![]() |
أخي بن زيدون رائع في تفاعلك وشكر لتذكيرنا بعظمة وقدسية القرآن والفوائد المنجرة عنه وعن تعليمه وحفظه ونحن بإذن الله ماضون في تقديم واتمام هذه السلسلة ونسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك ويغفر لنا ذنوبنا ويستر عيوبنا ويدخلنا برحمته إلى جنة الفردوس إن شاءالله |
الحجر الصحي
الحجر الصحي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ _ مكان قرب تبوك على طريق الشام _ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح و أصحابه ، فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام ، قال : ابن عباس : فقال عمر : ادعُ لي المهاجرين الأوَّلين ، فدعاهم فاستشارهم و أخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام ، فاختلفوا فقال بعضهم : قد خرجنا لأمر و لا نرى أن ترجع عنه ، و قال بعضهم : معك بقية الناس و أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا نرى أن تَقدَمهم على هذا الوباء ؛ فقال : ارتفعوا عني ، ثم قال : ادعُ لي الأنصار ، فدعوتهم فاستشارهم ، فسلكوا سبيل المهاجرين و اختلفوا كاختلافهم . فقال : ارتفعوا عني ، ثم قال : ادع لي من كان ههنا من مشيخة قريش من مهاجِرة الفتح _ أي الذين أسلموا بعد فتح مكة _ فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان ، فقالوا : نرى أن ترجع بالناس و لا تقدمهم على هذا الوباء . فنادى عمر في الناس : إني مُصبح على ظَهر فأصبحوا عليه ، فقال أبو عبيدة بن الجراح : أفراراً من قدر الله ، فقال عمر : لو غَيرك قالها يا أبا عُبيدة ، نعم نفر من قَدَر الله إلى قدر الله ، أرأيت إن كانت لك إبل هبطت وادياً له عَدوتان : إحداهما خَصيبة و الأخرى جَدبة ، أليس إن رعيت الخصيبة رعيتها بقدر الله ، و إن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله ؟ قال : فجاء عبد الرحمن بن عوف و كان متغيَّباً في بعض حاجته ، فقال : إن عندي في هذا علماً سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إذا سمعتُم به بأرض فلا تَقدَموا عليه ، و إذا وقع بأرض و أنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه " قال : فحمد الله عمر ثم انصرف . وعن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها ، و إذا وقع بأرض و أنتم بها فلا تخرجوا منها " صحيح البخاري في الطب 5729 - 5728 الطاعون مرض إنتاني وبائي ، عامله جرثومة بشكل العصية اكتشفها العالم ( ييرسين ) سنة 1849 م فسميت باسمه ( عصية يير سين ) ، وكان يأتي بشكل جائحات تجتاح البلاد و العباد و تحصد في طريقها الألوف من الناس ، و هو يصيب الفئران عادة ثم تنتقل جراثيمه منها إلى الإنسان بواسطة البراغيث ، فتصيب العقد البلغمية في الآباط و المغابن و المراق ، فتتورم ثم تتقرح فتصبح كالدمامل ، و قد يصيب الرئتين مع العقد البلغمية أو بدونها فيصبح خطراً جداً . وقع وباء منه في بلاد الشام سنة 18 هـ سمي طاعون عمواس نسبة إلى بلدة صغيرة يقال لها عمواس بين القدس و الرملة أول ما نجم الداء بها ثم انتشر في بلاد الشام منها فنسب إليها . قال الواقدي : توفي في طاعون عمواس من المسلمين في الشام خمسة و عشرين ألفاً ، و قال غيره : ثلاثون ألفاً ، كما ذكر ابن كثير في البداية و النهاية . وهذا الحديث الشريف هو أساس الحَجر الصحي الذي لم يُعرف إلا في القرن العشرين ، فإذا وقع وباء مُعدٍ في بلدٍ ما يُضرب عليه حجر صحي ، فلا يدخل إليه أحد خوفاً من أن يرمي بنفسه إلى التهلكة فيصاب بالوباء ، و لا يسمح لأحد من داخله بالخروج خوفاً من أن يكون مصاباً بالمرض و لا يزال في دور الحضانة فينقل الوباء إلى خارج البلد و يعم انتشاره في الأرض ، لذلك لا يسمح بخروج أي شخص إلا بعد أن يلقح ضد جراثيم هذا الوباء ، و أن يوضع في مكان منعزل ( الكرنتينا ) ليمضي فيها مدة حضانة هذا الوباء ، و لكل وباء مدة حضانة خاصة به تختلف عن غيره ، ، فإذا لم يظهر الداء على الشخص فهو سليم و يسمح له عند ذلك بالخروج إلى بلد آخر [ الحقائق الطبية في الإسلام ، ص 100 ] . وقد ورد في عدد من الأحاديث أنه صلى الله عليه و سلم وصف الطاعون منها : حديث أبي موسى رفعه " فناء أمتي بالطعن و الطاعون ، قيل : يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون ؟ قال : وخز أعدائكم من الجن ، و في كُلٍّ شهادة " أخرجه أحمد من رواية زياد بن علاقة عن رجل عن أبي موسى ، و في رواية له عن زياد ... و أخرجه البزار و الطبراني من وجهين آخرين فسميا المبهم يزيد بن الحارث ، و رجاله رجال الصحيحين إلا المبهم ... فالحديث صحيح بهذا الاعتبار و قد صحَّحه ابن خزيمة و الحاكم و أخرجاه ، و أحمد و الطبراني من وجه آخر عن أبي بكر ابن أبي موسى الأشعري قال : سألت عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : " هو وخز أعدائكم من الجن وهو لكم شهادة " و رجاله رجال الصحيح إلا واحداً وثقه أبو نعيم و النسائي و جماعة ، و ضعفه جماعة بسبب التشيع ... و للحديث طريق ثالثة أخرجها الطبراني عن كريب بن الحارث ابن أبي موسى عن أبيه عن جده و رجاله رجال الصحيح إلا كريباً .. قال ابن حجر رحمه الله بعد أن ذكر هذه الأحاديث : والعمدة في هذا الباب على حديث أبي موسى فإنه يحكم له بالصحة لتعدد طرقه إليه [ فتح الباري : 10 / 182 ] . والعجيب أن أحد الكتاب المعاصرين أخطأ فهم الحديث النبوي الشريف " هو وخز أعدائكم من الجن " فزعم أن الجراثيم يمكن أن تكون نوعاً من أنواع الجن فقال : لم تكن الجراثيم قد عرفت بعد في زمن النبي صلى الله عليه و سلم فهل قصد عليه الصلاة و السلام " هو وخز أعدائكم من الجن " المعنى الشرعي لكلمة الجن ، أي المخلوقات التي خلقها الله تعالى من النار و ترى الإنس و لا يرونهم ، أم قصد المعنى اللغوي بمعنى كل ما استتر و خفي ؟ الله تعالى أعلم . و لكن لو كان يريد المعنى الأول أما كان الأولى أن يقول : هو وخز الشياطين ، فيكتفي بكلمة واحدة بدلاً من ثلاث كلمات : " أعدائكم من الجن " ؛ لأن الشياطين كلهم أعداء للإنس . و أما كان الأولى بسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يدخل على الطاعون في بلاد الشام لكي تهرب الشياطين منه و ينقذ المسلمين من ذلك الوباء اللعين ، بدلاً من أن يعود إلى المدينة المنورة و هو الذي قال عنه النبي صلى الله عليه و سلم : " ما سلك عمر بن الخطاب فجَّاً إلا و سلك الشيطان فجَّاً غيره " [ متفق عليه ] . وهو كلام خطير يؤدي إلى تأييد رأي المستغربين الماديين الذين أنكروا المغيبات التي أخبر الله تبارك و تعالى عنها كالملائكة و الجن ، و الذي اتهم المسلمين بأن فكرهم ليس فكراً علمياً بل هو فكر غيبي يؤمن بالأساطير و الخرافات . فالفكر الإسلامي فكر علمي يقوم على النظر و التفكير . و الإيمان بالغيب أساسه الخبر الصادق في كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و الحقيقة لا تعرف كلها بالإنسان نظراً لمحدوديته ، ثمة مصدر آخر للحقيقة و هو الله سبحانه و تعالى القائل : { أَلاّ يَعلَمُ مَن خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ } [ الملك : 14 ] و الذي وسع كل شيء علماً . والقول بأن الجراثيم نوع من الجن ترده النصوص القطعية الكثيرة في الكتاب و السنة، فالجن الذين كانوا يسترقون أخبار السماء و الذين رموا بالشهب و الذين سمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه و سلم و انطلقوا إلى قومهم منذرين : لا يصح أبداً و لا يعقل أن تكون الجراثيم نوعاً منهم . قال تعالى في سورة الجن : { قُل أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ استَمَعَ نَفَرٌ منَ الجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعنَا قُرءاناً عَجَباً ( 1 ) يَهدِي إِلَى الرُّشدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَن نُشرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً ( 2 ) ... } [ الجن : 1 - 2 وما بعدها ] ، و تأمل كلمة رجال في قوله تعالى في هذه السورة : { وَ أَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجاَلٍ مِنَ الجِنِّ فَزَادُوهُم رَهَقاً } و قال أيضاً : { وَ إِذا صَرَفنَا إِليكَ نَفَراً مِنَ الجِنِّ يَستَّمِعُونَ القُرءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِىَ وَلَّوا إِلَى قَومِهِم مُنذَرِينَ ( 29 ) قَالُوا يَا قَومَنَا إِنَّا سَمِعنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعدِ مُوسَى مُصَدِقاً لِمَّا بَينَ يَدَيهِ يَهدي إِلَى الحَقِّ وَ إِلَى طَرِيقٍ مُستَقِيمٍ } [ الأحقاف : 29 - 30 ] . كيف تجرأ هذا الكاتب على مثل هذا القول و الله تعالى يقول في الجن الذين سخرهم لنبيه سليمان : { يَعمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَحَّارِيبَ وَ تَمَاثِيلَ وَ جِفَانٍ كَالجَوَابِ وَ قُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكراً وَ قَلِيلٌ مِن عِبَادِيَ الشَّكُورُ ( 13 ) فَلَمَّا قَضَينَا عَلَيهِ المَوتَ مَا دَلَّهُم عَلَى مَوتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرضِ تَأكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَن لَّو كَانُوا يُعَلَمُونَ الغَيبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ ( 14 ) } . الجن عالم مغيب عنا و مسؤول ومكلف يوم القيامة يحشرهم الله سبحانه و تعالى و يسألهم ، فقد أخبر عن ذلك بقوله : { يَا مَعشَرَ الجِنِّ و َ الإِنسِ إِنِ استَطعتُم أَن تَنفُذُوا مِن أَقطَارِ السَّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ فَانفُذُوا لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلطَانٍ } [ الرحمن : 23 ] ، فكيف يصح أن تكون الجراثيم نوعاً منهم ؟! وقوله : لو كان لو كان يريد المعنى الأول أما كان الأولى أن يقول : هو وخز الشياطين ، و غفل الكاتب في هذا عن حقيقة معنى الشيطان ، فهي كلمة تطلق على كل عاتٍ متمرد من الجن و الإنس ، قال تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلنَا لِكُلِّ نَبِيٍ عَدُوَّاً شَيَاطِينَ الإِنِس وَ الجِنِّ يُوحِي بَعضُهُم إِلَى بَعضٍ زُخرُفَ القَولِ غُرُوراً وَ لَو شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرهُم وَ مَا يَفتَرُونَ } [ الأنعام : 112 ] . وقوله بعد ذلك بلهجة التهكم : أما كان الأولى بسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يدخل على الطاعون في بلاد الشام لكي تهرب الشياطين منه و ينقذ المسلمين من ذلك الوباء اللعين ، بدلاً من أن يعود إلى المدينة المنورة . وغفل الكاتب عن أن عمر رضي الله عنه عاد تطبيقاً لقول النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الشريف " و إذا كنتم خارجها فلا تقدموا عليه " و عمر رضي الله عنه لم يرجع لتسلم له نفسه إنما كان معه وجوه الأمة الذين لا بقاء للأمة بهلاكهم كما جاء في مناسبة الحديث ، و إذا كان الشيطان يهرب من عمر فهل يهرب من بقية الناس ، و هل يكلف عمر رضي الله عنه ليحمي الأمة من كيد الشياطين أن يتجول مع كل فرد من أفرادها و يوجد بجانب كل واحد منهم ؟! إني لأعجب كيف انحدر الكاتب إلى مثل هذا المستوى من التفكير الساذج و كيف غفل الكاتب عن الحديث النبوي الشريف . فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن عفريتاً من الجن تفلت علي البارحة ليقطع علي الصلاة فأمكنني الله منه فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا و تنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان : { رَبِّ اغفِر لِي وَ هَب لِي مُلكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِن بَعدِي إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ } فرده الله خاسئاً [ صحيح البخاري في التفسير ، 4808 ] . وغفل عن الحديث الشريف الذي يرويه ابن عباس رضي الله عنه قال : انطلق رسول الله صلى الله عليه و سلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، و قد حيل بين الشياطين و بين خبر السماء و أرسلت عليهم الشهب ، فرجعت الشياطين فقالوا : ما لكم ؟ فقالوا : حيل بيننا و بين خبر السماء و أرسلت علينا الشهب . قال : ما حال بينكم و بين خبر السماء إلا ما حدث ، فاضربوا مشارق الأرض و مغاربها فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث ؟ فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض و مغاربها ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم و بين خبر السماء . فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بنخلة و هو عامد إلى سوق عكاظ و هو ويصلي بأصحابه صلاة الفجر ، فلما سمعوا القرآن تسمعوا له فقالوا : هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء ، وهناك رجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا إنّا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به و لن نشرك بربنا أحداً . و أنزل الله عز و جل على نبيه صلى الله عليه و سلم { قُل أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ استَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنَّ } وإنما أوحي إليه قول الجن [ صحيح البخاري في التفسير 4921 ] . فالنصوص القطعية صريحة في بيان خطأ من يقول إن الجراثيم من أنواع الجن و هو ردٌّ على قائله كائناً من كان . ممرض على مصح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لا يُورِدَن مُمرضٌ على مُصِحٍّ " . صحيح البخاري في الطب 5771 قال ابن حجر رحمه الله و هو خبر بمعنى النهي و المُمرِض _ بضم أوله وسكون ثانيه و كسر الراء _ هو الذي له إبل مرضى ، و المُصِحُّ _ بضم الميم و كسر الصاد _ من له إبل صحاح ، نهى صاحب الإبل المريضة أن يوردها على الإبل الصحيحة . وهويتفق مع الحديث السابق فالعدوى بتقدير الله تعالى يمكن أن تحدث للحيوانات أيضاً كما تحدث في الإنسان . والجدير بالذكر أن هذا لا يتعارض كما سبق معنا في قول النبي صلى الله عليه و سلم : " لا عدوى و لا صفر و لا هامَّة " فقال أعرابي : يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فمن أعدى الأول ؟ [ صحيح البخاري في الطب ، ( 5770 ) ] وهو جواب من النبي عليه الصلاة والسلام في غاية البلاغة و الرشاقة ، و حاصله : من أين جاء الجرب للذي أعدى الأول بزعمهم ؟ فإن أجيب : من بعير آخر لزم التسلسل ، أو سبب آخر فَليُفصِح به ، فإن أجيب بأن الذي فعله في الأول هو الذي فعله في الثاني ثبت المدعى ، و هو أن الذي فعل في الجميع ذلك هو الخالق القادر على كل شيء و هو الله سبحانه و تعالى [ صحيحي البخاري في الطب ، ( 5770 ) ] . ذكرت الأحاديث النبوية الشريفة التي مرت معنا أنه " لا عدوى " ، و في نفس الوقت قال صلى الله عليه و سلم : " فِرَّ من المجزوم فراركَ من الأسد " وقال كما في الحديث هنا : " لا يوردن ممرض على مصح " و هذه الأحاديث الشريفة ترد الناس إلى كمال التوحيد ، و تردهم إلى بارئهم الذي خلق الأسباب و المسببات . قال أحد الأطباء المختصين : و مما سبق أن شرحناه في موضوع الأمراض المعدية يتبين لنا إعجاز أحاديث المصطفى صلى الله عليه و سلم ، فالأحاديث النبوية الشريفة توضح بجلاء أن دخول الميكروب بذاته إلى جسم الإنسان ليس كافياً لحدوث المرض ، و أن هناك عوامل أخرى غير ظاهرة لنا هي المسؤولة في النهاية عن حدوث المرض ... ومنذ أن عرف الأتراك تلقيح الأبقار بالجدري ، ثم تلقيح الأطفال ، و تبعهم ( جينير) الطبيب الإنجليزي ، ظهرت فائدة التلقيح و التطعيم ضد مختلف الميكروبات ، و فكرة التطعيم و التلقيح تتلخص في أن يدخل الإنسان الميكروب ميتاً أو مضعفاً إلى الجسم السليم ، فتتعرف عليه أجهزة المناعة و تصنع المضادات ضده ، حتى إذا دخل الميكروب الحقيقي وجد أجهزة الدفاع على أتم استعداد لمقاومته ... وهكذا تتضح الرؤية و يعلم أن الميكروب وحده ليس سبباً للمرض ، و بذلك لا عدوى بذاتها وإنما العدوى ناتجة بقدر الله تعالى ، و مع هذا فنحن لا ننفي الأسباب بل نأخذ بالأسباب في عالم الأسباب مع الاعتقاد التام بأنها لا تضر و لا تنفع بذاتها و إنما الأمر كله بيد خالق الأسباب . و بهذا يتبين أن أحاديث المصطفى صلى الله عليه و سلم تحمل في طياتها إعجازاً علمياً لم يكشف اللثام عنه إلا في القرن العشرين بعد أن تطورت علوم البشر عن أسباب المرض و جهاز المناعة [ انظر : هل هناك طب نبوي ، باختصار ، ص 73 - 75 ] . المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم |
علة تحريم أكل لحم الجوارح وكل ذي ناب
علة تحريم أكل لحم الجوارح وكل ذي ناب قال صلى الله عليه وسلم : ( حرم على أمتي كل ذي مخلب من الطير وكل ذي ناب من السباع ) رواه أبو داود أثبت علم التغذية الحديثة أن الشعوب تكتسب بعض صفات الحيوانات التي تأكلها لاحتواء لحومها على سميات ومفرزات داخلية تسري في الدماء وتنتقل إلى معدة البشر فتؤثر في أخلاقياتهم.. فقد تبين أن الحيوان المفترس عندما يهم باقتناص فريسته تفرز في جسمه هرمونات ومواد تساعده على القتال واقتناص الفريسة .. ويقول الدكتور ( س ليبج ) أستاذ علم التغذية في بريطانيا : إن هذه الإفرازات تخرج في جسم الحيوان حتى وهو حبيس في قفص عندما تقدم له قطعة لحم لكي يأكلها .. ويعلل نظريته هذه بقوله : ما عليك إلا أن تزور حديقة الحيوانات مرة وتلقى نظرة على النمر في حركاته العصبية الهائجة أثناء تقطيعة قطعة اللحم ومضغها فترى صورة الغضب والاكفهرار المرسومة على وجهه ثم ارجع ببصرك إلى الفيل وراقب حالته الوديعة عندنا يأكل وهو يلعب مع الأطفال والزائرين وانظر إلى الأسد وقارن بطشه وشراسته بالجمل ووداعته وقد لوحظ على الشعوب آكلات لحوم الجوارح أو غيرها من اللحوم التي حرم الإسلام أكلها - أنها تصاب بنوع من الشراسة والميل إلى العنف ولو بدون سبب إلا الرغبة في سفك الدماء .. ولقد تأكدت الدراسات والبحوث من هذه الظاهرة على القبائل المتخلفة التي تستمرئ أكل مثل تلك اللحوم إلى حد أن بعضها يصاب بالضراوة فيأكل لحوم البشر كما انتهت تلك الدراسات والبحوث أيضا إلى ظاهرة أخرى في هذه القبائل وهي إصابتها بنوع من الفوضى الجنسية وانعدام الغيرة على الجنس الآخر فضلا عن عدم احترام نظام الأسرة ومسألة العرض والشرف .. وهي حالة أقرب إلى حياة تلك الحيوانات المفترسة حيث إن الذكر يهجم على الذكر الآخر من القطيع ويقتله لكي يحظى بإناثه إلى أن يأتي ذكر آخر أكثر شبابا وحيوية وقوة فيقتل الذكر المغتصب السابق وهكذا .. ولعل أكل الخنزير أحد أسباب انعدام الغيرة الجنسية بين الأوربيين وظهور الكثير من حالات ظواهر الشذوذ الجنسي مثل تبادل الزوجات والزواج الجماعي ومن المعلوم أن الخنزير إذا ربى ولو في الحظائر النظيفة - فإنه إذا ترك طليقا لكي يرعى في الغابات فإنه يعود إلى أصله فيأكل الجيفة والميتة التي يجدها في طريقة بل يستلذ بها أكثر من البقول والبطاطس التي تعوّد على أكلها في الحظائر النظيفة المعقمة وهذا هو السبب في احتواء جسم الخنزير على ديدان وطفيليات وميكروبات مختلفة الأنواع فضلا عن زيادة نسبة حامض البوليك التي يفرزها والتي تنتقل إلى جسم من يأكل لحمه .. كما يحتوي لحم الخنزير على أكبر كمية من الدهن من بين جميع أنواع اللحوم المختلفة مما يجعل لحمه عسير الهضم.. فمن المعروف علميا أن اللحوم التي يأكلها الإنسان تتوقف سهولة هضمها في المعدة على كميات الدهنيات التي تحويها وعلى نوع هذه الدهون فكلما زادت كمية الدهنيات كان اللحم أصعب في الهضم وقد جاء في الموسوعة الأمريكية أن كل مائة رطل من لحم الخنزير تحتوي على خمسين رطلا من الدهن .. أي بنسبة 50 % في حين أن الدهن في الضأن يمثل نحو 17 % فقط وفي العجول لا يزيد عن 5 % كما ثبت بالتحليل أن دهن الخنزير يحتوي على نسبة كبيرة من الأحماض الدهنية المعقدة .. وأن نسبة الكولسترول في دهن الخنزير إلى الضأن وإلى العجول 9:7:6 ومعنى ذلك بحساب بسيط أن نسبة الكولسترول في لحم الخنزير أكثر من عشرة أضعاف ما في البقر .. ولهذه الحقيقة دلالة خطيرة لأن هذه الدهنيات تزيد مادة الكولسترول في دم الإنسان وهذه المادة عندما تزيد عن المعدل الطبيعي تترسب في الشرايين وخصوصا شرايين القلب .. وبالتالي تسبب تصلب الشرايين وارتفاع الضغط وهي السبب الرئيسى في معظم حالات الذبحة القلبية المنتشرة في أوروبا حيث ظهر من الإحصاءات التي نشرت بصدد مرض الذبحة القلبية وتصلب الشرايين أن نسبة الإصابة بهذين المرضين في أوروبا تعادل خمسة أضعاف النسبة في العالم الإسلامي وذلك بجانب تأثير التوتر العصبى الذي لا ينكره العلم الحديث ومما هو جدير بالذكر أن آكلات اللحوم تعرف علميا بأنها ذات الناب التي أشار إليها الحديث الشريف الذي نحن بصدده لأن لها أربعة أنياب كبيرة في الفك العلوي والسفلي .. وهذا لا يقتصر على الحيوانات وحدها بل يشمل الطيور أيضا إذ تنقسم إلى آكلات العشب والنبات كالدجاج والحمام .. وإلى آكلات الحوم كالصقور والنسور وللتمييز العلمي بينهما يقال : إن الطائر آكل اللحوم له مخلب حاد ولا يوجد هذا المخلب في الطيور المستأنسة الداجنة ومن المعلوم أن الفطرة الإنسانية بطبيعتها تنفر من أكل لحم الحيوانات او الطيور آكلة اللحوم إلا في بعض المجتمعات التي يقال عنها إنها مجتمعات متحضرة أو في بعض القبائل المتخلفة كما سبق أن أشرنا . ومن الحقائق المذهلة أن الاسلام قد حدد هذا التقسيم العلمي ونبه إليه منذ أربعة عشر قرنا من الزمان المصدر " الإعجاز العلمى في الإسلام والسنة النبوية " لمحمد كامل عبد الصمد |
الحواجز المائية
الحواجز المائية آيات الإعجاز: قال الله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ* بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 19-22]. وقال عز وجل: {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا} [النمل: 61]. وقال سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان: 53]. التفسير اللغوي: قال ابن منظور في لسان العرب: - مرج: له معنيان، الأول: الخلط، والثاني: مجيء وذهاب واضطراب. وقال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة: الميم والراء والجيم أصل صحيح يدل على مجيء وذهاب واضطراب. وقال الزجاج:مرج: خلط يعني البحر الملح والبحر العذب ومعنى لا يبغيان أي لا يبغي المَلِح على العذب فيختلط. أجاج: ماء أجاج أي مَلِح وقيل مرّ وقيل شديد المرارة وقيل الأجاج: الشديد الحرارة. قال الله عز وجل: {وهذا ملح أجاج} وهو الشديد الملوحة والمرارة مثل ماء البحر، الأجاج بالضم الماء الملح الشديد الملوحة. وأجيج الماء: صوت انصبابه. الحجر: الحِجر والحَجر هو المنع والتضييق، قال ابن منظور: "لقد تحجرت واسعاً" أي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون غيرك. وقال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة: يسمى العقل حجراً لأنه يمنع من إتيان ما لا ينبغي. فهم المفسرين: أ) الحاجز بين بحرين: لقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن الحاجز الذي يفصل بين البحرين المذكورين هو حاجز من قدرة الله تعالى لا يُرى، قال الإمام ابن الجوزي عن البرزخ هو: "مانع من قدرة الله لا يراه أحد" (زاد المسير 6/90) وقال بذلك أيضاً الزمخشري في (الكشاف 3/96)، والقرطبي في تفسيره (جامع الأحكام 13/58)، والبقاعي في (نظم الدرر 13/406). ب) حاجز بين نهر عذب وبحر مالح: قال الطبري: يعني بالعذب الفرات: مياه الأنهار والأمطار وبالملح الأجاج: مياه البحار وإنما عنى بذلك أنه من نعمه على خلقه، يخلط ماء النهر العذب الفرات بماء البحر الملح الأجاج ثم يمنع الملح من تغيير العذب عن عذوبته وإفساده إياه بقضائه وقدره. {وجعل ينهما برزخاً}: يعني حاجزاً يمنع كل واحد منهما من إفساد الآخر. {وحجراً محجوراً}: يقول:وجعل كل واحد منهما حراماً محرماً على صاحبه أن يغيره. وعن مجاهد قال: أي حاجزاً لا يراه أحد. {وجعل بينهما برزخاً} قال مجاهد: البرزخ أنهما يلتقيان فلا يختلطان و"حجراً محجوراً" أي لا تختلط ملوحة هذا بعذوبة هذا فلا يبغي أحدهما على الآخر. ونشير إلى أنه لم يتيسر للمفسرين الإحاطة بتفاصيل الأسرار التي قررتها الآيات لأنها كانت غائبة عن مشاهدتهم، ومن هنا يفهم تعدد أقوالهم في تفسير لفظ "مرج" ولفظ "البرزخ" ولفظ "حجراً محجوراً" وذلك بسبب نقص العلم البشري طيلة القرون الماضية. مقدمة تاريخية: لقد دل الوصف التاريخي لتطور علوم البحار على عدم وجود أية معلومات علمية في هذا الموضوع، بل إن علوم البحار لم تتقدم إلا في القرنين الأخيرين، خاصة في النصف الأخير من القرن العشرين، فأعماق البحار كانت مجهولة بالنسبة للإنسان تكثر عنها الأساطير والخرافات. ثم بدأ علم المحيطات يأخذ مكانه بين العلوم الحديثة عندما قامت السفينة البريطانية "تشالنجر" برحلتها حول العالم (1872-1876 م) حيث توالت الرحلات العلمية لاكتشاف البحار. في الأربعينات من القرن العشرين، كشفت الدراسات البحرية التي أجريت في المحطات البحرية، أن البحار المالحة بحار مختلفة، وأن هناك حاجزاً وبرزخاً يفصل بين بحرين مالحين. تطورت دراسة علم المحيطات، وكان للأقمار الاصطناعية الأثر الأكبر في هذا التطور، حيث استطاع العلماء الحصول على صور للبرازخ وكذلك لمصبات الأنهار واختلاف درجات الحرارة والتلوّث. حقائق علمية: - يوجد بين البحار المالحة حواجز مائية تحافظ على الخصائص المميزة لكل بحر. - يوجد اختلاط بن البحرين رغم وجود الحاجز لكنه اختلاط بطيء بحيث يجعل القدر الذي يعبر من بحر إلى بحر آخر يتحول إلى خصائص البحر الذي ينتقل إليه دون أن يؤثر على خصائصه. - بيّنت الدراسات البحرية أن المرجان يوجد فقط في المناطق البحرية ولا يوجد في مناطق المياه العذبة. - تنقسم المياه إلى ثلاثة أنواع (مياه الأنهار، مياه البحار، ومياه منطقة المصب). - لا يوجد لقاء مباشر بين ماء النهر وماء البحر في منطقة المصب لوجود حاجز مائي يحيط بهذه المنطقة ويفصل بين الماءين. - تعتبر منطقة المصب حجر على الكائنات التي تعيش فيها ومحجورة عن الكائنات التي تعيش خارجها. التفسير العلمي: لقد اكتشف العلماء في الأربعينات من القرن العشرين أن البحار المالحة بحار مختلفة من حيث الترتيب والخصائص، ولم يكن ذلك إلا بعد أن أقام الباحثون المحطات البحرية لتحليل عينات من مياه البحار. فقاسوا الفروقات في درجة الحرارة ونسبة الملوحة ومقدار الكثافة ومقدار ذوبان الأكسجين في مياه البحار في كل المحيطات فأدركوا أن البحار مختلفة، ثم توصل العلماء إلى اكتشاف الحواجز (البرازخ) المائية وهي على نوعين: النوع الأول: الحاجز بين بحرين مالحين: "لقد اكتشفت الدراسات الحديثة أن البحار رغم أنها تبدو متجانسة إلا أن هناك فروقات كبيرة بين كتلها المائية وفي المناطق التي يلتقي فيها بحرين مختلفين يوجد حاجز بينهما. هذا الحاجز يفصل البحرين بحيث أن كل بحر له حرارته وملوحته وكثافته الخاصة به". [أسس علم البحار، دايفس. صفحة 92-93]. فبين مياه البحر الأبيض المتوسط الساخنة والمالحة حواجز عند دخولها إلى المحيط الأطلسي ذي المياه الباردة والأقل كثافة. كما توجد مثل هذه الحواجز بين مياه البحر الأحمر ومياه خليج عدن، وهذا الذي وصل إليه العلم الحديث في هذا القرن هو صريح البيان القرآني في سورة الرحمن حيث قال تعالى: {مرج البحرين يلتقيان} فالقرآن يتحدث عن بحرين مالحين مختلفين، والدليل على ذلك ما ذكره علماء التفسير من أن لفظ "البحر" إذا أطلق في القرآن دون تقييد فهو ماء البحر المالح، ثم إنه لو كان البحران متشابهين لكانا بحراً واحداً وذلك التفريق بينهما في اللفظ القرآني يدل دلالة علمية دقيقة على وجود اختلاف بينهما مع كونهما مالحين. والدليل الآخر الذي أشارت إليه الآية القرآنية، أنها وصفت البحرين بأنه يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان، ولقد اكتشف العلماء أن اللؤلؤ والمرجان يكونان فقط في البحار المالحة ولا وجود لها في المياه العذبة أو في مناطق امتزاج المياه العذبة مع البحار. في عام 1942، أسفرت الدراسات العلمية لخصائص البحار عن وجود حواجز مائية تفصل بين البحار الملتقية وهذا ما أشار إليه تعالى بقوله: {بينهما برزخ لا يبغيان}. فـ "البرزخ": أي الحاجز، ويؤكد ذلك قوله تعالى في آية أخرى {وجعل بين البحرين حاجزاً}. و "لا يبغيان": أي لا يبغي ويطغى أحد البحرين على الآخر فيغير خصائصه. كما تبيّن للعلماء وجود اختلاط بين البحار المالحة رغم وجود هذا الحاجز (البرزخ)، وهذا ما دل عليه القرآن {مرج البحرين يلتقيان}، فالمرج يعني الاختلاط، أو الذهاب والإياب والاضطراب. لكن هذا الاختلاط يكون بطيئاً بحيث يجعل القدر الذي يعبر من بحر إلى بحر يتحول إلى خصائص البحر الذي ينتقل إليه دون أن يؤثر على تلك الخصائص. إذ أن هذه الحواجز تحافظ على الخصائص المميزة لكل بحر من حيث الكثافة والملوحة والأحياء المائية والحرارة وقابلية ذوبان الأكسجين في الماء. ثانياً: الحاجز بين نهر عذب وبين بحر مالح: 1- كيفية اللقاء بين ماء النهر وماء البحر (وماء المصب): لقد شاهد الناس منذ القدم مياه النهر تصب في البحر، كما لاحظوا أنها تفقد بالتدريج لونها المميز وطعمها الخاص كلما تعمقت في البحر. ولكن مع تقدم الاكتشافات العلمية قام العلماء بدراسة عينات من الماء حيث يلتقي النهر بالبحر. فعملوا على قياس درجات الملوحة والعذوبة بأجهزة دقيقة، وقياس درجة الحرارة والكثافة، وجمع عينات من الكائنات الحية ثم القيام بتصنيفها، وتحديد أماكن وجودها، ودراسة قابليتها للعيش في البيئات النهرية والبحرية، ثم توصلوا إلى أن المياه تنقسم إلى ثلاثة أنواع هي: أ- مياه الأنهار وهي شديدة العذوبة. ب- مياه البحار وهي شديدة الملوحة. ج- مياه في منطقة المصب: مزيج من الملوحة والعذوبة تفصل بين النهر والبحر، فتزداد الملوحة كلما قربت من البحر، وتزداد العذوبة كلما قربت من النهر. وهذا ما قرره القرآن الكريم حيث وصف البحرين (العذب والمالح) بأوصاف لم يكتشفها العلماء إلا في القرون الأخيرة. فماء النهر وصفه بقوله "عذب فرات" والماء العذب هو الماء غير المالح، والفرات: أي شديد العذوبة وبهذا الوصف أي (الفرات) خرج ماء المصب الذي يمكن أن يقال عنه بأنه عذب إلا أنه ليس فراتاً. أما ماء البحر فوصفه القرآن بأنه مِلْح أجاج، فالماء المالح هو ماء البحر وأجاج أي شديد الملوحة. وبالتالي لا ينطبق الوصفان على ماء المصب. أما ماء المصب: فهو مزيج بين ماء النهر العذب الفرات وماء البحر المِلْح الأجاج، ووصفه القرآن بقوله: {مرج البحرين} –أي- (النهر والبحر). 2- الحاجز المائي المحيط بمنطقة المصب: لاحظ العلماء أيضاً وجود حاجز مائي يحيط بمنطقة المصب ويحافظ على خصائصها المميزة لها. بل إن ماء النهر وماء البحر لا يلتقيان مباشرة في منطقة المصب بالرغم من حركة المدّ والجزر وحالات الفيضان والانحسار، وذلك لوجود الحاجز المائي المحيط بمنطقة المصب الذي يفصل بينهما دائماً. لكن في مقابل عدم وجود لقاء مباشر بين النهر والبحر لاحظوا وجود امتزاج بطيء مع وجود المنطقة الفاصلة من مياه المصب، والحاجز المائي الذي يحيط بها. وقد أشار القرآن الكريم إلى وجود هذا الحاجز بقوله {وجعل بينهما برزخاً}، والبرزخ كما قال علماء التفسير هو حاجز يمنع كل واحد منهما من إفساد الآخر، قال مجاهد: يلتقيان فلا يختلطان. 3- منطقة المصب وخاصية الحجر (المنع): لاحظ العلماء اختلاف الكتل المائية الثلاث (ماء النهر، ماء البحر، ماء المصب) في درجة الملوحة والعذوبة، ووجدوا أن معظم الكائنات التي تعيش في البحر والنهر والمصب تموت إذا خرجت من بيئتها الخاصة بها، فما يعيش في النهر لا يعيش في البحر أو في المصب، وهكذا... ثم قاموا بتصنيف البيئات الثلاث (النهر والبحر والمصب) باعتبار الكائنات التي تعيش فيها، فوجدوا أن منطقة المصب تعد منطقة حجر على معظم الكائنات الحية التي تعيش فيها، فهي لا تعيش إلا في وسط مائي يتناسب في ملوحته وعذوبته مع درجة الضغط الأسموزي فيها، وتموت إذا خرجت من منطقة المصب. وبالمقابل فإن منطقة المصب تعد أيضاً منطقة محجورة عن معظم الكائنات الحية التي تعيش في البحر والنهر، لأن هذه الكائنات تموت إذا دخلتها وذلك بسبب اختلاف الضغط الأسموزي أيضاً، والعجيب أن القرآن الكريم وصف منطقة المصب بهذين الوصفين فقال {حجراً محجوراً}، ونستطيع أن نفهم الحجر هنا في ضوء الاكتشافات الحديثة بأن الكائنات الحية في منطقة المصب تعيش في حجر ضيق ممنوعة من أن تخرج من هذا الحجر. كما وصفت منطقة المصب أيضاً بأنها محجورة أي ممنوعة عن كائنات حية أخرى من أن تدخل إليها فمنطقة المصب حسب الوصف القرآني هي "حجر" على الكائنات التي فيها، و"محجورة" عن الكائنات الحية الموجودة خارجها. والذي نستخلصه أن العلماء لاحظوا الفرق الجوهري الذي أشار إليه القرآن الكريم بين الحاجز الذي يفصل بين النهر والبحر وبين الذي يفصل بين البحار المالحة. فالأول: منطقة المصب فيه تعد منطقة حجر على الكائنات الحية الخاصة بها ومنطقة محجورة عن الكائنات الخاصة بالبحر والنهر، وهو ما وصفه البيان الإلهي في سورة الفرقان حيث قال: {وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً}. أما الحاجز الثاني: الذي يفصل بين البحار المالحة فإنه لا توجد فيه خاصية منع الكائنات الحية من الخروج أو الدخول إليه، وهذا هو الذي تحدثت عنه آيات سورة الرحمن فقال جل ذكره: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} فليس هناك وصف "حجراً محجوراً" لهذا البرزخ، فنجد معظم الكائنات الحية تنتقل بين البحرين بكل سهولة وذلك لأن الاختلاف في درجة الملوحة ليس شديداً حتى يمنع انتقالها من بيئة بحرية إلى أخرى. وهنا يقف عقل الإنسان متعجباً أمام بيان الإعجاز القرآني وأمام هذا النظام البديع الذي جعله الله تعالى لحفظ الكتل المائية الملتقية من أن يفسد بعضها خصائص البعض الآخر... {وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها}. مراجع علمية: ذكرت الموسوعة البريطانية: "إن مصبات الأنهار هي أماكن حيث تلتقي الأنهار بالبحر، وكذلك يمكن أن تعرّف بأنها مناطق تخفيف التركيز المحسوب للماء المالح مع الماء العذب بشكل معتدل، إن مصبات الأنهار من الناحية البيولوجية أكثر إنتاجية من النهر أو البحر لأن هذه المصبات لديها نوع خاص ومميز من دورة المياه التي تحبس المغذيات النباتية وتحث على الإنتاج الأولي، والمياه العذبة لكونها أخف من المياه المالحة، تؤدي إلى تشكيل طبقة فاصلة بحيث تطفو على سطح المصب. في الحدود بين المياه العذبة والمياه المالحة، يوجد هناك كمية من الاختلاط تسبَّبَ من تدفق المياه العذبة فوق المياه المالحة وبسبب الانحسارات والمد والجزر. وإن أي اختلاط زائد يمكن أن يتسبب من وقت لآخر من جراء الرياح القوية والأمواج الداخلية التي تتوالد على طول السطح البيني (سطح يشكل حاجزاً بين جسمين) بين المياه العذبة والمالحة". كما ذكرت في مكان آخر: "إن الملوحة في المحيطات ثابتة ولكنها تتغير على طول الشاطيء عند تموه المياه المالحة مع المياه العذبة في نهاية الجداول والأنهار، هذه المياه الآسنة تشكل حاجزاً فاصلاً بين الكائنات الحية البحرية والنهرية". وجه الإعجاز: وجه الإعجاز في الآيات القرآنية الكريمة هو دلالتها على وجود حواجز بين البحار المالحة يسمح باختلاط بطيء، بحيث تفقد كمية المياه المنطلقة من بحر لآخر خصائصها وتكتسب خصائص البحر الذي دخلت فيه. كما دلّت على أن البحار والأنهار تلتقي وتتمازج مع وجود حاجز يمنع الاختلاط الكامل بينهما، وهذا ما كشف عنه علماء البحار في القرن العشرين عن منطقة المصبّ بين النهر والبحر والحواجز البحرية بين بحرين مختلفين. |
بارك الله بك وبهذا الطرح الاعجازي في القرآن
متابع بإذن الله |
سرني مرورك الكريم اخي وراقني دعاء توقيك نسأل الله أن يجيب لك مادعوت وأ ن يحسن خاتمتنا ويرضى علينا ويدخلنا الجنة برحمته |
جزاك الله خيرا وبارك بك ,,
وجزاك الفردوس الاعلى وجعله في ميزااان حسناااتك دمت بخير |
الحبة السوداء
الى ماذا توصلت الأبحاث العلمية عن الحبة السوداء قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم): «مامن داء إلاّ في الحبة السوداء منه شفاء إلاّ السام» (رواه مسلم) فقد كان منطلق اهتمامنا بالحبة السوداء (نيجيللا ساتيفا) من الحديث النبوي؛ الذي ورد فيه: «إن في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام». والحبة السوداء نبات شاع استعماله كمادة علاجية طبيعية لمدة أكثر من ألفي عام . وقد أثبتت التجارب الحديثة التي أجريت على الإنسان والحيوان أن للحبة السوداء تأثيراً موسعاً للشعب الهوائية، وتأثيراً مضاداً للميكروبات، وتأثيراً منظماً لضغط الدم، وتأثيراً مدراً لإفراز المرارة . وبما أن التأثير العلاجي للحبة السوداء يشمل عدداً كبيراً من الأمراض؛ فقد اتجه تفكيرنا إلى احتمال وجود أثر منشط للمناعة فيها . وبالفعل فقد أثبتت التجارب الأولية في مختبراتنا أن للحبة السوداء أثراً منشطاً على جهاز المناعة. وقد أجريت هذه التجارب على متطوعين أصحاء، رغم أن التجارب المختبرية أظهرت وجود شيء من قصور المناعة عند هؤلاء المتطوعين . وفي المجموعة الأولى من التجارب والتي ضمت (27) متطوعاً ظهر للحبة السوداء - التي أعطيت بجرعة (2) جرام يومياً - أثر إيجابي على النسبة بين الخلايا التائية المساعدة والخلايا التائية المعرقلة ، وقد تحسنت هذه النسبة بمعدل (55 %) عند من تعاطوا الحبة السوداء. وفي المجموعة الثانية من التجارب والتي ضمت (19) متطوعاً تحسنت النسبة بمعدل ( 72 % ) بين الخلايا التائية المساعدة، والخلايا التائية المعرقلة، ولم يحدث أي تحسن عند المجموعة المقارنة ، وكذلك تحسنت فعالية الخلايا الطبيعية القاتلة بمعدل متوسط ( 74 % ) . وهذه النتائج لها أهمية عملية كبيرة حيث إن الحبة السوداء باعتبارها منشطاً طبيعياً للمناعة يمكن أن تلعب دوراً في علاج السرطان والإيدز وغيرهما من الأمراض التي تصاحب حالات قصور المناعة . النصــوص الشــرعية وشروحهــا : ثبت في الصحيحين من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « عليكم بهذه الحبة السوداء، فإن فيها شفاءً من كل داء إلا السام » (1) . والسام : الموت. كما روى البخاري الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام». قلت: وما السام ؟ قال : «الموت» (2). وفي رواية لمسلم: « ما من داء إلا في الحبة السوداء منه شفاء إلا السام » (3) . شرح علماء الحديث لأحاديث الباب : قال المناوي : ( عليكم بهذه الحبة السوداء ) أي الزموا استعمالها بأكل وغيره ( فإن فيها شفاء من كل داء ) يحدث من الرطوبة، لكن لا تستعمل في داء صرفاً، بل تارة تستعمل مفردة وتارة مركبة بحسب مايقتضيه المرض (4) . قال الحافظ ابن حجر : ( ويؤخذ من ذلك أن معنى كون الحبة شفاء من كل داء أنها لا تستعمل في كل داء صرفاً، بل ربما استعملت مفردة ، وربما استعملت مركبة، وربما استعملت مسحوقة وغير مسحوقة ، وربما استعملت أكلاً وشرباً وسعوطاً وضماداً وغير ذلك . وقيل إن قوله « كل داء » تقديره يقبل العلاج بها فإنها تنفع من الأمراض الباردة ، وأما الحارة فلا (1) . وقال الخطابي في أحاديث الباب هل هي محمولة على عمومها أو يراد منها الخصوص ؟ وقال : قوله « من كل داء » هو من العام الذي يراد به الخاص؛ لأنه ليس من طبع شيء من النبات ما يجمع جميع الأمور التي تقابل الطبائع في معالجة الأدواء بمقابلتها. وإنما المراد أنها شفاء من كل داء يحدث بسبب الرطوبة (2) . وقال أبو بكر ابن العربي : العسل عند الأطباء أقرب إلى أن يكون دواء من كل داء من الحبة السوداء ، ومع ذلك فإن من الأمراض ما لو شرب صاحبه العسل لتأذى به . فإن كان المراد بقوله في العسل {فيه شفاء للناس} الأكثر الأغلب، فحمل الحبة السوداء على ذلك أولى (1) . وقال صاحب كتاب تحفة الأحوذي : وأما أحاديث الباب فحملها على العموم متعين لقوله صلى الله عليه وسلم فيها «إلا السام» (2). كقوله تعالى : {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} . ثم استشهد بقول الحافظ ابن حجر - في الفتح - الذي ذكرناه سابقاً ثم قال : قال أبو محمد ابن أبي جمرة : تكلم الناس في هذا الحديث وخصوا عمومه وردوه إلى قول أهل الطب والتجربة . ولاخفاء بغلط قائل ذلك ، لأنا إذا صدقنا أهل الطب - ومدار علمهم غالباً إنما هو على التجربة التي بناؤها على ظن غالب - فتصديق من لاينطق عن الهوى أولى بالقبول من كلامهم . الحبة السوداء اسم ( الحبة السوداء ) هو واحد من الأسماء المطلقة على عشب ( النيجيللا ساتيفا ) الذي ينتمي لفصيلة النباتات الشقيقية . ومن الأسماء المتواترة الأخرى لنباتات النيجيللا ـــ الكراوية السوداء ، الكمون الأسود ، حبة البركة ، كاز ، شونيز ، كالاجاجي كالدورة ، كارزنا ، جيراكا - ومن المحتمل وجود أسماء أخرى . وبالرغم من أن الحبة السوداء قد استعملت في كثير من دول الشرقين - الأوسط والأقصى - علاجاً طبيعياً منذ أكثر من ( 2000 ) عام . وإن الأحاديث النبوية تعود إلى ( 1400 ) عام خلت . فإنه لم يتم استخراج بللورات الأساس النشط ( نيجيللون ) من زيت الحبة السوداء وعزلها سوى في عام ( 1959 م ) (1). والمعادلة الكيماوية للنيجيللون هي ( ك 18 يد 22 أ 4 ) ولم يقوّم دور الحبة السوداء في المناعة الطبيعية حتى عام (1986م) (2)، وكان ذلك في دراسات لنا على سلسلة أولى من المتطوعين ، وقد قدمت هذه الدراسة إلى المؤتمر الدولي الرابع للطب الإسلامي الذي عقد في كراتشي ــ نوفمبر سنة 1986م. وقد بدأ اهتمامنا بالنيجيللا ساتيفا وتأثيرها في تقوية المناعة بعد أن علمنا بالحديث النبوي الشريف السالف الذكر، ثم ما تلا ذلك من إدراكنا للمدى الواسع لقدرات الشفاء لهذا العشب ، سواء في المـؤلفات الطبية القديمة (1 ) أو في الدراسـات الطبية الحـديثة وعلم الحيوان (2). وقد بينت هذه الدراسات أن له تأثيراً في توسيع الشعب يفيد في علاج النزلة الشعبية ، كما أن له تأثيراً على المرارة ويؤدي إلى زيادة تدفق الصفراء ، ولها أثر مضاد للبكتريا، وخافض ومهبط لضغط الدم . كما بينت دراسة تأثير السميات على الحيوانات أن مستخرجات النيجيللا خالية من أي تأثير سمي ضار حتى لو تم حقنها بكميات كبير ة ( 3) .. وقد بينت دراساتنا الأولية على النجيللا زيادة (55 %) في نسبة المساعد من خلايا (ت) وهي ( ت 4 ) إلى المعوق من خلايا (ت) (وهي ت 8) وزيادة متوسطة (30 %) في نشاط خلايا القاتل الطبيعي (ق ط)، وكانت هناك مجموعتان للتجارب في السلسلة الأولى ، مجموعة لم تتلق أي دواء، ولم تتحسن في هذه المجموعة أي من وظيفتي المناعة المقيستين، ومجموعة تجارب أخرى تلقت الفحم المنشط بديلاً ، ولم تتحسن النسبة ( ت 4 ، ت 8 ) في هذه المجموعة ، بينما كان هناك تحسن بنسبة ( 62 % ) في المتوسط في نسبة نشاط خلايا ( ق ط )، وقد علل التحسن في نشاط خلايا ( ق ط ) في مجموعة الفحم بإزالة السموم الكيماوية من الطعام المهضوم والـشراب بواسطة الفحم ، وبهذه الطريقة أزيلت تأثيراتها على معوقات المناعة ، وسمحت لمواد الغذاء الطبيعي أن تمارس تأثيرها في تقوية المناعة . وقد لوحظ أن معظم المتطوعين للسلسلة الأولى ( 1 ) كانوا يقعون تحت ضغوط مؤثرة شخصية ومالية ، وضغوط متعلقة بالعمل خلال فترة الدراسة . وقد شعرنا أن عامل الضغوط ( الإجهاد) قد أدى إلى قصور تأثير النيجيللا في تقوية المناعة ، وذلك لما هو معلوم من أن للضغوط تأثيراً معوقاً للنظام المناعي . وبالتالي فقد أعدنا دراسة تأثير النيجيللا على سلـسـلة ثانية من المتطوعين ، وهذا هو موضوع هذا البحث . الوسائل والمواد : تم تقسيم ثمانية عشر متطوعاً ممن تبدو عليهم إمارات الصحة إلى مجموعتين: إحداهما من أحد عشر متطوعاً، وأعطيت نيجيللا بواقع جرام واحد مرتين يومياً. بينما تلقت المجموعة الأخرى من ( 7 ) متطوعين مسحوق الفحم المنشط بدلاً منها ، وقد غلفت عبوات بذور النجيللا في كبسولات متشابهة تماماً مع عبوات الفحم . فلم يدرك المتطوعون أي نوع من الكبسولات قد أعطي لهم . كما لم يتم إعلام الفاحص المسئول عن إجراء وتفسير دراسات المناعة . ولم يكشف عن ذلك حتى كانت النتائج متاحة لكل المتطوعين ، وقد ضمت مجموعة المتطوعين ( 11 ) ذكراً وسبع إناث تراوحت أعمارهم بين ( 12 - 50 ) عاماً . بسن متوسط هو (30) عاماً . وقد أمكن المقارنة جيداً بين مجموعتي النيجيللا والبديل ( جدول 1 ) . وتم تحليل عددي كامل للكريات الليمفاوية ( ب ، ت ) بما فيها المجموعة الفرعية للمساعد ( ت ) ( خلايا ت 4 ) والخلايا المعوقة ( خلايا ت 8 )، وقد أجري ذلك لكل المتطوعين قبل ثم بعد ( 4 ) أسابيع من أخذ جرعات النيجيللا والبديل . وقد تم أيضاً تقويم خلايا القاتل الطبيعي ( ق ط ) من متطوعي هذه السلسلة وأجريت تحاليل للكريات الليمفاوية ( ب ) خلايا ( ت ) المساعدة وخلايا ( ت ) المعوقة باستعمال الأجسام المضادة وحيدة الارتعاش المدخلة في قطرة ملونة . أما نشاط القاتل الطبيعي ( ق ط ) فقد قيس بوضع خلايا مأخوذة من المتطوعين مع خلايا سرطانية، تم إنماؤها داخل المعمل ( عولجت بتوصيلها بمادة إشعاعية هي كروم مشع (c,51) والكمية المدمرة من خلايا الـسرطان بواسطة خلايا ( ق . ط ) تتناسب مع كمية الإشعاع ( المنطلقة من المادة المشعة على سبيل التعويض والتي يبينها عداد إشعاع جاما) . وقد خلطت خلايا ( ق . ط ) ( الخلايا المؤثرة ) مع خلايا السرطان ( الخلايا المستهدفة ) بثلاث نسب تخفيف مختلفة بين المؤثر إلى المستهدف ( 10 : 1 ، 50 : 1 ، 100 : 1 ) . النتائــــج : في معظم مجموعة النيجيللا كان هناك درجات متفاوتة من التقوية، سواء نسبة ( ت 4 : ت 8 ) أو في نشاط خلايا ( ق ط ) . هذا في الوقت الذي هبطت فيه التقوية في قليل منهم. وبينت النتائج النهائية تحسناً في نسبة ( ت 4 : ت 8 ) بواقع ( 72 % ) بشكل متوسط ، جدول ( 2 ) شكل ( 1 ) وتحسناً في نشاط خلايا ( ق ط) بنسبة ( 187 % )، ( 29 % ) ، ( 7 % )، لنسب المؤثر ( م ) إلى المستهدف ( ف ) للتخفيفات ( 10 : 1 ، 50 : 1 ، 100 : 1 ) على التوالي ، وكان التحسن المتوسط في كل هذه التخفيفات هو ( 74 % ) ( جدول 3 شكل 2 ). أما المجموعة التي تلقت الفحم المنشط بديلاً فقد كانت نتيجتها النهائية تناقص في نسبة ( ت 4 : ت 8 ) بمقدار ( 7 % ) وتحسن في المتوسط في نشاط خلايا ( ق ط ) بنسبة ( 42 % ) وكانت هذه الــ ( 42 % ) متوسطاً لنتائج مختلفة على التخفيفات المتفاوتة في خلايا ( ق ط ) بمعنى تحسن بنسبة ( 137 % ) لنسبة المؤثر إلى المـــستهدف ( م : ف ) 10 : 1 وتحســـن (3 %) لنسبة ( م : ف ) 50 : 1 وتناقص بقدر ( 25 % ) لنسبة (م : ف ) 100 : 1 ولم تسجل أي آثار جانبية في أي من المجموعتين . مناقشة النتائــج : أكدت النتائج الدور الإيجابي للنيجيللا ساتيفا (الحبة السوداء ) من حيث تأثيرها المقوي للنظام المناعي. وقد كان هذا الأثر ملفتاً للنظر بشكل خاص فيما يتعلق بنسبة ( ت 4 : ت 8 ) حيث إن مثل هذا الأثر لم يوجد في المجموعة الضابطة . أما بالنسبة لنشاط خلايا ( ق ط ) فقد حصلت مجموعة النيجيللا ساتيفا على نسبة أعلى من التقوية بالمقارنة بالمجموعة الضابطة على الرغم من أن درجة التمايز لم تكن بنفس الوضوح ، ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الفحم المنشط الذي استعمل بديلاً كان اختياراً خاطئاً . وقد توصلنا إلى هذه النتيجة بالفعل بعد الحصول على نتائج السلسلة الأولى من دراساتنا على النيجيللا إذ وجد أن للفحم المنشط تأثيراً غير مباشر على نشاط خلايا ( ق ط ) ويكون على الأغلب بإزالة الكيماويات السامة من الطعام المهضوم والشراب ، ويسمح فقط بامتصاص الأغذية الطبيعية خلال الجهاز المعوي . وبالتالي فإن الأغذية الطبيعية كانت لديها القدرة على إظهار تأثيرها المفيد في تقوية المناعة، وعلى كل حال فقد اخترنا استعمال الفحم المنشط مرة أخرى في السلسلة الثانية ، وذلك لتقويم إمكان استعادة نتائج السلسلة الأولى . وقد سرنا وجود نفس الاتجاهات في نتائج كلتا السلسلتين . وكان الاختلاف الوحيد بين السلسلتين هو التحسن الملحوظ في مجموعة النيجيللا فيما يتعلق بكل من وظيفتي المناعة المقيستين ، والتحسن الأقل في نشاط خلايا ( ق ط ) في مجموعة الفحم ، ويمكن تفسير ذلك بسهولة بحقيقة أن الأكل المهضوم والشرب في حالة متطوعي السلسلة الثانية كان صحياً أكثر، ويحتوي على سميات كيميائية أقل من طعام السلسلة الأولى ، ويحتمل أن يكون ذلك بسبب تحسن العناية بالصحة ... ولذا كانت عوائق المناعة أقل تعرضاً للتأثير المقوي للنيجيللا ، كما كان أمام الفحم سميات كيميائية أقل لإزالتها؛ وبالتالي كان هنا دواع أقل للتحسن في مجموعة الضبط بالمقارنة بالسلسلة الأولى للدراسة . وهناك ملاحظة أبديت على كلتا سلسلتي الدراسة، وهي حقيقة أن المتطوعين الذين قيل: إنهم أصـحاء لم يكونوا في الواقع كذلك . ومعظمهم كان لديهم - بكيفية ما - قصور في وظائف المناعة . ومن السهل تفسير ذلك بما يتعرض له معظم الناس من التلوث عامة في الهواء والطعام والشراب بالإضافة إلى طبيعة الحياة المليئة بالضغوط . ومن العناصر الأخرى التي ينبغي إمعان النظر فيها عند مراجعة نتائج كلتا سلسلتي الدراسة هي : أولاً ـــ إن عدد المتطوعين للدراسة كان قليلاً نسبياً ، وإن عدداً أكثر من ذلك يعطي نتائج أكثر أهلية للثقة . ثانياً ـــ إننا استخدمنا جرعة واحدة من النيجيللا بمعنى جرام واحد مرتين يومياً، وقد تكون لجرعة أكبر تأثيرات أقوى . ثالثاً - إن هؤلاء المتطوعين - وإن كان لديهم (قصور ) في وظائف المناعة ( نسبة ت 4 : ت 8 هي 1.2 بينما الطبيعي 2) - كانوا لايزالون من الأصحاء نسبياً، وخالين من أي سرطان أو أي أعراض طبية لخلل في المناعة، والمتوقع أن التحسن في مثل هؤلاء الأشخاص يكون محدوداً حيث لم يكونوا بعيدين بالقدر الكافي عن الظروف الصحية العادية من البداية . ولو أنه تم اختبار النيجيللا أو الغذاء النقي على عينات ذوي صحة سيئة؛ فمن الممكن أن التحسن إذ ذاك سيكون أكثر بروزاً . ففي المراحل المتقدمة من السرطان تَبـَيـَّن عند علاج المرضى ببرنامجنا المتعدد الطرق لعلاج المناعة الذي تكون النيجيللا واحداً من مكوناته تحسن في نسبة (ت 4 : ت 8) وكذا في نشاط خلايا ( ق ط ) ليس بمقدار ( 50 ـــ 70 % ) بل بمقادير تتراوح بين ( 200 ـــ 300 % )، وأن عمل دراسات متعمقة على تأثير النيجيللا فقط على بعض هؤلاء المرضى سيكون مفيداً جداً . الاستنتاج : ثبت أن تناول حبوب النيجيللا ساتيفا ( الحبة السوداء ) بالفم بجرعة جرام واحد مرتين يومياً له أثر مقوي على وظائف المناعة، ويتضح ذلك في تحسن نسبة المساعد إلى المعوق في خلايا ( ت ) ، وفي تحسن النشاط الوظيفي لخلايا القاتل الطبيعي، وقد تكون لهذه النتائج فائدة عملية عظمى؛ إذ من الممكن أن يلعب مقوي طبيعي للمناعة مثل الحبة السوداء دوراً هاماً في علاج السرطان والإيدز وبعض الظروف المرضية الأخرى التي ترتبط بحالات نقص المناعة . الخطط المستقبلية للنيجيللا ساتيفا (الحبة السوداء) : 1 ـــ تقويم دور تقوية المناعة بتأثير تناول النيجيللا ساتيفا بجرعات أكثر من (1) جرام مرتين يومياً . 2 ـــ تقويم أثر النيجيللا ســـاتيفا على مقاييــــس المناعة الأخرى ، مثــل الكريات الليمفاوية ، وحافز الماكروفاج ، ومركبات المناعة المختلفة النشطة مثل عوامل ورم التنكرز والانترفيرون والانترلوكنز وغيرها . 3 ـــ تقويم أثر النيجيللا ســاتيفا في تقوية المناعة عند اســتعمالها بالإضافة إلى مقويات المناعة الطبيعية الأخرى مثل الثوم والعسل ، وقد بينت الدراسات المعملية الأولية تأثيراً مقوياً للمناعة في كل من الثوم والعسل . 4 ـــ تقويم أثر النيجيللا ساتيفا منفردة وعند ارتباطها بمقويات المناعة الأخرى على مرضى بأعراض قصور في المناعة مثل السرطان والإيدز ... وغيرها . وجه الإعجاز في الحبة السوداء : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن في الحبة السوداء شفاء من كل داء، وباعتبار أن العموم هو الأصل ولايصرف عنه إلا بقرينة؛ فيصير معنى الحديث : أن في الحبة السوداء نسبة من الشفاء في كل داء . لأن شفاء هنا نكرة ، والنكرة في سياق الإثبات لا تعم غالباً، فليس معناها أنها الشفاء الكامل لكل داء ، ولكن معناها أن فيها قدراً من الشفاء يقل أو يكثر حسب المرض . ومعلوم أن جهاز المناعة له تأثير مباشر وغير مباشر في جميع أجهزة الجسم ، وعليه فإن أي خلل في هذا الجهاز يعود بالخلل على جميع أجهزة الجسم ، كما في مرض الإيدز مثلاً ، وأن صحة هذا الجهاز وتقويته تعود بالفائدة المباشرة أو غير المباشرة على جميع أجهزة الجسم، وعليه عندما يصاب الإنسان بمرض ما في بعض أجهزته تؤثر قوة جهاز المناعة في الشفاء من هذا المرض تأثيراً مباشراً أو غير مباشر . ولقد ثبت بالبحث أن الحبة السوداء تقوي جهاز المناعة في الجسم، وتحسن وظائف هذا النظام، وذلك بما ثبت من تحسن نسبة المساعد إلى المعوق في خلايا (ت) ( ت 4 : ت 8 ) وفي تحسن النشاط الوظيفي لخلايا القاتل الطبيعي . وهكذا يجلي العلم اليوم هذه الحقيقة . وماكان لأحد من البشر أن يتكلم بهذا منذ أربعة عشر قرناً إلا بوحي من الله تعالى . 1 ـــ تقويم دور تقوية المناعة بتأثير تناول النيجيللا ساتيفا بجرعات أكثر من (1) جرام مرتين يومياً . 2 ـــ تقويم أثر النيجيللا ســـاتيفا على مقاييــــس المناعة الأخرى ، مثــل الكريات الليمفاوية ، وحافز الماكروفاج ، ومركبات المناعة المختلفة النشطة مثل عوامل ورم التنكرز والانترفيرون والانترلوكنز وغيرها . 3 ـــ تقويم أثر النيجيللا ســاتيفا في تقوية المناعة عند اســتعمالها بالإضافة إلى مقويات المناعة الطبيعية الأخرى مثل الثوم والعسل ، وقد بينت الدراسات المعملية الأولية تأثيراً مقوياً للمناعة في كل من الثوم والعسل . 4 ـــ تقويم أثر النيجيللا ساتيفا منفردة وعند ارتباطها بمقويات المناعة الأخرى على مرضى بأعراض قصور في المناعة مثل السرطان والإيدز ... وغيرها . عن خالد بن سعيد قال : خرجنا و معنا غالب بن أبجر ، فمرض في الطريق ، فقدمنا المدينة و هو مريض ، فعاده ابن أبي عتيق فقال لنا : عليكم بهذه الحُبيبة السوداء فخذوا منها خمساً أو سبعاً فاسحقوها ثم اقطروا في أنفه بقطرات زيت في هذا الجانب و في هذا الجانب ، فإن عائشة رضي الله عنها حدثتني أنها سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : " إنَّ هذه الحبَّة السوداء شفاء من كل داء إلا من السَّام . قلت : و ما السَّام ؟ قال : الموت ". أخرجه البخاري في صحيحه في الطب 5687 قال ابن حجر رحمه الله : ويؤخذ من ذلك أن معنى كون الحبة السوداء شفاء من كل داء أنها لا تستعمل في كل داء صرفاً بل ربما استعملت مفردة ، و ربما استعملت مركبة ، و ربما استعملت مسحوقة و غير مسحوقة ، و ربما استعملت أكلاً و شرباً و سُعوطاً و ضِماداً و غير ذلك . و قيل إن قوله : " كل داء " تقديره يقبل العلاج بها .. وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة : تكلم الناس في هذا الحديث و خصوا عمومه وردوه إلى قول أهل الطب و التجربة ، و لا خفاء بغلط قائل ذلك لأنا إذا صدقنا أهل الطب و مدار علمهم غالباً إنما هو على التجربة التي بناؤها على ظن غالب ، فتصديق من لا ينطق عن الهوى أولى بالقبول من كلامهم [ فتح الباري : 10 / 144 ] . هذه بعض أقوال العلماء القدماء في الحبة السوداء فماذا يقول العلماء المحدثون فيها ؟ نشر الدكتور أحمد القاضي و الدكتور أسامة قنديل اللذان يعملان في معهد أكبر للطب الإسلامي للتعليم و الأبحاث في بنما ستي _ فلوريدا ، الولايات المتحدة الأمريكية _ مقالاً عنوانه : الحبة السوداء ( نيجللا ساتيفا ) المقوي الطبيعي للمناعة ، تحدثا فيه عن التجارب التي أجرياها على الحبة السوداء ، و جاء في آخر المقالة تحت عنوان الاستنتاج : ثبت أن تناول حبوب النيجللا ساتيفا ( الحبة السوداء ) بالفم بجرعة جرام واحد مرتين يومياً له أثر مقوي على وظائف المناعة ، ويتضح ذلك في تحسن نسبة المساعد إلى المعوق في خلايا ( ت ) ، و في تحسن النشاط الوظيفي لخلايا القتل الطبيعي . و قد تكون لهذه النتائج فائدة عظمى ، إذ من الممكن أن يلعب مقو طبيعي للمناعة مثل الحبة السوداء دوراً هاماً في علاج السرطان و الإيدز و بعض الظروف المرضية الأخرى التي ترتبط بحالات نقص المناعة ... و هكذا يجلِّي العلم اليوم هذه الحقيقة ، و ما كان لأحد من البشر أن يتكلم بهذا منذ أربعة عشر قرناً إلا بوحي من الله [ انظر أوجه من الإعجاز العلمي في عامل النحل و اللبن و الحبة السوداء ، من منشورات هيئة الإعجاز العلمي للقرآن و السنة في رابطة العالم الإسلامي ] . المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم |
مجهود رائع وموضوع قيّم اخي ايمن استمتعت بتواجدي بصفحتك بانتظار المزيد من هذا العطاء لك مني ارقّ تحية وأعذبها وبارك الله بك وجزاك الجنة دمت بخير اخوك ابو جمال |
بارك الله بك ايمن على الطرح
استودعك الله |
الساعة الآن 10:01 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |