![]() |
وخاطبته بما نصه: علم إذا التمسوا الفنون بعلمه مرعى المشيح ونجعة المكتال نال الذي لا فوقها من رفعة ما أملتها حيلة المحتال وقضى قياس تراثه عن جده إن المقدم فيه عين التالي قاضي الجماعة بماذا أثنى على خلالك المرتضاة أبقديمك الموجب لتقديمك أم بحديثك الداعي لتكحل حديثك وكلاهما غاية بعد مرماها وتحامى المنصور حماها والضالع لا يسام سبقًا والمنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقة. وما الظن بأصالة تعترف بها الآثار وتشهد وأبوة صالحة كانت في غير ذات الحق تزهد وفي نيل الاتصال به تجهد ومعارف تقرر قواعد الحق وتمهد وتهزم الشبه إذا تشهد. وقد علم الله أن جوارك لم يبق للدهر على جوار ولاحت من غصني ورقًا ولا نوارا. هذا وقد زأر على أسد وحمل ثورًا. فقد أصبحت في ظل الدولة التي وقف على سيدي اختيارها وأظهر خلوص إبريزه معياها تحت كنف وعز مؤتنف وجوار أبي جلف وعلى ثقة من الله بحسن خلف. وما منع من انتساب ما لديه من الفضائل إلا رحلة لم يبرك بعد حملها ولا قر عملها وأوحال حال بيني وبين مسور البلد القديم مهلها. ولولا ذلك لاغتبطت الزايد واقتنيت الفوايد والله يطيل بقاه حتى تتأكد القربة التي تنسى بها الغربة وتعظم الوسيلة التي لا تذر معها الفضيلة وأما ما أشار به من تقييد القصيدة التي نفق سوقها استحسانه وأنس باستظرافها إحسانه فقد أعمل وما أمهل والقصور باد إذا تأمل والإغضاء أولى ما أمل فإنما هي فكرة قد أخمدت نارها الأيام وغيرت آثارها الليام. وقد كان الحق إجلال مطالعة سيدي من خللها وتنزيه رجله عن تقبيل مرتجلها. لا كن أمره ممتثل وأتى من المجد أمرًا لا مرد له مثل. والسلام على سيدي من معظم قدره وملتزم بره ابن الخطيب ورحمة الله. فكتب إلي مراجعًا وهو الملئ بالإحسان: وافت يجر الزهو فضلة بردها حسناء قد أضحت نسيجة وحدها له أي قصيدة أهديت لو يهتدي المعارض نحو غاية قصدها لابن الخطيب بها محاسن جمة قارعت عنه الخطوب ففلت من حدها سر البلاغة عنه أودع حافظًا قد صانه حتى فشى من عندها في غير عقد نفثته بسحرها فلذا أتى سلسًا منظم عقدها لم أدر ما فيها وقمت معاونًا من طرسها أو معلمًا من بردها حتى دفعت بها لأبعد غاية باعًا تقصر في البلوغ بحدها حدان من نظم ونثر إن من يلقاهما منها بذلة عبدها ورفضت تكذيب المنى متشيعًا لعلي مرآها يصادق وعدها فبذلت شعري رافعًا من برها وهززت عطفي رافلًا من بردها خذها أعز الله جنابك وأدال للأنس على الوحشة اغترابك كغبة الطائر المتجعد ونهبة الثاير المستوفز ومقة اللحظ قليلة اللفظ قد جمعت من سوامها وانفحامها بين نظم قيد وصلود زند وتوعت فعلى إقدامها وانحجامها إلى قاصر ومعتد وليتني إذا جادت سحابة ذلك الخاطر الماطر الودق وإنجاب العاني عن مزنة فكرتي بتقاضي الجواب انجياب الطوق وأيقنت أني قد سد علي باب القول وأرتحج وقلت هذه السالفة الكلية فصدت لها الداعة من تكلم الإمرة ولم أفه إذ أعوزت المرة بالحلوة لاكني قلت وجد المكثر كجهد المقل والواجب قد يقل الامتثال فيه بالأقل. فبعثت بها على علاتها وأبلغتها عذرها. في أن كتبت عن شوقها بلغاتها وهي لا تعدم من سيدي في إغضاء كريم وإرضاء سليم. والله عز وجل يصل بالتأنيس الحبل ويجمع الشمل. والسلام الكريم يخص تلك السيادة ورحمة الله وبركاته. من محمد بن أحمد الفشتالي. وهو الآن قاض بفاس المذكورة محمود السيرة أبقاه وأمتع به. محمد بن محمد بن داود القرشي محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يحيى بن عبد الرحمن ابن أبي بكر بن علي بن داود القرشي المقرى يكنى أبا عبد الله قاضي الجماعة يقاس وتلمسان. أوليته نقلت من خطه. قال وكان الذي اتخذها من سلفنا قرارًا بعد أ كانت لمن قبله مرارًا عبد الرحمن بن أبي بكر بن علي المقرى صاحب أبي مدين الذي دعا له ولذريته بما ظهر فيهم من قبول وتبين. وهو أبي الخامس فأنا محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يحية بن عبد الرحمن وكان هذا الشيخ عروي الصلاة حتى أنه ربما امتحن بغير شيء فلم يؤنس منه التفات ولا استشعر منه شعور. ويقال إن هذا الحضور مما أدركه من مقامات شيخه أبي مدين. ثم اشتهرت ذريته على ما ذكر من طبقاتهم بالتجارة فمهدوا طريق الصحراء بحفر الآبار وتأمين التجار. واتخذوا طبل الرحيل وراية التقدم عند المسير. وكان ولد يحيى الذي كان أحدهم أبو بكر خمسة رجال. فعقدوا الشركة بينهم فيما ملكوه وفيما يملكونه على السواء بينهم والاعتدال وكان أبو بكر ومحمد وهما أرومتا نسبي من جميع جهات الأم والأب بتلمسان وعبد الرحمن وهو شقيقهما الأكبر بسجلماسة وعبد الواحد وعلي. وهما شقيقاهم الصغيران بأي والاتن فاتخذوا هذه الأقطار والحوايط والديار فتزوجوا النساء. واستولدوا الإماء. وكان التملساني يبعث إلى الصحراوي بما يرسم له من السلع. ويبعث إليه الصحراوي بالجلد والعاج والجوز والتبر والسجلماسي كلسان الميزان يعرفهما بقدر الرجحان والخسران ويكاتبهما بأحوال التجار وأخبار البلدان حتى اتسعت أموالهم وارتفعت في الفخامة أحوالهم ولما افتتح التكرور كورة أي والاتن وأعمالها أصيبت أموالهم فيما أصيب من أموالها بعد أن جمع من كان بها منهم إلى نفسه الرجال ونصب دون ماله القتال ثم اتصل بملكهم فأكرم مثواه ومكنه من التجارة بجميع بلاده وخاطبه بالصديق الأحب والخلاصة الأقرب ثم صار يكاتب من بتلمسان يستقضي منهم مآربه فيخاطبه بمثل تلك المخاطبة وعندي من كتبه وكتب الملوك بالمغرب ما ينبئ عن ذلك. فلما استوثقوا من الملوك تذللت لهم الأرض للسلوك فخرجت أموالهم عن الحد وكادت تفوق الحصر والعد لأن بلاد الصحراء قبل أن يدخلها أهل مصر كانت تجلب لها من المغرب ما لا بال له من السلع فيعاوض عنه بما له بال من الثمن. ثم قال أبو مدين: الدينا ضم جنب أبي حمو وشمل ثوبهاه. كان يقول لو لا الشناعة لم أزل في بلادي تاجرًا من غير تجار الصحراء الذين يذهبون بخبيث السلع ويأتون بالتبر الذي كل أمر الدنيا له تبع ومن سواهم يحمل منها الذهب ويأتي إليها بما يضمحل عن قريب ويذهب إلى ما يغير من العوايد ويجر السفهاء إلى الفساد. ولما هلك هؤلاء الأشياخ جعل أبناؤهم ينفقون مما تركوا لهم ولم يقوموا بأمر التثمير قيامهم وصادفوا توالي الفتن ولم يسلموا من جور السلطان فلم تزل حالهم في نقصان إلى هذا الزمان فها أنا ذا لم أدرك في ذلك إلا أثر نعمة اتخذنا فصوله عيشًا وأصوله حرمة. ومن جملة ذلك خزانة كبيرة من الكتب وأسباب كثيرة تعين على الطلب فتفرغت بحول الله عز وجل للقراءة فاستوعبت أهل البلد لقاء وأخذت عن بعضهم عرضًا وإلقاء سواء المقيم القاطن والوارد والظاعن. حاله هذا الرجل مشار إليه بالعدوة المغربية اجتهادًا ودؤوبًا وحفظًا وعناية واطلاعًا ونقلًا ونزاهة سليم الصدر قريب الغور صادق القول مسلوب التصنع كثير الهشة مفرط الخفة ظاهر السذاجة ذاهب أقصى مذاهب التخلق محافظ على العمل مثابر على الانقطاع حريص على العبادة مضايق في العقد والتوجه يكابد من تحصيل النية بالوجه واليدين مشقة ثم يغافض الوقت فيها ويوقعها دفعة متبعًا إياها زعقة التكبير برجفة ينبو عنها سمع من لم يكن تأنس بها عادة بما هو دليلي على حسن المعاملة وإرسال السجية قديم النعمة متصل الخيرية مكب على النظر والدرس والقراءة معلوم الصيانة والعدالة منصف في المذاكرة حاسر الذراع عند المباحثة راحب عن الصدر في وطيس المناقشة غير مختار للقرن ولا ضان بالفايدة كثر الالتفاف متقلب الحدقة جبير بالحجة بعيد عن المراء والمباهتة قايل بفضل من الطلبة يقوم أتم القيام على العربية والفقه والتفسير ويحفظ الحديث ويتهجر بحفظ الأخبار والتاريخ والآداب ويشارك مشاركة فاضة في الأصلين والجدل والمنطق ويكتب ويشعر مصيبًا في ذلك غرض الإجادة ويتكلم في طريقة الصوفية كلام أرباب المقال ويعتني بالتدوين فيها. شرق وحج ولقي جلة واضطبن رحلة مفيدة ثم آب إلى بلده فأقرأ به وانقطع إلى خجمة العلم. فلما ولي ملك الغرب السلطان محالف الصنع ونشيدة الملك وأثير الله من بين القرابة والإخوة أمير المسلمين أبو عنان فارس اجتذبه وخلطه بنفسه واشتمل عليه وولاه قضاء الجماعة بمدينة فاس فاستقل بذلك أعظم الاستقلال وأنفذ الحكم وألان الكلمة وآثر التسديد وحمل الكل وخفض الجناح فحسنت عنه القالة وأحبته الخاصة والعامة. حضرت بعض مجالسه للحكم فرأيت من دخوله غرناطة ثم لما أخر عن القضاء استعمل بعد لأي في الرسالة فوصل الأندلس أوايل جمادى الثانية من عام ست وخمسين وسبعمائة. فلما قضى عرض الرسالة وأبرم عقد وجهته واحتل مالقة في متصرفه بدا له في نبذ الكلفة واضطراح وظيفة الخدمة وحل التقيد إلى ملازمة الإمرة فتقاعد وشهر غرضه وبت في الانتقال وطمع من كان صحبته وأقبل على شأنه فخلى بينه وبين همه. وترك وما انتحله من الانقطاع إلى ربه. وطار الخبر إلى مرسله فأنف من تخصيص إيالته بالهجرة والعدول عنها بقصد التخلي والعبادة وأنكر ما نحله غاية الإنكار من إبطال عمل الرسالة والانقباض قبل الخروج عن العهدة فوغر صدره على صاحب الأمر ولم يبعد حمله على الظنة والمواطأة على النفرة وتجهزت جملة من الخدام المجلين في مآزق الشبهة المضطلعين بإقامة الحجة مولين خطة الملام مخيرين بين سحايب عاد من الإسلام مظنة إغلاق النعمة وإيقاع المثلة والإساءة بسبب القطيعة والمنابذة. وقد كان المترجم به لحق بغرناطة فتذمم بمسجدها وجار بالإنقطاع إلى الله وتوعد من يجيره بنكير من يجير ولا يجار عليه سبحانه فأهم أمره وشغلت القلوب آيدته وأمسك الرسل بخلال ما صدرت شفاعة اقتضت له رفع ولما تحصل ما تيسر من ذلك انصرف محفوفًا بعالمي القطر قاضي الجماعة أبي القاسم الحسني المترجم به قبله والشيخ الخطيب أبي البركات بن الحاج مستهلين لوروده مشافهين للشفاعة في غرضه فأقشعت الغمة وتنفست الكربة. وجرى أثناء هذا من المراسلة والمراجعة ما تضمنه الكتاب المسمى بكناسة الدكان بعد انتقال السكان المجموع بسلا ما صورته: المقام الذي يحب الشفاعة ويرعى الوسيلة وينجز العدة ويتمم الفضيلة ويضفي مجده المنن الجزيلة ويعيى حمده الممادح العريضة الطويلة. مقام محل والدنا الذي كرم مجده ووضح سعده وصح في الله تعالى عقده وخلص في الأعمال الصالحة قصده وأعجز الألسنة حمده السلطان الكذا ابن السلطان الكذا ابن السلطان الكذا أبقاه الله سبحانه لوسيلة يرعاها وشفاعة يكرم مسعاها وأخلاق جميلة تجيب دعوة الطبع الكريم إذا دعاها معظم سلطانه الكبير وممجد مقامه الشهير المتشيع لأبوته الرفيعة قولًا باللسان واعتقادًا بالضمير المعتمد منه بعد الله على الملجأ الأحمى والولي النصير فلان. سلام كريم طيب بر عميم يخص مقامكم الأعلى وأبوتكم الفضلى ورحمة الله وبركاته. أما بعد حمد الله الذي جعل الخلق الحميدة دليلًا على عنايته بمن حلاه حلاها وميز بها النفوس النفيسة التي اختصها بكرامته وتولاها حمدًا يكون كفوًا للنعم التي أولاها وأعادها ووالاها والصلاة والسلامة على سيدنا ومولانا محمد عبده ورسوله المترقي من درجات الاختصاص أرفعها وأعلاها الممتاز من أنوار الهداية بأوضحها وأجلاها مطلع آيات السعادة يروق مجتلاها. والرضا عن آله وصحبه الذين خبر صدق ضمائرهم لما ابتلاها وعسل ذكرهم في الأفواه فيما أعذب أوصافهم على الألسن وأحلاها. والدعاء لمقام أبوتكم حرس الله تعالى علاها بالسعادة التي يقول الفتح أنا طلاع الثنايا وابن جلاها والصنائع التي تخترق المفاوز بركائبها المبشرات فتفلى فلاها. فإنا كتبنا إليكم كتب الله تعالى لكم عزة مشيدة البناء وحشد على أعلام صنائعكم الكرام جيوش الثناء وقلدكم قلائد مكارم الأخلاق ما يشهد لذاتكم منه بسابقة الاعتناء. من حمراء غرناطة حرسها الله والود باهر السناء مجد على الأناء والتشيع رحب الدسيعة والفناء. وإلى هذا وصل الله تعالى سعدكم وحرس مجدكم فإننا خاطبنا مقامكم الكريم في شأن الشيخ الفقيه الحافظ الصالح أبي عبد الله المقرى خار الله تعالى لنا وله وبلغ الجميع من فضله العميم أمله جوابًا عما صدر من مثابتكم فيه من الإشارة المتمثلة والمآرب المعملة والقضايا غير المهملة نصادركمن بالشفاعة التي مثلها بأبوابكم لا يرد وظمآها عن منهل قبولكم لا تجلى ولا تصد حسبما سنة الأب الكريم والجد والقبيل الذي وضح منه في المكارم الرسم والحد. ولم نصدر الخطاب حتى ظهر لنا من أحواله صدق المخيلة وتبلج صيح الزهاد والفضيلة وجود النفس الشحيحة بالعرض الأدنى البخيلة وظهر تخليه عن هذه الدار واختلاطه باللفيف والغمار وإقباله على ما يعني مثله من صلة الأوراد ومداومة الاستغفار وكنا لما تعرفنا إقامته بمالقة لهذا الغرض الذي شهره والفضل الذي أبرزه للعيان وأظهره أمرنا أن يعتنى بأحواله ويعان على فراغ باله ويجري عليه سيب من ديوان الأعشار الشرعية وصريح ماله وقلنا أما أتاك من غير مسألة مستند صحيح لاستدلاله ففر من مالقة على ما تعرفنا لهذا السبب وقعد بحضرتنا مستور المنتمى والمنتسب وسكن بالمدرسة بعض الأماكن المعدة لكني المتسمين بالخبر والمحترفين ببضاعة الطلب بحيث لم يتعرف وروده ووصوله إلا ممن لا يؤبه بتعريفه ولم تتحقق زوائده وأصوله لقلة تصريفه. ثم تلاحق إرسالكم الجلة فوجبت حينئذ الشفاعة وعرضت على سوق الحلم والفضل من الاستلطاف والاستعطاف البضاعة وقررنا ما تحققناه من أمره وانقباضه عن زيد الخلق وعمره واستقباله الوجهة التي من ولي وجهه شطرها فقد آثر أثيرًا ومن ابتاعها بمتاع الدنيا فقد نال فضلًا كبيرًا وخيرًا كثيرًا وسألنا منكم أن تبيحوه ذلك الغرض الذي رماه بعزمه وقصر عليه أقصى همه. فما أخلق مقامكم أن يفوز منه طالب الدنيا فقد نال فضلًا كبيرًا وخيرًا كثيرًا وسألنا منكم أن تبيحوه ذلك الغرض الذي رماه بعزمه وقصر عليه أقصى همه. فما أخلق مقامكم أن يفوز منه طالب الدنيا بسهمه ويحصل منه طالب الآخرة على حظه الباقي وقسمه ويتوسل الزاهد بزهده والعالم بعلمه ويعول البريء على فضله ويثق المذنب بحلمه فوصل الجواب الكريم بمجرد الأمان وهو أرب من آراب وفائدة من جراب ووجه من وجوه إعراب فرأينا أن المطل بعد جفاء والإعادة ليس يثقلها خفاء ولمجدكم يما ضمنا عنه وفاء وبادرنا الآن إلى العزم عليه في ارتحاله وأن يكون الانتقال عن رضًا منه من صفة حاله وأن يقتضي له ثمرة المقصد ويبلغ طية الإسعاف في الطريق إن قصد إذ كان الأمان لمثله ممن تعلق بجناب الله. من مثلكم حاصلًا والدين المتين بين نفسه وبين المخافة فاصلًا وطالبنا كيمياء السعادة بإعانتكم واصلًا. ولما مدت اليد في تسويغ حالة هذيكم عليها أبدًا يحرض وعلمكم يصرح بمزيتها ولا يعرض فكملوا أبقاكم الله ما لم تسعنا فيه مشاحة الكتاب وألحقوا بالأصل حديث هذه الإباحة فهو أصح حديث في الباب ووفوا غرضنا من مجدكم وخلوا بينه وبين مراده من ترك الأسباب وقصد غافر الذنب وقابل التوب بإخلاص المتاب والتشمير ليوم العرض وموقف الحساب وأظهروا عليه عناية الجناب والذي تعلق به أعلق الله به يدكم من جناب ومعاذ الله أن تعود شفاعتنا من لدنكم غير مكملة الآراب. وقد بعثنا من ينوب عنا في مشافهتكم بها أحمد المناب ويقتضى خلاصها بالرغبة لا بالغلاب وهما فلان وفلان ولولا الأعذار لكان في هذا الغرض إعمال الراب بسبق إعلام الكتاب وأنتم تولون هذا القصد من مكارمكم ما يوفر الثناء الجميل ويربي على التأميل ويكتب على الود الصريح العقد وثيقة التسجيل. وهو سبحانه يبقيكم لتأييد المجد الأثيل وإنالة الرفد الجزيل والسلام الكريم يخص مقامكم الأعلى ومثابتكم الفضلى ورحمة الله تعالى وبركاته. في الحادي والعشرين لجمادة الآخرة من عام سبعة وخمسين وسبعمائة والله ينفع بقصده وييسر علينا الرجعة إلى وجهه وفضله. |
مشيخته قال: فممن أخذت عنه واستفدت منه علماها يعنى تلمسان الشامخان وعالماها الراسخان أبو زيد عبد الرحمن وأبو موسى عيسى إبنا محمد بن عبد الله بن الإمام وحافظها ومدرسها ومفتيها أبو موسى عمران بن موسى بن يوسف المشذالي صهر شيخ المتأخرين أبي علي ناصر الدين على إبنته ومشكاة الأنوار التي يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن حكيم الكناني السلوى رحمه الله. ومهم القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد النور والشيخ أبو عبد الله محمد بن الحسن البروني وأبو عمران موسى بومن المصمودي الشهير بالبخاري. قال سمعت البروني يقول: كان الشيخ أبو عمران يدرس البخاري ورفيق له يدرس صحيح مسلم وكانا يعرفان بالبخاري ومسلم فشهدا عند قاضي فطلب المشهود عليه بالإذار فيهما فقال له أبو عمران أتمكنه من الإعذار في الصحيحين البخارس ومسلم فضحك القاضي وأصلح بين الخصمين. ثم قال ومن شيوخي الصلحاء الذين لقيت بها خطيبها الشيخ أبو عثمان سعيد بن إبراهيم بن علي الخباط أدرك أبا إسحاق الطيار. ومنهم أبو عبد الله بن محمد الكرموني وكان بصيرًا بتفسير الرؤيا فمن عجايب شأنه أنه كان في سجن أبي يعقوب يوسف ابن عيد الحق مع من كان فيه من أهل تلمسان أيام محاصرته لها فرأى أبا جمعة على التلالسي الجرايحي منهم كأنه قايم على ساقيه دايرة وجميع أقداحها وأقواسها نصب في نقير في وسطها فجاء ليشرب فاغترف الماء فإذا فيه فرث ودم فأرسله واغترف فإذا هو كذلك ثلاثًا أو أكثر ثم عدل إلى خاصة ماء فجاءها وشرب منها. ثم استيقظ وهو النهار فأخبره فقال إن صدقت الرؤيا فنحن عن قليل خارجون من هذا السجن. قال كيف قال الساقية الزمان والنقير السلطان وأنت جرايحي تدخل يدك في جوفه فينالها الغرث والدم وهذا ما لا يحتاج معه إلى دليل فأخرج فوجد السلطان مطعونًا بخنجر فأدخل يده في جوفه فناله الفرث والدم فخاط جراحته وخرج فرأى خاصة ماء فغسل يده وشرب. ولم يلبث السلطان أن توفي وسرحوا من كان في سجنه ومن أشياخه الإمام نسيج وحده أبو عبد الله محمد بن إبراهيم ابن أحمد الآبلى التلمساني وهو رحلة الوقت في القيام على الفنون العقلية وإدراكه وصحة نظره. حدث قال: قدم على مدينة فاس شيخنا أبو عبد الله محمد بن يحيى الباهلي عرف بن المسفر. رسولا من صاحب بجاية. وزاره الطلبة فكان مما حدثهم أنهم كانوا على زمان ناصر الدين يستشكلون كلامًا وقع في تفسير سورة الفاتحة من كتب فخر الدين واستشكله الشيخ معهم. وهذا نصه: ثبت في بعض العلوم العقلية أن المركب مثل البسيط في الجنس والبسيط مثل المركب في الفصل وأن الجنس أقوى من الفصل. فأخبروا بذلك الشيخ الآبلي لما رجعوا إليه فتأمله ثم قال هذا كلام مصحف وأصله أن المركب قبل البسيط في الحس و البسيط قبل المركب في العقل وإن الحس أقوى من العقل فأخبروا ابن المسفر فلج: فقال لهم الشيخ التمسوا النسخ فوجدوا في لفظ بعضها كما قال الشيخ. رحلته رحل إلى بجاية مشرقًا فلقي بها جلة منهم الفقيه أبن عبد الله محمد بن يحيى الباهلي ابن المسفر. ومنهم قاضيها أبو عبد الله محمد بن الشيخ أبي يوسف يعقوب الزواوي فقيه ابن فقيه. ومنهم أبو علي حسن بن حسن إمام المعقولات بعد ناصر الدين. وبتونس قاضي الجماعة وفقيهها أبو عبد الله بن عبد السلام وحضر دروسه وقاضى المناكح أبو محمد بن محمد بن عبد الرحمن التوزري المعروف بخليل وإمام المقام أبا العباس رضي الدين الشافعي وغير واحد من الزايرين والمجاورين وأهل البلد. ثم دخل الشام فلقي بدمشق شمس الدين بن قيم الجوزية صاحب ابن تيمية وصدر الدين الغماري المالكي وأبا القاسم بن محمد اليماني الشافعي وغيرهم. وببيت القدس أبا عبدالله بن مثبت والقاضي شمس الدين ابن سالم والفقيه أبا عبد الله بن عثمان وغيرهم. تصانيفه ألف كتابًا يشتمل على أزيد من مائة مسألة فقهية ضمنها كل أصيل من الرأي والمباحثة. ودون في التصوف إقامة المريد ورحلة المتبتل وكتاب الحقايق والرقايق وغير ذلك. شعره نقلت من ذلك قوله. هذه لمحة العارض لتكملة ألفية ابن الفارض سلب الدهر من فرايدها فلا رجم من نقيب المعاول آمن ولا هدم إلاك شيد بقوة فمم تقول الاسفطسات منك أو علام مزاج ركبت أو طبيعة فإن قام لم يثبت له منك قاعد وإلا فأنت الدهر صاحب قعدة فما أنت يا هذا الهوى ماء أو هوا أم النار أم دساس عرق الأمومة وإني على صبري كما أنت واصف وحالي أٌوى القائمين بحجة أقل الضنى إن عج من جسمي الضنى وما شاكله معشار بعض شكيتي وأيسر شقي أنني ما ذكرتها ولم أنسها إلا احترقت بلوعة وأخفى الجوى قرع الصواعق منك في جواي وأخفى الوجد صبر المودة وأسهل ما ألقى من العذل أنني أحب أفلى ذكرها وفضيحتي وأوج حظوظي اليوم منها حضيضها بالأمس وسل حر الجفون الغزيرة وأوجز أمري إن دهري كله كما شاءت الحسناء يوم الهزيمة أروح وما يلقى التأسف راحتي وأغدو وما يعدو التفج خطتي ولا عتب فالأيام ليس لها رضًا وإن ترض منها الصبر فهو بغيتي ألا أيها اللوام عني قوضوا ركاب ملامي فهو أول محنتي ولا تعذلوني في البكاء ولا البكى وخلو سبيلي ما استطعتم ولوعتي فما سلسلت بالدمع عيني إن جنت ولكن رأت ذاك الجمال فجنت تجلى وأرجاء الرجاء حولك ورشدي غاو والعمايات عمت فلم يستبن حتى كأني كاشف وراجعت أبصاري له وبصيرتي ومن فصل الاتصال وكم موقف لي في الهوى خضت دونه عباب الردى بين الظبا والأسنة فجاوزت في حدي مجاهدتي له مشاهدتي لما سمت بي همتي وحل جمالي في الجلال فلا أرى سوى صورة التنزيه في كل صورة وغبت عن الأغيار في تيه حالتي فل أنتبه حتى امتحي اسمي وكنيتي وكاتبت ناسوتي بأمارة الهوى وعدت إلى اللاهوت بالطمئنة وكم جلت في سم الخياط وضاق بي لبسطى وقبضي بسطوجه البسيطة وما اخترت إلا دن بقراط زاهدا وفي ملكوت النفس أكبر عبرة وفقري مع الصبر اصطفيت على الغنى مع الشكر إذ لم يحظ فيه مثوبتي وأكتم جبي ما كنى عنه أهله وأكنى إذا هم صرحوا بالخيبة وإني في جنسي ومنه لواحد كنوع ففصل النوع علة حصتي تسببت في دعوى التوكل ذاهبًاإلى أن أجدى حيلتي ترك حيلتي وآخر حرف صار مني أولا مريدًا وحرف في مقام العبودة تعرفت يوم الوقف منزل قومها فبت بجمع سدد خرق التشتت فأصبحت أقضي النفس منها منى الهوى وأقضي على قلبي برعي الرعية فبايعتها بالنفس دارًا سكنتها وبالقلب منه منزلًا فيه حلت فخلص الاستحقاق نفسي من الهوى وأوجب الاسترقاق تسليم شفعة فيا نفس لا ترجع تقطع بيننا ويا قلب لا تجزع ظفرت بوحدة ملامي أبن عذري استبن وجدي استعن سماعي أعن حالي أبن قائلي أصمت فمن شاهدي سخط ومن قاتلي رضا وتلوين أحوالي وتمكين رتبتي مرامي إشارات مراعي تعكر مراقي نهايات مراسي تثبت وفي موقفي والدار أوقوت رسومها تقرب أشواقي تبعد حسرتي معاني إمارات مغاني تذكر مباني بدايات مثاني تلفت وبث غرام والحبيب بحضرة ورد سلام والرقيب بغفلة ومطلع بدر في قضيب على نقا فويق محل عاطل دون دجية ومكمن من سحر بابلي له بما حوت أضلعي فعل القنا السمهرية ومنبت مسك من شقيق ابن منذر على سوسن غض بجنة وجنة ووصف اللآلى في اليواقيت كلما تعل بصرف الراح في كل سحرة سل السلسبيل العذب عن طعم ريقه ونكهته يخبرك عن علم خبرة ورمان كافور عليه طوابع من الند لم تحمل به بنت مزنة وكل فصيح منك يسري لمسمعي وكل مليح منك يبدو لمقلتي تهون على النفس فيك وإنها لتكرم أن تغش سواك بنظرة فإن تنظريني بالرضا تشف علتي وإن تظفريني باللقا تطف غلتي وإن تذكريني والحياة بقيدها عدلت لأمتي منيتي بمنيتي وإن تذكريني بعد ما أسكن الثرى تجلت دجاه عند ذاك وولت صليني وإلا جددى الوعد تدركي صبابة نفس أيقنت بتفلت فما أم بوها لك بتنوفة أقيم لها خلف الحلاب قدرت فلما رأته لا ينازع خلفها إذا هي لم ترسل عليه وضنت بكت كلما راحت عليه وأنها إذا ذكرته آخر الليل حنت بأكثر مني لوعة غير أنني رأيت وقار الصبر أحسن حلية فرحت كما أغدو إذا ما ذكرتها أطامن أحشائي على ما أجنت أهون ما ألقاه إلا من القلى هوى ونوى نيل الرضا منك بغيتي فغنت غناء أعجميًا فهيجت غرامي من ذكري عهود تولت فأرسلت الأجفان سحبًا وأوقدت جواي الذي كانت ضلوعي أكنت نظرت بصحراء البريقين نظرة وصلت بها قلبي قصل وصلت فيا لهما قلبًا شجيًا ونظرة حجاكية لوجن طرف لجنت ووا عجبًا للقلب كيف اعترافه وكيف بدت أسراره خلف سترة وللعين لما سوئلت كيف أخبرت وللنفس لما وطنت كيف دلت وكنا سلكنا في صعود من الهوى يسامى بأعلام العلا كل رتبة إلى مستوى ما فوقه مستوى فلما توافينا ثبث وزلت وكنا عقدنا عقدة الوصل بيننا على نحر قربان لدي قبر شيبة مؤكدة بالنذر أيام عهده فلما تواثقنا اشتددت وحلت ومن فصل الاحتفال أزور اعتمارًا أرضها بتنسك وأقصد حجا بها بتحلة بعثت إلى قلبي بشيرًا بما رأت على قدم عيناي من فكفت فلم يعد أن شام البشارة شام ما جفا الشام من نور الصفات الكريمة فيا لك من نور لو أن التفاتة تعارض منه بالنفوس النفيسة تحدث أنفاس الصبا أن طيبها بما حملته من حراقة حرقة وتنبئ آثال الربيع عن الربا وأشجاره إن قد تجلت فجلت وتخبر أصوات البلابل أنها تغنت بترجيعي على كل أيكة فهذا جمالي منك في بعد حسرتي فكيف به إن قربتني بخلة تبدي وما زال الحجاب ولادنا وغاب ولم يفقده شاهد حضرتي له كل غير في تجلية مظهر ولا غير إلا ما محت كف غيرة تجلى دليل واحتجاب تنزه وإثبات عرفان ومحو تثبت فما شئت من شيء وآليت أنه هو شيء لم تحمد فجار أليتي وفي كل خلق منه كل عجيبة وفي كل خلق منه كل لطيفة وفي نفثات السحر في العقد التي تطوزع لها كل الطباع الأبية صور شكلًا مثل شكل ويعتلى عليه بأوهام النفوس الخبيثة وفي كل تصحيف وعضو بذاته اختلاج وفي التقويم مجلى لرؤية وفي خضرة الكمون تزجة شرابه مواعيد عرقوب على أثر صفرة وفي شجر قد خوفت قطع أصلها فيان بها حمل لأقرب مدة وفي النخل في تلقيحة واعتبر بما أتى فيه عن خير البرية واسكت وفي الطابع السبتي في الأحرف التي يبين منها النظم كل خفية وفي صنعة الطلسم والكيمياء والكنوز وتغوير المياه المعينة وفي حرز أقسام المؤدب محرز وحزب أصيل الشاذلي وبكرة وفي سيمياء الحاتمي ومذهب ابن سبعين إذ يعزى إلى شر بدعة وفي المثل الأولى وفي النحل الألى بها أوهموا لم اتساموا بسنة وفي كل ما في الكون من عجب وما حوى الكون إلا ناطقًا بعجيبة فلا بد من رمز الكنوز لذي الحجا ولا ظلم إلا ظلم صاحب حكمة ولولا سلام ساق للأمن خيفتي لعاجل مس البرد خوفي لميتيي ولو لم تؤانسني عنا قبل لم ولم قضى العتب مني بغية بعد وحشتي ونعم أقامت أمر ملكي بشكرها كما هونت بالصبر كل بلية ومن فصل الاعتقال سرت بفؤادي إذ سرت فيه نظرتي وسارت ولم تثن العنان بعطفة وذلك لما أطلع الشمس في الدجى محيًا إبنة الحيين في خير ليلة يمانية لو أنجدت حين أنجدت لا أبصرت عيناك حيًا كميت لأصحمة في نصحها قدم نبي لكل نجاشي بها حصن ذمة ألمت فحطت رحلها ثم لم يكن سوى وقفة التوديع حتى استقلت فلو سمحت لي بالتفات وحل من مهاوي الهوى والهون جد تفلتي ولكنها همت بنا فتذكرت قضاء قضاة الحسن قدما فصدت وجسمي ونفسي والحشا وغرامه وعقلي وروحانيتي القدسية وفي كل لفظ عنه ميل لمسمعي وفي كل معني منه معنى للوعتي ودهري به عيد ليوم عروبة وأمري أمرى والورى تحت قبضتي ووقتي شهود في فناء شهدته ولات وقت لي إلا مشاهد غيبة أراه معي حسًا ووهمًا وأنه مناط الثريا من مدارك رؤيتي وأسمعه من غير نطق كأنه مناط الثريا من مدارك رؤيتي وأسمعه من غير نطق كأنه يلقن سمعي ما توسوس مهجتي ملأت بأنوار المحبة باطني كأنك نور في سرار سريرتي وجليت بالإجلال أرجاء ظاهري كأنك في أفقي كواكب زينة فأنت الذي أخفيه عنج تستري وأنت الذي أبديه في حين شهرتي فته أحتمل واقطع أصل وأعل استفل ومر أمتثل وأملل أمل وارم أثبت فقلبي إن عاتبته فيك لم أجد لعتبي فيه الدهر موقع نكنة فلو فاتني منك الرضى ولحقتني بعفو بكيت الدهر فوت فضيلة ولو كنت في أهل اليمين منعمًا بكيت على ما كان من سبقية وكم من مقام قمت عنك مسائلًا أرى كل حي كل حي وميت أتيت بفاراب أبا نصرها فلم أجد عنده علمًا يبرد غلتي فهل في ابن رشد بعد هذين مرتجى وفي ابن طفيل الحتناث مطيتي لقد ضاع لولا أن تداركني حمى من الله سعى بينهم طول مدتي فقيض لي نهجًا إلى الحق سالكًا وأيقظني من نوم جهلي وغفلتي فحصنت أنظار الجند جنيدها بترك فلى من رغبة ريح رهبة وكسرت عن رجل ابن أدهم أدهمًا وأنقذته من أس رحب الأسرة وعدت على حلاج سكرى بصلبه وألقيت بلعام التفاني بهوة فقولي مشكور ورأيي ناجح وفعلي محمود بكل محلة رضيت بعرفاني فأعليت للعلا وأجلسني بعد الرضا فيه جلتي إليك بسطت الكف أستنزل الفضلا ومنك قبضت الطرف أستشعر الذلا وها أنا ذا قد قدمت يقمني الرجا ويحجمني الخوف الذي خامر العقلا أقدم رجلا إن يضيء برق مطمع وتظلم أرجائي فلا أنقل الرجلا ولي عثرات لست آمل أن هوت بنفسي ألا أستقل وأن أصلى فإن تدركني رحمة أنتعش بها وإن تكن الشأخرى فأولى بي الأولى قال: ومما نظمته من الشعر: وجد تسعره الضلو ع وما تبرده المدامع هم تحركه الصبا بة والمهابة لا تطاوع أملي إذا وصل الرجا أسبابه فالموت قاطع بالله يا هذا الهوى ما أنت بالعشاق صانع قال ومما كتبت به لمن بلغني عنه بعض الشيء: نحن إن نسأل بناس معشر أهل ماء فجرته الهمم عرب من بيضهم أرزاقهم ومن السمر الطوال الخيم ما لنا في الناس من ذنب سوى أننا نلوى إذا ما اقتحموا قال: وما قلته مذيلًا به قول القاضي أبي بكر بن العربي: أما والمسجد الأقصى وما يتلى به نصا لقد رقصت بنات الشو ق بين جوانحي رقصا قولي: فأقلع بي إليه هوى جناحا عزمه قصا أقل القلب واستعدى على الجثمان فاستعصى فقمت أجول بينهما فلا أدنى ولا أقصى قال: ومما قلته في التورية بشأن راوي المدونة: لا تعجبن لظبي قد دها أسدًا فقد دها أسدًا من قبل سحنون قال: ومما قلته من الشعر: أنبت عودًا بنعماء بدأت بها فضلًا وألبستها بعد اللحى الورقا فظل مستشعرًا مستدثرا أرجا ريان ذا بهجة يستوقف الحدقا واحفظه من حادثات الدهر أجمعها ما جاء منها على ضوء وما طرقًا ومما قيدت عنه أيام مجالسته ومقامه بغرناطة وقد أجرى ذكر أبي زيد ابن الإمام أنه شهد مجلسًا بين يدي السلطان أبي تاشفين عبد الرحمن ابن أبي حمو ذكر فيه أبو زيد المذكور أن ابن القاسم مقيد بالنظر بأصول مالك ونازعه أبو موسى عمران بن موسى المشذالي وادعى أنه مطلق الاجتهاد واحتج له بمخالفته لبعض ما يرويه أو يبلغه عنه لما ليس من قوله وأتى من ذلك بنظائر كثيرة. قال فلو تقيد بمذهبه لم يخالفه لغيره. فاستظهر أبو زيج بنص لشرف الدين بن التلمساني ومثل فيه الاجتهاد المخصوص باجتهاد ابن القاسم بالنظر إلى مذهب مالك والمزني إلى الشافعي. فقال أبو موسى عمران هذا مثال والمثال لا يلزم صحته فصاح به أبو زيد ابن الإمام وقال لأبي عبد الله بن أبي عمر تكلم فقال لا أعرف ما قال هذا الفقيه والذي أذكره من كلام أهل العلم أنه لا يلزم من فساد المثال فساد الممثل به فقال أبو موسى للسلطان هذا كلام أصولي محقق فقلت لهما يومئذ وأنا حديث السن ما أنصفهما الرجل فإن المثل كما يؤخذ على عجهة التحقيق كذلك يؤخذ على جهة التقريب ومن ثم جاء منا قال هذا الشيخ أعني ابن أبي عمران وكيف لا وهذا سيبويه يقول وهذا مثال ولا يتكلم به فإذا صح أن المثال قد يكون تقريبًا فلا يلزم صحة المثال ولا فساد الممثل لفساده فهذان القولان من أثل واحد. وقال: شهدت مجلسًا آخر عند هذا السلطان قرئ فيه على أبي زيد ابن الإمام حديث: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله من صحيح مسلم. فقال له الأستاذ أبو إسحاق بن حكم السلوى هذا الملقن محتضر حقيقة ميت مجازًا فما وجه ترك محتضريكم إلى موتاكم والأصل الحقيقة فأجابه أبو زيد بجواب لم يقنعه. وكنت قد قرأت على الأستاذ بعض التنقيح فقلت زعم القرافي أن المشتق إنما يكون حقيقة في الحال مجازًا في الاستقبال. مختلفًا فيه في الماضي. إذا كان محكومًا به. وأما إذا كان متعلق الحكم كما هنا فهو حقيقة مطلقًا إجماعًا وعلى هذا التقرير لا مجاز ولا سؤال. ولا يقال إنه احتج على ذلك بما فيه نظر لأنا نقول إنه نقل الإجماع. وهو أحد الأربعة التي لا يطالب عنها بالدليل كما ذكر أيضًا بل نقول إنه أساء حيث احتج في موضع الوفاق كما أساء اللخمي وغيره في الاحتجاج على وجوب الطهارة ونحوها. بل هذا أشنع لكونه مما علم كونه من الدين ضرورة. ثم إنا لو سلمنا نفي الإجماع فلنا أن نقول إن ذلك إشارة إلى ظهور العلامات التي يعقبها الموت عادة لأن تلقينه قبل ذلك إن لم يدهش فقد يوحش فهو تنبيه على وقت التلقين أي لقنوا من تحكمون بأنه ميت. أو يقال إنما عدل عن الاحتضار لما فيه من الإبهام. ألا ترى اختلافهم فيه هل هو أخذ من حضور الملايكة أو حضور الأجل أو حضور الجلاس. ولا شك أن هذه حالة خفية يحتاج في نصها إلى دليل الحكمة أو إلى وصف ظاهر يضبطها. وهو ما ذكرناه أو من حضور الموت وهو أيضًا مما لا يعرف بنفسه. بل بالعلامات. فلما وجب اعتبارا. وجب كون تلك التسمية إشارة إليها. والله أعلم. وقال: وكان أبو زيد يقول فيما جاء من الأحاديث ما معنى قول ابن أبي زيد. وإذا سلم الإمام فلا يلبث بعد سلامه ولينصرف وذلك بعد أن ينتظر من يسلم من خلفه لئلا يمر بين يدي أحد وقد ارتفع عنه حكمه فيكون كالداخل مع المسبوق جمعًا بين الأدلة. |
وقلت وهذا من ملح الفقية. وقال كان أبو زيد يعنى الإمام يصحف قول الخونجي في الجمل والمقارنات التي يمكن اجتماعه معها فيقول والمفارقات ولعله في هذا كما قال أبو عمرو بن العلاء للأصمعي لما قرأ عليه: وغررتني وزعمت أنك لابن في الصيف تأمر فقال: وغررتني وزعمت أنك لا تني بالضيف تأمر فقال أنت في تصحيفك أشهر من الحطيئة أو كما يحكى عن الشافعي أنه لما صلى في رمضان بالخليفة لم يكن يومئذ يحفظ القرآن فكان ينظر في المصحف وقرأ الآية " صنعة الله أصيب بها من أساء. إنما المشركون نجس. وعدها إياه تقية لكم خير لكم. هذا أن دعوا للرحمن ولدا. وقال ذكر أبو زيد بن الإمام في مجلسه يومًا أنه سئل بالمشرق عن هاتين الشريطتين: " ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون " فإنهما يستلزمان بحكم الإنتاج " ولو علم الله فيهم خيرًا لتولوا وهم معرضون " وهو محال. ثم أراد أن يرى ما عند الحاضرين فقال ابن حكم قال الخونجي والإهمال بإطلاق لفظه لو وأن في المتصلة فهاتان القضيتان على هذا مهملتان والمهملة في قوة الجزيئة ولا قياس على جزئيتين. فلما اجتمعت ببجاية بأبي علي حسين بن حسين أخبرته بهذا وبما أجاب به الزمخشري وغيره مما يرجع إلى انتفاء أمر تكرار الوسط. فقال لي الجوابان في المعنى سواء لأن القياس على الجزئيتين إنما امتنع لانتفاء أمر تكرار الوسط. وأخبرت بذلك شيخنا أبا عبد الله الآبلي فقال إنما يقوم القياس على الوسط ثم يشترط فيه بعد ذلك أن لا يكون من جزئيتين ولا سالبتين إلى ساير ما يشترط. فقلت ما المانع من كون هذه الشروط تفصيلًا لمجمل ما ينبئى عله الوسط وغيره وإلا فلا مانع لما قاله ابن الشروط تفصيلًا لمجمل ما ينبئى عليه الوسط وغيره وإلا فلا مانع لما قاله ابن حسين. قال الآبلي وأجبت بجواب السلوى ثم رجعت إلى ما قاله الناس لوجوب كون مهملات القرآن كلية لأن الشرطية لا تنتج جزئية. فقلت هذا فيما يساق منها للحجة مثل " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ". أما في مثل هذا فلا قلت. وكان يلزم السؤال الأول لو لم يكن للمتولى سبب تأخر حسبما تبين في مسألة لو وقال لما ورد تلمسان الشيخ الأديب أبو الحسن بن فرحون نزيل طيبة على تربتها السلام سأل ابن حكم عن معنى هذين البيتين: رأت قمر السماء فأذكرتني ليالي وصلنا بالرقمتين كلانا ناظر قمرًا ولكن رأيت بعينها ورأت بعيني ففكر ثم قال لعل هذا الرجل كان ينظر إليها وهي تنظر إلى قمر السماء فهي تنظر إلى القمر حقيقة وهو لفرط الاستحسان يرى أنها الحقيقة. فقد رأى بعينها لأنها ناظرة الحقيقة. وأيضًا وهو ينظر إلى قمر مجازًا وهو لإفراطه استحسانها يرى أن قمر السماء هو المجاز فقد رأت بعينه لأنها ناظرة المجاز. قلت ومن هذا يعلم وجه الفاء في قوله تعالى " فاذكروني أذكركم " والفاء فأذكرتني بمثابة قولك أذكرتني فتأمله فإن بعض من لا يفهم كلام الأستاذ كل الفهم ينشده وأذكرتني. فالفاء في البيت الأول منبهة على الثاني وهذا النحو يسمى الإيذان في علم البيان وقال سألني ابن حكم عن نسب هذا المجيب في هذا البيت: ومهفهف الأعطاف قلت له انتسب فأجاب ما قتل المحب حرام. ففكرت ثم قفلت له أراه تميميًا لإلغائه " ما " النافية. فاستحسنه مني لصغر سني يومئذ. وسأل ابن فرحون ابن حكم يومًا هل تجد في التنزيل ست فاءات مرتبة ترتيبها في هذا البيت: ففكر ابن حكم ثم قال نعم قوله عز وجل " فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فاصبحت كالصريم فتنادوا إلى آخرها " فمنع لهم بناء الآخرة لقراءة الواو. فقلت له امنع ولا تسند فيقال إن المعاني قد تختلف باختلاف الحروف وإن كان السند لا يسمع الكلام عليه. وأكثر ما وجدت الفاء تنتهي في كلامهم إلى هذا العدد سواء بهذا الشرط وبدونه كقول نوح عليه السلام فعلى الله توكلت فاجمعوا أمركم وشركاءكم. وكقول امرئ القيس غشيت ديار الحي بالبكرات البيتين لا يقال قوله فالحب سابع لأنا نقول إنه عطف على عاقل المجرد منها ولعل حكمة الستة أنها أول الأعداد التامة كما قيل في حكمة خلق السموات والأرض فيها. وشأن اللسان عجيب. وقال سمعت ابن حكم يقول كتب بعض أدباء فاس إلى صاحب له: إبعث إلي بشيئ مدار فاس عليه وليس عندك شيء مما أشير إليه فبعث إليه ببطة من مرى شرب يشير بذلك إلى الرياء وحدث أن قاضيها أبا محمد عبد الله بن أحمد بن الملجوم دعى إلى وليمة وكان كثير البلغم فوضع بين يديه صهره أبو العباس بن الأشقر غضارا من اللوز المطبوخ بالمرى لمناسبته لمزاجه فخاف أن يكون قد عرض له بالرياء. وكان ابن الأشقر يذكر بالوقوع في الناس فقدم له القاضي غضار المقروض فاستحسن الحاضرون فطنته. وقال عند ذكر شيخه أبي محمد عبد الله بن عبد الواحد المجاصي دخلت عليه بالفقيه أبي عبد الله السطى في أيام عيد فقدم لنا طعامًا فقلت لو أكلت معنا فرجونا بذلك ما يرفع من حديث. " من أكل مع مغفور له غفر له " فتبسم وقال لي دخلت على سيدي أبي عبد الله الفاسي بالأسكندرية فقدم لنا طعامًا فسألته عن هذا الحديث فقال وقع في نفسي شيء فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسألته عنه فقال لم أقله وأرجو أن يكون كذلك وصافحته بمصافحته الشيخ أبا عبد الله زيان بمصافحته أبا سعيد عثمان بن عطية الصعيدي بمصافحة أبا العباس أحمد الملثم بمصافحته المعمر بمصافحته رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحدث عن شيخه أبي محمد الدلاصي أنهن كان للملك العادل مملوك اسمه محمد فكان يخصه لدينه وعقله بالنداء باسمه وإنما كان ينعق بمماليكه يا ساقي يا طباخ يا مزين. فناداه ذات يوم يا فراش فظن أن ذلك لموجدة عليه. فلم ير اثر ذلك وتصورت له به خلوة فسأله عن مخالفته لعادته فقال له لا عليك كنت يومئذ جنبًا فكرهت أن أذكر اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم على تلك الحالة. وقال أنشدني المجاصي قال أنشدني الإمام نجم الدين الواسطي قال أنشدني شرف الدين الدمياطي قال أنشدني تاج الدين الآمدي مؤلف الحاصل قال أنشدني الإمام فخر الدين لنفسه: نهاية إقدام العقول عقال وأكثر سعي العالمين ضلال وأرواحنا في وحشة من جسومنا وحاصل دنيانا أذى ودبال ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا مسرعين وزالوا وكم من رجال قد رأينا ودولة فبادوا جميعًا مسرعين وزالوا وكم من جبال قد علت شرفاتها رجال فماتوا والجبال جبال وقال وقد مر من ذكر الشريف القاضي أبي علي حسين بن يوسف بن يحيى الحسني في عداد شيوخه وقال حدثني أبو العباس الرندي عن القاضي أبي العباس ابن الغماز. قال لما قدم القاضي أبو العباس بن الغماز من بلنسية نزل بجاية فجلس بها في الشهود مع عبد الحق بن ربيع فجاء عبد الحق يومًا وعليه برنس أبيض وقد حسنت شارته كملت هيئته فلما نظر إليه ابن الغماز أنشده: ليس البرنس الفقيه فباهى ورأى أنه المليح فتاها لو زليخا رأته حين تبدي لتمنته أن يكون فتاه وقال أيضًا إن ابن الغماز جلس لارتقاب الهلال بجامع الزيتونة فنزل الشهود من المئذنة وأخبروا أنهم لم يهلوه. وجاء حفيد له صغير فأخبره أنه أهله فردهم معه فأراهم إياه فقال ما أشبه الليلة بالبارحة وقد وقع لنا مثل هذا مع ابي الربيع بن سالم فأنشدنا فيه: توارى هلال الأفق عن أعين الورى وأرخى حجاب الغيم دون محياه فلما تصدى لارتقاب شقيقه تبدى له دون الأنام فحياه وجرى في ذكر أبي عبد الله بن النجار الشيخ التعالمي من أهل تلمسان فقال ذكرت يومًا قول ابن الحاجب فيما يحرم من النساء بالقرابة وهي أصول وفصول أول أصوله وأول فصل من كل أصل وإن علا فقال إن تركب لفظ التسمية العرفية من الطرفين حلت وإلا حرمت فتأملته. فوجدته كما قال لأن أقسام هذا الضابط أربعة التركيب من الطرفين كابن العم وابنة العم مقابله كالأب والبنت. والتركيب من قبل الرجل كإبنة الأخ والعم مقابله كابن الأخت والخالة. وذكر الشيخ الرئيس أبا محمد عبد المهيمن بن محمد الحضرمي. وقال. كان ينكر إضافة الحول إلى الله عز وجل فلا يجيز أن يقال بحول الله وقوته قال لأنه لم يرد إطلاقه والمعنى يقتضي امتناعه لأن الحول كالحيلة أو قريب منها. وحكى عن شيخه أبي زيد عبد الرحمن الصنهاجي عن القاضي أبي زيد عبد الرحمن بن علي الدكالي أنه اختصم عنده رجلان في شاة. ادعى أحدهما أنه أودعها الآخر وادعى الآخر أنها ضاعت منه فأوجب اليمين على المودع أنها ضاعت من غير تضييع فقال كيف أضيع. وقد شغلتني حراستها عن الصلاة حتى خرج وقتها فحكم عليه بالغرم فقيل له في ذلك فقال تأولت قول عمر ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع. وحكى عن الشيخ الفقيه رحلة الوقت أبي عبد الله الآبلي. حكاية في باب الضرب وقوة الإدراك قال كنت يومًا مع القاسم بن محمد الصنهاجي فوردت عله طومارة من قبل القاضي أبي الحجاج الطرطوشي فيها: خيرات ما تحويه مبذولة ومطلبي تصحيف مقلوبها فقال لي ما مطليه فقلت نارنج ودخل عليه وأنا عنده بتلمسان الشيخ الطبيب أبو عبد الله الدباغ المالقي فأخبرنا أن أديبًا استجدى وزيرًا بهذا الشطر: " ثم حبيب قلما ينصف " فأخذته وكتبته ثم قلبته وصحفته فإذا به قصبتا ملف شحمى. وقال قال شيخنا الآبلي لما نزلت تازة مع أبي الحسن بن بري وأبي عبد الله الترجالي فاحتجت إلى النوم وكرهت قطعهما إلى الكلام فاستكشفت منها عن معنى هذا البيت للمعري: فجعلا يفكران في فنمت حتى أصبحا ولم يجاه وسألوني عنه فقلت معناه أقول لعبد الله لما وهي سقاؤنا ونحن بوادي عبد شمس شم لنا برقا. قلت وفيه نظر وإن استقصينا مثل هذا خرجنا عن الغرض. مولده نقلت من خطه كان مولدي بتلمسان أيام أبي حمو موسى بن عثمان بن يغمراسن بن زيان. وقد وفقت على تاريخ ذلك ورأيت الصفح عنه لأن أبا الحسن بن موسى سأل أبا الطاهر السلفي عن سنه فقال أقبل على شأنك فإني سألت أبا الفتح بن زيان بن مسعدة عن سنه فقال أقبل على شأنك فإني سألت محمد بن علي بن محمد اللبان عن سنه فقال أقبل على شأنك فإني سألت حمزة بن يوسف السهمي عن سنه فقال أقبل على شأنك فإني سألت بعض أصحاب الشافعي عن سنه فقال أقبل على شأنك فإني سألت أبا إسماعيل الترمذي عن سنه فقال أقبل على شأنك فإني سألت الشافعي عن سنه فقال أقبل على شأنك فإني سألت مالك بن أنس عن سنه فقال أقبل على شأنك ليس من المروءة إخبار الرجل عن سنه. توفي بمدينة فاس في أخريات محرم من عام تسعة وخمسين وسبعمائة وأراه توفي في ذي حجة من العام قبله. ونقل إلى تربة سلفه بمدينة تلمسان حرسها الله. محمد بن عياض بن موسى اليحصبي محمد بن عياض بن محمد بن عياض بن موسى اليحصبي من أهل سبتة حفيد القاضي الإمام أبي الفضل عياض يكنى أبا عبد الله. حاله قال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير. كان من عدول القضاة. وجلة سراتهم. وأهل النزاهة فيهم. شديد التحري في الأحكام والاحتياط صابرًا على الضعيف فيهم والملهوف شديد الوطأة على أهل الجاه وذوي السطوة فاضلًا وقورًا حسن السمت يعرفه كلامه أبدًا ويزينه ذلك لكثرة وقاره محبًا في العلم وأهله مقربًا لأصاغر الطلبة ومكرمًا لهم ومعتنيًا بهم معملا جهده في الدفع عنهم لما عسى أن يسوءهم. ليحبب إليهم العلم وأهله ما رأينا بعده في هذا مثله. سكن مالقة مع أبيه عند انتقال أبيه إليها إلى أن مات أبوه سنة خمس وخمسين وستماية. حدثني شيخنا أبو الحسن بن الجياب وجرى ذكر إعرابه لفظ من حديثه عن شيوخه قال دخلت على القاضي المذكور فسأل أحدنا عن أبيه فقال ابن فلان وذكر معرفة مشتركة بين تجار فاس. فقال أيهما الذي ينحت في الخشب والذي يعمل في السلاح فما فطن لقصده لسذاجته وحدثني عن ذكر جزالته. أنها كانت تقع له مع السلطان مستقضية مع كونه مرهوبًا شديد السطوة وقايع تنبي عن تصميمه وبعده عن الهوادة. منها أن السلطان أمر بإطلاق محبوس كان قد سجنه فأنفذ بين يدي السلطان الأمر للسجان بحبسه وتوعده إن أطلقه. ومنها إذاعة ثبوت العيد في أخريات يوم كان قد أمل السلطان البروز إلى العيد في صباحه فنزل عن القلعة ينادي عبد الله يا ميمون إخبر الناس عن عيدهم اليوم وأمثال ذلك. مشيخته قرأ بسبتة وأسنديها فأخذ عن أبي الصبر أيوب بن عبد الله الفهري وغيره ورحل إلى الجزيرة الخضراء. فأخذ بها كتاب سيبويه وغيره تفقيهًا على النحوي الجليل أبي القاسم عبد الرحمن ابن القاسم القاضي المتقنن. وأخذ بها أيضًا كتاب إيضاح الفارسي عن الأستاذ أبي الحجاج بن مغرور وأخذ بإشبيلية وغيرها عن آخرين. وقرأ على القاضي أبي القاسم بن بقي بن نافحة. وأجاز له. وكتب له من أهل المشرق جماعة كثيرة منهم أبو جعفر محمد ابن أحمد بن نصر بن أبي الفتح الصيدلاني وأجاز له بإصبهان وهو سبط حسن ابن مندة أجاز له في شوال سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وتحمل عن أبي علي الحداد شيخ السلفى الحافظ عن محمود الصيرفي ونظايرهما وجماعة من إصبهان كثيرة كتبوا له بالغجازة. وكتب له من غيرها من البلاد نيف وثمانون رجلا منهم أحد وستون رجلًا كتبوا له مع الشيخ المحدث أبي العباس المغربي والقاضي أبي عبد الله الأزدي وقد نصح على جميعهم في برنامجيهما واستوفى أبو العباس الغربي نصوصو الإسترعات وفيها اسم القاضي أبو عبد الله بن عياض. ومن روى عنه قال الأستاذ أبو جعفر رحمه الله أجاز لي مرتين اثنين. وقال حدثني أبو عبد الله مشافهة بالإذن أنبأنا أبو الطاهر بركات بن إبراهيم الخشوعي كتابة من دمشق أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي المعروف بابن الحطاب بالحاء المهملة أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الوهاب البغدادي بالقسطاط أخبرنا موسى ابن محمد بن عرفة السمسار ببغداد قال أبو عمرو بن أحمد بن الفضل النفزي أخبرنا إسماعيل بن موسى أخبرنا عمر بن شاكر عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر ". هذا الإسناد قريب يعز مثله في القرب لأمثالنا ممن مولده بعد الستمائة وإسماعيل بن موسى من شيوخ الترمذي قد خرج عنه الحديث المذكور لم يقع له في مصنفه ثلاثي غيره. بسبتة سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وفاته توفي بغرناطة يوم الخميس الثامن والعشرين لجمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستماية. محمد بن موسى بن عياض اليحصبي محمد بن عياض بن موسى بن عياض بن عمر ابن موسى بن عياض اليحصبي من أهل سبتة ولد الإمام أبي الفضل يكنى أبا عبد الله. حاله كان فقيهًا جليلًا أديبًا كاملًا. دخل الأندلس وقرأ على ابن بشكوال كتاب الصلة وولي قضاء غرناطة قال ابن الزبير وقفت على جزء ألفه في شيء من أخبار أبيه وحاله في أخذه وعلمه وما يرجع إلى هذا أوقفني عليه حفدته بمالقة. وفاته توفي سنة خمس وسبعين وخمسمائة. محمد بن أحمد بن جبير الكناني محمد بن أحمد بن جبير بن سعيد بن جبير بن محمد بن سعيد ابن جبير بن محمد بن مروان بن عبد السلام بن مروان بن عبد السلام بن جبير الكناني الواصل إلى الأندلس. أوليته دخل جده عبد السلام بن جبير في طالعة بلج بن بشر بن عياض القشيري في محرم ثلاث وعشرين ومائة. وكان نزوره بكوؤة شدونة. وهو من ولد ضمرة ابن كنانة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. بلنسي الأصل ثم غرناطي الاستيطان. شرقن وغرب وعاد إلى غرناطة. حاله كان أديبًا بارعًا شاعرًا مجيدًا سنيًا فاضلًا نزيه المهمة سري النفس كريم الأخلاق أنيق الطريقة في الخط. كتب بسبتة عن أبي سعيد عثمان ابن عبد المؤمن وبغرناطة عن غيره من ذوي قرابته وله فيهم أمداح كثيرة. ثم نزع عن ذلك وتوجه إلى المشرق وجرت بينه وبين طايفة من أدباء عصره مخاطبات ظهرت فيها براعته وإجادته. ونظمه فايق ونثره بديع. وكلامه المرسل سهل حسن وأغراضه جليلة ومحاسنه ضخمة وذكره شهير ورحلته نسيجة وحدها طارت كل مطار رحمه الله. رحلته قال من عنى بخبره رحل ثلاثًا من الأندلس إلى المشرق وحج في كل واحدة منها. فصل عن غرناطة أول ساعة من يوم الخميس لثمان خلون من شوال ثمان وسبعين وخمسماية صحبة أبي جعفر بن حسان ثم عاد إلى وطنه غرناطة لثمان بقين من محرم واحد وثمانين ولقى بها أعلامًا يأتي التعريف بهم في مشيخته وصنف الرحلة المشهورة وذكر مناقله فيها وما شاهده من عجايب البلدان وغرايب المشاهد وبدايع الصنايع وهو كتاب مؤنس ممتع مثير سواكن النفوس إلى الرفادة على تلك المعالم المكرمة والمشاهد العظيمة ولما شاع الخبر المبهج بفتح بيت المقدس على يد السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شادي قوي عزمه على عمل الرحلة الثانية فتحرك إليها من غرناطة يوم الخميس لتسع خلون من ربيع الأول من سنة خمس وثمانين وخمسماية ثم آب إلى غرناطة يوم الخميس لثلاث عشر خلت من شعبان سبع وثمانين. وسكن غرناطة ثم مالقة ثم سبتة ثم فاس منقطعًا إلى إسماع الحديث والتصوف وتروية ما عنده. وفضله بديع وورعه يتحقق وأعماله الصالحة تزكو. ثم رحل الثالثة من سبتة بعد موت زوجته عهاتكة أم المجد بنت الوزير أبي جعفر الوقشي وكان كلفًا بها فعظم وجده عليها فوصل مكة وجاور بها طويلًا ثم بيت المقدس ثم تجول بمصر والإسكندرية فأقام يحدث ويؤخذ عنه إلى أن لحقي بربه. مشيخته روى بالأندلس عن أبيه وأبي الحسن بن محمد بن أبي العيش وأبي عبد الله بن أحمد بن عروس وابن الأصيلي. وأخذ العربية عن أبي الحجاج بن يسعون. وبسبتة عن أبي عبد الله بن عيسى التميمي السبتي. وأجاز له أبو الوليد ابن سبكة وإبراهيم بن إسحاق بن عبد الله الغساني التونسي وأبو حفص عمر بن عبد المجيد بن عمر القرشي الميانجي نزيلًا مكة وأبو جعفر أحمد بن علي القرطبي الفنكي وأبو الحجاج يوسف بن أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد البغدادي وصدر الدين أبو محمد عبد اللطيف الحجري رييس الشافعية بإصبهان. وببغداد العالم الحافظ المتبحر نادرة الفلك أبو الفرج وكناه أبو الفضل ابن الجوزي. وحضر بعض مجالسه الوعظية وقال فيه فشاهدنا رجلًا ليس بعمرو ولا زيد وفي جوف الفراكل الصيد. وبدمشق أبو الحسن أحمد بن حمزة بن علي بن عبد الله بن عباس السلمي الجواري وأبو سعيد عبد الله بن محمد ابن أبي عصرون وأبو الطاهر بركات الخشوعي وسمع عليه وعماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني من أئمة الكتاب وأخذ عنه بعض كلامه وغيره وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن الأخضر بن علي بن عساكر وسمع عليه وأبو الوليد إسماعيل بن علي بن إبراهيم والحسين بن هبة الله بن محفوظ بن نصر الرقبعي وعبد الرحمن بن إسماعيل بن أبي سعيد الصوفي وأجازوا له وبحران الصوفي العارف أبو البركات حيان بن عبد العزيز وابنه الحاذي حذوه. من أخذ عنه قال ابن عبد الملك أخذ عنه أبو إسحاق بن مهيب وابن الواعظ وأبو تمام ابن إسماعيل وأبو الحسن بن نصر بن فاتح بن عبد الله البجائي وأبو الحسن بن علي الشادي وأبو سليمان بن حوط الله وأبو زكريا وأبو بكر يحيى بن محمد بن أبي الغصن وأبو عبد الله بن حسن بن مجير. وأبو العباس بن عبد المؤمن البناني وأبو محمد بن حسن اللواتي وابن تامتيت وابن محمد وممن أخذ عنه بالإسكندرية رشيد الدين أبو محمد عبد الكريم بن عطاء الله وبمصر رشيد الدين بن العطار. وفخر القضاة بن الجياب وابنه جمال القضاة. تصانيفه منها نظمه قال ابن عبد الملك: وقفت منه على مجلد متوسط يكون على قدر ديوان أبي تمام حبيب بن أوس ومنه جزء سماه نتيجة وجد الجوانح في تأبين القرين الصالح في مراثي زوجه أم المجد. ومنه جزء سماه نظم الجمان في التشكي من إخوان الزمان. وله ترسيل بديع وحكم مستجادة وكتاب رحلته. وكان أبو الحسن الشادي يقول إنها ليست من تصانيفه وإنما قيد معاني ما تضمنته فتولى ترتيبها وتنضيد معانيها بعض الآخذين عنه على ما تلقاه منه. والله أعلم. شعره من ذلك القصيدة الشهيرة التي نظمها وقد شارف المدينة المكرمة طيبة على ساكنها من الله أفضل الصلوات وأزكى التسليم: أقول وآنست بالليل نارا لعل سراج الهدى قد أنارا ونحن من الليل في حندس فما باله قد تجلى نهارا وهذا النسيم شذا المسك قد أعير أم المسك منه استعارا وكانت رواحلنا تشتكي وجاها فقد سابقتنا ابتدارا وكنا شكونا عناء السرى فعدنا نباري سراع المهارا أظن النفوس قد استشعرت بلوغ هوى تخذته شعارا بشاير صبح السرى آدنت بأن الحبيب تدانى مزارا جرى ذكر طيبة ما بيننا فلا قلب في الركب إلا وطارا حنينًا إلى أحمد المصطفى وشوقًا يهيج الضلوع استعارا ولاح لنا أحد مشرقًا بنور من الشهداء استعارا فمن أجل ذلك ظل الدجى يحل عقود النجوم انتثارا ومن طرب الركب حث الخطا إليها ونادى البدار البدارا ولما حللنا فناء الرسول نزلنا بأكرم مجد جوارا سوى أننا لم نطق أعينًا بأدمعها غلبتنا انفجارا وقفنا بروضة دار السلام نعيد السلام عليها مرارا ولولا مهابته في النفوس لثمنا الثرى والتزمنا الجدارا قضينا بزورته حجنا وبالعمرتين ختمنا اعتمارًا إليك إليك نبي الهدى ركبت البحار وجبت القفارا وفارقت أهلي ولا منة ورب كلام يجر اعتذارا وكيف نمن على من به نؤمل للسيئات اغتفارًا دعائي إليك هوى كامن أثار من الشوق ما قد أثارا فناديتك لبيك داعي الهوى وما كنت عنك أطيق اصطبارًا ووطنت نفسي بحكم الهوى علي وقلت رضيت اختيارا أخوض الدجى وأروض السرى ولا أطعم النوم إلا غرارا ولو كنت لا أستطيع السبيل لطرت ولو لم أصادف مطارا وفي غبطة من ممن الله عليه لحج بيته وزيارة قبره صلى الله عليه وسلم يقول: هنيئًا لمن حدج بيت الهدى وحط عن النفس أوزارها وإن السعادة مضمونة لمن حج طيبة أو زارها وفي مثل ذلك يقول: إذا بلغ المرء أرض الحجاز فقد نال أفضل ما أمله وإن زار قبر نبي الهدى فقد أكمل الله ما أمله |
وفي تفضيل المشرق: لا يستوي شرق البلاد وغربها الشرق حاز الفضل باستحقاق أنظر إلى جمال الشمس عند طلوعها زهراء تعجب بهجة الإشراق وانظر إليها عند الغروب كثيبة صفراء تعقب ظلمة الآفاق وكفى بيوم طلوعها من غربها أن تؤذن الدنيا بعزم فراق وقال في الوصايا: عليك بكتمان المصايب واصطبر عليها فما أبقى الزمان شفيقا وصانع المعروف فلتة عاقل إن لم تضعها في محل عاقل كالنفس في شهواتها إن لم تكن وقفًا لها عادت بضر عاجل نثره من حكمه قوله: إن شرف الإنسان فشرف وإحسان. وإن فاق فتفضل وإفاق. ينبغي أن يحفظ الإنسان لسانه. كما يحفظ الجفن إنسانه. فرب كلمة تقال يحدث عثرة لا تقال. كم كست فلتات الألسنة الحداد من ورائها ملابس حداد. نحن في زمن لا يحظى فيه بنفاق إلا من عامل بنفاق. شغل الناس عن طريق الآخرة بزخارف الأغراض. فلجوا في الصدود عنها والإعراض. وآثروا دنيا هي أضغاث أحلام وكم هفت في حبها من أحلام أطالوا فيها آمالهم وقصروا أعمالهم. ما بالهم لم يتفرغ لغيرها بالهم ما لهم في غير ميدانها استباق ولا بسوى هواها اشتياق. تلله لو كسشفت الأسرار لما كان هذا الإصرار ولسهرت العيون وتفجرت من شئونها الجفون فلو أن عين البصيرة من سنتها هابة لرأت جميع ما في الدنيا ريحًا هابة ولكن استولى العمى على البصاير ولا يعلم الإنسان ما إليه صاير أسأل الله هداية سبيله ورحمة تورد نسيم الفردوس وسلسبيله إنه الحنان المنان لا رب سواه. ومنها: فلتات الهبات أشبه شيء بفلتات الشهوات. منها نافع لا يعقب ندمًا ومنها ضار يبقى في النفس ألمًا. فضرر الهبة وقوعها عند من لا يعتقد لحقها أداء وربما أثرت عنده اعتداء. وضرر الشهوة أن لا توافق ابتداء فتصير لمتبعها داء مثلها كمثل السكر يلتذ صاحبه بحلاوة جناه فإذا صحا يعرف قدر ما جناه. عكس هذه القضية هي الحالة المرضية. مولده ببلنسية سنة تسع وثلاثين وخمسماية وقيل بشاطبة سنة أربعين وخمسماية. وفاته توفي بالإسكندرية ليلة الأربعاء التاسع والعشرين لشعبان أربع عشرة وستماية ابن شبرين محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن محمد بن عبد الرحمن بن علي بن شبرين يكنى أبا بكر شيخنا الفقيه القاضي المؤرخ الكاتب البارع رحمة الله عليه أوليته أصله من إشبيلية من حصن شلب من كورة باجة من غربي صقعها يعرفون فيها ببني شبرين معرفة قديمة. ولي جده القضاء بإشبيلية وكان من كبار أهل العلم تشهد بذلك الصلاة. وانتقل أبوه منها عند تغلب العدو عليها عام ستة وأربعين وستماية فاحتل رندة ثم غرناطة ثم انتقل إلى سكنى سبتة وبها ولد شيخنا أبو بكر وانتقل عند الحادثة إلى غرناطة فارتسم بالكتابة السلطانية وولي القضاء بعدة جهات وتأثل مالًا وشهرة حتى جرى مجرى الأعيان من أهلها. حاله كان فريد دهره ونسيج وحده في حسن المست والرواء وكما الظرف وجمال الشارة وبراعة الخط وطيب المجالسة خاصيًا وقورًا تام الخلق عظيم الأبهة عذب التلاوة لكتاب الله من أهل الدين والفضل والعدالة تاريخًا مقيدًا طلعة اختيار أصحابه محققًا لما ينقله فكها مع وقاره غزلًا لوذعيًا على شأن الكتابة جميل العشرة أشد الناس على الشعر ثم على المحافظة ما يحفظه من الأبيات من غير اعتيام ولا تنقيح يناغي الملكين في إثباتها مقررة التواريخ حتى عظم حجم ديوانه تغردت أشعاره بما أبر على المكثرين مليح الكتابة سهلها صانعًا سابقًا في ميدانها راجحًا كفة المنثور. وكانت له رحلة إلى تونس اتسع بها نطاق روايته. وتقلب بين الكتابة والقضاء منحوس الحظ في الاستعمال مضيقًا فيه وإن كان وافر الجد موسعًا عليه. وجرى ذكره في كتاب التاج المحلى بما نصه: خاتمة الحسنين وبقية الفصحاء اللسنين ملأ العيون هديًا وسمتًا وسلك من الوقار طريقة لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا ما شئت من فضل ذات وبراعة أدوات. إن خط نزل ابن مقلة عن درجته وإن خط. وإن نظم أو نثر تبعت البلغاء ذلك الأثر. وإن تكلم أنصت الحفل لاستماعه وشرع لدرره النفيسة صدق أسماعة. وفد على الأندلس عند كاينة سبتة وقد طرحت النوى برحاله وظعن عن ربعه بتوالي إمحاله ومصرف بلاده والمستولي على طارفها وتالدها أبو عبد الله بن الحيكم قدس الله صداه وسقى منتداه فاهتز لقدومه اهتزاز الصارم وتلقاه تلقي الأكارم وانهض إلى لقايه آماله وألقى له قبل الوسادة ماله ونظمه في سمط الكتاب وأسلاه عن أعمال الاقتاد ونزل ذمامه تأكدًا في هذه الدولة وقوفي له الآتية منها على الأول فتصرف في القضاء بجهاتها ونادته السيادة هاك وهاتها فجدد عهد حكامه العدول من سلفه وقضاتها. وله الأدب الذي تحلت بقلايده اللبات والنحور وقصرت عن جواهره البحور. وسيمر من ذلك في تضاعيف هذا المجموع ما يشهد بسعة ذرعه ويخبر بكرم عنصره وطيب نبعه. مشيخته قرأ على جده لأمه الأستاذ الإمام أبي بكر بن عبيدة الإشبيلي وسمع على الرييس أبي حاتم وعلى أخيه أبي عبد الله الحسين وعلى الأستاذ أبي إسحاق الغافقي وعلى الشريف أبي علي بن أبي الشرف وعلى الإمام أبي عبد الله بن حريث. وسمع على العدل أبي فارس عبد العزيز الجزيري. وسمع بحضرة غرناطة على الأستاذ أبي جعفر بن الزبير وعلى العدل أبي الحسن بن مستقور وعلى الوزير أبي محمد بن المؤذن وعلى الخطيب أبي عبد الله بن رشيد. وبمالقة على الخطيب ولي الله تعالى أبي عبد الله الطنجالي وعلى الوزير الصدر أبي عبد الله ابن ربيع وعلى القاضي العدل أبي عبد الله بن برطال. وبيجاية على الإمام أبي علي ناصر الدين المشذالي وعلي أبي العباس الإبريني. وبتونس على أبي علي بن علوان وعلى قاضي الجماعة أبي إسحاق بن عبد الرفيع وسمع على الخطيب الصوفي ولي الله تعالى أبي جعفر الزيات والصوفي أبي عبد الله بن برطال وعلى الصدر أبي القاسم محمد بن قايد الكلاعي. وأجازه علام كثير من أهل المشرق والمغرب. m0عه وشعره متعدد الأسفار كثير الأغراض. وفي الإكثار مجلل الإختيار. فمنه قوله: أخذت بكظم الروح يا ساعة النوى وأضرمت في طي الحشى لا عج الجوى فمن مخبري يا ليت شعري متى اللقا وهل تحسن الدنيا وهل يرجع الهوى سلا كل مشتاق وأكثر وجده وعند النوى وجدي وفي ساكن الهوى ولي نية ما عشت في عهدهم إلى يوم ألقاهم وللمرء ما نوى وقال: باتوا فمن كان باكيًا يبك هذي ركاب الشرى بلا شك فمن ظهور الركاب معملة إلى بطون الربى إلى الفلك كن بالذي حدثوا على ثقة ما في حديث الفراق من إفك من النوى قبل لم أزل حذرًا هذا النوى جل من مالك الملك وقال: يا أيها المعرض اللاهي يسوءني هجرك والله فيا ليت شعري كم أرى فيك لا أقفك عن ويه وعزاه ويحيى مغيري إلى باخل واه من ذا الذي رآه من يرد الله في فتنة يشغله في الدنيا بتياه يا غصن البان ألا عطفة على معني جسمه واه أو سعني بعدك ذلًا وقدرًا يثنى عندك ذا جاه ذكرك لا ينفك عن خاطري وأنت عني غافل ساه يكفيك يا عثمان من جفوني لو كان ذنبي ذنب جهجاه هيهات لا معترض لي على حكمك أنت الآمر الناه يا من أعاد صباحي فقده حلكا قتلت عبدك لكن لم تخف دركا مصيبتي ليست كالمصائب لا ولا بكائي عليها منث لكل بكا فمن أطالب في شرع الهوى بدمي لحظى ولحظك في قتلي قد اشتركا وقال وقد سبقه إليه الرصافي وهو ظريف: أشكو إلى الله فرط بلبالي ولوعة لا تزال تذكى لي بمهجتي حايك شغلت به حلو المعاني طرازه عالي سألته لثم خاله فأبي ومن ذا نخوة وإلال وقال حالي يصون خالي يدني فويحي بالحال والحال يقربني الآل من مواعده وأتقي منه سطوة الآل لكن على ظلمه وقسوته فلست عنه المان بالسالي وقال أيضًا مضمنًا: لي همة كلما حاولت أمسكها على المدلة في أرجاء أرضيها قالت ألم تكن أرض الله واسعة حتى يهاجر عبد مؤمن فيها لا عذر اليوم ولا حجة فضحتني والله يا شيبي وقال: أثقلتني الذنوب ويحي وويسي ليتني كنت زاهدًا كأويس وجرت بينه وبين السلطان ثالث الأمراء من بين نصر بعد خلعه من ملكه وانتثار سلكه واستقراره بقصبة المنكب غيبًا من قومه معوضًا بالسهاد من نومه قد فل الدهر سباته وتركه يندب ما فاته والقاضي المترجم به يومئذ مدبر أحكامها وعلم أعلامها ومتولي نقضها وإيرامها فارتاح يومًا إلى إيناسه واجتلاب أدبه والتماسه وطلب منه أن يعبر عن حاله ببيانه وينوب في بثه عن لسانه فكتنب إليه: قفا نفسًا فالخطب فيها يهون ولا تعجلا إن الحديث شجون علمنا الذي قد كان من صرف دهرنا وسنا على علم بما سيكون ذكرنا نعيمًا قد تقضى نعيمه فأقلقنا شوق له وحنين وبالأمس كنا كيف شئنا وللدنا حراك على أحكامنا وسكون وإذا بابنا مثوى الفؤاد ونحونا تمد رقاب أو تشير عيون فنغص من ذاك السرور مهنأ وكدر من ذاك النعمي معين أيا معهد الإسعاد حييت معهدًا وجادك من سكب الغمام هتون تريد الليالي أن تهين مكاننا رويدك إن الخير ليس يهون فإن تكن الأيام قد لعبت بنا ودارت علينا للخطوب فنون فمن عادة الأيام ذل كرامها ولكن سبيل الصابرين مبين لئن خاننا الدهر الذي كان عبدنا فلا عجب إن العبيد تخون وما غض منا مخبرى غير أنه تضاعف إيمان وزاد يقين وكتب إلى الحكم بن مسعود وهو شاهد المواريث بهذه الدعابة التي تستخف الوقور وتلج السمع الموقور: أطال الله بقاء أخي وسيدي لأهل الفرايض يحسن الاحتيال في مداراتهم وللمنتقلين إلى الدار الآخرة يأمر بالاحتياط في أمواتهم ودامت أقلامه مشرعة لصرم الأجل المنسأ معدة لتحليل هذا الصنف المنشأ من الصلصال والحمأ. فمن ميت يغسل وآخر يقبر ومن أجل يطوى وكفن ينشر ومن رمس يفتح وباب يغلق. ومن عاصب يحبس ونعش يطلق. فكلما خربت ساحة نشأت في الحانوت راحة. وكلما قامت في شعب مناحة اتسعت للرزق مساحة. فيباكر سيدي الحانوت وقد احتسى مرقته وسهل عنقفته فيرى الصعبة بالمناصب شطرًا. فيلحظ هذا برفق وينظر إلى هذا شزرًا. ويأمر بشق الجيوب تارة والبحث عن الأوساط أخرى. ثم يأخذ القلم أخذًا رفيقًا. ويقول وقد خامره السرور رحم الله فلانًا لقد كان لنا صديقًا وربما أدبره بالانزعاج الحثيث وقال مستريح منه كما جاء في الحديث. وتختلف عند ذلك المراتب وتتبين الأصدقاء والأجانب فينصرف هذا وحظه التهذيب والنظر الحديد وينفصل هذا وبين يديه المنذر الصيت والنعش الجديد. ثم يغشى دار الميت ويسل عن الكيت والكيت ويقول علي بما في البيت. أين دعاء الثاغبة والراغية. أين عقود الأملاد بالبادية. وقد كانت لهذا الرجل حالًا في حال. وقد ذكر في الأسماء الخمسة فقيل ذو مال. وعيون الأعوان ترنوا من عل وأعناقهم تشريب إلى خلف الكلل وأرجلهم تدب إلى الأسفاط دبيب الصقور إلى الحجل. والموتى قد وجبت منهم الجنوب وحضر الموروث والمكسوب. وقيد المطعوم والمشروب. وعدت الصحاح. ووزنت الأرطال وكيلت الأقداح. والشهود يغلظون على الورثة في الشالية ويصونهم بالبتات في النشأة الأولية. والروائح حين تفعم الأرض طيبًا وتهدي الأرواح شذًا يفعل في إزعاجها على الأبدان فعلًا عجيبًا. والدلال يقول هذا مفتاح الباب. والسمسار يصيح قام الندا فما نتنظرون بالثبات. والشاهد يصيح فتعلوا صيحته والمشرف يشرب فتسقط سبحته. والمحتضر يهس ألا حي فلا تسمعون ويباهي لون العباء عليه الجواب رب أرجعون. ما هذا النشيج والضجيج. مت كلا لم أمت. ومن حج له الحجيج. فترتفع له الأصوات كي لا يفسح فيه الممات. ويبقر بطنه برغمه ويحفر له بجانب أبيه وبحذا أمه. ثم يشرع في نفسه الفرض ولو أكفئت السوات على الأرض. ويقال لأهل السهام أحسنوا فالإحسان ثالث مراتب الإسلام. وقد نص ابن القاسم على أجرة القاسم. وسوغه أصبغ وسحنون ولم يختلف فيه مطرف وابن الماجشون. إن قيل إيصال الحقائق إلى أرجايها حسن فجزاه الإحسان إحسان. وقيل إخرج النسب والكسور كفاية فللكاهنين حلوان. اللهم غفرًا ونستقيل الله من انبساط يجر غدرًا ونسل الله حمدًا يوجب المزيد من نعمايه وشكرًا. ولولا أن أغفل عن الخصم وأثقل رحل الفقيه أبي النجم لأستغلن المجلس شرحًا ولكان لنا في بحر المباسطة سبح ولأفضنا في ذكر الوارث والوراث. وبينا العلة في أقسام الشهود مع المشتغل بنسبة الذكور مع الأناث. والله يصل عز أخي ومجده ويهب له قوة تخصه بالفايدة وجدهن ويزيده بصيرة يتبع بها الحقوق إلى أقصاها وبصرًا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ودام يحصى الخراريب والفلوس والأطمار ويملأ الطوامر بأقلامه البديعة الصنعة ويصل الطومار بالطومار والسلام. والشيء بالشيء يذكر قلت ومن أظرف ما وقعت عليه في هذا المعنى. قال بعض كتاب الدولة الحكمية بمنورقة وقد ولاه خطة المواريث وكتب إليه راغبًا في الإعفاء: وأكتب للأموات صكًا كأنهم يخاف عليهم في الجباب التفلت كأني لعزرائيل صرت ماقضًا بما هو يمحو كل يوم وأثبت وقال فاستظرفها الرييس أبو عثمان بن حكم وأعفاه. مولده: في أواخر أربعة وسبعين وستماية. وفاته قال في العايد ومضى لسبيله شهابًا من شهب هذا الأفق وبقية من بقايا حلبة السبق رحمه الله في ليلة السبت الثاني من شهر شعبان المكرم عام سبعة وأربعين وسبعماية وتخلف وقرًا لم يشتمل على شيء من الكتب لإيثاره اقتناء النقدين وعين جراية لمن يتلو كتاب الله على قبره على حد من التعزرة والمحافظة على الإتقان. ودفن بباب إلبيرة في دار اتخذها لذلك. محمد بن أحمد بن قطبة الدوسي من أهل غرناطة يكنى أبا القاسم. حاله مجموع خلال بارعة وأوصاف كاملة حسن الخط ذاكر للتاريخ والأخبار مستول على خصال حميدة من حسن رواء وسلامة صدر إلى نزاهة الهمة وإرسال السجية والبعد عن المصانعة والتحلي بالوقار والحشمة شاعر كاتب. ومناقبه يقصر عنها الكثير من أبناء جنسه كالفروسية والتجند والبسالة والرماية والسباحة والشطرنج متحمد بحمل القنا مع البراعة مديم على المروءة مواس للمحاويج من معارفه. ارتسم في الديوان فظهر غناؤه وانتقل إلى الكتابة معززة بالخطط النبيهة العلمية وحاله الموصوفة متصلة إلى هذا العهد وهو معدود من حسنات قطره. وثبت في التاج المحلى بما نصه: سابق ركض المحلى أتى من أدواته بالعجايب وأصبح صدرًا في الكتاب وشهمًا في الكتايب. وكان أبوه رحمه الله بهذه البلدة قطب أفلاكها وواسطة أسلاكها ومؤتمن روسايها وأملاكها وصدر رجالها وولي أرباب مجالها قد نثل ابنه سهامها فخبر عدالة وبراعة وفهمًا وألقاه بينهم قاضيًا شهمًا فظهر منه نجيبًا ودعاه إلى الجهاد سميعًا مجيبًا فصحب السرايا الغريبة المغيرة وحضر على هذا العهد من الوقايع الصغرة والكبيرة وعلى مصاحبة البعوث وجوب السهول والوعوث فما رفض اليراعة الباتر ولا ترك الدفاتر للزمان الفاتر. شعره وله أدب بارع المقاصد قاعد للإجادة بالمراصد وقال من الروضيات وما في معناها: ِدعيني ومطلول الرياض فإنني أنادم في بطحايها الآس والوردا أعلل هذا بخضرة شارب وأحكي بهذا في تورده الخدا وأزهر غض البان رايد نسبة ذكرت به لين المعاطف والقدا وقال: يومنا يوم سرور فلتقمتصدع الهم بكاسات المدام إنما الدنيا منام فلتكن مغرمًا فيها بأحلى المنام وقال: أحبك ما هبت من الروض نسمة وما اهتز غصن في الحديقة مايل فإن شئت أن تهجر وإن شئت فلتقبل فإني لما حملتني اليوم حامل وقال: كم قلت للبدر المنير إذ بدا هيهات وجه فلانة تحكي لنا فأجابني بلسان حال واعتنى لا الشمس تحكيها فأحكيها أنا وصرفت وجهي نحو غصن أملد قد رام يشبه قدها لما انثنا فضحكت هزءًا عند هز قوامها إذا رام أن يحكى قوامًا كالقنا وكتب إليه في غرض يظهر من الأبيات: جوانحنا نحو اللقاء جوانح ومقدار ما بين الديار قريب وتمضي الليالي والتزاور معوز على الرغم منا وإن ذا لغريب فديتك عجلها لعيني زيارة ولو مثل ما رد اللحاظ مريب وإن لقائي جل عن ضرب موعد لأكرم ما يهدي الأريب أريب فراجعني بقوله والتجني شيمة: فلا ذنب للأيام في البعد بيننا فإني لداعي القرب منك مجيب وإن لقاء جاء من غير موعد ليحسن لاكن مرة ويطيب وإجسانة كثير وفيما ثبت كفاية ليلا نخرج عن غرض الاختصار. محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة الدوسي يكنى محمد أبا بكر أخو الذي قبله. حاله تلوه في الفضل والسراوة وحسن الصورة ونصاعة الطرف مرب عليه بمزيد من البشاشة والتنزل وبذل التودد والتبريز في ميدان الانقطاع متأخر عنه في بعض خلال غير هذا. ذكي الذهن مليح الكتابة سهلها جيد العبارة متأتي اليراع مطلق اليد حسن الخط سريع بديهة المنثور معم مخول في التخصص والعدالة. كتب الشروط بين يدي أبيه ونسخ كثيرًا من أمهات الفقه واستظهر كتبًا من ذلك المقامات الحريرية. وكتب بالدار السلطانية واختص بالمراجعة عمن بها والمفاتحة أيام حركات السلطان عنها إلى غيرها. حميد السيرة حسن الوساطة نجدي الجاه مشكور التصرف خفيف الوطأة. وولي الخطابة العلية. مع الاستمساك بالكتابة. ولم يؤثر عنه الشعر ولا عول عليه. محمد بن محمد بن محمد بن قطبة الدوسي يكنى أبا بكر وقد ذكرنا أباه وعمه ويأتي ذكر جده. حاله نبيل المقاصد في الفن الأدبي مشغول به مفتوح من الله عليه فيه شاعر مطبوع مكثر انقاد له مركب النظم في سن المراهقة واشتهر بالإجادة وأنشد السلطان وأخذ الصلة وارتسم لهذا العهد في الكتابة. وشرع في تأليف يشتمل على أدباء عصره. شعره ومما خاطب به أحد أصحابه: إذا شمت من نحو الحمى في الدجا برقا أبي الدمع إلا أن يسيل ولا يرقى ومهما تذكرت الزمان الذي مضى تقطعت الأحشاء من حر ما ألقى خليلي لا تجزع لمحل فأدمعي تبادر سقيًا في الهوى لمن استسقى وما ضر من أصبحت ملك يمينه إذا رق لي يوما وقد حازني رقا فنيت به عشقا وإن قال حاسد أضل الورى من مات في هاجر شقا ومنها: وكم من صديق كنت أحسب أنه إذا كذبت أوهامنا رفع الصدقا محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة الدوسي ابن عم المذكورين قبله يكنى أبا القاسم. حاله حسن الصورة لازم القراءة على شيوخ بلده ونظم الشعر على الحداثة وترشح للكتب بالدار السلطانية مع الجماعة ممن هو في نظمه. ومن شعره كتب إلي بما نصه: أحسب وحده يوم رأسك ربما تعطى السلامة في الصراع سلمًا محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة الدوسي أخو الفقيه أبي بكر بن القاسم بن محمد المذكور حاله شاب حسن فاضل دمث متخلق جميل الصورة حسن الشكل أحمر الوجنتين. حفظ كتبا من المبادي النحوية وكتب خطا حسنا وارتسم في ديوان الجند مثل والده وهو الآن بحاله الموصوفة. شعره قيد أخوه لي من الشعر الذي زعم أنه من نظمه قوله: حلفت بمن ذاد عني الكرى وأسهر جفني ليلًا طويلا وألبس جسمي ثياب النحول وعذب بالهجر قلبي العليلا ما حلت عن وده ساعة ولا اعتضت منه سواه بديلا ابن جزى الكلبي محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن يحيى ابن عبد الرحمن بن يوسف بن جزى الكلبي من أهل غرناطة وأعيانها يكنى أبا عبد الله. أوليته تنظر في اسم أبيه في ترجمة المقريين والعلماء. حاله من أعلام الشهرة على الفتاوة. وانتشار الذكر على الحداثة. تبريزًا في الأدب واضطلاعا بمعاناة الشعر وإتقان الخط وإيضاحًا للأحاجي والملغزات. نشأ بغرناطة في كنف والده رحمه الله مقصور التدريب عليه مشارًا إليه في ثقوب الذهن وسعة الحفظ ينطوي على نبل لا يظهر أثره على التفاتة وإدراك تغطجي شعلته مخيلة غير صادقة من تغافله. ثم جاش طبعه وفهق حوضه وتفجرت ينابيعه وتوقد إحسانه. ولما فقد والده رحمه الله ارتسم في الكتابة فبذ جلة الشعراء إكثارا واقتدارا ووفور مادة مجيدا في الأمداح عجيبًا في الأوضاع صديقًا في النسيب مطبوعا في المقطوعات معتدلا في الكتابة نشيط البنان جلدًا على العمل سيال المجاز جموح عنان الدعابة غزلا مؤثرا للفكاهة انتقل إلى المغرب لشفوف خصله على ما قد قصم الحظوظ. سبحانه من رزقه بهذه البلاد. فاستقر بباب ملكه. مرعى الجناح أثير الرتبة. مطلق الجراية مقرر السهام معتبا وطنه راضيا عن جيرته. ديدن من يستند إلى قديم ويتحيز إلى أصالة. تواليفه أخبرني عند لقايه أياي بمدينة فاس في غرض الرسالة عام خمس وخمسين وسبعماية أنه شرع في تأليف تاريخ غرناطة ذاهبًا هذا المذهب الذي انتدبت إليه ووقفت على أجزاء منه تشهد باضطلاعه وقيد بخطه من الأجزاء الحديثة والفوايد والأشعار ما يفوت الوصف ويفوق الحد. وجرى ذكره في التاج بما نصه: شمس في البلاغة بازغة وحجة على بقاء الفطرة الغريزية في هذه البلاد الغربية بالغة وفريدة وقت أصاب من فيها نادرة أو نابغة من جذع ابن علي القادح وجرى من المعرفة كل بارح لو تعلقت الغوامض بالثريا لنالها وقال أنا لها. وربما غلبت الغفلة على ظاهره وتنطفق أكمامها على أزاهره حتى إذا قدح في الأدب زنده تقدم المواكب بنده إلى خط بارع يعنو طوال شعره فمن غرامياته وما في معناها قوله: متى يتلاقى شايق ومشوق ويصبح عير الحب وهو طليق أما أنها أمنية عز نيلها ومرمى لعمري في الرجا سحيق ولكني خدعت قلبي تعلة أخاف انصداع القلب فهو رقيق وقد يرزق الإنسان من بعد يأسه وروض الربى بعد الذبول يروق تباعدت لما زادني القرب لوعة لعل فؤادي من جواه يفيق ورمت شفاء الداء بالداء مثله وإني بألا أشتفي لحقيق وتالله ما للصب في الحب راحة على كل حال إنه لمشوق ويا رب قد ضاقت علي مسالكي فها أنا في بحر الغرام غريق ولا سلوة ترجى ولا صبر ممكن وليس إلى وصل الحبيب طريق ولا الحب عن تعذيب قلبي ينثني ولا القلب للتعذيب منه يطيق شجمن يضق الصدر عن زفراتها وشوق نطاق الصبر عنه يضيق ولو أن عند الناس بعض محبتي لما كان يلقى في الأنام مفيق أيا عين كفى الدمع ما بقى الكرى إذا منعوك النوم سوف تذوق ويا نايمًا عن ناظري أما ترى لشمسك من بعد الغروب شروق رويدك رفقًا بالفؤاد فإنه عليك وإن عاديته لشفيق نقضت عهودي ظالما بعد عقدها إلا إن عهدي كيف كنت وثيق كتمتك حبي يعلم الله مدة وبين ضلوعي من هواك حريق فما زلت بي حتى فضحت فإن أكن صبرت بعد اليوم لست أطيق وقال: ومورد الوجنات معسول اللمى فتاك بلحظ العين في عشاقه الخمر بين لثاته والزهر في وجناته والسحر في أحداقه ينادي غصن البان في أثوابه ويلوح بدر التم في أطواقه في روضة ضحكت ثغور أقاحها وأمال فيها المزن من آماقه أسقيه كأس سلافة كالمسك في نفحاته والشهد عند مذاقه صفراء لم يدر الفتى أكواسها إلا تداعى همه لفراقه ولقد تلين الصخر من سطواته فيعود للمعهود من أشفاقه وأظل أرشف من سلافة ثغره خمرًا تداوي القلب من إحراقه ولربما عطقته عندي نشوة فشقى الخيال بضمه وعناقه أرجو نداه إذا تبسم ضاحكا وأخاف منه العتب في إطراقه أشكو القساوة من هواى وقلبه والضعف من جلدي ومن ميثاقه يا هل لعهد قد مضى من عودة أم لا سبيل بحالة للحاقه يا ليت شعري لو كانت لذلك حيلة أو كان يعطى المرء باستحقاقه فلقد يروق الغصن بعد ذبوله ويتم بدر التم بعد محاقه |
ومما اشتهر عنه في هذا الغرض: من كان يبكي الظاعنين بأدمع فأنا الذي أبكيهم بنجيع إيه وبين الصدر منى والحشا شجن طويت على شجاه ضلوع هات الحديث عن الذين تحملوا واقدح بزند الذكر نار ولوع عندي شجون في التي جنت النوى أشكو الغداة وهن في توديع ليت الذي بيني وبين صبابتي بعد الذي بيني وبين هجوع يا قلب لا تجزع لما فعل النوى فالحر ليس لحادث بجزوع أبعد ما غودرت في أشراكه تبغي النزوع ولات حين نزوع ومهفهف مهما هبت ريح الصبا أبدت له عطفاه عطف مطيع جمع المحاسن وهو منفرد بها فاعدب لحسن مفرد مجموع والشمس لولا إذنه ما آذنت خجلا وإجلالًا له مطلوع ما زلت أسقى خده من أدمعي حتى تفتح عن رياض ربيع إن كان يرنو عن نواظر شادن فلرب ضرغام بهن صريع لم أنتفع لبسا من الملبوس في حبي ولا بعذارى المخلوع بجماله استشفعت في إجماله ليحوز أجر منعم وشفيع يا خادعي عن سلوتي وتصبري لولا الهوى ما كنت بالمخدوع أوسعتني بعد الوصال تفرقا وأثبتني سوءًا لحين صنيع أسرعت فيما ترتضي فجزيتني بطويل هجران إلى سريع أشرعت رمحا من قوامك دايلًا فمنعت من ماء الرضاب شروعي خذ من حيث تولعي وتولهي خبرًا صحيحًا ليس بالمصنوع يرويه خدي مسندا عن أدمعي عن مقلتي عن قلبي المصدوع كم من ليال في هواك قطعتها وأنا لذكراهن في تقطيع لا والذي طبع الكرام على الهوى وبر سوا أن الهوى المطبوع ما عيرتني الحادثات ولم أكن بمذيع سر للعهود مضيع لا خير في الدنيا وساكنها معا إن كان قلبي منك غير جميع نعم لست أرضى عن زماني أو أرى تهادي السفن المواخر والبخت لقد سيمت نفسي المقام ببلدة بها العيشة النكراء والمكسب السحت يذل بها الحر الشريف لعبده ويجفوه بين السمت من سنة ست إذا اصطافها المرء اشتكى من سمومها أذى ويرى فيه أدًا يبت ولست كقوم في تعصبهم عتوا يقولون بغداد لغرناطة أخت رغبت بنفسي أن اساكن معشرًا مقالهم زور وودهم مقت يدسون في لين الكلام دواهيًا هي السم بالآل المشود لهالت فلا در در القوم إلا عصيبة إلي بإخلاص المودة قد متوا وآثرت أقوامًا حمدت جوارهم مقالهم صدق وودهم بحت لهم عين عيان الفاحشات إذا بدت تعام وعن ما ليس يعينهم صمت فما ألفوا لهوا ولا عرفوا خنى ولا علموا أن الكروم لها بنت به كل مرتاح إلى الضيف والوغى إذا ما أتاه منهما النبأ البغت وأجرد جرار الأعنة فارح كميت وخير الخيل قداحها الكمت نسامت به الأعراق في آل أعوج ولا عوج في الخلق منه ولا أمت وحسبي لعضات النوائب منجدا عليها الكميت الهند والصارم الصلت قطعت زماني خبرة وبلوته فبالغدر والتخفيف عندي له نعت ومارست أبناء الزمان مباحثا فأصبح حبلي منهم وهو منبث وذي صلف يمشي الهوينا ترفقا على نفسه كيلا يزايلها السمت إذا غبت فهو المروة القوم عندهم له الصدر من ناديهم وله الدست وإن ضمني يوما وإياه مشهد هو المعجم السكيت والعمة الشخت فحسبي عداتي أن طويت مآربي على عزمهم حتى صفا لهم الوقت وقلت لدنياهم إذا شئت فاغربي وكنت متى أعزم فقلبي هو البت وأغضيت عن زلاتهم غير عاجز فماذا الذي يبغونه لهم الكبت وقال: وشادن تيمنى حبه حظى منه الدهر هجرانه ورد الخدين حلو اللمى أحمر مضني الطرف وسنانه لم تنطو الأغصان في الروض بل ضلت له نسجد أغصانه يا أيها الظبي الذي قلبه تضرم في القلب نيرانه هل عطفة ترجى لصب شبح ليس يرجى عنك سلوانه يود أن لو زرته في الكرى لو متعت بالنوم أجفانه قد رام أن يكتب ما نابه والحب لا يمكن كتمانه فأفضيت أسراره واستوى إسراره الآن وإعلانه وقال: نهار وجه وليل شعر بينهما الشوق يستثار قد طلبا بالهوى فؤادي فأين لي عنهما الفرار وكيف يبغى النجاة شيء يطلبه الليل والنهار وقال في غرض التورية: أبح لي في رياض المحاسن نظرة إلى ورد ذاك الخد أروى به الصدى وبالله لا تبخل علي بعطفة فإني رأيت الروض يوصف بالندا وقال: وعاشق صلى ومحرابه وجه عزال ظل يهواه قالوا تعبد فقلت نعم تعبدًا يفهم معناه وقال هو مليح جدًا: وصديق شكى بما حملوه من قضاء يقضى بطول العناء قلت فاردد ما حملوك عليهم قال من يستطع رد القضاء لسانان هجيا من خاصماه لسان الفتى ولسان القضاء إذا لم تحز واحدًا منهما فلست أرى لك أن تنطقا وقال: تلك الذؤابة ذبت من شوقي لها واللحظ يحميها بأي سلاح وفاته اتصل بنا خبر وفاته بفاس مبطونًا في أوايل ثمانية وخمسين وسبعماية. ثم تحققت أن ذلك في آخر شوال من العام قبله. ابن الحكيم اللخمي محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم ابن يحيى بن محمد بن الحكيم اللخمي يكنى أبا القاسم. حاله من كتاب عائد الصلة: فرع دوحة الأصالة والخصوصية والعلم والدين والمكانة والجلالة مجلي بيته. ومجدد مآثره برًا ومجاملة وخيرية. نشأ بأطراف جملته من الفنون من حساب وفريضة وأدب وقراءة ووثيقة إلى خط حسن وأدب تكفله حتى انقاد له أو كاد. أعبط في وقيعة الطاعون قاضيًا ببعض الجهات. وكاتبًا للدار السلطانية فكانت فيه الفجيعة عظيمة. وجرى ذكره في التاج المحلى بما نصه: من فروع مجد وجلالة ورث الفضل لا عن كلالة. أشرف مجيد معظم مخول في العشيؤة وصل لباب المجد بفرايد الخلال الأثيرة وأصبح طرفًا في الخير والعفاف واتصف من العدالة بأحسن اتصاف وسلك من سنن سلفه أثر هذا لا يزال يرشده ويدله ويسدده فيما يعقده أو يحله واتسم بميسم الحيا والحيا خير كله إلى نزاهة لا ترضي بالدون ونجابة تتهالك في صون الفنون. وطمح في هذا العهد إلى نمط في البلاغعة رفيع وجنح إلى مساجلة ما يستحسنه من مخترع وبديع وصدرت منه طرف تستملح وتستحلي إذا استحلى. ونحن نورد ما أمكن من آياته ونجلي بعض غرره وشياته. شعره ومن مقطوعات آياته: وهبت فهزت عند ما رأت به الطلا مثل الطفل يرضع في المهد والروض حياه المزن خلعة برقة وباتت رباه من حباه على وعد يحدثنا عن كرمها ما من مزنها فتبدي ابتسام الزهر في لثمة الخد عجبنا لما رأينا من برها بدور حباب الكأس تلعب بالنرد وقال: شربنا وزبحى الدياجي موقد مصابيح من زهر النجوم الطوالع عقارًا رأته حين أقبل حالكًا فجاءت بمصفر من اللون فاقع عجبت لها ترتاع منه وإنها لفي الفرقد قرت لدم المدامع وقال: من بنات الكروم والروم بكرا أقبلت ترتدي حيا بهيا خلتها والحباب يطفوا عليها شفقا فوقه نجوم الثريا قهوة كالعروس في الكأس تجلى صاغ من لؤلؤها الزج حليا وقال: ويوم أنس صقيل الجو ذي نظر كأنه من وميض البرق قد خلقا ما زلت فيه لشمس الطست مصطحبًا وبالنجوم وبالأكواس مغتبقا صفراء كالعسجد المسبسوك إن شربت تبدي احمرارًا على الخدين مؤتلقا كذلك الشمس في أخرى عشيتها إذا توارت أثارت بعدهها شفقا وقال: بنفسي حبيب صال عامل قده علي ولما ينعطف وهو كالغصن ويا عدبًا منه متى صار ذابلا ونضرته تنار عن حوطة اللدن وأعجب من ذا أن سيف لحاظه يمزق أفلاذ الحشى وهو في الجفن وقال: يأبى وغير أبي غزال نافر بين الجوانح يغتدي ويروح لم يرض غير القلب منزلة فهل يا ليت شعري بالذراع يلوح ومما نسب لنفسه وأنشدنيه: ومما نسب لنفسه وأنشدنيه: ليل الشاب انجاب أول وهلة عن صبح شيب لست عنه براض إن سرني يومًا سواد خضابه فنصوله عن ساق ببياض هلا اختفى فهو الذي سرق الصبا والقطع في السرقات أمر ماض فعليه ما استطاع الظهور بلمتي وعلي أن ألقاه بالمقراض وفاته توفي رحمه الله بغرناطة في السابع عشر شهر ربيع الآخر عام خمسين وسبعمائة في وقيعة الطاعون ودفن بباب إلبيرة رحمة الله عليه. ابن محمد اللوشي اليحصبي محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن علي ابن محمد اللوشي اليحصبي يكنى أبا عبد الله ويعرف باللوشي أوليته الخطط وفيًا لمن لحقته من السلطان موجدة تختلف معاملته لمن يعرفه في اليوم مرات من إعراض عنه وقبول عليه ولصوق به كل ذلك عن سلامة وتهيب نفس. مليح الدعابة ذاكرا لفنون من الأناشيد حسن الجد متجافيًا عن الأعراض. ودرى ذكره في التاج بما نصه: شاعر مفلق وشهاب في أفق البلاغة متألق طبق مفاصل الكلام بحسام لسانه وقلد نحور الكلام ما يزري بجواهر الملوك من إحسانه. ونشأ في حجور الدولة النصرية مدللًا بمتاته متقلبًا من العز في أفانينه وأشتاته إذ لسلفه الذمام الذي صفت منه الحياض والحمام والوداد الذي قصرت عنه الأنداد والسابقة التي أزرى بخبرها العيان وشهدت بها أرجونة وجيان محيز ثمرة الطيب. وله همة عالية بعيدة المرمى كريمة المنتمى حملته بآخرة على الانقباض والازدراء والزهد في الازدياد والاستكثار والاقتصاد والاقتصار فعطف على انتجاع غلته والتزام محلته ومباشرة فلاحة صان بها وجهه ووفاه الدهر حقه ونجمه واحتجبت عقايل بيانه لهذا العهد وتقنعت وراودتها النفس فتمنعت وله فكاهة وأنس الزمان مناجاة القينات عند البيات وأعذب من معاطاة الراح في الأقداح. شعره قال وله أدب بلغ في الإجادة الغاية ورفع للجبين من السنن الراية. ومن مقطوعاته يودع شيخنا الفقيه القاضي أبا البركات بن الحجاج: رأوني وقد أغرقت في عبراتي وأحرقت في ناري لدى زفراتي فقالوا سلوه تعلموا كنه حاله فقلت سلوا عني أبا البركات فمن قال إني بالرحيل محدث روت عنه أجفاني غريب ثبات ونادى فؤادي ركبه فأجابه ترحل وكن في القوم بعض عدات ومن مقطوعاته البديعة من قصيدة مجازية: سيخطب قس العزم في منبر السرى وهل في الدنا يوم المسير أطيق وأقطع زند الهجر والقطع حقه فما زال طيب العمر عني يسترق مولده: في حدود ثمانية وسبعين وستماية وفاته في الموفي عشرين من شهر ربيع الثاني من عام اثنين وخمسين وسبعماية ابن الحكيم اللخمي محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يحيى بن الحكيم اللخمي يكنى أبا بكر أوليته مرت في اسم ذي الوزارتين حاله من كتاب عائد الصلة: كان صدر أبناء أصحاب النعم وبقية أعلام البيوت ترف نشأة وعز تربية وكرم نفس وطيب مجالسة وإمتاع محاضرة وصحة وفاء وشياع مشاركة في جملة فاضلة محدثًا تاريخيًا كاتبًا بليغًا حسن الخط مليح الدعابة ظريف التوقيع متقدم الحيلة في باب التحسين والتنقيح. يقرض الشعر ويفك المعمى ويقوم على جمل الكتاب العزيز. حفظًا وتجويدًا. وإتقانًا ويسرد نتف التاريخ. وعيون الأخبار إلى حسن الخلق وكمال الأبهة وحلاوة البساطة واحتمال المنابشة. والمثابرة على حفظ المودة والاستقالة من الهفوة والتمسك بالاستعتاب والمذرة. كتب بالدار السلطانية أكثر عمره وتصدر بعد في قيادة المواضع النبيهة محاربًا ذا قدرة في ذلك. ومع ذلك فشايع المعروف ذايع المشاركة قيد الكثير. ودون وصنف وحمل عن الجلة ممن يشق إحصاؤهم وكان غرة من غرر هذا القطر وموكبا من مواكب هذا الأفق لم يتخلف بعده مثله. وجرى ذكره في التاج المحلى بما نصه: ماجد أقام رسم المجد بعد عفايه فوفى الفضل حق وفايه. بيته في رندة أشهر في الأصالة من بيت امرئ القيس وأرسى في بحبوحة الفخر من قواعد الرضوى وأبي قيس استولى على الجود البديع البعيد المدا وحجت إليه من كل فج طلاب الندا وعشت إلى ضوء ناره فوجدت على النار التقى والهدى. ولي الوزارة النصرية التي اعتصر منها طريقًا بتالد فأحيت مآثرها الخالدة مآثر يحيى بن خالد. ولما أدار عليها الدهر كأس النوايب وخلص إليها سهمه الصايب بين صحايف الكتب وصفايح الكتايب تطلعت من خلالها الرايقة لباب الوجود وبكتها بسيل أجفانها عين الباس والجود وطلع على أعقاب هذه الفضايل محلى من صفحاتها وأعاد لو ساعده الدهر من لمحاتها وارتقى من الكتابة إلى المحل النبية واستحقها من بعض ميراث أبيه وبني وشيد ودن فيها وقيد وشهر في كتب الحديث وروايته وجني ثمرة رحلة أبيه وهو في حجر ذؤابته. وأنشأ الفهارس وأحيي الأثر الدارس وألف كتابه المسمى بالموارد المستعذبة والمقاصد المنتخبة فسرح الطرف وروضه طيب الجني والعرف وله شعر أنيق الحلية حاز في نمط العلية. وبيني وبين هذا الفاضل وداد صافي الحياض وفكاهة كقطع الرياض ودعابة سحبت الدالة أذيالها وأدارت الثقة والمقة جريالها. وسيمر في هذا الديوان كل رايق الحيا عاطر الريا. مشيخته قرأ على الأستاذ أبي جعفر الحريري والأستاذ أبي الحسن القيجاطي والأستاذ إسحق بن أبي العاصي. وأخذ عن العلم والرم من مشايخ المشرق والمغرب. فمنهم الولي الصالح فضل بن فضيلة المعافري إلى العدد الكثير من أهل الأندلس كالخطباء الصلحاء أبي عبد الله الطنجالي وأبي جعفر الزياتي وأبي عبد الله بن الكماد وغيرهم من الرنديين والمالقيين والغرناطيين حسبما تضمنه برنامجه. m0وليفه ألف الكتاب المسمى الفوائد المتخبة والموارد المستعذبة. وكمل التاريخ المسمى بميزار العمل لابن رشيق. ودون كتابًا في عبارة الرؤيا سماه بشارة القلوب بما تخبره الرؤيا من الغيوب والأخبار المذهبة والإشارة الصوفية والنكت الأدبية. والهودج في الكتب. والإشارة في ألف إنشاده. قال في التاريخ ما نصه: وتهادته إلى هذا العهد رتب السيادة واستعمل في نبيهات القيادة فوجه إلى معقل قرطمة من كورة ريه وهو واليه وبطاحه في مجرى جياده وصحر عواليه. وقد حللت مالقة صحبة الركب السلطاني في بعض التوجهات إلى تلك الجهات في بعض ما أتحف من مقعده المتصل المستمر بهدية مشتملة على ضروب من البر. فخاطبته مقيما لسوق الانبساط وغير حايد عن الوداد والاغتباط على ما عول عليه من حمل الإفراط والانتظام في هذا المعنى والانخراط: ألام على أخذ القليل وإنما أعامل أقوامًا أقل من الذر فإن أنا لم آخذه منهم فقدته ولا بد من شيء بعين على الدهر سيدي أطلق الله يدك بما تملك وفتر عن منحك البخل ليلًا تهلك. كنت قد هومت وحذرني القلق فتلومت. ولومي كما علمت سيئ الخصال عزيز الوصال. يمطل ديني ويعاف طيره ورد عيني. فإذا الباب يدق بحجر فأنبأني عن ضجر وجار الجنب يزخذ بالذنب. فقمت مبادرًا وجزعت. وإن كان الجزع مني نادرًا. واستفهمت من وراء الفلق عن سبب هذا القلق. فقالت امرأة من سكان البوادي. رابطة الفؤاد يا قوم رسول خير وناعق طير وقرع إذلال لا فرع إدلال. حطوا شعار الحرب والحرب فقد ظفرتم ببلوغ الأرب فتأخرت عن الإقدام وأنهدت إليه فحن عمر بن أبي ربيعة عمن كان بالدار من الخدام. فأسفرت الوقيعة عن سلام وسلم ولم يزن أحد منا بكلم. ونظرت إلى رجل قرطبي الطلعة والأخلاق خاو على الإطلاق. تنهد قبل أن يسلم وارتمض لام ذهب من الشبيهة وتألم. شنشنة معروفة. وعين تلك الجهات معاذ الله مصروفة. وقد حملته سيادتكم من المبرة ضروبًا شتى. وتجاوزت في المسرات غاية حتى. ولم تضع عضوًا من جسده فضلًا عن منكبه ويده إلا علقته وعاء ثقيلا وناطت به زنبيلا. واستلقى كالمني إذا ترك المعترك. وعلت حوله تلك الأثقال. وتعاورها الانتقال وكثر بالزقاق القيل والقال. فلما تخلصت إلى الدار وسترت معرفتها بالجدار وتناولها الاختبار الفاضح وبان قصورها الواضح فتلاشت بعد ما جاشت ونظرت إلى قعب من اللبن الممزوق الذي لا يستعمل في البيوت ولا يباع في السوق فأذكرتني قول الشاعر: في تلك المكارم لا قعبان من البن شيبت بماء فعاد بعد أبوالا أما زبده فرفع وأما جبنه فاقتيت به وانتفع. وأما من بعثه من فضلاء الخدام فدفع وكأبى به قد ألح وصفع والتفت إلى قفة فد خيطت وبعنق ذاك البايس قد نيطت رمس فيها أفراخ الحمائم وقلدت بجيده كما يتقلد بالتمائم وشد حبلها بمخنقه وألزم منها في العاجل طائره في عنقه هذا بعد ما ذبحت وأما حشوها فربحت. ولو سلكتم الطريقة المثلى لحفظتم جثتها من العفن كما تحفظ جثة القتلى وأظنكم لم تغفلو هذا الغرض الأدنى ولا أهملتم هذه الهمم الذي غريزة في المبنى. فإني رميت منها اللهو رمي المختبر فكلح من مرارة الصبر ولما أخرجتها من كفن القفة واستدعيت لمواراتها أهل الصفة تمثلت تمثل اللبيب بقول أبي تمام حبيب: هن الحمام فإن كسرت عيافة من حائهن فإنهن حمام ولو أن إحدى الدجاجتين لاحت عليها مخيلة سر. لكانت من بقايا مواطني ديوك بني مر وبعث بها حلالك حلاله. وأهدى منها اجتهاد من أحسن. ولم يكن بالهدية ما يذكر ولا كانت مما ينكر أستغفر الله فلو لم تكن التحفة إلا تلك الفكاهة العاطرة والغمامة الماطرة. التي أحسبها الأمل الأقصى وتجاوزت إلا من التي لا تعد ولا تحصى للزم الشكر ووجب وبرز من حر المحج ما تيسر واحتجب. فالمكارم وإن تغيرت أنسابها وجهل انتسابها. وادعى إرثها واكتسابها إليكم تنشر يدها وتسعى لأقدامها ولبيتكم تميل بهواديها وبساحتكم يسيب واديها وعلى أرضكم تسح غواديها. ومثلي أعزكم الله لا يغضى من قدر تحفكم الحافلة ولا يقجر من شكرها على فريضة ولا نافلة ولكنها دعابة معتادة وفكاهة أصدرتها ودادة. ولا شك أنكم بما جبلتم عليه قديمًا وحديثًا تغتفرون جفائي الذي سيرتموه سمرًا وحديثًا في جنب وفائي وتغضون وتتحملون وبقول الشاعر تتمثلون وأسمع من الألفاظ اللغوية التي يسر بها سمعي وإن بعثت بشيء كالجفاء وإنما بعثت بعذري كالمدل إلى غدر وقلت لنفسي لا تردعي فإنه كما قيل شيء قد يعين على الدهر وما كان قدر الود والمجد مثله فخذه على قدر الحوادث أو قدري وإن كنت لم أحسن صنعي فإنني سأحسن في حسن القبول له شكري وقدرك قدر النيل عندي وإنني لدي قدرك العلي أدق من الذر قنعت وحظي من زماني وودكم هباء ومثلي ليس يقنع بالنزر أتاني كتاب منك باه مبارك لقيت به الآمال باهتة الثغر جلا من بنات الفكر بكرًا وزفها إلى ناظري تختال في حبر الحبر فألفاظها كالزهر والزهر يانع وقدر المعاني في الأصالة كالزهر نجوم معان في سماء صحيفة ولكنها تسرى النجوم ولا تسري تضمن من نوع الدعابة ما به رجوت الذي قد قيل في نشوة الخمر رعى الله مسراها الكريم فجل ما جلته من البشرى وأبدت من البشر نشرت بها ما قد طويت بساطه زمانًا وبي طي الأمور مع النشر ونعم خيل الخير أنت محافظًا على سنن الإخلاص في السر والجهر ودونكها تلهو بها وتديرها سحيرية الأنفاس طيبة النشر فراجعني بقوله: وقد من سيدي الجواب محتويًا على العجب العجاب فيالك من فكاهة كوثرية المناهل عنبرية المسايل ولو لم يكن إلا وصف القرطبي المستوي الطلعة الشرطي الصنعة. وأما وصف اللبن وفراخ الحمام فقد بسطتم في المزاح القول. وامتنعتم في الكلام الفصل. وذلك شيء يعجز عن مساجلتكم فيه فيه أرباب البلاغة والبيان فكيف بمثلي ممن له القول المهلهل النسيج الواهي البيان. ولا بد من عرض ذلك على سيدي القطب الكبير الإمام وأستاذنا علم الأعلام وكبير أيمة الإسلام. فيحكم بيننا بحكم الفصل. وينصف بما لديه من الحق والعدل. وقد كنت أحيد عن مراجعتكم حيدة الجبان. وأميل عن ذلك ميلة الكودن عن مجارا السمر الهجان. وأعدل عن مساجلة أدبكم الهتان. عدول الأعزل عن مبارزة جيد السنان. إلى أن وثقت بالصفح. وعولت على ما لديكم من الإغضاء والسمح ووجهت حاملة السر والظروف كي تتصل الهدايا ولا ينقطع المعروف. وأستقيل من انبساط يجر عذرًا. وأسأله سبحانه وتعالى حمدًا يوجب المزيد ومن شعره في النسك واللجأ إلى الله تعالى: أيا من له الحكم في خلقه ومن بكر بي له أشتكي تول أموري ولا تسلمني وإن أنت أسلمتني أهلك تعاليت من مفضل منعم ونزهت من طالب مدرك ومن ذلك ونقلته من خطه: تصبر إذا ما أدركتك ملمة فصنع إله العالمين عجيب وما يدرك الإنسان عار بنكبة ينكب فيها صاحب وحبيب ففي من مضى للمرء ذي العقل أسوة وعيش كرام الناس ليس يطيب ويوشك أن تهمى سحايب نعمة فيخصب من ربع السرور جديب إلهك يا هذا مجيب لمن دعا وكل الذي عند القريب قريب مولده: عام خمسة وستين وستماية. وفاته من عائد الصلة. قال وختم الله عمره بخير العمل من الإنابة والتهدج والتزام الورد وإن كان ابن العابد الأنصاري محمد بن محمد بن علي بن العابد الأنصاري ولد المذكور بعد الكاتب بالدار السلطانية. حاله من كتاب طرفة العصر وغيره قال كان كاتبًا مشهورًا بليغًا ذا معرفة بارع الخط وأحد زمانه في ذلك وقورًا معذب اللفظ منحصًا في وفي نفسه محارفًا بحرفة الأدب على جلالة قدره. وكتابته نقية جانحة إلى الاختصار. شعره وثيق تقل فيه أرواح المعاني كشعر أبيه وتوشيحه فائق. تولي كتابة الإنشاء لثاني الملوك النصريين واستمر قيامه بها على حجر شديد من السلطان ومحمل لملازمته المعاقرة وانهماكه في البطالة واستعمال الخمر حتى زعموا أنه قاء يومًا بين يديه فأخره عنها وقدم الوزير أبا عبد الله بن الحكيم. وفي ذلك يقول: أمن عادة الإنصاف والعدل أن أجفا لأن زعموا أني تحسيتها صرفا وفاته توفي في حدود التسعين وستماية. وكان شيخنا ابن الجياب قد آثره بكتبه. وكانت نفيسة أعلاها بخط أبيه رحمه الله. المري الطغنري محمد بن مالك المري الطغنري من أهل غرناطة من ذوي البيتية والحسب فيها. ذكره الأستاذ في الكتاب المسمى بالصلة والغافقي وغيرهما. حاله أديب نبيل شاعر على عهد الأمير عبد الله بن بلقين بن باديس صاحب غرناطة. قال وكان أولا يميل إلى البطالة والراحة. ثم إنه استيقظ من غفلته وأقلع عن راحته وأجب في توبته. وكان من أهل الفضل والخير والعلم. من تواليفه كتابه الشهير في الفلاحة وهو بديع سماه زهرة البستان ونزهة الأذهان عبرة في الظرف. قال وجرى له مع سماجة خليفة عبد الله بن بلقين قصة. إذ فاجأه سماجة مع إخوان له ولم يشعروا به فأنشده ابن مالك ارتجالًا وقد أخذ بلجام دابته: بينما نحن في المصلى نساق وجناح العشي فيه جنوح إذا أتانا سماجة يتلألأ ردى الشمس من تجليه يوح قال فتكلم الوزير سماجة باللسان البربري مع عبيده فرجعوا مسرعين ووقف سماجة مع الوزير ابن مالك إلى أن أتاه عبيده بوعاء فيه جملة كبيرة من الدراهم تنيف على الثلاثمائة دينار. فقال ادفعوها إليه وانصرف. وأتاهم العبيد مع الدراهم بطعام وشراب. قال ابن مالك وذلك أول مال تأثلته. شعره ومنه: صب على قلبي هوى لاعج ودب في جسمي ضنًا دارج في شادن أحمر مستأنس لسان تذكاري به لاهج قدر نعمان إذا ما مشى وما عسى يفعله عالج فقده من رقة مايس وردفه من ثقله مايج عنوان ما في ثوبه وجهه تشابه الداخل والخارج فلا تقيسوه ببدر الدجى ذا معلم الوجه وذا ساذج |
وقد نسبها بعض الناس لغيره قال الأستاذ كان حيًا سنة ثمانين وأربعمائة وأمر أن يكتب على قبره: يا خليلي عرج على قبري تجد من أكلة الترب بين جنبي ضريح خافت الصوت إن نطقت ولكن أي نطق إن اعتبرت فصيح أبصرت عيني العجايب لكن لما فرق الموت بين جسمي وروح ابن عبد الملك الأوسي امحمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الملك الأوسي المدعو بالعقرب من إقليم الآش حاله كان حسن النظم والنثر ذكيًا من أهل المعرفة بالعربية والأدب موصوفًا بجودة القريحة والنبل والفطنة. أدبه وشعره ذكره الملاحي وقال حدثني قاضي الأحكام بغرناطة أبو القاسم الحسن بن قاسم الهلالي صاحبنا. قال كان الأستاذ أبو عبد الله العقرب جارنا قد وقع بينه وبين زوجه زهرة بنت صاحب الأحكام أبي الحسن علي بن محمد تنازع فرفعته إلى القاضي بغرناطة أبي عبد الله بن السماك العاملي وكنت يومئذ كاتبًا له فرأى القاضي قوته وقدرته على الكلام وضعفها وإخفاق نظمها وشفق لحالها. وكان يرى أن النساء ضعاف وأن الأغلب من الرجال يكون ظالمهن. وكان كثيرا ما يقول في مجلسه: رويدك رفقًا بالقوارير. وحين رأى ما صدر عن القاضي من الجمل فقلت له وأين حلاوة شعرك والقاضي أديب يهتز إليه ويرتاح فطلب مني قرطاسًا وجلس غير بعيد ثم كتب على البديهة بما نصه: لله حي يا أميم حواك وحمايم فوق الغصون حواك غنين حتى خلتهن عنيني بغنايهن فنحت في مغناك ذكرتني ما كنت قد أنسيته بخطوب هذا الدهر من ذكراك أشكو الزمان إلى الزمان ومن شكى صرف الزمان إلى الزمان فشاكي يا ابن السماك المستظل برمحه والعزل ترهب ذا السلاح الشاكي راع الجوار فبيننا في جونا حق السرى والسير في الأفلاك وابسط إلى الخلق المنوب ببسطة ظرف الكرام بعفة النساك وأنا ذاكر إن لم يفت من لم يمت فدارك ثم دارك ثم ذاك ثم دفعها إلى القاضي فكتب القاضي بخطه في ظهر الرقعة: لبيك لبيك. ثم أرسلني أصلح بين العقرب وزوجه فإن وصل صلحهما إلى خمسين دينارا فأنا أؤديها عنه من مالي فجمعت بينهما وأصلحت بينهما عن تراض منهما رحمهما الله تعالى. القيسي العرادي محمد بن علي بن عبد الله بن علي القيسي العرادي من أهل غرناطة حاله كان فتى حسن السمت ظاهر السكون بادي التصون والعفة دمث الأخلاق قليل الكلام كثير الحياء مليح الخط ظريفه بادي النجابة. أبوه وجده من تجار سوق العطر نبهاء السوق. نظم الشعر فجاء منه بعجب استرسالا وسهولة واقتدارًا ونفوذا في المطولات فأنفت له من الإغفال وجذبتنه إلى الدار السلطانية واشتدت براعته فكاد يستولي على الأمر. لو لا أن المنية اخترمته شابًا فثكل منه الشعر قريع إجادة وبارع ثنية شهرة لو انفسح له الأمد. مولده: في ذي الحجة عام أحد وثلاثين وسبعمائة. وفاته توفي مبطونًا على أيام قريبة من إسراعه بغرناطة عن سن قريبة من العشرين في عام خمسة وخمسين وسبعمائة وأبوه أمين العطارين. محمد بن علي بن العابد الأنصاري يكنى أبا عبد الله أثله من مدينة فاس. حاله من خط القاضي أبي جعفر بن مسعدة علم كتاب دار الإمارة النصرية الغالبية الذي بنوره يستصبحون وسراجهم الذي بإشراقه وبهجته ونهج محدته يهتدون. رفع لواء الحمد وارتدى بالفهم والعلم والحلم. كان رحمه الله إمامًا في الكتابة والأدب واللغة والإعراب والتاريخ والفرايض والحساب والبرهان عليه عارفًا بالسجلات والتوثيق أربى على الموثقين من الفحول المبرزين في حفظ الشعر ونظمه ونسبته إلى قائله حافظًا مبرزًا. درس الحديث وحفظ الأحكام لعبد الحق الإشبيلي ونسخ الدواوين الكبار وضبط كتب اللغة. وقيد على كتب الحديث واختصر التفسير للزمخشري وأزال عنه الاعتزال لم يفتر قط من قراءة أو درس أو نسخ أو مطالعة ليه ونهاره. لم يكن في وقته مثله. مشيخته أخذ بفاس عن أبي العباس أحمد بن قاسم بن البقال الأصولي وأبي عبد الله بن البيوت المقري شعره ومنه قوله: طرقت تتيه على الصباح الأبلج حسناء تختل اختيال تبرج في ليلة قد ألبست بظلامها فضفاض برد بالنجوم مدبج وشعره مدون كثير. وفاته توفي بحضرة غرناطة عام اثنين وستين وسبعمائة في ذي القعدة منه. الأزدي الإلبيري الغرناطي محمد بن هاني بن محمد بن سعدون الأزدي الإلبيري الغرناطي من أهل قرية سكون يكنى أبا القاسم ويعرف الأندلسي وكأنها تفرقة بينه وبين الحكمى أبي نواس. أوليته قال غير واحد من المؤرخين هو من ذرية يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة وقيل من ولد أخيه روح بن حاتم. حاله كان من فحول الشعراء وأمثال النظم وبرهان البلاغة لا يدرك شأوه ولا يشق غباره مع المشاركة في العلوم والنفوذ في فك المعمى. خرج من الأندلس ابن سبع وعشرين سنة فلقي جوهرًا المعروف بالكاتب مولى المعز بن المنصور العبيدي صاحب المغرب وامتدحه وكان لئيمًا فأعطاه مائتي درهم فوجد لذلك وقال أها هنا كريم يقصد فقيل بلى جعفر بن يحيى بن علي بن فلاح بن أبي مروان وأبو علي بن حمدون فامتدحهما ثم اختص بجعفر بن يحيى وأبي علي فبالغا في إكرامه وأفاضا عليه من النعم والإحسان ما لم يمر بباله وسارت أشعاره فيهما حتى أنشدت للمعز العبيدي فوجهه جعفر بن علي إليه في جملة طرف وتحف بعث بها إليه كان أبو القاسم أفضلها عنده فامتدح المعز لدين الله وبلغ المعز من إكرامه الغاية. ثم عاد إلى إفريقية ثم توجه إلى مصر فتوفي ببرقة. وجرى ذكره في تخليص الذهب من تأليفنا بما نصه: العقاب الكاسرة والصمصامة الباترة والشوارد التي تهادتها الآفاق والغايات التي أعجز عنها السباق. وصمته: وذكره ابن شرف في مقاماته قال: وأما ابن هاني محمد فهو نجدي الكلام سردى النظام إلا أنه إذا ظهرت معانيه في جزالة مبانيه رمى عن منجنيق لا يؤثر في النفيق. وله غزل معرى لا عذرى لا يقنع بالطيف ولا يصفع بغير السيف وقد قده به الذات وعظم شأنه فاحتمل الثواب وكان يقف دولته في أعلى منزلته ناهيك من رجل يستعين على صلاح دنياه بفساد أخراه لرداءة دينه وضعف يقينه. ولو عقل ما ضاقت عليه معاني الشعر حتى يستعين عليه بالكفر. شعره أحبب بتياك القباب قبابا لا بالحداة ولا الركاب ركابا فيها قلوب العشقين تخالها عنمًا بأيدي البيض العنابا وقال يمدح جعفر بن علي منم القصيدة الشهيرة: أليتنا إذ أرسلت واردًا وجفًا وبانت لنا الجوزاء في أذنها شنقًا وبات لنا ساق يقوم على الدجى بشمعة صبح لا تقط ولا تعطفا أغن غضيض جفف اللين قده وأثقلت الصهباء أجفانه الوطفا ولم يبق إرعاش المدام له يدًا ولم يبق إعنات التثني له عطفًا نزيف قضاه السكر إلا ارتجاجه إذا كل عنها الخصر حملها الردفا يقولون حقف فوقي خيزرانة أما يعرفون الخيزرانة والحقفا جعلنا حشايانا ثياب مدامنا وقدت لنا الظلماء من جلدها لحفا فمن كبد تدنى إلى كبد هوى ومن شفة توحي إلى شفة رشفا بعيشك نبه كأسه وجفونه فقد نبه الإبريق من بعد ما أغفا وأقبلت الشعرى العبور ملمة بمرزمها اليعسوب تجنبه طرفا وقد قبلتها أختها من ورائها لتخرق من ثنيا مجرتها سجفا تخاف زئير الليث قدم نثرة وبربر في الظلماء ينسفا نسفا كأن معلا قطبها فارس له لواءان مر كوزان قد كره الزحفا كأن السماكين اللذين تظاهرا على لبتيه ضامنان له الحتفا فذا رامح يهوى إليه سنانه وذا أعزل قد عض أنمله لهفا كأن قدامي النسر والنسر واقع قصصن فلم تسم الخوافي له ضعفا كأن أخاه حين دوم طايرا أتي دون نصف البدر فاختطف النصفا كأن رقيب الليل أجدل مرقب يقلب تحتن الليل في ريشه طرفا كأن بني نعش ونعش مطافل بوجرة قد أضللن في مهمه قشفا كأن سهاها عاشق بين عود فآونة يبدو وآونة يخفا كأن سهيلا في مطالع أفقه مفارق إلق لم يجد بعده إلفا كأن لواء الشمس غرة جعفر رأى القرن فازدادت طلاقته ضعفا وقد جاشت الظلماء بيضًا صورامًا ومركوزة سمرا وفضفاضة زعفا وجاءت عتاق الخيل تردي كأنها تخط لنا أقلام آذانها صحفا هنالك تلقى جعفرًا خير جعفر وقد بدلت يمناه من لينها عنفا فكاين تراه في الكريهة عاجلا عزيمته برقًا وصولته خطفًا وشعره كثير مدون ومقامه شهير وفيما أوردناه كفاية وهو من إلبيرة الأصلية. وفاته قالوا لما توجه إلى مصر شرب ببرقة وسكر ونام عريانا وكان البرد شديدًا فأفلج وتوفي في سنة إحدى وستين وثلاثمائة وهو ابن اثنين وأربعين سنة. ولما بلغت المعز وفاته تأسف عليه وقال هذا رجل كنا نطمع أن نفاخر به أهل المشرق. الغساني البرجي الغرناطي محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن علي بن إبراهيم بن علي الغساني البرجي الغرناطي يكنى أبا القاسم من أهل غرناطة. حاله فاضل مجمع على فضله صالح الأبوة طاهر النشأة بادي الصيانة والعفة طرف في الخير والحشمة صدر في الأدب. جم المشاركة ثاقب الذهن جميل العشرة ممتع المجالسة حسن الخط والشعر والكتابة فذ في الانطباع صنيع اليدين يحكم على الكثير من الآلات العلمية ويجيد تفسير الكتاب رحل إلى العدة وتوسل إلى ملكها مجدد الرسم ومقام الجلة وعلم دست الشعر والكتابة أمير المسلمين أبي عنان فارس فاشتمل عليه ونوه به وملأ بالخير يده فاقتنى جدة وحظوة وشهرة وذكرًا وانقبض مع استرسال الملك وآثر الراحة وجهد في التماس الرحلة الحجازية ونبذ الكل وسلا الخطة فأسعفه سلطانه بغرضه وجعل حبله على غاربه وأصحبه رسالة إلى النبي الكريم من إنشايه متصلة بقصيدة من نظمه وكلاهما تعلن في الخلفاء بعد شأوه ورسوخ قدم علمه وعراقة البلاغة في نسب خصله حسبما تضمنه الكتاب المسمى بمساجلة البيان. ولما هلك وولي ابنه قدمه قاضيًا بمدينة ملكه وضاعف التنويه به فأجرى الخطة على سبيل من السداد والنزاهة. ثم لما ولي السلطان أبو سالم عمه أجراه على الرسم المذكور. وهو الآن بحاله الموصوفة مفخر من مفاخر ذلك الباب السلطاني على تعدد مفاخره يحظى بكل اعتبار. شعره ثبت في كتاب نفاضة الجراب من تأليفنا عند ذكر المدعي الكبير بباب ملك المغرب ليلة ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر من أنشد ليلتئذ من الشعراء ما نصه: وتلاه الفقيه الكاتب الحاج القاضي جملة السذاجة وكرم الخلق وطيب النفس وخدن العافية وابن الصلاح والعبادة ونشأة القرآن المتحيز إلى حزب السلامة المنقبض عن الغمار العزوف عن فضول القول والعمل جامع المحاسن من عقل رصين وطلب ممتع وأدب نقادة ويد صناع أبو القاسم ابن أبي زكريا البرجي فأنشدت له على الرسم المذكور هذه القصيدة الفريدة: أصغى إلي الوجد لما جد عاتبه صب له شغل عمن بعاتبه لو لا النوى لم يبت حيران مكتئبا يغالب الوجد كتمًا وهو غالبه يستودع الليل أسرار الغرام وما نمليه أشجانه فالدمع كاتبه لله عصر بشرقي الحمى سمحت بالوصل أوقاته لو عاد ذاهبه يا جيرة أو دعوا إذ ودعوا حرقا يصلى بها من صميم القلب ذائبه يا هل ترى تجمع الأيام فرقتنا كعهدنا أو يرد القلب ساكبه ويا أهيل ودادي والنوى قذف والقرب قد أبهمت دوني مذاهبه هل ناقض العهد بعد البعد حافظه وصادع الشمل يوم الشعب شاعبه ويا ربوع الجمى لا زلت ناعمة يبكي عهودك مضني الجسم شاحبه يا من لقب مع الأهواء منعطف في كل أوب له شوق يجاذبه يسمو إلى طلب الباقي بهمته والنفس بالميل للفاني تطالبه وفتنة المرء بالمألوف معضلة والأنس بالإلف نحو الإلف جاذبة أبكي لعهد الصبا والشيب يضحك بي يا للرجال سبت جدي ملاعبه ولا سرى الفك السامي لما ظهرت آثاره ولما لاحت كواكبه في ذمة الله ركب للعلا ركبوا ظهر السرى فأجابتهم نجائبه يرمون عرض الفلا بالسير عن غرض طي السجل إذا ما جد كاتبه كأنهم في فؤاد الليل سر هوى لولا الضرام لما خفت جوانبه شدوا على لهب الرمضاء وطأتهم فغاص في لجة الظلماء راسبه وكلفوا الليل من طول السرى شططًا فخلفوه وقد شابت ذوائبه حتى إذا أبصروا الأعلام مائله يجانب الحرم المحمى جانبه بحيث يأمن من مولاه خائفه من ذنبه وينال القصد راغبه فيها وفي طيبة الغراء لي أمل يصاحب القلب منه ما يصاحبه لم أنس لا أنس أيامًا بظلمها سقى ثراه عميم الغيث ساكبه شوقي إليها وإن شط المزار بها شوق المقيم وقد سارت حبائبه إن ردها الدهر يومًا بعد ما عبثت في الشمل منا يداه لا نعاتبه هو المكمل في خلق وفي خلق زكت حلاه كما طابت مناسبه عناية قبل بدء الخلق سابقة من أجلها كان آتيه وذاهبه جاءت تبشرنا الرسل الكرام به كالصبح تبدو تباشيرًا كواكبه أخباره سر علم الأولين وسل بدير تيماء ما أبداه راهبه تطابق الكون في الشرى بمولده وطبق الأرض أعلامًا تجاوبه فالجن تهتف إعلانًا هواتفه والجن تقذف إحراقًا ثواقبه ولم تزل عصمة التأييد تكنفه حتى انجلى الحق وانزاحت شوائبه سرى وجنح ظلام الليل منسدل والنجم لا يهتدي في الأفق ساربه يسمو لكل سماء منه منفرد عن الأنام وجبرائيل صاحبه لمنتهى وقف الروح الأمين به وامتاز قربًا فلا خلق يقاربه لقاب قوسين أو أدنى فما علمت نفس بمقدار ما أولاه واهبه أراه أسرار ما قد كان أودعه في الخلق والأمر باديه وغائبه وجاء بالذكر آيات مفصلة يهدي بها من صراط الله لاحبه نور من الحكم لا تخبو سواطعه بحر من العلم لا تفنى عجائبه له مقام الرضا المحمود شاهده في موقف الحشر إذ نابت نوائبه والرسل تحت لواء الحمد يقدمها محمد أحمد السامي مراتبه له الشفاعات مقبولًا وسائلها إذا دهى الأمر واشتدت مصاعبه والحوض يروى الصدى من عذي مورده لا يشتكي غلة الظمآن شاربه محامد المصطفى لا ينتهي أبدا تعدادها هل يعد القطر حاسبه فضل تكفل بالدارين يوسعها نعمى ورحمى فلا فضل يناسبه حسبي التوسل منها بالذي سمحت به القوافي وجلتها غرائبه حياه من صلوات الله صوب حسًا تحدى إلى قبره الزاكي نجائبه وخلد الله ملك المستعين به تحدى إلى قبره الزاكي نجائبه إمام عدل بتقوى الله مشتمل في الأمر والنهي يرضيه يراقبه وفاز بالأمن محبورًا مسالمه وباء بالخزي مقهورًا محاربه كم وافد آمل معهود نائله أثنى وأثنت بما أولى حقائبه ومستجير بعز من مثابته عزت مراميه وانقادت مآربه وجاءه الدهر يسترضيه معتذرًا مستغفرًا من وقوع الذنب تائبه لولا الخليفة إبراهيم لانبهمت طرق المعالي ونال الملك غاصبه سمت لنيل تراث المجد همته والملك ميراث مجد وهو عاصبه ينميه للعز والعليا أبو حسن سمح الخلائق محمود ضرائبه من آل يعقوب حسب الملك مفتخرًا بباب عزهم السامي تعاقبه أطواد حلم رسا بالأرض محتده وزاحت منكب الجوزا مناكبه تحفها من مرين أبحر زخرت أمواجها وغمام ثار صائبه بكل نجم لدي الهيجاء ملتهب ينقض وسط سماء النقع ثاقبه أكفهم في دياجيها مطالعه وفي نحور أعاديهم مغاربه صبرت نفسًا لعقبي الصبر حامدة والصبر مذ كان محمود عواقبه فليهن دين الهدى إذ كنت ناصره أمن يواليه أو خوف يجانبه لا زال ملكك والتأييد يخدمه تقضي بخفض مناويه قواضبه ودمت في نعم تضفوا ملابسها في ظل عز علًا تصفو مشاربه ثم الصلاة على خير البرية ما سارت إليه بمشتاق ركائبه ومن شعره ما قيده لي بخطه صاحب قلم الإنشاء بالحضرة المرينية الفقيه الرئيس الصدر المتفنن أبو زيد بن خلدون. صحا القلب عما تعلمين فأقلما وعطل من تلك المعاهد أربعا وأصبح لا يلوى على حد منزل ولا يتبع الطرف الخلي المودعا وأضحى من السلوان في حرز معقل بعيد على الأيام أن يتضعضا يرد الجفان النجل عن شرفاته وإن لحظت عن كل أجيد أتلعا عزيز على داعي الغرام انقياده وكان إذا ناداه للوجد أهطعا أهاب به للشيب أنصح واعظ أصاخ له قلبًا منيبًا ومسمعا وخضت عباب البحر أخضر مزبدا ودست أديم الأرض أغبر أسفعا ومن شعره حسبما قيده المذكور: نهاه النهي بعد طول التجارب ولاح له منهج الرشد لاحب وخاطبه دهره ناصحًا بألسنة الوعظ من كل جانب فأضحى إلى نصحه واعيًا وألغى حديث الأماني الكواذب وأصبح لا تستبيه الغواني ولا تزدريه حظوظ المناصب وإحسانه كثير في النظم والنثر والقصار والمطولات. واستعمل في السفارة إلى ملك مصر وملك قشتالة وهو الآن قاضي مدينة فاس نسيج وحده في السلامة والتخصيص واجتناب فضول القول والعمل كان الله له. ابن زمرك محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد ابن يوسف بن محمد الصريحي يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن زمرك. أصله من شرق الأندلس وسكن سلفه ربض البيازين من غرناطة وبه ولد ونشأ وهو من مفاخره. حاله هذا الفاضل صدر من صدور طلبة الأندلس وأفراد نجبائها محتص مقبول هش خلوب عذب الفكاهة حلو المجالسة حسن التوقيع خفيف الروح عظيم الانطباع شره المذاكرة فطن بالمعاريض حاضر الجواب شعلة من شعل الذكاء تكاد تحتدم جوانبه كثير الرقة فكه غزل مع حياء وحشمة جواد بما في يده مشارك لإخوانه. نشأ عفًا طاهرًا كلفا بالقراءة عظيم الدؤوب ثاقب الذهن أصيل الحفظ ظاهر النبل بعيد مدى الإدراك جيد الفهم فاشتهر فضله وذاع أرجه وفشا خبره واضطلع بكثر من الأغراض وشارك في حملة من الفنون وأصبح متلقف حكرة البحث وصارخ الحلقة وسابق الحلبة ومظنة الكمال. ثم ترقى في درج المعرفة والاضطلاع وخاض لجة الحفظ وركض قلم التقييد والتسويد والتعليق ونصب نفسه للناس متكلمًا فوق الكرسي المنصوب وبين الحفل المجموع مستظهرا بالفنون التي بعد فيها شأوه من العربية والبيان واللغة وما يقذف به في لج النقل من الأخبار والتفسير. متشوفًا مع ذلك إلى السلوك مصاحبًا للصوفية آخذًا نفسه بارتياض ومجاهدة ثم عانى الأدب فكان أملك به وأعمل الرحلة في طلب العلم والازدياد وترقى إلى الكتابة عن ولد السلطان أمير المسلمين بالمغرب أبي سالم إبراهيم ابن أمير المسلمين أبي الحسن علي بن عثمان ابن يعقوب ثم عن السلطان وعرف في باب الإجادة. ولما جرت الجادثة على السلطان صاحب الأمر بالأندلس واستقر بالمغرب أنس به وانقطع إليه وكر صحبة ركابه إلى استرجاع حقه فلطف منه محله وخصه بكتابة سره. وثابت الحال ودالت الدولة وكانت له الطايلة فأقره على رسمه معروف الانقطاع والصاغية كثير الدالة مضطلعًا بالخطة خطًا وإنشاء ولسنًا ونقدًا فحسن منابه واشتهر فضله وظهرت مشاركته وحسنت وساطته ووسع الناس تخلقه وأرضى السلطان حمله وامتد في ميدان النثر والنظم باعه فصدر عنه من المنظوم في أمدحه قصائد بعيدة الشأو في مدى الإجادة حسبما يشهد بذلك ما تضمنه اسم السلطان أيده الله في أول حرف الميم في الأغراض المتعددة من القصائد والميلاديات وغيرها. وهو بحاله الموصوفة إلى الآن. أعانه الله وسدده. قرأ العربية على الأستاذ رحلة الوقت في فنها أبي عبد الله بن الفخار ثم على إمامها القاضي الشريف. إمام الفنون اللسانية أبي القاسم محمد بن أحمد الحسني والفقه والعربية على الأستاذ المفتي أبي سعيد بن لب واختص بالفقيه الخطيب الصدر المحدث أبي عبد الله بن مرزوق فأخذ عنه كثيرًا من الرواية ولقي القاضي الحافظ أبا عبد الله المقري عندما قدم رسولا إلى الأندلس وذاكره وقرأ الأصول الفقهية على أبي علي منصور الزواوي وروى عن جملة منهم القاضي أبو البركات بن الحاج والمحدث أبو الحسن بن التلمساني والخطيب أبو عبد الله بن اللوشي والمقرئ أبو عبد الله بن بيبش. وقرأ بعض الفنون العقلية بمدينة فاس على الشريف الرحلة الشهير أبي عبد الله العلوي التلمساني واختص به اختصاصًا لم يخل فيه من إفادة مران وحنكة في الصناعة. شعره وشعره مترام إلى نمط الإجادة خفاجي النزعة كلف بالمعاني البديعة والألفاظ الصقيلة غزير المادة. فمنه في غرض النسيب: رضيت بما تقضي علي وتحكم أهان فأقصى أم أصافي فأكرم على أن روحي في يديك بقاوه بوصلك يحيى أو بهجرك يعدم وأنت إلى المشتاق نار وجنة ببعدك يشقى أو بقربك ينعم وأنت إلى المشتاق نار وجنة ببعدك يشقى أو بقربك ينعم ولي كبد تندى إذا ما ذكرتم وقلب بنيران الشوق يتضرم ولو كان ما بي منك بالبرق ما سرى ولا استصحب الأنواء تبكي وتبسم أراعي نجوم الأفق في الليل ما دجى وأقرب من عيني للنوم أنجم وما زلت أخفي الحب عن كل عادل وتشفى دموع الصب ما هو يكتم كساني الهوى ثوب السقام وإنه متى صح حب المرء لا شيء يسقم فيا من له العقل الجميل سجية ومن جود يمناه الحيا يتعلم وعنه يروي الناس كل غريبة تخط على صفح الزمان وترسم إذا أنت لم ترحم خضوعي في الهوى فمن ذا الذي حنى علي ويرحم وحلمك حلم لا يليق بمذنب فما بال ذنبي عند حلمك يعظم ووالله ما في الحي حي ولم ينل رضاك وعمته أياد وأنعم وأترك أهلي في رضاك إلى الأسى وأسلم نفسي في يديك وأسلم أما والذي أشقى فؤادي في الهوى وإن كان في تلك الشقاوة ينعم لأنت من قلبي ونزهة خاطري ومورد آمالي وإن كنت أحرم ومن ذلك ما خاطبني به وهي من أول نظمه قصيدة مطلعها: " أما وانصداع النور في مطلع الفجر " وهي طويلة. ومن بدائعه التي عقم عن مثلها قياس قيس واشتهرت بالإحسان اشتهار الزهد بأويس ولم يحل مجاريه ومباريه إلا بويح وويس وقله في إذار الأمير ولد سلطانه المنوه بمكانه وهي من الكلام الذي عنيت الإجادة بتذهيبه وتهذيبه وناسب الحسن بني مديحه ونسيبه: معاذ الهوى أن أصحب القلب ساليا وأن يشغل اللوام بالعذل باليا دعاني أعط الحب فضل مقادتي ويقضي علي والوجد ما كان قاضيا ودون الذي رام العواذل صبوة رمت بي في شعب الغرام المراميا وقلب إذا ما انبرق أو مض موهنًا قدحت به زندًا من الشوق واريًا خليلي إني يوم طارقة النوى شقيت بمن لو شاء أنعم باليا وبالخيف يوم النفر يا أم مالك تخلفت قلبي في حبالك عانيا أحوم عليه ما دجى الليل ساهرا وأصبح دون لورد ظمآن ضاريا يضيء ظلام الليل ما بين أضلعي إذا البارق النجدي وهنا بداليا أجيرتنا بالرمل والرمل منزل مضى العيش فيه بالشبية حاليا ولم أر ربعا منه أقضى لبانه وأشجى حمامات وأحلى مجانيا سقت طله الغر الغوادي ونظمت من القطر في جيد الغصون لآليا أبثكم أني على النأي حافظ ذمام الهوى لو تحفظون ذماميا أناشدكم والحر أوفى بعهده ولن يعدم الخير والأحسان جازيا وورد على السلطان أبي سالم ملك المغرب رحمة الله تعالى عليه وفد الأحابيش بهدية من ملك السودان ومن جملتها الحيوان الغريب المسمى بالزرافة فأمر من يعاني الشعر من الكتاب بالنظم في ذلك الغرض فقال وهي من بدائعه: لو لا تألق بارق التذكار ما صاب واكف دمعي المدرار لكنه مهما تعرض خافقًا قدحت يد الأشواق زند أواري وعلى المشوق إذا تذكر معهدا أن يغري الأجفان باستعبار وغريبة قطعت إليك على الونى بيدًا تبيد بها هموم الساري تنسيه طيته التي قد أمها والركب فيها مت الأخبار يقتادها من كل مشتمل الدجى وكأنما عيناه جذوة نار خاضوا بها لجج الفلا فتخلصت منها خلوص البدر بعد سرار سلمت بسعدك من غوائل مثلها وكفى بسعدك حاميًا لذمار وأتتك يا ملك الزمان غريبة قيد النواظر نزهة الأبصار موشية الأعطاف رائقة الحلى رقمت بدائعها يد الأقدار راق العيون أديمها فكأنهروض تفتح عن شقيق بهار ما بين مبيض وأصر فاقع سال اللجين به خلال نضار يحكى حدائق نرجس في شاهق تنساب فيه أراقم الأنهار وأنشد السلطان في ليلة ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب ما فرغ من البنية الشهيرة ببابه رحمه الله تعالى. تأمل أطلال الهوى فتألما وسيما الجوى والسقم منها تعلما وأنشد السلطان في وجهة للصيد أعملها وأطلق أعنة الجياد في ميادين ذلك الطراد وأرسلها قوله: حياك يا دار الهوى من دار نوء السماك بديمة مدرار وأعاد وجه رباك طلقًا مشرقًا متضاحكًا بمباسم النوار أمذكري دار الصبابة والهوى حيث الشباب يرف غصن نصار عاطيتني عنها الحديث كأنما عاطيتني عنها كؤوس عقار إيه وإن أذكيت نار صبابتي وقدحت زند الشوق بالتذكار يا زاجر الأظعان وهي مشوقة أشبهتها في زفرة وأوار حنت إلى نجد ولست دارها وصبت إلى هندية والقار شاقت به برق الحمى واعتادها طيف الكرى بمزارها المزوار ومن شعره في غير المطولات: لقد زادني وجدًا وأغرى بي الجوى ذيال بأذيال الظلام قد التفا تشير وراء الليل منه بنانة مخضبة والليل قد حجب الكفا إذا قلت لا يبدو أشال لسانه وإن قلت لا يخبو الصبابة إذ لفا إلى أن أفاق الصبح من غمرة الدجى وأهدى نسيم الروض من طجيبة عرفا لك الله يا مصباح أشبهت مهجتي وقد شفها من لوعة الحب ما شفا ومما ثبت له في صدر رسالة: أرور بقلبي معهد الأنس والهوى وأنهب من أيدي النسيم رسائلا ومهما سألت البرقق يهفو من الحمى يبادره دمعي مجيبًا وسائلا يا ليت شعري والأمان ستعلل أيرعى لي الحي الكرام الوسائلا وهل جيرتي الأولى كما قد عهدتهم يوالون بالإحسان من جاء سائلا ومن أبياته الغراميات: قيادي قد تملكه الغرام ووجدي لا يطاق ولا يرام ودمعي دونه صوب الغوادي وشجون فوق ما يشدو الحمام إذا ما الوجد لم يبرح فؤادي على الدنيا وساكنها السلام وفي غرض يظهر من الأبيات: فقلت لجلاسي خذوو الحذر إنما به وصب من أسهم الغنج والحور ويا وجنة قد جاورت سيف لحظة ومن شأنها تدمى من اللمح بالبصر تخيل للعينين جرحًا وإنما بدا كلف منه على صفحة القمر ومما يرجع إلى باب الفخر ولعمري لقد صدق في ذلك: يا لايمي في الجود والجود شيمتي جبلت على آثارها يوم مولدي ذريني فلو أني أخلد بالغنى لكنت ضنينًا بالذي ملكت يدي ومن مقطوعاته: لقد علم الله أني امرؤ أجرر ثوب العفاف القشيب فكم غمض الدهر أجفانه وفازت قداحي بوصل الحبيب وقيل رقيبك في غفلة فقلت أخاف الإله الرقيب |
وفي مدح كتاب الشفا طجلبه الفقيه أبو عبد الله بن مرزوق عندما شرع في شرحه: ومسرى ركاب للصبا قد ونت به نجائب سحب لللتراب نزوعها تسل سيوف البرق أيدي حداتها فتنهل خوفًا من سطاها دموعها بمرآة حسن قد جلتها يد النهى فأوصافه يلتاح فيه بديعها نجوم اهتداء والمداج يجنها وأسرار غيب واليراع تذيعها لقد حزت فضلا يا أبا الفضل شاملا فيجزيك عن نصح البرايا شفيعها ولله ممن قد تصدى لشرحه فلباه من غر المعاني مطيعها فكم مجمل فصلت منه وحكمة إذا كتم الإدماج منه تشيعها محاسن والإحسان يبدو خلالها كما افتر عن زهر البطاح ربيعها إذا ما أصول المرء طابت أرومة فلا عجب أن أشبهتها فروعها بقيت لأعلام الزمان تنيلها هدى ولأحداث الخطوب تروعها ومما امتزج فيه نثره ونظمه وظهر فيه أدبه وعلمه قوله يخاطبني جوابًا عن رسالة خاطبت بها الأولاد وهم مع مولانا أيده الله بالمنكب: مالي بحمل الهوى يدان من بعد ما أعوز التداني أصبحت أشكو من زمان ما بت منه على أمان ما بال عينيك تسجمان والدمع يرفض كالجمان لم يثن عن هواك ثان يا بغية القلوب قد كفان يا جانحة الأصيل أين يذهب قرصك المذهب وقد ضاق بالشوق المذهب. أمست شموس الأنس محجوبة عن عيني وقد ضرب البعد الحجاب بينها وبيني وعلى كل حال. من إقامة وارتحال. فما محلك من قلبي محلا بينها. وما كنت لأقنع من وجهك تخيلا وشبيهًا. ومن أين انتظمت لك عقول التشبيه واتسقت ومن بعض المواقع والشمس لو قطعت. صادك منذور وأنت تتجمل بثوبي زور وجيب الظلام على دينارك حتى الصباح مزرور ووراءك من الغروب غريم لا يرحم ومطالب تتقلب منه في كفه المطالب. ويا برق الغمام من أي حجاب تبتسم وبأي صبح ترتسم وأي غفل من السحاب تسم أليست مباسم الثغور لا تنجد بأفقي ولا تغور. هذا وإن كانت مباسمك مساعدة والجو ملبس لها من الوجوم شعارًا فلطالما ضحكت فأبكت الغوادي وعقت الرايح والغادي. أعوذ بواشم البروق بنواسم الطفل والشروق ذوات الزايرات المتعددة الطروق فهي التي قطعت وهادًا ونجادا واهتدت بسيف الصباح من السحاب قرابا. ومن البروق نجادا واهتدت خبر الذين أحبهم مستظرفًا مستجادًا فعالها ولعلها. والله يصل في أرض الوجود نهلها وعلها وأن يبل ظعين الشوق بنسيمها البليل وأن نعوضه من نار الغليل بنار الخليل وخير طبيب يداوي الناس وهو عليل. فشكواي إلى الله لا أشكو إلى أحد. هل هو إلا فرد تسطو رياح الأشواق على ذبالته وعمر الشوق قد شب على الطوق ووهب الجمع للفرق ولم يقنع بالمشاهدة بالوصف دون الذوق. وقلب تقسم أحشاؤه الوجد وقسم باله الغور والنجد. وهموم متى وردت قليب القلب لم تبرح ولم تعد فلله الأمر من قبل ومن بعد. أستغفر الله يا سيدي الذي يوقد أفكاري حلو لقائه وأتنسم أرواح القبول من تلقايه. وأسأل الله أن يديم لي آمالي بدوام بقايه. إن بعد مداه قربت منا يداه وإن أخطأنا رفده أصبنا نداه. فقمرات آدابه الزهر تجيء إلينا وسحايب بنانه الغر تصوب دوالينا أو علينا على شحط هواه وبعد منتواه. ولا كرسالة سيدي الذي عمت فضايله وخصت وتلت على أولياء نعمته أنباء الكمال وقصت وآي قضى كل منها عجبا ونال من التماح غرتها واجتلاء صفحتها أربًا. فلقد كرمت عنه بالاشتراك في بنوته الكريمة نسبًا ووصلت لي بالعناية منه سببًا. تولى سيدي خيرك من يتولى خير المحسنين ويجزل شكر المنعمين. أما ما تحدث به من الأغراض البعيدة العذيبة وأخبر عنه من المعاني الغريدة العجيبة والأساليب المطيلة فيعجز عن وصفه وإحكام رصفه القلم واللسان ويعترف لها بالإبداع المستولي على أمد الإحسان البديع وحسان. ولقد أجهدت جياد الأرتجال في مجال الاستعجال فما سمحت القريحة إلا بتوقع الآجال وعادت من الإقدام إلى الكلال. فعلمت أن تلك الرسالة الكريمة من الحق الواجب على من قرأها وتأملها أن لا يجري في لجة من ميادينها ويديم يراع سيدي الإحسان كرينها لا كن على أن يفسح الرياض للقصى مدى ويقتدي بأخلاق سيدي التي هي نور وهدى. فإنه والله يبقيه ويقيه مما يتقيه بعد ما أعاد ي شكوى البين وأبدى وتظلم من بالبعد واتسعدى ورفع حكم العتاب عن ذرات النسيم والاقتعاب ورعى وسيلة ذكرها ف محكم الكتاب. وولي فضله ما تولى وصرف هواه إلى هوى مولى أن صور السعادة على رأيه أيده الله تجلى وثمرة فكره المقدس أيده الله تتحلى. شكر الله له عن جميع نعمه التي أولى وحفظ عليه مراتب الكمال التي هو الأحق بها والأولى. وقد طال الكلام وجمحت الأقلام. ولسيدي وبركتي الفضل أبقى الله بركته وأعلى في الدارين درجته والسلام الكريم يخصكم من مملوككم ابن زمرك ورحمة الله وبركاته في الخمس عشر لجمادى الأولى عام تسعة وستين. وخاطبني كذلك وهو من الكلام المرسل: أبو معارفي وولي نعمتي ومعيد جاهي ومقوم كمالي ومورد آمالي ممن توالى نعمه علي ويتوفر قسمه لدي وأبوء له بالعجز عن شكر أياديه. التي أحيت الأمل وملأت أكف الرغبة وأنطقت الحدايق فضلا عن اللسان وأياديه البيض وإن تعددت ومننه العميمة وإن تجددت تقصر عن إقطاع أسمى شرف المجلس في الروض الممطور بيانه. فماذا أقول فيمن صار مؤثرًا إلي بالتقديم جاليًا ثورة تشريفي بالانتساب إليه في أحسن التقويم. . . . وإني ثالث اثنين أتشرف بخدمتها وأسحب في أذيال نعمتها. خليلي هل أبصرتما أو سمعتما بأكرم من تمشى إليه عبيد اللهم أوزعني شكر هذا المنعم الذي أثقلت نعمه ظهر الشكر وأنهضت كمال الحمد اللهم أدم بجميع حياته وأمتع بدوام بقايه الإسلام والعباد وأمسك بيمن آرائه رمق ثغر الجهاد. يا أكرم مسئول وأعز ناصر. تفضل سيدي والفضل عادته بالتعريف بما يقر عين التطلع ويقنع غلة التشوف. ولقد كان المماليك لما مثلنا بين يدي مولانا أيده الله لم يقدم عملًا عن السؤال ولا عن الحال إقامة لرسم الزيارة وعملًا بالواجب فإنني أرى الديار بطرفي فعلى أن أرى الديار بعيني وعلى ذلك يكون العمل إن شاء الله. وإن سأل سيدي شكر الله احتفاءه وأبقى اهتمامه عن حال المماليك من تعب السفر وكذ الطريق فهي بحمد الله دون ما يظن. فقد وصلنا المنكب تحت الحفظ والكلاءة محرزين شرف المساوقة لمواكب المولى يمن الله وجهته وكتب عصمته واستقر جميعنا بمحل القصبة وتاج أهبتها ومهب رياح أجرايها تحت النعم الثرة والأنس الكامل الشامل. قرب الله أمد لقايكم وطلع على ما يسر من تلقايكم. ولما بلغنا هذه الطية وأنخنا المطية قمنا بواجب تعريفكم على الفور بالأدوار ورفعنا مخاطبة المالك مولده: في الرابع عشر من شوال ثلاث وثلاثين وسبعمائة ومن الطارئين منهم في هذا الباب ابن أبي خيثمة الجبائي محمد بن أحمد بن محمد بن أبي خيثمة الجبائي سكن غرناطة يكنى أبا الحسن حاله كان مبرزًا في علوم اللسان نحوًا ولغة وأدبًا متقدما في الكتابة والفصاحة جامعًا فنون الفضائل على غفلة كانت فيه. مشيخته روى عن أبي الحسن بن سهل وأبي بكر بن سابق وأبي الحسن بن الباذش وأبي علي الغساني وغيرهم. وصحب أبا الحسن بن سراج صحبة مواخاة. تواليفه صنف في شرح غريب البخاري مصنفًا مفيدًا. توفي ليلة الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة أربعين وخمس ماية. الإستنجي الحميري محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد الإستنجي الحميري من أهل مالقة وأصله من إستجة انتقل سلفه إلى مالقة يكنى أبا عبد الله. حاله كان من جملة لحملة العلم والغالب عليه الأدب وكان من أهل الجلالة ومن بيت علم ودين. أقرأ ببلده وقعد بالجامع الكبير منه يتكلم على صحيح البخاري وانتقل في آخر عمره إلى غرناطة. وقال الأستاذ كان من أبرع أهل زمانه في الأدب نظمًا ونثرًا. شعره منقولا من خط الوزير الراوية أبي محمد عبد المنعم بن سماك وقد ذكر أشياخه فقال: الشيخ المتفنن الأديب البارع الشاعر المفلق قرأ على أشياخها وأقرأ وهو دون العشرين سنة. وكانت بينه وبين الأستاذ المقري الشهير أبي العباس الملقب بالوزعي قرابة وله قصيدة أولها: ما للنسيم لدى الأصيل عليلا حتى النسيم إذا ألم بأرضهم خلعوا عليه رقة ونحولا وكان يقول: كان الأستاذ أبو العباس يستعيدني هذا البيت ويقول نعم أنت قريبي وقدم على غرناطة أظن سنة تسع وثلاثين وستمائة. محنته قال الأستاذ جرى له قصة نقل بعض كلامه فيها على بعض أحاديث الكتاب من جهة استشهاد أدبي عليه فيها غالب أدبه. فأطلق عنان الكلام وما أكثر مما يطلق فيما يأنفه إداركات تلك الأفهام. ولكل مقام مقال. ومن الذي يسلم من قيل وقال. وكان ذلك سبب الانقطاع ولم يؤت من قصر باع وانتقل إلى غرناطة فتوفي في أثر انقطاعه وانتقاله. شعره من ذلك قوله في غرض يظهر من الأبيات: قضوا في ربي نجد ففي القلب مرساه وغنوا إن أبصرتم ثم مغناه أما هذه نجد أما ذلك الحمى فهل عميت عيناه أم صمت أذناه دعوه يوفي ذكره باتشامه ديون هواه قبل أن بتوفاه أيحسب من أصلي فؤادي بحبه أني أسلو عنه حاشاه حاشاه متى غدر الصب الكريم وفي له وإن أتلف القلب الحزين تلافاه وإن حجروا معناه وصرحوا به فإن معناه أحق بمعناه ويا سابقًا عيسى الغرام سيوفه وكل إذا يخشاه في الحب يخشاه أرحها ذابت من الوجد والسرى ولم يبق إلا عظمها أو بقاياه ويا صاحبي عج بي على الخيف من منى وما التعني لي من بأني ألقاه وعرج على وادي العقيق لعلني أسايل عمن كان بالأمس مأواه وقل لليالي قد سلقن بعيشه وعمر على رغم العذول قطعناه هل العود أرجوه أم العمر ينقضي فأقضي ولا يقضى الذي أتمناه ومن شرعه أيضًا قوله رحمه الله: سرت من ربي نجد معطرة الريا يموت لها قلبي وآونة يحيا تمسح أعطاف الأراك بليلة وتنثر كافورًا على التربة اللميا ويا سابقًا عيسى الغرام سيوفه وكل إذا يخشاه في الحب يخشاه أرحها ذابت من الوجد والسرى ولم يبق إلا عظمها أو بقاياه ويا صاحبي عج بي على الخيف من منى وما التعني لي من بأني ألقاه وعرج على وادي العقيق لعلني أسايل عمن كان بالأمس مأواه وقل لليالي قد سلقن بعيشه وعمر على رغم العذول قطعناه هل العود أرجوه أم العمر ينقضي فأقضي ولا يقضى الذي أتمناه ومن شرعه أيضًا قوله رحمه الله: سرت من ربي نجد معطرة الريا يموت لها قلبي وآونة يحيا تمسح أعطاف الأراك بليلة وتنثر كافورًا على التربة اللميا ومرتد في حجر الرياض مريضة فتحيي بطيب العرف من لم يكن يحيا وبشرت بأنفاس الأحبة سحرة فيسرع دمع العين في إثرها جريا ملني محياه الأنيق وحسنه ومن خلقي قد كنت لا أحمل النأيا وبي رشأ من أهل غرناطة غدا يجود بتعذيبي ويبخل باللقيا ملني محياه الأنيق وحسنه ومن خلقي قد كنت لا أحمل النأيا وبي رشأ من أهل غرناطة غدا يجود بتعذيبي ويبخل باللقيا رماني فأصابني بأول نظرة فيا عجبًا من علم الرشأ الرميا وبدد جسمي نوره وكأنه أشعة شمس قابلت جسدي مليًا تصور لي من عالم الحسن خالصًا فمن عجب أن كان من عالم الدنيا وهم بأن يرقى إلى الحور جسمه فثقلته كتبًا وحملته حليا إذا ما انثنى أو لاح أوجاح أو رنا سبا القصب والأقمار والمسك والضيا رعى الله دهرًا كان ينشر وصله برود طواها البين في صدره طيا مشيخته ومما يشتمل على أسماء شيوخه ويدل على تبحره في الأدب ورسوخه إجازته أبا الوليد إسماعيل بن تبر الأيادي وعندها يقال أتى الوادي. إن لي عند كل نفحة بستان من الورد أو من الياسمينا نظرة والتفاتة أتمنى أن تكوني حللت فيما تلينا ما هذه الأنوار اللايحة والنوار الفاتحة إني لأجد ريح الحكمة ولا مفند وأرد مورد النعمة ولا منكد أمسك دارين ينهب أم المندل الرطب في الغرام الملهب أم نفحت أبواب الجنة ففاح نسيمها وتوضحت أسباب المنة فلاح وسيمها. محياك أم نور الصباح تبسما ورياك أم نور الأقاح تنسما فمن شم من ذا نفحة رق شيمة ومن شام من ذا لمحة راق مبسما أجل خلق الإنسان من عجل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لتفهموا أسرار الحكم وتعوا وإذا رأيتم رياض الجنة فارتعوا " يعني مجالس الذكر ومأنس النظر والفكر ومطالع المناظرة وخواضع المحاضرة فهذه بتلك وقد انتظمت الجواهر النبيوية في سلك ولهان حمى للعطارة وطيس بين مسك المداد وكافور القراطيس. فيا أيها المعلم الأوحد والعالم الذي لا تنكر أمامته ولا تجحد حومت على علم الملوك ولزمت بحلم طريق الحكم المسلوك فلم تعد أمل الحكماء ولم تعد إلا بعمل العلماء وقد قال حكيمهم الفاضل وعظيمهم الذي لا مناظر له ولا مفاضل إذا خدمت الأمراء فكن بين استلطاف واستعطاف تجن المعارف والعوارف دانية القطاف. فتعلمهم وكأنك تتعلم منهم وترويهم وكأنك تروي عنهم فأجريت الباب وامتريت من العلم اللباب ثم لم تبعد فقد فعل النحويون ذلك في يكرم ويعد ويعز ولا غرو أن تقرأ على من هو دونك. وستتجيز الإجازة عن القوم العظام يقصدونك. فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمره الله بأن يقرأ على أبي بن كعب " فهل في حي الخواطر الذكية من حي " فقال له رضي الله عنه الله أمرك أن تقرأ علي والعناية الربانية تنادى إلي إلي وإذا قال لي من أحب مولاي واستعار لزينته حلاي: فما على الحبيب من اعتراض وللطبيب تصرف في المراض قد يرحل المرء لمطلوبه والسبب المطلوب في الراحل عجت متواضعًا فما أبرمت في معاجك ولا ظلمت في السؤال نعجته إلى نعاجك فإنه سر الله لا يحل فيه الإفشاء وحكمة الله البالغة والله يؤتى الكمة من يشاء وإن لبست من التواضع شعارًا ولبست عن الترفع تنبيهًا على السر المكتوم وإشعارًا. فهذه الثريا من العجايب إذا ارتفعت في أعلى صعودها وأسمى راياتها الخافقة وبنودها. نهاية وجودها الحسي عدم وغاية وصفها الشبهي أن تشبه بقدم فإذا همت بالركوع وشمت في المغرب ريح الوقوع كان لها من السمو القدح المعلى وعادت قرطًا تنزين به الآذان وتتحلى. وفي الشرق كأس وفي مغاربها قرط وفي وسط السماء قدم هذه آثار التواضع متلوة السور مجلوة الصور وكان بعضهم إذا أعطى الصدقة يعطيها ويده تحت يد لسايل وهكذا تفهم المايل. فإنه لما سمع النبوة تقول اليد العليا خير من اليد السفلى أراد أن يؤثر المقام الأعلى. ولما أعطى أبو بكر رضي الله عنه. ماله كله أعطى عمر رضي الله عنه النصف من المال لا احتياطًا على ماله ولكن ليقف لأبي بكر في مقام القصور عن كماله تفويضًا وتسليمًا وتنبيهًا لمن كان له قلب وتعليما. ورؤى الدار قطني رحمة الله عليه يحبس أباه بركابه فلا ينكر عليه فقيل له في ذلك فقال رأيته يبادر إلى فضيلة فكرهت مخالفته. فوق السماء وفوق الزهر ما طلبوا وإذا ما أرادوا غاية نزلوا وإلى هذا وصل الله حفظك وأجزل من الخيرات حظك فإنه وصلتني الكراسة المباركة الدالة على التفنن في العلوم والمشاركة فبينما أنا أتلو الإجازة وأريق سدور البيان وإعجازه ألقي إلي كتاب كريم إنه من أبي الوليد وإنه بسم الله الرحمن الرحيم فحرت ووقفت كأنني سحرت وقلت ساحران تظاهرا معًا وأحدهما قاتلي فكيف إذا اجتمعا. فلو كان رمحًا واحدًا التقيته ولا كنه رمح وثان وثالث ومن لعبت بشيمته المثاني فأحرى أن تطير به المثالث وطار بي الشوق كل مطار وقرأت سماء فكرتي سورة الانفطار وكدت أصعد إلى السماء كانت جواهرنا أوايل قبل ذان فالآن صارت بالتحول ثوان وجدت وراء الحسن وهي كثيفة فوجودهن الآن في الأذهان ولم يكف أن بهرت بالحسن الخلوب حتى أمرت أن أنظم على ذاك الأسلوب وبالحرى لذلك النثر البديع الحريري أو البديع ولذلك النظم العجيب المتنبي أو حبيب ولذلك التصوف الرقيق الحارث بن أسد ذي التحقيق. وأما الحديث فما لك تقطع تلك المسالك إلا أن العربية ليس لأحد معه فيها دليل أستغفر الله إلا للخليل لا كن أصول الدين مجرية تركت تلك الميادين. هناك الله جمع كل منقبة جليلة فترى الفضيلة لا ترد فضيلة فمر الرديف وقد ركب غضنفرا أو المدعي صفة فضل وكل الصيد في جوف الفرا من يزحم البحر بغرق ومن يطعم الشجر يشرق. وهل يباري التوحيد بعمل أو يجاري البراق بجمل. ذلك انتهى إلى سدرة المنتهى. وهل انبرى ليطم خده في الثرى. لا تقاس الملايكة بالحدادين ولا حكماء يونان بالقدادين. أفي طريق الكواكب يسلك وعلى الفلك الأثير يستملك. أين الغد من الأمس وظلمة الغسق من وضح الشمس. ولولا ثقتي بغمام فضلك الصيب لتمثلت لنفسي بقول أبي الطيب: إذا شاء أن يلهو بلحية أحمق أراه غبارى ثم قال له الحق فإن رضيت أيها العلم فما لجرح إذا أرضاكم ألم. تر كيف أجاري أعوج بمغرب أهوج وأجاري ذا العقال بجحش في عقال. ظهر بهذه الظلمة ذلك الضياء وبضدها تتبين الأشياء. وما يزكو بياض العاج حتى يضاف إلى سواد الأبنوس. ألفاظ تذوب رقة وأغراض تملك حب الكريم ودرة الزهر والزهر بين بنان وبيان والدر طوع لسان وإحسان. وقالوا ذاك سحر بأهلي فقلت وفي مكان الهاء باء وأما محاسن أبي الوليد فيقصر عنها أبو تمام وابن الوليد. معان لبسن ثياب الجمال وهزت لها الغانيات القدودا كسون عبيدًا ثياب عبيد وأضحى لبيد لديها بليدًا وكيف أعجب من إجرايك لهذه الجياد وأياديك من إياد. أو رثت هذه البراعة المساعدة عن قس بن ساعدة. أجدك أنت الذي وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كأني أنظر إليه في سوق عكاظ على جمل أورق وهو يقول أيها الناس: مطر ونبات وآباء وأمهات إلى قوله: في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصاير لما رأيت موارد للموت ليس لها مصادر أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صاير إيه بغير تمويه. رجع الحديث الأول إلى ما عليه المعول. سألتني إيها السيد الذي يجب إسعافه أن أرغم أنف القلم حتى يجري رعافه وأن أكحل جفون الأوراق بمداد الأقلام وأن أجمع الطروس والأمدة بين إصباح وإظلام وأطرز بياض السوسن بخضرة الآس وأبرز العلم الأبيض تحت راية بين العباس فقلت مبادرًا ممتثلًا وجلت في ميدان الموافقة متمثلًا: لبيك لبيك أضعافًا مضاعفة إني أجبت ولكن داعي الكرم أتى من المجد أمر لا مرد له أمشي على الرأس فيه لا على القدم دعاء والله نجاب ونداء ليس دونه حجاب كتبت ولو أني أستطيع لإجلال قدرك بين البشر قددت البراعة من أنملىوكأن المداد سواد البصر نعم أجزت سيدي الفقيه الأجل الخطيب الأكرم العالم العلم الأحد الأكمل الحسيب الأحفل الأطول أبا الوليد بن الفقيه الأجل المعظم الموقر المكرم المبارك الأظهر المرحوم أبي زكريا يحيى بن سعيد بن قترى الأيادي القنرموني وبنيه السادات النجباء المباركين أبا القاسم أحمد. وأبا إسحق إبراهيم وأبا الحسين بتزيل. ونعمت الأغصان والشجرة والأفنان والثمرة أقر الله بهم أعين المجد ولا زالوا بدورا في مطالع السعد ولا برحوا في مكارم يجنون نوارها ويجتلون أنوارها وتفيض عليهم يد العناية الآلهية نهرها الكوثري ونهارها جميع ما رويته قراءة وسماعًا وإجازة ومناولة من العلوم على اختلافها وتباين أصنافها بأي وجه رويته وعلى أي وصف تقلدته ودريته وكذلك أجزتهم جميع ما قلته وأقوله. من مسطور ومرسوم ومنثور ومنظوم وتصرفت فيه من منقول ومفهوم وقصايدي المسماة بالروحانيات ومعشراتي الحبيبات وما نظمته من الوتريات وشرحي لشعر أبي الطيب المسمى بظهور الإعجاز بين الصدور والأعجاز وكتابي المسمى شمس البيان في لمس البنان والزهرة الفايحة في الزهرة اللايحة ونفح الكمامات في شرح المقامات واقتراح المتعلمين في اصطلاح المتكلمين وكتاب التصور والتصديق في التوطية لعلم التحقيق ورقم الحلل في نظم الجمل ومفتاح الإحسان في إصلاح اللسان. وما أنشأته من السلطانيات نظمًا ونثرًا وخطابة وشعرًا. والله تعالى يجعل أعمالنا خالصة لوجهه بمنه وكرمه فليقل الفقيه الأجل وبنوه الأكرمون رضي الله عنهم أنبأنا وأخبرنا وحدثنا أو ما شاءوا من ألفاظ الرواية بعد تحري الشروط المرعية في الإجازات الشرعية وإن ذهبوا حفظ الله كمالهم وأراهم في الدارين آمالهم إلى تسمية من لي من المشايخ قدس الله أرواحهم وزحزح عن النار أشباحهم: فمنهم الأستاذ الخطيب الكبير العالم الفاضل الجليل البقية الصالحة آخر الأدباء وخاتمة الفضلاء أبو جعفر أحمد بن يحيى بن إبراهيم الحميري القرطبي الدار رضي الله عنه. قرأت عليه بقرطبة شعر أبي الطيب قراءة فهم لمعانيه وأعراب لألفاظه وتحقيق للغته وتنقير عن بديعه. وكذلك قرأت عليه أكثر شعر أبي تمام. وسمعت عليه كتاب الكامل لأبي العباس المبرد ومقامات التميمي كان يرويها عن منشيها وكانت عنده بخط أبي الطاهر. وتفقهت عليه تبصرة الضمري. وكان على شياخته رحمه الله ثابت الذهن مقبل الخاطر حافظًا المعيا. يروع ركانة ويذوب ظرفا فما تدري أشيخ أم غلام نأتيه بمقاطع الشعر فيصلحها لنا ويقف على ما نستحسنه منها فنجده أثبت منا ولقد أنشدته يومًا في فتى مفقود العين اليسرى: لم تزو إحدى زهرتيه ولا انثنت عن نورها وبديع ما تحويه لكنه قد رام يغلق جفنه ليصب بالسهم الذي يرميه فاستفادهما وحفظهما. ولم يزل رحمه الله يعيدهما مستحسنًا لهما متى وقع ذكري. وكان يروى عن الأمام المازري بالإجازة وعن القاضي أبي مروان بن مسرة وعن الأستاذ عباس وعن أبي عبد الله بن أبي الخصال. ومنهم الفقيه الأجل العالم العدل المحدث الأكمل المتفنن الخطيب القاضي أبو محمد بن حوط الله سمعت عليه كتبًا كثيرة بمالقة بقراءة الفقيه الأستاذ أبي العباس بن غالب ولقيته بقرطبة أيضًا وهو قاضيها. وحدثني عن جدي وعن جملة شيوخ. وله برنامج كبير. وأخوه القاضي الفاضل أبو سليمان أيضًا منهم. ومنهم الفقيه الأجل العالم العلم الأوحد. النحوي الأديب المتقن أبو علي عمر بن عبد المجيد الأزدي قرأت عليه القرآن العزيز مفردات وكتاب الجمل والإيضاح وسيبويه تفقهًا وكذلك الأشعار الستة تفقهًا وما زلت مواظبًا له إلى أن توفي رحمه الله. وكان فريد عصره في الذكاء ولم يكن في حلبة الأستاذ أبي زيد السهيلي أنجب منه على كثرتهم. وقد قال الأستاذ أبو القاسم السهيلي للإمام المنصور رضي الله هو أقعد لكتاب سيبويه منا. وقال لي يوما وقد نظر إلى طالب يصغي بكليته إلى ثان فقلت ماذا فقال إن حب الشيء يعمي ويصم فقلت له ويعيد الصبح ليلًا مدلهم فاستحسته. ومنهم الفقيه الأجل الأديب الأريب الكامل اللغوي الشهير أبو علي ابن كسرى الموري قريبي ومعلمي. وكان من طلبة أبي القاسم السهلي وممن نبغ صغيرًا. وهو الذي أنشد في طفولته السيد أبا أسحق الكبير بإشبيلية: قسما بحمص وإنه لعظيم فهي المقام وأنت إبراهيم وكان بالحضرة الأستاذ أبو القاسم السهيلي فقام عند إتمامه القصيدة فقال لمثل هذا كنت أحسيك الحسا ولمث هذا كنت أواصل في تعليمك الإصباح والإمساء وقد أنشد هذا لأمير المؤمنين أب يعقوب رضي الله عنه: أمعشر أهل الأرض بالطول والعرض بهذا أنادي في القيامة والعرض فقد قال الله فيك ما أنت أهله فيقضي بحكم الله فيك بلا نقض فإياك يعني ذو الجلال بقوله كذلك مكنا ليوسف في الأرض ومهم الفقيه الأجل العالم المحدث الحافظ الفاضل المؤثر السيد أبو محمد القرطبي. قرأت عليه القرآن بالروايات مفردات وتفقهت في الجمل والأشعار وأجازني جميع ما رواه. وكذلك فعل كل واجد ممن تقدم ذكره. وكان رحمه الله آخر الناس علمًا ونزاهة وحسن خلق وجمال سمت وأبهة ووقار وإتقان وضبط وجودة وحفظ. ومنهم الفقيه الأجل الحاج الفاضل الشهيد في كاينة العقاب المحدث الورع الزاهد الطاهر أبو عبد الله بن حسين بن صاحب الصلاة الأنصاري وعليه كان ابتداي للقراءة وكان مبارك |
التعليم. حسن التفهيم شديد التواضع. ومنهم الفقيه الأجل الفاضل الورع المحدث الحاج الملهم المجاب الدعوة الميمون النقيبة الأواب. أبو الحجاج بن الشيخ. رضي الله عنه. وهذا الكتاب على الإطالة مني. ولكن القرطاس فني والسلام الأتم عليكم ورحمة الله وبركاته. قال ذلك وكتبه العبد المعترف بذنبه الراجي رحمة ربه. محمد بن عبد الله الحميري ثم الإستجي في أواسط شعبان المكرم من عام أحد وأربعين وستمائة. وفاته من خط الوزير أبي محمد عبد المنعم بن سماك. قال قدم غرناطه أظن سنة تسع وثلاثين وستمائة وشكى علة البطن مدة ثمانية أشهر بدار أبي رحمه الله مرضناه الثلاثة الأخوة إلى أن توفي رحمه الله ودفن بمدفنه مغنى الأدب بروضة الفقيه أبي الحسن سهل بن مالك. محمد بن أحمد بن علي الهواري يكنى أبا عبد الله ويرعف بابن جاب رمن أهل ألمرية. حاله رجل كفيف البصر مدل على الشعر عظيم الكفاية والمنة على زمانته. رحل إلى المشرق وتظافر برجل من أصحابنا يعرف بأبي جعفر الإلبيري صارا روحين في جسد ووقع الشعر منهما بين لحسي أسد وشمر للكدية فكان وظيف الكفيف النظم ووظيف البصير الكتب وانقطع الآن خبرهما. وجرى ذكره في الإكليل بما نصه: محسوب من طلبتها الجلة ومعدود فيمن طلع بأفقها من الأهلة رحل إلى المشرق وقد أصيب ببصره واستهان في جنب الاستفادة بمشقة سفره على بيان عذره ووضوح ضره. شعره وشعره كثير فمنه قوله: سلوا مسر ذاك الخال في صفحة الخد متى رقموا بالمسك في ناعم الورد ومن هو غصن القد منها لفتنتي وأودعه رمانتي ذلك النهد فتاة تفت القلب مني بمقلة له رقة الغزلان في سطوة الأسد تمنيت أن تهدي إلى نهودها فقالت رايت البدر يهداه أو يهد فقلت وللرمان بد من الجنا فتاهت وقالت باللواحظ لا الأيد فقلت ليس للقلب عندك حاصل وقالت قلوب الناس كلهم عندي وقلت اجعليني من عبيدك في الهوى فقالت كفاني كم لحسني من عبد إذا شئت أن أرضاك عبدًا فمت هوى ولا تشكي واصبر على ألم الصد ألم تر أن النحل يحمل ضرها لأجل الذي تجنيه من خالص الشهد كذلك بذل النفيس سهل لذي النهى لما يكسب الإنسان من شرف الحمد ألست ترى أزجاته طالما أضاع كريم المال في طلب المجد ومن شعره أيضًا قوله: عرج على بان العذيب ونادوأنشد فديتك إن حل فؤادي وإذا مررت على المنازل بالحما فاشرح هنالك لوعتي وسهادي إيه فديتك يا نسيمة خبري أرب الأحبة والحمى والوادى قد صح عيدي يوم أبصر حسنها وكذا الهلال علامة الأعياد ومما نقلناه من خبر قيده لصاحبنا الفقيه الأستاذ أبي علي منصور الزواري ومما أدعاه لنفسه: علي لكل ذي كرم ذمام ولي بمدارك المجد اهتمام وأحسن ما لدي لقاء حر وصحبته معشر بالمجد هام وإني حين أنسب من أناس على قمم النجوم لها مقام يميل بهم إلى المجد ارتياح كما مالت بشارتها المرام هم لبسوا أديم القيل بردًا ليسفر من مرادهم الظلام هم جعلوا متون العيش أرضا فمذ عزموا الرحيل فقد أقام فمن كل البلاد لنا ارتحال وفي كل البلاد لنا مقام وحول موارد العلياء منها لنا مع كل ذي شرف زحام تصيب سهامنا غرض المعالي إذا ضلت عن الغوص السهام وليس لنا من المجد اقتناع ولو أن النجوم لنا قيام وإن حضر الكرام ففي يدينا ملاك أمورهم ولنا الكلام وفينا المستشار بكل علم ومنا الليث والبطل الهمام فميدان الكلام لنا مداه وميدان الحروب بنا يقام كلا الأمرين ليس له بقوم سوانا يوم نازلة تمام يريق دم المداد بكل طرس وليس سوى اليراع لنا سهام ونكتب بالمثقفة العوالي بحيص الطرس لبات وهام إذا عبست وجوه الدهر منا إليها فانثنت ولها انتقام لقد علمت قلوب الروم أنا أناس ليس يعوزنا مرام وليس يضيرنا أنا قليل لعمر أبيك ما كثر الكرام إذا ما الراية الحمراء هزت نعم فهناك للحرب ازدحام وما أحمرت سدى بل من دمًا ليس على جوانبها انسجام تظلل من بني نصر ملوكا حلال النوم عندهم حرام وأني جئت من شرق لغرب ورمت بي الزمان كما ترام وجربت الملوك وكل شخص تحدث عن مكارمه الأنام فلم أر مثلكم يا آل نصر جمال الخلق والخلق العظام ومنها: لأندلس بكم شرف وذكر تود بلوغ أدناه الشآم سعى صوب الغمام بلاد قوم هم في كل مجدبة غمام إليك بها مهذبة المعاني يرينها ابتسام وانتظام لها لجناب مجدكم انتظام طواف وفي أركان إسلام تجزت وما كادت وقد وطى الإيطاء صروحكم وأعيا الإكثار حارثها وسروجها الله ولي التجاوز بفضله. ابن الحداد الوادي آش محمد بن أحمد بن الحداد الوادي آش يكنى أبا عبد الله. حاله شاعر مفلق وأديب شهير مشار إليه في التعاليم منقطع القرين منها في الموسيقى مضطلع بفك المعمى. سكن ألمرية واشتهر بمدح رؤسائها من بني صمادح. وقال ابن بسام كان أبو عبد الله هذا شمس ظهيرة وبحر خبر وسيرة وديوان تعاليم مشهورة وضح في طريق المعارف وضوح الصبح المتهلل وضرب فيها بقدح ابن مقبل إلى جلالة مقطع وأصاله منزع ترى العلم ينم على أشعاره ويتبين في منازعه وآثاره. تواليفه ديوان شعر كبير معروف. وله في العروض تصنيف مزج فيه بين الأنحاء الموسيقية والآراء الجليلة. بعض أخباره حدث بعض المؤرخين مما يدل على ظرفه أنه فقد سكنًا عزيزًا عليه وأحوجت الحال إلى تكلف سلوة فلما حضر الندماء وكان قد رصد الخسوف بالقمر فلما حقق أنه قد ابتدأ أخذ العود وغنى: شقيقك غيب في لحده وتشرق يا بدر من بعده فهلا خسفت وكان الخسوف حدادًا لبست على فقده وجعل يرددها ويخاطب البدر فلم يتم ذلك إلا واعترضه الخسوف وعظم من الحاضرين التعجب. قال وكان مني في صباه بصبية من الروم نصرانية ذهبت بلبه وهواه تسمى نويرة افتضح بها وكثر نسيبه. شعره قال في الغرض المذكور: حديثك ما أحلى فزيدي وحدثي عن الرشإ الفرد الجمال المثلث ولا تسأمي ذكراه فالذكر مؤنس وإن بعث الأشواق من كل مبعث وبالله فارقي خبل نفسي بقوله وفي عقد وجدي بالإعادة فابعث وأقسم بالغنجيل أني شابق وناهيك دمعي من محق محنث ولا بد من قصي على القس قصتي عساه مغيث المدنف المتغوث ولم يأتهم عيسى بدين قساوة فيقسو على بني ويلهو بمكرث وقلبي من حلى التجلد عاطل هوى في عزال الواديين المرعث سيصبح سرى كالصبح مشهرًا ويمسي حدثيي عرضه المتحدث ويغري بذكرى بين كأس وروضة ويشد وبشعري فوق مثنى ومثلث ومن شعره في الأمداح الصمادحية: لعلك بالوادي المقدس شاطئ وكالعنبر الهندي ما أنت واطئ وإني في رياك واجد عرف ريحهم فروح الجوى بين الجوانح ناشئ ولي في السرى من نارهم ومنارهم هداة حداة والنجوم طوافئ لذلك ما حنت ركايبي وحمحمت عرابي وأوحي سيرها المتباطئ فهل هاجها ما هاجني أو لعلها إلى الوخد من نيران وجدي لواجئ ومنها: محاملة السلوان مبعث حسنه فكل إلى دين الصبابة صابئ فكيف أرقى كلم طرفك في الحشا وليس لتمزيق المهند رافئ ومالي لا أسمو مرادًا وهمة وقد كرمت نفسي وطابت ضآضئ وما أخرتني عن تناه مبادئ ولا قصرت بي عن تباه مناشئ ولكنه الدهر المناقض فعله فذو الفضل منحط وذو النقص نامئ كأن زماني إذ رآني جذيله يلابسني منه عدو ممالئ فداريت إعتابا ودارأت عاتبًا ولم يغنني أني مدار مدارئ فألقيت أعباء الزمان وأهله فما أنا إلا بالحقائق عابئ ولازمت سمت الصمت لا عن مذامة فلي منطق للسمع والقلب صابئ ولولا علا الملك ابن معن محمد لما برحت أصدافهن اللآلئ لآلئ إلا أن فكرى غائص وعلمي ذوماء ونطقي شاطئ أقبلن في الحبرات يقصرن الخطا ويرين حلل الوارشين القطا سرب الجوى لا الجو عود حسنه أن يرتعى حب القلوب ويلقطا مالت معاطفهن من سكر الصبا ميلا يخيف قدودها أن تسقطا ما أخجل البدر المنير إذا مشى يختال والخوط النضير إذا خطا ومنها في المدح. يا وافدي شرق البلاد وغربها أكرمتما خيل الوفادة فاربطا ورأيتما ملك البرية فاهنآ ووردتما أرض المرية فاحططا يدمي نحور الدارعين إذا ارتأى ويذل عز العالمين إذا سطا وإحسانه كثير. دخل غرناطة ومن بنات عملها وطنه رحمه الله. محمد بن إبراهيم بن خيرة يكنى أبا القاسم. ويعرف بابن المواعين حرفة أبيه من أهل قرطبة. واستدعاه السيد أبو سعيد الوالي بغرناطة إليه فأقام عنده مدة من عامين في جملة من الفضلاء مثله. حاله قال ابن عبد الملك كان كاتبًا بليغًا شاعرًا مجيدًا إستكتبه أبو حفص ابن عبد المؤمن وحظي عنده حظوة عظيمة لصهر كان بينهما بوجه ما ونال فيه جاهًا عظيما وثروة واسعة. وكان حسن الخط رايقه سلك فيه في ابتدايه مسلك المتقن أبي بكر بن خيرة. مشيخته روى عن أبي بكر بن عبد العزيز وابن العربي وأبي الحسن شريح ويونس بن مغيث وأبي عبد الله حفيد مكي وابن أبي الخصال وابن بقي. تواليفه له تصانيف تاريخية وأدبية منها ريحان الآداب وريعان الشباب لا نظير له. والوشاح المفضل. وكتاب في الأمثال السايرة. وكتاب في الأدب نحا فيه منحى أبي عمر بن عبد البر في بهجة توفي بمراكش سنة أربع وستين وخمسمائة. ابن باق الأموي محمد بن إبراهيم بن علي بن باق الأموي مرسي الأصل غرناطي النشأة مالقي الإسكان يكنى أبا عبد الله. حاله من عايد الصلة: كان رحمه الله كاتبًا أديبًا ذكيا لوذعيا يجيد الخط ويرسل النادرة ويقوم على العمل ويشارك في الفريضة. وبذ السباق في الأدب الهزلي المستعمل بالأندلس. عمر زمانا من عمره محارفًا للفاقة يعالج بالأدب الكدية ثم استقام له الميسم وأمكنه البخت من امتطاء غاربه فأنشبت الحظوة فيه أناملها بين كاتب وشاهد ومحاسب ومدير تجر فأثرى ونما ماله وعظمت حاله وعهد عند ما شارف الرحيل بجملة تناهز الألف من العين لتصرف في وجوه من البر فتوهم أنها كانت زكاة امتسك بها. وجرى ذكره في التاد بما نصه: مدير أكواس البيان المعتق ولعوب بأطراف الكلام المشقق انتحل لأول أمره الهزل من أصنافه فأبرز در معانيه من أصدافه وجنى ثمرة الإبداع لحين قطافه. ثم تجاوزه إلى المعرب وتخطاه فأدار كأسه المترع وعاطاه فأصبح لفنه جامعًا وفي فلكيه شهابًا لامعًا وله ذكاء يطير شرره وإدراك تتبلج غرره وذهن يكشف الغوامض ويسبق البارق الوامض وعلى ذلاقة لسانه وانفساح أمد إحسانه فشديد الضنانة يشعره. مغل لسعره. شعره أخبرني الكاتب أبو عبد الله بن سلمة أنه خاطبه بشعر أجابه عنه بقوله في رويه: أحرز الخصل من بني سلمة كاتب تخدم الظبا قلمه يحمل الطرس عن أنامله إثر الطرس كلما رقه ويمد البيان بفكرته مرسلًا حيث يممت ديمه خصني متحفأ بخمس إذا بسم الروض فقن مبتسمة قلت أهدى زهر الربا خضلا فإذا كل زهرة كلمة أقسم الحسن لا يفارقها فأبر انتقاؤها قسمه خط أسطارها ونمقها فأتت كالعقود منتظمة كاسيًا من حلاه لي حللًا رسمها من بديع ما رسمه طالبًا عند عاطش نهلا ولديه الغيوث منسجمة أيها الفاضل الذي حمدت ألسن المدح والثنا شيمه لا تكلف أخاك مقثرحا نشر عار لديه قد كتمه وابق في عزة وفي دعة صافي العيش واردًا شبمه ما ثنى الغصن عطفه طربًا وشدا الطير فوق نغمه مشيخته قرأ على الأستاذ أبي جعفر الزبير والخطيب أبي عثمن بن عيسى. توفي بمالقة في اليوم الثامن والعشرين لمحرم عام اثنين وخمسين وستمائة وأوصى بعد أن حفر قبره بين شيخيه الخطيبين أبي عبد الله الطنجالي وأبي عثمن بن عيسى أن يدفن وأن يكتب على قبره هذه الأبيات: ترحم على قبر ابن باق وحيه فمن حق ميت الحي تسليم حيه وقل آمن الرحمن روعة خائف لتفريطه في الوجبات وغيه قد اختار هذا القبر في الأرض راجيًا من الله تخفيفًا بقرب وليه فقد يشفع الجار الكريم لجاره ويشمل بالمعروف أهل نديه ابن فضيلة المعافري محمد بن إبراهيم بن سالم بن فضيلة المعافري من أهل ألمرية يدعى بالبيو ويكنى أبا عبد الله. حاله من الإكليل الزاهر شيخ أخلاقه لينة ونفسه كما قيل هينة ينظم الشعر سهلا مساقه محكما اتساقه على فاقة ما لها من إفاقة. أنشد السلطان بظاهر بلده قوله: سرت ريح نجد من ربي أرض بابل فهادت إلى مسرى سراها بلابل وذكرني عرف النسيم الذي سرى معاهد أحباب سراة أفاضل فأصبحت مشغوفًا بذكري منازل ألفت فوا شوقي لتلك المنازل فيا ريح هبي بالبطاح وبالربا ومري على أغصان زهر الخمائل وسيري بجسمي للتي الروح عندها فروحي لديها من أجل الوسائل وقولي لها عني معناك بالهوى له شوق معمود وعبرة ثاكل فيا بأبي هيفاء كالغصن تثنى بقد يقد كاد ينقد مايل لها منظر كالشمس في رونق الضحا ولحظ كحيل ساحر الطرف بابل بطيب شذاها عطرت كل عاطر كما بحلاها زينت كل عاطل رمتني بسهم من سهام جفونها فصادف ذاك السهم مني مقاتل فظلت غريقًا في بحار من الهوى وما الحب إلا لجة دون ساحل فيا من سبت عقلي وأفنت تجلدي صلبني فإن البعد لا شك قاتل فلي كبد شوقي إليك تفطرت وقلب بنيران الجوى في مشاعل ولي أدمع تحكي ندا كف يوسف أمير العلى الأرضيي الجميل الفضايل إذا مد بالجود الأنامل لم تزل بحور الندى تهمى بتلك الأنامل ومن شعره قوله من قصيدة: بهرت كشمس في غلالة عسجد وكبدر تم في قضيب زبرجد ثم انثنت كالغصن هزته الصبا طربًا فتزرى بالغصون الميد حوراء بارعة الجمال غريدة تزهى فتزري بالقضيب الأملد قال شيخنا أبو البركات ابتلى باختصار كتب الناس فمن ذلك مختصره المسمى بالدرر المنظومة الموسومة في اشتقاق حروف الهجا المرسومة وكتاب في حكايات تسمى روضة الجنان وغير ذلك. توفي في أواخر رمضان من عام تسعة وأربعين وسبع ماية ودخل غرناطة غير مرة. ابن مرج الكحل محمد بن إدريس بن علي بن إبراهيم بن القاسم من أهل جزيرة شقر يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن مرج الكحل حاله كان شاعرًا مفلقا غزلا بارع التوليد رقيق الغزل. وقال الأستاذ أبو جعفر: كان شاعرًا مطبوعًا حسن الكفاية ذاكرًا للأدب متصرفًا فيه. قال ابن عبد الملك: وكانت بينه وبين طائفة من أدباء عصره مخاطبات ظهرت فيها إداته. وكان مبتذل اللباس على هيئة أهل البادية ويقال إنه كان أميًا. من أخذ عنه روى عنه أبو جعفر بن عثمان الوراد وأبو الربيع بن سالم وأبو عبد الله بن الأبار وابن عسكر وابن أبي البقاء وأبو محمد بن عبد الرحمن بن برطلة وأبو الحسن الرعيني. شعره ودخوله غرناطة قال في عشية بنهر الغنداق خارج بلدنا لوشة بنت الحضرة والمحسوب من دخلها فقد دخل عرج بمنعرج الكثيب الأعفر بين الفرات وبين شط الكوثر ولنغتبقها قهوة ذهبية من راحتي أحوى المرشف أحور وعشية قد كنت أرقب وقتها سمتحت بها الأيام بعد تعذر نلنا بها آمالنا في روضة تهدي لنا بشقها شميم العنبر والدهر من ندم يسفه رأيه فيما مضى منه بغير تكدر والورق تشدو والأراكة تنشني والشمس ترفل في قميص أصفر والروض بين مفضض ومذهب والزهر بين مدرهم ومدنر والنهر مرقوم الأباطح والربى بمضدل من زهره ومعصفر وكأنما ذاك الحباب فرنده مهما طفا في صفحة كالجوهر وكأنه وجهاته محفوفة بالآس والنعمان خد معذر نهر يهيم بحسنه من لم يهم ويجيد فيه الشعر من لم يشعر ما اصفر وجه الشمس عند غروبها إلا لفرقة حسن ذاك المنظر وقرارة كالعشر بين خميلة سالت مذانبها بها كالأسطر فكأنها مشكولة بمضدل من يانع الأزهار أو بمعصفر أمل بلغناه بهضب حديقة قد طرزته يد الغمام الممطر فكأنه والزهر تاج فوقه ملك تجلى في بساط أخضر راق النواظر منه رايق منظر يصف النضارة عن جنان الكوثر كم قاد خاطر خاطر مستوفز وكم استفز جماله من مبصر لو لاح لي فيما تقدم لم أقل عرج بمنعرج الكثيب الأعفر قال أبو الحسن الرعيني وأنشدني لنفسه: وعشية كانت قنيصة فتية ألفوا من الأدب الصريح شيوخا فكأنما العنقاء قد نصبوا لها من الانحناء إلى الوقوع فخوخًا شملتهم آدابهم فتجاذبوا سر السرور محدتًا ومصيخا والورق تقرأ سيرة الطرب التي ينسيك منها ناسخًا منسوخا ومن أبياته في البديهة: وعندي من مراشفها حديث يخبر أن ريقتها مدام وفي أجفانها السكرى دليل وما ذقنا ولا زعم الهمام تعالى الله ما أجرى دموعي إذا عنت لقلتي الخيام وأشجاني إذا لاحت بروق وأطربني إذا غنت حمام ومن قصيدة. عذيري من الآمال خابت قصودها ونالت جزيل الحظ منها الأخابث وقالوا ذكرنا بالغنى فأجبتهم خمولًا وماذكر مع البخل ماكث يهون علينا أن يبيد أثاثنا وتبقى علينا المكرمات الأثابث وما ضر أصلا طيبا عدم الغنى إذا لم يغيره من الدهر حادث وله يتشوق إلى أبي عمرو بن أبي غياث: أبا عمرو متى تقضي الليالي بلقياكم وهن قصصن ريش أبت نفسي هوى إلا شريشًا وما بعد الجزيرة من شريش والزهر يضحك من بكاء غمامة ريعت لشيم سيوف برق تلمع والنهر من طرب يصفق موجه والغصن يرقص والحمامة تسجع فانعم أبا عمران واله بروضة حسن المصيف بها وطاب المربع يا شادن البان الذي دون النقا حيث التقى وادي الحمى والأجرع الشمس يغرب نورها ولربما كسفت ونورك كل حين يسطع إن غاب نور الشمس بتنا نتقي بسناك ليل تفرق يتطلع أفلت فناب سناك عن إشراقها وجلًا من الظلماء ما يتوقع فأمنت يا موسى الغروب ولم أقل فوددت يا موسى لو أنك يوشع وقال: ألا يشروا بالصبح مني باكيًا أضر به الليل الطويل مع البكا ففي الصبح للصب المتيم راحة إذا الليل أجرى دمعه وإذا شكا ولا عجب أن يمسك الصبح عبرتي فلم يزل الكافور للدم ممسكا وقال: دخلتم فأفسدتم قلوبًا بملككم فأنتم على ما جاء في سورة النمل وبالعدل والإحسان لم تتخلقوا فأتم على ما جاء في سورة النحل وقال أبو بكر محمد بن محمد بن جهور: رأيت لابن مرج الكحل مرجًا أحمر قد أجهد نفسه في خدمته فلم ينجب فقلت: يا مرج كحل ومن هذي المروج له ما كان أحوج هذا المرج للكحل يا حمرة الأرض من طيب ومن كرم فلا تكن طمعًا في رزقها العجل فإن من شأنها إخلاف آملها فيما تفارقها كيفية الخجل فقال مجيبًا بما نصه: يا قائلا إذ رأى مرجى وحمرته ما كان أحوج هذا المرج للكحل هو احمرار دماء الروم سيلها بالبيض من مر من آبائي الأول أحببته إن من فتنت به في حمرة الخد أو إخلافه أملي وفاته توفي ببلده يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وستماية ودفن في اليوم بعده. محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري من أهل مرسية يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن الجنان حاله كان محدثًا راوية ضابطا كاتبًا بليغا شاعرًا بارعا رايق الخط دينا فاضلا خيرًا زكيًا. استكتبه بعض أمراء الأندلس فكان يتبرم من ذلك ويقلق منه ثم خلصه الله منه. وكان من أعاجيب الزمان في إفراط القماءة حتى يظن راثيه إذا استدبره أنه طفل إبن ثمانية أعوام أو نحوها متناسب الخلقة لطيف الشمايل وقورا خرج من بلده حين تمكن العدو من بيضته عام أربعين وستماية فاستقر بأوريولة إلى أن استدعاه إلى سبتة الرييس بها أبو علي بن خلاص فوفد عليه فأجل وفادته وأجزل إفادته وحزظي عنده حظوة تامة. ثم توجه إلى إفريقية فاستقر ببجاية. وكانت بينه وبين كتاب عصره مكاتبات ظهرت فيها براعته. مشيخته روى ببلده وغيرها عن أبي بكر عزيز بن خطاب وأبي الحسن بن سهل ابن مالك وابن قطرال وأبي الربيع بن سالم وأبي عيسى بن أبي السداد وأبي علي الشلوبين وغيرهم. روى عنه صهره أبو القاسم بن نبيل وأبو الحسن محمد بن رزيق. شعره قال القاضي أبو عبد الله بن عبد الملك وكان له في الزهد ومدح النبي صلى الله عليه وسلم بدايع ونظم في المواعظ للمذكرين كثيرا. فمن ذلك قوله في توديع رمضان وليلة القدر: فضى رمضان وكأن بك قد مضى وغاب سناه بعد ما كان أومضا فيا عهده ما كان أكرم معهدا ويا عصره أعزز علي أن انقضا ألم بنا كالطيف في الصيف زائرا فخيم فينا ساعة ثم قوضا فيا ليت شعري إذ نوى غربة النوى أبالسخط عنا قد تولى أم الرضا قضى الحق فينا بالفضيلة جاهدًا فأي فتى فينا له الحق قد قضا وكم من يد بيضاء أسدى لذي تقى بتوبته فيه الصحايف بيضا وكم حسن قد زاده حسنًا وسنى محاه وبالإحسان والحسن عوضا فلله من شهر كريم تعرضت مكارمه إلا لمن كان أعرضا نفي بينه وبين شجونك معلما وفي إثره أرسل جفونك فيضا وإن قضيت قبل التفرق وقفة فمقضيها من ليلة القدر ما قضا فيا حسنها من ليلة جل قدرها وحض عليها الهاشمي وحرضا لعل بقايا الشهر وهي كريمة تبين سرًا للأواخر أغمضا وقد كان أضفى ورده كي يفيضه ولا كن تلاحى من تلاحي فقيضا وقال اطلبوها تسعدوا بطلابها فحرك أرباب القلوب وأنهضا جزى الله عنا أحمد الجزا علىكرم أضفاه بردا ًوفضفضا وصلى عليه من نبي مبارك رؤوف رحيم للرسالة مرتضا له عزة أعلى من الشمس منزلا وعزمته أمضى من السيف منتضا له الذكر يهمى فض مسك ختامه تأرج من ريا فضايله الفضا عليه سلام الله ما انهل ساكب وذهب موشي الرياض وفضضا ومن ذلك قصيدة في الحج: تذاكر الذكر وتهيج اللواعجا فعالجن أشجانًا يكاثرن عالجا ركابًا سرت بين العذيت وبارق نواييج في تلك الشعاب نواعجا تيممن من وادي الأراك منازلا يطرنها إلا في الأراك سجاسجا ألا بأبي تلك الركاب إذا سرت هوادي يملأن الفلاة هوادجا براهم سوامح أو سراهم فأصبحوا رسومًا على تلك الرسوم عوالجا لهم في مني أسنى المنا ولدي الصفا يرجون من أهل الصفا المناهجا سما بهم طوف ببيت طامح أراهم قبابًا للعلى ومعارجا فأبدوا من اللوعات ما كان كامنا وأذروا دموعًا بل قلوبًا مناضجا ولما دنوا نودوا هنيا وأقبلوا إلى الركن من كل الفجاج أدارجا وقضوا بتقبيل الجدار ولثمه حقوقًا تقضى للنفوس حوايجا إذا اعتنقوا تلك المعالم خلتهم أساور في إيمانها وجهالجا فلله ركب يمموا نحو مكة لقد كرموا قصدًا وحلوا مناسجا أناخوا بأرجاء الرجاء وعوسوا فأصبح كل ما بز القدح فالجا فبشروا لهم كم خولوا من كرامة فكانت لما قدموه نتايجا بفتح باب للقبول وللرضا ووفدهم أضحى على الباب والجا تميز أهل السبق لاكن غيرهم غعدا همجًا بين الخليقة هامجا أيلحق جلس للبيوت مداهم ولم يلعب في تلك المدارج دارجا له الله من ذي كربة ليس يرتجى لمرتجيها يوما سوى الله فارجا قد أسهمت شتى المسالك دونه فلا نهج يلقى فيه لله ناهجًا يخوض بحار الذنب ليس يهابها ويصعق ذعرًا إن يرى البحر هائجا جبان إذا عن الهدى وإذا الهوى يعن له كان الجريء المهارجا يتيه ضلالا في غيابة همه فلا حجر تهديه لرشد ولا حجا فوا حربا لاح الصباح لمبصر وقلبي لم يبصر سوى الليل إذ سجا لعل شفيعي أن يكون معاجلا لداء ذنوب بالشفا معالجا فينشقني بيت الإله نوافحًا ويعبق لي قبر النبي نوافجا فمالي لإمالتي سوى حب أحمد وصلت له من قرب قلبي وشايجا عليه سلام الله من ذي صبابة حليف شجًا يكنى من البعد ناشجا ولو أنصفت أجفانه حق وجده سفكت دما للدموع موازجا كتابته وكتابته شهيرة تضرب بذكره فيها الأمثال وتطوى عليه الخناصر. قالوا لما عقد أمير المسلمين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن هود البيعة لابنه الواثق بالإمارة من بعده تولى إنشاءها وجعل أبو عبد الله محمد بن يوسف بن هود البيعة لابنه الواثق بالإمارة من بعده تولى إنشاءها وجعل الحاء المهلة سجعها مردفا إياها بالألف نحو صباحا وصلاحا وما أشبه ذلك طال مجموعها فناهزت الأربعين. وطاب مسمعها فأحرزت بغية المستمعين: فكتب إليه بو المطرف بن عميرة رسالته الشهيرة يداعبه في ذلك وهي التي أولها: " تحييك الأقلام تحية كسرى وتقف دون مداك حسرى ". ومنها في الغرض: " ومالك أمنت تغير الحالات فشننت غارتك على الحاءات ونفضت عنها المهارك وبعث في طلبها السوابق ولفظتها من الأفواه وطلبتها بين الشفاه حتى شهد أهل اللسان بتزحزحها عن ذلك المكان وتوارت بالحلوق. ولو تغلغلت إلى العروق لآثرتها جيادك واقتنصها قلمك ومدادك " وهي طويلة فراجعه بقوله: ما هذه التحية الكسروية وما هذا الرأي وما هذه الروية أتنكيت من الأقلام أم تبكيت من الأعلام أم كلا الأمرين توجه القصد إليه وهو الحق مصدقا لما بين يديه. وإلا فعهدي بالقلم يتسامى عن عكسه ويترامى إلى الغاية البعيدة بنفسه فمتى لانت أنابيبه للعاجم ودانت أعاربه بدين الأعاجم. واعجبا لقد استنوق الجمل واختلف القول والعمل. لأمر ما جدع أنفه قصير وارتد على عقبه الأعمى أبو بصير. أمي استسقى من سحابه فلا يسقيني واستشفى بأسمايه فلا يشفيني واليوم يحلني محل أنوشروان ويشكو مني شكوى اليزيدية من بني عترتها واستنقال الاجتماع من عشرتها وأرى من الغبن والسفاه أخذها وترك بنات الأفواه والشفاه إذ هي أيسر مؤنة وأكثر معونة. فغلطي فيها أن كانت بمنزل تتوارى صونًا عن الشمس ومن نسوة خفرات لا ينطقن إلا بالهمس ووجدتها أطوع من البنان للكف والعنان للوكف والمعنى للاسم والمغني للرسم والظل للشخص ولا مستبدل للنص فما عرفت منها إلا خبرا أرضاه حتى حسبتها من الحافظات للغيب بما حفظ الله فعجبت لها الآن كيف زلت نعلها ونشرت فنشرت ما استكتمها بعلها واضطربت في رأيها اضطراب المختار أبي عبيد وضربت في الأرض تسعى علي بكل مكر وكيد وزعمت أن حرف الجيم خدعها والآن أخدعها وأخبرها أن سيبلغ بخبرها الخابور وأحضرها لصاحبها كما أحضر بين يدي قيصر سابور فقد جاءت إفكًا وزورا وكثرت من أمرها شزورا وكانت كالقوس أرنت وقد أصمت القنيص والمراودة قالت ما جزاء وهي التي قدت القميص وربما يظن بها الصدق وظن الغيب ترجيم ويقال لقد خفضت الحاء بالمجاورة لهذا الأمر الجسيم وتنتصر لها أختها التي خيمت بني النرجسة والريحانة وختمت السورة باسم جعلت ثانية أكرم نبي على الله سبحانه فإن امتعضت لهذه المتظلمة تلك التي سبقت بكلمتها بشارة المتكلمة فأنا ألوذ بعدلها وأعوذ بفضلها وأسألها أن تقضي قضاء مثلها وتعمل بمقتضى: فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها. على أن هذه التي قد أبدت مينها ونسيت الفضل بيني وبينها أن قال الحكمان منها كان النشوز عادت حرورية العجوز وقالت التحكم في دين الله لا يجوز فعند ذلك يحصحص الحق ويعلم من الأولى بالحكم والأحق ويصيبها ما أصاب أروى من دعوة سعيدة حين الدعوى ويا ويحها أن أرادت أن تجني علي فجنت لي وأناخت لي مركب السعادة وما ابتغت إلا ختلي فأتى شرها بالخير وجاء النفع من طريق ذلك الضير. أتراها علمت بما يثيره اعوجاجها ويننجلي عنه عجاجها. فقد أفادت عظيم الفوايد ونظيم الفرايد ونفس الفخر ونفيس الذخر وهي لا تنكر أن كانت من الأسباب ولا تذكر إلا يوم الملاحاة والسباب. وإنما يستوجب الشكر جسيمًا والثناء الذي يتضوع نسيمًا الذي شرف إذ أهدى أشرف السحاءات وعرف بما كان من انتحاء تلك الحاء المذمومة في الحاءات فإنه وإن ألم بالفكاهة فما أملي من البداهة وسمي باسم السابق السكيت وكان من أمر مداعبته كيت وكيت وتلاعب بالصفات تلاعب السيل بالصفاة والصبا بالبانة والصبا بالعاشق ذي اللبانة فقد أغرب بفنونه وأغرى القلوب بقتونه ونفث بجفنه الأطراف وعبث من الكلام المشقق الأطراف وعلم كيف يلخص البيان ويخلص العقيان. فمن الحق أن أشكره على أياديه البيض وأن آخذ لفظه من معناه في طرف النقيض. تالله أيها الإمام الأكبر والغمام المستمطر والخبر الذي يشفي سايله والبحر الذي لا يرى ساحله ما أنا المراد بهذا المسلك ومن أين حصل النور لهذا الحلك وصح أن يقاس بين الحداد والملك إنه لتواضع الأعزة. وما يكون للأكارم عند المكارم من العزة وتحريض الشيخ للتلميذ في إجازة الوضوء بالنبيذ. ولو حضر الذي قضى له بجانب الغربي أمر البلاغة وارتضى ماله في هذه الصناعة من حسن السبك لحليتها والصياغة وأطاعته فيما أطلعته طاعة القوافي الحسان وأتبعته فيما جمعته لكن بغير إحسان لأذعن كما أذعنت وظعن عن محل دعوى الإجادة كما ظعنت. وأنى يضاهي الفرات المعبن بالنغبة ويباهي بالفلوس من أوتى من الكنوز ما أن مفاتحه لتنوء بالعصبة وأي حظ للكلالة في النشب وقد اتصل للورثة عمود النسب هبهات والله بعد المطلب وشتان الدر والخشلب وقد سيم الغلب ورجع إلى قياجة السلب وإن كنا ممن تقدم لشدة الظمأ إلى المنهل وكمن أقدم إلى عين تبوك بعد النهي للعل والنهل. فقد ظهرت بذلك المعجزة عيانًا وملئ ما هناك جنانًا وما تعرضنا بإساءة الأدب واللوم ولكن علمنا أن آخر الشراب ساقي القوم وإن أسهبنا فيما نلنا رتبة ذلك الإيجاز وإن أعرقنا فهو فهوانا في الحجاز فلكم أسهبنا فما نلنا رتبة ذلك الإيجاز وإن أعرقنا فهوانا في الحجاز فلكم قصيرات الحجال ولنا قصيرات الخطا في هذا المجال وإكثارنا في قلة وجارنا من الفقر في فقر وذلة. ومن لنا بواحدة يشرق شياؤها ويخفى للنجوم خجلها منها وحياؤها إن لم تطل فلأنها للفروع كالأصل وفي الجموع كليلة الوصل. فلو سطع نورها الزاهر ونورها الذي تطيب منه الأنوار الأزاهر لسجدت النيران ليوسف ذلك الجمال ووجدت نفحات رياها في أعاطاف الجنوب والشمال وأسرعت نحوها النفوس إسراع الحجيج يوم النفر وسار خبرها وسرى فصار حديث المقيمين والسفر. وما أظن تلك الساخرة في تدليها إلا الساحة بتجنيها إذ كانت ربيبتها بل ربئتها هذه التي سبقتني لما سقتني بسينها ووجدت ريحها لما فصلت من مصرها غيرها. وحين وصلت لم يدلني على سابقها إلا عبيرها وكم رامت أن تستتر عني بليل حبرها ي هذه المغاني. فأغراني بهاؤها وكل مغرم مغرى ببياض صبح الألفاظ والمعاني. وهل كان ينفعها تلفحها بمرطها وتلفعها إذ نادتها المودة فقد عرفناك يا سودة. فأقبلت على شم نثرها وعرفها ولثم سطرها وحرفها وقريتها الثناء الحافل وقراتها فزينت بها المحاضر والمحافل. ورمت أمر الجواب فغرتني في الخطاب لكن رسمت هذه الرقعة التي هي لديكم بعجزي واشية وإليكم مني على استحياء ماشية وإن رق وجهها فما رقت لها حاشية فمنوا بقبولها عل علاتها وانقعوا بماء سماحتكم حر غللها فإنها وافدة من استقر قلبه عندكم وثوى وأقر بأنه يلقط في هذه الصناعة ما يلقى للمساكين من النوى. بقيتم سيدي الأعلى للفضل والإغضاء ودمتم غرة في جبين السمحة البيضاء واقتضيتم ومحاسنه عديدة وآماده بعيدة. |
دخوله غرناطة دخلها مع المتوكل مخدومه أو وجده بها. من روى عنه: روى عن أبي الحسن سهل بن مالك. وفاته قال الأستاذ في الصلة: انتقل إلى بجاية فتوفي بها في عشر الخمسين وستمائة. ابن شلبطور الهاشمي محمد بن محمد بن أحمد بن شلبطور الهاشمي من أهل ألمرية يكنى أبا عبد الله. من وجوه بلده وأعيانه نشأ نبيه البيت ساحبًا بنفسه وبماله ذيل الحظوة متحليًا بخصل من خط وأدب. وزيرًا متجندًا ظريفًا دربًا على ركوب البحر وقيادة الأساطيل. ثم انحط في هواه انحطاطًا أضاع مروءته واستهلك عقاره وهد بيته وألجأه أخيرًا إلى اللحاق بالعدوة فهلك بها. وجرى ذكره في الإكليل بما نصه: مجموع شعر وخط وذكاء عن درجة الظرفاء غير منحط إلى مجادة أثيلة البيت شهيرة الحي والميت. نشأ في حجر الترف والنعمة محفوفًا بالمالية الجمة فلما غفل عن ذاته وترعرع بين لداته أجرى خيول لذاته فلم يدع منها ربعًا إلا أقفره ولا عقارًا إلا عقره حتى حط بساحلها واستولى بسعر الإنفاق على جميع مراحلها إلا أنه خلص بنفس طيبة وسراوة سماؤها صسبة وتمتع ما شاء من زير وبم وتأنس لا يعطى القياد لهم. وفي عفو الله سعة وليس مع التوكل على الله ضعة. شعره أثغرك أم سمط من الدر ينظم وريقك أم مسك به الراح تختم ووجهك أم باد من الصبح نير وفرعك أم دارج من الليل مظلم أعلل منك النفس والوجد متلفي وهل ينفع التعليل والخطب أعظم وأقنع من طيف الخليل يزورني لو أن جفوني بالمنام تنعم حملت الهوى حينًا فلما علمته سلوت لأني بالمكارم مغرم ولي في أمير المسلمين محبة فؤادي مشغوف بها ومتيم بلغت المنى لما لثمت يمينه فها أنذا في جنة الخلد أنعم يصوغ قومي الشعر في طيب ذكره ويحسن فيه النظم من ليس ينظم فاستمسك الدين الحنيف زمانه وقام منار الحق والشرك مغرم له نظر في المشكلات مؤيد والله مهد إلى الرشد ملهم ويستغرق طارحًا فيه وابل جوده فمن فعله في جوده يتعلم فلو أن أملاك البسيطة أنصفوا لألقوا إليه الأمر طوعًا وسلم وفي الدين والدنيا وفي البأس والندى لكم يا بني نصر مقام معظم ومنها: تنم بعرف المسك أنفاسها إذا يفوه لراو في الندى بها فم فباسمك سيرت في المسامع ذكرها ويغزي في أقصى البلاد ويشمم ولو أنني في المدح سبحان وائل وأنجدني فيه حبيب ومسلم لما كنت إلى عن علاك مقصر ومن بعض ما نشدت وتولى وتنعم بقيت ملاذًا للأنام ورحمة وساعدك الإسعاد حيث يتمم ومن شعره مذيلًا على البيت الأخير حسبما نسب إليه: نامت جفونك يا سؤلي ولم أنم ما ذاك إلا لفرط الوجد والألم أشكو إلى الله ما بي من محبتكم فهو العليم بما نلقى من السقم إن كان سفك دمي أقصلاى مرادكم فما غلت نظرة منكم بسفك دم ومما نسب إليه كذلك: قف بي وناد بين تلك الطلول أين الألى كانوا عليها نزول أين ليالينا بهم والمنى تجنيه عضًا بالرضا والقبول لا حملوا بعض الذي حملوا يوم تولت بالقباب الحمول إن غبتم يا أهل نجد ففي قلبي أنتم وضلوعي حلول تالله ما أورى زناد القلق سوى ريح لاح لي بالأبرق أيقنت بالحين فلولا نفحة نجدية منكم تلافت رمق لكنت أقضي بتلظي زفرة وحسرة بين الدموع تلتق فآه من هول النوى وما جني على القلوب موقف التفرق يا حاكي الغصن انثني متوجا بالبدر تحت لمة من غسق الله في نفس معنى أقصدت من لاعج الشوق بما لم تطق أتى على أكثرها برح الأسى دع ما مضى منها وأدرك ما بق ولو بإلمام خيال في الكرى إن ساعد الجفن رقيب الأرق فرب زور من خيال زائر أقر عيني وإن لم يصدق شفيت من برح الأسى لو أن من أصبح رقى في يديه معتق ففي معاناة الليالي عائق عن التصابي وفنون القلق وفي ضمان ما يعاني المرء من نوايب الدهر مشيب المفرق هذا لعمري مع أني لم أبت منها بشكوى روعة أو فرق فقد أخذت من خطوب غدرها بابن الخطيب إلا من مما أتق ومذ أرانيه زماني لم أبل من صرفه من مرعد أو مبرق لا سيما مذ حططت في حما جواره الأمنع رحل أينق أيقنت أني في رجائي لم أخب وأن مسعى بغيتي لم يخفق ندب له في كل حسن آية تناسبت في الخلق أو الخلق في وجهه مسحة بشر إن بدت تبهرجت أنوار شمس الأفق تعتبر الأبصار في لألأتها عليه من نور السماح المشرق كالدهر في استينائه وبطشه كالسيف في حد الظبا والرونق إن بخل الغيث استهلت يده بوابل من غيث جود غدق وإن وشت صفحة طرس انجلا ليل دجاها عن سني مؤتلق بمثلها من حبرات أخجلت حواشي الروض خدودج المهرق ما راق في الآذان أشناف سوى ملتقطات لفظه المفترق تود أجياد الغواني أن يرى حليها من در ذاك المنطق فسل به هل آده الأمر الذي حمل في شرخ الشباب المونق إذا رأى الرأى فلا يخطئه يمن اختيار للطرق الأفق خذها إليك بكر فكر يزدري لديك بالأعشى لدى المحلق لا زلت مرهوب الجناب مرتجى موصول عز في سعود ترتق مبلغ الآمال فيما تبتغي مؤمن الأغراض فيما تتقي ناب في القيادة البحرية عن خاله القايد أبي علي الرنداحي وولي أسطول المنكب برهة. توقي بمراكش في عام خمسة وخمسين وسبعمائة رحمه الله. ابن مشتمل الأسلمي محمد بن محمد بن جعفر بن مشتمل الأسلمي من أهل ألمرية يكنى أبا عبد الله ويعرف بالبلياني. حاله قال شيخنا أبو البركات ناب عني في بعض الأعمال بألمرية وخطب بنحانس من غربيها ثم خطب بحمة مرشانة وهو الآن بها وعقد الشروط قبل بألمرية. عفيف طاهر الذيل نبيل الأغراض مهذب الأخلاق قيم على القراءات والنحو والأدب جيد الشعر والكتابة. . . . . . . . . . من الضبط وإجادة العبارة عن المعنى المراد. تواليفه قال له رجز في علم الكلام جيد ورجز آخر في ألفاظ فصيح ثعلب عري عن الحشو على تقعير فيه يغتفر لما جمع من اقتصاره وله تأليف في الوبا سماه بإصلاح النيلة في المسلة الطاعونية. مشيخته جفن تحير والهوى يهديه لفؤاد كل من الهوى لم يألف متناعس يهدي السهاد ويصرع البطل الكمى بلحظه المتضعف تبدو وتشدو للعيون وللمسامع فهي بين مكحل ومشنف ملكت بصنعتها عنان عنانها وعدت عليه كأن لم تعرف تغنى إذا غنت بطيب صوتها عن أن يزود لحنها بالمعزف أما تغنت أو تثنت تهتف قمري نغمتها وغض المعطف يأتي على تكرر ما عنت به صدقًا بكل غريب أو مستطرف تهدي للنفوس على اختلاف طباعها من نبلها ما تشتهي بتلطف كنا وجفن الدهر عنا ناعس خلف ستر للأمان مسجف حتى وشي باسر دهر حاسد كلف بتنغيص الكريم الأشرف وخجلنا إن لم أمت يوم النوى لهفًا وما إن كنت بعد بمنصف لكنني مما نحلت وذبت لم يرني الحمام فكنت عنه أختف كم ذا أبيت وليس لي من مسعد في حالتي غير الدموع الذرف يا هل ترى هذا الزمان وصرفه هل يسمحان بعودة وتألف قال وأنشدني أيضًا لنفسه والبيت الأخير لغيره: قال وأنشدني أيضًا لنفسه والبيت الأخير لغيره: ما للأحبة في أحكامهم جاروا نأوا جميعًا فلا خل ولا جار كيف البقا وقد بانت قبابهموقد خلت منهم وا أسفي الدار حداة تمسهم بالقلب قد رحلوا يا ليتهم حملوا الجثمان إذ سار جار الزمان علينا في فراقهم من قبل أن تنقضي للصب أوطار ساروا فحيمت الأشواق بعدهم مالي عليها سوى الآماق أنصار تراك ياربعهم ترجو رجوعهم يا ليت لو ساعدت في ذاك أقدار ودعت منهم شموسًا ما مطالعها إلا من الوشي أطواق وأزرار أستودع الله من فاز الفراق بهم وخلفوا ودمع العين مدرار قلت ولا خفاء بتخلف هذا النمط عن الإجادة والله يقبض ويبسط وشافعنا عرض الإكثار. توفي في آخر أربعة وستين وسبع ماية. محمد بن محمد بن حزب الله من أهل وادي آش يكنى أبا عبد الله ويعرف باسم جده. وخاطبني من شرح حاله في ارتجاله بما نصه: ولما دخلت رندة الأنيقة البطاح المحتوية على الأدب والسماح والعلم والصلاح أبرز القدر أن لقيت بها شيخنا المعمر رئيس الأدباء وقدوة الفقهاء أبا الحجاج المنتشافري وكنت لم أشاهده قبل هذا العيان ولا سمح لي بلقاية صرف الزمان ولم أزل أكلف بمقطوعاته العجيبة وأولع بضرايبه الغريبة وتأتى منه مخاطبات تزري بالعقود بهجة وتطير لها العقود لهجة. نظم كما تنفيس الصبح عن تسنيمه ونثر كما تأسس الدر بتنظيمه فأحلني منه محل الروح من الجسد وشهد لي أني أعز من عليه ورد ورآني قد ظهرت على مضاضة الاكتياب لكوني قريب عهد بالإياب مهزومًا انهزام الأحزاب خالي الوطاب نزر الثياب فقال فيم الجزع ذهب بحول الله الخوف وأمن الفزع فأجبته عجلًا وقلت أخاطبه مرتجلا. لا تجزعى نفسي لفقد معاشري وذهاب مالي في سبيل القادر ورندة ها أنت خير بلاده وبها أبو حجاج المنتشافري سيريك حسن فرايد من نظمه فتزيل كل كآبة في الخاطر فأجابني مرتجلا: سراى يا قلبي المشوق وناظري بمزار ذي الشرف السني الطاهر ولواد آش فخار لم يزل من كاين حزب الله نور الناظر وافي يشرف رندة بقدومه فغدت به أفقا لبدر زاهر من روضة الأدباء أبدي زهرة قد أينعت عن فكر حبر ماهر جمع المآثر بالسناة وبالسنا أعظم به من صانع لمآثر ما زلت أسمع من ثناء مآثرًا كانت لسامعها معًا والذاكر حتى رأى بصرى حقائق وصفه فتنعمت كالأقمار نواظري لا زال محبوًا بكل مسرة تجري له بالحظ حكم مغادر ثم خاطبه القاضي المنتشافري بعد انصرافه إلى وطنه بقوله: أبى الدمع بعدك إلا انفجارا لدهر ببعدك في الحكم جارا أذاق اللقاء الحلو لو لم يصل به للنوى جرعات مرارا رعى الله لمح ذاك اللقاء وإن يك أشواقنا قد أثارًا قصاراى شكواي طول النوى وفقدي أناة وصل قصارًا وهم إلى حزب الإله الألى تساموا فخارًا وطابوا نجارًا فأجابه بأبيات منها: تألق برق العلا واستنارا فأجج إذ لاح في القلب نارا وذكرني وقت أنس مضا برندة حيث الجلال استشارا وكانت لنفسي سنا في حماها طوالا فأصبحت لديها قصارا فأجريت دمع العيون اشتياقًا ففاضت لأجل فراقي بحارا وقالت لي النفس من لم يجد نصيرًا سوى الدمع قل انتصارا قطعت المنا عندها لمحة وودعتها وامتطيت القفارا وضيعت تلك المنا غفلة ووافيت أبغي نابس ديارا ومنها: أرقت لذاك السنا ليلة وما نومها ذقت إلا غرارا وجسمي أجل الجسوم التهابا وقلبي أشد القلوب انكسارا إلى أن تجرعت كأس النوى وقلت زماني على الشمل جارا حللت لبرق لاح من سرحتي نجد حنين تهامى تحن إلى نجد وقلت لعل القلب تبرا كلومه ومن ذا يصد النار عن شيمة الوقد إن شاركتني في المحبة فرقة فها أنا في وجدي وفي كلفي وجد وهو إلى هذا العهد بالحال الموصوفة. ابن عيسى بن داود الحميري محمد بن إبراهيم بن عيسى بن داود الحميري من أهل مالقة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن عيسى حاله كان أديبًا حسن الخط جيد النظم متظرفًا لوذعيًا مطبوعًا منحطًا في هواه جامحًا في ميدان بطالته معاقرًا للنبيذ على حفظ للرسم واضطلاع بالخدمة وإيثار للمروءة ومعرفة بمقادير الأمور وتشبث بأذيال الحظوة. كتب للرياسة السعيدية بمالقة ونظر على ألقاب جبايتها وانتفع الناس بجاهه وماله ووقع الثناء على حسن وساطته. ثم سافر عنها وقد سمت مجادة السلطان في غرض انتقالها إلى العدوة معوضة بمدينة سلا من مالقة. وكان ما كان من معاجلة الأمر والقبض على الريس وقيام ولده بالأمر فأنتب المذكور بالعدوة وكانت بها وفاته. وجرى ذكره في الإكليل الزاهر بما نصه: علم من أعلام هذا الفن ومشعشعي راح هذا الدن بمجموع أدوات وفارس يراعة ظريف المنزع أنيق المرآى والمسمع اختص بالرياسة وأدار فلك إمارتها واتسم باسم كتابتها ووزارتها ناهضًا بالأعباء راقيًا في درح التقريب والاجتباء مصانعًا دهره في راح وراحة آويًا إلى فضل وسماحة وخصب ساحة كلما فرغ من شأن خدمته وانصرف عن رب نعمته عقد شربًا وأطفأ من الاهتمام بغير الأيام حربًا وعكف على صوت يستعيده وظرف يبديه ويعيده. فلما تقليت بالرياسة الحال وقوضت منها الرحال استقر بالمغرب غريبًا يقلب طرفًا مستريبا ويلحظ الدنيا تبعة عليه وتثريبًا وإن كان لم يعدم من أمرايها حظوة وتقريبًا وما برح يبوح بشجنة ويرتاح إلى عهود وطنه. شعره وكتابته مما كتبه وبين فيه أدبه قوله: يا نازحين ولم أفارق منهم شوقًا تأجج في الضلوع ضرامه غيبتم عن ناظري وشخصكم حيث استقر من الضلوع مقامه رمت النوى شملي فشنت نظمه والبين رام لا تطيش سهامه وقد اعتدى فينا وجد مبالغا وجرت بمحكم جوره أحكامه أترى الزمان مؤخرًا في مدتي حتى أراه قد انقضت أيامه تحملها يا نسيم تجديه النفحات وجدية اللفحات يؤدي عني نغمها إلى الأحبة سلامًا ويورد عليهم لفحها بردًا وسلامًا ولا تقل كيف تحملني نارًا وترسل على الأحبة مني إعصارا. كلا إذا أهديتهم تحية إيناسي وأنسوا من جانب هبوبك نار ضرام أنفاسي وارتاحوا إلى هبوبك واهتزوا في كف مسرى جنوبك وتعللوا بها تعليلا وأوسعوا آثار مهبك تقبيلا أرسلها عليهم بليلا وخاطبهم بلطافة تلطفك تعليلا. ألم تروني كيف جئتكم بما حملني عليلا. كذاك تركته ملقى بأرض له فيها التعلل بالرياح إذا هبت إليه صبا إليها وإن جاءته من كل النواح تساعده الحمايم حين يبكي فما ينفك موصول النياح يخاطبن مهما طرن شوقًا أما فيكن واهية الجناح ولولا تعلله بالأماني وتحدث نفسه بزمان التداني لكان قد قضى نحبه ولم أبلغكم إلا نعيه أو ندبه لا كنه يتعلل من الآمال بالوعد الممطول ويتطارح باقتراحاته على الزمن المجهول ويحدث نفسه وقد قنعت من بروق الآمال بالخلب ووثقت بمواعيد الدهر القلب فيناجيها بوحي ضميره وإيماء تصويره كيف أجدك يوم الالتقاء بالأحباب والتخلص من ربقة الاغتراب أبائنة الحضور أم بادية الاضطراب. كأني بك وقد استفزك وله السرور فصرفك عن مشاهدة الحضور وعاقتك غشاوة الاستعبار للاستبشار عن اجتلاء محيا ذلك النهار. جعلت لله نذرًا صومه أبدًا أفي به وأوفي شرط إيماني إذا ارتفعنا وزال البعد وانقطعت أشطان دهر قد التفت بأشطاني أعدده خير أعياد الزمان إذا أوطأني السعد فيه ترب أوطاني أرأيت كيف ارتياحي إلى التذكار وانقيادي إلى معللات توهمات الأفكار كأن البعد باستغراقها قد طويت شقته وذهبت عني مشقته وكأني بالتخيل بين تلك الخمايل أتنسم صباها وأتسنم رباها وأجتني أزهارها وأجتلي أوارها وأجول في خمايلها. وأتنعم ببكرها وأصايلها وأطوف بمعالمها وأتنشق أزهار كمايمها وأصيخ بإذن الشون إلى سجع حمايمها وقد داخلتني الأفراح ونالت مني نشوة الارتياح. ودنا السرور لتوسم ذهاب الأتراح. فلما أفقت من غمرات سكري ووثبت من هفوات فكري وجددت مرارة ما شابه لبي في استغراق دهري وكأني من حينئذ عالجت وقفة الفراق وابتدأت منازعة الأشواق وكأنما أغمضتني للنوم وسمح لي بتلك الفكرة الحلم: ذكر الديار فهاجه تذكاره وسرت به من حينه أفكاره فاحتل منها حيث كان حلوله بالوهم فيها واستقر قراره يا لقرب الآمال من هفواته لو أنه قضت بها أوطاره فإذا جيتها أيها القادم والأصيل قد خلع عليها بردًا مورسًا والربيع قد مد على القيعان منها سندسًا اتخذها فديتك معرسًا واجرر ذيولك فيها تبخترًا وبث فيها من طيب نفحاتك عنبرا وافتق عليها من نوافح أنفاسك مسكًا أذفرًا واعطف بعاطف بانها وارقص قضب ريحانها وصافح صفحات نهرها ونافح نفحات زهرها. هذه كلها أمارات وعن أسرار مقاصدي عبارات هنالك تنتعش بها صبابات تعالج صبابات تتعلل بإقبالك وتعكف على لثم أذيالك وتبدو لك في صفة الفاني المتهالك لاطفها بلطافة اعتلالك وترفق بها ترفق أمثالك فإذا أمالت بهم إلى هواك الأشواق ولووا إليك الأرؤس والأعناق وسألوك عن اضطرابي في الآفاق وتقلبي بين الأشآم والأعراق فقل لهم عرض له في أسفاره ما يعرض للبدر في سراره من سر السرار وطاق المحاق وقد تركته وهو يسامر الفرقدين ويساير النيرين وينشد إذا راعه البين: قد نكون وما يخشى تفرقنا واليوم نحن وما يرجى تلاقينا لم يفارق وعثاء الأسفار ولا ألقى من يده عصا التسيار يتهاداه للغور والنجد. ويتداوله الأرقال والوخد وقد لفحته الرمضاء وسيمه الإنضاء. فالجهات تلفظه والآكام تبهظه تحمل هومه الرواسم وتحفى به النواسم. ثم إذا استوفرا سؤالك عن حالي وتقلبي بين حالي حلي وترحالي وبلغت القلوب منهم الحناجر وملأت الدموع المحاجر وابتلت ذيولك بمائها لا بل تضرجت بدمائها فحيهم عني تحية منفصل وودعهم وداع مرتحل. ثم اعطف عليهم ركابك ومهد لهم جنابك وقل لهم إذا سألني عن المنازل بعد سكانها والربوع بعد ظعن أظعانها بماذا أجيبه وبماذا يسكن وجيبه فسيقولون لك هي البلاقع المقفرات التي أصبحت نكرات. سم صداها وعفى رسمها واستعجمت عن منطق السايل قل لهم كيف الروض وآسه وعماذا تتأرج أنفاسه عهدي به والحمام يردد أسجاعه والذباب يغني به هزجًا فيحك بذراعه ذراعه وغصونه تعتنق وأحشاء جداوله تصطفق وأسحاره تتنسم وآصاله تغتبق كما كانت بقية نضرته وكما عهدتها أنيقة خضرته وكيف التفاتة عن أزرق نهره وتأنقه في تكليل أكليله بيانع زهره. وهل رق نسيم آصاله وصفت موارد جداوله وكيف انفساح ساحاته والتفاف دوحاته وهل تمتد كما كانت مع العشي فينانة سرحاته. عهدي بها المديدة الظلال المزعفرة السربال فلم تحدق الآن به عيون نرجسه ولا سد بساط سندسه. وأين منه مجالس لذاتي ومعاهد غدواتي وروحاتي إذ أباري في المجون لمن أباري وأسابق إلى اللذات كل من يجاري. فسيقولون لك ذوت أفنانه وانقصفت أغصانه وتكدرت غدرانه وتغير ريحه وريحانه وأقفرت معالمه وأخرست حمايمه واستحالت به حلل خمايله وتغيرت وجوه بكره وأصايله. فإن صلصل حنين رعد فعن لبي لفراقه خفق وإن تلألأ برق فعن حر حشاي ائتلق وإن سحت السحب فمساعدة لجفني وإن طال بكاؤها فعني حياها الله منازل لم تثن الريح من أغصانها معطفًا أعاد الله الشمل فيها إلى محكم نظامه وجعل الدهر الذي فرقه يتأنق في أحكامه. وهو سبحانه يجبر الصدع ويعجل الجمع إنه بالإجابة جدير وعلى ما يشاء قدير. إيه بني كيف حال من استودعتهم أمانتك وألزمتهم صونك وصيانتك وألبستهم نسبك ومهدت لهم حسبك الله في حفظهم فهو اللائق بفعالك والمناسب لشرف خلالك إرع لهم الاغتراب لديك والانقطاع إليك فهم أمانة الله تعالى في يديك وهو سبحانه بحفظهم ويوالي بلحظك أسباب لحظهم وإن ذهبتم إلى معرفة الأحوال فنعم الله ممتدة الظلال وخيراته ضافية السربال لولا الشوق الملازم والوجد الذي سكن الحيازم. ووقفت من شعره على قصيدة من جملة رسالة أثبتها وهي: أللبرق يبدو تسطير الجوانح وللورق تشدو وتستهل السوابح وقلبي للبرق الخفوق مساعد ووجدي للورق الثكالى مطارح إذا البرق أورى في الظلام زنادي فللوجد في زند الصبابة قادح تنازعني منها للشجون فأشتكي ويكثر بثي عندها فأسامح أبت شجوني والحمام يصيخ لي ويسعدني فيما تبيح التبارح وتطرب أغصان الأراك فتنثني إلى صفحة النهر الثقيل تصافح فتبتسم الأزهار منها تعجبًا فتهدي إليها عرفها وتنافح كذلك حتى ماد عطف شغفي وطرفي أبدى هزة وهو مارح فلما التظى وجدي ترنم صاهلًا فقلت أمثلي يشتكي الوجد نابح صرفت عدو البيد أرخو عناننه وقلت له شمر فإنني سابح تهيأ لقطع البيد واعتسف السرى سيلقاك غيظان بها وممايح فحمحم لو يستطيع نطقًا لقال له بمثلي تلقى هذه وتكافح وحملتة عزمًا تعود مثله فقام به مستقبلا من يناطح ويممت بيدًا لم أصاحب لجوها سوى جلد لا يتقي منه فاضح وماضي الغرارين استجدت مضاه إذا جردت يوم الجلاد الصفايح وقد زأرت أسد تقحمت غيلها فقلت تعاوت إنها لنوايح وكم طاف بي للخبر من طايف بها فلم أصغ سمعًا نحوها وهو صايح ويعرض لي وجهًا دميمًا منظرًا شنيعًا له تبدو عليه القبايح فما راعني منه تلون حاله بل أيقظ عزمي فانثنى وهو كالح فلما اكتست شمس العشي شحوبها ومالت إلى أفق الغروب تنازح تسربلت للإدلاج جنح دجنة فها أنذا غرسي إلى القصد جانح فخضت ظلام الليل والنجم شاخص إلي بلخط طرفه لي لامح يرده شزرًا إلي كأنما علي له حقد به لا يسامح وراقب من شكلى السماك نظزيره خلا لزمكلى أعزل وهو رامح يخط وميض البرق لي منه أسطرًا على صفحة الظلماء فهي لوايح إذا خطها ما بين عيني لم أزل أكلف دمعي نحوها فهو طامح وما زلت سرًا في حشى النبل كامنًا إلى أن بدا من ناسم الصبح فاتح ومال الكرى بي ميلة سكنت لها على نصب الوعثاء مني الجوارح كمن أخذت منه الشمول بثارها فبات يشقى وهو ريان طافح وقربت الأحلام لي كل معمل فأدنته مني وهو في الحق نازح أرتني وجوهًا لو بذلت لقربها حياتي لمن بالقب منه يسامح لقل لها عمري وما ملكت يدي وحدثت نفسي أن تجرى رابح وما زلت أشكو بيننا غصص النوى وما طوحت بن في الزمان الطوايح فمنها ثغور للسرور بواسم لقربه ومنها للفراق نوايح تقربها الأحلام مني ودونها مهامه فيها للهجير لوافح وبحر طمت أمواجه وشآبيب وقفر به للسالكين جوامح قضيت حقوق الشوق في زورة للكرى فإن زيارات الشجون فوادح وعدت إلى شكوى البلاء ولم أزل أرددها والعذر مني واضح وما بلغت عني مشافهة الكرى تبلغها عني الرياح اللوافح قال شيخنا أبو بكر بن شبرين توفي بسجلماسة في صفر عام ستة عشر وسبعماية. ابن مقاتل محمد بن محمد بن عبد الله بن مقاتل من أهل مالقة يكنى أبا بكر. حاله من كتاب الإكليل: نابغة مالقية وخلق وبقية ومغربي الوطن أخلاقه مشرقية. أزمع الرحيل إلى المشرق مع اخضرار العود وسواد المفرق فلما توسطت السفينة اللجج وقارعت الثبج مال عليها البحر فسقاها كأس الحمام وأولدها قبل التمام وكان فيمن اشتملت عليه أعوادها وانضم على نوره سوادها جملة من الطلبة والأدباء وأبناء السراة الحسباء أصبح كل منهم مطيعًا لداعي الردى وسميعًا وأحيوا فرادى وماتوا جميعًا فأجروا الدموع حزنًا وأرسلوا العبرات عليهم مزنا. وكان البحر لما طمس سبل خلاصهم وسدها وأحال هضبة سفينتهم وهدها غار على نفوسهم النفيسة واستردها. والفقيه أبو بكر مع إكثاره وانقياد نظامه ونثاره لم أظفر من أدبه إلا بالقاليل التافه بعد وداعه وانصرافه. فمن ذلك قوله وقد أبصر فتى عاثرًا: زلت له قدم فأصبح عاثرًا بين الأنام لعا لذاك عثارا لو كنت أعلم ما يكون فرشت في ذاك المكان الخد والأشفارا وقال متغزلا: أيا لبنى الرفاء تنضى ظباؤهم جفون ظباهم والفؤاد كليم لقد قطع الأحشاء منهم مهفهف له التبر خد واللجين أديم يسدد إذ يرمى قسى جواجب وأسهمها من مقلتيه تسوم وتسقمني عيناه وهي سقيمة ومن عجب سقم جناه سقيم ويذبل جسمي في هواه صبابة وفي وصله للعاشقين نعيم توفي في حدود أخريات عام تسعة وثلاثين وسبعماية غريقًا بأحواز الغبطة من ساحل ألمرية. ابن صفوان القيسي محمد بن أحمد بن أحمد بن صفوان القيسي ولد الشيخ أبي الطاهر من أهل مالقة. من كتاب الإكليل: نبل فطن متحرك ذهن كان أبوه رحمه الله يتبرم بجداله ويخشى مواقع رشق نباله ويشيم بارق الاعتراض في سؤاله فيشفق من اختلال خلاله إذ طريقه إنما هي أذواق لا تشرح وأسرار لا تفضح. وكان ممن اخترم وجد حبل أمله وصرم فأفل عقب أبيه وكان له أدب يخوض فيه. فمن ذلك وقد أبصر فتى وسيما على ريحانه: بدر تجلى على غصن من الآسى يبري ويسقم فهو الممرض الآسى عادى المنازل إلا القلب منزلة فماله وجميع الناس من ناس وقال: يا عالما بالسر والجهر وملجأى في العسر واليسر جد لي بما أملته منك يا مولاي واجبر بالرضا كسري |
ابن محمد البلوي محمد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد البلوي من أهل ألمرية يكنى أبا عبد الله ويعرف بنسبه وقد مر ذكر أبيه ي العمال. حاله هذا الرجل من أبناء النعم وذوي البيوتات كثير السكون والحياء آل به ذلك أخيرًا للولوثة لم يستفق منها لطف الله به. حسن الخط مطبوع الأدب سيال الطبع معينه. وناب عن بعض القضاة وهو الآن رهين ما ذكر يتمنى أهله وفاته والله ولي المعافاة بفضله. وجرى ذكره في الإكليل بما نصه: من أولى الخلال البارعة والخصال خطا رايقا ونظما بمثله لايقًا ودعابة يسترها بحبهم وسكوتًا فيطيه إدراك وتفهم. عني بالرواية والنقيد ومال في النظم إلى بعض التوليد وله أصالة ثبتت في السرو عروقها وتألقت في سما المجادة بروقها وتصرف بين النيابة في الأحكام الشرعية وبين الشهادات العملية المرعية. شعره ومن شعره فيما خاطبني به مهنئًا في إعذار أولادي أسعدهم الله افتتح ذلك بأن قال. قال يعتذر عن خدمة الأعذار ويصل المدح والثنا على بعد الدار وذلك بتارخ الوسط من شعبان في عام تسعة وأربعين وسبعمائة: لا عذر لي عن خدمة الإعذار وإن نأى وطني وشط مزاري أو عاقني عنه الزمان وصرفه نقض الأمان عادة الأعصار قد كنت أرغب أن أفوت بخدمتي وأخطر حلى عند باب الدار باب المسرة بالضبع وأهله متشمرًا فيه بفضل إزار من شاء أن يلقى الزمان وأهله ويرى جلا الإشعاع في الأفكار فليأت حي ابن الخطيب ملبيا فيفوز بالإعظام والإكبار كم ضم من جيد كرام فضلهم يسمو ويعلو في ذوي الأقدار إذ حيث ناديه فقف عني وقل نلت المنى بتلطف ووقار يا من له الشرف القديم ومن له الحب الصميم العد يوم فحار يهنيك ما قد نلت من أمل به في الفرقدين النيرين يسار نجلاك قطبا كل تجر باذخ أملان مرجوان في الاعتبار عبد الإله وصنوه قمر العلا فرعان من أصل زكا وبحار زاكي الأرومة مغرق في مجده جم الفضايل طيب الأخبار رقت طبايعه وراق جماله فكأنما خلقا من الأزهار وجلت شمايل حسنه فكأنما خلعت عليه رقة الأسحار فإذا تكلم قلت ظل ساقط أو وقع در من نحور جوار أو فت مسك الحبر في قرطاسه بالروض غب الواكف المدرار تتسم الأقلام بين بنانه فيريك نظم الدر في الأسطار فتخال من تلك البنان كأنما نهلت تفتح ناضر النور تلقاه فياض الندى متهللا يلقاك بالبشر والاستبشار بحر البلاغة قسها وأيادها سحبانها خبر من الأخبار إن ناظر العلماء فهو أمامهم شرف المعارف واحد النظار أربى على العلماء بالصيت الذي قد كان في الآفاق كل مطار ما ضره إن لم يجئ متقدمًا السبق يعرف آخر المضمار جاءتك من خجل على قدم الحيا قد طيبت بثنايك المعطار وأنت تؤدي بعض حق واجب عن نازح الإمكان والأفكار مدت يد التطفيل نحو علاكم فتوحشت من جودكم بنضار فابذل لها في النقد صفحك إنها شكوى التقصير في الأشعار لا زلت في دعة وعز دايم ومسرة تترى مع الأعصار ومن السلطانيات قوله من قصيدة نسيبها: تبسم ثغر الدهر في القضب الملد فأذكى الحيا خجلة وجنة الورد ونبه وقع الطل ألحاظ نرجس فمال الوسنان وعاد إلى الشهد ونم سبر الروض في مسكة الدجا نسيم شذا الخير كالمسك والند وغطى ظلام الليل حمرة أفقه كما دار مسود العذار على الخد وياتت قلوب الشهب تخفق رقة لما حل بالمشتاق من لوعة الوجد وأهمى عليه الغيم أجفان مشفق بذكره فاستمطر الدمع للخد فقال اتيد يا صاح مالك ملجأ سوى الملك المنصور في الرفق والرفد ومما خاطبني به قوله: عللوني ولو بوعد محال وحلوني ولو بطيف خيال واعلموا أنني أسير هواكم لست أنفك إلا عن عقال فدموعي من بينكم في انسكاب وفؤادي من سحركم في اشتغال يا أهيل الحمى كفاني غرامي حسبي بما قد جر. . . . . . . ال من مجيري من لحظ ريم ظلوم حلل الهجر بعد طيب الوصال ناعس الطرف أسمر الجفن مني طال منه الجوى بطول الليال بابلي اللحاظ أصمى فؤاده ورماه من غنجه بنبال وكما الجسم من هواه نحولا قصده في النوى بذاك النحال ما ابتدا في الوصال يومًا بعطف مذ روى في الغرام باب اشتغال ليس لي منه في الهوى من محبر غير تاج العلا وقطب الكمال أو دجا الخطب فيهو فيه شهاب راية الصبح في ظلل الضلال أوينا العضب فهو في الأمن ماض صادق العزم ضيق المجال لست تلقى مثاله في زمان جل في الدهر يا أخى عن مثال قد نأى حبي له عن دياري لا لجدوى ولا لنيل نوال لكن اشتقت أن أرى منه وجهًا نوره فاضح لنور الهلال وكما همت فيه ألثم كفا قد أتت بالنوال قبل السؤال سألها ابن الخطيب هذرًا أجابت تلثم النعل قبل شسع النعال وتوفي حق الوزارة عمن هو ملك لها على كل حال محمد بن محمد بن الشديد من أهل مالقة يكنى أبا عبد الله. حاله ذكر في الإكليل بما نصه: شاعر مجيد حوك الكلام ولا يقصر فيه عن درجة الأعلام. رحل إلى الحجاز لأول أمره فطال بالبلاد المشرقية ثواؤه. وعميت أنباؤه وعلى هذا العهد وقفت له على قصيدة بخطه غرضها نبيل ومرعاها غير وبيل تدل على نفس ونفس وإضاءة قبس. وهي: لنا في كل مكرمة مقام ومن فوق النجوم لنا مقام روينا من مياه المجد لما وردناها وقد كثر الزحام ومنها: فنحن هم وقل لي من سوانا لنا التقديم قدمًا والكلام لنا الأيدي الطوال بكل ضرب يهز به لدى الروع الحسام ونحن اللابسون لكل درع يصيب الشمس منهن انثلام ثوى منها قلوب الروم خوفًا يخوف منه في المهد الغلام حمينا جانب الدين احتسابا فها هو لا يهان ولا يضام وتحت الراية الحمراء منا كتايب لا تطلق ولا ترام بنو نصر وما أدراك ماهم أسود الحرب والقوم الكرام لهم في حربهم فتكات عمرو فللأعمار عندهم انصرام يقول عداتهم مهما ألموا أتونا ما من الموت اعتصام إذا شرعوا الأسنة يوم حرب فحقق أن ذاك هو الحمام كأن رماحهم فيها نجوم إذا ما أشبه الليل الغمام أناس تخلف الأيام ميتًا بحي منهم فلهم دوام رأينا من أبي الحجاج شخصًا على تلك الصفات له قيام موقى العرض محمود السجايا كريم الكف مقدام همام يجول بذهنه في كل شيء فيدركه وإن عز المرام تطوف ببيت سؤدده القوافي كما قد طاف بالبيت الأنام وتسجد في مقام علاه شكرا ونعم الركن ذلك والمقام أفارسها إذا ما الحرب أخنت على أبطالها ودنا الحمام وممطرها إذا ما السحب كفت وكف أخي الندى أبدًا غمام لك الذكر الجميل بكل قطر لك الشرف الأصيل المستدام لقد جينا البلاد فحيث سرنا رأينا أن ملكك لا يرام فضلت ملوكها شرقًا وغربًا وبت لملكها يقظًا ونام فأنت لكل معلوة مدار وأنت لكل مكرمة إمام جعلت بلاد أندلس إذا ما ذكرت تغار مصر والشآم مكان أنت فيه مكان عز وأوطان حللت بها كرام وهبتك من بنات الفكر بكرا لها من حسن لقياك ابتسام فنزه طرف مجدك في حلاها فللمجد الأصيل بها اهتمام ابن أبي الخصال الغافقي محمد بن مسعود بن خالصة بن فرج بن مجاهد ابن أبي الخصال الغافقي الإمام البليغ المحدث الحجة يكنى أبا عبد الله. أصله من فر غليط من شقورة من كورة جيان وسكن قرطبة وغرناطة. حاله قال ابن الزبير عند ذكره: ذو الوزارتين أبو عبد الله بن أبي الخصال كان من أهل المعارف الجمة والإتقان لصناعة الحديث والمعرفة برجاله والتقييد لغريبه وإتقان ضبطه والمعرفة بالعربية واللغة والأدب والنسب والتاريخ متقدمًا في ذلك كله. وأما الكتابة والنظم فهو إمامهما المتفق عليه والمتحاكم فيهما إليه. لوما ذكره أبو القاسم الملاحي بنحو ذلك قال: لم يكن في عصره مثله مع دين وفضل وورع. قال أبو عمرو بن الإمام الإستنجي في سمط الجمان لما ذكره: البحر الذي لا يماتح ولا يشاطر والغيث الذي لا يساجل ولا يقاطر والروض الذي لا يفاوح ولا يعاطر والطود الذي لا يزاحم ولا يخاطر الذي جمع أشتات المحاسن على ماء غير ملح ولا آسن وكثرت فواضله فأمنت المماثل والمحاسن الذي قصرت البلاغة على محتده وألقيت أزمة الفصاحة في يده وتشرفت الخطابة والكتابة باعتزائهما إليه فنثفل كنانتها وأرسل كماينها وأوضح أسرارها ودفاينها فحسب الماهر التحرير والجهبذ العلامة البصير إذا أبدع في كلامه وأينع في روض الإجادة نثاره ونظامه وطالت قنى الخطية الذبل أقلامه أن يستنير بأنواره ويقتضي بعض مناهجه وآثاره وينثر على أثوابه مسك غباره وليعلم كيف يتفاضل الخبر والإنشاء ويتلو إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشأ. وعضة العقور أبو نصر في قلائده. حيث قال هو وإن كان خامل المنشأ نازله لم ينزله المجد مناله ولا فرع للعلاء هضابا ولا ارتشف للسنا رضابا فقد تميز بنفسه وتحيز من أبناء جنسه وظهر بذاته وفخر بأدواته. مشيخته قال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير في الصلة روى عن الغساني والصدفي وأبي الحسن بن الباذش وأبي عمران بن تليد وأبي بحر الأسدي وأبي عبد الله النفزي وجماعة غيرهم. تواليفه قال الأستاذ وأما كتبه وشعره وتواليفه الأدبية فكل ذلك مشهور متداول بأيدي الناس وقل من يعلم بعده أن يجتمع له مثله رحمه الله. من روى عنه روى عنه ابن بشكوال وابن حبيش وابن مضاء وغيرهم وكل ذلك ذكره في رحاله وهو أعرف بتقدمه في احتفاله. شعره وله شعر كثير. فمن إخوانياته ما خاطب به أبا إسحق بن خفاجة: هب النسيم هبوب ذي إشفاق يذهبن الهوى بجناحه الخفاق وكأنما صبح الغصون بنشوة باحت لها سراير العشاق وإذا تلاعبت الرياح ببانه لعب الغرام بمهجة المشتاق مه يا نسيم فقد كبرت عن الصبا لم يبق من تلك الصبابة باق إن كنت ذاك فلست ذاك ولا أنا قد أذنتك مفارقي بفراق ولقد عهدت سراك من عدد الهوى والموت في نظري وفي استنشاق في حيث قسمت المدامة قسمة ضيزى لأن السكر من أخلاق لا ذنب للصهباء أني غاضب ولذاك قام السكر باستحقاق ولقد صددت الكأس فانقبضت بها من بعدما انبسطت يمين الساق وتركت في وسط الندامى خلة هامت بها الوسطى من الأعلاق فاستسرفوني مذكرين وعندهم أني أدين اللهو دين نفاق وحبابها نفث الحباب وربما سدكت يد الملسوع منه براق وكأنه لما توقر من فوقها نور تجسم من ندى الأحداق لو بارح نفح النوى في روضة فأثارها وسرى عن الأحداق ولقد جلوا والله يدرأ كيدهم فتأنة الأوصاف والأعراق أغوى بها إبليس قدمًا أدمًا وهي السر يرتمي في هواها الباق تالله أصرف نحوها وجد الرضا لو شعشعت برضا أبي إسحاق وافت بها عاطلا وقد لبست غلالة فصلت من الحدق فأجابها الدهر من بنيه دجا لقيته كالإصباح في نسق قامت لنا في المقام أوجههم وراحهم بالنجوم والشفق وأطلع البدر من ذرى غصن تهفو عليه القلوب كالورق من عبد شمس بدا سناه وهل ذاك النور إلا لذاك الأفق مد بحمراء من مدامته بيضاء كف مسكية العبق فخلتها وردة منعمة تحمل من سوسن على طبق نشرت في الراح حين نشرتها ما غادرت مقلتاه من رمتي وقال: يا حبذا ليله لنا سلفت أغرت بنفسي الهوى وما عرفت دارت بظلمائها المدام فكم نرجسة من بنفسج قطفت وقال في مغن زار بعده أغب وشط المزار. وافي وقد عظمت علي ذنوبه في غيبة قبحت بها آثاره ألم تعلموا والقلب رهن لديكم يخبركم عني بمضجره بعدي فلو قلبتني الحادثات مكانكم لأنهبتها وفرى واو دلاتها خدي ألم تعلموا أني وأهلي وواحد فدا ولا أرضى بتفدية وحدي ومن قوله في غرض المدح يخاطب تاشفين بن علي ويذكر الوقعة بكركي يقول فيها: الله أعطاك فتحًا غير مشترك ورد عزمك عن فوت إلى درك أرسل عنان جواد أنت راكبه واضمم يديك ودعه في يد الملك حتى يصير إلى الحسني على ثقة يهدي سبيلك هاد غير مؤتعك قد كان بعدك للأعداء مملكة حتى استدرت عليهم كورة الفلك سارت بك الجردا وطار القضا بها والحين قد قيد الأعداء في شرك فما تركت كميا غير منعفر ولا تركت نجيعًا غير منسفك ناموا وما نام موتور عل حنق أسدى إذا فرصة من السلك فصبحتهم جنود الله باطشة والصبح من عبرات الفجر في مسك فالطير عاكفة والوحش واقفة فد أثقلتها لحوم القوم عن حرك عدت على كل عاد منهم أسر بعثه في حنجر رحب وفي حنك كلي هينئًا مريئًا واشكري ملكًا قرنك أسيافه في كل معترك فلو تنضدت الهامات إذ نشرت بالقاع للغيظان بالنبك أبرح وطالب بباقي الدهر ماضيه فيوم بدر أقامه الفيئ في فدك وكم مضى لك من يوم بنت له في ماقط برماح الحظ مشتبك بالنقع مرتكم بالموت ملتيم بالبيض مشتمل بالشمر محتبك فحص القباب إلى فحص الصعاب إلى أريولة مداسات إلى السكك وكم على حبر محمود وجارته للروم من مرتكل غير مترك وفيت للصغر حتى قيل قد غدروا سموت تطلب نصر الله بالدرك فأسلمتهم إلى الإسلام غدوتهم وأذهب السيف ما بالدن من حنك يا أيها الملك السامي بهمته إلى رضي الله لا تعدم رضى الملك فأخلدك ولمن والاك طاعته خلود بر بتقوى الله ممتسك وافيت والغيث زاخر قد بكا طربًا لما ظفرت وكم بلله من الضحك وتمم الله ما أنشأت من حسن بكل منسبك منه ومنتمك وعن قريب تباهى الأرض من زهير سماها بها غضة الحبك فعد وقد واعتمد وأحمد وسد وأبد وقل وصل واستطل واستول وانتهك وحسبك الله فردًا لا نظير له تغنيك نصرته عن كل مشترك ومن قوله في غرض الرثاء يرثي الفقيد أبا الحسن بن مغيث: الدهر ليس على حر بمؤتمن وأي علق تخطته يد الزمن يأتي العفا على الدنيا وساكنها كأن أدبر لم يسكن إلى سكن يا باكيا فرقة الأحباب عن شحط هلا بكيت فراق الروح للبدن نور تقيد في طين إلى أجل وانحاز عنوًا وخلى الطين في الكفن كالطير في شرك يسمو إلى درك حتى تخلص من سقم ومن درن أتى إلى الله لا سمع ولا بصر يدعو إلى الرشد أو يهدي إلى السنن في كل يوم فراق لا بقاء له من صاحب كرم أو سيد قمن أعيا أبا حسن فقد الذين مضوا فمن لنا بالذي أعيا أبا حسن كأن البقية في قوم قد انقرضوا فهاج ما شاء ذاك القرن من شجن يعد فدًا وفي أثوابه رمز من كل ذي خلق عمرو وذي فطن وإن من أوجدتنا كل مفتقد حياته لعزيز الفقد والظعن من للملوك إذا خفت حلومها بما يقاوم ذاك الطيش من سكن ومنها: يا يونس لا تسر أصبحنا لوحشتنا نشكو اغترابًا وما بنا عن الوطن ويا مطاعا مطيعًا لا عناد له في كل أمر على الإسلام مؤتمن كم خطت كارتجاج البحر مبهمة فرجتها بحسام سل من لسن طود المهابة في الجلا وإن جذبت عنانة خلوة هزت ذرى وتر تجملت بك في أحسابها مضر وأصل مجدك في جرثومة اليمن من دولة حولها الأنصار حاشدة في طامح شامخ الأركان والقنن من الذين هم رووا وهم نصروا من عيسة الدين لا من جذوة الفتن إن يبد مطلع منهم ومستمع فارغب بنفسك عن لحظ وعن أذن ما بعد منطقه وشي ولا زهر ولا لأعلاق ذاك الدر من ثمن أقول وفينا فضل سودده استغفر الله ملء السر والعلن محمد ومغيث نعم ذا عوضًا هما سلالة ذاك العارض الهتن تقيلا هديه في كل صالحة نصر السوابق عن طبع وعن مرن ما حل حبوته إلا وقد عقدا حبًا بما اختار من أيد ومن منن غر الأحبة عند حسن عهدهما وإن يونس في الأثواب والجنن علمًا وحلمًا وترحيبًا وتكرمة للزايرين وإغضاء على زكن يا وافد الغيث أوسع قبره نزلا ورومًا حول ذاك الديم من ثكن ومن شعره قوله مخمسًا كتب بها وقد أقام بمراكش يتشوق إلى قرطبة: بدت لهم بالغور والشمل جامع بروق بأعلام العذيب لوامع فباحت بأسرار الضمير المدامع ورب غرام لم تنله المسامع أذاع بها من فيضها التصويب. ألا في سبيل الشوق قلب مؤثل بركب إذا شاء والبروق تحمل هو الموت إلا إنني أتحمل إذا قلت هذا منهل عز منهل وراية برق نحوها القلب يجنب. أبى الله إما كل بعد فثابت وإما دنو الدار منهم ففايت ولا يلفت البين المصمم لافت ويا رب حي البارق المتهافت غراب بتفريق الأحبة ينعب. خذوا بدمي ذاك الوسيق المضرجا وروضًا بغيض العاشقين تأرج عفى الله عنه قاتلًا ما تحرجا تمشي الردى في نشره وتدرجا ويلمه بالذكر طورًا ويشعب رماني على قرب بشرخ ذكائه فأعشت جفوني نظرة من ذكايه وغصت بأدنى شعبة من سمايه شعابي وجا البحر في غلوئه فكل قرب ردع خديه يركب ألم يأته أني ركنت قعودًا وأجمعت عن وفز الكلام قعودا ولم أعتصر للذكر بعدك عودا وأزهقني هذا الزمان صعودا فربع الذي بين الجوانح سبسب. على تلك من حال دعوت سميعا وذكرت روضًا بالعقاب مريعا وتملأ الشعب المذحجي جميعًا وسربًا بأكناف الرصافة ريعا وأحدق عين بالحمام تقلب ولم أنس ممشانا إلى القصر ذي النخل بحيث تجافي الطود عن دمث سهل وأشرف لا عن عظم قدر ولا فضل ولكنه للملك قام على رجل يبكي وتبكي للزايرين وتندب. وكم لك بالزهراء من متردد ووقفة متسق المجامع مقصد يسكن من خفق الجوانح باليد ويهتك حجب الناصر بن محمد ولا هيبة تخشبي هنالك وترهب. لنعم مقام الخاشع المتنسك وكانت في محل العبشمين المملك متى يورد النفس العزيزة يسفك وإن يسم نحو الأبلق الفرد يملك وأي مرام رامه يتصعب قصور كان الماء يعشق مبناها فطورًا يرى تاجًا بمفرق أعلاها وطورًا يرى خلخال أسوق سفلاها إذا زل وهنًا عن ذوايب يهواها يقول هوى بدرًا أو انقض كوكب أتاها على رغم الجبال الشواهق وكل منيف للنجوم مراهق وكم دفعت في الصدر منه بعانق فأودع في أحشائها والمفارق وأسباب هذا الحسن قد تتشعب فأين الشموس الكالفات بها ليلًا وأين الغصون المائسات بها ميلا وأين الظبا السابحات بها ذيلا وأين الثرى رجلا وأين الحصا خيلا فوا عجبا لو أن من يتعجب كم احتضنت فيها القيان المزاهرا وكم فاوحت فيها الرياض المجامرا وكم ساهرت فيها الكواكب سامرا وكم قد أجاب الطير فيها المزامرا عظيم من الدنيا شعاع مطنب كأن لم يكن يقضي بها النهي والأمر ويجبي إلى خزائنها البر والبحر ويسفر مخفورًا بذمتها الفخر ويصبح مختومًا بطينتها الدهر وأيامه تعزي إليها وتنسب ومالك عن ذات القسي النواضج وناصحة تعزى قديمًا لناصح وذي أثر على الدهر واضح يخبر عهد هنالك صالح وإلا فإن الفضل منه مجرب كأنهما في الطيب كانا تنافرا فسارا إلى وصل القضاء وسافرا ولما تلاقى السابقان تناظرا فقال ولي الحق مهلًا تظافرا فكلكما عذب المجاجة طيب ألم يعلما أن اللجاج هو المقت وأر الذي لا يقبل النصف منبت وما منكما إلا له عندنا وقت فلما استبان الحق واتجه السمت تقشع من نور المودة غيهب. وإن لها بالعامرية لمظهرا ومستشرفًا يلهي العيون ومنظرًا وروضنا على شطي خضارة أخضرا وجو سق ملك قد علا وتجبرا له ترة عند الكواكب تطلب غيره في عنفوان الموارد وأثبته في ملتقى كل وارد وأبرزه للأريحي المجاهد وكل فتى عن حرمة الدين زايد فردعته في القلب تسرى وترهب أوليك قوم قد مضوا وتصدعوا قضوا ما قضوا من أمرهم ثم ودعوا فهل لهم ركز يحس ويسمع تأمل فهذا ظاهر الأرض بلقع إلفا أنهم في بطنها حيث غيب. |
الساعة الآن 11:24 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |