![]() |
مَكـانَكم!
خرج إبراهيم بن أدهم وإبراهيم بن طهمان وسفيان الثوري إلى الطائف ومعهم سفرة فيها طعام. فوضعوها ليأكلوا، وإذا أعرابٌ بالقرب منهم. فأراد بن طهمان أن يدعوهم ليأكلوا معهم، فناداهم: يا إخوتاه، هلمّوا! فصاح بهم سفيان: مكانكم! ثم قال لابن طهمان: خذ من الطعام ما تطيب أنفسُنا بإعطائه لهم فاذهب به إليهم، فإني أخاف أن يجيئوا فيأكلوا من طعامنا أكثر مما نحبّ فتتغيّر نيّاتُنا ويذهب أجرُنا! من كتاب "حلية الأولياء" لأبي نعيم الأصبهاني. |
مَـلِكٌ أنا أم خليفـة
قال عمر بن الخطاب لسلمان الفارسي: أَمَلِكٌ أنا أم خليفة؟ فقال سلمان: إن أنت جَبَيْتَ من أرض المسلمين درهماً أقل أو أكثر مما يحق لك أن تجبيه، أو جبيت درهماً يحق لك أن تجبيه ثم وضعته في غير حقّ، فأنت ملكٌ لا خليفة. من كتاب "الطبقات الكبرى" لابن سعد. |
ملك الروم وأسارى المسلمين
عن مكرم بن بكر القاضي قال: دخلت على الوزير عليّ بن عيسى وهو مهموم جدًا. فسألته عن ذلك فقال: كتب إليّ عاملنا بالثغر أن ملك الروم أجاع أسارى المسلمين في بلده وأعراهم وطالبهم بالتنصّر وأنهم في عذاب شديد. ولا حيلة لي في هذا، والخليفة لا يساعدني. ولو ساعدني لأنفقت الأموال وجهّزت الجيوش إلى القسطنطينية. قلت: هذا أمر سهل. قال: فقل. قلت: إن بأنطاكية عظيمًا للنصارى يقال له البطرك، وبالقدس آخر يقال له الجاثليق. وأمرهما ينفذ على الروم وعلى ملوكهم، وبلداهما في سلطاننا، والرجلان في ذمتنا. فيأمر الوزير بإحضارهما، ويتقدم إليهما بإزالة ما يحدث للأسارى، فإن لم يزُلْ لم يُطالَب بتلك الجريرة غيرهما. فكتب الوزير يستدعيهما. فلما كان بعد شهر، جاءني رسوله يستدعيني، فجئته فوجدته مسرورًا، وقال لي: جزاك الله عن نفسك ودينك وعنّي خيرًا. كان رأيك أبركَ رأي. هذا رسول عاملنا بالثغر قد ورد. ثم قال للرسول: خبِّر القاضي بما جرى. فقال العامل: أَنفَذَني العامل مع رسول البطرك والجاثليق إلى القسطنطينية، وكتبا إلى ملكها "إنك قد خرجت بما فعلت عن ملة عيسى عليه السلام، وليس لك الإضرار بالأسارى فإنه يخالف دينك وما يأمرك به المسيح فإما زلت عن هذا الفعل وإلا حرمناك ولعنّاك". فلما وصلنا إلى القسطنطينية حُجبنا أياما ثم استدعانا الملك، وقال لنا ترجمانه: "يقول لكما الملك إن الذي بلغ ملك العرب من فعلنا بالأسارى كذب وتشنيع، وقد أذنّا في دخولك لتشاهدهم على ضدّ ما قيل، وتسمع شكرهم لنا". فحُملتُ فرأيت الأسارى وكأن وجوههم قد خرجتْ من القبور تشهد بما كانوا فيه من الضرّ، غير أني رأيت ثيابهم جميعًا جديدة. فعلمت أني حُجبت تلك الأيام لتغيير حالهم. وقال لي الأسارى: "نحن شاكرون لملك الروم"، غير أن بعضهم أومأ إليّ "إن الذي بلغك كان صحيحا، وإنما خفف علينا لما أتيتم ها هنا. فكيف بلغكم أمرنا؟" فقلت: "الوزير عليّ بن عيسى بلغه حالكم ففعل كذا وكذا". فضجّوا بالدعاء للوزير، وسمعت امرأة منهم تقول: "يا عليّ ابن عيسى، لا نسي الله لك هذا الفعل!" فلما سمع الوزير ذلك أجهش بالبكاء، وسجد شكرًا لله تعالى. فقلتُ له: أيها الوزير، أسمعكَ كثيرًا تتبّرم بالوزارة. فهل كنت تقدر على تحصيل هذا الثواب لولا الوزارة! من كتاب "المنتظم" لابن الجوزي. |
من أحق بالكتـاب؟
قال الحضرمي: أقمت مرة بقرطبة ولازمتُ سوق كتبها مدّة أترقّب فيه وقوع كتاب كان لي بطلبه اعتناء، إلى أن وقع، وهو بخط فصيح وتفسير مليح. ففرحت به أشد الفرح، وجعلت أزيد في ثمنه فيرجع إليَّ المنادي بالزيادة عليّ، إلى أن بلغ فوق حدّه. فقلت له: ما هذا؟ أرني من يزيد في هذا الكتاب حتى بلغه إلى ما لا يساوي. فأراني شخصًا عليه لباس الرئاسة، فدنوت منه وقلت له: أعزّ اللّه سيدنا الفقيه، إن كان لك غرض في هذا الكتاب تركتُه لك، فلقد بلغت به الزيادة بيننا فوق حدّه فقال لي: لستُ بفقيه، ولا أدري فيه، ولكني أقمتُ خزانة كتب، واحتفلتُ فيها لأتجمّل بها بين أعيان البلد، وبقي فيها موضع يسع هذا الكتاب. فلما رأيته حسن الخط، جيّد التجليد، استحسنته، ولم أبال بما أزيد فيه، والحمد للّه على ما أنعم به من الرزق فهو كثير. فأحرجني وحملني على أن قلت: نعم، لا يكون الرزق كثيرًا إلا عند مثلك، وأنا الذي أعلم ما في هذا الكتاب وأطلب الانتفاع به، تحول قلّة ما بيدي بيني وبينه! من كتاب "نفح الطيب" للمقري التلمساني. |
من آداب مخاطبة الملوك
دخل الأصمعيّ يومًا على هارون الرشيد بعد غيبة كانت منه. فقال له الرشيد: يا أصمعيّ، كيف كنتَ بعدي؟ فقال: ما لاقَتْني بعدَك أرضٌ. فتبسّم الرشيد. فلما خرج الناس، قال للأصمعي: ما معنى قولك "ما لاقتني أرض"؟ قال: ما استقرّت بي أرض، كما يُقال فلان لا يليق شيئًا أي لا يستقرّ معه شيء. فقال الرشيد: هذا حسن. ولكن لا ينبغي أن تكلمني بين يدي الناس إلا بما أفهمه، فإذا خَلَوتَ فعلِّمني، فإنه يقبح بالسطان أن لا يكون عالمًا: إما أن أسكت فيعلم الناس أني لا أفهم إذا لم أُجِب، وإما أن أجيب بغير الجواب فيعلم من حولي أني لم أفهم ما قلتَ. قال الأصمعيّ: فَعَلَّمَني الرشيد يومها أكثر مما عَلَّمْتُه. من كتاب "أخبار النحويين البصريين" لأبي سعيد السيرافي. |
من أنـت؟
كان رجل من تجار أهل المدينة في المسجد يصلي في ليلة من شهر رمضان، إذ عَرَضَ له أمرٌ اضطره إلى العودة إلى منزله. فوجد بابه مفتوحاً، وإذا فتى مع ابنته يحدّثها. فلما سأله: من أنت؟ قال إنه من ولد ابن أبي عتيق. فأخذه بيده وذهب به إلى منزل ابن أبي عتيق، فدقّ الباب. فلما أشرف عليه قال: أردت أن أكلمك في أمر. فلما نزل إليه ابن أبي عتيق قال التاجر: وجدت هذا الفتى مع ابنتي في منزلي، فسألته فزعم أنه ابنك. فأخذ ابن أبي عتيق الفتى وضربه وشتمه، ثم شكر التاجر ودعا له وقال: لن يعود إلى شيء تكرهه أبداً إن شاء الله. فلما انصرف الرجل قال ابن أبي عتيق للفتى: من أنت، ويلك؟! من كتاب "أخبار النساء" لابن قيِّم الجَوْزيّة. |
مـن ذاقـَه لـَم يـُفـْلـِح
دخل شريك النَّخَعِيّ على الخليفة المهدي يوماً، فقال المهدي له: لا بد أن تجيبني إلى خصلة من ثلاث خصال. قال: وما هنَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: إما أن تلِيَ القضاء، أو تحدّث ولدي وتعلّمهم، أو تأكل عندي أكلة! ففكَّر ساعة ثم قال: الأكلة أخفّها على نفسي. فأجلسه المهدي، وتقدّم إلى الطبّاخ أن يُصلح له ألواناً من المخ المعقود بالسّكّر والعسل وغير ذلك. فلما فرغ شريك من الأكل، قال الطباخ: واللّه يا أمير المؤمنين، ليس يُفلح الشيخ بعد هذه الأكلة أبداً! وكان أن قَبل شريك بعد ذلك أن يحدّثهم، وأن يعلّم أولادهم، وأن يلي القضاء لهم! من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان |
مـن زوايـا العدالـة
عندما استولى العرب على شمال إفريقية، وقبل أن يقوم طارق بن زياد بغزو إسبانيا، هاجر أحد الإسبانيين إلى مراكش، هرباً من ظلم الإسبانيين وبطشهم، واختلط بالعرب، وشرب من مناهل آدابهم وعلومهم، وذهب يوماً إلى مجلس قضائهم، فوجد فقيراً يهودياً، يقدم قضيته للقاضي، الذي أكرمه وسأله عن شأنه، فقال: "أشكو إليك موسى بن نصير قائد جيوش المسلمين، فقد طلب مني أرضي التي أتعيش من فلاحتها، لينزل فيها بعض المحاربين، فطلبت ثمناً بخساً فاغتصبها، وأنا رجل فقير، فقال القاضي، عليَّ بموسى بن نصير فحضر وطلب إليه القاضي أن يقف بجانب اليهودي، وبعد سماع أقوالهما، عذر القاضي موسى بن نصير، وقال له: المفاوضة في الثمن قبل الاغتصاب، ويعوض عما أصابه من انتهاك حرمة حقه، أن تدفع ما طلب، فدفع موسى صاغراً ثم انصرف: فتعجب الإسباني، ولم يصدق أن موسى بن نصير نفسه، هو الذي كان واقفاً بجوار الفقير اليهودي، أمام القاضي، وقال: هذا رجل يهودي، واليهود في إسبانيا، يعتبرون نجساً، ويضطهدون لأنهم ليسوا على دين المسيح، فقيل له: "إن الدين الإسلامي ينهانا أن نأكل أموال الناس بالباطل، وليس على هذا اليهودي إلا الجزية ومتى أداها فله ذمة وحق، مثل ذمتنا وحقنا، وسأل الإسباني، وهل يجوز لفقير أو أحد من الناس، أن يشكو الوالي؟ فقيل له: ولم لا؟ وهل وُلـِّيَ الوالي إلا للقيام على حفظ الحقوق، ورعاية مصالح الناس؟ فأولى به أن يقوم بها فيما يخصه، فقال الإسباني: حقاً أن العرب أشباه الملائكة، نزلت عليهم روح من أرواح القدس الأعلى، لينشروا على الأرض، ظلال السلام والرحمة والعدل. |
مـن عـَلـَّمـك؟
زعموا أن أسداً وذئبـاً وثعلبـاً. خرجوا معـاً يتصيـّدون، فصادوا حماراً وظبيـاً وأرنبـاً. فقال الأسد للذئب: اقسم بيننا صيدنا. قال الذئب: الأمر سهل؛ الحمار لك، والأرنب للثعلب، والظبي لي. فخبطه الأسد فأطار رأسه. ثم أقبل على الثعلب وقال: قاتله الله، ما أجهله بالقسمة. هات أنت. قال الثعلب: الأمر سهل؛ الحمار لغدائك، والظبي لعشائك، والأرنب تتخلـّل به فيما بين ذلك. قال الأسد: ويحك! ما أقضاك! من علـّمك هذه القضية؟ قال: رأس الذئب الطائرة! من كتاب "محاضرات الأدباء" للراغب الإصبهاني |
مَنْ لي بَعْدَك يا سيّـدي؟
جاء أبو العِبَر يعود صديقًا له وهو على فراش الموت، فإذا بامرأته تلطم وتصيح: من لي بعدَك يا سيدي؟! وكانت شابة جميلة. فغمزها أبو العبر وأومأ إليها: أنا لكِ بعده! فلما مات الرجل وانقضَتْ عِدَّتُها، تزوّجها أبو العبر، فأقامت عنده حينا ثم حضرتْ أبا العبر الوفاة. وجاء أصحابه يعودونه، فإذا بالمرأة تصيح: من لي بعدَك يا سيدي؟! ففتح أبو العبر عينيه وقال: لا يغمزها إلا مَنْ تكون أُمُّه زانية! من كتاب "جمع الجواهر في المُلَح والنوادر" للحُصري |
مـن مأثـور الحــكم
قال بعض البلغاء: إذا أسدل الوالي على نفسه سـِتر الحجاب، وَهـَى عمود تدبيره. واسترخت عليه حمائل الحزم. وازدلفت إليه وفود الذم. وتولـّى عنه رشد الراجي. ونال أموره خلل الانتشار، وآفة الإهمال. وتسرع إليه العائبون بلواذع ألسنتهم. ودبيب قوارضهم. |
من نوادر أبي العيناء
من مشاهير العميان الإخباري أبو العيناء. كان من أحفظ الناس، وأفصحهم لساناً، وأسرعهم جواباً، وأحضرهم نادرة. مرّ يوماً على دار عدوٍّ له، فسأل أهله: ما خبرُ أبي محمد؟ فقالوا: على ما تحبّ. قال: فما لي لا أسمع الصراخ عليه؟! من كتاب "نكت العميان" للصفدي. |
من نوادر بشار بن برد (1)
وُلد بشار بن بُرد أعمى. وكان ضخماً طويلاً عظيم الوجه فظيع المنظر. وكان إذا أراد أن يُنْشِد شعراً صفق بيديه وتنحنح، وبَصَقَ عن يمينه وشماله ثم ينشد، فيأتي بالعجب وكان يُشَبِّه الأشياء بعضَها ببعض في شعره فيأتي بما لا يقدِرُ البُصَرَاءُ أن يأتوا بمثله. فقيل له يوما وقد أنشد قوله: كأن مُثارَ النَّقيع فوق رءوسنا وأسيافَنا، ليلٌ تَهَاوَى كواكبُه "ما قال أحدٌ أحسن من هذا التشبيه، فمن أين لك هذا ولم تر الدنيا قط ولا شيئاً فيها؟" فقال: إن عدم النظر يُقَوِّي ذكاءَ القلب، ويقطع عنه الشغلَ بما يُنْظَرُ إليه من الأشياء، فيتوفّر حِسُّه، وتذكو قريحتُه. من كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الإصبهاني. |
من نوادر بشار بن برد (2)
كان بشار بن برد يُنْسَبُ إلى المجون والزندقة والميل إلى الإلحاد، وكان يقول: "لا أعرف إلا ما عاينتُه أو عاينتُ مثلَه". وكان بعض أصحابه يقومون إذا حضرت الصلاة ويقعد بشار، فيجعلون حوله ترابا لينظروا هل يصلي، فيعودون والتراب بحاله. قال له صديقه سعد بن القَعْقَاع وهو ينادمه: ويحك يا بشار! قد نَسَبَنَا الناسُ إلى الزندقة، فهل لك أن تَحُجَّ بنا حِجَّةً تنفي ذلك عنا؟ قال: نِعْمَ ما رأيت! فاشتريا بعيرا ورَكبا. فلما مرَّا بالكوفة، قال له سعد: ويحك يا بشار! ثلاثمائة فرسخ نقطعها إلى مكة؟!! مِلْ بنا إلى الكوفة نتنعّم فيها، فإذا عاد الحُجَّاج قابلناهم بالقادسية، وحلقنا رءوسنا، فلم يشُكّ الناسُ أننا جئنا من الحج. فقال بشار: نِعْمَ ما رأيت! فمالا إلى الكوفة، فمازالا يشربان الخمر ويفسُقان. فلما نزل الحُجَّاج بالقادسية راجعين، جزّا رءوسهما وأقبلا، وتلقّاهما الناسُ يهنئونهما بالحج! من كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الإصبهاني. |
من نوادر بشار بن برد (3)
مرَّ بشار بواعظ بالبصرة فسمعه يقول في قصصه: من صام رجباً وشعبان ورمضان بنى الله له قصراً في الجنة صَحْنُه ألف فرسخ في مثلها، وعُلْوُه ألف فرسخ، وكلّ باب من أبواب حجراته عشرةُ فراسخ في مثلها. فالتفت بشارٌ إلى قائده وقال: بِئْسَتْ والله الدار هذه في كانون الثاني! من كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الإصبهاني. |
من نوادر بشار بن برد (4)
كان بشار جالساً في دار المهدي والناس ينتظرون الإذن للدخول عليه، فقال أحد موالي المهدي لمن حضر: ما تفسيركم لقول الله عزَّ وجلَّ (وأوحى ربُّك إلى النحل أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر)؟ قال بشار: النحل التي يعرفها الناس. قال: هيهات! النحل بنو هاشم. وقوله تعالى: (يَخْرُجُ من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانُه فيه شفاء للناس) يعني العِلْم. فقال له بشار: جعل الله طعامك وشرابك وشفاءك فيما يخرج من بطون بني هاشم! من كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الإصبهاني. |
من نوادر بشار بن برد (5)
كانت النساء يأتين فيدخلن إلى بشار في مجلسه ليسمعن شعره. فعشِق امرأةً منهن، وقال لغلامه: عَرِّفها محبتي لها، واتبعها إذا انصرفتْ إلى منزلها. ففعل الغلام، وأخبرها بما أمره فلم تُجِبْه إلى ما أحبّ. فتبعها إلى منزلها وظل يتردّد إليه حتى شكته إلى زوجها، فقال لها زوجها: أجيبيه وعِديه إلى أن يجيئك إلى هاهنا. ففعلتْ. وجاء بشار فدخل وزوجُها جالسٌ وهو لا يعلم. فجعل يحدّثها ساعة، وقال لها: ما اسمُك بأبي أنتِ؟ قالت: أُمامة. فقال: أُمامةُ قد وُصِفْتِ لنا بِحُسْنٍ وإنّا لا نراك فَأَلْمِسِينا. فأخذت يده فوضعتها على لحية زوجها. ففزع بشار ووثب قائماً فقبض زوجها عليه وقال: والله لأفضحنّك! فقال بشار: كفاني ما فعلتَ بي، ولستُ والله عائدا إليها أبدا! من كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الإصبهاني. |
من نوادر بشار بن برد (6)
هجا بشار المهدي فجيء به إليه، وأَمر بضربه بالسوط فضُرِب بين يديه. فكان بشار إذا أوجعه السوط يقول: حَسِّ! وهي كلمة تقولها العرب للشيء إذا أوجع. فقال بعضهم للخليفة: انظر إلى زندقته يا أمير المؤمنين، يقول: حَسِّ ولا يقول: باسم الله. فالتفت إليه بشار وقال: ويلك! أطعامٌ هو فأُسَمِّيَ اللهَ عليه؟! فلما ضُرِب سبعين سوطا بان الموتُ فيه، فأُلقي في سفينة حتى مات، فجاء بعضُ أهله فحملوه إلى البصرة فدُفن بها. من كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الإصبهاني. |
من يـكون معـي؟
قال عبد الملك بن مروان لابن رأس جالوت: ما عندكم من الفراسة في الصبيان؟ قال: نراقبهم، فإن سمعنا منهم من يقول أثناء لعبهم: من يكون معي؟ رأيناه ذا همّة، وإن سمعناه يقول: مع من أكون؟ عرفناه مفتقرا إلى الهمة. من كتاب "أخبار الأذكياء" لابن الجوزي. |
منـام الزاهـد
في سنة 535 (1140م) وصل إلى بغداد رجل أظهر الزهد والنسك، فقصده الناس من كل جانب. واتفق أن بعض أهل السَّواد دفن ولداً له قريباً من قبر السبتي، فمضى ذلك المتزهد فنَبَشَه ودفنه في موضع آخر، ثم قال للناس في بعض الأيام: اعلموا أنني قد رأيت عمر بن الخطاب في المنام ومعه عليّ بن أبي طالب، فسلّمت عليهما وسلّما عليّ وقالا لي إن في هذا الموضع صبيّ من أولاد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب. وخَطَّا لي المكان. وأشار إلى ذلك الموضع، فحفروه فرأوا الصبيّ. فَمَنْ وَصَلَ إلى قطعة من أكفانه فكأنه قد مَلَكَ المُلْك! وخرج أرباب الدولة وأهل بغداد، وانقلب البلد، وطُرح في الموضع ماء الورد والبخور، وأُخِذ الترابُ للتبرّك، وازدحم الناس على القبر حتى لم يصل أحد من كثرة الزحام. وجعل الناس يقبِّلون يد الزاهد وهو يُظهر التمنّع والبكاء والخشوع، والناس تارة يزدحمون عليه، وتارة على الميت. وبقي هذا أياماً، والميت مكشوف يبصره الناس. ثم ظهرت رائحته وجاء جماعة من أذكياء بغداد ففحصوا كفنه فوجدوه خاماً، ووجدوا تحته حصيراً جديداً، فقالوا: هذا لا يمكن أن يكون على هذه الصفة منذ أربعمائة سنة! فما زالوا ينقِّبون عن ذلك حتى جاء السوادي فأبصره، وقال: هذا والله ولدي، وكنتُ دفنتُه عند قبر السبتي! فمضى معه قوم إلى المكان، فرأوا القبر قد نُبش وليس فيه ميت. فلما سمع الزاهد ذلك هرب. فطلبوه وأخذوه وقرّروه فأقرّ بأنه فعل ذلك حيلة، فأُخِذ وأُرْكِبَ حماراً وشُهِّر. من كتاب "المنتظم" لابن الجوزي. |
نبيـذ جيـد
حدّث أحد القُصّاص فقال: "إذا مات العبدُ وهو سكران، دُفن وهو سكران، وحُشِرَ يوم القيامة وهو سكران". فقال رجل في طرف الحلقة: هذا والله نبيذٌ جيّد، يساوي الكوز منه عشرين درهمًا! من كتاب "أخبار الأذكياء" لابن الجوزي. |
نُجـهِّزُ بناتـك
كان محمد بن سحنون، وهو من أكابر علماء أفريقية وفضلائهم، جالساً ذات يوم للتدريس في المسجد، إذ أتاه إنسان يتخطّى رقاب الناس حتى وصل إليه فجلس، وظل يعارض كلام ابن سحنون ويسخر منه ويحاول تفنيد حججه، وابن سحنون صابر يتأدّب في جوابه ومحاورته. فبقي على ذلك أياماً كثيرة، وكان إذا رآه ابن سحنون مقبلاً، قال لجماعته: أفسحوا له! فيأتي الرجل ويجلس ويشرع في تسفيه أقوال ابن سحنون. ثم انقطع بعد ذلك مدة، فسأل ابن سحنون عنه من حضره فقالوا: لا نعرف خبره. فقال: اطلبوه! فإذا وجدتموه فآتوني به. فوجدوه فآتوا به إليه. فأخذه وخلا به، وقال له: ما منعك من الحضور إلى مجلسنا؟ فقال له: يا سيدي، لي بنات قد كبرن، واحتجن إلى التزويج، وأنا فقير. فقال لي بعض العلماء من أعدائك الحاسدين لك: إذا استطعت أن تُشَوِّش على ابن سحنون مجالسه وتُنغِّصَ عليه فيها حتى يدع التدريس في المسجد، فنحن نُزيل فقرك ونُجهّز بناتك. فبقيت تلك المدة أجيء إليك فأقذفك وأشتمك وأفعل ما قد رأيت لعلك تغضب فتترك التدريس ويحصل لي ما اتفقوا عليه، فلما أيست من غضبك تركتُ ذلك إذ لا فائدة فيه. فقال ابن سحنون: لو كنت أخبرتني بحاجتك في أول يوم لقضيتُها لك. وجهّز ابن سحنون بناته. من كتاب "بدائع السِّلْك في طبائع المُلْك" لابن الأزرق. |
نحوهـم عن أعمالهـم
بلغ عبد الملك، أن عاملاً من عماله، قبل هدية، فأمر بإشخاصه إليه، فلما دخل عليه، قال له: أقبلت هدية منذ وليتك؟ قال: يا أمير المؤمنين بلادك عامرة، وخراجك موفور ورعيتك على أفضل حال، قال عبد الملك، أجب فيما سألتك عنه، أقبلت هدية منذ وليتك؟ قال: نعم، فقال له: لئن كنت قبلت ولم تعوض، إنك للئيم، ولئن أنلـْت مهديك أو استكفيته ما لم يكن يـُستكفاه، إنك لجائر خائن، ولئن كان مذهبك أن تعوّض المهدي إليك من مالك، وقبلت ما اتهمك به عند من استكفاك، وبسط لسان عائبك، وأطمع فيك أهل عملك، إنك لجاهل، ولا يصلح من أتى أمراً لم يخلُ فيه من دناءة أو خيانة أو جهل مصطنع، ثم نحاه عن عمله. |
نَعْـلُ الفـرّاء
كان الفراء أبرع الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب. وكان المأمون قد وكل الفراء يُلقِّن ابنيه النحو. فلما كان يومًا أراد الفراء أن ينهض إلى بعض حوائجه، فابتدرا إلى نعل الفراء يقدّمانه له، فتنازعا أيهما يقدمه، ثم اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما فردًا، فقدّماها. وكان المأمون له على كل شيء صاحب خبر، فرفع ذلك الخبر إليه. فوجه إلى الفراء فاستدعاه. فلما دخل عليه قال: مَن أَعزُّ الناس؟ قال: ما أعرفُ أعزَّ من أمير المؤمنين. قال: بلى، مَن إذا نهض تَقاتلَ على تقديم نعليه وَلِيَّا عهد المسلمين حتى رضي كل واحد أن يقدم له فردًا. قال: يا أمير المؤمنين، لقد أردتُ منعَهما عن ذلك، ولكن خشيت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها. من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان. |
نَعْـلُ رسولِ الله
قعد الخليفة المهدي قعوداً عاماً للناس، فدخل رجل وفي يده نعل في منديل فقال: يا أمير المؤمنين، هذه نعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد أهديتها لك. فقال: هاتِها! فدفعها إليه، فقبّل المهدي باطنَها ووضعها على عينيه، وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم، فلما أخذها وانصرف قال المهدي لجلسائه: أترون أني لم أعلم أن رسول اللّه لم ير النعل هذه، فضلاً عن أن يكون لبسها ؟ غير أننا لو كذّبناه قال للناس: أتيتُ أميرَ المؤمنين بنعل رسول اللّه فردّها عليّ، وكان من يصدّقه أكثَرَ ممن يدفع خبرَه، إذ كان من شأن العامة الميل إلى أشكالها، والنصرة للضعيف على القوي وإن كان الضعيف ظالماً فاشترينا لسانَهُ وقبلنا هديته، وصدَّقنا قوله، ورأينا الذي فعلناه أنجح وأرجح. من كتاب "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي. |
نكـاح المتــعة
حدّث محمد بن منصور قال: كنا مع المأمون في طريق الشام، فأمر فنادى بتحليل المتعة. فقال يحيى بن أكثم القاضي لي ولأبي العيناء: بكـِّرا غدا إليه، فإن رأيتما للقول وجهـًا فقـُولا، وإلا فاسكتا إلى أن أدخل. فدخلنا على المأمون وهو يـَسـْتاك ويقول وهو مغتاظ: يقول عمر بن الخطاب: "متعتان كانتا على عهد رسول الله وعلى عهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما". ومن أنت يا أحول حتى تنهى عما فعله رسول الله وأبو بكر؟! فأومأ أبو العيناء إليّ وقال: رجل يقول في عمر بن الخطاب ما يقول، نكلـّمه نحن؟! فأمسكنا حتى جاء يحيى بن أكثم فجلس وجلسنا. فقال المأمون ليحيى: ما لي أراك متغيرًا؟ فقال: هو غمّ يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام. قال المأمون: وما حدث فيه؟ قال: النداء بتحليل الزنا. قال: الزنا؟ قال: نعم. المتعة زنا. قال: ومن أين قلت هذا؟ قال يحيى: من كتاب الله عز وجلّ، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير مـَلـَومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون". يا أمير المؤمنين، زوجة المتعة ملك يمين؟ قال: لا. قال: فهي الزوجة التي عند الله ترث وتورث وتلحق الولد ولها شرائطها؟ قال: لا. قال: فقد صار متجاوز هذين من العادين. وهذا الزهري يا أمير المؤمنين روى عن عبد الله والحسن ابن محمد بن الحنفية عن أبيهما عن علي بن أبي طالب قال: أمرني رسول الله أن أنادي بالنهي عن المتعة وتحريمها بعد أن كان أمر بها. فالتفت إلينا المأمون وقال: أمحفوظ هذا من حديث الزهري؟ قلنا: نعم يا أمير المؤمنين، رواه جماعة منهم مالك رضي الله عنه. قال المأمون: أستغفر الله. نادوا بتحريم المتعة. فنادوا به. من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان. |
نوادر ابن الجَصّاص
كان ابن الجَصّاص الجَوْهَري من أعيان التجار ذوي الثروة الواسعة واليَسار. وكان يُنْسَبُ إلى الحُمْق والبَلَه. مما يُحكى عنه، أنه قال في دعائه يومًا: اللهم اغفر لي من ذنوبي ما تعلم وما لا تعلم! ودخل يومًا على ابن الفرات الوزير، فقال: يا سيدي، عندنا في الحُوَيْرَة كلاب لا يتركوننا ننام من الصياح والقتال. فقال الوزير: أحسبهم جراء. فقال: لا تظن أيها الوزير، لا تظن ذلك، كلّ كلب مثلي ومثلُك! وتردّد إلى بعض النَّحْويين ليُصْلِحَ لسانَه. فقال له بعد مدة: الفرس بالسين أو بالصين؟! وقال يومًا: اللهم امْسَخْني واجعلني جُوَيرية وزوِّجني بعمر بن الخطاب. فقالت له زوجته: سَلِ اللّه أن يزوجك من النبي إن كان لا بد لك من أن تبقي جويرية. فقال: ما أحبّ أن أصير ضَرَّة لعائشة رضي اللّه عنها! وأتاه يومًا غلامه بفَرْخ وقال: انظر هذا الفـَرْخ، ما أشبهه بأمه! فقال: أمّه ذكر أو أنثى؟! ورؤي وهو يبكي وينتحب، فقيل له: ما لك؟ فقال: أكلتُ اليوم مع الجواري المَخِيضَ بالبصل فآذاني، فلما قرأت في المصحف (ويسألونك عن المخيض: قل هو أذىً، فاعتزِلوا النساء في المخيض)، فقلت: ما أعظم قدرَةَ اللّه، قد بيّن اللّه كلَّ شيء حتى أكـْل اللبن مع الجواري! وكان يكسِرُ يومًا لَوْزًا، فَطَفِرَت لَوْزةٌ وأَبْعَدَتْ. فقال: لا إله إلا اللّه! كل الحيوان يهرب من الموت حتى اللَّوْز! ونظر يومًا في المرآة، فقال لرجل آخر: انظر ذقني هل كَبُرَت أو صَغُرَت. فقال: إن المرآة بيدك. فقال: صدقت، ولكن الحاضر يرى ما لا يرى الغائب! وأراد مرّة أن يَدْنُوَ من بعض جواريه، فامتنعت عليه وتَشاحَّت، فقال: أُعطِي اللّه عهدًا لا قَرَبْتـُكِ إلى سنة، لا أنا ولا أحدٌ من جهتي! وماتت أم أبي إسحاق الزَّجَّاج، فاجتمع الناس عنده للعزاء. فأقبل ابن الجصّاص وهو يضحك ويقول: يا أبا إسحاق، واللّه سرَّني هذا! فدُهِش الزَّجّاج والناس، فقال بعضُهم: يا هذا، كيف سَرَّك ما غَمَّنا وغَمَّنا له؟ قال: ويحك، بلغني أنه هو الذي مات، فلما صَحَّ عندي أنها أُمُّه، سَرَّني ذلك! فضحك الناس. من كتاب "الوافي بالوفيات" للصفدي. |
هدايـا الأمـراء غـُلول
استعمل النبي صلى الله عليه وسلم، رجلاً من الأزد، يقال له ابن اللتية، على جمع الصدقات، فجمعها وأتى بها إلى الرسول، وقد جعلها كومتين، فقال الرسول: ما هذا؟ وما هذا؟ فقال ابن اللتية: هذا لكم، وهذا أُهـْديَ إليّ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "ما بال الرجل نستعمله على عمل مما ولانا الله، فيقول هذا لكم وهذا أُهـْديَ إليّ، فهلا جلس في بيت أبيه أو أمه فنظر، أيهدى إليه شيء أم لا؟ والذي نفسي بيده، لا يأخذ منه شيئاً، إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تبعر". ثم رفع يديه حتى رأينا بياض إبطه وقال: "اللهم بلغت اللهم فاشهد". |
هذا زياد بن أبي سفيان!
كانت سُميّة أم زياد بن أبيه بغيّا، وكان أبو سفيان بن حرب يقول: أنا واللّه وضعتُه في رحم أمّه سميّة وما له أبٌ غيري. فلما وُلـِّيَ معاوية الخلافة صعد المنبر وأمر زيادًا فصعد معه، ثم قال: أيها الناس، إني قد عرفتُ شَبَهَنَا أهلَ البيت في زياد، فمن كانت عنده شهادة فَلْيُقِمْها. فقام الناس فشهدوا أنه ابن أبي سفيان، وجمع له معاوية الكوفة والبصرة. وكان رجل من بني مخزوم أعمى يُكنى أبا العُريان، فمرَّ به زياد في موكبه، فقال الأعمى: مَن هذا؟ قالوا: زياد بن أبي سفيان. قال: ما ولد أبو سفيان إلا فلانًا وفلانًا، فمَن هذا، فواللّه لرُبَّ أمرٍ قد نقضه اللّه، وبيتٍ قد هدمه اللّه، وعبدٍ قد ردَّه اللّه إلى مواليه. فبلغ معاوية قوله، فأرسل إلى زياد: ثكِلَتْك أمّك، اقطَعْ لسانَ أعمى بني مخزوم! فبعث إليه زياد بألف دينار، وقال لرسوله: أقرئْه السلام، وقل له: يقول لك ابن أخيك أَنْفِقْ هذه حتى يأتيك مثلُها. ومرّ به زياد من الغد، فسلّم، فقال قائل: مَن هذا؟ فقال الأعمى المخزومي: هذا زياد بن أبي سفيان! وجعل يبكي ويقول: واللّه إني لأعرف منه حَزْم أبي سفيان ونُبْله! من كتاب "محاضرات الأدباء" للراغب الأصفهاني |
هكـذا تفعـل الأمانــة
قال أبو المظفر الوزير، عون الدين بن يحيى بن هبيرة: كان سبب ولايتي الوزارة، أنني ضاق ما بيدي، حتى فقدت القوت أياماً، فأشار عليّ بعض أهلي، أن أمضي إلى قبر معروف الكرخي رضي الله عنه، فأسأل الله تعالى عنده، فإن الدعاء عنده مستجاب، قال: فأتيت قبر معروف فصليت عنده، ودعوت ثم خرجت لأقصد بغداد، فمررت بعطفاء (محلة من محال بغداد) قال: فرأيت مسجداً مهجوراً، فدخلت لأصلي فيه ركعتين، وإذا أنا بمريض مقعد على بارية، فقعدت عند رأسه فقلت: ما تشتهي؟ قال: سفرجلة. قال: فخرجت إلى بقال هناك، فرهنت عنده مئزري على سفرجلتين وتفاحة، وأتيته بذلك، فأكل من السفرجلة ثم قال: أغلق باب المسجد فأغلقته فتنحى عن البارية وقال: احفر هاههنا، فحفرت وإذا بكوز، فقال: خذ هذا فأنت أحق به. فقلت: أما لك وارث؟ قال: لا، وإنما كان لي أخ وعهدي به بعيد، وبلغني أنه مات، ونحن من الرصافة. قال: فبينما هو يحدثني إذ قضى نحبه، فغسلته وكفنته ودفنته، ثم أخذت الكوز وفيه مقدار خمسمائة دينار، وأتيت إلى دجلة لأعبرها، وإذا ملاح في سفينه عتيقة، وعليه ثياب رثة، فقال: معي معي، فنزلت معه، وإذا به من أكثر الناس شبهاً بذلك الرجل، فقلت: من أين أنت؟ فقال: من الرصافة، ولي بنات، وأنا صعلوك، فقلت: فما لك أحد، قال: لا، كان لي أخ ولـّى منذ زمان ما أدري ما فعل الله به، فقلت: أبسط حجرك، فبسطه فصببت المال فيه فبهت، فحدثته الحديث فسألني أن آخذ نصفه فقلت لا والله ولا حبة، ثم صعدت إلى دار الخلافة وكتبت رقعة، فخرج عليها أشراف المخزن، ثم تدرجت إلى الوزارة. |
هل يؤكل المالُ بعينـه؟
لما تمهّدت بلاد اليمن لتوران شاه بن أيوب (وهو أخو السلطان صلاح الدين)، واستقامت له أمورُها، كرِهَ المقام بها لأنها بلاد مجدبة. فكتب إلى صلاح الدين يستقيل منها، ويسأله الإذن له في العـَوْد إلى الشام، ويشكو حالَه. فأرسل إليه أخوه رسولاً مضمونُ رسالتِهِ ترغيبُه في الإقامة، وأن اليمن كثيرة الأموال ومملكة كبيرة. فلما سمع توران شاه الرسالة، قال لمتولـّي خزانته: احضر لنا ألف دينار. فأحضرها في كيس. فقال لأستاذ داره، والرسول حاضر عنده: أرسـِل هذا الكيس إلى السوق يشترون لنا بما فيه قطعة ثلج. فقال أستاذ الدار: يا مولانا، هذه بلاد اليمن، من أين يكون فيها ثلج؟! فقال: دعهم يشترون بها طبق مشمش لوزي. فقال: من أين يوجد هذا النوع ههنا؟ فجعل يعدّد عليه جميع أنواع فواكه دمشق، وأستاذ الدار يـُظْهـِر التعجب من كلامه، وكلما قال له عن نوع، يقول له: ومن أين يوجد هذا ههنا؟! فلما استوفى الكلام إلى آخره، قال توران شاه للرسول: ليت شعري ماذا أصنع بهذه الأموال إذا لم أنتفع بها؟ هل يؤكل المالُ بعينه؟ أم فائدته أن يتوصل به الإنسان إلى بلوغ أغراضه؟ فعاد الرسول إلى صلاح الدين، وأخبره بما جرى، فأذِن له في المجيء. من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان. |
هلاّ وَسـِعـَك مـا وَسـِعـَهم؟
كان القاضي أحمد بن أبي دواد من رءوس المعتزلة، وكان معظـَّمـاً عند المأمون، يقبل شفاعتـَه ويـُصغي إلى كلامه. وهو الذي دسَّ للمأمون القول بخلـْق القرآن، وحسـّنه عنده، وصيـّره يعتقده حقـّا مبينـاً، إلى أن أجمع رأيه على الدعاء له، وامتحان العلماء فيه. ثم سار المعتصم فالواثق سيرة المأمون في هذه الفتنة. ويـُروى أن الخليفة الواثق أُتـِيَ إليه بشيخ مقيـّد يقول بقدم القرآن ليمتحنه. فلما أُدخل قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فقال الواثق: لا سلـَّم الله عليك. قال الشيخ: يا أمير المؤمنين، بئس ما أدّبك به مؤدبك. قال الله تعالي: (وإذا حـُيـِّيتم بتحيـَّة فحيُّوا بأحسنَ منها أو رُدُّوها). والله ما حيـَّيتني بها ولا بأحسن منها. فقال ابن أبي دواد: يا أمير المؤمنين، هذا رجل متكلم. قال الواثق: كـَلـِّمـْه. فقال: يا شيخ، ما تقول في القرآن: مخلوق هو أو غير مخلوق؟ قال الشيخ: أنا أسألك قبل: فقال له: سـَلْ. قال الشيخ: ما تقول في القرآن؟ فقال: مخلوق. قال الشيخ: هذا شيء عـَلـِمـَه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعليّ، أم شيء لم يعلموه؟ قال ابن أبي دواد: شيء لم يعلموه. فقال: سبحان الله! شيء لم يعلمه النبي ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا عليّ، عـَلـِمـْتـَه أنت؟! فخجل ابن أبي دواد، وقال: أَقـِلـْني. قال: والمسألة بحالها؟ قال: نعم. قال: ما تقول في القرآن. قال: مخلوق. قال: هذا شيء عـَلـِمه النبي والخلفاء الراشدون أم لم يعلموه؟ قال: علـِمـُوه. قال: هل دعوا الناس إليه كما دعوتهم أنت أو سكتوا؟ قال: بل سكتوا. قال الشيخ: فهلاّ وَسـِعـَكَ ما وَسـِعـَهم من السكوت؟! فقام الواثق ودخل مجلس الخـَلوة واستلقى على قفاه، ووضع إحدى رجليه على الأخرى وهو يقول: هذا شيء لم يعلمه النبي ولا الخلفاء الراشدون، علمته أنت؟ سبحان الله، هذا شيء علمه النبي والخلفاء الراشدون ولم يدعوا الناس إليه، أفلا وسعك ما وسعهم؟! ثم دعا الحاجب، وأمره أن يرفع عن الشيخ قيوده، ويـُعطيـَه أربعمائة دينار. وسقط من عينه ابن أبي دواد، ولم يمتحن بعد ذلك أحداً. من كتاب "تاريخ بغداد" للخطـيب البغدادي |
وافَـقَ شَـنٌّ طَبَقَـة
كان رجلٌ من دهاة العرب وعقلائهم يقال له شَنٌّ. فقال: لأطوفَنَّ حتى أجد امرأةً مثلي فأتزوجها. فبينما هو في بعض مسيره إذأوفقه رجلٌّ في الطريق. فسأله شن: أين تريد؟ فقال موضع كذا، (يريد القرية التي يقصد لها شن ). فرافقه فلما أخذا في مسيرهما، قال له شن: أتحملني أم أحملك؟ فقال له الرجل: يا جاهل، أنا راكب وأنت راكب فكيف أحملك أو تحملني؟! فسكت عنه شن. وسارا، حتى إذا قربا من القرية، إذا هما بزرع قد استحصد فقال له شن: أترى هذا الزرع أُكل أم لا؟ فقال له الرجل: يا جاهل، ترى نبتًا مستحصدًا، فتقول أتراه أُكل أم لا؟! فسكت عنه شن. وسارا، حتى إذا دخلا القرية لقيتهما جنازة فقال شن: أترى صاحب هذا النّعْش حيًا أم ميتًا؟ فقال له الرجل: ما رأيتُ أجهل منك! ترى جنازة فتسأل عنها أمّيت صاحبها أم حيّ فمضى معه. وكانت للرجل ابنة يقال لها طَبَقَةُ. فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضيفه فأخبرها بمرافقته إياه، وشكا إليها جهله وحدثها بحديثه. فقالت: يا أبتِ، ما هذا بجاهل. أمّا قوله: أتحملني أم أحملك فأراد: أتحدثني أم أحدِّثك حتى نقطع طريقنا. وأما قوله: أترى هذا الزرع أُكل أم لا، فإنما أراد أباعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا. وأما قوله: أترى صاحب هذا النّعْش حيا أم ميتا، فأراد هل ترك عَقِبًا يحيا بهم ذِكْرُه أم لا. فخرج الرجل فقعد مع شنّ، فحادثه ساعة، ثم قال له: أتحبّ أن أفسر لك ما سألتني عنه؟ قال: نعم. ففسره. فقال شنّ: ما هذا من كلامك، فأخبِرْني مَنْ صاحبه. فقال: ابنة لي. فخطبها إليه، فزوّجه إيّاها وحملها إلى أهله. فلما رأوهما قالوا: وافق شَنٌّ طبقة! فذهبت مثلاً. من كتاب "الفاخر" للمفضل بن سلمة. |
والـدة شهيــد
قال أبو بكر الصديق: كنت يوماً أطوف بالمدينة، وأنا خليفة رسول الله، فرأيت في درب من دروبها الضيقة كوخاً، ما رأيت أحداً يدخل فيه، ولا يخرج منه، أياماً طوالاً، فأردت أن أعرف أصحابه، فطرقت يوماً بابه، واستأذنت، فسمعت من داخله صوتاً ضعيفاً، يأذن لي بالدخول فدخلت، فما وجدت به من الأحياء غير امرأة عجوز، بلغت أرذل العمر، ودُرت بعيني في جوانبه، فما وجدت فيه ما يؤكل، أو يـُشرب، فتقطع قلبي من الحزن، وسالت دموعي، ورأيت العجوز لا تتحرك من مكانها، فسألتها عن مرضها، فقالت: إنني يا بني مقعدة، لا أستطيع نهوضاً من مكاني، فزادت حسرتي عليها، ثم سألتها وأين أهلك؟ قالت: لا أعرف في الدنيا غير الله، الله وحده، وهو الباقي لي، كان لي ولد وحيد، مات وهو يجاهد في سبيل الله، ومن يوم أن ذهب، ما انفتح بابي لإنسان، ولا دخل عليّ طعام ولا شراب، حتى رأيتك اليوم بعد أشهر من وفاة ولدي، قلت: وكيف بقيت بلا طعام ولا شراب؟ قالت: ترك ولدي بقية من التمر، وجرَّة من الماء، فصرت آكل في اليوم تمرتين أو ثلاثاً، وأشرب قطرتين أو ثلاثاً من الماء، واعتقدت أن حياتي لن تطول إلى أن ينفد التمر والماء جميعاً. فلما سمعت قصتها بكيت كثيراً، وصليت كثيراً، واستغفرت ربي طويلاً، وجعلت نفسي أن أعودها كل يوم مرات، أحمل طعامها على يدي، وشرابها على كتفي، وصرت أخدمها خدمة الخادم المخلص لسيدته حتى قـُضي أجلها. |
وَجـَبَ الحـدُّ عليــه
كان عندنا في بلدنا بإشبيلية رجلٌ يبيع الخبز اسمه جمعة. وكان أطراف الناس يتحاكمون إليه. جاء إليه رجلان يومـاً، فقال أحدهما: يا جمعة، إن هذا الرجل زنى بامرأتي. فقال: ومن أين علمتَ ذلك؟ قال: يزعم أنه رأى امرأتي في منامه فنكحها. قال جمعة للخصم: كذلك كان؟ فقال الخصم: نعم. فقال جمعة: وجب الحدّ عليه. اذهبوا به إلى الشمس، فإذا امتدّ ظلـُّه في الأرض فاجلدوا ظلـَّه مائة جلدة! من كتاب "محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار" لابن عربـي |
ودائـع بنـي أميـة
رُفع إلى الخليفة المنصور أن رجلاً عنده ودائع وأموال لبني أميَّة. فأمر بإحضاره، فلما أُدخل إليه قال له المنصور: قد رُفع إلينا خبرُ الودائع والأموال التي عندك لبني أميّة. فأخرجها إلينا. فقال: يا أمير المؤمنين، أَوارث أنت لبني أميّة؟ قال: لا. قال: أَفَأَوْصوا لك بأموالهم؟ قال: لا. قال: فما سؤالك عما في يدي من ذلك؟ فأطرق المنصور ساعة، ثم رفع رأسه وقال: إن بني أميـَّة ظلموا المسلمين فيها، وأنا وكيل المسلمين في حقـِّهم، وأريد أن آخذ ما ظلموا فيه المسلمين فأجعله في بيت مالهم. فقال: تحتاج يا أمير المؤمنين إلى إقامة البيِّنة العادلة على أن ما في يدي لبني أمية. مما خانوا وظلموا فيه دون غيره، فقد كان لبني أمية أموال غير أموال المسلمين. فقال المنصور: صدقت. ما يجب عليك شيء. ثم قال له: هل لك من حاجة؟ قال: تجمع بيني وبين مـَن سعى بي إليك. فواللّه ما لبني أمية في يدي مال ولا وديعة، ولكني لما مثلت بين يديك، وسألتني عما سألتني عنه، علمتُ أنه ما يُنجيني منك إلا هذا القول. فلما جمع المنصور بينه وبين من سعى به، عَرَفـَه، وقال: هذا غلامي، سرق ثلاثة آلاف دينار من مالي وهرب مني، وخاف من طلبي له فسعى بي عند أمير المؤمنين. فشدَّ المنصور على الغلام وخوّفه حتى أقرَّ بكل ما ذكره الرجل. فقال المنصور للشيخ: نسألك أن تصفح عنه. قال: قد صفحت عنه، وأعتقته، ووهبت له الثلاثة آلاف التي أخذها، وثلاثة آلاف أخرى ثم انصرف. فكان المنصور يتعجب منه كلما ذكره ويقول: ما رأيتُ مثلَ هذا الشيخ قط. من كتاب "المستجاد من فعلات الأجواد" للتنوخي. |
وشايـة حاســد
حقد شيخ أشيب على أحد المقربين من فخر الملك - فوشى به عنده في مقال رفعه، فوقـَّع فخر الملك على المقال بما يأتي: السعاية قبيحة وإن كانت صحيحة، فإن كنت أجريتها مجرى النصح. فخسرانك فيها أكثر من الربح، ومعاذ الله أن نقبل من مهتوك في مستور، ولولا أنك في خفارة شيبك لقابلتك بما يشبه مقالك، ويردع أمثالك، فاكتم هذا العيب واتق من يعلم الغيب، والسلام على من لا سلام عليه. |
وشايـة حاقــد
كان محمد المنصور بن أبي عامر المعافري، من ملوك العرب بالأندلس، وكان خطيباً بليغاً، تـُوُفـِّيَ سنة ثلاثمائة وأربعة وتسعين هجرية. قال يوماً لأبي عمر يوسف الرمادي، الشاعر المشهور، كيف ترى حالك معي؟ فقال الرمادي، فوق قدري ودون قدرك، فأطرق الملك كالغضبان، فانسلَّ الرمادي، وقد ندم على ما بدر منه، وكان في المجلس من يحسده على مكانته من الخليفة، فوجد فرصة قال: وصل الله لمولانا الظفر والسعد، إن هذا الصـِّنف، صنفُ زور وهذيان، لا يشكرون نعمة، ولا يرعون إلاًّ ولا ذمة، كلاب من غلب، وأصحاب من أخـْصب، وأعداء من أجـْدب، وحسبك منهم أن الله جل جلاله يقول فيهم "والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون" والابتعاد منهم أولى من الاقتراب، وقد قيل فيهم، ما ظنك بقوم، الصدق يستحسن إلا منهم. فرفع الملك رأسه وكان محاميَ أهل الأدب والشعر، وقد أسودَّ وجهه وظهر فيه الغضب المفرط ثم قال في المجلس: ما بال أقوام يشيرون في شيء لم يـُستشاروا فيه، ويسيئون الأدب بالحكم فيما لا يدرون، أيـُرضي أم يـُسخط؛ وأنت أيها المنبعث للشر دون أن يـُبعث، قد علمنا غرضك في أهل الأدب والشعر عامة، وحسدك لهم، لأن الناس كما قال القائل: من رأى النـاس له فضـلاً عليهـم حســدوه وعرفنا غرضك في هذا الرجل خاصة، ولسنا إن شاء الله نبلغ أحداً غرضه في أحد، ولو بلغنا في جانبكم، وإنك ضربت في حديد بارد، وأخطأت وجه الصواب، فزدت بذلك احتقاراً وصغاراً، وإني ما أطرقت من كلام الرمادي إنكاراً عليه بل رأيت كلاماً يجل عن الأقدار الجليلة، وتعجـَّبت من تهدِّيه بسرعة، واستنباطه على قلة من الإحسان الغامر، ما لا يستنبطه غيره بالكثير، والله لو حكمته في بيت المال، لرأيت أنها لا ترجح ما تكلم به ذرة، وإياكم أن يعود أحد منكم إلى الكلام في شخص، قبل أن يؤخذ رأيه فيه، ولا تحكموا علينا في أوليائنا ولو أبصرتم منا التغير عليهم، فإنا لا نتغير عليهم، بغضاً لهم وانحرافاً عنهم، بل تأديباً وإنكاراً، فإنا من نريد إبعاده لم نـُظهر له التغير، بل ننبذه مرة واحدة، فإن التغير يكون لمن يـُراد استبقاؤه، ولو كنت مائل السمع لكل واحد منكم في صاحبه، لتفرقتم أيدي سبا، وجونبت مجانبة الأجرب، وإني قد أطلعتكم على ما في ضميري، فلا تعدلوا عن مرضاتي، فتجنبوا سخطي بما جنيتموه على أنفسكم، ثم ردَّ الرماديَّ ووصله في حديث طويل. |
وصيـة حكيم لابنــه
قال حكيم لابنه: يا بني إني موصيك بوصية، فإن لم تحفظ وصيتي عني لم تحفظها عن غيري: اتق الله ما استطعت، وإن قدرت أن تكون اليوم خيراً منك أمس وغداً خيراً منك اليوم فافعل، وإياك والطمع فإنه فقر حاضر، وإياك وما يعتذر منه، فإنك لن تعتذر من خير أبداً، وإذا قمت إلى صلاتك فصلّ صلاة مودع، وأنت ترى ألا تصلي بعدها. |
وصية عبد الله بن الحسين
قال عبد الله بن الحسين لابنه محمد: يا بُني، احذر الجاهل وإن كان لك ناصحاً كما تحذر العاقل إذا كان لك عدواً، ويوشك الجاهل أن تُورِّطك مَشُورتُه في بعض اغترارك فيسبق إليك مكر العاقل. وإياك ومعاداة الرجال، فإنك لا تَعْدمَنَّ منها مكرَ حَليم عاقل، أو معاندة جاهل. |
الساعة الآن 02:08 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |