![]() |
القلم الساحر بقلم الكاتب: السيد نجم ما أن تستضاء الأرض في مطلع كل نهار, حتى ينهض "توما" من النوم, ويمسح بجبهته التراب, تحية لله, ثم يجمع أدوات الكتابة .. القلم المصنوع من أعواد الغاب, وأحبار سوداء صنعها من نبات النيلة, وملف كبير من أوراق البردي. بعدها يذهب إلى مدخل سوق القرية, فيكتب للفلاحين الشكاوى والمظالم, وما جعل الجميع يحبونه كثيرا, كما أحبهم. في صباح كل يوم جديد , يتربع "توما" في جلسته فوق المقعد الحجري. فهو صاحب لقب "حامل القلم", بعد أن درس الحكمة وفنون الكتابة في "بيت الحياة" وهو الملحق بمعبد مدينة "طيبة" عاصمة الدولة. في هذا الصباح بالذات, شاف "توما" علامات الفزع على وجوه الناس, علم أن اللصوص هاجموا كل حظائر القرية في ليلة الأمس, وسرقوا البهائم وأيضا القمح والشعير من المخازن. حزت "توما" حزنا شديدا, وبينما جلس يفكر ويبحث عن حل مناسب, دخل عليه ثلاثة رجال يعرفهم .. شيخ البلد, شيخ الخفر, أحد أشراف القرية. رحب بهم, وبدأوا جميعا في حديث طويل. قال شيخ البلد: "يا "توما"..إن المسافر يجئ إلينا بالحمير المحمّلة بالتوابل والملح والأخشاب. أما أنت فقد سافرت وعدت إلينا بالعلم والمعرفة والحكمة .. وميزك الله بالقلم" تابع شيخ الخفر: "أعترف أني عاجز عن مواجهة هؤلاء الأشرار, لم تعد قوة رجالي تكفى, أنا وكل الخفر في حاجة للاستماع إلى حكمة قلمك" شارك الشريف قائلا: "أهل قريتنا طيبون, ليس فينا من يسئ إلى آخر, ونحن معا نطعم الجائع, ونكسو العاري, ونحترم المسن, ونساعد الأرامل واليتامى" بانفعال قال شيخ الخفر معلقا: "ليس عندي غير الرمح والسهم, نمزق بها أجسادهم .. ماذا يفعل "القلم" المصنوع من الغاب الضعيف؟ الناس في القرية خائفين من اللصوص!" وقف "توما" وكأنه اكتشف الفكرة الساحرة, والحل العجيب المدهش, قال لهم: " وجدت الحل.. لن نقضى على الأشرار قبل أن نقضى على الخوف الذي يملأ قلوب الناس" فنظر ثلاثتهم إلى بعضهم البعض في دهشة!! .. من جديد تابع "توما" قائلا: "من يحاول أن يخرس القلم, سوف يخرسه الله إلى الأبد" ففهموا ما يعنيه حامل القلم "توما", وانتظروا تفاصيل الفكرة التي يريد تنفيذها. ...... ....... ...... .... وفى اليوم الجديد, سمع أهل القرية غواق الغربان كلها (صوت الغراب), تساءلوا في حيرة وقلق: "هذا الصوت نذير سوء, ماذا حدث ليلة الأمس؟؟" وخرج شيخ الخفر ورجاله يبحثون عما حدث, فعلموا أن الفلاح الفقير الأخرس "نو" اختفى في ليلة الأمس !. فلما كانت زوجته ممن يتكلمون وليست خرساء, أخبرتهم بالتفاصيل كلها .. وقالت وهى حزينة حزنا شديدا: "بعد منتصف ليلة الأمس, دخل علينا ثلاثة لصوص ملثمين, يضعون قطعا من الكتان فوق وجوههم .. هددوا زوجي المسكين الأخرس, ثم سرقوا كل ما نملك. سرقوا الصندوق الخشبي الأسود الذي نحتفظ بداخله بكل ما نملك" وبعد أن فر اللصوص بالصندوق, خرج الفلاح الأخرس الفقير "نو" ولم يعد حتى الصباح. ..... ....... ....... ...... وبينما جلس الفلاح "نو" عند ضفة النهر يبكى, منذ شروق الشمس وحتى غروبه, ظل الرجل يبكي وهو يبتهل إلى الله.. أن يسمع شكواه, وأن يستجيب إلى دعواته في التخلص من اللصوص .. وعودة ثروته القليلة التي يملكها. وفجأة لمح سطح مياه النهر يعلو .. نعم, يرتفع إلى أعلى, ثم تنشق المياه إلى نصفين. وإذا بحورية جميلة تخرج من الشق الذي رآه في النهر .. كانت جميلة ورشيقة, ولها شعر أسود طويل يصل إلى نصفها السفلي, نصفها الذي هو على هيئة زعنفة سمكة. بكل ما يملك من قوة حاول "نو" أن يبدو قويا, وأشار لها بيده وهو يرجوها ألا تؤذيه. فضحكت الجميلة, وقالت له: " لا تخف يا عم نو... جئت كي أراك وأطلب منك الاطمئنان لأن الله يحمى الضعفاء, وأنت قاومت اللصوص, لكنهم كانوا أقوى منك" ثم اختفت بسرعة, وعادت مياه النهر إلى سابق حالها, وكأن شيئا لم يكن..! من شدة الخوف, بدأ الفلاح المسكين الأخرس "نو" يدعو الله قائلا في نفسه: "أنت الله, سيد السماء والأرض, ولا تشرق الشمس إلا بأمرك.... أدعوك أن تبدد شقائي, وخوفي, وتعيد لي الصندوق الخشبي" بينما هو هكذا, إذا بسطح مياه النهر تنشق ثانية, وتخرج العروس الجميلة مبتسمة. اقتربت منه, وأعطته قطعة صغيرة من الغاب , صفراء اللون, ذهبية المظهر مع ضوء القمر الساطع في كبد السماء. أمسك "نو" بقطعة الغاب دهشا, ومن جديد بدأ يبكى. وكلما سقطت دمعة فوق قطعة الغاب تشكلت بشكل القلم الذي يشبه قلم "حامل القلم توما"!! أسرع عائدا إلى زوجته التي فرحت بعودته, أخبرها بطريقته بكل ما حدث, وفهمت كل الحكاية. معا خرج إلى بيت شيخ البلد فورا. قصت الزوجة المخلصة كل تفاصيل الحكاية, حكاية القلم السحري هذا. ولم ينتظر شيخ البلد طويلا, استدعى شيخ الخفر وشريف القرية, وأسرعوا جميعا إلى دار توما". قالوا جميعا لتوما: "الآن حان الوقت ليبرز دورك يا حامل القلم.. أنها رسالة الله إليك في هذا القلم, وعلى يد هذا الفقير "نو"." ...... ....... ....... ........ في الصباح الجديد, جلس "توما" عند رأس السوق, فوق المقعد الحجري كعادته .. يكتب على الورق البردي, ثم يدور بين لناس في السوق يوزعها عليهم. كتب في اليوم لأول يقول: (أهلي قريتي الأحباء..كل صباح ومساء قولوا معي .. أيها اللصوص ستصيرون شعلة من النار, وستغرقون , بسبب شروركم) لفترة تجاهل الناس ما يقرأون, ويديرون وجوههم أمام نظرات "توما" المعاتبة لهم كلما التقى بهم داخل السوق أو خارجه. في يوم آخر كتب "توما" يقول: (أنت يا من تقرأ تلك البردية .. لا تجعل وجهك يعبس مما حدث وحسب, يجب أن تدبر أمرك في هدوء وبسرعة) فبدأ الناس يتساءلون, ويتناقشون معا: " ماذا نفعل واللصوص أقوياء وأشرار؟" " كيف نواجههم ؟؟" فرح "توما" بالأسئلة, وقال لهم جميعا: "الخطوة الأولى, أن تقلعوا الخوف من قلوبكم, وأن تزرعوا الشجاعة مكانها). رويدا بدأ الجميع يردد أقوال توما, وحفظها الأطفال الصغار, وحتى إن لم يفهموا معناها. وفى الأسواق وفى كل مكان بدأ الجميع يغنى, بقلع الخوف وزرع الشجاعة !! وأصبحت كلمات "توما" تردد في الأفراح, وأيام تحنيط موتاهم. ....... ...... ....... ...... كانت السيدة العجوز "حور" تجمع البيض في السلة كل أسبوع, لتبيعها في السوق وتشترى ما تحتاجه من قمح وفاكهة وغيرها. وهى في طريقها إلى السوق, قابلها اللصوص واستولوا على السلة الممتلئة بالبيض!! الحقيقة لم يكن الأمر هكذا ببساطة وسهولة, لأن السيدة العجوز لم تستسلم للصوص. فقد قال لها كبيرهم: "أعطنا السلة أيتها العجوز " فقالت لهم: " أنا سيدة عجوز, وبهذا البيض سوف أحضر طعامي لأسبوع كامل... أرجوكم , اتركوه لي ..." فضحك اللصوص, وسخروا منها ومن دموعها, حتى قال أحدهم: " لماذا العناد أيتها العجوز, سوف تنفذين أوامرنا فورا؟ " فلما لمحت العجوز أحد شباب القرية, قادم من بعيد, تشجعت, وصرخت في اللصوص بصوت مرتفع, قالت: " لن يحدث, لن أعطيكم طعامي لأسبوع كامل..." فلما ضحك اللصوص ثانية, قالت: " لن يرحمكم الله لو حاولتم استخدام القوة معي..." أحد اللصوص صرخ فيها: " دعك من الحكمة التي يصيح بها "توما" ليل نهار" فهمس أحد اللصوص إلى كبيرهم: " يبدو أننا سوف نعانى كثيرا بعد كلمات "توما" هذا" وما أن بدأ أحدهم انتزاع السلة من يد العجوز بالقوة, بدأت العجوز في المقاومة, وضمت السلة إلى صدرها بقوة, وبدأت تصرخ بكل قوتها: "لن أدعكم تسرقوني .... اقتلوني ولا تأخذوا طعامي" ما بين الشد والجذب بين اللصوص والعجوز..سقطت السلة إلى الأرض, وتحطم البيض! وكانت لحظة وصول شباب القرية, اندفعوا جميعا نحو اللصوص, للمرة الأولى يفاجأ اللصوص بمقاومة شباب القرية, فأسرعوا يجرون في كل اتجاه, وفى كل مكان بعيدا عن العجوز والشباب القوى ! للمرة الأولى يعدو اللصوص, ويرجون النجاة من أحد أفراد القرية! ..... ...... ..... ...... بسرعة وصل اللصوص إلى المغارة البعيدة القاطنة في قلب الجبل القريب من القرية, بدأ كبيرهم الكلام محذرا من المستقبل وهو يتساءل: " ما حدث اليوم خطير يا رجالي .. يجب أن نبدأ خطة جديدة" علق آخر: " بل يجب أن ننزل بكل سكان القرية العقاب الشديد على ما بدر من شبابهم اليوم..." وبعد مناقشات طالت, علق كبيرهم في حسم قائلا: "اسمعوا.. يجب تنفيذ كل كلمة أنطق بها الآن. إن سر ما حدث كان بسبب كلمات الكاتب "توما", ولا حل إلا أن نسكت هذا القلم." فعلق الجميع في دهشة: " وماذا نفعل مع الكلمات أو هذا القلم المصنوع من الغاب؟؟!" جادا علق كبيرهم: " نعم.. سوف نسرق هذا القلم, مهما كلفنا ذلك من جهد أو مشقة" ردوا عليه بصوت متردد: " موافقون!!!" ...... ....... ....... ....... بينما كان صاحب القلم الساحر "توما" خارج داره, يتأمل السماء الصافية والنجوم المتلألئة ليلا في منتصف الليل. إذا باللصوص يتسللون إلى داره , يبعثرون كل شئ, يبحثون عن القلم الساحر. ولم يشعر بهم "توما" لفترة طويلة, حتى نجحوا في مهمتهم الشريرة ! في الصباح انتشر الخبر, وعلم أهل القرية بما حدث مع "توما" وقلمه السحري. ومع ذلك ردد الجميع, وقالوا لتوما: "كلماتك الآن في قلوبنا, لسنا في حاجة لي القلم المسروق" فرح "توما " بما سمع, ولم يعلق. وبينما شيخ القرية وشيخ الخفر وشريف القرية , كلهم معا يتحدثون مع "توما". سمع الجميع بعض الضوضاء في مؤخرة السوق هناك. اندفعوا ... كلموا اقتربوا أكثر من مصدر الهرج والمرج والضجيج, كلما اتضح الموقف أكثر..لقد حاول اللصوص سرقة الماشية كعادتهم في الأسواق..لكن ما حدث اليوم, أن قاومهم الجميع.. الصغير والكبير, الرجال والنساء.. كل أهل القرية الموجودون في السوق قاوموا اللصوص. أنزلوا بهم إصابات شديدة, وعجز كل اللصوص عن الفرار!! وبدأت مهمة الخفر, ليعلن شيخ الخفر أنه تم القبض على كل اللصوص. وبعده أعلن شيخ القرية عن شكره إلى الجميع, وقبلهم كلهم "توما" الكاتب المخلص الأمين .. وابتسم وهو يقول: "بل كل الشكر إلى قلمه الساحر العجيب" هلل الجميع, وزغردت السيدات, ثم طلبوا أن يسمعوا كلمات "توما" إليهم, بعد انتصارهم على اللصوص, فقال: "سوف يهلك كل من يحاول سرقة أهل قريتنا .... ليس بسبب القلم الساحر كما تقولون.. لأنه سرق!!" فعبر الجميع عن خوفهم, وانزعجوا, ليتابع "توما" قائلا: " الآن القلم الساحر أصبح في قلوبكم.. وكل كلمة أنتم قادرون على تنفيذها قبل أن يكتبها, لأنكم أصحاب حق, ولا تقولون أو تفعلون إلا الحق". ومن جديد هلل الجميع فرحا بعد خوف وقلق. وقضت القرية ليلة من أسعد الليالي, ما بين الغناء والرقص والأفراح |
ليلى والأمير بينما كانت ليلى تتنزه في الغابة كعادتها سمعت صوت الرعد و المطر فأسرعت لتحتمي تحت أحد ألأشجار من المطر حل المساء و لازلت الأمطار تهطل بغزارة أخيراً توقف المطر و على ليلى العودة إلى منزل جدتها المريضة لكن مع هذا الظلام الكثيف يستحيل آن تعرف طريقها كما أن ليلى تخاف السير في الغابة عند غروب الشمس فالوحوش في كل مكان لذلك قررت ليلى أن تبيت هذه الليلة في الغابة و في ذلك الوقت مرت قافلة تجارية لأحد الأمراء من الشجرة التي تبيت بها ليلى ظن الحراس أولا أن من تحت الشجرة حيوان مفترس فجهز الأمير سهمه ليرميه على الوحش المفترس تحت الشجرة لكن عندما اقترب الأمير من الشجرة رأى فتاة بيضاء كالثلج شعرها أسود كالفحم سأل الأمير ليلى عن سبب بقائها في الغابة في هذا الوقت من الليل فأخبرته بقصتها أوصل الأمير ليلى إلى منزلها في صباح اليوم التالي فما أن هم بالذهاب حتى سمع صوتها تصرخ وتبكي و سألها عن سبب بكائها فقالت ليلى للأمير أن جدتها العجوز ماتت ولم يبقى لليلى أحد فـأخذ الأمير ليلى إلى قصر والده وأصبحت ليلى طباخة ماهرة في قصر الملك و عندما قرر الأمير الزواج أراد زوجة من عامة الناس و لأنه يثق بليلى أراد منها أن تبحث له عن زوجة ولكن ليلى كلما قدمت للأمير فتاة قال هذه سمينة و هذه نحيلة و هذه سمراء و هذه شديدة البياض تعبت ليلى من كثرة البحث و قد أحس الأمير أن الزوجة التي يريدها هي ليلى فتقدم لخطبتها وافقت ليلى لكن الملك لم يوافق أن يتزوج ابنه الوحيد من طباخة كانت في القصر و لشدة تعلق الأمير بليلى خاف الملك أن يرفض الأمير ترك ليلى فقام الملك بمأمره تقوم على خطف ليلى والذهاب بها بعيداً عن القصر و تركها عند الساحرة الشريرة التي قامت بحبسها في دائرة أطرافها ممن النار كي تحترق قدماها لو حاولت الفرار استيقظ الأمير من نومه فلم يجد ليلى أخذ يبحث عنها في القصر فلم يجدها و على مائدة الغذاء قال الأمير لوالده الملك عن اختفاء ليلى أبدى الملك حزنه الكاذب على اختفاء ليلى إلى أن قلبه كان يرقص من الفرح خرج الأمير من القصر ودار المنطقة بأكملها فلم يجد ليلى عاد الأمير إلى القصر خائباً حزيناً وقد أعلن عن جائزة مالية كبيرة لمن يدلي بمعلومة عن ليلى كان مستشار الملك طماعاً بالجائزة لذلك اخبر الأمير بما فعله الملك با ليلى حزن الأمير كما لم يحزن أحد من قبل وذهب سريعاً إلى كهف الساحرة ليسترد ليلى و لكن كيف يفعل هذا دون علم الساحرة الشريرة غير الأمير ملابسه و لبس ملابس السحرة و وضع له شارب طويل و دخل إلى الساحرة و تكلم بلهجة شريرة حزينة قائلاً للساحرة :أيتها الساحرة العظيمة كنت ساحر عظيم مثلك لكن حبسني أحدهم في علبة صغيرة وأخيراً تمكنت من الخروج و لكني نسيت سحري أفلا تعلميني السحر من جديد و وافقت الساحرة أن تعلم الأمير السحر وبدأت الساحرة دروسها بتعليم الأمير كيف يوقد النار ويطفئ النار علمته الطريقة فانتظر خروجها أطفئ النار المحيطة بليلى وعاد إلى قصره هارباً من الساحرة و عندما عاد أمره الملك بالتخلص من ليلى رفض الأمير بشدة فطرده والده الملك خارج القصر خرج الأمير و ليلى حزينين من القصر لكن الأمير سكن مع ليلة في بيت واحد و وجد الأمير له عمل في القرية و عاش الأمير و ليلى بقية حياتهما سعيدان و في حب أبدي و لم يندم الأمير بأنة ترك حكمه و ثروته من اجل الزواج ب ليلى ... |
بــــــائع الأحــــلام
كل صباح يستقيظ " حمادة" على صوت عم " حمامة" الذي يأتى كل يوم إلى شارعهم ليحقق لهم أحلامهم مهما كانت كبيرة أو صغيرة . ينهض "حماده" من فراشه مسرعا نحو النافذة المطلة على الشارع ... ينفض عن عينيه لُباب النوم بفركهما بقوة ثم يجلس مستمتعاً برؤية عم " حمامة" ومن حوله أطفال الشارع وأطفال الشوارع المجاورة يشترون منه أحلامهم الخضراء بقروشهم القليلة التي تعينه على شظف الحياة وتحميه هو وأطفاله الصغار من أهوال الدهر ونوائبه. وجوه الأطفال دائما بشوشة وتعلوها مسحة من الفرح العارم كلما حقق عم " حمامة" حلماً من أحلامهم ، الأطفال تستريح كثيراً لعم " حمامة " ويسعدون كثيراً بالوقت الذي يقضونه معه فهو رجل طيب القلب ... نقي السريرة ... ووجهه رائق وملامحه تغرف من لون طمي النيل بغير حساب. يبذل عم " حمامة" قصارى جهده في تحقيق أحلام الأطفال ... في كل مرة يحقق فيها عم "حمامة" حلماً لأحد الأطفال يشعر بسعادة جارفة وفى كل مرة يعدهم بأنه سيحضر لهم المرة القادمة الكثير من المفاجآت ودائماً يفي بوعوده لهم؛ فطوال سنوات طويلة لم يتخلف عم"حمامة" عن الحضور إلى الشارع ليحقق أحلام الأطفال الصغيرة بعرائسه الممتعة التي تحكي لهم الكثير والكثير من الحكايات المشوقة التي تشنف آذانهم الرقيقة فتحكي لهم العرائس الجميلة حكايات ألف ليلة وليلة والشاطر حسن وست الحسن والجمال وأمنا الغولة وعنترة بن شداد والناصر صلاح الدين وانتصاره على الصليبيين وتحرير القدس الشريف تلك الحكاية التي يظل الأطفال يطلبونها من عم"حمامة" ومن عرائسه بمجرد أن تنتهي، فكل طفل من أطفال الشارع يرى نفسه صلاح الدين ويتمنى أن يكون في نفس قوته وشجاعته وبسالته وخاصة "حمادة" الذي يظل طول الليل يحلم بأنه يقود الجيوش ليطرد الأعداء من أرض الوطن الطاهرة. يظل "حمادة" في مكانه المفضل يطل من النافذة المطلة على الشارع مصوباً ناظريه نحو عم "حمامة" وحكاياته المدهشة ويظل هكذا حتى نهاية النهار ورحيل الشمس التي يرحل معها عم"حمامة" عائداً إلى منزله وأولاده الذين كانوا دائما موضع حسد "حماده" على أبيهم الرائع وحكاياته الجميلة حتى إنه لا ينتبه إلى دعوة أمه المستمرة لتناول الطعام الذي كان لا يتناوله إلا بعد أن يرحل عم "حمامة" عن الشارع. نبت الحلم ذات يوم في قلب "حمادة" الصغير وظل الحلم يكبر ويكبر مع الأيام ولكن كلما عزم "حمادة" على النزول لكي يحقق "حمامة" حلمه الصغير يتحسس جيبه الخالي من أي نقود ويتراجع عن النزول خوفاً من رفض عم "حمامة" أن يحقق له حلمه الكبير، على الرغم من طيبة قلب عم "حمامة" وأنه لا يحرج أي طفل ولم يفعل هذا الموقف مع أي طفل غيره ولكن خجله وحمرة خدوده البضة حالا بينه وبين النزول إلى عم "حمامة" ليحقق له حلمه وكان يواسى نفسه بأنه من الممكن أن يكون حلمه أكبر من قدرة عم "حمامة" على تحقيقه. في المساء وبعد أن يرحل عم "حمامة" عائداً إلى منزله وإلى أطفاله الصغار ينزل "حمادة" إلى الشارع ويجلس مع أصحابه يتبادلون النوادر والحكايات والأحلام التي استطاع عم "حمامة" أن يحققها لهم طيلة النهار فهذا "منصور" ابن عم" حامد البقال كان يحلم بأن يمتلك دراجة فحقق له عم "حمامة" حلمه حين قام هو وعرائسه بتمثيل مسرحية الدراجة وتخيل "منصور" معهم أنه يمتلك دراجة ولقد تحقق الحلم بالفعل عندما نجح "منصور" في اجتياز امتحان الشهادة الابتدائية حيث اشترى له أبوه دراجة صغيرة هدية نجاحه وظل "منصور" يركبها قاطعاً الشارع ذهاباً وإياباً وهو يشدو بصوته الخشن ( بابا جي أمتي ... جي الساعة ستة ... راكب والا ماشى ... راكب بسكلتة...حمرا ولا بيضا... بيضا زي القشدة ... وسعوا له السكة واضربوا له سلام ... دا العساكر ورا والضباط قدام). أوقف "حمادة" "منصور" وقال له : - هل حصلت على الدراجة لأنك نجحت في الامتحان أم لأن عم "حمامة" حقق لك الحلم أولاً؟. ضحك "منصور" وقال: - عم "حمامة" لا يبيع الدراجات ولا يمتلك حتى ثمنها هو يحقق لك حلمك داخل صندوقه العجيب فقط وليس في الحقيقة. تتعالى الضحكات والصيحات بين الأصحاب الذين يستمرون في سرد النوادر والحكايات والأحلام التي يحققها لهم عم "حمامة" فيتحدث "مقار عاطف" ويقول: - أنا كان عندي حلم كبير. رد الجميع في صوت واحد: - ما هو ... ما هو حلمك الكبير يا مقار؟!. رد مقار بسرعة وقال: - دائما كنت أحلم بأن أمتلك كمبيوتر في البيت فأنا أحب الكمبيوتر حباً كبيراً لأن عليه الكثير والكثير من الألعاب الشيقة والممتعة. سأله "حمادة" باندهاش: - وهل لا يوجد في الكمبيوتر إلا الألعاب الشيقة والممتعة فقط؟. رد مقار وقال له : - لا بل الكمبيوتر مفيد في أشياء كثيرة أسمع أبي وعمي دائما يتحدثان عنها ولكن أنا قلت أسباب حبي للكمبيوتر و... "حمادة" مقاطعاً: - المهم هل حقق لك عم "حمامة" حلمك الكبير هذا؟. قال مقار في هدوء عجيب : - نعم ولكنه طلب مني نقوداً أكثر من النقود التي طلبها من "منصور" لكي يحقق له حلم الدرجة. - ولماذا طلب منك يا "مقار" عم "حمامة" نقوداً أكثر مما طلب من "منصور"؟، أليست الأحلام كلها واحدة وسعرها كله واحد؟. رد "مقار" بنفس هدوئه: - قال لي عم "حمامة" إنه لكي يحقق حلمي لابد أن يعطى "فرح" النجار هذه النقود الزائدة حتى يصنع له كمبيوتر من الخشب يستخدمه في عرض مسرحية تحقق حلم الكمبيوتر مع عرائسه. قال "حمادة" بلهفة: - وهل أنت تمتلك الآن كمبيوتر يا "مقار"...؟. قال "مقار" ضاحكاً: - لقد قال لك "منصور" منذ قليل إن عم "حمامة" لا يمتلك هذه الأشياء لكي يبيعها لنا لكنه فقط يحقق لنا أحلامنا داخل صندوقه العجيب ومع ذلك فإن بابا "عاطف" وعدني بأنه سوف يشتري لي الكمبيوتر عندما أنجح العام القادم. صاحت "هدى" بعد أن انتهى "مقار" من حكايته قائلة: - إنني الوحيدة التي حقق لها عم "حمامة" حلمها على أرض الواقع. صاح الجميع في صوت واحد: - كيف؟، كيف يا هدى استطاع عم "حمامة" أن يحقق لك حلمك على أرض الواقع؟. قالت "هدى": - لقد كنت أحلم بأن يكون عندي عروسة تفتح عينيها ثم تغلقهما وتقول (بابا – ماما) مثل العروسة التي كانت تمتلكها "ريتا" ابنة زوج أمك يا "حمادة" وعندما لم يكن معي النقود التي طلبها عم "حمامة" قال لي لا أقلق فدفع النقود المتبقية من جيبه الخاص واشترى العروسة التي حلمت كثيرا بأن تكون معي حتى لا أتوسل كثيراً لريتا حتى تُلعبني معها وكانت ترفض بشدة وتغيظني بالعروسة التي معها، الآن أنا معي واحدة مثلها بالضبط ولا يوجد أحد أفضل من أحد. قال "حمادة" بحزن: - أتمنى ألا تكوني قد حزنت يا هدى من موقف ريتا أنت تعلمين أنه بعد وفاة والدي وسيطرة ذلك الغريب على منزلنا وعلى أمي لا أملك أن أصنع معه أو مع أولاده الحاقدين أي شيء. قالت هدى وهي تحاول أن تخفف من وقع الكلام والذكرى على صديقها "حمادة": - ماذا تقول يا "حمادة" أنا لا أكره أحداً ولا أكن إلا كل رحمة ومودة للجميع وبعد ما ذنبك أنت؟. كان "حمادة" ينصت بشدة لكلام أصحابه وتزيغ عيناه كلما كانت تدور بينهم سيرة زوج أمه فقد ذاق هو وأمه وإخوته الكثير من العذاب والأهوال على يد هذا الرجل القاسي القلب الغليظ المشاعر... لا يعرف من أين أتاهم؟ ولماذا اصطفاه أبوه المسكين لكي يكون صديقه الصدوق؟ فقد غزل حول أبوه المسكين خيوط شباكه العنكبوتية وسقط أبوه الطيب القلب النقي السريرة في هذا الشرك اللعين الذي نصبه له هذا الرجل حتى أغرقه في الديون وأشياء كثيرة لم يستوعبها عقله الصغير، ومن فرط ما أصاب أباه من ألاعيب هذا الماكر الذي يدعى "سمحون" وهن قلب أبيه الأبيض ومات حسرة وكمدا على ما آل إليه حاله وحال أسرته التي كانت يوماً ما سعيدة . ولم تمر أيام على وفاة أبيه حتى سارع "سمحون" بالاستيلاء على كل ما يمتلكونه: الأرض التي ورثها أبوه عن آبائه وأجداده والمنزل الذي كانوا يعيشون فيه وحتى أمه لم يرحمها واستولى عليها تحت خديعة الزواج ومصلحة الأبناء الثلاثة. أفاق "حمادة" على صوت أصحابه وهم يقولون له: - وأنت يا "حمادة" بماذا تحلم؟. ذرفت دمعة ساخنة من عيني "حمادة" رغماً عنه وهو يقول: - أنا ليس لي أحلام. ردت عليه "هدى" بسرعة وقالت : - أكيد لك حلم يا "حمادة" فكل واحد منا لكي يعيش لابد أن يكون له أحلامه التي يسعى لتحقيقها، ولكن يبدو أن حلمك كبير جداً ويصعب تحقيقه. لم يشأ "حمادة" أن يرد عليها وترك أصدقاءه وعاد مسرعاً إلى المنزل وقرر بينه وبين نفسه أنه لابد أن يحقق حلمه الكبير ولو كان تحقيقه في صندوق عم "حمامة" العجيب فقط، ورغم أن زوج أمه "سمحون" لا يعامله هو وإخوته مثلما يعامل ولديه ريتا وديفيد، ولا يعطيه مصروفه اليومي إلا أنه قرر التعاون مع إخوته حتى يحققوا حلمهم الكبير، فقرروا التخلي عن الكثير من عاداتهم اليومية حتى يستطيعوا أن يدخروا من القروش القليلة التي تمنحهم إياها أمهم خلسة حتى لا يثور عليها ذلك الرجل البغيض "سمحون"، فكان القرار الأول التخلي عن شراء الحلوى التي يحبونها كثيرا كما يجب أن يذهبوا إلى مدارسهم سيراً على الأقدام بدلا من ركوب السيارة وألا ينفقوا أي قرش من قروشهم القليلة إلا في حالات الضرورة القصوى فقط وأن يدخروا هذه القروش حتى يستطيعوا إكمال المبلغ المطلوب لعم "حمامة" حتى يحقق لهم حلمهم الكبير بطرد ذلك الرجل البغيض هو وأولاده من منزلهم حتى يستطيعوا أن ينعموا به وبحياتهم الخاصة دون وجود هؤلاء الغرباء وسطهم. مرت الأيام وراء الأيام حتى استطاع "حمادة" هو وإخوته ادخار المبلغ المطلوب لتحقيق حلمهم وكانت سعادة كبيرة تغمرهم ففي الصباح سوف يحققون حلمهم على يد عم "حمامة"... في الصباح استيقظ "حمادة" وإخوته وهرعوا مسرعين نحو النافذة حتى ينتظروا وصول عم "حمامة" ليحقق لهم الحلم ولكن مرت الساعة تلو الساعة وبعدها مرت الساعات ولم يأت عم"حمامة" ... ظلوا واقفين في النافذة منتظرين وصول عم "حمامة" حتى جاء عليهم الليل وكادت الدهشة والحيرة واليأس تنال منهم حتى كان "منصور" يمر من أسفل النافذة فسألوه عن غياب عم "حمامة" العجيب فقال لهم إن عم "حمامة" مات صباح اليوم. حزن "حمادة" وإخوته حزناً شديداً على وفاة عم "حمامة" وضياع حلمهم وظلوا هكذا أياماً كانت تمر عليهم بطيئة جداً حتى كان صباح استيقظ فيه "حمادة" هو وإخوته على صوت يشبه كثيراً صوت عم "حمامة" ينادي مثله على تحقيق الأحلام للأطفال والأغرب أن معه نفس صندوق عم "حمامة" العجيب ، وعندما سألوا عنه عرفوا أن هذا الشاب اليافع هو "زغلول" الابن الأكبر لعم "حمامة" حيث قرر استكمال مسيرة أبيه في تحقيق أحلام الأطفال.. بسرعة البرق خطف "حمادة" هو وإخوته النقود التي ادخروها وهرولوا إلى الشارع لعل "زغلول" يحقق حلمهم الذي استعصى عليهم أياماً طوال. |
قطة مريم ذات مساء قالت ماما لابنتها الصغيرة مريم: - في الصباح سوف أذهب إلى الوحدة الصحية القريبة لكي أُطعم أخاك "يوسف" ضد مرض شلل الأطفال قالت مريم : - كيف يا ماما؟ قالت ماما : - سوف أطعمه في فمه مثلما طعمتك أنت عندما كنت في مثل عمره وأنت تتذكرين يا "مريم" أنك مازلت تطعمين حتى الآن بجرعات منشطة ضد هذا المرض اللعين. قالت مريم : - ما هو هذا المرض يا ماما؟ قالت ماما: - إنه مرض شلل الأطفال يا "مريم" وقد اكتشفه عالم كبير كان مهتماً بالأطفال وصحتهم وهو العالم "سولك" وهو عبارة عن فيروس دقيق يصيب الأطفال. قالت مريم وهي تريد أن تعرف المزيد عن هذا المرض: - ولماذا تقولين عليه أنه مرض لعين؟ قالت ماما بهدوء: - لأنه عندما يصيب الأطفال يجعلهم عاجزين عن الحركة فلا يستطيعون الحركة أو الجري أو اللعب. قالت مريم بلهفة: - أسرعي يا ماما لكي تطعمي أخي "يوسف" حتى نلعب معاً لأنني أحب اللعب معه كثيراً. قالت ماما: - جميل يا "مريم" أن تحبي اللعب لأنه مفيد جداً للأطفال وأجمل أن تحبي اللعب مع أخيك الوحيد "يوسف". قالت مريم : - وماذا تريدين منى أن أفعل يا ماما. قالت ماما : - سوف استيقظ مبكراً حتى أستطيع اللحاق بالوحدة الصحية لكي لا يفوتني موعد الجرعة وأرجو عندما تستيقظين ولا تجديني لا تقلقي لأنني لن أتأخر. قالت مريم: - حاضر يا ماما .... لن أقلق حتى تأتي. في الصباح خرج بابا "مريم" لعمله كالمعتاد ، كما خرجت ماما لكي تطعم "يوسف" الذي ولد منذ شهور ليست بالقليلة ، وبينما "مريم" بمفردها في المنزل وهي غارقة في النوم كعادتها – إذ بالقطة تقترب منها تحاول إيقاظها وهي تدفع بقدمها الصغير كتف "مريم" وتقول لها: - مريم ... مريم ... استيقظي يا مريم. بعد محاولات لم تمل من كثرتها القطة استيقظت "مريم" وقالت للقطة ومازال باب النوم عالقاً بجفونها: - ماذا تريدين أيتها القطة؟ قالت القطة بتوسل: - إنني جائعة وأريد أي شئ آكله. قالت مريم باندهاش : - جائعة !! وماذا أستطيع أن أفعل لك أيتها القطة المسكينة؟ قالت القطة وهي تكاد أن تفقد الأمل في إيجاد أي طعام : - أرجوكِ يا "مريم" ... أرجوكِ أعطيني أي طعام لكي أتناوله فإنني أكاد أن أموت من الجوع. اغرورقت عينا "مريم" بالدموع لمنظر القطة الجائعة وقالت لها: - سامحيني أيتها القطة المسكينة لأنني بمفردي في المنزل حيث أن ماما ذهبت لكي تعطي الطعُم لأخي "يوسف" حتى لا يصيبه مرض شلل الأطفال ويستطيع اللعب معي وأنا لا أعرف ماذا أفعل لك؟ قالت القطة بنفس توسلها: - أرجو أن تحاولي .... أرجوكِ يا "مريم". قالت مريم : سوف أبحث لكِ عن أي شئ داخل الثلاجة علني أجد لك ما يسد رمقك ويخلصك من هذا الجوع القاتل. قالت القطة بلهفة: - بسرعة يا "مريم" .... بسرعة . ذهبت "مريم" إلى المطبخ وأخذت تبحث في كل مكان عن أي شئ تستطيع أن تقدمه للقطة الجائعة.. لكنها لم تجد شيئاً وعندما همت بالعودة إلى القطة لكي تخبرها بأنه لا يوجد شئ تستطيع أن تقدمه لها لكي تأكله تذكرت أن ماما قالت لها بالأمس أنه يوجد بالثلاجة قليل من اللبن سوف يشربه أخوها "يوسف" بعد أن يعود من التطعيم. قالت مريم للقطة: - يا أيتها القطة المسكينة أنه لا يوجد بالمنزل سوى قليل من اللبن وهو طعام الإفطار لأخي "يوسف" ولا أستطيع أن أتصرف فيه لأن ذلك قد يغضب ماما مني. قالت القطة وقد بلغ بها الجوع مداه: أرجوكِ يا "مريم" أعطيني اللبن لكي أشربه ولن تغضب منك ماما أبداً لأنك فعلت خيراً ولا يغضب أحد من فعل الخير. قالت مريم : - وأن لم تغضب ماما فهل يرضيك أن يعود أخي "يوسف" ولا يجد شيئاً يأكله؟ فقد يعود هو الآخر جائعاً!! قالت القطة : - ماما سوف تنصرف في إطعام أخيك "يوسف" لأنها كبيرة وتستطيع ذلك ولكن أنقذيني الآن وأعطيني اللبن لأشربه. رق قلب "مريم" الصغير لحال القطة الجائعة وأعطتها بسرعة اللبن الذي ما إن وضعته "مريم" أمامها حتى انكبت عليه القطة بلهفة وشربته حتى آخر نقطة في الطبق. بعد أن فرغت القطة من شرب اللبن وشعرت بالشبع قالت: - هذا جميل كبير منك يا "مريم سوف يطوق عنقي حتى يقدرني ربنا وأستطيع أن أرده لكِ قالت مريم: - لا تشغلي بالك بهذه الأمور فأنت قطة صغيرة وضعيفة فكيف تشغلي بالك برد الجميل من عدمه ؟ قالت القطة: - ربنا كبير ... والله خلق كل كائن وله هدف من خلقه لهذا الكائن مهما كان هذا الكائن كبيراً أو صغيراً ... سميناً أو نحيفاً .... طويلاً أو قصيراً. ضحكت "مريم" ولم تجد القطة بداً من الاستئذان منها والانصراف وبعد أن انصرفت القطة عادت ماما بعد أن أطعمت "يوسف" فقصت عليها "مريم" قصة القطة الجائعة وقصت عليها أيضاً ما فعلته معها فابتسمت ماما وقالت لها: - حسناً فعلت يا "مريم" فالقطط حيوانات أليفه وتحب الإنسان كثيراً كما أنها تستطيع أن تقدم له الكثير من الخدمات التي يعجز غيرها من الكائنات عن تقديمها. ضحكت مريم بصوت عال أثار انتباه ماما فقالت لها ماما: - على ماذا تضحكين يا "مريم"؟ قالت "مريم" والضحكة لم تفارق شفتيها بعد: - كأنك كنت معنا يا ماما ... تصوري أن القطة قالت لي أن ما فعلته معها جميل كبير يطوق عنقها وأن ربنا يقدرها وتستطيع أن ترده لي،وتعجبت أنا كثيراً لما قالته. ردت ماما عليها وهي تربت علي كتفها بحنان: - ربنا كبير يا "مريم" والله خلف كل كائن وله هدف في خلقه لهذا الكائن مهما كان هذا الكائن كبيراً أو صغيراً ... سميناً أو نحيفاً ... طويلاً أو قصيراً وقد تثبت لك الأيام عكس ما تظنين. طلت تساؤلات الدهشة من عيني "مريم" وقالت : - نفس كلام القطة تماماً على كل حال أنت لست حزينة أو غضبانه مني لأنني تصرفت بمفردي هكذا وأضعت طعام أخي "يوسف". قالت الأم بنفس حنانها الأمومي الذي غمر "مريم": - بالعكس يا "مريم" كنت ساكون حزينة وأغضب منك كثيراً لو أنك فعلت عكس ذلك وتركت القطة لوحش الجوع يفترسها دون أن تساعديها. قالت مريم بفرح: - يعني هذا عمل خير يا ماما. ردت ماما بسرعة: - طبعاً يا حبيبتي هذا العمل خير ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً. قالت مريم وهي تقبل يديها على الوجهين: - الحمد لله .... الحمد لله. مرت الأيام وبعدها الشهور وحان موعد إعطاء جرعة التطعيم التنشيطية لمرض شلل الأطفال وكالعادة في المساء نبهت ماما ابنتها "مريم" بعدم القلق لتأخرها خارج المنزل أو الخوف من تواجدها بمفردها داخل المنزل بعد أن يغادره أبوها للعمل أومأت "مريم" بالإيجاب لكلام أمها "فمريم" تحب كثيراً أن تطيع أبيها وأمها حتى تنال رضاهما وحبهما لها ... في الصباح خرجت ماما لكي تطعم أخيها "يوسف" وبعدها بقليل خرج بابا للعمل،وبينما "مريم" غارقة في النوم كعادتها شعرت بشيء غريب يأكل في أصابعها ... استيقظت "مريم" فزعة وازدادت ذعراً عندما شاهدت فاراً صغيراً يحاول أن يلتهم أصابعها الصغيرة ... ظلت "مريم" تصرخ وتصرخ ولا أحد يسمعها ... والفأر يمرح أمامها على السرير بنشوة لما يراه من فزع وهلع "مريم"... مازالت صرخات "مريم" تملأ المنزل حتى اخترقت جدرانه وملأت الشارع فوصلت الصرخات إلى أذن القطة التي كانت تلهو بالشارع أسفل منزل "مريم" تماماً عرفت القطة أن هذه الصرخات "لمريم" فهرولت إلى منزل "مريم" محاولة الدخول ولكن الباب الموصد بإحكام منعها من ذلك. لم تيأس القطة ففكرت بسرعة وبسرعة أكثر قفزت إلى البلكونة التي توجد في حجرة "مريم" فوجدتها مازالت تصرخ والفأر يجري أمامها على السرير ... وثبت القطة وثبة واحدة انقضت فيها على الفأر الذي لم يستطيع الإفلات من هول المفاجأة والتهمته على الفور. بعدها أخذت تهدأ من روع "مريم" وهي تقول لها: - لا تخافي يا "مريم" ... لقد انتهى كل شئ. هدأت "مريم" وقالت للقطة من بين دموعها التي مازالت تنهمر من عينيها : - أشكرك .... أشكرك يا صديقتي القطة لم أكن أعرف أنه من الممكن أن يأتي اليوم الذي ستنقذيني فيه من أي مكروه أتعرض له. قالت القطة بفرح: - هل أدركت الآن يا مريم كيف أن الله له حكمة في خلقه وها هو الله عز وجل قدرني وجعلني أرد الجميل لك. ضحكت "مريم" لكي تتغلب على ما تبقي من خوف داخلها وقالت: - نعم أيتها القطة الحبيبة...من الآن أنت صديقتي وأنا صديقتك فهل تقبلين ؟ قالت القطة بنفس فرحتها: - نعم أقبل يا "مريم" ... أقبل أن نكون أصدقاء إلى الأبد؟ أمسكت "مريم" بقدم القطة وأخذا يتسامران معاً حتى عادت أمها بعد أن أطعمت أخيها "يوسف" الجرعة التنشيطية ضد مرض شلل الأطفال اللعين. |
السلحفاة والأرنب خرجت البطة من الماء بعد أن سبحت طويلا ، وكعادتها أخذت تبحث في التراب الطري عن دودة تلتهمها .. مر الفلاح النشيط فحياها أجمل تحية ثم قال : - كيف حالك أيتها البطة ؟؟ .. أراك وحيدة اليوم على غير العادة..أين صديقك الأرنب .. لا بد أنه يقفز مرحا هنا أو هناك ؟؟.. قالت البطة وهي تنظر إلى البعيد : - سأخبرك يا صديقي الفلاح رغم أن الأمر قد يبدو غريبا بعض الشيء .. أنت تعرف الكثير عن تلك القصة التي تروى هنا وهناك عن السباق القديم الذي جرى بين السلحفاة والأرنب ، وكيف استطاعت السلحفاة أن تسبق الأرنب ، لتكون هذه القصة شيئا لا ينسى من جيل إلى جيل؟؟.. قال الفلاح : - كل هذا أعرفه فما الجديد يا صديقتي ؟؟.. أجابت البطة : - الجديد أن الأرنب عاد ليسابق السلحفاة .. منذ أيام وهو يفكر بالأمر وأخيرا رأى أن يعيد للأرانب كرامتهم .. إذ كيف يمكن للسلحفاة أن تسبق الأرنب وهو المعروف بسرعته ، إنه شيء لا يطاق .. هكذا قال لي .. ضحك الفلاح ثم قال : - هذا غير معقول ، إذ نعرف جميعا أن الحكاية رسخت في الأذهان ولن تتغير ، ونعرف أنه لا يعقل أن تسبق السلحفاة الأرنب بعد مرور هذا الزمن على الحكاية ، فالأرنب لن يعود إلى خطأ أحد أجداده ، ألست معي في ذلك ؟؟ .. هزت البطة رأسها بفخر وقالت : - يبدو أنك لا تعرف البقية .. أتظن أن السباق الذي نسمع عنه في الحكاية القديمة هو الوحيد ؟؟.. لا يا صديقي فلقد سبقت السلحفاة الأرنب مرتين بعد ذلك .. أتصدق ؟؟.. وضع الفلاح يده على خده وقال : - حقا هذا غريب عجيب .. أكاد لا أصدق شيئا ، لكن أعرف صدقك أيتها البطة العزيزة .. والله هذا زمن العجائب !!السلحفاة تسبق الأرنب ، وللمرة الثالثة ؟؟ .. أكاد لا أفهم .. قالت البطة : - في المرة القديمة التي نعرفها نام الأرنب وضيع الوقت هكذا تقول الحكاية .. أما فيما بعد ، وهذا شيء لم تذكره الكتب والحكايات والمصادر على حد علمي ، فقد أخذ الأرنب يمضي وقته في اللعب مصرا على ترك النوم ، لكنه نسي السباق ولم يتذكره إلا متأخرا، وكانت هي المرة الثانية بعد تلك التي تذكرها الحكاية ، أما في الثالثة، فقد حدث أغرب شيء يمكن أن يتصوره العقل .. فالأرنب الذي استعد للسباق كل الاستعداد ، امتلأ بالغرور والغطرسة ، وحين بدأ السباق ، كان أرنبنا يمشي وراء السلحفاة وهو يهزأ من بطئها ، مرة يقلدها ، ومرة يقفز ويصرخ ضاحكا من فكرة هذا السباق غير مصدق أن السلحفاة يمكن أن تسبق أحدا من أجداده ، وحين انتهى السباق فوجئ بأنه كان خلف السلحفاة وليس أمامها !!.. ضرب الفلاح يدا بيد وقال باستغراب : - مسكين هذا الأرنب ، أتدرين أكاد لا أصدق حتى الآن .. لكن أيمكن أن تسبقه هذه المرة .. شيء غريب .. أجابت البطة : - طلبت مرافقتهما فرفضا بشكل قاطع .. وها أنا أنتظر عودتهما من السباق .. تأخرا كثيرا .. لكن أعتقد أن الأرنب سيفوز هذه المرة .. ما رأيك أن تنتظر معي ؟؟.. كان الفلاح يفكر باستغراب .. جلس على الأرض قرب البطة وفي ظنه أن الأرنب سيأتي وهو يقفز فرحا بعد قليل .. لكنه فجأة قفز واقفا وقال : - سامحك الله ، كدت أنسى عملي ، العمل أهم شيء ، لن أكون كسولا مثل تلك الأرانب التي جعلت السلحفاة تسبقها !! سأسمع منك الحكاية عند عودتي من الحقل .. مضى الفلاح وهو يردد بصوت مرتفع : - هذه أم العجائب وأبوها أيضا .. سلحفاة تسبق أرنبا ؟؟.. لا إله إلا الله .. بقيت البطة وحيدة تنتظر ، وكانت بين الحين والحين تنظر إلى البعيد بتساؤل .. عندما عاد الفلاح من حقله أدهشه أن يرى الأرنب حزينا كئيبا ، وكان يقف بعيدا عن البطة إلى حد ما .. سأل الفلاح البطة بلهفة : - ماذا جرى ؟؟ كأن الجواب مرسوم في هيئة الأرنب لكن أيعقل أن يكون قد حدث ما خطر في ذهني ؟؟ قالت البطة متأثرة : - إيه يا صديقي الفلاح ، لقد فعلها وخسر للمرة الرابعة .. قال الفلاح : - حقا إنه أمر أغرب من الخيال لكن كيف ؟؟ .. قالت البطة : - المرات السابقة لم تعلمه على ما يبدو ، تصور أن يخسر هكذا بكل بساطة ؟؟.. قال الفلاح : - لكن كيف ؟؟.. أجابت البطة : - في هذه المرة ، أمضى الأرنب وقته وهو ينظر إلى صورته عندما انعكست في الماء .. كان كما أخبرني فرحا بصورته الجميلة وهي تتمايل مع تمايل ماء البحيرة ..وهكذا مر الوقت سريعا ، وحين انتبه لنفسه ، كان كل شيء قد انتهى !!.. ومرة رابعة تفوز السلحفاة!! قال الفلاح : - هذا شيء غير طبيعي ، صديقك الأرنب كسول بشكل لا يصدق ، أو أنه غبي إلى أبعد حد .. على كل تصبحين على خير .. مضى الفلاح إلى بيته ، وحاولت البطة أن تعيد الأرنب إلى مرحه .. لكن دون جدوى فقد كان مسكونا بالحزن .. وحين مضى بعيدا ، ذهبت البطة لتنام وتستيقظ باكرا .. |
ألحان النسمة الصغيرة الباردة في الحارات الصغيرة ، تمتد الشوارع الكثيرة مسافة ، ثم تنتهي . الهواء الذي يملأ تلك الشوارع القصيرة.. يحرك الهواء الغبار وبقايا الأوراق .. والروائح الطائرة من الأكوام المتروكة .. هذا الهواء يخرج من شارع صغير ، إلى شارع ، إلى شارع .. يدور في الشارع ، ماشيا على مهل ، ملتفا ، و ملتويا .. حتى يصرفه جدار ما ، فيتكوم قليلا .. وتسقط الأوراق منه ، وتتكوم مخشخة .. كانت النسمة الصغيرة الباردة من ضمن الحزم الطائرة مع هذا الهواء . دارت النسمة الصغيرة الباردة معه .. حملت أوراقا .. مبتعدة عن الروائح .. أسرعت .. الروائح تلحقها .. وعندما تكوم الهواء وسط الحارة مرة أخرى ، أمام جدار ، تحت تلك الشجرة .. لم تستطع النسمة الصغيرة الباردة أن تستقر .. دارت ودارت، ثم طارت بسرعة ، وهي تقول : - لأخرج من هذا الجو الخانق !! فرت ، لكن الجدار الكبير الواقف صدمها ، تلوت متألمة ، وانحدرت حتى استقرت في الظل .. كانت أوراق الشجرة الكبيرة تحدق بها وهي واقفة منتظرة .. هبت النسمة الصغيرة الباردة إلى الأغصان ، و هفهفت بين ثنايا الأوراق الخضراء فرحة .. فرحت الأوراق و تحركت بطرب ، وأصدرت ألحانا صغيرة وجميلة كالغناء .. توافدت العصافير : من الجدران القصيرة ، من الشقوق ، من فوق سعف النخيل اليابسة ، من السطوح حيث تخبئ أعشاشها ، من كل مكان .. جاءت العصافير ، و حطت على الأغصان .. توقف رجل محني الظهر ، و رفع عينيه الصغيرتين إلى أوراق الشجرة التي تعزف ألحانها .. شاهد العصافير الفرحة ومن نافذة قريبة أطلت فتاة صغيرة بضفيرتين طويلتين ، وعينين ذكيتين ، كانت تبتسم ، وهي تشرع النافذة للهواء .. نور الشمس الناعم أخذ يتماوج من بين الأغصان مطاردا قطع الظل المرحة .. ازداد فرح النسمة الصغيرة الباردة ، وتمدد جسمها و اتسع .. تراقصت الأشجار الأخرى القريبة واهتزت .. طربت النسمة ، ولوحت بمناديلها البراقة ، وانطلقت من فوق الجدران .. ماجت في الشوارع .. وانطلقت إلى الحقول .. كانت أسراب العصافير تتبع النسمة الباردة وهي تكسو الأشياء .. وهاهم الأطفال اللاعبون يجرون خلفها .. وأوراق الأشجار تلتفت .. حتى المياه .. مياه البرك النائمة اختضت و تماوجت فرحة .. الرجل العجوز يهمس باسما : يا لهذه النسمة الصغيرة الباردة |
الغيمة والريح والفلاح مرت الريح فوق البحر فقالت له: -أيها البحر هل ترافقني؟ فقال البحر: - إلى أين؟ فقالت الريح: - للقيام برحلة في البلاد. - فقال البحر: - لا أستطيع. - سألته الريح: - لماذا؟ فأجاب البحر: - لأني أنا البحر: ولم يعجب هذا الجواب الريح فقالت: - يا له من متكبر! وتابعت الريح طريقها فوق البحر فشاهدت مركباً فقالت له: - هل ترافقني؟ فقال المركب: - إذا سمحت لي، فالتجار ينتظرون على الشاطئ الآخر وعنابري حافلة بالجوز واللوز والفراء والفلفل واللؤلؤ والمرجان. ونفخت الريح في الأشرعة فانتفخت وتهادى المركب فوق البحر حتى وصل إلى الشاطئ حيث كان تجار الجوز والفراء والتوابل والصنوبر واللؤلؤ والمرجان ينتظرون، ثم توقف عند الشاطئ ولم يتقدم بعد ذلك. وتابعت الريح طريقها فشاهدت شجرة فقالت لها: - أيتها الشجرة هل ترافقينني في رحلتي؟ أجابت الشجرة: - كلا. فسألتها الريح: - لماذا؟ فردت الشجرة: - لأني أنتظر الربيع كي أورق وأزهر وأصنع ثمراً للناس. وجرت الريح بين البيوت فقالت لأحدها: - هل ترافقني في رحلتي؟ فقالت البيت: - بودي لو أرحل معك، فقد ضجرت من البقاء في مكان واحد. ولكن البيوت وا أسفاه لا ترحل لأنها ثابتة. وواصلت الريح سيرها فالتقت بجبل فقالت له: - هل تسافر معي؟ فقال لها الجبل: - كيف أسافر معك وأنا أحمل على ظهري الثلج والغابة. وانحدرت الريح إلى الطريق العامة وقد عللت النفس بأنه من الممكن أن تجد هناك أحداً ما، فصادفت عمود كهرباء، فقالت له: - أيها العمود هل تمضي معي فتتفرج على الدنيا بدلاً من أن تقف هنا ثابتاً فيدخل الملل إلى قلبك؟ فقال عمود الكهرباء - ليتني أستطيع أن أفعل، ولكن عما قليل تغيب الشمس ويعم الظلام وهنا تأتي مهمتي فأحمل النور إلى البيوت؛ وعندئذ ينحني التلاميذ على كتبهم لحفظ دروسهم، وتحمل آلام صنارتها وخيطانها لتتابع نسج الصوف، ويفتح الأب صحيفته ليستطلع الأخبار قرب الموقد. وشعرت الريح بالوحدة فأنت وأعولت. تلفتت هنا وهناك فرأت غيمة فقالت لها: - أيتها الصديقة هل تسافرين معي؟ فقالت الغيمة بفرح: - نعم.. نعم فأنا على موعد مع فلاح بذر حبوبه وغرس شتوله في الأرض ثم راح ينتظرني في حقله. لعلي قد تأخرت في السفر إليه. وأخشى أن أصل بعد فوات الأوان. فقالت الريح: - أمتطي ظهري وسأحملك إليه قبل أن تذوي شتوله وتموت بذوره في باطن الأرض. وامتطت الغيمة ظهر الريح التي سرعان ما انطلقت في طريقها فرحة جذلى لأنها تحمل الأمل والخير لفلاح ينتظر. |
السمكة والحرية كان الإناء الذي وضعت فيه السمكة صغيرا جدا .. كانت قبل فترة قصيرة في البحر الواسع الشاسع الذي لا يُحد، ووجدت نفسها فجأة في مكان لا يكاد يتسع لحركتها، ولسوء حظها فقد نسيها الصبي هكذا على الشاطئ ومضى مع أهله.. كانت السمكة حزينة مهمومة تبحث عن أي طريقة للعودة إلى البحر فلا تجد .. حاولت القفز ففشلت، دارت بسرعة وحاولت الخروج، فارتطمت بطرف الإناء الصلب .. كان البلبل يرقبها ولا يعرف لماذا تدور وتقفز هكذا، اقترب من الإناء وقال : ما بك أيتها السمكة ، أما تعبت من كل هذا الدوران والقفز ؟؟.. قالت بألم : ألا ترى المصيبة التي أصابتني ؟؟.. قال البلبل دون أن يفهم شيئا : مصيبة !! أي مصيبة .. أنت تلعبين وتقولين مصيبة ؟؟.. - سامحك الله ألعب وأنا في هذه الحال ، ألعب وأنا بعيدة عن البحر ، ألعب وقد تركني الصبي في هذا الإناء ومضى هكذا دون أن يشعر بعذابي .. !!.. كيف ألعب وأنا دون طعام ؟؟.. كيف ألعب وأنا سأموت بعد حين إذا بقيت بعيدة عن البحر . قال البلبل : أنا آسف.. فعلا لم أنتبه .. رأيت إناء جميلا وسمكة تتحرك وتدور، فظننت أنك ترقصين فرحا . أتمنى أن أستطيع الوصول إليك، لكن كما ترين مدخل الإناء ضيق والماء الذي فيه قليل، وأنت أكبر حجما مني، كيف أصل إليك ؟؟ ثم كيف أحملك ؟؟.. قالت السمكة : إنني في حيرة من أمري .. لا أدري ماذا أفعل ! أحب الحرية ، أريد أن أعود إلى البحر الحبيب ، هناك سأسبح كما أريد، أنتقل من مكان إلى مكان كما أشأء قال البلبل : سأحاول مساعدتك ، انتظري وسأعود بعد قليل .. طار البلبل مبتعدا ، حتى التقى بجماعة من الحمام ، طلب البلبل من جماعة الحمام أن تساعده في إنقاذ السمكة المسكينة التي تريد الخلاص من سجنها الضيق الذي وضعها فيه الصبي ورحل .. وافقت جماعة الحمام ، وطارت نحو الإناء وحملته ، ثم تركته يقع في البحر .. كانت فرحة السمكة لا تقدر بثمن وهي تخرج سابحة إلى بحرها الحبيب .. قفزت على وجه الماء وصاحت بسرور : شكرا لكم جميعا على ما قمتم به .. شكرا لك أيها البلبل الصديق .. وغطست في الماء وهي تغني أجمل أغنية للحرية .. كانت تملك من السعادة بحريتها ما لا يقدر بثمن. |
مميز
تسلم الايادي |
دائما مميّزة سيدتي شكرا لك |
الساعة الآن 07:48 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |