منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   لغتنا العربية (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=104)
-   -   تابع معنا كتاب مجمع الأمثال (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=4589)

B-happy 3 - 3 - 2010 02:36 AM



982- أَجْبَنُ مِنْ كَرْوَانٍ‏.‏
هو أيضا من خَشَاش الطير، قال الشاعر‏:‏
مِنَ آل أبي مُوسي تَرَى القومَ حَوْلَه * كأنَّهُمُ الكَرْوَانُ أَبْصَرْن بازيا
983- أَجْبَنُ مِنْ لَيْلٍ
الليل‏:‏ اسمُ فرخِ الكروان‏.‏
ويقال أيضا‏:‏
984- أَجْبَنُ مِنْ نَهَارٍ‏.‏
النهار‏:‏ اسم لفرخ الْحُبَاري‏.‏
985- أَجَبَنُ مِنْ ثُرْمُلَةٍ‏.‏
هي اسم للثَّعْلبة‏.‏
986- أَجْبَنُ مِنَ الرُّبَّاحِ‏.‏
وهو القِرْدُ‏.‏
987- أَجْبَنُ مِنْ هِجْرِسٍ‏.‏
زعم محمد بن حبيب أنه الثعلب، قال‏:‏ ويقال‏:‏ إنه ولد الثعلب، قال‏:‏ ويراد به ههنا القِرْدُ، وذلك أنه لا ينام إل وفي يده حَجَر مخافَةَ الذئب أن يأكله، قال‏:‏ وتحدَّثَ رجلٌ من أهل مكة أنه إذا كان الليل رأيتَ القرود تجتمع في موضع واحد، ثم تبيت مستطيلة الواحدُ منها في أثر الآخر، وفي يد كل واحد حجر، لئلا ينام فيأكله الذئب فإن نام واحدٌ سقط من يده الحجَرُ ففزعَتْ كلها، فيتحول الآخر فيصير قُدَّامها فيكون ذلك دأبَهَا طولَ الليل، فتصبح من الموضع الذي باتت فيه على أَمْيَالٍ جُبْنا منها وخَوَرا في طباعها‏.‏
988- أَجْرَأُ مِنْ قَسْوَرَة‏.‏
هو الأسد، فَعْولة من القَسْر، وقولهم‏:‏
989- أَجْرَأُ مِنْ ذِي لِبَدٍ‏.‏
هو الأسد أيضا، ولِبْدَتُه‏:‏ ما تلبد على منكبيه من الشعر‏.‏
990- أَجْوَلُ مِنْ قُطْرُبٍ‏.‏
قالوا‏:‏ هو دُوَيْبَة تَجُول الليلَ كلَّه لا تنام، ويقال فيه أيضا‏:‏ أَسْهَر من قطرب، وفي الحديث ‏"‏لا أعرفن أحدكم جِيفَةَ ليل قُطْرُبَ نهارٍ‏"‏‏.‏ ‏[‏ص 186‏]‏
991- أَجْوَعُ مِنْ كَلْبَةِ حَوْمَلَ‏.‏
هذه امرأة من العرب، كانت تُجِيعُ كلبةً لها وهي تحرسها، فكانت تَرْبطها بالليل للحراسة وتطردها بالنهار، وتقول‏:‏ الْتَمِسِي لنفسك لا مُلْتَمَسَ لك، فلما طال ذلك عليها أكلت ذَنَبها من الجوع، قال الشاعر، وهو الكميت، يذكر بني أمية ويذكر أن رِعايتهم للأمة كرعاية حَوْمَل لكلبتها‏:‏
كما رضيَتْ جُوعاً وسوءَ رِعاية * لكَلْبتها في سالِفِ الدهر حَوْمَلُ
نُبَاحاً إذا ما الليلُ أَظْلَمَ دونَهَا * وغنما وتَجْوِيعاً، ضلاَلٌ مضلل
992- أَجْوَعُ مِنْ زُرْعَةَ‏.‏
هي كلبة كلنت لبني ربيعة الجوع، أماتوها جوعا ونُوعاً ‏(‏النوع - بضم النون - العطش‏)‏‏.‏
993- أَجْوَعُ مِنْ لَعْوَةٍ‏.‏
قالوا‏:‏ هي الكلبة الحريصة، والجمع لِعَاء، ويقال‏:‏ نعوذ بالله من لَعْوَة الجوع ولَوْعَته، أي حِدَّته، واللَّعْوُ‏:‏ الحريص الجشِع‏.‏
994- أَجْوَعُ مِنْ ذِئْبٍ‏.‏
لأنه دهرَه جائع، ويقولون في الدعاء على العدو ‏"‏رماه اللّه بداء الذئب‏"‏ أي بالجوع، هذا قول محمد بن حبيب، وقال غيره‏:‏ معناه بالموت، وذلك أن الذئب لا يُصِيبه من العلل إلا علة الموت، ولذلك يقولون في مثل آخر ‏"‏أَصَحُّ من الذئب‏"‏ والأسد والذئب يختلفان في الجوع والصبر عليه، لأن الأسد شديدُ النَّهَم رغيبٌ حريصٌ وهو مع ذلك يتحمل أن يبقى أياما فلا يأكل شيئا‏.‏
والذئب وإن كان أَقْفَرَ منزلا وأقل خِصْبا وأكثر كدًّا وإخفاقا فلا بد له من شيء يُلْقيه في جَوْفه، فإن لم يجد شيئا استعان بإدخال النسيم في جوفه، وجَوْفُ الذئب يذيبُ العظم، وكذلك جوف الكلب، ولا يذيبان نَوَى التمر وهو أضعف من العظم‏.‏
995- أَجْوَعُ مِنْ قُرَادٍ‏.‏
لأنه يُلْزِق ظهره بالأرض سنةً وبطنه سنة لا يأكل شيئا حتى يجد إبلا‏.‏
996- أَجَلُّ مِنَ الْحَرْشِ‏.‏
يضرب مثلا لمن يخاف شئيا، فيبتلى بأشد منه‏.‏
وأصله أن ضبا قال لحسله‏:‏ يا بني اتَّقِ الحرش، فقال‏:‏ يا أبتِ وما الحرش‏؟‏ قال‏:‏ أن يأتي الرجل فيمسح يده على جُحْرِكَ، ويفعل ويفعل، ثم إن جحره هُدِم بالمِرْدَاة فقال الحِسْل‏:‏ يا أبت أهذا الحِرْش‏؟‏ فقال‏:‏ ‏[‏ص 187‏]‏ يا بني هذا أَجلُّ من الحرش‏.‏
وفي كلام بعضهم ‏"‏رُبَّ ثدي منكم قد افترشه، ونَهْب قد احْتَوَشه، وضبٍّ قد احْتَرَشَه‏"‏‏.‏
997- أَجَنُّ مِنْ دُقَّةَ‏.‏
هو دُقَّة بن عَباية بن أسماء بن خارجة، ذكر هذا المثل محمد بن حبيب، ولم يذكر له شيئا‏.‏
998- أَجْبَنُ مِنْ نَعَامَة‏.‏
وذلك أنها إذا خافت من شيء لا ترجع إليه بعد ذلك الخوف‏.‏
999- أَجْشَعُ مِنْ أَسْرَى الدُّخَان‏.‏
ذكر أبو عبيدة أنهم الذين كانوا قَطَعوا على لَطِيمة كسرى، وكانوا من تميم، وذكر ابن الأعرابي أنهم كانوا من بني حَنْظلة خاصة وأن كسرى كَتَب إلى المُكَعْبر مرْدان به عامله على البحرين‏:‏ أَنِ ادْعُهم إلى المُشَقَّر وأظهر أنك تدعوهم إلى الطعام، فتقدم المُكَعْبَر في اتخاذ طعام على ظهر الحِصْن بحَطَب رَطْب، فارتفع منه دخان عظيم، وبعث إليهم يَعْرِض الطعام عليهم، فاغتروا بالدخان، وجاءوا فدخلوا الحصن، فأصفق البابَ عليهم، فغبروا هناك يُستعملون في مِهَن البناء وغيره، فجاء الإسلام وقد بقي البعض منهم، فأخرجهم العَلاَء بن الحَضْرَمي في أيام أبي بكر رضي اللّه عنه، فسار بهم المثل فقيل فيمن قتل منهم‏:‏ ليس بأول من قتله الدخان، وأَجْشَع من أسرى الدخان، وأجشع من الوافدين على الدخان، وأجشع من وَفْدِ تميم، وقال الشاعر في ذلك‏:‏
إذا ما مات مَيْتٌ من تميم * فَسَرَّكَ أن يعيشَ فجِيء بزاد
بِخُبْزٍ أو بسَمْن أو بِتَمْر * أو الشيء المُلَفَّفِ في البِجَاد
تَرَاهُ يطوف في الآفاق حِرْصاً * ليأكل رأسَ لقمانَ بن عاد
ومازح معاوية الأحنف فما رُئي مازحان أوقَرَ منهما، فقال له‏:‏ يا أَحْنَفُ ما الشيء المُلَفَّفُ في البِجاد‏؟‏ فقال الأحنف‏:‏ السَّخِينة يا أمير المؤمنين، أراد معاوية قول الشاعر‏:‏
أو الشيء المُلَفَّفُ في البِجاد* وهو الوَطْب من اللبن، وأراد الأحْنَفُ بقوله ‏"‏السخينة‏"‏ قولَ عبد الله بن الزِّبَعْرَي‏:‏
زَعَمَتْ سَخِينَةُ أن سَتَغْلِب رَبَّهَا * ولَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الغَلاَّبِ
وذلك أن قريشاً كانت تُعَيَّر بأكل السخينة، وهي حِساء من دقيق يُتَّخذ عند غلاء السعر‏.‏ ‏[‏ص 188‏]‏
1000- أَجْهَلُ مِنْ فَرَاشَةٍ‏.‏
لأنها تطلب النار فتُلْقِي نفسها فيها‏.‏
1001- أَجْمَعُ مِنْ نَمْلَةٍ‏.‏
ويقال‏:‏ أجمع من ذَرَّة، قال الشاعر في الذرة وجَمْعها‏:‏
تجمع للوارث جَمْعاً كما * تجمَعُ في قَرْيَتِهَا الذَّرَّهْ
1002- أَجْرَدُ من صَخْرَةٍ، وَمِنْ صَلْعَةٍ‏.‏
ويروى من صُلَّعَة، وهي الصخرة الملساء، والصلعة‏:‏ ما يبرق من رأس الأصلع وقيل‏:‏ دخلت امرأة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان حاسِرَ الرأسِ، وكان أصلع، فدُهِشت المرأة، فقالت‏:‏ أبا غفر حفص الله لك، وأرادت أن تقول‏:‏ أبا حَفْصٍ غَفَر الله لك، فقال عمر رضي الله تعالى عنه‏:‏ ما تقولين‏؟‏ فقالت‏:‏ صلعت من فرقتك، وأرادت أن تقول‏:‏ فَرِقْتُ من صَلْعتك‏.‏ قال الشيباني‏:‏ قولهم ‏"‏أجرد من جراد‏"‏ أرادوا به رَمْلة من رمال نجد لا تنبت شيئا، وأجرد‏:‏ معناه أملس، قال أبو الندى‏:‏
سميت جراداً لانجرادها‏.‏
1003- أَجْمَلُ مِنْ ذِي العِمَامَةِ‏.‏
هذا مثل من أمثال أهل مكة، وذو العِمامةَ‏:‏ سعيد بن العاص بن أمية، وكان في الجاهلية إذا لبس عمامةً لا يلبس قرشيٌّ عمامة على لَوْنها، وإذا خرج لم تبق امرأة إلا بَرَزَتْ للنظر إليه من جماله، ولما أفْضَتِ الخلافة إلى عبد الملك بن مروان خطب بنتَ سعيد هذا إلى أخيها عَمْرو بن سعيد الأشدق، فأجابه عمرو بقوله‏:‏
فَتَاةٌ أبوها ذو العِمَامة، وابنُهُ * أخوها، فما أكْفَاُؤها بكثير
وزعم بعض أصحاب المعاني أن هذا اللقب إنما لزم سعيدَ بن العاص كنايةً عن السيادة، قال‏:‏ وذلك لأن العرب تقول ‏"‏فلان مُعَمَّم‏"‏ يريدون أن كل جناية يجنيها من تلك القبيلة والعشيرة فهي مَعْصُوبة برأسه، فإلى مثل هذا المعنى ذهبوا في تسميتهم سعيد بن العاص ذا العصابة وذا العمامة‏.‏
1004- أَجْوَدُ مِنْ هَرِمٍ‏.‏
هو هَرِمُ بن سِنان بن أبي حارثة المُرِّئُ وقد سار بذكر جوده المثل، قال زُهَيْر بن أبي سُلْمى فيه‏:‏
إنَّ البَخيلَ مَلُومٌ حيث كان ولـ * ـكِنَّ ‏(‏ولكن‏)‏ الجوادَ على عِلاَّتِهِ هَرِم
هُوَ الجواد الَّذِي يُعْطيكَ نائلَه * عَفْواً، ويُظْلَم أحْيَانا فَيَظَّلِمُ ‏[‏ص 189‏]‏
ووفَدَت ابنةُ هرم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال لها‏:‏ ما كان الذي أعطى أبوك زهيرا حتى قابله من المديح بما قد سار فيه‏؟‏ فقالت‏:‏ قد أعطاه خَيْلاً تنضى، وإبلا تَتْوَى، وثيابا تَبْلَى، ومالاً يفنى، فقال عمر رضي اللّه تعالى عنه‏:‏ لكن ما أعطاكم زُهَير لا يُبْلِيه الدهر، ولا يفنيه العصر، ويروى أنها قالت‏:‏ ما أعطى هَرِمٌ زهيراً قد نسى، قال‏:‏ لكن ما أعطاكم زهير لا يُنْسَى‏.‏
1005- أَجْوَدُ مِنَ الْجَوَادِ الْمُبِرِّ‏.‏
هذا مثل يضربونه في الخيل، لا في الناس‏.‏
1006- أَجْرَأُ مِنْ أُسَامَةَ‏.‏
هو اسم الأسد، معرفة لا تدخله الألف واللام، وقال‏:‏ ‏(‏هو زهير بن أبي سلمى المزني‏)‏
وَلأَنْتَ أشْجَعُ مِنْ أسَامَةَ إذ * دُعِيَتْ نَزَالِ وَلج في الذُّعْرِ
1007- أَجْرَأُ مِنْ لَيْثٍ بِخَفَّانَ‏.‏
خَفّان‏:‏ مأسَدَة معروفة، وكذلك خَفِيَّة وحَلْية، وقال‏:‏
فَتًى هو أحْيى من فَتَاةٍ حَيِيَّةٍ * وأشْجَعُ من لَيْثٍ بخَفَّانَ خَادِرِ
1008- أجْهَلُ مِنْ حِمَارٍ‏.‏
يعني حمار بن سويلك ‏(‏كذا، وفي القاموس ‏"‏بن مالك‏"‏‏)‏ الذي يقال له‏:‏ أكْفَر من حمار‏.‏
1009- أَجْهَلُ مِنْ عَقْرَبٍ‏.‏
لأنها تمشي بين أرجل الناس ولا تكاد تبصر‏.‏
1010- أَجْهَلُ مِنْ رَاعِي ضَأْنٍ‏.‏
وحديثه في باب الحاء مذكور‏.‏
1011- أَجْفَى مِنَ الدَّهْرِ‏.‏
1012- أَجْدَى مِنَ الغَيْثِ فِي أَوَانِهِ‏.‏
معناه أنفع، يقال‏:‏ ما يُجْدِي عنك هذا، أي ما ينفع وما يُغْنِي‏.‏ والْجَدَاء ممدودا‏:‏ النفعُ، وبناء أفعل من الأفعال شاذ، حقه أشَدُّ جَدَاء‏.‏
1013- أَجْرَدُ مِنَ الْجَرَادِ‏.‏
لم يُورِد حمزة في هذا شيئاً‏.‏
قلت‏:‏ يجوز أن يراد به آكَلُ من الجراد، يقال‏:‏ أرض مَجْرُودة، إذا أكل نَبْتها، ويجوز أن يراد أشأم من الجراد، من قولهم‏:‏ رجل جارود، أي مَشْؤم، والجارود‏:‏ رجل سمى به لأنه فَرَّ بإبله إلى أخواله بني شيبان، وبإبله داء، ففَشَا ذلك ‏[‏ص 190‏]‏ الداء في إبل أخواله فأهلكها، وفيه قال الشاعر‏:‏
كما جَرَدَ الجارودُ بكْرَ بن وَائِلٍ* وهو الجارود العبدي، يُعَد من الصحابة واسمه بشر بن عمرو من عبد القيس، ووَجْهٌ ثالث، وهو أن يراد أقْشَر من الجراد، يقال‏:‏ جَرَدْتُ الشيء قشرته، وكلُّ مقشورٍ مجرودٌ، والجراد يَقْشر ما يقع عليه من النبات، والأصلُ في الكل الجراد المعروف‏.‏
1014- أَجْهَلُ مِنْ قَاضِي جُبَّلَ‏.‏
يقال‏:‏ إن جُبَّل مدينة من طسوج كسكر، وهذا القاضي قَضَى لخَصْم جاءه وَحْده، ثم نقَضَ حكمه لما جاءه الخصم الآخر، وفيه يقول محمد بن عبد الملك الزيات‏:‏
قَضَى لمخَاصِم يوما، فَلَمَّا * أتاه خَصْمُه نَقَصَ القَضَاءَ
دَنَا منك العَدُو وغِبْتَ عنه * فَقَال بحُكْمِهِ ما كان شَاءَ
1015- أَجْوَرُ مِنْ قَاضِي سَدُومَ‏.‏
قالوا‏:‏ سَدُوم - بفتح السين - مدينة من مدائن قوم لوط عليه الصلاة والسلام، قال الأزهري‏:‏ قال أبو حاتم في كتابه الذي صنفه في المفسد والمذال‏:‏ إنما هو سذوم بالذال المعجمة، والدال خطأ، قال الأزهري‏:‏ وهذا عندي هو الصحيح‏.‏ قال الطبري‏:‏ هو ملك من بَقَايا اليونانية غَشُوم، كان بمدينة سرمين من أرض قنسرين‏.‏
*3*http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif المولدون‏.‏
جَعَلَ بَطْنَهُ طبْلاً وقَفاهُ اصْطَبْلا‏.‏
جَزَاءُ مُقَبِّلِ الأسْتِ الضُّرَاطُ‏.‏
جَنَّةٌ تَرْعاها خَنَازِيرُ‏.‏
جَهْل يَعُولِني خَيْرٌ مِنْ عَقْلٍ أَعُولُهُ‏.‏
جاءَ بالدُّنْيا يَسُوقُها‏.‏
جاهُهُ جاهُ كَلْبٍ مَمْطُورٍ في مَقْصُورَةِ الجَامِعِ‏.‏
جَدَّةٌ تَقْضِي العِدَّةَ‏.‏
يضرب للشيخ يتصابى‏.‏
جَوَاهِرُ الأخْلاقِ يَتَصَفَّحُها المُعاشِرُ‏.‏
جاء العِيَانُ فَأَلوى بِالأسانِيدِ‏.‏
جهْلُكَ أَشَدُّ لَكَ مِنْ فَقْرِكَ‏.‏
الجَمَلُ فِي شْيءٍ والجمَّالُ فِي شْيءٍ‏.‏
الجُل خَيْرٌ مِنَ الفَرَسِ‏.‏
الجَالِبُ مَرْزُوقٌ والمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ‏.‏
الجَدِيَةُ رِبْحٌ بِلاَ رَأْسِ مَالٍ‏.‏ ‏[‏ص 191‏]‏
الْجَهُل مَوْتُ الأحْيَاء‏.‏
الجِرَارُ لاَ تُشْتَرى أَوْ تُلْطَمَ‏.‏
واجْلِسْ حَيْثُ يُؤْخَذُ بِيَدِكَ وَتُبَرُّ لاَ حَيْثُ يُؤْخَذُ بِرِجْلِكَ وتُجَر‏.‏
اجلِسْ حَيْثُ تُجْلَسُ‏.‏
أُجلِسْتَ عِنْدِي فاتَّكِئْ‏.‏
أَجْرَأُ النَّاسِ عَلَى الأسَدِ أَكْثَرُهُمْ لَهُ رُؤْيَة‏.‏
جاء عَلَى نَاقَةِ الحذَّاء‏.‏
يعنون النعل التي تُلْبَسُ‏.‏


B-happy 3 - 3 - 2010 02:38 AM



*2* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif الباب السادس فيما أوله حاء‏.‏
1016- حَرِّكْ لَهَا حُوَارَهَا تَحِنُّ‏.‏
الحُوَار‏:‏ ولدُ الناقة، والجمع القليل أحْوِرَة، والكثير حُوَران وحِيرَان، ولا يزال حُوَارا حتى يُفْصَل، فإذا فُصِل عن أمه فهو فَصِيل‏.‏
ومعنى المثل ذكِّرْهُ بعض أشجانه يَهِج له وهذا المثل قاله عمرو بن العاص لمعاوية حين أراد أن يستنصر أهلَ الشام‏.‏
1017- حَالَ الْجَرِيضُ دُونَ القَرِيضِ‏.‏
الجَرِيض‏:‏ الغُصَّة، من الْجَرَضِ وهو الريق يُغَصّ به، يقال‏:‏ جَرِض بريقه تَجْرَضُ، وهو أن يبتلع ريقَه على هم وحزن، يقال‏:‏ مات فلان جَرِيضا، أي مغموما‏.‏ والقَرِيض‏:‏ الشِّعْرُ، وأصله جِرَّةُ البعيرِ‏.‏ وحال‏:‏ مَنَع‏.‏
يضرب للأمر يقدر عليه أخيراً حين لا ينفع‏.‏
وأصل المثل أن رجلا كان له ابن نَبَغ في الشعر، فنهاه أبوه عن ذلك، فجاش به صَدْرُه، ومَرِض حتى أشرف على الهلاك فأذِن له أبوه في قول الشعر، فقال هذا القول‏.‏
1018- حَنَّ قِدْحٌ لَيْسَ مِنْهَا‏.‏
القِدْحُ‏:‏ أحَدُ قِداح المَيْسر، وإذا كان أحَدُ القداح من غير جوهر إخوته ثم أجالَه المُفِيض خرج له صَوْت يخالف أصواتها، فيعرف به أنه ليس من جملة القداح ‏.‏
يضرب للرجل يفتخر بقبيلة ليس هو منها، أو يمتدح بما لا يوجد فيه‏.‏
وتمثل عمر رضي الله عنه به حين قال الوليد بن عُقْبة بن أبي مُعَيْط‏:‏ أُقْتَلُ من ‏[‏ص 192‏]‏ بين قريش‏؟‏ فقال عمر رضي اللّه عنه‏:‏ حَنَّ قِدْحٌ ليس منها، والهاء في منها راجعة إلى القداح‏.‏
1019- حَيَّاكَ مَنْ خَلاَ فُوهُ‏.‏
أي نحن في شغل عنك، وأصله أن رجلا كان يأكل، فمرَّ به آخَرُ فحَيَّاه بتحية فلم يقدر على الإجابة، فقال هذه المقالة‏.‏
يضرب في قلة عناية الرجل بشأن صاحبه‏.‏
1020- حَتْفَهَا تَحْمِلُ ضَأْنٌ بِأَظْلاَفِهَا‏.‏
يضرب لمن يوقع نفسه في هلكة‏.‏
وأصله أن رجلا وجَد شاة، ولم يكن معه ما يَذْبَحها به، فضربَتْ بأظلافها الأرض فظهر سكين، فذبحها به‏.‏
وهذا المثل لحريث بن حَسَّان الشيباني تمثل به بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لقيلة التميمية، وكان حريث حملها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله إِقْطَاع الدهناء، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتكلمت فيه قَيْلَة، فعندها قال حريث‏:‏ كنت أنا وأنت كما قيل‏:‏ حَتْفَها تحمل ضأن بأظلافها‏.‏
1021- حَدِّثْ حَدِيثَيْنِ امْرَأَةً، فَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ فَأَرْبَعَةً‏.‏
أي زِدْ، ويروى فأرْبِعْ، أي كُفَّ، وأراد بالحديثين حديثاً واحداً تكرره مرتين فكأنك حدثتها بحديثين، والمعنى كرر لها الحديثَ لأنها أضعفُ فَهْما، فإن لم تَفْهم فاجعلهما أربعةً، وقال أبو سعيد‏:‏ فإن لم تَفْهم بعد الأربعة فالمربعة، يعني العصا‏.‏
يضرب في سوء السمع والإجابة‏.‏
1022- حَلَبَتْ حَلْبَتَهَا ثُمَّ أَقْلَعَتْ‏.‏
يضرب لمن يفعل الفعل مرة ثم يمسك ويروى ‏"‏جلبت‏"‏ بالجيم، وقد مر قبل‏.‏
1023- حَلأَتْ حَالِئَةٌ عَنْ كُوعِهَا‏.‏
الحالئة‏:‏ المرأة تحلأ الأديم، أي تقشره يقال‏:‏ حلأَت الجلد، إذا أزلت تِحْلِئَه وهو قُشُوره ووَسَخه، والمرأة الصَّنَاع ربما استعجلت فحَلآَت عن كوعها، و ‏"‏عن‏"‏ من صلة المعنى، كأنه قال‏:‏ قَشَرَتِ اللحم عن كوعها‏.‏
يضرب لمن يتعاطى ما لا يحسنه، ولمن يرفق بنفسه شفقة عليها‏.‏
1024- حَلَبْتُهَا بِالسَّاعِدِ الأَشَدِّ‏.‏
أي أخذتها بالقوة إذ لم يتأتَّ بالرفق‏.‏
1025- حَنَّتْ وَلاَتَ هَنَّتْ وَأَنَّى لَكِ مَقْرُوعٌ‏.‏
هَنَّت‏:‏ من الهنين وهو الحنين، يقال‏:‏ ‏[‏ص 193‏]‏ هَنَّ يَهِنُّ بمعنى حَنَّ يَحنُّ، وقد يكون بمعنى بكى، وقال‏:‏ لمَّا رأى الدارَ خَلاَءً هَنَّا* ولات‏:‏ مَفْصُولة من هنَّتْ، أي لاتَ حينَ هَنَّتْ، فحذف ‏"‏حين‏"‏ لكثرة ما يستعمل لات معه، وللعلم به، ويروى ‏"‏ولا تَهَنَّتْ‏"‏ أراد تَهَنأت فلَيَّن الهمزة‏.‏
كانت الهَيْجُمَانة بنت العنبر بن عمرو بن تميم تَعْشَق عَبْشَمْس بن سعد، وكان يلقب بمقروع، فأراد أن يُغِير على قبيلة الهَيْجُمَانة، وعلمت بذلك الهَيْجُمَانة، فأخبرت أباها، فقال مازن بن مالك بن عمرو‏:‏ حنَّتْ ولاتَ هَنَّت أي اشتاقت، وليس وقت اشتياقها، ثم رجع من الغَيْبَة إلى الخِطاب فقال‏:‏ وأنى لَكِ نقروع، أي من أين تظفرين به‏؟‏‏.‏
يضرب لمن يَحِنُّ إلى مطلوبه قبل أوانه وحكى المفضل بن محمد الضبي أن عَبْشَمْس بن سعد، وكان اسمه عبد العزى، كان وَسِيمَ الوجه حَسَنَ الخلقة، فسمي بعبشمس، وعبء الشمس‏:‏ ضوءها، فحذف الهمزة، وهو ابن سعد بن زيد مَنَاة بن تميم شُغِفَ بحب الهَيْجُمَانة، فمنع عنها وقُوتِل، فجاء الحارث بن كعب بن سعد ليذُبَّ عن عمرو، فضرب على رجله فشلَّت، فسمى الأعرج، فسار عبشمس إليهم وسألهم أن يعطوه حقه من رجل الأعرج، فتأبَّى عليه بنو عنبر بن عمرو بن تميم، فقال عبشمس لقومه‏:‏ إن خَرَج إليكم مازن بن مالك بن عمرو مترجلا قد لبس ثيابه وتزيَّنَ فظُنُّوا به شراً، وإن جاءكم أَشْعَثَ الرأس خبيثَ النفس فإني أرجو أن يعطوكم حقكم، فلما أَمْسَوْا راح إليهم مازن مترجِّلا قد لبس ثيابه وتزيَّنَ لهم، فارتابوا به، فدسَّ عبشمس بعض أصحابه إليهم ليسترقَ السمعَ ويتجسس ما يقولون، فسمع رجلا من الرعاء يقول‏:‏
لا نَعْقِلُ الرِّجْلَ ولا نَدِيَها * حَتَّى ترى دَاهيةً تُنْسِيَها
فلما عاد الرجل إلى عبشمس وخبره بما سمع قال عبشمس‏:‏ إذا جنَّ عليكم الليل بَرِّزُوا رجالكم، وأقيموا ناحيةً، ففعلوا وتركوا خيامهم، فنادى مازن وأقبل إلى القبة‏:‏ ألا لا حَيَّ بالقرى، فإذا الرجال قد جاءوا وعليهم السلاح حتى أحاطوا بالقبة فاكتنفوها، فإذا القبة خالية من بني سعد، فلما علم عبشمس بذلك جمع بني سعد فغَزَاهم فلما كان بعَقْوَتِهِم نزل في لية ذات ظلمة ورعد وبرق، وأقام حتى يغير عليهم صُبْحاً وكان يدور على قومه ويَحُوطهم من دبيب ‏[‏ص 194‏]‏ الليل، وكانت الهَيْجُمَانة عاركا، والعارك لا تخالط أهلها، وأضاء البرقُ فرأت ساقَيْ مقروع، فأتَتْ أباها تحت الليل، فقال‏:‏ إني رأيتُ ساقي عبشمس في البرق فعرفته، فأرسل العنبر في بني عمرو فجمعهم، فلما أتوه خبرهم بما سمع من الهَيْجُمَانة، فقال مازن‏:‏ حنت ولات هنت وأنى لَكِ مقروع، ثم قال مازن للعنبر‏:‏ ما كنت حقيقاً أن تجمعنا لعشق جارية، ثم تفرقوا عنه، فقال لها العنبر عند ذلك‏:‏ أيْ بنية اصدقي فإنه ليس للكذوب رأي، فأرسلها مثلاً، قالت‏:‏ يا أبتاه ثَكِلْتُكَ إن لم أكن صدقتك، فانْجُ ولا إخالُكَ ناجياً، فأرسلتها مثلا، فنجا العنبر من تحت الليل، وصَبَّحهم بنو سعد فأدركوهم وقتلوا منهم ناساً كثيراً، ثم إن عبشمس تبعَ العنبر حتى أدركه وهو على فرسه وعليه أداته يَسُوق إبله، فلما لحقة قال له‏:‏ يا عنبر، دَعْ أهلَكَ فإن لنا وإن لك، فأجابه العنبر وقال‏:‏ لكن مَنْ تقدم منعته، ومن تأخر عَقَرْته، فدنا منه عبشمس، فلما رأته الهَيْجُمَانة نزعت خِمارها، وكشفت عن وجهها، وقالت‏:‏ يا مَقْرُوع نَشَدْتُكَ الرحِمَ لما وهبته لي، لقد خِفْتُكَ على هذه منذ اليوم، وتضرعت إلى عبشمس، فوهبه لها‏.‏
1026- حَسْبُكَ مِنْ شَرِّ سَمَاعُهُ‏.‏
أي اكْتَفِ من الشر بسماعه ولا تُعَاينه، ويجوز أن يريد يَكْفِيك سَمَاعُ الشر، وإن لم تُقْدِمْ عليه ولم تنسب إليه‏.‏
قال أبو عبيد‏:‏ أخبرني هشام بن الكلبي أن المثل لأم الربيع بن زياد العبسي، وذلك أن ابنها الربيع كان أَخَذَ من قيس بن زهير ابن جَذِيمة دِرْعاً، فعرض قيس لأم الربيع وهي على راحلتها في مَسِيرٍ لها، فأراد أن يذهب بها ليرتهنها بالدرع، فقالت له‏:‏ أين عَزَبَ عنك عَقْلُك يا قيس‏؟‏ أترى بني زياد مُصَالحيك وقد ذهبتَ بأمهم يميناً وشمالاً، وقال الناس ما قالوا وشاءوا‏؟‏ وإن حسْبَك من شر سماعه، فذهبت كلمتها مثلا، تقول‏:‏ كَفَى بالمَقَالة عاراً وإن كان باطلا‏.‏
يضرب عند العار والمقالة السيئة، وما يخاف منها‏.‏
وقال بعض النساء الشواعر‏:‏ ‏(‏هي عاتكة بنت عبد المطلب، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏التبريزي 2/256‏)‏‏)‏
سَائِلْ بنا فِي قَوْمِنَا * وَلْيَكْفِ مِنْ شَرٍّ سَمَاعُهْ
وكان المفضل فيما حكى عنه يذكر هذا الحديث ويسمي أم الربيع ويقول‏:‏ هي فاطمة بنت الخُرْشُب من بني أنمار بن بَغيض‏.‏ ‏[‏ص 195‏]‏
1027- حِفْظاً مِنْ كَالِئِكَ‏.‏
أي احفظ نفسك ممن يحفظك، كما قيل‏:‏ محترسٌ من مثلِهِ وَهُوَ حارسُ‏.‏
1028- حَدِيثُ خُرَافَةَ‏.‏
هو رجل من عُذْرة استهوته الجن كما توعم العرب مدةً‏.‏ ثم لما رجع أخبر بما رأى منهم، فكذبوه حتى قالوا لما لا يمكن‏:‏ حديث خرافة، وعن النبي عليه الصلاة والسلام، أنه قال‏:‏ خرافة حق، يعني ما تحدَّث به عن الجِنِّ حَقّ‏.‏
1029- احْلُبْ حَلَباً لَكَ شَطْرُهُ‏.‏
يضرب في الحثِّ على الطَّلَب والمساواة في المطلوب‏.‏
1030- حَذْوَ القُذَّةِ بِالْقُذَّةِ‏.‏
أي مِثْلاً بمثل‏.‏
يضرب في التسوية بين الشيئين‏.‏
ومثله ‏"‏حَذْوَ النَّعْلِ بالنعل‏"‏ والقُذَّة‏:‏ لعلها من القَذِّ وهو القطع، يعني به قَطْعَ الريشة المقذوذة على قدر صاحبتها في التسوية وهي فُعْلَة بمعنى مفعولة كاللُّقْمَة والغُرْفة، والتقدير حذياً حَذْوَ، ومن رفع أراد‏:‏ هُمَا حَذْوُ القذة‏.‏
1031- حِلْمِي أَصَمُّ وَأُذْنِي غَيْرُ صَمَّاءِ‏.‏
أي أُعْرِضُ عن الخَنَا بحلمي، وإن سمعته بأذني‏.‏
1032- حُورٌ فِي مَحَارَةٍ‏.‏
أي نقصان من ‏"‏حَارَ يَحُور حُؤُراً‏"‏ إذا رجع، ثم يخفف فيقال‏:‏ حُور، ومنه‏:‏
في بئر لا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَرْ* وروى شمر عن ابن الأعرابي‏:‏ حَوْرٌ في مَحَارة، بفتح الحاء، ولعله ذهب إلى الحديث ‏"‏نعوذ باللّه من الْحَوْر بعد الكور‏"‏‏.‏
1033- حَلَبَ الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ‏.‏
هذا مستعار من حَلَبَ أَشْطرُ الناقة، وذلك إذا حلب خِلْفَين من أخلافها، ثم يحلبها الثانية خِلْفَيْن أيضا، ونصب ‏"‏أَشْطُرَه‏"‏ على البدل، فكأنه قال‏:‏ حلَبَ أَشْطُرَ الدهر، والمعنى أنه اخْتَبَر الدهْرَ شطرى خيره وشره، فعرف ما فيه‏.‏ يضرب فيمن جَرَّبَ الدهر‏.‏
1034- حَسْبُكَ مِنْ غِنًى شِبَعٌ وَرِيٌّ‏.‏
أي اقْنَعْ من الغنى بما يُشْبِعك ويُرْوِيك وجُدْ بما فَضَلَ، وهذا المثل لامرئ القيس يذكر مِعْزىً كانت له فيقول‏:‏ ‏[‏ص 196‏]‏
إذا ما لم تكُنْ إبِلٌ فمِعْزىً * كأنَّ قُرُونَ جِلَّتِهَا الْعِصِيُّ
فَتَمْلأُ بيتَنَا أَقِطاً وسَمْناً * وحَسْبُك مِنْ غِنىً شِبَعٌ وَرِيُّ
قال أبو عبيد‏:‏ وهذا يحتمل معنيين أحدهما يقول‏:‏ أعْطِ كلَّ ما كان لك وراء الشبع والري، والآخر‏:‏ القَنَاعة باليسير، يقول‏:‏ اكْتَفِ به ولا تطلب ما سوى ذلك، والأول الوَجْهُ لقوله في شعر له آخر، وهو‏:‏
وَلَوْ أنما أَسْعَى لأدْنى معيشةٍ * كفاني، ولم أطلب، قليلً من المال
ولكنَّمَا أَسْعَى لمجدٍ مُؤَثَّلٍ * وقد يُدْرِكُ المجدَ المؤثَّلَ أَمْثَالِي
وَمَا المرءُ ما دامَتْ حُشَاشَةُ نَفْسِه * بمُدْرِكِ أَطْرَاف الخُطُوبِ وَلاَآلِ
فقد أخبر ببُعْد همته وقدره في نفسه‏.‏
1035- حَسْبُكَ مِنَ القِلاَدَةِ مَا أحَاك بِالعُنُقِ‏.‏
أي اكْتَفِ بالقليل من الكثير‏.‏
1036- حَبْلَكِ عَلَى غَارِبِكِ‏.‏
الغاربُ‏:‏ أعلى السَّنام، وهذا كناية عن الطلاق، أي اذْهَبي حيثُ شئت، وأصله أن الناقة إذا رَعَتْ وعليها الخِطامُ ألقى على غاربها، لأنها إذا رأت الخِطامَ لم يَهْنئها شيءٌ‏.‏
1037- حبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي ويُصِمُّ‏.‏
أي يُخْفي عليك مساويه، ويُصِمُّكَ عن سماع العذل فيه‏.‏



B-happy 3 - 3 - 2010 02:41 AM



1038- حَدَثُ مِنْ فِيك كَحَدَثٍ مِنْ فَرْجِك
يعني أن الكلام القبيحَ مثلُ الحَدَثِ، تمثل بن ابنُ عباس وعائشة رضي الله عنهما‏.‏
1039- حَبِيبٌ إِلَى عَبْدٍ مَنْ كدَّهُ‏.‏
يعني أن مَنْ أهانه وأتعبه فهو أَحَبُّ إليه من غيره، لأن سجاياه مَجْبُولة على احتمال الذل‏.‏
1040- حَسَنُ فِي كُلِّ عَيْنٍ مَا تَوَدّ‏.‏
هذا قريب من قولهم ‏"‏حبك الشيء يعمي ويصم‏"‏‏.‏
1041- حَتَنَى لاَ خَيْرَ فِي سَهْمٍ زلخ‏.‏
قال الليث‏:‏ الزَّلْخُ رفْعُ اليدِ في الرمي إلى أقصى ما تقدر عليه، تريد بُعْدَ الغَلْوَة، وأنشد‏:‏ مِنْ مائَةٍ زَلْخٍ بِمِرِّيخٍ غال*
وَحَتَنَى‏:‏ فَعَلَى من الاحْتِتَان، وهو التساوي، يقال‏:‏ وقع النبل حَتَنَى، إذا وَقَعَتْ متساوية، ويروى ‏"‏حَتَنَى لا خَيْرَ في سَهْم زلج‏"‏ يقال‏:‏ سَهْم زالج، إذا كان يتزلج عن ‏[‏ص 197‏]‏ القوس، ومعنى زلج خَفَّ عن الأرض، ويقال‏:‏ السهم الزالج الذي إذا رمى به الرامي قَصُر عن الهَدَف وأصاب الصخرة إصابة صلبة ثم ارتفع إلى القرطاس فأصابه، وهذا لا يُعَدُّ مُقَرْطِساً، فيقال لصاحبه ‏"‏الحَتَنَى‏"‏ أي أَعِدِ الرمي فإنه لا خير في سهم زلج، فالحَتَنَى يجوز أن يكون في موضع رفع خبر المبتدأ‏:‏ أي هذا حَتَنَى، ويجوز أن يكون في موضع نصب‏:‏ أي قد احْتَتَنَّا احتتانا، أي قد استوينا في الرمي فلا فَضْل لك عليَّ فأعِدِ الرمي‏.‏ يضرب في التساوي وترك التفاوت‏.‏
1042- حِرَّةٌ تَحْتَ قِرَّة‏.‏
الحِرَّة‏:‏ مأخوذة من الحرارة، وهي العطش، والقِرَّة‏:‏ البرد، ويقال‏:‏ كسر الحرة لمكان القرة، قالوا‏:‏ وأشد العَطَش ما يكون في يوم بارد‏.‏
يضرب لمن يُضْمِرُ حِقْدا وغَيْظا ويُظْهر مُخَالصة‏.‏
1043- الحَرْبُ خُدْعَة‏.‏
يروى بفتح الخاء وضمها، واختار ثعلب الفتحة، وقال‏:‏ ذُكِرَ لي أنها لغة النبي صلى اللّه عليه وسلم، وهي فَعْلَة من الخَدْع، يعني أن المحارب إذا خَدَع مَنْ يُحَاربه مرة واحدة وانخدع له ظَفِرَ به وهَزَمه، والخُدْعَة بالضم معناها أنه يخدع فيها القِرْنَ، وروى الكسائي خُدَعَة - بضم الخاء وفتح الدال - جعله نعتا للحَرْب‏:‏ أي أنها تَخْدَع الرجالَ، مثله هُمَزَة ولُمَزَة ولُعَنَة، لذي يَهْمز ويَلْمِز ويَلْعَن، وهذا قياس‏.‏
1044- الحَدِيثُ ذُو شُجُون‏.‏
أي ذو طُرُقٍ، الواحدُ شَجْنٌ بسكون الجيم، والشواجن‏:‏ أودية كثيرة الشجر، الواحدةُ شَاجِنة، وأصلُ هذه الكلمة الاتصالُ والالتفاف، ومنه الشجنة، والِشَّجْنَةُ‏:‏ الشجرة الملتفة الأغصان‏.‏
يضرب هذا المثل في الحديث يُتَذَكر به غيره‏.‏
وقد نظم الشيخ أبو بكر علي بن الحسين القهستاني هذا المثَلَ ومثلاً آخر في بيت واحد، وأحسن ما شاء، وهو‏:‏
تَذَكَّرَ نَجْداً والحديثُ شُجونُ * فَجُنَّ اشْتِيَاقاً والجُنُوُنُ فُنُونُ
وأول من قال هذا المثل ضَبَّة بن أدّ ابن طابخة بن إلياس بن مُضَر، وكان له ابنان يقال لأحدهما سَعْد وللآخر سعيد، فنقرت إبل لضبة تحت الليل، فَوَجَّه ابنيه في طَلَبها، فتفرقا فوجَدَها سَعْد، فردَّها، ومضى سعيد في طلبها فلقيه الحارث بن كعب، ‏[‏ص 198‏]‏ وكان على الغلام بُرْدَانِ فسأله الحارث إياهما، فأبى عليه، فقتله وأخذ بُرْدَيْه، فكان ضبة إذا أمسى فرأى تحت الليل سَوَادا قال‏:‏ أسَعْد أم سعيد‏؟‏ فذهب قوله مثلا يضرب في النجاح والخيبة، فمكث ضبة بذلك ما شاء الله أن يمكث، ثم إنه حجَّ فوافى عُكَاظ فلقي بها الحارث بن كعب ورأى عليه بُرْدَىْ ابنه سعيد، فعرفهما، فقال له‏:‏ هل أنت مُخْبِرِي ما هذان البردان اللذان عليك‏؟‏ قال‏:‏ بلى لقيتُ غلاما وهما عليه فسألتهُ إياهما فأبى علي فقتلته وأخذتُ بُرْدَيه هذين، فقال ضبة‏:‏ بسيفك هذا‏؟‏ قال‏:‏ نعم، فقال‏:‏ فأعْطِنِيه أنظر إليه فإني أظنه صارما، فأعطاه الحارث سيفه، فلما أخَذَه من يده هَزَّهُ، وقال‏:‏ الحديثُ ذو شجون، ثم ضربه بِهِ حتى قتله، فقيل له‏:‏ يا ضبة أفي الشهر الحرام‏؟‏ فقال‏:‏ سَبَقَ السيف العذل، فهو أول مَنْ سار عنه هذه الأمثال الثلاثة‏.‏ قال الفرزدق
لاتأمنَنَّ الحربَ إنَّ اسْتِعَارَها * كَضَبَّةَ إذ قال‏:‏ الْحَدِيثُ شُجُونُ‏.‏
1045- حُوْتاً تُمَاقِسُ‏.‏
الْمُمَاقَسَة‏:‏ مُفَاعلة من المَقْسِ، يقال‏:‏ مَقَسَه في الماء ومَقَلَه وكذلك قَمَسَه، إذا غَطَّه
يضرب للرجل الداهي يُعَارضه مثله، وينشد‏:‏
فإن تَكُ سَبَّاحاً فإنِّي لَسَابِحٌ * وإن تَكُ غَوَّاصاً فَحُوتاً تُمَاقِسُ‏.‏
1046- حَدَسَ لَهُمْ بمُطْفِئَةِ الرَّضْفِ‏.‏
يقال‏:‏ حَدَسَ بالشاة، إذا أضجعها على جنبها ليذبحها، قال اللَّحْياني‏:‏ معنا ذَبَحَ لهم شاة مهزولة تُطْفئ النار ولا تَنْضَج، وقيل‏:‏ تطفئ الرَّضْفَة من سِمَنها، ويقال‏:‏ حَدَس إذا جاء يَحْدِسُ حَدْساً، والمعنى جادلهم بكذا، وروى أبو زيد ‏"‏حَدَسَهم بمُطْفِئة الرَّضْفِ‏"‏‏.‏
1047- حَرَامَهُ يَرْكَبُ مَنْ لاَ حَلاَلَ لَهُ‏.‏
ذكر المُفَضَّل بن محمد الضبي أن جُبَيْلة ابن عبد الله أخا بني قُرَيْع بن عَوْفٍ أغار على إبل جرية بن أوس بن عامر يوم مَسْلوق فأطرد إبلَه غير ناقة كانت فيها مما يُحَرِّمُ أهلُ الجاهلية ركوبها، وكان في الإبل فرس لجرية يقال له العمود، وكان مربوطا، ففزع فذهب، وكان لجرية ابنُ أختٍ يَرْعَى إبله، فبلغ الخبر خاله والقوم قد سبقوا بالإبل غير تلك الناقة الحرام، فقال جرية‏:‏ رُدَّ على تلك الناقة لأركَبهَا في أثر القوم، فقال له الغلام‏:‏ إنها حرام، فقال جرية‏:‏ حَرَامَه يركَبُ مَنْ لا حلاَلَ له‏.‏ ‏[‏ص 199‏]‏
يضرب لمن اضطر إلى ما يكرهه‏.‏
1048- الحُسْنُ أَحْمَرُ‏.‏
قالوا‏:‏ معناه من قولهم ‏"‏موت أحمر‏"‏ أي شديد، ومنه ‏"‏كنا إذا احْمَرَّ البأسُ اتَّقَيْنَا برسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏"‏ أي اشتد‏.‏ ومعنى المثل مَنْ طلبَ الجمالَ احتمَلَ المشقَّةَ‏.‏ وقال أبو السمح‏:‏ إذا خَضَبَت المرأةُ يديها وصَبَغَتْ ثوبها قيل لها هذا، يريد أن الحسن في الحمرة‏.‏ وقال الأزهري‏:‏ الأحمر الأبيض، والعرب تْسَمِّي المَوَاليَ من عجم الفرس والروم ‏"‏الْحُمْرَ‏"‏ لغلبة البياض على ألوانهم، وكانت عائشة رضي الله عنها تسمى ‏"‏الْحُمَيْرَاءَ‏"‏ لغلبة البياض على لونها‏.‏
1049- حانِيَةٌ مُخْتَضِبَةٌ‏.‏
وذلك أن امرأة مات زوجُها ولها ولد، فزعمت أنها تحنو على ولدها ولا تتزوج، وكانت في ذلك تَخْضِبُ يديها، فقيل لها هذا القول‏.‏
تضربه لمن يَريبُكَ أمرُه‏.‏
1050- حَمِيمُ الَمْرءِ وَاصِلُهُ‏.‏
يقال‏:‏ إن أول مَنْ قال ذلك الخنابس ابن المقنع، وكان سيداً في زمانه، وإن رجلا من قومه يقال له كلاب بن فارع، وكان في غنم له يَحْمِيها، فوقَع فيها لَيْث ضارٍ، وجعل يحطمها، فَانْبَرَى كلاب يَذُبُّ عنها، فحمل عليه الأسدُ فخبطَه بمخالبه خبطة، فانكَبَّ كلاب وجَثَم عليه الأسد، فوافق ذلك من حاله رجلان‏:‏ الخنابر بن مرة، وآخر يقال له حَوْشَب، وكان الخنابر حميمَ كلاب، فاستغاث بهما كلاب، فحاد عنه قريبُه وخَذَله، وأعانه حَوْشَب فحمل على الأسد وهو يقول‏:‏
أعَنْتُهُ إذْ خَذَلَ الخنابِرُ * وقَدْ عَلاَه مُكْفَهِرٌّ خَادِرُ
هرامس جَهْمٌ لَهُ زَمَاجِرُ * وَنَابه حَرْداً عليه كَاشِرُ
ابْرُزْ فإنِّي ذو حُسَام حَاسِرُ * إني بهذَا إنْ قتلت ثابر
فعارضه الأسدُ وأمكن سيفَه من حِضْنَيْهِ، فمر بين الأضلاع والكتفين، فخرَّ صريعا، وقام كلاب إلى حوشب وقال‏:‏ أنت حَمِيمي دون الخنابر، وانطلق كلاب بحَوْشب حتى أتى قومه وهو آخذ بيد حَوْشب يقول‏:‏ هذا حميمي دون الخنابر، ثم هلك كلاب بعد ذلك، فاختصم الخنابر وحَوْشَب في تركته، فقال حَوْشَب‏:‏ أنا حميمه وقريبه، فلقد خذلتَه ونصرتُه، وقطعتَه ووصلتهُ، وصَمِمْتُ عنه وأجَبْتُه، ‏[‏ص 200‏]‏ واحتكَما إلى الخنابس فقال‏:‏ وما كان من نُصْرَتك إياه‏؟‏ فقال‏:‏
أجَبْتُ كِلاَباً حينَ عَرّد إلْفُه * وخَلاَّه مَكْبُوباً عَلَى الوَجْهِ خنْبَرُ
فلمَّا دعاني مُسْتغيثا أجَبْتُه * عليه عَبُوس مكفَهِرٌّ غَضَنْفَرُ
مَشَيْتُ إليه مَشْىَ ذي العِز إذْ غَدَا * وأقْبَلَ مختالَ الْخُطَا يَتَبَخْتَرُ
فلمَّا دنا من غَرْب سَيْفِي حَبَوْتُه * بأبْيَضَ مَصْقُولِ الطَّرَائِقِ يَزْهَرُ
فقطَّعَ ما بَيْنَ الضُّلُوعِ وحِضْنُهُ * إلى حضْنِهِ الثَّاني صَفِيحٌ مُذَكَّرُ
فخَرَّ صَرِيعاً فِي التراب مُعَفَّراً * وقَدْ زَارَ منه الأرْضَ أنفٌ وَمِشْفَرُ
فشهد القومُ أن الرجل قال‏:‏ هذا حميمي دون الخنابر، فقال الخنابس عند ذلك‏:‏ حميمُ المرء وَاصِلهُ، وقضى لحَوْشَب بتركته، وسارت كلمته مثلا‏.‏
1051- حُبَّ إِلَى عَبْدٍ مَحْكِدُهُ‏.‏
الْمَحْكِدُ‏:‏ الأصل، وهي لغة عقيل، وأما كِلاَب فيقولون‏:‏ مَحْقِد، ويروى ‏"‏حبيبٌ إلى عبدِ سوءٍ محكده‏"‏‏.‏
يضرب لمن يحرص على ما يَشِينه‏.‏
وقيل‏:‏ معناه أن الشاذَّ يحب أصله وقومه حتى عبد السوء يحب أصله‏.‏
1052- احْمِلِ العَبْدَ عَلَى فَرَسٍ، فإِنْ هَلَكَ هَلَكَ وإِنْ عَاشَ فَلَكَ‏.‏
يضرب هذا لكل ما هَانَ عليك أن تخاطر به‏.‏
1053- حَدَّثَنِي فَاهُ إِلىَ فيَّ‏.‏
وذلك إذا حَدَّثَكَ وليس بينكا شيء، والتقدير‏:‏ حدثني جاعلا فاهُ إلى فيَّ، يعني مُشَافِها‏.‏
1054- حَوِّلْهَا مِنْ ظَهْرِكَ إِلىَ بَطْنِكَ‏.‏
الهاء للخُطَّة‏:‏ أي حَوِّلها إلى قرينك فتنجو‏.‏
1055- أَحُشُّكَ وَتَرُوثُنِي‏.‏
أراد تروث على، فحذف الحرف وأوصل الفعل‏.‏
يضرب لمن يَكْفُر إحسانك إليه‏.‏
ويروى أي عيسى عليه السلام عَلَفَ حماراً وأنه رَمَحه، فقال‏:‏ أعطيناه ما أشبهنا وأعطانا ما أشبهه‏.‏
ويروى ‏"‏أحُسُّك‏"‏ بالسين غير المعجمة‏.‏
1056- أَحْلَبْتَ نَاقَتَكَ أَمْ أَجْلَبْت‏.‏
يقال ‏"‏أَحْلَبَ الرجلُ‏"‏ إذا نتجت إبله إناثا فيحلب ألبانها، و ‏"‏أجْلَبَ‏"‏ إذا نتجت إبله ذكورا فيجلب أولادها للبيع، والعرب تقول في الدعاء على الإنسان‏:‏ لا أحْلَبْتَ ولا ‏[‏ص 201‏]‏ أجْلَبْتَ، ودعا رجل على رجلٍ فقال‏:‏ إن كنت كاذِباً فخلَبْتَ قاعدا وشرِبْت باردا، أي حلبت شاة لا ناقة، وشربت باردا على غير ثقل‏.‏
1057- أَحاديثُ الضَّبُعِ اسْتُها‏.‏
وذلك أن الضبع يزعمون أنها تَتَمَرَّغ في التراب ثم تُقْعِي فتتغنى بما لا يفهمه أحد، فتلك أحاديث استها‏.‏ يضرب للمُخَلِّطِ في حديثه‏.‏
1058- أَحَبُّ أَهْلِ الكَلْبِ إِلَيْهِ الظاعِنُ‏.‏
وذلك أنه إذا سافر ربما عَطِبت راحلته فصارت طعاما للكلب‏.‏
يضرب للقليل الحِفَاظ كالكلب يخرج مع كل ظاعن ثم يرجع‏.‏
1059- أحَبُّ أَهْلِ الكَلْبِ إِلَيْهِ خانِقُهُ‏.‏
يضرب للئيم، أي إذا أذْلَلْتَه يُكْرِمك وإن أكرمته تمرَّدَ‏.‏
1060- حَلَّقَتْ بِهِ عَنْقَاءُ مُغْرِبٌ‏.‏
يضرب لما يئس منه، قال الشاعر‏:‏
إذا مَا ابْنُ عَبْدِ اللّهِ خَلَّى مَكَانَهُ * فقد حَلَّقَتْ بالجُودِ عَنْقَاءُ مُغْرِبُ
العنقاء‏:‏ طائر عظيم معروف الاسم مجهول الجسم، وأغرب‏:‏ أي صار غريباً، وإنما وُصِف هذا الطائر بالمُغْرِب لبعده عن الناس، ولم يؤنِّثُوا صفته لأن العنقاء اسمٌ يقع على الذكر والأنثى كالدابة والحية، ويقال‏:‏ عَنْقَاءُ مُغْرِبٌ على الصفة ومُغْرِبِ على الإضافة كما يقال مَسْجدُ الجامِعِ وكتابُ الكامِلِ‏.‏
1061- حِدَأَ حِدَأَ وَرَاءَكِ بُنْدُقَهُ‏.‏
قال الشَّرْقّي بن القطامي‏:‏ حِدَأ بن نَمِرَة بن سعد العشيرة وهو بالكوفة، وبُنْدُقَة بن مَظَّةَ وهو سُفْيان بن سَلْهم بن الحكَم بن سعد العشيرة وهم باليمن، أغارت حِدَأ على بُنْدُقة فنالت منهم، ثم أغارت بندقة عليهم فأبادتهم قال ابن الكلبي‏:‏ فكانت تغزو بها‏.‏
يضرب لمن يَتَبَاصَرُ بالشيء فيقع عليه من هو أبصر منه‏.‏
وقال أبو عبيدة‏:‏ يراد بذلك هذا الحِدَأ الذي يَطِير، وعلى ما قال البندقة ما يرمى به‏.‏
يضرب في التحذير‏.‏
1062- حَيْثُ ما ساءَكَ فالْعُكْلِىُّ فِيِهِ‏.‏
يقال‏:‏ إن الزَّبْرِقَانَ بن بدر كانت أمه عُكْلِية، وكان الزبرقان في أخواله يَرْعَة ضَئينا، فقال خاله يوماً‏:‏ لأْنُظَرَّن إلى ابن أختي إذا راح مُمْسِيا أعِنْده خير أم لا‏؟‏ فلما راح مُظْلِما أدخل خالُه يدَيْه في يَدَيْ ‏[‏ص 202‏]‏ مِدْرَعَتِهِ فمدَّهما، ثم قام في وجهه، فقال الزبرقان‏:‏ مَنْ هذا‏؟‏ تَنَحَّ، فأبى أن يتنحى، فرماه فأقْصَدَه، فقال‏:‏ قَتَلْتَني، فدنا منه الزبرقان فإذا هو خاله، فقال هذا القول، فذهب مثلا‏.‏
1063- حَلَّ بِوَادٍ ضَبُّهُ مَكُون‏.‏
المَكْنُ‏:‏ بَيْضُ الضِّبَاب، والمَكُون‏:‏ الضبة الكثيرة البيض‏.‏
يضرب لمن نَزَلَ برجل متموِّل يتصرَّفُ ويتقلَّب في نَعْمَائه‏.‏
1064- حَمْداً إِذَا اسْتَغْنَيْتَ كَانَ أَكَرَمَ‏.‏
يعني إذا سألتَ إنساناً شيئا فبذَله لك واستغنيت فاحمدهُ، واشكر له، فإن حَمْدَك إياه أقربُ إلى الدليل على كرمك‏.‏
1065- حَدُّ إِكامٍ وانْصِرَاد وغَسَمْ‏.‏
الإكامُ‏:‏ جمع أكَمَة، وهي الرَّبْوَة الصغيرة، وانصراد‏:‏ أي وجْدَان البرد، قلت‏:‏ الانْصِرَادُ لفظه ما رأيته مستعملا إلا ههنا، واللّه أعلم بصحته‏.‏ والغَسَمُ‏:‏ الظُّلمة‏.‏
هذا رجل يشكو امرأته وأنه في بلية منها، وحد الإكَامِ‏:‏ طرفها، وهو غير مَقَرٍّ لمن يسكنه‏.‏
يضرب لمن ابتلى بشيء فيه كل شر، ولا يستطيع مفارقته‏.‏
1066- حَنْظَلَةُ الجِرَاحِ لَيْسَتْ لِلَّعِبِ‏.‏
هذا مثل قولهم ‏"‏فلان لا يلعب بحنظلته‏"‏ إذا كان مَنِيعاً‏.‏
1067- حَوْبَكَ هَلْ يُعتَمُ بِالسَّمارِ‏.‏
حَوْبَكَ‏:‏ من قولهم حوب، وهي كلمة تُزْجَرُ بها الإبل، فكأنه قال‏:‏ أزْجُرُكَ زَجْراً، وأعتم‏:‏ أبطأ‏.‏ والسَّمار‏:‏ اللبن الكثير الماء، يقول‏:‏ إذا كان قِرَاكَ سَمَاراً فما هذا الإعتام‏.‏
يضرب لمن يَمْطُل ثم يُعْطِي القليل‏.‏
1068- أَحْبَضَ وَهْوَ يَدَّعِيهِ مَخْطاً‏.‏
يقال‏:‏ حَبَضَ السهمُ يَحْبِض، إذا وقع بين يدي الرامي، وأحْبَضَه صاحبه، والمَخْطُ‏:‏ أن ينفذ من الرمية‏.‏ يضرب لرجل يسيء وهو يَرَى أنه يُحْسِن‏.‏
ونصب مَخْطا على أنه المفعول الثاني، أي يَزْعُمُه مخطا‏.‏
1069- حَجَا بِبَيْتٍ يَبْتَغِي زادَ السَّفَرِ‏.‏
يقال‏:‏ حَجَا بالمكانِ يَحْجُو حَجْواً، إذا أقام به، فهو حَجٍ وحَجِيٌّ، أي مقيم ببيت لا يبرحه ويطلب أن يُزَوَّد‏.‏ يضرب لمن يطلبُ ما لا يحتاج إليه‏.‏ ‏[‏ص 203‏]‏
1070- حَيْضَةُ حَسْنَاءَ لَيسَتْ تُمْلَكُ‏.‏
يعني أن الحسناء لا تُلاَم على حيضتها لأنها لا تملكها‏.‏
يضرب للكثير المحاسن والمناقب تحصل منه زَلة، أي كما أن حيضتها لا تُعَدُّ عيبا فكذلك هذه‏.‏
1071- أحْمَقُ يَمْطَخُ الماء‏.‏
أي يَلْعَقُ الماء‏.‏ قال أبو زيد‏:‏ المَطْخ‏:‏ اللَّعْقُ، وهذا كما يقال ‏"‏أحْمَقُ من لاعِقِ الماء‏"‏‏.‏
1072- احْتَلِبْ فَرْوَهْ‏.‏
زعموا أن رجلا قال لعبدٍ له‏:‏ احْتَلِب فَرْوَهْ، لناقة له تدعى فروه، فقال‏:‏ ليس لها لبن، فقال‏:‏ احْتَلِبْ فَرْوَهْ، يوهم القومَ أنه يأمره أن يَرْوَى من لبن الناقة، أي فَارْوَ مِنْهُ، فلما وقف على ‏"‏فَارْوَ‏"‏ زاد هاء للسكت، كما يقال اغْزُهْ وارْمِهْ‏.‏
يضرب للمُسيء الذي يرى أنه محسن‏.‏
1073- حَتَّى يَرْجِعَ السَّهْمُ عَلَى فُوقِهِ‏.‏
وهذا لا يكون، لأن السهم لا يَرْجع على فُوقه أبدا، إنما يمضي قُدُماً‏.‏
يضرب لما يستحيل كونُه، ومثلُه‏:‏
1074- حَتَّى يَرْجِعَ الدَّرُّ فِي الضَّرْعِ ‏.‏
وهذا أيضاً لا يمكن‏.‏
1075- حَيْنٌ وَمَنْ يَمْلِكُ أقْدَارَ الْحَيْنِ‏؟‏
أي‏:‏ هذا حَيْن ومَنْ يملك ما قُدِّرَ منه، يضرب عند دُنُوّ الهلاك‏.‏
1076- حَافِظْ عَلَى الصَّدِيقِ وَلَوْ فِي الحَرِيق‏.‏
يضرب في الحثِّ على رعاية العهد‏.‏
1077- أحَقُّ الخَيْلِ بالرَّكْضِ المُعَارُ‏.‏
قالوا‏:‏ المُعَار من العارية، والمعنى لا شَفَقَة لك على العارية، لآنها ليست لك، واحتجوا بالبَيْت الذي قبله، وهو من قول بِشْر ابن أبي خازم يصف الفرسَ‏:‏
كأن حَفِيفَ مَنْخِرِه إذا ما * كَتَمْنَ الرَّبْوَ كِيرٌ مُسْتَعَارُ
وَجَدْنَا في كتاب بني تميم * أحَقُّ الخيلِ بالرَّكْضِ المُعَارُ
قالوا‏:‏ والكِير إذا كان عارية كان أشدَّ لكده، وقال من رد هذا القول‏:‏ المُعَار المُسَمَّنُ، يقال ‏"‏أعَرْتُ الفرَسَ إعارة‏:‏ إذا سَمَّنْته، واحتج بقول الشاعر‏:‏
أعِيُروا خَيْلَكم ثم ارْكُضُوها * أحَقُّ الْخَيْلِ بالركض المُعَارُ
واحتج أيضاً بأن أبا عُبَيدة كان يَزْعُم أن قوله *وجدنا في كتاب بني تميم* ليس ‏[‏ص 204‏]‏ لبشر، وإنما هو للطِّرِمَّاح، وكان أبو سعيد الضرير يروى ‏"‏المُغَار‏"‏ بالغين المعجمة - أي المضَمَّر من قولهم ‏"‏أَغَرْتُ الحبْلَ‏"‏ إذا فَتَلْته قلت‏:‏ يجوز أن يكون ‏"‏المعار‏"‏ بالعين المهملة من قولهم ‏"‏عارَ الفَرَسُ يَعيرُ‏"‏ إذا انْفَلتَ وذهب ههنا وههنا، وأعاره صاحبُه إذا حمله على ذلك، فهو يقول‏:‏ أحق الخيل بأن يُرْكَضَ ما كان مُعَارا لأن صاحبَه لم يُشْفق عليه، فغيرُه أحق بأن لا يشفق عليه‏.‏
وقال أبو عبيدة‏:‏ مَنْ جعل المعار من العارية فقد أخطأ‏.‏
1078- احْتَرِسْ مِنَ العَيْنِ فَوَالَلّهِ لَهِي أنَمُّ عَلَيْكَ مِنَ اللِّسانِ‏.‏
قاله خالد بن صَفْوَان، قال الشاعر‏:‏ ‏(‏الأبيات للعباس بن الأحنف، والذي أحفظه في عجز أولها ‏"‏وجزى اللّه كل خير لساني‏"‏‏.‏‏)‏
لا جَزَى اللّه دَمْعَ عينيَ خَيْراً * بل جَزَى اللّه كُلَّ خَيْرٍ لِسَانِي
نَمَّ طَرْفِي فليس يَكْتُم شيئا * وَوَجَدْتُ اللسانَ ذا كتمانِ
كنْتُ مثلَ الكِتابِ أخْفَاهُ طَيٌّ * فاستدَلُّوا عليه بالعُنْوَانِ
1079- حُلَّ عَنْكَ فَاظْعَنْ‏.‏
حُلَّ‏:‏ أمر من الحَلِّ، أي حُلَّ حبوتك وارتحل‏.‏
يضرب عند قرب البلاء وطلب الحيلة‏.‏
1080- أَحَادِيثُ الصُّمِّ إِذَا سَكِرُوا‏.‏
يضرب لمن يعتذر بالباطل، ويخلط ويكثر‏.‏
1081- أَحَادِيثُ طَسْمٍ وَأَحْلاَمُها‏.‏
يضرب لمن يخبرك بما لا أَصْلَ له‏.‏
1082- حَالَ الأَجَلُ دُونَ الأَمَلِ‏.‏
هذا قريب من قولهم ‏"‏حال الْجَرِيض دون القَريض‏"‏‏.‏
1083- حَبَّذَا وَطْأَةُ المَيْلِ‏.‏
أصله للرجل يميل عن دابته فيقال له‏:‏ اعْتَدِلْ، فيقول‏:‏ حبذا وَطْأة الميل، يعني أن مركبه جيد، فيعقر دابته وهو لا يشعر‏.‏
يضرب في الرجل يَعُقُّ من ينصحه‏.‏
1084- حَوَّلَهَا مِنْ عَجُزٍ إِلَي غَارِبٍ‏.‏
قال أبو زيد‏:‏ إنما يقال هذا إذا أردْتَ أن تطلبَ إلى رجلٍ حاجةً أو تخصُّه بخير، فصرفت ذلك إلى أخيه أو أبيه أو ابنه أو قريب له‏.‏
1085- حِينَ تَقْلِينَ تَدْرِينَ‏.‏
أصل هذا أن رجلا دخَلَ إلى قَحْبة وتمتَّع بها وأعطاها جذرها ‏(‏هكذا في الأصول كلها، ولعل الأصل ‏"‏جعلها‏"‏‏)‏ وسرق مِقْلًى لها ‏[‏ص 205‏]‏ فلما أراد الانصرافَ قالت له‏:‏ قد غَبَنْتُكَ، لأني كنتُ إلى ذلك العمل أَحْوَجَ منك وأخذتُ دراهمك، فقال لها‏:‏ حينَ تَقْلِينَ تدرين‏.‏ يضرب للمَغْبُون يظن أنه الغابن غيره‏.‏
1086- أَحْمَقُ بِلْغٌ‏.‏
أي يَبْلُغ ما يريد مع حُمْقه، ويروى بَلْغ - بفتح الباء - أي بالغ مُرَاده، قال اليَشْكُري‏:‏ ‏(‏البيت للحارث بن حلزة اليشكري‏)‏
‏[‏فَهَدَاهُمْ بالأَسْوَدَيْنِ و‏]‏ أَمْرُ الْـ * ـلهِ ‏(‏الله‏)‏ بَلْغٌ تَشْقَي به الأشْقِيَاءُ أيّ بالغ‏.‏
1087- الْحَزْمُ حِفْظُ ما كُلِّفْتَ، وَتَرْكَ ما كُفِيتَ‏.‏
هذا من كلام أكْثَمَ بن صيفي، وقريب من هذا قوله صلى اللّه عليه وسلم ‏"‏من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه‏"‏‏.‏
1088- حَبِيبٌ جَاء عَلَى فاقَةٍ‏.‏
يضرب للشيء يأتيك على حاجة منك إليه ومُوَافقة‏.‏
1089- حِمْلُ الدُّهَيْمِ وَمَا تَزْبِي‏.‏
الدُّهَيْم‏:‏ اسم ناقة عمرو بن الزَّبان التي حُمِلَ عليها رؤوسُ أولاده إليه، ثم سميت الداهية بها، والزَّبْىُ‏:‏ الحَمْل، يقال‏:‏ زَبَاه وَازْدَبَاه، إذا حمله‏.‏
يضرب للداهية العظيمة إذا تفاقَمَتْ‏.‏
1090- الْحُمَّى أَضْرَعَتْنِي لَكَ‏.‏
قال أبو عبيد‏:‏ يضرب هذا في الذل عند الحاجة تنزل‏.‏
ويروى ‏"‏الحمى أضرعتني للنوم‏"‏ قال المفضل‏:‏ أول من قال ذلك رجل من كَلْب يقال له مرير، ويروى مرين، وكان له أَخَوَانِ أكبر منه يقال لهما مرارة ومرَّة، وكان مرير لصاً مُغيراً، وكان يقال له الذئب، وإن مرارة خرج يتصيّد في جبل لهم فاختطفه الجن، وبلغ أهلَه خَبَرُه فانطلق مُرَّة في أثره حتى إذا كان بذلك المكان اخْتُطِف، وكان مرير غائباً، فلما قدم بلغه الخبر، فأقسم لا يشرب خمراً ولا يمس رأسَه غسْلٌ حتى يطلب بأخويه، فتنكَّب قوسَه وأخذ أسْهُما ثم انطلق إلى ذلك الجبل الذي هلك فيه أخَوَاه، فمكث فيه سبعة أيام لا يرى شيئاً، حتى إذا كان في اليومِ الثامن إذا هو بظَليم، فرماه فأصابه واسْتَقَلَّ الظَّليمُ حتى وقع في أسفل الجبل، فلما وَجَبَت الشمسُ بصر بشخص قائم على صَخْرة ينادي‏:‏
يا أيها الرامي الظَّليمِ الأْسَودِ * تَبَّتْ مَرَامِيكَ التي لم تَرْشُدِ ‏[‏ص 206‏]‏
فأجابه مرير‏:‏
يا أيها الهاتِفُ فَوْقَ الصَّخْرَهْ * كم عَبْرَةٍ هَيَّجْتَها وَعَبْرَهْ
بقتلكم مرارة ومُرَّهْ * فَرَّقْتَ جمعاً وتركْتَ حَسْرَهْ
فتوارى الجني عنه هويّاً من الليل، وأصابت مريراً حُمَّى فغلبته عيناه، فأتاه الجني فاحتمله، وقال له‏:‏ ما أَنَامَكَ وقد كنتَ حَذِراً‏؟‏ فقال‏:‏ الحمى أضْرَعَتْنِي للنوم، فذهبت مثلا‏.‏ وقال مرير‏:‏
أَلاَ مَنْ مُبْلِغٌ فتيانَ قَوْمِي * بما لاَقَيْتُ بعدهُمُ جميعا
غزوْتُ الجنَّ أطلُبهم بثأرِي * لأسْقِيَهُمْ به سمّاً نَقِيعاَ
فَيَعْرِضُ لي ظَليمٌ بعد سبع * فأرْمِيهِ فأتْرُكُهُ صَرِيعاَ
في أبيات أخر يطول ذكرها ‏(‏ويروى أن عمر بن معد يكرب الزبيدي قال هذا المثل لأمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب‏.‏‏)‏
1091- حَوْلَ الصِّلِّيَانِ الزَّمْزَمَةُ‏.‏
قال أبو زياد‏:‏ الصِّلِّيان من الطريفة ينبتُ صُعُدا، وأضخمه أعجازه على قدر نبت الحلي، وهو يُخْتَلَى للخيل التي لا تفارق الحي، والزَّمْزَمَة‏:‏ الصوت، يعني صوت الفرس إذا رآه‏.‏
يضرب للرجل يُخْدَم لثروته‏.‏
ويروى ‏"‏حَوْلَ الصُّلْبَان الزمزمة‏"‏ جمع صَليب، والزمزمة‏:‏ صوتُ عابِدِيها، قال الليث‏:‏ الزمزمة أن يتكلف العِلْجُ الكلامَ عند الأكل وهو مُطْبِقٌ فمه‏.‏
يضرب لمن يَحُوم حول الشيء لا يظهر مَرَامه‏.‏
1092- الحَرْبُ غَشُوم‏.‏
لأنها تَنَال مَنْ لم يكن له فيها جناية، وربما سلم الجاني‏.‏
1093- الْحَذَرُ قَبْلَ إِرْسَالِ السَّهْمِ‏.‏
تزعم العربُ أن الغراب أراد ابنُهُ أن يطير، فرأى رجلا قد فَوَّقَ سَهْما ليرميه، فطار، فقال أبوهُ‏:‏ اتَّئِدْ حتى تعلم ما يريد الرجل، فقال له‏:‏ يا أبتِ الحذر قبلَ إرسال السهم‏.‏
1094- حِلْسٌ كَشَفَ نَفْسَهُ‏.‏
الحِلْسُ‏:‏ كِساء رقيق يكون تحت بَرْذَعة البعير، وهو يستره، وهذا حِلْسٌ يُعَزِّي نفسَه‏.‏
يضرب لمن يقوم بالأمر يَصْنَعُه فيضيعه‏.‏ ‏[‏ص 207‏]‏
1095- احْفَظْ ما فِي الوِعَاءِ بِشَدِّ الوِكاءِ‏.‏
يضرب في الحث على أخذ الأمر بالحزم‏.‏
1096- حَزَّت حازَّةٌ عن كُوعِها‏.‏
يضرب في اشتغال القوم بأمرهم عن غيره‏.‏
1097- احْسُ فَذُقْ‏.‏
يضرب في الشَّماتة، أي كنت تنهى عن هذا فأنت جَنَيْته فاحْسُه وذُقْه‏.‏
وإنما قدم الحَسْوَ على الذَّوْق وهو متأخر عنه في الرتبة إشارة إلى أن ما بعد هذا أشد، يعني احْسُ الحاضر من الشر، وذُقِ المنتظر بعده‏.‏
1098- أَحَشَفَاً وَسُوءَ كِيلَةٍ‏.‏
الكِيلَة‏:‏ فِعْلَة من الكَيْل، وهي تدلّ على الهيئة والحالة نحو الرِّكْبة والْجِلْسَة‏؟‏ والحَشَفُ‏:‏ أَرْدَأ التمر، أي أتجمَعُ حشَفَا وسوء كيل‏.‏
يضرب لمن يجمع بين خَصْلتين مكروهتين‏.‏
1099- حَالَ صَبُوحُهُمْ دُونَ غَبُوقِهِمْ‏.‏
يضرب للأمر يسعى فيه، فلا ينقطع ولا يتم‏.‏
1100- الحقُّ أَبْلَجُ وَالبَاطِلُ لَجْلَجٌ‏.‏
يعني أن الحق واضح، يقال‏:‏ صُبْح أَبْلَج، أي مُشْرِق، ومنه قوله‏:‏
حَتَّى بَدَتْ أَعْنَاقُ صُبْح أَبْلَجَا* وفي صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏"‏أبلج الوجه‏"‏ أي مُشْرِقُه‏.‏ والباطل لجلج‏:‏ أي مُلْتَبِس، قال المبرد‏:‏ قوله لجلج أي يَتَرَدَّد فيه صاحبُه ولا يصيب منه مخرجاً‏.‏
1101- الحَفِيظَةُ تًحَلِّلُ الأَحْقَادَ‏.‏
الحَفِيظَة والحِفْظَةُ‏:‏ الغضب والحميَّةُ، والحفائظ‏:‏ جمع حَفِيظة‏.‏ ومعنى المثل‏:‏ إذا رأيتَ حميمَك يُظْلَم حميتَ له، وإن كان في قلبك عليه حِقْد‏.‏
1102- الحَرِيصُ يَصِيدُكَ لا الْجَوَادُ‏.‏
أراد يصيد لك، يقول‏:‏ إن الذي له هَوًى وحِرْص على شأنك هو الذي يقوم به لا القويّ عليه ولا هَوَى له فيك‏.‏
يضرب لمن يستغني عن الوَصِيَّة لشدة عنايته بك‏.‏
1103- حَدِّثْ عَنْ مَعْنٍ وَلاَ حَرَج‏.‏
يَعْنُونَ مَعْنَ بن زائدة بن عبد اللّه الشيباني، وكان من أَجْواد العرب‏.‏
1104- حَلَفَ بالسَّماءِ والطَّارِقِ‏.‏
قال الأصمعي‏:‏ يراد بالسماء المطر، وبالطارق النجم، لأنه يَطْرُق أي يطلع ليلا، والطروق لا يكون إلا بالليل‏.‏ ‏[‏ص 208‏]‏
1105- حلَفَ بالسَّمَرِ وَالقَمَرِ‏.‏
قال الأصمعي‏:‏ السمر الظُّلْمة، وإنما سميت سمراً لأنهم كانوا يجتمعون في الظلمة فيسمرون، ثم كثر ذلك حتى سميت سَمَراً‏.‏
1106- الْحَزْمُ سُوءُ الظَّنِّ بالنَّاسِ‏.‏
هذا يروى عن أكْثَمَ بن صَيْفي التميمي‏.‏
1107- الْحُرُّ حُرٌّ وَإِنْ مَسَّهُ الضُّرُّ‏.‏
وهذا أيضاً يروى عنه في كلام له‏.‏
1108- الْحَامِلُ عَلَى الكَرَّازِ‏.‏
هذا مثل يضرب لمن يُرْمَى باللؤم‏.‏ يعني أنه رَاعٍ يحمل زادَه على الكَبْش وأول من قاله مُخَالس بن مُزَاحم الكَلْبي لقاصر بن سَلَمة الْجُذَامي، وكانا بباب النعمان ابن المنذر، وكان بينهما عداوة، فأتى قَاصِر إلى ابن فَرْتَنَى - وهو عمرو بن هند أخو النعمان بن المنذر - وقال‏:‏ إن مُخَاِلساً هَجَاك وقال في هِجائه‏:‏
لقد كان مَنْ سَمَّى أباك ابنَ فَرْتَنَى * به عارفاً بالنَّعْت قبل التَّجَارِبِ
فسماه من عِرْفَانِهِ جَرْوَ جَيْأَلٍ * خليلة قشع خَامِلِ الرجل سَاغِبِ
أبا مُنْذِرٍ أَنَّى يقودُ ابنُ فَرْتَنَى * كَرَادِيسَ جمهور كثير الكتائب
وما ثبتت في مُلْتَقَى الخيلِ ساعةً * له قَدَمٌ عند اهتزاز القَوَاضِبِ
فلما سمع عمرو ذلك أتى النعمان فشكا مُخَالسا، وأنشده الأبيات، فأرسل النعمان إلى مُخَالس، فلما دخل عليه قال‏:‏ لا أمَّ لك‏!‏ أتهجو امرأً هو ميتاً خير منك حياً، وهو سقيماً خير منك صحيحاً، وهو غائباً خير منك شاهداً، فبرحمة ماء المُزْنِ، وحَقِّ أبي قابوس لئن لاح لي أن ذلك كان منك لأنْزِعَنَّ غَلْصَمَتَكَ من قَفَاك ولأطعِمَنَّكَ لحمك، قال مُخَالس‏:‏ أبيتَ اللَّعْن‏!‏ كلا والذي رفع ذِرْوَتَك بأعمادها، وأمات حُسَّادك بأكمادها، ما بُلِّغْتَ غيرَ أقاويل الوُشَاة، ونمائم العصاة، وما هَجَوْتُ أحداً، ولا أهجو امرأً ذكرت أبداً، وإني أعوذ بجَدِّك الكريم، وعِزِّ بيتك القديم، أن ينالني منك عِقَاب، أو يُفَاجِئني منك عذاب، قبل الفحص والبيان، عن أساطير أهل البهتان، فدعا النعمان قَاصِراً فسأله، فقال قاصر‏:‏ أبيتَ اللعن‏!‏ وحَقِّكَ لقد هَجَاه، وما أرْوَانِيها سِوَاه، فقال مخالس‏:‏ لا يأخذَنَّ أيها الملِكُ منك قولُ امرئ آفك، ولا تُورِدْنِي سبيلَ المهالك، واستدلل على كذبك بقوله إني أرْوَيْتُه مع ما تعرف من عَدَاوته، فعرف النعمانُ صدقه، فأخرجهما، فلما خرجا قال ‏[‏ص 209‏]‏ مُخَالس لقاصر‏:‏ شَقِيَ جَدُّك، وسَفَل خَدُّك، بطل كَيْدُك، ولاح للقوم جُرْمُك، وطاش عني سَهْمُك، ولأنْتَ أضْيَقُ جُحْراً من نقَّاز، وأقلُّ قرًى من الحامل على الكَزَّاز، فأرسلها مثلاً‏.‏
1109- أَحْمَقُ ما يَجْأَى مَرْغَهُ‏.‏
المَرْغُ‏:‏ اللَّعَاب، ويَجْأَى‏:‏ يَحْبِسُ، قال أبو زيد‏:‏ أي لا يَمْسَح لُعَابه ولا مُخَاطه، بل يَدَعُه يسيل حتى يراه الناس‏.‏
يضرب لمن لا يَكْتُم سره‏.‏
1110- حَرُّ الشَّمْسِ يُلْجِئُ إِلىَ مَجْلِسِ سُوءٍ‏.‏
يضرب عند الرضا بالدنيء الحقير، وبالنزول في مكان لا يَلِيق بك‏.‏
1111- أحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَّا‏.‏
أي أحْبِبْهُ حُبّاً هَوْناً، أي سَهْلا يسيراً، و ‏"‏ما‏"‏ تأكيد، ويجوز أن يكون للابهام، أي حُبّاً مبهما لا يكثر ولا يظهر، كما تقول‏:‏ اعْطِنِي شيئاً ما، أي شيئاً يَقَعُ عليه اسم العطاء وإنْ كان قليلا‏.‏ والمعنى لا تُطْلعه على جميع أسْرَارِك، فلعله يتغير يوماً عن مودتك، وقال النَّمِرُ بن تَولَب‏:‏
أحْبِبْ حَبِيبَكَ حُبّاً رُوَيْداً * فَقَدْ لا يَعُولُكَ أن تصرما
وأبغِضْ بَغِيضَكَ بُغْضاً رُوَيْداً * إذا أنْت حَاوَلْتَ أن تحكما
ويروى ‏"‏فليس يعولك‏"‏ أي فليس يَغْلبك ويفوتك صَرْمُه، وقوله ‏"‏أن تحكما‏"‏ أي أن تكون حكيما‏.‏ والغرض من جميع هذا كله النهيُ عن الإفراط في الحب والبغض، والأمر بالاعتدال في المعنيين‏.‏
1112- حَتَّامَ تَكْرَعُ ولاَ تَنْقَعُ‏.‏
يقال‏:‏ كَرَعَ في الماء وكَرِعَ أيضاً، إذا وَرَدَ الماء فتناوله بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفيه ولا بإناء، ونقَع‏:‏ معناه رَوِىَ وأرْوَى أيضاً، يتعدى ولا يتعدى‏.‏ يضرب للحريص في جمع الشيء‏.‏
1113- حَظِيِّينَ بَناتٍ صَلِفِينَ كَنَّاتٍ‏.‏
الحَظِىُّ‏:‏ الذي له حُظْوة ومَكَانة عند صاحبه، يقال‏:‏ حَظِيَ فلان عند الأمير، إذا وَجَد منزلة ورتبة، والصَّلِف‏:‏ ضده، وأصل الصَّلَف قلة الخير، يقال‏:‏ امرأة صَلِفة، إذا لم تَحْظ عند زوجها، والكَنَّة‏:‏ امرأة الابن وامرأة الأخ أيضاً، ونصب ‏"‏حظيين‏"‏ و ‏"‏صلفين‏"‏ على إضمار فعل، كأنه قال‏:‏ وجدوا أو أصْبَحُوا، ونصب ‏"‏بنات‏"‏ و ‏"‏كَنَّات‏"‏ على التمييز، كما تقول‏:‏ راحوا كرِيمِينَ آباء حَسَنِينَ وُجُوها‏.‏ ‏[‏ص 210‏]‏
يضرب هذا المثل في أمر يَعْسُر طلب بعضه ويتيسر وجود بعضه‏.‏
1114- حَال صَبُوحُهُمْ عَلَى غَبُوقِهِمْ‏.‏
يقال‏:‏ حال الماءُ على الأرض حولا، أي انْصَبَّ، وأحَلْتُه أنا‏:‏ صببته، قال لبيد‏:‏
كأن دُمُوعَه غَرْبا سَنَاةٍ * يُحِيلُونَ السِّجَالَ على السِّجَالِ
ومعنى المثل على ما قالوا‏:‏ افتقروا فقلّ لبنُهم، فصار صَبُوحهم وغَبُوقهم واحداً‏.‏
1115- حَمْدُ قَطاةٍ يَسْتَمِى الأَرَانِبَ‏.‏
زعموا أن الحمد فَرْخُ القَطَاة، ولَمْ أرَ له ذكرا في الكتب، واللّه أعلم بصحته، والاسْتِمَاء‏:‏ طلبُ الصيد، أي فَرْخُ قَطاة يطلب أن يصيد الأرانب‏.‏
يضرب للضعيف يروم أن يكيد قويّاً‏.‏
1116- حَوْضَكَ فالأَرْسَالُ جَاءَتْ تَعْتَرِكُ‏.‏
الأرْسَال‏:‏ جمع رَسَل، وهو القَطيع من الإبل، ونصب ‏"‏حَوْضَك‏"‏ على التحذير، أي احْفَظْ حوضَك فإن الإبل تَزْدَحم على الماء‏.‏
يضرب لمن كافَحَ مَنْ هو أقوى منه وأكثر عدة‏.‏
1117- حَظٌّ جَزِيلٌ بَيْنَ شِدْقَيْ ضَيْغَمٍ‏.‏
يضرب للأمر المَرْغوب فيه الممتنع على طالبه‏.‏
1118- حَلُوءَةٌ تُحَكُّ بِالذَّرَارِيحِ‏.‏
الحَلوء، على فَعُول‏:‏ أن تحك حَجَرا على حجر ثم جعلت الحكاكة على كفك وصَدَّأت به المِرْآة ثم كحلت به، والذراريح‏:‏ جمع الذَّرُّوح والذُّرُّوح والذرحرح والذَّرَّاح، وهي دويبة حمراء مُنّقَّطة بسواد تَطير، وهي من السموم‏.‏ يضرب لمن كان له قول حَسَن وفعل قبيح‏.‏
1119- حَيُّكَ لِلّيِّ أبَا َربِيعٍ‏.‏
الحَيُّ‏:‏ الجمع، واللَّيُّ‏:‏ المَطْل‏.‏ يضرب لمن يجمع المال ثم لا يعطي منه أحدا ولا ينتفع به‏.‏
1120- حَلُوبَة تُثْمِلُ ولاَ تُصَرِّحُ‏.‏
الحَلُوبة‏:‏ الناقة التي تحلب لأهل البيت أو للضيف، وأثْمَلَتِ الناقة، إذا كان لبنها أكْثَرَ ثُمالة من لبن غيرها، والثُّمَالة‏:‏ الرِّغْوة، وصَرَّحَت إذا كان لبنُها صُرَاحا أي خالصاً‏.‏
يضرب للرجل يكثر الوعيد والوعد، ويقل وفاؤه بهما‏.‏
1121- الحُصْنُ أدْنَى لَوْ تَأَيَّيْتِهِ‏.‏
الحُصْنُ‏:‏ العَفَاف، يقال‏:‏ حَصُنَت المرأة حُصْنا فهي حَاصِن وحَصَانٌ وحَصْناء أيضاً بَيِّنة الحَصَانة‏.‏ ‏[‏ص 211‏]‏
قيل‏:‏ كانت لامرأة ابنة فرأتها تَحْثو التراب على راكب، فقالت لها‏:‏ ما تصنعين‏؟‏ قالت‏:‏ أريه أني حَصَان أتعفف، وقالت‏:‏
يا أمَّتَا أبْصَرنِي راكبٌ * في بلد مُسْتَحْقرٍ لاحِبِ
فصرتُ أحثْو التُّربَ فِي وَجْهِهِ * عني وأنْفِي ُتْهَمَة العائب
فقالت أمها‏:‏
الحُصْنُ أوْلى لَوْ تأيَّيْتِهِ * من حَثْيكِ التُّرْبَ عَلَى الرَّاكِبِ‏.‏
فأرسلتها مثلاً، وتأيَّا‏:‏ معناه تعمَّد، وكذلك تآيا، على تَفَعَّل وتَفَاعل‏.‏
يضرب في ترك ما يشوبه ريبة وإن كان حسنَ الظاهر‏.‏
1122- الحَذَرُ أَشَدُّ مِنَ الوَقيعَةِ‏.‏
أي من الوقوع في المحذور، لأنه إذا وقَع فيه علم أنه لا ينفع الحذر‏.‏
1123- الحُرُّ يُعْطِي وَالعَبْدُ يَأْلَمُ قَلْبُهُ‏.‏
يعني أن اللئيم يكره ما يجود به الكريم‏.‏
1124- حَمِى سَيْلٍ راعِبٍ‏.‏
يضرب للذي يَلْتهم أقرانه ويغلبهم، والراعب من السيول‏:‏ الذي يملأ الوادى، والزاعب بالزاي‏:‏ الذي يتدافع في الوادي‏.‏
1125- حَتّى يَؤُوبَ القارِظَانِ‏.‏
و ‏"‏حتى يؤوب المُنَخَّل‏"‏ و ‏"‏حتى يرد الضَّب‏"‏ كل ذلك سواء في معنى التأبيد‏.‏
1126- حَرَّكَ خِشَاشَهُ‏.‏
أي فَعَلَ به فعلا ساءه وآذاه‏.‏
1127- الْحَليمُ مَطِيَّةُ الْجَهُولِ‏.‏
أي الحليمُ يتوطأ للجاهل فيركبه بما يريد، فلا يجازيه عليه كالمطية‏.‏
يضرب في احتمال الحليم‏.‏
وقال الحسن‏:‏ ما نَعَتَ اللّه من الأنبياء نَعْتاً أقلَّ مما نعتهم به من الحلم، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏إن إبراهيم لحليم أوَّاه منيب‏}‏ قال أبو عبيدة‏:‏ يعني أن الحلم في الناس عزيز‏.‏
1128- الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ‏.‏
هذا يروى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال بعضهم‏:‏ جعل الحياء وهو غريزة من الإيمان وهو اكتساب، لأن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي وإن لم يكن له تَقِية، فصار كالإيمان الذي يقطع بينها وبينه، ومنه الحديث الآخر ‏"‏إذا لم تَسْتَحِي فاصنع ما شئت‏"‏ أي من لم يستحي صَنَعَ ما شاء، لفظُه أمر ومعناه الخبر‏.‏
1129- احْفَظْ بَيْتَكَ مِمَّنْ لا تَنْشُدُهُ‏.‏
أي ممن يساكنك، لأنك لا تقدر أن تطلب منه المفقود‏.‏ ‏[‏ص 212‏]‏
1130- الحَازِم مَنْ مَلَكَ جِدُّهُ هَزْلَه‏.‏
يضرب في ذم الهزل واستعماله‏.‏
1131- حِرْبَاءُ تَنْضَبَةٍ‏.‏
التَّنْضَبُ‏:‏ شجر تُتَّخَذُ منه السهام، قاله ابن سلمة، والحرباء‏:‏ أكبر من العَظَاية شئياً، وهو يلزم هذه الشجرة‏.‏ يضرب لمن يلزم الشيء فلا يفارقه‏.‏
1132- حَمَّلْتَهُ حِمْلَ البَازِلِ وَهْوَ حِقٌ‏.‏
يضرب لمن يضع معروفه أو سِرَّه عند مَنْ لا يحتمله‏.‏
1133- حُكْمُكَ مُسَمَّطٌ‏.‏
أي مُرْسَل جائز لا يُعَقَّب، ويروى ‏"‏خذ حُكْمَكَ مسمطاً‏"‏ أي مُجَوَّزاً نافذا، والمُسَمّط‏:‏ المرسَل الذي لا يُرَدُّ‏.‏
1134- حَسْبُكَ مِنْ إِنْضَاجِهِ أَنْ تَقْتُلَهُ‏.‏
يضرب لمن طلب الثأر‏.‏
يقول‏:‏ واللّه لأقتلن فلانا وقومَه أجمعين فيقال له‏:‏ لا تعد حَسْبُك أن تُدْرِك ثأرك وطَلِبتك‏.‏
ويضرب لمن جاوز الحد قولا وفعلا‏.‏
1135- أَحَادِيثُ زَبَّانَ اسْتُهُ حينَ أَصْعَدا‏.‏
يضرب لمن يتمنى الباطل‏.‏
أي كان أحاديث هذا الرجل كذبا، وهذا مثل قولهم ‏"‏أحاديثُ الضبع اسْتُها‏"‏‏.‏
1136- الْحَدِيثُ أَنْزَى مِنْ ظَبْيٍ‏.‏
يعني أنه يفتح بعضُه بعضا، كما أن الظبي إذا نَزَا حمل غيرَه على ذلك‏.‏
1137- حَرّاً أَخَافُ عَلَى جَانِي كَمْأَةٍ لاَ قُرّاً‏.‏
يضرب للرجل يقول‏:‏ إني أخاف كذا وكذا ويكون الخوف في غيره‏.‏
1138- حُقَّ لِفَرَسٍ بِعِطْرٍ وَأُنُسٍ‏.‏
قال يونس‏:‏ كانت امرأة من العرب لها زوج يقال له فَرَس، وكان يكرمها، وكان سَخِيّاً، فمات وخَلَفه عليها شيخٌ، فبينا هو ذاتَ يوم يَسُوق بها إذ مرت بقبرِ فَرَسٍ فقالت‏:‏ يا فرس، يا ضَبُع أهله وأسد الناس، كسر الكبش بجفَرْ، وتركت العاقر أن تنحر، وبابات أخر، فقال الزوج‏:‏ وما هن‏؟‏ قالت‏:‏ كام لا يبيت بغَمْر كفيه، ولا يتشبَّع بخلَلَ سنيه، قال‏:‏ فدَفَعها عن البعير وقَشْوَتها بين يديها، فسقطت القَشْوَة على القبر، فقالت‏:‏ حُقَّ لفرسِ بعطْرٍ وأنُسٍ‏.‏
يضرب للرجل الكريم يثني عليه بما أولى وتقدير المثل‏:‏ حق لفرس أن يُتْحَف بعِطْر وأنْس، فثقل للازدواج‏.‏ ‏[‏ص 213‏]‏
1139- حَبَسَكَ الْفَقْرُ فِي دَار ضُرٍّ‏.‏
يضرب لمن يطلب الخير من غير أهله‏.‏
1140- حتَّى مَتَى يُرْمَى بِي الرَّجَوَانِ‏.‏
الرجا مقصورا‏:‏ الجانبُ، وجمعه أرجاء، والأرجاء‏:‏ الجوانب، وأريد ههنا جانبا البئر، لأن من رمى به فيه يتأذى من جانبيه ولا يصادف مُعْتَصَماً يتعلق به حواليه، والمعنى حتى متى أجْفَى وأقْصَى ولا أقَرَّب، وقال‏:‏
فلا يُرْمَى بي الرجوان، إني * أَقلُّ الْقَوْمِ مَنْ يُغْنِي مكاني ‏(‏في أصول هذا الكتاب‏"‏فلا يقذف بي الرجوان‏"‏ وليس بشيء‏)‏ ‏.‏
1141- حُطْتُمُونَا الْقَصَا‏.‏
قال الأصمعي‏:‏ القَصَا البُعْدُ والناحية، قال بشر‏:‏
فَحَاطُونَا الْقَصَا ولَقَدْ رَأوْنَا * قَريباً حَيْثُ يُسْتَمَعُ السِّرَارُ
أي تباعدوا عنا وهم حولنا، ولو أرادوا أن يَدْنُوا منا ما كنا بالبعد منهم، و ‏"‏القصا‏"‏ في موضع نصب لكونه ظَرْفاً، ويجوز أن يكون واقعا مَوْقِعَ المصدر‏.‏ يضرب للخاذل المتنحِّى عن نصرك‏.‏
1142- حتَّى يُؤَلَّفَ بَيْنَ الضَّبِّ والنُّونِ‏.‏
وهما لا يأتلفان أبدا، قال الشاعر‏:‏
إن يهبط النون أرضَ الضَّبِّ ينصره * يضلل ويأكله قَوْمٌ غَرَاثِينُ



B-happy 3 - 3 - 2010 02:44 AM



1143- حِسّاً وَلاَ أَنِيسَ‏.‏
أي مواعيد ولا إنجاز، مثل قولهم ‏"‏جَعْجَعَة ولا أرى طِحْناً‏"‏ أي أسمع حسا‏.‏ والحِسُّ والحسيس‏:‏ الصوتُ الخفي‏.‏
1144- حَمَلَهُ عَلَى قَرْنِ أَعْفَرَ‏.‏
أي على مَرْكَب وَعْر، قال الكُمَيت‏:‏
وكنَّا إذا جَبَّار قوم أرادنا * بكَيْدٍ حَمَلْناه على قَرْنِ أعْفَرَا
يقول‏:‏ نقتله ونحمل رأسه على السِّنان، وكانت الأسِنَّةُ من القرون فيما مضى من الزمان، ومثله قولهم‏:‏
1145- حَمَلَهُ عَلَى الأفْتَاءِ الصِّعَابِ‏.‏
الأفتاء‏:‏ جمع فتى من الإبل‏.‏ يضرب لمن يُلْقَى في شر شديد‏.‏
ويقولون في ضده‏:‏
1146- حَمَلَهُ عَلَى الشُّرُفِ الذُّلُلِ‏.‏
الشُّرُفُ‏:‏ جمع الشارف، وهي المُسِّنَة من النوق، يقال‏:‏ شارف وشُرُف، كما قالوا بازل وبُزُل وفَارِه وفُرُه‏.‏
1147- حَمِىَ فَجاشَ مِرْجَلُهُ‏.‏
أي غضب غضباً شديداً‏.‏ ‏[‏ص 214‏]‏
1148- الحَرْبُ سِجَالُ‏.‏
المُسَاجلة‏:‏ أن تَصْنَع مثلَ صنيع صاحبك من جرى أو سقى، وأصله من السَّجْل وهو الدَّلْو فيها ماء قل أو كثر، ولا يقال لها وهي فارغة سَجْل، قال الفضل بن العباس بن عُتْبة ابن أبي لَهَب‏:‏
منْ يُسَاجِلْنِي يُسَاجِلْ ماجدا * يَمْلأَ الدَّلْوَ إلى عَقْدِ الكَرَبْ
وقال أبو سفيان يوم أحد بعد ما وقعت الهزيمة على المسلمين‏:‏ اعْلُ هُبَلُ اعْلُ هُبَلُ، فقال عمر‏:‏ يا رسول اللّه ألا أجيبه‏؟‏ قال‏:‏ بلى يا عمر، قال عمر‏:‏ اللّه أعْلى وأجَلّ، فقال أبو سفيان‏:‏ يا ابن الخطاب إنه يومُ الصَّمْت يوما بيوم بدر، وإن الأيام دُوَل، وإن الحرب سِجَال، فقال عمر‏:‏ ولا سَوَاء، قَتْلاَنا في الجنة وقَتْلاَكم في النار، فقال أبو سفيان‏:‏ إنكم لتزعمون ذلك، لقد خِبْنَا إذَنْ وخَسِرْنا‏.‏
1149- الحِرْصُ قَائِدُ الحِرْمَانِ‏.‏
هذا كما يقال ‏"‏الْحَرِيصُ مَحْروم‏"‏ وكما قيل ‏"‏الحِرْصُ مَحْرَمَة‏"‏‏.‏
1150- حُسْنُ الظَّنِّ وَرْطَةٌ‏.‏
هذا كما مضى من قولهم ‏"‏الحَزْمُ سوءُ الظن بالناس‏"‏‏.‏
1151- الحَرْبُ مَأْيَمَةٌ‏.‏
أي يُقْتَل فيها الأزواج فتبقى النساء أيامى لا أزواج لهن‏.‏
1152- الحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ‏.‏
يعني أن المؤمن يَحْرِصُ على جَمْع الحكم من أين يجدها يأخذها‏.‏
1153- الحَسَنَة بَيْنَ السَّيِّئَتْيِن‏.‏
يضرب للأمر المتوسِّط‏.‏
ودخل عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه على عبد الملك بن مروان وكان خَتَنَهُ على ابنته فاطمة، فسأله عن معيشته كيف هي، فقال عمر‏:‏ حَسَنَة بين السيئتين، ومنزلة بين المنزلتين، فقال عبد الملك‏:‏ خَيْرُ الأمور أوْسَاطُها‏.‏
1154- الحَمْدُ مَغْنَمٌ، والمَذَمَّة مَغْرَمٌ‏.‏
يضرب في الحثِّ على اكتساب الحمد‏.‏
1155- أَحْرَزَ امْرأً أَجْلُهُ‏.‏
قاله علي رضي اللّه عنه حين قيل له‏:‏
أتَلْقَى عدوَّك حاسرا‏؟‏‏.‏ يقال‏:‏ هذا أصدق مثل ضربته العرب‏.‏
1156- أَحْسِنْ وأَنْتَ مُعانٌ‏.‏
يعني أن المحسن لا يخذله اللّه ولا الناس‏.‏
1157- الحَسَدُ هُوَ المَلِيلةُ الكُبْرَى‏.‏ ‏[‏ص 215‏]‏
1158- الحُبَارى خَالةُ الكَروَانِ‏.‏
يضرب في التنَاسُب‏.‏
1159- الحَكِيمُ يَقْدَعُ النَّفْسَ بِالكَفَافِ‏.‏
كَفَافُ الرجل‏:‏ ما يكُفُّه عن وجوه الناس، ومعنى يقدع يمنع، يعني أن الحكيم يمنع نفسه عن التطلع إلى مجع المال، ويحملها على الرضا بالقليل‏.‏
1160- الحِلْمُ والمُنَى أَخَوَانِ‏.‏
وهذا كما يقال ‏"‏ إنَّ المُنَى رأسُ أموال المفاليس‏"‏‏.‏
1161- الحَصَاةُ منَ الْجَبَلِ‏.‏
يضرب للذي يميل إلى شكله‏.‏
1162- حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ‏.‏
قاله صلى اللّه عليه وسلم لأعرابي قال‏:‏ إنما أسأل اللّه الجنة، فأما دَنْدَنَتُكَ ودَنْدَنَةُ مُعَاذ فلا أُحْسِنُهَا، قال أبو عبيد‏:‏ الدَّنْدَنَةُ أن يتكلم الرجلُ بالكلام تَسْمَع نغمته ولا تفهمه عنه، لأنه يُخْفيه، أراد صلى اللّه عليه وسلم أن ما تسمعه منا هو من أجْلِ الْجَنَّةِ أيضاً‏.‏
1163- حُمَادَاكَ أنْ تَفْعَلَ كَذَا‏.‏
أي غايتُكَ وفعلُكَ المحمودُ، وهو مثل قولهم ‏"‏قُصَاراك‏"‏ و ‏"‏غناماك‏"‏‏.‏
1164- حَتَّى يَؤُوبَ المُثَلَّمُ‏.‏
هذا من أمثال أهل البصرة، يقولون‏:‏ لا أفعل كذا حتى يؤوب المُثَلَّم، وأصل هذا أن عُبَيد اللّه بن زياد أمَرَ بخارجِيٍّ أن يقتل، فأقيم للقتل، فتحاماه الشرط مخافَةَ غِيلَة الخوارج، فمر به رجل يعرف بالمُثَلَّم - وكان يتَّجر في اللِّقاح والبَكارة - فسأل عن الجمع، فقيل‏:‏ خارجيّ قد تحاماه الناس، فانتدب له، فأخذ السيفَ وقتله به، فرصَده الخوارج ودسُّوا له رجلين منهم، فقالا له‏:‏ هل لك في لِقْحَة من حالها وصفتها كذا‏؟‏ قال‏:‏ نعم، فأخَذَاه معهما إلى دارٍ قد أعدَّا فيها رجالا منهم، فلما توسَّطها رفعوا أصواتهم أنْ لا حكم إلا اللّه، وعَلَوْه بأسيافهم حتى بَرَد، فذلك حين قال أبو الأسود الدؤلي‏:‏
وآلَيْتُ لا أسْعَى إلى ربَّ لِقْحَةٍ * أساوِمه حتى يَؤوبَ المثلَّمُ
فأصْبَحَ لا يدرِي امرؤ كيف حالُه * وقد بات يَجْرِي فوق أثوابه الدمُ
1165- حُلِبَتْ صُرَامُ‏.‏
ضرب عند بلوغ الشر آخِرَه‏.‏
والصُّرَام‏:‏ آخرُ اللبن بعد التغريز، إذا احتاج إليه صاحبه حَلَبه ضرورة، قال بشر‏:‏ ‏[‏ص 216‏]‏
ألا أبْلِغْ بَنِي سَعْدٍ رسولا * ومَوْلاهم فقد حُلبت صُرَامُ
أي بلغ الشر نايته، وأنث على معنى الداهية، والغريز‏:‏ أنْ تَدَع حَلْبة بين حَلْبتين، وذلك إذا أدبر لبن الناقة، وقال الأزهري‏:‏ صَرَامِ - مثل قَطَامِ مبني على الكسر - من أسماء الحرب، وأنشد للجعدي
ألاَ أبلْغ بني شَيْبَان عني * فقد حلَبَتْ صَرَامِ لكم صَرَاهَا
1166- حَتَّى يَجِيءَ نَشِيطٌ مِنْ مَرْوَ‏.‏
كان نَشيط غلاماً لزِياد بن أبي سفيان، وكان بَنَّاء هرب قبل أن يشرف وجه دار زياد، وكان لا يَرْضى إلا عمله، فقيل له‏:‏ لم لا تشرف دارك‏؟‏ فقال‏:‏ حتى يجيء - المثل، فصار مثلاً لكل ما لا يتم، وقال بعض أهل البصرة‏:‏
إلى ما يوم يُبْعَثُ كل حي * ويَرْجَع بعدُ من مَرْوٍ نشيطُ
*3*http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif ما جاء على أفعل من هذا الباب‏.‏
1167- أَحْمَقُ مِنْ أَبِي غَبْشَانَ‏.‏
كان من حديثه أن خُزَاعة حَدَث فيها موت شديد ورُعَاف عَمَّهم بمكة، فخرجوا منها ونزلوا الظَّهْرَان فرفع عنهم ذلك، وكان فيهم رجل يقال له حليل بن حبشية، وكان صاحبَ البيت، وكان له بَنُون وبنت يقال لها حُبَّى، وهي امرأة قصيّ بن كلاب، فمات حليل، وكان أوصى ابنَتَه حُبَّى بالحِجابة وأشْرَك معها أبا غَبْشَان الملكاني، فلما رأى قُصَيُّ بن كلاب أن حليلا قد مات، وبَنُوه غُيَّب، والمفتاحُ في يد امرأته، طلب إليها أن تدفع المفتاح إلى ابنها عبدِ الدار بن قصي، وحمل بنيه على ذلك، فقال‏:‏ اطلبوا إلى أمكم حجابة جدكم، ولم يزل بها حتى سَلِسَتْ له بذلك، وقالت‏:‏ كيف أصنع بأبي غَبْشان وهو وَصِيٌّ معي‏؟‏ فقال قُصَي‏:‏ أنا أكفيكِ أمره، فاتفق أن اجتمع أبو غَبْشَان مع قصي في شَرْب بالطائف، فخدَعَه قصي عن مفاتيح الكعبة بأن أسْكَره ثم اشترى المفاتيحَ منه بزِقّ خمر، وأشهد عليه، ودفَع المفاتيح إلى ابنه عبد الدار بن قصي، وطَيَّره إلى مكة، فلما أشرف عبدُ الدار على دور مكة رفع عَقيرته وقال‏:‏ معاشرَ قريش، هذه مفاتيح بيت أبيكم إسماعيل قد رَدَّها اللّه عليكم من غير غَدْر ولا ظلم، فأفاق أبو غَبْشَان من سكره أنْدَمَ من الكُسَعي، فقال الناس‏:‏ ‏[‏ص 217‏]‏ أحمق من أبي غَبْشَان، وأنْدَمُ من أبي غَبْشان، وأخْسَرُ صَفْقَه من أبي غَبْشَان، فذهبت الكلمات كلها أمثالا، وأكْثَر الشعراء فيه القولَ، قال بعضهم‏:‏
إذا فَخَرَتْ خُزَاعة في قديم * وجَدْنا فَخْرَها شُرْبَ الخُمُورِ
وبيعا كَعْبَةَ الرحمنِ حُمْقاً * بِزِقٍّ، بئس مُفْتَخَرُ الفَخُورِ
وقال آخر‏:‏
أبو غَبْشَان أَظْلَمُ من قُصَي * وأَظْلَمُ من بني فِهْرٍ خُزَاعَهْ
فلا تَلْحُوْا قُصَيّاً في شِراه * ولوموا شَيْخَكُم أن كان بَاعَهْ
1168- أحْمَقُ مِنْ عِجْلٍ‏.‏
هو عِجْل بن لُجَيْم بن صَعْب بن علي ابن بكر بن وائل‏.‏
قال حمزة‏:‏ هو أيضاً من الحَمْقَى المنجبين، وذلك أنه قيل له‏:‏ ما سميتَ فرسك‏؟‏ فقام ففقأ عينه وقال‏:‏ سميته الأعور، وفيه يقول جرثومة العنزى
رَمَتْنِي بنو عجل بداء أبيهمُ * وأيُّ امرئ في الناس أحْمَقُ من عِجْل‏؟‏
أَلَيْسَ أبوهم عَارَ عَيْنَ جَوَادِه * فصارَتْ به الأمثال تُضَربُ في الجهل
1169- أَحْمَقُ مِنْ هَبَنَّقَةَ‏.‏
هو ذو الوَدَعَات، واسمه يزيد بن ثَرْوَان أحدُ بني قيس بن ثعلبة، وبلغ من حُمْقه أنه ضلَّ له بَعير، فجعل ينادي‏:‏ مَنْ وجَد بعيري فهو له، فقيل له‏:‏ فلم تَنْشُده‏؟‏ قال‏:‏ فأين حلاوة الوجْدَان‏!‏‏؟‏
ومن حُمْقه أنه اختصمت الطّفاَوَة وبنو رَاسِب إلى عرباض في رجل ادَّعَاه هؤلاء وهؤلاء، فقالت الطفاوة‏:‏ هذا من عرافتنا، وقالت بنو راسب‏:‏ بل هو من عرافتنا، ثم قالوا‏:‏ رضِينَا بأولِ من يطلع علينا، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم هَبَنَّقة، فلما رأوه قالوا‏:‏ إنَّا لِلَّه‏!‏ مَنْ طلع علينا‏؟‏ فلما دنا قَصُّوا عليه قصتهم، فقال هبنقة‏:‏ الحُكْمُ عندي في ذلك أن يذهب به إلى نهر البَصْرة فيُلْقَى فيه، فإن كان راسبيا رسَب فيه، وإن كان طفاويا طَفَا، فقال الرجل‏:‏ لا أريد أن أكون من أحد هذين الحيين، ولا حاجة لي بالديوان‏.‏
ومن حُمْقه أنه جعل في عُنُقه قِلادة من وَدَع وعِظامٍ وخَزَف، وهو ذو لحية طويلة، فسُئِل عن ذلك، فقال‏:‏ لأعرف بها نفسي، ولئلا أضل، فبات ذات ليلة وأخَذَ أخوه قلادتَه فتقلَّدها، فلما أصبح ورأى القلادة في ‏[‏ص 218‏]‏ عنق أخيه قال‏:‏ يا أخي أنت أنا فمن أنا‏؟‏‏.‏
ومن حُمْقه أنه كان يرعى غنم أهله فيرعى السِّمَان في العشب ويُنَحِّى المهازيلَ، فقيل له‏:‏ ويحك‏!‏ ما تَصْنَع‏؟‏ قال‏:‏ لا أفسد ما أصلحه اللّه، ولا أصلح ما أفسده، قال الشاعر فيه‏:‏
عِشْ بَجدٍّ ولَنْ يَضُرَّكَ نوْكٌ * إنما عَيْشُ مَنْ تَرَى بِجُدودِ
عِشْ بِجَدٍّ وكُنْ هَبَنَّقَةَ الْقَيْـ * ـِسيَّ ‏(‏القيسي‏)‏ نوكاً أوْ شَيْبَةَ بن الوليد
رُبَّ ذِي إربة مُقِل مِنَ الما * لِ وَذِي عنجهية مَجْدودِ
العنجهية‏:‏ الجهل، وشيبة بن الوليد‏:‏ رجل من رجالات العرب‏.‏
1170- أحْمَقُ مِنْ حُذُنَّةَ‏.‏
يقال‏:‏ إنه أحمق مَنْ كان في العرب على وجه الأرض، ويقال‏:‏ بل هي امرأة من قيس بن ثعلبة تمتخط بكوعها‏.‏
1171- أَحْمَقُ مِنْ حُجَيْنَةَ‏.‏
قالوا‏:‏ إنه رجل كان من بني الصَّيْداء يُحَمَّقُ‏.‏
1172- أَحْمقُ مِنْ جَهِيزَةَ‏.‏
قال ابن السِّكِّيِت‏:‏ هي أم شبيب الحَرُورى‏.‏
ومن حمقها أنها لما حملت شَبيبا فأثقلت قالت لأحمائها‏:‏ إن في بطني شيئاً ينقر، فنشرن عنها هذه الكلمة، فحمقت‏.‏
وقيل‏:‏ إنها قعدت في مسجد الكوفة تَبُول، فلذلك حمقت‏.‏
وزعم قوم أن الجهيزة عِرْسُ الذئبِ، يعنون الذئبة، وحمقها أنها تَدَعُ ولَدَها وترضع ولد الضبع، قالوا‏:‏ وهذا معنى قول ابن جِذْل الطِّعَان
كمُرْضِعَةٍ أولاد أخْرَى، وضَيَّعَتْ * بنيها، فلم ترقع بذلك مَرْقَعَا
ويقال هي الدبة‏.‏
1173- أحْيَا مِنْ فَتَاةٍ، وَمِنْ هَدِىٍّ‏.‏
وهي المرأة تُهْدَى إلى زوجها، قالت الأخيلية في تَوْبَةَ بن الحمير‏:‏
فَتًي كان أحْيا من فَتاةٍ حَيِيَّةٍ * وأجْرَأ من لَيْثٍ بخَفَّانَ خَادِرِ
وأما قولهم‏:‏
1174- أَحْيَا مِنْ ضَبٍّ‏.‏
فإنه أفعل من الحياة، والضب زعموا طويل العمر‏.‏
1175- أحْمَقُ مِنَ المَمْهُورَةِ مِنْ نَعَم أبِيهَا‏.‏
وأصلُه أن رجلا رَاوَدَ امرأة، فأبت ‏[‏ص 219‏]‏ أن تمكنه إلا بمهر، فمهرها بعضَ نعم أبيها ومثله‏:‏
1176- أحْمَقُ مِنَ الْمَمْهُورَةِ مِنْ مَالِ أبِيهَا‏.‏
قال أبو عبيد‏:‏ أصلُه أن رجلا أعطى رجلا مالا فتزوج به ابنة المعْطِي، ثم إن الزوج امتنَّ عليها بما مهرها‏.‏
1177- أحْمَقُ مِنَ الْمَمْهُورَةِ إِحْدَى خَدَمَتَيْهَا‏.‏
قال أبو عبيد‏:‏ أصله أن رجلا كانت له امرأة حمقاء، فطلبت مهرها منه، فنزع خَلْخَالها ودفعه إليها، فرضيت به‏.‏
1178- أَحْمَقُ مِنْ دُغَة‏.‏
وهي مارية بنت معنج، ومعنج ربيعة ابن عجل، قال حمزة‏:‏ هي بنت منعج، قلت‏:‏ ووجدت بخط المنذري ‏"‏معنج‏"‏ويحكى عن المفضل بن سلمة أن اسم الرجل كما ذكرته قبل‏.‏
ومن حمقها أنها زُوِّجت وهي صغيرة في بني العنبر بن تميم، فحملت، فلما ضَرَبها المَخَاضُ ظنت أنها تريد الْخَلاَء، فبرزت إلى بعض الغيطان، فولدت، فاستهلَّ الوليدُ، فانصرفت تُقَدِّر أنها أحدثت، فقالت لضَرَّتها‏:‏ يا هَنَاه، هل يَفْغَر الْجَعْرُ فاه‏؟‏ فقالت نعم ويَدْعُو أباه، فمضت ضَرَّتُها وأخذت الولد، فبنو العنبر تُسَمَّى ‏"‏بني الْجَعْرَاء‏"‏ تُسَبُّ بها‏.‏
ومن حمقها أيضاً أنها نظرت إلى يافوخ ولدها يضطرب، وكان قليل النو كثير البكاء، فقالت لضرتها‏:‏ أعطيني سِكيناً، فناولتها وهي لا تعلم ما انطوت عليه، فمضت وشَقَّت به يافوخَ ولدها فأخرجت دماغه، فلحقتها الضرة فقالت‏:‏ ما الذي تصنعين‏؟‏ فقالت‏:‏ أخرجتُ هذه المِدَّةَ من رأسه ليأخذه النوم، فقد نام الآن‏.‏
قال الليث‏:‏ يقال فلان دُغَة ودُغَيْنَة، إذا أرادوا أنه أحمق‏.‏
1179- أَحْلَمُ مِنَ الأَحْنَفِ‏.‏
هو الأحْنَفُ بن قَيْس، وكنيته‏:‏ أبو بَحْر، واسمه صَخْر، من بني تميم، وكان في رجله حَنَفٌ، وهو الميلُ إلى إنْسِيِّها، وكانت أمه تُرَقصه وهو صغير وتقول‏:‏
واللّه لولا ضَعْفُهُ مِنْ هزله * وحَنَفٌ أو دِقَّةٌ في رِجْلِهِ
ما كان في صِبْيانكم مِنْ مِثْلِهِ* وكان حليما موصوفا بذلك، حكيما معترفا له به، قالوا‏:‏ فمن حلمه أنه أشرف عليه رجل وهو يعالج قدراً له يطبخها، فقال الرجل‏:‏ ‏[‏ص 220‏]‏
وقدر كَكَفِّ القِرْد لا مُسْتَعيرها * يُعَار، ولا مَنْ يأتِهَا يَتَدَسَّمُ
فقيل ذلك للأحنف، فقال‏:‏ يرحمه اللّه لو شاء لقال أحسن من هذا‏.‏ وقال‏:‏ ما أحب أن لي بنصيبي من الذل حُمْرَ النَّعم، فقيل له‏:‏ أنت أعز العرب، فقال‏:‏ إن الناس يَرَوْنَ الحلم ذلا‏.‏ وكان يقول‏:‏ رُبَّ غَيْظ قد تَجَرَّعته مخافة ما هو أشد منه‏.‏ وكان يقول‏:‏ كثرة المزاح تَذْهَبُ بالهيبة، ومَنْ أكثر مِنْ شيء عُرف به‏.‏ والسؤدد كرم الأخلاق وحسن الفعل‏.‏ وقال‏:‏ ثلاث ما أقولهن إلا ليعتبر مُعْتبر‏:‏ لا أَخْلُفُ جليسي بغير ما أحضر به، ولا أُدْخِلُ نفسي فيما لا مَدْخَلَ لي فيه، ولا آتي السلطان أو يرسلَ إليَّ‏.‏ وقال له رجل‏:‏ يا أبا بحر، دُلَّني على مَحْمَدة بغير مَرْزئة، قال‏:‏ الْخُلُق السَّجِيح، والكف عن القبيح، واعلم أن أَدْوَأ الداء اللسان الْبذِي والخلُقُ الرَّدِي‏.‏ وأبلغ رجل مُصْعَبا عن رجل شيئاً، فأتاه الرجل يعتذر، فقال مصعب‏:‏ الذي بلَّغنيه ثِقة، فقال الأحنف‏:‏ كلا أيها الأمير، فإن الثقة لا يبلغ‏.‏
وسئل‏:‏ هل رأيتَ أحْلَمَ منك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، وتعلمت منه الحلم، قيل‏:‏ ومَنْ هو‏؟‏ قال‏:‏ قَيْس ابن عاصم المنْقَرِيُّ، حَضَرْتُه يوماً وهو مُحْتَبٍ، يحدثنا إذ جاءوا بابنٍ له قتيل، وابن عم له كَتِيف، فقالوا‏:‏ إن هذا قتلَ ابنَكَ هذا، فلم يقطع حديثه، ولا نَقَضَ حَبْوَتَه، حتى إذا فرغ من الحديث التفت إليهم فقال‏:‏ أين ابني فلان‏؟‏ فجاءه، فقال‏:‏ يا بني قُمْ إلى ابن عمك فأطْلِقْه، وإلى أخيك فادْفِنْهُ، وإلى أم القتيل فأعْطِهَا مائةَ ناقةٍ فإنها غريبة لعلها تسلو عنه، ثم اتَّكأ على شقه الأيسر وأنشأ يقول‏:‏
إني امْرُؤٌ لا يَعْتَرِي خلقي * دَنَس يُفَنِّده ولا أَفْنُ
من مَنْقَرٍ من بيتِ مَكْرُمة * والغُصْنُ يَنْبُتُ حَوْلَه الغُصْنُ
خُطَباء حين يقومُ قائلُهم * بيضُ الوجوهِ مَصَاقع لُسْنُ
لا يَفْطِنُونَ لعَيبِ جارهمُ * وَهُوُ لحسن جِواره فُطْن
1180- أحْلَمُ مِنْ فَرْخِ عُقَابٍ‏.‏
ذكر الأصمعي أنه سمع أعرابياً يقول‏:‏ سِنان بن أبي حارثة أحلم من فَرْخ عقاب، قال‏:‏ فقلت‏:‏ وما حِلْمه‏؟‏ فقال‏:‏ يخرج من بيضه على رأس نِيقٍ فلا يتحرك حتى يقر ريشه، ولو تحرك سقط، ويقال أيضاً‏:‏
1181- أَحْزَمُ مِنْ سِنَانٍ‏.‏
قال أبو اليقظان‏:‏ لم يجتمع الحزم والحلم في رجلٍ فسار المثلُ بهما إلا في سنان‏.‏ ‏[‏ص 221‏]‏
1182- أَحْزَمُ مِنْ فَرْخِ العُقَاب‏.‏
قال الجاحظ‏:‏ العُقَاب تَتَّخذ أوكارها في عرض الجبال، فربما كان الجبل عموداً فلو تحرك إذا طلب الطعم وقد أقبل إليه أَبَوَاه أو أحدهما أو زاد في حركته شيئاً من موضع مَجْثِمِه لهوى من رأس الجبل إلى الحضيض، فهو يعرف مع صغره وضعفه وقلة تجربته أن الصواب له في ترك الحركة‏.‏
1183- أحْزَمُ مِنْ حِرْبَاء‏.‏
لأنه لا يخلى عن ساق شجرة حتى يمسك ساق شجرة أخرى، وقال‏:‏
أنى أتِيحَ لها حِرْبَاءُ تَنْضَبَةٍ * لا يُرْسِلُ الساقَ إلا مُمْسِكا سَاقَا
1184- أَحْمَي مِنْ مُجِيرِ الْجَرَادِ‏.‏
قالوا‏:‏ هو مُدْلج بن سُوَيد الطائي‏.‏
ومن حديثه - فيما ذكر ابن الأعرابي عن ابن الكلبي - أنه خلا ذاتَ يومٍ في خَيْمته، فإذا هو بقوم من طيء، ومعهم أوعيتهم، فقال‏:‏ ما خطبكم‏؟‏ قالوا‏:‏ جراد وقع بفنائك فجئنا لنأخذه، فركب فرسَه وأخذ رمحه وقال‏:‏ والله لا يعرضَنَّ له أحد منكم إلا قتلته، إنكم رأيتموه في جِوَاري ثم تريدون أخذه، فلم يزل يَحْرُسه حتى حميت عليه الشمسُ وطار، فقال‏:‏ شأنكم الآن فقد تحول عن جِوَاري‏.‏
ويقال‏:‏ إن المجير كان حارثة بن مر أبا حنبل، وفيه يقول شاعر طيء‏.‏
ومنَّا ابنُ مُرٍّ أبو حَنْبَل * أجار من الناس رَجْلَ الْجَرَادْ
وزَيْدٌ لنا، وَلَنَا حاتِمٌ * غِياث الْوَرَى في السِّنِينَ الشِّدَادْ
1185- أحْمَى مِنْ مُجِيرِ الظُّعْنِ‏.‏
هو ربيعة بن مُكَدَّم الكناني‏.‏
ومن حديثه - فيما ذكر أبو عبيدة - أن نُبَيْشَةَ بن حبيب السلمي خرج غازيا، فلقي ظُعْناً من كنانة بالكديد فأراد أن يحتويها، فمانعه ربيعة بن مُكَدَّم في فَوَارس، وكان غلاما له ذُوَابة، فشدَّ عليه نُبَيْشَة فطعنه في عضده، فأتى ربيعة أمه وقال‏:‏
شُدِّي عَلَيَّ العصب أُمَّ سَيَّارْ * فقد رزِئْتِ فارساً كالدينار
فقالت أمه‏:‏
إنا بَنِي ربيعَةَ بن مالك * نُرْزَأ في خِيارنا كَذَلك
من بين مَقْتُولٍ وبينِ هَالِك* ثم عصبته، فاستقاها ماء، فقالت‏:‏ اذْهَبْ فقاتل القوم فإن الماء لا يفوتك، فرجع وكَرَّ على القوم فكَشَفهم ورجع إلى الظُّعَنِ وقال‏:‏ إني لمَائِت، وسأحمْيِكن ميتاً كما حميتكن حيّاً، بأن أقف بفرسي على ‏[‏ص 222‏]‏ العَقَبة وأتكئ على رمحي، فإن فاضَتْ نفسي كان الرمحُ عمادي فالنجاء النجاءَ، فإني أرُدُّ بذلك وجوه القوم ساعةً من النهار، فقطَعْنَ العقبة، ووقف هو بإزاء القوم على فرسه متكئاً على رمحه، ونَزَفَه الدمُ ففاظ والقومُ بإزائه يُحْجِمُون عن الإقدام عليه، فلما طال وقوفُه في مكانه وَرَأَوْه لا يزول عنه رَمَوْا فرسَه فقمَصَ، وخر ربيعة لوجهه، فطلبوا الظُّعُنَ فلم يلحقوهن، ثم إن حَفْصَ ابن الأحنف الكناني مر بجيفة ربيعة فعرفها فأمال عليها أحجاراً من الحرة وقال يبكيه‏:‏
لا يَبْعَدَنَّ ربيعةُ بن مُكَدَّمٍ * وَسَقَى الغَوَادِي قبرهُ بذَنُوبِ
نَفَرَت قَلُوصي من حِجارة حَرَّةٍ * بُنِيَتْ على طَلْق اليدين وَهُوبِ
لا تَنْفِرِي يا ناقُ مِنْهُ فإنه * شَرَّابُ خمر مِسْتَعٌر لِحُرُوبِ
لَوْلاَ السِّفَارُ وبُعْدُهُ من مَهْمَهٍ * لتركْتُهَا تَحْبُو على العُرْقُوبِ
قال أبو عبيدة‏:‏ قال أبو عمرو بن العلاء‏:‏ ما نعلم قتيلا حَمَى ظعائن غيرَ ربيعة بن مُكَدَّم‏.‏
1186- أَحْمَى مِنَ أسْتِ النَّمِرِ‏.‏
لأن النمر لا يَدَعُ أن يأتيه أحدٌ من خلفه ويَجْهَدُ أن يمنعه‏.‏
1187- أَحْكَمُ مِنْ لُقْمَانَ، وَمِنْ زَرْقَاءِ اليَمَامَةِ‏.‏
قال النابغة في زَرْقَاء اليمامة يخاطب النعمان‏:‏
واحْكم كحكم فَتَاة الحيِّ إذا نَظَرتْ * إلى حَمَامٍ سِرَاعٍ وَارِدِ الثَّمَد
يَحُفُّهُ جَانِباَ نِيقٍ وَتُتْبِعُهُ * مِثْلَ الزجاجة لم تُكْحَلْ مِنَ الرَّمَدِ
قالَتْ أَلاَ لَيْتَمَا هَذَا الْحَمَامُ لَنَا * إلى حَمَامَتِنَا أَوْ نِصْفَهُ فَقَدِ
فَحَسبُوهُ فألفَوْهُ كَمَا ذكَرَتْ * تسعا وتسعين لَمْ ينقص ولم يَزِدِ
وكانت نظرت إلى سِرْبٍ من حمام طائر فيه ست وستون حمامة، وعندها حمامة واحدة، فقالت‏:‏
لَيْتَ الْحَمَامَ لِيَهْ * إلَى حَمَامَتِيَهْ
وَنِصْفَهُ قَدِيَهْ * تَمَّ الْحَمَامُ مِيَهْ
وقال بعض أصحاب المعاني‏:‏ إن النابغة لما أراد مَدْحَ هذه الحكيمة الحاسبة بسُرْعَة إصابتها شدَّد الأمر وضَيَّقه ليكون أحسنَ له إذا أصاب، فجعله حَزْراً لطير، إذ كان الطير أخفَّ ما يتحرك، ثم جعله حماما، إذ كان الحمام أسرعَ الطير، ثم كثر العدد، إذ كانت المسابقة مقرونة بها، وذلك أن الحمام يشتدُّ ‏[‏ص 223‏]‏ طيرانها عند المسابقة المنافسة، ثم ذكر أنها طارت بين نِيقَيْنِ، لأن الحمام إذا كان في مَضِيق من الهواء كان أسرعَ طيرانا منه إذا اتسع عليه الفضاء، ثم جعله واردَ الماء، لأن الحمام إذا ورد الماء أعانه الحرصُ على الماء على سرعة الطيران‏.‏
1188- أَحْكَمُ مِنْ هَرِمِ بْنِ قُطْبَة
هذا من الْحُكْم لا من الحِكْمَة، وهو الفَزَاري الذي تنافر إليه عامرُ بن الطُّفَيْل وعَلْقَمَةُ بن عُلاَثة الْجَعْفَرِيان، فقال لهما‏:‏ أنتما يا ابْنَيْ جعفر كرُكْبَنَىِ البعير تَقَعَانِ معا، ولم يُنَفِّرْ واحداً منهما على صاحبه‏.‏
1189- أَحْمَقُ مِنْ شَرَنْبَثٍ‏.‏
ويقال جَرَنْبَذ، وهو رجل من بني سَدُوس، جمع عبيدُ اللّه بن زياد بينه وبين هَبَنَّقَةَ وقال‏:‏ تَرَامَيَا، فملأ شَرَنْبَث خريطةً من حجارة وبدأ فرماه وهو يقول‏:‏ دِرِّي عقاب، بلبن وأشخاب، طِيرِي عُقَاب، وأصِيبي الجِرابَ، حتى يسيل اللُّعاب، فأصاب بطن هَبَنَّقة فانهزم، فقيل له‏:‏ أتنهزم من حجر واحد‏؟‏ فقال‏:‏ لو أنه قال‏:‏ طِيرِي عُقَاب وأصِيبي الذُّباب - يعني ذباب العين - فذهبت عيني ما كنتم تُغْنُون عني‏؟‏
فذهبت كلمة شرنبث مثلا في تهييج الرمي والاستحثاث به‏.‏
1190- أحْمَقُ من بَيْهَسٍ‏.‏
هو المُلَقَّبُ بنَعَامة، وله قصة قد ذكرتُها في باب الثاء، وكان مع حُمْقه أحْضَرَ الناس جَوَابا، قال حمزة‏:‏ فمما تكلَّم به من الأمثال التي يَعْجِز عنها البلغاء ‏"‏لو نكلت على الأولى لما عُدْت إلى الثانية‏"‏‏.‏
1191- أَحْمَقُ مِنْ حُجَا‏.‏
هو رجل من فَزَارة، وكان يكنى أبا الغُصْن‏.‏
فمن حُمْقه أن عيسى بن موسى الهاشمي مَرَّ به وهو يَحْفر بظهر الكوفة مَوْضِعاً، فقال له‏:‏ مالَكَ يا أبا الغُصْن‏؟‏ قال‏:‏ إني قد دَفَنْتُ في هذه الصحراء دراهمَ ولستُ أهتدي إلى مكانها، فقال عيسى‏:‏ كان يجب أن تجعل عليها عَلاَمة، قال‏:‏ قد فعلتُ، قال‏:‏ ماذا‏؟‏ قال‏:‏ سَحَابة في السماء كانت تُظِلها، ولستُ أرى العلامة‏.‏
ومن حمقه أيضاً أنه خرج من منزله يوما بغَلَس فعَثَر في دِهْليز منزِلِه بقتيل، فضَجِرَ به وجَرَّه إلى بئر منزله فألقاه فيها، فنُذِرَ به أبوه فأخرجه وغَيَّبه وخَنَق كبشاً حتى قَتَلَه وألقاه في البئر، ثم إن أهل القتيل طافُوا في سِكَك الكوفة يبحثون عنه، فتلقَّاهم جُحَا فقال‏:‏ في دارنا رجلٌ مقتول فانظروا أهو ‏[‏ص 224‏]‏ صاحبكم، فعَدَلُوا إلى منزله وأنزلوه في البئر، فلما رأى الكبش ناداهم وقال‏:‏ يا هؤلاء، هل كان لصاحبكم قَرْن‏؟‏ فضحكوا ومروا‏.‏
ومن حمقه أن أبا مُسْلم صاحبَ الدولة لما ورَد الكوفة قال لمن حوله‏:‏ أيكم يعرف جُحَا فيدعوَهُ إلي‏؟‏ فقال يقطين‏:‏ أنا، ودعاهُ، فلما دخل لم يكن في المجلس غير أبي مسلم ويقطين، فقال‏:‏ يا يقطين أيكما أبو مسلم‏؟‏
قلت‏:‏ وجُحَا اسمٌ لا ينصرف، لأنه معدول من جَاحٍ مثل عُمَرَ من عامر، يقال‏:‏ جَحَا يَجْحُو جَحْواً إذا رمى، ويقال‏:‏ حَيَّا اللّه جَحْوَتك، أي وجهك‏.‏
1192- أَحْمَقُ مِنْ رَبِيعَةَ الْبَكَّاءِ‏.‏
هو ربيعة بن عامر بن ربيعة بن عامر ابن صَعْصَعة‏.‏
ومن حمقه أن أمه كانت تزوَّجَتْ رجلا من بَعْدِ أبيه، فدخل يوما عليها الخباء وهو رجل قد الْتَحَى فرأى أُمَّهُ تحت زوجها يُبَاضعها، فتوهَّم أنه يريد قتلها، فرفَع صوته بالبكاء، وهَتَك عنهما الخباء، وقال‏:‏ وا أماه، فلحِقه أهلُ الحيِّ وقالوا‏:‏ ما ورائك‏؟‏ قال‏:‏ دخلت الخِباء فصادفْتُ فلانا على بطن أمي يريد قتلها، فقالوا‏:‏ أهْوَنُ مقتول أم تحتَ زوجٍ، فذهبت مثلا، وسمي ربيعة البَكَّاء، فضُرب بحُمْقه المثل‏.‏
1193- أَحْمَقُ مِنْ الدَّابِغِ عَلَى التَّحْلِئِ‏.‏
قالوا‏:‏ التِّحْلِئ قِشْر يبقى على الإهاب من اللحم فيمنع الدباغ أن ينال الإهابَ حتى يقشر عنه، فإن تُرِك فسد الجلد بعدما يدبغ‏.‏
1194- أحْمَقُ مِنْ رَاعِي ضَأنٍ ثمَانِينَ‏.‏
لأن الضأن تَنْفِر من كل شيء فيحتاج راعيها إلى أن يجمعها في كل وقت، هذه رواية محمد بن حبيب‏.‏
وقال أبو عبيد‏:‏ أحمق من طالب ضأن ثمانين، قال‏:‏ وأصل المثل أن اعرابيا بَشَّرَ كسرى ببُشْرَى سُرَّ بها، فقال له‏:‏ سَلْنِي ما شئت، فقال‏:‏ أسألك ضأنا ثمانين، فضرب به المثل في الحمق‏.‏
وروى الجاحظ ‏"‏أشْقَى من راعي ضأن ثمانين‏"‏ قال‏:‏ وذلك أن الإبل تتعشَّى وتَرْبِضُ حَجْرَةً ‏(‏تربض حجرة‏:‏ أي ناحية‏)‏ فتجتَرُّ، والضأن يحتاج صاحبها إلى حِفْظها ومنعها من الانتشار ومن السباع الطالبة لها‏.‏
وروى الجاحظ أيضاً ‏"‏أشْغَلُ من مُرْضِع بَهْمٍ ثمانين‏"‏ قال‏:‏ ويقول الرجل ‏[‏ص 225‏]‏ إذا استَعَنْته وكان مشغولا‏:‏ أنا في رضاع بَهْم ثمانين‏.‏
1995- أَحْمَقُ مِنَ الضَّبُع‏.‏
تزعم الأعراب أن أبا الضِّباع وجد تودية في غدير، فجعل يشرب الماء ويقول‏:‏ حبذا طَعْمُ اللبن، ويقال‏:‏ بل كان ينادي ‏"‏واصَبُوحَاه‏"‏ حتى انْشقَّ بطنَه ومات‏.‏
والتودية‏:‏ العودُ يُشَدُّ على رأس الخِلْفِ لئلا يرضع الفصيل‏.‏
ومن حمقها أيضاً أن يدخل الصائد عليها وِجَارها فيقول لها‏:‏ خامِرِي أمَّ عَامِرٍ، فلا تتحرك حتى يَشُدَّها‏.‏
قلت‏:‏ وقد شرحت المثل في باب الخاء بأبْيَنَ من هذا‏.‏
1196- أَحْمَقُ مِنَ الرُّبَعِ‏.‏
هذا مثل سائر عن أكثر العرب، قال حمزة‏:‏ إلا أن بعض العرب دفع عنه الحمق فقال‏:‏ وما حمق الرُّبَع‏؟‏ والله إنه ليتجنَّبُ العدوى، ويتبع أمهُ في المرعى، ويراوح بين الأطْبَاء، ويعلم أن حنينها له دعاء، فأين حمقه‏؟‏‏!‏
1197- أَحْمَقُ مِنْ نَعْجَةٍ عَلَى حَوْضٍ‏.‏
لأنها إذا رأت الماء أكَبَّتْ عليه تشرب فلا تنثني عنه إلا أن تُزْجَرَ أو تُطْرَد‏.‏
1198- أَحْمَقً مِنْ نَعَامَةٍ‏.‏
وذلك أنها تنتشر للطعم، فربما رأت بيضَ نعامةٍ أخرى قد انتشرت هي له، فتَحْضُنُ بيضَها وتنسى بيض نفسها، ثم تجيء الأخرى فتَرَى غيرَها على بيض نفسها فتَمر لِطِيَّتِهَا، وإياها عَنَى ابنُ هَرْمَةَ بقوله‏:‏
كتاركَةٍ بَيْضَها بالعَرَاء * ومُلْبِسَةٍ بيضَ أخْرَى جناحا
وقال ابن الأعرابي‏:‏ بيضة البلد التي قد سار بها المثلُ هي بيضة النعامة التي تتركها فلا تهتدي إليها فتفسُدُ فلا يَقْرَبها شيء، والنعام موصوف بالسخف والمُوقِ والشِّرَاد والنِّفار، ولخفة النعام وسرعة هُوِيِّها وطَيرانها على وجه الأرض قالوا في المثل‏:‏ شَالَتْ نَعَامَتُهم، وخَفَّتْ نعامتهم، وزَفَّ رَأْلُهم، إذا تركوا مواضِعَهم بجلاء أو موت‏.‏
وزعم أبو عبيدة أن ابن هَرْمَةَ عنى بقوله ‏"‏كتاركة بيضَها‏"‏ الحمامةَ التي تَحْضُنُ بيضَ غيرها وتضيع بيض نفسها‏.‏
1199- أَحْمَقُ مِنْ رَخَمَةٍ‏.‏
هذا مثل سائر عن أكثر العرب، إلا أن بعض العرب يَسْتَكِيسُها، فيقول‏:‏ في أخلاقها عشر خصال من الكَيْسِ، وهي ‏[‏ص 226‏]‏ أنها تحضن بيضَها، وتحمي فرخَها، وتألف ولَدَها، ولا تمكن من نفسها غير زوجها، وتقطع في أول القواطع، وترجع في أول الرواجع، ولا تطير في التَّحْسِير، ولا تغتَرُّ بالشَّكير، ولا تُرِبُّ بالوُكُورِ، ولا تسقط على الجَفِيرِ‏.‏
قوله ‏"‏تقطع في أول القواطع، وترجع في أول الرواجع‏"‏ أراد أن الصيادين إنما يطلبون الطيرَ بعد أن يُوقِنوا أن القواطع قد قطعت، والرخَمَة تقطع في أوائلها لتنجو، يقال‏:‏ قطعت الطير قطاعا إذا تَحَوَّلت من الجروم إلى الصرود أو من الصُّرود إلى الجروم‏.‏
وقوله ‏"‏ولا تطير في التحسير‏"‏ يقال‏:‏ حَسَّرَ الطائر تحسيرا، إذا سقط ريشُهُ‏.‏
و ‏"‏لا تغتر بالشكير‏"‏ أي بصغار ريشها، بل تنتظر حتى يصير قَصَبا ثم تطير‏.‏
وقوله ‏"‏ولا تُرِبُّ بالوكور‏"‏ أي لا تقيم، من قولهم ‏"‏ أرَبَّ بالمكان‏"‏ إذا أقام به، أي لا ترضى بما يرضى به الطيرُ من وكورها، ولكن تبيض في أعلى الجبال حيث لا يبلغه إنسان ولا سبع ولا طائر، ولذلك يقال في المثل‏:‏ مِنْ دُونِ ما قُلْتَ، أو من دون ما سُمْتَ بيضُ الأنوق، للشيء لا يوصَلُ إليه‏.‏
وقوله ‏"‏ولا تسقط على الجَفِير‏"‏ يعني الجعبة، لعلمها أن فيها سِهاما‏.‏
وقد جمع الشاعر هذه المعاني في بيت وصَفَها فيه فقال‏:‏
وذَات اسْمَيْنِ والأْلَواُن شَتَّى * تُحَمَّقُ وهي كَيِّسَةُ الْحَوِيلِ
1200- أحْمَقُ مِنْ عَقْعَقٍ‏.‏
ولأنه مثل النعامة التي تُضيع بيضَها وفراخها‏.‏
1201- أَحْمَقُ مِنْ رِجْلَةٍ‏.‏
وهي البَقْلة التي تسميها العامة ‏"‏الحمقاء‏"‏، وإنما حَمَّقُوها لأنها تنبُتُ في مَجَاري السُّيول فيمر السيل بها فيقتلعها‏.‏
1202- أَحْمَقُ مِنْ تُرْبِ العَقِدِ‏.‏
يعنون عَقِدَ الرَّمْلِ، وإنما يُحَمِّقُونه لأنه لا يثبُتُ فيه التراب، بل يَنْهاَر‏.‏
1203- أَحْذَرُ مِنْ غُرابٍ‏.‏
وذلك أنهم يَحْكُون في رُمُوزهم أن الغراب قال لابنه‏:‏ يا بني إذا رُمِيتَ فَتَلَوّصْ، أي تَلَوَّ، فقال‏:‏ يا أبتِ إني أتَلَوَّصُ قبل أن أُرْمَى‏.‏
1204- أَحْذَرُ مِنْ ذِئْبٍ‏.‏
قالوا‏:‏ إنه يبلغ من شدَّة احترازه أن يُرَاوح بين عينيه إذا نام، فيجعل إحداهما مُطْبقة نائمة، والأخرى مفتوحة حارسة، بخلاف الأرنب الذي ينام مفتوحَ العينين، ‏[‏ص 227‏]‏ لامن احتراز، ولكن خِلْقة، قال حُمَيْد ابن ثَوْر في حَذَر الذئب‏:‏
ينام بإحدى مُقْلَتَيْهِ، ويتقى * بأخْرَى المَنَايَا فهو يَقْظَان هَاجِعُ
1205- أَحْذَرُ مِنْ ظَلِيمٍ
قالوا‏:‏ إنه يكون على بَيْضِه فَيَشَمُّ ريح القانص من غَلْوة فيأخذ حَذَره، وينشدون لبعضهم‏:‏
أشَمُّ مِنْ هَيْقٍ وأهْدَى مِنْ جَمَلْ*
1206- أَحَرُّ مِنَ الْجَمْرِ‏.‏
زعم النَّظَّام أن الجمر في الشمس أشْهَبُ أكْهَبُ، وفي الفَيْء أشْكَل، وفي الليل أحمر‏.‏
1207- أحَرُّ مِنَ الْقَرَعِ‏.‏
هو بَثْرٌ يأخذ صغار الإبل في رؤوسها وأجسادها فتقرع، والتقريع‏:‏ معالجتها لنَزْع قَرَعها، وهو أن يَطْلُوها بالملح وحباب ألبان الإبل، فإذا لم يجدوا ملحا نَتَفُوا أوبارها ونَضَحُوا جلدها بالماء ثم جَرُّوها على السبخة، قال أوس بن حَجَر يصف خيلا‏:‏
لَدَى كل أخْدُودٍ يُغَادِرْنَ فارسا * يُجَر كما جُرَّ الفَصِيلُ المُقَرَّعُ
1208- أَحَرُّ مِنَ الْقَرْعِ‏.‏
مسكن الراء، يعنون بع قرع الميسم، قال الشاعر‏:‏
كأنَّ على كَبِدِي قَرْْعَةُ * حذاراً من البين ما تَبْرُدُ
1209- أَحْسَنُ مِنَ النَّار‏.‏
هذا من قول الأعرابية التي قالت‏:‏
كنتُ في شبابي أحْسَنَ من النار المُوَقَدَة‏.‏
1210- أَحْسَنُ مِنْ شَنْفِ الأَنْضُرِ
الأنْضُرُ‏:‏ جمع نَضْر، وهو الذهب، ويعنون قُرْطَ الذهب، وقال‏:‏
وَبَياض وَجْهٍ لم تَحُلْ أسْرَارهُ * مثلُ الْوَذِيلَةِ أو كَشَنْفِ الأَنْضُرِ
1211- أَحْسَنُ مِنَ الدُّمْيَة، ومِنَ الزُّونِ‏.‏
وهما الصَّنَم، قال الشاعر‏:‏
يَمْشِي بها كلُّ مَوْشِيٍّ أكارِعُهُ * مَشْي الهَرَابِذِ حَجُّوا بِيعَةَ الزُّونِ
قال حمزة‏:‏ غلط هذا الشاعر من ثلاثة أوجه، أحدها أن الهرابذ للمَجُوس لا للنصارى، والثاني أن البِيعة للنصارى لا للمجوس، والثالث أن النصارى لا تَعْبد الأصنام‏.‏
1212- أَحْيَرُ مِنْ ضَبَّ‏.‏
لأنه إذا فارق جُحْره لم يَهْتَدِ للرجوع‏.‏
1213- أَحْيَرُ مِنْ وَرَلٍ‏.‏
وهو دابة مثل الضب يُوصَف بالحيرة أيضاً‏.‏ ‏[‏ص 228‏]‏
1214- أَحْوَلُ مِنْ أَبِي بَرَاقشَ‏.‏
هذا من التحول التنقل، وأبو بَرَاقش‏:‏ طائر يتلوَّنُ ألواناً مختلفة في اليوم الواحد، وهو مشتق من البَرْقَشَة، وهي النَّقْش، يقال‏:‏ بَرْقَشْتُ الثوبَ، إذا نقشته، قال فيه الشاعر‏:‏
كأبِي بَرَاقِشَ كُلَّ لَوْ * نٍ لَوْنُهُ يَتَخَيَّلُ
ويروى ‏"‏يتحول‏"‏ وأما قولهم‏:‏
1215- أَحْوَلُ مِنْ أَبِي قَلَمُون‏.‏
فهو ضَرْبٌ من ثياب الروم يتلَوَّن ألواناُ للعيون‏.‏
1216- أَحْوَلُ مِنْ ذِئْبٍ‏.‏
هذا من الحيلة، يقال‏:‏ تَحَوَّلَ الرجلُ، إذا طلب الحِيلَةَ‏.‏
1217- أَحْرَصُ مِنْ كَلْبٍ عَلى جِيفَةٍ‏.‏
ومن كلب على عرق، والعرق‏:‏ العظمُ عليه اللحم‏.‏
1218- أَحَنُّ مِنْ شَارِفِ‏.‏
الشارف‏:‏ الناقةُ المُسِنَّةُ، وهي أشدُّ حنينا على ولدها من غيرها‏.‏
قلت‏:‏ كذا أورده حمزة رحمه اللّه ‏"‏حنينا على‏"‏ والصواب ‏"‏حنينا إلى‏"‏ أو ‏"‏حَنَانا على‏"‏ إن أراد العَطْفَ والرأفة‏.‏
1219- أَحْلى مِنْ مِيرَاثِ الْعَمَّة الرَّقُوبِ‏.‏
وهي التي لا يَعِيشُ لها ولد‏.‏
1220- أَحْذَرُ مِنْ قِرِلىَّ‏.‏
وأحْزَم أيضاً، وهو طائر من طير الماء شديد الحزم والحذر، يطير في الهواء وينظر بإحدى عينيه إلى الأرض، وفي أسجاع ابنة الخُسِّ‏:‏ كن حذِراً كالقِرِلىَّ، إن رأى خيراً تَدَلَّى، وإن رأى شراً تَولَّى‏.‏ قال الأزهري‏:‏ ما أراه عربياً‏.‏
1121- أَحْمَقُ مِنْ أمِّ الْهِنْبِرِ‏.‏
الْهِنْبِر‏:‏ الجحش، وأم الْهِنْبِر‏:‏ الأتان، وفي لغة فَزَارة الضَّبُع، ويقولون للضَّبُعَان‏:‏ أبو الهنبر‏.‏
1222- أَحْمَقُ مِنْ لاَعِق الْمَاءِ، ومِنْ نَاطِحِ الصَّخْرِ، ومِنْ لاَطِمِ الإِشْفى بِخَدِّهِ، وَمِنَ الْمُمْتَخِطِ بِكُوعِهِ‏.‏
1223- أحْسَنُ مِنَ الطَّاوُسِ، ومِنْ سُوقِ الْعَرُوسِ، ومِنْ زَمَنِ البَرامِكَةِ، وَمِنَ الدُّنْيَا الْمُقْبِلةِ، ومِنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَمِنَ الدُّرِّ وَالدِّيكِ‏.‏ ‏[‏ص 229‏]‏
1224- أحْلَى مِنْ حَيَاةِ مُعَادَةِ، ومِنَ التَّوْحِيدِ، ومِنْ نَيْلِ المُنى، ومِنَ النَّشَبِ، وَمِنْ الْوَلَدِ، ومِنَ الْعَسَلِ‏.‏
1225- أحْرَصُ مِنْ نَمْلةٍ، ومِنْ ذَرَّةٍ، ومِنْ كَلْبٍ عَلَى عِقْىٍ‏.‏
وهو أول حَدَث الصبي‏.‏
1226- أحْيَرُ مِنْ اللَّيْلِ، وَمِنْ يَدٍ في رَحِمٍ‏.‏
1227- أحْسَنُ مِنْ بَيْضَةٍ في رَوْضة‏.‏
العرب تستحسن نَقَاء البيضة في نَضَارة خُضْرة الروضة‏.‏
1228- أحْرَسُ مِنْ كْلٍب، وَمِنَ الأَجَلِ‏.‏
ويقال‏:‏ أحْرَسُ من كَلْبة كريز‏.‏
1229- أحْفَظُ مِنَ الْعُمْيَانِ، وَمِنَ الشَّعْبِيِّ‏.‏
1230- أَحْمَى منْ أنْفِ الأَسَدِ‏.‏
1231- أحَنُّ منْ المَرِيضِ إِلَى الطَّبِيبِ‏.‏
1232- أحَدُّ منْ لِيطَةٍ‏.‏
اللِّيطة‏:‏ قشر القصب، ويقال أيضاً
1233- أحَدُّ منْ مُوسَى‏.‏
1234- أحَلُّ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ، وَمِنْ لَبَنِ الأُمِ‏.‏
1235- أحْمَضُ منْ صَفْعِ الذُّلِّ في بَلَد الْغُرْبَةِ‏.‏
1236- أحْيَا منْ كَعَابٍ، وَمِنْ مُخَبّأةٍ، وَمُخَدَّرَةٍ، وَبِكْرٍ‏.‏
1237- أحْسَنُ مِنْ الدُّهْمِ الْمُوَقَّفَة ‏.‏
وهي التي في قوائمها بياض‏.‏



B-happy 3 - 3 - 2010 02:46 AM



1238- أحْكَى مِنْ قِرْدٍ‏.‏
لأنَّه يحكي الإنسان في أفعاله سوى المنطق، كما قال أبو الطيب‏:‏
يَرُومُونَ شَأْوِى في الكَلَام، وإنما * يُحَاكِي الْفَتى فيما خَلاَ الْمَنْطِقَ الْقِرْدُ
1239- أحْمَلُ مِنَ الأَرْضِ، ذَات الطُّولِ وَالْعَرْضِ‏.‏
1240- أحْضَرُ مِنَ التُّرَابِ، وأحقْرُ مِنَ التُّرابِ‏.‏ ‏[‏ص 230‏]‏
*3*http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif المولدون‏.‏
حَظ في السحَابِ، وَعَقْلٌ في التُّرَابِ‏.‏
حَسِبَهْ صَيْداً، فَكَانَ قَيْدا‏.‏
حَسْبُ الْحَلِيمِ أَنَّ النَّاسَ أَنْصَارُهُ عَلَى الْجَاهِلِ‏.‏
حَرِّكِ الْقَدَرَ يَتَحَرَّكْ‏.‏
يضرب في البَعْث على السفر‏.‏
حِمَارُ طَيَّابٍ وَبَغْلَةُ أبِي دُلاَمَة‏.‏
للكثير العيوب‏.‏
حَوْصِلِى وَطِيِرِى‏.‏
في الحَثِّ على التصرف‏.‏
حِبَالٌ وَلِيفٌ، جِهَازٌ ضَعِيفٌ‏.‏
حَيْثُمَا سَقَطَ لَقَطَ‏.‏
يضرب للمحتال‏.‏
حَصَدَ الشَّوْقَ السُّلُوُّ‏.‏
حَقُّ مَنْ كَتَبَ بِمِسْكٍ أَنْ يَخْتِمَ بِعَنْبرٍ‏.‏
حِصْنُكَ مِنَ البَاغِي حُسْنُ المُكَاشَرةِ‏.‏
حَدِيثٌ لَوْ نَقَرْتَهُ لَطَنَّ‏.‏
حِمَاكَ أَحْمَى لَكَ، وَأهْلُكَ أحْفَى بِكَ‏.‏
حُدَيَّاكَ إِن كَانَ عِنْدَكَ فَضْلٌ‏.‏
أي ابْرُزْ لي وجارِنِي‏.‏
حُسْنُ طَلَبِ الحَاجَةِ نِصْفُ الْعِلْم‏.‏
حَيَاءُ الرَّجُلِ فِي غيْرِ مَوْضِعِهِ ضَعْفٌ‏.‏
الحَسَدُ ثِقْلٌ لاَ يَضَعُهُ حَامِلُهُ‏.‏
الْحِيلَةُ أنْفَعُ مِنَ الوَسِيلَةِ‏.‏
الْحُرُّ عَبْد إِذَا طَمِعَ، والْعَبْد حُرٌّ إِذَا قَنِع‏.‏
الحَسَدُ فِي القَرَابَة جَوْهَرٌ، وَفِي غَيْرِهِمْ عَرَض‏.‏
الحَيَاءُ يَمْنَعُ الرِّزْقَ‏.‏
الحَركَةُ بَرَكَةٌ‏.‏
الحَاجَةُ تَفْتُقُ الحِيلَةَ‏.‏
الحَرِيصُ مَحْرُوم‏.‏
الْحُرُّ يَكْفِيهِ الإشَارَةُ‏.‏
الْحَاوِي لاَ ينْجُو مِنَ الْحَيَّات‏.‏
الحَمِير نَعْتُ الاَكَّافِين‏.‏
الحَقُّ خَيْرُ ما قِيلَ‏.‏
الحَبَّةُ تَدُورُ، وَإلى الرَّحَا تَرْجِعُ‏.‏
الحِبَابُ لاَ تُشْتَرَى أَو تُصْفَعَ‏.‏
الحِمَارُ عَلَى كِرَاهُ يَمُوتُ‏.‏
أي المَرَافق تُدْرَك بالمتاعب‏.‏
الحمَارُ السُّوءُ دَبَرُهُ أَحَبُّ إِليْكَ مِنْ مَكُّوكِ شَعِيرٍ‏.‏
احْفَظْنِي أَنْفَعْكَ‏.‏
احْفِرْ بِيراً وَطُمَّ بِيراً وَلا تُعَطِّلْ أجِيراً‏.‏
احْتَاجَ إِلىَ الصُّوفَةِ مِنْ جَزَّ كَلْبَهُ‏.‏
الحَسُودُ لاَ يَسُودُ‏.‏
الإحْسَانُ إِلىَ الْعَبِيدِ، مَكْبَتَة للحَسُود‏.‏
الْحَسَدُ دَاءٌ لاَ يَبْرَأ‏.‏ ‏[‏ص 231‏]‏


B-happy 3 - 3 - 2010 02:47 AM



*2* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif الباب السابع فيما أوله خاء‏.‏
1241- خُذْ منْ جِذْعٍ مَا أعْطَاكَ‏.‏
جِذْعٌ‏:‏ اسم رجل يقال له جِذْع بن عَمْرو الغَسَّاني، وكانت غَسَّانُ تؤدِّي كلَّ سنة إلى ملك سَليح دينارين من كل رجل، وكان الذي يَلِي ذلك سَبْطَة بن المنذر السَّليحي، فجاء سَبْطة إلى جِذْع يسأله الدينارين، فدخل جذع منزلَه ثم خرج مشتملا على سيفه، فضرب به سَبْطة حتى بَرَد، ثم قال‏:‏ خُذْ من جِذْع ما أعطاك، وامتنعت غَسَّان من هذه الإتاوة بعد ذلك‏.‏
يضرب في اغتنام ما يجود به البخيل‏.‏
1242- خُذْ مِنَ الرَّضْفَةِ مَا علَيْهَا‏.‏
الرَّضْفُ‏:‏ الحجارة المُحْمَاة يْوغَر بها اللبن، واحدتها رَضْفَة، وهي إذا ألقيت في اللبن لَزِقَ بها منه شيء، فيقال‏:‏ خُذْ ما عليها، فإن تركَكَ إيَّاهُ لا ينفع‏.‏
يضرب في اغتنام الشيء من البخيل وإن كان نَزْرا‏.‏
1243- خُذْهُ وَلَوْ بِقُرْطَيْ مَارِيَة‏.‏
هي مارية بنت ظالم بن وَهْب، وأختُها هِنْد الهُنُود امرأة حُجْرٍ آكِلِ المُرَار الكندي، قال أبو عبيد‏:‏ هي أم ولد جَفْنَة، قال حسان‏:‏
أولاَدُ جَفْنَةَ حَوْلَ قَبْرِ أبيهمُ * قَبْرِ ابن مارِيَةَ الْكْرِيمِ الْمُفْضِلِ
يقال‏:‏ إنها أهدت إلى الكعبة قُرْطَيْها وعليهما دُرَّتان كبيضَتَي حمام لم ير الناسُ مثلهما، ولم يدروا ما قيمتهما‏.‏
يضرب في الشيء الثّمين، أي لا يفوتَنَّكَ بأي ثمن يكون‏.‏
1244- خُذْ مِنْهَا مَا قَطَعَ البَطْحَاءَ‏.‏
و قوله ‏"‏منها‏"‏ أي من الإبل، والبطحاء‏:‏ تأنيث الأبْطَح، وهو مَسِيل فيه دُقَاق الحصى والجمع بِطَاح، على غير قياس، أي خذ منها ما كان قويا‏.‏
يضرب في الاستعانة بأولِي القوة‏.‏
1245- خُذِ الأَمْر بِقَوابِلِهِ‏.‏
أي بمُقَدِّماته، يعني دَبِّرْه قبل أن يفوتك تدبيرُه، والباء بمعنى في، أي فيما يستقبلك منه، يقال‏:‏ قَبَلَ الشيءُ، وأقبل‏.‏ يضرب في الأمر باستقبال الأمور‏.‏ ‏[‏ص 232‏]‏
1246- خُذْ مَا طَفَّ لكَ واسْتَطَفَّ‏.‏
وأطَفُّ أيضاً، يقال طَفَّ الشيءُ يَطِفُّ طُفُوفاً، إذا ارتفع وقَلّ‏.‏ ويقال أيضاً‏:‏
1247- خُذْ مَا دَفَّ واسْتَدَفَّ‏.‏
قال أبو زيد‏:‏ أي ما تَهَيَّأ‏.‏ يضرب في قَنَاعة الرجل ببعض حاجته‏.‏
1248- خَشِّ ذُؤالَةَ بِالحِبَالَةِ‏.‏
ذُؤَالة‏:‏ اسمٌ للذئب، اشتُقَّ من الذَّأَلاَن، وهو مَشْي خفيف‏.‏
يضرب لمن لا يبالي تهدده‏:‏ أي توعَّدْ غيري فإني أعرفك‏.‏
وقال أبو عبيدة‏:‏ إنما يقول هذا مَنْ يأمر بالتبريق والإيعاد، قال الشاعر‏:‏ ‏(‏هو أسماء بن خارجة، والضغث - بكسر الضاد - أصله قبضة من الحشيش مختلطة الرطب باليابس، والإبالة‏:‏ الحزمة من الحطب، وأصل بائها مشددة، وقد خففها الشاعر، وأحشأنك‏:‏ أدخل في حشاك، والمشقص - بزنة منبر - ما طال وعرض من النصال، وأوسا‏:‏ أي عوضا وبدلا، وأويس‏:‏ مصغر أوس، وهو منادى، والهبالة‏:‏ اسم ناقة الشاعر التي كان الذئب يريد أكلها‏.‏‏)‏
لي كُلَّ يَوْمٍ من ذُؤَالَهْ * ضِغْثٌ يَزِيدُ عَلَى إبَالَهْ
فَلأَحْشَأنَّكَ مِشْقَصاً * أوْساً أوَيْسُ مِنَ الهَبَالَهْ‏.‏
1249- خَالِفْ تذْكَرْ‏.‏
قال المفضل بن سلمة‏:‏ أول من قال ذلك الحُطَيئة، وكان ورَد الكوفة فلقي رجلا فقال‏:‏ دُلَّني على أفتى المصر نائلا، قال‏:‏ عليك بعُتَيْبَةَ بن النَّهَاس العِجْلي، فمضى نحو داره‏.‏ فصادفه، فقال‏:‏ أنت عتيبة‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ فأنت عَتَّاب‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ إن اسمك لشَبِيه بذلك، قال‏:‏ أنا عتيبة فمن أنت‏؟‏ قال‏:‏ أنا جَرْوَل، قال‏:‏ ومن جَرْوَل‏؟‏ قال‏:‏ أبو مُلَيكة، قال‏:‏ والله ما ازْدَدْت إلا عَمًى، قال‏:‏ أنا الحُطَيئة، قال‏:‏ مرحَباً بك، قال الحطيئة‏:‏ فحدِّثْنِي عن أشعر الناس مَنْ هو، قال‏:‏ أنت، قال الحطيئة‏:‏ خالِفْ تُذْكَرْ، بل أشعر مني الذي يقول‏:‏
ومَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ من دون عِرْضِهِ * يَفِرْهُ، ومَنْ لا يَتَّقِ الشتمَ يُشْتَمِ
ومن يَكُ ذا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بفَضْلِهِ * على قومِهِ يُسْتَغْنَ عنه ويُذْمَمِ
قال‏:‏ صدقت، فما حاجتك‏؟‏ قال‏:‏ ثيابك هذه فإنها قد أعجبتني، وكان عليه مُطْرَف خزوجبة خز وعمامة خز‏.‏ فدعا بثيابٍ فلبسها ودفع ثيابه إليه، ثم قال له‏:‏ ما حاجتك أيضاً‏؟‏ قال‏:‏ مِيرَةُ أهلي من حَبٍّ ‏[‏ص 233‏]‏ وتمر وكسوة، فدعا عَوْناً له فأمره أن يَمِيرَهم وأن يكسو أهله، فقال الحطيئة‏:‏ العَوْدُ أَحْمَدُ ثم خرج من عنده وهو يقول‏:‏
سُئِلْتَ فلم تَبْخَلْ ولَمْ تُعْطِ طَائِلاً * فسِيَّانِ لا ذَمٌّ عَلَيْكَ ولا حَمْدُ‏.‏
1250- خَطْبٌ يَسِيرٌ في خَطْب كَبِيرٍ‏.‏
قاله قَصير بن سَعْد اللَّخْمي لِجَذِيمة بن مالك بن نَصْر الذي يقال له‏:‏ جَذِيمة الأبرش وجذيمة الوَضَّاح، والعرب تقول للذي به البَرَصُ‏:‏ به وَضَح، تفادياً من ذكر البرص‏.‏
وكان جذيمة مَلِكَ ما على شاطئ الفرات، وكانت الزبَّاء ملكةَ الجزيرة، وكانت من أهل باجرمى ‏(‏في هامش الأصل ‏"‏هكذا في النسخ، ولم أعثر بها في القاموس ولا كتاب تقويم البلدان، وإنما الذي وجدته فيهما جاجرم، وهي بلدة من خراسان بين نيسابور وجرجان، وليحرر‏"‏‏)‏ وتتكلم بالعربية وكان جَذِيمة قد وتَرها بقتل أبيها، فلما استجمع أمرُها، وانتظم شمل ملكها، أحَبَّتْ أن تغزو جَذيمة، ثم رأت أن تكتب إليه أنها لم تجد مُلْكَ النساء إلا قُبْحاً في السَّمَاع، وضَعْفا في السلطان، وأنها لم تجد لملكها موضعا، ولا لنفسها كفؤا غيرك، فأقْبِلْ إليَّ لأجْمَعَ ملكي إلى ملكك وأصِلَ بلادي ببلادك، وتقلد أمري مع أمرك، تريد بذلك الغَدْر‏.‏ فلما أتى كتابُهَا جذيمةَ وقدم عليه رسُلُها استخفَه ما دَعَتْه إليه، ورَغِبَ فيما أطمعته فيه، فجمع أهلَ الحِجا والرأي من ثقاته، وهو يومئذ ببَقَّةَ من شاطئ الفرات، فعرض عليهم ما دعته إليه، وعرضت عليه، فاجتمع رأيهم على أن يسير إليها فيستولي على ملكها، وكان فيهم قَصير، وكان أرِيبا حازما أثيراً عند جَذيمة، فخالفهم فيما أشاروا به، وقال‏:‏ رأي فاتر، وغَدْر حاضر، فذهبت كلمته مثلا، ثم قال لجذيمة‏:‏ الرأيُ أن تكتب إليها، فإن كانت صادقةً في قولها فَلْتُقْبِل إليك، وإلاَّ لم تمكنها من نفسك، ولم تَقَعْ في حِبالتها وقد وَتَرْتَها وقتلتَ أباها، فلم يوافق جذيمة ما أشار به، فقال قَصير‏:‏
إني امْرُؤ لا يُمِيلُ العَجْزُ تَرْوِيَتِي * إذا أتَتْ دُونَ شَيْءٍ مرة الوذمِ
فقال جذيمة‏:‏ لا، ولكنك امرؤ رأيُكَ في الكِنِّ لا في الضِّحِّ، فذهبت كلمته مثلا، ودعا جَذيمة عمرو بن عَدِيٍّ ابنَ أخته فاستشاره فشجَّعه على المسير، وقال‏:‏ إن قومي مع الزباء، ولو قد رَأَوْكَ صاروا معك، فأحَبَّ جذيمةُ ما قاله، وعصى قصيرا، فقال قصير‏:‏ لا يُطَاع لقَصِير أمرٌ، فذهبت مثلا، ‏[‏ص 234‏]‏ واستخلف جذيمةُ عمرَو بن عديٍّ على ملكه وسلطانه، وجعل عمرو بن عبد الجن معه على جنوده وخيوله، وسار جذيمةُ في وُجُوه أصحابه، فأخذ على شاطئ الفُرَات من الجانب الغربي، فلما نزل دعا قصيرا فقال‏:‏ ما الرأيُ يا قصير‏؟‏ فقال قصير‏:‏ ‏"‏ ببقَّةَ خَلَّفْتُ الرأي، فذهبت مثلا، قال‏:‏ وما ظَنُّكَ بالزباء‏؟‏ قال‏:‏ القول رادف، والحزم عثَرَاتُه تُخَاف، فذهبت مثلا، واستقبله رسُلُ الزباء بالهَدَايا والألطاف، فقال‏:‏ يا قصير كيف ترى‏؟‏ قال‏:‏ خَطْبٌ يسير في خَطْب كبير، فذهبت مثلا، وسَتَلْقَاكَ الجيوشُ، فإن سارت أمامك فالمرأة صادقة، وإن أخَذَتْ جنبتيك وأحاطت بك من خلفك فالقومُ غادرون بك، فارْكَبِ العصا فإنه لا يُشَقُّ غُبَاره، فذهبت مثلا، وكانت العصا فَرَساً لجذيمة لا تُجَارى، وإني راكبُها ومُسَايرك عليها، فلقيته الخيولُ والكتائب، فحالت بينَهُ وبين العصا، فركبها قصير، ونظر إليه جذيمة على مَتْن العصا مُوَلِّيا فقال‏:‏ وَيْلُ امه حَزْماً على متن الْعَصَا، فذهبت مثلا، وجرت به إلى غروب الشمس، ثم نَفَقَتْ، وقد قطعت أرضا بعيدة، فبنى عليها بُرْجاً يقال له‏:‏ بُرْجُ العصا، وقالت العرب‏:‏ خَيْرٌ ما جاءت به العصا، فذهبت مثلا، وسار جَذيمة وقد أحاطت به الخيلُ حتى دخل على الزباء، فلما رأته تكشفت فإذا هي مَضْفُورة الاسب، فقالت‏:‏ يا جذيمة أدأب عروس ترى‏؟‏ فذهبت مثلا، فقال جذيمة‏:‏ بَلَغ المَدَى، وجفَّ الثَّرَى، وأمْرَ غَدْرٍ أرى، فذهبت مثلا‏.‏ ودعت بالسيف والنِّطْع ثم قالت‏:‏ إن دماء الملوك شِفَاء من الكَلَب، فأمرت بطَسْت من ذهب قد أعَدَّته له وسَقَتْه الخمر حتى سَكِر وأخذت الخمر منه مأخذها، فأمرت بِرَاهِشَيْهَ فقُطِعا، وقَدَّمت إليه الطستَ، وقد قيل لها‏:‏ إنْ قَطَر من دمه شيء في غير الطَّسْت طُلِب بدمه، وكانت الملوك لا تُقْتَل بضرب الأعناق إلا في القتال تَكْرِمةً للملك، فلما ضعفت يَدَاه سقطَتَا فقَطَر من دَمه في غير الطست، فقالت‏:‏ لا تضيعوا دم الملك، فقال جذيمة‏:‏ دَعُوا دَماً ضيعه أهله، فذهبت مثلا، فهلَكَ جَذيمة، وجعلت الزباء دمه في ربعة لها، وخرج قصير من الحي الذي هلكت العصا بين أظهرهم حتى قدم على عمرو بن عَدِيٍّ وهو بالحِيرَة، فقال له قصير‏:‏ أثائر أنت‏؟‏ قال‏:‏ بل ثائر سائر، فذهبت مثلا، ووافق قصير الناس وقد اختلفوا، فصارت طائفة مع عمرو بن عدي اللَّخْمي، وجماعة منهم مع عمرو بن عبد الجن الجَرْمي، فاختلف بينهما قصير ‏[‏ص 235‏]‏ حتى اصطلحا وانْقَاد عمرو بن عبد الجن لعمرو ابن عدي، فقال قصير لعمرو بن عدي‏:‏ تَهَيَّأْ واستعدَّ ولا تُطِلَّنَّ دم خالك، قال‏:‏ وكيف لي بها وهي أمْنَعُ من عُقَاب الجو‏؟‏ فذهبت مثلا، وكانت الزباء سألت كاهنةً لها عن هلاكها، فقالت‏:‏ أرى هلاكك بسبب غلام مَهِين، غير أمينٍ، وهو عمرو بن عدي، ولن تموتي بيده، ولكن حَتْفك بيدك، ومن قِبَله ما يكون ذلك، فحذِرَتْ عمرا، واتخذت لها نَفَقاً من مجلسها الذي كلنت تجلس فيه إلى حصن لها في داخل مدينتها، وقالت‏:‏ إن فَجَأني أمرٌ دخلت النفق إلى حصني، ودعت رجلا مُصَوِّرا من أجْوَد أهل بلاده تصويراً وأحسنهم عملا، فجَهّزَتْه وأحسنت إليه، وقالت‏:‏ سِرْ حتى تُقْدم على عمرو بن عدي متنطرا فتخلوا بحَشَمه وتنضمّ إليهم وتُخَالطهم وتعلمهم ما عندك من العلم بالصور، ثم أثبِتْ لي عمرَو بن عدي معرفة، فصَوِّرْهُ جالساً وقائما وراكبا ومتفضلا ومتسلحاً بهيئته ولبسته ولونه، فإذا أحكمت ذلك فأقبِلْ إلي، فانطَلَقَ المصور حتى قدم على عمرو بن عدي وصنع الذي أمرته به الزباء، وبلغ من ذلك ما أوْصَتْه به، ثم رجع إلى الزباء بِعلم ما وجَّهته له من الصورة على ما وصفت، وأرادت أن تعرف عمرو بن عدي فلا تراه على حال إلا عرفته وحذرته وعلمت علمه، فقال قصير لعمرو بن عدي‏:‏ اجْدَعْ أنْفِي، واضرب ظَهْرِي، ودعني وإياها، فقال عمرو‏:‏ ما أنا بفاعلٍ، وما أنت لذلك مُسْتَحِقا عندي، فقال قصير‏:‏ خَلِّ عني إذن وخَلاَك ذم، فذهبت مثلا، فقال له عمرو‏:‏ فأنت أبْصَرُ، فجَدَع قصير أنفه، وأثر آثارا بظهره، فقالت العرب‏:‏ لِمَكْرٍ ما جَدَع قصير أنفه، وفي ذلك يقول المتلمس‏:‏
وفِي طَلَبِ الأوْتَارِ ما حَزَّ أنْفَهُ * قَصِير، ورَام الموتَ بالسيف بَيْهَسُ
ثم خرج قصير كأنه هارب، وأظهر أن عمراً فعل ذلك به، وأنه زعَم أنه مَكَر بخاله جَذيمة وغَرَّه من الزباء، فسار قصير حتى قدم على الزباء، فقيل لها‏:‏ إنَّ قصيراً بالباب، فأمرت به فأدخل عليها، فإذا أنفُه قد جُدِع وظهره قد ضرب، فقالت‏:‏ ما الذي أرى بك يا قصير‏؟‏ قال‏:‏ زعم عمرو أني قد غررت خاله، وزينت له المَصِيرَ إليك، وغَشَشته، ومالأتُكِ ففعل بي ما تَرَيْن، فأقبلت إليك وعرفْتُ أني لا أكون مع أحد هو أثقل عليه منك، فأكرمَتْه وأصابَتْ عنده من الحزم والرأي ما أرادت، فلما عرف أنها استرسلت إليه ووثِقْت به قال‏:‏ إن لي بالعراق أموالا كثيرة وطَرَائِفَ وثياباً وعِطْراً ‏[‏ص 236‏]‏ فابعثيني إلى العراق لأحملَ مالي وأحملَ إليك من بُزُوزها وطَرَائفها وثيابها وطِيبها، وتُصِيبِينَ في ذلك أرباحا عِظاما‏.‏ وبعضَ ما لا غنى بالملوك عنه، وكان اكثر ما يطرفها من التمر الصَّرَفان، وكان يُعْجبها، فلم يزل يُزَيِّنُ ذلك حتى أذنت له، ودفعت إليه أموالا وجَهَّزتْ معه عَبيدا، فسار قصير بما دفعت إليه حتى قَدِمَ العراق وأتى الحِيرَة متنكرا، فدخل على عمرو فأخبره الخبَرَ، وقال‏:‏ جهزني بصنوف البز والأمتعة لعل اللّه يمكن من الزباء فتصيبَ ثأرك وتقتلَ عدوك، فأعطاه حاجته، فرجع بذلك إلى الزباء، فأعجبها ما رأت وسَرَّها، وازدادت به ثِقَةً، وجَهّزته ثانية فسار حتى قدم على عمرو فجَهّزه وعاد إليها، ثم عاد الثالثة وقال لعمرو‏:‏ اجْمَعْ لي ثقات أصحابك وهِّيئْ الغَرَائر والمُسُوح واحْمِلْ كلَّ رجلين على بعير في غرارتين، فإذا دخلوا مدينة الزباء أقَمْتُكَ على باب نَفَقِها وخرجَتِ الرجال من الغرائر فصاحوا بأهل المدينة، فمن قاتلهم قتلوه، وإن أقبلت الزباء تُرِيدُ النفَق جَلَّلْتهَا بالسيف، ففعل عمرو ذلك، وحمل الرجالَ في الغرائر بالسلاح وسار يَكْمُنُ النهارَ ويسير الليل، فلما صار قريباً من مدينتها تقدَّمَ قصير فبشَّرَها وأعلمها بما جاء من المتاع والطرائف، وقال لها‏:‏ آخِرُ البَزِّ على القَلُوص، فأرسلها مثلا، وسألها أن تخرج فتنظر إلى ما جاء به، وقال لها‏:‏ جئْتُ بما صَاءَ وصَمَت، فذهبت مثلا، ثم خرجت الزباء فأبصرت الإبلَ تكاد قوائمُهَا تَسُوخ في الأرض من ثقل أحمالها، فقالت‏:‏ يا قصير
ما لِلُجِمَالِ مَشْيُهَا وَئيدَا * أَجَنْدَلاً يَحْمِلْنَ أَمْ حَدِيدا
أَمْ صَرَفَاناً تَارِزاً شَديدا*
فقال قصير في نفسه‏:‏ بل الرِّجَالَ قُبَّضاً قُعُودا*
فدخلت الإبلُ المدينةَ حتى كان آخرها بعيراً مَرَّ على بواب المدينة وكان بيده مِنْخَسَة فنَخَس بها الغَرَارة فأصابت خاصِرَةَ الرجل الذي فيها، فَضَرَط، فقال البواب بالرومية بشنب ساقاً، يقول‏:‏ شَرٌّ في الْجُوالِق فأرسلها مثلا، فلما توسَّطت الإبل المدينة أَنِيخَتْ ودل قصير عمرا على باب النفق الذي كانت الزباء تدخله، وأرته إياه قَبْلَ ذلك، وخرجت الرجالُ من الغرائر فصاحوا بأهل المدينة ووضعوا فيهم السلاح، وقام عمرو على باب النفَق، وأقبلت الزباء تريد النفق، فأبصرت عمراً فعرفته بالصورة التي صُوِّرت لها، فمصَّتْ خاتمها وكان فيه السم وقالت‏:‏ بِيَدِي لا بِيَدِ ابنِ عَدِيٍّ، فذهبت كلمتها ‏[‏ص 237‏]‏ مثلا، وتلقاها عمرو فجلَّلها بالسيف وقتلها، وأصاب ما أصاب من المدينة وأهلها، وانكفأ راجعاً إلى العراق‏.‏
وفي بعض الروايات مكان قولها أدأب عروس ترى ‏"‏أَشِوَارَ عَرُوسٍ ترى‏؟‏‏"‏ فقال جذيمة ‏"‏أرى دأب فاجرة غَدُور بظَرْاء تَفِلة‏"‏ قالت‏:‏ لا مِنْ عَدَم مَوَاس، ولا من قلة أوَاس، ولكن شيمة من أناس‏.‏ فذهبت مثلا‏.‏
1251- خَرْقَاءُ وَجَدَتْ صُوفاً‏.‏
ويقال‏:‏ وجدت ثُلَّة، وهي الصوف أيضاً‏.‏
يضرب مثلا للذي يُفْسِد ماله‏.‏
1252- خُذِي وَلاَ تَنَاثِرِي‏.‏
هذا المثل من قول دُغَة، وذلك أن أمها قالت لها حين رَحَلوا بها إلى بني العَنْبر‏:‏ يُوشِك أن تزورينا مُحْتَضِنة اثنين، فلما ولدت في بني العنبر استأذنت في زيارة أمها، فجهزت مع ولدها، فلما كانت قريبة من الحي أَخَذَتْ وَلَدَهَا فشقَّته باثنين، فلما جاءت الأم قالت لها‏:‏ أين ولدك‏؟‏ فقالت‏:‏ دُونَك، وأومأت إليه، ثم قالت‏:‏ يا أمّه، خُذِي ولا تُنَاثِرِي، إنهما اثنان بحمد اللّه‏.‏
يضرب في سَتْرِ العيوب وترك الكَشْف عنها‏.‏
1253- خَرْقَاءُ ذَات نِيقَةٍ‏.‏
النِّيقَة‏:‏ فِعْلَة من التَّنَوُّقِ، يقال‏:‏ تَنَوَّق في الأمر، أي تأنق فيه، وبعضُهم ينكر تَنَوّق ويقول‏:‏ إنما هو تأنق‏.‏
يضرب للجاهل بالأمر، ومع ذلك يَدَّعي المعرفة‏.‏
1254- خَرْقَاءُ عَيَّابَةٌ‏.‏
أي أنه أحمق، ومع ذلك يعيب غيره‏.‏
1255- أخْبِرْهَا بِعَابِهَا تَخْفَرْ‏.‏
العَابُ‏:‏ العيب‏.‏
يضرب للمرأة الجريئة‏.‏ أي أخبرها بعَيْبها لتكسر من جَرَاءتها‏.‏
1256- اخْتَلَفَتْ رُؤُسُهَا فَرَتَعَتْ‏.‏
الهاء راجعة إلى الإبل، وإنما تختلف رؤوسها عند الرُّتُوع‏.‏
يضرب في اختلاف القوم في الشيء‏.‏
1257- خَرَجَ نَازِعاً يَدَهُ‏.‏
يضرب لمن نَزَع يَدَه عن طاعة سلطانه‏.‏
1258- أَخْبَرْتُهُ بِعُجَرِي وَبُجرِي‏.‏
قال أبو عبيد‏:‏ أصل العُجَر العروقُ المتعقدة، والبُجَر‏:‏ أن تكون تلك العروق في البطن خاصة‏.‏
يضرب لمن تخبره بجميع عيوبك ثقةً بهِ‏.‏ ‏[‏ص 238‏]‏
قال الشعبي‏:‏ وقف عليٌّ رضي اللّه عنه يوم الجمل على طَلْحة وهو صَريع قتيل، فقال‏:‏ عَزَّ على أبا محمدٍ أن أراك مُجَدَّلاً تحت نجوم السماء تحشر من أفواه السباع وبُطُون الأودية، إلى اللّه أشكو عُجَرِي وبُجَرِي‏.‏
1259- الْخَيْلُ تَجْرِي عَلَى مَسَاوِيهَا‏.‏
قال اللَّحْياني‏:‏ لا واحد للمساوي، ومثلها المحاسن والمَقَاليد، يقول‏:‏ إن كان بها - يعني بالخيل - أوْصَابٌ أو عُيُوب، فإن كَرَمَها يحملها على الجري، فكذلك الحر الكريم يحتمل المُؤَنَ ويحمي الذِّمار وإن كان ضعيفاً، ويستعملُ الكَرَمَ على كل حال‏.‏
1260- الْخَيْلُ أَعْلَمُ بِفرْسَانِهَا‏.‏
قال أبو عبيد‏:‏ يعني أنها قد اخْتَبَرَتْ ركابها فهي تعرف الكفل من غيره‏.‏
ومعنى المثل اسْتَغْنِ بمن يعرف الأمر‏.‏
1261- الْخَيْلُ أَعْلَمُ مَنْ فُرْسَانُهَا‏.‏
يضرب لمن ظَنَنْتَ به أمراً فوجَدْته كذلك أو بخلافه‏.‏
1262- اخْتَلَطَ الْمَرْعِىُّ بالْهَمَلِ‏.‏
يقال‏:‏ إبل هَمَل وهَوَامِل وهُمَّال، واحدُها هامل‏.‏ والمرعِيُّ‏:‏ التي فيها رعاؤها، والهمَلُ ضدها‏.‏
يضرب للقوم وقَعُوا في تخليط‏.‏
1263- خَيْرَ حَالِبَيْكِ تَنْطَحِينَ‏.‏
قال أبو عبيد‏:‏ أصله أن شاة أو بقرة كان لها حالبان، وكان أحدهما أَرْفَقَ بها من الآخر فكانت تنطحه وتَدَعُ الآخر‏.‏
يضرب لمن يكافئ المحسنَ بالإساءة‏.‏
ويروى ‏"‏هَيْلَ هَيْلَ خيرَ حَالِبَيْكِ تنطحين‏"‏ يقال‏:‏ هَيْلَة اسم عَنْز، وهَيْلَ مرخَّم منها‏.‏
1264- الْخَرُوفُ يَتَقَلَّبُ عَلَى الصُّوِف‏.‏
يضرب للرجل المكفيِّ المُؤَن‏.‏
1265- خَاِمِري أُمَّ عَامِرٍ‏.‏
خامِرِي‏:‏ أي استتري، أم عامر وأم عمرو وأم عويمر‏:‏ الضبع، يُشَبَّه بها الأحمق‏.‏
ويروى عن علي رضي اللَه عنه، أنه قال‏:‏ لا أكونُ مثلَ الضبع تسمَعُ اللَّدْمَ فتبرز طمعاً في الحية حتى تصاد‏.‏
وهي كما زعموا من أحمق الدواب، لأنهم إذا أرادوا صَيْدها رَمَوْا في جُحْرها بحَجَر، فتحسبه شيئاً تصيده، فتخرج لتأخذه فتصاد عند ذلك‏.‏ ويقال لها‏:‏ أَبْشِرِي بجَرَادٍ عظال، وكَمرِ رجال، فلا يزال يقال لها حتى يَدْخُل عليها رجلٌ فيربط يديها ورجليها ‏[‏ص 239‏]‏ ثم يجرها، والجراد العظال‏:‏ الذي ركبَ بعضُها بعضا كثرةً، وأصل العظال سِفَاد السباع، وقوله ‏"‏وكَمرِ رجال‏"‏ يزعمون أن الضبع إذا وجَدَت قتيلا قد انتفخ جُرْدَانه ألقته على قفاه ثم ركبته، قال العباس بن مِرْدَاسٍ السُّلَمي‏:‏
ولو مات منهم مَنْ جَرَحْنا لأصبحت * ضباعٌ بأعْلى الرَّقْمَتَيْنِ عرائسا
ومثلُه‏:‏
1266- خَامِرِي حَضَاجِرُ، أَتَاكَ مَا تُحَاذِرُ‏.‏ ‏(‏كان من حق العربية أن يقال ‏"‏خامر حضاجر، أتاك ما تحاذر‏"‏ إن أريد ذكر، أو يقال ‏"‏خامري حضاجر، أتاك ما تحاذرين‏"‏ إن أريد أنثي‏)‏
حضاجر‏:‏ اسم للذكر والأنثى من الضباع، ومن أسجاعهم في مثل هذا‏:‏ لم تُرَعْ يا حَضَاجر، كفاك ما تحاذر، ضبارم مخاطر، ترهبه القساور، يعني الأسود، ويقال‏:‏
يا أم عمروٍ أبْشِرِي بالبُشْرَى * مَوْت ذَرِيع وجَرَادٌ عَظْلى
وكلا المثلين يضرب للذي يرتاع من كل شيء جبناً‏.‏
وقيل‏:‏ جعلا مثلا لمن عرف الدنيا في نقضها عقود الأمور بإيراد البلاء عقيب الرخاء ثم يسكن إليها مع ما علم من عادتها، كما تغترُّ الضبعُ بقول القائل‏:‏ خامري أم عامر‏.‏
1267- خَفَّتْ نَعَامَتُهُمْ‏.‏
وكذلك ‏"‏شالت نعامتهم‏"‏ إذا ارتحلوا عن مَنْهَلهم وتفرقوا‏.‏
1268- خَلاَ لَكِ الْجَوُّ فَبِيضِي وَاصْفِرِي‏.‏
أول من قال ذلك‏:‏ طَرَفَة بن العبد الشاعر، وذلك أنه كان مع عمه في سَفَر وهو صبي، فنزلوا على ماء، فذهب طَرَفة بفُخَيخ له فنصبه للقَنَابر، وبقي عامةَ يومه فلم يَصِدْ شيئاً ثم حمل فخه ورجع إلى عمه وتحملوا من ذلك المكان، فرأى القنابر يَلْقطْنَ ما نثر لهن من الحبِّ، فقال‏:‏
يا لك من قنبَرَةٍ بمَعْمَرِ * خَلاَ لَكِ الجوُّ فَبِيضِي وَاصْفِرِي
وَنَقِّرِي مَا شِئْتِ أن تُنَقِّرِي * قَدْ رَحَلَ الصيادُ عنك فابْشِرِي
وَرُفِعَ الفَخُّ فمَاذَا تَحْذَرِي * لا بُدَّ من صيدك يوماُ فاصْبِرِي ‏[‏ص 240‏]‏
وحذف النون من قوله ‏"‏تحذري‏"‏ لوفاق القافية أو لالتقاء الساكنين‏.‏
قال أبو عبيد‏:‏ يروى عن ابن عباس رضي اللَه تعالى عنهما أنه قال لابن الزبير حين خرج الحسين رضي اللَه عنه إلى العراق‏:‏
خَلاَ لك الجو فبِيضِي واصفري‏.‏
يضرب في الحاجة يتمكن منها صاحبها‏.‏
1269- خَيْرُ لَيْلَةٍ بالأَبَدِ، لَيْلَةٌ بَيْنَ الزُّبانَي وَالأَسَدِ‏.‏
وذلك عند طلوع الشَّرَطين وسقوط الغَفْر، وما كان فيه من مَطَر فهو من الربيع، وكانت العرب تراها من ليالي السعود إذا نزل بها القمر، وقوله ‏"‏بالأبد‏"‏ الباء بمعنى في، والأبَدُ‏:‏ الدهر‏.‏
1270- أَخْلَفَ رُوَيْعِياً مَظِنَّه‏.‏
أصله أن راعياً كان اعتاد مكاناً يرعاه فجاءه يوماً وقد حَالَ عما عَهِدَه، أي أتاه الخلف من حيث كان لا يأتيه، ومَظِنُّ كلِّ شيء‏:‏ حيث يُظَنُّ به ذلك الشيء‏.‏ يضرب في الحاجة يعوق دونها عائق‏.‏
1271- خَلْعُ الدِّرْعِ بِيَدِ الزَّوْجِ‏.‏
كان المفضل يحكي أن المثل لرَقَاشِ بنت عمرو بن تَغْلب بن وائل، وكان تزوجها كَعْبَ بن مالك بن تَيْم الله بن ثَعْلبة فقال لها‏:‏ اخْلَعِي درعك، فقالت‏:‏ خَلْع الدرع بيد الزوج، فقال‏:‏ اخْلَعِيه لأنظر إليك، فقالت‏:‏ التَّجَرُّدُ لغير النكاح مُثْلَة، فذهبت كلمتاها مثلين‏.‏
يضربان في وضع الشيء غير موضعه‏.‏
1272- خَلِّ سَبِيلَ مَنْ وَهَي سِقَاؤُهُ وَمَنْ هُرِيقِ بالْفَلاَةِ مَاؤُه‏.‏
يضرب لمن كره صحبتك وزهد فيك، قال الشاعر‏:‏
صَادِقْ خليلَكَ ما بَدَا لك نُصْحُه * فإذا بَدَا لك غِشُّهُ فَتَبدَّلِ
1273- اخْتَلَطَ الْخَاثِرُ بالزُّبَّادِ‏.‏
الخاثر‏:‏ ما خَثَر من اللبن، والزُّبَّاد‏:‏ الزبد ‏.‏
يضرب للقوم يَقَعُون في التخليط من أمرهم، عن الأصمعي‏.‏
1274- اخْتَلَطَ اللَّيْلُ بالتُّرَابِ‏.‏
مثل ما تقدم من المعنى‏.‏
1275- خيْرَ إِنَاءَيْكِ تَكْفَئِينَ‏.‏
يقال‏:‏ كَفَأْتُ الإناء، قَلَبْته وكَبَبْتُه وزعم ابن الأعرابي أن ‏"‏أكْفَأْتُ‏"‏ لغة، قال الكسائي‏:‏ كَفَأْته كببته، وأكْفَأْته أملته، واكْتَفَأته مثل كفأته، ومنه قوله صلى اللَه عليه وسلم ‏"‏ولا تَسْألِ المرأةُ الطلاقَ أختها لتكتفئ ما في صَحْفتها‏"‏‏.‏ ‏[‏ص 241‏]‏
قال أبو عبيد‏:‏ قد علم أنه لم يرد الصحفة خاصة، إنما جعلها مثلا لحظِّها من زوجها، يقول‏:‏ إنه إذا طَلَّقها لقول هذه كانت قد أمالت نصيبَ صاحبتها إلى نفسها‏.‏
قالوا‏:‏ يضرب هذا المثلُ في موضع حرمان أهل الحرمة، وإعطاء مَنْ ليس كذلك‏.‏
1276- خَيْرُ مَالِكَ مَا نَفَعَكَ‏.‏
قال أبو عبيد‏:‏ العامةُ تذهب بهذا المثل إلى أن خير المالِ ما أنْفَقَه صاحبُه في حياته ولم يخلفه بعده‏.‏
وكان أبو عبيدة يتأوله في المال يَضِيعُ للرجل فيكسِبُ به عَقْلا يتأدب به في حفظ ماله فيما يستقبل، كما قالوا‏:‏ لم يَضِعْ من مالك ما وَعَظَك‏.‏
1277- خَيْرُ مَا رُدَّ فِي أَهْلٍ وَمَالٍ‏.‏
يقال هذا للقادم من سفره، أي جعل الله ما جئت به خيرَ ما رجعَ به الغائبُ، ويروى خَيْرَ بالنصب‏:‏ أي جَعَلَ الله رَدَّكَ خَيْرَ رد في أهل ومال، وبالرفع على تقدير رَدُّكَ خير رَدٍّ، وفي بمعنى مع‏.‏
1278- الخَلَّةُ تَدْعُو إِلىَ السلَّةِ‏.‏
الخَلَّة‏:‏ الفَقْر والسَّلة‏:‏ السَّرِقة، يعني أن الفقير يدعو إلى دَنَاءة المكسب، ويجوز أن يراد بالسَّلَّة سَلُّ السيوف‏.‏
1279- خَيْرُ الْفِقْهِ مَا حَاضَرْتَ بِهِ‏.‏
أي أنفَعُ علمِك ما حَضَرك في وقت الحاجة إليه‏.‏
1280- خَلاَؤُكَ أَقْنَى لِحَيَائكَ‏.‏
أقْنَى‏:‏ أي ألزم، والمعنى أنك إذا خَلَوْتَ في منزلك كان أحْرَى أن تقني الحياء وتسلم من الناس، لأن الرجل إنما يَحْذَر ذهاب الحياء إذا واجَهَ خصما أو عارض شكلا، وإذا خلا في منزلِهِ لم يحتج إلى ذلك‏.‏
يضرب في ذم مخالطة الناس‏.‏
1281- خَيْرٌ قَلِيلٌ وَفَضَحْتُ نَفْسِي ‏.‏
ويروى ‏"‏نَفْعٌ قليل‏"‏‏.‏
قالوا‏:‏ إن أول من قال ذلك فاقرة امرأة مُرَّة الأسدي، وكانت من أجمل النساء في زمانها، وإن زوجها غاب عنها أعواماً فهوِيَتْ عبداً لها حامياً كان يَرْعَى ماشِيَتَهَا، فلما هَمَّتْ به أقبلت على نفسها، فقالت‏:‏ يا نفسُ لا خير في الشِّرَّة، فإنها تَفْضَح الحُرَّة، وتحدث العَرَّة، ثم أعرضت عنه حينا ثم هَمَّت به فقالت‏:‏ يا نفس مَوْتة مُرِيحة، خير من الفَضيحة، وركوبِ القبيحة، وإياك والعار، ولَبُوس الشَّنار، وسوء الشِّعار، ولؤم الدِّثَار، ثم هَمَّت به وقالت‏:‏ إن كانت مرة واحدة، فقد تصلح ‏[‏ص 242‏]‏ الفاسدة، وتكرم العائدة، ثم جَسَرَت على أمرها فقالت للعبد‏:‏ احْضَر مَبيتي الليلة، فأتاها فواقَعَها، وكان زوجُها عائفا ماردا، وكان قد غاب دهرا ثم أقبل آئبا، فبينا هو يَطْعم إذ نَعَبَ غراب فأخبره إن امرأته لم تَفْجُر قط، ولا تفجر إلا تلك الليلة، فركب مُرَّة فرسَه وسار مسرعا رجاء إن هو أحسها أمنها أبدا، فانتهى إليها وقد قام العبد عنها، وقد ندمت وهي تقول‏:‏ خَيْرٌ قليلٌ وفضحت نفسي، فسمعها مرة فدخل عليها وهو يُرْعَد لما به من الغيظ، فقالت له‏:‏ ما يرعدك‏؟‏ قال مرة ليعلم أنه قد علم‏:‏ خيرٌ قليل وفضحت نفسي، فشهقت شهقة وماتت، فقال مرة‏:‏
لحا اللَه ربُّ الناسِ فاقر ميتة * وأهْوِنْ بها مَفْقُودَةً حين تُفْقَدُ
لَعَمْرُكِ ما تَعْتَادُنِي مِنْكِ لَوْعَةٌ * ولا أنا من وجدٍ عَلَيْكِ مُسَهَّدُ
ثم قام إلى العبد فقتله‏.‏
1282- الْخَنِقُ يُخْرِجُ الْوَرِقَ‏.‏
يضرب للغريم المُلِحِّ يَستخرج دَيْنَه بملازمته‏.‏
1283- خَيْرُ الْخِلاَلِ حِفْظُ اللِّسَان‏.‏
يضرب في الحثِّ على الصَّمْتِ‏.‏
1284- خَلِّهِ دَرْجَ الضَّبِّ‏.‏
يضرب لمن شُوهد منه أمارات الصَّرْم، أي دَعْه يَدْرُج دَرْجَ الضب، أي دُرُوجَه ويذهب ذهابه، والهاء في ‏"‏خَلِّه‏"‏ ترجع إلى الرجل‏.‏
قال أبو سعيد الضرير‏:‏ معناه خَلِّه ودَعْه في جُحْره، وذلك أنه يحفر حجره دَرَجاً بعضُه تحت بعض، فإذا دخل فيه لم يدرك فهذا دَرَجُ الضب‏.‏
قلت‏:‏ فعلى ما قال الهاءُ في ‏"‏خَلِّه‏"‏ للسكت، إلا أنه أجراه مجرى الوصل، أي خَلِّ دَرَجَ الضب فلا تبحث عنه، فإنك لا تجده، كذلك هذا الرجل فخَلِّه ودَعْه فإنه لا سبيل لك إلى وداده‏.‏
وقال غيره‏:‏ يجوز أن يراد به التأييد، أي خَلِّه ما دَرَجَ الضبُّ، أي أبدا، ويجوز انتصابه على الظرف أيضا، أي خَلِّه في طريق الضب، ويقال أيضاً‏:‏ خل دَرَجَ الضب، أي خَلِّ طريقه لئلا يسلك بين قدميك فتنتفخ‏.‏
يضرب في طلب السلامة من الشر‏.‏
1285- خُبَأَةُ صِدْقٍ خَيْرٌ مِنْ يَفَعَةِ سَوْءٍ‏.‏
الْخُبَأة‏:‏ المرأة التي تَطْلُع ثم تختبئ، ويقال‏:‏ غلام يَافِع ويَفَعة، وغِلْمان يَفَعَة أيضاً في الجَمْعِ، أي جاريةٌ خَفِرة خيرٌ من غلام سوء‏.‏ ‏[‏ص 243‏]‏
يضرب للرجل يكون خاملَ الذكر فيقال‏:‏ لأنْ يكون كذا خير من أن يكون مشهوراً مرتفعا في الشر‏.‏
1286- خُيِّرَ بَيْنَ جَدْعٍ وخِصَاءٍ‏.‏
يضرب لمن وقع في خَصْلتين مكروهتين‏.‏
1287- خُذْ حَظَّ عَبْدٍ أبَاه‏.‏
الهاء ترجع إلى الحظ، أي إن ترك رِزْقَه وسَخِطه فخذه أنت‏.‏
1288- الْخَمْرُ تُعْطِى مِنَ الْبَخِيلِ‏.‏
أي أنه يكون بخيلا فيَجْود، وحليما فيَجْهَل، ومالكا للسانه فيًضِيع سرَّه‏.‏
1289- أَخْنَى عَلَيْهَا الَّذِي أَخْنَى عَلَى لُبَدٍ‏.‏
أخنى‏:‏ أي أهلك، ولُبَد‏:‏ آخر نُسُور لقمان، قال لبيد‏:‏
ولَقَدْ جَرَى لُبَد فأدْرَكَ رَكْضَه * رَيْبُ الزمان وكان غيرَ مُثَقَّلِ
لما رأى لُبَدُ النسورَ تَطَايَرَتْ * رَفَعَ القوادمَ كالفقير الأعْزَلِ
1290- خَيْرُ الْعَفْوِ مَا كانَ عَنِ الْقُدْرَةِ‏.‏
قال الشاعر‏:‏
اعْفُ عَنِّي فقد قَدَرْتَ، وخَيْرُ الْـ * ـعَفْوِ ‏(‏العفو‏)‏ عَفْوٌ يكون بَعْدَ اقْتِدَارِ
1291- خَاصِمِ الْمَرْءَ فِي تُرَاثِ أَبِيه أَوْلَمْ تَبْكِهِ‏.‏
أي إن نلتَ شيئاً فهو الذي أردتَ وإلا لم تَغْرم شيئاً‏.‏
1292- خَفْ رُمَاةَ الغِيَلِ وَالْكِفَف‏.‏
الغِيَلُ‏:‏ جمع غِيلَة، وهي اسمٌ من الاغتيال، والكِفَف‏:‏ جمع كِفَّة، وهي حِبالة الصائد، أي خَفْ الاغتيال وهو القتل مُغَافصة وخَفْ كِفَّة الحابل‏.‏
يضرب في التحذير، والأمر بالحزم‏.‏
1293- خَالِطُوا النَّاسَ وَزَايِلُوهُم‏.‏
أي عاشروهم في الأفعال الصالحة وزَايِلُوهم في الأخلاق المذمومة‏.‏
1294- خَيْرُ الأُمُورِ أوْسَاطُها‏.‏
يضرب في التمسك بالاقتصاد‏.‏
قال أعرابي للحَسَن البصري‏:‏ عَلِّمني دينا وَسُوطا، لا ذاهبا فَرُوطا، ولا ساقطا سَقُوطا، فقال‏:‏ أحسنت يا أعرابي، خيرُ الأمور أوساطها‏.‏
1295- خَيْرُ الأُمُورِ أحْمَدُهَا مَغَبَّةً‏.‏
أي عاقبةً، هذا مثلُ قولهم ‏"‏الأعمالُ بخواتيمها‏"‏‏.‏ ‏[‏ص 244‏]‏
1296- خَيْرُ حَظِّكَ مِنْ دُنْيَاكَ مَالَم تَنَلْ‏.‏
لأنها شُرور وغُرور‏.‏
1297- خَيْرُ الغِنَى القُنُوعُ، وَشَرُّ الفَقْرِ الْخُضُوعُ‏.‏
قاله أوس بن حارثة لابنه مالك، قالوا‏:‏ يراد بالقُنُوع القَنَاعة، والصحيح أن القُنُوع السؤال والتذلل للمسألة، يقال‏:‏ قَنَعَ - بالفتح - يَقْنَعُ قُنُوعا، قال الشماخ‏:‏
لَمَالُ الْمَرْءِ يُصْلِحُهُ فَيُغْنِى * مَفَاقِره أعَفُّ مِنَ الْقُنُوعِ
يعني من مسألة الناس، وقال بعض أهل العلم‏:‏ القُنُوعُ يكون بمعنى الرضا، وأنشد
وقَالُوا قد زُهِيتَ فقلْتُ كَلاَ * ولكنِّي أعَزَّنيَ القُنُوعُ
والقانع‏:‏ الراضي، قال لبيد‏:‏
فمنهم سَعِيدٌ آخِذٌ بنَصِيبه * ومنْهُمْ شَقِيٌّ بالمعيشة قَانِعُ
قال‏:‏ ويجوز أن يكون السائلُ سمى قانعاً لأنه يرضى بما يُعْطَى قل أو كثر، فيكون معنى القناعة والقنوع راجعا إلى الرضا‏.‏
1298- خَبَّرَهُ بِأمْرِهِ بَلاًّ بَلاًّ ‏.‏
قال أبو عمرو‏:‏ معناه بابا بابا، لم يكتمه من أمره شيئاً‏.‏
1299- الخَطَأُ زَادُ العَجُولِ‏.‏
يعني قَلَّ مَنْ عجل في أمر إلا أخطأ قَصْدَ السبيل‏.‏
1300- الخُطَبُ مِشْوَارٌ كَثِيرُ العِثَارِ‏.‏
الْمِشْوار‏:‏ المكانُ الذي تعرض فيه الدَّوَابُّ‏.‏
1301- خيْرُ الغَدَاءَ بَوَاكِرُهُ، وَخيرُ العَشَاءَ بَوَاصرُهُ‏.‏
يعني ما يبصر فيه الطعام قبل هجوم الظلام‏.‏
1302- خيْرُ المَالِ عَيْن سَاهِرَةٌ لِعَيْنٍ نَائِمةٍ‏.‏
يجوز أن يكون هذا مثل قولهم ‏"‏خَيْرُ المال عينٌ خَرّارة، في أرض خَوّارة‏"‏ ويجوز أن يكون معناه عَيْنُ من يعمل لك - كالعَبيد والإمَاءِ وأصحاب الضَّرَائب - وأنت نائم‏.‏
1303- خيْرُ النَّاسِ هَذَا النَّمَطُ الأَوْسَطُ‏.‏
يعني بين المقصر والغالي‏.‏
1304- خَلِّ مَنْ قَلَّ خَيْرُهُ، لَكَ فِي النّاسِ غَيْرُهُ‏.‏
1305- اخلُ إِلَيْكَ ذِئْبٌ أَزَلُّ‏.‏ ‏[‏ص 245‏]‏
يقال للرجل ‏"‏اخْلُ إليك‏"‏ أي الزم شأنَكَ، قال الجعدي‏:‏
وذَلِكَ من وَقَعَاتِ المَنُو * نِ فاخْلِي إلَيْكِ وَلاَ تَعْجَبِي
وتقدير المثل‏:‏ الزم شأنك فهذا ذئب أزلّ‏.‏
يضرب في التحذير للرجل‏.‏ ويروى ‏"‏أخْلِ إليك‏"‏ أي كن خاليا يقال‏:‏ أخْلَيْتُ أي خَلَوْتُ، وأخْلَيْتُ غيري، يتعدى ولا يتعدى، قال غمى بن مالك العقيلي‏:‏
أتَيْتُ مع الحدَّاثِ لَيْلي فلم أبن * فأخْلَيْتُ فَاسْتَعْجَمْتُ عند خَلاَئي
أي خَلَوت، وقوله ‏"‏إليك‏"‏ يريد ‏"‏اخْلُ ضامّاً إليك أمرك وشأنك، فإن هذا ذئبٌ أزلُّ‏"‏ والأزلُّ‏:‏ الذي لا لَحْمَ على فخذيه ولا وركيه، وذلك أسرع له في المشي‏.‏
1306- خبَرْتُهُ خُبُورِي وَشُقُورِي وَفُقُورِي‏.‏
قال الفراء‏:‏ كله مضموم الأول، وقال أبو الجراح‏:‏ بالفتح، وبخط أبي الهيثم‏:‏ شقورى ‏(‏كذا، ولعله ‏"‏خبورى بفتح الخاء‏"‏ بدليل تفسيره، ولأنه أجل بيان الشقور والفقور‏)‏ بفتح الشين، والمعنى أخبرته خبري، وسيرد الكلام في شقوري وفقوري من بعدُ إن شاء الله تعالى‏.‏
1307- خَيْرُسِلاَحِ الْمَرءِ مَا وَقَاهُ‏.‏
يعني خيرُ ولد الرجل وأهله ما كفاه ما يحتاج إليه‏.‏
1308- الْخُنْفَساءُ إِذَا مُسَّتْ نَتَّنَتْ‏.‏
أي جاءت بالنتن الكثير‏.‏
يضرب لمن يَنْطَوِي على خبث، فيقال‏:‏ لا تُفَتِّشُوا عما عنده فإنه يؤذيكم بنتن معايبِه، والخنفَساء بفتح الفاء ممدود هذه الدويبة، والأنثى خنفساة، وقال الأصمعي‏:‏ لا يقال خنفساة بالهاء، والخنفس لغة في الخنفساء، والأنثى خنفسة‏.‏
1309- خُذْ أخَاكَ بِحَمِّ اسْتِهِ‏.‏
الحَمُّ‏:‏ ما أذيب من الألية، أي خُذْه بأول ما سقط به من الكلام‏.‏
1310- خَوَاطِئاً كأنَّها نَوَاقِرُ‏.‏
النواقر‏:‏ السهام النوافذ في الغرض‏.‏
يضرب للرجل يخطئ فيكون خطؤه أقربَ إلى الصواب من صواب غيره‏.‏
ونصب ‏"‏خواطئا‏"‏ على تقدير رَمْيَ خواطئ‏.‏
1311- أَخْطَأَتْ اسْتُهُ الْحُفْرَةِ‏.‏
يضرب لمن رام شيئاً فلم يَنَلْه‏.‏
يروى أن المختار بن عُبَيد قال وهو بالكوفة‏:‏ واللَه لأدْخُلَّنَ البصرة لا أرْمى ‏[‏ص 246‏]‏ بكُتَّاب ‏(‏الكتاب - بوزن رمان أو شداد، وبالتاء المثناة أو بالثاء المثلثة - السهم لا نصل له ولا ريش‏)‏ ثم لأملكن السِّنْدَ والهندَ والبند، أنا واللَه صاحبُ الخضراء والبيضاء، والمسجد الذي ينبع منه الماء، فلما بلغ هذا القولُ الحجاجَ بن يوسف قال‏:‏ أخطأتِ اسْتُ ابنِ عبيد الحُفْرَة، أنا والله صاحبُ ذاك‏.‏
1312- خُضُلَّةٌ تَعِيبُهَا رَصُوف‏.‏
الخُضُلّة‏:‏ المرأة الناعمة التارَّة، والرَّصُوف‏:‏ المرأة الصغيرة الفَرْج، ويقال‏:‏ الضيقة الفرج حتى لا يكون للذكر فيه مسلك وهي مثل الرَّتْقَاء، والرَّصْف، ضمُّ الشيئ بعضِه إلى بعض، يعني أن هذه الرَّصُوف المعيوبة تعيب الناعمة‏.‏ يضرب لمن يَعيب الناس وبه عَيْب‏.‏
1313- خَوْقٌ مِنَ السَّامِ بِجيدٍ أوْقَصَ‏.‏
الْخَوْق‏:‏ الحَلْقة من الذهب أو الفضة، والسام‏:‏ جمع سامة، وهي عروق الذهب، والجيد الأوقص‏:‏ القصير‏.‏
يضرب للشريف الآباء الدنيء في نفسه‏.‏
1314- خَمْرُ أبِي الرَّوْقَاءِ ليْسَتْ تُسْكِرُ‏.‏
يضرب للغنيّ الذي لا فضل له على أحد ولا إحسان إلى إنسان‏.‏
1315- أخْلَفَكَ الوَزْنُ وَسَهْلٌ لاَ يُرَى‏.‏
الوَزْن‏:‏ نجمٌ يطلع من مطلع سُهَيل يشبه سهيلا في الضوء، وكذلك حَضَارِ مثل قطام يقال‏:‏ حَضَارِ والوزن مُحْلِفان، وذلك أن كل واحدٍ منهما يظن أنه سُهَيل فيحمل كل من رآه على الحلف أنه هو بعينه، وسَهْل تكبير سهيل‏.‏ يضرب لمن عَلَّق رجاءه برجلين ثم لا يَفِيانِ بما أمَّلَ‏.‏
1316- خبْرَاءُ وَادٍ لَيْسَ فِيهَا مَهْلَك‏.‏
الخَبْرَاء‏:‏ مكان فيه شجر السِّدْر، وهي مناقع للماء يبقى فيها الصَّيْفَ‏.‏
يضرب للكريم يأمن جيرانُه سوء الحال وضفف العيش‏.‏
1317- خَطِيطَةٌ فِيهَا كِلاَبٌ شُغَّرُ‏.‏
الْخَطِيطة‏:‏ الأرض التي لم يُصِبها مطر بين أَرْضَيْنِ ممطورتين، وشَغَرَ الكلبُ‏:‏ رفع إحدى رجليه من الأرض ليبول‏.‏
يضرب لقوم وقَعُوا في بؤس وهو مع ذلك يستطيلون على الناس‏.‏
1318- خَلَّةُ أَعْرَابٍ، وَدَيْنٌ فَادِحٌ‏.‏
الخَلَّة‏:‏ المحبة والمحب أيضاً، والدَّيْن الفادح‏:‏ المُثْقِل، يقال‏:‏ فَدَحَه الدينُ، إذا ‏[‏ص 247‏]‏ أثقله، وخَصَّ الأعراب لأنها لقيت الشدة، فتكلفك ما لا طاقة لك به‏.‏
يضربه مَن يلزمه ما يكره ولا بُدَّ له من تَحَمُّله‏.‏
1319- خِرْباَنُ أَرْضٍ صَقْرُهَا مُلِتُّ‏.‏
الخَرَبُ‏:‏ ذكر الْحُبَاري، والجمع‏:‏ خِرْبَان، وأَلَتَّ الصقر‏:‏ إذا أدخل رأسه تحت ريشه‏.‏
يضرب لقوم يَعِيُثون في أرضٍ غَفَلَ صاحبها عنهم‏.‏
1320- خَابَرْتُ سَعْداً فِي مَلِيطٍ مُخْدَجٍ‏.‏
المُخَابرة‏:‏ المشاركة في المزارعة، ثم تستعار في غيرها، والمَلِيط‏:‏ ولد الناقة تملطه أي تسقطه، والمُخْدَج‏:‏ الذي ولد لغير تمام‏.‏ يضرب للرجلين تنازعا فيما لا يتنازع فيه ولا خير عنده‏.‏
1321- أَخْلِفْ بِقَوْمٍ سَادَهُمْ حِقَابٌ‏.‏
يقال‏:‏ خَلَف الشيء يَخْلُف خُلُوفا، إذا فسد وتغير، ومنه خلُوف فَمِ الصائم، والْحِقَاب‏:‏ شيء محلَّى تلبسه المرأة، وأراد ذات حقاب، يعني امرأة، وتقديره ما أَفْسَدَ أمرَ قومٍ ملكتهم امرأة‏.‏
يضرب للوضيع يملك الشريف‏.‏
1322- أَخْطَأَ نَوْءُكَ‏.‏
النَّوْء‏:‏ النجم يطلُع أو يسقط فيمطر، يقال‏:‏ مُطِرْنَا بِنَوْء كذا‏.‏
يضرب لمن طلب حاجةً فلم يقدر عليها‏.‏
1323- الخَيْلُ مَيَاَمِينُ‏.‏
قالوا‏:‏ إن جرير بن عبد اللَه حين نافَرَه القضاعي أتى بفَرَسٍ فركبه من قِبَلِ وَحْشِيِّه، فقال له القضاعي‏:‏ اسْتٌ لم تُعَوّد المِجْمَرَ، فقال جرير‏:‏ الخيلُ ميامين، فذهبت مثلا‏.‏
1324- خذْهَا مِنْ ذِي قَبَلٍ وَمِنْ ذِي عَوْضٍ‏.‏
أي فيما يستقبل، وعَوْض‏:‏ اسم للدهر المستقبل، والهاء للخطة‏.‏
يضرب عند التوعُّد والتهدُّد‏.‏
1325- الخَيْرُ عَادَة وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ‏.‏
جعل الخير عادة لعَوْدِ النفس إليه، وحرصها عليه إذا أَلِفَتْه لطيب ثمره وحسن أثره، وجعل الشر لَجَاجة لما فيه من الاعوجاج ولاجْتِوَاء العقل إياه‏.‏
1326- اخْمَعِي وَتِيِسي‏.‏
الْخَمَع‏:‏ الظَّلَع، والخامعة‏:‏ الضِّبُع لأنها تَخْمَع في مشيتها، والخطابُ في هذا المثل لها، ‏[‏ص 248‏]‏ وتيسي‏:‏ معناه كذبت، وقد مر شرحه في باب التاء‏.‏
يضرب للمهذار‏.‏
1327- الْخَازِبازِ أَخْصَبُ‏.‏
هذا ذُبَاب يظهر في الربيع فيدل على خِصْب السنة، قال ابن أحمر يصف رَوْضَة‏:‏
تَكَسَّرُ فَوْقَهَا القَلعُ السَّوَارِي * وَجُنَّ الخَازِبَازِ بِهَا جُنُونَا
ويروى ‏"‏تفقأ‏"‏ والمجنون من الشجر والعُشْب‏:‏ ما طال طولا شديداً، فإذا صار كذلك قيل‏:‏ جُنَّ جُنُوناً، قال المرقش‏:‏
حتَّى إذا ما الأرْضُ زَيَّنَهَا النـ * ـبتُ ‏(‏النبت‏)‏ وَجُنَّ رَوْضُهَا وأكم
والخازبازِ‏:‏ مبني على الكسر‏.‏
1328- خيْرُ المَالِ عَيْنٌ خَرَّارَةٍ فِي أَرْضٍ خَوَّارَةٍ‏.‏
الخَرَّارة‏:‏ التي لها خَرِير، وهو صوت الماء، والْخَوّارة‏:‏ الأرض التي فيها لِينٌ وسهولة، يَعْنُون فضل الدَّهْقَنة ‏(‏الدهقنة‏:‏ التجارة‏)‏ على سائر المعاملات‏.‏
1329- خيْرُ الرِّزْقِ مَا يَكْفِي، وَخَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِي‏.‏
1330- خُذْ حَقَّكَ فِي عَفَافٍ، وَافِياً أَوْ غَيْرَ وَافٍ‏.‏
يضرب في القَنَاعة باليسير‏.‏
1331- خَالِصِ المُؤْمِنَ وَخَالِقِ الفَاجِرَ‏.‏
أي لتخلص مودتك للمؤمن، فأما المنافق والفاجر فجامِلْهما ولا تَهْضِمْ دينَكَ، وهذا قريب مما قاله صعصعة بن صوحان لأخيه زيد بن صوحان‏:‏ إذا لقيتَ المؤمن فخالصه، وقد مر في الباب الأول‏.‏
1332- خيْرُهُ فِي جَوْفِهِ‏.‏
أي إنك تَحْقِرُه في المَنْظَر، وتأتيك أنباؤه بغير ذلك‏.‏
يضرب لمن تَزْدَريه وهو يُجاذبك‏.‏
1333- خَشْيَةٌ خيْرُ مِنْ وَادٍ حُبّاً‏.‏
نصب ‏"‏حُبّاً‏"‏ على التمييز، أي لأَن تخشى خيرٌ من أن تحب، وهذا مثل قولهم‏:‏ ‏"‏رُهْبَاكَ خَيْرٌ من رُغْبَاك‏"‏ ومثل قولهم‏:‏ ‏"‏فَرَقاً أَنْفَعُ من حُبٍّ‏"‏‏.‏
1334- خِيَارُكُمْ خيْرُكمُ ْلأَهْلِهِ‏.‏
يروى هذا في حديث مرفوع‏.‏
1335- خُذْ مِنْ فُلاَنٍ الْعَفْوَ‏.‏
أي ما أمْكَن وجاء من غير كَدٍّ فاقبله‏.‏
وما تَعَذَّر عليك فدَعْه‏.‏ ‏[‏ص 249‏]‏

B-happy 3 - 3 - 2010 02:49 AM



*3*http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif ما جاء على أفعل من هذا الباب‏.‏
1336- أَخْطَبُ مِنْ سَحْبَانِ وَائِلٍ‏.‏
وهو رجل من باهلَةَ، وكان من خطبائها وشعرائها، وهو الذي يقول‏:‏
لَقَدْ عَلِمَ الحيُّ اليَمانُونَ أنَّنِي * إذا قُلْتُ أَمَّا بَعْدُ أني خَطِيبُهَا
وهو الذي قال لطلحة الطلحات الخُزَاعي‏:‏
يَا طَلْحُ أكْرَمَ مَنْ بِهَا * حَسَباً وَأَعْطَاهُمْ لِتَالِدْ
مِنْكَ الْعَطَاُء فأَعْطِنِي * وَعَلَيَّ مَدْحُكَ فِي المَشَاهِدْ
فقال له طلحة‏:‏ احْتَكِمْ، فقال‏:‏ بِرْذَوْنك الأشهب الوَرْد، وغلامك الخباز، وقصرك بزرنج ‏(‏زرنج‏:‏ قصبة سجستان‏)‏ وعشرة آلاف، فقال له طلحة‏:‏ أُفٍّ لم تسألني على قدري، وإنما سألتني على قدرك وقدر باهلة، ولو سألتَنِي كلَّ قصر لي وعبد ودابة لأعطيتك، ثم أمر له بما سأل ولم يزده عليه شيئاً، وقال‏:‏ تاللَه ما رأيت مسألة مُحَكَّم ألأمَ من هذا‏.‏
وطلحة هذا‏:‏ هو طَلْحَة بن عبد الله بن خلف الخزاعي، وأما طلحة الطلحات الذي يقال له طلحة الخير وطلحة الفَيَّاض، فهو طلحة بن عُبَيْد الله التَّيْمي، من الصحابة، ومن المهاجرين الأولين، ومن العشرة المسمَّيْنَ للجنة، وكان يكنى أبا محمد، رضي اللَه عنه‏!‏‏.‏
1337- أَخْنَثُ مِنْ هِيتٍ‏.‏
هذا المثل من أمثال أهل المدينة، سار على عهد رسول اللَه صلى اللَه عليه وسلم، وكان حينئذ بالمدينة ثلاثة من المُخَنَّثين‏:‏ هيت، وهرم، وماتع، فسار المثل من بينهم بِهِيتٍ وكان المخنثون يدخلون على النساء فلا يُحْجَبُونَ فكان هيت يدخل على أزواج رسول اللَه صلى اللَه عليه وسلم متى أراد، فدخل يوماً دار أم سَلَمة رضي اللَه تعالى عنها ورسولُ الله صلى اللَه عليه وسلم عندهان فأقبل على أخي أم سَلَمة عبدِ الله بن أبي أمية يقول‏:‏ إن فَتَح الله عليكم الطائفَ، فسَلْ أن تُنَفَّلَ بادية بنت غيلان بن سلمة بن معتب الثقفية فإنها مُبَتَّلة هيفاء، شَمُوع نَجْلاء، تَنَاصَفَ وجهها في القَسَامة، وتجزأ معتدلاً في الوسامة، إن قامت تَثَنَّتْ، وإن قعدت تبنت، وإن تكلمت تَغَنَّت، أعلاها قَضِيب، وأسْفَلُها كَثيب، إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإن أدْبَرَتْ أدبرت بثمان، مع ثَغْر كالأقْحُوَان، ‏[‏ص 250‏]‏ وشيء بين فخذيها كالقَعْب المكْفَأ كما قال قيس بن الخطيم‏:‏
تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ وَهْيَ لاهِيَةٌ * كأنَّمَا شَفَّ وَجْهَها نزف
بين شُكُولِ النِّسَاءِ خِلْقَتُهَا * قَصْدٌ فلا جَبْلَةٌ ولا قَضَفُ
فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له‏:‏ مالَك‏؟‏ سَبَاك الله‏!‏ ما كنتُ أحسبك إلا من غير أولي الإرْبَةِ من الرجال فلذا كنت لا أحْجُبُك عن نسائي، ثم أمره بأن يسير إلى خَاخ، ففعل، ودخل في أثَرِ هذا الحديث بعضُ الصحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ أتأذن لي يا رسولَ الله في أن أتبعه فأضرب عنقه‏؟‏ فقال‏:‏ لا، إنَّا قد أُمِرْنا أن لا نقتل المُصَلِّين فبلغ خبرُه المخنثَ فقال‏:‏ ذلك من النازدرين أي من مخرقي الخبر، وبقي هِيتٌ بخاخ إلى أيام عثمان رضي الله عنه‏.‏
قلت‏:‏ هذا تمام الحديث، وأما تفسيره فقد فسره أبو عُبَيْد القاسم بن سلام في غريبه فقال‏:‏ أما قوله‏:‏ ‏"‏وإن قعدت تبنت‏"‏ فالتبني‏:‏ تباعُدُ ما بين الفخذين، يقال ‏"‏ تبنت الناقة‏"‏ إذا باعدت ما بين فخذيها عند الحلب ويقال ‏"‏تبنت‏"‏ أي صارت كأنها بُنْيَان من عظمها، وقوله ‏"‏تقبل بأربع‏"‏ يعني بأربع عُكَن في بطنها، وقوله ‏"‏وتدبر بثمان‏"‏ يعني أطرافَ هذه العُكَن الأربع في جنبيها لكل عكنة طرفان، لأن العُكَن تحيط بالطرفين والجنبين حتى تلحق بالمَتْنين من مؤخر المرأة، وقال ‏"‏بثمان‏"‏ وإنما هي عدد للأطراف واحدها طرف وهو مذكر، لأن هذا كقولهم ‏"‏هذا الثوب سبع في ثمان‏"‏ على نية الأشبار، فلما لم يقل في ثمانية أشبار أتى بالتأنيث، وكما يقولون ‏"‏صُمْنَا من الشهر خمساً‏"‏ والصوم للأيام دون الليالي، فإذا ذكرت الأيام قيل ‏"‏صُمْنا خمسة أيام‏"‏ وقوله ‏"‏تغترق الطَّرْف‏"‏ أي تَشْغَل عين الناظرين إليها عن النظر إلى غيرها، ويقال‏:‏ بل معناه أنها يُنْظَر إليها بالطرف كله، وهي لا تشعر، وقوله ‏"‏شَفَّ وَجْهَها نَزَفُ‏"‏ أي جَهَده، يريد أنها عَتيقة الوجهِ دقيقة المحاسن ليست بكثيرة لحم الوجه، والنزف‏:‏ خروجُ الدم، أي أنها تضرب إلى الصُّفْرة، ولا يكون ذلك إلا من النعمة، والشُّكُول‏:‏ الضروبُ، والْجَبْلَة‏:‏ الكَزَّة الغليظة‏.‏
وأما اسم هيت فقد اختلفوا فيه، قال بعضهم‏:‏ هو هنب بالنون والباء، قال ابن الأعرابي‏:‏ الهنب الفائقُ الحُمْقِ، وبه سمي الرجل هنبا، وقال الليث‏:‏ قد صحف ‏[‏ص 251‏]‏ أهلُ الحديث فقالوا هيت، وإنما هو هنب، وقال الأزهري‏:‏ رواه الشافعي رحمه الله وغيره هيت - بالتاء - وأظنه صواباً، هذا كلامهم حكيته على الوجه، والله أعلم‏.‏ وأما قولهم‏:‏
1338- أخْنَثُ مِنْ دَلاَلٍ‏.‏
فهو أيضاً من مُخَنَّثي المدينة، واسمه نافذ، وكنيته أبو يزيد، وهو ممن خصاه ابنُ حَزْم الأنصاري أميرُ المدينة في عهدِ سليمان بن عبد الملك، وذلك أنه أمر ابن حزم عامله أن أَحْصِ لي مخنثي المدينة، فتشظَّى قلمُ الكاتب فوقعت نقطة على ذروة الحاء فصيرتها خاء، فلما ورد الكتاب المدينة نَاوَله ابنُ حزم كاتبه فقرأ عليه ‏"‏اخْصِ المخنثين‏"‏ فقل له الأمير‏:‏ لعله أحْصِ بالحاء، فقال الكاتب‏:‏ إن على الحاء نقطةً مثل تمرة، ويروى مثل سهيل، فتقدم الأمير في إحضارهم، ثم خصاهم، وهو طُوَيْس، ودَلاَل، ونسيم السحر، ونومة الضحا، وبرد الفؤاد، وظل الشجر، فقال كل واحد منهم عند خِصائه كلمةً سارت عنه، فأما طويس فقال‏:‏ ما هذا إلا خِتَان أعيد علينا، وقال دلال‏:‏ بل هذا هو الخِتان الأكبر، وقال نسيم السحر‏:‏ بالخصاء صرتُ مُخَنثا حقا، وقال نومة الضحا‏:‏ بل صرنا نِساء حقا، وقال برد الفؤاد‏:‏ استرحْنَا من حَمْل مِيزاب البَوْل، وقال ظل الشجر‏:‏ ما يصنع بسلاح لا يستعمل، ومَرَّ الطبيبُ الذي خَصَاهم بابن أبي عَتيق، فقال له‏:‏ أنْتَ خاصي دلال، أما والله إنْ كان لَيُجيد‏:‏
لمن طَلَلٌ بذَاتِ الْجَز * عِ أمْسى دارِساً خَلَقَا
ومضى الطبيب، فناداه ابنُ أبي عتيق أنِ ارْجِعْ، فرجع، فقال‏:‏ إنما عنيتُ خفيفَه لا ثقيله‏.‏
قالوا‏:‏ وكان يبلُغ من تخنُّث دلال أنه كان يرمي الجِمار في الحج بسُكَّر سليماني مزعفرا مُبَخَّرا بالعُود المطري، فقيل له في ذلك، فقال‏:‏ لأبي مُرَّة ‏(‏أبو مرة‏:‏ كنية إبليس‏)‏ عندي يَدٌ فأنا أكافئه عليها، قيل‏:‏ وما تلك اليد‏؟‏ قال‏:‏ حَبَّبَ إلي الأبنة‏.‏ وقولهم‏:‏
1339- أَخْنَثُ مِنْ مُصفَّرِ اسْتِهِ‏.‏
هذا مثل من أمثال الأنصار كانوا يَكيدون به المهاجرين من بني مَخْزوم، حكى ذلك ابن جعدبة، وزعم أنهم كانوا يعنون بهذا المثل أبا جَهْل بن هشام، وقد كان يردع أليتيه بالزعفران لبَرَص كان هناك، فادعت الأنصار أنه إنما كان يطليها بالزعفران تَطْيِيباً ‏[‏ص 252‏]‏ لمن كان يَعْلُوه، لأنه كان مَسْتُوها، قالوا‏:‏ ولذلك قال فيه عتبة بن ربيعه‏:‏ ‏(‏وفي نسخة ‏"‏عتبة بن مسعود‏"‏‏)‏ سيعلم مُصَفِّر استِهِ أينا ينتفخ سَحْرُهُ، فدفَعَتْ بنو مَخْزوم ذلك وقالت‏:‏ فقد قال قيس ابن زهير لأصحابه يوم الهَبَاءة وهو يُرِيدهم على قَصِّ أثر حُذَيفة بن بدر‏:‏ إن حُذَيفة رجل مُخْرَنِفج، ولكأني بالمُصَفَّر اسْتَهُ مستنقعا في جَفْر الهَبَاءة، قالوا‏:‏ فينبغي أن تحكموا على حذيفة أيضا أنه كان مَسْتُوها مثفارا، ولم نر أحداً قطُّ قال ذلك، وقد ضرب أهلُ مكة المثلَ قبل الإسلام في التخنث برجل آخر من مشركي قريش لا أحب ذكره، وزعموا أنه كان مَؤُفاً، ورووا له هذا الشعر‏:‏
يا جَوَارِي الحيِّ عُدْنَنِيَهْ * حَجَبُوا عنِّي مُعَلِّلِيَهْ
كَيْفَ تلحوني عَلَى رَجُل * لَوْ سَقَاني سمَّ ساعَتِيَهْ
لم أقُلْ غيظاً جهلت ولا * عندها فاضَتْ مَدَامِعِيَهْ
لم أقل إني مَلِلْتُ ولا * إنَّ مَنْ أهْوَاه مَلَّنِيَهْ
لو أصابَتْهُ مَنِيَّتُه * شرِقَتْ عيني بِعَبْرَتِيَهْ
قربوا عُودًا وبَاطِيَةً * فبذا أدْرَكْتُ حَاجَتِيَهْ
وقال قوم‏:‏ إنما هذه كلمة تقال لأصحاب الدَّعَة والنَّعْمة‏.‏
1340- أَخْسَرُ صَفْقَةً مِنْ شَيْخ مَهْوٍ‏.‏
مَهْو‏:‏ بطنٌ من عبد القيس، واسم هذا الشيخ عبد الله بن بيدرة‏.‏
ومن حديثه أن إياد كانت تُعَير بالفَسْو وتُسَبُّ به، فقام رجل من إياد بسوق عكاظ ذاتَ سنةٍ ومعه بُرْدَا حِبَرَة، ونادى ألا إني من إياد، فمن الذي يشتري عار الفَسْو مني ببُرْدَيَّ هذين، فقام عبد الله هذا الشيخ العبدي وقال‏:‏ هاتهما، فاتَّزَرَ بأحدهما وارْتَدَى بالآخر، وأشهد الإياديُّ عليه أهلَ القبائل بأنه اشترى من إياد لعبد القيس عار الفَسْو ببردين، فشهدوا عليه، وآبَ إلى أهله، فسُئل عن البُرْدَيْن، فقال‏:‏ اشتريت لكم بهما عارَ الدهرِ، فقال عبد القيس لإياد‏:‏
إن الفُسَاةَ قبلنا إيَادُ * ونَحْنُ لا نَفَسُو ولا نَكَادُ
فقالت إياد‏:‏
يَالَ لُكَيْز دَعْوَةٌ نُبْدِيهَا * نُعْلِنُهَا ثُمَّتَ لاَ نُخْفِهَا
كُرُّوا إلى الرِّحَال فَافْسُوا فيها* ‏[‏ص 253‏]‏
وقال بعض الشعراء في ذلك‏:‏
يَامَنْ رَأَى كَصَفْقَةِ ابْنِ بَيْدَرَةْ * من صَفْقَةٍ خَاسِرَة مُخَسِّرَةْ
المُشْتَرِى الْعَارَ ببُرْدَىْ حِبَرَهْ * شَلَّتْ يمينُ صَافِقٍ ما أخْسَرَهْ
وكان المنذر بن الجارود العبدي رئيسَ البصرة، فقال يوماً‏:‏ مَنْ يشتري مني عارَ الفسوة ينحكم على في السَّوْم، وكانت قبائل البصرة حاضرة، فقال رجل من مَهْو‏:‏ أنا، فقال له المنذر‏:‏ أثانيةً لا أم لك قد اشْتَرَيْتُموه في الجاهلية وجئتم تشترونه في الإسلام أيضاً، اعْزُبْ أقام اللَه ناعِيكَ‏.‏
وقدم إلى عبد الملك بن مروان رجلان كلاهما مستحق للعقوبة، فبطَحَ أحدَهما فضَرَط الآخر، فضحك الوليد بن عبد الملك، فغضب عبدُ الملك وقال‏:‏ أتضحك من حَدٍّ أقيمه في كجلسي‏؟‏ خذوا بيده، فقال الوليد‏:‏ على رِسْلِكَ يا أمير المؤمنين، فإن ضحكي كان من قول بعض ولاة الأمر على مِنْبَر البصرة‏:‏ واللَه لئن غَمَزْتُ حنيفةَ لَتَضْرطَنَّ عبدُ القيسِ، والمبطوح حنفي، والضارط عَبْدي، فضحك عبد الملك، وخَلَّى عنهما‏.‏
1341- أخْيَلُ مِنْ وَاشِمَةِ اسْتِهَا‏.‏
قال أبوعمرو‏:‏ هي امرأة وشَمَتْ فرجها فاختالت على صواحباتها، ويقال‏:‏ بل هي دُغَةُ‏.‏
1342- أخْلَفُ مِنْ وَلَدِ الحمَارِ‏.‏
يَعْنُون البغل، لأنه لا يشبه أباهُ ولا أمه‏.‏
1343- أَخْلَفُ مِنْ نَارِ الحُبَاحِب‏.‏
ويقال أيضاً ‏"‏من نار أبي حباحب‏"‏ و ‏"‏أخلف من وقود أبي حباحب‏"‏‏.‏
ومن حديثه - فيما ذكره ابن الكلبي - أنه كان رجلا من العرب في سالف الدهر بَخِيلاً، لا توقَدُ له نار بليل مخافة أن يُقْتَبَسَ منها، فإن أوقدها ثمَّ أبصرها مستضيء أطفأها، فضربت العرب بناره في الخلف المثلَ، وضربوا به في البخل المثل‏.‏
وقال غير ابن الكلبي‏:‏ الحباحب النارُ التي تُورِيها الخيلُ بسنابكها من الحجارة، واحتج بقول الله تعالى ‏{‏فالمُورِيَاتِ قَدْحاً‏}‏‏.‏ وقال قائل‏:‏ الحباحبُ طائرٌ يطير في الظلام كقَدْرِ الذباب، له جناح يحمرُّ إذا طار به، يتراءى من البعد كشُعْلة نار‏.‏
1344- أَخْلَفُ مِنْ صَقْرٍ‏.‏
هذا من خُلُوف الفم، وهو تَغَيُّر رائحته‏.‏
1345- أخْلفُ مِنْ عُرْقُوبٍ‏.‏
هذا من خُلْفِ الوعد، وسنذكر قصته في حرف الميم عند قوله ‏"‏مواعيد عرقوب‏"‏‏.‏ ‏[‏ص 254‏]‏
1346- أَخْلَفُ مِنْ شُرْبِ الكَمُّونِ‏.‏
لأن الكمون يُمَنَّى السقيَ فيقال له‏:‏ أتشرب الماء‏؟‏ ويقال أيضاً‏:‏ مواعيد الكمون، كما يقال‏:‏ مواعيد عرقوب، إلا أن الكمون مفعول لا فاعل، كما كان عرقوب في قولهم ‏"‏مواعيد عرقوب‏"‏ فاعلاً، قال الشاعر‏:‏
إذا جِئْتَهُ يوماً أحالَ على غَدٍ * كما يُوعَدُ الكَمُّونَ مَا لَيْسَ يَصْدُقُ
1347- أَخْلَفُ مِنْ بَوْلِ الْجَمَلِ‏.‏
هذا من الخِلاَف، لا من الخُلْف، لأنه يبول إلى خَلْف‏.‏ وقولهم‏:‏
1348- أَخْلَفُ مِنْ ثِيلِ الْجَمَلِ‏.‏
الثيل‏:‏ وعاء قضيبه، وقيل ذلك فيه لأنه يخالف في الجهة التي إليها مَبَالُ كل حيوان‏.‏
1349- أخَفُّ مِنْ فَرَاشَةٍ‏.‏
الفَرَاشة أكبر من الذباب الضخم، فإن أخَذْتَها بيدك صارت بين أصابعك مثل الدقيق، قال الشاعر‏:‏
سَفَاهَةُ سِنَّوْرٍ وحِلْمُ فَرَاشَةٍ * وَإنَّكَ مِنْ كَلْب المهارش أجْهَلُ
1350- أخَفُّ رَأْساً مِنَ الذِّئْبِ‏.‏
قالوا‏:‏ إن الذئب لا ينام كل نومه لشدة حَذَره، ومن شقائه بالسهر لا يكاد يخطئه مَنْ رماه، وإذا نام فتح إحدى عينيه، قال حميد‏:‏
يَنَامُ بإحْدَى مُقْلَتَيْه، وَيَتَّقِي * بأخْرَى الْمَنَايا فَهْوَ يَقْظَانُ هَاجِعُ
1351- أخَفُّ رَأْساً مِنَ الطَّائِرِ‏.‏
قال الشاعر‏:‏
يبيتُ الليلَ يَقْظَانا * خَفِيفَ الرأس كَالطَّائِرْ
وقولهم‏:‏
1352- أَخَفُّ حِلْماً مِنْ عُصْفورٍ‏.‏
هو أن العرب تضرب المثل بالعصفور لأحلام السخفاء، قال حسان‏:‏
لاَ بَأْسَ بالقَوْمِ من طُوٍل ومن عِظَمٍ * جِسْمُ البغالِ وَأحْلاَمُ الْعَصَافِيرِ
1353- أخَفُّ حِلْماً مِنْ بَعِيرٍ‏.‏
هو من قول الشاعر‏:‏
ذَاهِبٌ طُولاً وعَرْضاً * وَهْوَ في عَقْلِ بَعِيرِ
ومن قول الآخر‏:‏
لقد عَظُمَ البعيرُ بغير لُبٍّ * فلم يَسْتَغْنِ بالعِظَمِ البَعِيرُ
يُصَرِّفُه الصبيُّ لكل وُجْهٍ * ويَحْبِسُهُ على الخَسْفِ الْجَرِيرُ ‏[‏ص 255‏]‏
وتَضْرِبُهُ الوليدَةْ بالهَرَاوَي * فَلاَ غير لَدَيْهِ ولا نَكِيرُ
1354- أخَفُّ مِنَ الْجُمَّاحِ‏.‏
هو سَهْم يلعبُ به الصبيان لا نَصْل له، يجعلون في رأسه مثل البُنْدُقة لئلا يعقر، وربما جعل في طرفه تمر مَعْلوك بقدر عفاص القارورة، وقوس الْجَمَّاح مثل قوس الندَّاف إلا أنها أصْغَر فإذا شب الغلام ترك الجُمَّاح وأخذ النبل‏.‏ وأما قولهم‏:‏
1355- أخَفُّ مِنْ يَرَاعَةٍ‏.‏
فيجوز أن يُرَاد به الذي يطير بالليل كأنه نار، يقال‏:‏ هو ذباب، فيكون كقولهم ‏"‏أخف من فَرَاشة‏"‏ ويجوز أن يراد به القَصَبَة، والجمع يَرَاع فيهما‏.‏
1356- أخْفَى مِنَ المَاءِ تَحْتَ الرُّفَةِ‏.‏
يعني التِّبْنة، قلت‏:‏ هذا الحرف في كتاب حمزة بتشديد الفاء، وكذلك أورده الجوهري في الصحاح في قولهم ‏"‏ورَدَت الإبل رفها‏"‏ والصحيح أن الرُّفَةَ من الأسماء المنقوصة، والجمع رُفَات مثل قُلَة وقُلاَت وثُبَة وثُبَات‏.‏
1357- أَخْفَى مِمَّا يُخْفي اللَّيْلُ‏.‏
لأن الليل يستر كل شيء، ولذلك قالوا في المثل الآخر‏:‏ الليلُ أخْفَى للويل، وفي مثل آخر‏:‏ الليلُ أخْفَى والنهارُ أفضح، وأخْفَى‏:‏ أفعل من قولهم‏:‏ خَفَيْتُ الشيء، إذا كتمته، أخْفِيه خفيا، وليس من الإخفاء‏.‏
1358- أَخْرَقُ مِنْ حَمَامَةٍ‏.‏
لأنها لا تُحْكِم عُشَّها، وذلك أنها ربما جاءت إلى الغصن من الشجرة فتبني عليه عشها في الموضع الذي تذهب به الريح وتجيء، فَبَيْضُها أضْيَعُ شيء، وما ينكسر منه أكثر مما يسلم، قال عَبِيد بن الأبرص‏:‏
عَيُّوا بأمرهُم كَمَا * عَيَّتْ بيضتها الْحَمَامَهْ
جَعَلَتْ لها عُودَيْنِ من * نَشَمٍ وآخَرَ من ثُمَامَهْ
ويروى ‏"‏وعُوداً من ثُمَامه‏"‏
1359- أخْرَقُ مِنْ نَاكِثَةِ غَزْلِها‏.‏
ويقال‏:‏ من ناقضة غَزْلها، وهي امرأة كانت من قريش يقال لها‏:‏ أم رَيْطَة بنت كعب بن سعد بن تَيْم بن مُرَّة، وهي التي قيل فيها ‏"‏خَرْقَاء وجَدَتْ صُوفاً‏"‏ والتي قال الله عز وجل فيها ‏{‏ولا تَكُونُوا كالتَّي نَقَضَتْ غَزْلَها من بعد قوّة أنكاثا‏}‏ قال المفسرون‏:‏ كانت هذه المرأة تغزل وتأمر جَوَاريَهَا أن يغزلن ثم تنقض وتأمرهن أن ‏[‏ص 256‏]‏ ينقضن ما فتلن وأمررن، فضرب بها المثل في الْخُرْقِ‏.‏
1360- أخْسَرُ مِنْ حَمَّالَةِ الْحَطَبِ‏.‏
هي أيضا من قريش، وهي أم جَميل أختُ أبي سفيان بن حَرْب وامرأة أبي لَهَبٍ المذكورة في سورة ‏{‏تّبَّتْ يَدَا أبي لَهَب‏}‏ وفيها يقول الشاعر‏:‏
جَمَعْتَ شَتَّى وقَدْ فَرَّقْتها جُمَلاً * لأنْتَ أخْسَرُ من حَمَّاَلِة الْحَطَبِ
أي أظهر خُسْرانا، وذلك أنها كانت تحمل العَضَاة والشَّوْكَ فتطرحُه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ليَعْقِرَه، وقال قتادة ومجاهد والسدي‏:‏ كانت تمشي بالنَّمِيمة بين الناس، فتلقى بينهم العَدَاوة وتهيج نارَها كما توقِد النارَ بالحطب، وتسمى النميمة حَطَباً، ويقال‏:‏ فلان يَحْطِبُ على فلان، إذا كان يُغْرِي به، وقال‏:‏
مِنَ الْبِيضِ لم تَصْطَدْ على ظهْرِ سَوْءَة*ولم تَمْشِ بَيْنَ القوم بالحَطَبِ الرَّطْبِ
1361- أخْسَرُ مِنَ مَغْبُونٍ‏.‏
مثل مُوَلَّد، ويقولون في مثل آخر‏:‏ في اسْتِ المَغْبُونِ عُود‏.‏
1362- أَخْيَبُ مِنَ القَابِضِ عَلَى المَاء‏.‏
هذا مأخوذ من قول الشاعر‏:‏
وَمَا أنْسَ مِنْ أشْيَاءَ لاَ أَنْسَ قَوْلَها * تَقَدَّمْ فَشَيِّعْنَا إلى ضَحْوَةِ الْغَدِ
فأصْبَحْت مِمَّا كَانَ بَيْنِي وبَيْنَهَا * سِوَى ذِكْرِهَا كَالْقَابِضِ الْمَاءَ بِالْيَدِ
1363- أَخْيَبُ مِنْ حُنَيْنٍ‏.‏
قد اختلف النسابون فيه، وقد ذكرت قول أبي عبيد وابن السِّكِّيت فيه في حرف الراء عند قولهم ‏"‏رَجَع بخُفَّيْ حُنَين‏"‏ وأما الشَّرْقي بن القطامي فإنه قال‏:‏ كان حُنَين من قريش، وزعم أن أصل المثل أن هاشم ابن عبد مناف كان رجلا كثيرَ التقلُّبِ في أحياء العرب للتجارات والوِفادات على الملوك وكان نُكَحَة، فكان أوصى أهلَه أنه متى أتوا بمولود معه علامته قَبِلوه، وتصير علامة قبولهم إياه أن يَكْسُوه ثيابا، ويلبسوه خُفّاً، ثم إن هاشما تزوج في حيٍّمن أحياء اليمن، وارتحل عنهم، فوُلِد له غلام فسماه جَدُّه أبو أمه ‏"‏حُنَيْناً‏"‏ وحمله إلى قريش مع رَجُل من أهله، فسأل عن رهط هاشم، فَدُلَّ عليهم، فأتاهم بالغلام، وقال‏:‏ إن هذا ابنُ هاشِمٍ، فطالبوه بالعلامة، فلم تكن معه، فلم يقبلوه، فرد الغلام إلى أهله فحين رَأَوْه قالوا‏:‏ جاء بخُفِّ حُنَيْنٍ، أي جاء خائبا حين جاء في خف نفسه، أي لو قُبل لألبس خف أبيه‏.‏ ‏[‏ص 257‏]‏
وقال غيره‏:‏ كان حنينا رجلاً عباديا من أهل دومة الكوفة وهي النجف محلة منها، وهو الذي يقول‏:‏
أنَا حُنَيْنٌ وَدَارِي النَّجَفُ * وما نَدِيمي إلا الْفَتَى القصف
ليس نَدِيمِي المنجَلُ الصلف*
وكان من قصته أن دَعَاه قومٌ من أهل الكوفة إلى الصحراء ليغنيهم، فمضى معهم، فلما سَكِر سَلَبوه ثيابه وتركوه عُرْيانا في خُفَّيْهِ، فلما رجع إلى أهله وأبصروه بتلك الحالة قالوا‏:‏ جاء حنين بِخُفَّيْهِ، ثم قالوا‏:‏ أخَيْبُ من حُنَين، فصار مثلا لكل خائب وخاسر، ثم قالوا‏:‏ أصحب لليأس من خفي حنين، فصار مثلا لكل يائس وقانط ومكدٍ‏.‏
1364- أخْلَى مِنْ جَوْفِ حِمَارٍ‏.‏
و ‏"‏أخرب من جوف حمار‏"‏ قالوا‏:‏ هو رجل من عاد، وجَوْفه‏:‏ وادٍ كان يحله، ذو ماء وشجر، فخرج بنوه يتصيدون، فأصابتهم صاعقة فأهلكتهم، فكفر وقال‏:‏ لا أعبد ربا فعل ذا ببنيَّ، ثم دعا قومَه إلى الكفر، فمن عَصَاه قتله، فأهلكه الله وأخرب واديه، فضربت العرب به المثل في الخراب والخلاء، وقالوا ‏"‏أخْرَبُ من جوف الحمار‏"‏ و ‏"‏أخلى من جوف حمار‏"‏ وأكثرت الشعراء ذكره في أشعارهم، فمن ذلك قول بعضهم‏:‏
وَبِشُؤْمِ الْبَغْيِ وَالْغَشْمِ قَدِيماً * ما خَلا جَوْفٌ ولم يبق حِمَار
هذا قول هشام الكلبي‏.‏ وقال غيره‏:‏ ليس حمار ههنا اسمَ رجل، بل هو الحمار بعينه، واحتج بقول من يقول ‏"‏أخلى من جوف العَيْر‏"‏ قال‏:‏ ومعنى ذلك أن الحمار إذا صِيدَ لم ينتفع بشيء مما في جوفه، بل يرمى به ولا يؤكل، واحتج أيضا بقول من قال ‏"‏شَرُّ المالِ ما لا يزكى ولا يذكى‏"‏ فقال‏:‏ إنما عنى به الحمار، لأنه لا تجب فيه زكاة، ولا يُذْبَح فيؤكل، وقال أبو نصر في قول امرئ القيس‏:‏
وَوَادٍ كَجَوْفِ الْعَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُه*
العير عند الأصمعي‏:‏ الحمار، يذهب إلى أنه ليس في جوف الحمار إذا صيد شيء ينتفع به، فجوف الحمار عندهم بمنزلة الوادي القفر الذي لا منفعة للناس والبهائم فيه‏.‏ وقال‏:‏ قال الأصمعي‏:‏ حدثني ابن الكلبي عن فروة ابن سعيد عن عفيف الكندي أن هذا الذي ذكرته العرب كان رجلا من بقايا عاد يقال له ‏"‏حمار بن مُوَيْلع‏"‏ فعَدَلَت العرب عند تسميته عن ذكر الحمار إلى ذكر العَيْرِ لأنه في الشعر أخف وأسهل مَخْرَجا‏.‏ ‏[‏ص 258‏]‏
1365- أخْزَى مِنْ ذَاتَ النّحْيَيْنِ‏.‏
قد ذكرتُ قصتها في حرف الشين عند قولهم ‏"‏أشْغَلُ من ذات النَّحْيَيْنِ‏"‏‏.‏
1366- أخْنَثُ مِنْ طُوَيْسٍ‏.‏
ويقال ‏"‏أشْأَمُ من طُوَيْس‏"‏‏.‏
الطاوسُ‏:‏ طائر معروف، ويصغر على ‏"‏طُوَيْس‏"‏ بعد حذف الزيادات‏.‏ وكان طويسٌ هذا من مُخَنَّثي المدينة، وكان يسمى طاوسا، فلما تخنث سمي بطويس، ويكنى بأبي عبد النعيم، وهو أول من غَنَّى في الإسلام بالمدينة، ونَقَر بالدُّفِّ المربع، وكان أخَذَ طرائقَ الغناء عن سبي فاس، وذلك أن عمر - رضي الله عنه - كان صَيَّرَ لهم في كل شهر يومين يستريحون فيهما من المهن، فكان طويس يَغْشَاهم حتى فهم طرائقهم، وكان مُؤفاً خليعا، يُضْحِك كل ثَكْلَى حَرَّى، فمن مَجَانَتِهِ أنه كان يقول‏:‏ يا أهل المدينة، ما دُمْتُ بين أظهركم فتوقَّعوا خروج الدجال والدابة، وإن متُّ فأنتم آمِنون، فتدبروا ما أقول، إن أمي كانت تمشي بين نساء الأنصار بالنمائم، ثم ولدتني في الليلة التي مات فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفَطَمتني في اليوم الذي مات فيه أبو بكر، وبلغت الحُلَم في اليوم الذي قتل فيه عمر، وتزوجت في اليوم الذي قتل فيه عثمان، وولد لي في اليوم الذي قتل فيه علي، فَمَنْ مثلي‏؟‏ وكان يظهر للناس مافيه من الآفة غير محتشم منه، ويتحدث به، وقال فيه شعرا، وهو‏:‏
أنا أبو عَبْد النعيم * أنا طاوسُ الجحيم
وأنا أشأم مَنْ دَبَّ * على ظهر الْحَطيم
أنا حاء ثم لام * ثم قاف حشو ميم
عني بقوله ‏"‏حشو ميم‏"‏ الياءَ، لأنك إذا قلت ميم فقد وقعت بين ميمين ياء، يريد أنا حلقي‏.‏
ولما خصي طويس مع سائر المخنثين قال‏:‏ ما هذا إلا ختان أعِيدَ علينا، وكان السبب في خصائهم أنهم كَثُروا بالمدينة فأفسدوا النساء على الرجال، وزعم بعضُهم أن سليمان بن عبد الملك كان مفرط الغَيْرة، وأن جارية له حَضَرته ذاتَ ليلةٍ قمراء وعليها حلي منعصفر، فسمع في الليل سميرا الأبليَّ يغني هذه الأبيات‏:‏
وغادةٍ سَمِعَتْ صوتي فأرَّقَهَا * من آخر الليل لما مَلَّهَا السَّهَرُ
تُدْنِي على فخذيها من مُعَصْفَرَةٍ * والحلْيُ دانٍ على لَبَّاتِهَا خضر
لم يحجب الصَّوْتَ أحْرَاسٌ ولا غَلَق * فدَمْعُهَا بأعَالِي الخدِّ يَنْحَدِرُ ‏[‏ص 259‏]‏
في ليلة البدر ما يدري مُعَايِنُهَا * أوَجْهُهَا عندَهْْ أبْهَى أم القَمَرُ
لو خُلِّيَتْ لَمَشَتْ نَحْوِي على قدم * تكادُ مِنْ رقةٍ للمَشْيِ تَنْفَطِرُ
فاستوعب سليمان الشعر، وظن أنه في جاريته، فبعث إلى سمير فأحضره، ودعا بحجَّام ليخصيه، فدخل إليه عمر بن عبدِ العزيز وكلمه في أمره، فقال له‏:‏ اسكت إن الفَرَسَ يَصْهَل فتستودق الحِجْرُ له، وإن الفحل يخطر فتضبع له الناقة، وإن التَّيْسَ ينبُّ فتستحرم له العنز، وإن الرجل يُغَنِّي فتَشْبَقُ له المرأة، ثم خصاه، ودعا بكاتبه فأمره أن يكتب من ساعته إلى عامله ابنِ حزم بالمدينة ‏"‏أن أحْصِ المخنثين المغنين‏"‏ فتشظَّى قلم الكاتب فوقعت نقطة على ذروة الحاء، فكان ما كان مما تقدم ذكره‏.‏




B-happy 3 - 3 - 2010 02:52 AM



1367- أَخْبَثُ مِنْ ذِئْبِ الْخَمَرِ، وَأَخْبَثُ مِنْ ذِئْبِ الغَضَى‏.‏
قال حمزة‏:‏ العرب تسمي ضروباً من البهائم بضروب من المراعي تَنْسُبها إليها، فيقولون‏:‏ أرنب الخلة، وضَبُّ السحا، وظبي الحلب، وتيس الربلة، وقنفذ برقة، وشيطان الحَمَاطة، وذلك كله على قدر طِباع الأمكنة والأغْذِية العاملة في طباع الحيوان، وفي أسجاع ابنة الخُسِّ‏:‏ أخبثُ الذئابِ ذئب الغَضَى، وأخبث الأفاعي أفْعَى الجدب، وأسرع الظباء ظباء الحلب، وأشد الرجال الأعجف، وأجمل النساء الفَخْمة الأسيلة، وأقبح النساء الْجَهْمَة القفرة، وآكَلُ الدواب الرَّغُوث، وأطيب اللحم عوّذه، وأغْلَظُ المَوَاطئ الحَصَا على الصَّفَا، وشر المال ما لا يُزَكَّى ولا يُذَكى، وخير المال مُهْرَة مأمورة أو سكة مأبُورَة‏.‏
قال‏:‏ وعلى هذا المجرى حكاية حكاها ابن الأعرابي عن العرب، زعَم أنه قيل للبكرية‏:‏ ما شجرة أبيك‏؟‏ فقالت‏:‏ العَرْفَجَة إذا قُدِحَت التهبت، وإذا خليت قصبت، وقيل للقيسية‏:‏ ما شجرة أبيك‏؟‏ فقالت‏:‏ الخلة، ذليقة الدرة، حديدة الجرة، وقيل للتميمية‏:‏ ما شجرة أبيك‏؟‏ فقالت‏:‏ الإسليح رغوة وصريح، وسَنَام إطريح، تُفيئه الريح، وقيل للأسدية‏:‏ ما شجرة أبيك‏؟‏ فقالن‏:‏ الشرشر، وطب حشر، وغلام أشر، حشر‏:‏ أي وسخ، ووسخ الوَطْب من اللبن يدعى حشراً‏.‏
قلت‏:‏ قوله ‏"‏وطب حشر‏"‏ كذا قرئ على حمزة بالحاء، وروى عنه والصواب جشر بالجيم، وكذا في التهذيب عن الأزهري، وفي الصحاح عن الجوهري‏:‏ قال حمزة‏:‏ ‏[‏ص 260‏]‏ والسنام الإطريح‏:‏ المرتفع، يقال‏:‏ طَرَحَ القوم بناءهم، أي رفعوه وطَوَّلوه، والحلب‏:‏ شجرة حلوة فلذلك ظباؤها أسرع، وأبطأ الظباء ظباء الحَمْضِ، لأن الحمض مالح‏.‏
1368- أَخْوَنُ مِنْ ذِئْبٍ‏.‏
ويقولون في مثل آخر‏:‏ ‏"‏مستودع الذئب أظلم‏"‏ وفي مثل آخر‏:‏ ‏"‏مَنْ اسْتَرْعَى الذئبَ ظلم‏"‏ وقال الشاعر‏:‏ أخْوَنُ مِنْ ذِئبٍ بِصَحْرَاءِ هَجَرْ*
1369- أخَبُّ مِنْ ضَبّ‏.‏
ومنه اشتقُّوا قولهم‏:‏ فلان خَبٌّ ضَبٌّ‏.‏
1370- أَخْيَلُ مِنْ غُرَابٍ‏.‏
لأنه يَخُتال في مِشْيته‏.‏
1371- أَخْيَلُ مِنْ مُذَالَة‏.‏
يَعْنُون الأمة، لأنها تُهَان وهي تتبختر‏.‏
1372- أَخْيَلُ مِنْ ثَعْلَبٍ فِي اسْتِهِ عِهْنُهُ‏.‏
قال حمزة‏:‏ هذا مثل رَوَاه محمد بن حبيب ولم يفسِّره، ولا أعرف معناه‏.‏
1373- أَخْدَعُ مِنْ ضَبٍّ‏.‏
التخدُّع‏:‏ التواري، والمَخْدضع من هذا أخذ، وهو بيتٌ في جَوْف بيت يُتَوَارى فيه، وقالوا في الضب ذلك لتواريه وطول إقامته في جُحْره وقلة ظهوره‏.‏
وقال أبو على لكذه‏:‏ خدع الضب إنما يكون من شدة حَذَره، وأما صفة خدعه فأن يعمد بذنبه باب جُحْره ليضربَ به حيةً أو شيئاً آخر إن جاءه، فيجيء المتحرشُ فإن كان الضب مجربا أخرج ذنبه إلى نصف الجحر، فإن دخل عليه شيء ضربه، وإلا بقي في جحره، فهذا هو خدعه، قال الشاعر‏:‏
وأخْدَعُ من ضَبٍّ إذا جاء حَارِشٌ * أعَدَّ له عند الذنابة عَقْرَباَ
وذلك أن بيت الضب لا يخلو من عقرب، لما من الألفة والاستعانة بها على المحترش، هذا قول أهل اللغة‏.‏
وقال بعض أصحاب المعاني‏:‏ العربُ تذكر الضبَّ والضبع والوحر والعقربَ في مجاري كلامها من طريق الاستعارة، فأما الضبُّ فإنهم يقولون‏:‏ فلان خَبٌّ ضَبٌّ، فيشبهون الحقد الكامن في قلبه الذي يَسْرِي ضَرَرُه بخدع الضب في جحره، وأما الضبع فإنهم يجعلونها اسماً للسنة الشديدة، إذ كانت الضبعُ أفْسَدَ شيء من الدواب، فشبهوا بها السنة الشديدة التي تأكل المال، وأما الوحر فإنه دُوَيبة حمراء إذا جَثَمت تَلْزَق بالأرض فيقولون منه‏:‏ وَحِرَ صَدْرُ فلانٍ، ذهبوا إلى التزاق الحقد بالصدر كالتزاق الوَحَرِ بالأرض وأما العقرب فإنهم يقولون‏:‏ سَرَتْ عقاربُ ‏[‏ص 261‏]‏ فلانٍ، وفلان تَدِبُّ عقاربه، إذا خَفِيَ مكان شره‏.‏
قلت‏:‏ والمثل أعني قولهم ‏"‏أخدع من ضب‏"‏ يضرب لمن تطلُبُ إليه شيئاً، وهو يَرُوغُ إلى غيره‏.‏
1374- أَخْطَأُ مِنْ ذُبَابٍ‏.‏
لأنه يُلْقِي نفسَه في الشيء الحار، أو الشيء يلزق به فلا يمكنه التخلص منه‏.‏
1375- أَخْطَأُ مِنْ فَرَاشَةٍ‏.‏
لأنها تُلْقِي نفسَها على النار‏.‏ قلت‏:‏ وأخطأ في المثلين من خَطِئ، لا من أخْطَأ، وهما لغتان، أنشد أبو عبيدة‏:‏ يا لَهْفَ هِنْدٍ إذ خَطِئْنَ كَاهِلا* أي أخطأن‏.‏
1376- أَخْبَطُ مِنْ حَاطِبِ لَيْلٍ‏.‏
لأن الذي يحتطب ليلا يجمع كلَّ شيء مما يحتاج إليه وما لا يحتاج إليه، فلا يدري ما يجمع‏.‏
1377- أَخْبَطُ مِنْ عَشْوَاءَ‏.‏
هي الناقة التي لا تُبْصِرُ بالليل، فهي تَطَأ كلَّ شيء، ويقال في مثل آخر ‏"‏إنَّ أخا الخلاط أعشى بالليل‏"‏ قالوا‏:‏ الخِلاط القتالُ، وصاحب القتال بالليل لا يَدْرِي من يضرب‏.‏
1378- أَخْطَفُ مِنْ قِرِلَّى‏.‏
قالوا‏:‏ إنه طير من بنات الماء، صغير الجرم حديد الغَوْص سريع الاختطاف، ولا يرى إلا مُرَفْرِفاً على وجه الماء على جانب كطيران الحِدَأة يَهْوِي بإحدى عينيه إلى قَعْر الماء طمعاً، ويرفع الأخرى إلى الهواء حذراً، فإن أبصر في الماء ما يستقل بحمله من سمك أو غيره انقضَّ عليه كالسَّهْم المُرْسَل فأخرجه من قعر الماء، وإن أبصر في الهواء جارحاً مرَّ من الأرض‏.‏
وكما ضربوا به المثل في الاختطاف، كذلك ضربوا به المثل في الحذر والحزم، فقالوا ‏"‏أحْذَر من قِرِلَّى‏"‏ كما قالوا ‏"‏أحْذَر من غراب‏"‏ وقالوا ‏"‏أحزم من قرلى‏"‏ كما قالوا‏:‏ ‏"‏أحزم من حِرْبَاءَ‏"‏ وفي الأسجاع لابنة الْخُسِّ‏:‏ كن حَذِراً كالقِرِلَّى، إن رأى خَيْراً تَدَلَّى، وإن رأى شراً تَوَلَّى‏.‏
قال حمزة‏:‏ وقد خالف رُوَاة النسب هذا التفسير فقالوا‏:‏ قِرِلَّى هو اسم رجل من العرب، كان لا يتخلف عن طعام أحدٍ، ولا يترك موضع طمع إلا قصد إليه، وإن صادف في طريق يسلكه خصومة ترك ذلك الطريق ولم يمر به، فقالوا فيه ‏"‏أطمع من قرلى‏"‏ فهذا ما حكاه النسابون قي تفسير هذا المثل‏.‏ ‏[‏ص 262‏]‏ قال حمزة‏:‏ وأقول أنا‏:‏ خَلِيقٌ أن يكون هذا الرجل شُبِّه بهذا الطائر، وسمى باسمه، وقال الشاعر‏:‏
يا مَنْ جَفَانِي ومَلاَّ * نَسِيَت أهْلاً وسَهْلاَ
وماتَ مَرْحَبُ لما * رأيْتَ مَالِيَ قَلاَّ
إني أطُنُّكَ تَحْكِي * بمَا فَعَلْتَ الْقِرِلَّى
1379- أخْشَنُ مِنَ الْجُذَيْلِ‏.‏
تصغير جِذْل، وهي خشبة تُغْرَزُ في الأرض فتجيء الإبل الْجَرْباء فتحتكُّ بها‏.‏ ويقولون‏:‏
1380- أخْطَبُ مِنْ قُسٍّ، وَأَبْلَغُ مِنْ قُسٍّ‏.‏
وقد ذكرته في حرف الباء قبلُ‏.‏
1381- أخْجَلُ مِنْ مَقْمُور‏.‏
يريدوم خَجَلَ الانكسار والاهتمام، كما قال الأخطل‏:‏
كأنما العِلْجُ إذ أوجبت صفقتها * خليع خصل نكيبٌ بين أقْمَارِ
1382- أَخْصَبُ مِنْ صَبيحَةِ لَيْلَةِ الظُّلْمَةِ‏.‏
وذلك أنه أصابت الناسَ ليلةً ببغداد ريحٌ جاءت بما لم تأتِ به قطُّ ريحٌ، وذلك في أيام المهدي، فألفى ساجداً وهو يقول‏:‏ اللهم احفظنا واحفظ فينا نبيك عليه السلام، ولا تُشَمِتْ بنا أعدائنا من الأمم، وإن كنت يا رب أخَذْتَ الناسَ بذنبي فهذه ناصيتي بيدك، فارحمنا يا أرحم الراحمين، في دعاء كبير حُفِظَ منه هذا، فلما أصبح تصدَّقَ بألف ألف درهم، وأعتق مائة رقبة، وأحجَّ مائة رجل، ففعل مثل ذلك جُلُّ قواده وبطانته والخيزران ومن أشبه هؤلاء، فكَان الناسُ بعد ذلك إذا ذكروا الخِصْبَ قالوا‏:‏ أخْصَبُ من صبيحة ليلة الظلة‏.‏
*3*http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif المولدون‏.‏
خَلِيفَةُ زُحَلَ‏.‏
يضرب للقثيل‏.‏
خاطَ عَلَيْنَا كِيسَا‏.‏
خُذِ اللِّصَّ قَبْلَ أنْ يأْخُذَكَ‏.‏
خُذْ بِيَدِي اليَوْمَ آخُذْ بِرِجْلِكَ غَداً‏.‏
أي انْفَعنِي بقليل أنفعك بكثير‏.‏
خُذْهُ بالمَوْتِ حَتَّى يَرْضَى بالحُمَّى‏.‏
خُذْ مِنْ غَرِيمِ السُّوءِ أَجْرَهُ‏.‏
خَاطَرَ مَنِ اسَتَغْنَى بَرْأْيِهِ‏.‏ ‏[‏ص 263‏]‏
خَفِيفٌ الشَّفَةِ‏.‏
للقليل المسألة‏.‏
خَفِيفٌ عَلَى القَلْبِ‏.‏
للثقيل‏.‏
خَصِيٌّ يَسْخَرُ مِنْ زُبِّ مَوْلاَهُ‏.‏
خَلَّيْتُ عَنِ الجَاوَرْسِ لِئَلاَّ أحْتاجَ إِلىَ خصُومَةِ العَصَاِفيِر‏.‏
خُذِ القَلِيلَ مِنَ اللئِيمِ وَذُمَّهُ‏.‏
خَلِيلَيَّ إِنَّ العُسْرَ سَوْفَ يُفِيقُ‏.‏
خَصِيمُ اللَّيَالِي والغَوَانِي مُظَلَّمٌ‏.‏
خُذْ فِيما تَكُونُ‏.‏
خَيْرٌ البُيُوعِ ناجِزٌ بِنَاجِزٍ‏.‏
خَيْرُ المَالِ ما وَجَّهْتَهُ وَجْهَهُ‏.‏
خَيْرُ الأعْمَالِ مَا كَانَ دِيمَةً‏.‏
خُذْهُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْكَ‏.‏
خَيْرُ النَّاسِ لِلنَّاسِ خَيْرُهُمْ لِنَفْسِهِ‏.‏
خَيْرُ النَّاسِ مَنْ فَرِحَ لِلنَّاسِ بِالخَيْرِ‏.‏
خَالِفْ هَوَاكَ تَرْشُدْ‏.‏
الخُطُوبُ تَارَاتٌ‏.‏
الخُرْقُ بِالرِّفْقِ يُلْجَمُ‏.‏
الخِرْقَةُ مِنَ الشُّقَّةِ‏.‏
الخَلُّ حَيْثُ لاَ ماءَ حَامِضٌ‏.‏
الخِيَرَةُ فِيما يَصْنَعُ الله‏.‏
الخُضُوعُ عِنْدَ الحَاجَة رُجُولِيَّة‏.‏
الخَضِرُ مَعَه وَتَدٌ‏.‏
يضرب للطائش الْجَوّال‏.‏
الخَوْخُ أسْفَلُ‏.‏
الخَصِيُّ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ وَاسْتُهُ بِنْتُ عِشرِين‏.‏
اخْتِمْ بِالطِّينِ مَادَامَ رَطْباً‏.‏
الْخِلْمُ رَيْحَانَة، وَلَيْسَتْ بِقَهْرمانَة‏.‏
أَخْرِجِ الطَّمَعَ مِنْ قَلْبِكَ، تَحُلَّ القَّيْد مِنْ رِجْلِك‏.‏ ‏[‏ص 264‏]‏

B-happy 3 - 3 - 2010 02:54 AM

الباب الثامن فيما أوله دال‏

1383- دَرْدَبَ لَمَّا عَضَّهُ الثَّقَافُ‏.‏
يقال‏:‏ دَرِب بالشيء، ودَرْدَبَ به، إذا اعتاده وضَرِىَ به، ودَرْدَبَ‏:‏ أي خضع وذلَّ‏.‏ والثِّقَافُ‏:‏ خشبة تُسَوَّى بها الرماح‏.‏ يضرب لمن يمتنع مما يُرَاد منه، ثم يَذِلُّ وينقاد‏.‏
1384- دُونَهُ بَيْضُ الأَنُوقِ‏.‏
الأنوق‏:‏ الرَّخَمة، وهي تضعُ بيضَها حيث لا يوصَلُ إليه بُعْداً وخَفَاء‏.‏
يضرب للشيء يتعذر وجوده‏.‏ ويُقَال أيضاً‏:‏
1385- دُونَهُ النَّجْمُ‏.‏
فيجوز أن يُرَاد به الجنسُ، ويجوز أن يراد به الثُّرَيَّا‏.‏ وقد يقال‏:‏
1386- دُونَهُ العَيُّوقُ‏.‏
هو الكوكب المعروف‏.‏
1387- دَهَنْتَ وأحْفَفْتَ‏.‏
يقال‏:‏ حَفَّ رأسه يَحِفُّ حُفُوفا، إذا بَعُدَ عهدُه بالدهن، وأحْففته أنا‏.‏
يضرب للرجل يحسن القولَ في وجهك ويَحْفِر لك من خلفك‏.‏
1388- أدْنَى حِمَارَيْكِ فَازْجُرِي‏.‏
أي اهتمِّي بأمرك الأقرب، ثم تناولي الأبْعَدَ‏.‏
1389- أَدْرِكِي القُوِيمَّةَ لاَ تَأْكُلْها الهُوِيمَّةُ‏.‏
القُوِيمَّة‏:‏ تصغير قَامَّة، ويعني بها الصبي، لأنه يقمُّ كلَّ ما أدرك يَجْعَلهُ في فيه، فربما أتى على بعض الهوامّ كالعقرب وغيرها، والقمُّ والاقتمام‏:‏ الأكل، وأنَّث القامَّة أراد الصبية، وصَغَّرها، وخصها لضعفها وضَعْفِ عقلها، والْهُوَيمَّة‏:‏ تصغير هَامَّةٍ، وهي ما هَمَّ ودب‏.‏
يضرب في حفظ الصبي وغيره، والمراد به إدراك الرجل الجاهل لا يقع في هلكة‏.‏
1390- أَدْرَكَ أَرْبَابُ النِّعَم‏.‏
أي جاء مَنْ له اهتمامٌ وعناية بالأمر‏.‏
1391- دُونَ ذَا ويَنْفُقُ الحمَارُ‏.‏
زعم الشرقي وغيره أن إنسانا أراد بيع ‏[‏ص 265‏]‏ حمار له، فقال لمشوِّر‏:‏ أطر حماري ولك على جُعْل، فلما دخل به السوق قال له المشوّر‏:‏ هذا حمارك الذي كنت تصيدَ عليه الوحشَ‏؟‏ فقال الرجل‏:‏ دون ذا ويَنْفُقُ الحمار، أي الزم قولاً دون الذي تقول، أي أقلَّ منه، والحمار ينفُقُ الآن دون هذا التنفيق‏.‏ والواو للحال، ويروى ‏"‏دون ذا ينفق الحمار‏"‏ من غير واو، أي ينفق من غير هذا القول‏.‏ يضرب عند المبالغة في المدح إذا كان بدونه اكتفاء‏.‏
1392- دُرِّي دُبَسُ‏.‏
قال ابن الأعرابي‏:‏ تقول العرب للسماء إذا أخالت للمطر‏:‏ دُرِّي دُبَسُ، وقال غيره‏:‏ دُبَسُ اسم شاة‏.‏ يضرب لمن يُكْثِرُ الكلامَ‏.‏
1393- دَمِّثْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ النَّوْم مُضْطَجَعا‏.‏
ويروى ‏"‏لجنبك‏"‏ أي استعدَّ للنوائب قبل حلولها، والتدميث‏:‏ التَّلْيين، والدَّمَاثة والدمث‏:‏ الين، ويروى أن عائشة رضي الله تعالى عنها ذكرت عمر رضي الله تعالى عنه فقالت‏:‏ كان والله أحْوَذيّاً نَسِيجَ وَحْدِهِ قد أعَدَّ للأمور أقْرَانَها‏.‏
1394- دَقَّكَ بِالمِنْحَاز حَبَّ القِلْقِلِ‏.‏
ذكرت الأعراب القُدُم أن القِلْقِلَ شجيرة خضراء تنهض على ساق، ولها حب كحب اللوبيا حلو طيب يؤكل، والسائمة حريصة عليها‏.‏
يوضع هذا المثل في الإذلال والحمل عليه‏.‏
1395- دُونَ ذَلِكَ خَرْطُ القَتَادِ‏.‏
الخَرْطُ‏:‏ قَشْرُكَ الوَرَقَ عن الشجرة اجتذاباً بكَفِّك، والقَتَاد‏:‏ شجر له شوك أمثال الإبر‏.‏
يضرب للأمر دونه مانع‏.‏
1396- أدْرِكْنِي وَلَوْ بِأحَدِ المَغْرُوَّيِنْ‏.‏
المَغْرُوّ‏:‏ السهم المَرِيشُ‏.‏
قال المفضل‏:‏ كان رجلان من أهل هَجَرَ أخوان ركب أحدهما ناقة صعبة، وكانت العرب تُحَمِّقُ أهل هَجَر، وأن الناقة جالت، ومع الذي لم يركب منهما قَوْس، واسمه هُنَين، فناداه الراكب منهما فقال‏:‏ يا هُنَيْن ويلك أدركني ولو بأحد المغروَّيْنِ، يعني سهمه، فرماه أخوه فصَرَعه، فذهب قوله مثلا‏.‏
يضرب عند الضرورة ونَفَاد الحيلة‏.‏
1397- الدَّمَ الدَّمَ والهَدَمَ الهَدَمَ‏.‏
جعل الهَدْمَ هَدَماً محرك الدال متابعة لقوله ‏"‏الدَّمَ الدَّمَ‏"‏ يعني أني أُبايِعُكَ على أن دَمي في دمكِ وَهَدْمِي في هَدْمك، قاله ‏[‏ص 266‏]‏ عطاء بن مصعب، ونصب ‏"‏الدم‏"‏ على التحذير، أي احذر سفكَ دمي، فإن دمي دمُك وكذلك هدمي هدمك‏.‏ يضرب عند اسْتِجْلاَب منفعة للوِفاق والاتحاد‏.‏
1398- درَّتْ حَلُوبَةُ المُسْلِمِينَ‏.‏
يعني بذلك فَيْأهم وخَرَاجَهم حين كثرا‏.‏
1399- أَدِرَّهَا وَإِنْ أَبَتْ‏.‏
يضرب لمن يُلِحُّ في طلب الحاجة، ويُكْرِهُ المطلوبَ إليه على قضائها‏.‏
1400- دُهْ دُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ‏.‏
هذا مثل قد تكلم فيه كثير من العلماء، فقال بعضهم‏:‏ الأصل فيه أن العرب تعتقد أن العَجَمَ أهلُ مَكْر وخَديعة، وكان العجم يخالطوهم، وكانوا يَتَّجِرون في الدُّرِّ، ولا يحسنون العربية، فإذا أرادوا أن يُعَبروا عن العشرة قالوا‏:‏ ده، وعن الثنين قالوا‏:‏ دو، فوقع إليهم رجل معه خَرَزَات سود وبيض، فلَبَّسَ عليهم وقال‏:‏ دُودُرَّيْن، أي نوعان من الدر، أو ده درين، أي قال عشرة منه بكذا، ففتشوا عنه فوجدوه كاذباً فيما زعم، فقالوا‏:‏ دُهْ درين، ثم ضموا إلى هذا اللفظ ‏"‏سعد القين‏"‏ لأنهم عَرَفوه بالكذب حين قالوا‏:‏ إذا سَمِعْتَ بِسُرَى القَيْن فإنه مُصْبح، فجمعوا بين هذين اللفظين في العبارة عن الكذب، وثنوا قولهم‏:‏ ‏"‏درين‏"‏ لمزاوجة القين، فإذا أرادوا أن يعبروا عن الباطل تكلموا بهذا، ثم تصرفوا في الكلمة فقالوا‏:‏ دهدرّ، ودهدنّ، ودهدار، وجعلوا كلها أسماء للباطل والكذب‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ أصله ‏"‏ده دو‏"‏ فَثَنَّوه عبارة عن تضاعف معنى الباطل والمبالغة فيه، كما جمعوا أسماء الدواهي فقالوا‏:‏ الأقْوَرِين، والفتكرين، والبرجين، إشارة إلى اجتماع الشرِّ فيه، ثم غيروا أوله عن دَهْ بالفتح إلى دُهْ بالضم ليكونوا قد تصرفوا فيه بوجه ما‏.‏
قالوا‏:‏ وموضع المثل نصب بإضمار أعني أو أبصر، ويجوز أن يكون رفعا على الابتداء، أي أنت صاحب هذه اللفظة، أو مثلُ مَنْ عُرِف بهذا، وسعد‏:‏ رفع أيضاً على هذا التقدير، أي أنت سعد القين، وحذف التنوين لالتقاء الساكنين‏.‏
قال أبو زيد في نوادره‏:‏ يقال للرجل يُهْزَأ منه‏:‏ ده درين، وطرطبين‏.‏
قال أبو الفضل المنذري‏:‏ وجدت عن أبي الهيثم دُهْ مضمومةً وسعد منصوبا، كأنه يريد يا سَعْد مضافاً إلى القين غير معرب، كأنه موقوف، قال‏:‏ تقال هذه الكلمة عند تكذيب الرجل صاحِبَه‏.‏ قال أبو الفضل‏:‏ ‏[‏ص 267‏]‏ وقال أبو عبيدة ده درين، قال‏:‏ وإنما تركوا منها نون القين موقوفة، ولم ينونوا سعدا في هذا الموضع، ونصبوا ده درين على إضمار فعل ينصبه، وهو أعني، قال‏:‏ وبعضهم يقولون ‏"‏دُهْدُرَّيْ‏"‏ بغير نون الاثنين، ومعناه عندهم الباطل، قال الأصمعي‏:‏ ولا أدري ما أصله، قال أبو عبيد‏:‏ وأما أبو زياد الكلابي فإنه قال‏:‏ ده دريه، بالهاء، هذا ما قالوا فيه، ثم صار الدُّهْدُرُّ اسماً للباطل، ثم أبدلوا الراء نونا فقالوا‏:‏ دُهْدُنٌّ، ومنه قول الراجز‏:‏
لأجعلَنْ لابنة عثم فَنَّا * حتى يكون مهرها دهدنا
أي باطلا، ويقال أيضاً‏:‏ دهدار بدهدار، أي باطل بباطل، وزعموا أن عدي ابن أرْطَأة الفزاري كتب إلى عمر بن عبد العزيز يخطب هندا بنت أسماء بن خارجة الفَزَاري، فكتب إليه عمر‏:‏ أما بعد فإن الفزاري لا ينفك والسلام، فلما قرأ عدي الكتاب لم يدر ما أراد، فبعث إلى أبي عُيَيْنة ابن المهلب بن أبي صفْرة، وكان عَلاَّمة، فأقرأه الكتاب، فقال له‏:‏ قد علمت ما أراد، قال‏:‏ وما هو‏؟‏ قال‏:‏ عَنَى قولَ ابن داره
إن الفَزَاريَّ لا ينفكُّ مُغْتَلِما * من النَّوَاكَة دُهْدَارا بدهدار
يقول‏:‏ باطلا بباطل، أي يأتي باطلا بسبب باطل، وكانت هند هذه تحت عبيد الله بن زياد، ثم زوجها بشر بن مَرْوَان حين قدم الكوفة أميراً، ثم تزوجها الحجاج ابن يوسف‏.‏
1401- ادْفَعِ الشَّرَّ عَنْكَ بِعُودٍ أَوْ عَمُودٍ‏.‏
قال بعضهم‏:‏ إذا أتاك سائلُكَ فلا تردَّه إلا بعطية قليلة أو كثيرة تقطع بها عنك لسانه فلا يذمك، وقال آخرون‏:‏ ادْفَعِ الشرَّ بما تقدر عليه‏.‏
1402- دَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ‏.‏
النهب‏:‏ المالُ المنهوب، وكذلك النُّهْبَى والحَجَرَاتُ‏:‏ النواحي‏.‏
يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أجَلُّ منه‏.‏
وهذا من بيت امرئ القيس، قاله حين نزل على خالد بن سَدُوس بن أصمع النَّبْهَاني، فأغار عليه باعث بن حويص وذهب بإبله، فقال له جاره خالد‏:‏ أعطني صنائعَكَ ورواحلك حتى أطلب عليها مالَكَ ففعل، فانطوى عليها، ويقال‏:‏ بل لَحِقَ القومَ، فقال لهم‏:‏ أغرتم على جاري يا بني ‏[‏ص 268‏]‏ جَديلة، فقالوا‏:‏ والله ما هو لك بجار، قال‏:‏ بلى والله ما هذه الإبل التي معكم إلا كالرواحل التي تحتي‏؟‏ قالوا كذلك، فأنزلوه وذهبوا بها، فقال امرؤ القيس فيما هجاه به‏:‏
وَدَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِه * وَلكِنْ حَدِيثاً مَا حَدِيث الرَّوَاحِلِ
يقول‏:‏ دع النهبَ الذي انتهبه باعث، ولكن حدثني حديثاً عن الرواحل التي ذَهَبْتَ أنت بها ما فَعَلَتْ، ثم قال في هجائه‏:‏
وأعْجَبَنِي مَشْيُ الْحُزُقَّةِ خَالِدٍ * كَمَشْيِ أتَانٍ حُلِّئَتْ عن مَنَاهِلِ
1403- دَبَّ قَمْلُهُ‏.‏
مثل يضرب للإنسان إذا سَمِن وحَسُن حالُه‏.‏
1404- الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعله‏.‏
هذا يورى في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال المفضل‏:‏ أولُ مَنْ قاله اللُّجَيْجُ بن شُنَيف اليربوعي في قصة طويلة ذكرها في كتابه الفاخر‏.‏
1405- أَدْرَكَ أَمْراً بِجِنّهِ‏.‏
أي بِحِدثان عهده وقُرْبه‏.‏
1406- دَعِ امْرأً وَمَا اخْتَارَ‏.‏
يضرب لن لا يقبل وعْظَكَ، يقال‏:‏ دَعْه واختياره، كما قيل‏:‏
إذا المرءُ لم يدر ما أمكنه * ولم يأتِ من أمْرِهِ أزْيَنَهْ
وأعْجَبَه العجب فاقْتَادَهُ * وتَاهَ به التيهُ فاسْتَحْسَنَهْ
فدَعْهُ فقد ساء تَدْبِيرُهُ * سَيَضْحَكُ يَوْماً ويبكي سَنَةْ
ونكَّر قوله ‏"‏امْرَأَ‏"‏ لأنه أراد بالنكرة العمومَ كقوله تعالى ‏{‏آتِنَا في الدنيا حَسَنةً وفي الآخرة حسنة‏}‏ والواو في قوله ‏"‏وما اختار‏"‏ بمعنى مع، أي اتْرُكْهُ مع اختياره وكِلْه إليه‏.‏
1407- دَرْدَبَهُ دَرْدَبَةَ العَلُوقِ‏.‏
وهي التي تمنع ولَدَها رَضَاعَهَا، ودَرْدَبَتُها‏:‏ عَطْفُها ورَأْمها‏.‏
1408- دُرِّي عُقَابُ بلبَنٍ وَأَشْخَابٍ‏.‏
أشْخَاب‏:‏ جمع شخب، وهو، ما امتدَّ من اللبن إذا خرج من الضَّرع، وعُقَاب‏:‏ اسم ناقة، وهذا من أمثال المخنثين، وقد مر في حرف الحاء‏.‏
1409- ادْعُ إِلَى طِعَانكَ مَنْ تَدْعُو إِلَى جِفَانِكَ‏.‏
أي استعمل في حوائجك مَنْ تخصّه بمعروفك‏.‏ ‏[‏ص 269‏]‏
1410- الدَّلْوُ تَأْتِي الغَرَبَ المَزَلَّة‏.‏
الغَرَب‏:‏ مَخْرَج الماء من الحوض، يقول‏:‏ تأتي الدلو على غير وجهتها، وكان يحب أن تأتي الازاء‏.‏
وقائل هذا المثل بِسْطَام بن قَيْس أُرِيَهُ في منامه ليلة قتل في صبيحتها، فقال له نقيذ‏:‏ هلا قلت ‏"‏ثم تعود باديا مُبْتَلَّة‏"‏ فتكسر الطيرَةَ عنك‏.‏
1411- دَرِّبِ البَهْمَ بالرَّمِّ‏.‏
أي عَوِّدها الرَّعْيَ تدرب به‏.‏ يضرب في تأديب الرجل ولدهُ‏.‏

B-happy 3 - 3 - 2010 02:56 AM



1412- دَعْنِي رَأْساً بِرَأْسٍ‏.‏
يضرب لمن طلبت إليه شيئاً فطلب منك مثله، قال الشاعر‏:‏
أنا الرجلُ الذي قد عِبْتُمُوهُ * وما فيه لَعَّيابٍ مَعَابُ
دَعُونِي عنكمُ رَأْساً بِرَأسٍ * قَنَعْتُ من الغنيمة بالإيَابِ
1413- أَدْنَى الْجَرْيِ الْخَبَبُ‏.‏
أي إذا خَبَبْتَ في الخير فقد جَرَيْتَ فيه‏.‏
يضرب في الأمر بالمعروف والخير‏.‏
1414- دَعْ عَنْكَ بُنَيَّاتِ الطَّرِيقِ‏.‏
أي عليك بمُعْظَم الأمر، ودَعِ الروغان‏.‏
1415- أَدْخَلُوا سَوَاداً فِي بَيَاضٍ‏.‏
يضرب في التخليط، أي دخمسوا وصَنَعُوا أمرا أرادوا غيرَه‏.‏
1416- دَعَا القَوْمَ النَّقَرَي‏.‏
أي الدعوة النَّقَري، يعني الخاصَّة، وأصله من ‏"‏نَقَر الطيرُ‏"‏ إذا لَقَطَ من ههنا وههنا، و ‏"‏انتقر الرجُلُ‏"‏ إذا فعل ذلك‏.‏
يضرب لمن اختصَّ قوما بإحسانه، قال عمرو بن الأهتم‏:‏
ولَيْلَةٍ يَصْطلَىِ بالفَرْث جازِرُها * يختصُّ بالنَّقَرَي المُثْرِينَ دَاعِيهَا
1417- دَافِعِ الأيَّامَ بِالْقُرُوضِ‏.‏
أي أقرض الدهر، وكل قليلا قليلا‏.‏ يضرب في حفظ المال‏.‏
1418- دُونَ غُلَيَّان خَرْطُ القَتَادِ‏.‏
غُلَيَّان‏:‏ اسمُ فَحْلٍ‏.‏ يضرب للممتَنِع‏.‏
وكان في النسخ المعتمدة غليان بالغين المعجمة، وفي شعر أبي العلاء بالعين غير المعجمة في قوله‏:‏
إذا أنا عَالَيْتُ القَتُودَ لرحْلَةٍ * فدون عُلَيَّانَ الْقَتَادَةُ والْخَرْطُ
قالوا‏:‏ هو فحل لكليب بن وائل، ولما عَقَر كليبٌ ناقةَ جارة جَسَّاس، قال جساس‏:‏ ‏[‏ص 270‏]‏ ليُقْتَلَنَّ غدا فحلٌ هو أعظم من ناقَتِكِ، فبلغ ذلك كليبا فظَنَّ أنه يعني فحله الذي يسمى غُلَيَّان، فقال‏:‏ دون غُلَيان - المثلَ، وكان جَسَّاس يعني بالفحل نفسَ كليبٍ‏.‏
1419- دَعِ الشَّرَّ يَعْبُرْ‏.‏
قاله المأمون لرجل اغتاب رجلا في مجلسه‏.‏
1420- دَمْعَةٌ مِنْ عَوْرَاءَ غَنِيمَةٌ بارِدَةٌ‏.‏
أي من عينٍ عَوْرَاء‏.‏ يضرب للبخيل يصلُ إليك منه القليل‏.‏
1421- دَعِ القَطَا يَنَمْ‏.‏
يضرب في ترك أمرٍ يهمّ بإمضائه‏.‏
ذكر أن بعض أصحاب الجيوش أراد الإيقاع بالعدو، فاستطلع رأي الذي فوقه في ذلك، فوقع في كتابه ‏"‏دَعِ القطا ينم‏"‏‏.‏
1422- أَدْبَرَ غَرِيرُهُ وَأَقْبَلَ هَرِيرهُ‏.‏
الغَرير‏:‏ الخُلُق الحسن، والهرير‏:‏ الكراهية، أي ذهب منه ما كان يَغُرُّ ويعجب، وجاء ما يكره منه من سوء الخلق وغير ذلك‏.‏
يضرب للشيخ إذا ساء خُلُقه‏.‏
1423- دُونَ كُلِّ قُرَيْبَي قُرْبَى‏.‏
يضرب لمن يسألك حاجة وقد سألَكَهَا مَنْ هو أقرب إليك منه‏.‏
1424- دِيكُهُ يَلْقُطٌ الْحَبَّ‏.‏
ويروى ‏"‏يلتقط الحصا‏"‏‏.‏ يضرب للنمام‏.‏
1425- دَلَّ عَلَيْهِ إِرْبُهُ‏.‏
قال أبو عمرو‏:‏ يقال للرجل الدميم تقتحمه العين ولا يُؤْبَنُ بشيء من النجدة والفضل‏:‏ دل عليه إربه، أي عَقْله‏.‏
1426- دَعِ العَوْرَاءَ تَخْطَأْكَ‏.‏
أي الخصلَةَ القبيحة، أو الكلمة الشنعاء وتخطأك - بالهمزة - من قولهم‏:‏ أرَدْتُكم فخَطِئْتكم، أي تجاوزتكم‏.‏ قيل‏:‏ هذا أحْكَمُ مثل ضربته العرب‏.‏
1427- دَعِ المَعَاجِيلَ لِطِمْلٍ أَرْجَلَ‏.‏
المعاجيل‏:‏ جمع مَعْجَل، وهو الطريق المختصر إلى المنازل والمياهِ، كأنه أعجل عن أن يكون مبسوطا، والطِّمْل‏:‏ اللص الخبيث، والأرْجَلُ‏:‏ الصلب الرِّجْل الذي لا يكاد يَحْفَى‏.‏
يضرب في التباعد عن مواضع التُّهَمِ، أي دعها لأصحابها‏.‏
1428- دَأْمَاءُ لاَ يُقْطَعُ بِالأرْمَاثِ‏.‏
الدأماء‏:‏ البحر، والرِّمْث‏:‏ خَشَبات ‏[‏ص 271‏]‏ يُضم بعضُها إلى بعض ثم تركب في البحر للصيد وغيره‏.‏
يضرب في الأمر العظيم الذي لا يركبه إلا مَنْ له أعوان وعُدَدٌ تليق به‏.‏
1429- دَهْوَرَ نَبْحاً واسْتُهُ مُبْتَلَّةٌ‏.‏
الدهورة‏:‏ نُبَاح الكلب من فَرَق الأسد ينبح ويَضْرُط ويَسْلَح خوفاً منه‏.‏
يضرب لمن يتوعَّدُ من هو أقوى منه وأمنع‏.‏
1430- دَمُ سِلاَغٍ جُبَار‏.‏
هذا رجل من عبد القيس له حديث، ولم يذكر حمزة أكثر من هذا‏.‏
1431- دَعِ الْكَذِبَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ يَنْفَعُكَ فإِنَّهُ يَضُرُّكَ، وَعَلَيْكَ بِالصِّدْقِ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ يَضُرَّكَ فإِنّه يَنْفَعُكَ‏.‏
يضرب في الحث على لزوم الصدق حتى يصير عادة‏.‏
1432- دَارٌ مِنْ رُهاً‏.‏
قال أبو الندى‏:‏ رُهَا قبيلَةٌ، ورها بلد أيضاً‏.‏ ‏(‏في القاموس أن رهاء - كسماء - حي من مذحج، ورها - كهدى - بلد‏)‏
يضرب لمن تستخبره فيخبرك بما تعرفه‏.‏
1433- الدِّينُ النَّصِيحَةُ‏.‏
الأصل في النصيحة التلفيق بين الناس، من النصح وهو الخياطة، وذلك أن تلفق بين التفاريق، وهذا من حديثٍ يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتمامه ‏"‏قالوا‏:‏ لمن يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم‏"‏ قالت العلماء‏:‏ النصيحة لله أن يُخْلِصَ العبدُ العملَ لله، والنصيحة لرسوله أن يَصْفُوَ قلبُه في قبول دعوة النبوّة ولا يضمر خلافها، والنصيحة للمسلمين أن لا يتميزوا عنه في حال من الأحوال، وقيل‏:‏ النصيحة لأءمة المسلمين أن لا تَشُقَّ عَصَاهم، ولا يعقَّ فتواهم‏.‏
1434- دَغْرَى لا صَفَّي‏.‏
ويروى ‏"‏دَغْراً لا صفاً‏"‏ فدَغْرَي‏:‏ لغةُ الأزد، ودَغْراُ‏:‏ لغة غيرهم، والمعنى‏:‏ ادغروا عليهم، أي احملوا ولا تصافوهم‏.‏ يضرب في انتهاز الفرصة‏.‏
1435- دِمَاءُ المُلُوكِ أَشْفَى مِنَ الكَلَبِ‏.‏
أصل الكَلَب الشدَّةُ، وكلبة الشتاء‏:‏ شدة برده، والكَلب الكَلِب‏:‏ الذي يَكْلَبُ بلحوم الناس، ويروى ‏"‏دماء ‏[‏ص 272‏]‏ الملوك شِفَاءُ الكلب‏"‏ تزعم العرب أن مَنْ كان به كَلَب من عَضِّ الكَلْب الكَلِب - وهو شيء شبيه بالجنون يعترى من عضة ذلك الكلب - ثم إذا سقي دماء الملوك شفي، ودفع بعضُ أصحاب المعاني هذا، فقال‏:‏ معنى المثل أن دمَ الكريم هو الثأرُ المُنِيمُ، كما قال القائل‏:‏
كلبٌ من حس ما قد مسه * وأفانين فؤاد مختبل
وكما قيل‏:‏ كَلِبٌ بِضَرْب جَمَاجم ورِقَابِ*
قال‏:‏ فإذا كلب من الغيظ والغضب، فأدرك ثأره فذلك هو الشفاء من الكلب، لا أن هناك دَماً يُشْرب في الحقيقة‏.‏
1436- الدَّهْرُ أَبْلَغُ في النَّكِيرِ‏.‏
يعني بالنكير الإنكار والتغيير، يريد أن الدهر يغير ما يأتي عليه‏.‏
1437- الدَّهْرُ أَطْرَقُ مُسْتَتِبُّ‏.‏
أي مُطْرِق مُغْضٍ منقاد، قال بشار ابن بُرْد‏:‏
عَامِ لا يَغْرُرْكَ يَوْمٌ من غدٍ * عامِ إِنَّ الدَّهْرَ يُغْضِي وَيَهبْ
صَادِ ذَا الضِّغْنِ إلى غِرَّتِهِ * وَإِذَا دَرَّتْ لَبُونٌ فَاحْتَلِبْ
1438- الدَّهْرُ أرْوَدُ مُسْتَبِدٌ‏.‏
أي لَيِّنُ المعاملة غالبٌ على أمره، وهذا كقول ابن مُقْبل‏:‏
إنْ يَنْقُضِ الدَّهْرُ مِني مرَّةً لِبلى * فالدهر أرْوَدُ بالأقْوَامِ ذُو غِيَرِ
أرود‏:‏ أي يعمل عملَه في سكون لا يشعر به، ويقال‏:‏ المستبد الماضي في أمره لا يرجع عنه‏.‏
1439- الدَّهْرُ أَنْكَبُ لاَ يُلِبُّ‏.‏
ويروى ‏"‏أنكث لا يلث‏"‏
أنكب‏:‏ من النَّكْبة، أي كثير النكبات، والصحيح أن يقال‏:‏ أنكب من النكَب، وهو المَيْلُ، يعني أنه عادل عن الاستقامة، لا يقيم على جهة واحدة، وأنكث‏:‏ أي كثير النكث والنقض لما أبْرَمَ، وألثَّ مثل ألبَّ في المعنى‏.‏ ‏[‏ص 273‏]‏
*3*http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif ما جاء على أفعل من هذا الباب‏.‏
1440- أَدَقُّ مِنْ خَيْطِ باطِلٍ‏.‏
فيه قولان‏:‏ أحدهما أنه الهَبَاء يكون في ضَوْء الشمس فيدخل من الكَوَّة في البيت، والثاني أنه الْخَيْطُ الذي يخرج من فم العنكبوت، ويسميه الصبيان مُخَاط الشيطان، وهذا القول أجود، وقال الجوهري‏:‏ خيط باطل، ولعاب الشمس، ومخاط الشيطان، واحدٌ، وكان لقب مروان بن الحكم خيط باطل، وذلك أنه كان طويلا مضطرباً، فلقب به لدقته، وفيه يقول الشاعر‏:‏
لَحَا اللَه قَوْماً مَلَّكُوا خَيْطَ باطلٍ * عَلَى الناسِ يُعْطِي مَنْ يَشَاء ويَمْنَعُ
والطويل أيضاً يلقب بظل النعامة، كما يلقب بخيط باطل‏.‏
1441- أدَقٌّ مِنَ الشُّخْبِ‏.‏
هو ما يخرج من ضَرْع الشاة كالشَّعْرة من اللبن إذا بدئ بحَلْبها‏.‏
1442- أدَقُّ مِنَ الطَّحِينِ‏.‏
هذا أفعل من المفعول، وهو المدقوق، وما تقدم فمن الدِّقَّة، وهذا من قول الشاعر الحطيئة يخاطب أمه‏:‏
وَقَدْ مُلِّكْتِ أمْرَ بَنِيكِ حَتَّى * تَرَكْتِهِمُ أدَقَّ مِنَ الطَّحِينِ‏.‏
1443- أَدَبُّ مِنْ ضَيْوَنٍ‏.‏
الضَّيْوَن‏:‏ السِّنَّوْرُ الذكر، وكان القياس أن يقال‏:‏ ضَيَّن، وهذا من التصحيح الشاذ وتصغيره ضُيَيِّن، وبعضهم يقول‏:‏ ضُيَيْوِن، قال الشاعر‏:‏
أدَبُّ بالليلِ إلى جارِهِ * مِنْ ضَيْوَنٍ دَبَّ إلى فرْنَبِ ‏(‏القرنب‏:‏ الفأرة، أو اليربوع، أو ولد الفأرة من اليربوع، وأوله قاف مفتوحة أو فاء مكسورة‏)‏
1444- أَدَبُّ مِنْ قَرَنْبَى‏.‏
وهي دُوَيْبة شبه الخنفَسَاء، قال الشاعر
ألا يا عباد الله قَلْبِي مُتَيَّمٌ * بأحْسَنِ مَنْ يمشي وأقبحهم بَعْلاَ
يَدِبُّ على أحْشَائها كلَّ ليلةٍ * دَبِيبَ القَرَنْبَى باتَ يَعْلُو نَقاً سَهْلاَ
1445- أَدْنَأُ مِنَ الشِّسْعِ‏.‏
من الدَّنَاءة، هذا إذا همزوه، فإذا تركوا الهمز يقولون‏:‏ أدنى إلى المرء من شِسْعِه، للشيء القريب منه جداً‏.‏
1446- أَدَلُّ مِنْ حُنَيْفِ الْحَنَاتِمِ‏.‏
هو رجل من بني تَيْم اللات بن ثَعْلبة كان دليلا ماهراً بالدلالة، حكى هذا المثل أبو عبيدة‏.‏ وكذا يقولون‏:‏ ‏[‏ص 274‏]‏
1447- أَدَلُّ مِنْ دُعَيْمِيصِ الرَّمْلِ‏.‏
هو اسم رجل، كان دليلا خِرِّيتاً داهياً‏.‏ يضرب به المثل، فيقال‏:‏ هُوَ دُعَيْمِيصُ هذا الأمرِ، أي عالم به‏.‏
1448- أَدْهَى مِنْ قَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ‏.‏
هو سيد عَبْس، وذكر من دَهَائه أشياء كثيرة‏:‏ منها أنه مَرَّ ببلاد غَطَفان فرأى ثروة وعديداً، فكره ذلك، فقال له الربيع ابن زياد العبسي‏:‏ إنه يَسُوءك ما يسرُّ الناس فقال له‏:‏ يا ابن أخي إنك لا تَدْرِي أن مع الثروة والنعمة التحاسد والتباغض والتخاذل، وأن مع القلة التعاضد والتوازر والتناصر‏.‏ ومنها قوله لقومه‏:‏ إياكم وصَرَعَاتِ البغي، وفضحات الغدر، وفَلَتَات المزح‏.‏ وقوله‏:‏ أربعة لا يُطَاقون‏:‏ عبد مَلَكَ، ونذل شبع، وأمة ورثت، وقبيحة تزوجَتْ‏.‏ وقوله‏:‏ المنطق مَشْهرة، والصمت مَسْتترة‏.‏ وقوله‏:‏ ثمرة اللَّجَاجة الحيرة، وثمرة العجلة الندامة، وثمرة العُجْب البغضة، وثمرة التواني الذلة‏.‏ وأما قولهم‏:‏
1449- أَدْنَفُ مِنَ الْمُتَمَنِّي‏.‏
فسيأتي ذكره مستقصىً في حرف الصاد عند قولهم ‏"‏أصَبُّ من المتمنية‏"‏‏.‏
1450- أدَمُّ مِنْ بَعْرَةٍ، وَأَدَمُّ مِنَ الوِبَارَةِ‏.‏
وهي جمع وبر، وهو دويبة مثل الهرة، طحلاء اللون لا ذَنَبَ لها‏.‏
*3*http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif المولدون‏.‏
دِعَامَةُ العَقْلِ الحِلْمُ‏.‏
دُنْيَاكَ مَا أنْتَ فِيِه‏.‏
دَخَلَ فُضُولِيُّ النَّارَ، فَقَالَ‏:‏ الحَطَبُ رَطْبٌ‏.‏
دَلَّ عَلَى عَاقِلٍ اخْتِيَارُهُ‏.‏
دَعِ اللَّوْمَ، إِنَّ اللَّوْمَ عَوْنُ النَّوَائِبِ‏.‏
دَوَاءُ الدَّهْرِ الصَّبْرُ عَلَيْه‏.‏
دَعِ المِرَاءَ وَإِنْ كُنْتَ مُحِقًّا‏.‏
دَعُوا قَذْفَ المُحْصَنَاتِ، تَسْلَمْ لَكُمُ الأمَّهَات‏.‏
الدَّرَاهِمُ أَرْوَاحٌ تَسِيلُ‏.‏
الدَّابَّةُ تُسَاوِي مِقْرَعَة‏.‏
الدُّنْيَا قَنْطَرَةٌ‏.‏
الَّدَراِهُم َمَراهِمُ‏.‏
الدُّنْيَا قُرُوضٌ ومُكَافَآت‏.‏
الدَّرَجَةُ أَوْثَقُ مِنَ السُّلَّم‏.‏
يضرب في اختيار ما هو أحْوَطُ‏.‏
الدِّينَارُ القَصِيرُ يَسْوَى دَرَاهِمَ كَثِيرَة‏.‏
يضرب للشيء يستحقر ونفعه عظيم‏.‏
الدَّرَاهِمُ بالدَّرَاهِمِ تُكْسَبُ‏.‏ ‏[‏ص 275‏]‏


الساعة الآن 03:05 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى