منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   حـكايـات عـربـيـة (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=17740)

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 05:25 AM

شكايـة صريحــة
قدم أمير المؤمنين المنصور مكة حاجاً، فكان يخرج للطواف ليلاً، وبينما هو يطوف إذ سمع رجلاً يقول، اللهم إني أشكو إليك ظهور البغي والفساد في الأرض، وما يحول بين الحق وأهله من الظلم والطمع، فاستدعاه المنصور وسأله: ما هذا الذي تقوله؟ لقد حشوت مسامعي ما أمرضني وأقلقني، فأجابه الرجل: إنما عنيتك بقولي، وقصدتك لا سواك، قال المنصور:‏ ‏ وكيف يدخلني الطمع، والصفراء والبيضاء في يدي، والحـُلو والحامض في قبضتي، قال الرجل: وهل دخل أحد من الطمع ما دخلك يا أمير المؤمنين؟ إن الله تعالى استرعاك أمور المسلمين وأموالهم، فأغفلت أمورهم، واهتممت بجمع أموالهم، وجعلت بينك وبينهم حجاباً، واتخذت لك أعواناً ووزراء ظلمة آثمين، إن نسيت لم يذكروك، وإن ذكرت لم يعينوك، وقويتهم على ظلم رعيتك، وابتزاز أموالهم، فلما رأتك حاشيتك هذه قد استخلصت أفرادها لنفسك، وآثرتهم على أمتك، قالوا هذا خان الله، فلماذا لا نخونه؟ فأتمروا على ألا يصل إليك شيء من أخبار الناس، إلا ما أرادوا، ولا يخرج لك عامل فيخالف لهم أمراً إلا أقصوه، حتى امتلأت بلاد الله بالطمع بغياً وفساداً، وأنت تنظر ولا تنكر، وترى ولا تغير، فماذا تقول إذا انتزع الملك الحق المبين الدنيا من يدك، ودعاك إلى الحساب؟ هل يغني عنك عنده شيء مما كنت فيه؟‏ ‏ فبكى المنصور حتى نـَحـِب، ثم زهد وتنسك، واستبدل بحاشيته الأئمة الأعلام المرشدين، فصلحت بهم الرعية واستقامت أمورهم.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 05:26 AM

شهادة ابن أبي ذئب
‏ ‏ عاقب والي المدينة أحد القرشيين وحبسه حبسًا ضيقًا. فكتب بعض أقرباء القرشيّ إلى الخليفة أبي جعفر المنصور فشكى إليه وأخبره فأرسل أبو جعفر المنصور رسولا إلى المدينة وقال له: ‏ ‏ اذهب فاختر قومًا من العلماء، فأَدْخلهم على القرشيّ في محبسه حتى يروا حاله وتكتبوا إليّ بها. ‏ ‏ فاختار الرسول مالك بن أنس، وابن أبي ذئب، وابن أبي سبرة، وغيرهم من العلماء وأدخلهم عليه في حبسه وقال لهم: ‏ ‏ اكتبوا بما ترون إلى أمير المؤمنين. ‏ ‏ وكان والي المدينة قد بلغه الخبر، فحلّ عن القرشيّ وثاقه وألبسه ثيابا وكنس المحبس الذي كان فيه ورشّه ثم أدخل العلماء عليه. ‏ ‏ فأخذ العلماء يكتبون: يشهد فلان و فلان … ‏ ‏ فقال ابن أبي ذئب: ‏ ‏ لا تكتبوا شهادتي. أنا أكتب شهادتي بيدي. إذا فرغتم فارموا إليّ بالقرطاس فكتبوا: رأينا محبسًا لينًا وهيأة حسنة … وما يشبه هذا الكلام. ‏ ‏ ثم دفعوا القرطاس إلى ابن أبي ذئب، فكتب: ‏ ‏ رأيتُ محبسًا ضيقًا وأمرًا شديدًا … وجعل يذكر شدّة الحبس. ‏ ‏ وبُعِث بالكتاب إلى أبي جعفر. ‏ ‏ ثم قدم أبو جعفر حاجّاً فمرّ بالمدينة، فدعاهم ودعا الوالي. فجعل ابن أبي ذئب يذكر شدة حبس القرشي، وجعل الخليفة ينظر إلى الوالي غضبان وقد تغير لونه، ثم سأل الخليفة ابن أبي ذئب: ‏ ‏ فما تقول في الوالي؟ ‏ ‏ فقال: يا أمير المؤمنين، ولي علينا ففعل بنا وفعل … وجعل يذكر شدة الوالي وما يلقون منه. ‏ ‏ فامتلأ الوالي غيظًا وقال لأبي جعفر: ‏ ‏ يا أمير المؤمنين، سله عن رأيه فيك! ‏ ‏ فقال أبو جعفر لابن أبي ذئب: ‏ ‏ فإني أسألك عن نفسي. ‏ ‏ قال ابن أبي ذئب: لا تسألني! ‏ ‏ فقال: أنشدك بالله، كيف تراني؟ ‏ ‏ قال: لا أعلمك إلا ظالمًا جائرًا!‏ ‏ فقام إليه أبو جعفر وفي يده عمود، وجمع له بعض الحاضرين إليه ثوبه مخافة أن يصيبه من دم ابن أبي ذئب. وجعل الخليفة يردّد قوله: ‏ ‏ أتقول هذا لخليفة الله في أرضه؟! ‏ ‏ وابن أبي ذئب يقول: ‏ ‏ نشدتني بالله! إنك نشدتني بالله! ‏ ‏ فما ناله أبو جعفر بسوء. ‏
من كتاب "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي.


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 05:26 AM

شهـادة الحمـير
‏ كان بمكة رجل يجمع بين الرجال والنساء، ويحمل لهم الشراب. فشُكِيَ إلى عامل مكة، فنفاه إلى عرفات، فبنى بها منزلاً، وأرسل إلى إخوانه فقال: ‏ ‏ ما يمنعكم أن تعاودوا ما كنتم فيه؟ ‏ ‏ قالوا: وأين بك وأنت في عرفات؟ ‏ ‏ فقال: حمار بدرهم، وقد صِرتم على الأمن والنـُّزهة. ‏ ‏ ففعلوا، فكانوا يركبون إليه حتى فسدت أحداث مكة. فعادوا بشكايته إلى والي مكة، فأُرسل إليه وأُتيَ به. فقال الرجل: ‏ ‏ يكذبون عليّ، أصلح اللّه الأمير. ‏ ‏ فقالوا: دليلنا على ما نقول أن تأمر بحمير مكة فتُجمع وتُرسَل بها أمناءُ إلى عرفات، ثم يرسلونها، فإن لم تقصد لمنزله من بين المنازل كعادتها إذا ركبها السفهاء فنحن غير مبطلين. ‏ ‏ فقال الوالي: إن في هذا لدليلاً وشاهدًا عدلاً. ‏ ‏ فأمر بحمير من حمير الكِراء فجُمعت ثم أُرسلت، فصارت إلى منزله كما هي من غير دليل. فأعلمه بذلك أمناؤه، فقال: ‏ ‏ ما بعد هذا شيء. جـَرِّدوه! ‏ ‏ فلما نظر الرجل إلى السـّياط قال: ‏ ‏ لا بدّ أصلحك اللّه من ضربي؟ ‏ ‏ قال: نعم. ‏ ‏ قال: واللّه ما في ذلك شيء هو أشدّ عليَّ من أن يشمت بنا أهلُ العراق ويضحكوا منا ويقولوا: أهل مكة يجيزون شهادة الحمير! ‏ ‏ فضحك الوالي وخلّى سبيله. ‏
من كتاب "العقد الفريد" لابن عبد ربه. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 05:26 AM

شيرلـوك هولمـز العـرب
‏ نظر إياس بن معاوية، قاضي البصرة، يومـًا إلى رجل لم يره قط، فقال: ‏ ‏ هذا غريبٌ، من بلدة واسط، معلـّم كتـّاب، هرب له غلام. ‏ ‏ فلما وجدوا الأمر كذلك، سئل عن ذلك، فقال: ‏ ‏ رأيتُه يمشي ويلتفت في الأماكن والطرق، فعلمتُ أنه غريب. ورأيت على ثوبه حـُمرة تراب واسط، فعلمت من أهلها. ورأيته يمرّ بالصبيان فيسلـّم عليهم ولا يسلـّم على الرجال، فعلمت أنه معلم. ‏ ‏ ورأيته إذا مرّ بذي هيئة لم يلتفت إليه، وإذا مرّ بأسود ذي أسـْمال تأمـّله، فعلمت أنه يطلب عبدًا هاربـًا. ‏
من كتاب "شرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون" لابن نباتة.


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 05:26 AM

صبـر وحكمــة
حكى اليافعي عن أبي الحسن السراج قال:‏ ‏ خرجت حاجاً إلى بيت الله الحرام فبينما أنا أطوف، وإذا بامرأة قد أضاء حسن وجهها، فقلت:‏ ‏ والله ما رأيت كاليوم قط نضارة وحسناً مثل هذه المرأة، وما ذلك، إلا لقلة الهم والحزن، فسمعت ذلك القول مني.‏ ‏ فقالت:‏ ‏ كيف قلت هذا يا رجل؟ والله إني لوثيقة بالأحزان، مكلومة الفؤاد بالهموم والأشجان، فقلت لها:‏ ‏ وكيف ذلك؟‏ ‏ قالت:‏ ‏ ذبح زوجي شاة ضحـَّى بها، ولي ولدان صغيران يلعبان وعلى ثديي طفل يرضع، فقمت لأصنع طعاماً فقال ابني الكبير لأخيه الصغير:‏ ‏ ألا أريك كيف صنع أبي بالشاة؟‏ ‏ قال:‏ ‏ بلى، فأضجعه وذبحه وخرج هارباً نحو الجبل، فأكله الذئب، فانطلق أبوه في طلبه فأدركه العطش فمات، فوضعت الطفل وخرجت إلى الباب أنظر ما فعل أبوه، فدب الطفل إلى البرمة وهي على النار، فألقى يده فيها، وصبها على نفسه وهي تغلي، فانتثر لحمه على عظمه، فبلغ ذلك ابنة لي كانت عند زوجها. فرمت بنفسها على الأرض فوافقت أجلها. فأفردني الدهر من بينهم. فقلت لها:‏ ‏ فكيف صبرك على هذه المصائب؟ فقالت:‏ ‏ ما من أحد ميـّز الصبر والجزع إلا وجد بينهما منهاجاً متفاوتاً، فأما الصبر بحسن العلانية، فمحمود العاقبة. وأما الجزع فصاحبه غير مـُعوَّض. فقلت لها:‏ ‏ لقد صبرت فأجملت ونعم عقبى الصابرين.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 05:27 AM

صدقـت الرؤيــا
‏حكى أبو محمد الصالحي قال:‏ ‏ كنا حول سرير المعتضد بالله، ذات يوم نصف النهار، فقام بعد أن أكل، فانتبه منزعجاً وقال:‏ ‏ يا غلمان، فأسرعنا الجواب، فقال:‏ ‏ ويلكم!! أعينوني والحقوا بالشط، فأول ملاح ترونه منحدراً في سفينة فارغة، فأتوني به، ووكلوا بالسفينة من يحفظها، فأسرعنا فوجدنا ملاحاً في سفينة فجئنا به المعتضد، فلما رآه الملاح، كاد يتلف، فصاح عليه صيحة عظيمة، كادت روحه تذهب منها، وقال:‏ ‏ أصدقني يا ملعون عن قضيتك مع المرأة التي قتلتها اليوم، وإلا ضربت عنقك، فتلعثم وقال:‏ ‏ كنت في الشـّرعة الفلانية وقت السحر، فنزلت امرأة لم أر مثلها، عليها ثياب فاخرة، وحلي كثير وجواهر، فطمعت فيها، واحتلت عليها، حتى سددت فمها، وأخذت جميع ما كان عليها، ثم طرحتها في الماء، ولم أجسر على حمل سلبها إلى داري لئلا يفشو الخبر، فعوَّلت على الهرب والانحدار إلى الشط، فصبرت حتى خلا الشط في هذه الساعة من الملاحين، فأخذت في الانحدار، فتعلق بي هؤلاء القوم، فحملوني إليك. فقال:‏ ‏ وأين الحلي والسلب؟ قال:‏ ‏ في صدر السفينة تحت البواري، قال المعتضد:‏ ‏ عليّ به الساعة، فلما أحضروه، أمر بتغريق الملاح ثم أمر أن يـُنادَى في بغداد، من خرجت له امرأة من الشرعة الفلانية سحراً، وعليها ثياب فاخرة وحلي، فليحضر، فحضر في اليوم الثاني أهلها، وأعطوا صفاتها وصفة ما كان عليها، فسلم ذلك إليهم، قال:‏ ‏ فقلت يا مولاي، من أعلمك؟ أؤحي إليك بأمر هذه الصبية، قال:‏ ‏ بل رأيت في منامي رجلاً أبيض الرأس واللحية والثياب، وهو ينادي، يا أحمد، أول ملاح ينحدر الساعة، فاقبض عليه، وقرِّره على المرأة التي قتلها اليوم ظلماً، وسلبها ثيابها وأقم الحد عليه، ولا يفتك، فكان ما شاهدتم. ‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 05:27 AM

صفـة علـــي
كان ضرار الصدَّائي، من أشد الناس نصرة لعلي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، فدخل ذات يوم على معاوية في خلافته، فقال معاوية:‏ ‏ يا ضرار صف لي علياً، قال:‏ ‏ أعفني يا أمير المؤمنين، قال: لتصفنـَّه، قال ضرار:‏ ‏ أما إذ لا بد من وصفه، فإني أقول:‏ ‏ كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يـُقلـّب كفه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصـُر، ومن الطعام ما خشن، كان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا استنبأناه، ونحن مع تقريبه إيانا، وقربه منا، لا نكاد نكلمه لهيبته، ولا نبتدئه لعظمته، يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، وأشهد لقد رأيته ذات ليلة، وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه، وهو يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء اليتيم، ويقول:‏ ‏ يا دنيا غرِّي غيري، إليَّ تعرضت؟ أم إليَّ تشوقت؟ هيهات هيهات، فقد باينتك ثلاثاً لا رجعة فيها، فعمرك قصير، وخطرك حقير، آه من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق.‏ ‏ فبكى معاوية وقال:‏ ‏ رحم الله أبا الحسن، فلقد كان كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزن من ذُبح واحدها في حجرها. ‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 05:27 AM

صـلاح النفــس
روي أن رجلاً أتى إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه، فقال:‏ ‏ يا أبا إسحق، إني مسرف على نفسي، فاعرض عليّ ما يكون لها زاجراً ومستنقذاً، قال:‏ ‏ إن قبلت خمس خصال وقدرت عليها، لم تضرك المعصية، ولم توبقك لذة، قال:‏ ‏ هات يا أبا إسحق.‏ ‏ قال: أما الأولى فإذا أردت أن تعصي الله عز وجل فلا تأكل رزقه، قال:‏ ‏ فمن أين آكل وكل ما في الأرض رزقه؟ قال:‏ ‏ يا هذا، أفيحسن بك أن تأكل رزقه وتعصيه؟ قال:‏ ‏ لا، هات الثانية، قال:‏ ‏ وإذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئاً من بلاده قال:‏ ‏ هذه أعظم من الأولى يا هذا، إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له فأين أسكن؟ قال:‏ ‏ يا هذا، أفيحسن بك أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه؟ قال:‏ ‏ لا، هات الثالثة.‏ ‏ قال: وإذا أردت أن تعصيه وأنت تحت رزقه وفي بلاده، فانظر موضعاً لا يراك فيه، فاعصه فيه، قال:‏ ‏ يا إبراهيم، ما هذا وهو يطلع على ما في السرائر، قال:‏ ‏ يا هذا أفيحسن بك أن تأكل رزقه وتسكن بلاده، وتعصيه وهو يراك ويعلم ما تجاهر به؟ قال:‏ ‏ لا، هات الرابعة.‏ ‏ قال: فإذا جاءك ملك الموت لقبض روحك، فقل له:‏ ‏ أخـّرني حتى أتوب توبة نصوحاً، وأعمل لله صالحاً، قال:‏ ‏ لا يقبل مني، قال:‏ ‏ يا هذا، فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب، وتعلم أنه إذا جاءك، لم يكن له تأخير، فكيف ترجو وجه الخلاص؟ قال:‏ ‏ هات الخامسة.‏ ‏ قال: إذا جاءك الزبانية يوم القيامة، ليأخذوك إلى النار، فلا تذهب معهم، قال:‏ ‏ إنهم يـَدَعـُوني ولا يقبلون مني، قال:‏ ‏ فكيف ترجو النجاة إذن؟ قال له:‏ ‏ يا إبراهيم حسبي حسبي، أنا أستغفر الله وأتوب إليه، وَلزِم العبادة حتى فارق الدنيا رحمه الله. ‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 05:28 AM

صندوق أم البنين
‏ قيل إن أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان، وهي زوجة الخليفة الوليد ابن عبد الملك، كانت تهوى وضاح اليمن الشاعر، وكان جميلاً، وكانت ترسل إليه فيدخل إليها ويقيم عندها، فإذا خافت وارته في صندوق عندها، وأقفلت عليه. فدخل الخادم إليها مفاجأة فرأى وضاحا عندها، فأدخلته الصندوق. فطلب منها الخادم حجرًا نفيسًا كان يعرفه عندها، فمنعته إياه بُخلاً به. فمضى الخادم وأخبر الوليد بالحال، فقال له: كذبت! ‏ ‏ ثم جاء الوليد إلى أم البنين وهي جالسة تمشط رأسها. وكان الخادم قد وصف له الصندوق، فجلس الوليد فوقه، ثم قال: ‏ ‏ يا أم البنين، هبي لي صندوقا من هذه الصناديق. ‏ ‏ فقالت: كلها بحكمك يا أمير المؤمنين. ‏ ‏ فقال: إنما أريد واحدًا منها. ‏ ‏ فقالت: خذ أيها شئت. ‏ ‏ فقال: هذا الصندوق الذي تحتي. ‏ ‏ فقالت: غيره أحبّ إليك منه، فإن لي فيه أشياء أحتاج إليها. ‏ ‏ فقال: ما أريد سواه. ‏ ‏ فقالت: خذه. ‏ ‏ فدعا بالخدم، وأمرهم بحمله حتى انتهى إلى مكان فوضعه فيه، ثم دعا عبيدًا له عجمًا وأمرهم بحفر بئر في المكان، فحُفرت إلى الماء. ثم دعا بالصندوق، فوضعه على شفير البئر، ودنا منه وقال: ‏ ‏ يا صاحب الصندوق، إنه بلغنا شيء إن كان حقًا فقد دفنّاك ودفنّا ذكرك إلى آخر الدهر، وإن كان باطلاً فإنما دفنّا الخشب. ‏ ‏ ثم قذف به في البئر، و هيل عليه التراب، وسوّيت الأرض. ‏ ‏ فما رؤي الوضاح بعد ذلك اليوم، ولا أبصرت أم البنين في وجه الوليد غضبًا حتى فرّق الموت بينهما. ‏
من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 05:28 AM

صُهـيب والجـلاّد
جُلد صـُهيب المدينيّ في الشراب. وكان طويلاً جسيمـًا، وكان الجلاّد قصيرًا قميئـًا. ‏ ‏ فقال الجلاد له: ‏ ‏ تقاصرْ لينالك السـَّوْط! ‏ ‏ فقال: ‏ ‏ يا ابن الفاعلة! إلى أكل الفالوذج تـَدْعوني؟! ‏
من كتاب "البصائر والذخائر" لأبي حيان التوحيدي.



الساعة الآن 09:40 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى