صانع فما كنت إلا عبدها المتذللا سفكت وما كان الرقوء نواله لقد جئتها شنعاء فاضحة الملا يكفي سبنتي أزرق العين مطرق عدا فغدا في غيه متوغلا لنعم قتيل القوم في يوم عيده قتيل تبكيه المكارم والعلا إلا إن يوم ابن الحكيم لمثكل فؤادي فما ينفك ما عشت مثكلا فقدناه في يوم أغر محجل ففي الحشر نلقاه أغر محجلا سمت نحوه الأيام وهو عميدها فلم تشكر النعمى ولم تحفظ الولا وخانته رجل في الطواف به سعت فناء بصدر للعلوم تحملا وجدل لم يحضره في الحي ناصر فمن مبلغ الأحياء أن مهلهلا يد الله في ذاك الأديم ممزقا تبارك ما هبت جنوبًا وشمألا ومن حزني أن لست أعرف ملحدًا له فأرى للترب منه مقبلا رويدك يا من قد غدا شامتًا به فبالأمس ما كان العماد المؤملا وكنا نغادي أو نراوح بابه وقد ظل في أوج العلا متوقلا وما زج منه الحزن طول اعتبارنا ولم ندر ماذا منهما كان أطولا وهاج لنا شجوًا تذكر مجلس له كان يهدي الحي والملأ الألى به كانت الدنيا تؤخر مدبرًا من الناس حتمًا أو تقدم مقبلا لتبك عيون الباكيات على فتى كريم إذا ما أسبغ العرف أجزلا على خادم الآثار تتلى صحائحا على حامل القرآن يتلى مفصلا على عضد الملك الذي قد تضوعت مكارمه في الأرض مشكًا ومندلا على قاسم الأموال فينا على الذي وضعنا لديه كل إصر على علا وأني لنا من بعده متعلل وما كان في حاجاتنا متعللا ألا يا قصير العمر يا كامل العلا يمينًا لقد غادرت حزنًا مؤثلا بسوء المصلى أن هلكت ولم تقم عليك صلاة فيه يشهدها الملا وذاك لأن الأمر فيه شهادة وسنتها محفوظة لن تبدلا فيا أيها الميت الكريم الذي قضى سعيدًا حميدًا فاضلًا ومفضلا لتنهل من رب السماء شهادة تلاقي ببشرى وجهك المتهللا رثيتك عن حب ثوى في جوانحي فما ودع القلب العميد وما قلا تناساك حتى ما تمر بباله ولم يدكر ذاك الندى والتفضلا يرابض في مثواك كل عشية صفيف شواء أو قديدًا معجلا لحي الله من ينسى الأذمة رافضًا ويذهل مهما أصبح الأمر مشكلا حمانيك يا بدر الهدى فلشد ما تركت بدور الأفق بعد أفلا وكنت لآمالي حياة هنيئة فغادرت مني اليوم قلبًا مقتلا فلا وأبيك الخير ما أنا بالذي على البعد يئس من ذمامك ما خلا فأنت الذي آويتني متغربًا وأنت الذي أكرمتني متطفلا فإن لم أنل منك الذي كنت آملًا فما كنت إلا المحسن المتفضلا فآليت لا ينفك قلبي مكممدًا عليك ولا ينفك دمعي مسبلا العقيلي الجراوي محمد بن عبد الرحمن العقيلي الجراوي من أهل وادي آش وسكن غرناطة‏.‏
العقيلي الجراوي محمد بن عبد الرحمن العقيلي الجراوي من أهل وادي آش وسكن غرناطة‏.‏
حاله فقيه أديب متطبب متقن في علوم جمة شاعر مطبوع يكنى أبا بكر‏.‏
محمد بن عبد الرحمن المتأهل من أهل وادي آش يعرف بعمامتي حاله من التاج‏:‏ ناظم أبيات وموضح غرر وشيات وصاحب توقيعات رفيعات وإشارات ذوات شارات وكان شاعرًا مكثارًا وجوادًا لا يخاف عثارًا‏.‏
أدخل على أمير بلده المخلوع عن ملكه بعد انتثار سلكه وخروج الحضرة عن ملكه واستقراره بوادي آش مروع البال معللا بالآمال وقد بلغه دخول طبرنش في طاعته فأنشده من ساعته‏:‏ خذها إليك طبرنشا شفع بها وادي الأشا والأم تتبع بنتها والله يفعل ما يشا ومن نوادره العذبة يطلب خطة الحسبة‏:‏ أنلني يا خير البرية خطة ترفعني قدرًا وتكسبني عزًا فأعتز في أهلي كما اعتز بيدق على سفرة الشطرنج لما انثنى فرزًا فوقع الأمر بظهر رقعته ما ثبت في حرف النون عند ذكره والاحتجاج بفضله‏.‏
كان حيًا بعد سنة سبع عشرة وسبعمائة‏.‏
وفد على الحضرة مرات كثيرة‏.‏
ابن طفيل القيسي محمد بن عبد الملك بن محمد بن محمد بن طفيل القيسي من أهل وادي آش يكنى أبا بكر‏.‏
حاله كان عالمًا صدرًا حكيمًا فيلسوفًا عارفًا بالمقالات والآراء كلفًا بالحكمة المشرقية محققًا متصوفًا طبيبًا ماهرًا فقيهًا بارع الأدب ناظمًا ناثرًا مشاركًا في جملة من الفنون‏.‏
مشيخته روى عن أبي محمد الرشاطي وعبدالحق بن عطية وغيرهما‏.‏
حظوته ودخوله غرناطة اختص بالريس أبي جعفر وأبي الحسن نب ملحان‏.‏
قال ابن الأبار في تحفته وكتب لوالي غرناطة وقتًا‏.‏
تواليفه رسالة حي بن يقظان والأرجوزة الطبية المجهولة وغير ذلك‏.‏
قال وهو القايل من قصيدة في فتح قفصة سنة ست وتسعين وأنقذت إلى البلاد‏:‏ ولما انقضى الفتح الذي كان يرتجى وأصبح حزب الله أغلب غالب وانجزنا وعد من الله صادق كفيل بإبطال الظنون الكواذب وساعدنا التوفيق حتى بينت مقاصدنا مشروحة بالعواقب وأذعن من عليا هلال بن عامر أبي ولبي الأمر كل مجانب وهبوا إذا هب النسيم كما سرى ولم يتركوا بالشرق علقة آيب يغص بهم عرض الفلا وهو واسع وقد زاحموا الآفاق من كل جانب كأن بسيط الأرض حلقة خاتم بهم وخضم البحر بعض المذانب ومد على حكم الصغار لسلمنا يديه عظيم الروم في حال راغب يصرح بالرويا وبين ضلوعه نفس مذعور ونفرة راهب وعي من لسان الحال أفصح خطبة ما وضحت عنه فصاح القواضب وأبصر متن الأرض كفة حامل عليه وإصراه في كف حالب أشرنا بأعناق الجياد إليكم وعدبًا عليكم من صدور الركايب إلى بقعة قد بين الله فضلها بمن حل فيها من ولي وصاحب وله أيضًا‏:‏ ألمت وقد نام الرقيب وهوما وأسرت الوادي العقيق من الحما وراح إلى نجد فرحت منجدا ومرت بنعمان فأضحى منعما وجرت على ترب المخصب ذيلها فما زال ذاك الترب نهبًا مقسما تناقله أيدي التجار لطيمة ويحمله الدارين أيان يمما ولما رأت أن لا ظلام يجنها وأن سراها فيه لن يتكتما سرت عذبات الربط عن حر وجهها فأبدت شعاعًا يرفع اليوم مظلما فكان تجليها حجاب جمالها كشمس الضحى يعشى بها الطرف كلما ولما رأت زهر الكواكب أنها هي النير الأسمى وإن كان باسما بكت أسفًا أن لم تغز بجوارها وأسعدها صوب الغمام فأسجما فجلت يمج القطر ريان بردها فتنفضه كالدر فذًا وتوأما يضم علينا الماء فضل زكاتها كمل بل سقط الطل نورًا مكممًا ويفتق نضح الغيث طيب عرفها نسيم الصبا بين العرار منسما وجلت عن ثناياها وأومض برقها فلم أدر من شق الدجنة منهما ونظم سمطى ثغرها ووشاحها فأبصرت در الثغر أحلى وأنظما ونظم سمطى ثغرها ووشاحها فأبصرت در الثغر أحلى وأنظما تقول وقد ألممت أطراف كمها يدي وقد أنعلت أخمثها الغما نشدتك لا يذهب بك الشوق مذهبًا يسهل صعبًا أو يرخص مأثما فأقصرت لا مستغنيًا عن نوالها ولكن رأيت الصبر أوفى وأكرما وقال‏:‏ أتذكر إذ مسحت بفيك عيني وقد حل البكا فيها عقوده ذكرت بأن ريقك ماء ورد فقابلت الحرارة بالبرودة وقال‏:‏ سألت من المليحة برء دايي برشف برودها العذب المزاج فما زالت تقبل في جفوني وتبهرني بأصناف الحجاج وقالت إن طرفك أصلًا لدايك فليقدم في العلاج


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:37 AM

توفي بمراكش سنة إحدى وثمانين وخمسماية وحضر السلطان جنازته‏.‏
روى عن أبي عبد الله بن حميد وابن أبي القاسم السهيلي وابن حبيش وروى عنه بنوه أبو جعفر وأبو القاسم وعبد الرحمن وأبو جعفر ابن عثمان وأبو القاسم البلوي‏.‏
تواليفه له اختصار حسن في إصلاح المنطق ورسايل مشهورة تناقلها الناس وشعره يحسن في بعضه‏.‏
جاهه حدث الشيخ أبو القاسم البلوي قال كنت أخف إليه وأشفع عنده في كبار المسايل فيسرع في قضايها‏.‏
ولقد عرضت لبعض أصحابي من أهل بلاد الأندلس حاجة مهمة كبيرة وجب علي السعي فيها ورحوته من جميل أثره في تيسير أمرها وكان قد أصابه حينئذ التياث لزم من أجله داره ودخلت عليه عايدًا فأطال السؤال عن حالي وتبسط معي في الكلام مبالغة في تأنيس فأجلت ذكر الحاجة ورغبت منه في الشفاعة عند السلطان في شأنها وكان مضطجعًا فاستوى جالسًا وقال لي جهل الناس قدري وكررها ثلاثًا في مثل هذا أشفع إلى أمير المؤمنين هات الدواة والقرطاس فناولته إياهما فكتب برغبتي ورفعه إلى السلطان فصرف في الحين معلمًا فاستدعاني ودفعه إلي وقال يا أبا القاسم لا أرضى منك أن تحجم عني في التماس قضاء حاجة تعرضت لك خاصة وإن كانت لأحد من معارفك عامة كبرت أو صغرت فألتزم قضاءها وعلى الوفا فإن لكل مكتسب زكاة وزكاة الجاه بذله‏.‏
وحدثني شيخي أبو الحسن بن الجياب عمن حدثه من أشياخه قال عرض أبو عبد الله بن عياش والكاتب ابن القالمي على المنصور كتابين وهو في بعض الغزوات في كسلب البرد وبين يديه كانون جمر‏.‏
وكان ابن عياش بارع الخط وابن القالمي ركيكه ويفضله في البلاغة أو بالعكس الشك مني‏.‏
وقال المنصور أي كتب لو كان بهذا الخط وأي خط لو كان بهذا الكتب فرضي ابن القالمي وسخط ابن عياش‏.‏
فانتزع الكتاب من يد المنصور وطرحه في النار وانصرف‏.‏
قال فتغير وجه المنصور وابتدر أحد الأشياخ فقال يا أمير المؤمنين طعنتم له في الوسيلة التي عرفته ببابكم فعظمت غيرته لمعرفته بقدر السبب الموصل إليكم‏.‏
فسرى عن المنصور وقال لأجد خدامه إذهب إلى السبي فاختر أجمل نساء الأبكار وأت بابن عياش فقل له هذه تطفي من خلقك‏.‏
قال ابن عياش يخاطب ولده وقد حدث الحديث‏:‏ هي أمك يا محمد أو فلان‏.‏
ومحاورته الدالة على جلالة قدره قال ابن خميس حدثني خالي أبو عبد الله ابن عسكر أن الكاتب أبا عبد الله بن عياش كتب يومًا كتابًا ليهودي فكتب فيه ويحمل على البر والكرامة‏.‏
فقال له المصور من أين لك أن تقول في كافر ويحمل على ابر والكرامة‏.‏
فقال له المنصور من أين لك أن تقول في كافر ويحمل على البر والكرامة‏.‏
فقال ففكرت ساعة وقد علمت أن الاعتراض يلزمني فقلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه ‏"‏ وهذا عام في الكافر وغيره‏.‏
فقال نعم هذه الكرامة فالمبرة أين أخذتها قال فسكت ولم أجد جوابًا قال فقرأ المنصور أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ‏"‏ لا ينهاكم الله عن الدين لم يقاتلونكم في الدين ولم يخرجوحكم من ديارهم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ‏"‏‏.‏
قال فشهدت بذلك وشكرته‏.‏
شعره من شعره‏:‏ بلنسية بيني عن العلياء سلوة فإنك روض لا أحن لزهرك وكيف يجب المرء دارًا تقسمت على صارمي جذع وفتنة مشرك وذكره الأديب أبو بحر صفوان بن إدريس في زاد المسافر عند اسم ابن عياش قال اجتمعنا في ليلة بمراكش فقال أبو عبد الله ابن عياش‏:‏ أشفارها أم صارم الحجاج وجفونها أم فتنة الحلاج فإذا نظرت لأرضها وسمائها لم تلف غير أسنة وزجاج وقال في المصحف الإمام المنسوب إلى عثمان بن عفان لما أمر المنصور بتحليته بنفيس الدر من قصيده‏:‏ ونقلت من كل ملك ذخيرة كأنهم كانوا برسم مكاسبه فإن ورث الأملاك شرقًا ومغربًا فكم قد أخلوا جاهلين بواجبه وألبسته الدر والياقوت حلية وغيرك قد رواه من دم صاحبه كتابته قال ابن سعيد في المرقصات والمطربات أبو عبد الله بن عياش كاتب الناصر وغيره من بني عبد المؤمن وواسطة عقد ترسيله قوله في رسالة كتبها في نزول الناصر على المهدية بحرًا وبرًا واسترجاعها من أيدي الملثمين‏:‏ ولما حللنا عرى السفر بأن حللنا حمى المهدية تفاءلنا بأن تكون لمن حل بساحتها هدية فأحدقنا بها إحداق الهدب بالعين وأطرنا لمختلس وصالها غربان البين فبانت بليلة باسنية وصابح يومًا صافحته فيه يد المنية‏.‏
ولما اجتلينا منها عروسًا قد مد بين يديها بساط الماء وتوجهت بالهلال وقرطته بالثريا ووشجت بنجوم السماء والسحب تسحب عليها أردانها فترتديها تارة متلثمة وطورًا سافرة وكأنما شرفاتها المشرفة أنامل مخضبة بالدياجي مختتمة بالكواكب الزاهرة تضحي عن شنب لا تزال تقبله أفواه المجانيق وتمسي باسمة عن لعس لا تبرح ترشفه شفاه سهام الحريق خطبناها فأرادت التنبيه على قدرها والتوفير في إعلاء مهرها ومن خطب الحسناء لم يغله المهر فتمنعت تمنع المقصورات في الخيام وأطالت إعمال العامل في خدمتها وتجريد الحسام إلى أن تحققت عظم موقعها في النفوس ورأت كثرة ما ألقى لها من نثار الرؤوس جنحت إلى الإحصان بعد النشوز ورأت اللجاج في الامتناع من قبول الإحسان لا يجوز فأمكنت زمامها من يد خاطبها فبانت معرسًا حيث لا حجال إلا من البنود ولا خلوق إلا من دماء أبطال الجنود فأصبح وقد تلألأت بهذه البشاير وجوه الأفكار وطارت بمسارها سوايح البراري وسوانح البحار‏.‏
فالحمد لله الذي أقر الحق في نصابه واسترجعه من أيدي غصابه حمدًا يجمع شمل النعم ويلقحها كما تلقح الرياح الديم فشنفوا الأسماع بهذه البشاير واملئوا الصدور بما يرويه لكم من أحاديثها كل وارد وصادر فهو الفتح الذي تفتحت له أبواب السماء وعم الخير واليمن به بسيطي الشرق والماء فشكر الله عليه فرض في كل قطر من أقطار الأرض‏.‏
دخل غرناطة مرتادًا ومتعلمًا ومجتازًا‏.‏
مولده‏:‏ ببرشانة بلده عام خمسين وخمس ماية‏.‏
وفاته‏:‏ توفي بمراكش في شهر رجب الفرد من عام ثمانية عشرة وستماية رحمه الله‏.‏
ابن محمد الهمداني محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد الهمداني من أهل وادي آش يكنى أبا القاسم ويعرف بابن البراق‏.‏
حاله قال ابن عبد الملك كان محدثًا حافظًا راوية مكثرا ثقة ضابطًا شهر بحفظ كتب كثيرة من الحديث وغيره ذا نظر صالح في الطلب أديبًا بارعًا كاتبًا بليغًا مكثرًا لجيده سريع البديهة في النظم والنثر والأدب أغلب عليه‏.‏
قال أبو القاسم بن المواعيني ما رأيت في عباد الله أسرع ارتجالًا منه‏.‏
مشيخته روى عن أبي بحر يوسف بن أحمد بن أبي عيشون وأبي بكر بن زرقون وابن قيد وابن إبراهيم بن المل وابن النعمة وصحبه ولقيه بمراكش ووليد بن موفق وأبي عبد الله بن يوسف بن سعادة ولازمه أزيد من ست سنين وأكثر عنه وابن العمرسي وأبي العباس بن إدريس والخروبي وتلا عليه بالسبع وأكثر عنه وعرض عليه من حفظه كثيرًا وابن مضاء وأبي علي بن عرب وأبي القاسم بن حبيش وابن عبد الجبار وأبي محمد بن سهل الضرير وعاشر وقاسم بن دحمان وأبي يوسف بن طلحة‏.‏
وأجاز له أبو بكر بن العربي وابن خير وابن مندلة‏.‏
وابن تمارة وأبو الحسن شريح وابن هذيل ويونس بن مغيث وأبو الجليل مفرج ين سلمة وأبو عبد الله حفيد مكي وأبو عبد الرحمن بن مساعد وأبو عامر محمد بن أحمد السالمي أبو القاسم بن بشكوال وأبو محمد بن عبيد الله وأبو مروان البياض وابن قزمان وأبو الوليد بن حجاج‏.‏
من روى عنه روى عنه ابنه أبو القاسم وأبو الحسن بن محمد بن بقي الغساني وأبو عبد الله محمد بن يحيى السكري وأبو العباس النباتي وأبو عمرو بن عياد وهو أسن منه وأبو الكرم جودى‏.‏
تواليفه صنف في الأدب مصنفات منها بهجة الأفكار وفرصة التذكار في مختار الأشعار ومباشرة ليلة السفح ومقاله في الإخوان خرجها من شواهد الحكم ومصنف في أخبار معاوية والدر المنظم في الإحسار المعظم ومجموع في الألغاز ورضة الحدائق في تأليف الكلام الرائق مجموع نظمه ونثره وملقي السبل في فضل رمضان وقصيدته في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وخطرات الواجد في رثاء الواحد ورجوم الإنذار بهجوم العذار إلى غير ذلك‏.‏
محنته غربه الأمير ابن سعد من وطنه وألزمه سكنى مرسية ثم بلنسية‏.‏
ولما مات ابن سعد آخر يوم من رجب سبع وستين وخمس ماية عاد إلى وطنه واستقر به يفيده الدية إلى آخر عمره‏.‏
شعره وشعره كثير‏.‏
فمن ذلك القصيدة الشهيرة في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر صحابته‏:‏ بالهضب هضب زرود أو تلعاتها ساقتك هاتفة على نغماتها مصدورة تفتن في جيعهافيبين نفث السحر في نفثاتها إن راغها راد الضحى أو راعها جنح الدجا سيان في ذكراتها هذا يمتعها وذاك يشوقها والموت في يقظاتها وسناتها ولولا التعلل بالكرى ينتابها نضحت فزور الطيف برح شكاتها ولئن نصقت لها به فتقول من يلقى الرياح بملتقى هباتها مطلولة الفرعين يلحفها الربى كتفًا ويلثمها المنى زهراتها وتسيغها ماء النخيلة جرعة لغياضها من مجتني نجلاتها منها‏:‏ يا من تبلج نوره عن صادع بالواضحات الغر من آياتها يا شارعًا في أمة جعلت به وسطًا فغالت مستدام حياتها في دار خلد لا يشيب وليدها حيث الشباب يرف في وجناتها يا مصطفاها مرفع قدرها بأكنفها يا منتهى علياتها يا منتقاها من راومة هاشم يا هاشم الصلبان في نزواتها يا خاضدًا للشرك شوكة حزبه يا يا فعًا للعرب في جمراتها قلت نقل الشيخ أزيد من ذلك أو ضعفه أو نحوه‏.‏
إلى أن قال وهي طويلة قلت وثقيلة الروح‏.‏
ولقد صدق في قوله‏.‏
ومن شعره‏:‏ وتسيغها ماء النخيلة جرعة لغياضها من مجتني نجلاتها منها‏:‏ يا من تبلج نوره عن صادع بالواضحات الغر من آياتها يا شارعًا في أمة جعلت به وسطًا فغالت مستدام حياتها في دار خلد لا يشيب وليدها حيث الشباب يرف في وجناتها يا مصطفاها مرفع قدرها بأكنفها يا منتهى علياتها يا منتقاها من راومة هاشم يا هاشم الصلبان في نزواتها يا خاضدًا للشرك شوكة حزبه يا يا فعًا للعرب في جمراتها قلت نقل الشيخ أزيد من ذلك أو ضعفه أو نحوه‏.‏
إلى أن قال وهي طويلة قلت وثقيلة الروح‏.‏
ولقد صدق في قوله‏.‏
ومن شعره‏:‏ يا بدر تم طالعًا في الحشيي برح بي منك أوان المغيب فمن يكن يزهى بلبس المنى فإن زهوى بلحاس النحيب فمن يكن يزهى بلبس المنى فإن زهوى بلحاس النحيب في ساعة قصر أنيابها غييته لي وحضور الرقيب وقال‏:‏ رثوا القباب بأدمع مغضوضة ذوي للفراق وأكبد تتصرم فللنفس في تلك الربوع حبيبة والقلب في إثر الوداع مقسم هل لي بهاتيك الظبا إلماعة أم هل لذاك السرب شمل ينظم حقًا فقدت الذات عند فراقهم فالشخص يوجد والحقيقة تعدم وفاته توفي ببلده لثلاث بقين من رمضان ست وتسعين وخمس ماية‏.‏
قال أبو القاسم المواعيني عثر في مشيه فسقط فكان سبب منيته ودخل غرناطة في غير ما وجهة منها راويا عن أبي القاسم بن الفرس‏.‏
ومع ذلك فهو من أحوازها وبنياتها‏.‏
ابن خاتمة الأنصاري محمد بن علي بن نحمد بن علي بن محمد بن خاتمة الأنصاري لئن كنت تجهل ما في الحب من محن أنا الخبير فغيري اليوم لا تسل أنا الذي قد حلبت الحب أشطره فلم يفدني لا حولي ولا حيل لا أشرب الراح كي أحلو براحتها لكن لأدفع ما بالنفس من كسل ولا أجول بطرفي في الرياض سوى ذكري لأيامنا في ظلها الأول أنا العهد مضى ما كان أعذبه لم يبق لي غير آيات من الخبل كم فديتك يا قلبي وأنت على تلك الغواية لم تبرح ولم تزل فاختر لنفسك إما أن تصاحبني حلوًا وإلا فدعني منك وارتحل فقد تبعتك حتى سرت من شغفي ولوعتي في الهوى أعجوبة المثل ومن شعره‏:‏ ومض البرق فثار القلق ومضى النوم وحل الأرق وينعاني من غرامي قد شكا ودموعي من ولوعي تنطق ودليلي في غليلي زفرتي وعذابي بانتحابي أصدق إذ شبابي والتصايي جمعا ورياض الأنس غض مونق شت يوم البين شملي ليت ما خلق البين لقلب يعشق آه من يوم قضى له فرقة شاب مني يوم حلت مفرق ومن ذلك‏:‏ أيا جيرة الحي الممنع جاره سقى ريقكم دمعي إذا بخل الوبل متى غبتم عني فأنتم بخاطري وإن تقصدوا ذلي فقد لذني الذل عذابكم قرب وبخلكم ندى وإذلاكم عز وهجرانكم وصل وأنتم نعيمي لا نعمت بغريكم وروضي لا ما أريد ولا ظل ومن ظريف نزعاته قوله‏:‏ الرفع نعتكم لا خابك أمل والخفض شيمة شأني والهوى دول هل منكم لي عطف بعد بعدكم إذ ليس لي منكم يا سادتي بدل وفاته اعتبط في الطاعون في أوايل ربيع الأول عام خمسين وسبعماية‏.‏
ورد إلى الحضرة غير ما مرة‏.‏
ابن قزمان الزهري محمد بن عيسى بن عبد الملك بن قزمان الزهري من أهل قرطبة يكنى أبا بكر حاله نسيج وحده أدبًا وظرفًا ولوذعية وشهرة‏.‏
قال ابن عبد الملك كان أديبًا بارعًا محسنًا شاعرًا حلو الكلام مليح التندير مبرزًا في نظم الطريقة الهزلية بلسان عوام الأندلس الملقب بالزجل‏.‏
قلت وهذه الطريقة بديعة يتحكم فيها ألقاب البديع وتنفسخ لكثير مما يضيق سلوكه على الشاعر‏.‏
وبلغ فيها أبو بكر مبلغًا حجره الله عن سواه‏.‏
فهو آيتها المعجزة وحجتها البالغة وفارسها العلم والمبتدي فيها والمتمم رحمه الله‏.‏
وقال الفتح فيه‏:‏ مبرز في البيان ومحرز السبق عند تسابق الأعيان اشتمل عليه المتوكل على الله اشتمالًا رقاه إلى مجالس وكساه ملابس واقتطع أسمى الرتب وتبوأها ونال أسنى الخطط وما تمالأها‏.‏
شعره قال الفتح وقد أثبت له ما يعلم به رفيع قدره ويعرف كيف أسا الزمن بغدره قوله‏:‏ وتجللوا الغدران من ماذيهم مرتجة إلا على الأكتاف وكتب إليه ذو الوزارتين أبو عبد الله بن أبي الخصال يستدعيه إلى مجلس أنس‏:‏ أني أهزك هز الصارم الخذم وبيننا كل ما تدريه من ذمم ذاك شاك من قطع أنس أنت واصله بما لديك من الآداب والحكم وشت شمل كرام أنت ناظمه ورد دعوة أهل المجد والكرم ولو دعيت إلى أمثالها لسعت إليك سعي مشوق هائم قدم وإن نشطت لتصريفي صرفت له وجهي وكنت من الأعوان والخدم وما أريد سوى عفو تجود به وفي حديثك ما يشفي من الألم أنت المقدم في فخر وفي أدب فاطلع علينا طلوع السيد العمم فأجابه رحمه الله‏:‏ أتى من المجد أمر لا مرد له نمشي على الرأس فيه لا على القدم لبيك لبيك أضعافًا مضاعفة إني أجبت ولكن داعي الكرم لي همة ولأهل العز مطمحها لا زلت في كل مجد مطمح الهمم وإن حقك معروف وملتزم وكيف يوجد عندي غير ملتزم حتى يكون كلام الحاضرين بها عند الصباح وما بالعهد من قدم يا ليلة السفح هلا عدت ثانية سقى زمانك هطال من الديم وقال في غرض النسيب‏:‏ يا رب يوم زادني فيه من أطلع من غربه كوكبا ذو شفة لمياء معسولة ينشع من خديه ماء الصبا قلت له وهب لي بها قبلة فقال لي مبتسما مرحبا فذقت شيئًا لم أذق مثله لله ما أحلى وما أعذبا أسعدني الله بإسعاده يا شقوتي يا شقوتي لو أبا وقال‏:‏ جئت لتوديعه وقد ذرفت عيناي من حسرة وعيناه في موكب البين باكين ولا أصعب من موقف وقفناه معانقًا جيده على حذر فمن رآني مقبلًا فاه نغص توديعه لعاشقه ما كان من قبل قد تمناه وقال يعتذر ارتجالا وأحسن ما أراد‏:‏ وإن أكن مظعنًا مصباح بيتكم فكل من فيكم في البيت مصباح وقال يهني بعرسك وإن أكن مظعنًا مصباح بيتكم فكل من فيكم في البيت مصباح وقال يهني بعرسك صرفت إليك وجوهها الأفراح وتكنفتك سعادة ونجاح فاقض المآرب في زمان صالح لا سد عنك من الزمان صلاح إن كان كالشمس المنيرة حسنها فالبدر أنت وما عليك جناح لا فرق بينكما لرأي فاستوى زي النساء قلادة ووشاح هل يوقد المصباح عند كما مهجًا وكلاكما ببهائه مصباح أحرزت يا عبد العزيز محاسنا كثرت فلم تستوفها الأمداح يا من له كف تجود وأضلع مطوى على حفظ الوداد شجاح ما ألقت الحاجات دوني قفلها إلا ويمن يمينك المفتاح في كل ما تنحو إليه ملاحة وكذاك أفعال المليح ملاح ومن الحكمة قوله‏:‏ كثير المال تبذله فيبقى ولا يبقى مع البخل القليل وعهدي بالشباب وحسن قدي حكى ألف ابن مقلة في الكتاب فصرت اليوم منحنيًا كأني أفتش في التراب على الشباب وقال رحمه الله‏:‏ يمسك الفارس رمحًا وأنا أمسك فيها قصبة وكلانا بطل في حربه إن الأقلام رماح الكتبة قال ابن عبد الملك‏:‏ أنشدت على شيخنا أبي الحسن الرعيني قال أخبرنا الراوية أبو القاسم بن الطيلسان قال سألته يعني أبا القاسم أحمد بن أبي بكر هذا أن ينشد شيئًا من شعر أبيه المغرب فأخرج لي قطعة بخط أبيه وأنشده‏.‏
وقال أنشدني أبي رحمه الله لنفسه‏:‏ أحسن ما نيط في الدعا لمن رتب في خطة من الخطط خلصك الله من عوايقها ودمت في عصمة من الغلط مقربًا منك ما تسر به وكل مكروهة على شحط الكل بالعدل منك مغتبط وليس في الناس غير مغتبط وليس يخليك من أنا لكها من عمل بالنجاة مرتبط رفعتم يا بني رفاعة ما كان من المعلوات في هبط ومنبر الحق من سواه بكم فها هو الآن غير مختلط وانضبط الأمر واستقام لكم ولم يكن من قبل ذا بمنضبط أتيت في كل ما أتيت به فالغيث بعد الرجا والقنط جللت عمن سواك منزلة فلست ممن سواك في نمط أنت من المجد والعلا طرف وكلهم في العلا من الوسط كتابته وقفت من ذلك على أفانين‏.‏
منها في استهلال شهر رمضان قوله‏:‏ سلام على أنس المجتهدين وراحة المتهجدين وقرة أعين المهتدين والذي زين الله به الدنيا وأعز به الدين‏.‏
شرف الله به الإسلام وجعل أيامه رقومًا في عواتق الأيام‏.‏
وشهوره غررًا في جباه الأعلام وحل به عن رقاب الأمة قلايد الآثام ونزه فيه الأسماع عن المكاره وصان الأفواه من رفث الكلام‏.‏
أشهد أن اله أنبني عليك وأدخل من شاء الجنة على يديك وخصك من الفضايل بما يمشي فيه التفسير حتى يكل ويسأم ذلك اللسان ويمل وأبادت ذنوب الأمة بمثل ما أبادت الشمس الظل ذلك الذي يتهلل للسماء هلاله ويهتز العرش لجلاله وترتج الملايكة في حين إقباله وتدخل الحور العين في زينتها تكريمًا وتلتزم إجلاله وتعظيمًا ويهتدي فيه الناس إلى دينهم صراطًا مستقيمًا وتغل الشياطين على ما خليت‏.‏
وتذوق وبال ما كادت به وتخيلت ويشمر التقي لعبادة ربه ذيلًا وتهبط الملايكة إلى سماء الدنيا ليلا وينتظم المتقون في ديوانه انتظام السلك‏.‏
ويكون خلوف فم الصايم عند الله أطيب من ريح المسك وتفتح الجنة أبوابًا ويغفر لمن صامه إيمانًا واحتسابًا جزاء من ربك عطاء حسابا وبما فضلك الله على سائر الشهور وقضى لك بالشرف والفضل المشهور‏.‏
فرضك في كتابه ومدحك في خطابه حيث قال شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان يعني تكبير الناس عليك وتقليب أحداقهم بالنظر إليك حين لثمت بالسحاب ونظرت من تحت ذلك النقاب وقد يمتاز الشيب وأن استتر بالخضاب حتى إذا وقف الأيمة منك على الصحيح وصرحوا برؤيتك كل التصريح نظرت كل جماعة في اجتماعها وتأهبت القراء لإشفاعها واندفعت الأصوات باختلاف أنواعها وتضرعت الألباب وطلبت المواقف أواخر العشار والأحزاب وابتديت ألم ذلك الكتاب عندما أوقدت قناديل كأنما قد بدت من الصباح ورقصت رقص النواهد عند هبوب الرياح والله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح فأملك المسلمون في سر وجهر وحطت أثقال السيئات عن كل ظهر والتمست الليلة التي هي خير من ألف شهر فنشط الصالحون بك صومًا وهجر المتهجدون في ليلك نومًا وأكملناك إن أذن الله ثلاثين يوما‏.‏
فيا أيها الذي رحل رحل بعد مقامة وقام للسفر من مقامه ورأى من قضى حقه ومن قصر في صيامه فمشى الناس إلى تشييعه وبكوا لفراقه وتوديعه وندم المضيع على ما كان من تضييعه ولم يثق بدوام العيش إلى وقت رجوعه فعض على كفه ندمًا وبكت عيه ماء وكبده دمًا‏.‏
رويدًا حتى أمرح في ميدان فراتك وأتضرع إلى حنانك وإشفاقك وأتشفى من تقبيلك وعناقك وأسل منك حاجة إن أراد الله قضاها وشاء نفوذها وإمضاها إذا أنت وقفت لرب العالمين فقبلك من قوم وردك في وجوه آخرين‏.‏
إن تثنى جميلًا فعسى يصفح لعهده وإن أسا فعلم الله أني نويت التوبة أولا وآخرًا وأملت الأداء باطنا وظاهرا وكنت على ذلك لو هدى الله قادرًا وإنما علم من تقصير الإنسان ما علم وللمرء ما قضى عليه به وحكم وإن النفس لأمارة بالسوء غلا من رحم فإن غفر فبطوله وإحسانه وإن عاقب فيما قدمت يد العبد من عصيانه فيا وحشة لهذه الفرقة ويا أسفًا على بعد الشقة ويا شد ما خلفته لنا بفراقك من الجهد والمشقة ولطالما هجر الإنسان بك ذنبه وراقب إعظامًا لكربه وشرحت إلى أعمال البر قلبه‏.‏
ومع هذا أتراك ترجع وترى أم تضم علينا دونك أطباق الثرى‏.‏
فيا ويلنا إن حل الأجل ولم أقض دينك ورجعت وقد حال الموت بيني وبينك‏.‏
فأغرب لا جعله الله آخر التوديع وأي قلب يستطيع‏.‏
وقال في استهلال شوال‏:‏ ولكل مقام مقال‏.‏
الله أكبر هذا هلال شوال قد طلع وكر في منازله وقطع وغاب أحد عشر شهرًا ثم رجع‏.‏
مالي أراه رقيق الاستهلال خفي الهلال وروحًا تردد في مثل انملال ما باله أمسى الله رسمه وصحح جسمه ورفع في شهور العام اسمه على وجهه صفرة بينة ونار إشراقه لينة وأرى السحاب تعتمده وتقف وتغشاه سويعة وتنصرف ما أراه إلا بطول ذلك المقام وتوالي الأهوال العظام‏.‏
أصابه مرض في فصل من فصول العام فعادته كما يعاد المريض وبكته الأيام الغر والليالي البيض وقلن كلأك الله وكفاك وحاطك وشفاك وقل كيف نجدك لا فض فاك هذا على الظن لا على التحقيق ومجاز لا يحكم التصديق‏.‏
وإنه ليبعد مثل هذا المقدار أن يقدح فيه طول الغيب وتواتر الأسفار‏.‏
أليس هو قد ألف مجالي الرياح وصحب برد الصباح وشاهد الأهوية مع الغدو والرواح وطواها بتجربته طي الوشاح‏.‏
ما ذاك إلا أنه رأى الشمس في بعض الأيام ماشية والحسن يأخذ منها وسطًا وحاشية ودلائل شبابها ظاهرة فاشية فوقع منها في نفسه ما وقع وثبت على قلبه من النظر ما زرع ووقع في شركها وحق له أن يقع‏.‏
فرثت هي لحاله وأشفقت ونهجت بوصالها وتأنقت وقطعت من معدن نيلها وأنفقت ورأت أنها له شاكله يبلغ أملها وتبلغ مأمله ولذلك ما مدت لذيذ السماح فتعرضت بالعشي وارتصدها في الصباح مع ما أيقنا به من النقطاع ويمسنا من الاجتماع كما نفد القدر وصدر الخبر‏.‏
وقال تعلن لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر فوجد لذلك وجدًا شديدًا وأذاقه مع الساعات شوقًا جديدًا وأصبح بها دنفًا وأمسى عميدًا حتى سلب ذلب بهاه وأذهب سناه ورده النحول كما شاه ولقي مها مثل ما لقي غيلان من ميته وجميل من بثينته وحن إليها حنين عروة إلى عفرا وموعدهما يوم وهب ناقته الصفراء‏.‏
على رسك أني وهمت وحسبت ذلك حقًا وتوهمت والآن وقد فطنت وأصبت الفص فيما ظننت إنه لقي رمضان ي إقباله وضمه نقصان هلاله وصامه فجأة ولم يك في باله فأثر ذلك في وجهه الطلق وأضعفه كما فعل بساير الخلق وها هو قد أقبل من سفره البعيد فقل هو هلال الفطر أو قل هو هلال العيد فلقه صباح مشى الناس فيه مشيى الحباب ولبسوا أفضل الثياب وبرزوا إلى مصلاهم من كل باب فارتفعت همة الإسلام‏.‏
وشرفت أمة محمد عليه السلام وخطب بالناس ودعا للإمام عندما طلعت الشمس بوجه المرآة ولون كصفا المهراة‏.‏
وخرج لا ينسيها ريم الفلاة‏.‏
وقضوا السنة وبذلوا الجهد في ذلك والمنة وسألوا من الله أن يدخلهم الجنة ثم خطبوا حمدًا لله وشكرًا وذكروه كذكرهم آبائهم أو أشد ذكرًا ثم انصرفوا راشدين وافترقوا حامدين وشبك الشيخ بيديه ونظر الشاب في كفيه‏.‏
ورجعوا على غير الطريق الذي أتوا عليه فلقد استشفى من الرؤية ذو عينين وتذكر العاشق موقف البين وشق المتنزه بين الصفين فنقل عينيه من الوشيي إلى الديباج ووجوه كضوء السراج وعيون أقتل من سيف الحجاج ونظرات لا يدفع داؤها بالعلاج وقد زينت العيون بالتكحيل والشعور بالترجيل وكرر السواك على مواضع التقبيل وطوقت الأعناق بالعقود وضرب الفكر في صفحات الخدود ومد بالغالية على مواضع السجود وأقبلت صنعًا بأوشيتها وعنت بأرديتها ودخلت العروس في حليتها ورقمت الكفوف بالحناء وأثني على الحسن وهو أحق بالثناء وطلقت التوبة ثلاثًا بعد البناء وغص الذراع بالسوار وتختم في اليمين واليسار وأمسكت الثياب بأيدي الأبكار ومشت الإماء أمام الأحرار وتقدمت الدايات بالأطفال الصغار وامتلأت الدنيا سررًا وانقلب الكل إلى أهله مسرورًا‏.‏
وبينما كانت الحال كما نصصت والحكاية كما قصصت إذ لألأت الدنيا برقًا وامتد مع الأفقين غربًا وشرقًا ورد لمعانه عيون الناظرين زرقًا ولولا أنه جرب حتى يدرا لقيل قد طلعت مع الشمس شمس أخرى حتى أقبل من شرفت العرب بنسبه وفخر الإسلام بسببه من انتسب إلى زهرة وقصي وازدانت به آل غالب وآلي لؤي من إذا ذكر المجد فهو ممسك بنده أو الفضل فهو لابس برده أو الفخر فهو واسطة عقده أو الحسن فهو نسيج وحده الذي رفع لواء العليا وعارضت مكارمه صوب الحبا وحكت محاسنه زهرة الحياة الدنيا‏.‏
فأما وجهه فكما شرقت الشمس وأشرقت وغربت كواكب سمايها وشرقت وتفتحت أطواق الليل عن غرر ومجده وتشققت‏.‏
ولولا حيًا يغلب عليه وخفر يصحبه إذا نظرت إليه لاستحال النهار وغارت لنوره كواكب الأسحار ولكاد سنا برقه يذهب بالأبصار لا يحفل بالصبح إذا انفلق ولا بالفجر إذا عم آفاق الدجا وطبق ولو بدا للمسافر في ليله لطرق قد عجم الأبنوس على العاد وأدار جفنًا كما عطف على أطفالها النعاج يضرب بها ضرب السيف ويلم بالفؤاد إلمام الطيف ويتلقاها السحر تلقي الكريم للضيف لو جردها على الريم لوقف أو على فرعون ما صرف من سحره ما صرف أو على بسطام ابن قيس لألقى سلاحه وانصرف‏.‏
وأما أدواته فكما انشقت الأرض عن نباتها وأخذت زخرفها في إنباتها ونفخ عرف النسيم في جنباتها يتفنن أفانين الزهر ويتقلب تقلب الدهر وتطلع له نوادر كالنجوم الزهر لو أبصره مطرف ما شهر بخطه ولا جر من العجب ذيل مرطه ولا كان المخبر معه من شرطه‏.‏
وأما أنه لو قرى على سحبان كتابه وانحدر على نهره عبابه وملأت مسامعه أطنابه وأسبابه ما قام في بيانه ولا قعد ولنزل عن مقامه الذي إليه صعد ولا خلف من بلاغته ما وعد‏.‏
لعمرك ما كان بشر بن المعتمر بتفنن للبلاغة فنونًا ولا يتقبلها بطونًا ومتونًا ولا أبو العتاهية ليشرطها كلامًا موزونًا ولا نمق الحسن بن سهل الألفاظ ولا رفع قس بن ساعدة صوته بعكاظ ولا أغلظ زيد بن علي هشامًا بما أغاظ‏.‏
وأما مكارمه فكما انسكب الغيث عن ظلاله وخرج الودق من غلاله فتدارك النعمة عن فوتها وأحيا الأرض بعد موتها‏.‏
ذلك الشريف الأجل الوزير الأفضل أبو طالب ابن القرشي الزهري أدام الله اعتزازه كما رقم في حلل الفخر طرازه فاجتمعت به السيادة بعد افتراقها‏.‏
وأشرق وجه الأرض لإشراقها والتفت الثياب بالثياب وضم الركاب بالركاب ولا عهد كأيام الشباب فوصل القريب البعيد وهنوه كما جرت العادة بالعيد فوقف مع ركابه وسلمت وجرت كلامًا وبه تكلمت فقلت تقبل الله سعيك وزكى عملك وبلغك فيما توده أملك ولا تأملت وجهًا من السرور غلا تأملك ونفعك بما أوليت وأجزل حظك على ما صمت وصليت ووافقتك لعل وساعدتك ليت وهناك عيد الفطر وهنأته وبداك بالمسرات وبدأته وتبرأ لك الدهر مما تحسد وبرأته‏.‏
وهكذا بحول الله أعياد واعتياد وعمر في دوام وعز في ازدياد والسنة تفصح بفضلك إفصاح الخطباء من إياد وأقرأ عليك سلام الله ما أشرق الضحا ودام الفطر والأضحى‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:39 AM


دخل غرناطة وتردد إليها غير ما مرة وأقام بها وامتدح ابن أضحى وابن هاني وابن سعيد وغيرهم من أهلها‏.‏
قال ابن سعيد في طالعه وقد وصف وصول ابن قزمان إلى غرناطة واجتماعه بجنبته بقرية الزاوية من خارجها بنزهون القليعية الأديبة وما جرى بينهما وأنها قالت له بعقب ارتجال بديع وكان لبس غفاره صفراء أحسنت يا بقرة بني إسرائيل إلا أنك لا تسر الناظرين فقال لها إن لم أسر الناظرين فأنا أسر السامعين وإنما يطلب سرور الناظرين منك يا فاعلة يا صانعة‏.‏
وتمكن السكر من ابن قزمان وآل الأمر إلى أن تدافعوا معه حتى رموه في البركة فما خرج منها إلا وثيابه تقطر وقد شرب كثيرًا من الماء فقال إسمع يا وزير ثم أنشد‏:‏ إيه أبا بكر ولا حول لي بدفع أعيان وأنذال وذات جرح واسع دافق بالماء يحكي حال أذيال غرقتني في الماء يا سيدي كفره بالتغريق في المال فأمر بتجريده وخلع عليه ما يليق به ولمن يمر لهم بعد عهدهم بمثله‏.‏
ولم ينتقل ابن عزمان من غرناطة إلا بعد ما أجزل من الإحسان ومدحه بما هو في ديوان أزجاله‏.‏
جرت عليه بابن حمدين محنة كبيرة عظم لها نكاله بسبب شكاسة أخلاق كان موصوفًا بها وحدة شقي بسببها‏.‏
وقد ألم الفتح في قلايده بذلك واختلت حاله بآخرة واحتاج بعد انفصال أمر مخدومه الذي نوه به‏.‏
توفي بقرطبة لليلة بقيت من رمضان سنة خمس وخمسين وخمس ماية والأمير ابن سعد يحاصر قرطبة‏.‏
رحمه الله‏.‏
محمد بن غالب الرصافي يكنى أبا عبد الله بلنسي الأصل سكن غرناطة مدة ثم مالقة‏.‏
حاله قال الأستاذ كان فحلًا من فحول الشعراء ورئيسًا في الأدباء عفيفًا ساكنًا وقورًا ذا سمت وعقل‏.‏
وقال القاضي كان شاعرًا مجيدًا رقيق الغزل سلس الطبع بارع التشبيهات بديع الاستعارات نبيل المقاصد والأغراض كاتبًا بليغًا دنيًا وقورًا عفيفًا متفقهًا عالي الهمة حسن الخلق والخلق والسمت تام العقل مقبلًا على ما يعنيه من التعيش بصناعة الرفي التي كان يعالجها بيده لم يبتذل نفسه في خدمة والتعرض لانتجاع بقافية خلا وقت سكناه بغرناطة فغنه امتدح واليها حينئذ ثم نزع عن ذلك راضيًا بالخمول حالًا والقناعة مالًا على شدة الرغبة فيه واغتنام ما يصدر عنه‏.‏
أخبار عقله وسكونه قال الفقيه أبو الحسن شاكر بن الفخار المالقي وكان خبيرًا بأحواله‏:‏ ما رأيت عمري رجلًا أحسن سمتًا وأطول صمتًا من أبي عبد الله الرصافي‏.‏
وقال غيره من أصحابه كان رفاء فما سمع له أحد من جيرانه كلمة في أحد‏.‏
وقال أبو عمرو ابن سالم كان صاحبًا لأبي ولقيته غير ما مرة وكان له موضع يخرج إليه في فصل العصير فكنت أجتاز عليه مع أبي فألثم يده فربما قبل رأسي ودعا لي وكان أبي يسله الدعاء فيخجل ويقول أنا والله أصغر من ذلك‏.‏
قال وكان بإزايه أبو جعفر البلنسي‏.‏
وكان متوقد الخاطر فربما تكلم مع أحد التجار فكان منه هفوة فيقول له جلساؤه شتان والله بينك وبين أبي عبيد الله في العقل والصمت فربما طالبه بأشياء ليجاوبه عليها فما يزيد على التبسم‏.‏
فلما كان أحد الأيام جاء البلنسي ليفتح دكانه‏.‏
فتعمد إلقاء الغلق من يده فوقع على رأس أبي عبد الله‏.‏
وهو مقبل على شغله فسال دمه فما زاد على أن قام ومسح الدم ثم ربط رأسه وعاد إلى شغله‏.‏
فلما رأى ذلك منه أبو جعفر ترامى عليه وجعل يقبل يديه ويقول والله ما سمعت برجل أصبر منك ولا أعقل‏.‏
شعره وشعره لا نهاية فوفه رونقًا ومائية وحلاوة وطلاوة ورقة ديباجة وتمكن ألفاظ وتأصل معنى‏.‏
وكان رحمه الله قد خرج صغيرًا من وطنه فكان أبدًا يكثر الحنين إليه ويقصر أكثر منظومه عليه‏.‏
ومحاسنه كثيرة فيه فمن ذلك قوله‏:‏ هل المسك مفتوتًا بمدرجة الصبا أم القوم أجروا من بلنسية ذكرا خليلي عوجا بي قليلًا فإنه حديث كبرد الماء في الكبد الحرا قفا غير مأمورين ولتتصديا على ثقة للمزن فاستسقيا القطرا بجسر معان والرصافة إنه على القطر أن يسقى الرصافة والجسرا بلادي التي ريشت قويد متى بها فريخًا وأورثتني قرارتها وكرا فبادي أنيق العيش في رريق الصبا أبى الله أن أنسى اغتراري بها غرًا لبسنا بها ثوب الشباب لباسها ولكن عرينا من حلاه ولم تعرا أمنزلنا عصر الشبيبة ما الذي طوى دوننا تلك الشبيبة والعصرا محل أغر العهد لم نبد ذكره على كبد إلا امترى أدمعًا حمرا أكل مكان كان في الأرض مسقطًا لرأس الفتى يهواه ما عاش مضطرا ولا مثل مدحو من المسك تربة تملي الصبا فيه حيقتها عطرا نبات كأن الخد يحمل نوره تخال لجينًا في أعاليه أو تبرا وما كثر صيع المجرة جللت نواصيه الأزهار واشتبكت زهرا أنيق كريان الحياة التي خلت طليق كريعان الشباب الذي مرا بلنسية تلك الزمردة التي تسيل عليها كل لؤلؤة نهرا كأن عروسًا أبدع الله حسنها فصير من شرخ الشباب لها عمرا يويد منها شعشعانية الضحى مضاحكة الشمس البحيرة والبحرا تراجم أنفاس الرياح بزهرها نجومًا فلا شيطان يغربها ذعرا وإن كان قد مدت يد البين بيننا من الأرض ما يهوى المجد به شهرا هي الدرة البيضاء من حيت جدتها أضاءت ومن للدر أن يشبه الدرا خليلي أن أسدر لها فإنها هي الوطن المحبوب أوكلته الصدرا ولم أطوعنها الخطو هجرًا لها إذًا فلا لثمت نعلي مساكنها الخضرا ولكن إجلالًا لتربتها التي تضم فتاها الندب أو كهلها الحرا أكارم عاث الدهر ما شاء فيهم فبادت لياليهم فهل أشتكى الدهرا هجوع ببطن وأرض قد ضرب الردى عليهم قبيبات فويق الثرى غبرا تقضوا فمن نجم سالك ساقط أبي الله أن يرعى السماك أو والنشر ومن سابق هذا إذا شا غاية شا وغير محمود جياد العلى خضرا أناس إذا لاقيت من شيت منهم تلقوك لا غث الحديث ولا غمرا ثلاثة أمجاد من النفر الألى زكوا خبرًا بين الورى وزكوا خبرا تكلتهم ثكلًا دهى العين والحشى فعجرذا أمًا وسجر ذا جمرا كفى حزنًا أني تباعدت عنهم فلم ألق من سرى منها ولا سرا وإلى متى أسل بهم كل راكب ليظهر لي خيرًا تأبط لي شرا أباحثه عن صالحات عهدتها هناك فيسبني بما يقصم الظهرا محيًا خليل عاض ماء حياته وساكن قصر أضر مسكنه القبرا وأزهر كالإصباح قد كنت أجتلي سناء كما يستقبل الأرق الفجرا يصرف ما بين اليراعة والقنا أنامله لا بل هواطله الغرا طويل نجاد السيف لان كأنما تخطى به في البرد خطية سمرا سقته على ما فيك من أريحية خلايق هن الخمر أو تشبه الخمرا ونشر محيا للمكارم لو سرت حمياه في وه الأصيل لما اصفرا هل السعد إلا حيث حط صعيده لمن بل في شفري ضريح له شفرا طوين الليالي طيهن وإنما طوين عني التجلد والصبرا فلا حرمت سقياه أدمع مزنة ترى مبسم النوار عنبر معترا وقال برثي أبا محمد بن أبي العباس بمالقة‏:‏ أبنى البلاغة فيم حفل النادى هبها عكاظ فأين قس أياد أما البيان فقد أجر لسانه فيكم بفتكته الحمام العاد عرشت سما علايكم ما أنتم من بعد ذلكم الشهاب الهادي حطوا على عمد الطريق فقد خبت لآلى ذاك الكوكب الوقاد ما فل لهزمه الصقيل وإنما نثرت كعوب قناكم المناد إيه عميد الحي غير مدافع إيه فدى لك غابر الأمجاد ما عذر سلك كنت عقد نظامه إن لم يصر بردًا إلى الأباد كثف الحجاب فما ترى متفضلا في ساعة تصغي به وتناد ألمم بربعك غير مأمور فقد غص القنا بأرجل القصاد خبرًا يبلغه غير مأمور فقد غص الفنا بأرجل القصاد خبرًا يبلغه إليك ودونه أمن العداة وراحة الحساد قد طأطأ الجبل المنيف قذاله للجار بعدك واقشعر الواد أعد التفاتك نحونا وأظنه مثل الحديث لديك غير معاد هذا الصباح ولا تهب إلى متى طال الرقاد ولات حين رقاد وكأنما قال الردى نم وادعًا سبقت إلى البشرى بحسن معاد أموسدًا تلك الرخام بمرقد أخشن به من مرقد ووساد خضبت بقدرك حفرة فكأنها من جوفها في مثل حرف الصاد وثر لجنبك من أثاث مخيم ترب ند وصفايح أنضاد يا ظاعنًا ركب السرى في ليلة طار الدليل بها وحاد الحاد أعزز علينا أن حططت بمنزل تبل عن الزوار والعواد جار الأفراد هنالك جيرة سقيًا لتلك الجيرة الأفراد الساكنين إلى المعاد قبابهم منشورة الأطناب والأغماد من كل ملقية الجراب بمضرب ناب البلى فيه عن الأوتاد بعرس السفر الألى ركبوا السرى مجهولة الغايات والآماد سيان فيهم ليلة ونهارها ما أشبه التأويب بالإسناد لحق البطون من اللعب على الطوى وعلى الرواحل عنفوان الزاد لله هم فلشد ما نفضوا من أمتعة الحياة في حقايب الأجساد هل للعلا بك بعدها من نهضة أم لانقضاء نواك من ميعاد بأبي رقد ساروا بنعشك صارم كثرت حمايله على الأكناد ذلت عوانق حاميك فإنها شاموك في غمد بغير نجاد نعم الذما البر ما قد غوروا جثمانه بالأبرق المنقاد عليا خص بها الضريح وإنما نعم الغوير بأبؤس الأنجاد أبنى العباس أي حلاحل سلبتكم الدنيا وأي مصاد هل كان إلا العين وافق سهمها قدرًا فأقصد أيما إقصاد أخلل جد لا يسد مكانه بالإخوة النجباء والأولاد ولكم يرى بك من هضاب لم يكن لولاك غير دكادك ووهاد ما زلت تنعشها بسيبك قابضًا منها على الأضباع والأعضاد حتى أراك أبا محمد الردى كيف انهداد بواذخ الأطواد يا حرها من جمرة مشبوبة يلقى لها الأيدي على الأكتاد كيف العزاء وإنها لرزية خرج الأسى فيها عن المعتاد صدع النعاة بها فقلتن لمدمعي كيف انسكابك يا أبا الجواد بقصير مجتهد وحسبك غاية لو قد بلغت بها كبير مراد أما الدموع فهي أضعف ناصر لكنهن كثيرة التعداد ثم السلام ولا أغب قراره وأرتك صوب روايح وغواد تسقيك ما سفحت عليك يراعة في خد قرطاس دموع مداد ومن غرامياته وإخوانياته قوله من قصيدة‏:‏ عاد الحديث إلى ما جر أطيبه والشيء يبعث ذكر الشيء عن سبب إيه عن الكدية البيضاء إن لها هوى يغلب أخيك الواله الوصب راوح بها السهل من أكنافها وأرح ركابنا ليلنا هذا من التعب وانضح نواحيها من مقلتيك وسل من الكثيب الكريم العهد في الكتب وقل لسرحته يا سرحة كرمت على أبي عامر عزي عن السحب يا عذبة الماء والظل انغمى طفلا حييت ممسية ميادة الغضب ماذا على ظلك الألمى وقد قلصت أفياؤه لو ضفى شيًا لمغترب أهكذا تنقضي نفسي لديك ظما الله في رمق من جارك الجنب لولاك يا سرح لم يبق الفلا عطلا من السرى والدجا خفاقة الطنب إنا إذا ما تصدى من هوى طلل عجنا عليه فحييناه عن كثب مستعطفين سخيات الشئون له حتى يحاك عليه مموق العشب سلي خميلتك الريا بأية ما كانت ترف بها ريحانة الأدب عن فتية نزلوا على سرارتها عفت محاسنهم إلا من الكتب محافظين على العليا وربما هزوا السجايا قليلًا بابنة النب حتى إذا ما قضوا من كأسها وطرًا وضاحكوها لدى جد من طرب راحوا رواحًا وقد ريدت عمايمهم حلمًا ودارت على أسفي من السبب لا يظهر الشكر حالًا في ذوايبهم إلا التفات الصبا في السن العذب المنزلين القوافي ن معاقلها والخاضدين لديها شوكة العرب ومن مقطوعاته قوله‏:‏ دعاك خليل والأصيل كأنه عليل يقضي مدة الزمن الباق دعاك خليل والأصيل كأنه عليل يقضي مدة الزمن الباق إلى شط منساب كأنك ماؤه صفًا ضميرًا وعذوبة أخلاق ومهوي جناح للصبا يمسح الربا خفي الخوافي والقوادم خفاق وفتيان صدق كالنجوم تألفوا على النأي من شتى بروج وآفاق وجالت بعيني في الرياض التفاتة حبست بها كأسي قليلًا عن الساق على سطر خيري ذكرتك فانثنى يميل بأعناق ويرنو بأحداق وقف وقفة المحبوب منه فإنها شمايل مشغوف بمرآك مشتاق وصل زهرات منه صفر كأنها وقد خضلت قطرًا محاجر عشاق وقال وكلفها في حايك وهو بديع‏.‏
قالوا وقد أكثروا في حبه عذل لو لم تهم بمزال القدر مبتذل فقلت لو أن أمري في الصبابة لي لاخترت ذاك ولكن ليس ذلك ل في كل قلب عزيزات مذللة للحسن والحسن ملك حيث جل ول علقته حبيبي الثغر عاطره دري لون المحيا أحور المقل إذا تأملته أعطاك ملتفتًا ما شيت من لحظات الشادن الوجل هيهات أبغي به من غيره بدلا أخرى الليالي وهل في الغير من بدل غزيل لم تزل في الغزل جايلة بنانه جولان الفطر في الغزل جذلان تلعب بالمحراك أنمله على السدي لعب الأيام بالأمل ما أن يني تعب الأطراف مشتغلا أفديه من تعب الأطراف مشتغل وقال‏:‏ ومهفهف كالغصن إلا أنه سلب التثني النوم عن أثنايه أضحى ينام وقد تخدد خده عرقًا فقلت الورد رش بمايه وقال‏:‏ أدرها فالغمامة قد أجالت سيوف البرق في لمم البطاح وراق الروض طاووسًا بهيًا تهب عليه أنفاس الرياح تقول وقد ثنى قزح عليه ثياب الغيم معلمة النواح خذوا للصحو أهبتكم فإني أعرت المزن قادمتي جناح وقال‏:‏ أدرها على أمر فما ثم من بأس وإن جددت آذانها ورق الآس وما هي إلا ضاحكا غمايم لواعب من ومض البروق بمقياس ووفد رياح زعزع النهر مدة كما وطيت درعًا سنا بك أفراس وقال في وصف مغن محسن‏:‏ ومطارح مما تحس بنانه صوتًا أفاض عليه ماء وقاره وقال يصف جدول ماء عليه سرحة ولها حكاية معروفة‏:‏ ومهدل الشطين تحسب أنه متسيل من درة لصفايه وقال يصف جدول ماء عليه سرحة ولها حكاية معروفة‏:‏ ومهدل الشطين تحسب أنه متسيل من درة لصفايه فاءت عليه مع العشية سرحة صدئت لفيئتها صفيحة مايه فتراه أزرق في غلالة سمرة كالدارع استلقى بظل لوايه نثره ابن أبي بكر القرشي المالقي محمد بن قاسم بن أبي بكر القرشي المالقي من أهل مالقة وسكن غرناطة وتردد إليها حاله كان لبيبًا لوذعيًا جامعًا لخصال من خط بارع وكتابة ونظم وشطرنج إلى نادر حار وخاطر ذكي وجرأة‏.‏
توجه إلى العدوة وارتسم بها طبيبًا وتولى النظر على المارستان بفاس في ربيع الثاني من عام أربعة وخمسين وسبعمائة‏.‏
شعره أنشدني بمدينة فاس عام ستة وخمسين في وجهتي رسولا إلى المغرب قوله في رجل يقطع في الكاغد‏:‏ أبا علي حسينا أين الوفا منك أينا قد بين الدمع وجدي وأنت تزداد بينا بلت لحاظك قلبي تا لله ما قلت مينا بقيط تفتر حسنا وجمت تزداد زينا وقال أيضًا‏:‏ فضل التجارات باد في الصناعات لولا الذي هو فيها هاجر عات حاز الجمال فأعياني وأعجزني وإن دعيت بوصاف ونعات وكان شديد المغالطة ذاهبًا أقصى مذاهب القحة يحرك من لا يتحرك ويغضب من لا يغضب‏.‏
عتب يومًا جدته على طعام طبخته له ولم يستطبه وكان بين يديه القط يصدعه بصياد طلبه فقال له ضجرًا خمسمائة سوط فقالت له جدته لم تعط هذه السياط للقط إنما عنيتني بها وأعطيتها باسم القط فقال لها حاش لله يا مولاتي وبهذا البخل تدريني أو الزحام عليها بل ذلك للقط حلالًا طيبًا ولك أنت ألف من طيبة قلب فأرسلها مثلا وما زلنا نتفكه بذلك وكان في هذا الباب لا يشق غباره‏.‏
مولده‏:‏ بمالقة عام ثلاثة وسبع ماية‏.‏
وفاته‏:‏ بعث إلي الفقيه أبو عبد الله الشديد يعرفني أنه توفي في أواسط عام سبعة وخمسين وسبعمائة‏.‏
محمد بن سليمان بن القصيرة أبو بكر كاتب الدولة اللمتونية وعلم وقته‏.‏
حاله قال ابن الصيرفي الوزير الكاتب الناظم الناثر القايم بعمود الكتابة والحامل للواء والبلاغة والسابق الذي لا يشق غباره ولا تخمد أبدًا أنواره‏.‏
اجتمع له براعة النثر وجزالة النظم رقيق النسيج حصيف المتن رقعته ماشيت في العين واليد‏.‏
قال ابن عبد الملك وكان كاتبًا مجيدًا بارع الخط كتب عن يوسف بن تاشفين‏.‏
مشيخته روى عن أبي الحجاج الأعلم وأبي الحسن بن شريح وروى عنه أبو الوليد هشام بن يوسف بن الملجوم لقيه بمراكش‏.‏
شعره وهو عندي في نمط دون ما وصف به‏.‏
فمن ذلك قوله من قصيدة أنحى فيها على ابن ذي النون ومدح ابن عباد عند خلع ابن جهور أبي الوليد وتصيير قرطبة إليه‏:‏ وهل قدرت مذ أوحشته طلايع الظهور عليه أن تؤنسه الخمر ألم يجن يحيى من تعاطيك ظله سجا لك هيهات السهى من ك يا بدر لجاراك واستوفيت أبعد غاية وآخره عن شأوك الكف والعثر فأحرزت فضل السبق عفوًا وكفه على رغمه مما توهمه صفر ويا شد ما أغرته قرطبة وقد أبشرتها خيلنا فكان لك الدر ومنها‏:‏ أتتك وقد أزرى ببهجة حسنها ولا لأنها من جور مالكها طمر فألبستها من سابغ العدل حلة زهاها بها تيه وغازلها كبر وجاءتك متفالا فضمخ حيها وازدانها من ذكرك المعتلى عطر وأجريت ماء الجود في عرصاتها فروض حتى كاد أن يورق الصخر وطاب هوا أفقها فكأنها تهب نسيمًا فيه أخلاقك الزهر وما أدركتهم في هواك هوادة وما أثتمروا إلا لما أمر البر وما قلدوك لأمر إلا لواجب جئته فيه المجر والغمر وبوأهم في ذروة المجد معقلا حرام على الأيام إلمامه حجر فلولاك لم تفصل عرى الإصر عنهم ولا انفك من ربق الأذى لهم أسر فلولاك لم تفصل عرى الإصر عنهم ولا انفك من ربق الأذى لهم أسر أعدت نهار ليلهم ولطالما أراهم نجوم الليل في أفقه الظهر ولا زلت تؤويهم إلى ظل دوحة من العز في أرحابها النعم لخضر كتابته وهي من قلة التصنع والإخشوشان بحيث لا يخفى غرضها‏.‏
ولكل زمان رجاله‏.‏
وهي مع ذلك تزينها السذاجة وتشفع لها الغضاضة‏.‏
كتب عن الأمير يوسف بن تاشفين ولاية عهده لولده‏:‏ هذا كتاب تولية عظيم جسيم وتوصية حميم كريم مهدت على الرضا قواعده وأكدت بيد التقوى مواعده ومعاقده وسددت إلى الحسني مقاصده وأبعدت عن الهوادة والهوى مصادره وموارده‏.‏
أنفذه أمير المسلمين وناصر الدين أبو يعقوب يوسف بن تاشفين أدام الله أمره وأعز نصره وأطال فيما يرضيه منه ويرضى به عنه عمره غير محاب ولا تارك في النصيحة لله ولرسوله والمسلمين وموضع ارتياب لمرتاب للأمير الأجل أبي الحسن علي ابنه المتقبل هممه وشيمه المتأثل حلمه وتحلمه الناشئ في حجر تقويمه وتأديبه المتصرف بين يدي تخريجه وتدريبه أدام الله عزه وتوفيقه ونهج إلى كل صالح من الأعمال طريقه وقد تهمم بمن تحت بحبل دعوته الغايب والشهيد وتطمين من أعلام الناس وخيارهم نفوس قلقة وتنام عيون لم تزل مخافة إقذئها مورقة ويشمل الناس كافة السرور والاستبشار وتتمكن لديهم الدعة ويتمهد القرار وتنشأ لهم في الصلاح آمال ويستقبلهم جد صالح وإقبال‏.‏
والله يبارك لهم بيعة رضوان وصفقة رجحان ودعوة يمن وأمان إنه على ما يشاء قدير لا إله إلا هو نعم المولى ونعم النصير‏.‏
شهد على إشهاد أمير المسلمين بكل ما ذكر عنه فوق هذا من بيعته ولقيه حملة عنه ممن التزم البيعة المنصوصة قبل وأعطة صفقته طائعًا متبرعًا بها‏.‏
وبالله التوفيق‏.‏
وكتب بحضرة قرطبة في ذي الحجة سنة ست وتسعين وأربعمائة‏.‏
دخل غرناطة غير ما مرة وحده وفي ركاب أميره‏.‏
توفي في جمادى الآخرة من عام ثمانية وخمسمائة‏.‏
التميمي المازني محمد بن يوسف بن عبد الله بن إبراهيم التميمي المازني من أهل سرقسطة ودخل غرناطة وروى عن أبي الحسن بن الباذش بها يكنى أبا الطاهر‏.‏
وله المقامات اللزوميات العروفة‏.‏
حاله كان كاتبًا لغويًا شاعرًا معتمدًا في الأدب فردًا متقدمًا في ذلك في وقته وله المقامات المعروفة وشعره كثير مدون‏.‏
مشيخته روى عن أبي علي الصدفي وأبي محمد بن السيد وأبي الحسن بن الأخضر وأبي عبد الله بن سليمان المعروف بابن أخت غانم وأبي محمد بن عتاب وأبي الحسن بن الباذش‏.‏
وأبي محمد عبد الله بن محمد التجيبي الدكلي وأبي القاسم ابن صوابه وأبي عمران بن أبي تليد وغيرهم‏.‏
أخذ عنه القاضي أبو العباس ابن مضاء أخذ عنه الكامل للمبرد قال‏.‏
وعليه اعتمد في تقييده‏.‏
وروى عنه المقري المسن الخطيب أبو جعفر بن يحيى الكتامي وذكره هو وابن مضاء‏.‏
توفي بقرطبة ظهر يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وخمسماية بزمانة لازمته نحوا من ثلاثة أعوام نفعه الله‏.‏
شعره أيا قمر أتطلع من وشاح على غض فاخر من كل راح أدار السحر من عينيه خمرًا معتقة فأسكر كل صاح وأهدى إذ تهادى كل طيب كخوط البان في أيدي الرياح وأحيا حين حيا نفس صب غدت في قبضة الحب المتاح وسوغ منه عتبي بعد عتب وعللني براح فوق راح وأجناني الأماني في أمان وجنح الليل مسدول الجناح وقال أيضًا‏:‏ ومنعم الأعطاف معسول اللما ما شيت من بدع المحاسن فيه لما ظفرت بليلة من وصله والصب غير الوصل لا يشفيه أنضحت وردة خده بنفسي وظللت أشرب ماءها من فيه حكت السلاف صفاته بحبابهامن ثغره ومذاقها من رشفه وتوردت فحكت شقايق خده وتأرجت فيسيمها من عرفه لعبت بألباب الرجال وغادرت أجسامهم صرعى كفعلة طرفه ومن الغرباء في هذا الحرف محمد بن حسن العمراني الشريف من أهل فاس حاله كان جهويًا ساذجًا خشن البزة غير مرهف التجند ينظم الشعر ويذكر كثيرًا من مسائل الفروع ومعانات الفرائض يجعجع بها في مجالس الدروس تشقى به المدرسون على وتيرة من صحة السجية وحسن العهد وقلة التصنع‏.‏
وجرى ذكره في الكليل‏:‏ كريم الانتماء مستظل بأغصان الشجرة الشماء من رجل سليم الضمير ذي باطن أصفى من الماء النمير له في الشعر طبع بشهد بعروبية أصوله ومضاء نصوله‏.‏
فمن ذلك قوله يخاطب السلطان أمير المسلمين وقد أمر له بكسوة‏:‏ منحت منحت النضر والعز والرضا ولا زلت بالإحسان له مقرضًا ولا زلت للعليا جني مكارمًا وللإمر الملك العزيز مقيضا ولا زالت الأملاك باسمك تتقي وجيشك وفرًا يملأ الأرض والفضا تقر به الدين الحنيف وأهله تقمع جبارًا وتهلك مبغضا وصلت شريف البيت من آل هاشم وخولته أسنى مراد ومقتضا وجدت بإعطاء اللجين وكسوة ستكسي ثوبًا من النور أبيضا وما زالت الأنصار تفعل هكذا نال علي في الزمان الذي مضا هم نصروا الهادي وآووا وجدلوا بحد ذباب السيف من كان معرضا فخذ ذا أبا الحجاج من خير مادح لخير مليك في البرية مرتضا فقد كان قبل اليوم غاض قريضه فلما رأى الإحسان منك تفيضا ومن حكم القول اللهى متح اللهى ومن مدح الأملاك يرجو التعرضا فلا زال يهديك الشريف قاصدا ينال بها منك المودة والرضا وقال يخاطب من أخلفته بوارق الأمل فيه وخابت لديه وسائل قوافيه‏:‏ الشعر أسنى كلام خص بالعرب والجود في كل صنف خير مكتسب وأفضل الشعر أبيات يقدمها في صدر حاجته من كان ذا أدب وما زالت الأنصار تفعل هكذا نال علي في الزمان الذي مضا هم نصروا الهادي وآووا وجدلوا بحد ذباب السيف من كان معرضا فخذ ذا أبا الحجاج من خير مادح لخير مليك في البرية مرتضا فقد كان قبل اليوم غاض قريضه فلما رأى الإحسان منك تفيضا ومن حكم القول اللهى متح اللهى ومن مدح الأملاك يرجو التعرضا فلا زال يهديك الشريف قاصدا ينال بها منك المودة والرضا وقال يخاطب من أخلفته بوارق الأمل فيه وخابت لديه وسائل قوافيه‏:‏ الشعر أسنى كلام خص بالعرب والجود في كل صنف خير مكتسب وأفضل الشعر أبيات يقدمها في صدر حاجته من كان ذا أدب فما يوفي كريم حق مادحه لو كان أولاه ما يحويه من نشب المال يفني إذا طال الثواء به والمدح يبقى مدى الأزمان والحقب مدحتهم بكلام لو مدحت به دهري أمنت من الإملاق والنصب مدحتهم بكلام لو مدحت به دهري أمنت من الإملاق والنصب فعاد مدحي لهم هجوًا يضدقه من لؤمهم عودتي عنهم بلا أرب فكان ما قلت من مدحهم كذبًا أستغفر الله من زور ومن كذب وقال في غرض يظهر من الأبيات يخاطب السلطان‏:‏ مالي أرى تاج الملوك وحوله عبدان لا حلم ولا آداب فكأنه البازي الصيود وحوله نغر يقلب ريشه وغراب يا أيها الملك الكرام جدوده أسنى المحافل غيرها أتراب أبدلهما من بالبيض من صفيهما إن العبيد محلها الأبواب وفاته توفي في حدود ثمانية وأربعين وسبعمائة أو بعد ذلك‏.‏
ابن العشاب محمد بن محمد بن إبراهيم بن المرادي ابن العشاب وتردد وقدم على هذا الوطن قدوم النسيم البليل على كبد العليل‏.‏
ولما استقر به قراره واشتمل على جفنه غراره بادرت إلى مؤانسته وثابرت على مجالسته‏.‏
فاجتليت للسرو شخصًا وطالعت ديوان الوفا مستقصا‏.‏


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:40 AM

شعره وشعره ليس بحايد عن الإحسان ولا غفل من النكت الحسان‏.‏
فمن ذلك ما خاطبني به‏:‏ بيمن أبي عبد الله محمد يمن هدأ القطر وانسجم القطر أفاض علينا من جزيل عطايه بحور الديم المد ليس لها جزر وأنسنا لما عدمنا مغانيًا إذا ذكرت في القلب من ذكرها عبر هنييًا بعيد الفطر يا خير ماجد كريم به تسمو السيادة والفخر ودمت مدى الأيام في ظل نعمة تطيع لك الدنيا ويعنو لك الدهر ومما خاطب به سلطانه في حال الاعتقال‏:‏ لعل عفوك بعد السخط يغشاني يومًا فينعش قلب الوالد العان مولاي رحماك إني قد عهدتك ذا حلم وعفو وإشفاق وتحنان فقد تناهى الأسى عندي وعذبني وشرد النوم عن عيني وأعيان وحق ألايك الحسنى وما لك من طول وفضل وإنعام وإحسان إني ولو حلت البلوى على كيدي وأسبكت فوق خد دمعي القان لواثق بجمتم منك يطرقني عما قريب وعفو عاجل دان دامت سعودك في الدنيا مضاعفة تذل طوعًا كل سلطان ابن عبد الملك محمد بن محمد بن عبد الملك بن محمد بن سعيد الأنصاري الأوسي يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن عبد الملك من أهل مراكش وسكن غرناطة‏.‏
حاله من عايد الصلة‏:‏ كان رحمه الله غريب المنزع شديد الانقباض محجوب المحاسن تنبو العين عنه جهامة وغرابة شكل ووحشة ظاهر في طي ذلك أدب غض ونفس حرة وحيديث ممتع وأبوة كريمة أحد الصابرين على الجهد المتمسكين بأسباب الحشمة الراضين بالخصاصة‏.‏
وأبوه قاضي القضاة نسيج وحده الإمام العالم التاريخي المتبحر في الأدب تقلبت به أيدي الدهر بعد وفاته لتبعة سلطت على نسبه فاستقر بمالقة متحارفًا مقدورًا عليه لا يهتدي لمكان فضله إلا من عثر عليه جزافا‏.‏
شعره من لم يصن في أمل وجهه عنك فصن وجهك عن رده ومما خاطبني به قوله‏:‏ وليت ولاية أحسنت فيها ليعلم أنها شرفت بقدرك وكم وال أساء فقيل فيه دني القدر ليس لها بمدرك وأنشدني في ذلك أيضًا رحمة الله عليه‏:‏ وليت فقيل أحس خير وال فعاق مدى مدركها بفضله وكم وال أساء فقيل دنا فمحا محاسنها بفعله ومما خاطب به السلطان يستعديه على من مطله من العمال وعذر عليه واجبه من الطعام والمال‏:‏ مولاي نصيرًا فكم يضام من ما له غيرك اعتصام أمرت لي بالخلاص فمر لي عنده المال والطعام فقال ما اعتاده جوابًا وحسبي الله والإمام هذا مقام ولا فعال بغير مولاي والسلام وفاته فقد في وقيعة على المسلمين من جيش مالقة بأخواز إستبة في ذي قعدة من عام ثلاثة وأربعين وسبعمائة‏.‏
ابن خميس محمد بن خميس بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد ابن خميس الحجري حجرذي رعين التلمسان يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن خميس حاله من عايد الصلة‏:‏ كان رحمه اله نسيج وحده زهدًا وانقباضًا وأدبًا وهمة حسن الشيبة جميل الهيئة سليم الصدر قليل التصنع بعيد عن الريا والهوادة عاملًا على السياحة والعزلة عالما بالمعارف القديمة‏.‏
مضطلعًا بتفاريق النحل قايمًا على صناعة العربية والأصلين طبقة الوقت في الشعر وفحل الأوان في النظم المطول أقدر الناس على اجتلاب الغريب ومزج الجزالة بالسلاسة ووضع الألفاظ البيانية مواضعها‏.‏
شديد الانتقا وإلا رجا خامد نار الروية منافسًا في الطريقة منافسة كبيرة‏.‏
كتب بتلمسان عن ملوكها من بني زيان ثم فر عنهم وقد أوجس منهم خيفة‏.‏
لبعض ما يجري بأبواب الملوك‏.‏
وبعد ذلك بمدة قدم غرناطة فاهتز الوزير ابن الحكيم لتلقيه ومت إليه بالوسيلة العلمية واجتدبه بخطبة التلميذ واستفزه بتأنيسه وبره وأقعده للإقراء بجواره‏.‏
وكان يروم الرحلة وينوي السفر والقضاء يثبطه‏.‏
حدثني شيخنا الرئيس أبو الحسن بن الجياب قال بلغ الوزير أبا عبد الله الحكيم أنه يروم السفر فشق ذلك عليه وكلفنا تحريك الحديث بحضرته‏.‏
وجرى ذلك‏.‏
فقال الشيخ أنا كالدم بطبعي أتحرك في كل ربيع‏.‏
شعره وشعره بديع‏.‏
فمن ذلك قوله يمدح أبا سعيد بن عامر ويذكر الوحشة الواقعة بينه وبين أبي بكر بن خطاب‏:‏ مشوق زار ربعك يا إماما محا آثار دمنتها التثاما تتبع ريقه الطل ارتشافًا فما نفعت ولا نقعت أواما وقبل خد وردتها جهارا وما راعى لضرتها ذماما وما لحريم بيتك أن يدانى ولا لعلا قدرك أن يساما ولكن عاش في رسم مغنى تجشمه سلامًا واستلامًا نفس روضة المطول وهنا فحن وشم رياه فهاما تلقى طيب حديثا روت مسندًا عنه النعاما وأخطأت الطريق إلى حماها فردتك العرادة والخزآما فلا تبصر بسرحتها قضيبًا ولا تذعر بمسرحها سواما وعانق قربانتها اراتباطًا وصافح كف سوسنها التزاما ونافح عرف زهرتها كبًا تعاطك ماء ريقتها مداما ويا برقًا أضاء على أوال يمانيًا متى جيت الشآما أثغر إمامة أنت ابتسامًا أم الدر الأوامي انتظاما خفقت ببطن واديها لوًا ولحت على ثنيتها حساما أمشبه قلبي المضني احتداما على م ذدت عن عيني المناما ولم أسهرتني وطردت عني خيالًا كان يأتيني لماما وأبلغ منه تأريقًا لجفني كلام أثخن الأحشا كلاما تعرض لي فأيقظت القوافي ولو ترك القطا يومًا لناما وقيل وما أرى يومي كأمسي جدعت رواطبا وقلبت هاما وجرعت العدو سمًا زعافًا فكان لحسد موتًا زواما نزعت شواه كبشهم نطاحا ولم أترك لقرمهم سناما به وبما أذلق من لساني أفل الصارم العضب انهزاما وغرام الوزير أبي سعيد أصرفه إذا شيت انتقاما به وبنجله البر انتصارى لما أكلوه من لحمي حراما وردت فلم أرد إلا سرابا وشمت فلم أشم إلا جهاما قطعت الأرض طولًا ثم عرضًا أزور بني ممالكها الكراما وجا جانبي على كرم نداهم وأعجلت الخوافي والقداما وذللت المطامع من إبايي وقبلت البراجم والسلاما ومن أدبي نصبت لهم حبالا أصيد بها النعام ولا النعاما فلم أر مثل ربعي دار أنس ولم أر مثل عثمن إماما ولا كأبيه أو كنى أبيه أبي يحيى غيوثًا أو رهاما كفاني بابن عامر خفض عيش ورفع مكاتبي إلا أضاما وإني من ولايك في يفاع أقابل منهم بدرهم التمام ومن شعره رحمه الله قوله‏:‏ تراجع من دنياك ما أنت تارك وتسلها العتيي وها هي فارك حلالك منها ما خلا لك في الصبا فأنت على حلوايه متهالك تظاه بالسلوان عنها تجملا فقلبك محزون وثغرك ضاحك تنزهت عنها نخوة لا زهادةوشعر عذاري أسود اللون حالك ليالي تغري بي وإن هي أعرضت زنانب من ضواتها وعواتك غصون قدود في حقاف روادف تمايل من ثقل بين الأرايك تطاعنني منهن في كل ملعب ثدي كأسنان الرماح فواتك وكم كلة فيها هنكت ودونها صدور العوالي والسيوف البواتك ولا خدن إلا ما أعدت ردينه لطالبها أو ما تحير هالك تضل فواد المرء عن قصد رشده فواتر ألحاظ للظبا الفواتك وفي كل سن لابن آدم وإن تطل سنوه طباع جمة وعوايك وإلا فمالي بعد ما شاب مفرقي وأعجز رأيي عجز من الركارك أجوب إليها كل بيداء سملق ترافقني فيها الرجال الجواتك واسترشد الشهب الشوابك جار إذا اشتبهت فيها هي المسالك نهازز أمثال الجياد توودة أغوارب أمثال الهضاب توامك ذو أهل عن عض الرجال ظهورها إذا ما اشتكت عض السروج الموارك إذا ما نبا عن سنبك الأرض سنبك هلعن فلانت تحتهن السنابك تقد بنا في كل قاع وفدفد بوايكها والمنغيات الدراهك فأمامها ري كالسحاب موالع وأمامها ركًا كالرياح بواشك قلاص بأطواف الجديل بوالع وجرد لأوساط الشكيم عوالك ترامى بها ليد النوق كل مرتمي فهن نواح للردى أو هوالك وكم منزل خليته لطلابها تعفيه تعدي السافيات السواهك يمر به زواره وعفاته وما آن به إلا الصوق الحبايك وآثارتنا تقادم عهدهم وهن عليه جانيات بوارك لوارب أفراس ونؤى حذاة ثلاث أثاف كالحمام سوادك تمر عليه نسمة الفجر مثلما تمر على طيب العروس المدارك وأرك بكالشهذ ينفح برده لمجهول حسي ماله للدهر مبانك يطلبها مني غريم مماحك ويمطلني منها عديم مماعك أحاول منها لما تعذر في الصبا ومن دونه وقع الحمام المواشك تهاون بالإفك الرجال جهالة وما أهلك الأحياء إلا الأفايك تزن طول تسهادي وقدري تململى طوال الليالي والنجوم النوابك تغير على الدهر منه جحافل كأن مدوم الرجم فيها نيازك فليت الذي سودت فيها معوض بما بيضت مني دجاها الحوالك ألا لا تذكريني تلمسان والهوى وما دهكت منا الخطوب الدواهك فإن ادكار ما مضى من زمانها لجسمي وللصبر الجميل لناهك ولا تصفن أمواهها لي فإنها لنيران أشواقي إليها محارك ومن حال عن عهد أو أخفر ذمة فإني على تلك العهود لرامك سقى منزلي فيها وإن مح رسمه عهاد الغوادي والدموع السوافك وجادت ثرى قبر بمسجد صالح رواعدها والمدخمات الحواشك ولا أقلعت عن دار يونس مزنة هوى صداه لقطرها المتدارك إلى أن يروق الناظرين رواؤها ويرضى الرعاوي نبتها المتلاحك ويصبح من حول الحيا في عراصها زرق تحكى بسطها ودرانك ولا برحت منه ملايكة الرضى تصلي على ذاك الصدى وتبارك ألا ليت شعري هل تقضي لبانتي إذا ما انقضت عشر عليها دكادك وهل تمكن الطيف المغب زيارة فيرقب أو تلقى إليه الروامك وهل تغفل الأيام عنها بقدر ما تودي إليها بالعتاب الحالك ويا ليت شعري أرض تقلني إذا كل عن رحلي الجلال اللكالك وأي غرار من صفاها يحثني إذا فقدتني مسها والدكادك إذا جهل الناس الزمان فإنني بدونهم دون الأنام لحاتك تثبت إذا ما قمت تعمل خطوة فإن بقاع الأرض طرًا شوائك ولا تبذل وجهًا لصاحب نعمة فما مثل بذل الوجه للستر هاتك تجشم ما استطعت واحذر أذاهم ولا تلقهم إلا وهرك شانك فكل على ما أنعم الله حاسد وكل إذا لم يعصم الله حاسك ولا تأنس ريبة الزمان فإنه بمن فات منا لا محالة فانك تمنى مصاب بربر وأعاره وترضى ذكامي فارس والهنادك وبدرت الليالي الجون حوضى لجاجها وتعرف إقدامي عليها المهالك فما أذعنت إلا إلى عشار ولا أصفقت إلا على الشكاشك به شرفت أذواوها وملوكها كما شرفت بالنويهار البرامك فلا تدعون غيري لدفع ملمة إذا ما دهى من حادث الدهر داهك فما إن لذاك الصوت غيرى سامع وما إن لبيت المجد بعدي سامك يغص ويشجي نهشل ومجاشع بما أورثتني حمير والسكاسك تفارقني روحي التي لست غيرها وطيب ثناي لاصق بي صايك وماذا عسى ترجو لداتي وأرتجي وقد شمطت منا اللحا والأفانك يعود لنا شرخ الشاب الذي مضى إذا عاد للدنيا عقيل ومالك ومن شعره أيضًا قوله‏:‏ سحت بساحك يا محل الأدمع وتصرمت سفًا عليك الأضلع ولطالما جادت ثرى الأمال من جاوي مؤمك الغيوث الهمع لله أيام بها قضيتها قد كنت أعلم أنها لا ترجع فلقد رشفت بها رضاب مدامة بنسيم أنفاس البديع تشعشع في روضة يرضيك منها أنها مرعى لأفكار الندام ومشرع تجري بها فقر سكنت رهانها أجدى بميدان الكلام وأسرع نفاثة الأنواء في عقد الثرى والنفت في عقد الثرى لا يمنع حتى إذا حاك الربيع برودها وكسا رباها وشيه المتنوع بدأت كمايم زهرها تبدي بها بدعًا تفرق تارة وتجمع قد صم منها ما تجمع مغلق إذ بت منها ما تفرق مصقع وكلاهما مهما أردت مسالم ومحارب ومؤمن ومروع كل له شرع البيان محلل المنكر في مثل هذا مدفع حيث ازدهت أنوار كل حديقة أدبًا ينظم تارة ويسجع فمرجل من رقمها ومهلل ومسمط من نظمها ومصرع أبدي البديع بها بدايع صنعه فمجنس ومبدل ومرصع وموشح ومرشح ومصدر ومكرر ومفرع ومتبع كل بروق بها بحسن روايه وإذا تزين به كلامك تبرع ولقد غدوت بها وفي وكناتها طير لها فوق الغصون ترجع بمطهم الفكر الذي ما إن له إلا بمستن الأدلة مرتع قيد المطالب لا يزال تحبه بين الجياد لعتقه أو يوضع من بعد ما عفت النواري سبله ومحت معالمه البرياح الأربع لكنني جددت دانر رسمه فطريقه من بعد ذلك مهيع أوضحت فهم حدوده وضروبه والكل في كل المسالك ينفع حتى وردت من السماع مواردًا فيها لظمآن المباحث مكرع مع كل مصقل الذكاء فحدسه لذكاء أسرار الطبايع مطلع يرتاد من نجع العناصر نجعه فيها مصيف للعقول ومرتع لا شيء أبدع من تجاورها وما يبتدي بها ذاك التجاور أبدع فإذا تشعشع مزجها أورى بها نار الحباحب مرجها المتشعشع فمكين سر حياته بحبابها من بعد قدح زنادها مستودع وهنا تفاض عليه صورته التي لبهائها شم الطبايع تخضع من واهب الصور التي قد خصها ببديع حكمته الحكيم المبدع رب له في كل شيء حكمة يقضي بها البدعى والمتشرع وحللت من أرض الرياضة أربعًا نفسي الفداء لها وهذي الأربع قامت زوايها فما أوتادها إلا تقوم ما تقيم الأضلع فأجل ما قد سمته بحولها من بارق لجناب رشدي يلمع لا شك أن وراءه مطرًا له في كل ضرب من قياسي موقع بحر روى مترع ملاحه من فيضه هذا الروي المترع لم لا أضيع بها عهاد مدامعي إني إذًا لعهوها لمضيع خلي لو لم تسعداني في البكا لقطعت من حبليكما ما يقطع أرأيتما نفسًا تفارق جسمها وبه تنعمها ولا تتوجع عظمت رزيتها وأي رزية ظلت لها أكبادنا تتصدع هذي حمامك يا علي سواجع وأخالها أسفًا عليها تسجع إن طارحتني ورقها فبأضلعي شوق يطارحه ادكار موجع آه على جسمي الذي فارقته لا كنت ممن جسمه لا يرجع ومر العجاب رجوع ما أودى به دهر بتشتت الأحبة مولع الحور منه إذا استمر طبيعة والعدل منه إذا استقام تطبع هذي عقوبة زلة سلفت بها من أكل طعمته التي لا تشبع قد كنت أمنع رسخ نفسي قبلها واليوم أوجب أنه لا يمنع دار يدر الرزق من أخلاقها ولكم دعا داع بها من يوضع وكأن مجلسها البهي بصدرها ملك بأعلى دسته متربع وكأن مجمر عنبر بفنايها يذكي ما قد سيف منه يسطع وكأنها المتوكلية بهجة وعلي بن الجهم فيها يبدع في حجر ضب خافض بجواره من كان قبل له العوامل ترفع يا نفثة المصدور كم لك قبلها من زفرة بين الجوانح تسفع وعساك تنقع غل بك إنها بجحيم ما أسبلته لا تنقع لله أنت مذاعة أودعتها من كل سر بالضمائر يودع بدوية في لفظها ونظامها حضرية فيما به يترجع لم لا تشفع في الذي أشكو بها ومثالها في مثله يتشفع ككملت وما افترعت فأي خريدة لو كان يفرعها همام أروع بارت علي فأصبحت لحيائها منى بضافي مرطها تتلفع ومن شعره قوله يمدح ذا الوزارتين أبا عبد الله بن الحكيم وهي من مشاهير أمداحه‏:‏ سل الريح إن لم تسعد السفن أنواء فعند صباها من تلمسان أنباء تمر الليالي ليلة بعد ليلة وللأذن إصغاء وللعين إكلاء وإني لأصبو للصبا كلما سرت وللنجم مهما كان للنجم أصباء وأهدي إليها كل حين تحية وفي رد إهداء التحية إهداء واستجلب النوم الغرار ومضجعي قتاد كما شاءت نواها وسلاء لعل خيالًا من لدنها يمر بي ففي مره بي من جوى الشرق إبراء وكيف خلوص الطيف منها وحولها عيون لها في كل طالعة راء وإني لمشتاق إليها ومنبئ ببعض اشتياقي لو تمكن إنباء وكم قايل تفنى غرامًا بحيها وقد أخلقت منها ملاء وإملاء لعشرة أعوام عليها تجرمت إذا مضى قيظ بها جاء إهراء يطنب فيها عابثون وحزب ويرحل عنها قاطنون وأحياء كأن رماح الذاهبين لملكها قداح وأموال المنازل أبداء فلا تبغين فيها مناخًا لراكب فقد قلصت منها ظلال وأفياء ومن عجبي أن طال سقمي ونزعها وقسم إضناء علينا وإطناء وكم أرجفوا غيظًا بها ثم أرجؤا فيكذب إرجاف ويصدق إرجاء فيا منزلًا نال الردى منه ما اشتهى ترى وهل لعمر الأنس بعدك إنساء وهل للظى الحرب التي فيك تلتظي إذا ما انقضت أيام بوسك إطفاء وهل لي زمان أرتجي فيه عودة إليك ووجه البشر أزهر وضاء فوا سيئى حالي إن هلكت ولم أقل لصحبي بها الغر الكرام الاهاؤا ولم أطرق الدير الذي كنت طارقًا كعادي وبدر الأفق أسلغ مسناء أطيف به حتى تهر كلابه وقد نام عساس وهوم سباء ولا صاحب الأحسام ولهذم وطرف لخد الليل مذ كان وطاء وأسحم قاري كشعري حلكة تلألأ فيه من سنى الصبح أضواء فما لشرابي في سواك مرارة ولا لطعامي دون بابك إمراء وباداري الأولى بدرب حلاوة وقد جد عيث في بلاها وأرداء أما آن أن يحمى حماك كعهده وتجتاز أحماش عليك وأحماء أما آن أن يعشو لنارك طارق جنيب له رفع إليك ودأداء يرجى نوالا أو يؤمل دعوة فما زال قار في ذراك وقراء أحن لها ما أطت النيب حولها وما عاقها عن مورد الماء إظماء كذلك جدي في صحابي وأسرتي ومن لي به من أهل ودي إن فاؤوا ولولا جوار ابن الحكيم محمد لما فات نفسي من بني الدهر إقماء حماني فلم تنتب محلى نوايب بسوء ولم ترزأ فؤادي أرزاء وأكفاء بيتي في كفالة جاهه فصاروا عبيدًا لي وهم لي أكفاء يؤمون قصدي طاعة ومحبة فما عفتة عافوا وما شئته شاء دعاني إلى المجد الذي كنت آملا فلم يك لي عن دعوة المجد إبطاء وبوأني من هضبة العز تلعة يناجي السها منه صعود وطأطاء يشايعني فيها إذا سرت حافظ ويكلأني منها إذا نمت كلاء ولا مثل نومي في كفالة غيره وللذيب إلمام وللصل إلماء بغيضة ليث أو بمرقب خالب تند كسًا فيه وتقطع أكساء إذا كان لي من نايب الملك كافل ففي حيثما هومت كن وإدفاء وأخوان صدق من صنايع جاهه يبادرني منهم قيام وإيلاء سر اع لما يرجى من الخير عندهم ومن كل ما يخشى من الشر إبراء إليك أيا عبد الآله صنعتها لزومية فيها لوجدي إفشاء أذعت بها السر الذي كان قبلها عليه لأحناء الجوانح إضناء وإن لم يكمن كل الذي كنت آملًا واعوز إكلاء فما عاز إكماء ومن يتكلف مفحما شكر منة فما لي إلى ذاك التكلف إلجاء إذا منشد لم يكن عنك ومنشئ فلا كان إنشاد ولا كان إنشاء ومن شعره قوله‏.‏
أطار فؤادي برق ألاحا رقم ضم بعد لو كر جناحا كأن تألقه في الدجا حسام جبان يهاب الكفاحا أضاء وللعين إغفاءة تلذ إذا ما سنى الفجر لاحا كمعني خفي بدا بعضه وزيد بيانا فزاد اتضاحا كأن النجوم وقد غربت نواهل ماء صدرن قماحا لواغب باتت تجد السرى فأدركها الصبح روحى طلاحا وقد لبس الليل أسما له فمحت عليه بلا وانصياحا وأيقظ روض ابربا زهره فمحت عليه بلا وانصياحا وأيقظ روض الربا زهره فحيا نسيم صباه الصباحا أتى يستفيض دموعي امتياحا ويلهب نار ضلوعي اقتداحا فلم يلق دجن انتحابي شحيحا ولم يلف زند اشتياقي شحاحا ولولا توقد نار الحشى لانفدت ماء جفوني امتياحا ومما يشرد عني الكرى هديل حمام إذا نمت صاحا ينوح علي وأبكي له فأقطع ليلى بكًا أو نباحا أعين أريحى أطلب الأسى عليك وما زدت إلا انتزاحا دعيني أرد ماء دمعي فلم أرد بعد مايك ماء قراحا أحن إليك إذا سفت ريحا وأبكي عليك إذا ذقت راحا وأفني التياحا إليك وكم أشحت بوجهي عنك اتشاحا ولولا سخايم قوم أبوا إيابي ركبت إليك الرياحا أباحوا حماي وكم مرة حميت حمى عرضهم أن يباحا ودافعت عنهم بشعري انتصارا فكان الجزاء جلاى المتاحا أباعوا ودادي بخسا فسل أكان سماحهم بي رباحا وأغروا بنفسي طلابها سرارًا فجاءوا لقتلي صراحا فشاورت نفسي في ذا فما رأت لي بغير الفلاة فلاحا فبت أناغي نجوم الدجا نجاء فلم ألق إلا نجاحا أجوب الدياجير وحدي ولا مؤانس إلا القطا والسراحا وإلا الثعالب تحتس في مبيتي فتملأ سمعي ضباحا أجوز الأفاحيص فيحًا قفارا وأعرو الأداحي غبرا فساحا فأعيي شوارد هذي عداء وأعلو لواغي تلك صياحا وجواب بدو إذا استنبحوا أجابوا عواء وأموا النباحا يرون قتالي في الحجر حلًا وإذهاب نفسي فيه مباحا قصدت هناهم فلم أخطهم أعاجم شوس العيون قباحا فسل كيف كان خلاصي من أسارهم أسرى أم سراحا ولا مثل بيت تيممته فلم ألف إلا الغنا والسماحا عيابا ملاء ونيبًا سمانا وغيدًا خدالا وعودًا أقاحا وإلا أعاريب شم الأنوف كرام الجدود فصاحًا صباحا وإلا يعافير سود العيون يرين فساد المحب صلاحا وتحت الوجا طلًا ربرب لو أن القيان رفعن الوجاحا أراني محاسن منه فلم أطق عن حماه بقلبي براحا محيًا وسيمًا وفرعًا أثيثا وقدًا قويمًا وردفًا رداحا وأبدي لعيني بدايع لم يدع لي عقلًا بها حين راحا إذا لم يرد غير سفك دمي فحل وبل له ما استباحا وما زلت سمحًا بنفسي كذا متى ما رأيت الوجوه الملاحا وباين رشيد تعوذت من هواه فقد زدت فيه افتضاحا وقد ضاق صدري عن كتمه وأودعته جفن عيني فباحا وبابن رشيد تعوذت من خطوب أجلن علي القداحا ألح الزمان بأحداثه فألقيت طوعًا إليه السلاحا أعاد شبابي مشيبًا كما سمعت وصير نسكي طلاحا وفرق بيني وبين الأهيل ولم ير ذا عليه جناحا أخي وسميى أصخ مسعدًا لشجو حزين إليك استراحا فقد جب ظهري على ضعفه كدامًا وأدهاى شواتي نطاحا وأعجل سيري عنه ولم يدعني أودع تلك البطاحا نأى بصديقك عن ربعه فكان له النأي موتًا صراحا وكان عزيزًا على قومه إذا هاج خاضوا إليه الرماحا فها هو إن قال لم يلتفت إليه امتهانًا له واطراحا عجبت لدهري هذا وما ألاقي مساء به وصباحا لقد هد مني ركنًا شديدًا وذلل مني حياء لقاحا وقيت الردى من أخ مخلص لو استطعت طرت إليه ارتياحا وإني على فيح ما بيننا لأتبع ذاك الشذا حيث فاحا أحن إليه حنين الفحول ونوح الحمام إذا ما ألاحا إن شيت عرفان حالي وما يعانيه جسمي ضني أو صحاحا فقلب يذوب إليك اشتياقا وصدر يفاح إليك انشراحا وغرس وداد أصاب فضاء نديًا وصادف أرضًا براحا كراسخ مجد تأثلته فلم تخش بعد عليه امتصاحا وعلياء بوئتها لو بغى سموًا إليها السماك لطاحا ودرس علوم تهيم بها عمرت الغدو به والرواحا نشأت عن الخير واعتدته فلم تدر إلا التقي والصلاحا وقمت لها أيما رحلة كسحت المعارف فيها اكتساحا بهرت رجال الحديث اقتداء وفت رجال الكمال اقتراحا فما إن جليس إذا قلت قال أو أن الخطيب إذا لحت لاحا ولو لم تحج بها مكة لحج الملايك عنك صراحا وأما أنا بعد نهي النهى فما زادني الطبع إلا جماحا أدير كؤوس هواي اغتباقا وأشرب ماء دموعي اصطباحا فبرد جواي برد جواب توبخ فيه مشي الوقاحا وهن بنيات فكري وقد أتينك فاخفض لهن الجناحا ومن شعره رحمه الله قوله يمدح ذا الوزارتين المتقدم ذكره ويذكر غفارة وجهها له مع هدية‏:‏ كبت العدى إنعامك البغت فلي الهنا وللعدى الكبت يا من إلى جدوي أنامله يزجي للسفين وتزجر البخت لولاك لم يوصل بناحية وخد ولم يقطع بها دشت خولتني ما لم تسعه يدي فأصابني من كثره غمت شتى أياد كلما عظمت عندي تلكأ خاطري الهت يعيي لساني عن إذاعتها ويضيق عن شكري لها الوقت وطأت لي الدنيا فلا عوج فيما أرى منها ولا أمت أمكنتني منها فما ليدي ردء ولا لمقالتي عت بالغت في بري ولا نسب أدلي إليك ودادي البحت بوركت من رجل برؤيته يوسي الضنا ويعالج الغت لو سار في بهماء مقفرة في حيث لا ماء ولا نبت لتفجر الماء النمير بها ولأعشبت أرجاؤها المرت لا تحسبن البخت نيل عني نيل الرضا منه هو البخت آلت جلالته وحق لها أن لا يحيط بكنهها نعت أظهرت دين الله في زمن ما زال يغلب حقه البهت شيدته وهددت ممتعضًا لضياعه ما شيد الجبت أمنت أرض المسلمين فلا ذئب يخاف بها ولا لصت ونهجت سبيل المكرمات فما لمؤمل عن غايه ألت لم تبق غفلًا من متالعها إلا وفيه لحاير برت هادن ظفاة الكفر ما هدأت حتى يجيء نهارها المحت دعها تودع في معاقلها ما لم تعد جفاتها العفت كم ذدتها عنا وقد هبرت لهراشنا أشداقها الهرت بوقوف طرفك عند شدته يبأى ويفخر ملكها الرت ويشكر ما اظهرت من كرم في ذاك تفصح عجمها المرت لك من ممالكها وإن رغمت ما جال فيه جوادك الحت ولكل أصيد من بطارقها في كل أرى له دعت لولا لباك البيض ما أرقت للقايها أفراسنا الكمت عنده لمن ينتابه مقة ولمن ينيب لغيره مقت ولو أن بيضك لم تسل لما ذلت أنوف طغاتها السلت يا ابن الحكيم أمنت صرف ردى أبدًا له في أثلتي نحت وبيمنه أنست من أملي ما لم يكن يومًا له عرت وببأسه أطفى شرارة من يعثو وأقدح أنف من يعت عم الورى جودًا وفضل غنى حتى تساوى العد والغلت وهمي على عال ومنخفض لم يبق فوق لا ولا تحت ظل إذا نصطاف معتدل عطر الشذا وحيًا إذا نشت يتضاءل الصبح المنير إذا لاقى سناه جبينك الصلت حتى كأن شمس الضحى قمر وكأن ضوء شعاعها فخت وغيبة في لطف صنعتها يمضي الزمان وما لها أخت ينأى الندى بها إذا لبست ويتيه إن طويت بها التخت زنجية لكن لمحتدها في الروم يعنو القس والشنت مثل العروس على منصتها من شأنها التزيين والزت لأكون أنحل ما أكون هدى فيها فيعبل جسمي الشخت وبمثل شيبي فوق حلكتها يبدو الوقار ويحفظ السمت تظهريني بلباسها وبه عندي لها الإيثار ما عشت لا زلت تؤثرني بها أبدًا ولا تف من يشقي بذا السلت ومن شعره أيضًا في المدح قوله رحمه الله من قصيدة ثبتت في ديوان مجموع من أمداحه منها قوله‏:‏ طرقتك وهنًا أخت آل علاج والركب بين دكادك وحراج ومن شعره أيضًا في المدح قوله رحمه الله من قصيدة ثبتت في ديوان مجموع من أمداحه منها قوله‏:‏ طرقتك وهنًا أخت آل علاج والركب بين دكادك وحراج في ليلة ليلاء لم ينبح بها كلب ولم يصرخ أذين دجاج أني اهتدت لمضللين توهنوا منها لهتك دياجر ودياج متسربلى برد الظلام كأنهم فيه قداح في رماية ساج وثقوا بمحمود السرى وتسلموا لمخارم مجهولة وفجاج ومنازل درس الرسوم بلاقع أخوين من هيج ومن هجهاج محت معالمهن غير مثلم كسوار تاج أو كدملج عاج ومواثل مثل الحمام جواثم ورق وأسمج دائم التشحاج ومشجج ما زال منهل الحيا يبكي صداه بدمعه الثجاج حتى أعاد لعوده أوراقه خضر الظلال ذكية الآراج وكسا عراة عراصه من وشيه حللا تبور صنعة الديباج كم ليلة مرت ولم يشعر بها غيري وغير منادمي وسراج بتنا ندير إلى انبلاج صباحها كأس الهوى صرفًا بغير مزاج وتدير أعيننا حديث غرامنا بمرامز من فضها وأحاج بمآرج النفحات من دارين أو بمدارج النسمات من دراج وخلوص ود في نقاء سريره كسلاف راح في صفاء زجاج أمحضته حظي من الزمن الذي أعيي مراسي أهله وعلاج واخترت قرب جواره لخلوصه وتركت كل مماذق مراج ما في زمانك غير فاخلص له غيبًا وداهن من أردت وداج لا تحلفن بغيره واستعفين بوقاره عن كل غمر ماج أترك بني الدنيا وأعرض عنهم فعساك تطعم لذة الإثلاح نزهت نفسي عنهم بنواله وحفظتها من جاهه بسياج أصبحت من آلايه وولايه في عزة ضحيا وعز داج وغمامه الهامي على آماله من غير إرعاد ولا إرعاج وهزبر آجام القنى الضاري إذا سقطت عواتمها على الأزجاج ضمن الإله له على أعدايه ما شاء من ظفر ومن إفلاج أبقى أبو عبد الإله محمد ما شاد والده أبو الحجاج وبني أبو إسحق قبل وصنوه ركنا الضعيف ومعدنا المحتاج وجرى على آثار أسلاف لهم درجوا وكلهم على منهاج ما منهم إلا أعز مبارك مصباح ليل أو صباح عجاج بيت بنوه من سراوة حمير في الذروة العلياء من صنهاج كم كان في الماضين من أسلافهم من رب إكليل وصاحب تاج أساس كل رياسة ورؤس كل سياسة وليوث كل هياج أعيت نجوم الليل من سهر وما أعيا أبو موسى من الإدلاج حتى أصارته لرحمة ربه يوم العقاب وقيعة الأعلاج

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:41 AM



محنته أحظاه وزير الدولة أبو عبد الله ابن المحروق واختصه ورتب له بالحمراء جراية وقلد نظره خزانة الكتب السلطانية‏.‏
ثم فسد ما بينهما فاتهمه ببراءات كانت تطرح بمذامه بمسجد البيازين وترصد ما فيها فزعم أنه هو الذي طرحها بمحراب المسجد فقبض عليه واعتقل ثم وفاته ولما بلغته بإفريقية وفاة مخيفة كر راجعًا إلى الأندلس فتوفي في طريقه ببونه من بلاد العناب أو بأحوازها في أواخر عام ثلاثين أو أقرب من الأواخر وسبعماية‏.‏
محمد بن جابر بن يحيى بن محمد بن ذي النون التغلبي ويعرف بابن الرمالية من أهل غرناطة ويعرف خلفه الآن ببني مرزبة ولهم أصالة وقدم وجدة‏.‏
حاله فقيه نبيه نبيل ذكي عنده معرفة بالفقه والأدب والعربية حسن المشاركة والمحاضرة حاضر الذهن ذاكر لما قرأه‏.‏
مشيخته روى عن الإمام أبي بكر بن العربي‏.‏
قال أبو القاسم الملاحي وحدثني سنة أربع وسماية قال حدثني الإمام أبو بكر بن العربي رضي الله عنه قال حدثني محمد بن عبد الملك السبتي قال خرجت مع أبي الفضل الجزيري مشيعين لقافلة الحاج من بغداد ومودعين لها من الغد وحين أصبحنا أثيرت الجمال وفرض الناس الرحال ونحن بموضع يعرف بجب عميرة إذا بفتى شاحب اللون حسن الوجه يشيع الرواحل راحلة بعد أخرى فنيت ومشى الحاج وهو يقول في أثناء تردده ونظره أليها‏:‏ أحجاج بيت الله في أي هودج وفي أي بيت من بيوتكم حبى أأبقى رهين القلب في أرض غربة وحاديكم يحدو فؤادي مع الركب قول أسفًا لم أقض منكم لبانتي ولم أتمتع بالسلام وبالقرب وفرق بيني بالرحيل وبينكم فها أنذا أقضي على إثركم نحبي يقولون هذا آخر العهد منكم فقلت وهذا آخر العهد من قلب قال فلما كمل الحج المشى‏.‏
وانقطع رجاؤه وجعل يخطو هايمًا وهو ينشد ثم رمى بنفسه إلى الأرض وقال‏:‏ خل دمع العين ينهمل بأن من تهواه وارتحل أي دمع صاله كلف فهو يوم البين ينهمل قال ثم مال على الأرض قبادرنا إليه فوجدناه ميتًا فحفرنا له لحدًا وغسلناه كفناه في رداء وصلينا عليه‏.‏
ودفناه‏.‏
محمد بن محمد بن يبش العبدري من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن بيبش حاله كان خيرًا منقبضًا عفا متصاونًا مشتغلًا بما يعنيه‏.‏
مضطلعًا بالعربية عاكفا عمره على تحقيق اللغة مشاركًا في الطب‏.‏
متعيشًا من التجارة في الكتب‏.‏
أثرى منها وحسنت حاله‏.‏
وانتقل إلى سكنى سبتة إلى أن حططت بها رسولًا في عام اثنتين وخمسين وسبعماية‏.‏
فستدعيته ونقلته إلى بلده فقعد للاقراء به إلى أن توفي‏.‏
وجرى ذكره في بعض الموضوعات الأدبية بما نصه‏:‏ معلم مدرب مسهل مقرب له في صنعة العربية باع مديد وفي هدفها سهم سديد ومشاركة في الأدب لايفارقها تسديد خاصى المنازع مختصرها مرتب الأحوال مقررها تميز لأول وقته بالتجارة في الكتب فسلطت عليها منه أرضة آكلة وسهم أصاب من رميتها شاكلة أترب بسببها وأثرى وأغنى جهة وأفقر أخرى وانتقل لهذا العهد الأخير إلى سكنى غرناطة مسقط رأسه ومنبت غرسه وجرت عليه جراية من أحباسها ووقع عليه قبول من ناسها وبها تلاحق به الحمام فكان من ترابها البداية مشيخته قرأ على شيخ الجماعة ببلده أبي جعفر بن الزبير وعلى الخطيب أبي عبد الله بن رشيد والوزير أبي محمد بن المؤذن المرادي والأستاذ عبد الله بن الكماد وسمع على الوزير المسن أبي محمد عبد المنعم بن سماك‏.‏
وقرأ بسبتة على الأستاذ أبي إسحاق الغافق‏.‏
شعره أنشدني بدار الصناعة السلطانية من سبتة تاسع جمادى الأولى من عام اثنين وخمسين المذكور عند توجهي في غرض الرسالة إلى السلطان ملك المغرب قوله يجيب عن الأبيات المشهورة التي أكثر فيها الناس وهي‏:‏ يا ساكنا قلبي المعنى وليس فيه سواك ثان لأي معنى كسرت قلبي وما ألتقى فيه ساكنان تحلتني طايعًا فؤادًا فصار إذ حزته مكان لاغرو إذا كان لي مضافًا اني على الكسر فيه بان وقال يخاطب أبا العباس عميد سبتة أعزه الله وهي مما أنشدنيه في التاريخ المذكور وقد أنا ملك الغر التي سيب جودها يفيض كفيض المزن بالصيب القطر أتتنى منها تحفة مثل عدها إذا انتضيت كانتكمرهفة السمر هي الصفر لاكن تعلم البيض انها محكمة فيها على النفع والضر مهذبة الأوصال ممشوقة كما تصاع سهام الرمى من خالص التبر فقبلتها عشرًا ومثلث أنى ظفرت بلثم في أناملك العشر وأنشدني في التاريخ المذكور في ترتيب حروف الصحاح قوله‏:‏ أساجعة بالواديين تبوئى ثمارًا جنتها حاليات خواضب دعى ذكر روض زاره سقى شربه صباح ضحى ‏"‏ طير طما ‏"‏ عصايب غرام فؤادي قاذف كل ليلة متى مانأى وهنا هواه يراقب ومن مطولاته ما رفعه على يدي السلطان وهو قوله‏:‏ ديار خطها مجد قديم وشاد بناءها شرف صميم وحل جنابها الأعلى علًا يقصر عنه رضوى أو شميم سقى نجدًا بها وهضاب نجد عماد ثرة وحيًا تميم ولا عدمت رباه رباب مزن يغادى روضهن ويستديم وتنشره الصبا فتريك درًا نشيرًا خانه عقد نظيم وظلت في طلال الأيك تشدو مطرقة لها صوت رخيم ترجع في الغصون فنون شجع بألحان لها يصبو الحليم أهم بملتقى السوادى تجد وليس سواه في واد أهيم وكنت صرفت عنه النفس كرها وما برحت على نجد تحوم له بيت سما فوق الثريا وعز لايخيمولايريم تبوأ من بني نصر علاها وأنصار للنبي له أروم أفاض على الوررى نيلًا وعدلًا سواء فيه مثرٍ أوعديم ملاذ للملوك إذا ألمت صروف الدهر أو خطب جسيم تؤمله فتامن في ذراه وتدنو من علاه فيستقيم ويبدو في ندى الملك بدرًا تحف به الملوك وهم نجوم يوجه يوسفى الحسن طلق يضى بنوره الليل البهيم وتلقاه للعافة له ابتسام ومنه للعدى أخذ للييم فيا شرف الملوك لك انقطاعي وإني في محلكم خديم فللظماورودك خير ورد نمير ماؤه عذب جيم ولا أضحى وفي معناك ظل ظليل حين تحندم السموم ركبت البحر نحوك والمطايا تسير لها ذميل أو رسيم وإن علاك إن عطفت بلحظ على فذلك العز المقيم فوا أسفى على عمر تقضي بدارٍ ليس لي فيه حميم سوى ثمر للفؤاد ذهبت عنه وبين جوانحي منه كلوم ودون لقابها عرض الفيافي ونجد موجه طود عظيم لعل الله ينعم باجتماع وينظم شلنا اليسر الرحيم بقيت بغبطة وقرارعن يملك سعده أبدًايدوم كما دامت حلى الأنصار تتلى يشيد بذكرها الذكر الحكيم عليك تحية عطر شذاها تعرف الروض جادته الغيوم مولده بغرناطة في رجب ثمانين وستماية‏.‏
وتوفي عام ثلاثة وخمسين وسبعماية ودفن بباب البيرة وتبعه من الناس ثناء حسن رحمه الله‏.‏
من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بنسبه حاله من عايد الصلة‏:‏ كان حافظًا للقرآن طيب النغمة به طرفًا في ذلك من أهل المشاركة في العلم واعظًا بليغًا أستإذا يقوم على العربية قيام تحقيق ويستحضر الشواهد من كتاب الله وخطب العرب وأشعارها بعيد العرين في ذلك آخذًا في الأدب حفظة للأناشيد والمطولات بقية حسنة ممتعة‏.‏
مشيخته قرأ على الأستاذ أبى عبد الله بن الفخار الأركثى وبه تأدب ولازمه كثيرًا فانتفع به‏.‏
شعره مما صدر به رسالة لزوجه وهو نازح عنها ببعض البلاد‏.‏
فقال‏:‏ سلام كرشف الطل في مييم الورد وسيل نسيم الريح بالقضب الملد سلام كما ارتاح المشوق مبشرًا برويا من يهواه من دون مما وعد سلام كما يرضى المحب حبيبه من الجد في الإخلاص والصدق في الوعد على ظبية في الأنس مرتعها الحشا فتدوى إليه لا لشيح ولا ررند ومن أطلع البدر التمام جبينهايرى تحت ليلٍ من دجا الشعر مسود وثغر أقاحٍزانه سمط لؤلؤ يجب به المررجان في أحكم النضد يجول به سلسال راحٍ معتق حمته ظبا الألحاظ صونًا عن الورد فلله عينا من رأى بدر أسعد وروضة أزهار علت غصن القد وبشرى لصب فاز منها بلمحة من القرب بشراه بمستكمل السعد وأضحى هواها كامنًا بين أضلعي كمزن خفي النار في باطن الزند وراحت فراح الروح إثر رحلها وودعت صبرى حين ودعها كبد وصارت لي الأيام تبدو لياليًا وقد كان ليل الوصل صبحًا بها يبد فساعاتها كالدهر طولًا وطالما حكى الدهر ساعات بها قصرًا عندي ومنها‏:‏ ترى قلبها هل هام مني بمثل ما بقلبي من الحب الملازم والوجد وهل ترعى ذمتي ومودتي كما أنا أرعاها على القرب والبعد إليك خطابي والحديث لغايب كنيت بلفظي عن مغيبك بالعمد توفي ببغرناطة تحت جراية من أمرايها لاختصاصه بقراءة القرآن على قبورهم في التاسع عشر من شعبان عام ستة وثلاثين وسبعماية‏.‏
توفي ببغرناطة تحت جراية من أمرايها لاختصاصه بقراءة القرآن على قبورهم في التاسع عشر من شعبان عام ستة وثلاثين وسبعماية‏.‏
محمد بن عبد الولى الرعيني من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بالعواد حاله من ‏"‏ عايد الصلة ‏"‏‏:‏ الشيخ المكتب والأستاذ الصالح سابق الميدان وعلم أعلام القرآن في إتقان تجويده والمعرفة بطرق روايته والاضطلاع بفنونه لايشق غباره ولايتعاطى طلقه ولا تأتي الأيام بمثله‏.‏
تستقصر بين يديه مدارك الأعلام وتظهر سقطات الأيمة‏.‏
مهتديًا إلى مكان الحجج على المسايل‏.‏
مصروف عنان الأشغال إليه مستندًا إلى نغمةٍ رخيمة وإتقان غير متكلف وحفظ غزير وطلب إلى التصدر للإفراد فأبى لشدة انقباضه‏.‏
فنبهت بالباب السلطاني على وجوب نصيه للناس فكان ‏"‏ ذلك ‏"‏ في شهر شعبان من عام وفاته فانتفع به‏.‏
وكان أدأب الناس على سنة والزمهم لميقات ورد‏.‏
يجعل جيرانه حركته إلى ذلك ليلًا‏.‏
ميقاتًا لايختلف ولا يكذب في ترحيل الليل‏.‏
‏"‏ شديد الطرب ‏"‏ مليح الترتيب لاتمر به ساعة ضياعًا إلا وقد عمرها بشأن حاله من ‏"‏ عايد الصلة ‏"‏‏:‏ أستاذ الجماعة وعلم الصناعة وسيبويه العصر وآخر الطبقة من أهل هذا الفن كان رحمه الله فاضلًا تقيًا منقبضًا‏.‏
عاكفًا على العلم ملازمًا للتدريس إمام الأيمة من غير مدافع مبرزًا أمام أعلام البصريين من النحاة منتشر الذكر بعيد الصيت عظيم الشهرة مستجر الحفظ يتفجر بالعربية تفجر البحر ويسترسل استرسال القطر قد الطت دمه ولحمه لايشكل عليه منها مشكل ولا يعوزه توجيه ولاتشذ عنه حجة‏.‏
جدد بالأندلس ما كان قد درس من لسان العرب من لدن وفاة أبي على الشلوبين مقيم السوق على عهده‏.‏
وكانت له مشاركة في غير صناعة العربية من قراءات وفقه وعروض وتفسير‏.‏
وتقدم خطيبًا بالجامع الأعظم وقعد للتدريس بالمدرسة النصرية وقل في الأندلس من لم يأخذ عنه من لطلبة‏.‏
واستعمل في السفارة إلى العدوة مع مثله من الفقهاء فكانت له حيث حل الشهرة وعليه الازدحام والغاشبة وخرج ودرب وأقرأ وأجاز لايأخذ على ذلك ‏"‏ أجرًا ‏"‏ وخصوصًا فيما ‏"‏ دون ‏"‏ البداية إلا الجراية المعروفة مقتصدًا في أحواله وقورًا مفرط الطول نحيفًا سريع الخطو قليل الالتفات والتعريج متوسط الزي متبذلًا في معالجة مايتملكه بخارج البلد قليل مشيخته قرأ بسبتة على الشيخ الإمام أبي إسحق الغافقى ولامه كثيرًا وأخذ عنه وأكثر عليه‏.‏
وقرأ على الإمام الصالح أبي عبد الله بن حريث والمقرررى الشريف الفاضل أبي العباس الحسنى والشيخ الأستاذ النظار أبي القاسم بن الشاط‏.‏
وأخذ عن الخطيب المحدث أبي عبد الله بن رشيد‏.‏
والقاضي أبي عبد الله بن القرطبي وغيرهم‏.‏
وهو أستاذي قرأت عليه القرآن وكتابي الجمل والإيضاح وحضرت عليه دولًا من الكتاب ولازمته مدة وعاشرته وتوجه صحبتي في الرسالة إلى المغرب‏.‏
توفي بغرناطة ليلة الإثنين الثاني عشر من رجب عام أربعة وخمسين وسبعماية وكانت جنازته حالفة‏.‏
وخمدت قرايح الآخذين عنه ممن يدلى دلو أدب‏.‏
فيأتي بماء أو حماة على كثرتهم تقصيرًا عن الحق وقدحًا في نسب الوفاء إلا ما كان من بعض من تأخر أخذه عنه‏.‏
وهو محمد بن عبد الله اللوشي فإنه قال‏:‏ وعين هذه الأبيات قراها‏:‏ ويوم نعى الناعي شهاب المحامد تغيرت الدنيا لمصرع واحد فلا عذر للعينين إن لم تسايحا بدمع يحكاكي الوبل يشفى لواحد طواه الردى ماكل حي يهابه وما ورده عارًا بشين لوارد لقد غيبت منه المكارم في بالثرى غداة نوى وانسد باب الفوايد فياحاملي أعواده ما علمتم بسؤدده الجم الكريم المحاند وياحفرة خطت له اليوم مضجعًا سقتك الغوادي الصادقات الرواعد إلا ياحمام الأيك ساعدني بالبكا على لم الدنيا وزين المشاهد على أني لو استطعت الفدا فديته بأنفس آل من طريف وتالد محمد ماللنعمى لموتك غضة توقف ولا ماء الحياة ببارد وكيف وباب العلم بعدك مغلق ومورده المتروك بين الموارد أأستاذنا كنت الرجا لآمل فأصبحت مهجور الفنا لقاصد فلا تبعدن شيخ المعارف والحجا ليس الذي تحت التراب بباعد لتبك العلوم بعدك شجوها وبقفر لها ربع العلا والمعاهد ليبك عليك الجود والدين والتقا وحسب البكا أن صرت ملحود لاحد أولاي من للمشكلات يبينها فيجلى عمى كل القلوب الشواهد ومن ذا يحل المقفلات صعابها ومن ذا الذي يهدي السبيل لحايد وبالكوكبا غال النهار ضياءه وشيكًا وهل هذا الزمان بخالد سأبكيك ما لاحت بروق لشايم وأرعاك ما كان الغمام بعابد وبالكوكبا غال النهار ضياءه وشيكًا وهل هذا الزمان بخالد سأبكيك ما لاحت بروق لشايم وأرعاك ما كان الغمام بعابد عليك سلام الله ما دامت الصبا يغصنٍ في الأراكة مايد ‏"‏ قلت‏:‏ العجب من الشيخ ابن الخطيب‏.‏
كيف قال وخمدت قرايح الآخذين عنه وهو من أجل من أخذ عنه حسبما قرره آنفًا بل أخص من ذلك المعاشرة والسفارة للعدوة‏.‏
وهو مع ذلك أقدرهم على هذا الشأن وأسخاهم قريحة في هذا الميدان وإن أتى غيره بماء أوحمأة أتى هو بالبحر الذي لاساحل له‏.‏
ولعمري لو قام هو بما يجب من ذلك لزال القدح في نسب وفاء الغيرر فعين مانسبه من التقصير عن الحق في ذلك متوجه عليه ولاحق له ولايبعد عنده أن يكون وقع بينهما ما أوجب إعراضه مما يقع في الأزمان ولاسيما بين أهل هذا الشأن فيكون ذلك سببًا في إعراض الغير مشيًا في غرضه ومساعدة له‏.‏
والله أعلم بحقيقة ذلك كله ‏"‏ محمد بن محمد البلنسى من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله حاله محمد بن سعد بن محمد بن لب بن حسن ابن حسن بن عبد الرحمن بن بقى يكنى أبا عبد الله ويعرف باسم جده أوليته كان القاضي العدل أبو عبد الله بن هشام قاضي الجماعة بالأندلس يجل سلفه وبنسبة إلى بقي بن مخلد قاضي بالخلافة بقرطبة‏.‏
وابن هشام ممن يحتج به‏.‏
حاله هذا الرجل فاضل حسن الخلق جميل العشرة كريم الصحبة مبذول المشاركة معروف الذكاء والعفة مبسوط الكنف مع الانقباض فكه مع الحشمة تسع الطوائف أكناف خلفه ويعم المتضادين رحب ذرعه‏.‏
طالب محصل‏.‏
حصيف العقل حسن المشاركة في فنون من فقه وقراءات ونحو وغير ذلك‏.‏
تلكم للناس بجامع الربض ثم بمسجد البكلاي المجاور للزاوية والتربة اللتين أقمتهما بأخشارش من داخل الحضرة وحلق به لتعليم العلم فأنثال عليه المتعلم والمستفيد والسامع لاجادة بيانه وحسن تفهيمه‏.‏
مشيخته قرأ القرآن بجرف نافع على أبيه وعلى الشيخ الخطيب المكتب أبي عبد الله بن عامور‏.‏
وقرأ العربية على إمام الجماعة الأستاذ أبي عبد الله بن الفخار وجود عليه القرآن بالقراءات السبع وقرأ على الأستاذ أبي سعيد بن لب شعره أنشدني من ذلك قوله بعد الانصراف من مواراة جنازة‏:‏ كم أرى مدمن لهو ودعه لست أخلى ساعة من تبعه كاكن لي عذر لدى عهد الصبا وأنا آمل في العمر سعه أو ما يوقظنا من كلنا أنفًا لقبره قد شيعه سيما وقد بدا في مفرقي ماإخال الموت قد جاء معه فدعوني ساعة أبكي على عمر أمسيت ممن ضيعه ومن شعره في النوم وهو كثير مايطرفه‏:‏ أباد البين أجناد التلاقي وحالت بيننا خيل الفراق فجودوا وارحموا وارثوا ورقوا على من جفنه سكب المآقي ياصاحبي قفا المطايا واشفقًا فالعبيد عبده إذا انتهى وانقضى زمان هل يرسل الله من يرده مولده في الثاني عشر لصفر من عام اثنين وعشرين وسبعماية‏.‏
الطراز محمد بن علي بن يوسف الأنصاري من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بالطراز حاله من صلة ابن الزبير‏:‏ كان رحمه الله مقريًا جليلًا ومحدثًا حافلًا به ختم بالمغرب هذا الباب البتية‏.‏
وكان ضابطًا متقتنًا ومقيدًا حافلًا بارع الخط حسن الوراقة عارفًا بالأسانيد والطرق والرجال وطبقاتهم مقربًا عارفًا بالأسانيد والقراءات ماهرًا في صناعة التجويد مشاركًا في بعلم العربية والفقه والأصول وغير ذلك كاتبًا نبيلًا مجموعًا فاضلًا متخلقًا ثقة فيما روى عدلًا ممن يرجع إليه فيما قيد وضبط ولإتقانه وحذقه‏.‏
كتب بخطه كثيرًا وترك أمهات حديثية اعتمدها الناس بعده وعولوا عليها‏.‏
وتجرد آخر عمره إلى كتاب ‏"‏ مشارق الأنوار ‏"‏ تأليف القاضي أبي الفضل عياض وكان قد تركه في مبيضة في أنهى درجات النسخ والإدماج والإشكال وإهمال الحروف حتى اخترمت منفعتها حتى استوفى ما نقل منه المؤلف وجمع عليها أصولًا حافلة وأمهات جامعة من الأغربة وكتب اللغة فتخلص الكتاب على أتم وجه وأحسنه وكمل من غير أن يسقط منه حرف ولا كلمة‏.‏
والكتاب في ذاته لم يؤلف مثله‏.‏
مشيخته روى عن القاضي ابن الطباع وعن أبي عبد الله بن صاحب الأحكام والمتكلم وأبي محمد بن عبد الصمد بن أبي رجا وأبي القاسم الملاحى وأبي محمد الكواب وغيرهم ‏"‏ أخذ عن هؤلاء كلهم ببلده ‏"‏ وبقرطبة عن جماعة وبمالقة كذلك وبسبتة‏.‏
وبإشبيلية عن أبي بالحسن بن زرقون وابن عبد النور‏.‏
وبفاس وبمرسية عن جماعة‏.‏
قلت‏:‏ هذه الترجمعة في الأصل المختصر منه هذا طويله واختصرتها لطولها‏.‏
توفي ببغرناطة ثالث شوال عام خمسة وأربعين وستماية وكانت جنازته من أحفل جنازة إذ كان الله قد وضع له ودا في قلوب المؤمنين‏.‏
ابن حيان النفزي محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان النفزي
من أهل غرناطة يكنى أبا حيان ويلقب من الألقاب المشرقية بأثير الدين حاله كان نسيج وحده في ثقوب الذهن وصحة الإدراك ‏"‏ والحفظ ‏"‏ والاضطلاع بعلم العربية والتفسير وطريق الرواية إمام النحاة في زمانه غير مدافع نشأ ببلده غرناطة مشارًا إليه في التبريز بميدان الإدراك وتغيير يالسوابق في مضمار التحصيل‏.‏
ونالته نبوة لحق بسببها بالمشرق واستقر السوابق في مضمار التحصيل‏.‏
ونالته نبوة لحق بسببها بالمشرق واستقر بمصر فنال ما شاء من عز وشهرة وتأثلٍ وبروحظوة وأضحى لمن حل بساحته من المغاربة ملجًا وعدة‏.‏
وكان شديد البسط مهيبًا جهوريًا مع الدعابة والغزل وطرح السمت شاعرًا مكثرًا مليح الحديث لايمل وإن أطال وأسن جدًا وانتفع به‏.‏
قال بعض أصحابنا دخلت عليه وهو يتوضًا وقد استقر على إحدى رجليه لغسل الأخرى كما تفعل البرك والأوز فقال لو كنت اليوم جار شلير ما تركني لهذا العمل في هذا السن‏.‏
قرأ ببلده على الأستاذ حايز الرياسة أبي جعفر بن الزبير ولازمه وانتسب إليه وانتفع به وشاد له بالمشرق ذكرًا كبيرًا‏.‏
ويقال إنه نادى في الناس عندما بلغه نعية وصلى عليه بالقاهرة وله إليه‏.‏
مخاطبات أدبية اختصرتها وعلى الأستاذ الخطيب أبي جعفر علي بن محمد الرعيني الطباع والخطيب الصالح ولي الله أبي الحسن فضل بن محمد بن علي ابن ابراهيم بن فضيلة المافري‏.‏
وروى عن القاضي المحدث أبي على الحسين ابن عبد العزيز بن أبي ألأحواض الفهرى والمكتب أبي بسهل اليسر بن عبد الله ابن محمد بن خلف بن اليسر القشيري والأستاذ أبي الحسن بن الصابيغ والأديب الكاتب أبي محمد عبد الله بن هرون الطائي بتونس وعلى المسند صفى الدين أبي محمد عبد الوهاب بن حسن بن إسماعيل بن مظفر بن الفرات الحسنى بالأسكندرية والمسند الأصولي وجيه الدين أبي عبد الله محمد ابن عبد الرحمن بن أحمد بن عمران الأنصاري بالثغر والمحدث نجيب الدين أبي عبد الله محمد ىبن أحمد بن محمد بن المؤيد الهمداني بالقاهرة وغيرهم ممن يشق إحصارهم‏.‏
كالإمام بهاء الدين محمد بن ابراهيم ابن محمد بن أبي نصر بن النحاس الشافعي‏.‏
قرأ عليه جميع كتاب سيبويه في سنة ثمان وثمانين وستماية وقال له عند ختمه لم يقرأه على أحد غيره‏.‏
وتواليفه كثيرة منها شرحه كتاب ‏"‏ تسهيل الفوايد لابن مالك‏:‏ وهو بديع وقد وقفت على بعبضه بغرناطة في عام سبعة وخمسين وسبعماية‏.‏
وكتابه في تفسير الكتاب العزيز وهو المسمى ‏"‏ بالبحر المحيد ‏"‏ تسمية زعموا موافقة للغرض‏.‏
وألف كتابًا في نحو اللسان التركى حدثنا عنه الجملة الكثيرة من أصحابنا كالحاج أبي يزيد خالد بن عيسى والمقرى الخطيب أبي جعفر الشقورى والشريف أبي عبد الله بن راجح وشيخنا الخطيب أبي عبد بن مرزوق‏.‏
وقال حدثنا الأستاذ العلامة المتفنن أبو جعفر أحمد بن ابراهيم بن الزبير سماعًا من لفظه وكتبًا من خطه بغرناطة عن الكاتب أبي بإسحق بن عامر الهمداني الطوسى بفتح الطاء حدثنا أبو عبد الله بن محمد العنسى القرطبي وهو آخر من حدث عنه أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد الحافظ الجياني ناحكم بن محمد نا أبو بكر بن المهندس نا عبد الله ابن محمد نا طالوت بن عياد بن بصال بن جعفرن سمعت أبا إمامة الباهلي بقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ أكفلوا لي بيت أهل لكن في الجنة إذا حدث أحدكم بلا كذب وإذا ايتمن فلا يخن وإذا وعد فلا يخلف‏.‏
غضوا أيساركم وكفوا أيديكم واحفظوا فروجكم‏.‏
وقال أنشدنا الخطيب أبو جعفر الطباع‏.‏
قال أنشدنا ابن خلفون‏.‏
قال أنشدنا أبو عبد الله محمد بن سعيد‏.‏
قال أنشدنا أبو عمران موسى ابن أبي تليد لنفسه‏:‏
فهمه في خلاص مهجته ** يروم تخليصها فيشتبك
ومن ملحه‏:‏ قال قدم علينا الشيخ المحدث أبو العلاء محمد بن أبي بكر البخاري الفرضى بالقاهرة في طلب الحديث‏.‏
وكان رجلًا حسنًا طيب الأخلاق لطيف المزاج فكنا نسايره في طلب الحديث فإذا رأى صورة حسنة قال هذا حديث على شرط البخاري فنظمت هذه الأبيات‏:‏ بدا كهلال العيد وقت طلوعه وماس كغصن الخيزران المنعم غزال رخيم الدل وافي مواصلا موافقة منه على رغم لوم مليح غريب الحسن أصبح معلمًا بخمرة خد بالمحاسن معلم وقالوا على شرط البخاري قد أتى فقلنا على شرط البخاري ومسلم فقال مولاي أنا البخاري فمن مسلم فقلت له أنت البخاري وأنا مسلم محنته حملته حدة الشبيبة على ‏"‏ التعريض للأستاذ ‏"‏ أبي جعفر الطباع وقد وقعت بينه وبين أستاذه ابن الزبير الوحشة فنال منه وتصدى للتأليف في الرد عليه وتكذيب روايته فرفع أمره إلى السلطان فامتعض له ونفذ الأمر بتنكيله فاختفى ثم أجاز البحر مختفيًا ولحق بالمشرق يلتفت خلفه‏.‏


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:43 AM

شعره وشعره كثير بحيث يتصف بالإجادة وضدها‏.‏
فمن مطولاته رحمه الله قوله‏:‏
لا تعذلاه فما ذو الحب معذول ** العقل مختبل والقلب متبول
هزت له أسمرًا من خوط قامتها ** فما انثنى للصب إلا وهو مقتول
جميلة فصل الحسن البيع لها ** فكم لها جمل منه وتفصيل
فالنحر ذو غنجٍ والعرف ذو أرج ** والخصر مختطف والعنق مجدول
هيفاء ينبس في الخصر الوشاح لها ** ردمًا تخرس في الساق الخلاخيل
من اللواتي غذاهن النعيم فما ** يشقين آباؤها الصيد البهاليل
نزر الكلام غميات الجواب ** إذا سلن بعد الصحا حصر مكاسيل
من حليها ومناها مونس وهدى ** فليس يلحقها ذعر وتضليل
حلت بمنعقد الزوراء زارة شوسا ** غياري فعقد الصبر محلول
أتاك منك نذير فأنذرن به ** وبادر التوب إن التوب مقبول
وأمل العفر واسلك مهمها قدفا ** إلى رضى الله إن العفو مأمول
إن الجهاد وحج البيت مختتما ** بزورة المصطفى للعفو تأميل
فشق حيزوم هذا الليل ممتطيًا ** أخا خرام به قد يبلغ السؤل
أقب أعوج يعزي للوجيه له ** وجه أغر وفي الرجلين تحجيل
جفر حوافره معر قوايمه ** ضمر أياطله وللذيل عثكول
إذا توجه أصغى وهو ملتفت ** ساعر اعتقا فيهن تأليل
إن تعارض به هوجا هاج له ** جرى يرى البرق عنه وهو مخذول
يحمى حوزة الإسلام ملتقيًا ** كتايبا غص منها العرض والطول
كتايبًا قد عموا عن كل واضحةٍ ** من الكتاب وغرتهم أباطيل
في رماقط ضرب الموت الزوام ** به سرادقًا فعليهم منه تخييل
هيجا يشرف فيها المشرفي على ** هام العدو ويصحب النقع تظليل
يلاطم الريح منه أبيض نفق ** له من السحب المزبد إكليل
يعلو حضارة منه شامخ جلل ** سام طفا وهو بالنكباء محمول
كأنما هو في طخيا لجتة ** أيم يعرو أديم السيل شمليسل
ما زالت الموج تعليه وتخفضه ** حتى بدا من منار الثغر قنديل
وكبر الناس أعلاه الرنيم ** وكلهم طرفه بالشهد مكحول
وصافحوا البيد بعد اليم وابتدروا ** سبلًا بها لجناب الله توصيل
على نجايب تتلوه أجنابها خيل ** بها الخير معقود ومعقول
في موكب تزحف الأرض الفضاء به ** أضحت وموحشها بالناس مأمول
يطارد الوحش منه فيلق لجب ** حتى لقد ذعرت في بيدها الغول
سيوفهم طرب نحو الحجاز فهم ** ذوو ارتياح على أكوارها ميل
شعث رؤسهم يبس شفاهم ** خوص عيونهم غرب مهازيل
حتى إذا لاح من بيت الإله لهم ** نور إذا هم على الغبرا أراحيل
تعرفوا عرفات واقفين بها ** لهم إلى الله تكبير وتهليل
لما قضينا من الغراء منسكنا ** ثرنا وكل بنار الشوق مشمول
شدنا إلى الشد قميات التي ** سكنت أبدانهن وأفناهن تنقيل
إلى الرسول تزجي كل تعلمة ** أجل من نجوة تزجى المراسيل
من أنزلت فيه آيات مطهرة ** وأورثت فيه توراته وإنجيل
وعطرت من شذاه كل ناحية ** كأنما المسك في الأرجاء محلول
سر من العالم العلوي ضمنه ** جسم من الجوهر الأرضي محمول
نور تمثل في أبصارنا بشرًا ** على الملايك من سيماه تمثيل
لقد تسامى وجبريل مصاميه ** إلى مقام راخى فيه جبريل
أوحى إليه الذي أوحاه من كثب ** فالقلب واع بسر الله مشغول
يتلو كتابًا من الرحمن جاء به ** مطهرًا ظاهر منه وتأويل
جارٍ على منهج الأعراب أعجزهم ** باقٍ مع الدهر لاياتيه تبديل
لاذو بذوبان خطى وبتر ظبا ** يوم الوغا واعتراهم منه تنكيل
فمونف في جبال الوهد منحدر ** وموثق في حبال الغد مكبول
مازال بالعضب هتاكًا سوابغهم ** حتى انثنى العصب منهم وهو مفلول
وقد تحطم في نحر العدا قصد ** أصم الوشج وخانتها العواميل
من لايعدله القرآن كان له ** من الصفاد وبيض البتر تعديل
وكم له معجزا غير القرآن أتى فيه ** من الحق منقول ومعقول
فللرسول انشقاق البدر نشهده ** كما لموسى انفلاق البحر منقول
ونبع ماء فرات من أنامله ** كالعين ثرت فجا الهتان ماء النيل
رووا الخميس وهم زهاء سبع مي ** مع الركاب فمشروب محمول
ومى عين بكف جاء يحملها ** قتادة وله شكوى وتعويل
فكانت أحسن عينيه ولا عجب ** مست أناميل فيها اليمن مجعول
والجذع حن إليه حين فارقه ** حنين ولهى لها للروم مثكول
والعنكبوت بباب الغار قد نسجت ** حتى كأن رداءً منه مسدول
وفرخت في حماه الورق ساجعة ** تبكي وما دمعها في الخد مطول
هذا وكم معجزات للرسول أتت ** لها من الله أمداد وتأصيل
غدت من الكثر أعداد النجوم فما ** يحصى لها عددًا كتب ولاقيل
قد انقضت معجزات الرسل منذ قضوا ** نحبًا وأعجم منها ذلك الجيل
ومعجزات رسول الله باقية ** محفوظة مالها في الدهر تحويل
تكفل الله هذا الذكر يحفظه ** وهل يضيع الذي بالله مكفول
هدى المفاخر لايحظى الملوك بها ** الملك منقطع والوحي موصول
ومن مطولاته في غرض يظهر منها‏:‏
هو العلم لا كالعلم شيء تراوده ** لقد فاز باغيه وأنجح قاصده
وما فضل الإنسان إلابعلمه ** وما امتاز إلا ثاقب الذهن واقده
وقد قصرت أعمارنا وعلومنا ** يطول علينا حصرها ونكابده
لقد حاز في الدنيا فخارًا وسوددًا ** أبو الأسود الديلي فللجر سانده
هو استنبط العلم الذي جل قدره ** وطار به للعرب ذكر نعاوده
وساد عطا نجله ابن هرمز ويحيى ** ونصر ثم ميمون ماهده
وعنبسة قد كان أبرع صحبه ** فقد قلدت جيد المعالي قلايده
ومازال هذا العلم تنميه سادة ** جهابذة تبلى به وتعاضده
إلى أن أتى الدهر العقيم بواحد ** من الأزد تنميه إليه فرايده
إمام الورى ذاك الخليل بن أحمد ** أقرله بالسبق في العلم حاسده
وبالبصرة الغرا قد لاح فجره ** فنارت أدانيه وضاءت أباعده
ياذكى الورى ذهنًا وأصدق لهجة ** إذا ظن أمرًا قلت ماهو شاهده
وما أن يروى بل جميع علومه ** بداية أعيت كل حبرٍ تجالده
هو الواضع الثاني الذي فاق أولا ** ولا ثالث في الناس تصمى قواصده
فقد كان ربانى أهل زمانه ** صوم قوم راكع الليل ساجده
وأكثر سكناه بقفر بحيث لا ** تناغيه إلا عفره وأوابده
وما قوته إلا شعير يسيغه ** بماء قراح ليس تغشى موارده
عزوبًا عن الدنيا وعن زهراتها ** وشوقًا إلى المولى وما هو واعده
ولما رأى من سيبويه نجابة ** وأيقن أن الحين أدناه باعده
تخيره إذ كان وارث علمه ** ولا طفه حتى كأن هو والده
وعلمه شيئًا فشيئًا علومه إلى ** أن بدت سيماه واشتد ساعده
فإذ ذاك وافاه من الله وعده ** وراح وحيد العصر اذ جاء واحده
أتى سيبويه ناشرًا لعلومه ** فلولاه أضحى للنحو عطلًا شواهده
وأبدى كتابًا كان فخرًا وجوده ** لحطان إذ كعب بن عمرو محاتده
وجمع فيه ما تفرق في الورى ** فطارفه يعزى إليه وتالده
بعمرو بن عثمان بن قنبر الرضا ** أطاعت عواصيه وتابت شوارده
عليك قرآن النحو نحو ابن قنبر ** فآياته مشهودة وشواهده
إذا كنت يومًا محكمًا في كتابه ** فإنك فينا نابه القدر ماجده
ولست تبالي إن فككت رموزه ** أعضك دهر أم عرتك ثرايده
هو العضب إن تلق الهياج شهرته ** وإن لاتصب حربًا فإنك غامده
تلقاه كل بالقبول وبالرضى فذور ** الفهم من تبدو إليه مقاصده
ولم يعترض فيه سوى ابن طراوة ** وكان طريًا لم تقادم معاهده
وجسره طعن الميرد قبله ** وإن الثمالي بارد الذهن خامده
هما ماهما صارامدى الدهر ضحكة ** يزيف ما قالا وتبدو مفاسده
تكون صحيح العقل حتى إذا ترى ** تبارى أبا بشرٍ إذا أنت فاسده
يقول امرؤ قد خامر الكبر رأسه ** وقد ظن أن النحو سهل مقاصده
ولم يشتغل إلا بنزر مسايل ** من الفقه وفي أوراقه هو راصده
وقد نال بين الناس جاهًا ورتبه ** وألهاك عن نيل المعالي ولا بده
وما ذاق للآداب طعمًا ولم يبت ** يعنى بمنظوم ونثر يجاوده
لعمرك ماذو لحية وتسمت ** وإطراق رأس والجهات تساعده
فيمشي على الأرض الهوينا كأنما ** إلى الملإ الأعلى تناهت مراصده
وإبهامك الجهال أنك عالم ** وأنك فرد في الوجود وزاهده
بأجلب للنحو الذي أنت هاجر ** من الدرس بالليل الذي أنت هاجده
أصاح تجنب من غوى مخذل ** وخذ في طريق النحو أنك راشده
لك الخير فادأب ساهرًا في علومه ** ‏"‏ فلم تشم ‏"‏ إلا ساهر الطرف ساهده
ولا ترج في الدنيا ثوابًا فإنما ** لدى الله حقًا أنت لاشك واجده
ذوو النحو في الدنيا قليل حظوظهم ** وذو الجهل فيها وافر الحظ زايده
لهم أسوة فيها على لغدٍ مضى ** ولم يلق في الدنيا صديقًا يساعده
مضى بعده عنها الخليل فلم ينل ** كفافًا ولم يعدم حسودًا يناكده
ولاقي أبا بشرٍ سفيهها غداة ** تمالت في ضلال يمادده
أتى نحو هارون يناظر شيخه ** فنفحة حتى تبدت مناكده
ولابن زياد شركة في مراده ** ولابن رشيد بشرك للقلب رابده
هما جرعا إلى على وقنبر ** أفاويق سم لم تنجد أساوده
أبكى على عمرو ولا عمر مثله ** إذا مشكل أعيا وأعوز ناقده
قضى نحبه شرخ الشبيبة لم يرع ** بشيب ولم تعلق بذام معاقده
لقد كان للناس اعتناء بعلمه ** بشرقٍ وغربٍ تستنار فوايده
والآن فلا شخص على الأرض قارئ ** كتاب أبي بشرٍ ولا هو رايده
سوى معثر بالغرب فيهم تلفت ** إليه وشوق ليس يخبو مواقده
وما زال منا أهل أندلس له ** جهابذ تبدى فضله وتناجده
وإني في مصر على ضعف ناصري ** صره ما دمت حيًا وعاضده
أثار أثير الغرب للنحو كامنًا ** وعالجه حتى تبدت قواعده
وأحيا أبو حيان ميت علومه ** فأصبح علم النحو ينفق كاسده
إذا مغربي حط بالثغر رحله ** تيقن أن النحو أخفاه لاحده
علا عقله فيهم هواه فما ذرى ** بأن هوى الإنسان للنار قايده
أقمنا بمصر عشرين حجة ** يشاهدنا ذو أمرهم ونشاهده
فلما ننل منهم مدى الدهر طايلا ** ولما نجد فيهم صديقًا نوادده
لنا سلوة فيمن سردنا حديثهم ** وقد يتسلى بالذي قال سارده
أخي إن تصل يومًا وبلغت سالمًا ** لغرناطة فانفذ لما أنا عاهده
وقبل ثرى أرض بها حل ملكنا ** وسلطاننا الشهم الجميل عوايده
مبيد العدا قتلًا وقد عمر شرهم ** ومحي الندى فضلًا وقد رم هامده
أفاض على الإسلام جودًا ونجدةً ** فعز مواليه وذل معانده
وعم بها إخواننا بتحية ** وخص بها الأستاذ لاعاش كايده
جزى الله عنا شيخنا وإمامنا ** وأستاذنا الحبر الذي عم فايده
لقد أطلعت جيان أوحد عصره ** فللغرب فخر أعجز الشرق خالده
مؤرخة نحوية وإمامة محدثة ** جلت وصحت مسانده
وإني وإن شطت بنا غربة النوى ** لشاكر له في كل وقت وحامده
بغرناطة روحي وفي مصر جثتي ** ترى هل يثنى الفرد من هو فارده
أبا جعفر خذها قوافى من فتى ** تتيه على غر القوافي قصايده
يسير بلا إذن إلى الأذن حسنها ** فيرتاح سماع لها ومناشده
غريبة شكل كم حوت من غرايب ** مجيدة أصل أنتجتها أماجده
فلولاك يامولاى ما فاه مقولي ** بمصر ولا حبرت ما أنا قاصده
لهذبتني حتى أحوك مفوقًا من النظم ** لايبلى مدى الدهر آبده
وأذكيت فكري بعد ما كان خامدًا ** وقيد شعري بعد ما ند شارده
جعلت ختامًا فيه ذكرك إنه ** هو المسك بل أعلى وإن عز ناشده
ومما دون المطولات قوله رحمه الله‏:‏
تفردت لما أن جمعت بذات ** وأسكنت لما أن بدت حركات
فلم أر في الأكوان غيرًا لأنني ** أزحت عن الأغيار روح حيات
أقامت زمانًا في حجاب فعندما ** تزحزح عنها رامت الخلوات
لنقضي بها ما فات من طيب أنسنا ** بها وننال الجمع بعد شتات
ومن النسيب قوله‏:‏
كتم اللسان ومدمعى قد باحا ** وثوى الأسى عندي وأسى راحا
إني أحب طي ما نشر الهوى ** نشرًا وما زال الهوى إفصاحًا
ومهجتي من لا أصرح باسمه ** ومن الإشارة ما يكون صراحًا
ريم أروم حنوه وجنوحه ** ويروم عني جفوة وجماحًا
أبدى لنا من شعره وجبينه ضدين ** ذا ليلًا وذاك صباحًا
عجبًا له يأسو الجسوم بطبه ** ولكم بأرواحٍ أثار جراحًا
فبلقطه برء الأخيذ ولحظه ** أخذ البرى فما بطيق براحًا
ناديته في ليلة لا ثالث إلا ** أخوه البدر عارف لاحا
يا حسنها من ليلة لو أنها ** دامت ومدت لتوصال جناحًا
وقال‏:‏
جمعت معاني الحسن فيك فقد ** غدت قيد القلوب وفتنة الأبصار
متصاون خفير إذا ناطقته ** أغضى حيًا في سكون وقار
في وجهه زهرات لفظ تجتلي ** من نرجس مع وردة وبهار
خاف اقتطاف الورد من جنباتها ** فأدار من أسر سياج عذار
وتسللت نمل العذار بخده ** ليردن شهدة ريقه المعطار
وبخده ورد حمتها وردها ** فوقفن بين الورد والإصدار
كم ذا أوارى في هواه مهجتي ** ولقد وشى بي فيه فرط أوار
ومن نظمه من المقطوعات في شتى الأغراض قوله رحمه الله‏:‏
أزحت نفسي من الإيناس بالناس ** لما غنيت عن الأكياس بالياس
وصرت في البيت وحدي لا أرى أحدًا ** بنات فكري وكتبر هن جلاس
وقال‏:‏
وزهدني في جمعي المال إنه إذا ما ** انتهى عند الفتى فارق العمرا
فلا روحه يومًا أراح من العنا ** ولم يكتسب حمدًا ولم يدخر أجرًا
وقال‏:‏
سعت حية من شعره نحو صدغه ** وما انفصلت من خده إن ذا عجب
وأعجب من أن سلسال ريقه برود ** و لكن شب في قلبي اللهــــب
وقال‏:‏
راض حبيبي عارض ** قد بدا يا حسنه من عارض
رابض وظن قوم أن قلبي سلا ** والأصل لا يعتد بالعارض
وقال‏:‏
سال في الخد للحبيب عذار ** وهو لاشك سايل مرحوم
وسألت التثامه فتجنى** فأنا اليوم سايل محروم
وقال‏:‏
جننت بها سوداء لون وناظر ** ويا طالما كان الجنون بسوداء
وجدت بها برد النعيم وإن فؤادي ** منها في جحيم ولأواء
وقال في فتى يسمى مظلوم‏:‏
وما كنت أدري أن مالك مهجتي ** يتسمى بمظلوم وظلم جفاوه
إلى أن دعاني للصبا فأجبته ** ومن يك مظلومًا أجيب دعاؤه
وقال‏:‏
جن غيري بعارض فترجى ** أهله أن يفيق عما قريب
وفؤادي بعارضين مصاب ** فهو داء أعيى دواء الطبيب
وقال‏:‏
شكا الخصر منه ما يلاقي بردفه ** وأضعف غصن البان جر كثيب
إذا كان منه البعض يظلم بعضه ** فما حال شط المزار غريــب
وقال‏:‏
وذو شفةٍ لميا زينت بشامة من المسك ** في رشافها يذهب النسك
ظميت إليها ريقةً كوثرية ** بمثل لقايي ثغرها ينظم الســــلك
أجل شفيعٍ ليس يمكن رده ** دراهم بيض للجروح مراهم
تصير صعب الأمر أسهل ماترى ** ويقضي لباناتٍ للفتى وهو نايم
وقال‏:‏
نعيد ود قريب ضل كبير عتب قليل عتبًا كالشمس ظرفًا كالمسك عرفًا كالخشف طرفًا كالصخر قلبًا ‏.‏
وقال‏:‏
عداتي لهم فضل على ومنة ** فلا أذهب الرحمن عني الأعاديا
هم بحثوا عن رتى فاجتنبتها ** وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا
مولده‏:‏ ولد بغرناطة عام اثنين وخمسين وستماية‏.‏
وفاته‏:‏ أخبرني الحاج الخطيب الفاضل أبو جعفر الشقوري رحمه الله‏.‏
قال توفي عام خمسة وأربعين وسبع ماية بمصر ودفن بالقرافة‏.‏
وكانت جنازته حافلة‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:51 AM

ومن الطاريين عليها في هذا الحرف ابن الكماد اليكي محمد بن أحمد بن داود بن موسى بن مالك اللخمي اليكي من أهل بلش يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن الكماد حاله من ‏"‏ عايد الصلة ‏"‏‏:‏ كان من جلة صدور ‏"‏ الفقهاء ‏"‏ الفضلاء زهدا وقناعة وانقباضًا إلى دماثة الخلق ولين الجانب ‏"‏ وحسن اللقاء ‏"‏ والسذاجة المموهة بالغفلة والعمل على التقشف والعزلة قديم السماع والرحلة إماما مشهورًا في القراءات يرحل إليه ويعول عليه إتقانًا ومعرفة منها بالأصول كثير المحافظة والضبط محدثًا ثبتًا بليلغ التحرز شديد الثقة فقيهًا متصرفًا في المسايل أعرف الناس بعقد الشروط ذا حظ من العربية واللغة والأدب‏.‏
رحل إلى اللعدوة وتجول في بلاد الأندلس فأخذ عن كثير من الأعلام وروي وقيد وصنف وأفاد وتصدر للإقراء بغرناطة وبلش وعيرهما وتخرج بين يديه جملة وافرة من العلماء والطلبة وانتفعوا به‏.‏
مشيخته قرأ ببلده مرسية على الأستاذ أبى الحسن على بن محمد بن لب بن أحمد ابن أبي بكر الرقوطي والمقرى أبى الحسن بن خلف الرشاطي والمحدث الجليل أبى محمد بن عبد الله بن داود بن خطاب الغافقي المرسى‏.‏
وممن أجازه الفقيه أبو عثمان سعيد بن عمرو البطرني والقاضي أبو علي بن أبي الأحوص لقيه ببلش مالقة وبسطة فروى عنه الكثير والأستاذ أبو القاسم بن الأصهر الحارثي لقيه بألمرية‏.‏
ولقي بغرناطة الأستاذ أبا جعفر الطباع والوزير الراوية أبا القاسم محمد بن يحيى بن عبد الرحمن ابن جزى الكلبي روى عنه وأجازه‏.‏
وكتب له بالإجازة جماعة كبيرة من أهل المشرق والمغرب حسبما تضمنه برنامجه‏.‏
تواليفه اختصر كتاب ‏"‏ المقنع ‏"‏ في القراءات اختصارًا بديعًا وسماه كتاب ‏"‏ الممتع في تهذيب المقنع ‏"‏ وغير ذلك‏.‏
شعره من ذلك وقد وقف على أبيات ابي القاسم بن الصقر في فضل الحديث‏:‏ لقد حاز أصحاب الحديث وأهله شأوًا وتوتيرًا ومجدًا مخلدًا بدعوة خبر الخلق أفضل مرسل محمد المبعوث بالنور والهدا بدعوة خبر الخلق أفضل مرسل محمد المبعوث بالنور والهدا فهم دونوا علم الحديث وأتقنوا ونصوا بتبيين صحيحًا ومسندا وجاءوا بأخبار الرسول وصحبه على وجهها لفظًا ورسمًا مقيدا وهم نقلوا الآثار والسنن التي من أصبح ذا لفظًا ورسمًا مقيدًا وهم نقلوا الآثار والسنن التيمن أصبح ذا أخذ بها فقد اهتدا وما قصروا فيها بفقهٍ ولا ونوا بل التزموا حدًا وحزمًا مؤكدًا وهم أوضحوا من بعدهم باجتهادهم وبيينهم سبل الهدى لمن اقتدا جزاهم إله العرش عنا بنصحهم بأحسن ماجازي نصيحًا ومرشدًا ونسله سبحانه نه هديهم وسعيًا إلى التقوى سبيلًا ومقصدًا ومن شعره رحمه الله قوله‏:‏ عليك بالصبر وكن راضيًا بما قضاه الله تلقى النجاح واسلك طريق المجد والهج به فهو الذي يرضاه أهل الصلاح وقد ألف شيخنا أبو البركات بن الحاج جزءًا سماه ‏"‏ شعر من لا شعر له ‏"‏ فيه من شعر هذا مولده قبل الأربعين وستماية‏.‏
وتوفي ثاني شهر الله المحرم عام اثنى عشر وسبعماية ابن حفيد الأمين مولده قبل الأربعين وستماية‏.‏
وتوفي ثاني شهر الله المحرم عام اثنى عشر وسبعماية ابن حفيد الأمين محمد بن أحمد بن علي الغساني من أهل مالقه يكنى أبا القاسم ويعرف بابن حفيد الأمين حاله كان من أهل العلم والفضل والدين المتين والدؤوب على تدريس كتب الفقه‏.‏
استظهر كتاب ‏"‏ الجواهر ‏"‏ لابن شاس واضطلع بها فكان مجلسه من مجالس الحفاظ حفاظ المذهب وانتفع به الناس وكان معظمًا فيهم متبركًا به على سنن الصالحين من الزهد والانقباض وعدم المبالاة بالملبس والمطعم‏.‏
وقال صاحبنا الفقيه أبو الحسن النباهي في تذييله لتاريخ مالقة‏:‏ كان رجلا ساذجًا مخشوشنًا سنى المنازع شديد الإنكار على أهل البدع‏.‏
جلس للتحليق العام محمد بن أحمد بن علي بن قاسم المذحجي من هل ملتماس يكنى أبا عبد الله حاله من العايد‏:‏ كان رحمه الله من بلده وأعيانهم أستاذا متفننًا مقريًا لكتاب الله كاتبًا بليغًا شديد العناية بالكتب كثير المغالاة في قيمها وأثمانها حتى صارله من أعلاقها وذخايرها ماعجز عن تحصيله كثير من أهل بلده‏.‏
كتب بخطه وقيد كثيرًا من كتب العلم‏.‏
وكان مقربًا مجودًا عارفًا بالقراءات بصيرًا بالعربية ثقة ضابطًا مبرزًا في العدالة حريصًا على العلم استفادة ثم إفادة لا يأنف من حمله عن أقرانه وانتفع به هل بلده والغرباء أكثر‏.‏
مشيخته أخذ عن طايفة من أهل العلم‏.‏
منهم الشيخان الرحلتان أبو عبد الله ابن الكماد وأبو جعفر بن الزيات عظيمًا بلده والخطيب ولي الله أبو عبد الله الطنجالي والقاضي أبو عبد الله بن بكر‏.‏
وروى عن الشيخ الوزير أبي عبد الله بن ربيع وابنه الراوية أبي عامر والخطيب الصالح أبي إسحق بن أبي العاصي‏.‏
وروى عن الشيخ الراوية الرحال أبي عبد الله ابن عامر الوادي أشى مولده ولد ببلش عام ثمانية وثمانين وستماية وفاته‏:‏ توفي ببلش عاشر شهر شعبان من عام أربعة وثلاثين وسبعماية‏.‏
محمد بن أحمد بن علي الغساني من أهل مالقة يكنى أبا الحكم ويعرف بابن حفيد الأمين حاله من العايد‏:‏ كان هذا الشيخ من أهل العلم والدين المتين والجرى على سنن الفقهاء والتقدمين عقد الشروط بمالقة مدة طويلة في العدول المبرزين وجلس للتحليق في المسجد الأعظم من مالقة بعد فقد أخيه أبى القاسم وخطب بمسجد مالقة الأعظم‏.‏
ثم أخر عن الخطبة لمشاحنة وقعت بينه وبين بعض الولاة أثمرت في إحنته‏.‏
ولم يزل على ما كان عليه من الاجتهاد في العبادة والتقييد للعلم والاشتغال به والعناية بأهله إلى أن توفي على خير عمل‏.‏
مشيخته قرأ على الأستاذ الخطيب أبى محمد الباهلي وروى عن جلة من الشيوخ مثل صهره الخطيب الوالي أبي عبد الله الطنجالي وشاركه في أكثر شيوخه والأديب الحاج الصالح أبي القاسم مولده‏:‏ ولد بمالقة عام ثلاثة وسبعين وستماية وفاته‏:‏ توفي بمالقة يوم الأربعاء الثامن عشر لذي حجة من عام تسعة وأربعين وسبعماية‏.‏
ودخل غرناطة غير ما مرة مع الوفود من أهل بلده وفي أغراضه الخاصة‏.‏
محمد بن أحمد الرقوطي المرسي يكنى أبا بكر حاله كان طرفًا في المعرفة بالفنون القديمة المنطق والهندسة والعدد والموسيقا الطب فيلوسفًا طبيبًا ماهرًا آية الله في المعرفة بالألسن‏.‏
يقرى الأمم بألسنتهم فنونهم التي يرغبون في تعلمها شديد الباو مترفعًا‏.‏
متعاطيًا‏.‏
عرف طاغية الروم حقه لما تغلب على مرسية فبنى له مدرسة يقرى فيها المسلمين والنصارى واليهود ولم يزل معظمًا عنده‏.‏
ومما يحكى من ملحه معه أنه قال له يومًا وقد أدنى منزلته وأشاد بفضله لو تنصرت وحصلت الكمال كان عندي لك كذا وكذا وكنت كذا فأجابه بما أقنعه‏.‏
ولما خرج من عنده قال لأصحابه أنا الآن أعبد واحدًا وقد عجزت عما يجب له فيكف يحالي لو كنت أعبد ثلاثة كما أراد مني وطلبه سلطان المسلمين ثاني الملوك من بني نصر واستقدمه وتلمذ له وأسكنه في أعدل البقع من حضرته‏.‏
وكان الطلبة يغشون منزله المعروف له وهو بيدى الآن فتعلم عليه الطب والتعاليم وغيرها إذا كان لا يجاري في ذلك‏.‏
وكان قوى العارضة مضطلعًا بالجدل وكان السلطان يجمع بينه وبين منتابي حضرته ممن يقدم منتحلا صناعة أو علمًا فيظهر عليهم لتمكنه ودالته حسبما يانى في إسم أبي الحسن الأبدي وأبي القاسم بن خلصون إن شاء الله‏.‏
وكان يركب إلى باب السلطان عظيم التودة معار البغلة رايق البزة رفيق المشي إلى أن توفي بها‏.‏
سمح الله له‏.‏
ابن الدباغ الإشبيلي محمد بن ابراهيم بن المفرج الأوسي المعروف بابن الدباغ الإشبيلي‏.‏
كان واحد عصره في حفظ مذهب مالك وفي عقد الوثائق ومعرفة عللها عارفًا بالنحو واللفة والأدب والكتابة والشعر والتاريخ‏.‏
وكان كثير البشاشة عظيم انقباض طيب النفس جميل المعاشرة كثير المشاركة شديد الواضع صبورًا على المطالعة سهل الألفاظ في تعليمه وإقرايه‏.‏
أقرأ بجامع غرناطة لأكابر علمايها الفقه وأصوله وأقرأ به الفروع والعقايد للعامة مدة‏.‏
وأقرأ بجامع باب الفخارين وبمسجد ابن عزرة وغيره‏.‏
مشيخته قرأ على والده الأستاذ أبي إسحق ابراهيم وعلى الأستاذ أبي الحسن الدباج وعلى القاضي أبي الوليد محمد بن الحاج التجيبي القرطبي وعلى القاضي أبي عبد الله بن عياض وفاته توفي برندة يوم الجمعة أول يوم من شوال عند انصراف الناس من صلاة الجمعة من عام ثمانية وستين وستماية ابن الرقام محمد بن إبراهيم بن محمد الأوسي ابن أهل مرسية نزيل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن الرقام الشيخ الأستاذ المتفنن‏.‏
حاله كان نسيج وحده وفريد دهره علمًا بالحساب والهندسة والطب والهيئة وغير ذلك مديد الباع‏.‏
أصيل المعرفة‏.‏
مضطلعًا متجرًا لايشق غبارة‏.‏
أقرأ التعاليم والطب والأصول بغرناطة لما استقدمه السلطان ثاني الملوك من بني نصر من مدينة بجاية فانتفع الناس به وأوضح المشكلات وسيل من الأقطار النازحة في الأوهام العارضة ودون في هذه الفنون كلها ولخص ولم يفتر من تقييد وشرح وتلخيص وتدوين‏.‏
تواليفه وتواليفه كثيرة منها كتابة الكبير على طريقة كتاب ‏"‏ الشفا ‏"‏ والزيج القويم الغريب المرصد والبنية رسايله على جداول ابن إسحق وعدل مناخ الأهلة وعليه كان العمل‏.‏
وقيد أبكار الأفكار في الأصول ولخص المباحث كتاب الحيوان والخواص‏.‏
ومقالاته كثيرة جدًا ودواوينه عديدة‏.‏
محمد بن جعفر بن أحمد بن خلف بن حميد ابن مأمون الأنصاري ونسبه أبو محمد القرطبي أمويا من صريحهم بلنس الأصل يكنى أبا عبد الله حاله كان صدرًا في متقنى القرآن العظيم وأيمة تجويده مبرزًا في النحو إمامًا معتمدًا عليه بارع الأدب وافر الحظ من البلاغة والتصرف البديع في الكتابة طيب الإمتاع بما يورده من الفنون كريم الأخلاق حسن السمت كثير البشر وقورًا دينًا عارفًا ورعًا وافر الحظ من رواية الحديث‏.‏
مشيخته روى عن أبي إسحق بن صالح وأبي بكر بن أبي ركب وأبي جعفر ابن ثعبان وأبي الحجاج القفال وأبي الحسن شريح وأبي محمد عبد الحق ابن عطية وأبي الحسن بن ثابت وأبي الحسن بن هذيل وتلا عليه بالسبع وأبو عبد الله بن عبد الرحمن المذحجي الغرناظي وابن فرح القيسي و أبي القاسم خلف بن فرتون‏.‏
ولم يذكر أنهم أجازوا له‏.‏
وكتب له أبو بكر عبد العزيز بن سدير وابن العزفي وابن قندلة فأبو الحسن طارق بن موسى وابن موهب ويونس بن مغيث وأبو جعفر بن أيوب وأبو الحكم عبد الرحمن بن غشيان وأبو عبد الله الجياني المعروف بالبغدادي‏.‏
وذكر أبو عبد الله بن يربوع أن له راوية عن أبي الحسن بن الطراوة‏.‏
من روى عنه روى عنه أبو بحر صفوان بن إدريس وأبو بكر بن عتيق الأزدى وابن قترال وأبو جعفر الجيار والذهبي وابن عميرة الشيهد وأبو الحسن بن عزمون وابن عبد الرزق وأبو الحسن عبيد الله بن عاصم الداري وأبو الربيع بن سالم وأبو زكريا الجعفري وأبو سليمان ابن حوط الله وأبو عبد الله الأندرشي وابن الحسين بن محبر وابن ابراهيم الريسى وابن صلتان وابن عبد الحق التلمسني وابن يربوع وأبو العباس العزفي وأبو عثمن سعد الحفار وأبو علي عمر بن جميع وأبو عمران بن إسحق وأبو القاسم الطيب بن هرقال وعبد الرحيم ابن إبراهيم بن قريش الملاحي وأبو محمد بن دلف بن اليسر وأبو الوليد ابن الحجاج‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:58 AM


تواليفه له شرح على ‏"‏ إيضاح الفارسي ‏"‏ وآخر على جمل الزجاجي ‏"‏ وفاته‏:‏ توفي بمرسية إثر صدوره عن غرناطة عشى يوم السبت لثلاث عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة ست وثمانين وخمسماية محمد بن حكم بن أحمد بن باق الجذامي من أهل سرقسطة‏.‏
سكن غرناطة ثم فاس يكنى أبا جعفر حاله كان مقربًا مجودًا محققًا بعلم الكلام وأصول الفقه محصلًا لهما متقدمًا في النحو حافظًا للغة حاضر الذكر لأقوال تلك العلوم جيد النظر متوقد الذهن ذكي القلب‏.‏
فصيح اللسان‏.‏
ولي أحكام فاس وأفتى فيها ودرس بها العربية كتاب سيبويه وغير ذلك‏.‏
مشيخته روى عن أبي الأصبغ بن سهل وأبوى الحسن الحضرمي وابن سابق وأبي جعفر بن جراح وأبي طالب السرقسطي الأديبين وأبوي عبد الله ابن نصر وابن يحيى بن هشام المحدث وأبيالعباس الدلاءي وأبي عبيد الله البكري وأبي عمر أحمد بن مروان القيرواني وأبي محمد ابن قورش وأبي مروان بن سراج‏.‏
وأجاز له أبو الوليد الباجي رحمه الله‏.‏
روى عنه أبو إسحق بن قرقول وأبو الحسن صالح بن خلف وأبو عبد الله بن حسن السبتي وأبو الحسن الأبدي وتوفي قبله وابن خلف بن الأيسر والنميري وأبو العباس بن عبد الرحمن ابن الصقر وأبو علي حسن بن الجزار وأبو الفضل بن هرون الأزدي وأبو محمد عبد الحق بن بونه وقاسم بن دحمان وأبو مروان بن الصقيل الوقشى‏.‏
تواليفه شرح ‏"‏ إيضاح الفارسي ‏"‏ وكان قيمًا على كتابة وصنف في الجدل مصنفين كبيرًا وصغيرًا‏.‏
وله عقيدة جيدة‏.‏
وفاته‏:‏ توفي بفاس وقيل بتلمسان سنة ثلاث وثلاثين وخمس ماية محمد بن حسن بن محمد بن عبد الله بن خلف بن يوسف ابن خلف الأنصاري من أهل مالقة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن الحاج وبابن صاحب الصلاة‏.‏
حاله كان مقريًا صدرًا في أيمة التجويد محدثًا متقنًا ضابطًا نبيل الخط والتقييد دينًا فاضلا‏.‏
وصنف في الحديث وخطب بجامع بلده‏.‏
وأم في الفريضة زمانًا واستمرت حاله كذلك من نشر العلم وبثه إلى أن كرمه الله بالشهادة في وقيعة العقاب‏.‏
دخوله غرناطة راويًا عن ابن الفرس وابن عروس وغرهما مشيخته روى بالأندلس عن الحجاج ابن الشيخ وأبي الحسن بن كوثر وأبي خالد يزيد بن رفاعة وأكثر عنه وأبوى عبد الله بن عروس ابن الفخار وأبي محمد بن حوط الله وعبد الحق بن بونه وعبد الصمد ابن يعيش وعبد المنعم بن الفرس وأجازوا له‏.‏
وتلا القرآن على أبي عبد الله الإستجي‏.‏
وروى الحديث عن أبي جعفر الحصار‏.‏
وحج في نحو سنة ثمانين وخمسماية‏.‏
وأخذ عن جماعة من أهل المشرق كأبي الطاهر الخشوعي وغيره‏.‏
وفاته‏:‏ توفي شهيدًا محرضًا صابرا يوم الاثنين منتصف صفر عام تسعة وستماية‏.‏
ابن قرال محمد بن محمد بن أحمد بن على الأنصاري يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن قرال من أهل مالقة طالب عفيف مجتهد خير‏.‏
قرأ بغرناطة وقام على فن العربية قيامًا بالغًا وشارك في غيره وانتسخ الكثير من الدواوين بخط بالغ أقصى مبالغ الإجادة والحسن وانتقل إلى مالقة فأقرأ بها العربية واقتدى بصهره الصالح أبي عبد الله القطان فكان من أهل الصلاح والفضل‏.‏
وتوفي في محرم عام خمسين وسبعماية‏.‏
القللوس محمد بن محمد بن إدريس بن مالك بن عبد الواحد ابن عبد الملك ابن محمد بن سعيد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الله القضاعي من أهل إسطبونة يكنى أبا بكر ويعرف بالقللوس‏.‏
حاله كان رحمه الله إمامًا في العربية والعروض والقوافي موصوفًا بذلك منسوبًا إليه يحفظ الكثير من كتاب سيبويه ولايفارقه بياض يومه شديد التعصب له مع خفة وطيش يحمله على التوغل في ذلك‏.‏
حدثني شيخنا أبو الحسن بن الجياب رحمه الله قال وقف أبو بكر القللوس يومًا على القاضي أبي عمرو بن الرندون وكان شديد الوقار مهيبًا وتكلم في مسألة من العربية نقلها عن سيبويه فقال القاضي أبو عمرو‏.‏
أخطأ سيبويه‏.‏
فأصاب أبا بكر القللوس قلق كاد يلبط به الأرض ولم يقدر على جوابه بما يشفى به صدره لمكان رتبته قال فكان يدور بالمسجد والدموع تنحدر على وجهه وهو يقول أخطأ من خطاه يكررها والقاضي أبو عمرو يتغافل عنه ويزرى عليه‏.‏
وكان مع ذلك‏.‏
مشاركًا في فنون من فقه وقراءات‏.‏
وفرايض من أعلام الحفاظ للغة حجة في العروض والقوافي يخطط بالقافي عند ذكره في الكتب‏.‏
وله في ذلك العروض والقوافي يخطط بالقافي عند ذكره في الكتب‏.‏
وله في ذلك تواليف بديعة‏.‏
وولى الخطابة ببلده مدة وقعد للتدريس به وانثال عليه الناس وأخذوا عنه‏.‏
ونسخ بيده الكثير وقيد وكان بقطره علمًا من أعلام الفضل والإيثار والمشاركة‏.‏
تواليفه نظم رجزًا شهيرًا في الفرايض علمًا وعملًا ونظم في العروض والقوافي وألف كتاب ‏"‏ الدرة المكنونة في محاسن إسطبونة ‏"‏ وألف تأليفًا حسنًا في ترحيل يالشمس وسوسطات الفجر ومعرفة الأوقات ونظم أرجوزة في شرح ملاحن ابن دريد وأرجوزة في شرح كتاب ‏"‏ الفصيح ‏"‏‏.‏
ورفع للوزير ابن الحكيم كتابًا في الخواص وصنعة الأمدة والتطبع الشاب‏.‏
غريبًا في معناه‏.‏
مشيخته قرأ على الأستاذ أبي الحسن بن أبي الربيع ولازمه وأخذ عنه‏.‏
وعن أبي القاسم بن الحصار الضرير السبتي وعلى الأستاذ أبي جعفر بن الزبير بغرناطة وغيرهم‏.‏
شعره علاه رياض أورقت بمحامد تنور بالجدوى وتثمر بالأمل تسح عليها من نداه غمامة تروى ثرى المعروف بالعل والنيل وهل هو إلا الشمس نفسًا ورفعة فيغرب بالجدوى ويبعد بالأمل تعم أياديه البرية كلها فدان وقاصٍ جود كفيه قد شمل وهي طويلة‏.‏
ونقلت من خط صاحبنا أبي الحسن النباهي‏.‏
قال يمدح أبا عبد الله الرنداحي‏:‏
أطلع بأفق الراح كاس الراح ** وصل الزمان مساءه بصباح
خذها على رغم العذول مدامة ** تنفى الهموم وتأت بالأفراح
والأرض قد لبست برود أزاهر ** وتمنطقت من نهرها بوشاح
والجو إذ يبكي بدمع غمامة ** ضحك الربيع له بثغر أقاح
والروض مرقوم بوشى أزاهر ** والطير يفصح أيما إفصاح
والغصن من طرب يميل كأنما ** سقيت بكف الريح كأس الراح
والورد منتظم على أغصانه ** يبدو فتحسبه خدود ملاح
ببلده عصر يوم الجمعة الثامن عشر لرجب الفردسنة سبع وسبعماية ابن أبي الجيش محمد بن محمد بن محارب الصريحي من أهل مالقة‏.‏
يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن أبي الجيش حاله وأوليته أصل سلفه من حصن يسر من عمل مرسية من بيت حسب وأصالة ولخؤولته بالجهة التاكرونية ثورة وقفلت فيه في عايد الصلة‏:‏ كان من صدور المقريين وأعلام المتصدرين تفننًا واضطلاعًا وإدراكًا ونظرًا‏.‏
إمامًا في الفرايض والحساب قايمًا على العربية مشاركًا في الفقه والأصول وكثير من العلوم العقلية‏.‏
قعد للإقراء بمالفة وخطب بجامع الربض‏.‏
مشيخته قرأ على الأستاذ القاضي المتفنن أبي عبد الله بن بكر ولازمه‏.‏
ثم ساء مابينهما في مسألة وقعت بمالقة وهي تجويز الخلف في وعد الله شنع فيها على شيخنا المذكور ونسبه إلى أن قال وعد الله ليس بلازم الصدق بل يجوز فيه الخلف إذ الأشياء في حقه متساوية وكتب في ذلك أسئلة للعلماء بالمغرب فقاطعه وهجره‏.‏
ولما ولى القاضي أبو عبد الله بن بكر القضاء خافه فوجه عنه إثر ولايته فلم يشك في الشر فلما دخل عليه رحب به وأظهر له القبول عليه والعفو عنه واستانف مودته فكانت تعد في مآثر يالقاضي رحمه الله ورحل المذكور إلى سبتة فقرأ بها على الأستاذ أبي إسحق الغافقي ومن عاصره ثم عاد إلى مالقة فالتزم التدريس بها إلى حين وفاته‏.‏
دخوله غرناطة دخل غرناطة مرات متعلمًان وطالب حاج‏.‏
ودعى إلى الإقراء بمدارستها النصرية عام تسعة وأربعين وسبع ماية فقدم على الباب السلطاني واعتذر بما قبل فيه عذره‏.‏
وكان قد شرع في تقييد مفيد على كتاب التسهيل لابن مالك‏.‏
في غاية النبل والاستيفاء والحصر والتوجيه عاقته المنية عن إتمامه‏.‏
وفاته‏:‏ توفي بمالقة في كاينة الطاعون الأعظم في أخريات ربيع الآخر من عام خمسين وسبعماية بعد أن تصدق بمال كثير وعهد بريع مجد لطلبة العلم وحبس عليهم كتبه‏.‏
محمد بن محمد بن لبي الكناني من أهل مالقة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن لب حاله كان ذاكرًا للعلوم القديمة‏.‏
معتنيًا بها‏.‏
عاكفًا عليها متقدمًا في علمها على أهل وقته لم يكن يشاركه أحد في معرفتها من الرياضيات والطبيعيات والإلآلهيات ذاكرًا لمذاهب القدماء ومآخذهم في ذلك حافظًا جدًا ذاكرًا لمذاهب المتكلمين من الأشعرية وغيرهم إلا أنه يوثر ماغلب عليه من مآخذ خصومهم وكان نفوذه في فهمه دون نفوذه في حفظه فكان معتمده على حفظه في إيراده ومناظرته وكان ذاكرًا مع ذلك لأصول الفقه وفروعه عجبًا في ذلك إذا وردت مسألة أورد ماللناس فيها من المذاهب‏.‏
وعزم عليه آخر عمره فقعد بجامع مالقة يتكلم على الموطا وما كان من قبل تهيأ لذلك إلا أنه ستر عليه حفظه وتعظم أهل بلده له‏.‏
قال ابن الزبير وكانت فيه لوثة واخشيشان وكان له أرب في التطواف وخصوصًا بأرض النصارى يتكلم مع الأساقفة في الدين فيظهر عليهم وكانت أموره غريبة من امتزاج اليقظة بالغفلة وخلط السذاجة بالدعابة‏.‏
يحكى عنه أنه كانت له شجرة تين بداره بمالقة فباع ما عليها من أحد أهل السوق فلما هم بجمعها ذهب ليمهد للتين بالورق في الوعاء فمنعه من ذلك وقال له إنما اشتريت التين ولم تدخل الورق في البيع فتعب ذلك المشترى ما شاء الله وجلب ورقًا من غيرها حتى انقضى الأمر وعزم على معاملته في السنة الثانية فأول مااشترط الورق فرغ من الغلة دعاه فقال له احمل ورقك فإنه يوذيني فأصابه من المشقة في جمعه من أطراف الغصون مالم يكن يحستب ولم تات السنة الثالثة إلا وللرجل فقيه اشترط مقدار الكفاية من الورق فسامحه ورفق به‏.‏
دخل غرناطة وغيرها وأخباره عجيبة‏.‏
قال أبو جعفر بن الزبير‏:‏ عرض لي بمالقة مسايل يرجع بعضها إلى الطريقة البيانية والمآخذ الأدبية وضحت ضرورة إلى الأخذ معه فيها وفي آيات من الكتاب العزيز فاستدعيته إلى منزلي وكان فيه تخلق وحسن ملاقاة‏.‏
مع خفته الطبيعية وتشتت منازعه فأجاب وأخذت معه في ذلك فألفيته صايمًا عن ذلك جملة‏.‏
وصمته قال وكان القاضي الجليل أبو القاسم بن ربيع وأخوه أبو الحسن ينافرانه على الإطلاق ويحذران منه وهو كان الظاهر من حاله‏.‏
قال واستدعاني في مرض اشتد به قبل خروجي وفاته‏:‏ توفي بمالقة ووصى قبل موته بوصايا من ماله‏.‏
في صدقات وأشباهها وحبس داره وطايفة من كتبه على الجامع الكبير بمالقة‏.‏
محمد بن محمد البدوي الخطيب بالربض من بلش يكنى أبا عبد الله‏.‏
حاله من العايد‏:‏ كان رحمه الله حسن التلاوة لكتاب الله ذا قدمٍ في الفقه له معرفة بالأصلين شاعرًا مجيدًا بصيرًا بليغًا في خطبته حسن الوعظ سريع الدمعة‏.‏
حج ولقى جلة‏.‏
وأقرأ ببلش زمانًا وانتفع به ولقى شدايد أثلها الحسد‏.‏
مشيخته قرأ العلم على الشيخين المقريين الحجتين أبي جعفر بن الزيات وأبي عبد الله بن الكماد وقرأ العربية والأصلين على الأستاذ أبي عمرو ابن منظور ولازمه وانتفع به وقرأ الفقه على الشيخ القاضي أبي عبد الله ابن عبد السلام بمدينة تونس‏.‏
شعره خال على خدك أم عنبر ولؤلؤ ثغرك أم جوهر أوريت نار الوجد طي الحشا فصارت النار به تسعر لو جدت لي منك برشف اللما لقلت خمر عسل سكر دعني في الحب أذب حسرة سفك دم العاشق لا ينكر وقال‏:‏ عيناي تفهم من عينيك أسرارا وورد خدك يذكي في الحشا نارا ملكت قلب محب فيك مكتيب قد أثر الدمع في خديه آثارا رضاب ثغرك يروي حر غلته يا ليت نفسي تقضي منه أوطارا أنعم بطيف منك ألمحه مإذا عليك بطيف منك لو زارا نفسي فداؤك من ظبي به كلف يصبو له القلب مضطرًا ومختارا وقال‏:‏ أيها الظبي ترفق بكييب قد هلك ألذنب تتجنى أم لشيء يوصلك إن روحي لك ملك وكذا قلبي لك ومن مجموع نظمه ونثره ما خاطبني به وقد طلبت من أدبه لبعض ما صدر عني من ومن مجموع نظمه ونثره ما خاطبني به وقد طلبت من أدبه لبعض ما صدر عني من المجموعات‏:‏ يا سيدي أبقاك الله بهجة للأعيان الفضلاء وحجة لأعلام العلاء ولا زلت تسير فوق النسر وتجري في الفضايل على كرم النجر‏.‏
ذكر لي فلان أنكم أردتم أن يرد على كمالكم بعض الهذيان الصادر عن معظم جلالكم فأكبرت ذلك ورأيتني لست هنالك وعجبت أن ينظم مع الدر السبج أو يضارع العمش الدعج بيد أن لنظم الدر صناع والحديث قد يذاع ولا يضاع وحين اعتذرت له فلم يعذرني وانتظرته فلم ينظرني بعد أن استعفيته فأبى واستنهضت جواد الإجابة فكبى وسلك غير طريقي ولم يبلغني ريقي وفيت الغرض وقضيت من إجابته الحق المفترض ورددت عن تعذاله النصيح وأثبت هنا ما معناه صحيح ولفظه غير فصيح‏:‏ بريت من حولي ومن قوتي بحول من لا حول إلا له وثقت بالخالق فهو الذي يدبر العبد وأفعاله وقلت بالحرم عند الملتزم من المنظوم في مثل ذلك‏:‏ أمولاي بالباب ذو فاقة وهذا يحط خطايا الأمم فجد لي بعفوك عن زلتي يجود الكريم بقدر الكرم دم وابق للمجد كهفًا والعلا وزرًا فإنما المجد شخص أنت ناظره مؤملًا منك خيرًا أنت صانعه وصانع الخير عند الله شاكره وما وليت وما أوليت من حسن فللناس والعالم العلوي ذاكره بقيت تكسب من والاك مكرمة وناصرًا أبدًا من قل ناصره عذرًا لك الفضل عما جيت من خطإ أن يخط مثلي يومًا أنت عاذره ثم السلام على علياك من رجل تهدى الذي يخفى ضمايره دخوله غرناطة‏:‏ دخلها غير ما مرة ولقيته بها لتقضي بعض أغراض بباب السلطان مما يليق بمثله‏.‏
مولده‏.‏
وفاته‏:‏ توفي ببلش في أخريات عام خمسين وسبعماية‏.‏
ابن عبد الله العبدري محمد بن عبد الله بن ميمون بن إدريس بن محمد ابن عبد الله العبدري حاله كان عالمًا بالقراءات ذاكرًا للتفسير حافظًا للفقه واللغات والأدب شاعرًا محسنًا كاتبًا بليغًا مبرزًا في النحو جميل العشرة حسن الخلق متواضعًا فكه المحاضرة مليح المداعبة‏.‏
وصنف في غير ما فن من العلم وكلامه كثير مدون نظمًا ونثرًا‏.‏
مشيخته روى عن أبي بكر بن العربي وأبي الحسن شريح وعبد الرحمن ابن بقي وابن الباذش ويونس بن مغيث وأبي عبد الله بن الحاج وأبي محمد بن عتاب وأبي الوليد بن رشد ولازمه عشرين سنة‏.‏
قرأ عليهم وسمع وأجازوا له وسمع أبا بحر الأسدي وأبوي بكر عياش ابن عبد الملك وابن أبي ركب وأبا جعفر بن سانجة وأبا الحسن عبد الجليل وأبا عبد الله بن خلف الأيسري وابن المناصف وابن أخت غانم ولم يذكر أنهم أجازوا له وروى أيضًا عن أبوي عبد الله مكي وابن المعمر وأبي الوليد بن طريف‏.‏
من روى عنه‏:‏ روى عنه أبو البقاء بعيش بن القديم وأبو الحسن ابن مؤمن وأبو زكريا المرجيعي وأبو يحيى أبو بكر الضرير واختص به‏.‏
من مصنفاته مشاحذ الأفكار في مآخذ النظار وشرحاه الكبير والصغير على جمل الزجاجي وشرح أبيات الإيضاح العضدي ومقامات الحريري وشرح معشراته الغزلية ومكفراته الزهدية إلى غير ذلك وهما مما أبان عن وفور علمه وغزارة مادته واتساع معارفه وحسن تصرفه‏.‏
دخل غرناطة راويًا عن الحسن بن الباذش ومثله‏.‏
محنته كان يحضر مجلس عبد المؤمن مع أكابر من يحضره من العلماء فيشف على أكثرهم بما كان لديه من التحقيق بالمعارف إلى أن أنشد أبا محمد عبد المؤمن أبياتًا كان نظمها في أبي القاسم عبد المنعم بن محمد ابن تست وهي‏:‏ أبا قاسم والهوى جنة وها أنا من مسها لم أفق تقحمت جامح نار الضلوع كما خضت بحر دموع الحدق أكنت الخليل أكنت الكليم أمنت الحريق أمنت الغرق فهجره عبد المؤمن ومنعه من الحضور بمجلسه وصرف بنيه عن القراءة عليه وسرى ذلك في أكثر من كان يقرأ عليه ويتردد إليه‏.‏
على أنه كان في الطبقة العليا من الطهارة والعفاف‏.‏
قال في أبي القاسم المذكور وكان أزرق وقد دخل عليه ومعه أبو عبد الله محمد بن أحمد الشاطبي وأبو عثمان سعيد بن قوسرة‏.‏
فقال ابن قوسرة‏:‏ عابوه بالزرق الذي يجفونه والماء أزرق والعينان كذلك فقال أبو عبد الله الشاطبي‏:‏ الماء يهدي للنفوس حياتها والرمح يشرع للمنون مسالكا فقال أبو بكر بن ميمون المترجم به‏:‏ وكذلك في أجفانه سبب الردى ولاكن أرى طيب الحياة هنالكا ومما استفاض من شعره قوله في زمن الصبا عفا الله عنه‏:‏ لا تكثرت بفراق أوطان الصبا فعسى تنال بغيرهن سعودا والدر ينظم عند فقد بحاره بجميل أجياد الحسان عقودا ومن مشهور شعره‏:‏ توسلت يا ربي بأني مؤمن وما قلت أني سامع ومطيع أيصلى بحر النار عاص موحد وأنت كريم والرسول شفيع وقال في مرضه‏:‏ أولها مخبر بثان ذاك أمان وذا منية وفاته‏:‏ توفي بمراكش يوم الثلاثاء اثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة سبع وستين وخمسماية ودفن بمقبرة تاغزوت داخل مراكش وقد قارب السبعين سنة‏.‏
محمد بن أرقم النميري محمد بن عبد الله بن عبد العظيم بن أرقم النميري من أهل وادي آش يكنى أبا عامر‏.‏
حاله كان أحد شيوخ بلده وطلبته مشاركًا في فنون من فقه وأدب وعربية وهي أغلب الفنون عليه مطرح السمت مخشوشن الزي قليل المبالاة بنفسه مختصرًا في كافة شيونه مليح الدعابة شديد الحمل كثير التواضع وبيته معمور بالعلماء أولي الأصالة والتعين تصدر ببلده للفتيا والتدريس والإسماع‏.‏
مشيخته قرأ على الأستاذ القاضي أبي خالد بن أرقم والأستاذ أبي العباس ابن عبد النور‏.‏
وروى عن أبيه مديح رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الوزير العالم أبي عبد الله بن ربيع والقاضي أبي جعفر بن مسعدة والأستاذ أبي جعفر بن الزبير وولي الله الحسن بن فضيلة‏.‏
ورحل إلى العدوة فأخذ بسبتة عن الأستاذ أبي بكر بن عبيدة والإمام الزاهد أبي عبد الله بن شعره وهو من الجزء المسمى بشعر من لا شعر له والحمد لله‏.‏
فمن ذلك قوله يمدح أبا زكريا العزفي بسبتة ويذكر ظفره بالأسطول من قصيدة أولها‏:‏ أما الوصال فإنه كالعيد عذر المتيم واضح في الغد وفاته‏:‏ توفي ببلده عام أربعين وسبعماية‏.‏
ودخل غرناطة راويًا ومتعلمًا وغير ذلك‏.‏
محمد بن الجد الفهري محمد بن عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن فرج بن الجد الفهري الحافظ الجليل يكنى أبا بكر جليل إشبيلية وزعيم وقته في الحفظ‏.‏
لبلي الأصل إشبيلي استدعاه السيد أبو سعيد والي غرناطة فأقام بها عنده في جملة من الفضلاء مثله سنين‏.‏
ذكر ذلك صاحب كتاب ثورة المريدين‏.‏
حاله كان في حفظ الفقه بحرًا يغرف من محيط‏.‏
يقال إنه ما طالع شيئًا من الكتب فنسيه إلى الجلالة والأصالة وبعد الصيت واشتهار المحل‏.‏
وكان مع هذا يتكلم عند الملوك ويخطب بين يديها مشيخته روى عن أبي الحسن بن الأخضر أخذ عنه كتاب سيبويه وغيره ذلك وعن أبي محمد بن عتاب وسمع عليه بعض الموطأ وعن أبي بحر الأسدي وأبي الوليد بن طريف وأبي القاسم بن منظور القاضي وسمع عليه صحيح البخاري كله وشريح بن محمد وأبي الوليد بن رشد وناوله كتاب البيان والتحصيل‏.‏
وكتاب المقدمات‏.‏
لقي هؤلاء كلهم وأجازوا له عامة‏.‏
وأخذ أيضًا عن مالك بن وهيب‏.‏
من حدث عنه أبو الحسن بن زرقون وأبو محمد القرطبي الحافظ وإبنا حوط الله وغيرهم‏.‏
وعليه من ختمت به المائة السادسة كأبي محمد بن جمهور وأبي العباس بن خليل وإخوته الثلاثة أبي محمد عبد الله وأبي زيد عبد الرحمن وأبي محمد عبد الحق‏.‏
قال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير‏:‏ حدثني عنه ابن خليل وأبو القاسم الجياني وأبو الحسن بن السراج‏.‏
مولده‏:‏ بلبلة في ربيع الأول سنة ست وثمانين وخمسماية‏.‏
ذكره ابن الملجوم وأبو الربيع بن سالم وابن فرتون‏.‏
محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن محمد ابن أحمد بن الفخار الجذامي يكنى أبا بكر أركشي المولد المنشأ مالقي الاستيطان شريشي التدرب والقراءة‏.‏
حاله من عايد الصلة‏:‏ كان رحمه الله خيرًا صالحًا شديد الانقباض مغرقًا في باب الورع سليم الباطن كثير العكوف على العلم والملازمة قليل الرياء والتصنع‏.‏
خرج من بلده أركش عند استيلاء العدو على قصبتها وكان يصفها وينشد فيها من شعر أستاذه الأديب أبي الحسن الكرماني‏:‏ أكرم بأركش دارا تاهت على البدر قدرا يخاطب المجد عنها لقلب تدنى شكرا واستوطن مدينة شريش وقرأ بها وروى بها عن علمائها واقرأ بها‏.‏
ولما استولى العدو عليها لحق بالجزيرة الخضراء فدرس بها ثم عبر البحر إلى سبتة‏.‏
فقرأ بها وروى‏.‏
ثم كر إلى الأندلس فقصد غرناطة وأخذ عن أهلها‏.‏
ثم استوطن مالقة وتصدر للإقراء بها مفيد التعليم متفننه من فقه وعربية وقراءات وأدب وحديث عظيم الصبر مستغرق الوقت يدرس من لدن صلاة الصبح إلى الزوال‏.‏
ثم يسند ظهره إلى طاق المسجد بعد ذلك فيقرى وتأتيه النساء من خلفه للفتيا فيفتيهن عل حال سؤالا تهن إلى نصف ما بين العصر والعشاء الأولى‏.‏
ثم يأتي المسجد الأعظم بعد الغروب فيقعد للفتيا إلى العشاء الآخرة من غير أن يقبل من أحد شيئًا‏.‏
ومن أخذ منه بعد تحكيم الورع أثابه بمثله‏.‏
ما رئي في وقته أورع منه‏.‏
وكان يتخذ رومية مملوكة لا يشتمل منزله على سواها فإذا أنس منها الضجر للحصر وتمادى الحجاب أعتقها وأصحبها إلى أرضها‏.‏
ونشأت بينه وبين فقهاء بلده خصومة في أمور عدوها عليه مما ارتكبها لاجتهاده في مناط الفتوى وعقد لهم أمير المسلمين بالأندلس مجلسًا أجلى عن ظهوره فيه وبقاء رسمه فكانت محنة وخلصه الله منها‏.‏
وبلغ من تعظيم الناس إياه وانحياشهم إليه مبلغًا لم ينله مثله وانتفع بتعليمه واستفيد منه الأدب على نسكه وسذاجته‏.‏
مشيخته قرأ ببلده شريش على المكتب الحاج أبي محمد عبد الله بن أبي بكر ابن داود القيسي وعلى الأستاذ أبي بكر محمد بن الرباح وعلى الأستاذ أبي الحسن علي بن إبراهيم بن حكيم السكوني الكرماني‏.‏
أخذ عنه العربية والأدب وعلى الحافظ أبي الحسن علي بن عيسى المعروف بابن متيوان وعلى الأصولي الكاتب أبي الحسن هلال بن أبي سنان الأزدي المراكشي وعلى الخطيب أبي العرب إسمعيل بن إبراهيم الأنصاري وعلى الفقيه أبي عبد الله الجنيدي المعروف بالغراق وعلى الفقيه العددي أبي عبد الله محمد بن علي بن يوسف المعروف بابن الكاتب المكناسي‏.‏
وقرأ بالجزيرة الخضراء على الخطيب الصالح أبي محمد الركبي وروى عنه وقرأ بها على الخطيب أبي عبيد الله بن خميس وعلى الأصولي أبي أمية‏.‏
وقرأ بسبتة على الأستاذ الفرضي إمام النحاة أبي الحسن بن أبي الربيع وعلى أبي يعقوب المحبساني وعلى المحدث أبي عمرو عثمان بن عبد الله العبدري وعلى الفقيه المالكي الحافظ أبي الحسن المتيوي والأصولي أبي الحسن البصري والفقيه المعمر الراوية أبي عبد الله محمد الأزدي والمحدث الحافظ أبي محمد بن الكماد وعلى الأستاذ العروضي الكفيف أبي الحسن بن الخضار التلمساني‏.‏
ولقي بغرناطة قاضي الجماعة أبا القاسم ابن أبي عامر بن ربيع والأستاذ أبا جعفر الطباع وأبا الوليد إسمعيل ابن عيسى بن أبي الوليد الأزدي والأستاذ أبا الحسن بن الصايغ‏.‏
ولقي بمالقة الخطيب الصالح أبا محمد عبد العظيم بن الشيخ والراوية أبا عبد الله محمد بن علي بن الحسن الجذامي السهيلي‏.‏
وسمع على الراوية أبي عمرو ابن حوط الله وعلى الأستاذ أبي عبد الله بن عباس القرطبي‏.‏
كان رحمه الله مغري بالتأليف فألف نحو الثلاثين تأليفًا في فنون مختلفة منها كتاب تحبير نظم الجمان في تفسير أم القرآن و ‏"‏ انتفاع الطلبة النبهاء في اجتماع السبعة القراء ‏"‏‏.‏
و ‏"‏ الأحاديث الأربعون بما ينتفع به القارئون والسامعون ‏"‏ وكتاب ‏"‏ منظوم الدرر في شرح كتاب المختصر ‏"‏ و ‏"‏ كتاب نصح المقالة في شرح الرسالة ‏"‏ وكتاب ‏"‏ الجواب المختصر المروم في تحريم سكنى المسلمين ببلاد الروم ‏"‏ وكتاب ‏"‏ استواء النهج في تحريم اللعب بالشطرنج ‏"‏ وكتاب ‏"‏ جواب البيان على مصارمة أهل الزمان ‏"‏ وكتاب تفضيل صلاة الصبح للجماعة في آخر الوقت المختار على صلاة الصبح للمنفرد في أول وقتها بالابتجدار ‏"‏ وكتاب ‏"‏ إرشاد السالك في بيان إسناد زياد عن مالك ‏"‏ وكتاب ‏"‏ الجوابات المجتمعة عن السؤالات المنوعة ‏"‏ وكتاب ‏"‏ إملا فوايد الدول في ابتداء مقاصد الجمل ‏"‏ وكتاب ‏"‏ منهج الضوابط المقسمة في شرح قوانين المقدمة ‏"‏ وكتاب ‏"‏ التكملة والتبرية في إعراب البسملة والتصلية ‏"‏ وكتاب ‏"‏ سح مزنة الانتخاب في شرح خطبة الكتاب ‏"‏‏.‏
ومنها اللايح المعتمد عليه في الرد على من رفع الخبر بلا إلى سيبويه وغير ذلك من مجيد ومقصر‏.‏


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:59 AM

شعره وشعره كثير غريب النزعة دال على السذاجة وعدم الاسترابة والشعور والغفلة المعربة عن السلامة من ارتكاب الحوشى واقتحام الضرار واسعمال الألفاظ المشتركة التي تتشبث بها أطراف الملاحين والمعاريض ولع كثير من أهل زمانه بالرد عليه والتملح بما يصدر عنه منهم القاضي أبو عبد الله بن عبد الملك‏.‏
ومن منتخب شعره قوله‏:‏ أنظر إلى ورد الرياض كأنه ديباج خد في بنان زبرجد قد فتحته نضارة فبدا له في القلب رونق صفرةٍ كالعسجد حكت الجوانب خدحب ناعم والقلب يحكى خد صب مكمد حدث الفقيه العدل أبو جعفر أحمد بن مفضل المالقى قال قال لي يومًا الشيخ الأستاذ أبو بكر بن الفخار خرجت ذات يوم وأنا شاب من حلقة الأستاذ بشريش أعادها الله للإسلام في جملة من الطلبة وكان يقابل باب المسجد حانوت سراج وإذا فتى وسيم في الحانوت يرقم جلدًا كان في يده فقالوا لي لاتجاوز هذا الباب حتى تصنع لنا شعرًا في هذا الفتى‏.‏
فقلت‏:‏ ورب معذر للحب داع يروق بهاء منظره البهيج وشى في وجنتيه وشيًا كوشى يديه في أدم السروج بحصن أركش بلده وكان لا خبر به في ما بين الثلاثين والأربعين وست ماية‏.‏
وفاته توفي بمالقة في عام ثلاثة وعشرين وسبعماية وكانت جنازته بمالقة مشهورة ابن العربي محمد بن علي بن عمر بن يحيى بن العربي الغساني من أهل الحمة من عمل المرية يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن العربي وينتمي في بني أسود من أعيانها‏.‏
حاله من العايد‏:‏ كان رحمه الله من أهل العلم والدين والفضل طلق الوجه حسن السير كثير الحياء كأنك إذا كلمته تخاطب البكر العذراء لا تلقاه إلا مبتسمًا في حسن سمت وفضل هوىً وجميل وقار كثير الخشوع وخصوصًا عند الدهول في الصلاة تلوح عليه بذلك عند تلاوته سيمى الحضور وحلاوة الإقبال‏.‏
وكان له تحقق بضبط القراءات والقيام عليها وعناية بعلم العربية مع مشاركة في غير ذلك من الفنون السنية والعلوم الدينية‏.‏
انتصب للإقراء والتدريس بالحمة المذكورة فقرب النجعة على أهل الحصون والقرى الشرقية فصار مجتمعًا لأرباب الطلب من أهل تلك الجهات ومرتفقاتهم‏.‏
وكان رجلًا صالحًا مبارك النية حسن التعليم نفع الله به من هنالك وتخرج على يديه جمع وافر من الطلبة عمرت بهم ساير الحصون‏.‏
وكان له منزل رحب للقاصدين ومنتدى عذب للواردين‏.‏
تجول في آخرة بالأندلس والعدوة وأخذ عمن لقى بها من العلماء وأقام مدة بسبتة مكبًا على قراءة القرآن والعربية‏.‏
وبعد عوده من تجواله لزم التصدر للإقراء بحيث ذكر وقد كانت الحواضر فقيرة لمثله غير آنه آثر الوطن واختار الاقتصارد‏.‏
m0شخته أخذ يألمرية عن شيخها أبى الحسن بن أبى العيش وبغرناطة عن الأستاذ أبي جعفر بن الزبير والعدل أبي الحسن بن مستقور‏.‏
وببلش عن الأستاذ أبي عبد الله بن الكماد والخطيب أبي جعفر بن الزيات‏.‏
وبمالقة عن الأستاذ أبي عبد الله بن الفخار والشيخ أبي عبد الله محمد بن يحيى بن ربيع الأشعري‏.‏
وبالجزيرة عن خطيبها أبي العباس بن خميس‏.‏
وبسبتة عن الأستاذ أبي إسحق العافقي والخطيب أبي عبد الله بن رشيد والإمام الصالح أبي عبد الله محمد بن محمد بن حريث والقاضي أبي عبد الله القرطبي والزاهد أبي عبد الله بن معلى الشيخ الخطيب أبي عبد الله العغماري‏.‏
وبمكناسة عن القاضي وارياش‏.‏
وبفاس من الحاج الخطيب أبي الربيع سليمان بن مفتاح اللجاي والأستاذ أبي الحسن بن سليمان والأستاذ أبي عبد الله بن أجروم الصنهاجي والحاج أبي القاسم بن رجا ابن محمد بن علي وغيرهم وكل من ذكر أجازله عامة مولده‏:‏ في أول عام اثنين وثمانين وستماية وفاته‏:‏ توفي بالحمة ليلة الإثنين الثامن عشر لشهر محرم عام ثمانية وأربعين وسبعماية‏.‏
اليتيم محمد بن علي بن محمد العبدري من أهل مالقة يكنى أبا عبد الله ويعرف باليتيم حاله كان رحمه الله أحد الظرفاء من أهل بلده مليح الشكل حسن الشيبة لوذعيًا في وقار رشيق النظم والنثر غزلا مع الصون كثير الدعابة من غير إفحاش غزير الأدب حسن الصوت رايق الخطبن بديع الوراقة معسول الألفاظ ممتع المجالسة طيب العشرة‏.‏
أدب الصبيان مدة وعقد الشروط أخرى وكان يقرأ كتب الحيدث والتفسير والرقايق للعامة بالمسجد الأعظم بأعذب نغمة وأمثل طريقة مذ أزيد من ثلاثين سنة لم يخل منها وقتًا إلا ليلتين إحداهما بسبب امتساكناب به في نزهة برياض بعض الطلبة‏.‏
لم يخلف مثله بعده‏.‏
وخطب بقصبه مالقة ومال أخيرًا إلى نظر الطب فكان الناس يميلون اليه وينتفعون به لسياغ مشاركته وعموم وجرى ذكره في ‏"‏ التاج المحلى ‏"‏ بما نصه‏:‏ مجموع أدوات حسان من خط ونغمة ولسان أوراقه روض تضوع نسماته وبشره صبح تتألق قسماته ولايخفى سماته‏.‏
يقرطس أغراض الدعابة ويصميها ويفوق سهام الفكاهة إلى مراميها فكلما صدرت في عصره قصيدة هازلة أو أبيات منحطة عن الإجادة نازلة خمس أبياتها وذيلها وصرف معانيها وسهلها وتركها سمر الندمان وأضحوكة الزمان‏.‏
وهو الآن خطيب المسجد الأعلى من مالقة متحل بوقار وسكينة حال من أهلها بمكانةٍ مكينة لسهولة جانبه واتضاح مقاصده في الخير ومذاهبه‏.‏
واشتغل لأول أمره بالتعليم والتكتيب وبلغ الغاية في الوقار والترتيب وللشباب لم ينصل خضابه ولا شلت للمشيب عضابه ونفسه بالمحاسن كلفة وشأنه كله هوى ومحبة ولذلك ماخاطبه به بعض أودايه وكلاهما رمى أهله بدايه حسبما يأتي خلال هذا المقول وفي أثنايه بحول الله‏.‏
شعره كتبت إليه أسأل منه ماأثبت في كتاب ‏"‏ التاج ‏"‏ من شعره فكتب إلى‏:‏ أما العرام فلم أخلل بمذهبه فلم حرمت فؤادي نيل مطلبه يامعرضًا عن فؤادٍ لم يزل كلفًا بحبه ذا حذار من تجنبه أيام وصلك مبذول وبرك بي مجدد قد صفا لي عذب مشربه وسمع ودك عن إفك العواذل فيشغلٍ وبدر الدجى ناسٍ لمغربه أ لأنت تمنعني نيل الرضا كرمًا ولا فؤادي بوانٍ ف يتطلبه لله عرفك ماأذكى تنسمه لو كنت تمنحني استشاق طيبه أنت الحبيب الذي لم أتخذ بدلًا منه وحاش لقلبي من تقلبه ياابن الخطيب الذي قد فقت كل سنًا أزال عن ناظري إظلام غيهبه محمد الحسن في خلقٍ وفي خلق كملت باسمك معنى الحسن فازه به نأيت أو غبت مالي عن هواك غنى لانيقص البدر حسنًا في بتغيبه سيان حال التداني والبعاد وهل لمبصر البدر نيل في ترقبه يامن أحسن ظنى في رضاه وما ينفك يبدى قبيحًا من تغضبه إن كان ذنبي الهوى فالقلب منيلايصغى لسمع ملامٍ من مؤنبه فأجبته بهذه الرسالة وهي ظريفة في معناها‏:‏ ‏"‏ ياسيدي الذي إذا رفعت راية ثنايه تلقيتها باليدين وإذا قسمت سهام وداده على ذوي اعتقاده كنت صاحب الفريضة والدين دام بقاؤك لطرفةٍ تبديها وغريبةٍ تردفها بأخرى تليها وعقيلة بيان تحليها ونفس أخذ الحزن بكظمها وكلف الدهر بشت نظمها تونسها وتسليها لم أزل أعزك الله أشد على بدايعها بد الضنين وأقتنى درر كلامك ونفثات أقلامك اقتناء الدر الثمين والأيام بلقياك تعد ولا تسعد وفي هذه الأيام انثالت على سماؤك بعد قحط وتوالت على آلاوك على شحط وزارتني من عقايل بيانك كل فاتنة الطرف عاطرة العرف رافلةٍ في حلل البيان والظرف لو ضربت بيوتها بالحجار لأقرت لنا العرب العاربة بالإعجاز ماشيت من رصف المبنى ومطاوعة اللفظ لغرض المعنى وطيب الأسلوب والتشبث بالقلوب‏.‏
غير أن سيدى أفرط في التنزل وخلط المخاطبة بالتغزل وراجع الالتفات ورام استدراك مافات‏.‏
يرحم الله شاعر المعرة فلقد أجاد في قوله وأمكر مناجاةً للشوق بعد انصرام حوله فقال‏:‏ أبعد حولٍ تناجي للشوق ناجية هلا ونحن على عشر من العشر وقد تجاوزت في الأمل وأنسيت أخبار صاحبك عبد الصمد فأقسم بألفات القدود وهمزات الجفون السود وحاملى الأرواح مع الألواح بالغدو والرواح لولا بعد مزارك ماأمنت غايلة ماتحت إزارك إني حققت الغرض وبحثت عن المشكل الذي عرض فقلت للخواطر انتقال ولكل مقام مقال وتختلف الحوايج باختلاف الأوقات ثم رفع اللبس خبر الثقات‏.‏
ومنها‏:‏ وتعرفت ما كان من مراجعة سيدي لحرفة التكتيب والتعليم والحنين إلى العهد القديم فسررت باستقامة حاله وفضل ماله وإن لاحظ الملاحظ ماقال الجاحظ فاعتراض لا يرد وقياس لا يضطرد جبذا والله عيش أهل التاديب فلا بالضنك ولا بالجديب معاهدة الإحسان‏.‏
ومشاهدة الصور الحسان يمينًا إن المعلمين لسادة المسلمين وإني لأنظر منهم كلما خطرت على المكاتب أمرًا فوق المراتب من كل مسيطرالدرة متقطب الأسرة متنمر للوارد تنمر الهرة يغدو إلى مكتبه والأمير ف يموكبه حتى إذا استقل في فرشه واستولى على عرشه وترنم بتلاوة قانونه وورشه أطهر للخلق احتقارًا وأندى بالجبال وقارًا ورفعت إليه الخصوم ووقف بين يديه الظالم والظلوم فتقول كسرى في إيوانه والرشيد في زمانه والحجاج بين أعوانه‏.‏
وإذا استولى على البدر السرار وتبين للشهر القرار وتحرك إلى الخوج تحرك القرد إلى الفرج‏.‏
أستغفر الله مما يشق على سيدي سماعه وتشمئز من ذكراه طباعه شيم اللسان خلط الإساءة بالإحسان والغفلة من صفات الإنسان‏.‏
فأي عيش هذا العيش وكيف حال أمير هذا الجيش طاعة معروقة ووجوه إليه مصروفة فإن أشار بالإنصات تتحقق الفصات فكأنما طمس الأفواه ولام بين الشفاه‏.‏
وإنه أمر بالإفصاح وتلاوة الألواح علا الضجيج والعجيج وحف به كما حف بالبيت الحجيج‏.‏
وكم بين ذلك من رشوة تدمن وغمزة لاتحس ووعد يستنجز وحاجةٍ تستعجل وتحفز‏.‏
هنا الله سيدي ماخوله وأنساه بطيب آخره أوله‏.‏
وقد بعثت بدعابتي هذه مع إجلال قدره والثقة بسعة صدره فليتلقها بيمينه ويفسح لها في المرتبة بينه وبين خدينه ويفرغ لمراجعتها وقتًا من أوقاته بمقتضى دينه وفضل يقينه والسلام‏.‏
ومن شعره ما كتب به إلى‏:‏ آيات حسنك حج للقال في الحب قايمة على العذال يا من سبا طوعًا عقول ذوي النهى ببلاغةٍ قد أيدت بجمال يستعبد الأبصار والأسماع ما يجلو ويتلو من سنى مقال وعليك أهواء النفوس بأسرها وقفت فطيرك لا يمر ببال رفعت لريه في البلاغة راية لما احتللت بها وحيد كمال وغدت تباهي منك بالبدر الذي تعنو البدور لنوره المتلال مإذا ترى يا ابن الخطيب لخاطب ودًا ينافس فيك كل مقال جذبته نحو هواك غر محاسن مشفوعة أفرادها بمعال وشمايل رقت لرقة طبعها فزلالها يزري بكل زلال يستخدم الياقوت عند نظامها فمقصر من قاسها بلال سبق الأخير الأولين بفضلها فغدا المقدم تابعًا للتال شغفي بذكر من عقايلها إذا تبدو تصان من الحجا بحجال فابعث بها نلت المنا ممهورة طيب الثنا لنقدها والكال لا زلت شمسًا في الفضايل يهتدي بسناك في الأفعال والأقوال ثم السلام عليك يترى ما تلت بكر الزمان رواف الآصال ومن الدعابة وقد وقعت إليها الإشارة من قبل ما كتب به إليه صديقه الملاطف أبو علي بن عبد السلام‏:‏ أبا عبد الله نداء خل وفي جاء يمنحك النصيحة إلى كم تألف الشبان غيًا وخذلانا أما تخشى الفضيحة فأجابه رحمه الله‏:‏ فديتك صاحب السمة المليحة ومن طابت أرومته الصريحة ونم قلبي وضعت له محلًا فما عنه يحل بأن أزيحه وزاد تشوقي أبيات شعر أتت منكم بألفاظ فصيحة ولم تقصد بها جدًا ولاكن قصدت بها مداعبة قبيحة فقلت أتألف الشبان غيا وخذلانا أما تخشى الفضيحة وفيهم حرفتي وقوام عيشي وأحوالي بخلطتهم نجيحة وأمري فيهم أمر مطاع وأوجههم مصابيح صبيحة وتعلم أنني رجل حصور وتعرف ذاك معرفة صحيحة قال في التاج‏:‏ ولما اشتهر المشيب بعارضه ولمته وخفر الدهر لعمود صباه وإذمته أقلع واسترجع وتألم لما فرط وتوجع وهو الآن من جلة الخطباء طاهر العرض والثوب خالص من الشوب باد عليه قبول قابل التوب‏.‏
وفاته رحمه الله‏:‏ في آخر صفر من عام خمسين وسبعماية في وقيعة الطاعون العام ودخل غرناطة‏.‏
ومن الغرباء في هذا الباب محمد بن مرزوق العجيسي محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن مرزوق العجيسي من أهل تلمسان يكنى أبا عبد الله ويلقب من الألقاب المشرقية بشمس الدين حاله هذا الرجل من طرف دهره ظرفًا وخصوصية ولطافة مليح التوسل حسن اللقاء مبذول البشر كثير التودد نظيف البزة لطيف التأتي خير البيت طلق الوجه خلوب اللسان طيب الحديث مقدر الألفاظ عارف بالأبواب درب على صحبة الملوك والأشراف متقاض لإيثار السلاطين والأمراء يسحرهم بخلابة لفظه ويفتلهم في الذروة والغارب بتنزله ويهتدي إلى أغراضهم الكمينة بحذقه ويصنع غاشيتهم بتلطفه ممزوج الدعابة بالوقار والفكاهة بالنسك والحشمة بالبسط عظيم المشاركة لأهل وده والتعصب لإخوانه إلف مألوف كثير الأتباع والعلق مسخر الرقاع في سبيل الوساطة مجدي الجاه غاص المنزل بالطلبة منقاد الدعوة بارع الخط أنيقه عذب التلاوة متسع الرواية مشارك في فنون من أصول وفروع وتفسير يكتب ويشعر ويقيد ويؤلف فلا يعدو السداد في ذلك فارس منبر غير جزوع ولا هيابة‏.‏
رحل إلى المشرق في كنف حشمة نم جناب والده رحمه الله فحج وجاور ولقي الجلة ثم فارقة وقد عرف بالمشرق حقه وصرف وجهه إلى المغرب فاشتمل عليه السلطان أبو الحسن أميره اشتمالًا خلطه بنفسه وجعله مفضي سره وإمام جمعته وخطيب منبره وأمين رسالته فقدم في غرضها على الأندلس في أواخر عام ثمانية وأربعين وسبعماية واجذبه سلطانها رحمه الله وأجراه على تلك الوتيرة فقلده الخطبة بمسجده في السادس لصفر عام ثلاثة وخمسين وسبعماية وأقعده للإقراء بالمدرسة من حضرته‏.‏
وفي أخريات عام أربعة وخمسين بعده أطرف عنه حفن بره في أسلوب طماح ودالة وسبيل هوى وقحة فاغتنم العبرة وانتهز الفرصة وأنفذ في الرحيل العزمة وانصرف عزيز الرحلة مغبوط المنقلب في أوايل شعبان عام أربعة وخمسين وسبعماية فاستقر بباب ملك المغرب أمير المؤمنين أبي عنان فارس في محل تجلة وبساط قرب مشترك الجاه مجدي التوسط ناجع الشفاعة والله يتولاه ويزيده من فضله‏.‏
مشيخته من كتابه المسمى عجالة المتسوفز المستجاز في ذكر من سمع من المشايخ دون من أجاز من أئمة المغرب والشام والحجاز‏.‏
فممن لقيه بالمدينة المشرفة على ساكنها الصلاة والسلام الإمام العلامة عز الدين محمد أبو الحسن ابن علي بن إسمعيل الواسطي صاحب خطتي الإمامة والخطابة بالمسجد النبوي الكريم وأفرد جزءًا في مناقبه‏.‏
ومنهم الشيخ الإمام جمال الدين أبو عبد الله محمدبن أحمد بن خلف بن عيسى الخزرجي السعدي العبادي تحمل عن عفيف الدين أبي محمد عبد السلام بن مزروع وأبي اليمن وغيره‏.‏
والشيخ الإمام خادم الوقت بالمسجد الكريم ونائب الإمامة والخطابة به ومنشد الأمداح النبوية هنالك‏.‏
وبمكة شرفها الله الشيخ المعمر الثقة شرف الدين أبو عبد الله عيسى بن عبد الله الحجي المكي‏.‏
ولا شيخ الصالح شرف الدين خضر بن عبد الرحمن العجمي‏.‏
والشيخ مقري الحرم برهان الدين إبراهيم بن مسعود بن إبراهيم الآبلي المصري‏.‏
والشيخ الإمام الصالح أبو محمد عبد الله بن أسعد الشافعي الحجة انتهت إليه الرياسة العلمية والخطط الشرعية بالحرم‏.‏
والشيخ قاضي القضاة وخطيب الخطباء عز الدين أبو عمر عبد العزيز بن محمد بن جماعة الكناني قاضي القضاة بمصر‏.‏
وبمصر الشيخ علاء الدين القونوي‏.‏
والتقي السعدي وقاضي القضاة القزويني والشرف أقضى القضاة الإخميمي وكثيرون غيرهم‏.‏
وسمع من عدد عديد آخر من أعلام القضاة والحفاظ والعلماء بتونس وبجابة والزاب وتلمسان‏.‏
اقتضى الخوض الواقع بين يدي تاميل الأمير أبي الحسن رحمه الله وتوقع عودة الأمر إليه وقد ألقاه اليم بالساحل بمدينة الجزاير أن قبض عليه بتلمسان أمراؤها المتوثبون عليها في هذه الفترة من بني زيان إرضاء لقبيلهم المتهم بمداخلته وقد رحل عنهم دسيسًا من أميرهم عثمن بن يحيى بن عبد الرحمن بن يغمراسن فصرف مأخوذًا عليه طريقه منتهبًا رحله منتهكة حرمته وأسكن قرارة مطبق عميق القعر مقفل المسلك حريز القفل ثاني اثنين‏.‏
ولأيام قتل ثانيه ذبحًا بمقربة من شفى تلك الركية وانقطع لشدة لاثقاف أثره أيقن الناس بفوات الأمر فيه‏.‏
ولزمان من محنته ظهرت عليه بركة سلفه في خبر ينظر بطرقه إلى الكرامة فنجا ولا تسل كيف وخلصه الله خلاصًا جميلًا وقدم على الأندلس والله ينفعه بمحنته‏.‏
شعره وما وقع من المكاتبة بيني وبينه ركب مع السلطان خارج الحمراء أيام ضربت اللوز قبابها البيض وزينت الفحص العريض والروض الأريض فارتجل في ذلك‏:‏ أنظر إلى النوار في أغصانه يحكى النجوم إذا تبدت في الحلك حيًا أمير المسلمين وقال قد عميت بصيرة من بغيرك مثلك أنت الذي صعدت به أوصافه فيقال فيه ذا مليك أو ملك ولما قدمت على مدينة فاس في غرض الرسالة خاطبني بمنزل الشاطبي على مرحلة منها بما نصه‏:‏ يا قادمًا وافي بكل نجاج أبشر بما تلقاه من أفراح هذي ذرى ملك الملوك فلذ بها تنل المنى وتفز بكل سماح مغني الإمام أبي عنان يممن تظفر ببحر في العلى طفاح من قاس جود أبي عنان ذي الندى بسواه قاس البحر بالضحضاح ملك يفيض على العفاة نواله قبل السوال وقبل بسطة راح فلجود كعب وابن سعدي في الندى ذكر محاه من نداه ماح ما أن رأيت ولا سمعت بمثله من أريحي للندى مرتاح بسط الأمان على الأنام فأصبحوا قد ألحفوا منه بظل جناح وهمي على العافين سيب نواله حتى حكى سح الغمام الساح فنواله وجلاله وفعاله فاقت وأعيت ألسن المداح فانهض أبا عبد الإله تفز بما تبغيه من أمل ونيل نجاح لا زلت ترتشف الأماني راحة من راحة المولى بكل صباح والحمد لله يا سيدي وأخي على نعمه التي لا تحصى حمدًا يؤم به جميعنا المقصد الأسنى فيبلغ الأمد الأقصى فطالما كان معظم سيدي للأسى في خبال وللأسف بين اشتغال بال واشتغال بلبال ولقدومكم على هذا المقام العلي في ارتقاب ولمواعدكم بذلك في تحقق وقوعه من غير شك ولا ارتياب فها أنت تجتلي من هذا المقام العلي لتشيعك وجوه المسرات صباحًا وتتلقى أحاديث مكارمه ومواهبه مسندة صحاحًا بحول الله‏.‏
ولسيدي الفضل في قبول مركوبه الواصل إليه بسرجه ولجامه فهو من بعض ما لدي المحب من إحسان مولاي وإنعامه‏.‏
ولعمري لقد كان وافدًا على سيدي في مستقره مع غيره‏.‏
فالحمد لله الذي يسر في إيصاله على أفضل أحواله‏.‏
فراجعته بقولي‏:‏ راحت تذكرني كؤوس الراح والقرب يخفض للجنوح جناح وسرت تدل على القبول كأنما دل النسيم على انبلاج صباح حسناء قد غنيت بحسن صفاتها عن دملج وقلادة ووشاح بخليفة الله المؤيد فارس شمس المعالي الأزهر الوضاح ما شيت من همم ومن سيم غدت كالزهر أو كالزهر في الأدواح فضل الملوك فليس يدرك شأوه أني يقاس الغمر بالضحضاح أسنى بني عباسهم بلوانه المنصور أو بحسامه السفاح وغدت مغاني الملك لما حلها تزهي ببدر هدى وبحر سماح وحياة من أهداك تحفة قادم في العرف منها راحة الأرواح ما زلت أجعل ذكره وثناءه روحي وريحاني الأريج وراح ولقد تمازج حبه بجوارحي كتمازج الأجسام بالأرواح ولو أنني أبصرت يومًا في يدي أمري لطرت إليه دون جناح فالأن ساعدني الزمان وأيقنت من قربه نفسي بفوز قداح إيه أبا عبد الإلآه وإنه لنداء ود في علاك صراح أما إذا استنجدتني من بعد ما ركدت لما خبت الخطوب رياح وبالحق من مدح المولى الخليفة صدعت وألفتني وقد سطت بي الأوحال حتى كادت تتلف الرحال والحاجة إلى الغذاء قد شمرت كشح البطين وثانية العجماوين قد توقع فوات وقتها وإن كانت صلاتها صلاة الطين والفكر قد غاض معينه وضعف وعلى الله جزاء المولى الذي يعينه فعزتني بكتيبة بيان أسدها هصور وعلمها منصور وألفاظها ليس فيها قصور ومعانيها عليها الحسن مقصور واعتراف مثلي بالعجز في المضايق حول ومنة وقول لا أدري للعالم فكيف لغيره جنة‏.‏
لا كنها بشرتني بما يقل لمهديه بذل النفوس وإن جلت وأطلعتني من اسراء على وجه تحسده الشمس إذا تجلت بما أعلمت به من جميل اعتقاد مولانا أمير المؤمنين أيده الله في عبده وصدق المخيلة في كرم مجده‏.‏
وهذا هو الجود المحض والفضل الذي شكره هو الفرض‏.‏
وتلك الخلافة المولوية تتصف بصفة من يبدأ بالنوال من قبل الضراعة والسؤال من غير اعتبار للأسباب ولا مجازاة للأعمال‏.‏
نسأل الله أن يبقى منها على الإسلام أوفي الظلال ويبلغها من فضله أقصى الآمال‏.‏
ووصل ما بعثه سيدي صحبتها من الهدية والتحفة الودية وقبلتها امتثالًا واستجليت منها عتقًا وجمالًا‏.‏
وسيدي في الوقت أنسب إلى اتخاذ ذلك الجنس وأقدر على الاستكثار من إناث اليهم والإنس‏.‏
وأنا ضعيف القدرة غير مستطيع لذلك إلا في الندرة فلو رأى سيدي ورأيه سداد وقصده فضل ووداد أن ينقل القضية إلى باب العارية من باب الهبة مع وجوب الحقوق المترتبة لبسط خاطري وجمعه وعمل في رفع المؤنة على شاكلة ونجره وسيدي في الإسعاف على الله أجره وهذا أمر عرض وفرض فرض وعلى نظره المعول واعتماد إغضائه هو المعقول الأول‏.‏
والسلام على سيدي من معظم قدره وملتزم بره ابن الخطيب في ليلة الأحد السابع والعشرين لذي قعدة سنة خمسة وخمسين وسبعماية والسماء قد جادت بمطر سهرت منه الأجفان وظن أنه طوفان واللحاق في غد بالباب المولوي مؤمل بحول الله‏.‏
ومن الشعر المنسوب إلى محاسنه ما أنشد عنه وبين يديه في ليلة الميلاد المعظم من عام ثلاثة وستين وسبعماية بمدينة فاس المحروسة‏:‏
أيا نسيم السحر بالله بلغ خبر ** إن أنت يومًا بالحمى جررت فضل المثزر
ثم حثثت الخطو من فوق الكثيب الأعفر ** مستقريًا في عشبه خفى وطئ المطر
تروى عن الضحاك في الروض حديث الزهر ** مخلق الأذيال بالعبير أو بالعنبر
وحقهم ما غيرت ودي صروف الغير ** لله عهد فيه قضيت حميد الأثر
أيامه هي التي أحسبها من عمري ** ويا لليل فيه ما عيب بغير القصر
العمر فينان ووجه الدهر طلق الغرر ** والشمل بالأحباب منظوم كنظم الدرر
صفو من العيش بلا شائبة من كدر ** ما بين أهل تقطف الأنس حنى الثمر
وبين آمال تبيح القرب صافي الغدر ** يا شجرات الحي حياك الحيا من شجر
إذا أجال الشوق في تلك المغاني فكري ** خرجت من خدي حديث الدمع فوق الطرر
تخبط بالأخفاف مظلوم البرا وهو بري ** قد عطفت عن ميد والتفت عن حور
قسي سير ما سوى العزم لها من وتر ** حتى إذا الأعلام حلست لحفي البشر
واسبتشر النازح بالقرب ونيل الوطر ** وعين الميقات للسفر نجاح السفر
والناس بين محرم بالحج أو معتمر ** لبيك لبيك إله الخلق باري الصور
ولاحت الكعبة بيت الله ذات الأثر ** مقام إبراهيم والمأمن عند الذعر
واغتنم القوم طواف القادم المبتدر ** وأعقبوا ركعتي السعي استلام الحجر
وفي منى نالوا المنى وأيقنوا بالظفر ** وبعد رمى الجمرا ت كان حلق الشعر
أكرم بذاك الصحب والله وذاك النفر ** يا فوزه من موقف يا ربحه من متجر
حتى إذا كان الوداع وطواف الصدر ** فأي صبر لم يخن أو جلد لم يغدر
وأي وجد لم يصل وسلوة لم تهجر ** ما أفجع البين لقلب الواله المستغفر
ثم ثنوا نحو رسول الله سير الضمر ** فعاينوا في طيبة لألاء نور نير
زاروا رسول الله واستشفعوا بلثم الجدر ** نالوا به ما أملوا وعرجوا في الأثر
ربع ترى مستنزل الآي به والسور ** وملتقى جبريل بالهادي الزكي العنصر
وروضة الجنة بين روضة ومنبر ** منخب الله ومختار الورى من مضر
والمنتقى والكون من ملابس الخلق عرى ** إذ لم يكن في أفق من زحل أو مشتر
ذو المعجزات الغر أمثال النجوم الزهر ** يشهد بالصدق له منها انشقاق القمر
والضب والظبي إلى نطق الحصى والشجر ** من أطعم الألف بصاع في صحيح الخبر والجيش رواه بماء الراحة المنهمر ** يا نكتة الكون التي فاتت منال الفكر
إيوان كسرى ارتج إذ ضاقت قصور قيصر ** وموقد النار طفا كأنها لم تسعر
يا عمدتي يا ملجئي يا مفزعي يا وزري ** يا من له اللواء والحوض وورد الكوثر


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:00 AM



يا منقد الغرقى وهم رهن العذاب الأكبر ** إن لم تحقق أملي بؤت بسعي المخبر
صلى عليك الله يا نور الدجا المعتكر ** يا ويح نفسي كم أرى من غفلتي في غمر
واحسروا من قلة الزاد وبعد السفر ** يحجني والله بالبرهان وعظ المنبر
يا حسنها من خطب لو حركت من نظر ** يا حسنها من شجر لو أورقت من ثمر
وليس ما مر من الأيام بالمنتظر ** وقل ما أن حمدت سلامة في غرر
ولي غريم لا يني عن طلب المنكسر ** يا نفس جدي قد بدا الصبح ألا فاعتبري
واتعظي بمن مضى وارتدعى وازدجرى ** ما بعد شيب الفود من مرتقب فشمري
أنت وإن طال المدى في قلعة أو سفر ** وليس من عذر يقيم حجة المعتذر
يا ليت شعري والمنى تسرق طيب العمر ** هل ارتجى من عودة أو رجعة أو صدر
مقتديًا بمن مضى من سلف ومعثر ** نالوا جوار الله وهو الفخر للمفتخر
أكرم من نال المنى بالمرهفات البتر ** ممهد الملك وسيف الحق والليث الجري
خليفة الله الذي فاق بحسن السير ** وكان منه الخبر في العلباء وفق الخبر
فصدق التصديق من مرآه للتصور ** ومستعين الله في ورد له وصدر
فاق الملوك الصيد بالمجد الرفيع الخطر ** فأصبحت ألقابهم منسية لم تذكر
وحاز منهم أوحد وصف العديد الأكثر ** برأيه المأمون أو عسكره المظفر
بسيفه السفاح أو بعزمه المقتدر ** بالعلم المنصور أو بالذابل المستنصر
ووردت على باب السلطان الكبير العالم أبي عنان فبلوت من مشاركته وحميد سعيه ما يليق بمثله‏.‏
ولما نكبه لم أقصر عن ممكن حيلة في أمره ولما هلك السلطان أبو عنان رحمه الله وصار الأمر لأخيه المتلاحق من الأندلس أبي سالم بعد الولد المسمى بالسعيد كان ممن دمث له الطاعة وأناخ راحلة الملك وحلب ضرع الدعوة وخطب عروس الموهبة فأنشب ظفره في متات معقود من لدن الأب مشدود من لدن القربة فاستحكم عن قرب واستغلظ عن كثب فاستولى على أمره وخلطه بنفسه ولم يستأثر عنه ببثة ولا انفرد بما سوى بضع أهله‏.‏
بحيث لا يقطع في شيء إا عن رأيه ولا يمحو ويثبت إلا واقفًا عند حده فغشيت بابه الوفود وصرفت إليه الوجوه ووقفت عليه الآمال وخدمته الأشراف وجلبت إلى سدته بضايع العقول والأموال وهادته وخدمته الأشراف وجلبت إلى سدته بضايع العقول والأموال وهادته الملوك فلا تحدو الحداة إلا إليه ولا تحط الرحال إلا لديه‏.‏
إن حضر أجرى الرسم وأنفذ الأمر والنهي لحظًا أو سرارًا أو مكاتبة وإن غاب ترددت الرقاع واختلفت الرسل‏.‏
ثم انفرد أخيرًا ببيت الخلوة ومنتبذ المناجاة من دونه مصطف الوزراء وغايات الحجاب فإذا انصرف تبعته الدنيا وسارت بين يديه الوزراء ووقفت ببابه الأمراء قد وسع الكل لحظه وشملهم بحسب الرتب والأموال رعيه ووسم أفذادهم تسويده وعقدت ببنان عليتهم بنانه‏.‏
لاكن رضي الناس غاية لا تدرك والحقد بين بني آدم قديم وقبيل الملك مباين لمثله فطويت الجوانح منه على سل وحنيت الضلوع على بث وأغمضت الجفون على قذى إلى أن كان من نكبته ما هو معروف جعلها الله له طهورًا‏.‏
ولما جرت الحادثة على السلطان بالأندلس وكان لحاق جميعنا بالمغرب جنيت ثمرة ما أسلفته في وده فوفي كيل الوفا وأشرك في الجاه وأدر الرزق ورفع المجلس بعد التسبيب في الخلاص والسعي في الجبر جبره الله تعإلى وكان له أحوج ما يكون إلى ذلك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم‏.‏
ولما انقضى أمر سلطانه رحمه الله وقذف به بحر التمحيص إلى شطه وأضحى جو النكبة بعد انطباقه آثر التشريق بأهله وجملته واستقر بتونس خطيب الخلافة مقيمًا على رسمه من التجلة ذايع الفضل هنالك والمشاركة وهو بحاله الموصوفة إلى الآن كان الله له‏.‏
وكنت أحسست منه في بعض الكتب الواردة صاغية إلى الدنيا وحنينًا لما فارق من غرورها فحملني الطور الذي ارتكبته في هذه الأيام بتوفيق الله على أن خاطبته بهذه الرسالة وحقها أن يجعلها خدمة الملوك ممن ينسب إلى نبل أو يلم بمعرفة مصحفًا يدرسه وشعارًا يلتزمه وهي‏:‏ سيدي الذي يده البيضاء لم تذهب بشهرتها المكافاة ولم تختلف في مدحها الأفعال ولا تغايرت في حمدها الصفات ولا تزال تعترف بها العظام الرفات أطلقك الله من أسر الكون كما أطلقك من أسر بعضه ورشدك في سمايه العالية وأرضه وحقر الحظ في عين بصيرتك بما يحملك على رفضه‏.‏
اتصل بي الخبر السار من تركك لشأنك وإجناء الله إياك ثمرة إحسانك وإنجياب ظلام الشدة الحالك عن أفق حالك‏.‏
فكبرت لانتشاق عفو الله العاطر واستعبرت لتضاؤل الشدة بين يدي الفرج لا بسوى ذلك من رضى مخلوق يومر فيأتمر ويدعوه القضاء فيبتدر إنما هو فيئ وظل ليس له من الأمر شيء ونسأله جل وتعإلى أن يجعلها آخر عهدك بالدنيا وبنيها وأول معارج نفسك التي تقربها من الحق وتدنيها وكأنني والله أحس بثقل هذه الدعوة على سمعك ومضادتها ولا حول ولا قوة إلا بالله لطبعك وأنا أنافرك إلى العقل الذي هو قسطاس الله في عالم الإنسان والآلة لبث العدلي والإحسان والملك الذي يبين عنه ترجمان اللسان فأقول ليمت شعرى ما الذي غبط سيدى بالدنيا‏.‏
وإن بلغ من زبرجها الرتبة العليا وأفرض المثال لحالة إقبالها ووصل حبالها وضراعة سبالها وخشوع جبالها‏.‏
ألتوقع المكروه صباح مسا وارتقاب الحوالة التي تديل من النعيم الباسا ولزوم المنافسة التي تعادى الأشراف والرؤسا‏.‏
ألترثبق العتب حتى على التقصير في الكتب وظعينة جار الجنب وولوع الصديق بإحصاء الذنب‏.‏
ألنسبة وقايع الدولة إليك وأنت بري وتطويقك الموبقات وأنت منها عرى‏.‏
ألا ستهدافك للمضار التي تنتجها غيرة الفروج والأحقاد التي تضطبنها ركبة السروج وسرحة المروج ونجوم السما ذات البروج‏.‏
ألتقليدك التقصير فيما ضاقت عنه طاقتك وصحت إليه فاقتك من حاجة لا يقتضي قضاها الوجود ولا يكيفها الركوع للملك والسجود‏.‏
ألقطع الزمان بين سلطان يعبد وسهام للغيوب تكبد وعجاجة شر تلبد وأقبوحة تخلد وتوبد ألوزير يصانع ويداري وذي حجة صحيحة يجادل في مرضاة السلطان ويمارى وعورة لاتوارى‏.‏
ألمباكرة كل عايب حاسد وعدو ومستأسد وسوق للإنصاف والشفقة كاسد وحال فاسد أللوفود تتزاحم بسدتك مكلفة لك غير ما في طوقك فإن لم تنل أغراضها قلبت عليك السما من فوقك‏.‏
ألجلساء ببابك لا يقطعون زمن رجوعك وإيابك إلا بقبيح اغتيابك فالتصرفات تمقت والقواطع النجوميات توقت والألاقى تبث والسعايات تحث والسماجد يشتكى قيها البث يعتقدون أن السلطان في يدك بمنزلة الحمار المدبور واليتيم المحجور والأسير المامور ليس له شهرة ولا غضب‏.‏
ولا أمل في الملك ولا أرب ولا موجدى لأحد كامنة وللشر ضامنة وليس في نفسه عن رأي نفرى ولا بإزاء مالا يقبله نزوة وطفرة إنما هو جارحة لصيدك وعان في قيدك وآلة لتصرف كيدك وأنك علة حيفه ومسلط سيفه‏.‏
الشرار يسملون عيون الناس باسمك ثم يمزقون بالغيبة مزق جسمك قد تنخلهم الوجود أخبث مافيه واختارهم السفيه فالسفيه إذا الخير يسره الله عن الدول ويخفيه ويقنعه بالقليل فيكفيه‏.‏
فهم يمتاحون بك ويولونك الملامة ويقتحمون عليك أبواب القول ويسدون طرق السلامة وليس لك في أثناء هذه إلا مايعوزك مع ارتفاعه ولايفوتك مع انقشاعه وذهاب صداعه من غذاء يشبع وثوب يقنع وفراش ينيهم وخديم يقعد ويقيم‏.‏
وماالفاية في فرش تحتها حمر الغضا ومال من ورايه سوء القضا وجاه يحلق عليه سيف مننضا وإذا بلغت النفس إلى الالتذاذ بما لاتملك واللجاج حول المسقط الذي تعلم أنها فيه تملك فكيف ينسب إلى نبل أو يسر مع السعادة في سبل وإن وجدت في القعود بمجلس التحية بعض الأريحية فليت شعرى أي شيء زادها أو معنى أفادها إلا مباكرة وجه الحاسد وذي القلب الفاسد ومواجهة العدو المستاسد‏.‏
أو شعرت ببعض الإيناس في الركوب بين الناس هل التذت إلا بحلم كاذب أو جذبها غير الغرور مجاذب‏.‏
إنما الحلية وافتك من يحدق إلى البزة ويستطيل مدة العزة ويرتاب إذا حدث بخبرك ويتبع بالنقد والتجسس مواقع نظرك ويمنعك من شارة أنسك ويحتال على فراغ كيسك ويضمر الشر لك ولرسيك وأي راحة لمن لايباشر قصده ويسير متى شا وحده ولو صح في هذه الحال لله حظ وهبه زهيدًا أوعين للرشد عملًا حميدًا لساغ الصاب وخفت الأوصاب وسهل المصاب‏.‏
لاكن الوقت أشغل والفكر أوغل والزمن قد غمرته الحصص الوهمية واستنفدت منه الكمية‏.‏
أما ليله ففكر أو نوم وعتب يجر الضراس ولوم وأما يومه فتدبير وقبيل ودبير وأمور يعيا بها ثبير وبلاء مبير ولغط لايدخل فيه حكيم كبير وأنا بمثل ذلك خبير‏.‏
ووالله ياسيدي ومن فلق الحب وأخرج الأب وذرا من مشى ومادب وسمى نفسه الرب لو تعلق المال الذي يجده هذا الكدح ويورى سقيطه هذا القدح بإذيال الكواكب وزاحمت البدر بدره بالمناكب لاورثه عقب ولاخلص به محتقب ولا فاز به سافر ولا منتقب‏.‏
والشاهد الدول والمشايم الأول‏.‏
فأين الرباع المقتناة وأين الديار المبتداة وأين الحدايق المغترسات وأين الذخاير المختلسات وأين الودايع المؤملة وأين الأمانات المحملة تأذن الله بتتبيرها وإدناء وتار التيار من دنانيرها فقفلما تلقى أعقابهم إلا أعربًا للطمور مترمقين بجرايات الشهور متعللين بالهباء المنثور يطردون من الأبواب التي حجب عندها آباؤهم وعرف منها إباؤهم وشم من مقاصيرها عنبرهم وكباؤهم لم تسامحهم الأيام إلا في إرث محررٍ أو حلال مقرر وربما محقة الحرام وتعذر منه المرام‏.‏
هذه أعزك الله حال قبولها مالها مع الترفيه وعلى فرض أن يستوفي العمر في العز مستوفيه‏.‏
وأما ضده من عدو يتحكم وينتقم وحوت بغى يبتلع ويلتقم وطبق يحجب الهواء ويطيل في التراب الثوا وثعبان قميد يعض الساق وشوبوب عذاب يمزق الإبشار الرقاق وغيلة يهديها الواقب الغاسق ويوجرعها العدو الفاسق مع الأفوال ولا شروق فهل في شئ من هذا مغتبط لنفس حرة أو مايساوى جرعة حالٍ مرة‏.‏
‏.‏
واحسرتاه للأحلام ضلت وللأقدام زلت ويالها مصيبة جلت ولسيدي أن يقول حكمت على باستثقال الموعظة واستجفانها ومراودة الدنيا بين خلانها وأكفايها وتناسى عدم وفايها فأقول الطبيب بالعلل أدرى والشفيق بسوء الظن مغرى‏.‏
وكيف لا وأنا أقف على السحاآت بخط سيدي من مطارح الاعتقال ومثاقف النوب الثقال وحلوات الاستعداد للقاء الخطوب الشداد ونوش الأسنة الحداد وحيث يجمل تمثله ألا تصرف في غير الخضوع لله بنانًا ولايثنى لمخلوق عنانًا‏.‏
وأتعرف أنها قد ملأت الجو الدو وقصدت الجماد والبو تقتحم أكف أولى الشمات وحفظة المذمات وأعوان النوب الملمات زيادة في الشقا وقصد أبرياء من الاختيار والانتق مشتملة من التجاوز على إغرب من العنقا ومن النقاق على أشهر من البلقا‏.‏
فهذا يوصف بالإمامة وهذا ينسب في الجود إلى كعب بن مامة وهذا يجعل من أهل الكرامة وهذا يجعل من أهل الكرامة وهذا يكلف الدعاء وليس من أهل وهذا يطلب منه لقا الصالحين وليسوا من شكله إلى ما أحفظنى والله من البحث عن السموم وكتب النجوم والمذموم من المعلوم هلا كان من ينظر في ذلك قد قوطع بتاتًا وأعتقد أن الله جعل لزمن الخير والشر ميقاتًا وأنا لانملك موتًا ولا نشورًا ولا حياتًا وأن اللوح قد حصر الأشياء محورًا وإثباتًا فكيف نرجو لما منع منالًا أو نستطيع مما قدر إفلاتًا‏.‏
أفيدونا ما يرجح العقيدة المقررة نتحول إليه وبينوا لنا الحق نعول عليه‏.‏
الله الله ياسيدي في النفس المرشحة وللذات المحلات بالفضايل الموشحة والسلف الشهير الخير والعمر المشرف على الرحلة بعد حث السير ودع الدنيا لأهلها فما أركس حطوظهم وأخس لحوظهم وأقل متاعهم وأعجل إسراعهم وأكثر عناؤهم وأقصر أناؤهم‏:‏ ماتم إلا ما رأيت وربما تعي السلامة والناس إما جائر أو حاير يشكو ظلامه والله ما احتقب الحريص سوى الذنوب أو الملامة هل ثم شك في المعاد الحق أو يوم القيامة قولوا لنا ماعندكم أهل الخطابة والإمامة وإن رميت بأحجارى وأوحرت المر من أشجارى فوالله ماتلبست منها لليوم بشيء قديم ولا حديث ولا استاثرت بطيب فضلًا عن خبيث‏.‏
وما أنا إلا عابر سبيل وهاجر مرعى وبيل ومرتقب وعد قدر فيه الإنجاز وعاكف على حقيقة لا تعرف المجاز قد فررت من الدنيا كما يفر من الأسد وحاولت المقاطعة حتى بين روحي والجسد وغسل الله قلبي وله الحمد من الطمع والحسد فلم أبق عادة إلا قطعتها ولا جنة للصبر إلا ادرعتها‏.‏
أما اللباس فالصوف وأما الزهد فيما في أيدي الناس فمعروف وأما المال الغبيط فعلى الصدقة مصروف‏.‏
ووالله لو علمت أن حالي هذه تتصل وعراها لاتنفصل وأن ترتيبي هذا يدوم ولا يجيزني الوعد المحتوم والوقت المعلوم لمت أسفًا وحسبي الله وكفا ومع هذا ياسيدي فالموعظة تتلقى من لسان الوجود والحكمة ضالة المؤمن يطلبها ببذل المجهود ويأخذها من غير اعتبار بمحلها المذموم أو المحمود‏.‏
ولقد أعملت نظرى فيما يكافئ عني بعض يدك أو ينتمي في الفضل إلى أمدك فلم أر لك الدنيا كفا‏.‏
هذا لو كنت صاحب دنيا وألفيت بذل النفس قليلًا لك من غير شرطٍ ولا ثنيا فلما ألهمني الله لمخاطبتك بهذه النصيحة المفرغة في قالب الجفا لمن لايثبت عين الصفا ولا يشيم بارقه الوفا ولايعرف قاذورة الدنيا معرفة مثلى من المتدنسين بها لا منهمكين وينظر عوراه الفادح بعين اليقين يعلم أنها المومسة التي حسنها زور وعاشقها مغرور وسرورها شرو تبين لي أني قد كافيت صنيعتك المتقدمة وخرجت عن عهدتك الملتزمة ومحضت لله النصح الذي يقر بعز الله ذاتك ويطيب حياتك ويحي مواتك ويريح جوارحك من الوصب وقلبك من النصب ويحقر الدنيا وأهلها في عينك إذا اعتبرت ويلاشى عظايمها لديك إذا اختبرت كل من تقع عليه عينك حقير قليلن وفقير ذليل لايفضلك بشيء إلا باقتفاء رشد أو ترك غى أثوابه النبيهة يجردها الغاسل وعروة غيره يفصلها الفاصل وماله الحاضر الحاصل يعيث فيه الحسام الفاصل والله ماتعين للخلف إلا ماتعين للسلف ولامصير المجموع إلا إلى التلف ولا صح من الهياط والمياط والصياح والعياط وجمع القيراط إلى القيراط والاستظهار بالوزعة والأشراط والخبط والخباط والاستكثار والاغتباط الغلو والاشتطاط وبنا الصرح وعمل الساباط ورفع العماد وإدارة الفسطاط إلا ألم يذهب القوة وبنسى الآمال المرجوة ثم نفس يصعد وسكرات تتردد وحسرات لفراق الدنيا تتجدد ولسان يثقل عين تبصر الفراق الحق وتمقل‏.‏
قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون‏.‏
ثم القبر وما بعده والله منجز وعيده ووعده‏.‏
فالإضراب وافضراب والتراب التراب وإن اعتذر سيدى بقلة الجلد لكثرة الولد فهو ابن مرزوق لا ابن رزاق وبيده من التسبب ما يتكفل بإمساك أرماق‏.‏
أين النسخ الذي يتبلغ الإنسان بأجرته في كن حجرته لابل السؤال الذي لاعار عند الحاجة بمعرته السؤال والله أقوم طريقًا وأكرم فريقًا من يد تمتد إلى حرام لا يقوم بمرام ولا يومن من ضرام أحرقت فيه الحلل وقلبت الأديان والملل وضربت الابشار ونحرت العشار ولم يصل منه على يدي واسطة السوؤ المعشار‏.‏
ثم طلب عند الشدة ففضح وبان سومه ووضح اللهم طهر منا أيدينا وقلوبنا وبلغنا من الانصراف إليك مطلوبنا وعرفنا بمن لايعرف غيرك ولا يسترفد إلا خبرك ياألله‏.‏
وحقيق على الفضلاء إن جنح سيدي منها إلى إشارة أو أعمل في احتلابها إضباره‏.‏
أولبس منها شارة أو تشوف إلى خدمة إمارة ألا يحسنوا ظنونهم بعدها بابن ناس ولا يغتروا بسمت ولا خلقٍ ولا لباس فما عدا عما بدا‏.‏
تقضي العمر في سجن وقيد وعمرو وزيد وضر وكيد وطراد صبد وسعد وسعيد وعبد وعبيد فمتى تظهر الأفكار ويقر القرار وتلازم الأدكار وتشام الأنوار وتتجلى الأسرار ثم يقع الشهود الذي تذهب معه الأفكار ثم يحق الوصول الذي إليه من كل ماسواه الفرار وعليه السدار‏.‏
وحق الحق الذي ماسواه فباطل والفيض الرحماني الذي ربابه لابد هاطل ماشاب مخاطبتي لك شايبة بريب ولقد محضت لك مايمحضه الحبيب إلى الحبيب فيحمل جفا في الذي حملت عليه الغيرة ولاتظن بي غيره‏.‏
وإن أقدر قدرى في مكاشفة سيادتك بهذا البث في الأسلوب الرث فالحق أقدم وبناؤه لايهدم وشأني معروف في مواجهة الجبابرة على حين يدى إلى رفدهم ممدودة ونفس في النفوس المتهافتة عليهم معدودة وشبابي فاحم وعلى الشهوات مزاحم فكيف بي اليوم مع الشيب ونصح الجيب واستكشاف العيب إنما أنا اليوم على كل من عرفني كل ثقيل وسيف العدل في كفى صقيل أعذل أهل الهوى وليست النفوس في القبول سوا ولا لكل من ضر دوا وقد شفيت صدري وإن جهلت قدري فاحملني حملك الله على الجادة الواضحة وسحب عليك ستر الأبوة الصالحة والسلام‏.‏
ابن عياض رحمه الله واستبحر فيه طلب أهل العدوتين بنظم مقطوعات تتضمن الثناء على الكتاب المذكور وإطراء مؤلفة فانثال عليه من ذلك الطم والرم بما تعددت منه الأوراق واختلفت في الإجاجة وغيرها الأرزاق وإيثارًا لغرضه ومبادرة من أهل الجهات لإسعاف أريه وطلب مني أن ألم في ذلك بشيء فكتبت في ذلك‏:‏ شفا عياض للصدور شفاء وليس بفض قد حواه خفاء هدية بر لم يكن لجزيلها سوى الأدر والذكر الجميل كفاء وفي لنبى الله حق وفاته وأكرم أوصاف الكرام وفاء وجاء به بحرًا بقول بفضله على البحر طعم طيب وصفاء وحق رسول الله بعد وفاته رعاه وإغفال الحقوق جفاء هو الذخر يغنى في الحياة عتاده ويترك منه اليقين رفاء هو الأثر المحمود ليس يناله دثور ولا يخشى عليه عفاء حرصت على الإطناب في نشر فضله وتمجيده لو ساعدتني فاء واستزاد من هذا الغرض الذي لم يقنع منه بالقليل فبعثت إليه من محل انتقالي بمدينة سلا حرسها الله‏:‏ جدل الباطل للحق بأسياف مواض وشفى من يشتكي الغلة في زرق الحياض أي بنيان معار آمن فوق انقضاض أي عهد ليس يرمى بانتكاث وانتقاض ومعان في سطور كأسود في غياض وشفاء لصدور من ضنى الجهل مراض حرر القصد فما شين بنقد واعتراض يا أبا الفضل أذر بأن الله عن سعيك راض فاز عبد أقرض الله برجحان القراض وجبت عز المزايا من طوال وعراض لك يا أصدق راو لك يا أعدل قاض لرسول الله وفيت بجد وانتهاض فتولى بسط ما أجملت من غر انقباض ساهر لم يدر في استخلاصه طعم اغتماض دام في علو ومن عاداه يهوى في انخفاض ما وشى الصبح الدياجي في سواد ببياض ثم نظمت له أيضًا في الغرض المذكور والإكثار من هذا النمط في هذا الموضع ليس على سبيل التبجح بغرابته وإجادته ولاكن على سبيل الإشادة بالشرح المشار إليه فهو بالغ غاية الإستبحار‏.‏
حييت يا مختط يبت بن نوح بكل مزن يغتدى أو يروح وحمل الريحان ريح الصبا أمانة ي كل إلى كل روح دار أبي الفضل عياض الذي أضحت برياه رياضًا تفوح يا ناقل الآثار يعنى بها وواصلًا في العلم جرى المجموح طرفك في الفخر بعيد المدا طرفك للمجد شديد الطموح كفاك إعجازًا كتاب الشفا والصبح لا ينكر عند الوضوح تأرج العرف وطاب الجنى وكيف لا يثمر أو لا يفوح تأرج العرف وطاب الجنى وكيف لايثمر أو لا يفوح وحلة من طيب خير الورى في الجيب والأعطاف منها نضوح ومعلم للدين شيدته فهذه الأعلام منه تلوح فقل لهامان كذا أو فلا يامن أضل الرشد تبنى الصروح في أحسن التقويم أنشأته خلقًا جديدًا بين جسم وروح فعمره المكتوب لا ينقضى إذا تقضى عمر سام ونوح كأنه في الحف ريح الصبا وكل عطف فهو غض مروح ما عذر مشغوف بخير الورى إن هاج منه الذكر أن لا يبوح عجبت من أكباد أهل الهوى وقد سطا البعد وطال النزوح إن ذكر المحبوب سالت دما ما هن أكباد ولكن جروح يا سيد الأوضاع يا من له بسيد الإرسال فضل الرجوع مولده‏:‏ بتلمسان عام أحد عشر وسبعماية التميمي التسلى الكرسوطى محمد بن عبد الرحمن بن سعد التميمي التسلى الكرسوطى من أهل فاسن نزيل مالقة يكنى أبا عبد الله‏.‏
حاله الشيخ الفقيه المتكلم أبو عبد الله غزير الحفظ متبحر الذكر عديم القرين عظيم الاطلاع عارف بأسماء الأوضاع ينثال منه على السايل كثيب مهيل ينقل الفقه منسوبًا إلى أمانة ومنوطًا برجاله والحديث بأسانيده ومتونه خوار العنان وساع الخطو بعيد الشأو يفيض من حديث إلى فقه ومن أدب إلى حكاية ويتعدى ذلك إلى غرايب المنظومات مما يختص بنظمه أولو الشطارة والحرفة من المغاربة ويستظهر مطولات القصاص وطوابير الوعاظ ومساطير أهل الكدية في أسلوب وقاحٍ يفضحه الإعراب حسن الخلق جم الاحتمال‏.‏
مطرح الوقار رافض التصنع متبذل اللبسة رحيب أكناف المرارة لأهل الولايات يلقى بمعاطنهم البرك وينوط بهم الوسائل كثير المشاركة لوصلايه محصب على أهل بيته حدب على بنيه‏.‏
قدم على الأندلس عام اثنين وعشرين وسبعماية فأقام بالجزيرة مقريًا بمسجد الصواع منها ومسجد الرايات‏.‏
ثم قدم على مالقة وأقرأ بها ثم قدم على غرناطة عام خمسة وعشرين وسبعماية فتعرف على أرباب الأمر بما نجحت حيلته وخف به موقعه فلم يعدم صلة ولافقد مرفقة حتى ارتاش وتأثل بمحل سكناه من مالقة مدرة مغلة وعقارا مفيدا‏.‏
وطال قعوده لسرد الفقه بمسجدها الجامع نمير في الركب مهجور الحلقة حملا من الخاصة والعامة لتلبسه بالعرض الأدنى‏.‏
وهو الآن خطيب مسجد القصبة بها ومحله من الشهرة بالحفظ والاستظهار لفوع الفقه كبير‏.‏


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:01 AM

وفاته‏:‏ توفي بغرناطة في عشر الستين وأربعمائة قلت قد تقدم اعتذاري عن إثبات مثله في هذا المختصر فلينظر هناك إن شاء الله‏.‏
بن أبي زمنين عدنان المرى محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بان إبراهيم بن محمد بن أبي زمنين عدنان بن بشير بن كثير المرى حاله كان من كبار المحدثين والعلماء الراسخين وأجل وقته قدرًا في العلم والرواية والحفظ للرأي والتمييز للحديث والمعرفة باختلاف العلماء متفننًا في العلم مضطلعًا بالأدب قارضًا للشعر متصرفًا في حفظ المعاني والأخبار مع النسك والزهد والأخذ بسنن الصالحين والتخلق بأخلاقهم‏.‏
لم يزل أمة في الخير قانتًا لله منيبًا له عالمًا زاهدا صالحًا خيرًا متقشفًا كثير التبتل والتزلف بالخيرات مسارعًا إلى الصالحات دايم الصلاة والبكاء واعظًا مذكرًا بالله داعيًا إليه ورعًا ملبى الصدقة معينًا على النايبة مواسيًا بجاهه وماله ذا لسانٍ وببان تصغى إليه الافئدة فصيحًا بهيًا عربيًا شريفًا أبى النفس عالي الهمة طيب المجالسة أنيس المشاهدة ذكيًا راسخًا في كل جم من العلوم صيرفيًا جهبذًا ما رؤى قبله ولا بعده مثله‏.‏
مشيخته سكن قرطبة وسمع بها من أحمد بن مطرف ووهب بن مسرة الحجارى وعن أبان بن عيسى بن محمد بن دنير وعن والده عبيد الله بن عيسى‏.‏
من روى عنه‏:‏ روى عنه الزاهد أبو اسحق إبراهيم بن مسعود الإلبيرى وغيره‏.‏
تواليفه ألف كتاب المغرب في اختصار المدونة ثلاثين جزءًا ليس في المختصرات مثله بإجماع والمهذب في تفسير الموطأ والمشتل في أصول الوثايق وحياة القلوب وأنس الفريد ومنتخب الاحكام والنصائح المنظومة وتفسير القرآن‏.‏
مولده‏:‏ في المحرم سنة أربع وعشرين وثلاثمائة‏.‏
وفاته‏:‏ توفي في شهر ربيع الثاني عام ثمانية وتسعين وثلاثمائة بحاضرة إلبيرة رحمه الله ونفع به‏.‏
محمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن قاسم بن مشرف بن قاسم ابن محمد بن هاني اللخمى القايصي يكنى أبا الحسن حاله كان وزيرًا جليلًا فقيهًا رفيعًا جوادا أديبًا جيد الشعر عارفًا بصناعة النحو والعروض واللغة والأدب والطب من أهل الرواية والدراية مشيخته روى عن الحافظ أبي بكر بن عطية وأبي محمد بن عتاب وأبي الوليد بن رشد القاضي الإمام ولا قاضي أبي محمد عبد الله بن علي بن سمجون‏.‏
شعره من شعره قوله‏:‏ يا حرقة البين كويت الحشا حتى أذبت القلب في أضلعه أذكيت فيه النار حتى غدا ينساب ذاك الذوب من مدمعه يا سؤل هذا القلب حتى متى يوسى برشف الريق من منبعه فإن في الشهد شفًا للورى لا سيما إن يصر من مكسرعه والله يدني منكم عاجلًا ويبلغ القلب إلى مطمعه‏.‏
مولده‏:‏ ولد في الثالث الأخير من ليلة الجمعة لثلاث بقين لذى حجة سنة ثمان وتسعين توفي في آخر جمادى الأخرى سنة ست وتسعين وخمسمائة‏.‏
محمد بن أحمد الغساني محمد بن عبد الرحمن بن عبد السلام بن أحمد بن يوسف ابن أحمد الغساني من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله حاله كان محدثًا نبيلًا حاذقًا ذكيًا وله شرح جليل على كتاب الشهاب واختصار حسن في اقتباس الأنوار للرشاطى‏.‏
وكان كاتبًا وافر الحظ من الأدب يقرض شعرًا لا بآس به‏.‏
من شعره في ذكر أنساب طبقات العرب‏:‏ الشعب ثم قبيلة وعمارة بطن وفخذ الفصيلة تابعه فالشعب يجمع للقبائل كلها ثم القبيلة للعمارة جامعة والبطن يجمعه العمار فاعلمن والفخذ يجمعه البطون الواسعة والفخذ يجمع للفصايل كلها جاءت على نسق لها متتابعة وقريشها تسمو العبارة يافتى وقصى بطن الأعادي قامعة ذا ما ثم فخذ وذا عباسهاالا الفصيلة لا تناط بسايعة ولد بغرناطة سنة ثمان وستين وخمسماية‏.‏
وفاته‏:‏ بمرسية في رمضان تسع عشرة وستماية ابن حقل الغافقي محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم بن مفرج بن أحمد بن عبد الواحد ابن حريث بن جعفر بن سعيد بن محمد بن حقل الغافقي من ولد مروان بن حقل النازل بقرية الملاحة من قنب قيس من عمل إلبيرة يكنى أبا القاسم ويعرف بالملاحي‏.‏
وقد نقلنا عنه الكثير وهو من المفاخر الغرناطية‏.‏
حاله كان محدثا راوية معتنيا أديبًا مؤرخًا فاضلًا جليلًا‏.‏
قال الأستاذ في الصلة‏:‏ كان من أفضل الناس وأحسنهم عشرة وألينهم كلمة وأكثرهم مروءة وأحسنهم خلقًا وخلقًا ما رأيت مثله قدس الله تربته‏.‏
وذكره صاحب الذيل الأستاذ أبو عبد الله بن عبد الملك وأطنب فيه وذكره المحدث أبو عبد الله الطنجالي وذكره ابن عساكر في تاريخه‏.‏
مشيخته روى عن أبيه أبي محمد وأبي القاسم بن بشكوال وأبي العباس بن اليتيم وعالم كثير من غير بلده ومن أهل بلده سوى أبيه وعن أبي سليمان داود بن يزيد بن عبد الله السعدي القلعي لازمه مدة وعن أبي خالد بن رفاعة اللخمي وأبي محمد عبد الحق بن يزيد العبدري وأبي جعفر عبد الرحمن بن الحسن بن القصير وأبي بكر بن طلحة ابن أحمد بن عبد الرحمن بن عطية المحاربي وأبي محمد عبد المنعم بن عبد الرحيم وأبي جعفر بن حكم الحصار وأبي عبد الله بن عروس وأبي الحسن بن كوثر وأبي بكر الكتندي وأبي إسحق بن الجلا وأبي بكر بن زمنين وأبي القاسم بن سمجون وأبي محمد بن عبد الصمد ابن محمد بن يعيش الغساني‏.‏
وكان من المكثرين في باب الرواية أهل الضبط والتقييد والإتقان بارع الخط حسن الوراقة أديبًا بارعًا ذاكرًا للتاريخ والرجال عارفًا بالأنساب نقادًا حافظًا للأسانيد ثقة عدلًا مشاركًا في فنون سياسيًا‏.‏
وروى عنه الأستاذ واعتنى بالرواية عنه‏.‏
وقال الأستاذ حدثني عنه من شيوخي جماعة منهم القاضي العدل أبو بكر بن المرابط‏.‏
تواليفه ألف كتابه في تاريخ علماء إلبيرة واحتفل فيه‏.‏
وألف كتاب الشجرة في الأنساب وكتاب الأربعين حديثًا وكتاب فضايل القرآن وبرنامج روايته وغير ذلك‏.‏
مولده‏:‏ سنة تسع وأربعين وخمسماية‏.‏
الشقوري محمد بن علي بن عبد الله اللخمي يكنى أبا عبد الله ويعرف بالشقوري منسوبًا إلى مدينة شقورة ومنها أهله صاحبنا طبيب دار الإمارة حفظه الله‏.‏
حاله هذا الرجل طرف في الخير والأمانة فذ في حسن المشاركة نقي في حب الصالحين كثير الهوى إلى أهل التقوى حذر من التفريط حريص على التعلق بجناب الله‏.‏
نشأ سابغ رداء العفة كثيف جلباب الصيانة متصدرًا للعلاج زمن المراهقة معمًا مخولًا في الصناعة بادي الوقار في سن الحشمة‏.‏
ثم نظر واجتهد فأحرز الشهرة بدينه ويمن نقيبته وكثرة حيطته ولطيف علاجه ونجح تجربته‏.‏
ثم كلف بصحبة الصالحين وخاض في السلوك وأخذ نفسه بالارتياض والمجاهدة حتى ظهرت عليه آثار ذلك‏.‏
واستدعاه السلطان لعلاج نفسه فاغتبط به وشد اليد عليه وظهر له فضله وهو لهذا العهد ببابه حميد السيرة قويم الطريقة صحيح العقد حسن التدبير عظيم المشاركة للناس أشد الخلق حرصًا على سعادة من صحبه وأكثرهم ثناء عليه وأصرحهم نصيحة له نبيل الأغراض فطن المقاصد قايم على الصنعة مبين العبارة معتدل في البحث والمذاكرة متكلم في طريقة الصوفية عديم النظير في الفضل وكرم النفس‏.‏
شيوخه قرأ على جده للأب وعلى الحكيم الوزير خالد بن خالد من شيوخ غرناطة وعلى شيخنا الحكيم الفاضل أبي زكريا بن هذيل ولازمه وانتفع به وسلك بالشيخ الصوفي أبي مهذب عيسى الزيات ثم أخيه الصالح الفاضل أبي جعفر الزيات والتزم طريقته وظهرت عليه بركته‏.‏
تواليفه ألف كتبًا نبيلة منها تحفة المتوسل في صنعة الطب وكتابًا سماه الجهاد الأكبر وآخر سماه قمع اليهودي عن تعدي الحدود أحسن فيه ما شاء‏.‏
شعره أنشدني بعد ممانعة واعتذار إذ هذا الغرض ليس من شأنه‏:‏ سالت ركاب العز أين ركابي فابدي عنادا ثم رد جوابي ركابك مع سيري يسير بسيره بغير حول مذ حللت جنابي وهي متعددة‏.‏
ولد في عام سبعة وعشرين وسبعماية‏.‏
الشفرة محمد بن علي بن فرج القربلياني يكنى أبا عبد الله ويعرف بالشفرة حاله كان رجلًا ساذجًا مشتغلا بصناعة الطب عاكفا عليها عمره محققًا لكثير من أعيان النبات كلفًا به متعيشًا من عشبه أول أمره وارتاد المنابت وسرح بالجبال ثم تصدر للعلاج ورأس به وحفظ الكثير من أقوال أهله ونسخ جملة من كنانيشه على ركاكة خطه وعالج السلطان نصر المستقر بوادي آش وقد طرق من بها مرض وافد حمل علاجه المشاقحة لأجله وعظم الهلاك فيمن اختص بتدبيره فطوف القلب المبارك بمبراه‏.‏
ثم رحل إلى العدوة وأقام بمراكش سنين عدة ثم كر إلى غرناطة في عام أحد وستين وبها هلك على أثر وصوله‏.‏
مشيخته زعم أنه قرأ على أبيه ببلده من قربليان بلد الدجن وأخذ الجراحة عن فوج من محسني صناعة عمل اليد من الروح‏.‏
وقرأ على الطبيب عبد الله بن سراج وغيره‏.‏
وفاته‏:‏ في السابع عشر لربيع الأول عام أحد وستين وسبعماية‏.‏
محمد بن علي بن يوسف بن محمد السكوني ابن اللؤلؤة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن اللؤلؤة أصله من جهة قمارش‏.‏
حاله رحل في فتايه بعد أن شدا شيئًا من الطلب وكلف بالرواية والتقيد فلقي مشخة وأخذ عن جلة وقدم على بلده حسن الحالة مستقيم الطريقة ظاهر الانقباض والعفة وأدخل الأندلس فوايد وقصايد وكان ممن ينتفع به لو أمهلته المنية‏.‏
شعره مما نسبه إلى نفسه من الشعر قوله‏:‏ يا من عليه اعتمادي في قل أمري وكثره سهل على ارتحالي إلى النبي وقبره فذاك أقصى مرادي من الوجود بأسره ومن ذلك‏:‏ أمن بعد ما لاح المشيب بمفرقي أميل لزور بالغرور مصاغ وأرتاح للذات والشيب منذر بما ليس عنه للأنام مراغ ومن يمت قبل المشيب فإنه يراع بهول بعده ويراغ فيا رب وفقني إلى ما يكون لي به للذي أرجوه منك بلاغ توفي معتبطًا في وقيعة الطاعون عام خمسين وسبعماية خطيبًا بحصن قمارش‏.‏
ابن سودة المري محمد بن سودة بن إبراهيم بن سودة المري أصله من بشرة غرناطة يكنى أبا عبد الله‏.‏
حاله من بعض التواريخ المتأخرة‏:‏ كان شيخًا جليلًا كاتبًا مجيدًا بارع الأدب رايق الشعر سيال القريحة سريع البديهة عارفًا بالنحو واللغة والتاريخ ذاكرًا لأيام السلف طيب المحاضرة مليح الشيبة حسن الهيئة مع الدين والفضل والطهارة والوقار والصمت‏.‏
مشيخته قرأ بغرناطة على الحافظ أبي محمد عبد المنعم بن عبد الرحيم بن الفرس وغيره من شيوخ غرناطة‏.‏
وبمالقة على الأستاذ أبي القاسم السهيلي وبجيان على ابن يربوع وبإشبيلية على الحسن بن زرقون وغيره من نظرائه‏.‏
أدبه قال الغافقي كانت بينه وبين الشيخ الفقيه واحد عصره أبي الحسن سهل بن مالك مكاتبات محنته أصابه في آخر عمره نكبة ثقيلة أسر هو وأولاده فكانت وفاته أسفًا لما جرى عليهم نفعه الله‏.‏
توفي في حدود سبعة وثلاثين وستماية‏.‏
محمد بن يزيد ين رفاعة الأموي البيري أصله من قرية طرش حاله طلب العلم وعني بسمعه ونسخ أكثر كتبه بخطه وكان لغويًا شاعرًا من الفقهاء المشاورين الموثقين وولي الصلاة بالحاضرة وعزل وسرد الصوم عن نذر لزمه عمره‏.‏
مشيخته سمع من شيوخ إلبيرة محمد بن فطيس وابن عمريل وهاشم ابن خالد وعثمان بن جهير وحفص بن نجيح وبقرطبة من عبيد الله ابن يحيى بن يحيى وغيره‏.‏
من حكاياته‏:‏ قال المؤرخ من غريب ما جرى لأبي علي البغدادي في مقدمه إلى قرطبة أن الخليفة الحكم أمر ابن الرما حس عامله على كورتي إلبيرة وبجانة أن يجيء مع أبي علي في وفد من وجوه رعيته وكانوا يتذاكرون الأدب في طريقهم إلى أن تجاروا يومًا وهم سايرون أدب عبد الملك بن مروان ومساءلته جلساءه عن أفضل المناديل وإنشاده بيت عبدة بن الطبيب‏:‏ ثمت قمنا إلى جرد مسومة أعرقهن لأيدينا مناديل وكان الذاكر للحكاية أبو علي فأنشد الكلمة في البيت أعراقها فلوى ابن رفاعة عنانه منصرفًا وقال مع هذا يوفد على أمير المؤمنين وتتجشم الرحلة العظيمة وهو لا يقيم وزن بيت مشهور في الناس لا يغلط فيه الصبيان والله لاتبعته خطوة وانصرف عن الجماعة وندبه أميره ابن الرماحس ورامه بأن لا يفعل فلم يجد فيه حيلة فكتب إلى الخليفة يعرفه بابن رفاعة ويصف ما جرى معه فأجابه الحكم على ظهر كتابه‏:‏ الحمد لله الذي جعل في بادية من بوادينا من يخطئ وفد أهل العراق وابن رفاعة بالرضا أولى منه بالسخط فدعه لشأنه وأقدم بالرجل غير منتقص من تكريمه فسوف يعليه الاختبار أو يحطه‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:04 AM

توفي سنة ثلاث أو أربع وأربعمائة‏.‏
محمد بن خميس الأنصاري محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي ابن أبي بكر بن خميس الأنصاري من أهل الجزيرة الخضراء حاله كان فاضلًا وقورًا مشاركًا خطيبًا فقيهًا مجودًا للقرآن قديم الطلب شهير البيت معروف التعين نبيه السلف في القضاء والخطابة والإقراء مضى عمره خطيبًا بمسجد بلده الجزيرة الخضراء إلى أن تغلب العدو عليها وباشر الحصار بها عشرين شهرًا نفعه الله ثم انتقل إلى مدينة سبتة فاستقر خطيبًا بها إلى حين وفاته‏.‏
مشيخته قرأ على والده رحمه الله وعلى شيخه وشيخ أبيه أبي عمر وعباس ابن الطفيل الشهير بابن عظيمة وعلى الأستاذ أبي جعفر بن الزبير والخطيب أبي عبد الله بن رشيد بغرناطة عند قدومه عليها والقاضي أبي المجد بن أبي الأحوص قاضي بلده وكتب له بالإجازة الوزير أبو عبد الله بن أبي عامر بن ربيع وأجازه الخطباء الثلاثة أبو عبد الله الطنجالي وأبو محمد الباهلي وأبو عثمن بن سعيد وأخذ عن القاضي بسبتة أبي عبد الله الحضرمي والإمام الصالح أبي عبد الله بن حريث والمحدث أبي القاسم التجيبي والأستاذ أبي عبد الله بن عبد المنعم والأخوين أبي عبد الله وأبي إبراهيم ابني يربوع‏.‏
قال وكلهم لقيته وسمعت منه‏.‏
وأجاز لي إجازة عامة ما عدا الإمام ابن حريث فإنه أجاز لي والخطيب ابن عزمون وغيرهم ممن تضمنه برنامجه‏.‏
تواليفه قال وكان أحد بلغاء عصره وله مصنفات منها النفحة الأرجية في الغزوة المرجية ودخل غرناطة مع مثله من مشيخته بلده في البيعات أظن ذلك‏.‏
توفي في الطاعون بسبتة أخر جمادى الآخر من عام خمسين وسبعماية‏.‏
محمد بن أحمد بن عبد الله العطار من أهل ألمرية‏.‏
حاله‏:‏ من بعض التقييدات كان فتى وسيمًا وقورًا صيبًا متعففًا نجيبًا ذكيًا‏.‏
كتب عن شيخنا أبي البركات بن الحاج وناب عنه في القضاء وانتقل بانتقاله إلى غرناطة فكتب بها‏.‏
وكان ينظم نظمًا مترفعًا عن الوسط‏.‏
وجرى ذكره في الإكليل بما نصه‏:‏ ممن نبغ نوجب وخلق له البر بذاته ووجب تحلى بوقار وشعشع للأدب كاس عقار إلا أنه اخترم في اقتبالن وأصيب الأجل بنبال‏.‏
من شعره قوله من قصيدة‏:‏ دعاني على طول البعاد هواها وقد سد أبواب اللقا نواها وقد شمت برقا للقا مبشرًا وقد نفحت ريح الصبا بشذاها وجن دجى ليل بخيل بصبحه كما بخلت ليلى بطيف سراها وقاد زمان قايد الحب قاصدا ربوعاثوت ليلى بطول قناها وناديت والأشواق بالوجد برحت ودمعي أجرى سابغً للقاها أبا كعبة الحسن التي لنفس ترتجي رضاها وحاشى أن يخيب رجاها أحبك يا ليلى على البعد والنوى وبي منك أشوقا تشب لظاها إلى أن بدا الصبح المشتت شملنا وما بلغت نفسي المشوق مناها فمدت يمينًا للوداع ودمعها يكفكفه خوف الرقيب سراها وقالت وداعًا لا وداع تفرق لعل الليالي أن تديل نواها تذكرنا ليلى معاهد باللوى رعى الله ليلات اللوى ورعاها توفي في الطاعون الأعظم عام خمسين وسبعمائة‏.‏
محمد بن أحمد بن المراكشي من أهل ألمرية يكنى أبا عبد الله ويعرف بالمراكشي حاله كان فتى جميل الرؤيا سكوتًا مطبوعًا على المغافصة والغمز مهتديًا إلى خفي الحيلة قادرًا على المباحثة ذكيًا متسورًا على الكلام في الصنايع والألقاب من غير تدرب ولا حنكة دمث الأخلاق لين العريكة انتحل الطب وتصدر للعلاد والمداواة واضطبن أغلوطة صارت له بها شهرة وهي رق يشتمل على أعداد وخطوط وزايرجة وجداول غريبة الأشكال تحتها علامات فيها اصطلاحات الصنايع والعلوم ويتصل بها قصيدة رويها لأم الألف أولها وهي منسوبة لأبي العباس السبتي‏.‏
يقول سبتي ويحمد ربه مصل على هاد إلى الناس أرسلا وأنها مدخل للزيرجة ذكر أنه عثر عليها في مظنة غريبة وظفر برسالة العمل بها وتحرى بالإعلام بالكنايات والإخبار بالخفي وتقدمة المعرفة والإنذار بالوقايع حتى استهوى بذلك جماعة من المشيخة ممن كان يركن إلى رجحان نظره وسلامة فطرته واستغلت الشهادة له بالإصابة سجية النفوس في حرصها على إثبات دعاوي المتحرفين أخبرني بعهم أنه خبأ له عظمًا صغيرًا يكون في أطراف أجنحة الطير أخذه من جناح ديك وزعم أرباب الخواص أنه يزيل الإعياء إذا علق فتصرف على عاداته من الدخول في تلك الجداول وأخذ الأعداد الكثير يضربها آونة ويقسمها أخرى ويستخرج من تلك الجداول جيوبًا وسهامًا ويأخذ جذورًا وينتج له العمل آخرًا حروفًا مقطعة ببقيها الطرح يولف منها كلامًا تقتنص منه الفائدة فكان في ذلك بيت شعر‏:‏ وفي يدكم عظم صغير مدور يزيل به الإعياء من كان في السفر وأخبرني آخرون أنه سيل في نازلة فقهية لم يلق فيها نص فأخبر أن النص فيها موجود بمالقة فكان كذلك‏.‏
وعارض ذلك كله جلة من أشياخنا فذكرني الشيخ نسيج وحده أبو الحسن بن الجياب أنه سامره يخرج خبيئته سواد ليلة فتأمل ما يصنعه فلم يأت بشيء ولا ذهب إلى عمل يتعقل وظاهر الأمر أن تلك الحال كانت مبنية على تخيل وتخمين وتختلف فيه الإصابة وضدها بحسب الحالة والقايل لتصرف الحيلة فيه فاقتضى ذلك تأميل طائفة من أهل الدول إياه وانتسخوا نظاير من تلك الزيرجة المموهة ممطولين منه بطريق التصرف فيها إلى اليوم واتصل بالسلطان فأرسم ببابه وتعدى الإنس إلى طب الجن فافتضح أمره وهم به فنجا مفلتًا‏.‏
ولم تزل حاله مضطربة إلى أن دعى من العدوة وسلطانها منازل مدينة تلمسان ووصلت الكتب عنه فتوجه في جفن هيئ له ولم ينشب أن توفي بالمحلة في أوايل عام سبعة وثلاثين وسبعماية‏.‏
محمد بن بكرون بن حزب الله من أهل مالقة يكنى أبا عبد الله‏.‏
حاله من أهل الخصوصية والفضل ظاهر الاقتصاد كثير التخلق حسن اللقاء دايم الطريقة مختصر الملبس والمأكل على سنن الفضلاء وأخلاق الجلة‏.‏
انتظم لهذا العهد في نمط من يستجاز ويجيز‏.‏
وكان غفلًا فأقام رسمًا محمودًا ولم يقصر عن غاية الاستعداد‏.‏
مشيخته منهم الأستاذ مولى النعمة على أهل بلده أبو محمد عبد الواحد بن أبي السداد الباهلي قرأ عليه القرآن العظيم أربعة عشر ختمة قراءة تجويد وإتقان بالأحرف السبعة وسمع عليه كتبًا كثيرة وقال عند ذكره في بعض الاستدعاءات‏:‏ ولازمته رضي الله عنه وأرضاه إلى حين وفاته ونلت من عظيم بركاته وخالص دعواته ما هو عندي من أجل الوسايل وأعظم الذخيرة وأفضل ما أعددته لهذه الدار والدار الآخرة‏.‏
وكان في صدر هذا الشيخ الفاضل كثير من علم اليقين‏.‏
وهو علم يجعله الله في قلب العبد إذا أحبه لأنه يؤول بأهله إلى احتمال المكروه والتزام الصبر ومجاهدة الهوى ومحاسبة النفس ومراعاة خواطر القلب والمراقبة لله والحياء من الله وصحة المعاملة له ودوام الإقبال عليه وصحة النية واستشعار الخشية‏.‏
قال الله تعإلى‏:‏ ‏"‏ إنما يخشى الله من عباده العلماء ‏"‏ فكفى بخشية الله علمًا وبالإقبال عليه عزًا‏.‏
قلت وإنما نقلت هذا لأن مثله لا يصدر إلا عن ذي حركة ومضطبن بركة ومنهم الشيخ الخطيب الفاضل ولي الله أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الطنجالي‏.‏
دخل غرناطة راويًا وفي غير ذلك في شئونه وهو الآن ببلده مالقة يخطب ببعض المساجد الجامعة بها على الحال الموصوفة‏.‏
محمد بن الحسن الميورقي محمد بن الحسن بن أحمد بن يحيى الأنصاري الخزرجي الميورقي الأصل سكن غرناطة‏.‏
حاله كان محدثًا عالي الرواية عارفًا بالحديث وعلله وأسماء رجاله مشهورًا بالإتقان والضبط ثقة فيما نقل وروى دينًا زكيًا متحاملًا فاضلًا خيرًا متقللًا من الدنيا ظاهري المذهب داوديه يغلب عليه الزهد والفضل‏.‏
مشيخته روى بالأندلس عن أبي بكر بن عبد الباقي بن محمد بن الحجاري وأبي علي الصدفي الغساني وأبي مروان الباجي ورحل إلى المشرق وحج وأخذ بمكة كرمها الله عن أبي ثابت وأبي الفتح عبد الله بن محمد البيضاوي وأبي نصر عبد الملك بن أبي مسلم العمراني‏.‏
قلت وغيرهم اختصرتهم لطولهم‏.‏
وقفل إلى الأندلس فحدث بغير بلده منها لتجواله فيها‏.‏
ومن روى عنه‏:‏ روى عنه أبو بكر بن رزق وأبو جعفر بن الغاسل وغيرهم‏.‏
محنته إمتحن من قبل علي بن يوسف بن تاشفين فحمل إليه صحبة أبي الحكم بن يوجان وأبي العباس بن العريف وضرب بالسوط عن أمره وسجنه وقتًا ثم سرحه وعاد إلى الأندلس وأقام بها يسيرًا ثم انصرف إلى المشرق فتوقف بالجزاير وتوفي بها في شهر رمضان سنة سبع المعمم الساحلي محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم الأنصاري الساحلي يكنى أبا عبد الله ويعرف ببلده مالقة بالمعمم حاله كان طبقة من طبقات الكفاة ظرفًا ورواءً وعارضةً وترتيبًا تجلل بفضل شهرة أبيه وجعل بعض المترفين من وزراء الدول بالمغرب أيام وجهته إليه وصحبة الشيمخ الصالح أبيه في غرض السفارة مالًا عريضًا لينفقه في سبيل البر فبنى المدرسة غربي المسجد الأعظم ووقف عليها الرباع وابتنى غيرها من المساجد فحصلت الشهرة ونبه الذكر وتطور ورام العروج في مدارج السلوك وانقطع إلى الخلوة فنصلت الصبغة وغلبت الطبيعة وتأثل له مال جم اختلف في سبب اقتنايه وأظهر التجر المرهف الجوانب بالجاه العريض والحرص الشديد والمسامحة في باب الورع فتبنك به نعيمًا من ملبس ومطعم وطيب وترفه وطارد به اللذة ما شاء في باب النكاح استمتاعًا وذواقًا يتبع رايد الطرف ويقلد شاهد السمع حتى نعى عليه‏.‏
وولي الخطابة بالمسجد الأعظم بعد أبيه فأقام الرسم وأوسع المنبر ما شاء من جهورية وعارضة وتسور على أعراض وألفاظ في أسلوب ناب عن الخشوع عريق في نسب القحة‏.‏
ثم رحل إلى المشرق مرة ثانية وكر إلى بلده مليح الشيبة بادي الوقار نبيه الرتبة فتولى الخطابة إلى وفاته‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:06 AM

شعره مدح السلطان وأنشد له في المواليد النبوية‏.‏
ورفع إلى السلطان بحضرتي هذه الأبيات‏:‏ مولاي يا خير أعلام السلاطين ومن له الفضل في الدنيا وفي الدين ومن له سير ناهيك من سير وافت بأكرم تحسين وتحصين شرفت عبدك تشريفًا له رتب فوق النجوم التي فوق الأفق تعلين وكان لي موعد مولاي أنجزه وزاد في العز بعد الرتبة الدون والله ما الشكر مني قاضيًا وطرى ولو أتيت به حينًا على حين لكن دعايي وحبي قد رضيتهما كفا أفعاله الغر الميامين وعند عبدك إخلاص يواصله في خدمة لم يزل للخير تدنين وسوف أنصح كل النصح مغتنما رضي إمام له فضل يرجين جوزيت عني أمير المسلمين بما ترضاه للملك من نصر وتمكين وأنت أكرم من ساس الأنام ومن عم البلاد بتسكين وتهدين ومن كمثل أبي عبد الآله إذا أضحى الفخار لنا رحب الميادين محمد بن أبي الحجاج خيرة من أهدى إليه مدحًا بالسعد يحظين وجه جميل وأفعال تناسبه ودولة دولة المأمون تنسين لا زال في السعد والإسعاد ما سجعت ورق الحمام على قضب البساتين محمد بن عبد الرحمن الكاتب يكنى أبا عبد الله من أهل غرناطة أصله من وادي آش حاله كان طالبًا نبيهًا كاتبًا جليلًا جيد الكتابة‏.‏
كتب عن بعض أبناء الخليفة أبي يعقوب واختص بالسيد أبي زيد بغرناطة وبشرق الأندلس وكان أثيرًا عنده مكرمًا‏.‏
وكان رحمه الله شاعرًا مطبوعًا ذا معرفة جيدة بالعدد والمساحة ثم نزع عن الكتابة واشتغل بالعمل فراش فيه وولي إشراف بنيات غرناطة‏.‏
ثم ولي إشراف غرناطة فكف يده وظهرت نصيحته‏.‏
ثم نقل إلى حضرة مراكش فولى إشرافها مدة ثم صرف عنها إلى غرناطة وقدم على النظر في المستخلص إلى أن توفي‏.‏
مناقبه أشهد لما قربت وفاته أنه كان قد أخرج في صحته وجوازه أربعة آلاف دنير من صميم ماله لتتميم القنطرة التي بنيت على وادي شنجيل بخارج غرناطة‏.‏
وكان قبل ذلك قد بنى مسجد دار القضاء من ماله وتأنق في بنائه وأصلح مساجد عدة وفعل خيرًا نفعه الله‏.‏
من شعره ما كتب به إلى الشيخ أبي يحيى بن أبي عمران وزير الخلافة وهو بحال شكاية أصابته‏:‏ شكوت فأضنى المجد برح شكاته وفارق وجه الشمس حسن آياته وعادت بعديك الزمان زمانة تعدت إلى عواد وأساته وغيض ما للبشر لما تبسطت يد للسقم في ساحات كافي كفاته فكيف بمقصوص وصلت جناحه وأدهم قد سربلته بشاته وممتحن لولاك أذعن خبرة وهان على الأيام غمز قناته أمعلق آمالي ومطمح همتي وواهب نفسي في عداد مباته سأستقبل النعمى ببرك غضة ويصغر ذنب الدهر في حسناته وتسطو عين الحق منك بمرهف تراع الخطوب الجور من فتكاته وتطلع في أفق الخلافة نيرًا تطالعنا الأقمار من قسماته حرام على الشكوى اعتياد مطهر حياة الدنا والدين طي حياته فما عرضت في قصده بمساءة ولكن ترجت أن ترى في عفاته قال الغافقي قرأ بمالقة على الأستاذ أبي زيد السهيلي رحمه الله‏.‏
وتوفي بغرناطة سنة سبع وستماية ودفن بداره بجهة قنطرة القاضي منها على ضفة الوادي‏.‏
محمد بن عبد الملك بن عمار بن ياسر محمد بن عبد الملك بن سعيد بن خلف بن سعيد بن الحسن بن عثمان ابن محمد بن عبد الله بن سعيد بن عمار بن ياسر أوليته قد وقع التنبيه عليها ويقع بحول الله‏.‏
حاله كان وزيرًا جليلًا بعيد الصيت عالي الذكر رفيع الهمة كثير الأمل‏.‏
نباهته ذكره ابن صاحب الصلاة في تاريخه في الموحدين فنبه على مكانة محمد بن عبد الملك منهم في الرأي والحظوة والأخذ عنه في أمور الأندلس وأثنى عليه‏.‏
وذكره أبو زيد السهيلي في شرح السيرة الكريمة حتى انتهى إلى حديث كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الموجه إلى هرقل وأن محمد بن عبد الملك عاينه عند أذفونش مكرمًا مفتخرًا به‏.‏
والقضية مشهورة‏.‏
وأما محله من أمداح الشعراء فهو الذي مدحه الأديب أبو عبد الله الرصافي بقوله‏:‏ وفيه يقول أبو عبد الله بن شرف من قصيدة‏:‏ يا رحمة الله للراجي ونقمته لكل باغ طغا عن خيرة الرسل لم تبق منهم كفورًا دون مرقبة مطالعًا منك حتفًا غير منفصل كما بزاتك لم تترك بأرضهم وحشا يفر ولا طيرا بلا وجل وكان كثير الصيد ومتردد الغارات‏.‏
مناقبه في الدين قالوا لما أنشده أبو عبد الله الرصافي في القصيدة التي مطلعها‏:‏ لمحلك الترفيع والتعظيم ولوجهك التقديس والتكريم حلف ألا يسمعها وقال على جايزتك لكن طباعي لا تحتمل مثل هذا فقال الرصافي ومن مثلك ومن يستحق ذلك في الوقت غيرك فقال له دعني من خداعك أنا وما أعلمه عن نفسي‏.‏
شعره أنشده صاحب الطالع ولا يذكر له غيره‏:‏ ولا تبحثن في عذر من جاء تايبًا فليس كريمًا من يباحث في عذر وولي من الأعمال للموحدين كثيرًا كمختص حضرة مراكش ودار السلاح وسلا وإشبيلية وغرناطة واتصلت ولايته على أعمال غرناطة وكان من شيوخها وأعيانها‏.‏
محنته وعمل فيه عقد بأن بداره من أصناف الحلي ما لا يكون إلا عند الملوك وأنه إذا ركب في صلاة الصبح من دار الرخام التي يجري الماء فيها في إثنى عشر مكانًا شوش الناس في الصلاة دوي الجلاجل بالبزاة ومناداة الصيادين ونباح الكلاب فأمر المنصور بالقبض عليه وعلى ابن عمه صاحب أعمال إفريقية أبي الحسين في سنة ثلاث وسبعين وخمسماية‏.‏
ثم رضي عنهما وأمر محمد بن عبد الملك أن يكتب بخطه كل ما أخذ له فصرفه عليه ولم ينقصه منه شيء وغرم ما فات له‏.‏
ولد سنة أربع عشر وخمسماية وتوفي بغرناطة سنة تسع وثمانين وخمسماية‏.‏
محمد بن سعيد بن خلف بن سعيد بن محمد بن عبد الله بن الحسن ابن عثمان العنسي يكنى أبا بكر وقد تقدم التعريف بأوليته‏.‏
حاله قال في الطالع ساد في دولة الملثمين وولوه بغرناطة الأعمال وكانت له دار الرخام المشهورة بإزاء الجامع الأعظم بغرناطة‏.‏
قال الغافقي فيه‏:‏ شيخ جليل فقيه نبيه من أهل قلعة يحصب‏.‏
كان في عداد الفقهاء ثم نزع إلى العمل وولي إشراف غرناطة في إمارة أبي سعيد الميمون بن بدر اللمتوني‏.‏
وقال صاحب المسهب وحسب القلعة كون هذا الفضل الكامل منها وقد رقم برد مجده بالأدب ونال منه بالاجتهاد والسجية القابلة أعلى سبب وله من المكارم ما يغير في وجه كعب وحاتم لذلك ما قصدته الأدباء وتهافتت في مدحه الشعراء وفيه أقول‏:‏ وكان أبو بكر من الكفر عصمة ورد به الله الغواة إلى الحق وقام بأمر الله حافظ أهله بلين وسبط في المبرة والخلق وهذا أبو بكر سليل ابن ياسر بغرناطة ناغاه في الرأي والصدق فهذا لنا بالغرب يجنى معالمًا تباهى الذي أحيا الديانة بالشرق وقد جرى من ذكره عند ذكر أبي بكر بن قزمان ويجري عند ذكر نزهون بنت القلاعي ما فيه ما بين زينب عمري أحث كأسي وحمده وكل نظم ونثر وحكمة مستجده وليس إلا عفاف يبلغ المرء قصده ولذلك ما سعى به المخزومي الأعمى وقد سها عن رسم تفقده فكتب إلى علي بن يوسف في شأنه بما كان سبب عزله ونكبته‏:‏ إليك أمير المؤمنين نصيحة يجوز بها البحر المجعجع شاعر بغرناطة وليت في الناس عاملًا ولكن بما تحويه منه المآزر وأنت ما تخفي عليك خفية فسل أهلها فالأمر للناس ظاهر وما لإلآه العرش تفنيه حمدة وزينب والكأس الذي هو داير شعره‏:‏ من ذلك قوله‏:‏ يا هذه لا ترومي خداع من ضاق ذرعه تبكي وقد قتلتيني كالسيف يقطر دمعه وقال عفى الله عنه‏:‏ تبكي وقد قتلتيني كالسيف يقطر دمعه وقال عفى الله عنه‏:‏ لقد صدعت قلبي حمامة أيكة أثارت غرامًا ما أجل وأكرما وقال في مذهب الفخر‏:‏ فخرنا بالحديث بعد القديم من معال توارثت كالنجوم نحن في الحرب أجبل راسيات ولنا في الندى لطف النسيم ولد في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة وتوفي سنة تسع وثلاثين وخمسماية‏.‏
ومن الطارئين في هذا الاسم من العمال محمد بن أحمد بن المتأهل العبدري من أهل وادي آش يكنى أبا عبد الله‏.‏
حاله محمد بن أحمد بن المتأهل العبدري من أهل وادي آش يكنى أبا عبد الله‏.‏
حاله كان رجلًا شديد الأدمة أعين كث اللحية طرفًا في الأمانة شديد الاسترابة بجليسه مخينًا لرفيقه سيئ الظن بصديقه قليل المداخلة كثير الانقباض مختصر الملبس والمطعم عظيم المحافظة على النفير والقطمير مستوعب للحصر والتقييد أسير محيي وعابد زمام وجنيب أمانة وحلس سقيفة ورقيب مشرف لا يقبل هوادة ولا يلابس رشوة كثير الالتفات متفقدًا للآلة متممًا للعمل‏.‏
جرى ذكره في بعض الموضوعات الأدبية بسبب شعر خامل نسب إليه بما نصه‏:‏ رجل غليظ الحاشية معدود في جنس السايمة والماشية تليت على العمال به سورة الغاشية ولي الأشغال السلطانية فذعرت الجباة لولايته وأيقنوا بقيام قيامتهم لطلوع آيته وقنطوا كل القنوط وقالوا جاءت الدابة تكلمنا وهي إحدى الشروط من رجل صايم الحسوة بعيد عن المصانعة والرشوة يتجنب الناس ويقول عند المخالطة لهم لا مساس عهدي به في الأعمال يخبط ويتبر من كتاب المؤتمن قال يشهر بنسبه وأصل سلفه من جهة بيرة إما من بجانة وإما من البريج واستوعب سبب انتقالهم‏.‏
حاله من عايد الصلة كان أحد الشيوخ من طبقته وصدر الوزراء من نمطه ببلده سراوة وسماحة ومبرة وأدبًا ولوذعية ودعابة رافع راية الانطباع وحايز قصب السبق في ميدان التخلق مبذول البر شايع المشاركة‏.‏
وقال في المؤتمن كان رجلًا عاقلًا عارفًا بأقوال الناس حافظًا لمراتبهم منزلًا لهم منازلهم ساعيًا في حوايجهم لا يصدرون عنه إلا عن رضى بجميل مداراته‏.‏
التفت إلى نفسه فلم ينس نصيبه من الذل ولا أغفل من كان يالفه في المنزل الخشن واصلًا لرحمه حاملًا لوطأة من يجفوه منهم في ماله حظ للمساكين وفي جاهه رفد للمضطرين شيخًا ذكي المجالسة تستطيب معاملته على يقين أنه يخفى خلاف ما يظهر من الرجال الذين يصلحون الدنيا ولا يعلق بهم أهل الآخرة لعروه عن النخوة والبطر رحمه الله‏.‏
تكررت له الولاية بالديوان غير ما مرة وورد على غرناطة وافدًا ومادحًا ومعزيًا‏.‏
قرأ على ابن عبد النور وتأدب به وتلا على القاضي أبي علي بن أبي الأحوص أيام قضايه ببسطة ونظم رجزًا في الفرايض‏.‏
شعره قال الشيخ في المؤتمن كانت له مشاركة في نظم الشعر الوسط وكان شعر تلك الحلبة الآخذة عن ابن عبد النور كأنه مصوغ من شعره شيخهم المذكور ومحذو عليه في ضعف المعاني ومهنة الألفاظ‏.‏
تنظر إلى شعره وشعر عبد الله بن الصايغ وشعر ابن شعبة وابن رشيد وابن عبيد فتقول ذرية بعضها من بعض‏.‏
فمن ذلك ما نظمه في ليلة سماع واجتماع بسبب قدوم أخيه أبي الحسن من الحجاز‏:‏ إلهي أجرني إنني لك تايب وإني من ذنبي إليك لهارب عصيتك جهلًا ثم جئتك نادمًا مقرًا وقد سدت علي المذاهب مضى زمن بي في البطالة لاهيًا شبابي قد ولى وعمري ذاهب فخذ بيدي واقبل بفضلك توبتي وحقق رجائي في الذي أنا راغب أخاف على نفسي ذنوبًا جنيتها وحاشاك أن أشقى وأنت المحاسب وقد وضع الميزان بالقسط حاكما وجاء شهيد عند ذاك وكاتب وطاشت عقول الخلق واشتد خوفهم وفر عن الإنسان خل وصاحب فما ثم من يرجى سواك تفضلًا وإن الذي يرجو سواك لخايب ومن ذا الذي يعطي إذا أنت لم تجد ومن هو ذو منع إذا أنت واهب عبيدك يا مولاي يدعوك رغبة وما زلت غفارًا لمن هو تايب دعوتك مضطرًا وعفوك واسع فأنت المجازي لي وأنت المعاقب فهب لي من رحماك ما قد رجوته وبالجود يا مولاي ترجي المواهب توسلت بالمختار من آل هاشم ومن نحوه قصدًا تحث الركايب شفيع الورى يوم القيامة جاهه ومنقذ من في النار والحق واجب ومما بلغ فيه أقصى مبالغ الإجادة قوله من قصيدة هنا فيها سلطاننا أبا الحجاج بن نصر لما وفد وهو وجملة أعيان البلاد أولها‏:‏ يهني الخلافة فتحت لك بابها فادخل على اسم الله يمنا غابها منها وهو بديع استظرف يومئذ‏:‏ بلغت بكم آرابها من بعد ما قالت لذلك نسوة ما رابها كانت تراود كفوها حتى إذا ظفرت بيوسف غلقت أبوابها قلت ما ذكره المؤلف ابن الخطيب رحمه الله في هذا المترجم به من أنه ينظم الشعر الوسط ظهر خلافه إذا أثبت له هذه المقطوعة الأخيرة‏.‏
ولقد أبدع فيها وأتى بأقصى مبالغ الإجادة كما قال وحاز بها نمطًا أعلى مما وصفه به‏.‏
وأما القصيدة الأولى فلا خفاء أنها سهلة المأخذ قريبة المنزع بعيدة من الجزالة ولعل ذلك كان مقصودًا من ناظمها رحمه الله‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:07 AM

توفي ببلده عن سن عالية في شهر ربيع الآخر عام ثمانية وثلاثين وسبعماية‏.‏
ورثاه شيخنا أبو بكر بن شبرين رحمه الله بقوله‏:‏ يا عين سحي بدمع واكف سرب لحامل الفضل والأخلاق والأدب بكيت إذ ذكرت الموتى على رجل إلى بلى من الأحياء منتسب على الفقيه أبي بكر تضمنه رمس وأعمل سيرا ثم لم يؤب قد كان بي منه ود طاب مشرعه ما كان عن رغب كلًا ولا رهب لكن ولا على الرحمن محتسبًا في طاعة الله لم يمذق ولم يشب فاليوم أصبح في الأجداث مرتهنا ما ضرت الري أملودا من الغضب قل فيه أما تصف ركنًا لمنتبذ روض لمنتجع أنس لمغترب باق على العهد لا تثنيه ثانية عن المكارم في ورد ولا قرب سهل الخليقة بادي البشر منبسط يلقى الغريب بوجه الوالد الحدب كم غير الدهر من حال فقلبها وحال إخلاصه ممتدة الطنب سامي المكانة معروف تقدمه وقدره في ذوي الأقدار والرتب أكرم به من سجايا كان يحملها وكلها حسن تنبيك عن حسب ما كان إلا من الناس الإلى درجوا عقلًا وحلمًا وجودًا هامى السحب أمسى ضجيع الثرى في جنب بلقعة لكن محامده تبقى على الحقب ليست صبابة نفسي بعده عجبًا وإنما صبرها من أعجب العجب أجاب دمعي إذ نادى النعي به لو غير منعاه نادى الدمع لم يجب ما أغفل المرء عما قد أريد به في كل يوم تناديه الردى اقترب يا ويح نفسي الأنفاس مضت هدرًا بين البطالة والتسويف واللعب أبا بكر الأرضي نداء أخ باك عليك مدى الأيام مكتئب أهلًا بقدمتك الميمون ظاهرها على محل الرضى والسهل والرحب نم في الكرامة فالأسباب وافرة وربما نيلت الحسنى بلا سبب لله لله والآجال قاطعة مابيننا من خطابات ومن خطب ومن فرايد آداب يحبرها فيودع الشهب أفلاكًا من الكتب أما الحياة فقد مليت مدتها فعوض الله منها خير منقلب لولا قواطع لي أشراكها نصبت لزرت قبرك لا أشكو من النصب وقل ما شفيت نفس بزورة من حل البقيع ولكن جهد ذي أرب يا نخبة ضمها ترب ولا عجب إن التراب قديمًا مدفن النخب كيف السبيل إلى اللقيا وقد ضربوا بيني وبينك ما بقي من الحجب عليك مني سلام الله يتبعه حسن الثنا وما حييت من كثب محمد بن محمد بن شعبة الغساني قال شيخنا أبو البركات في الكتاب المؤتمن من أهل ألمرية ووجوهها لا حظ له في الأدب وبضاعته في الطلب مزجاة‏.‏
قطع عمره في الأشغال المخزنية وهو على ذلك حتى الآن‏.‏
قلت هذا الرجل أحد فرسان الطريقة العملية ماض على لين متحرك في سكون كاسد سوق المروءة ضان بما يملك من جدة منحط في هوة اللذة غير معرج على ربع الهمة لطيف التأني متنزل في المعاملة دمث الأخلاق مليح العمل صحيح الحساب منجب الولد‏.‏
مشيخته‏:‏ قرأ على ابن عبد النور والقدر الذي يحس به عنه أخذه‏.‏
شعره‏:‏ من شعره يخاطب أبا الحسن بن كماشة‏:‏ وافى البشير فوافى الأنس والجذل وأقبل السعد والتوفيق والأمل وراقت الأرض حسنًا زاهرًا وسنى واخضرت منها الربى والسهل والجبل ولاح وجه على بعد ذا فغدا له شعاع كضوء الشمس متصل مذ غاب أظلمت الدنيا لنا بغرته عاد الظلام ضياء وانتفى الخبل إيه أبا حسن أنت الرجاء لنا مهمى اعترت شدة أو ضاقت الحيل وأنت كهف منيع من نحاك فقد نال المنى وبدا عيش له خضل يا سيدًا قد غدا في المجد ذا رتب مشيدة قد بنتها السادة الأول السالكون هدى السابقون مدى والباذلون ندى والناس قد بخل أنت الأخير زمانًا والقديم علًا والسيد المرتجى والفارس البطل إن كنت جئت أخيرًا فلقد أضحى بجود يديك يضرب المثل حزت المآثر لا تحصى لكثرتها من رام إحصاءها سدت له السبل جزت البدور سنى والفرقدين علا وأنت تجر الندى والوابل الهطل من جاء يطلب منك السلم قابله وجه طليق ولفظ كله عسل ومن يرد غير ذا تبًا له وردى لقد ترفع في برج له زحل هناك ربك ما أولاك من نعم وعشت في عزة تترى وتتصل ولا عدمت مدى الأيام منزلة من دونها رفعة في الأبرج الحمل وخذه بعد سلامًا عاطرًا أرجًا يدوم ما دامت الأسحار والأصل من خادم لعلاكم مخلص لكم من حبكم لا يرى ما عاش ينتقل تقبيل كفك أعلى ما يؤمله فجد به فشفا الهايم القبل وادي آش يكنى أبا عبد الله‏.‏
حاله فاضل الأبوة معروف الصون والعفة بادي الاستقامة دمث الأخلاق حسن الأدوات ينظم وينثر ويجيد الخط تولى أعمالًا نبيهة ثم علقت به الحرفة فلقي ضغطًا وفقد نشبًا واضطر إلى التحول عن وطنه إلى بر العدوة عام ستة وخمسين وسبع ماية وتعرف لهذا العهد أنه تولى الأشغال بقسنطينة الهواء من عمل إفريقية‏.‏
شعره كتب إلي وقد أبي عملًا عرض عليه‏:‏ أأصمت أنفًا ثم أنطق بالخلف وأفقد ألفًا ثم آنس بالجلف وأمسك دهري ثم أنطلق علقمًا ويمحق بدري ثم ألحق بالخسف وعزكم لا كنت بالذل عاملًا ولو أن ضعفي ينتمي إلى حتف فإن تعملونى في تصرف عزة وعدل وإلا فاحسموا علة الصرف بقيت وسحب العطف منكم تظلني وعطف ثناتي دائمًا ثاني العطف محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن فرتون الأنصاري من أهل مالقة يكنى أبا القاسم ويعرف بالهنا أوليته ينسب إلى القاضي ببطليوس قاضي القضاة رحمه الله‏.‏
وبمالقة دور تنسب إلى سلفه تدل على نباهة وقد قيل غير ذلك‏.‏
والنص الجلي أولى من القياس‏.‏
حاله من عايد الصلة‏:‏ الشيخ الحاج المحدث صاحب الأشغال بالدار السلطانية‏.‏
صدر نمطه وفريد فنه رجولة وجزالة واضطلاعًا وإدراكًا وتجلدًا وصبرًا‏.‏
نشأ بمالقة معدودًا في أهل الطلب والخصوصية ورحل إلى الحجاز الشريف في فتايه فاستكثر من الرواية وأخذ عن أكابر من أهل المشرق والمغرب حسبما يشهد بذلك برنامجه‏.‏
وكان على سنن من السرو والحشمة فذا في الكفاية جريًا مقدامًا مهيبًا ظريف الشارة فاره المركب مليح الشيبة حسن الحديث وقاد الذهن صابرًا على الوظايف يخلط الخوض في الأمور الدنيوية بعبادة باهظة وأوراد ثقيلة ويجمع ضحك الفاتك وبكاء الناسك في حالة واحدة هشًا مفرط الحدة يثرد عليه مجل لسانه في المجالس السلطانية بما تعروه المندمة بسببه قايمًا على حفظ القرآن وتجويده وتلاوته ذا خصال حميدة صناع اليد مقتدرًا على العمليات من نسخ ومقابلة وحساب معدودا من صدور الوقت وأعلام القطر ورجال الكمال‏.‏
مشيخته أخذ عن الجلة من أهل بلده كالأستاذ أبي محمد بن أبي السداد الباهلي لازمه وانتفع به والخطيب أبي عثمان بن عيسى أخذ عنه والولي أبي عبد الله الطنجالي وغيرهم مما يطول ذكرهم من العدوة والأندلس والمشارقة‏.‏
محنته لقي نصبًا في الخدمة السلطانية وغضًا من الدهر لبأوه بتعنته وعدم مبالاته مرات ضيق لها سجنه وعرض عليه النكال ونيل منه بالإهانة كل منال وأغرم مالا أجحف بمحتجنه وعرض للأيدي نفايس كتبه وعلى ذلك فلم يذعر سربه ولا أضعفت النكبة جاشه‏.‏
ولد عام ثلاثة وسبعين وستماية‏.‏
ومات ميتة حسنة‏.‏
صلى الجمعة ظهرًا وقد لزم الفراش ونفث دم الطاعون ومات مستقبل القبلة على أتم وجوه التأهب سابع شوال من عام خمسين وسبعماية‏.‏
محمد بن عبد الله بن محمد بن مقاتل من أهل مالقة يكنى أبا القاسم أزدي النسب إشبيلي الأصل من بيت نزاهة ونباهة‏.‏
حاله كان فاضلًا وقورًا سمحًا مليح الدعابة عذب الفكاهة حلو النادرة يكتب ويشعر طرفًا في الانطباع واللوذعية آية في خلط الجد بالهزل‏.‏
ولي الإشراف بمدينة مالقة وتقلب في الشهادة المخزنية عمره‏.‏
شعره من شعره يخاطب ذا الوزارتين أبا عبد الله بن الحكيم رحمه الله‏:‏ فؤادي من خطب الزمان سقيم وفيه لسهم الحادثات كلوم ولم أشك دايي في البرية لامرئ أأشكو به وابن الحكيم حكيم توفي بمالقة يوم الخميس عاشر شهر رمضان من عام تسعة وثلاثين وسبعماية‏.‏
محمد بن علي بن عبد ربه التجيبي من أهل مالقة يكنى أبا عمرو كان راوية ثقة بارع الأدب بليغ الكتابة طيب النفس كامل المروءة حسن الخلق جميل العشرة تلبس بالأعمال السلطانية دهرًا وولي إشراف غرناطة وغيرها إلى أن قعد لشكاية منعته من القيام والتصرف فعكف على النظر فانتفع به‏.‏
مشيخته كانت له رحلة سمع فيها بالأسكندرية على أبي عبد الله بن منصور وغيره وروى عنه الأخوان سالم وعبد الرحمن ابنا صالح بن سالم‏.‏
تواليفه له اختصار حسن في أغاني الإصبهاني ورد جيد على ابن غرسية في رسالته الشعوبية لم يقصر فيها عن إجادة‏.‏
وتوفي لسبع خلون من محرم من عام اثنين وستماية‏.‏
الزهاد والصلحاء والصوفية والفقراء وأولا الأصليون الصناع محمد بن إبراهيم بن محمد بن محمد الأنصاري من أهل غرناطة يكنى أبا عبد اله ويعرف بالصناع‏.‏
حاله من عايد الصلة‏:‏ الشيخ الصوفي الكثير الأتباع الفذ الطريقة المجبب إلى أهل الثغور من البادية‏.‏
كان رحمه الله شيخًا حسن السمت كثير الذكر والمداومة يقود من المخشوشنين عدد ربيعة ومضر يعمل الرحلة إلى حصونهم فيتألفون عليه تألف النحل على أمرايها ويعاسيبها معلنين بالذكر مهرولين يغشون مثواه بأقواتهم على حالها ويتناغون في التماس القرب منه ويباشرون العمل في فلاحة كانت له بما يعود عليه بوفر وإعانة‏.‏
وكان من الصالحين وعلى سنن الخيار الفضلاء من المسلمين وله حظ من الطلب ومشاركة يقوم على ما يحتاد إليه من وظائف دينه ويتكلم في طريق المتصوفة على مذهب أبي عبد الله الساحلي شيخه كلامًا جهوريًا قريب الغمر‏.‏
وكان له طمع في صناعة الكيمياء تهافت على دفاتيرها وأهل متحليها ليستعين بها مشيخته قرأ على أستاذ الجماعة أبي جعفر بن الزبير وكانت له في حاله فراسة‏.‏
حدثني بذلك شيخنا أبو عبد الله بن عبد الولي رحمه الله‏.‏
وسلك على الشيخ الصالح أبي عبد الله الساحلي‏.‏
وتوفي ليلة الاثنين السابع من شهر شوال عام تسعة وأربعين وسبعماية وكانت جنازته آخذة في الاحتفال قدم لها العهد ونفر لها الناس من كل أوب وجيء بسريره تلوح عليه العناية وتحفه الأتباع المقتاتون من حل أموالهم وأيديهم من شيوخ البادية فتولوا مواراته تعلو الأصوات حوله ببعض أذكاره‏.‏
المواق محمد بن أحمد الأنصاري من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بالمواق‏.‏
حاله كان معلمًا لكتاب الله تعإلى خطيبًا بمسجد ربض الفخارين طرفًا في الخير ولين العريكة والسذاجة المشفوعة بالاختصار وإيثار الخمول مستقيمًا في طريقته خافتًا في خطبته عاكفًا توفي بغرناطة قبل سنة خمسين وسبعماية بيسير وكلف الناس بقبره بعد موته فأولوا حجارته من التعظيم وجلب أواني المياه للمداواة ما لم يولوه معشاره أيام حياته‏.‏
محمد بن حسنون الحميري من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله حاله كان فاضلًا صالحًا مشهور الولاية والكرامة يقصده الناس في الشدايد فيسألون بركة دعايه‏.‏
ومن إملاء الشيخ أبي بكر بن عتيق بن مقدم قال أصله من بياسة وكان عمه من المقربين المحدثين بها وسكن هو مرسية ونشأ بها وقرأ على أشياخها وحفظ كتاب التحبير في علم أسماء الله الحسنى للإمام أبي القاسم القشيري ثم انتقل إلى غرناطة فسكن فيها بالقصبة القديمة وأم الناس في المسجد المنسوب إليه الآن‏.‏
وكان يعمل بيده في الحلفا ويتقوت من ذلك‏.‏
توفي عام خمسة وسبعماية بغرناطة وهو من عدد الزهاد‏.‏
ومن مناقبه ذكروا أنه سمع يومًا بعض الصبيان يقول لصبي آخر مر للحبس فقال أنا المخاطب بهذا فانصرف إلى السجن فدخله وقعد مع أهله وبلغ ذلك السلطان فوجه وزيره فأخرجه وأخرج معه أهل السجن كلهم وكانت من كراماته‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:11 AM

ابن الحاج محمد بن محمد بن البكري من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن الحاج كان رحمه الله شيخًا صالحًا جهوريًا بعيدًا عن المصانعة متساوي الظاهر والباطن مغلظًا لأهل الدنيا شديدًا عليهم غير مبال في الله بغيره يلبس خرقة الصوفية من غير التزامن لاصطلاح ولا منقاد لرقو ولا مؤثر لسماع‏.‏
مشاركًا للناس ناصحًا لهم ساعيًا في حوايجهم‏.‏
خدم الصالح الكبير أبا العباس بن مكنون وسلك به وكان من بيت القيادة والتجند فرفض زيه ولبس المسوح والأسمال‏.‏
وكان ذا حظ من المعرفة يتكلم للناس‏.‏
قال شيخنا أبو الحسن بن الجياب سمعته ينشد في بعض مجالسه‏:‏ يا غاديًا في غفلة ورايحًا إلى متى تستحسن القبايحا وكم إلى كم لا تخاف موقفًا يستنطق الله به الجوارحا يا عجبًا منك وأنت مبصر كيف تجتنب الطريق الواضحا كيف تكون حين تقرأ في غد صحيفة قد مليت فضائحا ولما حاصر الطاغية مدينة ألمرية وأشرفت على التلف تبرع بالخروج منها ولحاقه بباب السلطان لبث حالها واستنفار المسلمين إلى نصرها فيسر له من ستر غرضه وتسهيل قصده ما يشهد بولايته‏.‏
توفي بألمرية محل سكناه في حدود عام خمسة عشر وسبعماية‏.‏
محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري غرناطي قيجاطي الأصل يعرف بالسواس‏.‏
قال في المؤتمن في حاله‏:‏ رجل متطبب سهل الخلق حسن اللقاء‏.‏
رحل من بلده وحج وفاوض بالمشرق الأطباء في طريقته وعاد فتصدر للطب ثم عاد إلى بلاد المشرق‏.‏
قلت وعظم صيته وشهر فضله وقدم أمينا على أحباس مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الطاهرة وصدقاته وذكر عنه أنه اضطره أمر إلى أن خصي نفسه وسقطت لذلك لحيته‏.‏
قال شيخنا أبو البركات أنشدنا بدكانه برحبة المسجد الأعظم من حضرة غرناطة قال أنشدنا أبو عبد الله المراكشي بالإسكندرية قال أنشدنا مالك بن المرحل لنفسه‏:‏ فإن غضبت على شخص لتشتمه فقل له أنت إنسان ابن إنسان وفاته‏:‏ كان حيًا عام خمسين وسبعماية فيما أظن‏.‏
ومن الطارئين عليها في هذا الاسم ابن جعفر القونجي محمد بن أحمد بن جعفر بن عبد الحق بن محمد بن جعفر بن محمد ابن أحمد بن مروان بن الحسن بن نصر بن نزار بن عمرو بن زيد بن عامر بن نصر بن حقاف السلمي يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن جعفر ويشهر في الأخير بالقونجي منسوبًا إلى قرية بالإقليم وكان من أهل غرناطة‏.‏
حاله من خط شيخنا أبي البركات بن الحاج‏:‏ كان هذا الرجل رجلًا صالحًا فاضلا متخلقًا سمحًا جميل اللقاء على قدم الإيثار على رقة حاله ممن وضع الله له القبول في قلوب عباده فكانت الخاصة تبره ولا تنتقده والعامة توده وتعتقده وتترادف على زيارته فئة بعد فئة فلا تنقلب عنه إلا راضية وكان جاريًا على طريقة الشيخ أبي الحسن الشاذلي إذ كان قد لقي بالمشرق الشيخ الإمام تاج الدين بن عطاء الله ولازمه وانتفع به كما لقي ولازم تاج الدين أبا العباس المرسي كما لازم أبو العباس أبا الحسن الشاذلي‏.‏
قال‏:‏ ولقيه بعد هذا الشيخ أبي عبد الله جماعات في أقطار شتى ينسبون إليه ويجرون من ملازمته الأذكار في أوقات معينة على طريقته وله رسايل منه إليهم طوال وقصار يوصيهم فيها بمكارم الأخلاق وملازمة الوظايف وخرج عنه إليهم على طريقة التدوين كتاب سماه بالأنوار في المخاطبات والأسرار مضمنه جملة من كلام شيخهم تاج الدين وكلام أبي الحسن الشاذلي ومخاطبات خوطب بها في سره وكلام صاحبه أبي بكر الرندي وحقايق الطريق وبعض كرامات غير من ذكر من الأولياء وذكر الموت وبعض فضايل القرآن‏.‏
مشيخته قرأ على الأستاذ أبي الحسن البلوطي وأجازه وعلى أبي الحسن بن فضيلة وأجازه كذلك وعلى أبي جعفر بن الزبير وأجازه ثم رحل فحج ودخل الشام وعاش مدة من حراسة البساتين واعتنى بلقاء المعروفين بالزهد والعبادة وكان مليًا بأخبار من لقي منهم فمنهم الشيخ أبو الفضل تاج الدين بن عطاء الله وصاحبه أبو بكر بن محمد الرندي‏.‏
مناقبه قال دخلت معه إلى من خف على قلبي الوصول إلى منزله لما قدم ألمرية وهو رجل يعرف بالحاج رحيب كان من أهل العافية ورقت حاله ولم يكن ذلك يظهر عليه لمحافظته على ستر ذلك لعلو همته ولم يكن أيضًا أثر ذلك يظهر على منزله بل أثاث العافية باق فيه من فرش وماعون‏.‏
فساعة وصول هذا الشيخ قال الله يجبر حالك فحسبتها فراسة من هذا الشيخ‏.‏
قال وخاطبته عند لقائي إياه بهذه الأبيات‏:‏ أشكو إليك بقلب لست أملكه ما لم يرد من سبيل فهو يسلكه له تعاقب أهواء فيقلقه هذا ويأخذه هذا ويتركه طورًا يؤمنه طورا يخوفه طورا ييقنه طورا يشككه حينًا يوحشه حينا يونسه حينا يسكنه حينا يحركه عسى الذي يمسك السبع الطباق على يديك يا مطلع الأنوار يمسكه فيه سقام من الدنيا وزخرفها مهمى أبيضه بالذكر تشركه عسى الذي شانه الستر الجميل كما غطى عليه زمانًا ليس يهتكه فلم قرأ منها فيه سقام من الدنيا وزخرفها قال هذه علتي‏.‏
مولده‏:‏ سألته عنه فقال لي عام ثمانية وستين بقرية الجيط من قرى الإقليم وفاته‏:‏ بقرية قنجة خطيبًا بها يوم الاثنين عشرين من شهر شعبان المكرم عام خمسين وسبع ابن صفوان محمد بن أحمد بن حسين بن يحيى بن الحسين بن محمد بن أحمد ابن صفوان القيسي وبيته شهير بمالقة يكنى أبا الطاهر ويعرف بابن صفوان حاله كان مفتوحًا عليه في طريق القوم ملهمًا لرموزهم مصنوعًا له في ذلك مع المحافظة على السنة والعمل بها‏.‏
آخر الرعيل وكوكب السحر وفذلكة الحساب ببلده اقتداء وتخلقًا وخشوعًا وصلاحًا وعبادة ونصحًا‏.‏
رحل فحج وقفل إلى بلده مؤثرًا الاقتصار على ما لديه فإذا تكلم في شيء من تلك النحلة يأتي بالعجايب ويفك كل غامض من الإشارات‏.‏
وعني بالجزء المنسوب إلى شيخ الإسلام أبي إسمعيل الروبي المسمى بمنازل الساري إلى الله فقام على تدريسه واضطلع بأعبايه وقيد عليه ما لا يدركه إلا أولوا العناية ولازمه الجملة من أولى الفضل والصلاح فانتفعوا به وكانوا في الناس قدوة‏.‏
وولي الخطابة بالمسجد الجامع من الربض الشرقي وبه كان يقعد فيقصده الناس ويتبركون به وكان له مشاركة في الفقه وقيام على تواليفه ألف بإشارة السلطان على عهده أمير المسلمين أبي الحجاج رحمه الله كتابًا في التصويف والكلام على اصطلاح القوم كتب عليه شيخنا أبو الحسن بن الجياب بظهره لما وقع عليه هذه الأبيات‏:‏ أيام مولاي الخليفة يوسف جاءت بهذا العالم المتصوف فكفى بما أسدى من الحكم التي أبدين من سر الطريقة ما خف وحقايق رفع الحجاب بهن عن نور الجمال فلاح غير مكيف كالشمس لاكن هذه أبدي سنًا للحسن والمعنى لعين المنصف فيه حياة قلوبنا و دواؤهافمن استغاث بجرعة منها شف إن ابن صفوان إمام هداية صافي فصوفي فهو صوفي صف وإن اختبرت فإنه صفو ابن صفو ظاهر في طيه صفو خف علم توارثه وحال قد خلت ذوقًا فنعم المقتدى والمقتف فليهنلى المولى سعود إيالة فيها سراج نوره لا ينطف لا زلت تسلك كل نهج واضح منها وتحيي كل سعي مزلف ومن تواليفه جر الحر في التوحيد وعلق على الجزء المنسوب لأبي إسمعيل الهروي‏.‏
من أخذ عنه أخذ عنه ببلده وتبرك به جلة وكان يحضر مجلسه عالم منهم شيخ الشيوخ الأعلام أبو القاسم الكسكلان وأبو الحسين الكواب والأستاذ الصالح أبو عبد الله القطان وصهره الأستاذ أبو عبد الله بن قوال والعاقد الناسك أبو الحسين الأحمر وغيرهم‏.‏
شعره رأيت من الشعر المنسوب إليه وقد رواه عنه جماعة من أصحابنا يذيل قول أبي زيد رضي الله عنه‏:‏ رأيتك تدنيني إليك تباعدني فأبعدت نفسي الابتغاء التقرب فقال‏:‏ هويت بدمنى إليه فلم يكن بيالبعد بعدي فصح به قرب فكان به سمعي كما بصري به وكان به لأئ لساني مع القلب وفاته سافر من بلده إلى غرناطة في بعض وجهاته إليها وذهب سحرًا يرتاد ماء لوضويه‏.‏
فتردى في حفرة ترديًا أوهن قواه وذلك بخارج بلش فرد إلى مالقة فكانت بها وفاته قبل الفجر من ليلة يوم الجمعة الرابع عشر لشعبان عام تسعة وأربعين وسبعماية‏.‏
الساحلي محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم الأنصاري يكنى أبا عبد الله ويعرف بالساحلي حاله من عايد الصلة‏:‏ المثل الساير في غمران أوقاته كلها بالعبادة وصبره على المجاهدة‏.‏
قطع عمره في التبتل والتهجد لا يفتر لسانه عن ذكر الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم‏.‏
خرج عن متروك والده واقتصر على التمعش من حرفة الخيطاة‏.‏
ثم تعداها إلى النسخ والتعليم وسلك على الشيخ أبي القاسم المريد نفع اله به حتى ظهرت عليه سيما الصالحين وأقام عمره مستوعبًا ضروب الخير وأنواع القرب من صوم وإذان وذكر ونسخ وقراءة وملازمة خلوة‏.‏
ذا حظ من الفصاحة‏.‏
وجرأة على الوعظ في صوت جهير وعارضة صليبة‏.‏
اقتدى به طوايف من أصناف الناس على تباعد الديار وألزمهم الأذكار وحولهم للسلوك فأصبح كثير الأتباع بعيد الصيت‏.‏
وولي الخطابة بالمسجد الجامع من بلده ونقل إلى الخطابة بجامع غرناطة في نبوة عرضت له بسبب ذنابى ذرية طرقوا الكدر إلى سربه ثم عاد إلى بلده متين ظهر الحظوة وثيق أساس المبرة‏.‏
مشيخته قرأ ببلده مالقة على الخطيب أبي محمد بن عبد العظيم بن الشيخ وأبي عبد الله بن لب وأبي جعفر الحرار وأبي عبد الله بن الحلو الخطيب أبي عبد الله بن الأعور‏.‏
محنته ابتلى بعد السبعين من عمره بفقد بصره فظهر منه من الصبر والشكر والرضاء بقضاء الله ما يظهر من مثله‏.‏
وأخبرني بعض أصحابه أنه كان يقول سألت الله أن يكف بصري خوفًا من الفتنة‏.‏
وفي هذا الخبر نظر لمكان المعارضة في أمره صلى الله عليه وسلم بسؤال العافية والإمتاع بالإسماع والإبصار‏.‏
وجعل الله له في قلوب كثير من الخلق الملوك فمن دونهم من تعظيمه ما لا شيء فوقه حتى أن الشيخ المعمر الحجة الرحلة أبا علي ناصر الدين الوشدالي كتب إليه من بجاية بما نصه‏:‏ يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجينا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين‏.‏
وبعده‏:‏ من العبد الأصغر والمحب الأكبر فلان إني سيد العارفين وإمام المحققين في ألفاظ تناسب هذا المعنى‏.‏
حدثني شيخنا أبو الحسن بن الجياب وكان من أعلام تلاميذه وصدور السالكين على يديه قال قصدت منه خلوة فقلت يا سيدي أصحابنا يزعمون أنك ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبرني واشف صدري هل هذه الرؤيا عينية أو قلبية قال فأفكر ساعة ثم قال عندي شك في رؤية ابن الجياب الساعة ومحادثته فقلت لا فقال كذلك الحال قلت وهذا أمر غريب ولا يصح إلا رؤية القلب ولكن غلبت عليه حتى تخيل في الحس الصورة الكريمة إذ وجود جوهر واحد في محلين اثنين محال‏.‏
شعره نظم الكثير من شعر منحط لا يصلح للكتب ولا للرواية ابتلى به رحمه الله فمن لبابه قوله إن كنت تأمل أن تنال وصالهم فامح الهوى في القليل والأفعال واصبر على مر الدواء فإنه ياتيك بعد بخالص السلسال تواليفه‏:‏ ألف كتابًا سماه إعلان الحجة في بيان رسوم المحجة‏.‏
توفي يوم الجمعة الرابع والعشرين لشوال عام خمسة وثلاثين وسبعماية وكانت جنازته مشهودة تزاحم الناس على نعشه وتناولوه تمزيقًا على عادتهم من ارتكاب القحة الباردة في مسلاخ حسن الظن‏.‏
القطان محمد بن أحمد بن قاسم الأمي من أهل مالقة يكنى أبا عبد الله ويعرف بالقطان الفقيه الأواب المتكلم المجتهد‏.‏
حاله من العايد‏:‏ كان هذا الرجل غريب المنزع عجيب التصوف‏.‏
قرأ وعقد الشروط وتصدر للعدالة ثم تجرد وصدق في معاملته لله وعول عليه واضطلع بشروط التوبة فتحلل من أهل بلده واستفاد واسترحم واستغفر ونفض يديه من الدنيا والتزم عبادة كبيرة فأصبح يشار إليه في الزهد والورع لا تراه إلا متبسمًا ملازمًا لذكر الله متواضعًا لأصاغر عباده محبا في الضعفاء والمساكين جميل التخلق مغضيًا عن الهنات صابرًا على الإفادة‏.‏
وجلس للجمهور بمجلس مالقة يتكلم في فنون من العلم يعظ الناس ويرشدهم ويزهدهم ويحملهم على الإيثار في أسلوب من الاستنفار والاسترسال والدلالة والفصاحة والحفظ كثير التأثير في القلوب يخبر بإلهام وإعانة‏.‏
فمال الخلق إليه وتزاحموا على مجالسته وأعلنوا بالتوبة وبادر مترفوهم إلى الإقلاع عن إجابة الشهوات والاستقالة من الزلات‏.‏
ودهم الوباء فبذلوا من الأموال في أبواب البر والصدقة ما لا يأخذه الحصر ولا يدركه الإحصاء ولو لا أن الأجل طرقه لعظم صيته وانتشر نفعه‏.‏
وفاته توفي شهيد الطاعون عصر يوم الأربعاء لصفر من عام خمسين وسبعماية ودفن بجبانة جبل فاره ضحى يوم الخميس الثاني من يوم وفاته‏.‏
وصلى عليه خارج باب قنتنالة وألحده في قبره الخطيب القاضي الصالح أبو عبد الله الطنجالي رحم الله جميعهم‏.‏
وممن رثاه الشيخ الأديب أبو الحسن الوراد فقال‏:‏ إليه في الزهد والورع لا تراه إلا متبسمًا ملازمًا لذكر الله متواضعًا لأصاغر عباده محبا في الضعفاء والمساكين جميل التخلق مغضيًا عن الهنات صابرًا على الإفادة‏.‏
وجلس للجمهور بمجلس مالقة يتكلم في فنون من العلم يعظ الناس ويرشدهم ويزهدهم ويحملهم على الإيثار في أسلوب من الاستنفار والاسترسال والدلالة والفصاحة والحفظ كثير التأثير في القلوب يخبر بإلهام وإعانة‏.‏
فمال الخلق إليه وتزاحموا على مجالسته وأعلنوا بالتوبة وبادر مترفوهم إلى الإقلاع عن إجابة الشهوات والاستقالة من الزلات‏.‏
ودهم الوباء فبذلوا من الأموال في أبواب البر والصدقة ما لا يأخذه الحصر ولا يدركه الإحصاء ولو لا أن الأجل طرقه لعظم صيته وانتشر نفعه‏.‏
وفاته توفي شهيد الطاعون عصر يوم الأربعاء لصفر من عام خمسين وسبعماية ودفن بجبانة جبل فاره ضحى يوم الخميس الثاني من يوم وفاته‏.‏
وصلى عليه خارج باب قنتنالة وألحده في قبره الخطيب القاضي الصالح أبو عبد الله الطنجالي رحم الله جميعهم‏.‏
وممن رثاه الشيخ الأديب أبو الحسن الوراد فقال‏:‏ إليه في الزهد والورع لا تراه إلا متبسمًا ملازمًا لذكر الله متواضعًا لأصاغر عباده محبا في الضعفاء والمساكين جميل التخلق مغضيًا عن الهنات صابرًا على الإفادة‏.‏
وجلس للجمهور بمجلس مالقة يتكلم في فنون من العلم يعظ الناس ويرشدهم ويزهدهم ويحملهم على الإيثار في أسلوب من الاستنفار والاسترسال والدلالة والفصاحة والحفظ كثير التأثير في القلوب يخبر بإلهام وإعانة‏.‏
فمال الخلق إليه وتزاحموا على مجالسته وأعلنوا بالتوبة وبادر مترفوهم إلى الإقلاع عن إجابة الشهوات والاستقالة من الزلات‏.‏
ودهم الوباء فبذلوا من الأموال في أبواب البر والصدقة ما لا يأخذه الحصر ولا يدركه الإحصاء ولو لا أن الأجل طرقه لعظم صيته وانتشر نفعه‏.‏
وفاته توفي شهيد الطاعون عصر يوم الأربعاء لصفر من عام خمسين وسبعماية ودفن بجبانة جبل فاره ضحى يوم الخميس الثاني من يوم وفاته‏.‏
وصلى عليه خارج باب قنتنالة وألحده في قبره الخطيب القاضي الصالح أبو عبد الله الطنجالي رحم الله جميعهم‏.‏
وممن رثاه الشيخ الأديب أبو الحسن الوراد فقال‏:‏ إليه في الزهد والورع لا تراه إلا متبسمًا ملازمًا لذكر الله متواضعًا لأصاغر عباده محبا في الضعفاء والمساكين جميل التخلق مغضيًا عن الهنات صابرًا على الإفادة‏.‏
وجلس للجمهور بمجلس مالقة يتكلم في فنون من العلم يعظ الناس ويرشدهم ويزهدهم ويحملهم على الإيثار في أسلوب من الاستنفار والاسترسال والدلالة والفصاحة والحفظ كثير التأثير في القلوب يخبر بإلهام وإعانة‏.‏
فمال الخلق إليه وتزاحموا على مجالسته وأعلنوا بالتوبة وبادر مترفوهم إلى الإقلاع عن إجابة الشهوات والاستقالة من الزلات‏.‏
ودهم الوباء فبذلوا من الأموال في أبواب البر والصدقة ما لا يأخذه الحصر ولا يدركه الإحصاء ولو لا أن الأجل طرقه لعظم صيته وانتشر نفعه‏.‏
وفاته توفي شهيد الطاعون عصر يوم الأربعاء لصفر من عام خمسين وسبعماية ودفن بجبانة جبل فاره ضحى يوم الخميس الثاني من يوم وفاته‏.‏
وصلى عليه خارج باب قنتنالة وألحده في قبره الخطيب القاضي الصالح أبو عبد الله الطنجالي رحم الله جميعهم‏.‏
وممن رثاه الشيخ الأديب أبو الحسن الوراد فقال‏:‏ فؤادي مكلوم بحزني لفقده لذاك جفوني دمعها كله دم ومإذا عسى يغني التفجع والبكا ومإذا عسى يجدي الأسى والتبرم سأصبر للبلوى وإن جل خطبها فصبر الفتى عند الشدايد يعلم كذا العلم بالسيف الصقيل لدى الوغى فويق الذي من حسنه يوسم على قدر صبر المرء تصغر عنده خطوب من الدنيا على الناس تعظم إلا إنها الدنيا تعلة باطل ومخمضة أحلام لمن بات يحلم تجنبها أهل العقول فأقصروا وأغرق فيها الجاهلون وأشأم أعد نظرًا فيها تجبك براحة وانس بما تقضي عليك وتحكم أعد لها درياق صبرك إنها من البؤس والتلوين والله أرقم تلفت إلى تعذيبها لمحبها ومإذا بها يلقى كثيب ومغرم يظن بها ريحانة وهي سدرة ولا منتهى إلا الردى والتندم عجبت لها تخفي علينا عيوبها وذاك لأنا في الحقيقة نوم ضحى كان وجه الدهر سبر بشره فلم يمس حتى بان منه التجهم ذرينا بعقد من ولي مكانه مكين لدي العلياء سام معظم هوى مثل هوى من الأفق كوكب فجللنا ليل من الخطب مظلم تساوى لديه صيدها وعبيدها وعالمها التحرير والمتعلم هو الموت لا ينفك للخلق طالبًا يروح ويغدو كل حين عليهم ما هو إلا الداء عز دواؤه فليس لشيء في البسيطة يحسم دها كل مخلوق فما منه سيد له الجاه عند الله ينجو فسلم ولو كان ذا كان النبي محمد تجنبه صلوا عليه وسلم تعنى به موسى ويوسف قبله ونوح وإدريس وشيث وآدم به باد بهرام وتبر بهرم وكسر من كسري سوار ومعصم وكم من عظيم الشأن حل بربعه فإن تختبره فهو رب وأعظم ولكننا ننسى ونأبى حديثه وننجد في الإعراض عنه ونتهم خبا ضوء نادي أقفر ربعه من العلم والتعليم ربع ومعلم تردى فأردى فقد أهل رية فما منهم إلا كثيب ومغرم غدا أهلها من فجعة بمصابه وعيشهم صاب قطيع وعلقم وهل كان إلا والد مات عنهم فيا من لقوم يتموا حين أو يتم قضى نحبه الأستاذ واحد عصره فكاد الأسى يقضي إلى الكل منهم قضى نحبه القطان فالحزن قاطن مقيم بأحناء الضلوع محكم وهل كان إلا روضة رف ظلها أتيح له قيظ من الجون صيلم وهل كان إلا رحمة عاد فقدها علامة فقد العلم والله أعلم سل التائبين العاكفين على الهدى لكم منة أسدى وأهدى إليهم أفادهم من كل علم لبابة وفهمهم أسراره فتفهم جزى الله رب الناس خير جزائه دليلا بهم نحو الهدى حيث يمم أبان لهم طرق الرشاد فأقدموا وحذرهم عن كل غي فأحجم يحدث في الآفاق شرقًا ومغربًا فأخباره أضحت تخط وترسم سرى في الورى ذكر له ومدايح يكاد بها طير العلى يترنم لعمرك ما يأتي الزمان بمثله وما ضرني لو كنت بالله أقسم فقيه نزيه زاهد متواضع رؤوف عطوف مشفق مترحم يود لو أن الناس أثرى جميعهم فلم يبق مسكين ولم يبق معدم يود لو أن الله تاب على الورى فتابوا فما يبقى من الكل مجرم عليه من الرحمن أوسع رحمة فقد كان فينا الدهر يحنو ويرحم محمد بن أحمد بن يوسف بن أحمد بن عمر بن يوسف بن علي بن خالد ابن عبد الرحمن بن حميد الهاشمي الطنجالي لوشي الأصل مالقي النشأة والاستيطان‏.‏
أوليته بيتهم نبيه إلى هاشمية النبه وهم ببلدنا لوشة أشرف وهم ببلدنا لوشة أشرف وكانت لهم فيها ثروة وثورة اجتثها الدهر ببعض طوارقه في أبواب المغالبات‏.‏
ويمت سلفنا إليهم بصحبة حاله من عايد الصلة‏:‏ كان هذا الولي الفاضل المجمع على ولايته وفضله سهل اللقاء رفيقًا بالخلق عطوفًا على الضعفاء سالكًا سنن الصالح من السلف سمتًا وهديًا بصره مغضوض ولسانه صامت إلا من ذكر الله وعلمه نافع وثوبه خشن وطعمته قد نفدها الورع الشديد حتى اصطفاها مختاره إذا أبصرت بها العين سبقتها العبرة‏.‏
بلغ من الخلق الملوك فمن دونهم الغاية فكان يلجأ إليه المضطر وتمدل إلى عنايته الأيدي وتحط بفنايه الوسايل فلا يرتفع عن كلف الناس ولا حوايجهم ولا ينقبض عن الشفاعة لهم وإصلاح ذات بينهم‏.‏
له في ذلك كله أخبار طريفة‏.‏
واستعمل في السفارة بين ملكي العدوة والأندلس في أحوال المسلمين فما فارق هيئته وركوب حماره واستصحاب زاده ولبس الخشن من ثوبه‏.‏
وكان له حظ رغيب من فقه وحديث وتفسير وفريضة‏.‏
ولي الخطابة ببلده مالقة واستسقى في المحول فسقى الناس‏.‏
حدثني بعض أشياخنا‏:‏ قال حضرت مقامه مستسقيًا وقد امتنع الغيث وقحط الناس فما زاد عند قيامنا أن قال أستغفر الله فضج الخلق بالبكاء والعجيج ولم يبرحوا حتى سقوا‏.‏
وكراماته كثيرة ذايعة من غير خلاف ولا نزاع‏.‏
حدث بعض أشياخنا عن الخطيب الصالح أبي جعفر الزيات قال رأيت في النوم قايلًا يقول فقد الليلة من يعمر بيت الإخلاص بالأندلس فما انتصف النهار من تلك الليلة حتى ورد الخبر بموته‏.‏
مشيخته من شيوخه الذين قرأ عليهم وأسند إليهم الرواية والده رحمه الله وأبو عمرو بن حوط الله والخطيب ابن أبي ريحانة المربلي والقاضي أبو علي بن أبي الأحوص والراوية أبو الوليد بن العطار والراوية المحدث أبو بكر بن مشليون والمقري أبو عبد الله بن مستقور الطايي والأستاذ أبو جعفر الطباع وأبو الحسين بن أبي الربيع والمحدث أبو عبد الله بن عياش والأستاذ أبو الحسن السفاج الرندي والخطيب بألمرية أبو الحسن الغزال‏.‏
وقرأ على الأستاذ أبي جعفر بن الزبير‏.‏
وأجازه من أهل المشرق جماعة منهم أبو عبد الله بن رزيق الشافعي والعباس أحمد ابن عبد الله بن محمد الطبري وأبو اليمن عبد الصمد بن أبي الحسن عبد الوهاب بن أبي البركات المعروف بالنجام والحسن بن هبة الله بن عساكر وإبراهيم بن محمد الطبري إمام الخليل ومحمد بن محمد بن أحمد بن عبد ربه الطبري ومحمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري وأبو الفتح تقي الدين بن أبي الحسن فخر الدين وعبد الله بن محمد بن أبي بكر الطبري المكي الشافعي وغيرهم‏.‏
ميلاده‏:‏ بمالقة في رجب سنة أربعين وستماية‏.‏
وفاته‏:‏ بمالقة في يوم الخميس الثامن لجمادى الأولى من عام أربعة وعشرين وسبعماية‏.‏
وقد ناهز الثمانين سنة لم ينتقص شيء من أعماله المقربة إلى الله من الصوم والصلاة وحضور الجماعات وملازمة الإقراء والرواية والصبر على الإفادة‏.‏
حدث من يوثق به أن ولده الفقيه أبا بكر دخل عليه وهو في حال النزع والمنية تحشرج في صدره فقال يا والدي أوصني فقال وعيناه تدمعان يا ولدي اتق الله حيث كنت واتبع السيئة بالحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن‏.‏
ابن إبراهيم البلفيقي محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم البلفيقي ابن الحاج والد شيخنا أبي البركات‏.‏
وقد مر في ذكر النسب المتصل بعباس ابن مرداس والأولية النبيهة ما يغني عن الإعادة‏.‏
من خط ولده شيخنا على الاختصار قال يخاطبني في بعض ما كتب به إلي‏:‏ ذكر أبي وهو ممن طلبتم ذكره إلي في أخباره جزءًا من نحو سبعين ورقة في المقسوم لخصت لك من مبيضته ما يذكر‏:‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:13 AM

نشأ رحمه الله بسبتة على طهارة تامة وعفة بالغة وصون ظاهر كان بذلك علمًا لشبان مكتبه‏.‏
قرأ القرآن بالقراءات السبع وحفظ ما يذكر من المبادي واتسم بالطلب‏.‏
ثم تاقت نفسه إلى الاعتلاق بالعروة الوثقى التي اعتلق بها سلفه فنبذ الدنيا وأقبل على الآخرة وجرى على سنن المتقين أخذًا بالأشد من ذلك والأقوى طامحًا بهمته إلى أقصى ما يؤمله السالكون‏.‏
فرفض زي الطلبة ولبس الخشنية وترك ملابسة الخلق بالجملة وبالغ في الانقباض عنهم وانقطع إلى الله برباطات سبتة وجبالها وخصوصًا بمينايها وعكف على ذلك سنين ثم سافر إلى المغرب سايحًا في الأرض على زي الفقهاء للقاء العباد وأهل العلم فأحرز من ذلك ما شاء‏.‏
ثم أجاز البحر إلى جزيرة الأندلس وورد ألمرية مستقر سلفه وأخذ في إيثار بقايا أملاك بقيت لأسلافه بها على ما كان عليه من التبتل والإخبات‏.‏
وكان على ما تلقينا من أصحابه وخدانه صوامًا قوامًا خاشعًا ذاكرًا تاليًا قوالا للحق وإن كان مرًا كبيرًا في إسقاط التصنع والمباهاة لا يضاهي في ذلك ولا يشق غباره‏.‏
وقدم على غرناطة ودخل على أمير المسلمين وقال له الوزير يقول لك السلطان ما حاجتك فقال بهذا الرسم رحلت ثم ظهر لي أن أنزل حاجتي بالله فعار على من انتسب إليه أن يقصد غيره‏.‏
ثم أجاز البحر وقد اشتدت أحوال أهل الأندلس بسبب عدوهم وقدم على ملكه ووعظه موعظة أعنف عليه فيها فانفعل لموعظته وأجاز البحر بسببه إلى جزيرة الأندلس وغزا بها وأقام بها ما شاء الله وتأدب الروم لو تم المراد قال وأخبره السلطان أبو يوسف ملك المغرب قال كل رجل صالح دخل علي كانت يده ترعد في يدي إلا هذا الرجل فإن يدي كانت ترعد في يده عند مصافحته‏.‏
كراماته وجلب له كرامات عدة فقال في بعضها ومن ذلك ما حدثني الشيخ المسلم الثقة أبو محمد قاسم الحصار وكان من الملازمين له المنقطعين إلى خدمته والسفر معه إلى البادية فقال إني لأحفظ لأبيك أشياء من الأحوال العظيمة منها ما أذكره ومنها ما لا أستطيع ذكره‏.‏
ثم قال حدثني أهل وادي الزرجون وهو حش من أعمال سبتة قالوا انصرف السيد أبو عبد الله من هنا هذا لفظه فلما استقر في رأس العقبة المشرفة على الوادي صاح عليه أهل القرى إذ كانوا قد رأوا أسدًا كبيرًا جدًا قد تعرض في الطريق ما نجا قط من صادفه مثله فلما سمع الضياح قال ما هذا فقيل له أهل القرى يصيحون عليه خيفة من السبع قال فأعرض عنهم بيده ورفع حاجبه كالمتكبر على ذلك وأسكتهم وأخذ في الطريق حتى وصل إلى الأسد فأشار عليه بالقضيب وقال له من ها هنا من ها هنا أخرج عن الطريق فخرج بإذن الله عن الطريق ولم يوجد هنالك بعد‏.‏
وأمثال ذلك كثيرة‏.‏
مشيخته قرأ على الأستاذ أبي الحسين بن أبي الربيع القرشي وأجازه والده أبو إسحق إجازة عامة‏.‏
ومن شيوخه القاضي المسن أبو عبد الله الأزدي والمحدث أبو بكر بون مشليون وأبو عبد الله بن جوهر وأبو الحسين بن السراج وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الخزرجي وأبو عبد الله بن الأبار وأبو الوليد بن العطار وأبو العباس بن عبد الملك وأبو إسحق ابن عياش وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن عطية وأبو بكر القرطبي حميد وأبو إبراهيم الطرسي والقاضي أبو عبد الله بن عياض والكاتب أبو الحسن الرعيني وأبو الحسن الشاري وأبو يحيى بن الفرس وأبو إسحق بن عبيد الله وأبو الحسن الغزال وجماعة من الأندلس غير هؤلاء‏.‏
ومن أهل العدوة كأبي يعقوب المحاسبي وابن فرتون وغيرهم‏.‏
نمى عنه إلى السلطان بالأندلس أنه أغرى به ملك المغرب وتخلص بعد لأي في خبر طويل وانتهب السلطان ماله وألحق أملاكه بالمختص واستمر‏.‏
وذلك إلى دولة والده وامتحن الساعون به فعجل الله عقوبتهم‏.‏
مولده‏:‏ قال شيخنا نقلت من خط أبيه ما نصه‏:‏ ولد ابني أبو بكر محمد أسعده الله ووفقه في النصف الأول من ليلة يوم الاثنين الحادي والعشرين لذي قعدة من سنة ست وأربعين وستماية‏.‏
وفاته‏:‏ قال ألفيت بخط القاضي الأديب الكاتب أبي بكر بن شبرين وكان ممن حضر جنازته بسبتة‏.‏
وكانت وفاة الفقيه الناسك السالك الصالح أبي بكر محمد بن الشيخ الفقيه المحدث أبي إسحق السلمي البلفيقي في العشر الأواخر من رمضان أربعة وتسعين وستماية بمحروسة سبتة ودفن إثر صلاة العصر بجبانة الخروبة من منارتها بمقربة من قبر ريحان الأسود العبد الصالح نفع الله به‏.‏
وصلى عليه الإمام أبو عبد الله بن حريث‏.‏
ابن عباد النفزي محمد بن يحيى بن إبراهيم بن أحمد بن مالك بن إبراهيم بن يحيى ابن عباد النفزي حاله نشأ ببلده رندة وهو من ذوي البيوتات الأصلية بها ثم رحل إلى المشرق ولقي العلماء والصوفية وحضر عند المشيخة ثم كر إلى الأندلس فتصوف وجال في النواحي واطرح السموت وفوت ما كان بيده من متاع الدنيا وكان له مال له خطر وألقى التصنع لأهله رأسًا‏.‏
وكان فيه توله وحدة وله ذهن ثاقب يتكلم في المعقولات والمنقولات على طريقة الحكماء والصوفية ويأتي بكل عبارة غريبة وآثاره هايلة من غير تمكن علم ولا وثاقة إدراك غير أنك لا تسمع منه إلا حسنًا وهو مع ذلك طواف على البلاد زوار للربط صبار على المجاهدة طوعًا وضرورة ولا يسل ثيابًا البتة إلا بذلة من ثوب أو غيره صدقة واحد في وقته‏.‏
محنته وفضله وشعره نمى عنه كلام بين يدي صاحب المغرب أسف به مدبر الدولة يومئذ فأشخص عند إيابه إلى رندة وسجن بسجن أرباب الجرايم فكتب إلى ولي الأمر‏:‏ تركت لكم عز الغنى فأبيتم وأن تتركوني للمذلة والفقر ونازعتموني في الخمول وإنه لذي مهجتي أحلى من البنى والأمر ثم قال يا من رماني بسهمه الغرب قد رد عليك مخضوبًا بالدم‏.‏
قال فوالله ما مرت ثلاثة حتى نفذ حكم الله فيمن عدا عليه‏.‏
وشعره حسن يدل على طبع معين فمن ذلك‏:‏ سرى يسر إلي أنك تاركي نفسي الفدا للطفك المتدارك يا مالكي ولي الفخار بأنني لك في الهوى ملك وأنك مالك الترك هالك فاعفني منه وعد بالوصل تحيي ذما محب هالك وأعد جميلًا في الهوى عودتني إن لم تعده إلي من للهالك يا منية القلب الذي بجماله فتن الورى من فاتك أو ناسك أأتيه دونك أو أحار وفي سنى ذاك الجمال جلا الظلام الحالك ولكم سلكت إليك لكن حين لم تكن الدليل اختل قصد السالك ولقد عرفت بستر سري في الهوى فهجرتني فكسيت ثوب الهاتك ما الستر إلا ما يحوك رضاك لا ما حاكه للبتر كف الحايك ما الفضل إلا ما حكمت به فصن وأهتك وصل إن شيت أو كن تارك هذا العقيق فسل معاطف بأنه هل نسمة عادته من نعمانه واسأله إن زارته مإذا أخبرت عن أجرع العلمين أو سكانه وأصخ لحسن حديثها وأعده للمضني ففيه البرء من أشجانه يا حبذا ذاك الحديث وحبذا من قد رفاه وحبذا ببيانه وسقى الآله زمانه ومكانه ويعز قدر زمانه ومكانه يا سعد ساعد مستهامًا فيه لا ذقت الهوى ونجوت من عدوانه وأصخ لما يتلو الوجود عليك من أنبائهم بلسان حال كيانه وأبنه لي واقبل ذمامي بشارة ويقل بذل ذماي في تبيانه وسل النسيم يهب من واديهم شذًا خزاماه وطيب لبانه ارحم بروح منه روحي تحيه ويسقمه سقمي فديتك عانه وبنشره انشر نفس مشتاق قضت شوقًا لنفحة نسمة من بانه يا سعد حدثني فكل مخبر عن خسر من أهواه أو إحسانه هل قلصت أيدي النوى من ظله أو ما جرى هل عاث في جريانه وهل الربوع أواهل بجمالهم فسقى للربوع الودق من هتانه وهل التقى بان على عهد النوى وهل اللوى يلوي بعود زمانه فبروض أنسهم غمدت نضارة نزهت منها الطرف في بستانه وأرى هجير أذبل يانعًا منه وأذوي الغض من ريحانه وأحال حال الأنس فيه وحشة وطوى بساط الأنس في هجرانه آهًا ووالهفي وويحي أن مضى عهد عرفت الأنس في أزمانه وبأجرع العلمين من شرقيه حب غذاني حبه بلبانه حاز المحاسن كلها فجمعن لي كل الهوى فحملت كل هوانه وزها علي بعزة فبواجب أزهو بذلي في يدي سلعانه وقضى بأن أقضي وليت بما قضى يرضى فطيب العيش في رضوانه واختار لي أن لا أميل لسلوة عن حبه فسلوت عن سلطانه دع عنك لومي إنني لك ناصح أبدي الجمال العذر عن هيمانه وإذا الفتى قام الجمال بعذره في الحب فاتركه وثنى عنانه من سام قلبي في هواه سلوة قد سامه ما ليس في إمكانه وقال في الغرض المذكور‏:‏ يا للرجال ألا حب يساعدني في ذا الغرام فأبكيه ويبكين غلبت فيه وما أجدت مغالبتي وهنت والصب أولى الناس بالهون ركبت لجته وجدي فأدهشني ومت في يده فردا فدلون واضيعة العمر والبلوى مضاعفة ما بين يأس وآمال ترجين والهف نفسي إن أودت وما ظفرت في ذا الهوى بتمن أو بتأمين فليت شعري وعمري ينقضي طمعًا في ذا الهوى بين مغلوب ومغبون هل الأولى ملكوا رقي وقد علموا بذلي وافتقاري أن يواسون فكم أكفكف دمعي بعدهم وأرى مجددًا نار يأسي وهي تبلين يا أهل نجد وفخري أن أحبكم لا أطلب الوصل عز الحب يغنين هل للهوى من سبيل للمنى فلقد عزت أمانيه في الدنيا وفي الدين محمد بن يوسف بن خلصون يكنى أبا القاسم روطي الأصل لوشيه‏.‏
سكن لوشة وغرناطة ومالقة حاله كان من جلة المشيخة وأعلام الحكمة فاضلا منقطع القرين في المعرفة بالعلوم العقلية متبحرًا في الإلهيات إمامًا في طريقة الصوفية من أهل المقامات والأحوال كاتبًا بليغًا شاعرًا مجيدًا كثير الحلاوة والطلاوة قايما على القرآن فقيهًا أصوليًا عظيم التخلق جميل العشرة انتقل من حصن روطة إلى الخطابة والإمامة بلوشة كثير الدؤوب على النظر والخلوة مقصودًا من منتحلي ما لديه ضرورة‏.‏
لم يتزوج وتمالأت عليه طايفة ممن شانها الغض من مثله فانزعج من لوشة إلى مالقة فتحرف بها بصناعة الطب إلى حين وفاته‏.‏
حدثني والدي وكان خبيرًا بأحواله وهو من أصحاب أبيه قال أصابت الناس شدة قحط وكانت طايفة من أضداده تقول كلامًا مسجعا معناه إنكم إن أخرجتم ابن خلصون من بينكم مطرتم‏.‏
قال فانزعج عنها ولما كان على أميال نزل الغيث الرغد قال فسجد بموضعه ذلك وهو معروف وقال سيدي وأساوري عندك هذا المقدار‏.‏
وأوجب شكرانًا‏.‏
وقدم غرناطة وبها الأستاذ أبو عبد الله الرقوطي وله استيلاء على الحظوة السلطانية و شأنه اختبار من يرد على الحضرة ممن يحمل فنًا وللسلطان علي ابن خلصون موجدة لمدحه في حداثته أحد الثوار عليه وبقمارش بقصيدة شهيرة‏.‏
فلما حضر سأله الأستاذ ما صناعتك فقال التصوف فالتفت إلى السلطان وقال‏:‏ هذا رجل ضعيف لا شيء لديه بحيث لا يفرق بين الصناعة وغيرها فصرفه رحمه الله‏.‏
تواليفه وتواليفه كثيرة تدل على جلالته وأصالة معرفته تنطق علمًا وحكمة وتروق أدبًا وظرفًا‏.‏
فمن ذلك كتابه في المحبة وقفت عليه بخط جدي الأقرب سعيد وهو نهاية‏.‏
وكتاب وصف السلوك إلى ملك الملوك عارض به معراج الحاتمي فبان له الفضل ووجبت المزية ورسالة الفتق والرتق في أسرار حكمة الشرق‏.‏
شعره من ذلك قوله‏:‏ هل تعلمون مصارع العشاق عند الوداع بلوعة الأشواق لو كنت شاهد حالهم يوم النوى لرأيت ما يلقون غير مطاق منهم كثيب لا يمل بكاؤه قد أغرقته مدامع الآماق ومحرق الأحشاء أشعل ناره طول الوجيب بقلبه الخفاق وموله لا يستطيع كلامه مما يقاسي في الهوى ويلاق خرس اللسان فما يطيق عبارة ألم المرور وماله من راق ما للمحب من المنون وقاية إن لم يغثه حبيبه بتلاق مولاي عبدك ذاهب بغرامه فادرك بوصلك من دماه الباق إني إليك بذلتي متوسل فاعطف منك أو إشفاق ومن شعره أيضًا‏:‏ أعد الحديث إذا وصفت جماله فبه تهيج للمحب خياله يا واصف المحبوب كرر ذكره وأدر على عشاقه جرياله فبذكر من أهوى وشرح صفاته لذ الحديث لمسمعي وخلاله طاب السماع بوصفه لمسامعي وقررت عينًا مذ لمحت هلاله قلبي يلذ ملامة في حبه ويرى رشادًا في هواه ضلاله ومن شعره أيضًا‏:‏ إن كنت تزعم حبنا وهوانا فلتحملن مذلة وهوانا فاسجر لنفسك إن أردت وصالنا واغصب عليها إن طلبت رضانا واخلع فؤادك في طلاب ودادنا واسمح بموتك إن هويت لقانا فإذا فنيت عن الوجود حقيقة وعن الفناء فعند ذاك ترانا أو ما علمت الحب فيه عبرة فاخلص لنا عن غيرنا وسوانا وابذل لبابك إن وقفت ببابنا واترك حماك إذا فقدت حمانا ما لعلع ما حاجر ما رامة ما ريم أنس يسحر الأذهانا إن الجمال مخيم بقبابنا وظباؤه محجوبة بظبانا نحن الأحبة من يلذ بفناينا نجمع له حسننا إحسانا نحن الموالي فاخضعن لعز نالنا إنا لندفع في الهوى من هانا إن التذلل للتدلل سحر فأخلد إلينا عاشقًا ومهانا واصبر على ذل المحبة والهوى واسمع مقالة هايم قد لانا نون الهوان من الهوى مسروقة فإذا هويت فقد لقيت هوانا لو خيال من حبيبي طرقا لم يدع دمعي بخدي طرقا ونسيم الريح منه لو سرى بشذاه لأزال الحرقا ومتى هبت عليلات الصبا صح جسمي فهن لي نفث رقا عجبًا يشكو فؤادي في الهوى لهب النار وجفني الفرقا يا أهل الحي لي فيكم رشا لم يدع لي رمقًا مذ رمقا بدر تم طالع أثمره غصن بان تحته دعص نقا راق حسنًا وجمالا مثلما رق قلبي في هواه ورقا أنسى الشمس ضياه ذهبًا وكسى البدر سناه ورقا حلل الحسن عليه خلعت فارتداها ولها قد خلقا ومن شعره‏.‏
دعوت من شفتي رفقا على كبدي فقال لي خلق الإنسان في كبد قلت الخيال ولو في النوم يقنعني فقال قد كحلت عيناك بالسهد فقلت حسبي بقلبي في تذكره فقال لي القلب والأفكار ملك يدي قلت الوصال حياتي منك يا أملي قال الوصال فراق الروح للجسد ومن أقواله الصوفية وكلها تشير إلى ذلك المعنى ركبنا مطايا شوقنا نبتغي السرى وللنجم قنديل يضيء لم سرا وعين الدجا قد نام لم يدر ما بنا وأجفاننا بالسهد لم تطعم الكرا إلى أن رأينا الليل شاب قذاله ولاح عمود الفجر غصنًا منورا لمحنا برأس البعد نارًا منيرة فسرنا لها نبغي الكرامة والقرا وأفضى بنا السير الحثيث بسحرة لحانة دير بالنواقس دورا فلما حللنا حبوة السير عنده وأبصرنا القسيس قام مكبرا وحرك ناقوسًا له أعجم الصدا فأفصح بالسر الذي شاء مخبرا وقال لنا حطوا حمدتم مسيركم وعند الصباح يحمد القوم السرى نعمتم صباحًا ما الذي قد أتى بكم فقلنا له إنا أتيناك زورا وراحتنا في الراح إن كنت بايعًا فإن لدينا فيه أربح مشتري فقال لكم عندي مدام عتيقة مخلدة من قبل آدم أعصرا مشعشعة كالشمس لكن تروحنت وجلت عن التجسيم قدمًا فلا ترى وحل لنا في الحين ختم فدامها فأسدى لنا مسكًا فتيقًا وعنبرا وأشغلنا عن خمرة بجماله وغيبنا سكرًا فلم ندر ما جرا ومن شعره في المعنى‏:‏ يا نايمًا يطلب الأسرار إسرارًا فيك العيان ونبغي بعد آثارا أرجع إليك ففيك الملك مجتمع والفلك والفلك العلوي قد دارا أنت المثال وكرسي الصفات فته على العوالم إعلانًا وإسرارًا والطور والدر منثورًا وقد كتبت أقلام قدرته في اللوح آثارا والبيت يعمره سر الملايك في مشكاة قلبك قد أسرجن أنوارا ورفع الله سقفًا أنت تسكنه سماوه أطلعت شهبًا وأقمارًا وبحر فكرك مسجور بجوهره فغص به مخرجًا للدر أسرارا فإن رأيت بوادي القدس نار هدى فاثبت فنورك فيها مازج النارا واخلع لسمع الندا نعليك مفتقرا إلى المنادي تنل عزًا وإكبارًا وغب عن الكون بالأسماء متصفا واطلب من الكل رب الدار لا الدارا ومن ذلك في هذا المعنى‏:‏ أطالب ما في الروح من غامض السر وقارع باب العلم من عالم الأمر ولكن خبيرا قد سألت محققا فدونك فانظم ما نثرت من الدر وبين يدي نجواك قدم وسيلة تقى الله واكتم ما فهمت من السر ولا تلتفت جسما ولا ما يخصه من الحس والتخييل والوهم والفكر وخذ صورة كلية جوهرية تجل عن التمييز بالعكس والسبر ولكن بمرآة اليقين تولدت وليست بذاتي إن سألت ولا غير كذلك لم تحدث وليست قديمة وما وصفت يومًا بشفع ولا وتر ولكن بذات الذات كان ظهورها إذا ما تبدت في الدجا غرة الفجر ومن هذا الغرض قوله‏:‏ مشاهدتي مغناك يا غايتي وقت فما أشتكى بعدًا وحبك لي نعت مقامي بقايي عاكفًا بجمالكم فكل مقام في الحقيقة لي تحت لئن حالت الأحول دون لقايكم فإني على حكم المحبة ما حلت وإن كان غيري في الهوى خان عهده فإني وأيم الله عهدي ما خنت وما لي رجًا غير نيل وصالكم ولا خوف إلا أن يكون له فوت نعم إن بدا من جانب الأنس بارق يحركني بسط به نحوكم طرت تواجدت حتى صار لي الوجد مشربا ولاح وجود للحقيقة إذ غبت فها أنا بين الصحو والمحو داير أقول فلا حرف هناك ولا صوت قصودي إليكم والورود عليكم ومنكم سهودي والوجود إذا عدمت وفي غيبتي عني حضوري لديكم وعند امتحان الرسم والمحو أثبت وفي فرقتي الباني بحق جمعتني وفي جمع جمعي في الحقيقة فرقت تجليته لي حتى دهشت مهابة ولما رددت اللحظ بالسر لي عشت موارد حق بل مواهب غاية إذا ما بدت تلك البوادة لي تهت لوايح أنوار تلوح وتختفي ولكن وميض البرق ليس له ثبت ومهمى بدت تلك الطوالع أدهشت وإن غيبت تلك اللوامع أظلمت وهيهات هيبات الجلال تردني وعند التجلي لا محالة دكدكت نسفن جبالي فهي قاع صفصف وليس يرى فيهن زيغ ولا أمت ولي أدمع أججن نار جوانحي ولي نفس لولاه من حبكم ذبت ألا فانظروا قلب العيان حقيقة فنايى ووجودي والحياة إذا مت مراتب في التلوين نلت جميعها وفي عالم التمكين عن كلها بنت ورود وشرب ثم لا أرى بعده لين كنت أروى من شرابك لا كنت شربت أكواس الوجود مدامة فلست أجلى عن ورود متى شبت وكيف وأقداح العوالم كلها ولكني من صاحب الدير أسكرت تعلق قوم بالأواني وإنني جمال المعاني لا المغاني علمت وأرضعت كأسًا لم تدنس بمزجها وقد نلتها صرفًا فيا لعمري ما ضعت شراب بها الأبرار طاب مزاجهم وأرضعتها صرفًا لأني قربت بها آدم نال الخلافة عندما تبدت له شمسًا لها نحوه سمت ونجت لنوح حين فر لفلكه ومن بان عن أسرارها عمد الموت وسار بها المختار سيري لربه إلى حيث لا فوق هناك ولا تحت هنيًا لمن قد أسكرته بعرفها لقد نال ما يبغي وساعده البخت ومن نثر الأستاذ الجليل أبي القاسم بن خلصون المترجم به قوله من رسالة‏:‏ وصلني أيها الإبن النجيب المخلص الحبيب كتابك الناطق بخلوص ودك ورسوخ عهدك وتلك سجية لايقة بمجدك وشنشنة تعرف من والدك وجدك وصل الله أسباب سعدك وأنهض عزم سجية لايقة بمجدك وشنشنة تعرف من والدك وجدك وصل الله أسباب سعدك وأنهض عزم جدك بتوفيق جدك وبلغك من مأمولك أقصى قصدك فلتعلم أيها الحبيب أن جناني ينطوي لكم أكثر مما ينشره لساني‏.‏
فإني مغري بشكركم وإن أعجمت ومفصح بجميل ذكركم وإن جمجمت لا جرم أن الوقت حكم بما حكم واستولى الهرج فاستحكم حتى انقطعت المسالك وعدم الوارد والسالك وذلك تمحيص من الله جار على قضية قسطه وتقليب لقلوب عباده بين إصبعي قبضه وبسطه حين مد على الخليقة ظل التلوين ولو شاء لجعله ساكنًا ثم جعل شمس المعرفة لأهل التمكين عليه دليلا باطنا ثم قبض كل الفرق عن خاصيته قبضًا يسيرًا حتى أطلع عليهم من الأنس بدرًا منيرًا‏.‏
وإلى ذلك يا بني فإني أحمد الله تعإلى إليك على تشويقه إياك إلى مطالعة كتب المعارف وتعطشك للورود على بحر اللطايف‏.‏
وإن الإمام أبا حامد رحمه الله لممن أحرز خصلها وأحكم فرعها وأصلها لا ينكر ذلك إلا حاسد ولا يأباه إلا متعسف جاحد‏.‏
هذا وصفه رحمه الله فيما يخصه في ذاته‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:19 AM

وأما تعليمه في تواليفه وطريقه التي سلكها في كافة تصانيفه فمن علماينا رضي الله عنهم من قال إنه خلط النهاية بالبداية فصارت كتبه أقرب إلى التضليل منها إلى الهداية وإن كان لم يقصد فيها إلا النفع فيما أمه من الغرض فوجد في كتبه الضرر بالعرض وممن قال بهذا الفقيه الحكيم أبو بكر بن الطفيل‏.‏
الشريعة بتواليفهم انعطف فقال وأما أبو حامد فإنه طم الوداي على القرى ولم يلتزم طريقة في كتبه فنراه مع الأشعرية أشعريًا ومع المعتزلة معتزليًا ومع الفلاسفة فيلسوفًا ومع الصوفية صوفيًا حتى كأني به يوما يمان إذا لاقيت ذا يمن وإن لقيت معديًا فعدنان ثم قال والذي يجب على أهل العلم أن ينهوا الجمهور عن كتبه فإن الضرر فيها بالذات والمنفعة بالعرض‏.‏
قال وإنما ذلك لأنه صرح في كتبه بنتائج الحكمة دون مقدماتها وأفصح بالتأويلات التي لا يطلع عليها إلا العلماء الراسخون في العلم وهي التي لا يجوز أن تؤول للجمهور ولا أن تذكر في غير كتب البرهان‏.‏
وأنا أقول إن كتبه في الأصلين أعني أصول الدين وأصول الفقه‏.‏
في غاية النبل والنباهة وبسط اللفظ وحسن الترتيب والتقسيم وقرب المسائل‏.‏
وكذلك كتبه الفقيهة والخلافية والمذهبية التي ألفها على مذهب الشافعي فإنه كان شافعي المذهب في الفروع‏.‏
وأما كتبه التي ذهب فيها مذهب التصوف فهي التي يوجد فيها ما ذكر من الضرر بالعرض‏.‏
وذلك أنه بنى الأكثر من الاعتقادات فيها على ما تأدى إلى فهمه من مذاهب الفلاسفة ونسبها إلى المتصوفة‏.‏
وقد نبه على ذلك الفقيه الجليل أبو بكر الطرطوشي في كتابه الذي سماه بمراقي العارفين‏.‏
قال وقد دخل على السالكين ضرر عظيم من كتب هذا الرجل الطوسي فإنه تشبه بالصوفية ولم يلحق بمذاهبهم وخلط مذاهب الفلاسفة بمذاهبهم حتى غلط الناس فيها‏.‏
على أنني أقول إن باعه في الفلسفة كان قصيرًا وإنه حذا حذو الشيخ أبي علي بن سينا في فلسفته التي نقلها في المقاصد ومنطقه الذي نقله في معيار العلم لكن قصر عنه‏.‏
وتلك الاعتقادات منها حق ومنها باطل وتلخيصه لا يتأتى إلا لصنفين من الناس أعني أهل البرهان وأهل المكاشفة فبحسب ذلك تحتاج كتبه إلى تقدمة علوم البرهان وأهل المكاشفة فبحسب ذلك تحتاج كتبه إلى تقدمة علوم البرهان أو رياضة أهل المكاشفة وحينئذ ينظر ي ساير كتبه‏.‏
وهذه الرسالة طويلة تكلم فيها على كتب أبي حامد الغزالي رحمه الله بما يدل على تفننه وعلى اضطلاعه رحمه الله‏.‏
ومن الغرباء في هذا الاسم محمد بن يوسف العراقي محمد بن أحمد بن أمين بن معاذ بن إبراهيم بن جميل بن يوسف العراقي ثم الخلاطي ثم الأقشري الفارسي وينعت من النعوت المشرقية بجلال الدين من بلاد فارس حاله كان من الصوفية المتجردين من المال والعيال ذا وقار وتودة وسكون ومحافظة على ظاهره‏.‏
أكثر في بلاد المشرق من الأخذ عن الشيوخ المحدثين والمتصوفين ثم قدم المغرب فاستوطن بعض بلاده ثم أجاز البحر إلى الأندلس عام أربعة وسبعماية وأخذ عمن بها من الشيوخ ودخل غرناطة‏.‏
وكان شافعي المذهب يشارك في قرض الشعر‏.‏
مشيخته أخذ عن أبي مروان عبد الملك الشريثي بفاس وعن أبي بكر محمد ابن محمد بن قسي المومياني ولبس الخرقة الصوفية من جماعة بالمشرق وبالمغرب منهم الإمام أبو إبراهيم الماجري عن أبي محمد صالح عن أبي مدين‏.‏
أخذ عنه تاليفه في نحو اللغة الفارسية وشرح ألفاظها‏.‏
قال شيخنا الوزير أبو بكر بن الحكيم كتب إلي والدي ببابه وقد أحس بغض من الشيخ الإمام أبي عبد الله بن خميس عميد مجلس الوزارة الحكيمية‏:‏ عبيد بباب العلى واقف أيقبله المجد أم ينصرف فإن قبل المجد نلت المنا وإلا فقدري ما أعرف ثم كتب على لفظه ما من وصححه‏.‏
قال فأذن له واستظرف منزعه‏.‏
ابن شاطر محمد بن أحمد بن شاطر الجمحي المراكشي يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن شاطر حاله فقير متجرد يلبس أحسن أطوار الخرقة ويوثر الاصطلاح مليح الشيبة جميل الصورة مستظرف الشكل ملازم للمسجد مساكن بالمدارس محبب إلى الخواص كثير الذكر متردد التأوه شارد اللسان كثير الفتات مطرح في أكثر الأحاين للسمت ينزع إلى هدف تايه تشم عليه القحة والمجانة مقتحم حمى الحشمة في باب إبهام التلبيس يزلق سوء الاعتقاد عن صفاته وإن قارب الانهماك غير مبال بناقد ولا حافل بدام ولا حامد‏.‏
كلما اتبع انفرد ومهمى استقام شرد تطيب النفس به على غرة ويحسن الظن بباطنه على سوء ظاهره مليح الحديث كثير الاعتبار‏.‏
دايم الاسترجاع والاستغفار‏.‏
فعال الموعظة‏.‏
عجيب الانتزاع من الحديث والقرآن مع عدم الحفظ مستشهد بالأبيات الغريبة على الأحوال‏.‏
قال شيخنا القاضي أبو عبد الله بن المقري‏:‏ لقيت فيمن لقيت بتلمسان رجلين‏.‏
أحدهما عالم الدنيا والآخر نادرتها‏.‏
أما العالم فشيخنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أحمد العبدري الآبلي وأما النادرة فأبو عبد الله بن شاطر ثم قال صحب أبو زيد الهزميري كثيرًا وأبا عبد الله بن تجلات وأبا العباس بن البنا وإخوانهم من المراركشيين ومن جاورهم واختص بأبي زيد الهزميري وآثره وتبناه وكان يقول له وألقيت عليك محبة مني فيظهر أثر ذلك عليه من ستر الهنات ووضع القبول فلا تجد من يستثقله من راض عنه أو ساخط دخل الأندلس وقدم على غرناطة وتلوم بها أياما‏.‏
نبذ من أقواله فمن ذلك أنه إذا سئل عن نفسه يقول أنا ولي مفسود وفي هذا من النصفة وخفة الروح ما لا خفاء به‏.‏
قال بعض شيوخنا قلت له يومًا كيف أنت فقال كيف أنا محبوس في الدم‏.‏
ومن حكمه الليل والنهار حرسيان أحدهما أسود والآخر أبيض وقد أخذ بمجامع الخلق إلى يوم القيامة وإن مررنا إلى الله‏.‏
ومر يوما بأبي العباس بن شعيب الكاتب وهو جالس في جامع الجزيرة وقد ذهبت به الفكرة فصاح به فلما رفع رأسه قال وله نعش خاطر أنظر إلى مركب عزراييل قد رفع شراعه والندا عليه اركبوا يا عزا‏.‏
قال شيخنا أبو عبد الله المقري وجدته يومًا في المسجد ذاكرًا فقلت له كيف أنت فقال مهيم في روضة يجبرون فهممت بالانصراف فقال أين تذهب من روضة من رياض الجنة يقام فيها على رأسك بهذا التاج وأشار إلى المنار مملوءًا بالله أكبر‏.‏
قال وأنشدني أبو العباس بن البنا وكتبهما عنه‏:‏ قصدت إلى الوجازة في كلامي لعلمي بالصواب في الاختصار ولم أحذر فهو ما دون فهمي ولكن خفت إزراء الكبار فشأن فحولة العلماء شاني وشان البسط تعليم الصغار قال وأخبار ابن شاطر تحتمل كراسة قلت رأيته بفاس في أخريات عام خمسة وخمسين وهو الآن بحاله الموصوفة قد أربى على السبعين‏.‏
ابن الحلفاوي محمد بن محمد بن عبد الرحمن التميمي ابن الحلفاوي من أهل تونس يكنى أبا عبد الله نزيل غرناطة ويعرف بالتونسي وبابن المؤذن ببلده‏.‏
حاله من العايد‏:‏ قال ولي الله المجاب الدعوة الظاهر الكرامة المشهود له بالولاية‏.‏
ورد الأندلس في جملة من تجار بلده وبيده مال كبير بذله في معاملة ربه إلى أن استأصله بالصدق وأنفقه في سبيل الله ابتغاء مرضاته وتجرد عن الدنيا وأخذ نفسه بالصلاة والصوم والتلاوة وكثرة السجود والتطارح على ذلك محفوظًا في ذلك كله حفظة الأولياء مذكرا بمن سلفه من الزهاد عازبًا عن الدنيا أخذ نفسه بسلوك الإيتاب عنها رحمة للخلق وتمالأ للمساكين بقصده الناس بصدقاتهم فيبثها في ذوي الحاجات فيتألف في باب مسجده آلاف من رجالهم ونسايهم وصبيانهم حتى يعمه الرفد وتسعهم الصدقة‏.‏
وكان غريب الأحوال إذا وصل وقت الصلاة يظهر عليه البشر والسرور ويدخل مسجده الذي ابتناه واحتفل فيه فيخلو بنفسه آخذًا في تعبدات كثيرة غريبة شاملة لجميع أركان المسجد ويزدحم الناس حول المسجد وأكثرهم أهل الفاقة فإذا تمكن الوقت أذن إذانا مؤثرًا في القلوب جدًا وصدقًا ووقارًا كان صدره ينصدع عند قول لا إله إلا الله ثم يعيد التعبد والسجود في الصومعة وأدراجها حتى يفتح باب المسجد وينتقل إلى صدر المحراب فيصلي ركعات خفيفة‏.‏
فإذا أقام الصلاة ووقف عند المحراب ظهر عليه من الخوف والكآبة والحزن والانكسار والتضرع والتملق والرغبة ما لا تفي العبارة بوصفه كأن موقفه موقف أهل الجرايم بين أيدي الملوك الجبابرة‏.‏
فإذا أتم الصلاة على أم هيئاتها ترى كأن الغبار على وجهه أو كأنه حشر من قبر فإذا شرع في الدعاء بأثر الصلاة يتلوه بترداد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل دعوة ويتوسل به وتظهر عليه أحوال من الحضور والمراقبة وينجلي عن وجهه ما كان به‏.‏
وكان يختم القرآن في شهر رمضان مائة ختمة فما من ليلة إلا ويحيي الليل كله فيها بمسجده‏.‏
هذا ترتيبه ولو تتبعنا ما شوهد من كراماته وأحواله لخرجنا عن الغرض‏.‏
ولد بتونس في حدود الأربعين وستماية‏.‏
توفي في شهر بيع الثاني عام خمسة عشر وسبعماية‏.‏
وكان الحفل في جنازته عظيمًا استوعب الناس كافة وحضر السلطان فمن دونه وكانت تنم زعموا على نعشه وقبره رائحة المسك‏.‏
وتبرك الناس بجنازته وقصد قبره المرضي وأهل الحاجات وبقي القراء يقرأون القرآن عليه مدة طويلة‏.‏
وتصدق على قبره بجملة من مال ففدى به طايفة من الأسرى‏.‏
وقبره بباب إلبيرة عن يمين الخارج إلى مقبرة العسال معروف هنالك‏.‏
ابن بطوطة محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن يوسف اللواتي من أهل طنجة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن بطوطة حاله من خط شيخنا أبي البركات قال هذا رجل لديه مشاركة يسيرة في الطلب رحل من بلاده إلى بلاد المشرق يوم الخميس الثاني من رجب عام خمسة وعشرين وسبعماية فدخل بلاد مصر والشام والعراق وعراق العدم وبلاد الهند والسند والصين وصين الصين وبلاد اليمن‏.‏
وحج عام ستة وعشرين وسبعماية‏.‏
ولقي من الملوك والمشايخ عالمًا وجاور بمكة‏.‏
واستقر عند ملك الهند فحظي لديه وولاه القاضاء وأفاده مالًا جسيمًا‏.‏
وكانت رحلته على رسم الصوفية زيا وسجية ثم قفل إلى بلاد المغرب ودخل جزيرة الأندلس فحكمى بها أحوال المشرق وما استفاد من أهله فكذب وقال لقيته بغرناطة وبتنا معه ببستان أبي القاسم ابن عاصم بقرية نبلة وحدثنا في تلك الليلة وفي اليوم قبلها عن البلاد المشرقية وغيرها فأخبر أنه دخل الكنيسة العظمى بالقسطنطنية العظمى وهي على قدر مدينة مسقفة كلها وفيها اثني عشر ألف أسقف‏.‏
قلت وأحاديثه في الغرابة أبعد من هذا‏.‏
وانتقل إلى العدوة فدخل بلاد السودان ثم تعرف أن ملك المغرب استدعاه فلحق ببابه‏.‏
وأمر بتدوين رحلته‏.‏
ساير الأسماء في حرف الميم الملوك والأمراء وما منهم إلا طارئ علينا أو غريب مزدلي بن تيولتكان بن حمني بن محمد بن ترقوت بن وربابطن بن منصور ابن نصاله بن أمية بن واباتن الصنهاجي اللتموني حاله كان الأمير مزدلي عضد القايم بالدولة اللمتونية يوسف بن تاشفين وقريبه لا لتقائهما في ترقوت راش به وبرى وجز وفرى فهو شيخ الدولة اللمتونية وكبير العصابة الصنهاجية بطلًا ثبتًا بهمة من البهم بعيد الصيت عظيم الجلد شهير الذكر أصيل الرأي مستحكم الحنكة طال عمره وحمدت مواقعه وبعدت غاراته وعظمت في العدو وقايعه وشكرت عن سلطانه نيابته‏.‏
من مناقبه استرجاع مدينة بلنسية من أيدي الروم بسعيه ورده إلى ملكة الإسلام بحميد غنايه في منتصف رجب عام خمس وخمس ماية‏.‏
دخوله غرناطة ولي قرطبة وغرناطة وما إليهما من قبل يوسف بن تاشفين سنة خمس وخمسماية‏.‏
قال ابن الصيرفي توفي ليلة الثلاثاء السابع عشر من شوال عام ثمانية وخمس ماية غازيًا على مقربة من حصن قسطانية طرق به إلى قرطبة فوصل يوم الأربعاء ثاني يوم وفاته وصلى عليه إثر صلاة العصر الفقيه القاضي بقرطبة أبو القاسم بن حمدين ودفنه قرب أبيه وبنيت عليه روضة حسنة‏.‏
وكان نضر الله وجهه البقية الصالحة على نهج أمير المسلمين يوسف‏.‏
ابن علي الهنتاتي موسى بن محمد بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي الهنتاتي السيد أبو عمران‏.‏
حاله بيته معروف‏.‏
وكان أديبًا شاعرًا جوادًا واختص بالعادل فجل قدره في دولته وأمله الناس بإشبيلية في حوايجهم لمحله منهم‏.‏
ولما انصرف عنها العادل إلى طلب الخلافة قدمه عليها فبلغ الغاية‏.‏
وفي شوال من عام اثنين وعشرين وستماية كانت على جيشه الوقيعة أوقعها به السيد أبو محمد البياسي وأخباره شهيرة‏.‏
وتوفي تغريقًا في البحر بعد أن ولي بجاية رحمه الله وعفا عنه‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:20 AM

شعره قال وكان أبو المطرف بن عميرة ينشد له يخاطب الفقيه الأديب أبا الحسن بن حريق بستحثه على نظم الشعر في عروض الخبب‏:‏ خذ في الأشعار على الخبب فقصورك عنه من العجب هذا وبنو الآداب قضوا بعلو مجدك في الرتب فنظم له أبو الحسن القصيدة المشهورة منها‏:‏ أبعيد الشيب هوى وصبا كلا لا لهوًا ولا لعبا ومنها‏:‏ يا نفس أحيي تصلي أملًا عيشي روحيا تروي عجبا وخذي في شكر الكبرة ما لاح إلا صباح وما ذهبا فيها أحرزت معارف ما أبليت بجدته الحقبا والخم إذا أعتقت وصفت أعلى ثمنًا منها عنبا وبقية عمر المرء له أن كان بها طبا دربا دخل غرناطة فوجب ذكره مع مثله‏.‏
منديل بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو الأمير أبو زيان حاله كان فاضلًا عاقلًا جوادًا عينه أبوه أمير المسلمين أبو يوسف بن عبد الحق للضرب على أحواز مالقة عند الفتنة فاضطرب المحلة تجاه سهيل وضيق على تلك الأحواز وبرز إليه الجيش لنظر موسى بن رحو من قرابته النازعين عن إيالة المغرب من بني رحو‏.‏
وكان اللقاء فوقعت به الذبرة وانهزم جيشه وقبض عليه وسيق إلى السلطان فتلقاه بالبر ورعى ما لبيته الكبير من الحق وأسكنه مجاورًا لقصره بحمرايه مرفهًا عليه محجوزًا عن التصرف إلى أن كان من تلاحق بهذه الحل من وفاة أبيه السلطان أبي يوسف بالجزيرة الخضراء وتصير الأمر إلى ولده السلطان أمير المسلمين أبي يعقوب يوسف‏.‏
وتجدد الألفة وتأكدت المودة وارتفعت الإحنة فكان ما هو معروف من التقايهما على تعينة إجازة ملك المغرب أبي يعقوب البحر على ظاهر مربلة وصرف الأمير أبو زيان محبوًا بما يليق به‏.‏
حدثني شيخنا أبو زكريا بن هذيل رحمه الله قال نصب للسلطان أبي يعقوب خباء احتفل في اتخاذه له أمير سبتة فبلغ الغاية التي لا يستطيعها الملوك سمو عماد وامتداد ظل وانفساح ساحة إلى إحكام الصنعة والإعياء في الزخرف‏.‏
وقعد فيه السلطان ملك المغرب وأجلس السلطان أمير المسلمين أبا عبد الله ابن الغالب بالله عن يمينه وأخاه الأمير أبا زيان عن يساره وقرأ عشاره المعروف بالوقاد آية الله في حسن الصوت وبعد مدي السمع وطيب النغمة قوله عز وجل ‏"‏ يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين‏.‏
قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون قالوا إنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين‏.‏
قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ‏"‏‏.‏
فكان مقامًا مبهتًا‏.‏
كان السلطان رحمه الله يقول لشد ما جنى علي عدو الله بقحته والله لقد كان يشير بيده إلى السلطان وأخيه عند قوله أنا يوسف وهذا أخي‏.‏
ثم أجاز للعدوة فطاح بها لعهد غير بعيد‏.‏
وكان الإيقاع بجيش الأمير أبي زيان في أخريات ذي الحجة عام أربعة وثمانين وستماية‏.‏
فاتصل بذلك موت والد أمير المسلمين أبي يوسف بالخضراء في شهر محرم عام خمسة وثمانين بعده وكان لقاء السلطانين بالخضراء في شهر محرم عام خمسة وثمانين هذه وكان اللقاء كما ذكر في شهر ربيع الآخر من العام المذكور‏.‏
ومن الطارئين ابن عبد الرحمن بن معاوية المطرف بن عبد الله بن محمد ابن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام حاله كان المطرف ولد الخليفة عبد الله أمير المسلمين بالأندلس شجاعًا مقدامًا جريًا صرفه والده الخليفة في الغزوات وقود العساكر وهو الذي بنى حصن لوشة ووقم كثيرا من الخوارج على والده‏.‏
دخوله غرناطة قال ابن حيان غزا المطرف ببشتر بسبب ابن حفصون إذ كان صالح الأمير عبد الله ودفع رهينة ابنه فلما امتحن الطفل وجد غير ابنه فنهض إليه المطرف وكان القايد على العسكر قبله عبد الملك ابن أمية فنهض صحبته ونازل المطرف ابن حفصون فهتك حوزته وتقدم إلى بنية كان ابتناها بموضع يعرف باللويات فشرع في خرابها وخرج ابن حفصون ومن معه من النصرانية يدافع عنها وعن كنيسة كانت بقربها فغلب ابن حفصون وهدمت الكنيسة وقتل في هذه الحرب حفص بن المرة قايده ووجوه رجاله وعند الفراغ من ذلك‏.‏
انصرف المطرف فدخل كورة إلبيرة وبنا لوشة وتقدم منها إلى إلبيرة ودخلها ثم طاف بتلك الجهات والحصون ثم انصرف‏.‏
ذكر إيقاعه بعبد الملك بن أمية وسبب الإحنة بينه وبين أبيه قال وفي هذه اذكر إيقاعه بعبد الملك بن أمية وسبب الإحنة بينه وبين أبيه قال وفي هذه الحركة أوقع بعبد الملك بن أمية لما كان في نفسه لصرف والده عن عقد البيعة له وتمزيق العهد في خبر يطول‏.‏
وكان والده قد أخذ عليه الميثاق عند خروجه إلى شذونة ألا يعرض إليه بمكروه وأقسم له بالإيمان لين نال منه شيئًا ليعاقبنه بمثله فلما قتله عقد الوثائق عليه وأخذ الشهادات فيها بالظلم والشؤم خوفًا من أبيه وكتب إليه يعتذر له ويحكمه في نفسه‏.‏
مقتل المطرف قال وظهرت عليه فعال قبيحة من أذى جيرانه بما أكد غايلة أبيه عليه وأعان عليه معاوية بن هشام لما ذكروا أن المطرف كان قد خلا به فذكروا أنه نزل يومًا عنده بمنزله وأخذوا في حديث الأبناء وكان المطرف عقيمًا فدعا معاوية بصبي يكلف به فجاء وبرأسه ذؤابتان فلما نظر إليه المطرف حسده وقال يا معاوية أتتشبه بأبناء الخلفاء في بنيهم وتناول السيف فحز به الذؤابة وكان معاوية حية قريش دهاء ومكرًا فأظهر الاستحسان لصنعه وانبسط معه في الأنس وهو مضطغن‏.‏
فلما خرج كتب إلى الخليفة يسأله اتصاله إليه فلما أوصله كاشفه في أمر المطرف بما أزعجه وأقام على ذلك ليلًا أحكم أمره عند الخليفة بلطف حيلته فأصاب مقتله سهم سعايته‏.‏
قال ابن الفياض بعث الأمير عبد الله إلى دار ولده المطرف عسكرًا للقبض عليه مع ابن مضر فقوتل في داره حتى أخذ وجيء به إليه فتشاور الوزراء في قتله فأشار عليه بعضهم أن لا يقتله وقال بعضهم إن لم تقتله قتلك فأمر ابن مضر بصرفه إلى داره وقتله فيها وأن يدفنه تحت الريحانة التي كان يشرب الخمر تحتها وهو ابن سبع وعشرين سنة وذلك في يوم الأحد ضحى لعشر خلون من رمضان سنة اثنتين وثمانين ومائتين‏.‏
منذر بن يحيى التجيبي أمير الثغر المنتزي بعد الجماعة بقاعدة سرقسطة يكنى أبا الحكم ويلقب بالحاجب المنصور وذي الرياستين‏.‏
حاله قال أبو مروان وكان أبو الحكم رجلا من عرض الجند وترقى إلى القيادة آخر دولة ابن أبي عامر‏.‏
وتناهى أمره في الفتنة إلى الإمارة‏.‏
وكان أبوه من الفرسان غير النبهاء‏.‏
فأما ابنه منذر فكان فارسًا تقي الفروسية خارجًا عن مدى الجهل يتمسك بطرف من الكتابة الساذجة‏.‏
وكان على غدره كريمًا وهب قصاده مالًا عظيمًا فوفدوا عليه وعمرت لذلك حضرته سرقسطة‏.‏
فحسنت أيامه وهتف المداح بذكره‏.‏
وفيه يقول أبو عمرو بن دراج القسطلي قصيدته المشهورة حين صرف إليه وجهه وقدم عليه في سنة ثمان وعشرين وأربعماية‏:‏ بشراك من طول الترحل والسرى صبح بروح السفر لاح فأسفرا من حاجب الشمس الذي حجب الدجا فجرًا بأنهار الذرى متفجرا لبيك أسمعنا نداك ودوننا نوء الكواكب مخويا أو ممطرا من كل طارق ليل هم ينتحي وجهي بوجه من لقايك أزهرا سار ليعدل عن سمايك أنجمي وقد ازدهاها عن سناك محيرا فكأنما أعدته أسباب النوى نور الهدى عن يديك منورا أو غار رمن هممي فأنحى شأوها فلك البروج مغربًا ومغورا حتى علقت النيرين فأعلقا مثنى يدي ملك الملوك النيرا فسريت في حرم الأهلة مظلما ورفلت في خلع السموم مهجرا وشعيت أفلاذ الفؤاد ولم أكد فحذوت من حذو الثريا منظرا ست تسراها الجلاء مغربًا وحدا بها حادي النجاء مشمرا لا يستفيق الصبح منها ما بدا فلقًا ولا جدى الفراقد ما سرا ظعن ألفن القفر في غول الدجا وتركن مألوف المعاهد مقفرا يطلبن لج البحر حيث تقاذفت أمواجه والبر حيث تنكرا هيم وما يبغين دونك موردا أبدا ولا عن بحر جودك مصدرا من كل نضو الآل محبوك المنى يزجيه نحوك كل محبوك القرا نحرت بنا صدر الدبور فأنبطت قلق المضاجع تحت جو أكدرا وصبت إلى نحو الصبا فاستخلصت سكن الليالي والنهار المبصرا خوص نفخن بنا البري حتى انثنت أشلاؤهن كمثل أنصاف البرا نذرت لنا أن لا تلقي راحة مما تلاقى أو تلاقى منذرا وتقاسمت أن لا تسيغ حياتها دون ابن يحيى أو تموت فتعذرا لله أي أهلة بلغت بنا يمناك يا بدر السماء المقمرا بل أي غصن في ذاك هصرته فجرى فأورق في يديك وأثمرا فلئن صفا ماء الحياة لديك لي فبما شرقت إليك بالماء الصرى ولئن خلعت على بردًا أخضرا فلقد لبست إليك عيشًا أغبرا ولئن مددت علي ظلا باردا فلكم صليت إليك جوًا مسعرا وكفى لمن جعل الحياة بضاعة ورأى رضاك يها رخيصًا فاشترى فمن المبلغ عن غريب نازح قلبا يكاد علي أن يتفطرا لهفان لا يرتد طرف جفونه إلا تذكر عبرتي فاستعبرا أبني لا تذهب بنفسك حسرة عن غول رحلي منجدا أو مغورا ولقد وردت مياه مأرب حفلًا وأسمت خيلي وسط جنة عبقرا ونظمت للغيد الحسان قلائدًا من تاج كسرى ذي البهاء وقيصرا وحللت أرضًا بدلت حصباؤها ذهبًا يرف لناظري وجوهرا وليعلم الأملاك أني بعدهم ألفيت كل الصيد في جوف الفرا ورمى علي رداءه من دونهم ملك تخير للعلا فتخيرا ضربوا قداحهم علي ففاز بي من كان بالقدح المعلى أجدرا من فك طرفي من تكاليف الفلا وأجار طرفي من تباريح السرى وكفا عتابي من ألام معذرا وتذممى ممن تحمل معذرا ومسائل عني الرفاق ووده لو تنبذ السانحات رحلي بالعرا وبقيت في لجج الأسى متضللًا وعدلت عن سبل الهدى متحيرًا كلا وقد آنست من هود هدى ولقيت يعرب في القبول وحميرا وأصبت في سبإ مورث ملكه يسبي الملوك ولا بدب لها الضرا فكأنما تابعت تبع رافعًا أعلامه ملكًا يدين له الورى والحارث الجفني ممنوع الحمى بالخيل والآساد مبذول القرى ولقيت زيد الخيل تحت عجاجه يكسو غلايلها الجياد الضمرا وعقدت في يمن مواثق ذمة مشدودة الأسباب موثقة العرى وأتيت بحدل وهو يرفع منبرا للدين والدنيا وبخفض منبرا وحططت بين جفانها وجفونها حرمًا أبت حرماته أن تخفرا تلك البحور تتابعت وخلفتها سعيًا فكنت الجوهر المتخيرا ولقد نموك ولادة وسيادة وكسوك عزًا وابتنوا لك مفخرا فممرت بالآمال أكرم أكرم ملكًا ورثت علاه أكبر أكبرا وشمايل عبقت بها سبل الهدى وذرت على الآفاق مسكًا أذفرا أهدى إلى شغف القلوب من الهوى وألذ في الأجفان من طعم الكرى ومشاهد لك لم تكن أيامها ظنًا يريب ولا حديثًا يفترى لاقيت فيها الموت أسود أدهما فذغرته بالسيف أبيض أحمرا ولو اجتلى في زي قرنك معلمًا لتركته تحت العجاج معفرا يا من تكبر بالتكرم قدره حتى تكرم أن يرى متكبرا والمنذر الأعداء بالبشرى لنا صدقت صفاتك منذرا ومبشرا فارفع لها علم الهدى فلمثلها رفعتك أعلام السيادة في الذرى فارفع لها علم الهدى فلمثلها رفعتك أعلام السيادة في الذرى وانصر نصرت من السماء فإنما ناسبت أنصار النبي لتنضرا واسلم ولا وجدوا لجوك منفسًا في النائبات ولا لبحرك معبرا سيرته قال وساس لأول ولايته عظيم الفرنحة‏.‏
فحفظت أطرافه وبلغ من استمالته طوايف النصرانية أن جرى على يديه بحضرته‏.‏
عقد مصاهرة بعضهم فقرفته الألسنة لسعيه في نظام سلك النصارى‏.‏
وعمر به الثغر إلى أن ألوت به المنية‏.‏
وقد اعترف له الناس بالرأي والسياسة‏.‏
كتابه‏.‏
واستكتب عدة كتاب كابن مدور وابن أزرق‏.‏
وابن واحب وغيرهم‏.‏
وصوله إلى غرناطة وصل غرناطة صحبة الأمير المرتضى الآتي ذكره وكان ممن انهزم بانهزامه‏.‏
وذكروا أنه مر بسليمان بن هود وهو مثبت للإفرنج الذين كانوا في المحلة لا يريم موقفه فصاح به النجاة يا بن الفاعلة فلست أقف عليك فقال له سليمان جيت والله بها صلعًا وفضحت أهل الأندلس ثم انقلع وراءه‏.‏
للمال مباشر للأمور هاجر للذات يقظ متشمر‏.‏
قام بالأمر غرة ربيع الأول في عام ستين مرتاش الجناح بالأحلاف من عرب القبلة معولًا عليهم عند قصد عدوه وحلب ضرع الجباية فأثرى بيت ماله ونبهت دولته واتقته جيرته فهو اليوم ممن يشار إليه بالسداد‏.‏
أدبه وشعره ووجه لهذا العهد في جملة هدايا ودية ومقاصد سنية نسخة من كتابه المسمى بواسطة السوك في سياسة الملك افتتحه بقوله‏:‏ الحمد لله الذي جعل نعمته على الخلق بما ألفهم عليه من الحق شاملة شايعة ويسر طوايف من عباده لليسرى فأتت إليها مساعدة مسارعة وحضهم على الأخذ بالحسنى ولا أن أحسن من نفوس أرشدت فأقبلت لإرثها طالبة ولربها طايعة‏.‏
ولا أسمى من همم نظرت بحسن السياسة ي تدبير الرياسة التي هي لأشتات الملك جامعة ولأسباب الملك مانعة وأظهرت من معادنها درر الحكم وغرر الكلم لايحة لامعة فاجتلت أقمارها طالعة واجنت أزهارها يانعة‏.‏
وصلى الله على سيدنا محمد الكريم المبعوث بالآيات البينات ساطية ساطعة والمعجزات المعجمات قاصمة لظهور الجاحدين قاطعة‏.‏
الذي زويت له الأرض فتدانت أفكارها وهي نابية شاسعة واشتاقت له المياه فبرزت بين أصابعه يانعة وامتثل السحاب أمره فسح باستسقايه درًا هامية هامعة وحن الجذع له وكان حنينه لهذه الآيات الثلاث آية رابعة إلى ما لا يحصى مما أتت به متواترات الأخبار وصيحات الآثار ناصرة لنبوته ساطعة‏.‏
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وعترته التي أجابت داعي الله خاشية خاشعة وأذعنت لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت من الاستبداد خالية وللأنداد خالعه صلاه ديمتها دايمة متتابعة وسلم كثيرا‏.‏
جمع فيه الكثير من أخبار الملوك وسيرهم وخص به ولده وولي عهده فجاء مجموعًا يستظرف من مثله ويدل على مكانه من الأدب ومحله‏.‏
وثبت فيه الكثير من شعره فمن ذلك قصيدة أجاب فيها أحد رؤوس القبايل وقد طلب منه الرجوع إلى طاعته والانتظام في سلك جماعته وهي‏:‏ تذكرت أطلال الربوع الطواسم وما قد مضى من عهد المتقادم وقفت بها من بعد بعد أنسها بصبر مناف أو بشوق ملازم تهيم بمغناهم وتندب ربعهم وأي فؤاد بعدهم غير هايم تحن إلى سلمى ومن سكن الحمى وما حب سلمى للفتى بمسالم فإن الهوى لا يستفز ذوي النهى ولا يستبي إلا الضعيف العزايم صبور على البلوى طهور من الهوى قريب من التقوى بعيد المآثم ومن يبغ درك المعلوات ونيلها يساق بخلق الشهد مر العلاقم ولايمة لما ركبنا إلى العلا بحار الردى في لجها المتلاحم تقول بإشفاق أتنسى هوى الدما وتنثر دررًا من دموع سواجم إليك فإنا لا يرد اعتزامنا مقالة باك أو ملامة لايم ألم تدر أن اللوم لوم وأننا لنجتنب اللوم اجتناب المحارم فما بسوي العليا همنا جلالة إذا هام قوم بالحسان النواعم بروق السيوف المشرفيات والقنا أحب إلينا من بروق المباسم وأما صميل السابحات لذي الوغى فأشجى لدينا من غنا الحمايم وأحسن من قد الفتاة وخدها قدود العوالي أو خدود الصوارم إذا نحن جردنا الصوارم لم تعد إلا غمادها الأبحر الغلاصم وما كل من قاد الجيوش إلى العدا يعود إلى أوطنانه بالغنائم وننصر مظلوما ونمنع ظالما إذا شيك مظلوم بشوكة ظالم ويأوي إلينا المستجير ويلتجي ويحميه منا كل ليث صيارم ألم تر إذ جاء السبيعي قاصدا إلى بابنا يبغي التماس المكارم وذلك لما أن جفاه صحابه وكل خليل وده غير دايم وأزمع إرسالًا إلينا رسالة بإخلاص ود واجب غير واجم وكان رأى أن المهامة بيننا فخلى لذات الخف ذات المناسم وقال ألا سل من عليم مجرب أبث له ما تحت طي الحيازم فيبلغ عنه الآن خير رسالة تودي إلى خير الملوك الأعاظم على ناقة وجناء كالحرف ضامر تخيرها بين القلاص الرواسم من اللايي يظلمن الظليم إذا عدى ويشبهه في جيده والقوايم إذا أتلعت فوق السحاب جوابها تخليتها تعض السحاب الرواكم وما القصد إلا في الوصول بسرعة فقالوا فحملها أكف النواسم فقال لنعم المرسلات وإنما لها ألسن مشهورة بالنمايم فلم يلف فيها للأمانة موضعا وكل امرئ للسر ليس بكاتم فحينئذ وافى إلينا بنفسه فكان لدينا خير واف وقادم يجوب إلينا البيداء قصدًا وبشرنا يضيء له الظلماء في كل عاتم طلاب العلا تسري مع الوحش في الفلا ويصحب منها كل باغ وباغم على سلهب ذي صوتين مطعم من المغربات الصافنات الصلادم إذا شاء أي الوحش أدركه به فتحسبه في البيد بعض النعايم ويقدمه طوعًا إلينا رجلؤه حمايتنا إياه من كل ظالم ألا أيها الآتي لظل حناننا نزلت برحب في عراص المكارم وقوبلت منا بالذي أنت أهله وفاض عليك الجود فيض الغمايم كذا دأبنا للقادمين محلنا حمى وندًا ينسي به جود حاتم شددنا لها أزرًا وشدنا بناءها وكم مكثت دهرًا بغير دعائم نظمنا شتيت المجد بعد افتراقه وكمم بات نهبًا شمله دون ناظم ورضنا جياد الملك بعد افتراقه وكم بات نهبًا شمله دون ناظم ورضنا جياد الملك بعد جماحها فذلت وقد كانت صعاب الشكايم مناقب زيانية موسوية يذل لها عز الملوك القماقم يقصر عن إدراكها كل مبتغ ويعجز عن إحصايها كل ناظم فلله منا الحمد والشكر دايمًا وصلى الله على المختار من آل هاشم ونختصكم منا السلام الأثير ما تضاحك روض عن بكاء الغمايم قلت ولما تعرفت كلفه بالأدب والإمام بمجاورته عزمت على لقايه وتشوقت عند العزم على الرحلة الحجازية إلى زيارته ولذلك كنت أخاطبه بكلمة منها‏:‏ على قدر قد جيت قومك يا موسى فجلت بك النعمى وزالت بك البوسى فحالت دون ذلك الأحوال‏.‏
وهو بحاله الموصوفة إلى هذا العهد‏.‏
وفقه الله وساير من تولى أمرًا من أمور المسلمين‏.‏
جدد فيها الملك لما أخلقا وبعث السعد وقد كان لقا ورتب الرتبا والرسوما وأطلع الشموس والنجوما واحتجن المال بها والعدة وهو بها باق لهذي المدة ولد بمدينة غرناطة حسبما وقعت عليه بخط الثقة من ناسه في أول عام ثلاثة وعشرين وسبعماية‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:22 AM

مبارك ومظفر الأميران موليا المنصور بن أبي عامر حالهما قال أبو مروان ترقيا إلى تملك بلنسية من وكالة الساقية وظهر من سياستهما وتعارضهما صحة الألفة طول حياتهما ما فاتا به في معناها أشقاء الأخوة وعشاق الأحبة إذ نزلا معًا بقصر الإمارة مختلطين تجمعهما مائدة واحدة من غير تميز في شيء إلا الحرم خاصة‏.‏
وكان التقدم لمبارك في المخاطبة وحفظ رسوم الإمارة أفضل صرامة وذكرًا قصر عنهما مظفر لدمائه خلقه وانحطاطه لصاحبه في ساير أمره على نحلته بكتابة ساذجة وفروسة فبلغا الغاية من اقتناء الأسلحة والآلات الملوكية والخيل المغربات ونفيس الحلى والحلل وإشادة البناء للقصور‏.‏
واشتمل هذا الرأي على جميع أصحابهم ومن تعلق بهما من وزرايهما وكتابهما ولم يعرض لهما عارض إنفاق بتلك الآفاق فانغمسا في النعيم إلى قمم رؤوسهما حتى انقضى أمرهما‏.‏
قال وكان موت مبارك أنه ركب يومًا من قصر بلنسية وقد تعرض أهلها مستغيثين من مال افترضه عليهم فقال لهم إن كنت لا أريد إنفاقه فيما يعم المسلمين نفعه فلا تؤخر عقوبتي يومي هذا‏.‏
وركب إثر ذلك‏.‏
فلما أتى القنطرة وكانت من خشب خرجت رجل فرسه من خدها فرمى به أسفلها واعترضته خشبة ناتئة شرخت وجهه وسقط الفرس عليه ففاضت نفسه وكفاهم الله أمره يومئذ‏.‏
وفي مبارك ومظفر يقول أبو عمرو بن دراج القسطلي رحمه الله‏:‏ أنورك أم أوقدت بالليل نارك لباغ قراك أو لباغ جوارك ورياك أم عرف المجامر أشعلت بعود الكباء والألوة نارك ومبسمك الوضاح أم ضوء بارق حداه دعائي أن يجود ديارك وخلخالك استنضيت أم قمر بدا وشمس تبدت أم ألحت سوارك وأنت هجرت الليل إذ هزم الضحى كتائبه والصبح لما استجارك فللصبح فيما بين قرطيك مطلع وقد سكن الليل البهيم خمارك فيا لنهار لا يغيض ظلامه وبالظلام لا يغيض نهارك ونجم الثريا أم لآل تقسمت يمينك إذ ضمختها أم يسارك لسلطان حسن في بديع محاسن يصيد القلوب النافرات نفارك وجند غرام في دروع صبابة تقلدن أقدار الهوى واقتدارك هو الملك لا بلقيس أدرك شأوها مداك ولا الزباء شقت غبارك وقادحة الجوزاء راعيت موهنًا بحر هواك أم ترسمت دارك وطيفك أسرى فاستثار تشوقي إلى العهد أم شوقي إليك استشارك وموقد أنفاسي إليك استطارني أم الروح لمارد في استطارك فكم جزت من بحر إلي ومهمة يكاد ينسي المستهام ادكارك أذو الحظ من علم الكتاب حداك لي أم الفلك الدوار نحوي أدارك ولا أرزمت خوص المهارى مجيبة صهيل جياد يكتنفن قطارك ولا أذكت الركبان عنك عيونها حذار عيون لا ينمن حذارك وكيف رضيت الليل ملبس طارق وما ذر قرن الشمس إلا استنارك وكم دون رحلي من بروج مشيدة تحرم من قرب المزار مزارك وقد زأرت حولي أسود تهامست لها الأسد أن كفى عن السمع زارك وأرضي سيول من خيول مظفر وليلي نجوم من سماء مبارك بحيث وجدت الأمن يهتف بالمنى هلمي إلى عينين جادا سرارك هلمي إلى بحرين قد مرج الندى عبابيهما لا يسأمان انتظارك هلمي إلى سيفين والحد واحد يجيران من صرف الحوادث جارك هلمي إلى طرفي رهان تقدما إلى الأمد الجالي عليك اختيارك هلمي إلى قطبي نجوم كتايب تنادي نجوم التعس غورى مغارك وحيي على دوحين جاد نداهما ظلالك واستدني إليك ثمارك وسلا سيوفًا لم تزل تلتظي أسى بثارك حتى أدركا لك ثارك ويهنيك يا دار الخلافة منهما هلالان لاحا يرفعان منارك كلا القمرين بين عينيه غرة أثارت كسوفيك وجلت سرارك فقاد إليك الخيل شعثًا شوازيا يلبين بالنصر العزيز انتصارك سوابق هيجاء كأن صهيلها يجاوب تحت الخافقات شعارك بكل سرى العتق سرى عن الهدى وكل حمي الأنف أحمى ذمارك تحلوا من المنصور نصرًا وعزة فأبلوك في يوم البلاء اختيارك إذا انتسبوا يوم الطعان لعامر فعمرك يا هام العدى لا عمارك يقودهم منهم سراجًا كتايب يقولان للدنيا أجدى افتخارك إذا افترت الريات عن غرتيهما فيا للعدى أضللت منهم فرارك وإن أشرق النادي بنور سناهما فبشرى الأماني عينك لا ضمارك وكم كشفنا من كربة بعد كربة تقول لها النيران كفي أوارك فلله صدق العزم أية غرة إذا لم تطيعي في لعل اغترارك فإن غالت البيد اصطبارك والسرى فما غال ضيم الكاشحين اصطبارك ويا خلة التسويف قومي فأغدقي قناعك من دوني وشدي إزارك وحسبك بي يا خلة الناي خاطري بنفسي إلى الحظ النفيس حطارك فقد آن إعطاء النوى صفقة الهوى وقولك للأيام جوري مجارك ويا ستر البيض النواعم أعلني إلى اليعملات والرحل بدارك نواجى واستودعتهن نواجيا حفاظك يا هذي بذي وازدهارك ودونك أفلاذ الفؤاد فشمري ودونك يا عين اللبيب اعتبارك صرفت الكرى عنها بمغتبق السرى وقلت أديري والنجوم عقارك فإن وجبت للمغربين جنوبها فداوي برقراق السراب خمارك فأورى بزندي سدفة ودجنة إذا كانتا لي مرخك وعفارك وإن خلع الليل الأصائل فاخلعي إلى الملكين الأكرمين عذارك قصي المنى قد شام بارقة الحيا وانشقت يا ظئر الرجا حوارك وحمدًا يميني قد تملأت بالمنى وشكرًا يساري قد حويت يسارك وقل لسماء المزن إن شئت اقلعي ويا أرضها إن شيت غيضي بحارك ولا توحشي يا دولة العز والمنى مساءك من نوريهما وابتكارك وصولهما إلى غرناطة وصلا مع أمثالهما من أمراء الشرق صحبة المرتضى وكان من انهزام الجميع بظاهرها وإيقاع الصناهجة بهم ما هو معلوم حسبما مر ويأتي بحول الله‏.‏
ومن ترجمة الأعيان والوزراء بل ومن ترجمة الطارئين والغرباء منها منصور بن عمر بن عثمن بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو يكنى أبا علي حاله كان رحمه الله فتى القوم لسنًا مفوهًا مدركًا متعاطيًا للأدب والتاريخ مخالطًا للنبلاء متسورا خلق العلماء غزلًا كلفًا بالدعابة طرفة من طرف أهل بيته قوي الشكيمة جوادًا بما في وسعه متناهيًا في البدانة‏.‏
دخل غرناطة في الجملة من إخوانه وبني عمه مغربين عن مقر الملوك بالمغرب وأقام بها إلى شهر ربيع الأول من عام ثلاثة وستين وسبعماية‏.‏
وركب البحر في الخامس والعشرين منه عندما لحق أخوه عبد الحكيم بالمغرب وبايعه الناس ولاحت له بارقة لم تكد تقد حتى خبت فبادر إلى مظاهرته في جفن غزوي من أسطول الأندلس وصحبه قوم ممن يخطب الخطط ويبتدر رمق الدول وهال عليهم البحر فطرح الجفن بأحواز غساسة وقد عادتها ملكة عدوهم فتقبض عليه وأدخل مدينة فاس في الثاني لربيع الآخر من العام مشهور المركب على الظهر يضرب بين يديه طبل للشهرة وناقور المثلة وأجلس بين يدي السلطان فأبلى بما راق الحاضرين من بيانه من العذر للخروج بالاستمالة حتى لرجي خلاصه واستقر مثقفًا تتعلق به الأراجيف ويحوم حول مطرحة الاختبار إلى حين وفاته‏.‏
شعره أنشدني الفقيه الأديب أبو بكر بن أبي القاسم بن قطبة من شعره وكان صاحبه في الرحلة ومزامله في أسطول المنحسة وذلك قوله‏:‏ سوف ننال المنى ونرقى مراقي العز والمعال إذا حططنا بأرض فاس وحكمت في العدى العوال فأنت عندي بها حقيق يا حايز الفضل والكمال وفاته في وسط جمادى الأولى من العام‏.‏
دخل عليه في بيت معتقله فقتل ودفن ببعض مدافنهم‏.‏
رحمة الله عليه‏.‏
مقاتل بن عطية البرزالي يكنى أبا حرب وقال فيه أبو القاسم الغافقي من أهل غرناطة ويلقب بذي الوزارتين ويعرف بالريه لحمرة كانت في وجهه‏.‏
حاله كان من الفرسان الشجعان لا يصطلى بناره وكان معه من قومه نحو من ثلاث ماية فارس من بني برزال‏.‏
وولاه الأمير عبد الله بن بلقين بن باديس مدينة اليسانة والتقى به ابن عباد وأخذ بمخنقها وكان عبد الله يحذره‏.‏
وعندما تحقق حركة اللمتونيين إليه صرف عن جهته فقل لذلك ناصره وأسرع ذهاب أمره‏.‏
شجاعته قال وحضر مقاتل مع عبد الله بن بلقين أمير غرناطة وقيعة النيبل في صدر سنة ثمان وسبعين وأربع ماية فأبلى فيها بلاء عظيما وجرح وجهه ومزق دعه بالطعن والضرب‏.‏
وذكر من حضرها ونجا منها قال كنت قد سقط الرمح من يدي ولم أشعر وحملت الترس ولم أعلم به وحملني الله إلى طريق منجاة فركبتها مرة أقع ومرة أقوم فأدركت فارسًا على فرس أدهم ورمحه على عاتقه ودرقته على فخذه ودرعه مهتكة بالطعن وبه جرح في وجهه يثعب دما تحت مغفره وهو مع ذلك ينهض على رسله فرجعت إلى نفسي فوجدت ثقلًا فتذكرت الترس فأخرجت حمالته عن عاتقي وألقيته عني فوجدت خفة وعدت إلى العدو فصاح ذلك الفارس خذ الترس قلت لا حاجة لي به فقال خذه فتركته ووليت مسرعا فهمز فرسه ووضع سنان رمحه بين كتفي وقال خذ الترس وإلا أخرجته بين كتفيك في صدرك فرأيت الموت الذي فررت منه ورجعت إلى الترس فأخذته وأنا أدعو عليه وأسرعت عدوًا فقال لي على ما كنت فليكن عدوك‏.‏
فاستعذت وقلت ما بعثه الله إلا لهلاكي وإذا قطعة من خيل الروم قد بصرت به فوقع في نفسه أنه يسرع الجري فيسلم وأقتل فلما ضاق الطلق ما بينه وبين أقربهم منه عطف عليه كالعقاب وطعنه ففطره وتخلص الرمح منه ثم حمل على آخر فطعنه ومال على الثالث فانهزم منه فرجع إلي وقد بهت من فعله ورشاش دم الجرح يتطاير من قناع المغفر لشدة نفسه وقال لي يا فاعل يا صانع أتلقي الرمح ومعك مقاتل الريه‏.‏
انتهى اختصار السفر الثامن والحمد لله رب العالمين يتلوه في اختصار التاسع بعده ومن ترجمة القضاة ومن السفر التاسع من ترجمة القضاة مؤمل بن رجاء بن عكرمة بن رجاء العقيلي من إلبيرة حاله كان شيخًا مضعوفًا يغلب عليه البله من أهل التعين والحسب والأصالة عريقًا في القضاء قاض ابن قاض ابن قاض‏.‏
ولى قضاء إلبيرة للأمير محمد‏.‏
من حكاياته‏:‏ رفعت إليه امرأة كتاب صداقها فقال الصداق مفسوخ وأنتما على حرام فافترقا فرق الله بينكما‏.‏
ثم رمى بالصداق إلى من حوله وقال عجبًا لمن يدعي فقهًا ولا يعلمه أو يزعم أنه بوثق ولا يتقنه مثل أبي فلان وهو في المجلس يكتب هذا الصداق وهو مفسوخ ما أحقه أن يغرم ما فيه‏.‏
فدار الصداق على يدي كل من حضر وكل يقول ما أرى موضع فسخ فقال أنتم أجهل من كاتبه لكني أعذركم لأن كل واحد منكم يستر على صاحبه خطأه أنظروا وأمنحكم اليوم فنظروا فلم يجدوا شيئًا يوجب فسخًا‏.‏
فدنا منه محمد ابن فطيس الفقيه فقال أصلح الله القاضي إن الله منحك من العلم والفهم ما نحن مقرون بالعجز عنه فأفدنا هذه الفايدة فقال ادن فدنا منه فقال أو ليس في الصداق ‏"‏ ولا يمنعها زيارة ذوي محارمها ولا يمنعهم زيارتها بالمعروف ‏"‏ ولولا معرفتي بمحبتك ما أعلمتك‏.‏
فشكره الشيخ‏.‏
وأخذ بطرف لحيته يجره إليه حتى قبلها‏.‏
وكان عظيم اللحية طويلها شيمة أهل هذه الطبقة‏.‏
قال ابن فطيس أنا المخصوص بالفايدة ولا أعرف بها إلا من تأذن بتعريفه إياها فتبسم القاضي معجبًا بما رأى وشفعوا إليه أن لا يفسخ الصداق وقيل للزوجين لا تطلبا به عنده شيئًا‏.‏
وولى قضاء جيان‏.‏
ومن الطاربين والغربا المهلب بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي من أهل ألمرية يكنى أبا القاسم‏.‏
حاله كان من أدهى الناس وأنصحهم ومن أهل التعين والعناية التامة واستقضى بألمرية‏.‏
مشيخته تواليفه‏:‏ ألف كتابًا في شرح البخاري أخذه الناس عنه‏.‏
وفاته‏:‏ توفي سنة ست وثلاثين وأربعمائة‏.‏
وقيل سنة‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:22 AM

ومن ترجمة الكتاب والشعراء وهم الأصليون مالك بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن الفرج بن أزرق بن سعد بن سالم بن الفرج المنزل بوادي الحجارة بمدينة الفرج المنسوبة إليه الآن‏.‏
قالا ابن عبد الملك كذا كتب لي بخطه بسبتة وهو مصمودي ثم شصادى مولى بني مخزوم ما لقي سكن سبتة طويلًا ثم مدينة فاس ثم عاد إلى سبيتة مرة أخرى وبآخرة فاس يكنى أبا الحكم وأبا المجد والأولى أشهر ويعرف بابن المرحل وصف جرى على جده على بن عبد الرحمن لما رحل من شنتمرية حين إسلامها للروم عام خمسة وستين وخمسماية‏.‏
حاله قال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير شاعر رقيق مطبوع متقدم سريع البديهة رشيق الأغراض ذاكر للأدب واللغة‏.‏
تحرف مدة بصناعة التوثيق ببلده وولى القضاء مرات بجهات غرناطة وغيرها‏.‏
وكان حسن الكتابة إذا كتب والشعر أغلب عليه‏.‏
وذكره ابن خلاد وابن عبد الملك فأما ابن عبد الملك فلم يستوف له ما استوفى لغيره‏.‏
وأما ابن خلاد فقصر به إذ قال كانت نشأته بمالقة بلده وقرارة مولده في ناسها ووسط أجناسها لم يتميز بحسب ولم بتقدم في ميدان نسب وإنما أنهضه أدبه وشعره وعوضه بالظهور من الخمول نظمه ونثره فطلع في جبين زمانه غرة منيرة ونصع في سلك فصحاء أوانه درة خطيرة وحاز من جيله رتبة التقديم وامتاز في رعيله بإدراك كل معنى وسيم‏.‏
والإنصاف فيه منا ثبت لي في بعض التقييدات وهو الشيخ المسن المعمر الفقيه شاعر المغرب وأديب صقعه وحامل الراية المعلم بالشهرة المثل في الإكثار الجامع بين سهولة الفظ وسلاسة المعنى وإفادة التوليد وإحكام الاختراع وانقياد القريحة واسترسال الطبع والنفاذ في الأغرض‏.‏
استعان على ذلك بالعلم بالمقاصد اللسانية لغة وبيانًا وعربية وعروضًا وحفظًا واضطلاعًا إلى نفوذ الذهن وشدة الإدراك وقوة العارضة والتبريز في ميدان اللوذعية والقحة والمجانة والمؤيد ذلك بخفة الروح وذكاء الطبع وحرارة النادرة وحلاوة الدعابة يقوم على الأغربة والأخبار ويشارك في الفقه ويتقدم في حفظ اللغة ويقوم على الفرايض‏.‏
وتولى القضاء‏.‏
وكتب عن الأمراء وخدم واسترفد وكان مقصودًا من رواة العلم والشعر وطلاب الملح وملتمسي الفوايد لسعة الذرع وانفساح المعرفة وعلو السن وطيب المجالسة مهيبًا مخطوب السلامة مرهوبًا على الأعراض في شدقه شفرته وناره فلا يتعرض إليه أحد بنقد أو أشار إلى قناته بغمز إلا وناط به آبدة تركته في المثلات ولذلك بخس وزنه واقتحم حماه وساءت بمحاسنه القالة رحمه الله وتجاوز عنه‏.‏
تلا بالسبع على أبي جعفر بن علي الفخار وأخذ عنه بمالقة وعن غيره‏.‏
وصحب وجالس من أهلها أبا بكر عبد الرحمن بن علي بن دحمان وأبا عبد الله إلاستجي وابن عسكر وأبا عمرو بن سالم وأبا النعيم رضوان بن خالد وانتفع بهم في الطريقة‏.‏
وبفاس أبا زيد اليرناسني الفقيه‏.‏
ولقى بإشبيلية أبا الحسن بن الدباغ وأبا علي الشلوبين وأبا القاسم بن بقى وأجازوا له‏.‏
وروى عنه أبو جعفر بن الزبير والقاضي أبو عبد الله بن عبد الملك وجماعة‏.‏
دخوله غرناطة قال ابن الزبير تكرر قدومه علينا بغرناطة وآخر انفصالاته عنها آخر سنة أربع وسبعين وستماية وقال لي حفيده أبو الحسين التلمساني من شيوخنا أنشد السلطان الغالب بالله بمجلسه للناس من المقصورة بإزاء الحمراء قبل بناء الحمراء‏.‏
وقال غيره أقام بغرناطة وعقد بها الشروط مدة‏.‏
وقال لي سيخنا أبو الحسن الجياب ولي القضاء بجهات من البشارات وشكى للسلطان بضعف الولاية فأضاف إليه حصن أشكر يانتشر وأمر أن يهمل هذا الاسم ولا يشكل فقال أبو الحكم رحمه الله عند وقوفه عليه قال لي السلطان في تصحيف هذا الاسم ‏"‏ أشكر يا تيس ‏"‏ وهي من المقاصد النبيلة‏.‏
وهي كثيرة متعددة منها شعره والذي دون منه أنواع‏.‏
فمنهمختاره وسماه بالجولات‏.‏
ومنه الصدور والمطالع‏.‏
وله العشريات والنبويات على حروف المعجم والتزام افتتاح بيوتها بحرف الروى وسماها الوسيلة الكبرى المرجو نفعها في الدنيا والأخرى‏.‏
وعشرياته الزهدية‏.‏
وأرجوزته المسماة سلك المنخل لمالك بن المرحل نظم فيها منخل أبي القاسم بن المغربي والقصيدة الطويلة المسماة بالواضحة والأرجوزة المسماة اللؤلؤ المرجان والموطأة لمالك‏.‏
والأرجوزة في العروض‏.‏
وكتابه في كان مإذا المسمى بالرمي بالحصا إلى ما يسق إحصاره من الأغراض النبيلة والمقاصد الأدبية‏.‏
شعره قال القاضي أبو عبد الله بن عبد الملك كان مكثرًا من النظم مجيدًا سريع البديهة مستغرق الفكرة في قرضه لا يفتر عنه حينا من ليل أو نهار‏.‏
شاهدت ذلك وأخبرني أنه دأبه وأنه لا يقدر على صرفه من خاطره وإخلاء باله من الخوض فيه حتى كان من كلامه في ذلك أنه مرض من الأمراض المزمنة واشتهر نظمه وذاع شعره فكلفت به ألسنة الخاصة والعامة وصار رأس مال المستمعين والمغنين وهجير الصادرين والواردين ووسيلة المكدين وطراز أوراد المؤذنين وبطايقة البطالين ونحن نجتزئ منه بنبذ من بعض الأغراض تدل على ما وراءها إن شاء الله‏.‏
فمن ذلك في غرض النسيب‏:‏ دنف تستر بالغرام طويلًا حتى تغير رقة ونحولا بسط الوصال فما تمكن جالسا حتى أقيم على البساط دليلا يا سادتي مإذا الجزا فديتكم الفضل لو غير الفتى ما قيلا قالوا تعاطى الصبر عن أحبابه لو كان يصبر للصدود قليلا ما ذاق إلا شربة من هجرنا وكأنه شرب الفرات شمولا أيقول عشت وقد تملكه الهوى لو قال مت لكان أقوم قيلا حلف الغرام بحبنا وجمالنا إن لم يدعه ميتًا فعليلا إن الجفون هي السيوف وإنما قطعتن فلم تسمع لهن صليلا قل للحبيب ولا أصرح باسمه مإذا الملال وما عهدت ملولا بين وبينك ذمة مرعية أتراك تقطع حبلها الموصولا ولكم شربت صفا ودك خالصًا ولبست ظلا من رضاك ظليلا فيا غصن بان بان عني ظله عند الهجير فما وجدت مقيلا فارقته فتقطعت أفلاذه شوقًا وما ألفى إليك سبيلا لو لم يكن منك التغير لم يسل بالناس لو حشروا إليه قبيلا يا راحلًا عني بقلب مغضب أيطيق قلبي غضبة ورحيلا قل للصبا هيجت أشجان الصبا فوجدت يا ريح القبول قبولا هل لي رسول في الرياح فاز من فارقته بعث النسيم رسولا يا ليت شعري أين قر قراره يا قلب ويك أما وجدت دليلا إن لم يعد ذاك الوصال كعهدنا نكلت عيني بالبكا تنكيلا وقال نسيبًا ومدحًا‏:‏ أعدى على هواه خصم جفونه مالي به قبل ولا بفنونه إن لم تجرني منه رحمة قلبه من ذا يجير عليه ملك يمينه صاب من الأتراك أصبى مهجتي فعبدت نور الحسن فوق جبينه متمكن في الحسن نون صدغه فتبين التمكين في تنوينه تنساب عقرب صدغه في جنة لم يجن منها الصب غير منونه ولوى ضفيرته فولى مدبرًا فعل الكلم ارتاع من تبينه ورجوت لمن قوامه لو لم يكن كالرمح شدة طعنه في لينه شاكي السلاح وما الذي في جفنه أعدى على من الذي يجفونه ناديته لما ندت لي سينه وشعرت من لفظ السلام بسينه رحماك في دنف غدا وحياته مماته وحراكه كسكوته إن لم تمن علي منة راحم فمناه أن يلقاه ريب منونه ولذا أبيت سوى سمات عدوه فأمانه من ذاك ظهر أمونه سننيخها في باب أروع ماجد فيرى محل الفصل حق يقينه حيث المعارف والعوارف والعلا في حد مجد جامع لفنونه بدر وفي الحسن بن أحمد التقت نجب مررن على العطا بركوبه تبغي مناها في مناها عنده وتطوف بالحاجات عند حجونه فرع من الأصل اليماني طيب ورث البيان وزاد في تبيينه يبدى البشاشة في أسرة وجهه طورًا ويحمى العز في عرنينه بسطت شمايله للزمان كمثل ما بسط الغنا نفوسنا بلحونه يثنى عليه كل فعل ساير كالمسك إذ يثنى على دارينه هو الحبيب قضى بالجور أم عدلا لبي الخيار وأما في هواه فلا تالله ما قصر العذال في عذلي لكن أبت أذني أن تسمع العذلا أما السلو فشيء لست أعرفه كفى بخلك غدرًا أن يقال سلا جفون غيري أصحت بعد ما قطرت وقلب غيري صحا من بعد ما ثملا وغصن بان تثنى من معاطفه سقيته الدمع حتى أثمر العذلا آثره نسيم الشعر آونة فكلما مال من أعطافه اعتدلا أملت والهمة العلياء طامحة وليس في الناس إلا آمل أملا وقال إيهًا طفيلي ومقترح ألست عبدي ومملوكي فقلت بلا ما من تحدث عن حسنى وعن كلفي بحسنه وبحبي فأضرب المثلا نيطت خدي خوف القبض من ملكه إذا أشار بأدنى لحظه قتلا تقبل الأرض أعضائي وتخدمه إذا تجلى بظهر الغيب واتصلا يا من له دولة في الحسن باهرة مثلي ومثل فؤادي يخدم الدولا ومن نظمه في عروض يخرج من دوبيتي مجزوًا مقصرا قوله‏:‏ وملحه في اختراع الأعاريض كثيرة‏:‏ الصب إلى الجمال مايل والحب لصدقه دلايل والحسن على القلوب وال والقلب إلى الحبيب وايل لو ساعد من أحب سعد ما حال من الحبيب حايل يا عاذلي إليك عني لاتقرب ساحتي العواذل ما نازلني كمثل ظبي يشفى بلحظة المنازل ما بين دفونه حسام مخارقه له حمايل والسيف يبت ثم ينبو واللحظ يطبق المفاصل والسهم يصيب ثم يخطي واللحظ يمر في المقاتل مهلًا فدمي له حلال ما أقبل فيه قول قايل إن صدني فذاك قصدي أو جدلني فلا أجادل يا حسن طلوعه علينا والسكر بمعطفيه مايل ظمآن مخفف الأعالي ريان مثقل الأسافل قد ثم به شذا الغوالي إذ هب ونمت الغلايل والطيب منبه عليه من كان عن العيان غافل والغنج محرك إليه من كان مسكن البلابل والروض يعير وجنتيه وردًا كهواى غير حايل واللين يهز معطفيه كالغصن تهزه الشمايل والكاس تلوح في يديه كالنجم بأسعد المنازل يسقيك بريقه مداما ما أملح ساقيًا مواصل يسبيك برقة الحواشي عشقًا ولكافة الشمايل ما أحسن ما وجدت خدًا إذ نجم صباى غير آفل ومن مستحسن نزعاته‏:‏ يا راحلين وبي من قربهم أمل لو أغنت الحليتان لي القول والعمل سرتم وسار اشتياقي بعدكم مثلًا من دونه السامران الشعر والمثل وظل يعذلني في حبكم نفر لا كانت المحنتان الحب والعذل عطفًا علينا ولا تبغوا بنا بدلًا فما استوى التابعان العطف والعمل قد ذقت فضلكم دهرًا فلا وأبى ما طاب لي الأحمران الخمر والعسل وقد هرمت أسى من هجركم وجوى وشب مني اثنتان الحرص والأمل غدرتم أو مللتم يا ذوي ثقتي لبيست الخصلتان الغدر والملل لم أنس يوم ما نادوا للرحيل ضحى وقرب المركبان الطرف والجمل وأشرقت بهواديهم هوادجهم ولاحت الزينتان الحلى والحلل وودعوني بأجفان ممرضة تغضها الرقبتان الخوف والخجل كم عفروا بين أيدي العيس من بطل أصابه المضنيان الغنج والكحل دارت عليهم كؤوس الحب مترعة وأبا المسكران الخمر والمقل وآخرين اشتفوا منهم بضمهم يا حبذا الشافيان الضم والقبل كأنما الروض منهم روضة أنف يزهى بها المثبتان السهل والجبل من المسترق الروابي والوهاد بهم ما راقه المعجبان الخصر والكفل يا حادي العيس خذني مأخذًا حسنًا لا يستوي الضدان الريث والعجل لم يبقى لي غير ذكر أو بكا طلل لو ينفع الباقيان الذكر والطلل يا ليت شعري ولا أنس ولا جذل هل يرفع الطيبان الأنس والجذل ومن قوله على لسان ألثغ ينطق بالسين ثاء ويقرأ بالرويين‏:‏ عمرت ربع الهوى بقلب لقوة الحب غير ناكس ث لبثت فيه أجر ذيل النحول أحبب به للابس ث أما حديث الهوى فحق يصرف بلواه كل حادس ث تعبت بالشوق في حبيب أنا به ما حييت بايس ث يختال كالغثن ماس فيه طرف فأزرى كل مايس ث دنيا ندت لكل وأي فهو لدنياه أي حارس ث يلعب بالعاشقين طرًا والكل راضون وهو عابس ث ومن شعره في الزهد يصف الدنيا بالغرور والحذايح والزور‏:‏ يا خاطب الدنيا طلبت غرورًا وقبلت من تلك المحاسن زورا دنياك إما فتنة أو محنةوأراك في كلتيهما مقهورا وأرى السنين تمر عنك سريعة حتى لأحسبهن صرن شهورا بينا ثريك أهلة في أفقها أبصرتها في إثر ذاك بدورا كانت قسيًا ثم صرن دوايرا لا بد أن ترمى الورى وتدورا يأتي الظلام فما يسود رقعة حتى ترى مسطورها منشورا فإذا الصباح أتى ومد رادءه نقض المساء رداء المنثورا يتعاقبان عليك هذا ناشر مسكًا وهذا ناشر كافورا أمسى على فوديك من لونيهما سمة تسوم كآبة وبسورا حتى متى لا ترعوى وإلى متى أو ما لقبت من المشيب نذيرا أخشى عليك من الذنوب فربما تلفى الصغير من الذنوب كبيرا فانظر لنفسك إنني لك ناصح واستغفر المولى تجده غفورا من قبل ضجعتك التي تلقى لها خد الصغار على التراب حقيرا وقال في المنى المذكور‏:‏ إشف الوجد ما أبكى العيونا وأشفى الدمع ما نكأ الجفونا فيا ابن الأربعين اركب سفينًا من التقوى فقد عمرت حينا ونح إن كنت من أصحاب نوح لكي تنجو نجاة الأربعينا بدا الشيب في فوديك رقم فيا أهل الرقيم أتسمعونا لأنتم أهل كهف قد ضربنا على إذانهم فيه سنينا رأيت الشيب يجري في سواد بياضًا لا كعقل الكاتبينا وقد يجري السواد على بياض فكأن الحسن فيه مستبينا فهذا العكس يوذن بانعكاس وقد أشعرتم لو تشعرونا نذير جاءكم عريان يعدو وأنتم تضحكون وتلعبونا أخي إلى متى هذا التصابي جننت بهذه الدنيا جنونا هي الدنيا وإن وصلت وبرت فكم قطعت وكم تركت بنينا فلا تخدعنك أيام تليها ليال واخشها بيضًا وجونا فذاك إذا نظرت سلاح دنيا تعيد حراك ساكنها سكونا وبين يديك يوم أي يوم يدينك فيه رب الناس دينا فإما دار عز ليس يفنى وإما دار هون لن يهونا فطوبى في غد للمتقينا وويل في غد للمجرمينا وآه ثم آه ثم آه على نفسي أكررها مئينا أخي سمعت هذا الوعظ أم لا ألا ليتني في السامعينا إذا ما الوعظ لم يورد بصدق فلا خسر كخسر الواعظينا وقال يتشوق إلى بيت الله الحرام ويمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ شوق كما رفعت نار على علم تشب بين فروع الضال والسلم ألفه بضلوعي وهو يحرقها حتى براني بريًا ليس بالقلم دع للحبيب ذمامي واحتمل رمقي فليس ذا قدم من ليس ذا قدم يا أهل طيبة طاب العيش عندكم جلورتم خير مبعوث إلى الأمم عاينتم جنة الفردوس من كثب في مهبط الوحي والآيات والحكم لنتركن بها الأوطان خالية ونسلكن لها البيداء في الظلم ركابنا تحمل الأوزار مثقلة إلى محط خطايا العرب والعجم ذنوبنا يا رسول الله قد كثرت وقد أتيناك فاستغفر لمجترم ذنب يليه على تكراره ندم فقد مضى العمر في ذنب وفي ندم نبكي فتشغلنا الدنيا فتضحنكا ولو صدقنا البكا شبنا دمًا بدم يا ركب مصر رويدًا يلتحق بكم قوم مغاربة لحم على وضم فيهم عبيد تسوق العيس زفرته لم يلق مولاه قد ناداه في النسم يبغي إليه شفيعًا لا نظير له في الفضل والمجد والعلياء والكرم ذاك الحبيب الذي ترجى شفاعته محمد خير خلق الله كلهم ذاك الحبيب الذي ترجى شفاعته محمد خير خلق الله كلهم صلى عليه إله الخلق ما طلعت شمس وما رفعت نار على علم ومن مقطوعاته العجيبة في شتى الأغراض وهي نقطة من قطر وبلالة من بحر قوله مما يكتب ومن مقطوعاته العجيبة في شتى الأغراض وهي نقطة من قطر وبلالة من بحر قوله مما يكتب على حمالة سيف وقد كلف بذلك غيره من الشعراء بسبتة‏.‏
فلما رآها أخفى كل منظومه وزعم أنه لم يأت بشيء وهو المخترع المرقص‏:‏ جماله كرياض جاورت نهرا فأنبتت شجرًا راقت أزاهرها كحية الماء عامت فيه وانصرفت فغاب أولها فيه وآخرها وقوله وقد تناول الرئيس ابن خلاص بيده مقصًا فأدمى يده فأنشده‏:‏ عداوة لا لكفك من قد نم فلا تعجب لقراض لئيم لئن أدماك فهو لها شبيه وقد يسطو اللئيم على الكريم وقوله في الخضاب‏:‏ سترت مشيبي بالخضاب تعللا فلم يحظ فشيب وراب خضابي كأني وقد زورت لونا على الصبا أعنون طرسًا ليس فيه كتاب غراب خضاب لم يقف من حذاره وأغرب شيء في الحذار غراب وقوله وهو من البديع المخترع‏:‏ لا بد من ميل إلى جهة فلا تنكر على الرجل الكريم مميلا وقوله وهو معنى قد قيل فيه‏:‏ لا تعجبوا للمرء يجهل قدره أبدًا ويعرف غيره فيصير فالعين تبصر غيرها مع بعده ولكن نفسها لا تبصر وقوله‏:‏ أرى المتعلمين عليك أعداء إذا أعلمتهم من كل عاد فما عند الصغير سوى عقوق ولا عند الكبير سوى عناد وقوله في وصفه ذي الجاه‏:‏ يضع الناس صاحب الجاه فيهم كل يوم في كفة الميزان إن رأوه يومًا ترجح وزنًا ضاعفوا البر فهو ذو رجحان أو رأوا منه نقض حبة وزن ما كسوه في حبة الجلجلان وأنشدنا عنه غير واحد من شيوخنا وقد بلغ الثمانين‏:‏ يا أيها الشيخ الذي عمره قد زاد عشرًا بعد سبعينا سكرت من أكؤس خمر الصبا فحدك الدهر ثمانينا خانته بعد وفايها أعضاؤه فغدا قعيدًا لا يطيق تصرفا هرمًا غريبا ما لديه مؤانس إلا حديث محمد والمصطفى وكتب إلى القاضي أبى الحجاج الطرسوني في مراجعة‏:‏ يا سيدي شاكركم مالك قد صيرت ميم اسمه هاء ومن يعش خمسًا وتسعين قد أنهى في التعمير إنهاء ومن نظمه في عرس صنعها بسبتة على طريقه في المجانة‏:‏ الله أكبر في منار الجامع من سبتة تاذين عبد خاشع الله أكبر للصلاة أقيمها بين الصفوف من البلاط الواسع الله أكبر محرمًا وموجهًا ودبرة إلى ربي بقلب خاضع الحمد لله السلام عليكم آمين لا تفتح لكل مخادع إن النساء خدعنني ومكرن بي وملأن من ذكر النساء مسامع حتى وقعت وما وقعت بجانب لكن على رأس لأمر واقع والله ما كانت إليه ضرورة لكن أمر الله دون مدافع خودًا لها شعر أثيث حالككالليل تجلى عن صباح ساطع حوراء يرتاع الغزال إذا رنت بجفون خشف في الخمايل رافع تتلو الكتاب بغنة وفصاحة فيميل نحو الذكر قلب السامع بسامة عن لؤلؤ متناسق في ثغرها في نظمه متتابع أنفاسها كالراح فض ختامها من بعد ما ختمت بمسك رائع شماء دون تفاوت عربية ببسالة وشجاعة ومنازع غيداء كالغصن الرطيب إذا مشت ناءت بردف للتعجل مانع تخطو على رجلي حمامة أيكة مخضوبة تسبى فؤاد السامع ووصفن لي من حسنها وجمالها ما البعض منه يقيم عذر الخالع فدنوت واستامنت بعد توحشي وأطاع قلب لم يكن بمطاوع فحملنني نحو الولي وجئنني بالشاهدين وجلد كبش واسع وبعرفه من نافع لتعادل والله عز وجل ليس بنافع واصنع لها عرسًا ولا تحوج إلى قاض عليك ولا وكيل رافع وقرعتن سني عند ذاك ندامة ما كنت لولا خدعت بقارع ولزمتني حتى انفصلت بموعد بعد اليمين إلى النهار الرابع فلو أنني طلقت كنت موفقًا ونفضت من ذاك النكاح أصابع لكن طمعت بأن أرى الحسن الذي زورن لي فذممت سوء مطامع فنظرت في أمر البناء معجلا وصنعت عرسًا يا لها من صانع وطمعت بأن تجلى ويبصر وجهها ويقر عيني بالهلال الطالع وظننت ذاك كما ذكرن ولم يكن وحصلت أيضًا في مقام الفازع وحملنني ليلًا إلى دار لها في موضع عن كل خير سامع دار خراب في مكان توحش ما بين آثار هناك بلاقع فقعدت في بيت صغير مظلم لا شيء فيه سوى حصير الجامع فسمعت حسًا عن شمالي منكرًا وتنحنحًا يحكى نقيق ضفادع وأشرن لي نجو السما وقلن لي هذي زويبعة وبنت زوابع هذي خليلتك التي زوجتها فاجلس هنا معها ليوم سابع وبتنا النعمى التي خولتها فلقد حصلت على رياض يانع فنظرت نحو خليلتي متأملا فوجدتها محجوبة ببراقع وأتيتها وأردت نزع خمارها فغدت تدافعني بجد وازع فوجلتها في صدرها وحذوته وكشفت هامتها بغيظ صارع فوجدتها قرعاء تحسب أنها مقروعة في رأسها بمقارع حولاء تنظر فوقها في ساقها فتخالها مبهوتة في الشارع فطساء تحسب أن روثة أنفها قطعت فلا شلت يمين القاطع صماء تدعى بالبريح وتارة بالطبل أو تؤتى لها بمقامع بكماء إن رامت كلاما صوتت تصويت معزى نحو جدي راضع فقماء إن تلتقي أسنانها تقسو إذا نطقت فساء الشابع حتى إذا لاح الصباح وفتحوا باب المدينة كنت أول كاسع والله مالي بعد ذاك بأمرها علم ولا بأمور بيتي الضايع نثره وفضل الناس نظمه على نثره ونحن نسلم ذلك من باب الكثرة لا من باب الإجادة‏.‏
وهذه الرسالة معلمة بالشهادة بحول الله‏.‏


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:25 AM

كتب إلى الشيخين الفقيهين الأديبين البليغين أبي بكر بن يوسف بن الفخار وأبي القاسم خلف بن عبد العزيز القبتوري‏:‏ لله دركما حليفي صفاء وأليفى وفاء يتنازعان كأس المودة تنازع الأكفاء ويتهاديان ريحان التحية بهادي الظرفاء‏.‏
قسيمى نسب وقريعى حسب يتجاوزان بمطبوع من الأدب ومكتسب ويتواردان على علم من الظرف ونسب رضيعى لبان ذريعى لبان يحرزان ميراث قس وسحبان ويبرزان من الذكاء ما بان على أبان قسيمي مجال فصيحى روية وارتجال يترعان في أشطان البلاغة سجالًا بعد سجال ويصرعان في ميدان الفصاحة رجالًا على رجال‏.‏
ما بالكما لا حرمت حبالكما ولا قصمت نبالكما لم تسمحا لي من عقودكما بدرء ولم ترشحاني من نقودكما بدرة ولم تفسحا لي بحلوة ولا مرة‏.‏
لقد ابتليت من أدبكما بنهر أقربه ولا أشربه وما أراده ولا أتبرده‏.‏
ولو كنت من أصحاب طالوت لا فسحت لي غرفة وأتيحت لي ترفة‏.‏
بل لو كنت من الإبل ذوات الأظماء ما جليت بعد الظماء عن الماء‏.‏
ولا دخلت بالإشفاق مدخل العجماء‏.‏
كيف وأنا و لا فخر في صورة إنسان ناطق بلسان‏.‏
أفرق بين الإساءة والإحسان‏.‏
وإن قلت إن باعي في النظم قصير وما لي على النثر ولي ولا نصير وصنعة النحو عني بمعزل ومنزل الفقيه ليس لي بمنزل ولم أقدم على العلم القديم ولا استأثرت من أهله بنديم‏.‏
فأنا والحمد لله غني بصنعة الجفر وأقتني اليراع كأنها شبابيك التبر وأبرى البرية المغا تنيف على الشبر وأزين خدود الأسطار المستوية بعقارب اللامات الملتوية ولا أقول كأنها فلا ينكر السيدان أعزهما الله أنها نعم بعود أزاعم وبمثل شكسى تحضر الملاحم‏.‏
فما هذا الازدراء والاجتراء في هذا الأمر مر المواقير‏.‏
تالله لقد ظلمتماني على علم واستندتما إلى غير حلم أما رهبتما شبابي أما رغبتما في حسابي أما رفعتما بين نفح صبابي ولفح صبابي‏.‏
لعمري لقد ركبتما خطرًا وهجتما الأسد بطرًا وأبحتما حمى محتضرًا ولم تمعنا في هذا الأمر نظرًا‏.‏
أعد نظرًا يا عبد قيس لعلما أضاءت لك النار الحمار المقيدا ونفسي عين الحمار في هذا المضمار لا أعرف قبيلا من دبير ولا أفرق بحسي بين صغير وكبير ولا أعهد أن حصاة الرمى أخف من ثبير أليس في ذوي كبد رطبة أجر وفي معاملة أهل التقوى والمغفرة تجر وإذا خولتماني نعمة أو نفلتماني نفلًا فاليد العليا خير من اليد السفلى وما نقص مال من صدقة ولا جمال من لمح حدقة والعلم يزيد بالإنفاق وكنمه حرام باتفاق فإن قلتما لي إن فهمك سقيم وعوجك على الرياضة لا يستقيم فلعل الذي نصب قامتي يمن باستقامتي وعسى الذي يشق سمعي وبصري أن يزيل عي وحصرى فأعي ما تقصان وأجتلي ما تنصان وأجني ثمار تلك الأغصان فقد شاهدتما كثيرًا من الحيوان يناغي فتتعلم ويلقن فيتكلم‏.‏
هذا والجنس غير الجنس فكيف المشارك في نوعية الإنس فإن قلنا إن ذلك يشق فأين الحق الذي يحق والمشقة أخت المروة وينعكس مساق هذه الأخوة فيقال المروة أخت المروة وينعكس مساق هذه الأخوة فيقال المروة أخت المشقة والحجيج يصبر على بعد الشقة ولولا المشقة كثر السادة وقلت الحسادة فما ضشركما أيها السيدان أن تحسبا تحويجي وتكتسبا الأجر في تدريجي فإنكما إن فعلتما ذلك نسبت إلي ولايكما كما حسبت على علايكما وأضفت إلى نديكما كما عرفت بمنتداكما‏.‏
ألم تعلما أن المرء يعرف بخليله ويقاس به في كثيره وقليله ولعلى أمتحن في مرام ويعجم عودي رام فيقول هذا العود من تلك الأعواد‏.‏
وما في الحلبة من جواد فأكسو كما عارًا وأكون عليكما شعارًا‏.‏
على أني إذا دعيت باسمكما استربت من الإدعاء فلا أستجيب لهذا الدعاء ولكن أقول كما قال ابن أبي سفيان حين عرف الإدارة وأنكر الإمارة نعم أخوتي أصح وأنها بها أشح إلا أن غيري نظم في المسلك وأسهم في الملك وأنا بينكما كالمحجوب بين طلاب يشاركهم في البكا لا في التراث إن حضرت فكنتم في الإقحام أو لمقعد في زحام وإن غبت فيقضى الأمر وقد سطر زيد وعمرو‏.‏
ناشدتكما الله في الإنصاف أن تربعا بواد من أودية الشحر‏.‏
في ناد من أندية الشعر بل السحر حيث تندرج الأنهار وتتأرج الأزهار ويتبرج الليل والنهار ويقرأ الطير صحفًا منتشرة ويجلو النور ثغورا مؤشرة يغازل عيون النرجس الوجل دود الورد الخجل‏.‏
وتتمايل أعطاف البان على أرداف الكثبان فيرقد النسيم العليل في حجر الروض وهو بليل وتبرز هوادج الراح على الراح وقد هديت بأقمار وحديت بأزهار ومزمار وركبتها الصبا والكميت في ذلك المضمار ولم تزالا في طيب وعيش رطيب من قباب وخدور وشموس وبدور تصلان الليالي والأيام أعجازًا بصدور وأنا الطريد منبوذ بالعراء موقوذ في جهة الوراء لا يدني محلي ولا يعتني بعقدي ولا حلى ولا أدرج من الحرور إلى الظل ولا أخرج من الحرام إلى الحل ولا يبعث إلي مع النسيم هبة ولا يتاح لي من الآتي عبه‏.‏
قد هلكت لغوًا ولم تقيما لي صفوًا ومت كمدًا ولم تبعثا لبعثي أمدًا‏.‏
أتراه خلفتماني جرضًا وألقيتماني حرضًا كم أستسقى فلا أسقى وأسترقى فلا أرقى لا ماء أشربه ولا عمل في وصلكما أدربه‏.‏
لم يبق لي حيلة إلا الدعاء المجاب فعسى الكرب أن ينجاب‏.‏
اللهم كما أمددت هذين السيدين بالعلم الذي هو جمال وسددتهما إلى العمل الذي هو كمال وجمعت فيهما الفضايل والمكارم وختمت بهما الأفاضل والمكارم وجعلت الأدب الصريح أقل خصالهما والنظر الصحيح أقلب نصالهما فاجعل اللهم لي في قلوبهما رحمة وحنانًا وابسط لي منهما وجهًا واشرح لي جنانًا واجعلني اللهم ممن اقتدى بهما وتعلق بأهدابهما وكان دأبه في الصالحات كدأبهما حتى أكون بهما ثالث القمرين في الآيات وثالث العمرين في عمل البر وطول الحياة اللهم آمين وصلى الله على محمد خاتم النبيين‏.‏
وكأني أنظر إلى سيدي أعزهما الله إذا وقفا على هذا الخطاب ونظرا إلى هذا الاحتطاب كيف يديران رمزًا ويسيران غمزًا ويقال استتب الفصال وتعاطى البيذق ما تفعل النصال وحن جذع ليس منهما وخذ عجفاءك وسمنها فأقول وطرفي غضيض ومحلي الحضيض مثلي كمثل الفروج أو ثاني البروج وما تقاس الأكف بالسروج فأضربا عني أيها الفاضلان ما أنا ممن تناضلان والسلام‏.‏
مولده قال شيخنا الفقيه أبو عبد الله بن القاضي المتبحر العالم أبي عبد الله ابن عبد الملك سألته عن مولده فأنشدني‏:‏ يا سايلي عن مولدي ك أذكره ولدت يوم سبعة وعشرة من المحرم افتتاح أربع من بعد ستماية مفسرة وفاته في التاسع عشر لرجب عام تسعة وتسعين وستماية ودفن بمقبرة فاس وأمر أن يكتب على قبره‏:‏ زر غريبا بمقره نازحا ماله ول تركوه موسدًا بين ترب وجندل ولتقل عند قبره بلسان التدلل يرحم الله عبده مالك بن المرحل ومن طارئي المقريين والعلماء منصور بن علي بن عبد الله الزواوي صاحبنا يكنى أبا علي حاله هذا الرجل طرف في الخير والسلامة وحسن العهد والصون والطهارة والعفة قليل التصنع مؤثرر للاقتصاد منقبض عن الناس مكفوف اللسان واليد مشتغل بشأنه عاكف على ما يعنيه مستقيم الظاهر ساذج الباطن منصف في المذاكرة موجب لحق الخصم حريص على الإفادة والاستفادة مثار على تعلم العلم وتعليمه غير أنف عن حمله عمن دونهن جملة من جمل السذاجة والرجولة وحسن المعاملة صدر من صدور الطلبة له مشاركة حسنة في كثير من العلوم العقلية والنقلة واطلاع تقييد ونظر في الأصول والمنطق وعلم الكلام ودعوى في الحساب والهندسة والآلات‏.‏
يكتب الشعر فلا يعدو الإجادة والسداد‏.‏
قدم الأندلس في عام ثلاثة وخمسين وسبعماية فلقى رحبًا وعرف قدره فتقدم مقرئا بالمدرسة تحت جراية نبيهة وحلق للناس متكلمًا على الفروع الفقهية والتفسير‏.‏
وتصدر للفتيا وحضر بالدار السلطانية مع مثله‏.‏
جربت وصحبته فبلوت منه دينًا ونصفة وحسن عشرة‏.‏
امتحن في هذا العهد الأخير بمطالبة شرعية لمتوقف صدر عنه لما جمع الفقهاء للنظر في ثبوت عقد على رجل نال من جانب الله والنبوة وشك في القول بتكفيره فقال القوم بإشراكه في التفكير ولطخه بالعاب الكبير إذ كان كثير المشاحة لجماعتهم فأجلت الحال عن صرفه عن الأندلس في أواخر شعبان عام خمسة وستين وسبعماية‏.‏
مشيخته طلبت منه تقييد مشيخته فكتب مما يدل على جودة القريحة ما نصه‏:‏ ‏"‏ يتفضل سيدي الأعلى الذي أهتدي بمصباحه وأعشو إلى غرره وأوضاحه جامع أشتات العلوم وفاتق الفهوم حامل راية البديع وصاحب آيات التورية فيه والترصيع نخبة البلغاء وفخر الجهابذة العلماء قايد جياد البلاغ من نواصيها وسايق شوارد الحكم من أقاصيها أبو عبد الله بن الخطيب أبقاه الله للقريض يقطف زهره ويجتني غرره وللبديع يطلع قمره وينظم درره وللأدب يحوك حلله ويجمع تفاصيله وجمله وللمعاني يجوس بجيوش البراعة خلالها ويفتتح بعوامل اليراعة أقفالها وللأسجاع يقرط الأسماع بفرايدها ويحلى النحور بقلايدها وللنظم يورد جياده أحلى الموارد ويجليها في مضمار البلاغة من غير معاند وللنثر يفترع أبكاره ويودعها أسراره ولساير العلوم يصوغها في مفرق الآداب تاجًا ويضعها في أسطر الطروس سراجا ولا زال ذا القلم الأعلى وبدر الوزارة الأوضح الأجلى ببقاء هذه الدولة المولوية والإمامة المحمدية كعبة لملوك الإسلام ومقصدًا للعلماء الأعلام‏.‏
ورضي عنهم خلفًا وسلفًا وبورك لنا فيهم وسطًا وطرفًا ولا زالت آمالنا بعلايهم منوطة وفي جاههم العريض مبسوطة بقول ما نبه عليه من كتب شيوخى المشاهير إليه فها أنا أذكر ما تيسر لي من ذلك بالاختصار إذ لا تفي بذكرهم وحلاهم المجلدات الكبار‏.‏
فمنهم مولاى الوالد علي بن عبد الله لقاه الله الروح والريحان وأوسعه الرضا والغفران‏.‏
قرأت عليه القرآن وبعض ما يتعلق به من الإعراب والضبط‏.‏
ثم بعثني إلى شيخنا المجتهد الإمام علم العلماء وقطب الفقها قدوة النظار وإمام الأمصار منصور بن أحمد المشدالي رحمه الله وقدس روحه فوجدته قد بلغ السن به غاية أوجبت جلوسه في داره إلا أنه يفيد بفوايده بعض زواره‏.‏
فقرأت من أوائل ابن الحاجب عليه لإشارة والدي بذلك إله وذلك أول محرم عام سبعة وعشرين وسبعماية‏.‏
واشتد الحصار ببجاية لسماعنا أن السلطان العبد الوادي ينزل علينا بنفسه فأمرني بالخروج رحمه الله فعاقني عايق عن الرجوع إله لأتمم قراءة ابن الحاجب عليه‏.‏
ثم مات رحمه الله عام أحد وثلاثين وسبعماية فخص مصابه البلاد وعم ولف ساير الطلبة وضم إلا أنه ملأ بجاية وأنظارها بالعلوم النظرية وقساها وأنظارها بالفهوم النقلية والعقلية فصار من طلبته شيخنا المعظم ومفيدنا المقدم أبو عبد الله محمد بن يحيى الباهلي المعروف بالمفسر رحمه الله بالطريقة الحاجبية والكتابة الشرعية والأدبية مع فضل السن وتقرير حسن إلى معارف تحلاها ومحاسن اشتمل حلاها‏.‏
واستمر في ذكر شيوخه على هذه الوتيرة من التزام السجع وتقرير الحلى فأجاد وتجاوز المعتاد فذكر منهم محمد بن يحيى الباهلي المذكور وأنه أخذ عنه جمله من العلوم فافرده بقراءة الإرشاد‏.‏
والأستاذ أبا علي بن حسن البجلي وقرأ عليه جملة من الحاصل وجملة من المعالم الدينية والفقهية والكتب المنطقية كالخونجي والآيات البينات‏.‏
والقاضي أبا عبد الله محمد بن أبي يوسف قاضي الجماعة ببجاية وأبا العباس أحمد بن عمران الساوي اليانيولي‏.‏
قال ثم ثنيت العنان بتوجهي إلى تلمسان راغبًا في علوم العربية والفهوم الهندسية والحسابية فأول من لقيت شيخنا الذي علمت في الدنيا جلالته وإمامته وعرفت في أقاصي البلاد سيادته وزعامته وذكر رئيس الكتاب العالم الفاضل أبا محمد عبد المهيمن الحضرمي والمحدث البقية أبا العباس بن يربوع والقاضي أبا إسحق بن أبي يحيى وقرأ شيئًا من مبادئ العربية على الأستاذ أبي عبد الله الرندي‏.‏
ولقى بالأندلس جلة‏.‏
فممن قرأ عليه إمام الصنعة العربية شيخنا أبو عبد الله بن الفخار الشيهر بالبيري ولازمه إلى حين وفاته وكتب له بالإجازة والإذن له في التحليق بوضع قعوده من المدرسة بعده‏.‏
وقاضى الجماعة الشريف أبو القاسم محمد بن أحمد الحسيني نسيج وحده ولازمه وأخذ عنه تواليفه وقرأ عليه تسهيل الفوايد لابن مالك وقيد عليه وروى عن شيخنا إمام البقية أبي البركات بن الحاج وعن الخطيب المحدث أبي جعفر الطنجالي‏.‏
وهو الآن بالحال الموصوفة أعانه الله وأمتع به‏.‏
شعره زرنا معًا والشيخ القاضي المتفنن أبو عبد الله المقري عند قدومه إلى الأندلس رباط العقاب‏.‏
واستنشدت القاشي‏.‏
وكتب لي يومئذ بخطه استنشدني الفقيه الوجيه الكامل ذو الوزارتين أبو عبد الله بن الخطيب أطال الله بقاه كما أطال ثناه وحفظ مهجته كما أحسن بهجته فأنشدته لنفسي‏:‏ لما رأيناك بعد الشيب يا رجل لا تستقيم وأمر النفس تمتثل زدنا يقينا بما كنا نصدقه عند المشيب يشب الحرص والأمل وكان ذلك بمسجد رابطة العقاب عقب صلاة الظهر من يوم الأحد التاسع والعشرين لشهر ربيع الآخر من عام سبعة وخمسين وسبعماية‏.‏
وكتب الشيخ الأستاذ أبو علي يقول‏:‏ منصور بن علي الزواوي في رابطة العقاب في كذا أجزت صاحبنا الفقيه المعظم أبا عبد الله بن الخطيب وأولاده الثلاثة عبد الله ومحمدًا وعليًا أسعدهم الله جميع ما يجوز لي وعني روايته وأنشدته قولي أخاطب بعض أصحابنا‏:‏ يحييك عن بعض المنازل صاحب صديق غدت تهدى إليك رسايله مقدمة حفظ الوداد وسيلة ولا ود إلا أن تصح وسائله يسايل عنك الدارين ولم يكن تغيب لبعد الدار عنك مسايله وكتبت له قبل هذا مما أنشدته عند قدومي على غرناطة‏:‏ يا من وجدناه لفظا حقيقة في المعالي مقدمات علاكم أنتجن كل كمال وكل نظم قياس خلوت منه فخال وهو من لدن أزعج عن الأندلس كما تقدم ذكره مقيم بتلمسان على ما كان عليه من الإقراء والتدريس‏.‏
مسلم بن سعيد التنملي حاله كان غير نبيه الأبوة‏.‏
ظهر في دولة السلطان أمير المسلمين ثاني الملوك من بني نصر بمزيد كفاية فقلده خطة الجفازة وهي تعميم النظر في المجابي وضم الأموال وإيقاع النكير في محل التقصير ومظان الريب فنمت حاله وعظم جاهه ورهبت سطوته وخيف إيقاعه وقربت من السلطان وسيلته فتقدم الخدام واستوعب أطراف الحظوة واكتسب العقار وصاهر في نبيه البيوتات وأروث عنه أخبارا تشهد له بالجود علو الهمة وشرف النفس إلى أن قضى على هذه الوتيرة‏.‏
ذكروا أن شخصًا جلب سلعة نفيسة مما يطمع في إخفايها حيدة عن وظيفة المغرم الباهظة في مثل جنسه فبينما هو يروم المحاولة إذ بصر بنبيه المركب والبزة ينفض في زوايا الفحص عن مثل مضطبنه فظنه رئيسًا من رؤساء الجند فقصده ورغب منه إجازة خبيئته بباب المدينة وقرر لتخوفه من ظلم الحافز الكذا مسلم فأخذها منه وخبأها تحت ثيابه ووكل به‏.‏
ولم يذهب المسكين إلا يسيرًا حتى سأل عن الرجل فأخبر أنه الذي فر عنه‏.‏
فسقط قي يده‏.‏
ثم تحامل فألقاه ينظره في داخل السور فدفع إليه أمانته وقال سر في حفظ الله فقد عصمها الله من ذلك الرجل الظالم فخجل الرجل وانصرف متعجبًا‏.‏
وأخباره في السراوة ونجح الوسيلة‏.‏
كثيرة‏.‏
وفاته توفي في عام ثمانية وتسعين وستماية وشهد أميره دفنه وكان قد أسف ولي العهد بأمور صانعه فيها من باب خدمة والده‏.‏
فكان يتلمظ لنكبته ونصب لثاته لأكله‏.‏
فعاجله الحمام قبل إيقاع نقمته به‏.‏
ولما تصير إليه الأمر نبش قبره وأخرج شلوه فأحرق بالنار إغراقًا في شهوة التشفي رحمة الله عليه‏.‏
ومن العمال الأثراء مؤمل مولى باديس بن حبوس حاله ومحنته قال ابن الصيرفي وقد ذكر عبد الله بن بلقين حفيد باديس واستشارته عن أمره لما بلغه حركة يوسف بن تاشفين إلى خلعه‏.‏
وكان في الجملة من أحبابه رجل من عبيد جده اسمه مؤمل وله سن وعنده دهاء وفطنة ورأى ونظر‏.‏
وقال في موضع آخر ولم يكن في وزراء مملكته وأحبار دولته أصيل الرأي جزل الكلمة إلا ابن أبي خيثمة من كتبته ومؤمل من عبيد جده وجعفر من فتيانه‏.‏
رجع قال‏:‏ فألطف له مؤمل في القول وأعلمه برفق وحسن أدب أن ذلك غير صواب وأشار إليه بالخروج إلى أمير المسلمين إذا قرب والتطارح عليه فإنه لا تمكنه مدافعته ولا تطاق حربه والاستجداء له‏.‏
أحمد عاقبة وأيمن مغبة‏.‏
وتابعه على ذلك نظراؤه من أهل السن والحنكة ودافع في صد رأيه الغلمة والأغمار فاستشاط غيظًا على مؤمل ومن نحا نحوه وهم بهم فخرجوا وقد سل بهم فرقًا منه‏.‏
فلما جنهم الليل فروا إلى لوشة وبها من أبناء عبيد باديس قايدها فملكوها وثاروا فيها بدعوة أمير المسلمين يوسف بن تاشفين وبادر مؤمل بالخطاب إلى أمير المسلمين المذكور وقد كان سفر إليه عن سلطانه فأعجبه عقلًا ونبلًا فاهتز إليه وكان أقوى الأسباب على حركته‏.‏
وبادر حفيد باديس الأمر فأشخص الجيش لنظر صهره فتغلب علهم وسيق مؤمل ومن كان معه شر سوق في الحديد وأركبوا على دواب هجن وكشفت رؤوسهم وأردف وراء كل رجل من يصفعه‏.‏
وتقدم الأمر في نصب الجذوع وإحضار الرماة‏.‏
وتلطف جعفر في أمرهم‏.‏
وقال للأمير عبد الله إن قتلهم الآن أطفأت غضبك وأذهبت ملكك‏.‏
فاستخرج المال وأنت من وراء الانتقام فثقفهم وأطمعوا في أنفسهم ريثما شغله الأمر وأنفذ إليه يوسف بن تاشفين في حل اعتقالهم فلم تسعه مخالفته وأطلقهم‏.‏
ولما ملك غرناطة على تفيئة تلك الحال قدم مؤملًا على مستخلصه وجعل بيده مفاتيح قصره فنال ما شاء من مال وحظوة واقتنى ما أراد من صامت وذخيرة‏.‏
ونسبت إليه بغرناطة آثار منها السقاية بباب الفخارين والحوز المعروف بحوز مؤمل أدركتها وهي بحالها‏.‏
وفاته قال ابن الصيرفي وفي ربيع الأول من هذا العام وهو عام اثنين وتسعين وأربعماية توفي بغرناطة مؤمل مولى باديس بن جبوس عبد أمير المسلمين وجابي مستخلصه وكان له دهاء وصبر ولم يكن بقارئ ولا كاتب‏.‏
رزقه الله عند أمير المسلمين أيام حياته منزلة لطيفة ودرجة رفيعة‏.‏
ولما أشرف على المنية أحضر ما كان عنده من مال المستخلص وأشهد الحاضرين على دفعه إلى من استوثقه على حمله‏.‏
ثم أبرأ جميع عماله وكتابه‏.‏
وأنفذ رجلًا من صنايعه إلى أمير المسلمين بجملة من مال نفسه يريه أن ذلك جميع ما اكتسبه في دولته أيام خدمته وأن بيت المال أولى به ورغب في ستر أهله وولده‏.‏
فلما وصل إليه أظهر الأسف عليه وأمضى تقديم صنيعته‏.‏
ثم ذكر ما كشف البحث عنه من محتجنه وشقاء من خلفه بسببه وعدد مالًا حرف النون الملوك والأمراء نصر بن عقيل الحزرجي الأنصاري نصر بن محمد بن يوسف بن نصر بن أحمد بن محمد بن خميس بن عقيل الحزرجي الأنصاري أمير المسلمين بالأندلس بعد أبيه وجده وأخيه‏.‏
يكنى أبا الجيوش وقد تقدم من أولية هؤلاء الملوك ما يغنى عن الإعادة‏.‏
حاله من كتاب طرفة العصر في أخبار الملوك من بني نصر من تصنيفنا‏.‏
قال‏:‏ كان فتى يملأ العيون حسنًا وتمام صورة دمث الأخلاق لين العريكة عفيفًا مجبولًا على طلب الهدنة وحب الخير مغمد السيف قليل الشر نافرًا للبطر وإراقة الدماء محبا في العلم وأهله آخذًا من صناعة التعليل بحظ رغيب يخط التقاويم الصحيحة ويصنع الآلات الطريفة بيده اختص في ذلك الشيخ الإمام أبا عبد الله بن الرقام وحيد عصره‏.‏
فجاء واحد دهره ظرفًا وإحكامًا‏.‏
وكان حسن العهد كثير الوفاء‏.‏
حمله الوفاء على اللجاج في وزيره المطلوب بعزله على الاستهداف للخلع‏.‏
تقدم يوم خلع أخيه وهو يوم عيد الفطر من عام ثمانية وسبعماية وسنه ثلاث وعشرون سنة فكان من تمام الخلق وجمال الصورة والتأنق في ملوكي اللباس آية من آيات الله خالقه‏.‏
واقتدى برسوم أبيه وأخيه وأجرى الألقاب والعوايد لأول دوالته وكانت أيامه كما شاء الله أيام محس مستمر شملت المسلمين فيها الأزمة وأحاط بهم الذعر وكلب العدو‏.‏
وسيمر من ذالك ما فيه كفاية‏.‏
وكان فتى أي فتى لو ساعده الجد‏.‏
والأمر لله من قبل ومن بعد‏.‏
وزراء دولته وزر له مقيم أمره ومحكم التدبير على أخيه أبو بكر عتيق بن محمد ابن المول‏.‏
وبيت بني مولى بقرطبة بيت له ذكر وأصالة‏.‏
ولما تغلب عليها ابن هود اختفى بها أبوه أيامًا عدة‏.‏
ولما تملكها السلطان الغالب بالله تلك البرهة خرج إليه وصحبه إلى غرناطة فاتصلت قرباه بعقده على بنت للرئيس أبي جعفر المعروف بالعجلب ابن عم السلطان‏.‏
واشتد عضده‏.‏
ثم تأكدت القربى بعقد مول أخي هذا الوزير على بنت الرئيس ألي الوليد أخت الرئيس ألي سعيد منجب هؤلاء الملوك الكرام فقام بأمره واضطلع بأعباء سلطانه إلى أن كان من تغلب أهل الدولة عليه وإخافة سلطانه منه ما أوجب صرفه إلى المغرب في غرض الرسالة وأشير عليه في طريقه بإقامته بالمغرب فكان صرفًا حسنًا‏.‏
وتولى الوزارة محمد بن علي بن عبد الله بن الحاد المسير لخلعه واجتثاث أصله وفرعه وكان خبًا داهية أعلم الناس بأخبار الروم وسرهم وآثارهم‏.‏
فحدثت بين السلطان وبين أهل حضرته الوحشة بسببه‏.‏
قضاته أقر على خطة القضاء بحضرته قاضي أخيه الشيخ الفقيه أبا جعفر القرشي المنبز بابن فركون وقد تقدم التعريف به مستوفى بحول الله‏.‏
كتابه شيخنا الصدر الوجيه نسيج وحده أبو الحسن علي بن محمد بن سليمن بن الجياب إلى آخر مدته‏.‏
من كان على عهده من الملوك بالمغرب السلطان أبو الربيع سليمن بن عبد الله بن أبي يعقوب يوسف بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق تصير الأمر إليه بعد وفاة أخيه السلطان أبي ثابت عامر بأحواز طنجة في صفر عام ثمانية وسبع ماية وكان مشكورًا مبخت الولاية‏.‏
وفي دولته عادت سبتة إلى الإيالة المرينية ثم توفي بتازى في مستهل رجب من عام عشرة وسبعماية‏.‏
وتولى الملك بعده عم أبيه السلطان الجليل الكبير خدن العافية وولى السلامة وممهد الدولة أبو سعيد عثمن بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق‏.‏
واستمرت ولايته إلى تام أيام هذا الأمير وكثيرًا من أيام من بعده‏.‏
وقد تقدم من ذكر السلطان أبي يوسف في اسم من تقدم من الملوك ما فيه كفاية‏.‏
وبتلمسان الأمير أبو حمو موسى بن عثمن بن يغمراسن سلطان بني عبد الواد مذلل الصقع والمثل الساير في الحزم والتيقظ وصلابة الوجه زعموا وإحكام القحة والإغراب في خبث السيرة‏.‏
واستمرت ولايته إلى عام ثمانية عشر وسبعماية إلى أن سطا به ولده عبد الرحمن أبو تاشفين‏.‏
وبتونس الأمير الخليفة أبو عبد الله محمد بن الواثق يحيى بن المستنصر محمد بن الأمير أبي زكريا بن أبي حفص‏.‏
ثم توفي في ربيع الآخر عام تسع وسبع ماية‏.‏
فولي الأمر قريبه الأمير أبو بكر بن عبد الرحمن ابن الأمير أبي زكريا ابن الأمير أبي إسحق بن الأمير أبي زكريا بن عبد الواحد بن أبي حفص‏.‏
ونهض إليه من بجاية قريبه السلطان أبو البقاء خالد ابن الأمير أبي زكريا ابن الأمير أبي إسحق ابن الأمير أبي زكريا بن عبد الواحد بن أبي حفص فالتقيا بأرض تونس فهزم أبو بكر ونجا بنفسه فدخل بستانًا لبعض أهل الخدمة مختفيًا فيه فسعى به إلى أبي البقاء فجيء به إليه فأمر بعض القرابة بقتله صبرًا نفعه الله‏.‏
وتم الأمر لأبي البقاء في رابع جمادى الأولى منه إلى أن وفد الشيخ المعظم أبو يحيى زكريا الشهير باللحياني قافلًا من بلاد المشرق وهو كبير آل أبي حفص نسبًا وقدرًا فأقام بإطرابلس وأنقذ إلى تونس خاصته الشيخ الفقيه أبا عبد الله المردوري محاربًالأبي البقاء وطالبًا للأمر‏.‏
فتم الأمر وخلع أبو البقاء تاسع جمادى الأولى عام أحد عشر وسبعماية‏.‏
وتم الأمر للشيخ أبي يحيى واعتقل أبو البقاء فلم يزل معتقلًا إلى أن توفي في شوال عام ثلاثة عشر وسبعماية ودفن بالجبانة المعروفة لهم بالزلاج فضريحه فيما تعرفنا بإزاء ضريح قتيله المظلوم أبي بكر لا فاصل بينهما‏.‏
وعند الله تجتمع الخصوم‏.‏
واتصلت أيام الأمير أبي يحيى إلى أن انقرضت مدة الأمير أبي الجيوش‏.‏
وقد تضمن الإلماع بذلك الرجز المسمى بقطع السلوك من نظمي‏.‏
فمن ذلك فيما يختص بملوك المغرب قولي في ذكر السلطان أبي يعقوب‏:‏ ثم تقضى معظم الزمان مواصلًا حصر بني زيان حتى أتى أهل تلمسان الفرج ونشقوا من جانب اللطف الأرج وابن ابنه وهو المسمى عامرًا أصبح بعد ناهيًا وآمرًا وكان ليثًا دامي المخالب تغلب الأمر بجد غالب أباح بالسيف نفوسًا عدة فلم تطل في الملك منه العدة ومات حتف أنفه واخترما ثم سليمان عليها قدما أبو الربيع دهره ربيع يثنى على سيرته الجميع حتى إذا الملك سليمان قضىتصير الملك لعثمن الرضا فلاح نور السعد فيها وأضا وسنى العهد الذي كان مضا وفيما يختص ببنى زيان بعد ذكر أبي زيان‏:‏ حتى إذا استوفى زمان سعده قام أبو حمو بها من بعده وهو الذي سطا عليه ولده حتى انتهى على يديه أمده وفيما يختص بآل أبي حفص بعد ذكر جملة منهم‏:‏ ثم الشهيد الأمير خالد هيهات ما في الدهر حي خالد وزكريا بها بعد ثوا ثم نسوا الرحلة عنها والتوا ومن ملوك النصارى بقشتاله‏:‏ هرانده بن شانجه بن ألهنشه بن هراتده بن شانجه‏.‏
ونازل على عهده الجزيرة الخضراء ثم أقلع عنها عن ضريبة وشروط ثم نازل في أخريات أمره حصن القذاق وأدركه ألم الموت بظاهره فاحتمل من المحلة إلى جيان وبقيت المحلة منيخة على الحصن إلى أن تملك بعد موت الطاغية بأيام ثلاثة كتموا فيها موته‏.‏
ولسبب هلاكه حكاية ظريفة تضمنتها طرفة العصر في تاريخ دولة بني نصر‏.‏
وقام بعده بأمر النصرانية ولده ألهنشه واستمرت أيامه إلى عام خمسين وسبعماية‏.‏
بعض الأحداث في أيامه نازل على أول أمره طاغية قشتالة الجزيرة الخضراء في الحادي والعشرين من عام تسعة وسبعماية وأقام عليها إلى أخريات شعبان من العام المذكور وأقلع عنها بعد ظهوره على الجبل وفوز قداحه به‏.‏
ونازل صاحب برجلونة مدينة ألمرية غرة ربيع الأول من هذا العام وأخذ بمخنقها وتفرقت الظبا على الخراش ووقعت على جيش المسلمين الناهد إليه وقيعة كبيرة واستمرت المطاولة إلى أخريات شعبان ونفس الله الحصر وفرج الكرب‏.‏
وما كاد أهل الأندلس يستنشقون ريح العافية حتى نشأ نجم الفتنة ونشأت ريح الخلاف واستفسد وزير الدولة ضمائر أهلها واستهدف إلى رعيتها بإيثار النصارى والصاغية إلى العدو وأظهر الريس ابن عم الأب صاحب مالقة أبو سعيد فرج ابن إسماعيل صنو الغالب بالله ابن نصر الامتساك بما كان بيده والدعاء لنفسه وقدم ولده الدايل إلى طلب الملك‏.‏
وثار أهل غرناطة يوم الخامس والعشرين لرمضان من العام وأعلن منهم من أعلن بالخلاف ثم خانهم التدبير وخبطوا العشواء ونزل الحشم فلاذ الناس منهم بديارهم وبرز السلطان إلى باب القلعة متقدمًا بالعفة عن الناس وفر الحاسرون عن القناع فلحقوا بالسلطان أبي الوليد بمالقة فاستنهضوه إلى الحركة وقصد الحضرة فأجابهم وتحرك فأطاعته الحصون بطريقة واحتل خارج غرناطة صبيحة يوم الخميس السابع والعشرين لشوال منه فابتدره الناس من صايح ومشير بثوبه ومتطارح بنفسه‏.‏
فدخل البلد من ناحية ربض البيازين واستقر بالقصبة كما تقدم في اسمه‏.‏
وفي ظهر يوم السبت التاسع والعشرين من الشهر نزل الحمراء دار المللك وانفصل السلطان المترجم به موفى له شرط عقده من انتقاله إلى وادي آش مستبدًا بها وتعيين مال مخصوص وغير ذلك‏.‏
ورحل ليلة الثلاثاء الثالث لذي قعدة من العام‏.‏
واستمرت الحال بين حرب ومهادنة وجرت بسبب ذلك أمور صعبة إلى حين وفاته‏.‏
رحمه الله‏.‏
ولد في رمضان عام ستة وثمانين وست ماية‏.‏
وكانت سنة ستًا وثلاثين سنة وثلاثة أشهر ودولته الجامعة خمس سنين وشهرًا واحدًا ومقامه بوادي أش تسعة أعوم وثلاثة أيام‏.‏
وفاته توفي رحمه الله ليلة الأربعاء سادس ذي قعدة من عام اثنين وعشرين وسبعماية بوادي آش ودفن بجامع القصبة منها ثم نقل في أوايل ذي الحجة منه إلى الحضرة فكان وصوله يوم الخميس السادس منه وبرز إليه السلطان والجمع الكثير من الناس ووضع سريره بالمصلى العيدي وصلى عليه إثر صلاة العصر ودفن بمقبرة سلفه بالسبيكة وكان يومًا من الأيام المشهودة وعلى قبره مكتوب في الرخام‏:‏ هذا قبر السلطان المرفع المقدار الكريم البيت العظيم النجار سلالة الملوك الأعلام الأخيار الصريح النسب في صميم الأنصار الملك الأوحد الذي له السلف العالي المنار في الملك المنيع الذمار رابع ملوك بني نصر أنصار دين المصطفى المختار المجاهدين في سبيل الملك الغفار الباذلين في رضاه كرايم الأموال ونفايس الأعمار‏.‏
المعظم المقدس المرحوم أبي الجيوش نصر ابن السلطان الأعلى الهمام الأسمى المجاهد الأحمى الملك العادل الطاهر الشمايل ناصر دين الإسلام ومبيد عبدة الأصنام المؤيد المنصور المقدس المرحوم أمير المسلمين أبي عبد الله بن السلطان الجليل‏.‏
الملك الشهير مؤسس قواعد الملك على التقوى والرضوان وحافظ كلمة الإسلام وناصر دين الإيمان الغالب بالله المنصور بفضل الله المقدس المرحوم أمير المسلمين أبي عبد الله بن نصر تغمده الله برحمته وغفرانه وبوأه منازل إحسانه وكتبه في أهل رضوانه‏.‏
وكان مولده في يوم الاثنين الرابع والعشرين لشهر رمضان المعظم عام ستة وثمانين وستماية‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:27 AM

وبويع يوم الجمعة غرة شوال عام ثمانية وسبعماية وتوفي رحمه الله ليلة يوم الأربعاء السادس لشهر ذي قعدة عام اثنين وعشرين وسبعماية فسبحان الملك الحق المبين وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين‏.‏
وفي جهة‏:‏ يا قبر جاد ثراك صوب غمام يهمى عليك برحمة وسلام بوركت لحدًا فيه أي وديعة ملك كريم من نجار كرام ماشيت من حلم ومن خلق رضي وزكاه أعراق ومجد سام فاسعد بنصر رابع الأملاك من أبناء نصر ناصر الإسلام من خزرج الفخر الذين مقامهم في نصر خير الخلق خير مقام يا أيها المولى المؤسس بيته في معدن الأحساب والأحلام عجلت على ذاك الجمال فغادرت ربع المحاسن طامس الأعلام فمحى الردى من حسن وجهك آية نحو النهار لسدفة الإظلام ما كنت إلا بدر تم باهرًا أخنى الخسوف عليك عند تمام فعلى ضريح أبي الجيوش تحية كالمسك عرفا عند فض ختام وتغمدته رحمة الله التي ترضيه من عدن بدار مقام ومن الأعيان والوزراء نصر بن إبراهيم بن أبي الفتح الفهري يكنى أبا الفتح أصلهم من حصن أريول من عمل مرسية ولهم في الدولة النصرية مزية خصوا لها بأعظم رتب القيادة واستعمل بعضهم في ولاية السلطان‏.‏
حاله نقلت من خط شيخنا أب يبكر بن شبرين‏.‏
قال‏:‏ وفي السادس عشر لذي قعدة منه يعني عام عشرة وسبعماية توفي بغرناطة القايد المبارك أبو الفتح أحد الولاة والأعيان الذاكرين لله تعإلى أولى النزاهة والوفاء‏.‏
نصر بن إبراهيم بن نصر الفهري نصر بن إبراهيم بن أبي الفتح بن نصرين إبراهيم بن نصر الفهري يكنى أبا الفتح حفيد المذكور معه في هذا الباب حاله من كتاب طرفة العصر‏:‏ نسيج وحده في الخير والعفاف ولين العريكة ودماثة الأخلاق إلى بعد الهمة وجمال الأبهة وضخامة التجند واستجادة المركب والعدة وارتباط العبادة استعان على ذلك بالنعمة العريضة بين منادية إليه بميراث ومكتسب من جراء المتغلب على الدولة صهره ابن المحروق معياشة لبنته‏.‏
ونمت حال هذا الشهم النجد وشمخت رتبته حتى خطب للوزارة في أخريات أيامه وعاق عن تمام المراد به إلحاح السقم على بدنه وملازمة الضنا لجثمانه فمضى لسبيله عزيز الفقد عند الخاصة ذائع الثنا نقي العرض صدرًا في الولاة‏.‏
وعلمًا في القواد الحماة‏.‏
وفاته توفي بغرناطة ليلة الجمعة الثامن والعشرين لجمادى الآخرة عام خمسة وأربعين وسبعماية‏.‏
وكانت جنازته أخذة نهاية الاحتفال ركب إليها السلطان ووقف بإزاء لحده إلى أن وورى تنويهًا بقدره وإشادة ببقاء الحرمة على خلفه‏.‏
وحمل سريره الجملة من فرسانه وأبناء نعمته‏.‏
ومن الكتاب والشعراء نزهون بنت القليعي قال ابن الأبار وهو فيما أحسب أبو بكر محمد بن أحمد بن خلف ابن عبد الملك بن غالب الغساني غرناطية‏.‏
حالها كانت أديبة شاعرة سريعة الجواب صاحبة فكاهة ودعابة‏.‏
وقد جرى شيء من ذلك في اسم أبي بكر بن قزمان والمخزومي الأعمى‏.‏
وأبي بكر بن سعيد‏.‏
شعرها دخل الأديب أبو بكر الكتندي الشاعر وهي تقرأ على المخزومي الأعمى فلما نظر إليها قال أجز يا أستاذ‏:‏ لو كنت تبصر من تكلمه‏.‏
فأفحم المخزومي زامعًا فقالت‏:‏ لغوت أخرس من خلاخله ثم زادت‏:‏ إليه البدر يطلع من أزرته والغصن يمرح في غلايله ولاخفاء ببراعة هذه الإجازة ورفاعة هذا الأدب‏.‏
يا من له ألف خل من عاشق وعشيق أراك خليت للنا - س سد ذاك الطريق فأجابته بقولها‏:‏ حللت أبا بكر محلًا منعته سواك وهل غير الرفيع له صدري وإن كان لي كم من حبيب فإنما يقدم أهل الحق فضل أبي بكر وهذه غاية في الحسن بعيدة‏.‏
ومحاسنها شهيرة وكانت من غرر المفاخر الغرناطية‏.‏
حرف الصاد من الأعيان والوزراء ذي الجوشن الضبابي الكلبي الصميل بن حاتم بن عمر بن جذع بن شمر بن ذي الجوشن الضبابي الكلبي وهو من أشراف عرب الكوفة‏.‏
قال صاحب الكتاب الخزايني جده أحد قتلة الحسين بن علي الذي قام برأسه على يزيد بن معاوية‏.‏
فلما قام المختار ثايرًا بالحسين فرعنه شمر ولحق بالشام فأقام بها في عز ومنعة‏.‏
ولما خرج كلثوم بن عياض غازيًا إلى المغرب كان الصميل ممن ضرب عليه البعث في أشراف أهل الشام‏.‏
ودخل الأندلس فيطالعة بلج بن بشر القشيري فشرف ببدنه إلى شرف تقدم له‏.‏
ورد ابن حيان هذا وقال في كتاب بهجة الأنفس وروضة الأنس كان الصميل بن حاتم هذا جده شمر قاتل الحسين رضي الله عنه من أهل الكوفة فلما قتله تمكن منه المختار فقتله وهدم داره فارتحل ولده من الكوفة فرأس بالأندلس وفاق أقرانه بالنجدة والسخاء‏.‏
حاله قال كان شجاعًا نجدًا جواد كريمًا إلا إنه كان رجلًا أميًا لا يقرأ ولا يكتب وكان له في قلب الدول وتدبير الحروب أخبار مشهورة‏.‏
من أخباره‏.‏
حكى ابن القوطية قال مر الصميل بمعلم يتلو ‏"‏ وتلك الأيام نداولها بين الناس ‏"‏‏.‏
فوقف يسمع ونادى بالمعلم يا هناه كذا نزلت هذه الآية فقال نعم فقال أرى والله سيشركنا في هذا الأمر العبيد والأراذل والسفلة‏.‏
‏:‏ قال كان أبو الأجرب الشاعر وقفًا على أمداح الصميل وهو القايل‏:‏ بني لك حاتم بيتًا رفيعا رأيناه على عمد طوال وقد كان ابتنى شمر وعمرو بيوتًا غير ضاحية الظلال فأنت ابن الأكارم من معد تعتلج الأباطح والرمال وقارضه بإجزاله لعطايه وانتمائه في ثوابه بأن أغلظ القسم على نفسه بأن لا يراه إلا أعطاه ما حضره فكان أبو الأجرب قد اعتمد اجتنابه في اللقاء حياء منه وإبقاء على ماله فكان لا يزوره إلا في العيدين قاضيًا لحقه‏.‏
وقد لقيه يومًا مواجهة ببعض الطريق والصميل راكب ومعه ابناه فلم يحضره ما يعطيه فأرجل أحد أبنية وأعطاه دابته فضرب في صنعه وفيه يقول من قصيدة‏:‏ دون الصميل شريعة مورودة لا يستطيع لها العدو ورودا فت الورى وجمعت أشتات العلا وحويت مجدًا لا ينال وجودا فإذا هلكت فلا تحمل فارس سيفا ولا حمل النساء وليدا وكان صاحب أمره ولاه الأندلس قبل الأمويين لهم الأسماء وله معنى الإمرة وكان مظفر الحروب سديد الرأي شهير الموقف عظيم الصبر‏.‏
وأوقع باليمانية وقايع كثيرة منها وقيعة أنفته قال‏:‏ وكان أبيًا للضيم محاميًا عن العشيرة كلم أبا الخطار الأمير في رجل من قومه انتصر به فأفجمه ورد عليه فأمر به فتمتع ومالت عمامته‏.‏
فلما خرج قال له بعض من على باب الأمير يا أبا الجوشن ما بال عمامتك مايلة فقال إن كان لي قوم فسيقيمونها وخرج من ليلته فأفسد ملكه‏.‏
وفاؤه وخبر وفائه مشهور فيما كان من جوابه لرسولي عبد الرحمن ابن معاوية إليه بما قطع به رجاء الهوادة في أمر أميره يوسف بن عبد الرحمن الفهري والتستر مع ذلك عليهما فلينظر في كتاب المقتبس‏.‏
دخوله غرناطة ولما صار الأمر إلى عبد الرحمن بن معاوية صقر بني أمية وقهر الأمير يوسف الفهري ووزيره الصميل إذ عزله الناس ورجع معه يوسف الفهري والصميل إلى قرطبة‏.‏
ولم يلبثا أن نكثا ولحقا فحص غرناطة ونازلهما الأمير عبد الرحمن بن معاوية في خبر طويل واستنزلهما عن عهد وعاد الجميع إلى قرطبة وكان يوسف والصميل يركبان إلى القصر كل جمعة إلى ا مضيا لسبيلهما‏.‏
وكان عبد الرحمن بن معاوية يسترجع‏.‏
ويقول ما رأيت مثله رجلًا‏.‏
لقد صحبني من إلبيرة إلى قرطبة فما مست ركبتي ركبته ولا خرجت دابته عن دابتي‏.‏
ومن الكتاب والشعراء صفوان بن إدريس التجيبي صفوان بن إدريس بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عيسى بن إدريس التجيبي من أهل مرسية يكنى أبا بجر‏.‏
حاله كان أديبًا حسيبًا جليلًا أصيلًا ممتعًا من الظرف ريان من الأدب حافظًا حسن الخط سريع البديهة ترف النشأة على تصاون وعفاف جميلًا سريًا سمحًا ذكيًا مليح العشرة طيب النفس ممن تساوى حظه في النظم والنثر على تباين الناس في ذلك‏.‏
مشيخته روى عن أبيه وخاله ابن عم أبيه القاضي أبي القاسم بن إدريس وأبي بكر بن مغاور وأبي الحسن بن القايم وأبي رجال بن غلبون وأبي عبد الله بن حميد وأبي العباس بن مضاء وأبي القاسم بن حبيش وأبي محمد الحجري وابن حوط الله وأبي الوليد بن رشد‏.‏
وأجاز له أبو القاسم ابن بشكوال‏.‏
من روى عنه‏:‏ أبو إسحق اليابري وأبو الربيع بن سالم وأبو عبد الله ابن أبي البقاء وأبو عمر بن سالم ومحمد بن محمد بن عيشون‏.‏
تواليفه له تواليف أدبية منها‏:‏ زاد المسافر وكتاب الرحلة وكتاب العجالة سفران يتضمنان من نظمه ونثره أدبًا لا كفاء له‏.‏
وانفرد من تأبين الحسين رضي الله عنه وبكاء أهل البيت‏.‏
بما ظهرت عليه بركته في حكايات كثيرة‏.‏
شعره ثبت من ذلك في العجالة قوله‏:‏ جاد الزمان بأنه الجرعاء توقان من دمعي وغيث سماء فالدمع يقضى عندها حق الهوى والغيم حق البانة الغيناء خلت الصدور من القلوب كما خلت تلك المقاصر من مهي وظباء ولقد أقول لصاحبي وإنما ذخر الصديق لأمجد الأشياء يا صاحبي ولا أقل إذا أنا ناديت من إن تصغيا لنداء أفديه من أنس تصرم فانقض فكأنه قد كان في الإغفاء لم يبق منه غير ذكر أو منى وكلاهما سبب لطول عناء أو رقعة من صاحب هي تحفة إن الرقاع لتحفة النبهاء كبطاقة الوسمي إذ حيا بها إن الكتاب تحية الظرفاء وهي طويلة‏.‏
وقال مراجعًا عن كتاب أيضًا‏:‏ ألا سمح الزمان به كتابا ذرى بوروده أنسى قبابا فلا أدري أكان تحت وعد دعا بهما لبرئي فاستجابا وقد ظفرت يدي بالغنم منه فليت الدهر سني لي إيابا فلو لم أستفد شيئًا سواه قنعت يمثله علقًا لبابا إذا أحرزت هذا في اغترابي فدعني بمثله علقًا لبابا رجمت بأنه شيطان همي فهل وجهت طرسًا أم شهابا رشقت به رضاب الود عذبًا يذكرني شمايلك العذابا وكدت أجر أذيالي نشاطًا ولكن خلت قولهم تصابا فضضت ختامه عنى كأني فتحت بفضه للروض بابا وكنت أصونه في القلب لكن خشيت عليه أن يفنى التهابا ولو أن الليالي سامحتني لكنت على كتابكم الجوابا فأبلى عندكم بالشكر عذرا وأجزل من ثنايكم الثوابا ولكن الليالي قيدتني وقيدت غرضي إلا الخطايا فما تلقاني الأحباب إلا سلامًا أو مناما أو كتابا لأمر ما يقص الدهر رشي لأن السهم مهما ريش صابا وعاذلة تقول ولست أصغي ولو أصغيت لم أرفع جوابا تخوفني الدواهي وهي عندي أقل من أن أضيق بها جنابا إذا طرقت أعد لها قراها وقارًا واحتسابًا واصطبارا وما مثلي يخوف بالدواهي عرين الليث لا يخشى الذبابا تعاتبني فلا يرتد طرفي وهل تسترقص الريح الهضابا ولو أن العتاب يفيد شيئًا ملأت مسامع الدنيا عتابا وقد وصيتها بالصمت عني فما صمتت ولا قالت صوابا تعنفني على تركي بلادًا عهدت بها القرارة والشبابا فقلت وهل يضر السيف فل إذا قط الجماجم والرقبا بخوض الهول تكتسب المعالي يحل السهل من ركب الصعاب فليت الغاب يفترس الأناسي وليث البيت يفترس الذبابا ولو كان انقضاض الطير سهلًا لكانت كل طائرة عقابا دعيني والنهار أسير فيه أسير عزايم تفرى الصلابا أغازل من غزالته فتاة تبيض فودها هرمًا وشبابا إذا شاءت مواصلتي تجلت وإن ملت توارت لي احتجابا وأسري الليل لا ألوي عنانا ولو نيل الأماني لما أصابا أطارح من كواكبه كماما وأزجر من دجنته غرابا وأركب شهبًا غيرًا كباعي وخضرًا مثل خاطري انسيابا وآخذ من بنات الدهر حقي جهاز البيت استلب استلابا ولست أذيل بالمدح القوافي ولا أرضى بخطتها اكتسابا أأمدح من به أهجو مديحي إذا طيبت بالمسك الكلاما سأخزنها عن الأسماع حتى أرد الصمت بينهما حجابا أبا موسى وإني أخى وداد أناجي لو سمعت إذا أجابا ولكن دون ذلك مهمة لو طوته الريح لم ترج الإيابا أخى بر المودة كل بر إذا بر الأشقة الانتسابا بعثت إليك من نظمى بدر شققت عليه من فكري عبابا عداني الدهر إن يلقاك شخصي فأغني الشعر عن شخصي ونابا وقال في الغرض الذي نظم فيه الرصافي من وصف بلده وذكر إخوانه ومعاهده مساجلًا في العروض والروى عقب رسالة سماها رسالة طراد الجياد في الميدان وتنازع اللدان والإخوان في تنفيق مرسية على غيرها من البلدان‏.‏
هل رسول البرق يغتنم الأجرا فينشر عني ماء غيرته نثرًا معاملة أربو بها غير مذنب فأقضيه دمع العين من نقطة بحرًا ليسقني من تدمير قطرا محببًا يقر بعين القطر أن تشرب القطرا ويقرضه ذوب اللجين وإنما توفيه عيني من مدامعها تبرا وما ذاك تقصيرًا بها غير أنه سجية ماء البحر أن يذوي الزهرا خليلي قوما فأحبسا طرق الصبا مخافة أن تحمى بزفرتي الحرا خليلي أعني أرض مرسية المنا ولولا توخي الصدق سميتها الكبرا محلي بل جوى الذي عبقت به نواسم آدابي معطرة نشرا ووكري الذي منه درجت فليتني فجعت بريش العزم كي ألزم الوكرا وما روضة الخضراء قد شلت بها مجرتها نهرًا وأنجمها زهرا بأبهج منها والخليج مجرة وقد فضحت أزهار ساحتها الزهرا وقد أسكرت أزهار أغصانها الصبا وما كنت أعتد الصبا قبلها خمرا هنالك بين الغصن والقطر والصبا وزهر الربى ولدت آدابي الغرا إذا نظم الغصن الحيا قال خاطري تعلم نظام النثر من ها هنا شعرا وإن نثرت ريح الصبا زهر الربى تعلمت حل الشعر أسبكه نثرا فوايد أسحار هناك اقتبستها ولم أر روضًا غيره يقررئ السحرا كأن هزيز الريح يمدح روضها فتملأ فاه من أزاهرها درًا أيارنقات الحسن هل فيك نظرة من الجرف الأعلى إلى السكة الغرا فأنظر من هذي لتلك كأنما أغير إذ غازلتها أختها الأخرا هي الكاعب الحسناء تمم حسنها وقدت لها أوراقها حللًا خضرا وقامت بعرس الأنس قينة أيكة أغاريدها تسترقص الغصن النضرا فقل في خليج يلبس الحوت درعه ولكنه لا يستطيع بها قصرا إذا ما بدا فيها الهلال رأيته كصفحة سيف وسمها قبعة صضرا وإن لاح فيها البدر شبهت متنه بسطر لجين ضم من ذهب عشرا وفي جرفي روض هناك تجافيا لنهر يود الأفق لو زاره فجرا كأنهما خلا صفاء تعاتبا وقد بكيا من رقة ذلك النهرا وكم لي بالباب الجديد عشية من الأنس ما فيه سوى أنه مرا عشيات كأن الدهر غص بحسنها فأجلت سياط البرق أفراسها الشقرا عليهن أجرى خليل دمعي بوجنتي إذا ركبت حمرًا ميادينها الصفرا أعهدي بالغرس المنعم دوحه سقتك دموعي إنها مزنة شكرا فكم فيك من يوم أغر محجل تقضت أمانيه مخلدتها ذكرا على مذنب كالنحر من فرط حسنه تود الثريا أن تكون له نحرا سقت أدمعي والقطر أيهما انبرى نقا الرملة البيضاء فالنهر فالجسرا وإخوان صدق لو قضيت حقوقهم لما فارقت عيني وجوههم الزهرا وما اخترت هذا البعد إلا ضروة وهل تستجير العين أن تفقد الشقرا قضى الله أن ينأى بي الدهر عنهم أراد بذاك الله أن أعتب الدهرا ووالله لو نلت المنا ما حمدتها وما عادة المشغوف أن يحمد الهجرا أيانس باللذات قلبي ودونهم مرام يجد الركب في طيها شهرا ويصحب هادي الليل راء وحرفة وصادًا ونونًا قد تقوس واصفرا فديتهم بانوا وضنوا بكتبهم فلا خبرًا منهم لقيت ولا خبرا ولولا علا هماتهم لعتبتهم ولكن عراب الخيل لا تحمل الزجرا ضربت غبار البيد في مهرق السرى بحيث جعلت الليل في ضربه حبرا وحققت ذاك الضرب جمعًا وعدة وطرحًا وتجميلًا فأخرج لي صفرا كأن زماني حاسب متعسف يطارحني كسرًا أما يحسن الجبرا فكم عارف بي وهو يحسب رتبتي فيمدحني سرًا ويشتمني جهرا لذلك ما أعطيت نفسي حقها وقلت لسرب الشعر لا تهم الفكرا فما برحت فكري عذاري قصايدي ومن خلق العذراء أن تألف الخدرا ولست وإن طاشت سهامي بايس فإن مع العذر الذي يتقى يسرا يا قمرا مطلعه أضلعىله سواد القلب منها غسق وربما استوقد نار الهوى فناب فيها لوتها عن شفق ملكتني في دولة من صبا وصدتني في شرك من حدق عندي من حبيبك ما لو سرت في البحر منه شعلة لاحترق ومن مقطوعاته أيضًا‏:‏ قد كان لي قلب فلما فارقوا سوى جناحًا للغرام وطارا وجرت سحاب بالدموع فأوقدت بين الجوانح لوعة وأوارا ومن العجايب أن فيض مدامعي ماء ويقمر في ضلوعي نارا وشعره الرمل والقطر كثرة فلنختم له المقطوعات بقوله‏:‏ قالوا وقد طال بي مدى خطئ ولم أزل في تجرمي ساه أعددت شيئًا نرجو النجاة به فقلت أعددت رحمة الله نثره كتب يهني قاضي الجماعة أبا القاسم بن بقي من رسالة‏:‏ لأن قدره دام عمره وامتثل نهيه الشرعي وأمره أعلى رتبة وأكرم محلًا من أن يتحلى بخطة هي به تتحلى‏.‏
كيف يهنأ بالقعود الشرعي وأمره أعلى رتبة وأكرم محلًا من أن يتحلى بخطة هي به تتحلى‏.‏
كيف يهنأ بالقعود لسماع دعوة الباطل ولمعاناة الإنصاف الممطول من الماطل والتعب في المعادلة بين ذوي المجادلة‏.‏
أما لو علم المتشوقون إلى خطة الأحكام المستشرقون إلى ما لها من التبسط والاحتكام ما يجب لها من اللوازم والشروط الجوازم كبسط الكنف ورفع الجنف والمساواة بين العدو وذي الذنب والصاحب بالجنب وتقديم ابن السبيل على ذي الرحم والقبيل وإيثار الغريب على القريب والتوسع في الأخلاق حتى لمن ليس له من خلاق إلى غير ذلك مما علم قاضي الجماعة أحصاه واستعمل لخلقه الفاضل أدناه وأقصاه لجعلوا خمولهم ما مولهم وأضربوا عن ظهورهم فنبذوه وراء ظهورهم اللهم إلا من أوتى بسطة في العلم ورسا طودًا في ساحة الحلم وتساوى ميزانه في الحرب والسلم وكان كقاضي الجماعة في المماثلة بين أجناس الناس فقصاراه أن يتقلد الأحكام للأجر لا المتعسف والزجر ويتولاها للثواب‏.‏
لا للغلظة في رد الجواب ويأخذها لحسن الجزاء لا لقبح الاستهزاء ويلتزمها لجزيل الذخر لا للإزراء والسخر‏.‏
فإذا كان كذلك وسلك المولي هذا السالك وكان كقاضي الجماعة ولا مثل له ونفع الحق به علله ونقع غلله فيومئذ تهنأ به خطة القضاء ويعرف ما لله عليه من اليد البيضاء‏.‏
من أهل رندة يكنى أبا الطيب‏.‏
حاله قال ابن الزبير شاعر مجيد في المدح والغزل وغير ذلك‏.‏
وعنده مشاركة في الحساب والفرايض‏.‏
نظم في ذلك‏.‏
وله تواليف أدبية وقصايد زهدية وجزء على حديث جبريل عليه السلام وغير ذلك مما روى عنه‏.‏
وكان في الجملة معدودًا في أهل الخير وذوي الفضل والدين‏.‏
تكر لقائي إياه وقد أقام بمالقة أشهرًا أيام إقراءي‏.‏
وكان لا يفارق مجالس إقراءي وأنشدني كثيرًا من شعره‏.‏
وقال ابن عبد الملك كان خاتمة الأدباء بالأندلس بارع التصرف في منظوم الكلام ومنثوره فقيهًا حافظًا فرضيا متفننًا في معارف شتى نبيل المقاصد متواضعًا مقتصدًا في أحواله‏.‏
وله مقامات بديعة في أغراض شتى وكلامه نظما ونثرا مدون‏.‏
مشيخته روى عن آباء الحسن أبيه والدباج وابن الفخار الشريشي وابن قطرال وأبي الحسن بن زرقون وأبي القاسم بن الجد‏.‏
ألف جزءا على حديث جبريل وتصنيفًا في الفرايض وأعمالها وآخر في العروض وآخر في صنعة الشعر سماه الوافي في علم القوافي وله كتاب كبير سماه روضة الأنس ونزهة النفس‏.‏
دخوله غرناطة وكان كثير الوفاد على غرناطة والترد إليها يسترفد ملوكها وينشد أمراءها والقصيدة التي أولها‏:‏ أواصلتي يومًا وهاجرتي ألفًا أخبرني شيخنا أبو عبد الله اللوشي أنه نظمها باقتراح السلطان رحمه الله‏.‏
وقد أوعز إليه ألا يخرج عن بعض بساتين الملك حتى يكملها في معاضة محمد بن هاني الإلبيري‏.‏
شعره وهو كثير سهل المأخذ عذب اللفظ رايق المعنى غير مؤثر للجزالة‏.‏
فمن ذلك قوله رحمه الله في غرض المدح من السلطانيات‏:‏ سرى والحب أمر لا يرام وقد أغرى به الشوق والغرام وأغفى أهلها إلا وشاة إذا نام الحوادث لا تنام فنال بها على قدر مناه وبين القبض والبسط القوام وأشهى الوصل ما كان اختلاسا وخير الحب ما فيه اختتام وما أحلى الوصال لو أن شيئًا من الدنيا للذته دوام بكيت من الفراق بغير أرضي وقد يبكي الغريب المستهام أعاذلتي وقد فارقت إلفيأمثلى في صبابته يلام أأفقده فلا أبكي عليه يكون أرق من قلبي الحمام أأنساه فأحبه كصبري وهل ينسى لمحبوب ذمام رويدًا إن بعض اللوم لوم ومثلي لا ينهنهه الملام ويوم نوى وضعت الكف فيه على قلب يطير به الهيام ولولا أن سفحت به جفونًا تفيض دمًا لأحرقها الضرام وليل بته كالدهر طولًا تنكر لي وعرفه التمام كأن سماه زهر تجلى بزهر الزهر والشوق الكمام كأن البدر تحت الغيم وجه عليه من ملاحه لثام كأن الكوكب الدري كأس وقد رق الزجاجة والمدام كأن مدار قطب بنات نعش ندي والنجوم به ندام كأن بناته الكبرى جوار حوار والسهى فيها غلام كأن بناته الصغرى جمان على لباتها منها نظام كواكب بت أرعاهن حتى كأني عاشق وهي الذمام إلي أن مزقت كسف الثريا جيوب الأفق وانجاب الظلام فما خلت انصداع الفجر إلا قرابًا ينتضي مسنه حام وما شبهت وجه الشمس إلا بوجهك أيها الملك الهمام وإن شبهته بالبدر يومًا فللبدر الملاحة والتمام تهلل منه حسن الدهر حتى كأنك في محياه ابتسام وعرف ما تنكر من معال كأنك لاسمها ألف ولام ومل العين منك جلال مولى صنائعه كغرته وسام إذا ما قيل في يده غمام فقد بخست وقد خدع الغمام وحشو الدرع أروع غالبي يراع بذكره الجيش اللهام إذا ما سل سيف العزم يوما على أمر فسلم يا سلام نمته للمكارم والمعالي سراة من بني نصر كرام هم الأنصار هم نصروا وآووا ولولا المسك ما طاب الختام وهم قادوا الجيوش لك فتح ولولا الجد ما قطع الحسام وهم منحوا الجزيرة من حماهم جوارًا لا يذم ولا يضام فمن حرب تشيب له النواصي وسلم تحيته سلام بسعدك يا محمد عز دين وغب السلم نصر مستدام وكان مرامه صعبًا ولكن بحمد الله قد سهل المرام أدام الله أمرك من أمير وما للعروة الوثقى انفصام وروح أنت والجسم المعالي ومعنى أنت وللفظ الأنام إذا ما ضاقت الدنيا بحر كفاه لثم كفك والسلام ومن شعره أيضًا‏:‏ أواصلتي يومًا وهاجرتي ألفًا وصالك ما أحلى وهجرك ما أجفا ومن عجب للطيف أن جاء واهتدى فعاد عليلًا عاد كالطيف أم أخفا فيا سايرًا لولا التخيل ما سرى ويا شاهدًا لولا التعلل ما أغفا بعيني شكواي للغرام وتيهه إلى أن تثنى عطفه فانثني عطافا فعانقته شوقًا وقبلته هوى ولا قبلة تكفي ولا لوعة تطفا ومن نزعاته العجيبة قوله وقد سبق إلى غرضه غيره‏:‏ يا طلعة الشمس إلا إنه قمر أما هواك فلا يبقى ولا يذر كيف التخلص من عينيك لي ومتى وفيهما القاتلان الغنج والحور وكيف يسلى فؤادي عن صبابته ولو نهى الناهيان الشيب والكبر أنت المنا والمنايا فيك قد جمعت وعندك الحالتان النفع والضرر ولي من الشوق ما لا دواء له ومنك لي الشافيان القرب والنظر وفي وصالك ما أبقى به رمقي لو ساعد المسعدان الذكر والقدر وكان طيف خيال منك يقنعني لو يذهب المانعان الدمع والسهر يا نابيًا لم يكن إلا ليملكني من بعده المهلكان الغم والغير ما غبت إلا وغاب الجنس أجمعه واستوحش المؤنسان السمع والبصر بما تكن ضلوعي في هواك بمن يعنو له الساجدان النجم والشجر إدرك بقية نفس لست مدركها إذا مضى الهاديان العين والأثر وإن أبيت فلي من ليس يسلمني إذا نبا المذهبان الورد والصدر وإن أبيت فلي من ليس يسلمني إذا نبا المذهبان الورد والصدر مؤيدًا لملك بالآراء يحكمها في ضمنها المبهجان اليمن والظفر من كالأمير أبى عبد الآله إذا ما خانت القدمان البيض والسمر الواهب الخيل آلافا وفارسها إذا استوى المهطعان الصر والصبر والمشبه الليث في بأس وفي خطر ونعمت الحليتان البأس والخفر تأمن الناس في أيامه ومشوا كما مشى الصاحبان الشاة والنمر وزال ما كان من خوف ومن حذر فما ير الدايلان الخوف والحذر رأيت منه الذي كنت أسمعه وحبذا الطيبان الخبر والخبر ما شيت من شيم عليا ومن شيم كأنها الرايقان الظل والزهر ومنا أردت من إحسان ومن كرم ينسى به الأجودان البحر والمطر وغرة يتلألأ من سماحتها كأنها النهران الشمس والقمر إيه فلولا دواع من محبته لم يسهل الأصعبان البين والخطر


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:28 AM

ومن شعره في أغراض متعددة‏.‏
قال في الليل والسهر‏:‏
أطال ليلي الكمد فالدهر عندي سرمد ** وما أظن أنه لليلة الهجر غد
أقد هنيًا إنني لا أستطيع أرقد ** لواعج ما تنطفي وأدمع تضطرد
وكبدي كبد الهوى وأين مني الكبد ** ولا تسل عن جلدي والله مالي جلد
ومن شعره أيضًا في المقطوعات‏:‏
وليلة قصر من طولها بزورة من رشًا ** نافر أستوفر الدهر بها غالطًا
فأدغم الأول والآخر‏.‏
وقال من قصيدة مغربة في الإحسان‏:‏
وليلة نبهت أجفانها والفجر قد فجر نهر النهار **
والليل كالمهزوم في يوم الوغا والشهب مثل الشهب عند الفرار **
وفي الثريا قمر سافر عن غرة غير منها الشفار **
كأن عنقودًا بها ماثل إذ صار كالعرجون عند السرار **
كأنها تسبك ديناره وكفها تفتل منه سوار**
كأنما الظلماء مظلومة تحكم الفجر عليها فجار**
كأنما الصبح لمشتاقه إقبال دنيا بعد ذل افتقار **
كأنما الشمس وقد أشرقت وجه أبي عبد الآله استنار **
وفي وصف البحر والأنهار وما في معنى ذلك‏:‏
البحر أعظم مما أنت تحسبه ** من لم ير البحر يوما ما رأى عجبا
طام له حبب طاف على زورق ** مثل السماء إذا ما ملئت شهبا
وقال في وصف نهر‏:‏
وأزرق محفوف بزهر كأنه نجوم بأكناف المجرة تزهر **
يسيل على مثل الجمان مسلسلا كما سل عن غمد حسام مجوهر **
وقد صافح الأدواح من صفحاته حتى حباب بالنسيم مكسر **
ما أحسن العقل وآثاره لو لازم الإنسان إيثاره **
يصون بالعقل الفتى نفسه كما يصونه الحر أسراره **
لا سيما إن كان في غربة يحتاج أن يعرف مقداره **
ومن وصفه الجيش والسلاح‏:‏
وكتيبة بالدرعين كثيفة جرت ذيول الجحفل الجرار
وروض المنايا بينها القضب التي زفت بها الرايات كالأزهار
فيها الكماة بنو الكماة كأنها أسد الشرى بين القنا الخطار
متهللين لدى اللقاء كأنهم خلقت وجوههم من الأقمار
من كل ليث فوق برق خاطف بيمينه قدر من الأقدار
من كل ماض قد تقلد مثله فيصب آجالًا على الأعمار
لبسوا القلوب على الدروع وأسرعوا لأكفهم نارًا لأهل النار
وتقدموا ولهم على أعدايهم حنق العدا وحمية الأنصار
وأبيض صيغ من ماء ومن لهب على اعتدال فلم يخمد ولم يسل ماضي الغرار
يهاب العمر صولته كأنما هو مطبوع من الأجل أبهى من الوصل بعد الهجر منظره حسنًا وأقطع من دين على مال وأسمر ظن ما كل سابغة فخاض كالأيم يستشفى من النهل هام الكماة به حبًا ولا عجب من لوعة بمليح القد معتدل إذا الطعين تلقاه وأرعفه حسبته عاشقًا يبكي على طلل ومن ذلك قوله في وصف قوس‏:‏ تنكبها كحاجبه وسوى بأهداف الجفون لها نبالا فلم أر قبله بدرًا منيرا تحمل فوق عاتقه هلالا ومن ذلك وصف قلم‏:‏ وأصفر كالصب في رونق تظن به الحب ممن نحل بديع الصفات حديد السبات يطول الرماح وإن لم يطل يعبر عما وراء الضمير ويفعل ما فعل الظبا والذبل كلاهما شرف الله درهما وحبذ الخطتان الحكم والحكم ومن ذلك قوله في سكين الدواة‏:‏ أنا صمصامة الكتابة مالي من شبيه في المرهفات الرقاق فكأني في الحسن يوم وصال وكأني في القطع يوم فراق ومن ذلك قوله في المقص‏:‏ ومعتنقين ما اشتهرا بعشق وإن وصفا بضم واعتناق لعمر أبيك ما اعتنقا لمعنى سوى معنى القطيعة والفراق ومن ذلك قوله في الورد‏:‏ الورد سلطان كل زهر لو إنه دايم الورود بعد خدود الملاح شيء ما أشبه الورد بالخدود ومن ذلك قوله في الخيري‏:‏ وأزرق كمثل السماء فيه لمن ينظر سر عجيب شح مع الصبح بأنفاسه كأنما الصبح عليه رقيب وأخضر فستقي اللون غض يروق بحسن منظره العيونا أغار على الترنج وقد حكاه وزاد على اسمه ألفًا ونونا وقال من جملة قصايده المطولات التي تفنن فيها رحمه الله‏:‏ وغانية يغنى عن العود صوتها وجارية تسقى وساقية تجري بحيث يجر النهر ذيل مجرة يرف على حافاتها الزهر كالزهر وقد هزت الأرواح خصر كتايب بألوية بيض على أسل سمر رمى قزح نبلًا إليها فجردت سيوف سواقيها على دارع النهر وهبت صبا نجد فجرت غلايلا تجفف دمع الطل عن وجنة الزهر كأن بصفح الروض وشى صحيفة وكالألفات القضب والطرس كالتبر كأن به الأقحوان خواتما مفضضة فيها فصوص من التبر كأن به النرجس الغض أعيا ترقرق في أجفانها أدمع القطر كأن شذا الخيري زورة عاشق يرى أن جنح الليل أكتم للسرر أنظر إلى جذر في اللون مختلف البعض من سج والبعض من ذهب ومن ذلك قوله في الجزر‏:‏ إن قلت قصب فقل قصب بلا زهر أو قلت شمع فقل شمع بلا لهب وفي الاغتراب وما يتعلق به مما يقرب من المطولات‏:‏ غريب كما يلقى غريب فلا وطن لديه ولا حبيب تذكر أصله فبكى اشتياقا وليس غريبًا أن يبكي غريب ومما هاج أشواقي حديث جرى فجرى له الدمع السكوب ذكرت به الشباب فشق قلبي ألم تر كيف تنشق القلوب على زمن الصبا فليبك ومثلي فما زمن الصبا إلا عجيب جهلت شبيبتي حتى تولت وقدر الشيء يعرف إذ يغيب ألا ذكر الآله بكل خير بلادًا لا يضيع بها أديب بلاد ماؤها عذب زلال وريح هوائها مسك رطيب بها قلبى الذي قلبى المعنى يكاد من الحنين له يذوب ولا تحكم بأول ما تراه فإن الفجر أوله كذوب إلا إنا خلقنا في زمان يشيب بهوله من لا يشيب وقد لذ الحمام وطاب عندي وعيشي لا يلذ ولا يطيب لحى الله الضرورة فهي بلوى تهين الحر والبلوى ضروب رأيت المال يستر كل عيب ولا تخفى مع الفقر العيوب وفقد المال في التحقيق عندي كفقد الروح ذا من ذا قريب وقد أجهدت نفسي في اجتهاد وما أن كل مجتهد مصيب وقد تجري الأمور على قياس ولو تجري لعاش بها اللبيب كأن العقل للدنيا عدو فما يقضي بها أربًا أريب إذا لم يرزق الإنسان بختًا فما حسناته إلا ذنوب ومن نسيبه قوله في بادرة من حمام‏:‏ برزت من الحمام تمسح وجهها عن مثل ماء الورد بالعناب ومتيم لو كان صور نفسه ما زادها شيئًا سوى الإشفاق ما كان يرضى بالصدود وإنما كثرت عليه مسائل العشاق وقال‏:‏ وافي وقد زانه جمال فيه لعشاقه اعتذار ثلاثة ما لها مثال الوجه والخد والعذار فمن رآه رأى رياضا الورد والآس والبهار ومن ذلك قوله في ذم إخوة السوء‏:‏ ليس لإخوة باللسان أخوة فإذا تراد أخوتي لا تنفع لا أنت في الدنيا تفرج كربهعني ولا يوم القيامة تشفع وقال كذلك‏:‏ ولقد عرفت الدهر حين خبرته وبلوت بالحاجات أهل زمان فإذا الأخوة باللسان كثيرةوإذا الدراهم ميلق الإخوان من ذلك قوله في الصبر‏:‏ الدهر لا يبقى على حاله لكنه يقبل أو يدبر ومن ذلك قوله في الموت‏:‏ الموت سر الله في خلقه وحكمة دلت على قهره ما أصعب الموت وما بعده لو فكر الإنسان في أمره أيام طاعات الفتى وحدها هي التي تحسب من عمره لا تلهك الدنيا ولذاتها عن نهي مولاك ولا أمره وأنظر إلى من ملك الأرض هل صح له منها سوى قبره نثره قال في كتاب روضة الأنس ما نصه‏:‏ ويتعلقبهذا الباب ما خاطبني به الفقيه الكاتب الجليل أبو بكر البرذعي من أهل بلدنا أعزه الله‏:‏ أخبرك بعجاب إذ لا سر دونك ولا حجاب بعد أن أتقدم إليك أن لا تجعل باللوم إلى قبل علم ما لدي فإن الدهر أخدع من كفة الحابل وقلب الإنسان للآفات قابل‏.‏
مشيت يومًا إلى سوق الرقيق لأخذ حق فؤاد عتيق فرأيت بها جارية عسجدية اللون حديثة عهد بالصون متمايلة القد قايمة النهد بلحظ قد أوتى من السحر أوفر حظ وفم كشرطة رشحت بدم داخله سمطان لولاهما ما عرف النظم ولا حكم على الدر للعظم في صدغها لامان ما خط شكلهما قلم ولا قص مثلهما حلم‏.‏
لها جيد تتمناه الغيد وخصر هو قبضة الكف في الحصرر وردف يظلمه من يشبه به بالحقف ويدان خلقا للوشي وقدمان أهلتا للثم لا للمشي فتطاولت إليها الأعناق وبذلت فيها الأعلاق والمياسير عليها مغرم في القوم وتسوم أهل السوم وكل فيها يزيد ليبلغ ما يريد إلى أن جاء فتى صادق في حبه لا يبالي بفساد ماله في صلاح قلبه قعد المال عدًا ولم يجد غيره من التسليم بدًا فلما فاتتني تركت الأشواق وأتتني وانتقضت عزايم صبري فيما أتتني فالله الله تدارك أخاك سريعًا قبل أن تلفيه من الوجد صريعًا واستنزل خادمًا قبل أن تصبح عليه نادمًا ولن أحتاج أن أصفها إليك مع ما قصصته عليك وقد أهديتها درًا فخذها على جهة الفكاهة والدعابة‏.‏
ولا تطلع أخا جهل عليها فمن لم يدر قدر الشي عابه فأجبته نعم نعم أنعم الله بالك وسنى آمالك أنا بحول الله أرتاد لك من نحو هاتيك ما يسليك ويؤاتيك وإلا فبيضًا كاللجين هل القلب والعين زهرة غصن في روضة حسن ذات ذوايب كأنها الليل على نهار أو بنفسج في بهار‏.‏
لها وجه أبهى من الغنا وأشهى من نيل المنا فيه حاجبان كأنهما قوس صنعت من السبح ورصعت بعاج من البلح على عينين ساحرتين وبالعقل ساخرتين بهما تصاب الكبود وتشق القلوب قبل الجلود إلى فم كأنه ختام مسك على نظام سلك سقاه الحسن رحيقه فأنبتت دره وعقيقه وجيد في الحسن وحيد على صدر كأنه من مرمر فيه حقتا عاج طوقتا بعنبر قد خلقتا لعض في جسم غض له خصر مدمج وردفه يتموج وأطراف كالعنم رقمت رقم القلم من اللايي شهدن ابن المؤمل وقال في مثلها الأول إن هي تاهت فمثلها تاها أو هي باهت فمثلها باها من أين للغصن مثل قامتها أو أين لبدر مثل مرآها ما فعلت في العقول صابية‏.‏
ما فعلت في العقول عيناها تملكني بالهوى وأملكها فهأنا عبدها ومولاها فأيهما لست بذلت فيه الجهد وأرقيت للمجد والود إن شاء الله تعالى‏.‏
وأنا فيما عرض لسيدي حفظه الله على مايحب أعذره ولا أعذله وأنصره ولا أخذله لكني أقول كما قال بعض الحكماء لا ينبغي لمن قلبه رقيق أن يدخل سوق الرقيق إلا أن يكون قد جمع بين المال والجمال يتنافس في العالي ويسترخص بالثمن الغالي ولا يبالي بما قال الأيمة إذا وجد من يلايمه كما قال الشاعر‏:‏ ما انتفاع المحب بالمال إذا لم يتوصل به لوصل الحبيب إنما ينبغي بحكم الهوى أن ينفق المال في صلاح القلوب والسلام على سيدي ما كانت الفكاهة من شأن الوفا والمداعبة من شيم الظرفا ورحمة الله مولده‏:‏ ولد في محرم سنة إحدى وستماية‏.‏
وفاته‏:‏ توفي في عام أربعة وثمانين وستماية‏.‏
نقلت من خط صاحبنا الفقيه المؤرخ أبي الحسن بن الحسن‏.‏
قال‏:‏ أنشدني الشيخ الراوية الأديب القاضي الفاضل أبو الحجاج يوسف بن موسى بن سليمان المنتشافري قال أنشدني القاضي الفاضل أبو القاسم ابن الوزير أبي الحجاج ابن الحقالة قال أنشدني الأديب أبو الطيب صالح بن أبي خالد يزيد بن صالح بن شريف الرندي لنفسه ليكتب على قبره‏:‏ خليلي بالود الذي بيننا اجعلا إذا مت قبرى عضة للترحم عني مسلم يدنو فيدعو برحمةفإني محتاج لدعوة مسلم حرف العين من ترجمة الملوك والأمراء عبد الله بن إبراهيم بن علي بن محمد التجيبي الرئيس أبو محمد بن إشقيلولة قد مر شيء من ذلك في اسم الرئيس أبي إسحاق أبيه‏.‏
حاله كان أميرًا شهما مضطلعًا بالقضية شهير المواقف أبي النفس عالي الهمة انتزى على خاله أمير المسلمين الغالب بالله وكان أملك لما بيده من مدينة وادي آش ما إليها معززًا بأخيه الرئيس أبي الحسن مظاهره في الأمر ومشاركه في السلطان واستمرت الحال مدة حياة خاله السلطان‏.‏
ولما صار أمر إلى مخيفه ولي العهد‏.‏
استشرى الداء وأعضل الأمر وعمت الفتنة وزاحمه السلطان بالمنكب انفجم واعتوره بالحيلة حتى تحيف أطرافه وكان ما هو معلوم من إجازة أمير المسلمين أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق البحر إلى الجهاد‏.‏
ومال الحال بينه ويبين السلطان أمير المسلمين أبي عبد الله بن نصر إلى التقاطع وتصيرت مالقة إلى الإيالة المغربية ثم عادت إلى السلطان‏.‏
وفي أخريات هذه الأحوال أحكم السلطان مع طاغية الروم السلم وصرف وجهه إلى مطالبة الرئيس أبي محمد صاحب وادي آش فالجأه الحال إلى أن صرف الدعوة بوادي آش إلى السلطان بالمغرب ورفع شعاره فأقعد عنه‏.‏
ووقعت مراسلات أجلت عن انتقال الرئيس أبي محمد إلى وفاته دخلت قصر كتامة يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من ذي قعدة عام خمسة وخمسين وسبعماية في غرض الرسالة وزرت مقبرة الرؤساء بني إشقيلولة بظاهرها وفي قبة ضخمة البناء رحيبة الفناء نسيجة وحدها بذلك البلد بين منازل البلى وديار الفناء وبها قبر الرئيس أبي محمد هذا عن يسار الداخل بينه وبين جدار القبلة قبر وسنامه رخام متوب عليه‏:‏ قبر عزيز علينا لو أن من فيه يفدا أسكنت قرة عيني وقطعة القلب لحدا ما زال حكمًا عليه وما القضاء تعدا فللصبر أحسن ثوب به العزيز تردا وعند رأس السنام الرخامي مهد مائل من الرخام فيه‏:‏ ‏"‏ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليمًا‏.‏
هذا قبر الرييس الجليل الأعلى الهمام الأوحد الأسعد المبارك الأسنى الأسمى الأحفل الأكمل المجاهد المقدس المرحوم أبي عبد الله ابن الررئيس الجليل الهمام الأوحد الأسعد المبارك الأمضى الأسنى الأسمى المعظم المرفع المجاهد الأرضى المقدس المرحوم أبي إسحق إبراهيم بن إشقيلولة رحمه الله وعفا عنه وأسكنه جنته‏.‏
ظهر عفا الله عنه بوادي آش أمنها الله قاعدة من قواعد الأندلس وتسلكن ونشرت علامات سلطنته وضربت الطبول‏.‏
وجاهد منها العدو قصمه الله وظهر على خاله سلطان الأندلس وأقام في سلطنته نحوًا من ثلاث وعشرين سنة‏.‏
ثم قام بدعوة الملك الأعلى السلطان المؤيد المنصور أمير المسلمين المؤيد بالله أبي يعقوب أيده الله بنصره وأمده بمعونته ويسره فتنحى عن الأندلس للمغرب أنسه الله في جماد الأولى من عام ستة وثمانين وستماية فأعطاه أيده الله قصر عبد الكريم أمنه الله وأنعم عليه فأقام به مدة من ثمانية أعوام وجاز منه إلى الأندلس أمنها الله وجاهد بها مرتين ثم رجع إلى قصر عبد الكريم المذكور وتوفي شرف الله روحه الطيبة المجاهدة عشي يوم السبت العاشر من شهر محرم سنة خمس وتسعين وستماية‏.‏
عبد الله بن زيرى بن مناد الصنهاجي عبد الله بن بلقين بن باديس بن حبوس بن ماكسن بن زيرى بن مناد الصنهاجي أوليته‏:‏ قد مر من ذلك في اسم جده ما فيه كفاية‏.‏
حاله لقبه المظفر بالله الناصر لدين الله‏.‏
ولى بعد جده باديس في شوال سنة خمس وستين وأربعمائة وصحبه سماجه الصنهاجي تسع سنين‏.‏
قال الغافقي وكان قد حاز حظًا وافرًا من البلاغة والمعرفة شاعرًا جيد الشعر مطبوعه حسن الخط‏.‏
كانت بغرناطة ربعة مصحف بخطه في نهاية الصنعة والإتقان‏.‏
ووصفه ابن الصيرفي فقال كان جبانًا مغمد السيف قلقًا لا يثبت على الظهر عزهاة لا أرب له في النساء هيابة مفرط الجزع يخلد إلى الراحات ويستوزر الأغمار‏.‏
خلعه قال وفي عام ثلاثة وثمانين وأربعمائة تحرك أمير المسلمين يوسف ابن تاشفين لخلع رؤساء الأندلس فأجاز البحر ويمم قرطبة وتواترت الأنباء عن حفيد باديس صاحب غرناطة بما يغيظه ويحقده حسبما تقدم في اسم مؤمل مولى باديس‏.‏
وقدم إلى غرناطة أربع محلات فنزلت بمقربة منها ولم تمتد يد إلى شيء يوجد فسر الناس واستبشروا وأمنت البادية وتمايل أهل الحاضرة إلى القوى‏.‏
وأسرع حفي باديس في المال وألحق السوقة والحاكة واستكثر من اللفيف وألح بالكتب على أذفونش بما يطمعه‏.‏
وتحقق يوسف بن تاشفين استشراف الحضرة إلى مقدمه فتحرك‏.‏
وفي ليلة الأحد لثلاث عشرة خلت من رجب اجتمع إلى حفيد باديس صنائعه فخوفوه من عاقبة التربص وحملوه على الخروج إليه فركب وركبت أمه وتركا القصر على حاله ولقي أمير المسلمين على فرسخين من المدينة فترجل وسأله العفو فعفا عنه ووقف عليه وأمره بالركوب فركب وأٌبل حتى نزل بالمشايخ من خارج الحضرة‏.‏
وضطربت المحلات وأمر مؤملًا بثقافه في القصر فتولى ذلك وخرج الجم من أهل المدينة فبايعوا أمير المسلمين يوسف بن تاشفين فلقيهم وأنسهم وسكن جأشهم فاطمأنوا‏.‏
وسهل مؤمل إليه دخول الأعيان فأمر بكتب الصكوك ورفع أنواع القبالات والخراج إلا زكاة العين وصدقة الماشية وعشر الزرع‏.‏
واستقصى ما كان بالقصر فظهر على ما يحول الناظر ويروع الخاطر من الأعلاق والذخيرة ولاحلي ونفيس الجوهر وأحجار الياقوت وقصب المزمرد وآنية الذهب والفضة وأطباق البلور المحكم والجردإذانات والعراقيات والثياب الرفيعة والأنماط والكل والستاير وأوطية الديباج مما كان في ادخار باديس واكتسايه‏.‏
وأقبلت دواب الظهر من المنكب بأحمال السبيك والمسبوك اختلفت أم عبد الله لاستخراج ما أودع بطن الأرض حتى لم يبق إلا الخرثى والثقل والسقط ووزع ذلك الأمير على قواده ولم يستأثر منه بشيء‏.‏
قال ورغب إليه مؤمل في دخول القصر فركب إليه وكثر استحسانه إياه وأمر بحفظه وتفقد أوضاعه وأقنيته‏.‏
ونقل عبد الله إلى مراكش وسنه يوم خلع خمس وثلاثون سنة وسبعة أشهر فاستقر بها هو وأخوه تميم وحل اعتقالهما ورفه عنهما وأجرى المرتب والمساهمة عليهما‏.‏
وأحسن عبد الله أداء الطاعة مع لين الكلمة فقضيت مآربه وأسعفت رغباته وخف على الدولة واستراح واستريح منه ورزق الولد في الخمول فعاش له ابنان وبنت جمع لهم المال‏.‏
فلما توفي ترك مالًا جما‏.‏
مولده ولد عبد الله سنة سبع وأربعين وأربعماية‏.‏
عبد الله بن علي بن محمد التجيبي والرئيس أبو محمد بن إشقيلولة حاله كان رئيسًا شجاعًا بهمة حازمًا أيدًا جلدًا‏.‏
تولى مدينة مالقة عقب وفاة الرئيس واليها أبي الوليد بن أبي الحجاج بن نصر صنو أمير المسلمين الغالب بالله في أوايل عام خمسة وخمسين وستماية‏.‏
وكان صهر السلطان على إحدى بناته وله منه محل كبير ومكان قريب وله من ملكه حظ رغيب‏.‏
واستمرت حاله إلى عام أربعة وستين ستماية وقد ما بينه وبين ولي العهد الأمير أبي عبد الله محمد بن أمير المسلمين أبي عبد الله الغالب بالله إذ وغر له صدره ولا بنى أخيه الرئيسين أبي محمد وأبي الحسن إبني الرئيس أبي إسحق بن إشقيلولة المتأمرين بوادي آش فضايقهم أخافهم بما أداهم إلى الامتناع والدعاء لأنفسهم والاستمساك بما بأيديهم وعمت المسلمين الفتنة المنسوبة إليهم‏.‏
فانتزى هذا الرئيس بمدينة مالقة وكان أملك لما بيده واستعان بالنصري وشمر عن ساعد الجد فأباد الكثير من أعيان البلدة في باب توسم التهم وتطرق السعايات واستولى على أموالهم‏.‏
واستمرت الحال بين حرب أجلت فيها غلبة الأمير مخيفه ولي العهد بجيش النصرى ونازل مالقة أربعين يومًا وشعث الكثير بظاهرها وتسمى بعلم الأمير عند أهل مالقة وما بين سلم ومهادنة وفي عام ستين وستماية نازله السلطان الغالب بالله صهره وأعيا عليه أمر مالقة لأضطلاع هذا الرئيس بأمره وضبط من لنظره واستمساكه بعروة حزمه‏.‏
وفي بعض الأيام ركب السلطان في ثلاثة من مماليكه متخفيًا كاتمًا غرضه وقعد بباب المدينة‏.‏
فلما بصر به الرجال القايمون به هالهم الأمر وأدهشتهم الهيبة فأفرجوا له موقرين لجلاله آنسين لقلة أتباعه فدخل وقصد القصبة وقد نذر به الرئيس أبو محمد فبادر إليه راجلًا متبذلًا مهرولا حافيا‏.‏
ولما دنا منه ترامى على رجليه يقبلهما إظهارًا لحق أبوته وتعظيمًا لقدره ودخل معه إلى بنته وحفدته فترامى الجميع على أطرافه يلثمونها ويتعلقون بأذياله وأدرانه وهو يبكي إظهارًا للشفقة والمودة وتكلم الجميل‏.‏
وأقام معهم بياض يومه ثم انصرف إلى محلته وأتبعه الرئيس فأمره بالاستمساك بقصبته وملازمة محل إمرته وما لبث أن شرع في الارتحال عن ألطاف ومهادات وتقدير جرايات وإحكام هدية وتقرير إمارة إلى أن توفي السلطان رحمه الله فعاد الفتنة جزعة ووإلى ولده أمير المسلمين بعده الضرب على مالقة إلى أن هلك الرئيس أبو محمد واستقر بالأمور ولده المذكور في المحمدين وكان من الأمر ما ينظره في مكانه من أراد استيفاءه بحول الله‏.‏
عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد العزفي يكنى أبا طالب الرئيس الفقيه الكبير الشهير صاحب الأمر والرياسة والإمارة بستة نيابة عن أخيه الرئيس الصالح أبي حاتم بحكم الاستقلال في ذلك والاستبداد التام من غير مطالعة لأخيه ولا رجوع إليه في شيء من الأمور ولا تشوف من أخيه إلى ذلك لخروجه البتة عنه وإيثاره العزلة‏.‏ واشتغاله بنفسه‏.‏
حاله قد تقدم من ذكر أوليته ما فيه كفاية‏.‏
وكان من أهل الجلالة والصيانة وطهارة النشأة حافظًا للحديث ملازمًا لتلاوة كتاب الله عارفًا بالتاريخ عظيم الهيبة كبير القدر والصيت علاي الهمة شديد البأو معظما عند الملوك جميل الشارة ممتثل الإشارة لديهم عجيب السكينة والوقار بعيد المرمى شديد الانقباض مطاع السلطان بموضعه مرهوب الجانب من غير إيقاع بأحد ولا هتك حرمة محافظًا على إقامة الرسوم الحسبية والدينية‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:30 AM

ومن شعره في أغراض متعددة‏.‏
قال في الليل والسهر‏:‏
أطال ليلي الكمد فالدهر عندي سرمد ** وما أظن أنه لليلة الهجر غد
أقد هنيًا إنني لا أستطيع أرقد ** لواعج ما تنطفي وأدمع تضطرد
وكبدي كبد الهوى وأين مني الكبد ** ولا تسل عن جلدي والله مالي جلد
ومن شعره أيضًا في المقطوعات‏:‏
وليلة قصر من طولها بزورة من رشًا ** نافر أستوفر الدهر بها غالطًا
فأدغم الأول والآخر‏.‏
وقال من قصيدة مغربة في الإحسان‏:‏
وليلة نبهت أجفانها والفجر قد فجر نهر النهار **
والليل كالمهزوم في يوم الوغا والشهب مثل الشهب عند الفرار **
وفي الثريا قمر سافر عن غرة غير منها الشفار **
كأن عنقودًا بها ماثل إذ صار كالعرجون عند السرار **
كأنها تسبك ديناره وكفها تفتل منه سوار**
كأنما الظلماء مظلومة تحكم الفجر عليها فجار**
كأنما الصبح لمشتاقه إقبال دنيا بعد ذل افتقار **
كأنما الشمس وقد أشرقت وجه أبي عبد الآله استنار **
وفي وصف البحر والأنهار وما في معنى ذلك‏:‏
البحر أعظم مما أنت تحسبه ** من لم ير البحر يوما ما رأى عجبا
طام له حبب طاف على زورق ** مثل السماء إذا ما ملئت شهبا
وقال في وصف نهر‏:‏
وأزرق محفوف بزهر كأنه نجوم بأكناف المجرة تزهر **
يسيل على مثل الجمان مسلسلا كما سل عن غمد حسام مجوهر **
وقد صافح الأدواح من صفحاته حتى حباب بالنسيم مكسر **
ما أحسن العقل وآثاره لو لازم الإنسان إيثاره **
يصون بالعقل الفتى نفسه كما يصونه الحر أسراره **
لا سيما إن كان في غربة يحتاج أن يعرف مقداره **
ومن وصفه الجيش والسلاح‏:‏
وكتيبة بالدرعين كثيفة جرت ذيول الجحفل الجرار
وروض المنايا بينها القضب التي زفت بها الرايات كالأزهار
فيها الكماة بنو الكماة كأنها أسد الشرى بين القنا الخطار
متهللين لدى اللقاء كأنهم خلقت وجوههم من الأقمار
من كل ليث فوق برق خاطف بيمينه قدر من الأقدار
من كل ماض قد تقلد مثله فيصب آجالًا على الأعمار
لبسوا القلوب على الدروع وأسرعوا لأكفهم نارًا لأهل النار
وتقدموا ولهم على أعدايهم حنق العدا وحمية الأنصار
وأبيض صيغ من ماء ومن لهب على اعتدال فلم يخمد ولم يسل ماضي الغرار
يهاب العمر صولته كأنما هو مطبوع من الأجل أبهى من الوصل بعد الهجر منظره حسنًا وأقطع من دين على مال وأسمر ظن ما كل سابغة فخاض كالأيم يستشفى من النهل هام الكماة به حبًا ولا عجب من لوعة بمليح القد معتدل إذا الطعين تلقاه وأرعفه حسبته عاشقًا يبكي على طلل ومن ذلك قوله في وصف قوس‏:‏ تنكبها كحاجبه وسوى بأهداف الجفون لها نبالا فلم أر قبله بدرًا منيرا تحمل فوق عاتقه هلالا ومن ذلك وصف قلم‏:‏ وأصفر كالصب في رونق تظن به الحب ممن نحل بديع الصفات حديد السبات يطول الرماح وإن لم يطل يعبر عما وراء الضمير ويفعل ما فعل الظبا والذبل كلاهما شرف الله درهما وحبذ الخطتان الحكم والحكم ومن ذلك قوله في سكين الدواة‏:‏ أنا صمصامة الكتابة مالي من شبيه في المرهفات الرقاق فكأني في الحسن يوم وصال وكأني في القطع يوم فراق ومن ذلك قوله في المقص‏:‏ ومعتنقين ما اشتهرا بعشق وإن وصفا بضم واعتناق لعمر أبيك ما اعتنقا لمعنى سوى معنى القطيعة والفراق ومن ذلك قوله في الورد‏:‏ الورد سلطان كل زهر لو إنه دايم الورود بعد خدود الملاح شيء ما أشبه الورد بالخدود ومن ذلك قوله في الخيري‏:‏ وأزرق كمثل السماء فيه لمن ينظر سر عجيب شح مع الصبح بأنفاسه كأنما الصبح عليه رقيب وأخضر فستقي اللون غض يروق بحسن منظره العيونا أغار على الترنج وقد حكاه وزاد على اسمه ألفًا ونونا وقال من جملة قصايده المطولات التي تفنن فيها رحمه الله‏:‏ وغانية يغنى عن العود صوتها وجارية تسقى وساقية تجري بحيث يجر النهر ذيل مجرة يرف على حافاتها الزهر كالزهر وقد هزت الأرواح خصر كتايب بألوية بيض على أسل سمر رمى قزح نبلًا إليها فجردت سيوف سواقيها على دارع النهر وهبت صبا نجد فجرت غلايلا تجفف دمع الطل عن وجنة الزهر كأن بصفح الروض وشى صحيفة وكالألفات القضب والطرس كالتبر كأن به الأقحوان خواتما مفضضة فيها فصوص من التبر كأن به النرجس الغض أعيا ترقرق في أجفانها أدمع القطر كأن شذا الخيري زورة عاشق يرى أن جنح الليل أكتم للسرر أنظر إلى جذر في اللون مختلف البعض من سج والبعض من ذهب ومن ذلك قوله في الجزر‏:‏ إن قلت قصب فقل قصب بلا زهر أو قلت شمع فقل شمع بلا لهب وفي الاغتراب وما يتعلق به مما يقرب من المطولات‏:‏ غريب كما يلقى غريب فلا وطن لديه ولا حبيب تذكر أصله فبكى اشتياقا وليس غريبًا أن يبكي غريب ومما هاج أشواقي حديث جرى فجرى له الدمع السكوب ذكرت به الشباب فشق قلبي ألم تر كيف تنشق القلوب على زمن الصبا فليبك ومثلي فما زمن الصبا إلا عجيب جهلت شبيبتي حتى تولت وقدر الشيء يعرف إذ يغيب ألا ذكر الآله بكل خير بلادًا لا يضيع بها أديب بلاد ماؤها عذب زلال وريح هوائها مسك رطيب بها قلبى الذي قلبى المعنى يكاد من الحنين له يذوب ولا تحكم بأول ما تراه فإن الفجر أوله كذوب إلا إنا خلقنا في زمان يشيب بهوله من لا يشيب وقد لذ الحمام وطاب عندي وعيشي لا يلذ ولا يطيب لحى الله الضرورة فهي بلوى تهين الحر والبلوى ضروب رأيت المال يستر كل عيب ولا تخفى مع الفقر العيوب وفقد المال في التحقيق عندي كفقد الروح ذا من ذا قريب وقد أجهدت نفسي في اجتهاد وما أن كل مجتهد مصيب وقد تجري الأمور على قياس ولو تجري لعاش بها اللبيب كأن العقل للدنيا عدو فما يقضي بها أربًا أريب إذا لم يرزق الإنسان بختًا فما حسناته إلا ذنوب ومن نسيبه قوله في بادرة من حمام‏:‏ برزت من الحمام تمسح وجهها عن مثل ماء الورد بالعناب ومتيم لو كان صور نفسه ما زادها شيئًا سوى الإشفاق ما كان يرضى بالصدود وإنما كثرت عليه مسائل العشاق وقال‏:‏ وافي وقد زانه جمال فيه لعشاقه اعتذار ثلاثة ما لها مثال الوجه والخد والعذار فمن رآه رأى رياضا الورد والآس والبهار ومن ذلك قوله في ذم إخوة السوء‏:‏ ليس لإخوة باللسان أخوة فإذا تراد أخوتي لا تنفع لا أنت في الدنيا تفرج كربهعني ولا يوم القيامة تشفع وقال كذلك‏:‏ ولقد عرفت الدهر حين خبرته وبلوت بالحاجات أهل زمان فإذا الأخوة باللسان كثيرةوإذا الدراهم ميلق الإخوان من ذلك قوله في الصبر‏:‏ الدهر لا يبقى على حاله لكنه يقبل أو يدبر ومن ذلك قوله في الموت‏:‏ الموت سر الله في خلقه وحكمة دلت على قهره ما أصعب الموت وما بعده لو فكر الإنسان في أمره أيام طاعات الفتى وحدها هي التي تحسب من عمره لا تلهك الدنيا ولذاتها عن نهي مولاك ولا أمره وأنظر إلى من ملك الأرض هل صح له منها سوى قبره نثره قال في كتاب روضة الأنس ما نصه‏:‏ ويتعلقبهذا الباب ما خاطبني به الفقيه الكاتب الجليل أبو بكر البرذعي من أهل بلدنا أعزه الله‏:‏ أخبرك بعجاب إذ لا سر دونك ولا حجاب بعد أن أتقدم إليك أن لا تجعل باللوم إلى قبل علم ما لدي فإن الدهر أخدع من كفة الحابل وقلب الإنسان للآفات قابل‏.‏
مشيت يومًا إلى سوق الرقيق لأخذ حق فؤاد عتيق فرأيت بها جارية عسجدية اللون حديثة عهد بالصون متمايلة القد قايمة النهد بلحظ قد أوتى من السحر أوفر حظ وفم كشرطة رشحت بدم داخله سمطان لولاهما ما عرف النظم ولا حكم على الدر للعظم في صدغها لامان ما خط شكلهما قلم ولا قص مثلهما حلم‏.‏
لها جيد تتمناه الغيد وخصر هو قبضة الكف في الحصرر وردف يظلمه من يشبه به بالحقف ويدان خلقا للوشي وقدمان أهلتا للثم لا للمشي فتطاولت إليها الأعناق وبذلت فيها الأعلاق والمياسير عليها مغرم في القوم وتسوم أهل السوم وكل فيها يزيد ليبلغ ما يريد إلى أن جاء فتى صادق في حبه لا يبالي بفساد ماله في صلاح قلبه قعد المال عدًا ولم يجد غيره من التسليم بدًا فلما فاتتني تركت الأشواق وأتتني وانتقضت عزايم صبري فيما أتتني فالله الله تدارك أخاك سريعًا قبل أن تلفيه من الوجد صريعًا واستنزل خادمًا قبل أن تصبح عليه نادمًا ولن أحتاج أن أصفها إليك مع ما قصصته عليك وقد أهديتها درًا فخذها على جهة الفكاهة والدعابة‏.‏
ولا تطلع أخا جهل عليها فمن لم يدر قدر الشي عابه فأجبته نعم نعم أنعم الله بالك وسنى آمالك أنا بحول الله أرتاد لك من نحو هاتيك ما يسليك ويؤاتيك وإلا فبيضًا كاللجين هل القلب والعين زهرة غصن في روضة حسن ذات ذوايب كأنها الليل على نهار أو بنفسج في بهار‏.‏
لها وجه أبهى من الغنا وأشهى من نيل المنا فيه حاجبان كأنهما قوس صنعت من السبح ورصعت بعاج من البلح على عينين ساحرتين وبالعقل ساخرتين بهما تصاب الكبود وتشق القلوب قبل الجلود إلى فم كأنه ختام مسك على نظام سلك سقاه الحسن رحيقه فأنبتت دره وعقيقه وجيد في الحسن وحيد على صدر كأنه من مرمر فيه حقتا عاج طوقتا بعنبر قد خلقتا لعض في جسم غض له خصر مدمج وردفه يتموج وأطراف كالعنم رقمت رقم القلم من اللايي شهدن ابن المؤمل وقال في مثلها الأول إن هي تاهت فمثلها تاها أو هي باهت فمثلها باها من أين للغصن مثل قامتها أو أين لبدر مثل مرآها ما فعلت في العقول صابية‏.‏
ما فعلت في العقول عيناها تملكني بالهوى وأملكها فهأنا عبدها ومولاها فأيهما لست بذلت فيه الجهد وأرقيت للمجد والود إن شاء الله تعالى‏.‏
وأنا فيما عرض لسيدي حفظه الله على مايحب أعذره ولا أعذله وأنصره ولا أخذله لكني أقول كما قال بعض الحكماء لا ينبغي لمن قلبه رقيق أن يدخل سوق الرقيق إلا أن يكون قد جمع بين المال والجمال يتنافس في العالي ويسترخص بالثمن الغالي ولا يبالي بما قال الأيمة إذا وجد من يلايمه كما قال الشاعر‏:‏ ما انتفاع المحب بالمال إذا لم يتوصل به لوصل الحبيب إنما ينبغي بحكم الهوى أن ينفق المال في صلاح القلوب والسلام على سيدي ما كانت الفكاهة من شأن الوفا والمداعبة من شيم الظرفا ورحمة الله مولده‏:‏ ولد في محرم سنة إحدى وستماية‏.‏
وفاته‏:‏ توفي في عام أربعة وثمانين وستماية‏.‏
نقلت من خط صاحبنا الفقيه المؤرخ أبي الحسن بن الحسن‏.‏
قال‏:‏ أنشدني الشيخ الراوية الأديب القاضي الفاضل أبو الحجاج يوسف بن موسى بن سليمان المنتشافري قال أنشدني القاضي الفاضل أبو القاسم ابن الوزير أبي الحجاج ابن الحقالة قال أنشدني الأديب أبو الطيب صالح بن أبي خالد يزيد بن صالح بن شريف الرندي لنفسه ليكتب على قبره‏:‏ خليلي بالود الذي بيننا اجعلا إذا مت قبرى عضة للترحم عني مسلم يدنو فيدعو برحمةفإني محتاج لدعوة مسلم حرف العين من ترجمة الملوك والأمراء عبد الله بن إبراهيم بن علي بن محمد التجيبي الرئيس أبو محمد بن إشقيلولة قد مر شيء من ذلك في اسم الرئيس أبي إسحاق أبيه‏.‏
حاله كان أميرًا شهما مضطلعًا بالقضية شهير المواقف أبي النفس عالي الهمة انتزى على خاله أمير المسلمين الغالب بالله وكان أملك لما بيده من مدينة وادي آش ما إليها معززًا بأخيه الرئيس أبي الحسن مظاهره في الأمر ومشاركه في السلطان واستمرت الحال مدة حياة خاله السلطان‏.‏
ولما صار أمر إلى مخيفه ولي العهد‏.‏
استشرى الداء وأعضل الأمر وعمت الفتنة وزاحمه السلطان بالمنكب انفجم واعتوره بالحيلة حتى تحيف أطرافه وكان ما هو معلوم من إجازة أمير المسلمين أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق البحر إلى الجهاد‏.‏
ومال الحال بينه ويبين السلطان أمير المسلمين أبي عبد الله بن نصر إلى التقاطع وتصيرت مالقة إلى الإيالة المغربية ثم عادت إلى السلطان‏.‏
وفي أخريات هذه الأحوال أحكم السلطان مع طاغية الروم السلم وصرف وجهه إلى مطالبة الرئيس أبي محمد صاحب وادي آش فالجأه الحال إلى أن صرف الدعوة بوادي آش إلى السلطان بالمغرب ورفع شعاره فأقعد عنه‏.‏
ووقعت مراسلات أجلت عن انتقال الرئيس أبي محمد إلى وفاته دخلت قصر كتامة يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من ذي قعدة عام خمسة وخمسين وسبعماية في غرض الرسالة وزرت مقبرة الرؤساء بني إشقيلولة بظاهرها وفي قبة ضخمة البناء رحيبة الفناء نسيجة وحدها بذلك البلد بين منازل البلى وديار الفناء وبها قبر الرئيس أبي محمد هذا عن يسار الداخل بينه وبين جدار القبلة قبر وسنامه رخام متوب عليه‏:‏ قبر عزيز علينا لو أن من فيه يفدا أسكنت قرة عيني وقطعة القلب لحدا ما زال حكمًا عليه وما القضاء تعدا فللصبر أحسن ثوب به العزيز تردا وعند رأس السنام الرخامي مهد مائل من الرخام فيه‏:‏ ‏"‏ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليمًا‏.‏
هذا قبر الرييس الجليل الأعلى الهمام الأوحد الأسعد المبارك الأسنى الأسمى الأحفل الأكمل المجاهد المقدس المرحوم أبي عبد الله ابن الررئيس الجليل الهمام الأوحد الأسعد المبارك الأمضى الأسنى الأسمى المعظم المرفع المجاهد الأرضى المقدس المرحوم أبي إسحق إبراهيم بن إشقيلولة رحمه الله وعفا عنه وأسكنه جنته‏.‏
ظهر عفا الله عنه بوادي آش أمنها الله قاعدة من قواعد الأندلس وتسلكن ونشرت علامات سلطنته وضربت الطبول‏.‏
وجاهد منها العدو قصمه الله وظهر على خاله سلطان الأندلس وأقام في سلطنته نحوًا من ثلاث وعشرين سنة‏.‏
ثم قام بدعوة الملك الأعلى السلطان المؤيد المنصور أمير المسلمين المؤيد بالله أبي يعقوب أيده الله بنصره وأمده بمعونته ويسره فتنحى عن الأندلس للمغرب أنسه الله في جماد الأولى من عام ستة وثمانين وستماية فأعطاه أيده الله قصر عبد الكريم أمنه الله وأنعم عليه فأقام به مدة من ثمانية أعوام وجاز منه إلى الأندلس أمنها الله وجاهد بها مرتين ثم رجع إلى قصر عبد الكريم المذكور وتوفي شرف الله روحه الطيبة المجاهدة عشي يوم السبت العاشر من شهر محرم سنة خمس وتسعين وستماية‏.‏
عبد الله بن زيرى بن مناد الصنهاجي عبد الله بن بلقين بن باديس بن حبوس بن ماكسن بن زيرى بن مناد الصنهاجي أوليته‏:‏ قد مر من ذلك في اسم جده ما فيه كفاية‏.‏
حاله لقبه المظفر بالله الناصر لدين الله‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:34 AM

ولى بعد جده باديس في شوال سنة خمس وستين وأربعمائة وصحبه سماجه الصنهاجي تسع سنين‏.‏
قال الغافقي وكان قد حاز حظًا وافرًا من البلاغة والمعرفة شاعرًا جيد الشعر مطبوعه حسن الخط‏.‏
كانت بغرناطة ربعة مصحف بخطه في نهاية الصنعة والإتقان‏.‏
ووصفه ابن الصيرفي فقال كان جبانًا مغمد السيف قلقًا لا يثبت على الظهر عزهاة لا أرب له في النساء هيابة مفرط الجزع يخلد إلى الراحات ويستوزر الأغمار‏.‏
خلعه قال وفي عام ثلاثة وثمانين وأربعمائة تحرك أمير المسلمين يوسف ابن تاشفين لخلع رؤساء الأندلس فأجاز البحر ويمم قرطبة وتواترت الأنباء عن حفيد باديس صاحب غرناطة بما يغيظه ويحقده حسبما تقدم في اسم مؤمل مولى باديس‏.‏
وقدم إلى غرناطة أربع محلات فنزلت بمقربة منها ولم تمتد يد إلى شيء يوجد فسر الناس واستبشروا وأمنت البادية وتمايل أهل الحاضرة إلى القوى‏.‏
وأسرع حفي باديس في المال وألحق السوقة والحاكة واستكثر من اللفيف وألح بالكتب على أذفونش بما يطمعه‏.‏
وتحقق يوسف بن تاشفين استشراف الحضرة إلى مقدمه فتحرك‏.‏
وفي ليلة الأحد لثلاث عشرة خلت من رجب اجتمع إلى حفيد باديس صنائعه فخوفوه من عاقبة التربص وحملوه على الخروج إليه فركب وركبت أمه وتركا القصر على حاله ولقي أمير المسلمين على فرسخين من المدينة فترجل وسأله العفو فعفا عنه ووقف عليه وأمره بالركوب فركب وأٌبل حتى نزل بالمشايخ من خارج الحضرة‏.‏
وضطربت المحلات وأمر مؤملًا بثقافه في القصر فتولى ذلك وخرج الجم من أهل المدينة فبايعوا أمير المسلمين يوسف بن تاشفين فلقيهم وأنسهم وسكن جأشهم فاطمأنوا‏.‏
وسهل مؤمل إليه دخول الأعيان فأمر بكتب الصكوك ورفع أنواع القبالات والخراج إلا زكاة العين وصدقة الماشية وعشر الزرع‏.‏
واستقصى ما كان بالقصر فظهر على ما يحول الناظر ويروع الخاطر من الأعلاق والذخيرة ولاحلي ونفيس الجوهر وأحجار الياقوت وقصب المزمرد وآنية الذهب والفضة وأطباق البلور المحكم والجردإذانات والعراقيات والثياب الرفيعة والأنماط والكل والستاير وأوطية الديباج مما كان في ادخار باديس واكتسايه‏.‏
وأقبلت دواب الظهر من المنكب بأحمال السبيك والمسبوك اختلفت أم عبد الله لاستخراج ما أودع بطن الأرض حتى لم يبق إلا الخرثى والثقل والسقط ووزع ذلك الأمير على قواده ولم يستأثر منه بشيء‏.‏
قال ورغب إليه مؤمل في دخول القصر فركب إليه وكثر استحسانه إياه وأمر بحفظه وتفقد أوضاعه وأقنيته‏.‏
ونقل عبد الله إلى مراكش وسنه يوم خلع خمس وثلاثون سنة وسبعة أشهر فاستقر بها هو وأخوه تميم وحل اعتقالهما ورفه عنهما وأجرى المرتب والمساهمة عليهما‏.‏
وأحسن عبد الله أداء الطاعة مع لين الكلمة فقضيت مآربه وأسعفت رغباته وخف على الدولة واستراح واستريح منه ورزق الولد في الخمول فعاش له ابنان وبنت جمع لهم المال‏.‏
فلما توفي ترك مالًا جما‏.‏
مولده ولد عبد الله سنة سبع وأربعين وأربعماية‏.‏
عبد الله بن علي بن محمد التجيبي والرئيس أبو محمد بن إشقيلولة حاله كان رئيسًا شجاعًا بهمة حازمًا أيدًا جلدًا‏.‏
تولى مدينة مالقة عقب وفاة الرئيس واليها أبي الوليد بن أبي الحجاج بن نصر صنو أمير المسلمين الغالب بالله في أوايل عام خمسة وخمسين وستماية‏.‏
وكان صهر السلطان على إحدى بناته وله منه محل كبير ومكان قريب وله من ملكه حظ رغيب‏.‏
واستمرت حاله إلى عام أربعة وستين ستماية وقد ما بينه وبين ولي العهد الأمير أبي عبد الله محمد بن أمير المسلمين أبي عبد الله الغالب بالله إذ وغر له صدره ولا بنى أخيه الرئيسين أبي محمد وأبي الحسن إبني الرئيس أبي إسحق بن إشقيلولة المتأمرين بوادي آش فضايقهم أخافهم بما أداهم إلى الامتناع والدعاء لأنفسهم والاستمساك بما بأيديهم وعمت المسلمين الفتنة المنسوبة إليهم‏.‏
فانتزى هذا الرئيس بمدينة مالقة وكان أملك لما بيده واستعان بالنصري وشمر عن ساعد الجد فأباد الكثير من أعيان البلدة في باب توسم التهم وتطرق السعايات واستولى على أموالهم‏.‏
واستمرت الحال بين حرب أجلت فيها غلبة الأمير مخيفه ولي العهد بجيش النصرى ونازل مالقة أربعين يومًا وشعث الكثير بظاهرها وتسمى بعلم الأمير عند أهل مالقة وما بين سلم ومهادنة وفي عام ستين وستماية نازله السلطان الغالب بالله صهره وأعيا عليه أمر مالقة لأضطلاع هذا الرئيس بأمره وضبط من لنظره واستمساكه بعروة حزمه‏.‏
وفي بعض الأيام ركب السلطان في ثلاثة من مماليكه متخفيًا كاتمًا غرضه وقعد بباب المدينة‏.‏
فلما بصر به الرجال القايمون به هالهم الأمر وأدهشتهم الهيبة فأفرجوا له موقرين لجلاله آنسين لقلة أتباعه فدخل وقصد القصبة وقد نذر به الرئيس أبو محمد فبادر إليه راجلًا متبذلًا مهرولا حافيا‏.‏
ولما دنا منه ترامى على رجليه يقبلهما إظهارًا لحق أبوته وتعظيمًا لقدره ودخل معه إلى بنته وحفدته فترامى الجميع على أطرافه يلثمونها ويتعلقون بأذياله وأدرانه وهو يبكي إظهارًا للشفقة والمودة وتكلم الجميل‏.‏
وأقام معهم بياض يومه ثم انصرف إلى محلته وأتبعه الرئيس فأمره بالاستمساك بقصبته وملازمة محل إمرته وما لبث أن شرع في الارتحال عن ألطاف ومهادات وتقدير جرايات وإحكام هدية وتقرير إمارة إلى أن توفي السلطان رحمه الله فعاد الفتنة جزعة ووإلى ولده أمير المسلمين بعده الضرب على مالقة إلى أن هلك الرئيس أبو محمد واستقر بالأمور ولده المذكور في المحمدين وكان من الأمر ما ينظره في مكانه من أراد استيفاءه بحول الله‏.‏
عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد العزفي يكنى أبا طالب الرئيس الفقيه الكبير الشهير صاحب الأمر والرياسة والإمارة بستة نيابة عن أخيه الرئيس الصالح أبي حاتم بحكم الاستقلال في ذلك والاستبداد التام من غير مطالعة لأخيه ولا رجوع إليه في شيء من الأمور ولا تشوف من أخيه إلى ذلك لخروجه البتة عنه وإيثاره العزلة‏.‏ واشتغاله بنفسه‏.‏
حاله قد تقدم من ذكر أوليته ما فيه كفاية‏.‏
وكان من أهل الجلالة والصيانة وطهارة النشأة حافظًا للحديث ملازمًا لتلاوة كتاب الله عارفًا بالتاريخ عظيم الهيبة كبير القدر والصيت علاي الهمة شديد البأو معظما عند الملوك جميل الشارة ممتثل الإشارة لديهم عجيب السكينة والوقار بعيد المرمى شديد الانقباض مطاع السلطان بموضعه مرهوب الجانب من غير إيقاع بأحد ولا هتك حرمة محافظًا على إقامة الرسوم الحسبية والدينية‏.
مشيخته قرأ على الأستاذ أبي الحسين بن أبي الربيع وغيره‏.‏
نكبته تغلب على بلده أيام إمارته وثار أهله إليه في السلاح والعدة ليحيطوا بمن في القصبة‏.‏
فخرج إليهم وشكر مساعيهم وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل فانصرفوا ودخل منزله ملقيًا بيده ومسلمًا لقضاء الله سبحانه في كسره إلى أن قبض عليه وعلى ساير بنيه وقومه عند ارتفاع النهار وانتشار المتغلبين على القصبة فنقفوا متحرجين من دماء المسلمين وصرفوا إلى الأندلس في ضحو يوم الخميس الثاني عشر من ذي قعدة عام خمسة سبعماية بعد انقضاء خمسة عشر يومًا من تملك بلدهم‏.‏
فاستقر بغرناطة تحت ستر واحترام وجراية فيها كفاف‏.‏
ثم لما خرجت سبتة عن طاعة أمير المسلمين انصرف القوم إلى فاس فتوفي بها وفاته‏:‏ في شعبان المكرم من عام ثلاثة عشر وسبعماية عبد الله بن الجبير بن عثمن بن عيسى بن الجبير اليحصبي من أهل لوشة وهو محسوب من الغرناطيين قال الأستاذ من أعيانها ذوي الشرف والجلالة قلت ينسب إليه بها معاهد تدل على قدم وأصالة‏.‏
حاله قال أبو القاسم الملاحي كان أديبًا بارع الأدب كاتبًا بليغًا شاعرًا مطبوعًا لسنًا مفوهًا عارفًا بالنحو والأدب واللغات‏.‏
وقد مال في عنفوان شبيبته إلى الجندية لشهامته وعزة نفسه فكان في عسكر المأمون ابن عباد واشتمل عليه المأمون وكان من أظرف الناس وأملحهم شيبة وأحسنهم شارة وأمهم معرفة‏.‏
مشيخته أخذ عن أشياخ بلده غرناطة وأخذ بمالقة عن غانم الأديب وبقرطبة عن ابن سراج‏.‏
شعره وله في إنشاده لدى المأمون مجال رحب فمن ذلك قوله‏:‏ ويا مسرين للإخوان غائلة ومظهرين وجوه البر والرحب ما كان ضركم الإخلاص لو طبعت تلك النفوس على علياء أو أدب أشبهتم الدهر لما كان والدكم فأنتم شر أبناء لشر أب عبد الله بن سعيد بن السلماني عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن أحمد بن علي السلماني والد المؤلف رضي الله عنه يكنى أبا محمد غرناطي الولادة والاستيطان لوشي الأصل ثم طليطليه ثم قرطبيه‏.‏
أوليته كان سلفه يعرفون بقرطبة ببني وزير وهم بها أهل نباهة وبيتهم بيت فقه وخيرية ومالية ونجارهم نجار فرسان يمانية‏.‏
ولما حدث على الحكم بن هشام الوقيعة الربضية وكان له الفلج وبأهل الربض الدبرة كان أعلام هذا البيت من الجالية أمام الحكم حسبما امتحن به الكثير من أعلام المشيخة بها كالفقيه طالوت ويحيى بن يحيى وغيرهم ولحقوا بطليطلة فاستقروا بها ونبا بهم وطنهم ثم حوموا على سكنى الموسطة وآب إلى قرطبة قبلهم بعد عهد متقادم ومنهم خلف وعبد الرحمن وقد مر له ذكر في هذا الكتاب‏.‏
وولى القضاء بالكورة‏.‏
ومنهم قوم من قرابتهم تملكوا منتفريد والحصن المعروف الآن بالمنعة والخصب وتمدن فيهم وبنيت به القلعة السامية ونسب إليه ذلك المجد فهم يعرفون ببلدنا ببني المنتفريدين‏.‏
واستقر منهم جدنا الأعلى بلوشة خطيبًا وقاضيًا بالصقع ومشاورًا وهو المضاف إلى اسمه التسويد بلوشة عرفًا كأنه اسم مركب فلا يقول أحد منهم في القديم إلا سيدي سعيد‏.‏
كذا تعرفنا من المشيخة وإليه النسبة اليوم وبه يعرف خلفه ببني الخطيب وكان صالحًا فاضلًا من أهل العلم والعمل‏.‏
حدثني الشيخ المسن أبو الحكم المنتفريدي وقد وقفنى على جدار برج ببعض أملاكنا بها على الطريق الآتية من غرناطة إلى لوشة ثم إلى غيرها كإشبيلية وسواها فقال كان جدك يسكن بهذا البرج كذا من فصول العام ويتلو القرآن ليلًا فلا يتمالك المارون على الطريق أن يقربوا إصغاء لحسن تلاوته وخشوعًا‏.‏
وكان ولده عبد الله بعده على وتيرة حسنة من الخير والنباهة وطيب الطعمة ثم جده الأقرب سعيد على سننه مرب عليه بمزيد المعرفة وحسن الخط‏.‏
ولما وقع بلوشة بلده ما هو معروف من ثورة أصهارهم من بني الطنجالي وكان بينهم ما يكون بين الفحول في الهجمات من التشاجر فر عنهم خيفة على نفسه وعلى ذلك فناله اعتقال طويل عدا به عليه عن تلك الثورة‏.‏
ثم بان عذره وبرئت ساحته واستظهر به السطان وأقام بغرناطة مكرمًا مؤثرًا مؤتمنًا وصاهر في أشراف بيوتاتها فكانت عنده بنت الوزير أبي العلي أضحى بن أضحى الهمداني وتوفيت تحته فأنجز له بسببها الحظ في الحمام الأعظم المنسوب إلى جدها اليوم‏.‏
ثم تزوج بنت القايد أبي جعفر أحمد بن محمد الجعدالة السلمى أم الأب المترجم به ولها إلى السطان ثاني ملوك بني نصر وعظيمهم متات ببنوة الخؤولة من جهة القواد الأصلاء القرطبيين بني دحون فوضح القصد وتأكدت الحظوة‏.‏
وقد وقعت الإشارة إلى ذلك كله في محله‏.‏
ثم رسخت لولده أبي القدم في الخدمة والعناية حسبما يتقرر في موضعه‏.‏
حاله كان رحمه الله فذًا في حسن الشكل والأبهة وطلاقة اللسان ونصاعة الظرف وحضور الجواب وطيب المجالسة وثقوب الفهم ومشارًا إليه في الحلاوة وعذوبة الفكاهة واسترسال الانبساط مغييًا في ميدان الدعابة جزلًا مهيبًا صارمًا متجندًا رايق الخصل ركضًا وثقافة وعدوًا وسباحة وشطرنجًا حافظًا للمثل واللغة إخباريًا مضطلعًا بالتاريخ ناظمًا ناثرًا جميل البزة فاره المركب مليح الشيبة‏.‏
نشأ بغرناطة تحت ترف ونعمة من جهة أمه وأبيه وقرأ على أبي إسحق بن زرقال وأبي الحسن البلوطي ثم على أستاذ الجماعة أبي جعفر بن الزبير ظاهرة عليه مخيلة النجابة والإدراك‏.‏
ثم أقصر لعدم الحامل على الدؤوب وانتقل إلى بلد سلفه متحيفًا الكثير من الأصول في باب البذل وقرى الضيوف ومداومة الصيد وإيثار الراحة معتمدًا بالتجلة مقصود الحلة مخطوب المداخلة من أبناء أشرف الدولة منتجعًا لأولى الكدية‏.‏
ولما قام بالأمر السلطان أمير المسلمين أبو الوليد وأمه بنت السلطان ثاني الملوك من بني نصر جزم ما تقدم من المتات والوسيلة استنهضه للإعانة على أمره وجعل طريقه على بلده فحطب في حبله وتمسك بدعوته واعتمده بنزله وضيافته وكان أعظم الأسباب في حصول الأمر بيده ودخوله في حكمه وانتقل إلى حضرة الملك بانتقاله فنال ما شاء من اصطناعه وحظوته وجرى له هذا الرسم في أيام من خلفه من ولده إلى يوم الوقيعة الكبرى بطريف تاريخ فقده‏.‏
وجرى ذكره في كتاب الإكليل بما نصه‏:‏ إن طال الكلام وجمحت الأقلام كنت كما قيل مادح نفسه يقرئك السلام وإن أحجمت فما أسديت في الثناء ولا ألحمت وأضعت الحقوق وخفت ومعاذ الله العقوق‏.‏
هذا ولو أني زجرت طير البيان من أوكاره وجيته بعيون الإحسان وأبكاره لما قضيت حقه بعد ولا قلت إلا التي علمت سعد‏.‏
فقد كان رحمه الله ذمر عزم ورجل رخاء وأزم تروق أنوار خلاله الباهرة وتضيء مجالس الملوك من صورتيه الباطنة والظاهرة ذكاء يتوقد وطلاقة يحسد نورها الفرقد فقدته بكاينة طريف جبر الله عثارها حدث خطيب المسجد الأعظم وهو ما هو من وفور العقل وصحة النقل قال مررت بأبيك بعد ما تمت الكسرة وخذلت تلك الأسرة وقد كبا بأخيك الطرف وعرض عليه الحمام للصرف والشيخ رحمه الله لم تزل قدمه ولا راعه الموقف وعظمه‏.‏
ولما أيس من الخلاص وطلابه صرفني وقال أنا أولى به فقضى سعيدًا شهيدًا لم يستنفره الهول ولم يثنه ولا رضي عار الفرار عن ابنه‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:35 AM

شعره قال في الإكليل وكان له في الأدب فريضة وفي النادرة العذبة منادح عريضة‏.‏
تكلمت يومًا بين يديه في مسائل من الطب وأنشدته أبياتًا من شعري وقرأت عليه رقاعًا من إنشائي فسر وتهلل وعبر عما أمل وما برح أن ارتجل قوله رحمة الله عليه‏:‏ الطب والشعر والكتابة سماتنا في بني النجابة هن ثلاث مبلغات مراتبًا بعضها الحجابة ووقع لي يومًا بخطه على ظهر أبيات بعثتها إليه أعرض عليه نمطها‏:‏ وردت كما ورد النسيم بسحره عن روضة جاد الغمام رباها مصقولة الألفاظ بيهر حسنها بمثلها افتخر البليغ وباهى فقررت عينًا عند رؤية حسنها إلى أبوك وكنت أنت أباها ومن شعره قوله‏:‏ وقالوا قد نأوا فاصبر ستشفى فترياق الهوى بعد الديار فقلت هبوا بأن الحق هذا فقلبي يمموا فيم اصطبار ومن قوله مما يجري مجرى الحكم والأمثال‏:‏ عليك بالصمت فكم ناطق كلامه أدى إلى كلمه إن لسان المرء أهدى إلى غرته والله من خصمه يرى صغير الجرم مستضعفا وجرمه أكبر من جرمه وقال وهو من المستحسن في التجنيس‏:‏ أنا بالدهر يا بني خبير فإذا شئت علم فتعإلى كم مليك قد ارتغى منه روضا لم يدافع عنه الرحمن ما ارتغى لا كل شيء تراه يفنى ويبقى ربنا الله ذو الجلال تعإلى ولد بحضرة غرناطة في جمادى الأولى من عام اثنين وسبعين وستماية‏.‏
وفاته بعد يوم الوقيعة الكبرى على المسلمين بظاهر طريف يوم الاثنين السابع لجمادى الأولى عام واحد وأربعين وسبعماية‏.‏
من رثاه قلت في رثايه من قصيدة أولها‏:‏ سهام المنايا لا تطيش ولا تخطى وللدهر كف تسترد الذي تعطى وإنا وإن كنا على ثبج الدنا فلا بد يومًا أن تحل على الشط وسيان ذل الفقر أو عزة الغنى ومن أسرع السير الحثيث ومن يبط تساوى على ورد الردى كل وارد فلم يغن رب السيف عن ربة القرط وقال شيخنا أبو زكريا بن هذيل من قصيدة يرثيه بها‏:‏ إذا أنا لم أرث الصديق فما عذري إذا قلت أبياتا حسانًا من الشعر ولو كان شعري لم يكن غير ندبة وأجريت دمعي لليراع عن الحبر رماني عبد الله يوم وداعه بداهية دهياء قاصمة الظهر قطعت رجائي حين صح حديثه فإن لم يوف دمعي فقد خانني صبري وهل مؤنس كابن الخطيب لوحشتي أبث له همي وأودعه سري عبد الله بن محمد بن جزي عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن جزي من أهل غرناطة يكنى أبا محمد وقد مر ذكر أبيه شيخنا وأخويه وتقررت نباهة بيتهم‏.‏
حاله هذا الفاضل قريع بيت نبيه وسلف شهير وأبوة خيرة وأخوة بليغة وخؤولة تميزت من السلطان بحظوة‏.‏
أديب حافظ قام على فن العربية مشارك في فنون لسانية سواه طرف في الإدراك جيد النظم مطواع القريحة باطنه نبل وظاهره غفلة‏.‏
قعد للإقراء ببلده غرناطة معيدًا ومستقلًا ثم تقدم للقضاء بجهات نبيهة على زمن الحداثة وهو لهذا العهد مخطوب رتبة وجار إلى غاية وعين من أعيان البلدة‏.‏
مشيخته أخذ عن والده الأستاذ الشهير أبي القاسم حديث الرحمة بشرطه وسمع عليه على صغر السن أبعاضًا من كتب عدة في فنون مختلفة كبعض صحيح مسلم وبعض صحيح البخارري وبعض الجامع للترمذي وبعض السنن للنسائي وبعض سنن أبي داود وبعض موطإ ملك بن أنس وبعض الشفاء لعياض وبعض الشمايل للترمذي وبعض الأعلام للنميري وبعض المشرع السلس في الحديث المسلسل لابن أبي الأحوص وبعض كتاب التيسير لأبي عمرو الداني وبعض الهداية للمهدي وبعض التلخيص للطبري وبعض كتاب الدلالة في إثبات النبوة والرسالة لأبي عامر بن ربيع وبعض كتاب حلبة الأسانيد وبغية التلاميذ لابن الكماد وبعض كتاب وسيلة المسلم في تهذيب صحيح مسلم من تواليف والده وبعض القوانين الفقهية وبعض كتاب الدعوات والأذكار وبعض كتاب النور المبين في قواعد عقايد الدين من تأليفه وبعض تقريب الوصول إلى علم الأصول وبعض كتاب الصلاة وبعض كتاب الأنوار السنية في الكلمات السنية وبعض كتاب برنامجه‏.‏
كل ذلك من تأليف والده رحمه الله‏.‏
وأجاز له رواية الكتب المذكورة عنه مع رواية جميع مروياته وتواليفه وتقييداته إجازة عامة‏.‏
ولقنه في صغره جملة من الأحاديث النبوية والمسائل الفقهية والمقطوعات الشعرية‏.‏
ومنهم قاضي الجماعة أبو البركات بن الحاج حدثة بألمرية حديث الرحمة بشرطه وسمع عليه بها وبغرناطة عدة من أبعاض كتب وأجازه عامة وأنشده من شعره وشعر غيره‏.‏
ومنهم قاضي الجماعة الشريف أبو القاسم لازمه مدة القراءة عليه واستفاد منه وتفقه عليه بقراءة غيره في كثير من النصف الثاني من كتاب سيبويه وفي كثير من النصف الثاني من كتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي وفي كثير من كتاب التسهيل لابن مالك وفي القصيدة الخزرجية في العروض وسمع من لفظه الربع الواحد أو نحوه من تأليفه شرح مقصورة حازم وتفقه عليه فيه وأنشده كثيرًا من شعره وشعر غيره‏.‏
ومنهم الأستاذ أبو عبد الله البياني لازمه مدة القراءة عليه وتفقه عليه بقراءته في كتاب التسهيل البديع في اختصار التفريع إلا يسيرًا منه وتفقه عليه بقراءة غيره في أبعاض من كتب فقهية وغيرها ككتاب التهذيب وكتاب الجواهر الثمينة وكتاب التفريع وكتاب الرسالة لابن أبي زيد وكتاب الأحكام لابن العربي وكتاب شرح العمدة لابن دقيق العيد وغير ذلك مما يطول ذكره‏.‏
ومنهم الأستاذ الأعرف الشهير أبو سعيد بن لب تفقه عليه بقراءته في جميع النصف الثاني من كتاب الإيضاح للفارس وفي كثير من النصف الأول من كتاب سيبويه وتفقه عليه بقراءة غيره في أبعاض من كتب عدة في فنون مختلفة كالمدونة والجواهر وكتاب ابن الحاجب وكتاب التلقين وكتاب الجمل وكتاب التسهيل والتنقيح والشاطبية وكتاب العمدة في الحديث وغير ذلك‏.‏
ومنهم الشيخ المقرى المحدث أبو عبد الله محمد بن بيبش سمع عليه بقراءة أخيه الكاتب أبي عبد الله محمد جميع كتاب الموطأ وكتاب الشفا إلا يسيرًا منه وأجازه روايتهما عنه ورواية جميع مروياته إجازة عامة وأنشده جملة من شعره وشعر غيره‏.‏
وممن أجازه عامة رئيس الكتاب أبو الحسن بن الجياب وقاضي الجماعة أبو عبد الله بن يحيى بن بكر الأشعري والخطيب أبو علي القرشي والأستاذ أبو محمد بن سلمون والحاج الراوية أبو جعفر ابن جابر والشيخ القاضي أبو جعفر أحمد بن عتيق الشاطبي الأزدي والقاضي الكاتب البارع أبو بكر بن شبرين والقاضي الخطيب الأستاذ الراوية أبو بكر بن الشيخ الخطيب الصالح أبي جعفر بن الزيات والقاضي الخطيب أبو محمد بن محمد بن الصايع‏.‏
وممن كتب له بالإجازة من المشايخ شيخ المشايخ أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان وقاضي الجماعة بفاس محمد بن محمد بن أحمد المقري ورئيس الكتاب أبو محمد الخضرمي وجماعة سوى من ذكر من أهل المشرق والمغرب‏.‏
شعره وشعره نبيل الأغراض حسن المقاصد فمن ذلك قوله‏:‏ سنى الليلة الغرا وافتك بالبشرى وأبدى منها وجه القبول لك البشرا لها المنة العظمى بميلاد أحمد لها الرتبة العليا لها العزة الكبرا طوى سره في صدر الدهر مدة فوافى ربيعًا ناشرًا ذلك السرا حوى شهرة الفضل الشهير وفضله فأحسن به فضلًا وأعظم به شهرا لقد كان ليل الكفر في الليل قد جفا فأطلع منه في سمة الهدي فجرا وفي ليلة الميلاد لاحت شواهد قضت أندين الكفر قد أبطل الكفرا لقد أخمدت أنوارها نار فارس وأرجف كما ارتج إيوانه كسرى له معجزات يعجز القلب كنهها ويحصر إن رام اللسان لها حصرا معال يكل الشعر عن نيل وصفها وتقصر عن إدراك مصعده الشعرا به بشر الرسل الكرام ولم تزل شمايله تتلى وآياته تترا ففي الصحف الأولى مناقبه العلى وفي الذكر آيات رخص له قدرا لقد خصه مولاه بالقرب والرضى وحسبك ما قد نص في النجم والإسرا ورد عليه الشمس بعد غروبهاوشق على رغم العداة له البدرا كفى شاهدا أن رد عين قتادة فكان لها الفضل المبين على الأخرا وحن إليه الجذع عند فراقه ولا حنت الخنساء إذ فارقت صخرا وحق له إذ بان عنه حبيبه ومن ذاق طعم الوصل لم يحمل الهجرا خليلي ولادنيا تجدد للفقر ضروبا من الأشواق لو تنفع الذكرا بعيشكما هل لي إلى أرض طيبة سبيل فأما الصبر عنها فلا صبرا منًا للنفس من تلك المعاهد زورة أبث بها شكوى وأشكو بها وزرا وتعفير خدي في عروق ترابها ليمحو لي ذنبا ويثبت لي أجرا تعللني نفسي بإدراكها المنا وما أجهدت عيشًا ولا ملكت قفرا ومن كانت الآمال أقصى اجتهاده غدت كفه مما تأمله صفرا وكم زجرتها واعظات زمانها فما سمعت وعظًا ولا قبلت زجرا وكنت لها عصر الشبيبة عاذرًا سقاه الحيا ما كان أقصره عصرا وأما وقد ولت ثلاثون حجة فلست أرى للنفس من بعدها عذرا هو المرتضى الداعي إلى منهج الرضا هو المصطفى الهادي الميسر لليسرا هو الحاسر الماحي الضلالة بالهدى هو الشافع الواقي إذ شهر الحشرا بأي كلام يبلغ المرء وصف من مكارمه تستغرق النظم والنثرا خلال إذ الأفكار جاست خلالها تكر على الأعقاب خاسئة خسرا لقد غض طرف النجم باهرها سنى وأرغم أنف الروض عاطرها نشرا سقى ليلة حييت به واكف الحيا فنعماؤها ما إن يحيط بها شكرا لقد خصها سند الإله برحمة فعمت بها الدنيا وسكانها طرا أقمت أمير المسلمين حقوقها بأفعال بر أضحكت للهدى ثغرا لقد سرت فيها إذ أتتك بسره أقرت لها عينا وسرت لها صدرا عرفت بها حق الذي عرفت به فأحسنتها شكرا وأوليتها برا وأصحبتها الإخلاص لله والتقا وأعقبها الإحسان والنايل الغمرا لدي مصنع ملأ العيون محاسنًاتجسم فيه السحر حتى بدا قصرا هم ما هم إن تلقهم في مهمة لقيت الجناب السهل والمعقل الوعرا سلالة أنصار النبي محمد فسل أحدا ينبيك عنهم وسل بدرا ومن شعره في المقطوعات‏.‏
قال في التورية العروضية‏:‏ لقد قطعت قلبي يا خليلي بهجر طال منك على العليل ولكن ما عجيب منك هذا إنه التقطيع من شأن الخليل وقال في التورية النحوية‏:‏ لقد كنت موصولًا فأبدل وصلكم بهجر وما مثلي على الهجر يصبر فما بالكم غيرتم حال عبدكم وعهدي بالمحبوب ليس يغير وقال في التورية مداعبًا بعض المقرئين للعدد وهو بديع‏:‏ يا ناصبًا علم الحساب حباله لقناص ظبي ساحر الألباب إن كنت ترجو بالحساب وصاله فالبدر يرزقنا بغير حساب وقال في التورية العروضية‏:‏ لقد كمل الود بينناودمنا على فرح شامل فإن دخل القطع في وصلنا فقد يدخل القطع في الكامل ألا اكتمك حب من أحببت واصبر فإن الهجر يحدثه الكلام وإن أبداه دمع أو نحول فمن بعد اجتهادي لا تلام وقال‏:‏ وأشنب الثغر له وجنة تعدت النحل على وردها ما ذاك إلى حسد إذ رأت رضابه أعذب من شهدها وقال في التورية بأسماء كتب فقهية جوابًا غير معمى‏:‏ لك الله من خل حباني برقعة حبتني من أبياتها بالنوادر رسالة رمز في الجمال نهاية وخيرة نظم أتحفت بالجواهر وقال في التورية أيضًا‏:‏ إلى الله أشكو عذرًا ترددا إلي فلما لاح سرى لهم حالوا لقد خدعوني إذ أروني مودة ولكنه لا غرو أن يخدع الآل وقال يخاطب رجلًا من أصحابه‏:‏ أيا حسن إن شتت الدهر شملنا فليس لود في الفؤاد شتات وقال في النسيب‏:‏ إن كان باب القرب قد سد بيننا ولم يبق لي في نيل وصلك مطمع وأخفرت عهدي دون ذنب جنيته وأصبح ودي فيك وهو مضيع ولم ترث لي عما ألاقي من الأسى وصرت أنادي منك من ليس يسمع وضاقت بي الأحوال عن كل وجهة فما أرتجي من رحمة الله أوسع ومما نظمه في التضمين مخاطبًا بعض المنتحلين للشعر قوله‏:‏ لقد صرت في غصب القصايد ماهرا فما اسم جميع الشعر عندك غيزل ولم تبق شعرا لامرئ متقدم ولم تبق شعرا يا بن بشت لأول فشعر جرير قد غصبت ورويه وشعر ابن مرج الكحل وابن المرحل وإن دام هذا الأمر أصبحت تدعى قفا نبك من ذكري حبيب ومنزل ومن المقريين والعلماء عبد الله بن العبدري الكواب عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن مجاهد العبدري الكواب من أهل غرناطة يكنى أبا محمد الخطيب المقرئ حاله من الصلة‏:‏ كان رحمه الله أتقن أهل زمانه في تجويد كتاب الله العزيز وأبرعهم في ذلك وأنفعهم للمتعلم نفع الله به كل من قرأ عليه وترك بعده جملة يرجع إليهم في ذلك ويعمل على ما عندهم‏.‏
وكان مع ذلك نبيه الأغراض في جميع ما يحتاج إليه في علمه ذاكرا للإختيارات التي تنسب للمقرئين من يرجح ويعلل ويختار ويرد موفقًا في ذلك صابرًا على التعليم دايبًا عليه نهاره وليله ذاكرا لخلاف السبعة‏.‏
رحل الناس إليه من كل مكان خاصتهم وعامهم وملأ بلده تجويدًا وإتقانا وكان مع هذا فاضلًا ورعًا جليلًا‏.‏
خطب بجامع غرناطة وأم به مدة طويلة إلى حين وفاته‏.‏
مشيخته أخذ القراءات عن الحاج أبي الحسين بن كوثر وأبي خالد بن رفاعة وأبي عبد الله بن عروس‏.‏
ورحل إلى بياسة فأخذ بها القراءات عن أبي بكر ابن حسون وأخذ مع هؤلاء عن جعفر بن حكم وأبي جعفر بن عبد الرحيم وأبي الحسن الصدفي الفاسي وسمع عليه كثيرًا من كتاب سيبويه تفقهًا وأجاز له كتابة القاضي أبو بكر بن أبي جمرة مع آخرين ممن أخذوا عنه‏.‏
من أخذ عنه روى عنه الناس أهل بلده وغيرهم منهم ابن أبي الأحوص وأبو عبد الله بن إبراهيم المقرى‏.‏
وفاته توفي سنة ثلاث وثلاثين وستماية ودفن بمقبرة باب إلبيرة‏.‏
ابن سلمون عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن سلمون الكناني من أهل غرناطة يكنى أبا محمد ويعرف بابن سلمون حاله كان رحمه الله نسيج وحده دينًا وفضلًا وتخلقًا ودمائه ولين جانب حسن اللقاء سليم الباطن مغرقًا في الخير عظيم الهشة والقبول كريم الطوية عظيم الانقياد طيب اللهجة متهالكًا في التماس الصالحين يتقلب في ذلك بين الخطإ والإصابة صدرًا في أهل الشورى‏.‏
قرأ ببلده وسمع وأسمع وأقرأ وكتب الشروط مدة مأثور العدالة معروف النزاهة مثلًا في ذلك ويقوم على العربية والفقه خصوصًا باب البيوع ويتقدم السباق في معرفة القراءات منقطع القرين في ذلك أشد الناس خفوفًا في الحوايج وأسرعهم إلى المشاركة‏.‏
مشيخته قرأ على الأستاذ الكبير أبي جعفر بن الزبير بغرناطة ولازمه فانتفع به دراية ورواية‏.‏
وقرأ على الخطيب أبي الحسن بن فضيلة والمكتب أبي الحسن البلوطي وأبي محمد النفزي والخطيب أبي جعفر الكحيلي‏.‏
وبمالقة على الأستاذ أبي محمد الباهلي‏.‏
وبسبتة على الأستاذ المقري رحلة وقته أبي القاسم بن الطيب وسمع عله الكثير‏.‏
وعلى الأستاذ أبي عبد الله الدارج ولازم مجلس إقرايه وعلى الشيخ المعمر أبي عبد الله ابن الخطار الكامي وهو أعلى من لقيه من تلك الحلبة‏.‏
وأخذ بالإجازة عن العدل أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن النولي وروايته عاليه‏.‏
لقي أب الربيع بن سالم ولقي بسبتة الشريف الراوية أبا علي الحسن بم بن أبي الشرف ربيع والأديب الكاتب أبا علي الحسين بن عتيق بن الحسين ابن رشيق‏.‏
وبفاس الفقيه أبا غالب محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغيلي‏.‏
وقرأ على الخطيب المحدث أبي عبد الله بن رشيد‏.‏
وسمع على ذي الوزارتين أبي عبد الله بن الحكيم‏.‏
ولقي الأديب المعمر مالك بن المرحل‏.‏
وأجازه أبو عمران موسى بن الخطيب أبي الحسن الداري برندة‏.‏
وأجازه من أهل المشرق كثير منهم عز الدين أحمد بن محمد الحسني بقية الأشراف بالديار المصرية وجمال الدين أحمد بن محمد بن عبد الله الظاهري ونجم الدين أحمد بن حمدان الحراني وجمال الدين أحمد ابن أبي الفتح الشيباني وأحمد بن عبد المنعم الصوفي ومولده عام أحد وستماية وأحمد بن سلمان بن أحمد المقدسي وأحمد بن عبد الحميد ابن عبد الهادي وشمس الدين إبراهيم بن سرور المقدسي والخطيب بالمسجد الأعظم ببجاية أبو عبد الله بن صالح الكناني وأبو عبد الله محمد أبي خمسة محمد بن البكري بن أبي بكر وأبو عبد الله محمد بن علي ابن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القشيري وابن دقيق العيد تقي الدين وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعد بن جماعة والشيخة الصالحة أم محمد عائشة بنت أبي الخطاب محمد بن أحمد بن خليل السكوني‏.‏
وأجازه نحو من المايتين من أهل المشرق والمغرب‏.‏
ولقي بفاس الشيخة الأديبة الطيبة الشاعرة سارة بنت أحمد بن عثمان بن الصلاح الحلبية وأجازته وألبسته خرقة التصوف‏.‏
قال‏:‏ وأنشدتني قصيد أجابت بها الخطيب المحدث أبا عبد الله ابن رشيد أولها يعني قصيدة ابن رشيد‏:‏ سرى نسيم من حمى سارة عاد به كل نسيم عاطرا وجال أفكار الدنا ذكرها فسار فيها مثلا سايرا دايرة والمجد قطب لها دارت عليه فلكًا دايرا فقالت‏:‏ وافي قريض منكم مذ غدا لبعض أوصافكم ذاكرا أطلع من أنفاسه الحجا ومن شذاه نفسًا عاطرا أعاد ميت الفكر من خاطري من بعد دفن في الثرى ناشرا فقلت لها هالتي حسنه أشاعرًا أصبح أم ساحرا أم روضة هذى التي قد نوى أم بدر تم قد بدا زاهرا لله ما أعذب ألفاظه وأنور الباطن والظاهرا يا ابن رشيد بل أبا الرشد يا من يزل لطي العلى ناشرا خذ ما فدتك النفس يا سيدي وكن لمن نظمها عاذرا ما تصل الأنثى بتقصيرها لأن تبارى ذكرًا ماهرا لازلت تحيى من رسوم العلا ما كان منها دارسًا دائرا تصانيفه الكتاب المسمى بالشافي في تجربة ما وقع من الخلاف بين التيسير والتبصرة والكافي لا نظير له‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:36 AM

مولده ولد بغرناطة بلده في الثاني والعشرين لذي قعدة من عام تسعة وستين وست ماية‏.‏
وفاته فقد في الوقيعة العظمى بطريف يوم الاثنين السابع لجمادى الأولى من عام أحد وأربعين وسبعماية‏.‏
حدث بعض الجند أنه رآه يتحامل وجرح بصدره يثعب دمًا وهو رابط الجأش فكان آخر العهد به‏.‏
تقبل الله شهادته‏.‏
عبد الله بن سهل الغرناطي يكنى أبا محمد وينبز بالوجه نافخ حاله من كتاب ابن حمامة قال عني بعلم القرآن والنحو والحديث عناية تامة وبهذا كنت أسمع الثناء عليه من الأشياخ في حال طفولتي بغرناطة ثم شهر بعد ذلك بعلم المنطق والعلوم الرياضية وساير العلوم القديمة وعظم بسببها وامتد صيته من أجلها وأجمع المسلمون واليهود والنصارى أن ليس في زمانه مثله ولا في كثير ممن تقدمه وبين هذه الملل الثلاثة من التحاسد ما عرف‏.‏
وكانت النصارى تقصده من طليطلة تتعلم منه أيام كان ببياسة وله مع قسيسهم مجالس في التناظر حاز فيها قصب السبق‏.‏
قال ثم خرج عن بياسة وسار إلى نظر ابن همشك عند خروج النصارى عن بياسة‏.‏
وله تواليف‏.‏
وهو الآن بحاله‏.‏
قلت تاريخ هذا القول عام ثلاثة وخمسين وخمسماية‏.‏
يكنى أبا محمد ويعرف بابن خروج من أهل قلعة أيوب‏.‏
حاله فقيه حافظ لمذهب مالك‏.‏
استوطن غرناطة وسكنها‏.‏
تواليفه ألف في الفقه كتابًا مفيدًا سماه المنوطة على مذهب مالك في ثمانية أسفار أتقن فيها كل الإتقان‏:‏ وفاته ‏:‏ توفي بها سنة اثنيتين وستين وخمسماية وقد قارب المائة‏.‏
القرطبي عبد الله بن الحسن بن أحمد بن يحيى بن عبد الله الأنصاري مالقى قرطبي الأصل يكنى أبا محمد ويعرف بالقرطبي وقرأ بغرناطة‏.‏
حاله كان في وقته ببلده كامل المعارف صدرا في المقرئين والمجودين رئيس المحدثين وإمامهم واسع المعرفة مكثرًا ثقة عدلًا أمينا مكين الرواية رايق الخط نبيل التقييد والضبط ناقدًا ذاكرًا أسماء رجال الحديث وطبقاتهم وتواريخهم وما حلوا به من جرح وتعديل لا يدانيه أحد في ذلك عزيز النظر متيقظًا متوقد الذهن كريم الخلال حميد العشرة دمثًا متواضعًا حسن الخلق محببًا إلى الناس نزيه النفس جميل الهيئة وقورًا معظمًا عند الخاصة والعامة دينًا زاهدًا ورعًا فاضلا نحويًا ماهرًا ريان من الأدب قائلًا الجيد من الشعر مقصدا ومقطعًا وكان له بجامع مالقة الأعظم مجلس عام سوى مجلس تدريسه يتكلم فيه على الجديث إسنادًا ومتنًا بطريقة عجز عنها الكثير من أكابر أهل زمانه‏.‏
وتصدر للإقراء ابن عشرين سنة‏.‏
من أخباره في العلم والذكاء‏:‏ قالوا قرئ عليه يومًا باب الابتداء بالكلم التي يلفظ بها في إيضاح الفارس وكان أحسن الناس قيامًا عليه فتكلم على المسألة الواقعة في ذلك الباب المتعلقة بعلم العروض وكان في الحاضرين من أحسن صناعته فجاذبه الكلام وضايقه المباحثه حتى أحس الأستاذ من نفسه التقصير إذ لم يكن له قبل كبير نظر في العروض فكف عن الخوض في المسألة وانصرف إلى منزله وعكف ساير اليوم على تصفح علم العروض حتى فهم أغراضه وحصل تواليفه وصنف فيه مختصرًا نبيلًا لخص في صدوره ضروبه وأبدع فيه بنظم مثله وجاء به من الغد معجزًا من رآه أو سمع به فبهت الجاضرون وقضوا العجب من اقتداره وذكائه ونفوذ ومن أخباره في الدين‏:‏ قال أبو أحمد جعفر بن زعرور العاملي المالقي تلميذه الأخص به بت معه ليلة في دويرته التي كانت له بجبل فاره للإقراء والمطالعة فقام ساعة كنت فيها يقظانا وهو ضاحك مسرور يشد يده كأنه ظفر بشيء نفيس فسألته فقال رأيت كأن الناس قد حشروا في العرض على الله وأتى بالمحدثين وكنت أرى أبا عبد الله النصيرى يؤتى به فيوقف بين يدي الله تعإلى فيعطى براءته من النار ثم يؤتى بي فأوقفت بين يدي ربي فأعطاني براءتي من النار فاستيقظت وأنا أشد عليها يدى ربي فأعطاني براءتي من النار فاستيقظت وأنا أشد عليها يدي اغتباطا بها وفرحا والحمد لله‏.‏
مشيخته تلا بمالقة على أبيه وأبي زيد السهيلى والقاسم بن دحمان وروى عنهم وعن أبي الحجاج بن الشيخ وأبوي عبد الله بن الفخار وابن نوح وابن كامل وابن جابر وابن بونة‏.‏
وبالمنكب عن عبد الوهاب الصدفي‏.‏
وحضر بمالقة مجلس أبي إسحق بن قرقول‏.‏
وبإشبيلية عن أبي بكر بن الجد وابن صاف وأبي جعفر بن مضاء وأبوي الحسن عبد الرحمن بن مسلمة وأبي عبد الله بن زرقون وأبي القاسم بن عبد الرازق وأبي محمد بن جمهور‏.‏
وبغرناطة عن أبوي جعفر بن حكم الحصار وابن شراحيل وأبي عبد الله بن عروس وأبوي محمد عبد الحق النوالشي وعبد المنعم بن الفرس‏.‏
وبمرسية عن أبي عبد الله بن حميد وأبي القاسم بن حبيش وبسبتة عن أبي محمد الحجري‏.‏
وأجاز له من الأندلس ابن محرز وابن حسون وابن خيرة والأركشي وابن حفص وابن سعادة ويحيى المجريطي وابن بشكوال وابن قزمان‏.‏
ومن أهل المشرق جماعة كبيرة‏.‏
شعره وتصانيفه ألف في العروض مجموعات نبيلة وفي قراءة نافع‏.‏
ولخص أسانيد الموطأ‏.‏
وله المبدي لخطإ الرندي‏.‏
ودخل يومًا بمجلس أقرأ به أبو الفضل عياض وكان أفتى منه غير أن الشيب جار عليه وتأخر شيب الأستاذ فقال يا أستاذ شبنا وما شبتم قال فأنشده ارتجالًا‏:‏ وهل نافع أن أخطأ الشيب مفرقي وقد شاب أترابي وشاب لداتي لئن كان خطب الشيب يوجد حسه بتربي فمعناه يقوم بذاتي ومن شعره في التجنيس‏:‏ لعمرك ما الدنيا بسرعة سيرهابسكانها إلا طريق مجاز ومما يؤثر أيضًا من شعره قوله‏:‏ سهرت أعين ونامت عيون لأمور تكون أو لا تكون فاطرد الهم ما استطعت عن النفس فحملانك الهموم جنون إن ربًا كفاك بالأمس ما كان فسيكفيك في غد ما يكون مولده ولد أبو محمد قريب ظهر يوم الاثنين لثمان بقين من ذي القعدة عام ستة وخمسين وخمسماية‏.‏
فته سحر ليلة السبت أو سحر يومها ودفن إثر صلاة العصر من اليوم السابع لربيع الآخر سنة أحد عشر وستماية‏.‏
من رثاه رثاه الأديب أبو محمد عبد الله بن حسون البرجي من قصيدة حسنة طويلة‏:‏ خليلي هبًا ساعداني بعبرة وقولًا لمن بالري ويحكم هبوا نبكي العلى والمجد والعلم والتقي فمأتم أحزاني نوائحه الصحب وقد طمست أنوار سنة أحمد وقد خلت الدنيا وقد ظعن الركب مضى الكوكب الوقاد والمرهف الذي يصحح في نص الحديث فما ينب تمنى علاه النيران ونوره وقالا بزعم أنه لهما ترب أأسلو وبحر العلم غيضت مباهة ومحيى رسوم العلم يحجبه الترب عزيز على الإسلام أن يودع الثرى مسدده الأسرى وعلله الندب بكى العالم العلوي والسبع حسرة أولئكم حزب الله ما فوقهم حزب على القرطبي الحبر أستاذنا الذي على أهل هذا العصر فضله الرب فقد كان فيما مضى من زمانه به تحسن الدنيا ويلتئم الشعب ويجمع سرب الأنس روض حياتة فقد جف ذاك الروض وافترق السرب فسحقًا لدنيا خادعتنا بمكرها إذا عاقدت سلما فقصدها حرب ركبنا السهل الذلول فقادنا إلى كل ما في طيه مركب صعب وتغفل عنها والردى يستفزنا كفى واعظًا بالموت لو كان لي لب إسماعيل بن سماك العاملي يكنى أبا محمد مالقي الأصل‏.‏
حاله كان فقيهًا أديبًا بارع الأدب شاعرًا مطبوعًا كثير النادر حلو الشمايل أدرك شيوخًا جلة وولى قضاء غرناطة مدة‏.‏
مشيخته روى عن جده لأمه وابن عم أبيه أبي عمر أحمد بن إسماعيل وأبي على الغساني وأبي الحسن علي بن عبيد الرحمن بن سمحون والمرساني الأديب شعره الروض مخضر الربى متجمل للناظرين بأجمل الألوان وكأنما بسطت هناك سوارها خود زهت بقلائد العقيان وكأنما فتقت هناك نوافح من مسكة عجنت بعرف البان والطير يسجع في الغصون كأنما تقرأ القيان فيه على العيدان بهجات حسن أكملت فكأنها حسن اليقين وبهجة الإيمان وكتب إلى الكاتب أبي نصر الفتح بن عبيد الله في أثناء رسالة‏:‏ تفتحت الكتابة عن نسيم نسيم المسك في خلق الكريم أبا نصر رسمت لها رسوما تخال رسومها وضح النجوم وقد كانت عفت فأثرت منها سراجًا لاح في الليل البهيم فنحت من الصناعة كل باب فسارة في طريق مستقيم فكتاب الزمان ولست منهم إذا راموا مرامك في هموم فما قس بأبدع منك لفظًا ولا سحبان مثلك في العلوم وفاته‏:‏ في السابع والعشرين من رمضان المعظم سنة أربعين وخمسمائة وهو ابن أربع وثمانين سنة‏.‏
ومن ترجمة القضاة عبد الله بن أحمد بن العافقي عبد الله بن أحمد بن محمد بن سعيد بن أيوب بن الحسن بن من أهل غرناطة وأعيانها يكنى أبا محمد وينسب إلى غافق بن الشاهد بن عك بن عدنا لا إلى حصن غافق‏.‏
حاله من العايد كان رجلًا صحيح المذهب سليم الصدر قليل المصانعة كثير الحركة والهشة والجدة ملازم الاجتهاد والعكوف لا يفتر عن النسخ والتقييد والمطالعة على حال الكبرة قديم التعين والأصالة ولى القضاء عمره بمواضع كثيرة منها بيرة ورندة ثم مالقة مضافًا إلى الخطابة بها‏.‏
مشيخته حج في حدود سبعة وثمانين وستماية وروى عن جلة من أهل المشرق كالإمام تقي الدين بن دقيق العيد والحافظ أبي محمد عبد المؤمن الدمياطي وشمس الدين المصنف أبي عبد الله بن عبد السلام‏.‏
وأجازه من أهل المغرب شيخ الجماعة بالأندلس أبو جعفر بن الزبير والقاضي ابن أبي الأحوص والخطيب أبو الحسن بن فضيلة الأستاذ أبو الحسن ابن الصايغ الإشبيلي وأبو جعفر الطباع وغيرهم‏.‏
ألف كتابا سماه بالمنهاج في ترتيب مسائل الفقيه المشاور أبي عبد الله ابن الحاج‏.‏
مولده ولد بغرناطة في حدود ستين وستماية‏.‏
وفاته ‏:‏ توفي بغرناطة يوم عاشوراء من عام أحد وثلاثين وسبعماية‏.‏
عبد الله بن أبي زمنين المري عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن أبي زمنين المري يكنى أبا خالد‏.‏
حاله كان فقيهًا جليلًا وولى القضاء ببعض جهات غرناطة‏.‏
مشيخته أخذ الفقيه عن أبي جعفر بن هلال وأبي محمد بن سماك القاضي‏.‏
والعربية عن الخضر بن رضوان العبدري‏.‏
والحديث عن الحافظ أبي بكر ابن غالب بن عبد الرحمن بن عطية والإمام أبي الحسن علي بن أحمد والقاضي أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض أيام قضائه بغرناطة‏.‏
مولده ولد سنة سبع وتسعين وأربعماية‏.‏
وفاته ‏:‏ توفي في ذي قعدة سنة أربع وأربعين وخمس ماية‏.‏
عبد الله بن يحيى بن زكريا الأنصاري عبد الله بن يحيى بن محمد بن أحمد بن زكريا بن عيسى بن محمد بن يحيى بن زكريا الأنصاري يكنى أبا محمد من أهل غرناطة شرقي الأصل مرسيه من بيوتاته النبيهة وقد مر ذكر أخيهز حاله كان على طريقة حسنة من دمائه الأخلاق وسلامة السجية والتزام الحشمة والاشتغال بما يعنى‏.‏
ولي القضاء دون العشرين سنة وتصرف فيه عمره بالجهات الأندلسية فأظهر فيه عدلًا ونزاهة ولم يختلف عليه اثنان مدة حياته من أهل المعرفة بالأحكام والتقدم في عقد الشرط وصناعة الفرايض علمًا وعملًا ثاقب الذهن نافذًا في صنعة العدد‏.‏
مشيخته قرأ على أبيه الفاضي أبي بكر بن زكريا وله رواية عالية عن أعلام من أهل المشرق والغرب‏.‏
وقرأ على أبي الحسن بن فضيلة الولي الصالح والقاضي أبي عبد الله بن هشام الألشي والأستاذ أبي جعفر بن الزبير والحاج أبي محمد بن جابر وأبي بكر القللوسي‏.‏
وقرأ العدد وما أشبهه على الأستاذ التعاليمي أبي عبد الله الرقام ولازمه وأجازه طايفة كبيرة‏.‏
وأخبرني ولده الفاضل أبو بكر قال‏:‏ ورد سؤال من تونس مع تاجر وصل في مركب إلى مدينة المنكب أيام قضائه بها في رجل فرط في إخراج زكاة ماله سنين متعددة سميت في السؤال مع نسبة قدر المال وطلب في السؤال أن يكون عملها بالأربعة الأعداد المتناسبة إذ عملها بذلك أصعب من عملها بالجبر والمقابلة فعملها وأخرجها بالعملين وعبر عنها بعبارة حسنة وكتبها في بطاقة بخط جميل فذكر التاجر أنه لم يبق بتونس فقيه إلا ونسخ منها نسخة واستحسنها‏.‏
مولده ولد يوم الخميس السابع عشر لجمادى الآخرة عام خمسة وسبعين وستماية‏.‏
وفاته‏:‏ توفي قاضيًا ببسطة في التاسع عشر من رمضان عام خمسة وأربعين وسبعماية‏.‏
عبد الله بن أبي جمرة الأزدي عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك بن أبي جمرة الأزدي من أهل مرسيه نزيل غرناطة يكنى أبا محمد وبيته بمرسية من أعلام بيوتاتها شهير التعين والأصالة ينكح فيه الأمراء‏.‏
حاله كان من أعلام وقته فضلًا وعدالة وصلاحا ووقارًا طاهر النشأة عف الطعمة كثير الحياء مليح التخلق‏.‏
نشأ بمرسيه ثم انتقل إلى غرناطة فتولى القضاء ببيرة وجهاتها ثم جاز إلى سبتة وانعقدت بينه وبين رؤسايها المصاهرة في بعض بناته‏.‏
ثم آب إلى غرناطة عند رجوع إيالة سبتة إلى أميرها فتقدم خطيبا بها‏.‏
مشيخته روى بالإجازة عن الخطيب الحافظ أبي الربيع بن سالم وأمثاله‏.‏
وفاته الغريبة المستحسنة‏.‏
قال بعض شيوخنا كنت أسمعه عند سجوده وتبتله وضراعته إلى الله‏.‏
يقول اللهم أمتني ميتة حسنة ويكرر ذلك‏.‏
فأجاب الله دعاءه وتوفاه على أتم وجوه التأنيب طهارة وخشوعًا وخضوعًا وتأهبًا وزمانًا ومكانًا عندما صعد أول درج من أدراج المنبر يوم الجمعة الثالث والعشرين لشوال من عام أحد عشر وسبع ماية فكان يومًا مشهودًا لا عهد بمثله مارئى ألآكثر باكيًا منه وأكثر الناس من الثناء عليه‏.‏
عبد الله الحارثى الأزدي عبد الله بن سليمن بن داود بن عبد الرحمن بن سليمن بن عمر بن حوط الله الأنصاري الحارثى الأزدي يكنى أبا محمد‏.‏
حاله من الصلة‏:‏ قال القاضي المحدث الجليل العالم كان فقيهًا جليلًا أصوليًا نحويًا كاتبًا أديبًا شاعرًا متفننًا في العلوم ورعًا دينًا حافظًا ثبتًا فاضلًا‏.‏
وكان يدرس كتاب سيبويه ومستصفى أبي حامد ويميل إلى الاجتهاد في نظره ويغلب طريقة الظاهرية مشهورًا بالعقل والفضل معظمًا عند الملوك معلوم القدر لديهم يخطب في مجالس الأمراء والمحافل الجمهورية مقدمًا في ذلك بلاغة وفصاحة إلى أبعد مضمار‏.‏
ولملوك الموحدين به اعتناء كبير‏.‏
وهو كان أستاذ الناصر وإخوته وكان له عند المنصور والهم بذلك أكرم أثرة مع ما كان مشهورًا به من العلم والدين والفل‏.‏
ولي القضاء بإشبيلية وقرطبة ومرسية وسبتة وسلا وميورقة فتظاهر بالعدل وعرف بما أبطن من الدين والفضل وكان من العلماء العاملين سنيًا مجانبًا لأهل البدع والأهواء بارع الخط حسن التقييد‏.‏
مشيخته تردد في طلب العلم فسمع ببلنسية وشاطبة ومرسية وألمرية وقرطبة وإشبيلية ومالقة وغيرها من البلاد الأندلسية وتحصل له سماع جم لم يشاركه فيه أحد من أهل المغرب‏.‏
قرأ القرآن على أبيه وعلى أبي محمد عبد الصمد الغساني وأخذ عن ابن حميد كتاب سيبويه تفقهًا‏.‏
وعن غيره وسمع عن ابن بشكموال وقرأ أكثر من ستين تأليفًا بين كبار وصغار وكمل له على أبي محمد بن عبد الله بين قراءة وسما نحو من سنة وثلاثين تأليفًا منها الصحيحان‏.‏
وأكثر عن ابن حبيش والسهيلي وابن الفخار وغيرهم‏.‏
واستيفاء مشيخته يشق‏.‏
شعره قال الأستاذ أنشدنيه ابن أبو القاسم ونقلت من خطة‏:‏ أتدري أنك الخطاء حقًا وأنك بالذي تدري رهين مولده في محرم سنة ثمان وأربعين وخمسماية‏.‏
وفاته‏:‏ كان آخر عمره قد أعيد إلى مرسية قصدها من الحضرة مات بغرناطة سحر يوم الخميس الثاني لربيع الأول اثنتي عشرة وستماية ونقل منها في تابوته الذي ألحد فيه يوم السبت التاسع عشر لشعبان من السنة إلى مالقة‏.‏
فدفن بها‏.‏
ابن ربيع عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري من أهل قرطبة يكنى أبا القاسم ويعرف بابن ربيع‏.‏
حاله كان رحمه الله أديبا كاتبًا شاعرًا نحويًا فقيهًا أصوليًا مشاركًا في علوم محبًا في القراءة وطيًا عند المناطرة متناصفا سنيًا أشعري المذهب والنسب مصممًا على طريقة الأشعرية ملتزمًا لمذهب أهل السنة المالكي من بقايا الناس وعليتهم ومن آخر طلبة الأندلس المشاركين الجلة المصممين على مذهب أهل السنة المنافرين للمذاهب الفلسفية والمبتدعة والزيغ‏.‏
ولي قضاء مواضع من الأندلس منها مدينة شريش ورندة ومالقة وأم وخطب بجامعها‏.‏
ثم ولي قضاء الجماعة بحضرة غرناطة وعقد بها مجلسا للإقراء‏.‏
فانتفع به طلبتها واستمر على ذلك وكانت ولايته غرناطة نحوًا من سبعة أعوام‏.‏
مشيخته أخذ عن أبيه أبي عامر وتفقه به وعن الخطيب أبي جعفر بن يحيى الحميري وتلا عليه وتأدب به وعن الأستاذ أبي الحسن بن خروف وروى مع هؤلاء عن القاضي أبي القاسم بن بقي وأبي محمد بن حوط الله وأبي عبد الله بن أصبغ وغيرهم وأجاز له الشيخ المسن أبو الحسن على ابن أحمد بن على الغافقي الشقوري وله به علو وبالأستاذ الخطيب المسن أبي جعفر بن يحيى المتقدم‏.‏
وفاته توفي في الساب عشر لشوال سنة ست وستين وستماية‏.‏
ولم يخلف بعده مثله ولا من يقاربه‏.‏
عبد الله بن إبراهيم الثقفي العاصمي عبد الله بن إبراهيم بن الزبير بن الحسن بن الحسين الثقفي العاصمي من ولد عاصم بن مسلم الداخل في طلعة بلج الملقب بالعريان أخو الأستاذ أبي جعفر بن الزبير شقيقه يكنى أبا محمد‏.‏
حاله كان طبيبًا ماهرًا كاتبًا شاعرًا ذاكرًا للغة صنع اليدين متقدمًا في أقرانه نباهة وفصاحة معدوم النظير في الشجاعة والإقدام يحضر الغزوات فارسًا وراجلًا ولقي بفحص غرناطة ليلا نصرانيًا يتجسس فأسره وجره وأدخله البلد ولم يلتفت إلى ثمنه استكتامًا لتلك الفعلة‏.‏
مشيخته أخذ القرآن عن الأستاذ أبي عبد الله بن مستقور وروى عن أبي يحيى بن عبد الرحيم وأبي الوليد العطار وأبي القاسم بن ربيع وأبي الخطار بن خليل وأخذ عن أبي عمر بن حوط الله بمالقة وابن أبي ريحانه‏.‏
وبسبتة على أبي بكر بن مشليون‏.‏
وأجاز له أبو بكر بن محرز وأبو الحسن الثاري‏.‏
وأخذ عن الأستاذ الناقد أبي الحسن علي بن محمد الكناني‏.‏
ولد بغرناطة لسبع عشرة ليلة خلت من ذي قعدة سنة ثلاث وأربعين وستماية‏.‏
وفاته‏:‏ توفي بها سحر أول يوم من ذي قعدة سنة ثلاث وثمانين وستماية‏.‏
عبد الله بن موسى بن عبد الرحمن بن حماد الصنهاجي يكنى أبا يحيى‏.‏
حاله طالب نبيل فاضل ورع زاهد مؤثر في الدنيا بما تملكه تال لكتاب الله في جميع الأوقات‏.‏
أخباره في الإيثار وجه له السيد أبو إسحاق ابن الخليفة أبي يعقوب خمسماية دنير ليصلح بها من شأنه‏.‏
فصرف جميعها على أهل الستر في أقل من شهر‏.‏
ومر بفتى في إشبيلية وأعوان القاضي يحملونه إلى السجن وهو يبكي فسأله فقال‏:‏ أنا غريب وطولبت بخمسين دنيرا وبيدي عقود وطولبت بضامن فلم أجده فقال له الله قال نعم قال فدفع له خمسين دنيرا قال أشهد لك بها فضجر وقال إن الله إذا أعطى عبده شيئًا لم يشهد به عليه وتركه وانصرف لشأنه وكانت عنده معرفة وأدب‏.‏
مولده‏:‏ بغرناطة في سنة إحدى وعشرين وخمسماية‏.‏
ابن المرابع عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله الأزدي من أهل بلش يكنى أبا محمد‏.‏
ويعرف بابن المرابع حاله من نبهاء أدباء البادية خشن الظاهر منطو على لوذعية متوارية في مظهر جفوة كثير الانطباع عند الخبرة قادر على النظم والنثر متوسط الطبقة فيهما مسترفد بالشعر سيال القريحة مرهوب الهجاء مشهور المكان ببلده يعيش من الخدم المخزنية بين خارص وشاهد وجد بذلك وقته يوسط رقاعته فتنجح الوسيلة ويتمشى له بين الرضا والسخط الغرض‏.‏
وجرى ذكره في التاج بما نصه‏:‏ طويل القوادم والخوافي كلف على كبر سنه بعقايل القوافي شاب في الأدب وشب ونشق ريح البيان لما هب قحاول رفيعه وجزله وأجاد جده وأحكم هزله‏.‏
فإن مدح صدح وإن وصف أنصف وإن عصف قصف‏.‏
وإن أنشأ ودون وتقلب في أفانين البلاغة وتلون أفسد ما شاء الله وكون فهو شيخ الطريقة الأدبية وفتاها وخطيب حفلها كلما أتاها لا يتوقف عليه من أغراضها غرض ولا يضيع لديه منها مفترضِ‏.‏
ولم نزل بروقه تتألق ومعانيه بأذيال الإحسان تتعلق‏.‏
حتى برز في أبطال الكلام وفرسانه وذعرت القلوب لسطوة لسانه وألفت إليه الصناعة زمامها ووقفت عليه أحكامها‏.‏
وعبر البحر منتجعًا بسعره ومنفقًا في سوق الكساد من شعره فأبرق وأرعد وحذر وتوعد وبلغ جهد إمكانه في التعريف بمكانه فما حرك ولا هز وذل في طلب الرقد وقد عز وما برح أن رجع إلى وطنه الذي اعتاده رجوع الحديث إلى قتاده‏.‏
شعره قال في التاد وقد أثبت من نزعاته وبعض مخترعاته ما يدل على سعة باعه ونهضة ذراعه‏.‏
فمن النسيب قوله‏:‏ ما للمحب دواء يذهب الألما عنه سوى لمم فيه ارتشاف لما ولا يرد عليه نوم مقلته إلا الدنو إلى من شفه سقما يا حاكمًا والهوى فينا يؤيده هواك في بما ترضاه قد حكما أشغلتني بك شغلًا شاغلا فلما تناسى فديتك عني بعد ذاك لما ملكت روحي فأرفق قد علمت بما يلقى ولا حجة تبقى لمن علما ما لحت لي فدنا طرفي لغيرك يا مولى لحا فيه جفني النوم قد حرما طوعًا لطيعك لا أعصيك فافض بما ترضاه أرضى بما ترضى ولا جرما إن الهوى يقتضي ذلًا لغيرك لو أفادني فيك قربًا يبرد الألما سلمت من كل عيب يا محمد لا كن قلب صبك من عينيك ما سلما ومن مخاطباته الأدبية‏.‏
ما كتب به إلى شيخ الصوفية ببلده مع طالع من ولده‏:‏ مماليكم قد زاد فيكم مرابع من الأفق الكوني باليمن طالع بأنواركم يهدي إلى سبل الهدى ويسموا لما تسمو إليه المطالع فواسوه منكم بالدعاء فإنه مجاب بفضل الله للخلق نافع أفاض عليه الله من بركاتكم وأبقاكم ذو العرش ماجن ساجع فوقع له الشيخ المخاطب بها‏.‏
أبو جعفر بن الزيات رحمه الله بما نصه‏:‏ عسى الله يؤتيه من العلم حصة تصوب على الألباب منها ينابع ويجعله طرفًا لكل سجية مطهرة للناس فيها منافع ويلحقه في الصالحات بجده فيثنى عليه الكل دان وشاسع وله يستدعى إلى الباكور‏:‏ بدار بدار قد آن البدار إلى أكواس باكور تدار تبدت رافلات في مسوح له لون الدياجي مستعار وقد رقمت بياضًا في سواد كأن الليل خالطه النهار وقد نضجت وما طبخت بنار وهل يحتاج للباكور نار ولا تحتاج مضغًا لا وليس عجيب لا يشق له غبار فقل للخلق قل للضرس دعني ففي البلع اكتفاء واقتصار ومما وقع له أثناء مقامات تشهد باقتداره مقطوعة سهلة وهي‏:‏ رعى الله عهدًا حوى ما حوى لأهل الوداد وأهل الهوى أرهم أمورًا حلا وردها وأعطاهم السؤل كيف نوا ولما حلا الوصل صالوا له وراموه ملوًا وما روا وأوردهم سرًا سرارهم ورودًا إلى الكل ذا دوا وما أمل طال إلا وها ولا أمل صال إلا هوا أوودي به الحتف لما جاءه الأجل ديكًا فلا عوض منه ولا بدل قد كان لي أمل في أن يعيش فلم يثبت مع الحتف في بغيالها أمل فقدته فلعمري إنها عظة وبالواعظ تذري دمعها المقل كأن مطرف وشى فوق ملبسه عليه من كل حسن باهر حلل كأن إكليل كسرى فوق مفرقه وتاجه فهو عالي الشكل محتفل مؤقت لم يكن بطريق ل خطأ فيما يرتب من ورد ولا خطل كأن زرقيل فيما مر علمه علم المواقيت فيما رتب الأول يرحل الليل يحيى بالصراخ فما يصده كلل عنه ولا ملل رأيته قد وهنت منه القوى فهوى للأرض فعلا يريه الشارب الثمل لو يفتدي بديوك الأرض قل له ذاك الفدا ولكن فاجأ الأجل قالوا الدواء فلم يغن الدوام ولم ينفعه من ذاك ما قالوا وما فعلوا أملت فيه ثوابًا أجر محتسب إن قلت ذاك صح القول والعمل عليه لباس أبيض باهر السنا وليس بثوب أحكمته يد البشر وطورًا تراه كله كاسيًا به وكسوته فيها لأهل النهي عبر وطورًا ثراه عاريًا ليس يشتكي لحر ولا برد من الشمس والقمر وكم مرت الأيام وهو كما ترى على حاله لم يشك ضعفًا ولا كبر فذاك شلير شيخ غرناطة التي لبهجتها في الأرض ذكر قد انتشر بها ملك سامي المراقي أطاعه كبار ملوك الأرض في حالة الصغر تولاه رب العرش منه بعصمة تقيه مدى الأيام من كل ما ضرر


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:38 AM

نثره ونثره كثير ما بين مخاطبات وخطب ومقطعات ولعب وزرديات شأنها عجب‏.‏
فمن ذلك ما خاطب به الرئيس أبا سعيد بن نصر يستجدي أضحية‏:‏ يقول شاكر الأيادي وذاكر فخر كل نادي وناشر غرر الغرر لعاكف والبادي والرايح والغادي إسمعوا مني حديثًا تلذه الأسماع ويستطرفه الاستماع‏.‏
ويشهد بحسه الإجماع‏.‏
ويجب عليه الاجتماع‏.‏
وهو من الأحاديث التي لم تتفق إلا لمثلي ولا ذكرت عن أحد قبلي‏.‏
وذلك يا معشر الألبا والخلصاء الأحبا‏.‏
أني دخلت في هذه الأيام داري‏.‏
في بعض أدواري لأقضي من أخذ الغذاء أوطاري‏.‏
على حسب أطواري‏.‏
فقالت لي ربة البيت لم جئت‏.‏
وبما أتيت‏.‏
قلت جيت لكذا كذا فهات الغدا فقالت لا غذا لك عندي اليوم‏.‏
ول أودى بك الصوم‏.‏
حتى تسل الاستخارة وتفعل كما فعل زوج الجارة طيب الله نجاره‏.‏
وملأ بالأرزاق وجاره‏.‏
قلت وما فعل قريني‏.‏
وأرني من العلامة ما أحببت أن تريني‏.‏
قالت إنه فكر في العيد‏.‏
ونظر في أسباب التعييد‏.‏
وفعل في ذلك ولم تنظر إليه نظرة بعين اهتبالك‏.‏
وعيد الأضحى في اليد‏.‏
والنظر ف يشراء الأضحية اليوم أوفق من الغد‏.‏
قلت صدقت وبالحق نطقت بارك الله فيك وشكر جميل تحفيك‏.‏
فلقد نبهت بعلك لإقامة السنة ورفعت عنه من الغفلة منة‏.‏
والآن أسير لأبحث عما ذكرت‏.‏
وأنظر في إحضار ما إليه أشرت ويتأتى ذلك إن شاء الله بسعدك‏.‏
وتنالين فيه من بلوغ الأمر غاية قصدك‏.‏
والجد ليس من الهزل والأضحية للمرأة وللرجل الغزل‏.‏
قالت دعني من الخرافات‏.‏
وأخبار الزرافات‏.‏
فإنك حلو اللسان قليل الإحسان‏.‏
تخذت الغربة صحبتك إلى ساسان‏.‏
فتهاونت بالنسا وأسأت فيمن أسا‏.‏
وعودت أكل خبزك في غير منديل‏.‏
وإيقاد الفتيل دون قنديل وسكنى الخان و عدم ارتفاع الدخان فما تقيم موسما ولا تعرف له ميسما‏.‏
وأخذت معي في ذلك بطويل وعريض وكلانا في طرفي نقيض إلى أن قلت لها إزاركوردائي فقد تفاقم بك أمر دائي وما أظنك إلا بعض أعدائي قالت مالك والإزار شط بك المزار لعلك تريد إهانه في الأضحية والأبزار أخرج عني بيا مقيت لا عمرت معك ولا بقيت أو عدمت الذين وأخذ الورق بالعين‏.‏
يلزمني صوم سنة لا أغفيت معك سنة إلا إن رجعت بمثل ما رجع به زوج جارتي ورأى لك الربح في تجارتي‏.‏
فقمت عنها وقد لوت رأسها وولولت وابتدرت وهرولت وجالت في العتاب وصولت وضمت بنتها وولدها وقامت باللجج والانتصار بالحجج أودها فلم يسعني إلا أن عدوت أطوف السكك والشوارع وأبارد لما غدوت بسبيله وأسارع وأجوب الآفاق وأسل الرفاق وأخترق الأسواق وأقتحم زريبة بعد زريبة وأختبر منها البعيدة والقريبة فما استرخصته استنقصته وما استغليته استعليته وما وافق غرضي اعترضني دونه عدم عرضي حتى انقض ثلثا يومي وقد عييت بدوراني وهومي وأنا لم أتحصل من الابتياع على فايدة ولا عادت علي فيه من قضاء الأرب عايدة فأومأت الإياب وأنا أجد من خوفها ما يجد صغار الغنم من الذئاب إلى أن مررت بقصاب يقصب في مجزره قد شد في وسطه مئزره وقصر أثوابه حتى كشف عن ساقيه وشمر عن ساعديه حتى أبدى مرفقيه وبين يديه عنز قد شد يديه في رقبته وهو يجذبه فيبرك ويجره فما يتحرك ويروم سيره فيرجع القهقرى ويعود إلى ورا والقصاب يشد على إزاره خيفة من فراره وهو يقول‏:‏ اقتله من جان باغ وشيطان طاغ ما أشده وما ألذه وما أصده وما أجده وما أكثره بشحم وما أطيبه بلحم الطلاق يلزمه إن كان عاين تيسًا مثله أو أضحية تشبهه قبله أضحية حفيلة ومنحة جليلة‏.‏
هنأ الله من رزقها وأخلف عليه رزقها‏.‏
فاقتحمت المزدحم أنظر مع من نظر وأختبر فيمن اختبر‏.‏
وأنا والله لا أعرف في التقليب والتخمين‏.‏
ولا أفرق بين العجف والسمين غير أني رأيت صورة دون البغل وفوق الحمار وهيكلا يخبرك عن صورة العمار فقلت للقصاب كم طلبك فيه على أن تمهل الثمن حتى أوفيه فقال ابغني فيه أجيرا وكن له الآن من الذبح مجيرا وخذه بما يرضى لأول التقضي‏.‏
قلت استمع الصوت ولا تخف الفوت‏.‏
قال ابتعه مني نسيه وخذه هدية قلت نعم فشق لي الضمير وعاكسني فيه بالنقير والقطمير‏.‏
قال تضمن لي فيه عشرين دينارًا أقبضها منك لانقضاء الحول دنيرًا دنيرًا‏.‏
قلت إن هذا لكثير فاسمح منه بإحاطة اليسير‏.‏
قال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا أنقصك من هذا وما قلت لك سمسمة اللهم إن شئت السعة في الأجل فأقضي لك ذلك دون أجل فجلبني للابتياع منه الإنساء في الأمد‏.‏
وغلبني بذلك فلم أفتقر منه لرأى والد ولا ولد ولا أحوجت نفسي في ذلك لمشورة أحد وقلت قد اشتريته منك فضع البركة ليصح النجح في الحركة‏.‏
فقال فقيه بارك الله فيه قد بعته لك فاقبض متاعك وثبت ابتياعك‏.‏
وها هو في قبضك فاشدد وثاقه وهلم لنعقد عليك الوثاقة‏.‏
فانحدرت معه لدكان التوثيق وابتدرت من السعة إلى الضيق وأوثقني بالشادة تحت عقد وثيق وحملني من ركوب الدين ولحاق الشين في أوعر طريق‏.‏
ثم قال لي هذا تيسك فشأنك وإياه وما أظنك إلا تعصياه وأت بحمالين أربعة فإنك لا تقدر أن ترفعه ولا يتأتى لك أن يتبعك ولا أن تتبعه ولم يبق لك من الكلفة إلا أن يحصل في محلك فيكمل سرور أهلك‏.‏
وانطلقت للحمال وقلت هلم إلي وقم الآن بين يدي حتى انتهينا إلى مجزرة القصاب والعنز يطلب فلا يصاب فقلت أين التيس يا أبا أويس‏.‏
قال إنه قد فر ولا أعلم حيث استقر‏.‏
قلت أتضيع علي مالي لتخيب آمالي والله لا يحزنك بالعصا كمن عصا ولا رفعتك إلى الحكام تجري عليك منهم الأحكام‏.‏
قال مالي علم به ولا بمنقلبه لعله فر لأمه وأبيه وصاحبته وبنيه فعليك بالبريح‏.‏
فاتجهت أنادي بالأسواق وجيران الزقاق من ثقف لي تيسًا فله البشارة بعد ما أتى بالأمارة وإذا برجل قد خرج من دهليز وله هدير هزيز وهو يقول من صاحب العنز المشوم لا عدم به الشوم إن وقعت عليه عيني يرتفع الكلام بينه وبيني‏.‏
قلت أنا صاحبه فما الذي دهاك مني أو بلغك عني‏.‏
قال إن عنزك حين شرد خرج مثل الأسد وأوقع الرهج في البلد وأضر بكل أحد ودخل في دهليز الفخارة فقام فيه وقعد وكان العمل فيه مطبوخًا ونيا فلم يترك منه شيا ومنه كانت معيشتي وبه استقامت عيشتي وأنت ضامن مالي فارتفع معي إلى الوالي والعنز مع هذا يدور وسط الجمهور ويكر كرة العفريت المزجور ويأتي بالكسر على ما بقي في الدهليز من الطواجن والقدور والخلق قد انحسروا للضجيج وكثر العياط والعجيج وأنت تعرف عفرطة الباعة وما يحوون من الوضاعة وأنا أحاول من أخذه ما أستطيع وأروم الإطاعة من غير مطيع والباعة قد أكسبته من الحماقة ما لم يكن لي به طاقة‏.‏
ورجل يقول المحتسب واعرف ما تكتسب وإلى من تنتسب فقد كثر عنده بك التشكي وصاحب الدهليز قبالته يبكي وقد وجد عنده عليك وجد الشكوى وأيقن أنك كسرت الدعوى وأمر بإحضارك وهو في انتظارك فشد وسطك واحفظ إبطك وإنك تقوم على من فتح باعه للحكم على البقعة ونصب لأرباب البراهين على أرباب الشواهين ورفع على طبقة ليملأ طبقة ثم أمسكني باليمين حتى أوصلني للأمين فقال لي أرسلت التيس للفساد كأنك في نعم الله من الحساد‏.‏
قلت إنه شرد ولم أدر حيث ورج قال ولم لا أخذت ميثاقه ولم تشدد وثاقه يا شرطى طرده واطرح يدك فيه وجرده‏.‏
قلت أتجردني الساعة ولست من الباعة قال لا بد من ذاك أو تضمن ما أفسده هناك‏.‏
قلت الضمان الضمان الأمان الأمان‏.‏
قال قد أمنت إن ضمنت وعليك الثقاف حتى يقع الإنصاف أو ضامن كاف فابتدر أحد إخواني بعض جيراني فأدى عني ما ظهر بالتقدير وآلت الحال للتكدير‏.‏
ثم أردت الانصراف بالتيس لا كان كيانه ولا كون مكانه وإذا بالشرطي قد دار حولي وقال لي كلف فعلي بأداء جعلي فقد عطلت من أجلك شغلي فلم يك عندي بما تكسر سورته ولا بما تطفي جمرته فاسترهن مئزري في بيته ليأخذ مايته‏.‏
وتوجهت لداري وقد تقدمت أخباري وقدمت بغباري وتغير صغاري وكباري والتيس على كاهل الحمال يرغو كالبعير ويزأر كالأسد إذا فصلت العير فقلت للحمال إنزله على مهل فهلال العيد قد استهل فحين طرحه في الأسطوان‏.‏
كر إلى العدوان وصرخ كالشيطان وهم أن يقفز الحيطان وعلا فوق الجدار وأقام الرهجة في الدار ولم تبق في الزقاق عجوز إلا وصلت لتراه وتسل عما اعتراه وتقول بكم اشتراه والأولاد قد دارت به وأرهقهم لهفه ودخل قلوبهم خوفه فابتدرت ربة البيت وقالت كيت وكيت لا خل ولا زيت ولا حي ولا ميت ولا موسم ولا عيد ولا قريب ولا بعيد سقت العفريت إلى المنزل ورجعت بمعزل ومن قال لك اشتره ما لم تره ومن قال لك سقه حتى توثقه ومتى تفرح زوجتك والعنز أضحيتك ومتى تطبخ القدور وولدك منه معذور وبأي قلب تأكل الشوية ولم تخلص لك فيه النية واقلة سعدها وأخلف وعدها والله لو كان العنز يخرج الكنز ما عمر لي دارًا ولا قرب لي جوارًا أخرج عني يا لكع فعل الله بك وصنع وما حبسك عن الكباش السمان والضأن الرفيعة الأثمان يا قليل التحصيل يا من لا يعرف الخياطة ولا التفصيل أدلك على كبش سمين واسع الصدر والجبين أكحل عجيب أقرن مثل كبش الخطيب يعبق من أوداكه كل طيب يغلب شحمه على لحمه ويسيل الودك من عظمه قد علف بالشعير ودبر عليه أحسن تدبير لا بالصغير ولا بالكبير تصلح منه الألوان ويستطرف شواه في كل أوان ويستحسن ثريده وقديده في سائر الأحيان قلت بيني لي قولك‏.‏
لأتعرف فعلك‏.‏
وأين توجد هذه الصفة يا قليلة المعرفة‏.‏
قالت عند مولانا وكهفنا ومأوانا الرييس الأعلى الشهاب الأجلى القمر الزاهر‏.‏
الملك الظاهر الذي أعز المسلمين بنعمته وأذل المشركين بنقمته‏.‏
واسترسل في المدح فأطال وفيما ثبت كفاية‏.‏
وفاته في كاينة الطاعون ببلده بلش في أواخر عام خمسين وسبعماية ودفن بها‏.‏
عبد الله بن الحجاري الصنهاجي عبد الله بن إبراهيم بن وزمر الحجاري الصنهاجي الأديب المصنف يكنى أبا محمد‏.‏
حاله وأوليته أبوه أديب مدينة الفرج بوادي الحجارة المصنف للمأمون بن ذي النون كتاب مغنيطاس الأفكار فيما تحتوي عليه مدينة الفرج من النظم والنثر والأخبار وكان أبو محمد هذا ماهرًا كاتبًا شاعرًا رحالا‏.‏
سكن مدينة شلب بعد استيلاء العدو على بلاده بالثغر‏.‏
وله في التحول أشعار وأخبار‏.‏
قدم غرناطة وقصد عبد الملك بن سعيد صاحب القلعة من بنياتها واستأذن عليه في زي موحش واستخف به القاعدون ببابه إلى أن لاطف بعضهم وسأله أن يعرف به القايد فما بلغ عنه أمر بإدخاله فأنشده قصيدة مطلعها‏:‏ عليك أحالني الذكر الجميل فجيت ومن ثنايك لي دليل أتيت ولم أقدمك من رسول لأن القلب كان هو الرسول منها في وصف زيه البدوي المستقل وما في طيه‏:‏ فأكرم نزله وأحسن إليه وأقام عنده سنة حتى ألف بالقلعة كتاب المسهب في غرايب المغرب وفيه التنبيه على الحلى البلادية والعبادية‏.‏
وانصرف إلى قصد ابن هود بورطة بعد أن عذله عن التحول عنه فقال النفس تواقة ومالي بالتغرب طاقة ثم أفكر وقال‏:‏ يقولون لي مإذا الملال تقيم في محل فعند الأنس تذهب راحلا فقلت لهم مثل الحمام إذا شدا على غصن أمسى بآخر نازلا نكبته قال علي بن موسى بن سعيد‏:‏ ولما قصد الحجارى روطة وحل لدى أميرها المستنصر بن عماد الدولة بن هود‏.‏
وتحرك لغزو من قصده من البشكنس فهزم جيشه وكان الحجارى أحد من أسر في تلك الوقيعة فاستقر ببسقاية وبقي بها مدة يحرك ابن هود بالأشعار ويحثه على خلاصه من الإسار فلم يجد عنده ذمامة ولا تحرك له اهتمامه فخاطب عبد الملك بن سعيد بقوله‏:‏ أصبحت في بسقاية مسلمًا إلى الأعادي لا أرى مسلمًا مكلفًا ما ليس في طاقتي مصفدا منتهرا مرغما فهل كريم يرتجي للأسير يفكه أكرم به منتما وقوله‏:‏ أرييس الزمان أغفلت أمري وتلذذت تاركًا لي بأسر ما كذا يعمل الكرام ولكن قد جرى على المعود دهري فجتهد في فدايه ولم يمر شهر إلا وقد تخلص من أسره واستقر لديه‏.‏
فكان طليق آل سعيد‏.‏
وفيهم يقول‏:‏ وحدنا سعيدًا منجبًا خير عصبة هم في بني أعصارهم كالمواسم مشنفة أسماعهم بمدايح مسورة أيمانهم بالصوارم فكم لهم في الحرب من فضل ناثر وكم لهم في السلم من فضل ناظم تواليفه تواليف الحجارى بديعة منها الحديقة في البديع‏.‏
وهو كتاب مشهور ومنها المسهب في غرايب المغرب‏.‏
وافتتح خطبته بقوله‏:‏ الحمد لله الذي جعل العباد من البلاد بمنزلة الأرواح من الأجساد والأسياف من الأغماد‏.‏
وهو في ستة مجلدات‏.‏
ابن الخطيب السلماني يكنى أبا محمد‏.‏
أوليته تنظر في اسم جده‏.‏
حاله حسن السكل‏.‏
جيد الفهم يغطى منه رماد السكون جمرة حركة منقبض عن الناس‏.‏
قليل البشاشة حسن الخط وسط النظم‏.‏
كتب عن الأمراء بالمغرب وأنشدهم واقتضى خلعهم وصكوكهم بالإقطاع والإحسان‏.‏
ثم لما كانت الفتنة كتب عن سلطان وطنه معزز الخطة بالقيادة وأنشدهم‏.‏
مشيخته قرأ على قاضي الجماعة الشيخ الأستاذ الخطيب أبي القاسم الحسني والأستاذ الخطيب أبي سعيد فرج بن لب التغلبي واستظهر بعض المبادي في العربية واستجيز له من أدركه ميلاده من أهل المشرق والمغرب‏.‏
شعره مترفع عن الوسط إلى الإجادة بما يكفله عذر الحداثة وقد ثبت في اسم السلطان لهذا العهد أبي عبد الله بن نصر أيده الله ما يدل على جودة قريحته وذكاء طبعه‏.‏
ومما دون الذي ثبت له حيث ذكر قوله‏:‏ لمن طلل بالرقمتين محيل عفت دمنتيه شمأل وقبول يلوح كباقي الوشم غيره البلى وجادت عليه السحب وهي همول فيا سعد مهلًا بالركاب لعلنا نسايل رعًا فالمحب سئول قف العيس ننظر نظرة تذهب الأسى ويشفى بها بين الضلوع غليل وعرج على الوادي المقدس بالحمىفطاب لديه مربع ومقيل فيا حبذا تلك الديار وحبذا حديث بها للعاشقين طويل دعوت لها سقيا الحمى عندما سرى وميض وعرف للنسيم عليل وأرسلت دمعي للغمام مساجلًا فسال على الخدين منه مسيل فأصبح ذاك الربع من بعد محله رياضًا بها الغصن المروح يميل لين حال رسم الدار عما عهدته فعهد الهوى في القلب ليس يحول لمن طلل بالرقمتين محيل عفت دمنتيه شمأل وقبول يلوح كباقي الوشم غيره البلى وجادت عليه السحب وهي همول فيا سعد مهلًا بالركاب لعلنا نسايل رعًا فالمحب سئول قف العيس ننظر نظرة تذهب الأسى ويشفى بها بين الضلوع غليل وعرج على الوادي المقدس بالحمىفطاب لديه مربع ومقيل فيا حبذا تلك الديار وحبذا حديث بها للعاشقين طويل دعوت لها سقيا الحمى عندما سرى وميض وعرف للنسيم عليل وأرسلت دمعي للغمام مساجلًا فسال على الخدين منه مسيل فأصبح ذاك الربع من بعد محله رياضًا بها الغصن المروح يميل لين حال رسم الدار عما عهدته فعهد الهوى في القلب ليس يحول ومما شجاني بعد ما سكن الهوى بكاء حمامات لهن هديل تقول اصطبارًا عن معاهدك الأني وهيهات صبري ما إليه سبيل تقول اصطبارًا عن معاهدك الأني وهيهات صبري ما إليه سبيل فلله عينًا من رآني وللأسا غداة استقلت بالخليط حمول يطاول ليل التم مني مسهد وقد بان عني منزل وخليل فيا ليت شعري هل يعودن ما مضى وهل يسمحن الدهر وهو بخيل نثره أجابني لما خاطبت الجملة من الكتاب والسلطان رضي الله عنه بالمنكب في رحلة أعملها بما نصه‏:‏ ولله من فذة المعاني حيث مشوق الفؤاد عاني لما أنارت بها المغاني غنين عن مطرب الأغاني يا صاحب الإذعاني أجب بالله من دعاني إذا صرت من كثرة الأماني بالشوق والوجد مثل ماني‏.‏
وردت سحات سيدي التي أنشأت لغمام الرحمة عند اشتداد الأزمة رياحًا وملأت العيون محاسنًا الصدور انشراحًا وأصبح رحيب قرطاسها وعميم فضلها ونوالها وأيناسها لفرسان البلاغة مغدى ومراحًا‏.‏
فلم أدر أصحيفة نسخت مسطورة أم روضة نفحت ممطورة أطيب من المسك منشقا وأحسن من السلك متسقا فملكتها مقادة خاطري وأودعتها سواد قلبي وناظري وطلعت علي طلوع الصبح على عقب السرى ورحمة الله وبركاته‏.‏
من عبده الشبق لوجهه عبد الله بن الخطيب في الخامس عشر لجمادى الأولى عام تسعة وستين وسبعماية‏.‏
مولده‏:‏ بحضرة غرناطة يوم السبت سابع عشر صفر عام ثلاثة وأربعين وسبعماية‏.‏
ب الله بن محمد بن ساره البكري شنترينى سكن ألمرية وغرناطة وتردد مادحًا ومنتجعًا شرقًا ومغربًا ويضرب في كثير من البلاد‏.‏
حاله كان ذا حظ صالح من النحو واللغة وحفظ الأشعار أديبًا ماهرًا شاعرًا مجيدًا مطبوع الاختراع والتوليد‏.‏
تجول في شرق الأندلس وغربها معلمًا للنحو ومادحًا ولاتها وكتب عن بعضهم وتعيش بالوراقة زمانا وكان حسن الخط جيد النقل والضبط‏.‏
مشيخته روى عن أبي الحسن بن الأخضر‏.‏
من روى عنه‏:‏ روى عنه أبو بكر بن مسعود وأبو جعفر بن الباذش وأبو عثمن بن هرون وأبو الطاهر التميمي وأبو العباس بن علي اللص وأبو العلاء بن الجنان‏.‏
وأبو محمدبن يوسف القضاعي وإبراهيم بن محمد السبتي‏.‏
عه أما الوراقة فهي أيكة حرفة أغصانها وثمارها الحرمان شبهت صاحبها بإيرة خايط يكسو العراة وظهره عريان وقال في نجم الرحيم وهو من التشبيه العقيم‏:‏ وكوكب أبصرالعفريت مسترقًا فانقضى يذكي سريعًا خلفه لهبه كفارس حل إخصارًا عمامته تجرها كلها من خلفه عدبه وقال منه في المواعظ‏:‏ يا من يصيخ إلى داعي السفاه وقد نادى به الناعيان الشيب والكبر إن كنت لا تسمع الذكر ففيم ترى في رأسك الواعيان السمع والبصر ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل لم يهده الهاديان العين والأثر لا الدهر يبقى على حال ولا الفلك الأعلى ولا النيران الشمس والقمر لأرحلن عن الدنيا ولو كرهًا فراقها الثاويان البدو والحضر وقال في موت ابنة له‏:‏ ألا يا موت كنت بنا رؤوفا فجددت السرور لنا بزورة حمدنا سعيك المشكور لما كفيت مؤنة وسترت عورة وفاته توفي عبد الله بن ساره سنة تسع عشرة وخمسمائة‏.‏
عبد الله بن محمد الشراط عبد الله بن محمد الشراط يكنى أبا محمد من أهل مالقة‏.‏
حاله طالب جليل ذكي مدرك ظريف كثير الصلف والختروانة والإزراء بمن دونه حاد النادرة مرسل عنان الدعابة شاعر مكثر يقوم على الأدب والعربية وله تقدم في الحساب والبرهان على مسايله‏.‏
استدعى إلى الكتابة بالباب السلطاني واختص بولي العهد ونيط به من العمل وظيف نبيه وكاد ينمو عشبه ويتأشب جاهه لو أن الليالي أمهلته فاعتبط لأمد قريب من ظهوره وكانت بينه وبين الوزير أبي عبد الله بن الحكيم إحنة تخلصه الحمام لأجلها من كف انتقامه‏.‏
شعره وشعره كثير لكني لم أظفر منه إلا باليسير‏.‏
نقلت من خط صاحبنا القاضي المؤرخ أبي الحسن بن الحسن من نظم أبي محمد الشراط في معنى كان أدباء عصره قد كلفوا بالنظم فيه يظهر من هذه الأبيات في شمعة‏:‏ وذكر لي أن هذا صدر عنه في مجلس أنس مع الوزير أبي عبد الله ابن عيسى بمالقة بحضرة طايفة من ظرفاء الأدباء‏.‏
وفاته كان حيا سنة سبعمائة وتوفي بغرناطة وهي على حاله من الكتابة رحمه الله‏.‏
عبد الله بن يوسف بن رضوان بن يوسف بن رضوان النجاري يكنى أبا القاسم ويعرف باسم جده من أهل مالقة وصاحب القلم الأعلى لهذا العهد بالمغرب‏.‏
حاله هذا الفاضل نسيج وحده فهمًا وانطباعًا ولوذعية مع الدين والصون معم مخول في الخير مستول على خصال حميدة من خط وأدب وحفظ مشارك في معارف جملة‏.‏
كتب ببلده عدلًا رضي وأنشد السلطان عند حلوله ببلده‏.‏
ورحل عن بلده إلى المغرب فارتسم في كتابة الإنشاء بالباب السلطاني ثم بان فضله ونبه قدره ولطف محله وعاد إلى الأندلس لما جرت على سلطانه الهزيمة بالقيروان ولم ينتشله الدهر بعدها مع جملة من خواصه‏.‏
فلما استأثر الله بالسلطان المذكور موسوم التمحيص وصير أمره إلى ولده بعده جنح إليه ولحق ببابه مقترن الوفادة بيمن الطاير وسعادة النصبة مظنة الاصطناع فحصل على الحظوة وأصبح في الأمد القريب محلا للبث وجليسًا في الخلوة ومؤتمنا على خطة العلامة من رجل ناهض بالكل جلد على العمل حذر من الذكر متقلص ذيل الجاه متهيب غزير المشاركة مطفف في حقوق الدول عند انخفاض الأسعار جالب لسوق الملك ما ينفق فيها حار النادرة‏.‏
مليح التندير حلو الفكاهة‏.‏
غزل مع العفة حافظ للعيون مقدم في باب التحسين والتنقيح لم ينشب الملك أن أنس منه بهذه الحال فشد عليه يد الغبطة‏.‏
وأنشب فيه فيه براثن الأثرة ورمى إليه بمقاليد الخدمة فسما مكانه وعلا كعبه ونما عشه‏.‏
وهو الآن بحاله الموصوفة من مفاخر قطره‏.‏
ومناقب وطنه كثر الله مثله‏.‏
مشيخته قرأ ببلده على المقري أبي محمد بن أيوب والمقري الصالح أبي عبد الله المهندس والأستاذ أبي عبد اله بن أبي الجيش والقاضي أبي جعفر بن عبد الحق وروى عن الخطيب المحدث أبي جعفر الطنجالي والقاضي أبي بكر بن منظور‏.‏
وبغرناطة عن جلة منهم شيخنا رئيس الكتاب أبو الحسنى ولازم بالمغرب الرييس أبا محمد عبد المهيمن الحضرمي والقاضي أبا إسحق إبراهيم بن أبي يحيى وأبا العباس بن بربوع السبتي‏.‏
وبتلمسان عن أبي عبد الله الآبلي وأبي عبد الله بن النجار وغيرهما‏.‏
وبتونس عن قاضي الجماعة أبي عبد الله بن السلام‏.‏
وعن جماعة غيرهم‏.‏
ونظمه ونثره متجاريان لهذا العهد في ميدان الإجادة‏.‏
أما شعره فمتناسب الوضع سهل المأخذ ظاهر الرواء محكم الإمرة للتنقيح‏.‏
وأما نثره فطريف السجع كثير الدالة مطيع لدعوة البديهة وربما استعمل الكلام المرسل فجرى يراعه في ميدانه ملئ عنانه‏.‏
وجرى ذكره في التاج أيام لم يفهق حرضه ولا أزهر روضه ولا تباينت سماؤه ولا أرضه‏.‏
بما نصه‏:‏ أديب أحسن ما شا وفتح قليبه فملأ الدلو وبل الرشا‏.‏
وعانى على حداثته الشعر والإنشا وله ببلده بيت معمور بفضل وأمانة ومجد وديانة‏.‏
ونشأ هذا الفاضل على أتم العفاف والصون‏.‏
فما مال إلى فساد بعد الكون‏.‏
وله خط بارع‏.‏
وفهم إلى الغوامض مسارع‏.‏
وقد أثبت من كلامه ونفثات أقلامه كل محكم العقود زاريًا بنت العنقود‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:38 AM

فمن ذلك قصيدة أنشدها للسلطان أمير المسلمين مهنيا بهلاك الأسطول الحربي بالزقاق الغربي أجاد أغراضها وسبك المعاني وراضها وهي قوله‏:‏ لعلكما أن ترعيا لي وسايلا فبالله عوجا بالركاب وسايلا بأوطان أوطار قفا ومآربى وبالحب خصا بالسلام المنازلا ألا فانشدا بين القباب من الحما فؤاد شد أضحي عن الجسم راحلا وبثا صبًا بات هنالك واشرحا لهم من أحاديثي عرضًا وطايلا وهل لزمان باللوى سقى اللوى مآرب فما ألقى مدى الدهر حايلا فحظي بعيد الدار منه بقربه ويورد فيه من مناه مناهلا وحملني من صرفه ما يؤدني ومكن مني الخطوب شواغلا عتبت عله فاغتدى لي عاتبا وقال اصخ لي لا تكن لي عاذلا أتعتبني إذ قد أفدتك موقفا لدى أعظم الأملاك حلمًا ونايلا مليك جاه الله بالخلق الرضا وأعلى له في المكرمات المنازلا مليك علا فوق السماك فطرفه غدا كهلال الأفق يبصرنا علا إذا ما دجا ليل الخطوب فبشره صباح وبدر لا يرى الدهر آفلا نماه من الأنصار غر أكابر لهم شيم ملء الفضاء فضايلا تلوا سور النعماء في حزبهم كما جلوا صور الأيام غرًا جلايلا تسامت لهم في المعلوات مراتب يرى زحل دون المراتب زاحلا عصابة نصر الله طابت أواخرا كما قد زكت أصلا وطابت أوايلا عوامله بالحذف تحكم في العد كما حكموا في حذف جزم عواملا يبدد جمع الكفر رعبا وهيبة كما بددت منه اليمين النوافلا ومنها في وصفه الأسطول واللقاء‏:‏ ولما استقامت بالزقاق أساطل واستقلت للعود محافلا رآها عدو الله فانفض جمعه وأبصر أمواج البحار أساطلا ومن دهش ظن السواحل أبحرا ومن رعب خال البحار سواحلا ومن جندكم هبت عليه عواصف تدمر أدناها الصلاب الجنادلا تفرقهم أيدي سبا وتبيدهم فقد خلفت فيهم حساما وذابلا وعهدي بمر الريح للنار موقدا فقد أطفأت تلك الحروب المشاعلا وكان لهم برد العذاب ولم يكن سلامًا وما كادوه قد عاد باطلا حداهم هواهم للإسار وللفنا فما أفلتوا من ذا وذاك حبايلا فهم بين عان في القيود مصفد وفان عليه السيف أصبح صايلا أعدت لنا الدنيا نعيمًا ولذة ألا للمعالي ما تعيد وما تبد بنوركم والله يكلأ نوركم تبدت لنا سبل السعادة والرشد تحلى لكم بالملك نحر ولبة فراق كذاك الجيد يزدان بالعقد مآثركم قد سطرتها يد العلا على صفحات الفخر أو مفرق الحمد بمدحكم للقرآن أثنى منزلا وقد حزتم مجدا بجدكم سعد كفاكم فخارا أنه لكم أبومن فخره إن أنت تدعوه بالجد ثناؤكم هذا أم المسك نافح وذكركم أم عاطر العنبر الورد أجل ذكركم أزكى وأذكى لناشق كما أنكم أجلى وأعلا لمشهد طلعتن على الآفاق نورا وبهجة فما أنت إلا البدر في طالع السعد وفي جملة الأملاك عز ورفعة ودم في خلود الملك والنصر والسعد ولو أثنى فقت سجان وايل وأربيت في شعري على الشاعر الكند لما قمت بالمعشار من بعض مالكم من الجود والأفضال والبذل والرفد أبي الله إلا أن تكون مشرفًا بمقعد خير العالمين محمد فهنيت بالفخر السني محله وهنيت بالمجد الرفيع المجدد شهدت بما أوليتني من عوارف وخولت من نعمى وأسديت من يد وما حزت من مجد كريم نجاره وما لك من مجد ورفعة محتد لقد نبأتني بالرواح لعزكم مخايل إسعاد تروح وتغتد تحدثني نفسي وإني لصادق بأن سوف تلقى كاملا كل مقصد دليلي بهذا أنك الماجد الذي تسامى علوا فوق كل ممجد ليفخر أولو الفخر المنيف بأنكم لهم علم أعلى به الكل مقتدي إمام علوم معتلي القدر لم يزل رداء المعالي والعوارف يرتد وقاض إذا الأحكام أشكل أمرها جلا لها برأي الحقيقة مرشد إذا الحق أبدى نوره عند حكمه رأيت له حد الحسام المهند وإن جميع الخلق في الحق عنده سواسية ما بين دان وسيد وما زال قدمًا للحقيقة حاميا وللشرعة البيضاء يهدي ويهتدي ويمنح أفضالا ويولى أياديًا وإحسانه للمعتفين بمرصد يقيد أحرارًا بمنطق جوده فما إن يني عن مطلق أو مقيد نعم إن يكن للفضل شخص فإنما بشيمته الغراء في الفضل يبتدي أيا ناثرًا أسى المعارف والغنا ويا طارقا يطوي السرى كل فدفد ألا الق عصا التسيار واعش لناره تجد خر نار عندها خير موقد ومن مقطوعاته وقوله‏:‏ تبرأت من حولي إليك وأيقنت برحماك آمالي فصح يقيني فلا أرهب الأيام إذ كنت ملجأي وحسبي يقيني باليقين يقيني ومن شعره لهذا العهد منقولا من خطه قال مما نظمه فلان يعني نفسه في كتاب الشفا نفع الله به‏:‏ سل بالعلى وسنى المعارف يبهر هل زانها إلا الأيمة معشر وهل للمفاخر غير ما شهدت به آي الكتاب وخارتها الأعصر وعياض الأعلى قداحًا في العلى منهم وحوله الفخار الأظهر بشفايه تشفى الصدور وإنه لرشاد نار به الشهاب النير هو للتوالف روح صورتها وقل هو تاج مفرقها البهي الأنور أفنت محاسنه المدايح مثل ما لمعيده بعد الثناء الأعطر وله اليد البيضاء في تأليفه عند الجميع ففضلها لا ينكر هو مورد الهيم العطاش هفت بهم أشواقهم فاعتاض منه المصدر فبه ننال من الرضى ما نبتغي وبكونه فينا نغاث ونمطر أنظر إليه تميمة من كل ما تخشى من الخطب المهول وتحذر لكأنني بك يا عياض مهنأ بالفوز والملأ العلي مبشر لكأنني بك يا عياض منعما بجوار أحمد يعتلي بك مظهر لكأنني بك يا عياض متوجًا تاج الكرامة عند ربك تخبر لكأنني بك راويًا من حوضه إذا لا صدى ترويه إلا الكوثر وسقى هزيم الودق مضجعك الذي ما زال بالرحمي يؤم ويعمر وقال في محمل الكتب‏:‏ أنا الحبر في حمل العلوم وإن تقل بأني حلى عن حلاهن تعدل أقيد ضروب العلم ما دمت قايما وإن لم أقم فالعلم عن بمعزل خدمت بتقوى الله خير خليفه فبوأني من قربه خير منزل أبا سالم لا زال في الدهر سالما يسوغ من شرب المنا كل منهل وكان قد رأى ليلة الاثنين الثانية لجمادى الأولى عام ستين وسبعماية في النوم كأن الوزير أبا علي بن عمر بن يخلف بن عمران الفدودي يأمره أن يجيب عن كلام من كتب إليه‏.‏
فأجاب عنه بأبيات نظمها في النوم ولم يحفظ منها غير هذين البيتين‏:‏ وإني لأجزى بما قد أتاه صديقي احتمالا لفعل الحرفاء بتمكين ود وإثبات عهد وإجزال حمد وبذل حياء
ومن نظمه في التورية‏:‏ وبخيل لما دعوه لسكني منزل بالجنان ضن بذاك قال لي مخزن بداري فيه جل ما لي فلست للدار شاك ومن ذلك أيضا‏:‏ يا رب منشأة عجبت لشأنها وقد احتوت في البحر أعجب شان سكنت بجنبها عصابة شدة حلت محل الروح في الجثمان فتحركت بإرادة مع أنها في حسنها ليست من الحيوان وجرت كما قد شاء سكانها فعلمت أن السر في السكان ومن ذلك أيضًا قوله‏:‏ وذي خدع دعوه لاشتغال وما عرفوه غثًا من سمين فأظهر زهده وغنى بمال وجيش الحرص منه في كمين وأقسم لا فعلت بمن خب فيا عجبًا لخلاف مهين يقد بسيره ويمين حلف ليأكل باليسار وباليمين شيء من نثره خاطبته من مدينة سلا بما نصه حسبما يظهر من غرضه‏:‏ مرضت فأيامي لذاك مريضة وبرؤك مقرون برئ اعتلالها وينظر باقي الرسالة في خبر التعريف بمؤلف الكتاب فراجعني عن ذلك بما نصه‏:‏ متى شيت ألفي من علايك كل ما ينيل من الآمال خير منالها كبر اعتلال من دعايك زارني وعادات بر لم ترم عن وصالها أبقى الله ذلك الجلال الأعلى متطولًا بتأكيد البر متفضلًا بموجبات الحمد والشكر‏.‏
وردتني سماة سيدي المشتملة على معهود تشريفه وفضله الغنى عن تعريفه متحفيًا في السؤال عن شرح الحال ومعلنًا ما تحلى به من كرم الخلال والشرف العال والمعظم على ما يسر ذلك الجلال الوزاري الرياسي أجراه الله على أفضل ما عوده كما أعلى في كل مكرمة يده ذلك ببركة دعايه الصالح وحبه المخيم بين الجوانح‏.‏
والله سبحانه المحمود على نعمه ومواهب لطفه وكرمه وهو سبحانه المسئول أن يسنى لسيدي قرار الخاطر على ما يسره في الباطن والظاهر‏.‏
بمن الله وفضله والسلام على جلاله الأعلى ورحمة الله وبركاته‏.‏
كتبه المعظم الشاكر الداعي المحب ابن رضوان وفقه الله‏.‏
ومما خاطبني به وقد جرت بيني وبين المتغلب على دولتهم رقاع فيها سلم وإيقاع ما نصه‏:‏ يا سيدي الذي علا مجده قدرا وخطرا وسما ذكره في الأندية الحافلة ثناء وشكرا وسما فخره في المراتب الدينية والدنيوية حمدًا وأجرًا أبقاك الله جميل السعي أصيل الرأي سديد الرمي رشيد الأمر والنهى وممدوحًا من بلغاء زمانك بما يقصر بالنوابغ والعشي مفتوحًا لك باب القبول عند الواحد الحق‏.‏
وصلني كتابك الذي هو للإعجاز آية وللإحسان غاية ولشاهد الحسن تبريز ولثوب الأدب تطريز وفي النقد إبريز وقفت منه على ما لا تفي العبارة بعجايبه ولا يحيد الفضل كله عن مذاهبه من كل أسلوب طار في الجو إعرابًا وإغرابًا وملك من سحر البيان خطابًا وحمد ثناه مطالًا وحديثًا مطابًا شأن من قصر عن شأو البلغاء بعد الإغياء ووقف دون سباق البديع بعد الإعياء فلم يشق غباره ولا اقتفيت إلا بالوهم آثاره فلله من سيدي إتحاف سر ما شاء وأحكم الإنشاء وبر الأكابر والإنشاء فما شئت من إفصاح وكتابة وبر ورعاية وفهم وإفهام وتخصيص وإبهام وكبح لطرف النفس وقمع وخفض في الجواب ورفع وتحرج وتورع وترقص وتوسع وجماع وأصحاب وعتب وإعتاب وإدلال على أحباب وإلى غير ذلك من أنواع الأغراض والمقاصد السالمة جواهرها من الأعراض جملة جمعت المحاسن وأمتعت السامع والمعاين وحلت من امتناعها مع السهولة الحرم إلا من زاد الله تلك المعارف ظهورًا وجعلها في شرع المكارم هدى ونورًا‏.‏
وأما شكر الجناب الوزاري أسماه الله بحكم النيابة عن جلالكم فقد أبلغت فيه حمدي وبذلت ما عندي وودي لكم ودي ووردي لكم من المخالصة لكم وردي وكل حالات ذلك الكمال مجمع على تفضيله معتمد من الثناء العاطر بإجماله وتفصيله‏.‏
وأما مؤديه إليكم أخي وسيدي الفقيه المعظم قاضي الحضرة وخطيبها أبو الحسن أدام الله عزته وحفظ أخوته فقد قرر من أوصاف كمالاتكم ما لا تفي بتقريره الأمثلة من أولى العلم بتلك السجايا الغر والشيم الزهر وما تحليتم به من التقوى والبر والعدل والفضل والصبر والشكر ولحمل المتاعب في أمور الجهاد وترك الملاذ والدعة في مرضاة رب العباد والإعراض عن الفانية والإقبال على الباقية فيا لها من صفات خلعت السعادة عليكم مطارفها وأجزلت عوارفها وجمعت لكم تالدها وطارفها زكى الله ثوابها وجدد أثوابها ووصل بالقبول أسبابها‏.‏
وذكر لي أيضًا من حسناتكم المنقبة الكبيرة والقربة الأثيرة في إقامة المارستان بالحضرة والتسبب في إنشاء تلك المكرمة المبتكرة التي هي من مهمات المسلمين بالمحل الأعلى ومن ضروريات الدين بالمزية الفضلى وما ذخره القدر لكم من الأجر في ذلك السعي المشكور والعمل المبرور فسرني لتلك المجادة إحراز ذلك الفضل العظيم والفوز بثوابه الكريم وفخره العميم‏.‏
ومعلوم أبقكم الله ما تقدم من ضياع الغربا ولاضعفا من المضي فيما سلف هنالك وقبل ما قدر لهم من المرتفق العظيم وبذلك حتى أن من حفظ قول عمر رضي الله عنه والله لو ضاعت نخلة بشاطئ الفرات لخفت أن يسأل الله عنها عمر‏.‏
لا شك في أن من تقدم من أهل الأمر هنالكم لا بد من سؤاله عمن ضاع لعدم القيام بهذا الواجب المغفل‏.‏
والحمد لله على ما خصكم به من مزية قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إذا أراد الله بخليفة خيرًا جعل ل وزيرًا صالحًا إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه ‏"‏‏.‏
وأما كتاب المحبة فقد وقف المعظم على ما وجهتهم منه وقوفًا ظهر بمزية التأمل وعلم منه ما ترك للآخر للأول ولم يشك في أن الفضل للحاكي وشتان بين الباكي والمتباكي‏.‏
حقا لقد فاق التأليف جمعًا وترتيبًا وذهب في الطرق الصوفية مذهبًا عجيبًا‏.‏
ولقد بهرت معانيه كالعرائس المجلوة حسنًا ونضارة وبرعت بدايعه وروايعه سنى وإنارة وألفاظًا مختارة وكؤوسا مدارة وغيوثًا من البركات مدرارة أحسن بما أدته تلك الغرر السافرة والأمثال السايرة والخمايل الناظرة واللآلئ المفاخرة والنجوم الزاهرة‏.‏
وأما إنه لكتاب تضمن زبدة العلوم وثمرة الفهوم وإن موضعه للباب اللباب وخلاصة الألباب وفذلكة الحساب وفتح الملك الوهاب سنى الله لكم ولنا كماله وبلغ الجميع منا آماله وجعل السعي فيه خالصًا لوجهه وكفيلًا بمعرفته بمنه وكرمه وهو سبحانه يبقى بركتكم ويكلأ ذاتكم الكريمة وحوزتكم بفضله وطوله وقوته والسلام الكريم يخصكم به كثيرًا أثيرًا معظم مقداركم وملتزم إجلالكم وإكباركم ابن رضوان وفقه الله وكتب في الثامن والعشرين لرجب من عام سبعة وستين وسبعمائة‏.‏
m0ب الله بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن سعيد بن خلف بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن عثمان بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن عمار ين ياسر غرناطي قلعي الأصل سكن مالقة‏.‏
حاله قال صاحب الطالع هو المشهور باليربطول‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:39 AM

زاد على أخيه بخفة الروح وطيب النوادر واختار سكنى مالقة فما زال بها يمشي على كواهل ما تعاقب فيها من الدول ويقلب طرفه مما نال من ولاياتها بين الخيل والخول حتى أن ابن عسكر قاضى مالقة وعالمها كان من جملة من مدحه وتوسل به إلى بلوغ أغراضه عند القوم وصنف له شجرة الأنساب السعيدية‏.‏
وكان قبيح المنظر مع كونه من رياحين الفضل والأدب‏.‏
فمن الحكايات المتعلقة بذلك أنه كونه من رياحين الفضل والأدب‏.‏
فمن الحكايات المتعلقة بذلك أنه دخل يومًا على الوالي بغرناطة السيد أبي إبراهيم وجعل يساره وكان مختصًا به واقتضى ذلك أن رد ظهره للشيخ الفقيه الجليل عميد البلدة أبي الحسن سهل بن مالك ثم التفت فرد وجهه إليه وقال اعتذر لكم بأمر ضروري فقال أبو الحسن إنما تعتذر لسيدنا فانقلب المجلس ضحكًا‏.‏
ومنها أنه خرج إلى سوق الدواب مع ابن يحيى الحضرمي المشهور أيضًا بخفة الروح وكان مسلطًا على بني سعيد فبينما هو واقف إذ النخاس ينادي على فرس فم يشرب من القادوس وعين تحصد بالمنجل فقال له يا قايد أبا محمد سر بنا من هنا لئلا تؤخذ من يدي ولا أقدر لك بحيلة فعلم مقصده ولم يخفف عليه أن تلك صورته فقال سل جارتك عنها فمضى لأمه وأوقع بينها وبينه فحلف أن لا يدخل عليها الدار‏.‏
قال أبو عمران بن سعيد واتفق أن جزت بدار أم الحضرمي فرأيته إلى ناحية وهو كثيب منكسر فقلت له ما خبرك يا أبا يحيى فقال لي عن أمه وعن نفسه النساء يرمين أبناء الزنا صغارا وهذه العجوز الفاعلة الصانعة ترميني ابن خمسين سنة فقلت له وما سبب ذلك فقال ابن عمك يوسف الجمال لا أخذ الله له بيد فما زلت حتى أصلحت بينها وبينه‏.‏
ومن نوادر أجوبته المسكتة أنه كان كثير الخلطة بمراكش لأحد السادة لا يفارقه إلى أن ولي ذلك السيد وتمول واشتغل بدنياه عنه فقيل له نرى السيد فلانًا أصرب عن صحبتك ومنادمتك فقال كان يحتاج إلى وقتًا كان يتبخر بي وأما اليوم فإنه يتبخر بالعود والند والعنبر‏.‏
وقال له شخص كان يلقب بفسيوات في مجلس خاص أي فائدة في اليربطول وفيم ذا يحتاج إليه فقال له لا تقل هذا فإنه يقطع رايحة الفسا فود أنه لم ينطق‏.‏
وتكلم شخص من المترفين فقال أمس بعنا الباذنجان التي بدار خالتي بعشرين مثقالا فقال لو بعتم الكريز التي فيها لساوي أكثر من ماية‏.‏
وأخباره شهيرة قال أبو الحسن علي بن موسى وقعت في رسايل الكاتب الجليل شيخ الكتاب أبي زيد الفازازي على رسايل في حق أبي محمد اليربطول ومنه إليه فمنها في رسالة عن السيد أبي العلاء صاحب قرطبة إلى أخيه أبي محمد اليربطول ومنه إليه فمنها في رسالة عن السيد أبي العلاء صاحب قرطبة إلى أخيه أبي موسى صاحب مالقة ويصلكم به إن شاء الله القايد الأجل الأكرم الحسيب الأمجد الأنجد أبو محمد أدام الله كرامته وكتب سلامته وهو الأكيد الحرمة القديم الخدمة المرعى الماتة والذمة المستحق البر في وجوه كثيرة ولمعان أثيرة منها أنه من عقب عمار بن ياسر رضوان الله عليه وحسبكم هذا مجدًا مؤثلًا وشرفًا موصلًا ومنها تعين بيته وسلفه واختصاصهم من النجابة والظهور بأنوه الإسم وأشرفه وكونهم بين معتكف على مضجعه أو مجاهد بمرهفه ومثقفه ومنها سبقهم إلى هذا الأمر العزيز وتميزهم بأثرة الشفوف والتمييز ومنها سبقهم إلى هذا الأمر العزيز وتميزهم بأثرة الشفوف والتمييز ومنها الانقطاع إلى أخيكم ممد مورده ومصدره وكرم مغيبه ومحضره وهذه وسايل وفاته كانت وفاته بمالقة بعد عشرين وستماية قال الرييس أبو عمر بن حكم شاهدته قد وصل إلى السيد أبي محمد البياسي أيام ثورته وهو بشنتلية مع وفد مالقة بالبيعة سنة ثنتين وعشرين وستماية‏.‏
ومن الصوفية والفقراء ابن أبي المجد عبد الله بن عبد البر بن سليمن بن محمد بن أشعث الرعيني من أهل أرجدونه من كورة ريه يكنى أبا محمد ويعرف بابن أبي المجد‏.‏
حاله كان من أعلام الكور سلفًا وترتبًا وصلاحًا وإنابة ونية في الصالحين متسع الذرع للوارد كثير الإيثار بما تيسر مليح التخلق حسن السمت طيب النفس حسن الظن له حظ من الطلب من فقه وقراءات وفريضة وخوض في طريقة الصوفية وأدب لا بأس به قطع عمره خطيبًا وقاضيًا ببلده ووزيرًا وكتب بالدار السلطانية في كل ذلك لم يفارق السداد‏.‏
مشيخته قرأ على الأستاذ الجليل أبي جعفر بن الزبير‏.‏
رحل إليه من وطنه عام اثنين وتسعين وستماية ولازمه وانتفع به أخذ عنه الكتاب العزيز والعربية وسمع عليه الكثير من الحديث وعلى الخطيب الصوفي المحقق أبي الحسن فضل بن محمد بن فضيلة المعافري وعلى الخطيب المحدث أبي عبد الله محمد بن عمر بن رشيد وسمع على الشيخ القاضي الراوية أبي محمد النبعي والوزير المعمر المحدث الحسيب أبي محمد عبد المنعم بن سماك العاملي والعدل الراوية أبي الحسن بن مستقور‏.‏
وقرأ بمالقة على الأستاذ أبي بكر بن الفخار وأجازه من أهل المشرق طائفة‏.‏
شعره مما حدثني ابن أخته صاحبنا أبو عثمن بن سعيد‏.‏
قال نظم الفقيه القاضي الكاتب أبو بكر بن شبرين ببيت الكتاب مألف الجملة رحمهم الله هذين البيتين‏:‏ ألا يا محب المصطفى زد صبابة وضمخ لسان الذكر منه بطيبه ولا تعبأن بالمبطلين فإنما علامة حب الله حب حبيبه فأخذ الأصحاب في تذييل ذلك‏.‏
فقال الشيخ أبو الحسن بن الجياب رحمه الله‏:‏ فمن يعمر الأوقات طرًا بذكره فليس نصيب في الهدى كنصيبه ومن كان عنه معرضًا طول دهره فكيف يرجيه شفيع ذنوبه وقال أبو القاسم بن أبي القاسم بن أبي العافية‏:‏ أليس الذي جلى دجا الجهل هديه بنور أقمنا بعده نهتدي به وقال أبو بكر بن أرقم‏:‏ نبى هدانا من ضلال وحيرة إلى مرتقى سامي المحل خصيبه فهل يذكر الملهوف فضل مجيره ويغمط شاكي الداء شكر طبيبه وانتهى القول إلى الخطيب أبي محمد بن أبي المجد فقال رحمه الله مذيلًا كذلك‏:‏ ومن قال مغرورًا حجابك ذكره فذلك مغمور طريد عيوبه وذكر سول الله فرض مؤكد وكل محق قايل بوجوبه وقال يومًا شيخنا أبو الحسن بن الجياب هذين البيتين على عادة الأدباء في اختيار الأذهان‏:‏ جاهد النفس جاهدا فإذا ما فنيت عنك فهي عين الوجود وليكن حكمك المسدد فيها حكم سعد في قتله لليهود قال فأجابه أبو محمد بن أبي المجد‏:‏ أيها العارف المعبر ذوقا عن معان غزيرة في الوجود إن حال الفنا عن كل غير لمقام المراد غير المريد كيف لي بالجهاد غير معان وعدوه مظاهر بجنود ولو أني حكمت فيمن ذكرتم حكم سعد لكنت جد سعيد سوف أسلو بحبكم عن سواها ولو أبدت فعل المحب الودود سوف أسلو بحبكم عن سواها ولو أبدت فعل المحب الودود ليس شيء سوى إلآهك يبقى واعتبر صدق ذا بقول لبيد وفاته توفي رحمه الله ليلة النصف من شعبان المكرم عام تسعة وثلاثين وسبعماية‏.‏
وكان يجمع الفقراء ويحضر طائفتهم وتظهر عليه حال لا يتمالك معها وربما أوحشت من لا يعرفه بها‏.‏
عبد الله بن فارس بن زيان من بني عبد الوادي تلمساني يكنى أبا محمد وينتمي إلى بني زيان من بيت أمرائهم‏.‏
كذا نقلت من خط صاحبنا الفقيه القاضي أبي الطاهر قاضي الجماعة أبي جعفر بن جعفر بن فركون وله بأحواله عناية وله إليه تردد كثير وزيارة‏.‏
قال ورد الأندلس مع أبيه وهو طفل صغير واستقر بقتورية في ديوان غزانها‏.‏
ولما توفي أبوه سلك مسلكه برهة ورفض ذلك وجعل يتردد بين الولد وانقطع لشأنه‏.‏
حاله ابن العسال عبد الله بن فرج بن غزلون اليحصبي يعرف بابن العسال ويكنى أبا محمد طليطلي الأصل‏.‏
سكن غرناطة واستوطنها الصالح المقصود التربة المبرور البقعة المفزع لأهل المدينة عند الشدة‏.‏
حاله قال ابن الصيرفي كان رحمه الله فذا في وقته غريب الجود طرفًا في الخير والزهد والورع له في كل جو متنفس يضرب في كل علم بسهم وله في الوعظ تواليف كبيرة وأشعاره في الزهد مشهورة جارية على ألسنة الناس أكثرها كالأمثال جيدة الرصعة صحيحة المباني والمعاني‏.‏
وكان يلحق في الفقه‏.‏
ويجلس للوعظ‏.‏
وقال الغافقي كان فقيهًا جليلًا زاهدًا متفننًا فصيحًا لسنا الأغلب عليه مطبوعا‏.‏
كان له مجلس يقرأ عليه فيه الحفظ والتفسير ويتكلم عليه ويقص من حفظه أحاديث‏.‏
وألف في أنواع من العلوم وكان يغظ الناس بجامع غرناطة غريبًا في وقته فذا ي دهره عزيز الوجود‏.‏
مشيخته روى عن أبي محمد مكي بن أبي طالب وأبي عمرو المقري الداني وأبي عمر بن عبد البر وأبي إسحق إبراهيم بن مسعود الإلبيري الزاهد وعن أبيه فرج وعن أبي زيد الحشا القاضي وعن القاضي أبي الوليد الباجي‏.‏
شعره وشعره كثير ومن أمثل ما روى منه قوله‏:‏ لست وجيهًا لدي إلهي في مبدإ الأمر والمعاد لو كنت وجيهًا لما براني في عالم الكون والفساد وفاته توفي رحمه الله يوم الاثنين لعشر خلون من رمضان عام سبعة وثمانين وأربعمائة وألحد ضحى يوم الثلاثاء بعده بمقبرة باب إلبيرة بين الجبانتين‏.‏
ويعرف المكان إلى الآن بمقبرة العسال‏.‏
وكان له يوم مشهود وقد نيف على الثمانين رحمه الله ونفع به‏.‏
ومن الملوك والأمراء والأعيان والوزراء عبد الرحمن بن عبد الله بن معاوية بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية أمير المؤمنين الناصر لدين الله الخليفة الممتع المجدود المظفر البعيد الذكر الشهير الصيت‏.‏
حاله كان أبيض أشهل حسن الوجه عظيم الجسم قصير الساقين‏.‏
أول من تسمى أمير المؤمنين ولي الخلافة فعلا جده وبعد صيته وتوطأ ملكه وكأن خلافته كانت شمسا نافية للظلمات فبايعه أجداده وأعمامه وأهل بيته على حداثة السن وجدة العمر فجدد الخلافة وأحيا الدعوة وزين الملك ووطد الدولة وأجرى الله له من السعد ما يعظم عنه الوصف ويجل عن الذكر وهيأ له استنزال الثوار والمنافقين واجتثاث جراثيمهم‏.‏
بنوه‏:‏ أحد عشر منهم الحكم الخليفة بعده والمنذر وعبد الله وعبد الجبار‏.‏
حجابه‏:‏ بدر مولاه وموسى بن حدير‏.‏
قضاته‏:‏ جملة منهم أسلم بن عبد العزيز وأحمد بن بقي ومنذر ابن سعيد البلوطي‏.‏
نقش خاتمة‏:‏ عبد الرحمن بقضاء الله راض‏.‏
دخوله إلبيره قال المؤرخ أول غزوة غزاها بعد أن استحجب بدرا مولاه وخرج إليها يوم الخميس رابع عشرة ليلة خلت من شعبان سنة ثلاثمائة مفوضًا إليه ومستدعيًا نصره واستيلاف الشاردين وتأمين الخايفين إلى ناحية كورة جيان وحصن المنتلون فاستنزل منه سعيد بن هذيل وأناب إليه من كان نافرًا عن الطاعة مثل ابن اللبانة وابن مسرة ودحون الأعمى وانصرف إلى قرطبة وقد تجول وأنزل كل من بحصن من حصون كورة جيان‏.‏
وبسطة وناجرة وإلبيرة وبجانة والبشرة وغيرها بعد أن عرض نفسه عليها‏.‏
وعلى عهده توفي ابن حفصون‏.‏
وجرت عليه هزيمة الخندق في سنة سبع وعشرين وثلاثماية وطال عمره فملك نيفا وخمسين سنة ووجد بخطه أيام السرور التي صفت لي دون كدر يوم كذا ويوم كذا فعدت فوجدت أربعة عشر يومًا‏.‏
وفاته في أول رمضان من سنة خمسين وثلاثمائة‏.‏
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الناصر لدين الله بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يكنى أبا المطرف ويلقب بالمرتضى‏.‏
حاله وصفته كان أبيض أشقر أقنى مخفف البدن مدور اللحية خيرًا فاضلًا من أهل الصلاح والتقى قام بدولته خيران العامري بعد أن كثر السؤال عن بني أمية فلم يجد فيهم أسدًا للخلافة منه بورعه وعفافه ووقاره وخاطب في شأنه ملوك الطوائف على عهده فاستجاب الكل إلى الطاعة بعد أن جمع الفقهاء والشيوخ وجعلوها شورى وانصرفوا يريدون قرطبة وبدأوا بصنهاجة بالقتال فكان نزوله بجبل شقشتر على محجة واط‏.‏
وفاته يوم الثلاث خلون من جمادى الأولى سنة تسع وأربعمائة‏.‏
وكانت الهزيمة على عساكر المرتضى فتركوا المحلات وهربوا وفشي فيهم القتل وظفرت صنهاجة من المتاع والأموال بما يأخذه الوصف وقتل المرتضى في تلك الهزيمة فلم يوقع له على أثر وقد بلغ سنه نحو أربعين‏.‏
عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس يكنى أبا المطرف وقيل أبا زيد وقيل أبا سليمن وهو الداخل إلى الأندلس والمجدد الخلافة بها لذريته والملقب بصقر بني أمية‏.‏
حاله قال ابن مفرج كان الأمير عبد الرحمن بن معاوية راجح العقل راسخ العلم ثابت الفهم كثير الحزم فذ العزم بريئًا من العجز مستخفا للثقل سريع النهضة متصل الحركة لا يخلد إلى راحة ولا يسكن إلى دعة ولا يكل الأمور إلى غيره ثم لا ينفرد بإبرامها برأيه‏.‏
وعلى ذلك فكان شجاعًا مقدامًا بعيد الغور شديد الحذر قليل الطمأنينة بليغًا مفوهًا شاعرًا محسنا سمحًا سخيًا طلق اللسان فاضل البنان يلبس البياص ويعتم به ويؤثره‏.‏
وكان أعطى هيبة من وليه وعدوه لم يعطها واحد من الملوك في زمانه‏.‏
وقال غيره وألفى الأمير عبد الحمن الأندلسي ثغرًا من أنأي الثغور القاصية غفلًا من سمة الملك عاطلاُ من حليه الإمامة فأرهب أهله بالطاعة السلطانية وحركهم بالسيرة الملوكية ورفعهم بالآداب الوسطية فألبسهم عما قريب المودة وأقامهم على الطريقة‏.‏
وبدأ يدون الدواوين وأقام القوانين ورفع الأواوين‏.‏
وفرض الأعطية وأنفد الأقضية وعقد الألوية وجند الأجناد ورفع العماد وأوثق الأوتاد فأقام للملك نبذة من أوليته لما ظهر بنو العباس بالمشرق ونجا فيمن نجا من بني أمية معروفًا بصفته عندهم وخرج بؤم المغرب لأمر كان في نفسه من ملك الأندلس اقتضاه حدثان‏.‏
فسار حتى نزل القيروان ومعه بدر مولاه ثم سار حتى لحق بأخواله من نفزة ثم سار بساحل العدوة في كنف قوم من زناته وبعث إلى الأندلس بدرًا فداخل له بها من يوثق به وأجاز البحر إلى المنكب وسأل عنها فقال نكبوا عنها ونزل بشاط من أحوازها وقدم إليه أول دعوته وعقد اللوا وقصد قرطبة في خبر يطول حروب مبيرة وهزم يوسف الفهري واستولى على قرطبة فبويع له بها يوم عيد الأضحى من سنة ثمان وثلاثين ومائة وهو ابن خمس وعشرين سنة‏.‏
دخوله إلبيرة قالوا ولما انهزم الأمير يوسف بن عبد الرحمن الفهري لحق بإلبيرة فامتنع بحصن غرناطة وحاصره الأمير عبد الرحمن بن معوية وأحاط به فنزل على صلح وانعقد بينهما عقد ورهنه يوسف ابنيه أبا زيد وأبا الأسود وشهد في الأمان وجوه العسكر منهم أمية بن حمزة الفهري وحبيب بن عبد الملك المرواني ومالك بن عبد الله القرشي ويحيى بن يحيى اليحصبي ورزق بن النعمان الغسالي وجدار بن سلامة المذحجي‏.‏
وعمر بن عبد الحميد العبدري وثعلبة بن عبيد الجذامي والحريش ابن حوار السلمي وعتاب بن علقمة اللخمي وطالوت بن عمر اليحصبي والجراح بن حبيب الأسدي وموسى بن خالد والحصين بن العقيلي وعبد الرحمن بن منعم الكلبي إلى آخر سواهم بتاريخ يوم الأربعاء لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة تسع وثلاثين ومائة‏.‏
نقلت أسماء من شهد لكونهم مممن دخل البلد ووجب ذكره فاجتزأت بذلك فرارا من الإطالة إذ هذا الأمر بعيد الأمد والإحاطة لله‏.‏


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:40 AM

بلاغته ونثره وشعره قال الرازي قام بين يديه رجل من جند قنسرين يستنجد به وقال له يا ابن الخلايف الراشدين والسادات الأكرمين إليك فررنا وبك عذت من زمن ظلوم ودهر غشوم قلل المال وذهب الحال وصير إلي بذاك المنال فأنت ولي الحمد وربي المجد والمرجو للرفد‏.‏
فقال له ابن معاوية مسرعًا قد سمعنا مقالتك فلا تعودن ولا سواك لمثله من إراقة وجهك بتصريح المسلة والإلحاف في الطلبة وإذا ألم لك خطب أو دهاك أمر أو أحرقتك حاجة فارفعه إلينا في رقعة لا تعدو ذكيًا تستر عليك خلتك وتكف شماتة العدو بك بعد رفعها إلى مالكنا ومالكها عن وجهه بإخلاص الدعاء وحسن النية‏.‏
وأمر له بجائزة حسنة‏.‏
وخرج الناس يعجبون من حسن منطقه وبراعة أدبه‏.‏
ومن شعره قوله وقد نظر إلى نخلة بمنية الرصافة مفردة هاجت شجنه إلى تذكر بلاد المشرق‏:‏ تبدت لنا وسط الرصافة نخلة تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل فقلت شبيهي في التغرب والنوى وطول التنائي عن بنيي وعن أهلي نشأت بأرض أنت فيها غريبة فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي سقتك غوادي المزن من صوبها الذي يسح ويستمرئ السماكين بالوبل وفاته توفي بقرطبة يوم الثلاثاء الرابع والعشرين لربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وماية وهو ابن تسعة وخمسين عامًا وأربعة أشهر وكانت مدة ملكه ثلاثًا وثلاثين سنة وأربعة أشهر وأخباره شهيرة‏.‏
وجرى ذكره في الرجز المسمى بقطع السلوك في ذكر هذين من بني أمية قولي في ذكر الداخل‏:‏ وجلت الفتنة في أندلس فأصبحت فريسة المفترس فأسرع السير إليها وابتدر وكل شيء بقضاء وقدر صقر قريش عابد الرحمن باني المعالي لبني مروان جدد عهد الخلفاء فيها وأسس الملك لمترفيها جدد عهد الخلفاء فيها وأسس الملك لمترفيها ثم أجاب داعي الحمام وخلف الأمر إلى هشام وقام بالأمر الحفيد الناصر والناس محصور بها وحاصر فأقبل السعد وجاء النصر وأشرق الأمن وضاءت القصر وعادت الأيام في شباب وأصبح العدو في تباب سطى وأعطى وتغاضى ووفا وكلما أقدره الله عفا فعاد من خالف فيها وانتزا وحارب الكفار دأبا وغزا وأوقع الروم به في الخندق فانقلب الملك بسعي مخفق واتصلت من بعد ذا فتوح تغدو على مثواه أو تروح فاغتنموا السلم لهذا الحين ووصلت إرسال قسطنطين وساعد السعد فنال واقتنا ثم بني الزهرا فيما قد بنا عبد الرحمن بن إبراهيم اللخمي بن يحيى بن سعيد بن محمد اللخمي عبد الرحمن بن إبراهيم اللخمي بن يحيى بن سعيد بن محمد اللخمي من أهل رندة وأعيانها يكنى أبا القاسم ويعرف بابن الحكيم وجده يحيى هو المعروف بابن الحكيم وقد تقدم ذكر جملة من هذا البيت‏.‏
حاله كان رحمه الله عين بلده المشار إليه كثير الانقباض والعزلة مجانبًا لأهل الدنيا نشأ على طهارة وعفة مرضى الحال معدودا في أهل النزاهة والعدالة وأفرط في باب الصدقة بما انقطع عنه أهل الإثراء من المتصدقين ووقفوا دون شأوه‏.‏
ومن شهير مايروى من مناقبه في هذا الباب‏.‏
أنه أعتق بكل عضو من أعضائه رقبة وفي ذلك يقول بعض أدباء عصره‏:‏ أعتق بكل عضو منه رقبة واعتد ذلك ذخرًا ليوم العقبة لا أجد منقبة مثل هذه المنقبة مشيخته روى عن القاضي الجليل أبي الحسن بن قطرال وعن أبي محمد بن ابن عبد اله بن عبد العظيم حاله كان فقيهًا جليل القدر رفيع الذكر عارفًا بالنحو واللغة والأدب ماهر الكتابة رايق الشعر بديع التوشيح سريع البديهة جاريًا على أخلاق الملوك في مركبه وملبسه وزيه قال ابن مسعدة‏:‏ وطيء من درجات العز والمجد أعلاها وفرع من الأصالة منتماها‏.‏
ثم علت همته إلى طلب الرياسة والملك‏.‏
فارتحل إلى بلاد العدوة ودعا إلى نفسه فأجابه إلى ذلك الخلق الكثير‏.‏
والجم الغفير ودعوه باسم الخليفة وحيوه بتحية الملك‏.‏
ثم خانته الأقدار والدهر بالإنسان غدار فأحاطت به جيوش الناصر بن المنصور وهو في جيش عظيم من البربر فقطع رأسه وهزم جيشه وسيق إلى باب الخليفة فعلق على باب مراكش في شبكة حديد وبقي به مدة من عشرين سنة‏.‏
قال أبو جعفر بن الزبير كان أحد نبهاء وقته لولا حدة كانت فيه أدت به إلى ما حدثني به بعض شيوخي من صحبه‏.‏
قال‏:‏ خرجنا معه يومًا على باب من أبواب مراكش برسم الفرجة فلما كان عند الرجوع نظرنا إلى رؤوس معلقة وتعوذنا بالله من الشر وأهله وسألناه سبحانه العافية‏.‏
قال‏:‏ فأخذ يتعجب منا وقال‏:‏ هذا خور طريقة وخساسة همه والله ما الشرف والهمة إلا في تلك‏.‏
يعني في طلب الملك وإن أدى الاجتهاد فيه إلى الموت دونه على تلك الصفة‏.‏
قال‏:‏ فما برحت الليالي والأيام حتى شرع في ذلك ورام الثورة وسيق رأسه إلى مراكش فعلق في جملة تلك الرؤوس وكتب عليه أو قيل فيه‏:‏ لقد طمح المهر الجموح لغاية فقطع أعناق الجياد السوابق جرى وجرت رجلاه لكن رأسه أتى سابقًا والجسم ليس بسابق وكانت ثورته ببعض جهات درعة من بلاد السوس‏.‏
مشيخته أخذ عن صهره القاضي أبي محمد عبد المنعم بن عبد الرحيم‏.‏
وعن غيره من أهل بلده وتفقه بهم وبهر في العقليات والعلوم القديمة وقرأ على القاضي المحدث أب يبكر بن أبي زمنين وتلا على الأستاذ الخطيب أبي عبد الله بن عروس والأدب والنحو على الأستاذ الوزير أبي يحيى بن مسعدة‏.‏
وأجازه الأستاذ الخطيب أبو جعفر العطار‏.‏
ومن شعره في الثورة‏:‏ قولوا لأولاد عبد المؤمن بن علي تأهبوا لوقوع الحادث الجلل قد جاء فارس قحطان وسيدها ووارث الملك والغلاب للدول الله حسبي لا أريد سواه هل في الوجود الحق إلا الله ذات الإله بها تقوم دولتنا هل كان يوجد غيره لولاه يا من يلوذ بذاته أنت الذي لا تطمع الأبصار في مرآه لا غرو أنا قد رأيناه بها فالحق يظهر ذاته وتراه يا من له وجب الكمال بذاته فالكل غاية فوزهم لقياه أنت الذي لما تعإلى جده قصرت خطا الألباب دون حماه أنت الذي امتلأ الوجود بحمده لما غدا ملآن من نعماه أنت الذي اخترع الوجود بأسره ما بين أعلاه إلى أدناه أنت الذي خصصتنا بوجودنا أنت الذي عرفتنا معناه أنت الذي لو لم تلح أنواره لم تعرف الأضداد والأشباه لم أفش ما أودعتنية إنه ما صان سر الحق من أفشاه عجز الأنام عن امتداحك إنه تتضاءل الأفكار دون مداه من كان يعلم أنك الحق الذي بهر العقول فحسبه وكفاه لم ينقطع أحد إليك محبة إلا وأصبح حامدا عقباه من أهل غرناطة يكنى أبا ورد ويعرف بابن القصجة عديم رواء الحس قريب العهد بالنجعة فارق وطنه وعيصه واستقبل المغرب الوفادة وقدم على الأندلس في أخريات دولة الثاني من الملوك النصريين فمهد جانب البر له وقرب مجلسه ورعى وسيلته وكان على عمل بر من صوم واعتكاف وجهاد‏.‏
نباهته ووقف بي ولده الشريف أبو زيد عبد الرحيم على رسالة كتب بها أمير مكة على عهده إلى سلطان الأندلس ثاني الملوك النصريين رحمهم الله وعبر فيها عن نفسه من عبد الله المؤيد بالله محمد بن سعد الحرسني في غرض المواصلة والمودة والمراجعة عن بر صدر عن السلطان رحمه الله من فصولها‏:‏ ثم أنكم رضي الله عنكم بالغنم في الإحسان للسيد الشريف أبي القاسم الذي انتسب إلينا وأويتموه من أجلنا وأكرمتموه ورفعتموه احترامًا لبيته الشريف جعل الله عملكم معه وسيلة بين يدي جدنا عليه السلام وهي طويلة وتحميدها ظريف من شنشنة أحوال تلك البال بمكة المباركة‏.‏
وفاته‏:‏ توفي شهيدًا في الوقيعة بين المسلمين والنصارى بظاهر ألمرية عندما وقع الصريخ لإنجادها الحسن بن الطراوة وأكثر عن في علوم اللسان وأبي عبد الله حفيد مكي وابن يمن الله وأبوي القاسم ابن الأبرش وابن الرماك وأبوي محمد ابن رشد والقاسم بن دحمان وأبوي مروان بن بونة وأبي عبد الله بن بحر‏.‏
وناظر في المدونة على ابن هشام‏.‏
وأجاز له ولم يلقه أبو العباس عباد بن سرحان وأبو القاسم بن ورد‏.‏
من روى عنه روى عنه أبو إسحق الزوالي وأبو إسحق الجاني وأبو أمية بن عفير وأبو بكر بن دحمان وابن قنتوال والمحمدون ابن طلحة وابن عبد العزيز وابن علي جويحمات وأبو جعفر بن عبد المجيد والحفار وسهل بن مالك وابن العفاص وابن أبي العافية وأبو الحسن السراج وأبو سليمن بن حوط الله والسماتي‏.‏
وابن عياش الأندرشي وابن عطية وابن يربوع وابن رشيد وابن ناجح وابن جمهور وأبو عبد الله بن عياش الكاتب وابن الجذع وأبو علي الشلوبين وسالم بن صالح وأبو القاسم بن بقي وأبو القاسم بن الطيلسان وعبد الرحيم بن الفرس وابن الملجوم وأبو الكرم جودى وأبو محمد بن حوط الله إلى جملة لا يحصرها الحد‏.‏
دخل غرناطة‏.‏
وكان كثير التأميل والمدح لأبي الحسن بن أضحى قاضيها ورييسها‏.‏
وله في مدحه أشعار كثيرة وذكر لي من أرخ في الغرناطيين وأخبرني بذلك صاحبنا القاضي أبو الحسن بن الحسن كتابة عمن يثق به‏.‏
تواليفه منها كتاب الشريف والإعلام بما أبهم في القرآن من أسماء الأعلام‏.‏
ومنها شرح آية الوصية ومنها الروض الآنف والمشرع الروا فيما اشتمل عليه كتاب السيرة واحتوى‏.‏
وابتدأ إملاءه في محرم سنة تسع وستين وخمسماية وفرغ منه في جمادى منها‏.‏
ومنها حلية النبيل في معارضة ما في السبيل‏.‏
إلى غير ذلك‏.‏
شعره قال أبو عبد الله بن عبد الملك‏:‏ أنشدني أبو محمد القطان قال أنشدني أبو علي الرندي قال أنشدني أبو القاسم السهيلي لنفسه‏:‏ أسايل عن جيرانه من لقيته وأعرض عن ذكراه والحال تنطق ومالي إلى جيرانه من صبابة ولكن قلبي عن صبوح يوفق ونقلت من خط الفقيه القاضي أبي الحسن بن الحسن من شعر أبي القاسم السهيلي مذيلًا ولما رأيت الدهر تسطو خطوبه بكل جليد في الورى وهدان ولم أر من حرز ألوذ بظله ولا من له بالحادثات يدان فزعت إلى من تملك الدهر كفه ومن ليس ذو ملك له بمران وأعرضت عن ذكر الورى متبرمًا إلى الرب من قاص هناك ودان وناديته سرًا ليرحم عبرتي وقلت رجائي قادني وهدان ولم أدعه حتى تطاول مفضلًا علي بالهام الدعاء وعان وقلت أرجي عطفه متمثلًا ببيت لعبد صايل بردان تغطيت من دهري بظل جناحه فعسى ترى دهري وليس براني قلت وما ضره غفر الله له لو سلمت أنباته من بردان ولكن أبت صناعة النحو إلا أن تخرج أعناقها‏.‏
ومن شعره قوله‏:‏ تواضع إذا كنت تبغي العلا وكنت راسيًا عند صفو الغضب فخفض الفتى نفسه رفعة له واعتبر برسوب الذهب وشعره كثير وكتابته كذلك وكلاهما من نمط يقصر عن الإجادة‏.‏
حامل للعلوم غير فقيه ليس يرجوا أمرًا ولا يتقيه يحمل العلم فاتحًا قدميه فإذا التقتا فلا علم فيه ومن ذلك قوله في المجنبات‏:‏ شغف الفؤاد نواعم أبكار بردت فؤاد الصب وهي حرار أذكى من المسك العتيق لنا نشقًا وألذ من صبًا حين تدار وكأن من صافى اللجين بطونها وكأنما ألوانهن نضار صفت البواطن والظواهر كلها لكن حكت ألوانها الأزهار عجبًا لها وهي النعيم يصوغها نار وأين من النعيم النار ومن شعره وثبت في الصلة‏:‏ إذا قلت يومًا سلام عليك ففيها شفاء وفيها سقام شفًا إذ قلتها مقبلًا وإن قلتها مدبرًا فالحمام فاعجب لحال اختلافيهما وهذا سلام وهذا سلام مولده‏:‏ عام سبعة أو ثمانية وخمسماية‏.‏
عبد الرحمن بن هانئ اللخمي يكنى أبا المطرف من أهل فرقد من قرى إقليم غرناطة‏.‏
حاله كان فقيهًا فاضلًا وتجول في بلاد المشرق‏.‏
قال أنشدني إمام الجامع بالبصرة‏:‏ بلاء ليس بشبهه بلاء عداوة غير ذي حسب ودين ينيلك منه عرضًا لم يصنه ويرتع منك في عرض مصون ابن القصيب عبد الرحمن بن أحمد بن أحمد بن محمد الأزدي من أهل غرناطة يكنى أبا جعفر ويعرف بابن القصيب حاله كان فقيهًا جليلًا بارع الأدب عارفًا بالوثيقة نقادا لها صاحب رواية ودراية تقلب ببلاد الأندلس وأخذ الناس عنه بمرسية وغيرها‏.‏
ورحل إلى مدينة فاس وإفريقية وأخذ بها وولى القضاء يتقرش من بلاد الجريد‏.‏
روى عن أبيه القاضي أبي الحسن بن أحمد وعن عمه أبي مروان وعن أبوي الحسن ابن دري وابن الباذش وأبي الوليد بن رشد وأبي إسحق بن رشيق الطليطلي نزيل وادي آش وأبي بكر بن العربي وأبي الحسن ابن وهب وأبي محمد عبد الحق بن عطية وأبي عبد الله بن أبي الخصال وأبي الحسن يونس بن مغيث وأبي القاسم بن ورد وأبي بكر بن مسعود الخشن وأبي القاسم بن بقي وأبي الفضل عياض بن موسى بن عياض وغيرهم‏.‏
تواليفه له تواليف وخطب ورسائل ومقامات وجمع مناقب من أدركه من أهل عصره واختصر كتاب الجمل لابن خاقان الإصبهاني وغير ذلك وألف برنامجًا يضم رواياته‏.‏
من روى عنه روى عنه ابن الملجوم واستوفى خبره وفاته ركب البحر قاصدًا الحج فتوفي شهيدًا في البحر قتله الروم بمرسى توسن مع جماعة من المسلمين صبح يوم الأحد في العشر الوسط من شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين ابن الفصال عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد الأنصاري يكنى أبا بكر ويعرف بابن الفصال‏.‏
حاله هذا الرجل فاضل عريق في العدالة ذكي نبيل مختصر الجرم شعلة من شعل الإدراك مليح المحاورة عظيم الكفاية طالب متقن قرأ على مشيخة بلده واختص منهم بمولى النعمة على أبناء جنسه أبي سعيد ابن لب واستظهر من حفظه كتبًا كثيرة منها كتاب التفريع في الفروع وارتسم في العدول وتعاطى لهذا العهد الأدب فبرز في فنه‏.‏
أدبه مما جمع فيه بين نظمه ونثره وقوله يخاطب الكتاب ويسحر ببراعته الألباب‏:‏ لعل نسيم الريح يسري عليله فأهدى صحيح الود طي سقيم لتحملا عني وأزكى تحية لقيته كهف مانع ورقيم ويذكر ما بين الجوانح من جوى وشوق إليهم مقعد ومقيم يا كتاب المحل السامي والإمام المتسامي وواكف الأدب البسامي أناشدكم بانتظامي في محبتكم وارتسامي وأقسم بحقكم علي وحبذا إقسامي ألا ما أمددتم بأذهانكم الثاقبة وأسعدتم بأفكاركم النيرة الواقية على إخراج هذا المسمى وشرح ما أبهمه المعمى فلعمري لقد أخرق مزاجي وفرق امتزاجي وأظلم به وهاجي وغطى على مرآة ابتهاجي فأعينوني بقوة ما استطعتم وأقطعوني من مددكم ما قطعتم وآتوني بذلك كله إعانة وسدًا‏.‏
وإلا فها هو بين يديكم ففكوا غلقه واسردوا خلقه واجمعوا مضغه المتباينة وعلقه حتى يستقيم جسدًا قايمًا بذاته متصفًا بصفاته المذكورة ولذاته قايلًا بتسلية أسلوبًا مصحفًا كان أو مقلوبًا‏.‏
وإن تأبى عليكم وتمنع وأدركه الحياء فتستر وتقنع وضرب على إذان الشهدا وربط على قلوبهم من الإرشاد له والاهتداء فابعثوا أحدكم إلى المدينة ليسأل عنه خدينه‏:‏ أحاجي ذوي العلم والحلم ممن ترى شعلة الفهم من زنده عن اسم هو الموت مهما دنا وإن بات يبكي على فقده لذيذ وليس بذي طعم ويومر بالغسل من بعده وأطيب ما يجتنيه الفتى لدى ربة الحسن أو عبده مضجعه عشر الثلث في حساب المصحف من خده وقد جاء في الذكر إخراجه لقوم نبي على عهده وتصحيف ضد له آخر لقوم نبي على عهده وتصحيف ضد له آخر يبارك للنحل في شهده وتصحيف مقلوبه ربه تردد م قبل في رده فهاكم معانيه قد بدت كنار الكريم على نجده وكتب للولد أسعده الله يتوسل إليه ويروم قضاء حاجته‏:‏ أيها السيد العزيز تصدق فيالمقام العلي لي بالوسيلة عند رب الوزارتين أطال الله أيامه حسانًا جميلة عله أن يجيرني من زمان مسنى الضر من خطاه الثقيلة واستطالت علي بالنهب جورًا من يديه الخفيفة المستطيلة لم تدع لي بضاعة غير مزجاة ونزر أهون به من قليله وإذا ما وفى لي الكيل يوما حشفًا ما يكيله سوء كيله دمت يا بن الوزير في عزك السامي ودامت به الليالي كفيلة سيدي الذي بعزة جاهه أصول وبتوسلي بعنايته أبلغ المأمول والسول وأروم لما أنا أحوم عليه الوصول ببركة المشفوع إليه والرسول المرغوب من مجدك السامي الصريح والمؤمل من ذلك الوجه السني الصبيح أن تقوم بين نجوى الشفاعة هذه الرقاعة وتعين بذاتك الفاضلة النافعة من لسانك مصقاعة حتى ينجلي حالي عن بلج وأتنسم من مهبات القبول طيب الأرج وتتطلع مستبشرات فرحتي من ثنيات الفرج فإن سيد الجماعة الأعلى وملاذ هذه البسيطة وفحلها الأجلي فسح اله تعإلى في ميدان هذا الوجود بوجوده وأضفى على هذا القطر ملابس الستر برأيه السديد وسعوده وبلغه في جميعكم غاية أمله ومقصوده قلما تضيع عنده شفاعة الأكبر من ولده أو يخيب لديه من توسل إليه بأزكى قطع كبده وبحقك ألا ما أمرت هذه الرقعة بالمثول بين يدي ذلك الزكي الذات الطاهر البقعة وقل لها قبل الحلول بين يدي هذا المولى الكريم والموئل الرحيم بعظيم التوقير والتبجيل اعلمي ياأيتها السايل أن هذا الرجل هو المؤمل بعد الله تعإلى في هذا الجيل والحجة البالغة في تبليغ راجيه أقصى ما يؤملونه بالتعجيل وخاتمة كلام البلاغة وتمام الفصاحة الموقف عليه ذلك كله بالتسجيل وغرة صفح دين الإسلام المؤيد بالتحجيل‏.‏
وهذا هو مدبر فلك الخلافة العالية بإيالته وحافظ بدر سمايها السامية بهالته فقرى بالمثول بين يديه عينًا ولقد قضيت على الأيام بذلك دينًا وإذا قيل ما وسيلة مؤملك وحاجة متوسلك فوسيلته تشيعه في أهل ذلك المعنى وحاجته يتكفل بها مجدكم الصميم ويعنى وليست تكون بحرمة جاهكم من العرض الأدنى وتمن فإن للإنسان هنالك ما تمنى وتولى تكليف مرسلي بحسب ما وسعكم وأنتم الأعلون والله معكم‏.‏
ثم أثن العنان والله المستعان وأعيدي السلام ثم عودي بسلام‏.‏
وخاطب قاضي الحضرة وقد أنكر عليله لباس ثوب أصفر‏:‏ أبقى الله المثابة العلية ومثلها أعلى وقدحها في المعلوات المعلي ما لها أمرت لا زالت بركاتها تنثال ولأمر ما يجب الأمتثال بتغيير ثوبي الفاقع اللون وإحالته عن معتاده في الكون وإلحاقه بالأسود الجون أصبغة حدادًا وأيام سيدي أيام سرور وبنو الزمان بعدله ضاحك ومسرور ما هكذا شيمة البرور بل لو استطعنا أن نزهو له كالميلاد ونتزيا في أيامه بزي الأعياد ونرفل من المشروع في محبر وموروس ونتجلى في حلل العروس حتى تقر عين سيدي بكتيبة دفاعه وقيمة نوافله وإشفاعه ففي علم سيدي الذي به الاهتداء وبفضله الاقتداء تفضيل الأصفر الفاقع حيثما وقع من المواقع فهو مهما حضر نزهة الحاضرين وكفاه فاقع لونها تسر الناظرين‏.‏
ولقد اعتمه جبريل عليه السلام وبه تطرز المحبرات والأعلام وإنه لزي الظرفاء و شارة أهل الرفاء اللهم إلا إن كان سيدي دام له البقاء وساعده الارتقاء ينهى أهل التبريز عن مقاربة لون الذهب الإبريز خيفة أن تميل له منهم ضريبة فيزنوا بريبة فنعم إذا ونعمى عين وسمعًا وطاعة لهذا الأمر الهينن اللين أتبعك لا زيدًا وعمرًا ولا أعصى لك أمرًا ثم لا ألبس بعدها إلا طمرًا وأتجرد لطاعتك تجريدًا وأسلك إليك فقيرًا ومزيدًا ولا أتعرض للسخط بلبس شفيف استنشق هباه وألبس عباه وأبرأ من لباس زي ينشئ عتابا يلقى على لسان مثل هذا كتابًا وأتوب منه متابًا ولولا أني الليلة صفر اليدين ومعتقل الدين لباكرت به من حانوت صباغ رأس خابية وقاع مظلمة جابية وقاع مظلمة جابية فأصيره حالكًا ولا ألبسه حتى استفتى فيه مالكًا ولعلى أجد فأرضى سيدي بالتزيي بشارته والعمل بمقتضى إشارته والله تعإلى يبقيه للحسنات ينبه عليها ويومي بعمله وحظه إليها والسلام‏.‏
وخاطبني وقد قدم في شهادة المواريث بحضرة غرناطة‏:‏ يا منتهى الغايات دامت لنا غايتك القصوى بلا فوت طلبت إحيائي بكم فانتهى من قبله حالي إلى الموت وحق ذلك الجاه جاه العلا لامت إلا أن أتى وقت مولاي الذي أتأذى من جور الزمان بذمام جلاله وأتعوذ من نقص شهادة المواريث بتمام كماله شهادة يأباها المعسر والحي ويود أن لا يوافيه أجله عليها الحي مناقضة لما العبد بسبيله غير مربح قطميرها من قليله فإن ظهر لمولاي إعفاء عبده فمن عنده والله تعإلى يمتع الجميع بدوام سعده والسلام الكريم يختص بالطاهر من ذاته ومجده ورحمة اله وبركاته من عبد إنعامكم ابن الفصال لطف الله به‏:‏ قد كنت أسترزق الأحياء ما رزقوا شيئًا ولا وفوني بعض أقوات فكيف حالي لما أن شكوتهم رجعت أطلب قوتي عند أموات والسلام يعود على جناب مولاي ورحمة الله وبركاته‏:‏ وخاطب أحد أصحابه وقد استخفى لأمر قرف به برسالة افتتحا بأبيات على حرف الصاد أجابه المذكور عن ذلك بما نصه وفيه إشارة لغلط وقع في الإعراب‏:‏ يا شعلة من ذكاء أرسلت شررا إلى قريب من الأرجاء بعد قص وشبهة حملت دعوى السفاح على فحل يليق به مضمونها وخص رحماك بي فلقد جرعتني غصصا أثار تعريضها المكتوم من غص بليتني بنكأة القرح في كبدي كمثل مرتجف المجذوم بالبرص أيها الأخ الذي رقى ومسح ثم فصح وغش ونصح ومزق ثم نصح وتلاعب بأطراف الكلام المشقق فما أفصح ما لسحاتك ذات الجيد المنصوص وتونس على العموم وتوحش على الخصوص لا در دره من باب برضاع مفتاحه وتأنيس حر سبق بالسجن استفتاحه ومن الذي أنهى إلى أخي خبر ثقافي ووثيقة تحبيسي وإيقافي وقد أبى ذلك سعد فرعه باسق وعز عقده متناسق‏.‏
ويا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ بل المثوى والحمد الله جنات وغرف والمنتهى مجد وشرف فإن كان وليي مكترثًا فيحق له السرور أو شامتًا فلي الظل وله الحرور‏.‏
أنا لا أزن والحمد لله بها من هناه ولما أدين بها من عزي ومناه ولا تمر لي ببال فلست بذي سيف ولست بنكال نفسي أرق شيمة وأكرم مشيمة وعيني أغزر ديمة لو كان يسئل لسان عن إنسان أو مجاولته بملعبه خوان أوقفني إخوان لا بمأزق عدوان لارتسمت منه بديوان‏.‏
لا يغنى في حرب عوان عين هذا الشكل والحمد لله فراره وعنوان هذا الحد غراره‏.‏
وأما كوني من جملة الصفرة‏.‏
وممن أجهز سيدي الفقار على ذي الفقرة فأقسم لو ضرب القتيل ببعض البقرة لتعين مقدار تلك الغفرة‏.‏
اللهم لو كنت مثل سيدي ممن تتضاءل النخلة السحوق لقامته ويعترف عوج لديه بقماءته ودمامته مقبل الظعن كالبدور في سحاب الخدور وخليفة السيد الذي بلغت سراويله تندوة العدو الأيد لطلت بباع مديد وساعدني الخلق بساعد شديد وأنا لي جسم شحت يحف به بخت وحسب مثلي أن يعلم في ميدان هوى تسل فيه سيوف اللحاظ على ذوي الحفاظ وتشرع سيوف القدود‏.‏
إلى شكاة الصدود وتسطو أولو الجفون السود بالأسود فكيف أخشى تبعة تزل عن صفاتي وتنافى صفاتي ولا تطمع أسبابها في التفاتي ولا تستعمل في حربها قنا ألفاتي‏.‏
والله يشكر سيدي على اهتباله ويحل كريم سباله على ما ظهر لأجلى من شغف باله إذ رفع ما يتصب وغير ما لو غيره الحجاج لكان مع الهيبة يحصب ونكت بأن نفقت بالحظ سوقي‏.‏
وظهر لأجله فسوقي ويا حبذا هو من شفيع رفيع ووسيلة لا يخالفها الرعي ولا يخيب لها السعي‏.‏
ولله در القايل‏.‏
لله بالإنسان في تعليمه بوساطة القلم الكريم عناية فالخط خط والكتابة لم تزل في الدهر عن معنى الكمال كناية وما أقرب يا سيدي هذه الدعوى لشهامتك‏.‏
وكبر هامتك‏:‏ لو كنت حاضرهم بخندق بلج ولحمل ما قد أبرموه فصال لخصصت بالدعوى التي عموا بها ولقيل فصل جلاه الفصال وتركت فرعون بن موسى عبرة تتقدمنه بسيفه الأوصال فاحمد الله الذي نجاك من حضور وليمتها ولم تشهد يوم حليمتها‏.‏
وأما اعتذارك عما يقال من تفقد الكنز ومنتطح العنز فورع في سيدي أتم من أن يتهم بغيبة ولسانه أعف من أن ينسب إلى ريبة لما اتصل به من فضل ضريبة ومقاصد في الخير غريبة إنما يستخف سيدي أفرط التهم رمى العوامل بالتهم فيجري أصح مجرى أختها ويلبسها ثياب تحتها بحيث لا إثم يترتب ولا هو ممن تعتبه وعلى الرجال فجنايته عذبة الجناء ومقاصده مستطرفة لفصح أو كنى‏.‏
أبقاه الله رب نفاضة وجرادة ولا أخلى مبرده القاطع من برادة وعوده الخير عادة ولا أعدمه بركة وسعادة بفضل الله والسلام عليه من وليه المستزيد من ورش وليه لا بل من قلايد حليه‏.‏
محمد بن فركون القرشي‏.‏
ورحمة الله وبركاته فراجعه المترجم بما نصه وقد اتهم أن ذلك من إملايي‏:‏ يا ملبس النصح ثوب الغش متهما يلوى النصيحة عنه غير منتكص وجاهلًا باتخاذ الهزل مأدبة أشد ما يتوقى محمل الرخص نصحته فقصاني فانقلبت إلى حال يغص بها من جملة الفصص بالأمس أنكرت آيات القصاص له واليوم يسمع فيه سورة القصص ممن استعرت يا بابلي هذا السحر ولم تسكن بناصية السحر ولا أعملت إلى بابل هاروت امتطاء ظهر ومن أين جيت بقلايد ذلك النحر أمن البحر أو مما وراء النهر‏.‏
ما لمثل هذه الأريحية الفاتقة استنشقنا مهبك ولا قبل هذه البارقة الفايقة استكثرنا غيك‏.‏
يا أيها الساحر ادع لنا ربك‏.‏
أأضغاث أحلام ما تريه الأقلام أم في لحظة تلد الأيام فرايد الأعلام‏.‏
لقد عهدت بربعك محسن دعابة ما فرعت شعابه أو مصيبًا في صبابة ما قرعت بابه ولا استرجعت قبل أن أعبر عبابه‏.‏
اللهم إلا أن تكون تلك الآيات البينات من بنات يراعتك لا براعتك ومفترس تلك الزهر الطالعة كالكواكب الزهر مختلس يد استطاعتك لا زراعتك وإلا فنطرح مصايد التعليم والإنشاء وننتظر معنى قوله عز وجل يؤتى الحكمة من يشاء أو نتوسل في مقام الإلحاح والإلحاف‏.‏
أن ننقل من غايلة الحسد إلى الإنصاف وحسبي أن أطلعت بالحديقة الأنيقة ووقفت من مثلي تلك الطريقة على حقيقة فألفيت بها بيانًا قد وضح تبيانًا أو أطلق عنانًا ومحاسن وجدت إحسانًا فتمثلت إنسانًا سرح لسانًا وأجهد بنانًا إلا أن صادح أيكتها يتململ في قيظ ويكاد يتميز من الغيظ فيفيض ويغيض ويهيض وينهض ثم يهيض ويأخذ في طويل وعريض بتسبيب وتعريض ويتناهض في ذلك بغير مهيض وفاتن كمايمها تسل عن الصادح ويتلقف عصا استعجاله ما يفكه المادح ويحرق بناره زند القادح ويتلقف عصا استعجاله ما يفكه المادح ويحرق بناره زند القادح ويتعاطى من نفسه بالإعجاب ويكاد ينادي من وراء حجاب إن هذا لشيء عجاب إيه بغير تمويه رجع الحديث الأول إلى ما عليه المعول لا در درها من نصيحة غير صحيحة ووصية مودة صريحة تعلقت بغير ذي قريحة فهي استعجلتني بداهية كاتب واستطالة ظالم عاتب قد سل مرهفه واستنجد مترفه وجهزها نحو كتيبته تسفر عن تحجيل بغير تبجيل وسحابة سجل ترمى بسجيل ما كان إلا أن استقلت ورمتني بدائها وانسلت وألقت ما فيها وتخلت فحسبي الله تغلب على فهمي ورميت بسهمي وقتلت بسلاحي وأسكرت براحي بريت بريت مما به دهيت أنت أبقاك الله لم تدن بها مني منالًا وعزًا فكيف بها تنسب إلى بعدك وتعزا نفسي التي هي أرق وأجدر بالمعالي وأحق وشكلى أخف على القلوب وأدق وشمايلي أملك فلا تسترق ولساني هو الذي يسئل فلا يفل وقدري يعزه ويجل عما فخرت أنت به من ملعب مايدة ومجال رقاب متمايدة فحاشى سيدي أن يقع منه بذلك مفخر إلا أن يكون يلهو ويسخر وموج بحره بالطيب والخبيث تزخر وعين شكلي هي بحمد الله عين الظرف المشار إليه بالبنان والطرف‏.‏
وأما تعريض سيدي بصغر القامة وتكبيره لغير إقامة فمطرد قول ومدامة غول وفريضة نشأ فيها عول إذ لا مبالاة تجسم كاينا ما كان أو ما سمعت أن السر في السكان وإنما الجسد للروح مكان ولم يبق إليه فقد يروح وقد قال ويسئلونك عن الروح والمرء بقلبه ولسانه لا بمستظهر عيانه والله در القايل‏:‏ لم يرضني أني بجسم هايل والروح ما وفت له أغراضه ولقد رضيت بأن جسمي ناحل والروح سابغة به فضفاضة ولما وقع سيدي بمكتوبي على المرفوع والمنصوب وظفرت يده بالمغصوب والباحث المعصوب لم يقلها زلة عالم‏.‏
وإني وقد وجدتها منية حالم فعدد وأعاد وشدد وأشاد هلأ عقل ما قال وعلم أن المقيل سيكون مقال وزلة العلم لا تقال وأن الحرب سجال‏.‏
وقبضة غيره هو المتلاعب في الحجال وبالجملة فلك الفضل يا سيدي ما اعتنى بمعناك وارتفع بين مغاني الكرام مغناك فمدة ركوبك الحمران لا تجاري ولا يشق أحد لك غبارا‏.‏
أبقاك الله تحفظ عرى هذا الوداد ويشمل الجميع بركة ذلك الناد والسلام عليك من ابن الفصال ورحمة الله وبركاته‏.‏
وجعلا إلى التحيم وفوضا لنظري التفضيل فكتبت‏:‏ بارك عليها بذكر الله من قصص واذكر ما أى في سورة القصص حيث اغتدي السحر يلهو بالعقول وقد أحال بين حال كيده وعص عقايل العقل والسحر الحلال قوت من كافل الصون بعد الكون حجروص وأقبلت تتهادى كالبدور إذا بسحر من فلك النذور في حصص من للبدور وربات الخدور بها المثل غير مطيع والمثلان عص ما قرصة البدر والشمس المنيرة أن قيست بمن سوى من جملة القرص تا لله ما حكمها يومًا بمنتقض كلًا ولا بدرها يومًا بمنتقص أو كنت أرخصت في الترجيح مجتهدًا لم يقبل الورع الفتيا مع الرخص يا مدلج ليل الترجيح قف فقد خفيت الكواكب ويا قاضي طرف التحسين والتقبيح تسامت والحمد لله المناكب ويا مستوكف خبر الوقيعة من وراء أقتام القيعة تصالحت المواكب‏.‏


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 07:42 AM

حصحص الحق فارتفع اللجاج وتعارضت الأدلة فسقط الاحتجاج ووضعت الحرب أوزارها فسكن العجاج وطاب نحل الأقلام بأزهار الأحلام فطاب المجاج وقل لفرعون البيان وإن تأله وبلد العقول وبله وولي بالغرور ودله‏.‏
أوسع الكناين نثلا ودونك أيدا شثلًا وشحرا حثلا لا خطما ولا أثلا‏.‏
إن هذان لساحران إلى قوله ويذهبا بطريقتكم المثلى وإن أثرت أدب الحليم مع قصة الكليم فقل لمجمل جياد التعاليم وواضع جغرافيًا الأقاليم أندلسا ما علمت بلد الأجم لا سود العجم ومداحض السقوط على شوك قتاد القوط ولم يذر إن محل ذات العجايب والأسرار التي تضرب إليها أباط النجاب في غير الإقليم الأول‏.‏
وهذا الوطن بشهادة القلب الحول‏.‏
إنما هو رسم دارس ليس عليه من معول‏.‏
فهنالك يتكلم الحق فيفصح ويعجم ويرد المدد على النفوس الجريبة من مطالع الأضواء فيحدث ويلهم ويجود خازن الأمداد على المتوسل بوسيلة الاستعداد فيقطع ويسهم‏.‏
وأما إقليمنا الرابع والخامس بعد أن تكافأت المناظر والملامس وتناصف الليل الدامس واليوم الشامس باعتدال ربيعي ومجرى طبيعي وذكى بليد ومعاش وتوليد وطريف في البداوة وتليد ليس به برباه ولا هرم يخدم بها درب محترم ويشب لقرياته حرم فيفيد روحانيا يتصرف ورييسًا يتعرض ويتعرف كلما استنزل صاب وأعمل الانتصاب وجلب المآرب وأذهب الأوصاب وعلم الجواب وفهم الصواب‏.‏
ولو فرضنا هذه المدارك ذوات أمثال أو مسبوقة بمثال لتلقينا منشور القضاء بامتثال لا كنا نخاف أن نميل بعض الميل فنجني بذلك أبخس الجري وإرضا الذميل ونجر تنازع الفهري مع الصميل‏.‏
فمن خير ميز ومن حكم أزرى به وتهكم وما سل سيوف الخوارج في الزمن الدارج إلا التحكيم حتى جهل الحكيم وخلع الخطام ونزع الشكيم وأضر بالخلق نافع وذهب الطفل لجراه واليافع وذم الذمام ورد الشافع وقطر سيف قطري بمسجد الثقفي وهو محصور وانتهبت المقاصير والقصور إلا أن مستأهل الوظيفة الشرعية عند الضرورة يجبر والمنتدب للبرمحي عند الله ويجبر واجعلني على خزائن الأرض وهو الأوضح والأشهر فيها به يستظهر‏.‏
وأنا فإن حكمت على التعجيل فغير مشهد على نفسي بالتسجيل إنما هو تلفيق يرضى وتطفيل يعتب عليه من تصدع بالحق ويمضي إلا أن يغضى ورأيي فيها المراضاة والاستصلاح وإلا فالسلاح والركاب الطلاح والصلح خير وما استدفع بمثل التسامح ضير‏.‏
ومن وقف عليه واعتبر ما لديه فليعلم أني صدعت وقطعت والحق أطعت وإن أريد إلا الإصلاح ما استطعت والسلام‏.‏
عبد الرحمن بن محمد الحضرمي بن محمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن جابر ابن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن خلدون الحضرمي من ذرية عثمن أخي كريب المذكور في نبهاء ثوار الأندلس‏.‏
وينتسب سلفهم إلى وائل بن حجر وحاله عند القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم معروف‏.‏
أوليته قد ذكر بعض منها‏.‏
وانتقلسلفه من مدينة إشبيلية عن نباهة وتعين وشهرة عند الحادثة بها أو قبل ذلك واستقر بتونس منهم ثالث المحمد بن الحسن وتناسلوا على سراوة وحشمة ورسوم حسنة وتصرف جد المترجم به لملوكها في القيادة‏.‏
حاله هذا الرجل الفاضل حسن الخلق جم الفضائل باهر الخصل رفيع القدر ظاهر الحياء أصيل المجد وقور المجلس خاصي الزي عالي الهمة عزوف عن الضيم صعب المقادة قوى الجأش طامح لقنن الرياسة خاطب للحظ متقدم في فنون عقلية ونقلية متعدد المزايا سديد البحث كثير الحفظ صحيح التصور بارع الخط مغري بالتجلة جواد الكف حسن العشرة مبذول المشاركة مقيم لرسوم التعين عاكف على رعي خلال الأصالة مفخرة من مفاخر التخوم المغربية‏.‏
مشيخته قرأ القرآن ببلده على المكتب ابن برال والعربية على المقرى الزواوي وابن العربي وتأدب بأبيه وأخذ عن المحدث أبي عبد الله بن جابر الوادي آش وحضر مجلس القاضي أبي عبد الله بن عبد السلام وروى عن الحافظ عبد الله السطي والرئيس أبي محمد عبد المهيمن الحضرمي ولازم العالم الشهير أبا عبد الله الآبلى وانتفع به‏.‏
توجهه إلى المغرب انصرف عن إفريقية منشئه‏.‏
بعد أن تعلق بالخدمة السلطانية على الحداثة وإقامته لرسم العلامة بحكم الاستنابة عام ثلاثة وخمسين وسبعمائة‏.‏
وعرف فضله وخطبه السلطان منفق سوق العلم والأدب أبو عنان فارس بن علي ابن عثمن واستقدمه واستحضره بمجلس المذاكرة فعرف حقه وأوجب فضله واستعمله في الكتابة أوائل عام ستة وخمسين ثم عظم عليه حمل الخاصة من طلبة الحضرة لبعده عن حسن التأني وشفوفه بثقوب الفهم وجودة الإدراك فأغروا به السلطان إغراء عضده ما جبل عليه عند ئذ من إغفال التحفظ مما يريب لديه فأصابته شدة تخلصه منها أجله كانت مغربة في جفاء ذلك الملك وهناة جواره وإحدى العواذل لأولى الهوى في القبول بفضله واستأثر به الاعتقال باقي أيام دولته على سنن الأشراف من الصبر وعدم الخشوع وإهمال التوسل وإبادة المكسوب في سبيل النفقة والإرضاخ على زمن المحنة وجار المنزل الخشن إلى أن أفضى الأمر إلى السعيد ولده فأعتبه قيم الملك لحينه وأعاده إلى رسمه‏.‏
ودالت الدولة إلى السلطان أبي سالم وكان له به الاتصال قبل تسوغ المحنة بما أكد حظوته فقلده ديوان الإنشاء مطلق الجرايات محرر السهام نبيه الرتبة إلى آخر أيامه‏.‏
ولما ألقت الدولة مقادها بعده إلى الوزير عمر بن عبد الله مدبر الأمر وله إليه قبل ذلك وسيلة وفي حليه شركة وعنده حق رابه تقصيره عما ارتمى إليه أمله فساء ما يبينهما إلى أن إلى إلى انفصاله عن الباب المريني‏.‏
دخوله غرناطة ورد على الأندلس في أوائل شهر ربيع الأول من عام أربعة وستين وسبعماية واهتز له السلطان وأركب خاصته لتلقيه وأكرم وفادته وخلع عليه وأجلسه بمجلسه الخاص‏.‏
ولم يدخر عنه برا ومؤاكله ومطايبة وفكاهة‏.‏
وخاطبني لما حل بظاهر الحضرة مخاطبة لم تحضرني الآن فأجبته عنها بقولي‏:‏ حللت حلول الغيث في البلد المحل على الطائر الميمون والرحب والسهل يمينًا بمن تعنو الوجوه لوجهه من الشيخ والطفل المهدإ والكهل لقد نشأت عندي للقياك غبطة تنسى اغتباطي بالشبيبة والأهل أقسمت بمن حجت قريش لبيته وقبر صرفت أزمة الأحياء لميته الذي زيازته الأمنية السنية والعارفة الوارفة واللطيفة المطيفة بين رجع الشباب يقطر ماء ويرف نماء ويغزل عيون الكواكب فضلًا عن الكواعب إشارة وإيماء بحيث لا الوخط يلم بسياج لمته أو يقدح ذبالة في ظلمته أو يقوم حواريه في ملته من الأحابش وأمته وزمانه روح وراح ومغدى في النعيم ومراح وقصف صراح ورفى وجراح وانتخاب واقتراح وصدور ما بها إلا انشراح ومسرات تردفها أفراح‏.‏
وبين قدومك خليع الرسن ممتعًا والحمد لله باليقظة والوسن محكمًا في نسك الجنيد أو فتك الحسن ممتعًا بظرف المعارف مالئًا أكف الصيارف ما حيا بأنوار البراهين شبه الزخارف لما اخترت الشباب وإن شاقني زمنه وأعياني ثمنه وأجرت سحاب دمعي دمنه‏.‏
فالحمد لله الذي رقى جنون اغترابي وملكني أزمة آرابي وغبطني بمائي وترابي ومألف أترابي وقد أغصني بلذيذ شرابي ووقع على سطوره المعتبرة إضرابي وعجلت هذه مغبطة بمناخ المطية ومنتهى الطية وملتقى للسعود غير البطية وتهنى الآمال الوثيرة الوطية فما شئت من نفوس عاطشة إلى ريك متجملة بزيك عاقلة خطى مهريك ومولى مكارمه نشيدة أمثالك ومظان مثالك وسيصدق الخبر ما هنالك ويسع فضل مجدك في التخلف عن الأصحار لا بل اللقاء من وراء البحار والسلام‏.‏
ولما استقر بالحضرة جرت بيني وبينه مكاتبات أقطعها الظرف جانبه وأوضح الأدب فيها مذاهبه‏.‏
فمن ذلك ما خاطبته به وقد تسرى جارية رومية إسمها هند صبيحة الابتناء بها‏.‏
أوصيك بالشيخ أبي بكره لا تأمنن في حالة مكره واجتنب الشك إذا جئته جنبك الرحمن من تكره سيدي لا زلت تتصف بالوالج بين الخلاخل والدمالج وتركض فوقها ركض الهمالج‏.‏
اخبرني كيف كانت الحال وهل حطت بالقاع من خير البقاع الرحال وأحكم بمرود المراودة الاكتحال وارتفع بالسقيا الإمحال وصح الانتحال وحصحص الحق وذهب المحال وقد طولعت بكل بشرى وبشر وزفت هند منك إلى بشر فلله من عشية تمتعت من الربيع بفرشي موشية وابتذلت منها أي وساد وحشية وقد أقبل ظبي الكناس من الديماس ومطوق الحمام من الحمام وقد حسنت الوجه الجميل النظرية وأزيلت عن الفرع الأثيث الأبرية وصقلت الخدود فهي كأنها الأمرية وسلط الدلك على الجلود وأغريت النورة بالشعر المولود وعادت الأعضاء يزلق عنها اللمس ولا تنالها البنان الخمس والسحنة يجول في صفحتها الفضية ماء النعيم والمسواك يلبي من ثنية التنعيم والقلب يرمى من الكف الرقيم بالمقعد المقيم وينظر إلى نجوم الوشوم فيقول إني سقيم‏.‏
وقد تفتح ورج الخفر وحكم لزنجي الظفيرة بالظفر واتصف أمير الحسن بالصدود المغتفر ورش بماء الطيب ثم أعلق بباله دخان العود الرطيب‏.‏
وأقبلت الغادة يهديها اليمن‏.‏
وتزفها السعادة فهي تمشي على استحياء وقد ذاع طيب الريا وراق حسن المحيا حتى إذا نزع الخف وقبلت الأكف وصحب المزمار وتجاوب الدف وذاع الأرج وارتفع الحرج وتجوز اللوا والمنعرج ونزل على بشر بزيارة هند الفرج اهتزت الأرض وربت وعوصيت الطباع البشرية فأبت ولله در القائل‏:‏ ومرت فقالت متى نلتقي فهش اشتياقًا إليها الخبيث وكاد بمزق سرباله فقلت إليك بساق الحديث فلما انسدل جنح الظلام وانتصفت من غريم العشاء الأخيرة فريضة الإسلام وخاطت خيوط المنام عيون الأنام تأتى دنو الجلسة ومسارقة الخلسة ثم عضة النهد وقبله الفم والخد وإرسال اليد من النجد إلى الوهد وكانت الإمالة القلية قبل المد ثم الإفاضة فيما يغبط ويرغب ثم الإماطة لما يشوش ويشغب ثم إعمال المسير إلى السرير‏.‏
وصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا ورضت فذلت صعبة أي إذلال هذا بعد منازعة للأطواق يسيرة يراها الغيد من حسن السيرة ثم شرع في حل التكة ونزع الشكة وتهيئة الأرض الغرار عمل السكة ثم كان الوحى والاستعجال‏.‏
وحمى الوطيس والمجال وعلا الجزء الخفيف وتضافرت الخصور الهيف وتشاطر الطبع العفيف وتواتر التقبيل وكان الأخذ الوبيل وامتاز الأنوك من النبيل ومنها جائر وعلى الله قصد السبيل فيا لها من نعم متداركة ونفوس في سبيل القحة متهالكة ونفس يقطع حروف يقطع حروف الحلق وسبحان الذي يزيد في الخلق‏.‏
وعظمت الممانعة وكثرت باليد المصانة وطال الترواغ والتزاور وشكى التجاور وهنالك تختلف الأحوال وتعظم الأهوال وتخسر أو تربح الأموال فمن عصا تنقلب ثعبانًا مبينًا ونونه تصير تنينًا وبطل لم يهله المعترك الهائل والوهم الزائل ولا حال بينه وبين قرته الحائل فتعدى فتكة السليك إلى فتكة البراض وتقلد مذهب الأزارقة من الخوارج في الاعتراض ثم شق الصف وقد خضب الكف بعد أن كاد يصيب البرى بطعنه ويبوء بمقت الله ولعنته‏:‏ طعنت ابن عبد الله طعنة ثائر لها نفذ لولا الشعاع أضاءها وهناك هدأ القتال وسكن الخبال ووقع المتوقع فاستراح البال وتشوف إلى مذهب الثنوية من لم يكن للتوحيد بسبال وكثر السؤال عن البال بما بال وجعل الجريح يقول وقد نظر إلى دمه يسيل على قدمه‏:‏ أنى له عن دمي المسفوك معتذر أقول حملته في سفكه تعبا ومن سنان عاد عنانا وشجاع صار هدانا جبانًا كلما شابته شائبة ريبة أدخل يده في جيبه فانجحرت الحية وماتت الغريزة الحية وهناك يزيغ البصر ويخذل المنتصر ويسلم الأسر ويغلب الحصر ويجف اللباب ويظهر العاب ويخفق الفؤاد ويكبو الجواد ويسيل العرق ويشتد الكرب والأرق وينشأ في محل الأمن الفرق ويدرك فرعون الغرق‏.‏
ويقوي اللجاج ويعظم الخرق‏.‏
فلا تزيد الحال إلا شدة ولا تعرف تلك الجارحة المؤمنة إلا ردة‏:‏ إذا لم يكن عون من الله للفتى فأكثر ما يجنى عليه اجتهاده فكم مغري بطول اللبث وهو من الخبث يؤمل الكرة ليزيل المعرة ويستنصر الخيال ويعلم إنك لا تشكو إلى مصمت فاصبر على الحمل الثقيل أو مت ومعتذر بمرض أصابه جرعه أو صابه‏.‏
ووجع طرقه جلب أرقه وخطيب أرتج عليه أحيانًا فقال سيحدث الله بعد عسر يسرا وبعد عي بيانًا اللهم إنا نعوذ بك من فضائح الفروج إذا استغلقت أقفالها ولم تسم بالنجيع أعفالها ومن معرات الأقدار والنكول عن الأبكار ومن النزول عن البطون والسرر والجوارح الحسنة الغرر قبل ثقب الدر ولا تجعلنا من يستحي من البكر بالغداة وتعلم منه كلال الأداة وهو مجال فضحت فيه رجال وفراش شكيت فيه أو جال وأعملت روية وارتجال‏.‏
فمن قائل‏:‏ أرفعه طورا على إصبعي ورأسه مضطربة أسفله كالحنش المقتول يلقى على عود لكي يطرح في مزبله أو قايل‏:‏ عدمت من أيري قوى حسه يا حسرة المرء على نفسه تراه قد مال على أصله كحائط خر على أسه وقايل‏:‏ أيحسدني إبليس داءين أصبحا برجلي ورأسي دملًا وزكاما وقائل‏:‏ أقول لأيري وهو يرقب فتكة به خبت من أير وغالتك داهية إذا لم يكن للأير بخت تعذرت عليه وجوه‏.‏
من كل ناحية وقايل‏:‏ تعفف قوق الخصيتين كأنه رشاء إلى جنب الركية ملتف كفرخ ابن ذي يومين يرفع رأسه إلى أبويه ثم يدركه الضعف وقايل‏:‏ تكرش أيري بعد ما كان أملسا وكان غنيًا من قواه فأفلسا وصار جوابي للمها أن مررن بي مضى الوصل إلا منية تبعث الأسى وقايل‏:‏ بنفسي من حييته فاستخف بي ولم يخطر الهجران منه على بال وقابلني بالهزء والنجة بعدما حططت به رجلي وجردت سريالي وما ارتجى من موسر فوق دكة عرضت له شيئًا من الحشف البالي من النمط الأول ولم تقل وهل عند رسم دارس من معول فقد جنيت الثمر‏.‏
واستطبت السمر فاستدع الأبواق من أقصى المدينة واخرج على قومك في ثياب الزينة واستبشر بالوفود وعرف السمع عارفة الجود وتبجح بصلابة العود وإنجاز الوعود واجن رمان النهود من أغصان القدود واقطف ببنان اللثم أقاح الثغور وورد الخدود‏.‏
وإن كانت الأخرى فاخف الكمد وأرض الثمد وانتظر الأمد واكذب التوسم واستعمل التبسم واستكتم النسوة وأفض فيهن الرشوة وتقلد المغالطة وارتكب وجئ على قميصك بدم كذب واستنجد الرحمن واستعن على أمورك بالكتمان لا تظهرن لعاذل أو عاذر حاليك في السراء والضراء فلرحمة المتفجعين حرارة في القلب مثل شماتة الأعداء وانتشق الأرج وارتقب الفرج‏.‏
فكم غمام طبق وما همي وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وأملك بعدها عنان نفسك حتى تمكنك الفرصة وترفع إليك القصة ولا تشتره إلى عمل لا تفئ منه بتمام وخذ عن إمام ولله در عروة بن حزام‏.‏
الله يعلم ما تركتن قتالهم حتى رموا مهري بأشقر مزبد وعلمت أني إن أقاتل دونهم أقتل ولم يضرر عدوي مشهدي واللبانات تلين وتجمح والمآرب تدنو وتنزح وتحرن ثم تسمح وكم من شجاع خام‏.‏
ويقظ نام ودليل أخطأ الطريق وأضل الفريق والله عز وجل يجعلها خلة موصولة وشملًا أكنافه بالخير مشمولة وبنية أركانها لركاب اليمن مأمولة حتى يكثر خدم سيدي وجواريه وأسرته وسراريه وتضفو عليه نعمة باريه ما طورد قنيص واقتحم عبص وأدرك مرام عويص وأعطي زاهد وحرم حريص‏.‏ والسلام‏.‏
تواليفه شرح القصيدة المسماة بالبردة شرحًا بديعًا دل فيه على انفساح ذرعه وتفنن إدراكه وغزارة حفظه‏.‏
ولخص كثيرًا من كتب ابن رشد‏.‏
وعلق للسلطان أيام نظره في العلوم العقلية تقييداُ مفيدًا في المنطق ولخص محصل الإمام فخر الدين ابن الخطيب الرازي‏.‏
وبذلك داعبته أول لقيته بعض منازل الأشراف في سبيل المبرة بمدينة فاس فقلت له لي عليك مطالبة فإنك لخصت محصلي‏.‏
وألف كتابًا في الحساب‏.‏
وشرع في هذه الأيام في شرح الرجز الصادر عني في أصول الفقه بشيء لا غاية وراءه في الكمال‏.‏
وأما نثره وسلطانياته مرسلها ومسجعها فخلج بلاغة ورياض فنون ومعادن إبداع يفرغ عنها يراعه الجريء شبيهة البداءات بالخواتم في نداوة الحروف وقرب العهد بجرية المداد ونفوذ أمر القريحة واسترسال الطبع‏.‏
وأما نظمه فنهض لهذا العهد قدمًا في ميدان الشعر‏.‏
وأغر نقده باعتبار أساليبه فانثال عليه جوه وهان عليه صعبه فأتى منه بكل غريبة من ذلك قوله يخاطب السلطان ملك المغرب ليلة الميلاد الكريم عام اثنين وستين وسبعمائة بقصيدة طويلة‏:‏ أسرفن في هجري وفي تعذيبي وأطلن موفق عبرتي ونحيبي وأبين يوم البين موقف ساعة لوداع مشغوف الفؤاد كثيب لله عهد الظاعنين وغادروا قلبي رهين صبابة ووجيب غربت ركائبهم ودمعي سافح فشرقت بعدهم بماء غروبي يا ناقعًا بالعتب غلة شوقهم رحماك في عذلي وفي تأنيبي يستعذب الصب الملام وإنني ماء الملام لدي غير شريب ما هاجني طرب ولا اعتاد الجوى لولا تذكر منزل وحبيب أهفو إلى الطلال كانت مطلعًا للبدر منهم أو كناس ربيب عبثت بها أيدي البلى وترددت في عطفها للدهر آي خطوب تبلى معاهدها وإن عهودها ليجدها وصفي وحسن نسيبي إيه على الصبر الجميل فإنه ألوى بدين فؤادي المنهوب لم أنسها والدهر يثني صرفه ويغض طرفي حاسد ورقيب والدار مونقة محاسنها بما لبست من الأيام كل قشيب يا سائق الأظعان تعتسف الفلا وتواصل الآساد بالتأويب متهافتًا عن رحل كل مذلل نشوان من أين ومس لغوب تتجاذب النفحات فضل ردائه في ملتقاها من صبًا وجنوب إن هام من ظما الصبابة صحبة نهلوا بمورد دمعه المسكوب في كل شعب منية من دونها هجر الأماني أو لقاء شعوب هلا عطفت صدورهن إلى التي فيها لبانة أعين وقلوب فتؤم من أكناف يثرب مأمنا يكفيك ما تخشاه من تثريب حيث النبوة آيها مجلوة تتلو من الآثار كل غريب سر غريب لم تحجبه الثرى ما كان سر الله بالمحجوب لم يخلصوا لله حتى فرقوا في الله بين مضاجع وجنوب هب لي شفاعتك التي أرجو بها صفحًا جميلًا عن قبيح ذنوبي إن النجاة وإن أتيحت لامرئ فبفضل جاهك ليس بالتسبيب إني دعوتك واثقًا بإجابتي يا خير مدعو وخير مجيب قصرت في مدحي فإن يك طيبًا فبما لذكرك من أريج الطيب مإذا عسى يبغي المطيل وقد حوى في مدحك القرآن كل مطيب يا هل تبلغني الليالي زورة تدني إلي الفوز بالمرغوب أمحو خطيئاتي بإخلاصي بها وأحط أوزاري وإصر ذنوبي فثي فتية هجروا المنى وتعودوا إنضاء كل تجيبة ونجيب يطوى صحائف ليلهم فوق الفلا ما شئت من خبب ومن تقريب إن رنم الحادي بذكرك رددوا أنفاس مشتاق إليك طروب أو غرد الركب الخلي بطيبة حنوا لمغناها حنين النيب والمانعون الجار حتى عرضهم في منتدى الأعداء غير معيب تخشى بوادرهم ويرجى حملهموالعز شيمة مرتجى ومهيب ومنها بعد كثير‏:‏ سائل به طامي العباب وقد سرى تزجى بريح العزم ذات هبوب تهديه شهب أسنة وعزائم يصدعن ليل الحادث المرهوب حتى انجلت ظلم الضلال بسعيه وسطا الهدى بفريقها المغلوب يا ابن الإلى شادوا الخلافة بالتقى واستأثروك بتاجها المعصوب جمعوا بحفظ الدين آي مناقب فلقد شهدنا منه كل عجيب كم رهبة أو رغبة لك والعلا تقتاد بالترغيب والترهيب لا زلت مسرورًا بأشرف دولة يبدو الهدي من أفقها المرقوب تحيي المعالي غاديًا أو رائحًاوجديد سعدك ضامن المطلوب وقال من قصيدة خاطبه بها عند وصول هدية ملك السودان وفيها الحيوان الغريب المسمى بالزرافة‏:‏ قدحت يد الأشواق من زندي وهفت بقلبي زفرة الوجد ولرب وصل كنت آمله فاعتضت منه مؤلم الصد لا عهد عند الصبر أطلبه إن الغرام أضاع من عهدي يلحي العذول فيما أعنفه وأقول ضل فأبتغي رشدي وأعارض النفحات أسألها برد الجوى فتزيد في الوقد يهدي الغرام إلى مسالكها لتعللي بضعيف ما تهدى يا سائق الوجناء معتسفًا طي الفلاة لطية الوجد أرح الركاب ففي الصبا نبأ يغنى عن المستنة الجرد وسل الربوع برامة خبرًا عن ساكني نجد وعن نجد ما لي تلام على الهوى خلقي وهي التي تأبى سوى الحمد لأبيت إلا الرشد مذ وضحت بالمستعين معالم الرشد نعم الخليقة في هدى وتقى وبناء عز شامخ الطود نجل السراة الغر شأنهم كسب العلا بمواهب الوجد أوريت زند العزم في طلبي وقضيت حق المجد من قصدي ووردت عن ظمأ مناهله فرويت من عز ومن رفد هي جنة المأوى لمن كلفت آماله بمطالب المجد لو لم أعل بورد كوثرها ما قلت هذى جنة الخلد من مبلغ قومي ودونهم قذف النوى وتنوفة البعد إني أنفت على رجائهم وملكت عز جميعهم وحدي ومنها‏:‏ ورقيمة الأعطاف حالية موشية بوشائج البرد وحشية الأنساب ما أنستفي موحش البيداء بالقود تسمو بجيد بالغ صعدًا شرف الصروح بغير ما جهد طالت رؤوس الشامخات به ولربما قصرت عن الوهد قطعت إليك تنائفًا وصلت آسادها بالنص والوخد نحدي على استصعابها ذللًا وتبيت طوع القن والقد وافوك أنضاء تقلبهم أيدي السري بالغور والنجد كالطيف يستقري مضاجعه أو كالحسام يسل من غمد يثنون بالحسنى التي سبقت من غير إنكار ولا جحد ويرون لحظك من وفادتهم فخرًا على الأتراك والهند يا مستعينًا جل في شرف عن رتبة المنصور والمهدي جازاك ربك عن خليقته خير الجزاء فنعم ما يسدي وبقيت للدنيا وساكنها في عزة أبدًا وفي سعد وقال يخاطب صدر الدولة فيما يظهر من غرض المنظوم‏:‏ يا سيد الفضلاء دعوة مشفق نادى لشكوى البث خير سميع مالي وللإقصاء بعد تعلة بالقرب كنت لها أجل شفيع وأرى الليالي رتقت لي صافيا منها فأصبح في الأجاج شروعي ولقد خلصت إليك بالقرب التي ليس الزمان لشملها بصدوع رغمت نفوسهم بنجح وسائلي وتقطعت أنفاسهم بصنيعي وبغوا بما نقموةا علي خلائقي حسدًا فراموني بكل شنيع لا تطمعنهم ببذل في الستي قد صنتها عنهم بفضل قنوع أني أضام وفي يدي القلم الذي ما كان طيعه لهم بمطيع ولي الخصائص ليس تأبى رتبة حسبي بعلمك ذاك من تفريعي قسمًا بمجدك وهو خير ألية اعتدها لفؤادي المصدوع إني لتصطحب الهموم بمضجعي فتحول ما بيني وبين هجوعي عطفًا علي بوحدتي عن معشر نفث الإباء صدودهم في روعي أغدو إذا باكرتهم متجلدًا وأروح أعثر في فضول دموعي حيران أوجس عند نفسي خيفة فتسر في الأوهام كل مروع أطوي على الزفرات قلبًا إده حمل الهموم تجول بين ضلوعي ولقد أقول لصرف دهر رابني بحوادث جاءت على تنويع وأنشد السلطان أمير المسلمين أبا عبد الله بن أمير المسلمين أبا الحجاج لأول قدومه ليلة الميلاد الكريم من عام أربعة وستين وسبعمائة‏:‏ حي المعاهد كانت قبل تحييني بواكف الدمع يرويها ويظميني إن الإلى نزحت داري ودارهم تحملوا القلب في آثارهم دوني وقفت أنشد صبرًا ضاع بعدهم فيهم وأسأل رسمًا لا يناجيني أمثل الربع من شوق وألثمه وكيف والفكر يدنيه ويقصيني وينهب الوجد مني كل لؤلؤة ما زال جفني عليها غير مأمون سقت جفوني مغاني الربع بعدهم فالدمع وقف على أطلاله الجون قد كان للقلب عن داعي الهوى شغل لو أن قلبي إلى السلوان يدعوني أحبابنا هل لعهد الوصل مدكر منكم وهل نسمة منكم تحييني ما لي وللطيف لا يعتاد زائره وللنسيم عليلًا لا يداويني يا أهل نجد وما نجد وساكنها حسنًا سوى جنة الفردوس والعين أعندكم أنني ما مر ذكركم إلا انثنيت كأن الراح تثنيني أسلى هواك فؤادي عن سواك وما سواك يومًا بحال عنك يسليني ترى الليالي أنستك ادكاري يا من لم يكن ذكره الأيام تنسيني ومنها في ذكر التفريط‏:‏ أبعد مر الثلاثين التي ذهبت أولى الشباب بإحساني وتحسيني أضعت فيها نفيسًا ما وردت به إلا سراب غرور ليس يرويني وا حسرتا من أماني كلها خدع تريش غيي ومر الدهر يبريني ومنها في وصف المشور المبتنى لهذا العهد‏:‏ يا مصنعًا شيدت منه السعود حمى لا يطرق الدهر مبناه بتوهين صرح يحار لديه الطرف مفتتنا فما يروقك من شكل وتلوين بعدًا لإيوان كسرى إن مشورك السامي لأعظم من تلك الأواوين ودع دمشق ومغناها فقصرك ذا أشهى إلى القلب من أبواب جيرون ومنها في التعريض بالوزير الذي كان انصرافه من المغرب لأجله‏:‏ من مبلغ عني الصحب الإلى جهلوا ودي وضاع حماهم إذ أضاعوني لا كالتي أخفرت عهدي ليالي إذ أقلب الطرف بين الخوف والهون سقيًا ورعيًا لأيامي التي ظفرت يداي منها بحظ غير مغبون ارتاد منها مليًا لا يماطلني وعدًا وأرجو كريمًا لا يعنيني وهاك منها قواف طيها حكم مثل الأزاهر في طي الرياحين تلوح إن جليت درًا وإن تليت تثنى عليك بأنفاس البساتين عانيت منها بجهدي كل شاردة لولا سعودك ما كانت تواتيني يمانع الفكر عنا ما تقسمه من حزن بطي الصدر مكنون لكن بسعدك ذلت لي شواردها فرضت منها بتحبير وتزيين بقيت دهرك في أمن وفي دعة ودام ملكك في نصر وتمكين وهو الآن قد بدا له في التحول طوع أمل ثاب له في الأمير أبي عبد الله ابن الأمير أبي زكريا بن حفص لما عاد إليه ملك بجاية وطار إليه بجناح شراع تفيأ ظله وصك من لدنه رآه مستقرًا عنده يدعم ذلك بدعوى تقصير خفي أحس به وجعله علة منقلبه وتجن سار منه في مذهبه وذلك في‏.‏
من عام ثمانية وستين وسبعمائة‏.‏
ولما بلغ بجاية صدق رأيه ونجحت مخيلته صاحب قسنطينة وبملك البلدة بد مهلكه وأجرة المترجم به على رسمه بما طرق إليه الظنة بمداخلته في الواقع‏.‏
ثم ساء ما بينه وبين الأمير أبي العباس وانصرف عنه واستوطن بسكرة متحولًا إلى جوار رييسها أبي العباس بن مزنى متعللًا برفده إلى هذا العهد‏.‏
وخاطبته برسالة في هذه الأيام تنظر في اسم المؤلف في آخر الديوان‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 08:01 AM

مولده بمدينة تونس بلده حرسها الله في شهر رمضان من عام اثنين وثلاثين وسبعمائة‏.‏
عبد الرحمن بن الحاج بن القميي الإلبيري حاله كان شاعرًا مجيدًا هجا القاضي أبا الحسن بن توبة قاضي غرناطة ومن نصره من الفقهاء فضربه القاضي ضربًا وجيعًا وطيف به على الأسواق بغرناطة فقال فيه الكاتب أبو إسحاق الإلبيري الزاهد وكان يومئذ كاتبًا للقاضي المذكور الأبيات الشهيرة‏:‏ السوط أبلغ من قول ومن قيل ومن نباح سفيه بالأباطيل من الدار كحر النار أبراه يعقل التقاضي أي تعقيل عبد الرحمن بن يخلفتن بن أحمد بن تفليت الفازازي يكنى أبا زيد‏.‏
حاله كان حافظًا نظارًا ذكيًا ذا حظ وافر من معرفة أصول الفقه وعلم الكلام وعناية بشأن الرواية متبذلًا في هيئته ولباسه قلما يرى راكبًا في حضر إلا لضررة فاضلًا سنيًا شديد الإنكار والإنحاء على أهل البدع مبالغًا في التحذير منهم عامرالإتاء يطلب العلم شغفًا به وانطباعًا إليه وحبًا فيه وحرصًا عليه آية من آيات الله في سرعة البديهة وارتجال النظم والنثر وفور ماده وموالاة استعمال لا يكاد يقيد ولا يصرفه عنه إلا نسخ أومطالعة علم أو مذاكرة فيه حي صار له ملكة لا يتكلف معها الإنشاء مع الإجادة وتمكن البراعة‏.‏
وكان متلبسًا بالكتابة عن الولاة والأمراء ملتزمًا بذلك كارهًا له حريصًا على الانقطاع عنه واختص بالسيد أبي إسحق بن المنصور وبأخيه أبي العلاء وبملازمتهما استحق الذكر فيمن دخل غرناطة إذ عد ممن دخلها من الأمراء‏.‏
روى عن أبيه أبي سعيد وأبي الحسن جابر بن أحمد وابن عتيق بن مون وأبي الحسن بن الصايغ وأبي زيد السهيلي وأبي عبد اله التجيبي وأبي عبد الله بن الفخار وأبي محمد بن عبيد الله وأبي المعالي محمود الخراساني وأبي الوليد بن يزيد بن بقى وغيرهم‏.‏
وروى عنه ابنه أبو عبد الله وأبو بكر بن سيد الناس وابن مهدي وأبو جعفر بن علي ابن غالب وأبو العباس بن علي بن مروان وأبو عمرو بن سالم وأبو القاسم عبد الرحيم بن سالم وابنه عبد الوهاب بن عبد الرحمن ابن سالم وأبو القاسم عبد الكريم بن عمران وأبو يحيى بن سليمن ابن حوط الله وأبو محمد بن قاسم الحرار وأبو الحسن الرعيني وأبو علي الماقري‏.‏
تواليفه ومنظوماته له المعشرات الزهدية التي ترجمها بقوله‏:‏ المعشرات الزهدية والمذكرات الحقيقية الجدية ناطقة بألسنة الوجلين المشفقين شايقة إلى مناهج السالكين المستبقين‏.‏
نظمها متبركًا بعبادتهم متيمنًا بأغراضهم وإشاراتهم قابضًا عنان الدعوىعن مداناتهم ومجاراتهم مهتديًا إهداء السنن الخمس بالأشعة الواضحة من إشاراتهم مخلدًا دون أفقهم العالي إلى حضضه جامعًا لحسن أقواله وقبح أفعاله بين الشيء ونقضيه‏.‏
عبد الرحمن‏.‏
وله المعشرات الحبية وترجمتها النفحات القلبية واللفحات الشوقية منظمة على ألسنة الذاهبين وجدًا الذايبين كمدًا وجهدًا الذين غربوا وبقيت أنوارهم واحتجبوا وظهرت آثارهم ونطقوا وصمتت أخبارهم ووفوا العبودية حقها ومحضوا المحبة مستحقها نظم من نسج على منوالهم ولم يشاركهم إلا في أقوالهم فلان‏.‏
والقصايد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم التي كل قصيدة منها عشرون بيتًا وترجمتها الوسايل المتقبلة والآثار المسلمة المقبلة مودعة في العشرنية النبيوية والحقايق اللفظية والمعنوية نظم من اعتقدها من أزكى الأعمال وأعدها لما يستقبله من مدهش الأهوال وفرع خاطره لها على توالي القواطع وتتابع الأشغال ورجا بركة خاتم الرسالة وغاية السؤدد والجلالة محو ما لسلفه من خطأ في الفعل وزلل في المقال والله سبحانه ولي القبول للتوبة والمنان بتسويغ هذه المنة المطلوبة فذلك يسير في جنب قدرته ومعهود رحمته الواسعة ومغفرته‏.‏
شعره وشعره كثير جدًا ونثره مشهور وموجود‏.‏
فمن شعره في غرض الشكر لله عز وجل على غيث جاء بعد قحط‏:‏ نعم الإله بشره تتقيد فالله يشكر في النوال ويحمد وأغاثنا بغمايم وكافة بالبشر تشرق والبشاير ترعد حملت إلى ظما البسيطة ريه فلها عليه منة لا تجحد فالجو براق والشعاع مفضض والماء فياض الأثير معسجد والأرض في حلى الأتي كأنما نطف الغمام لؤلؤ وزبرجد والروض مطلول الخمايل باسم والقضب لينه الحمايل ميد تاهت عقول الناس في حركاتها ألشكرها أم سكرها تتأود فيقول أرباب البطالة تنثني ويقول أرباب الحقيقة تسجد وإذا اهتديت إلى الصواب فإنها في شكر خالقها تقوم وتقعد هذا هو الفضل الذي لا ينقضي هذا هو الجود الذي لا ينفد إحضر فؤادك القيام بشكره إن كنت تعلم قدر ما تتقلد والفض يديك من العباد فكلهم عجز الحل وأنت جهلا تعقد وإذا افتقرت إلى سواه فإنما الذي بخاطرك المجال الأبعد نعم الإله كما تشاهد حجة والغائبات أجل مما يشهد فانظر إلى آثار رحمته التي لا يمتري فيها ولا يتردد من ذا الذي يرتاب إن إلهة أحد وألسنة الجماد توحد من ذا الذي يرتاب إن إلهة أحد وألسنة الجماد توحد كل يصرح حاله ومقاله أن ليس إلا الله رب يعبد ومن شعره أيضًا قوله‏:‏ عجبًا لمن ترك الحقيقة جانبًا وغدا لأرباب الصواب مجانبا وابتاع بالحق المصحح حاضرا ما شاء للزور المعلل عسايبا من بعد ما قد صار أنفذ أسهما وأشد عادية وأمضي قاضبا لا تخدعنك سوابق من سابق حتى ترى الإحضار منه عواقبا فلربما اشتد الخيال وعاقه دون الصواب هوى وأصبح غالبا ولكم إمام قد أضر بفهمه كتب تعب من الضلال كتايبا فانحرف بأفلاطون وأرسطا طاليس ودونهما تسلك طريقًا لاحبا ودع الفلاسفة الذميم جميعهم ومقالهم تأتى الأحق الواجبا يا طالب البرهان في أوضاعهم أعزز علي بأن تعمر جانبا أعيته أعباء الشريعة شدة فارتد مسلوبا ويحسب سالبا والله أسل عصمة وكفاية من أن أكون عن المحجة ناكبا ومن شعره‏:‏ إليك مددت الكف في كل شدة ومنك وجدت اللطف في كل نايب وأنت ملاذ والأنام بمعزل وهل مستحيل في الرجاء كرآيب فحقق رجائي فيك يا رب واكفني شماتة عدو أو إساءة صاحب ومن أين أخشى من عدو إساءة وسترك ضاف من جميع الجوانب وكم كربة نجيتني من غمارها وكانت شجًا بين الحشا والترايب فلا قوة عندي ولا لي حبلة سوى حسن ظني بالجميل المواهب فيا منجي المضطر عند دعايه أغشني فقد سدت على مذاهب رجاؤك رأس المال عندي وربحه وزهد في المخلوق أسنى المواهب إذا عجزوا عن نفعهم في نفوسهم فتأميلهم بعض الظنون الكواذب فصل على المختار من آل هاشم إمام الورى عند اشتداد النوايب وقال في مدعي قراءة الخط دون نظر‏:‏ وأدور مياس العواطف أصبحت محاسنه في الناس كالنوع في الجنس يدير على القرطاس أنمل كفه فيدرك أخفى الخط في أيسر اللمس فقال فريق سحر بابل عنده وقال فريق ليس هذا من الإنس فقلت لهم لم تفهموا سر دركه على أنه للعقل أجلى من الشمس ستكفه حب القلوب فأصبحت مداركها أجفان أنمله الخمس وفاته‏:‏ استقدمه المأمون‏.‏
على حال وحشة كانت بينه وبينه فورد ورود الرضا على مراكش في شعبان سنة سبع وعشرين وستماية‏.‏
وتوفي في ذي قعدة بعده ودفن بجبانة الشيوخ مع أخيه عبد الله وقرنايهما رحم الله جميعهم‏.‏
انتهى السفر التاسع بحمد الله ومن السفر العاشر العمال الأثرا في هذا الحرف عبد الرحمن بن أسباط الكاتب المنجب كاتب أمير المسلمين يوسف بن تاشفين‏.‏
حاله لحق به بالعدوة فاتصل بخدمته وأغراه بالأندلس إذ ألقى إليه أمورها على صورتها حتى كان ما فرغ الله عز وجل من استيلانه على ممالكها وخلعه لرؤسايها‏.‏
وكان عبد الرحمن قبل اتصاله به مقدورًا عليه في رزقه يتحرف بالنسخ ولم يكن حسن الخط ولا معرب اللفظ إلى أن تسير للكتابة في باب الديوان بألمرية ورأى خلال ذلك في نومه شخصًا يوقظه ويقول له قم يا صاحب ربع الدنيا وقص رؤياه على صاحب له بمثواه فبشره فطلب من ذلك الحين السمو بنفسه فأجاز البحر وتعلق بحاشية الحرة العليا زينب فاستكتبته‏.‏
فلما توفيت الحرة أقره أمير المسلمين كاتبًا فنال ما شاء مما ترتمي إليه الهمم جاهًا ومالًا وشهرة‏.‏
وكان رجلًا حصيفًا سكوتًا عاقلًا مجدي الجاه حسن الوساطة شهير المكانة‏.‏
توفي فجأة بمدينة سبتة في عام سبعة وثمانين وأربعمائة‏.‏
وتقلد الكتابة بعده أبو بكر بن القصير‏.‏
ذكره ابن الصيرفي‏.‏
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مالك المعافري وتكر مالك في نسبه أوليته قالوا من ولد عقبة بن نعيم الداخل إلى الأندلس من جند دمشق نزيل قرية شكنب من إقليم تاجرة الجمل من عمل بلدنا لوشة غرناطي يكنى أبا محمد‏.‏
حاله كان أبو محمد هذا أحد وزراء الأندلس كثير الصنايع جزل المواهب عظيم المكارم على سنن عظماء الملوك وأخلاق السادة الكرام‏.‏
لم ير بعده مثله في حال الأندلس ذاكرًا للفقه والحجيث بارعًا في الأدب شاعرًا مجيدًا وكاتبًا بليغا حلو الكتابة والشعر هشًا مع وقار لينًا على مضاء عالي الهمة كثير الخادم والأمل‏.‏
من آثاره المائلة إلى اليوم الحمام بجوفي الجامع الأعظم من غرناطة‏.‏
بدأ بناه أول يوم من جمادى الأولى سنة تسع وخمسماية‏.‏
شرع في الزيادة في سقف الجامع من صحنه سنة ست عشرة وعوض أرجل قسيه أعمدة الرخام وجلب الروس والموايد من قرطبة وفرش صحنه بكذان الصخيرة‏.‏
ومن مكارمه أنه لما ولي مستخلص غرناطة وإشبيلية وجهه أميره علي بن يوسف بن تاشفين إلى طرطوشة برسم بنايها وإصلاح خللها فلما استوفى الغاية فيها قلده واستصحب جملة من ماله لمؤنته المختصة به فلما احتلها سال قاضيها فكتب إليه جملة من أهلها ممن ضعف حاله وقل تصرفه من ذوي البيوتات فاستعملهم أمناء في كل وجه جميل ووسع أرزاقهم حتى كمل له ما أراد من عمله‏.‏
ومن عجز أن يستعمله وصله من ماله وصدر عنها وقد أنعش خلقًا كثيرًا‏.‏
شعره من قوله في مجلس أطربه سماعه وبسطه احتشاد الأنس فيه واجتماعه‏:‏ لا تلمني إذا طربت لشجو يبعث الأنس فالكريم طروب ليس شق الجيوب حقًا علينا إنما الحق أن تشق القلوب وقال‏:‏ وقد قطف غلام من غلمانه نوارة ومد بها يده إلى أبي نصر الفتح بن عبيد الله‏.‏
فقال أبو نصر‏:‏ وبدر بدا والطرف مطلع حسنه وفي كفه من رايق النور كوكب فقال أبو محمد بن مالك‏:‏ ويحسد منه الغصن أي مهفهف يجيء على مثل الكتيب ويذهب نثره قال أبو نصر كتبت إليه مودعًا فكتب إلي مستدعيًا وأخبرني رسوله أنه لما قرأ الكتاب وضعه وما سوى ولا فكر ولا روى‏:‏ يا سيدي جرت الأيام بجمع افتراقك وكان الله جارك في انطلاقك فغيرك روع بالظعن وأوقد للوداع جامح الشجن فأنت من أبناء هذا الزمن خليفة الخضر لا يستقر على وطن كأنك والله يختار لك ما تأتيه وما تدعه موكل بفضاء الأرض تذرعه فحسب من نوى بعشرتك الاستمتاع أن يعدك من العواري السريعة الارتجاع فلا يأسف على قلة الثوى وينشد‏:‏ وفارقت حتى ما أبالي من النوى‏.‏
وفاته اعتل بإشبيلية فانتقل إلى غرناطة فزادت علته بها وتوفي رحمه الله بها في غرة شعبان سنة ثمان عشرة وخمسمائة ودفن إثر صلاة الظهر من يوم الجمعة المذكورة بمقبرة باب إلبيرة وحضر ومن رثاه‏:‏ رثاه ذو الوزارتين أبو عبد الله بن أبي الخصال رحمه الله فقال‏:‏ إن كنت تشفق من نزوح نواه فهناك مقبرة وذا مثواه قسم زمانك عبرة أو عبرة وأحل تشوقه على ذكراه وأعدده ما امتدت حياتك غايبًا أو عاتبًا إن لم تزر زرناه أو نائمًا غلبت عليه رقدة لمسهد لم تغتمض عيناه أو كوكبًا سرت الركاب بنوره فمضى وبلغنا المحل سناه فمتى تبعد والنفوس تزوره ومتى تغيب والقلوب تراه يا واحدًا عدل الجميع وأصلحت دنيا الجميع ودينهم دنياه طالت إذاتك بالحياء كرامة والله يكرم عبده بإذاه لشهادة التوحيد بين لسانه وجنانه نور يرى مسراه ويوجهه سيمى أغر محجل مهما بدا لم تلتبس سيماه وكأنما هو في الحياة سكينة لولا اهتزاز في الندى يغشاه وكأنه لحظ العفاة توجعا فتلازمت فوق الفؤاد يداه أبدي رضي الرحمن عنك ثناؤهم إن الثناء علامة لرضاه ما ذاك إلا أنه فرع زكا وسع الجميع بظله وحناه ما ذاك إلا أنه فرع زكا وسع الجميع بظله وحناه فاليوم أودى كل من أحببته ونعى إلى النفس من ينعاه مإذا يؤمل في دمشق مسهد قد كنت ناظره وكن تراه يعتاد قبرك للبكا أسفًا بما قد كان أضحكه الذي أبكاه يا تربة حل الوزير ضريحها سقاك بل صلى عليك الله وسرى إليك ومنك ذكر ساطع كالمسك عاطرة به الأفواه عبد الرحمن بن عبد الملك الينشتي يكنى أبا بكر أصله من مدينة باغة ونشأ بلوشة وهو محسوب من الغرناطيين‏.‏
حاله كان شيخًا يبدو على مخيلته النبل والدهاء مع قصور أدواته‏.‏
ينتحل النظم والنثر في أراجيز يتوصل بها إلى غرضه من التصرف في العمل‏.‏
وجرى ذكره في التاج المحلى وغيره بما نصه‏:‏ قارض هاج مداهن مداج أخبث من نظر من طرف خفي وأغدر من تلبس بسعار وفي إلى مكيدة مبثوتة الحبايل وإغراء يقطع بين الشعوب وصدرت عنه مقطوعات في غير هذا المعنى مما عذب به المجني منها قوله‏:‏ إن الولاية رفعة لكنها أبدا إذا حققتها تنتقل فنظر فضايل من مضى من أهلها تجد الفضايل كلها لا تعزل وقال‏:‏ هنيا أبا إسحق دمت موفقًا سعيدًا قرير العين بالعرس والعرس فأنت كمثل البدر في الحسن والتي تملكتها في الحسن أسنى من الشمس وقالوا عجيب نور بدرين ظاهر فقلت نعم إن ألف الجنس للجنس وكتب إلي‏:‏ إذا ضاق ذرعي بالزمان شكوته لمولاي من آل الخطيب فينفرج هو العدة العظمى هو السيد الذي بأوصافه الحسنى المكارم تبتهج وزير علا ذاتًا وقدرا ومنصبا فمن دونه أعلا الكواكب يندرج وفي بابه نلت الأماني وقادني دليل رشادي حيث رافقني الفرج فلا زال في سعد وعز ونعمة تصان به الأموال والأهل والمهج عبد الأعلى بن موسى بن نصير مولى لخم أوليته أبوه المنسوب إليه فتح الأندلس ومحله من الدين والشهرة وعظم الصيت معروف‏.‏
حاله كان عبد الأعلى أميرا على سنن أبيه في الفضل والدين وهو الذي باشر فتح غرناطة ومالقة واستحق الذكر لذلك‏.‏
قال الرازي وكان موسى بن نصير قد أخرج ابنه عبد الأعلى فيمن رتبه من الرجال إلى إلبيرة وتدمكير لفتحها ومضى إلى إلبيرة ففتحها وضم بها إلى غرناطة اليهود مستظهرًا بهم على النصر ثم مضى إلى كورة ريه ففتحها عبد الحليم بن عمر بن عثمن بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو يكنى أبا محمد أوليته معروفة‏.‏
وفسد ما بين أبيه وبين جده أمير المسلمين بما أوجب انتباذه إ لى سكني مدينة سجلماسة معززة له ألقاب السلطان بها مدوخًا ما بأحوازها من أماكن الرياسة منسوبة إليه بها الآثار كالسد الكبير الشهير وقصور الملك‏.‏
فلما نزل عنها على حكم أخيه أمير ا لمسلمين أبي الحسن وأمضى قتلته بالفصاد نشأ ولده وهم عدة بباب عمهم يسعهم رفده ويقودهم ولده ثم جلاهم إلى الأندلس إبنه السلطان أبو عنان عندما تصير الأمر إليه فاستقروا بغرناطة تحت بر وجراية قلقًا بمكانهم من جلاهم ومن بعده لإشارة عيون الترشيح إليهم مغازلة من كثب وقعودهم بحيث تعثر فيهم المظنة إلى أن كان من أمرهم ما هو معروف‏.‏
حاله هذا الرجل م ن أهل الخير والعفاف والصيانة ودمث الخلق وحسن المداراة يألف أهل الفضل خاطب للرتبة بكل جهد وحيلة وسد عنه باب الأطماع‏.‏
حذر من كان له الأمر بالأندلس من لدن وصوله‏.‏
كي لا تختلف أحوال هذا الوطن في صرف وجوه أهله إلى غزو عدو الملة ومحولي القبلة وإعراضهم عن الإغماض في الفتنة المسلمة وربما بميت عنهم الحركات والهموم‏.‏
فثقفوا من فيها عليهم إلى أن تبرأ ساحتهم ويظن به السكون‏.‏
فلما دالت الدولة وكانت للأخابث الكرة واستقرت بيد الرئيس الغادر الكرة وكان ما تقدم الإلماع به من عمل السلطان أبي سالم ملك المغرب على إجازة السلطان ولي ملك الأندلس المزعج عنها بعلة البغي ذهب الدايل الأخرق إلى المقارضة فعندما استقر السلطان أبو عبد الله بجبل الفتح حاول إجازة الأمير عبد الحليم إلى تلمسان بعد مفاوضة‏.‏
فكان ذلك في أخريات ذي قعدة وقد قضى الأمر في السلطان أبي سالم وانحلت العقدة وانتكثت المريرة وولي الناس الرجل المعتوه وفد إلى تلمسان من لم يرض محله من الإدالة ولا قويت نفسه على العوض ولا صابرت غض المخافة وحرك ذلك من عزمه وقد أنجده السلطان مستدعيه بما في طوقه‏.‏
ولما اتصل خبره بالقايم بالأمر بفاس ومعول التدبير على سلطانه‏.‏
أعمل النظر فيهم زعموا بتسليم الأمر ثم حذر من لحق به من أضداده فصمم على الحصار واستراب بالقبيل المريني وأكثف الحجاب دونهم بما يحرك أنفتهم فنفروا عنه بواحدة أول عام ثلاثة وستين وسبعماية واتفق رأيهم على الأمير عبد الحليم فتوجهت إليه وجهوهم اتفاقا وانثالوا عليه اضطرارا ونازل البلد الجديد دار الملك من مدينة فاس يوم السبت السادس لشهر المحرم من العام‏.‏
واضطربت المحلات بظاهره وخرج إليه أهل المدينة القدمى فأخذ بيعتهم وخاطب الجهات فألقت إليه قواعدها باليد ووصلت إليه مخاطبتها‏.‏
يا إمام الهدى وأي إمام أوضح الحق بعد إخفاء رسمه أنت عبد الحليم نر جوفا لمسمى له نصيب من اسمه وسلك مسلكا حسنا في الناس وفسح الآمال وأجمل اللقاء وتحمل الجفاء واستفز الخاصة بجميل التأني وأخذ العفو والتظاهر بإقامة رسوم الديانة وحارب البلد المحصور في يوم السبت الثالث عشر لشهر الله المحرم المذكور كانت الملاقاة التي برز فيها وزير الملك ومدير رحاه بمن اشتملت عليه البلدة من الروم والجند الرحل واستكثر من آلات الظهور وعدد التهويل فكانت بين الفريقين حرب مرة تولى كبرها الناشبة فأرسلت على القوم حواصب النبل غارت لها الخيل واقشعرت الوجوه وتقهقرت المواكب‏.‏
وعندها برز السلطان المعتوه مصاحبة له نسمة الإقدام وتهور الشجاعة عند مفارقة الخلال الصحية وتوالت الشدات وتكالبت الطايفة المحصورة فتمرست بأختها‏.‏
ووقعت الهزيمة ضحوة اليوم المذكور على قبيل بني مرين ومن لف لفهم فصرفوا الوجوه إلى مدينة تازي واستقر بها سلطانهم ودخلت مكناسة في أمرهم وضاق ذرع فاس للملك بهم إلى أن وصل الأمير المستدعي طية الصبر وأجدى دفع الدين ودخل البلد في يوم الاثنين الثاني والعشرين لصفر من العام‏.‏
وكان اللقاء بين جيش السلطان لنظر الوزير مطعم الإمهال ومعود الصنع‏.‏
وبين جيش بني مرين لنظر الأخ عبد المؤمن ابن السلطان أبي علي‏.‏
فرحل القوم من مكناسة وفر عنهم الكثير من الأولياء وأخذوا العرصة واستقروا أخيرًا ببلد أبيهم سجلماسة فكانت بين القوم مهادنة‏.‏
وعلى أثرها تعصب للأخ عبد المؤمن معظم عرب الجهة وقد برز إليهم في شأن استخلاص الجباية فرجعوا به إلى سجلماسة‏.‏
وخرج لمدافعتهم الأمير عبد الحليم بمن معه من أشياخ قبيله والعرب أولى مظاهر فكانت بينهم حرب أجلت عن هزيمة الأمير عبد الحليم واستلحم للسيف جملة من المشاهير‏.‏
كالشيخ الخاطب في حبله خدن النكر وقادح زند الفتنة الداين بالحمل على الدول على التفصيل والجملة المعتمد بالمغرب بالرأي والمشورة يحيى بن مسطي وغيره‏.‏
وأذعن عبد الحليم بعدها للخلع وخرج عن الأمر لأخيه وأبقى عليه وتحرج من قتله‏.‏
وتعرف لهذا الوقت صرفه عنه إلى الأرض الحجازية على صحراء القبلة فانتهى أمره إلى هذه الغاية‏.‏
دخوله غرناطة قدم على الحضرة مع الجملة من إخوته وبني عمه في‏.‏
جلاهم السلطان أبو عنان عندما تصير له الأمر فاستقروا بها يناهز عبد الحليم منهم بلوغ أشده‏.‏
وتوفي‏.‏
وستين وسبعماية بن عثمن بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو أخو الأمير عبد الحليم يكنى أبا محمد حاله كان رجلا وقورًا سكونا نحيفا آية الله في جمود الكف وإيثار المسك قليل المداخلة للناس مشتغلا بما يغنيه من خويصة نفسه موصوفًا ببسالة وإقدام حسن الهيئة‏.‏
دخل الأندلس مع أخيه وعلى رسمه وتحرك معه وابن أخ لما فتولى كثيرا من أمره ولقي الهول دونه‏.‏
ولما استقروا بسجلماسة كان ما تقرر من توبته على أمره والعمل على خلعه معتذرا زعموا إليه موفيا حقه موجبا تجلته إلى حين انصرافه ووصل الأندلس خطابه يعرف بذلك بما نصه في المدرجة‏.‏
ولم ينشب أن أحس بحركة جيش السلطان بفاس إليه فخاطب عميد الهساكره عامر بن محمد الهنتاتي وعرض نفسه عليه فاستدعاه‏.‏
وبذل له أمانًا‏.‏
ولما تحصل عنده قبض عليه وثقفه وشد عليه يده وحصل على طلبه دهية من التوعد بمكانه واتخاذ اليد عند السلطان بكف عاديته إلى هذا التاريخ‏.‏
عبد الحق بن علي بن عثمن بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق الأمير المخاف بعد أبيه أمير المسلمين أبي الحسن بمدينة الجزائر بعد ما توجه إلى المغرب وجرت عليه الهزيمة من بني زيان‏.‏
حاله كان صبيا ظاهر السكون والأدب في سن المراهقة لم ينشب أن نازله جيش عدوه ومالأه أهل البلد وأخذ من معه لأنفسهم وله الأمان فنزل عنها ولحق بالأندلس‏.‏
قال في كتاب طرفة العصر وفي ليلة العاشر من شهر ربيع الأول اثنين وخمسين وسبعمائة اتصل الخبر من جهة الساحل بنزول الأمير عبد الحق ابن أمير المسلمين أبي الحسن ومن معه بساحل شلوبانية مفلتين من دهق الشدة بما كان من منازلة جيش بني زيان مدينة الجزائر وقيام أهلها بدعوتهم لما سيموه من المطاولة ونهكهم من الفتنة وامتنع الأمير ومن معه بقصبتها وأخذوا لأنفسهم عهدا فنزلوا وركبوا البحر فرافقتهم السلامة وشملهم ستر العصمة‏.‏
ولحين اتصل بالسلطان خبره بادر إليه بمركبين ثقيلي الحلية وما يناسب ذلك من بزة وعجل من خدامه بمن يقوم ببره وأصحبه إلى منزل كرامته ولرابع يوم من وصوله كان قدومه وبرز له السلطان بروزًا فخما‏.‏
ونزل له قارضًا إياه أحسن القرض بما أسلفه من يد وأسداه من طول وأقام ضيفا في جواره إلى أن استدعاه أخوه ملك المغرب فانصرف عن رضي منه ولم ينشب أن هلك مغتالا في جملة أرادهم الترشيح عبد الواحد بن زكريا بن أحمد اللحياني يكنى أبا ملك‏.‏
وبيته في الموحدين الملوك بتونس‏.‏
وأبوه سلطان إفريقية المترقى إليها من رتبة الشياخة الموحدية‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 08:03 AM

مولده بمدينة تونس بلده حرسها الله في شهر رمضان من عام اثنين وثلاثين وسبعمائة‏.‏
عبد الرحمن بن الحاج بن القميي الإلبيري حاله كان شاعرًا مجيدًا هجا القاضي أبا الحسن بن توبة قاضي غرناطة ومن نصره من الفقهاء فضربه القاضي ضربًا وجيعًا وطيف به على الأسواق بغرناطة فقال فيه الكاتب أبو إسحاق الإلبيري الزاهد وكان يومئذ كاتبًا للقاضي المذكور الأبيات الشهيرة‏:‏ السوط أبلغ من قول ومن قيل ومن نباح سفيه بالأباطيل من الدار كحر النار أبراه يعقل التقاضي أي تعقيل عبد الرحمن بن يخلفتن بن أحمد بن تفليت الفازازي يكنى أبا زيد‏.‏
حاله كان حافظًا نظارًا ذكيًا ذا حظ وافر من معرفة أصول الفقه وعلم الكلام وعناية بشأن الرواية متبذلًا في هيئته ولباسه قلما يرى راكبًا في حضر إلا لضررة فاضلًا سنيًا شديد الإنكار والإنحاء على أهل البدع مبالغًا في التحذير منهم عامرالإتاء يطلب العلم شغفًا به وانطباعًا إليه وحبًا فيه وحرصًا عليه آية من آيات الله في سرعة البديهة وارتجال النظم والنثر وفور ماده وموالاة استعمال لا يكاد يقيد ولا يصرفه عنه إلا نسخ أومطالعة علم أو مذاكرة فيه حي صار له ملكة لا يتكلف معها الإنشاء مع الإجادة وتمكن البراعة‏.‏
وكان متلبسًا بالكتابة عن الولاة والأمراء ملتزمًا بذلك كارهًا له حريصًا على الانقطاع عنه واختص بالسيد أبي إسحق بن المنصور وبأخيه أبي العلاء وبملازمتهما استحق الذكر فيمن دخل غرناطة إذ عد ممن دخلها من الأمراء‏.‏
روى عن أبيه أبي سعيد وأبي الحسن جابر بن أحمد وابن عتيق بن مون وأبي الحسن بن الصايغ وأبي زيد السهيلي وأبي عبد اله التجيبي وأبي عبد الله بن الفخار وأبي محمد بن عبيد الله وأبي المعالي محمود الخراساني وأبي الوليد بن يزيد بن بقى وغيرهم‏.‏
وروى عنه ابنه أبو عبد الله وأبو بكر بن سيد الناس وابن مهدي وأبو جعفر بن علي ابن غالب وأبو العباس بن علي بن مروان وأبو عمرو بن سالم وأبو القاسم عبد الرحيم بن سالم وابنه عبد الوهاب بن عبد الرحمن ابن سالم وأبو القاسم عبد الكريم بن عمران وأبو يحيى بن سليمن ابن حوط الله وأبو محمد بن قاسم الحرار وأبو الحسن الرعيني وأبو علي الماقري‏.‏
تواليفه ومنظوماته له المعشرات الزهدية التي ترجمها بقوله‏:‏ المعشرات الزهدية والمذكرات الحقيقية الجدية ناطقة بألسنة الوجلين المشفقين شايقة إلى مناهج السالكين المستبقين‏.‏
نظمها متبركًا بعبادتهم متيمنًا بأغراضهم وإشاراتهم قابضًا عنان الدعوىعن مداناتهم ومجاراتهم مهتديًا إهداء السنن الخمس بالأشعة الواضحة من إشاراتهم مخلدًا دون أفقهم العالي إلى حضضه جامعًا لحسن أقواله وقبح أفعاله بين الشيء ونقضيه‏.‏
عبد الرحمن‏.‏
وله المعشرات الحبية وترجمتها النفحات القلبية واللفحات الشوقية منظمة على ألسنة الذاهبين وجدًا الذايبين كمدًا وجهدًا الذين غربوا وبقيت أنوارهم واحتجبوا وظهرت آثارهم ونطقوا وصمتت أخبارهم ووفوا العبودية حقها ومحضوا المحبة مستحقها نظم من نسج على منوالهم ولم يشاركهم إلا في أقوالهم فلان‏.‏
والقصايد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم التي كل قصيدة منها عشرون بيتًا وترجمتها الوسايل المتقبلة والآثار المسلمة المقبلة مودعة في العشرنية النبيوية والحقايق اللفظية والمعنوية نظم من اعتقدها من أزكى الأعمال وأعدها لما يستقبله من مدهش الأهوال وفرع خاطره لها على توالي القواطع وتتابع الأشغال ورجا بركة خاتم الرسالة وغاية السؤدد والجلالة محو ما لسلفه من خطأ في الفعل وزلل في المقال والله سبحانه ولي القبول للتوبة والمنان بتسويغ هذه المنة المطلوبة فذلك يسير في جنب قدرته ومعهود رحمته الواسعة ومغفرته‏.‏
شعره وشعره كثير جدًا ونثره مشهور وموجود‏.‏
فمن شعره في غرض الشكر لله عز وجل على غيث جاء بعد قحط‏:‏ نعم الإله بشره تتقيد فالله يشكر في النوال ويحمد وأغاثنا بغمايم وكافة بالبشر تشرق والبشاير ترعد حملت إلى ظما البسيطة ريه فلها عليه منة لا تجحد فالجو براق والشعاع مفضض والماء فياض الأثير معسجد والأرض في حلى الأتي كأنما نطف الغمام لؤلؤ وزبرجد والروض مطلول الخمايل باسم والقضب لينه الحمايل ميد تاهت عقول الناس في حركاتها ألشكرها أم سكرها تتأود فيقول أرباب البطالة تنثني ويقول أرباب الحقيقة تسجد وإذا اهتديت إلى الصواب فإنها في شكر خالقها تقوم وتقعد هذا هو الفضل الذي لا ينقضي هذا هو الجود الذي لا ينفد إحضر فؤادك القيام بشكره إن كنت تعلم قدر ما تتقلد والفض يديك من العباد فكلهم عجز الحل وأنت جهلا تعقد وإذا افتقرت إلى سواه فإنما الذي بخاطرك المجال الأبعد نعم الإله كما تشاهد حجة والغائبات أجل مما يشهد فانظر إلى آثار رحمته التي لا يمتري فيها ولا يتردد من ذا الذي يرتاب إن إلهة أحد وألسنة الجماد توحد من ذا الذي يرتاب إن إلهة أحد وألسنة الجماد توحد كل يصرح حاله ومقاله أن ليس إلا الله رب يعبد ومن شعره أيضًا قوله‏:‏ عجبًا لمن ترك الحقيقة جانبًا وغدا لأرباب الصواب مجانبا وابتاع بالحق المصحح حاضرا ما شاء للزور المعلل عسايبا من بعد ما قد صار أنفذ أسهما وأشد عادية وأمضي قاضبا لا تخدعنك سوابق من سابق حتى ترى الإحضار منه عواقبا فلربما اشتد الخيال وعاقه دون الصواب هوى وأصبح غالبا ولكم إمام قد أضر بفهمه كتب تعب من الضلال كتايبا فانحرف بأفلاطون وأرسطا طاليس ودونهما تسلك طريقًا لاحبا ودع الفلاسفة الذميم جميعهم ومقالهم تأتى الأحق الواجبا يا طالب البرهان في أوضاعهم أعزز علي بأن تعمر جانبا أعيته أعباء الشريعة شدة فارتد مسلوبا ويحسب سالبا والله أسل عصمة وكفاية من أن أكون عن المحجة ناكبا ومن شعره‏:‏ إليك مددت الكف في كل شدة ومنك وجدت اللطف في كل نايب وأنت ملاذ والأنام بمعزل وهل مستحيل في الرجاء كرآيب فحقق رجائي فيك يا رب واكفني شماتة عدو أو إساءة صاحب ومن أين أخشى من عدو إساءة وسترك ضاف من جميع الجوانب وكم كربة نجيتني من غمارها وكانت شجًا بين الحشا والترايب فلا قوة عندي ولا لي حبلة سوى حسن ظني بالجميل المواهب فيا منجي المضطر عند دعايه أغشني فقد سدت على مذاهب رجاؤك رأس المال عندي وربحه وزهد في المخلوق أسنى المواهب إذا عجزوا عن نفعهم في نفوسهم فتأميلهم بعض الظنون الكواذب فصل على المختار من آل هاشم إمام الورى عند اشتداد النوايب وقال في مدعي قراءة الخط دون نظر‏:‏ وأدور مياس العواطف أصبحت محاسنه في الناس كالنوع في الجنس يدير على القرطاس أنمل كفه فيدرك أخفى الخط في أيسر اللمس فقال فريق سحر بابل عنده وقال فريق ليس هذا من الإنس فقلت لهم لم تفهموا سر دركه على أنه للعقل أجلى من الشمس ستكفه حب القلوب فأصبحت مداركها أجفان أنمله الخمس وفاته‏:‏ استقدمه المأمون‏.‏
على حال وحشة كانت بينه وبينه فورد ورود الرضا على مراكش في شعبان سنة سبع وعشرين وستماية‏.‏
وتوفي في ذي قعدة بعده ودفن بجبانة الشيوخ مع أخيه عبد الله وقرنايهما رحم الله جميعهم‏.‏
انتهى السفر التاسع بحمد الله ومن السفر العاشر العمال الأثرا في هذا الحرف عبد الرحمن بن أسباط الكاتب المنجب كاتب أمير المسلمين يوسف بن تاشفين‏.‏
حاله لحق به بالعدوة فاتصل بخدمته وأغراه بالأندلس إذ ألقى إليه أمورها على صورتها حتى كان ما فرغ الله عز وجل من استيلانه على ممالكها وخلعه لرؤسايها‏.‏
وكان عبد الرحمن قبل اتصاله به مقدورًا عليه في رزقه يتحرف بالنسخ ولم يكن حسن الخط ولا معرب اللفظ إلى أن تسير للكتابة في باب الديوان بألمرية ورأى خلال ذلك في نومه شخصًا يوقظه ويقول له قم يا صاحب ربع الدنيا وقص رؤياه على صاحب له بمثواه فبشره فطلب من ذلك الحين السمو بنفسه فأجاز البحر وتعلق بحاشية الحرة العليا زينب فاستكتبته‏.‏
فلما توفيت الحرة أقره أمير المسلمين كاتبًا فنال ما شاء مما ترتمي إليه الهمم جاهًا ومالًا وشهرة‏.‏
وكان رجلًا حصيفًا سكوتًا عاقلًا مجدي الجاه حسن الوساطة شهير المكانة‏.‏
توفي فجأة بمدينة سبتة في عام سبعة وثمانين وأربعمائة‏.‏
وتقلد الكتابة بعده أبو بكر بن القصير‏.‏
ذكره ابن الصيرفي‏.‏
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مالك المعافري وتكر مالك في نسبه أوليته قالوا من ولد عقبة بن نعيم الداخل إلى الأندلس من جند دمشق نزيل قرية شكنب من إقليم تاجرة الجمل من عمل بلدنا لوشة غرناطي يكنى أبا محمد‏.‏
حاله كان أبو محمد هذا أحد وزراء الأندلس كثير الصنايع جزل المواهب عظيم المكارم على سنن عظماء الملوك وأخلاق السادة الكرام‏.‏
لم ير بعده مثله في حال الأندلس ذاكرًا للفقه والحجيث بارعًا في الأدب شاعرًا مجيدًا وكاتبًا بليغا حلو الكتابة والشعر هشًا مع وقار لينًا على مضاء عالي الهمة كثير الخادم والأمل‏.‏
من آثاره المائلة إلى اليوم الحمام بجوفي الجامع الأعظم من غرناطة‏.‏
بدأ بناه أول يوم من جمادى الأولى سنة تسع وخمسماية‏.‏
شرع في الزيادة في سقف الجامع من صحنه سنة ست عشرة وعوض أرجل قسيه أعمدة الرخام وجلب الروس والموايد من قرطبة وفرش صحنه بكذان الصخيرة‏.‏
ومن مكارمه أنه لما ولي مستخلص غرناطة وإشبيلية وجهه أميره علي بن يوسف بن تاشفين إلى طرطوشة برسم بنايها وإصلاح خللها فلما استوفى الغاية فيها قلده واستصحب جملة من ماله لمؤنته المختصة به فلما احتلها سال قاضيها فكتب إليه جملة من أهلها ممن ضعف حاله وقل تصرفه من ذوي البيوتات فاستعملهم أمناء في كل وجه جميل ووسع أرزاقهم حتى كمل له ما أراد من عمله‏.‏
ومن عجز أن يستعمله وصله من ماله وصدر عنها وقد أنعش خلقًا كثيرًا‏.‏
شعره من قوله في مجلس أطربه سماعه وبسطه احتشاد الأنس فيه واجتماعه‏:‏ لا تلمني إذا طربت لشجو يبعث الأنس فالكريم طروب ليس شق الجيوب حقًا علينا إنما الحق أن تشق القلوب وقال‏:‏ وقد قطف غلام من غلمانه نوارة ومد بها يده إلى أبي نصر الفتح بن عبيد الله‏.‏
فقال أبو نصر‏:‏ وبدر بدا والطرف مطلع حسنه وفي كفه من رايق النور كوكب فقال أبو محمد بن مالك‏:‏ ويحسد منه الغصن أي مهفهف يجيء على مثل الكتيب ويذهب نثره قال أبو نصر كتبت إليه مودعًا فكتب إلي مستدعيًا وأخبرني رسوله أنه لما قرأ الكتاب وضعه وما سوى ولا فكر ولا روى‏:‏ يا سيدي جرت الأيام بجمع افتراقك وكان الله جارك في انطلاقك فغيرك روع بالظعن وأوقد للوداع جامح الشجن فأنت من أبناء هذا الزمن خليفة الخضر لا يستقر على وطن كأنك والله يختار لك ما تأتيه وما تدعه موكل بفضاء الأرض تذرعه فحسب من نوى بعشرتك الاستمتاع أن يعدك من العواري السريعة الارتجاع فلا يأسف على قلة الثوى وينشد‏:‏ وفارقت حتى ما أبالي من النوى‏.‏
وفاته اعتل بإشبيلية فانتقل إلى غرناطة فزادت علته بها وتوفي رحمه الله بها في غرة شعبان سنة ثمان عشرة وخمسمائة ودفن إثر صلاة الظهر من يوم الجمعة المذكورة بمقبرة باب إلبيرة وحضر ومن رثاه‏:‏ رثاه ذو الوزارتين أبو عبد الله بن أبي الخصال رحمه الله فقال‏:‏ إن كنت تشفق من نزوح نواه فهناك مقبرة وذا مثواه قسم زمانك عبرة أو عبرة وأحل تشوقه على ذكراه وأعدده ما امتدت حياتك غايبًا أو عاتبًا إن لم تزر زرناه أو نائمًا غلبت عليه رقدة لمسهد لم تغتمض عيناه أو كوكبًا سرت الركاب بنوره فمضى وبلغنا المحل سناه فمتى تبعد والنفوس تزوره ومتى تغيب والقلوب تراه يا واحدًا عدل الجميع وأصلحت دنيا الجميع ودينهم دنياه طالت إذاتك بالحياء كرامة والله يكرم عبده بإذاه لشهادة التوحيد بين لسانه وجنانه نور يرى مسراه ويوجهه سيمى أغر محجل مهما بدا لم تلتبس سيماه وكأنما هو في الحياة سكينة لولا اهتزاز في الندى يغشاه وكأنه لحظ العفاة توجعا فتلازمت فوق الفؤاد يداه أبدي رضي الرحمن عنك ثناؤهم إن الثناء علامة لرضاه ما ذاك إلا أنه فرع زكا وسع الجميع بظله وحناه ما ذاك إلا أنه فرع زكا وسع الجميع بظله وحناه فاليوم أودى كل من أحببته ونعى إلى النفس من ينعاه مإذا يؤمل في دمشق مسهد قد كنت ناظره وكن تراه يعتاد قبرك للبكا أسفًا بما قد كان أضحكه الذي أبكاه يا تربة حل الوزير ضريحها سقاك بل صلى عليك الله وسرى إليك ومنك ذكر ساطع كالمسك عاطرة به الأفواه عبد الرحمن بن عبد الملك الينشتي يكنى أبا بكر أصله من مدينة باغة ونشأ بلوشة وهو محسوب من الغرناطيين‏.‏
حاله كان شيخًا يبدو على مخيلته النبل والدهاء مع قصور أدواته‏.‏
ينتحل النظم والنثر في أراجيز يتوصل بها إلى غرضه من التصرف في العمل‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 08:07 AM

وجرى ذكره في التاج المحلى وغيره بما نصه‏:‏ قارض هاج مداهن مداج أخبث من نظر من طرف خفي وأغدر من تلبس بسعار وفي إلى مكيدة مبثوتة الحبايل وإغراء يقطع بين الشعوب وصدرت عنه مقطوعات في غير هذا المعنى مما عذب به المجني منها قوله‏:‏ إن الولاية رفعة لكنها أبدا إذا حققتها تنتقل فنظر فضايل من مضى من أهلها تجد الفضايل كلها لا تعزل وقال‏:‏ هنيا أبا إسحق دمت موفقًا سعيدًا قرير العين بالعرس والعرس فأنت كمثل البدر في الحسن والتي تملكتها في الحسن أسنى من الشمس وقالوا عجيب نور بدرين ظاهر فقلت نعم إن ألف الجنس للجنس وكتب إلي‏:‏ إذا ضاق ذرعي بالزمان شكوته لمولاي من آل الخطيب فينفرج هو العدة العظمى هو السيد الذي بأوصافه الحسنى المكارم تبتهج وزير علا ذاتًا وقدرا ومنصبا فمن دونه أعلا الكواكب يندرج وفي بابه نلت الأماني وقادني دليل رشادي حيث رافقني الفرج فلا زال في سعد وعز ونعمة تصان به الأموال والأهل والمهج عبد الأعلى بن موسى بن نصير مولى لخم أوليته أبوه المنسوب إليه فتح الأندلس ومحله من الدين والشهرة وعظم الصيت معروف‏.‏
حاله كان عبد الأعلى أميرا على سنن أبيه في الفضل والدين وهو الذي باشر فتح غرناطة ومالقة واستحق الذكر لذلك‏.‏
قال الرازي وكان موسى بن نصير قد أخرج ابنه عبد الأعلى فيمن رتبه من الرجال إلى إلبيرة وتدمكير لفتحها ومضى إلى إلبيرة ففتحها وضم بها إلى غرناطة اليهود مستظهرًا بهم على النصر ثم مضى إلى كورة ريه ففتحها عبد الحليم بن عمر بن عثمن بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو يكنى أبا محمد أوليته معروفة‏.‏
وفسد ما بين أبيه وبين جده أمير المسلمين بما أوجب انتباذه إ لى سكني مدينة سجلماسة معززة له ألقاب السلطان بها مدوخًا ما بأحوازها من أماكن الرياسة منسوبة إليه بها الآثار كالسد الكبير الشهير وقصور الملك‏.‏
فلما نزل عنها على حكم أخيه أمير ا لمسلمين أبي الحسن وأمضى قتلته بالفصاد نشأ ولده وهم عدة بباب عمهم يسعهم رفده ويقودهم ولده ثم جلاهم إلى الأندلس إبنه السلطان أبو عنان عندما تصير الأمر إليه فاستقروا بغرناطة تحت بر وجراية قلقًا بمكانهم من جلاهم ومن بعده لإشارة عيون الترشيح إليهم مغازلة من كثب وقعودهم بحيث تعثر فيهم المظنة إلى أن كان من أمرهم ما هو معروف‏.‏
حاله هذا الرجل م ن أهل الخير والعفاف والصيانة ودمث الخلق وحسن المداراة يألف أهل الفضل خاطب للرتبة بكل جهد وحيلة وسد عنه باب الأطماع‏.‏
حذر من كان له الأمر بالأندلس من لدن وصوله‏.‏
كي لا تختلف أحوال هذا الوطن في صرف وجوه أهله إلى غزو عدو الملة ومحولي القبلة وإعراضهم عن الإغماض في الفتنة المسلمة وربما بميت عنهم الحركات والهموم‏.‏
فثقفوا من فيها عليهم إلى أن تبرأ ساحتهم ويظن به السكون‏.‏
فلما دالت الدولة وكانت للأخابث الكرة واستقرت بيد الرئيس الغادر الكرة وكان ما تقدم الإلماع به من عمل السلطان أبي سالم ملك المغرب على إجازة السلطان ولي ملك الأندلس المزعج عنها بعلة البغي ذهب الدايل الأخرق إلى المقارضة فعندما استقر السلطان أبو عبد الله بجبل الفتح حاول إجازة الأمير عبد الحليم إلى تلمسان بعد مفاوضة‏.‏
فكان ذلك في أخريات ذي قعدة وقد قضى الأمر في السلطان أبي سالم وانحلت العقدة وانتكثت المريرة وولي الناس الرجل المعتوه وفد إلى تلمسان من لم يرض محله من الإدالة ولا قويت نفسه على العوض ولا صابرت غض المخافة وحرك ذلك من عزمه وقد أنجده السلطان مستدعيه بما في طوقه‏.‏
ولما اتصل خبره بالقايم بالأمر بفاس ومعول التدبير على سلطانه‏.‏
أعمل النظر فيهم زعموا بتسليم الأمر ثم حذر من لحق به من أضداده فصمم على الحصار واستراب بالقبيل المريني وأكثف الحجاب دونهم بما يحرك أنفتهم فنفروا عنه بواحدة أول عام ثلاثة وستين وسبعماية واتفق رأيهم على الأمير عبد الحليم فتوجهت إليه وجهوهم اتفاقا وانثالوا عليه اضطرارا ونازل البلد الجديد دار الملك من مدينة فاس يوم السبت السادس لشهر المحرم من العام‏.‏
واضطربت المحلات بظاهره وخرج إليه أهل المدينة القدمى فأخذ بيعتهم وخاطب الجهات فألقت إليه قواعدها باليد ووصلت إليه مخاطبتها‏.‏
يا إمام الهدى وأي إمام أوضح الحق بعد إخفاء رسمه أنت عبد الحليم نر جوفا لمسمى له نصيب من اسمه وسلك مسلكا حسنا في الناس وفسح الآمال وأجمل اللقاء وتحمل الجفاء واستفز الخاصة بجميل التأني وأخذ العفو والتظاهر بإقامة رسوم الديانة وحارب البلد المحصور في يوم السبت الثالث عشر لشهر الله المحرم المذكور كانت الملاقاة التي برز فيها وزير الملك ومدير رحاه بمن اشتملت عليه البلدة من الروم والجند الرحل واستكثر من آلات الظهور وعدد التهويل فكانت بين الفريقين حرب مرة تولى كبرها الناشبة فأرسلت على القوم حواصب النبل غارت لها الخيل واقشعرت الوجوه وتقهقرت المواكب‏.‏
وعندها برز السلطان المعتوه مصاحبة له نسمة الإقدام وتهور الشجاعة عند مفارقة الخلال الصحية وتوالت الشدات وتكالبت الطايفة المحصورة فتمرست بأختها‏.‏
ووقعت الهزيمة ضحوة اليوم المذكور على قبيل بني مرين ومن لف لفهم فصرفوا الوجوه إلى مدينة تازي واستقر بها سلطانهم ودخلت مكناسة في أمرهم وضاق ذرع فاس للملك بهم إلى أن وصل الأمير المستدعي طية الصبر وأجدى دفع الدين ودخل البلد في يوم الاثنين الثاني والعشرين لصفر من العام‏.‏
وكان اللقاء بين جيش السلطان لنظر الوزير مطعم الإمهال ومعود الصنع‏.‏
وبين جيش بني مرين لنظر الأخ عبد المؤمن ابن السلطان أبي علي‏.‏
فرحل القوم من مكناسة وفر عنهم الكثير من الأولياء وأخذوا العرصة واستقروا أخيرًا ببلد أبيهم سجلماسة فكانت بين القوم مهادنة‏.‏
وعلى أثرها تعصب للأخ عبد المؤمن معظم عرب الجهة وقد برز إليهم في شأن استخلاص الجباية فرجعوا به إلى سجلماسة‏.‏
وخرج لمدافعتهم الأمير عبد الحليم بمن معه من أشياخ قبيله والعرب أولى مظاهر فكانت بينهم حرب أجلت عن هزيمة الأمير عبد الحليم واستلحم للسيف جملة من المشاهير‏.‏
كالشيخ الخاطب في حبله خدن النكر وقادح زند الفتنة الداين بالحمل على الدول على التفصيل والجملة المعتمد بالمغرب بالرأي والمشورة يحيى بن مسطي وغيره‏.‏
وأذعن عبد الحليم بعدها للخلع وخرج عن الأمر لأخيه وأبقى عليه وتحرج من قتله‏.‏
وتعرف لهذا الوقت صرفه عنه إلى الأرض الحجازية على صحراء القبلة فانتهى أمره إلى هذه الغاية‏.‏
دخوله غرناطة قدم على الحضرة مع الجملة من إخوته وبني عمه في‏.‏
جلاهم السلطان أبو عنان عندما تصير له الأمر فاستقروا بها يناهز عبد الحليم منهم بلوغ أشده‏.‏
وتوفي‏.‏
وستين وسبعماية بن عثمن بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو أخو الأمير عبد الحليم يكنى أبا محمد حاله كان رجلا وقورًا سكونا نحيفا آية الله في جمود الكف وإيثار المسك قليل المداخلة للناس مشتغلا بما يغنيه من خويصة نفسه موصوفًا ببسالة وإقدام حسن الهيئة‏.‏
دخل الأندلس مع أخيه وعلى رسمه وتحرك معه وابن أخ لما فتولى كثيرا من أمره ولقي الهول دونه‏.‏
ولما استقروا بسجلماسة كان ما تقرر من توبته على أمره والعمل على خلعه معتذرا زعموا إليه موفيا حقه موجبا تجلته إلى حين انصرافه ووصل الأندلس خطابه يعرف بذلك بما نصه في المدرجة‏.‏
ولم ينشب أن أحس بحركة جيش السلطان بفاس إليه فخاطب عميد الهساكره عامر بن محمد الهنتاتي وعرض نفسه عليه فاستدعاه‏.‏
وبذل له أمانًا‏.‏
ولما تحصل عنده قبض عليه وثقفه وشد عليه يده وحصل على طلبه دهية من التوعد بمكانه واتخاذ اليد عند السلطان بكف عاديته إلى هذا التاريخ‏.‏
عبد الحق بن علي بن عثمن بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق الأمير المخاف بعد أبيه أمير المسلمين أبي الحسن بمدينة الجزائر بعد ما توجه إلى المغرب وجرت عليه الهزيمة من بني زيان‏.‏
حاله كان صبيا ظاهر السكون والأدب في سن المراهقة لم ينشب أن نازله جيش عدوه ومالأه أهل البلد وأخذ من معه لأنفسهم وله الأمان فنزل عنها ولحق بالأندلس‏.‏
قال في كتاب طرفة العصر وفي ليلة العاشر من شهر ربيع الأول اثنين وخمسين وسبعمائة اتصل الخبر من جهة الساحل بنزول الأمير عبد الحق ابن أمير المسلمين أبي الحسن ومن معه بساحل شلوبانية مفلتين من دهق الشدة بما كان من منازلة جيش بني زيان مدينة الجزائر وقيام أهلها بدعوتهم لما سيموه من المطاولة ونهكهم من الفتنة وامتنع الأمير ومن معه بقصبتها وأخذوا لأنفسهم عهدا فنزلوا وركبوا البحر فرافقتهم السلامة وشملهم ستر العصمة‏.‏
ولحين اتصل بالسلطان خبره بادر إليه بمركبين ثقيلي الحلية وما يناسب ذلك من بزة وعجل من خدامه بمن يقوم ببره وأصحبه إلى منزل كرامته ولرابع يوم من وصوله كان قدومه وبرز له السلطان بروزًا فخما‏.‏
ونزل له قارضًا إياه أحسن القرض بما أسلفه من يد وأسداه من طول وأقام ضيفا في جواره إلى أن استدعاه أخوه ملك المغرب فانصرف عن رضي منه ولم ينشب أن هلك مغتالا في جملة أرادهم الترشيح عبد الواحد بن زكريا بن أحمد اللحياني يكنى أبا ملك‏.‏
وبيته في الموحدين الملوك بتونس‏.‏
وأبوه سلطان إفريقية المترقى إليها من رتبة الشياخة الموحدية‏.‏

حاله كان رجلا طوالا نحيفا فاضلا حسيبا مقيما للرسوم الحسبية حسن العشرة معتدل الطريقة نشأ بالبلاد المشرقية ثم اتصل بوطنه إفريقية وتقلد الإمارة بها برهة يسيرة ثم فر عنها ولحق بالمغرب وجاز إلى الأندلس وقدم على سلطانها فرحب به وقابله بالبر ونوه محله وأطلق جرايته ثم ارتحل أدراجه إلى العدوة ووقعت بيني وبينه صحبة أنشدته عند وداعه‏:‏ أبا ملك أنت نجل الملوك غيوث الندى وليوث النزال عزيز بأنفسنا أن نرى ركابك مؤذنة بارتحال وقد خبرت منك خلقًا كريمًا أناف على درجات الكمال وفازت لديك بساعات أنس كما زار في النوم طيف الخيال فلولا تعللنا أننا نزورك فسوق بساط الجلال ونبلغ فيك الذي نشتهي وذاك على السهل المنال لما فترت أنفس من أسى ولا برحت أدمع في انهمال تلقتك حيث احتللت السعود وكان لك الله على كل حال ومن ترجمة الأعيان والوزراء والأماثل والكبرا عبد الحق بن عثمن بن محمد بن عبد الحق بن محيو يكنى أبا إدريس شيخ الغزاة بالأندلس‏.‏
حاله كان شجاعًا عفيفًا تقيا وقورًا جلدًا معروف الحق بعيد الصيت‏.‏
نازع الأمر قومه بالمغرب وانتزى بمدينة تازى على السلطان أبي الربيع وأخذ بها البيعة لنفسه‏.‏
ثم ضاق ذرعه فعبر فيمن معه إلى تلمسان‏.‏
ولما هلك أبو الربيع وولي السلطان أبو سعيد قدم للكتب في شأنه إلى سلطان الأندلس وقد تعرف عزمه على اللحاق ولم ينشب أن لحق بألمرية من تلمسان فثقف بها قضاء لحق من خاطب في شأنه‏.‏
ثم بدا للسلطان في أمره فأوعز لرقبايه في الغفلة عنه وفر فلحق ببلاد النصرى فأقام بها إلى أن كانت الوقيعة بالسلطان بغرناطة بأحواز قرية العطشا على يد طالب الملك أمير المسلمين أبي الوليد وأسر يومئذ شيخ الغزاة حمو بن عبد الحق وترجح الرأي في إطلاقه وصرف إعلانا للتهديد‏.‏
فنجحت الحيلة وعزل عن الخطة واستدعى عبد الحق هذا إليها فوصل غرناطة وقدم شيخا على الغزاة‏.‏
ولما تغلب السلطان أبو الوليد على الأمر واستوسق له وكان ممن شمله أمانه فأقره مرؤسًا بالشيخ أبي سعيد عثمن بن أبي العلاء برهة‏.‏
ثم لحق بأميره المخلوع نصر المستقر موادعًا بوادي آش وأوقع بجيش المسلمين مظاهر الطاغية الوقيعة الشنيعة بقرمونة وأقام لديه مدة‏.‏
ثم لحق بأرض النصرى وأجاز البحر إلى سبتة‏.‏
مظاهرًا لأميرها أبي عمرو يحيى بن أبي طالب العزفي وقد كشف القناع في منابذة طاعة السلطان ملك المغرب وكان أملك لما بيده وأتيح له ظفر عظيم على الجيش المضيق على سبتة فبيته وهزمه‏.‏
وتخلص له ولده الكاين بمضرب أمير الجيش في بيت من الخشب رهينة فصرف عليه فما شئت من ذياع شهرة وبعد صيت وكرم أحدوثة‏.‏
ثم بدا له في التحول إلى تلمسان فانتقل إليها وأقام في إيالة ملكها عبد الرحمن بن موسى بن تاشفين إلى آخر عمره‏.‏
وفاته توفي يوم دخول مدينة تلمسان عنوة وهو يوم عيد الفطر من عام ثمانية وثلثين وسبعماية قتل على باب منزله يدافع عن نفسه وعلى ذلك فلم يشهر عنه يومئذ كبير غناء وكور واستلحم وحز رأسه‏.‏
وكان أسوة أميرها في المحيا والممات رحم الله جميعهم فانتقل بانتقاله وقتل بمقتله‏.‏
وكان أيضًا علمًا من أعلام الحروب ومثلا في الأبطال وليثا من ليوث النزال‏.‏
عبد الملك بن علي وعبد الله أخوه بن هذيل الفزاري وعبد الله أخوه حالهما قال ابن مسعدة أبو محمد وأبو مروان توليا خطة الوزارة في الدولة الحبوسية ثم توليا القيادة بثغور الأندلس وقهرا ما جاورهما من العدو وغلباه وسقياه كأس المنايا وجرعاه ولم يزالا عبد القهار بن مفرج بن عبد القهار بن هذيل الفزاري حاله قال ابن مسعدة كان بارع الأدب شاعر نحويا لغويا كاتبا متوقد الذهن عنده معرفة بالطب ثم اعتزل الناس وانقبض وقصد سكنى البشارات لينفرد بها ويخفى نفسه فرارا من الخدمة فتهيأ له المراد‏.‏
شعره وكان شاعرا جيد القريحة سريع الخاطر ومن شعره‏:‏ يا صاح لا تعرض لزوجية كل البلا من أجلها يعترى الفقر والذل وطول الأسى لست بما أذكره مفترى ما في فم المرأة شيء سوى اشتر لي واشتر لي واشتر القضاة الفضلاء وأولا الأصليون عبد الحق بن غالب بن عطية بن عبد الرحمن بن غالب بن عبد الرؤوف بن تمام بن عبد الله بن تمام بن عطية بن خالد بن عطية بن خالد بن خفاف بن أسلم بن مكتوم المحاربي أوليته من ولد زيد بن محارب بن عطية نزل جده عطية بن خفاف بقرية قسلة من زاويه غرناطة فأنسل كثيرًا ممن له خطر وفيه فضل‏.‏
حاله كان عبد الحق فقيها عالما بالتفسير والأحكام والحديث والفقه والنحو والأدب واللغة مقيدا حسن التقيد له نظم ونثر ولى القضاء بمدينة ألمرية في المحرم سنة تسع وعشرين وخمسماية وكان غاية في الدهاء والذكاء والتهمم بالعلم سرى الهمة في اقتناء الكتب‏.‏
توخى الحق وعدل في الحكم وأعز الخطة‏.‏
روى عن الحافظ أبيه وأبوي على الغساني والصدفي وأبي عبد الله محمد بن فرج مولى الطلاع وأبي المطرف الشعبي وأبي الحسين بن البيان وأبي القاسم بن الحصار المقري وغيرهم‏.‏
تواليفه ألف كتابه المسمى بالوجيز في التفسير فأحسن فيه وأبدع وطار بحسن نيته كل مطار‏.‏
وألف برنامجًا ضمنه مروياته وأسماء شيوخه وجرز وأجاد‏.‏
شعره قال الملاحي ما حدثني به غير واحد من أشياخه عنه قوله‏:‏ وليلة جيت فيها الجذع مرتديا بالسيف أسحب أذيالا من الظلم والنجم حيران في بحر الدجا غرق والبدر في طيلسان الليل كالعلم كأنما الليل زنجي بكاهله جرح فيثغب أحيانا له بدم وقال يندب عهد شبابه‏:‏ سقيًا لعهد شباب ظلت أمرح في ريعانه وليالي العيش أسحار والنفس تركض في تضمين ثرتها طرفًا له في زمان اللهو إحضار عهدًا كريمًا لبسنا منه أردية كانت عيونًا ومحيت فهي آثار مضى وأبقى بقلبيي منه نار أسى كوني سلامًا أو بردًا فيه يا نار أبعد أن نعمت نفسي وأصبح في ليل الشباب لصبح الشيب أسفار ونازعتني الليالي وانثنت كسرًا عن ضيغم ماله ناب وأظفار ألا سلاح خلال أخلصت فلها في منهل المجد إيراد وإصدار أصبو إلى روض عيش روضه خضل أو ينثني بي عن اللقيا إقصار إذا تعطلت كفى من شبا قلم آثاره في رياض العلم أزهار من روى عنه روى عنه أبو بكر بن أبي جمرة وأبو محمد بن عبد الله وأبو القاسم بن حبيش وأبو جعفر بن مضاء وأبو محمد عبد المنعم وأبو جعفر ابن حكم وغيرهم‏.‏
مولده‏:‏ ولد سنة إحدى وثمانين وأربع ماية‏.‏
وفاته‏:‏ توفي في الخامس والعشرين لشهر رمضان سنة ست وأربعين وخمس ماية بمدينة لورقة‏.‏
عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن فرج الخزرجي من أهل غرناطة يكنى أبا محمد ويعرف بابن الفرس وقد تقدم ذكر طايفة من أهل بيته‏.‏
حاله كان حافظًا جليلًا فقيها عارفا بالنحو واللغة كاتبا بارعا شاعرًا مطبوعا شهير الذكر عالي الصيت‏.‏
ولي القضاء بمدينة شقر ثم بمدينة وادي آش ثم بجيان ثم بغرناطة ثم عزل عنها ثم وليها الولاية التي كان من مضمن ظهيره بها قول المنصور له أٌول لك ما قاله موسى عليه السلام لأخيه هرون إخلفني في قومي واصلح ولا تتبع سبيل المفسدين وجعل إليه النظر في الحسبة والشرطة وغير ذلك فكان إليه النظر في الدماء فما دونها ولم يكن يقطع أمر دونه ببلده وما يرجع إليه‏.‏
وقال ابن عبد الملك كان من بيت علم وجلالة مستبحرًا في فنون المعارف على تفاريقها متحققًا بها نافذا فيها ذكي القلب حافظًا للفقه‏.‏
استظهر أوان طلبه للكتابين المدونة وكتاب سيبويه وغيرهما وعني به أبوه وجده عناية تامة‏.‏
وقال أبوة الربيع بن سالم سمعت أبا بكر ابن الجد وحسبك شاهدا يقول غير ما مرة ما أعلم بالأندلس أحفظ لمذهب مالك من عبد المنعم بن الفرس بعد أبي عبد الله بن زرقون‏.‏
مشيخته روى عن أبيه الحافظ أبي عبد الله وعن جده أبي القاسم سمع عليهما وقرأ وعن أبي بكر بن النفيس وأبي الحسن بن هذيل وأبي عبد الله ابن سعادة وأبي محمد عبد الجبار بن موسى الجذامي وأبي عامر محمد ابن أحمد الشلبي وأبي العباس أحمد وأخيه أبي الحسن ابني زيادة الله‏.‏
هذه جملة من لقى من الشيوخ وشافهه وسمع منه وأجاز له من غير لقاء وبعضهم باللقاء من غير قراءة ابن ورد وابن بقى وأبو عبد الله ابن سليمن التونسي وأبو جعفر بن قبلال وأبو الحسن بن الباذش ويونس بن مغيث وابن معمر وشريح وابن الوحيدي وأبو عبد الله ابن صاف والرشاطي والحميري وابن واضاح وابن موهب وأبو مروان الباجي وأبو العباس بن خلف بن عيشون وأبو بكر بن طاهر وجعفر بن مكي وابن العربي ومساعد بن أحمد بن مساعد وعبد الحق بن عطية وأبو مروان بن قزمان وابن أبي الخصال وعياض ابن موسى والمازري وغيرهم‏.‏
ألف عدة تواليف منها كتاب الأحكام ألفه وهو ابن خمسة وعشرين عامًا فاستوفى ووفي واختصر الأحكام السلطانية وكتاب النسب لأبي عبيد بن سلام وناسخ القرآن ومنسوخه لابن شاهين وكتاب المحتسب لابن جنى‏.‏
وألف كتابا في المسايل التي اختلف فيها النحويون من أهل البصرة ولاكوفة وكتابا في صناعة الجدل ورد على ابن غرسية في رسالته في تفضيل العجم على العرب‏.‏
وكتب بخطه من كتب العربية واللغة والأدب والطب وغير ذلك‏.‏
من روى عنه حدث عنه الحافظ أبو محمد القرطبي وأبو علي الرندي وإبنا حوط الله وأبو الربيع ين سالم والجم الغفير‏.‏
شعره أبى ما بقلبي اليوم أن يتكتما وحسبك بالدمع السفوح مترجما وأعجب به من أخرس بات مفصحا يبين للواشين ما كان مبهما فكم عبرة في نهر شقر بعثتها سباقا فأمسى النهر مختضبا دما يرجع ترجيع الأنين اضطراره كشكوى الجريح للجريح تألما ولله ليل قد لبست ظلامه راداُ بأنوار النجوم منمنما أناوح فيه الورق فوق غصونها فكم أورق منهن قد بات معجما وممالي إلا للفرقدين مصاحب ويا بعد حالي في الصبابة منهما أبيت شتيت الشمل والشمل فيهما جميع كما أبصرت عقدا منظما فيا قاصدًا تدمير عرج مصافحا نسألك رسما بالعقيق ومعلما وأعلم بأبواب السلام صبابتي كما كان عرف المسك بالمسك علما وإن طفت في تلك الأجارع لا تضع بحق هواها إن لم تلم مسلما وما ضرها لو جاذبت ظبية النقا فضول رداء قد تغشته معلما فيثني قضيبًا أثمر البدر مايسًا بحقف مسيل لفه السيل مظلما وما كنت إلا البدر وافي غمامة فما لاح حتى غاب فيها مغيما وما ذاك من هجر ولكن لشقوة أبت أن يكون الوصل منها متمما فياليتني أصبحت في الشعر لفظة ترددني مهما أردت تفهما ولله ما أذكى نسيمك نفحة أأنت أعرت للروض طيبًا تنسما ولله ما أشفى لقاك للجوى كأنك قد أصبحت عيسى بن مريما فمالي وللأيام قد كان شملنا جميعًا فأضحى في يديها مقسمًا وما جنيت الطيب من شهد وصلها جنيت من التبديد للوصل علقما وق ذقت طعم البين حتى كأنني لألفة من أهواه ما ذقت مطعما فمن لفؤاد شطره حازه الهوى وشطر لإحراز الثواب مسلما ويا ليت أن الدار حان مزارها فلو صح قرب الدار أدركت مغنما ولو صح قرب الدار لي لجعلته إلى مرتقى السلوان والصبر سلما فقد طال ما ناديت سرًا وجهرة عسى وطن يدنو بهم ولعلما سلام على من شفني بعد داره وأصبحت مشغوفًا بقرب مزاره ومن هو في عيني ألذ من الكرى وفي النفس أشهى من أمان المكاره سلام عليه كلما ذر شارق ينم كعرف الزهر غب فطاره لعمرك ما أخشى غداة وداعنا وقد سعرت في القلب شعلة ناره وسال على الخدين دمع كأنه بقية ظل للروض في جلناره سل البرق عن شوقي يخبرك بالذي ألاقيه من برح الهوى وأواره وهل هو إلا نار وجدي وكلما تنفست عم الجو ضوء شراره ومن شعره أيضًا رحمة الله عليه‏:‏ أقرأ على شنجل سلام أطيب من عرفه نسيما من مغرم القلب ليس ينسى منظره الرايق الوسيما إذا رأى منظرا سواه عاف الجنى منه والشميما وإن أتى مشربا حميدا كان وإن راقه ذميما وقف بنجد وقوف صب يستذكر الخدن والحميما وأندب أركًا بشعب رضوى قد رجعت بعدنا مشيما وأذكر شبابًا مضى سريعا أصبحت من بعده سقيما هيهات ولي وجاء شيب وكيف للقلب أن يهيما ما يصلح الشيب غير تقوى تحجب عن وجهه الجحيما قد سبق الوعد منه حتى أطمع ذا الشقوة النعيما مولده في سنة أربع وعشرين وخمسماية وفاته‏:‏ عصر يوم الأحد الرابع من جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وخمسماية‏.‏
وشهد دفنه بباب إلبيرة الجم الغفير وازدحم الناس على نعشه حتى حملوه على أكفهم ومزقوه‏.‏
وأمر أن يكتب على قبره‏:‏ عليك سلام الله يا من يسلم ورحمته مازرتني تترحم أتحسبني وحدي نقلت إلى هنا ستلحق بي عما قريب فتعلم فيا لمن يمسي لدنياه مؤثرا ويهمل أخراه ستشقى وتندم فلا تفرحن إلا بتقديم طاعة فذاك الذي ينجي غدا ويسلم ومن غير الأصلبين عبد الحكيم بن الحسين بن عبد الملك بن يحيى بن باسيو بن تادرت شمالي اليدرازتيني ثم أصله من تينملل من نظر مراكش وانتقل جده عبد الملك مع الخليفة عبد المؤمن بن علي إلى إقليم بجاية‏.‏
ونشأ عبد الملك ببجاية وانتقل إلى تونس في حدود خمسة وثمانين‏.‏
وورد أبو محمد الأندلس في حدود سبعمائة‏.‏
حاله من تعريف شيخنا أبي البركات‏:‏ كان من أهل المعرفة بالفقه وأصوله على طريقة المتأخرين‏.‏
وكان مع ذلك رجلا كريم النفس صادق الهجة سليم الصدر منصفا في المذاكرة‏.‏
قلت يجمع هذا الرجل إلى ما وصفه به الأصالة ببلده إفريقية وثبت اسمه في عايد الصلة بما نصه‏:‏ الشيخ الأستاذ القاضي يكنى أبا محمد‏.‏
كان رحمه الله من أهل العلم بالفقه والقيام على الأصلين صحيح الباطن سليم الصدر من أهل الدين والعدالة والأصالة‏.‏
بث في الأندلس علم أصول الفقه وانتفع به‏.‏
وتصرف في القضاء في جهات‏.‏
مشيخته منقولا من خط ولده الفقيه أبي عبد الله صاحبنا الكاتب بالدار السلطانية قرأ ببلده على الفقيه الصدر أبي علي بن غنوان والشيخ أبي الطاهر بن سرور والإمام أبي علي ناصر الدين المشدالي والشيخ أبي الشمل جماعة الحلبي والشيخ أبي الحجاج بن قسوم وغيرهم‏.‏
ومن خط المحدث أبي بكر بن الزيات يحمل عن أبي الطاهر بن سرور وعن أبي إسحق بن عبد الرفيع‏.‏
تواليفه من تواليفه‏:‏ المعاني المبتكرة الفكرية في ترتيب المعالم الفقهية‏.‏
والإيجاز في دلالة المجاز ونصرة الحق ورد الباغي في مسألة الصدقة ببعض الأضحية والكراس المرسوم بالمباحث البديعة في مقتضى الأمر من الشريعة‏.‏
مولده ببجاية في أحد لجمادى الأولى من عام ثلاثة وستين وستمائة‏.‏
وتوفي قاضيا بشالش يوم الجمعة و الرابع عشر لجمادى الأولى من عام ثلاثة وعشرين وسبعماية‏.‏
ودفن بجبانة باب إلبيرة بمقربة من قبر ولي الله أبي عبد الله التونسي‏.‏
وكانت جنازته مشهورة‏.‏
ومن المقريين والعلماء عبد الملك بن حبيب أصله من قرية قورت وقيل حصن واط من خارج غرناطة وبها نشأ وقرأ‏.‏
حاله قال ابن عبد البر‏.‏
كان جماعا للعلم كثير الكتب طويل اللسان فقيها نحويا عروضيا شاعرا نسابة إخباريًا‏.‏
وكان أكثر من يختلف إليه الملوك وأبناؤهم‏.‏
قال ابن مخلوف كان يأتي إلى معالي الأمور‏.‏
وقال غيره رأيته يخرج من الجامع وخلفه نحو من ثلاثمائة بين طالب حديث وفرايض وفقه وإعراب وقد رتب الدول عليه كل يوم ثلاثين دولة لا يقرأ عليه فيهغا شيء إلا تواليفه وموطأ مالك‏.‏
وكان يلبس الخز والسعيد‏.‏
قال ابن نمير وإنما كان يفعله إجلالا للعلم وتوقيرا له‏.‏
وكان يلبس إلى جسمه ثوب شعر وكان صوامًا قوامًا‏.‏
وقال المغاسي لو رأيت ما كان على باب ابن حبيب لزدريت غيره‏.‏
وزعم الزبيدي أنه نعى إلى سحنون فاسترجع وقال مات عالم الأندلس‏.‏
قال ابن الفرضي جمع إلى إمامته في الفقه التبحبح في الأدب والتفنن في ضروب العلوم وكان فقيها مفتيا‏.‏
قال ابن خلف أبو القاسم الغافقي كان له أرض وزبتون بقرية بيرة من طوق غرناطة حبس جميع ذلك على مسجد قرطبة‏.‏
وله ببيرة مسجد ينسب إليه‏.‏
وكان يهبط من قرية قورت يوم الاثنين والخميس إلى مسجده ببيرة فيقرأ مشيخته روى عن صعصعة بن سلام والغازي بن قيس وزياد بن عبد الرحمن‏.‏
ورحل إلى المشرق سنة ثمان ومائتين‏.‏
وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وكانت رحلته من قريته بفحص غرناطة‏.‏
وسمع فيها من عبد الملك بن الماجشون ومطرف بن عبد الله وأصبغ بن الفرج وابنه موسى وجماعة سواهم وأقام في رحلته ثلاثة أعوام وشهورا‏.‏
وعاد إلى إلبيرة إلى أن رحله عبد الرحمن بن الحكم إلى قرطبة في رمضان سنة ثمان عشرة ومائتين‏.‏
من روى عنه‏:‏ سمع منه إبناه محمد وعبد الله وسعيد بن نمر وأحمد بن راشد وإبراهيم بن خالد وإبراهيم بن شعيب ومحمد بن قطيس‏.‏
وروى عنه من عظماء القرطبيين مطرف بن عيسى وبقي بن مخلد ومحمد بن وضاح والمقامي في جماعة‏.‏
تواليفه قال أبو الفضل عياض بن موسى في كتابه في أصحاب مالك قال بعضهم قلت لعبد الملك بن حبيب‏.‏
كم كتبك التي ألفت قال ألف كتاب وخمسون كتابا‏.‏
قال عبد الأعلى منها كتب المواعظ سبعة وكتب الفضايل سبعة وكتب أجواد قريش وأخبارها وأنسابها خمسة عشر كتابا وكتب السلطان وسيرة الإمام ثمانية كتب وكتب الباه والنساء ثمانية وغير ذلك‏.‏
ومن كتب سماعاته في الحديث والفقه وتواليفه في الطب وتفسير القرآن ستون كتابا‏.‏
وكتاب المغازي والناسخ والمنسوخ ورغايب القرآن وكتاب الرهون والحدثان خمسة وتسعون كتابا وكتاب مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنان وعشرون كتابا وكتاب في النسب وفي النجوم وكتاب الجامع وهي كتب فيها مناسك النبي وكتاب الرغايب وكتاب الورع في المال وكتاب الربا‏.‏
وكتاب الحكم والعدل بالجوارح‏.‏
ومن المشهورات الكتاب المسمى بالواضحة‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 08:09 AM

ومن تواليفه كتاب إعراب القرآن وكتاب الحسبة في الأمراض وكتاب الفرايض وكتاب السخاء واصطناع المعروف وكتاب كراهية الغناء‏.‏
شعره أنشد ابن الفرضي مما كتب بها إلى أهله من المشرق سنة عشر ومايتين‏:‏ أحب بلاد الغرب والغرب موطني ألا كل غربي إلي حبيب فيا جسدًا أضناه شوق كأنه إذا انتضيت عنه الثياب قضيب ويا كبدًا عادت زمانا كأنما يلذغها بالكاويات طبيب وأهلي بأقصى مغرب الشمس دارهم ومن دونهم بحر أجش مهيب وهول كريه ليله كنهاره وسير حثيث للركاب دؤوب فما الداء إلا أن تكون بغربة وحسبك داء أن يقال غريب فيا ليت شعري هل أبيتن ليلة بأكناف نهر الثلج حين يصوب وحولي أصحابي وبنتي وأمها ومعشر أهلي والرؤوف مجيب وكتب إلى الأمير عبد الرحمن في ليلة عاشوراء‏:‏ لا تنسى لا ينسك الرحمن عاشوراء واذكره لا زلت في الأحياء مذكورا قال الرسول صلاة الله تشمله قولا وجدنا عليه الحق والنورا من بات في ليل عاشوراء ذا سعة يكن بعيشه في الحول محبورا فارغب فديتك فيما فيه رغبتنا خير الورى كلم حيًا ومقبورا وفاته توفي في ذي الحجة سنة ثماني وثلاثين‏.‏
وقيل تسع وثلاثين ومايتين‏.‏
قال ابن خلف كان يقول في دعائه إن كنت يا رب راضيًا عني فاقبضني إليك قبل انقضاء سنة ثمان وثلاثين فقبضه الله في أحب الشهور إليه رمضان من عام ثمانية وثلاثين وهو ابن أربع وستين سنة وصلى عليه ولده محمد ودفن بمقبرة أم سلمة بقبلي محراب مسجد الضيافة من قرطبة‏.‏
قالوا والخبر متصل إنه وجد جسده وكفنه وافرين لم يتغيرا بعد وفاته بتسع وأربعين سنة وقطعت من كفنه وافرين لم يتغيرا بعد وفاته بتسع وأربعين سنة وقطعت من كفنه قطعة رفعت إلى الأمير عبد الله‏.‏
ورثاه أبو عبد الله الرشاش وغيره فقال‏:‏ لئن أخذت منا المنايا مهذبا وقد قل فيها من يقال المهذب لقد طاب فيه الموت والموت غبطة لمن هو مغموم الفؤاد معذب ولأحمد بن ساهي فيه‏:‏ مإذا تضمن قبر أنت ساكنه من التقى والندى يا خير مفقود عجبت للأرض في أن غيبتك وقد ملأتها حكمًا في البيض والسود قلت فلو لم يكن من المفاخر الغرناطية إلا هذا الخبر لكفى‏.‏
ومن الطارئين عليها عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد الأموي المالقي الشهير بالباهلي حاله كان رحمه الله بعيد المدى منقطع القرين في الدين المتين والصلاح‏.‏
وسكون النفس ولين الجانب والتواضع وحسن الخلق إلى وسامة الصورة وملاحة الشيبة وطيب القراءة مولى النعمة على الطلبة من أهل بلده أستإذا حافلا متفننا مضطلعا إماما في القراءات حايز خصل السباق إتقانا وأداء ومعرفة ورواية وتحقيقا‏.‏
ماهرا في صناعة النحو فقيها أصوليًا حسن التعليم مستمر القراءة فسيح التحليق نافعًا متحببًا مقوم الأزمنة على العلم وأهله كثير الخضوع والخشوع قريب الدمعة أقرأ عمره وخطب بالمسجد الأعظم من مالقة أو أخذ عنه الكثير من أهل الأندلس‏.‏
مشيخته قرأ على الأستاذ الإمام أبي جعفر بن الزبير وكان من مفاخره‏.‏
وعلى القاضي أبي علي بن أبي الأحوص وعلى المقرئ الضرير أبي عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن سالم بن خلف السهيلي والراوية أبي الحجاج ابن أبي ريحانة المربلي‏.‏
وكتب له بالإجازة العامة الراوية أبو الوليد العطار والإمام أبو عبد الله بن سمعون الطائي‏.‏
وسمع على الراوية أبي عمر عبد الرحمن بن حوط الله الأنصاري وقرأ على القاضي أبي القاسم قاسم ابن أحمد بن حسن الحجري الشهير بالسكوت المالقي وأخذ عن الشيخ الصالح أبي جعفر أحمد بن يوسف الهاشمي الطنجالي وغيرهم ممن يطول ذكرهم‏.‏
ويحمل عن خاله ولي الله أبي محمد عبد العظيم ابن ولي الله محمد بن أبي الحجاج ابن الشيخ رحمه الله‏.‏
تواليفه‏:‏ شرح التيسير في القراءات‏.‏
وله تواليف غيره في القرآن والفقه‏.‏
شعره حدث الشيخ الفقيه القاضي أبو الحجاج المنتشافري‏.‏
قال رأيت في النوم أبا محمد الباهلي أيام قراءتي عليه بمالقة في المسجد الجامع بها وهو قائم يذكر الناس ويعظهم‏.‏
فعقلت من قوله أتحسبونني غنيًا فقيرا أنا فقير أنا فاستيقظت وقصصتها عليه فاستغفر الله وقال يا بني حقا ما رأيت‏.‏
ثم رفع إلى ثاني يوم تعريفه رقعة فيها مكتوب‏:‏ لئن ظن قوم من أهل الدنا بأن لهم قوة أو غنا فلا تحسبوني إلى رأيهم فإني ضعيف فقير أنا وليس افتقاري وفقري معا إلى الخلق فما عند خلق غنا ولكن إلى خالقي وحده وفي ذاك عز ونيل المنا فمن ذل للحق يرقى العلا ومن ذل للخلق يلق العنا وفاته ببلده مالقة رضي الله عنه ونفع به‏.‏
في خامس ذي القعدة من عام خمسة وسبعماية‏.‏
وكان الحفل في جنازته عظيما‏.‏
وحف الناس بنعشه وحمله الطلبة وأهل العلم على رؤوسهم سكن غرناطة وأقرأ بها‏.‏
ومن الكتاب والشعراء في هذا الحرف عبد الحق بن محمد بن عطية بن يحيى بن عبد الله بن طلحة بن أحمد بن عبد الرحمن بن غالب بن عطية المحاربي صاحبنا الكاتب للدولة الغادرة‏.



كان هذا الرجل في حال الدعة التي استصحبها وقبل أن تبعته أيدي الفضول بعفاف وطهارة إلى خصل خط نشط البنان جلد على العمل‏.‏ ونظمه وسط ونثره جمهورى عامى مبين عن الأغراض‏.‏ وولي ببلده الخطابة والقضاء في الحداثة‏.‏
ثم انتقل إلى غرناطة فجاجأت به الكتابة السلطانية باختياري مستظهرة منه ببطل كفاية وباذل حمل كلفة فانتقل رئيسا في غرض إعانتي وانتشالي من الكلفة على الضعف وإلمام المرض والترفع عن الابتذال والأنفة من الاستخدام فرفع الكل ولطف من الدولة محله‏.‏
ثم لما حال الأمر وحتم التمحيص وتسورت القلعة وانتثر النظم واستأثر به الاصطناع كشفت الخبرة منه عن سوءة لا تواري وعورة لا يرتاب في أشنوعتها ولا يتمارى فسبحان من علم النفس فجورها وتقواها إذ لصق بالدايل الفاسق فكان آلة انتقامه وجارحة صيده وأحبولة كيده فسفك الدما وهتك الأستار ومزق الأسباب وبدل الأرض غير الأرض وهو يزقه في أذنه فيؤم النصيحة ويمحله لقب الهداية ويبلغ في شد أزره إلى الغاية‏:‏ عنوان عقل الفتى اختياره‏.‏
يجري في جميل دعوته‏.‏
طوالًا أخرق بسيء السمع وينسى الإجابة بدويًا قحًا جهوريًا ذاهلًا عن عواقب الدنيا والآخرة‏:‏ طرقًا في سوء العهد وقلة الوفا مردودًا في الحافزة منسلخا من آية السعادة تشهد عليه بالحمل يده ويقيم عليه الحجج شرهه وتبوه هفوات الندم جهالته‏.‏
ثم أسلم المحروم مصطنعه أحوج ما كان إليه وتبرأ منه ولحقته بعده مطالبة مالية‏.‏
لقي لأجلها ضغطا وهو الآن بحال خزي واحتقاب تبعات خلصنا الله من ورطات الدنيا والآخرة‏.‏
أوليته وشيوخه وبسط كثير من مجمل حاله حسبما نقلت من خطه‏.‏
قال يخاطبني بما نصه‏:‏ يا سيدًا فاق في مجد وفي شرف وفات سبقًا بفضل الذات والسلف وفاضلا عن سبيل الذم منحرفًا وعن سبيل المعالي غير منحرف وتحفة الزمن الآتي فلقد أربى بما حازه منها على التحف ومعدنًا لنفيس الدر فهو لما حواه منه لدى التشبيه كالصدف وبحر بعلم جميع الناس مغترف منه ونيل المعالي حظ مغترف وسابقًا بذ أهل العصر قاطبة فالكل في ذاك منهم غير مختلف من ذا يخالف في نار على علم أو يجحد الشمس نورًا وهو غير خف ما أنت إلا وحيد العصر في شيم وفي ذكاء وفي علم وفي ظرف لله من حسب عد ومن كرم قد شاده السلف الأخيار لخلف أيه أيا من به تبأى الوزارة إذ كنت الأحق بها في الذات والشرف يا صاحب القلم الأعلى الذي جمعت فيه المعالي ببعض البعض لم أصف يا من يقصر وصفي في علاه ولو أنسى مديح حبيب في أبي دلف شرفتني عندما استدعيت من قبلي نظما تدونه في أبدع الصحف وربما راق ثغر في مباسمه حتى إذا ناله إلمام مرتشف أجل قدرك أن ترضى لمنتجع بسوء كليلته حظا مع الحشف هذا ولو أنني فيما أتيت به نافحت في الطيب زهر الروضة الأنف لكنت أفضى إلى التقصير من خجل أخليت بالبعض مما تستحق أف فحسبي العجز عما قد أشرت به والعجز حتمًا قصارى كل معترف لكن أجبت إلى المطلوب ممتثلا وإن غدوت بمرقى القوم كالهدف فانظر إليها بعين الصفح عن زلل واجعل تصفحها من جملة الكلف بسقط المتاع ولا يرضى له بالحشف مع بخس المد والصاع‏.‏
لكن فضلك يغضي عن التقصير ويسمح ويتجاوز عن الخطإ ويصفح وأنت في كل حال إلى الأدنى من الله أجنح‏.‏
ولولا أن إشارتك واجبة الامتثال والمسارعة إليها مقدمة على ساير الأعمال لما أتيت بها تمشي على استحياء ولا عرضت نفسي أن أقف موقف حشمة وحياء فما مثلي فيما أعرضه عليك أو أقدمه من هذا الهذر بين يديك إلا مثل من أهدى الخرز لجالب الدر أو عارض للوشل موج البحر أو كاثر بالحصى عدد الأنجم الزهر‏.‏
على أني لو نظمت الشعرى شعرًا وجبتك بالسحر الحلال نظمًا ونثرًا ونافحتك بمثل تلك الروضة الأدبية التي تعبق أزاهرها نثرا لما وصفتك ببعض البعض من نفايس حلاك ولا وفيت ما يجب من نشر مآثر علاك‏.‏
فما عسى أن أقول في تلك المآثر العلمية والذات الموسومة باسم التعريف والعلمية أو أعبر عنه في وصف تلك المحاسن اأدبية والمفاخر الحسبية‏.‏
إن وصفت مالك من شرف الذات ملت إلى الاختصار وقلت آية من الآيات‏.‏
وإن ذهبت إلى ذكر مفاخرك الباهرة الآيات بلغت في مدى الفخر والحب إلى أبعد الغايات وإن حليتك ببعض الحلا والصفات سلبت محاسن الروض الأريج النفحات‏.‏
فكم لك من التصانيف الرايقة والبدائع الفائقة والآداب البارعة والمحاسن الجامعة فما شيت من حدايق ذات بهجة كأنما جادتها سحب نيسان وجنات ثمراتها صنوان وغير صنوان تزري ببدايع بديع الزمان وتخجل الروض كما يخجل الورد ابتسام الأقحوان‏.‏
نظم كما انتثر الدر ونثر تتمنى الجوزاء أن تتقلده والأنجم الزهر ومعان أرق من نسيم الأسحار تهب على صفحات الأزهار‏.‏
فأهلًا بك يا روضة الآداب ورب البلاغة التي شمس آياتها لا تتوارى بالحجاب فما أنت إلا حسنة الزمان ومالك أزمة البيان وسباق غايات الحسن والإحسان‏.‏
وقد وجدت مكان القول ذا سعة في أوصافك وما في تحليك بالفضائل واتصافك‏.‏
لكني رأيت أني لو مددت في ذلك باع الإطناب وأتيت فيه بالعجب العجاب فليس لي إلا تقصير عن المطاولة وإمساك والعجز عن درك الإدراك إدراك‏.‏
إيه أيها السيد الأعلى والفاضل الذي له في قداح الفخر القدح المعلى فإنك أمرت أن أعرض عليك لتعريف بنفسي ومولدي وذكر أشياخي الذين بأنوارهم أقتدي فعلمت أن هذا إنما هو تهمم منك بشأني وجري على معتاد الفضل الذي يقصر عنه لساني وفضل جميل لا أزال أجري في الثناء عليه ملء عناني‏.‏
وإلا فمن أنا في الناس حتى أنسب أو من يذهب إلا أنت هذا المذهب‏.‏
أما التعريف بنفسي فأبدأ فيه باسم أبي‏.‏
هو أبو القاسم محمد بن عطيه بن يحيى بن عبد الله بن طلحة بن أحمد بن عبد الرحمن بن غالب ابن عطية المحاربي‏.‏
وجدي عطية هو الداخل إلى الأندلس عام الفتح نزل بإلبيرة وبها تفرع من تفرع من عقبه إلى أن انتقلوا إلى غرناطة فتأثل بها حالهم واستمر بها استيطانهم إلى حدود المائة السابعة فتسبب في الانتقال من بقي منهم وهو جدي الأقرب الأنساب وقضى ارتحاله إلى مدينة وادي آش ولك أجل كتاب‏.‏
وذلك أنه استقضى بنظر ما في دولة أمير المسلمين الغالب بالله أول ملوك هذه الدولة النصرية نصر الله خلفها ورحم سلفها فاتخذ فيها صهرًا ونسبا وكان ذلك لاستيطانه بها سببا واستمر مقامه بها إلى أن ارتحل إلى المشرق لأداء الفريضة فكان إلى أشرف الحالات مرتحله وقضى في إيابه من الحج أمله‏.‏
واستمرت به الاستيطان‏.‏
وتعذرت بعوده إلى غرناطة بعدما نبت فيها الأوطان‏.‏
على أنه لم يعدم من الله الستر الجميل ولا حظ من عنايته بإيصال النعمة كفيل فإنه سبحانه حفظ من سلف فيمن خلف وجعلهم في حال الاغتراب فيمن اشتهر بنباهة الحال واتصف وقبض لمصاهرتهم من خيار المجد والشرف وبذلك حفظ الله بيتهم وشمل باتصال النعمة حيهم وميتهم‏.‏
فالحمد لله بجميع محامده على جميل عوايده‏.‏


الساعة الآن 09:11 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى