منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   الأردن وفلسطين (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=61)
-   -   مجزرة صبرا وشاتيلا... الجرح النازف (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=10041)

عاشق البندقيه 15 - 9 - 2010 04:09 PM

نقل النساء والأولاد سيراً على الأقدام الى المدينة الرياضية. وعلى حافة الطريق كان بعض النسوة يصرخن ويبكين مؤكدات أن جميع الرجال قد قتلوا… وفي المساء تمكنت ام شوقي، في جو البلبلة هذا، من ان تهرب مع أولادها الى شارع ثكنة الحلو، وعند انبلاج الفجر تركت أولادها في إحدى المدارس وذهبت سيراً في اتجاه المدينة الرياضية كي تستعلم عن مصير زوجها وابنها. فلم تستطع التحدث الى احد الضباط الاسرائيليين الموجودين هناك، لكنها سمعت أوامر بالعربية الى الرجال بأن يختموا بطاقات هوياتهم، ورأت شاحنة اسرائيلية تغص بالرجال البالغين والشباب. وقد ارشدتها امرأة غارقة في البكاء كانت فقدت عائلتها بأكملها الى المكان الذي رميت فيه الجثث. فاتجهت عندذاك المرأتان الى حي عرسال حيث ساروا فوق جثث قتلى لبنانيين وسوريين وفلسطينيين. وتقول أم شوقي إنها رأت المئات منها، وفي الحقيقة تبين أن اكثر الضحايا سقطوا في حي عرسال. ـ لم يكن في الامكان التعرف عليهم. وجوه مشوهة، منتفخة… رأيت 28 جثة من عائلة لبنانية واحدة، بينها جثتان لامرأتين مبقورتي البطن… حاولت ان أتعرف الى ابني وزوجي من خلال ثيابهما، فتشت طول النهار، وعدت في اليوم التالي… فلم أتعرف الى اي جثة من اهل بئر حسن.
رأت ام شوقي جنوداً لبنانيين يفتحون حفراً ويدفعون الجثث اليها… ولم تجد زوجها واولادها من بعد. الموضوع الذي يصعب على أم شوقي الحديث عنه هو موضوع ابنتها التي أغتصبت

عاشق البندقيه 15 - 9 - 2010 04:10 PM

أفكر في هذا كله ليلاً ونهاراً. لقد ربيت أولادي بمفردي…وقد اضطررت الى الاستعطاء، ولن أنسى أبداً، وسأنتقم لكل ذلك. قلبي أسود مثل ثوبي هذا، وسأخبر أولادي، وأولاد اولادي، بما رأيت...
وبعدما تجولت في متاهة رهيبة في مختلف الأزقة حيث تتدلى الأسلاك الكهربائية في كل مكان وتسيل في الأرض مياه المجارير، وصلت أخيراً الى مركز مؤلف من ثلاثة او أربعة مكاتب. في احدها، في العمق، تجلس السيدة سهام بلقيس، رئيسة رابطة العودة، مستقيمة وراء مكتبها. وفي محيط الغرفة مسؤول فلسطيني واثنان من الناجين. والسيدة بلقيس، الأربعينية، هي مناضلة ملتزمة وصلبة. عائلتها أتت من قابا في منطقة عكا في اسرائيل. شرعت في الحديث فوراً.
ـ بدأت المجزرة مساء يوم الخميس في حوالى الخامسة والنصف. لم نصدق في بداية الأمر… وقد بقينا داخل منزلنا حتى صباح السبت ولم نعرف كثيراً عما يجري الا ان مجموعة صغيرة من الفلسطينيين واللبنانيين حاولت يومي الخميس والجمعة أن تدافع عن نفسها، لكن ان إفرادها كانوا قليلي العدد وليس معهم ما يكفي من الذخيرة. وليلاً رأينا قنابل مضيئة وسمعنا إطلاق نار. اعتقدنا أن الاسرائيليين يريدون فقط مهاجمة المقاتلين والعثور على الأسلحة… وعندما عاد الهدوء تماماً صباح يوم السبت خرجنا الى الشرفة ورأينا مجموعة من “القوات اللبنانية” في صحبة ضابط اسرائيلي. صرخ فينا اللبنانيون طالبين الينا الخروج، فخرجنا وسط الشتائم. كان الاسرائيلي يحمل جهاز توكي ووكي فأخذه منه أحد اللبنانيين وتكلم فيه قائلاً: لقد وصلنا الى آخر المنطقة المستهدفة.
وهي متأكدة من أنه كان إسرائيلياً لأنه بحسب ما تقول كان ثمة على ثيابه شارة بالعبرية ولم يكن وجهه وجه عربي، وكان يتكلم مع اللبنانيين بالفرنسية.

عاشق البندقيه 15 - 9 - 2010 04:10 PM

اقتيدت السيدة سهام مع آخرين نحو مستشفى غزة، قام مرافقوهم بتجميع الأطباء الأجانب ومن التجأ عندهم في المستشفى ومحيطه.
ـ قتلوا حوالى عشرة من المقاتلين، واكتشفوا شاباً فلسطينياً يرتدي قميصاً أبيض بين الأطباء والممرضين فقتلوه. وعندما اكتمل تجميع الناس ذهبنا بالمئات في اتجاه السفارة الكويتية. كانت الشوارع مليئة بالجثث، فتيات مقيدات من معاصمهن، ومنازل مدمرة، ودبابات هي على الأرجح اسرائيلية، وعلى حديد إحداها التصقت بقايا طفل. وقبل وصولنا الى المدينة الرياضية فُصل عنا الرجال، وراح بعض العسكريين يطلبون الى الشباب أن يزحفوا، فمن زحف جيداً اعتبر مقاتلاً وقتل على أيدي “القوات اللبنانية”، اما الآخرون فكانوا يُرفسون بالأرجل…
ـ رأيت سعد حداد (٢) مع آخرين امام مبنى السفارة الكويتية. ثم لدى وصولنا الى المدينة الرياضية شاهدت عدداً كبيراً من الجنود الاسرائيليين. قال كولونيل اسرائيلي ان في امكان النساء والأولاد أن يعودوا الى منازلهم، وفي ما بعد رأيت أخي يصعد الى سيارة جيب فيما صعد الآخرون الى الشاحنات، ركضت نحوه، لكن عبثاً، سمعت ضابطاً يقول بالعربية: “سنسلمكم الى “القوات اللبنانية”، فهم يعرفون أكثر منا كيف يجعلونكم تتكلمون.

عاشق البندقيه 15 - 9 - 2010 04:11 PM

وفي الاجمال فإن الشهود جميعاً يروون الأخبار نفسها، والرعب نفسه. وقد التقيت أيضاً السيدة كاملة مهنا، وهي لبنانية من حي عرسال:
ـ كل الذين بقوا في حيّنا قتلوا، وهم في غالبيتهم من اللبنانيين. وعندما عدت الى المكان كان هناك كومة من الجثث المتكدسة. بالقرب من منزلي كان هناك فلسطيني متدلٍّ على تعليقة الجزار وقد شطر نصفين مثل الذبيحة. ورأيت كيف وُضعت في الحفرة الكبيرة طبقة أولى من الجثث وتم تغطيتها بالرمل لتوضع فوقها طبقة أخرى من الجثث. وهكذا دواليك… وقد رأيت أيضاً لبنانياً آخر من حي عرسال، حمد شمص، وهو أحد الناجين القلائل من المجزرة في هذا الحي. لقد اختبأ في الملجأ لدى وصول ضابطين اسرائيليين في سيارة جيب مع 7 أو 8 جنو

عاشق البندقيه 15 - 9 - 2010 04:11 PM

متأكدة من أن هؤلاء الجنود هم اسرائيليون لأنهم كانوا في بدلات عسكرية اسرائيلية ولا يتكلمون العربية بطلاقة. طلب الينا الجنود الخروج من الملجأ وهم يشتموننا، وطلبوا اليّ أن انزل الطفل الذي كنت احمله على ذراعيّ وان أقف في الصف مع الآخرين. وقام أحدهم، وهو يتكلم العربية جيداً بتفتيش الجميع وأخذ الأموال من الرجال، ثم راحوا يطلقون النار علينا. وجدت نفسي مصابة بجروح فقط في رأسي ومؤخرتي تحت كومة من الجثث. سقط 23 قتيلاً …اختبأت في أحد الملاجئ طول الليل. وعند الفجر عبقت رائحة الجثث في كل مكان.
ما من جديد في كل هذه الشهادات، فهي تتوافق مع ما جمعته من شهادات ليلى شهيد، الممثلة العامة لفلسطين في فرنسا، التي كانت من أوائل الذين زاروا المخيمين بعد المجزرة، وحدها او مع جان جينه. وهي، باستثناء ما تخونه الذاكرة، متطابقة أيضاً مع شهادات عناصر الفريق الطبي في مستشفى غزة من الانكليز والنروجيين والأسوجين والفنلنديين والألمان والايرلنديين والأميركيين، ومع الشهادات التي سجلها العديد من الصحافيين إثر المجزرة.

عاشق البندقيه 15 - 9 - 2010 04:13 PM

يروي الياس خوري، الكاتب اللبناني المعروف (٣) بالكثير من التأثر المعركة المستحيلة للذاكرة بالنسبة الى الشعب الفلسطيني بشكل عام وبالنسبة الى مجازر صبرا وشاتيلا بنوع خاص.
ـ لم يعد قانون الذاكرة يعمل لدى الفلسطينيين بسبب المجازر المستمرة: دير ياسين وقبية (٤) وصبرا وشاتيلا، واليوم جنين. يستحيل عليهم النظر الى الماضي لأن هذا الماضي لا يزال مستمراً حالياً. فهم منذ العام 1948 يعيشون في خضم آلية جهنمية… الفلسطينيون هم ضحايا استغلال الحكومة الاسرائيلية لقضية المذبحة اليهودية”. إن المعايير الأخلاقية تسقط عند الحدود الاسرائيلية، وفي هذا السياق تصبح فكرة مأساة صبرا وشاتيلا هامشية…
أضف الى أن هذه القضية هي من المحرّمات في لبنان، فالمتهم الرئيسي فيها، إيلي حبيقة (٥) أصبح وزيراً في الحكومة… ويتابع الياس خوري:

عاشق البندقيه 15 - 9 - 2010 04:14 PM

بعد الحرب تولى المجرمون السلطة، أضف الى أن الفلسطينيين صاروا كبش المحرقة لحرب لبنان وهم يخضعون في هذا البلد لقوانين أين منها قوانين حكومة فيشي إزاء اليهود.
ـ حتى الأرقام في ما يتعلق بالضحايا والمفقودين يلفها الغموض منذ عشرين عاماً، وهي تراوح بحسب التقديرات بين 500 الى 5000 قتيل. الا أن المؤرخة بيان الحوت حاولت على مدى عشرين عاماً أن تسد هذه الثغرة. فهذه الباحثة اللبنانية المولودة في القدس حيث عاشت حتى التاسعة من عمرها، والاستاذة في جامعة بيروت قامت بعمل دؤوب في أوساط عائلات الضحايا والمفقودين وحللت مئات استمارات الاسئلة وقابلت بين لوائح المنظمات الانسانية والصليب الأحمر وحاولت ان تعثر على جميع المقابر… حتى باتت اليوم متأكدة من الأرقام: لقد سقط 906 قتلى من 12 جنسية نصفهم من الفلسطينيين… وفقد 484 منهم 100 من المؤكد أنهم خطفوا. أي ما يعادل 1490 ضحية تمّ تحديدها.
هذه المجازر والاختفاءات جاءت في سياق الحرب التي شنتها الحكومة الاسرائيلية في 6 حزيران/يونيو عام 1982 من أجل القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية. وقد كلف اجتياح لبنان يومذاك سقوط أكثر من 12000 قتيل مدني و30000 جريح وتشريد 200000 شخص.

عاشق البندقيه 15 - 9 - 2010 04:14 PM

وفي أواسط حزيران/يونيو بدأ الاسرائيليون حصارهم على بيروت مطوّقين 15000 مقاتل من منظمة التحرير وحلفائها اللبنانيين والسوريين. وفي اوائل تموز/يوليو أوفد الرئيس الأميركي رونالد ريغن السيد فيليب حبيب ومساعده السيد موريس درايبر لحل هذه الأزمة التي كادت أن تشعل الوضع في الشرق الأوسط، مهددةً المصالح الأميركية. وسرعان ما تبين أن حل الأزمة يجب ان يمر بترحيل المقاتلين الفلسطينيين والسيد ياسر عرفات من بيروت، وقد اقتنع عرفات على الأثر بأنه ليس هناك حل آخر.
وقد تعقدت الأمور لأن الاسرائيليين والأميركيين لم يرغبوا في التفاوض مباشرة مع الفلسطينيين (٦)، فقام بدور الوسيط كل من الياس سركيس رئيس الجمهورية اللبنانية الماروني، ورئيس وزرائه السني شفيق الوزان. ذاك ان الاسرائيليين أرادوا مواصلة الضغط العسكري الوحشي وفرض الاستسلام التام والمذل على السيد عرفات.
وقد قدم عرفات الكثير من العروض للحصول على ضمانات للعائلات الفلسطينية التي ستبقى في لبنان، إذ خشي عليهم من اعتداءات الجنود الاسرائيليين أو حلفائهم الكتائب، وقد رأى السيد عرفات أن هذه الضمانات لا يمكن أن تكون الا أميركية أو دولية.

عاشق البندقيه 15 - 9 - 2010 04:15 PM

وتوصل السيد حبيب الى الحصول على تأكيدات من رئيس الوزراء الاسرائيلي بأن جنوده لن يدخلوا المنطقة الغربية من بيروت وبأنهم لن يعتدوا على فلسطينيي المخيمات، وعلى تأكيد من الرئيس اللبناني العتيد بشير الجميل بأن الكتائبيين لن يتحركوا، وعلى تأكيد من البنتاغون بأن رجال المارينز سيكونون الضمان الأخير لهذه التعهدات. وإذ تسلح بهذه الوعود، تعهد ممثل الرئيس ريغن خطياً بالحفاظ على امن المدنيين، في رسالتين موجهتين الى رئيس الوزراء اللبناني. وهذا التعهد الأميركي سيرد في البند الرابع من اتفاق ترحيل منظمة التحرير الفلسطينية الذي نشرته الأمم المتحدة في 20 آب/أغسطس، اي عشية ترحيل المجموعات الأولى من المقاتلين الفلسطينيين (٧).
الا ان السيد عرفات أبدى قلقاً متزايداً على مصير المدنيين الفلسطينيين. فقام السيد حبيب (٨) بخطوة أخرى مع بشير الجميل الذي أكد مجدداً وعوده. وشدد حبيب على دور القوة المتعددة الجنسية المؤلفة من 800 فرنسي و500 إيطالي و800 أميركي. وقد وصلت القوة الأولى، الفرنسية، في 21 آب/أغسطس وتكفلت عملية الاخلاء وجمع السلاح. وكان من المفترض ان تستمر مهمة هذه القوة ثلاثين يوماً لتمنع أي مخالفة وتحمي العائلات الفلسطينية، وهكذا اقتنع السيد عرفات في النهاية بمغادرة بيروت…

عاشق البندقيه 15 - 9 - 2010 04:15 PM

الا ان احداً لم يحترم تعهداته، بدءاً بالحكومة الأميركية. فقد أصدر السيد غاسبار واينبرغر، وزير الدفاع الأميركي، اوامره الى المارينز بمغادرة لبنان، في حين أن الميليشيات المسيحية تمركزت في 3 أيلول/سبتمبر في منطقة بئر حسن على تخوم مخيمي صبرا وشاتيلا. وقد استتبع رحيل الأميركيين تلقائياً رحيل الفرنسيين والايطاليين. وفي 10 أيلول/سبتمبر غادر بيروت آخر جندي، في حين أن مشروع السيد حبيب قام في الأساس على أن تتم عملية الاخلاء ما بين 21 و26 ايلول/سبتمبر. في 14 أيلول/سبتمبر، اغتيل بشير الجميل، الرئيس اللبناني الجديد الذي أوصله الاسرائيليون الى سدة الرئاسة. فتذرع أرييل شارون بهذا الحدث كي يجتاح بيروت الغربية ويطوّق مخيمي صبرا وشاتيلا ويشجع الميليشيات اللبنانية على تنظيفها.
يومذاك جرى تحقيق رسمي واحد، هو تحقيق اللجنة الاسرائيلية الذي تولاه اسحق كاهان، رئيس المحكمة العليا، والذي نشر في شباط/فبراير عام 1983 وقد حمّلت اللجنة حزب الكتائب المسؤولية وفي درجة اقل السيد أرييل شارون. تحدث التقرير أولاً عن خطأ فادح ارتكبه شارون الذي لم يتخذ أي إجراء لمراقبة المجزرة ومنعها”. وقد بدا مرتبكاً بالنسبة الى موقف السيد شارون الذي لم يبلّغ بيغن بالقرار الذي اتخذه بالسماح للكتائبيين بدخول المخيمات. وفي النهاية يعترف بمسؤوليته لأنه لم يأمر بأن تتخذ الاجراءات الملائمة لمنع حدوث المجازر المحتملة”. فالسيد شارون يتحمل مسؤولية شخصية وعليه (تالياً) ان يتحمل التبعات في شكل شخصي”.


الساعة الآن 05:14 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى