منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   كتاب العبر في خبر من غبر / الإمام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=2192)

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 08:52 PM

سنة سبع وأربعمائة فيها سقطت القبة العظيمة التي على صخرة بيت المقدس‏.‏
وفيها هاجت فتنة مهولة بواسط بين الشَّيعة والسنّة‏.‏
ونهبت دور الشيعة وأحرقت وهربوا وقصدوا علي بن مزيد واستنصروا به‏.‏
وفيها توفي أبو بكر الشيرازي أحمد بن عبد الرحمن الحافظ مصنّف كتاب‏:‏ ‏[‏الألقاب‏]‏ كان أحد من عني بهذا الشأن وأكثر الترحال في البلدان ووصل إلى بلاد الترك وسمع من الطَّبراني وطبقته‏.‏
قال عبد الرحمن ابن مندة‏:‏ مات في شوال‏.‏
وعبد الملك بن أبي عثمان أبو سعيد النيسابوري الواعظ القدوة المعروف بالخركوشي صنّف كتاب ‏[‏الزهد‏]‏ وكتاب ‏[‏دلائل النبوة‏]‏ وغير ذلك‏.‏
قال الحاكم‏:‏ لم أرَ أجمع منه علمًا
وتواضعًا وإرشادًا إلى الله زاده الله توفيقًا وأسعدنا بأيامه‏.‏
روى عن حامد الرفّا وطبقته وتوفي في جمادى الأولى‏.‏
ومحمد بن أحمد بن شاكر القطّان أبو عبد الله البصري مؤلف ‏[‏فضائل الشافعي‏]‏ في المحرم روى عن عبد الله بن جعفر بن الورد وطائفة‏.‏
وأبو الحسين المحاملي محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل الضبِّي البغدادي الفقيه الشافعي الفرضي شيخ سليم الرازي‏.‏
روى عن إسماعيل الصفّار وطائفة‏.‏
والوزير فخر الملك أبو غالب بن الصيرفي الذي صنف ‏[‏الفخري‏]‏ في الجبر والمقابلة باسمه وكان جوادًا ممدّحًا كبير القدر كامل السؤدد قتله مخدومه سلطان الدولة صاحب العراق ظلمًا وله ثلاث وخمسون سنة‏.‏
وقد كانت بغداد انغمرت بعدله وحسن سياسته وكان أبوه صيرفيًّا بواسط‏.‏
سنة ثمان وأربعمائة فيها وقعت فتنة عظيمة بين السنّة والشيعة وتفاقمت وقتل طائفة من الفريقين وعجز صاحب الشرطة عنهم وقاتلوه فأطلق النيران في سوق نهر الدجاج‏.‏
وفيها استتاب القادر بالله - وكان صاحب ستة - طائفة من المعتزلة والرافضة وأخذ خطوطهم بالتوبة وبعث إلى السلطان محمود بن سبكتكين يأمره ببثّ السنة بخراسان ففعل ذلك وبالغ وقتل جماعة ونفى خلقًا كثيرًا من المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والجهمية والمشبّهة وأمر بلعنهم على المنبر‏.‏
وفيها قتل الدُّرزي وقطِّع لكونه ادعى ربوبية الحاكم‏.‏
وفيها توفي ابن ثرثال أبو الحسن أحمد بن عبد العزيز بن أحمد التميمي البغدادي في ذي القعدة بمصر وله إحدى وتسعون سنة‏.‏
روى عن المحاملي ومحمد بن مخلد‏.‏
وله جزء واحد رواه عنه الصوري والحبّال‏.‏
وابن البيِّع أبو محمد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى البغدادي المؤدِّب صاحب المحاملي‏.‏
وثّقه الخطيب ومات في رجب‏.‏
واليزدي أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني محدِّث أصبهان‏.‏
روى عن محمد بن الحسين القطان والأصم وطبقتهما‏.‏
وتوفي في رجب‏.‏
وأبو الفضل الخزاعي محمد بن جعفر بن عبد الكريم الجرجاني المقرئ مصنف كتاب ‏[‏الواضح‏]‏ وكان كثير التطواف في طلب القراءات أخذ عن الحسن بن سعيد المطوِّعي وطبقته وكان غير وأبو عمر البسطامي محمد بن الحسين بن محمد بن الهيثم الفقيه الشافعي قاضي نيسابور وشيخ الشافعية بها رحل وسمع الكثير ودرّس المذهب وأملى عن الطَّبراني وطبقته توفي في ذي القعدة‏.‏
سنة تسع وأربعمائة فيها توفي أبو الحسين بن المتيم أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد البغدادي الواعظ في جمادى الآخرة‏.‏
له جزء شهور‏.‏
روى عن المحاملي وجماعة‏.‏
وابن الصَّلت الأهوازي أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصلت ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وسمع من المحاملي وابن عقدة وجماعة‏.‏
وهو ثقة‏.‏
وعبد الله بن يوسف بن مامويه الشيخ أبو محمد المعروف بالأصبهاني وإنما هو أردستاني نزل نيسابور وكان من كبار الصوفية وثقات المحدثين الرحّالة روى عن أبي سعيد بن الأعرابي ومحمد بن الحسين القطّان وجماعة‏.‏
توفي في رمضان وله أربع وتسعون سنة‏.‏
وعبد الغني بن سعيد بن علي الحافظ الكبير النسابة أبو محمد الأزدي المصري صاحب التصانيف في سابع صفر وله سبع وسبعون سنة‏.‏
روى عن عثمان بن محمد السمرقندي وإسماعيل بن الجراب وطبقتهما‏.‏
ورحل إل الشام فسمع من الميانجي وطبقته‏.‏
وكان الدَّراقطني يفخم أمره ويرفع ذكره ويقول‏:‏ كأنه شعلة نار‏.‏
وقال منصور الطوسي‏:‏ خرجنا نودع الدارقطني بمصر فبكينا فقال‏:‏ تبكون وعندكم عبد الغني وفيه الخلف‏.‏
وقال البرقاني‏:‏ ما رأيت بعد الدارقطني أحفظ من عبد الغني‏.‏
والقاسم بن أبي المنذر الخطيب أبو طلحة القزويني‏.‏
راوي سنن ابن ماجة عن أبي الحسن القطان عنه‏.‏
توفي في هذا العام أو في الذي بعده‏.‏
سنة عشرة وأربعمائة فيها افتتح ابن سبكتكين الهند وقهر عبّاد البد وأسلم نحو من عشرين ألفًا وقتل من الكفار نحو خمسين ألفًا وهدم مدينة الأصنام‏.‏
وبلغ الخمس من الرقيق فقط ثلاثة وخمسين ألفًا واستولى على عدّة قلاع وحصون ومما حصل من الورق عشرون ألف ألف درهم إلى أمثال ذلك‏.‏
وكان جيشه ثلاثين ألف فارس سوى الرجّالة والمطوِّعة‏.‏
وفيها توفي أحمد بن موسى بن مردويه أبو بكر الحافظ الأصبهاني صاحب التفسير والتاريخ والتصنيف لست بقين من رمضان وقد قارب التسعين سمع بأصبهان والعراق‏.‏
وروى عن أبي سهل ابن زياد القطّان وطبقته‏.‏
وعبد الرحمن بن عمر بن نصر أبو القاسم الشيباني الدمشقي المؤدب في رجب روى عن خيثمة وطبقته واتهموه في لقي أبي إسحاق ابن أبي ثابت ويذكر عنه الاعتزال‏.‏
وابن بالويه المزكَّي أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه النيسابوري آخر من روى عن محمد بن الحسين القطّان‏.‏
وكان ثقة نبيلًا وجيهًا توفي فجأة في شعبان وكان يملي في داره‏.‏
وابن بابك الشاعر المشهور واسمه عبد الصمد بن منصور بن بابك ديوانه في ثلاث مجلدات‏.‏
وقد قال له الصاحب إسماعيل بن عبَّاد‏:‏ أنت ابن بابك فقال له‏:‏ ابن بابك‏.‏
فأعجبه قوله كثيرًا‏.‏
وابو عمر بن مهدي عبد الواحد بن محمد بن عبد الله الفارسي ثم البغدادي البزاز آخر أصحاب المحاملي وابن مخلد وابن عقدة‏.‏
قال الخطيب‏:‏ ثقة‏.‏
توفي في رجب وله اثنتان وتسعون سنة‏.‏
والقاضي أبو منصور محمد بن محمد بن عبد الله الأزدي الهروي شيخ الشافعية بهراة ومسند البلد رحل وسمع ببغداد من أحمد بنىعثمان الأدمي وبالكوفة من ابن دحيم وطائفة توفي
وأبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي الفقيه الشافعي عالم نيسابور ومسندها‏.‏
ولد سنة سبع عشرة وثلاثمائة وسمع سنة خمس وعشرين من أبي حامد بن بلال ومحمد بن الحسين القطّان وعبد الله بن يعقوب الكرماني وخلق‏.‏
وأملى ودرَّس وكان قانعًا متعففًا له مصنف في علم الشروط توفي في شعبان وقد روى عنه الحاكم مع تقدُّمه‏.‏
وهبة الله بن سلامة أبو القاسم البغدادي المفسر مؤلف كتاب‏:‏ ‏[‏الناسخ والمنسوخ‏]‏‏.‏ وهو جدّ رزق الله التميمي لأمه كان من أحفظ الأئمة للتفسير وكان ضريرًا له حلقة بجامع المنصور‏.‏
سنة إحدى عشرة وأربعمائة فيها كان الغلاء المفرط بالعراق حتى أكلوا الكلاب والحمر‏.‏
وفيها أبو نصر النرسي أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون البغدادي الصدوق العبد الصالح‏.‏
روى عن ابن البختري وعلي بن إدريس الستوري‏.‏
والحاكم بأمر الله أبو علي منصور بن عبد العزيز بن نزار بن المعزّ العبيدي صاحب مصر والشام والحجاز والمغرب فقد في شوال وله ست وثلاثون سنة جهزت أخته ست الملك عليه من قتله وكان شيطانًا مريدًا خبيث النفس متلوَّن الاعتقاد سمحًا جوادًا سفاكًا للدماء قتل خلقًا كثيرًا من كبراء دولته صبرًا وأمر بشتم الصحابة وكتبه على أبواب المساجد وأمر بقتل الكلاب حتى لم يبق بمملكته منها إلا القليل وأبطل الفقَّاع والملوخيّة والسمك الذي لا فلوس له وأتى بمن باع ذلك سرً فقتلهم ونهى عن بيع الرطب ثم جمع منه شيئًا عظيمًا فأحرقه وأباد أكثر الكروم وشدّد في الخمر وألزم أهل الذمّة بحمل الصُّلبان والقرامي في أعناقهم كما تقدم وأمرهم بلبس العمائم السود وهدم الكنائس ونهى عن تقبيل الأرض له ديانة منه وأمر بالسلام فقط وبعث إليه باديس عامله على المغرب ينكر عليه فأخذ في استمالته وحمل في كمّه الدفاتر ولزم التفقُّه وأمر الفقهاء ببثّ مذهب مالك واتخذ له مالكيين يفقهانه ثم ذبهما صبرًا ثم نفى المنجمين من بلاده وحرَّم على النساء الخروج فما زلن ممنوعات سبع سنين وسبعة أشهر حتى قتل ثم تزهَد وتألَّه ولبس الصوف وبقي يركب حمارًا ويمرُّ وحده في الأسواق ويقيم الحسبة بنفسه ويقال إنه أراد أن يدّعي الإلهية كفرعون وشرع في ذلك فخوّفه خواص دولته من زوال دولته فانتهى وكان المسلمون والذمَّة في ويل وبلاء شديد معه حتى إنه أوحش أخنه بمراسلات قبيحة وأنها تزني بطليب بن دوّاس القائد وكان خائفًا من الحاكم فاتفقت معه على قتل الحاكم وسيرته طويلة عجيبة‏.‏
وأقامت أخته بعده ولده الظاهر علي بن منصور وقتلت ابن دواس وسائر من اطلع على سرّها وأعدمت جيفة الحاكم ولم يجدوا إلاَّ جبّته الصوف بالدماء وضربات السكاكين وحماره معرقبًا‏.‏
والقاضي أبو القاسم الحسن بن الحسين بن المنذر البغدادي قاضي ميافارقين ببغداد في شعبان وله ثمانون سنة وكان صدوقًا علامة بالفرائض روى عن ابن البختري وإسماعيل الصفار وجماعة‏.‏
وأبو القاسم الخزاعي عليّ بن أحمد بن محمد البلخي راوي مسند الهيثم بن كليب الشاشي عنه وقد روى عنه جماعة كثيرة وحدَّث ببلخ وبخارى وسمرقند ومات في صفر ببخارى عن بضع وثمانين سنة‏.‏
سنة اثنتي عشرة وأربعمائة توفي أبو سعد الماليني أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الهروي الصوفي الحافظ‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان ثقة متقنًا صالحًا‏.‏
وقال غيره‏:‏ سمع بخراسان والحجاز والشام والعراق ومصر وحدَّث عن أبي أحمد بن عدي وإسماعيل بن محمد وطبقتهما‏.‏
وكتب الكتب الطوال وأكثر التطواف إلى أن مات‏.‏
توفي بمصر في سابع عشر شوال‏.‏
والحسين بن عمر بن برهان الغزال أبو عبد الله بن أبي الجرّاح المرزباني المروزي راوي جامع التِّرمذي عن المحبوبي سكن هراة وروى بها الكتاب قال أبو سعد السمعاني‏:‏ وهو ثقة صالح توفي - إن شاء الله - سنة اثنتي عشرة‏.‏
غنجار الحافظ صاحب تاريخ بخارى محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن كامل أبو عبد الله البخاري روى عن خلف الخيام وطبقته‏.‏
وابن رزقويه الحافظ أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن رزق البغدادي البزار‏.‏
روى عن ابن البختري ومحمد بن يحيى الطائي وطبقتهما‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان كثير السماع والكتابة حسن الاعتقاد مديمًا للتلاوة أملى بجامع المدينة مدة سنين وكفّ بصره بأخرة ولد سنة خمس وعشرين وثلاثمائة‏.‏
وقال الأزهري‏:‏ أرسل بعض الوزراء إلى ابن رزقويه بمال فردّه تورعًا‏.‏
وأبو الفتح بن أبي الفوارس محمد بن أحمد بن محمد بن فارس البغدادي الحافظ المصنف في ذي القعدة وله أربع وسبعون سنة‏.‏
سمع من جعفر الخلدي وطبقته قال الخطيب‏:‏ كان ذا حفظ ومعرفة وأمانة مشهورًا بالصلاح والانتخاب على المشايخ وكان يملي في جامع الرُّصافة‏.‏
وأبو عبد الرحمن السُّلميّ محمد بن الحسين بن موسى النيسابوري الصوفي الحافظ شيخ الصوفية‏.‏
صحب جدّه‏:‏ أبا عمرو بن نجيد وسمع الأصم وطبقته وصنّف التفسير والتاريخ وغير ذلك وبلغت تصانيفه مائة‏.‏
قال محمد بن يوسف النيسابوري القطّان‏:‏ كان يضع للصوفية‏.‏
وقال الخطيب‏:‏ قدر أبي عبد الرحمن عند أهل بلده جليل وكان مع ذلك مجردا صاحب حديث وله بنيسابور دويرة للصوفية توفي في شعبان‏.‏
وصريع الدِّلاء قتيل الغواشي واسمه محمد بن عبد الواحد البصري الشاعر الماجن صاحب المقصورة المشهورة‏:‏ قلقل أحشائي تباريح الجوى وقد أجاد في قوله فيها‏:‏ من فاته العلم وأخطأه الغنى فذاك والكلب على حدّ سوا ومنير بن أحمد بن الحسن بن علي بن منير الخشاب أبو العباس المصري المعدَّل شيخ الخلعي‏.‏
روى عن علي ابن عبد الله بن أبي مطر وجماعة‏.‏
قال الحبّال‏:‏ ‏[‏كان ثقة لا يجوز عليه تدليس‏]‏‏.‏
توفي في ذي القعدة‏.‏
فيها تقدم بعض الباطنية من المصريين فضرب الأسود بدبوس فقتلوه في الحال‏.‏
قال محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي‏:‏ قام فضرب الحجر ثلاث ضربات وقال‏:‏ إلى متى يعبد هذا الحجر ولا محمد ولا علي أفيمنعني محمد مما أفعله فإني اليوم أهدم أكثر هذا البيت فاتقاه أكثر الحاضرين وكاد أن يفلت وكان أحمر أشقر جسيمًا طويلًا وكان على باب المسجد عشرة فوارس ينصرونه فاحتسب رجل ورماه بخنجر ثم تكاثروا عليه فهلك وأحرق وقتل جماعة ممن اتهم بمعاونته واختبط الوفد ومال الناس على ركب المصريين بالنهب وتخشَّن وجه الحجر وتساقط منه شظايا يسيرة وتشقق وظهر مكسّره أسمر يضرب إلى الصفرة محببًا مثل حب الخشخاش معمر فعجن بالمسك واللَّك الفتات وحشيت الشقوق وطليت فهو يبين لمن يتأمله‏.‏
وفيها توفي بشيراز سلطان الدولة أبو شجاع بن بهاء الدولة أبي نصر بن عضد الدولة الديلمي صاحب العراق وفارس ولي السلطنة وهو صبي بعد أبيه وأرسل إليه القادر بالله خلع الملك إلى شيراز وقد قدم إلى بغداد في وسط مملكته ورجع وكانت دولته ضعيفة متماسكة وعاش اثنتين وعشرين سنة وخمسة أشهر‏.‏
وصدقة بن محمد بن أحمد بن محمد أبو القاسم بن الدلم القرشي الدمشقي الثقة الأمين محدث دمشق ومسندها‏.‏
روى عن أبي سعيد بن الأعرابي وأبي الطّيّب بن عبادل وطائفة ومات في

وأبو المطرِّف القنازعي القيه عبد الرحمن بن مروان القرطبي المالكي‏.‏
ولد سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة وسمع من أبي عيسى الليثي وطبقته وقرأ القراءات على جماعة منهم‏:‏ علي بن محمد الأنطاكي‏.‏
ورحل فأكثر عن الحسن بن رشيق وعن أبي محمد بن أبي زيد ورجع فأقبل على الزهد والانقباض ونشر العلم والإقراء والعبادة والأوراد والمطالعة والتصنيف فشرح الموطّأ وصنّف كتابًا في الشروط وكان أقرأ من بقي بالأندلس‏.‏
وعبد العزيز بن جعفر بن خواستي أبو القا سم الفارسي ثم البغدادي المقرئ المحدّث مسند أهل الأندلس في زمانه ولد سنة عشرين وثلاثمائة وسمع من إسماعيل الصفّار وابن داسة وطبقتهما وقرأ الروايات على أبي بكر النقّاش وعبد الواحد بن أبي هاشم وكان تاجرًا توفي في ربيع الأول وقد أكثر عنه أبو عمرو الدَّاني‏.‏
وعلي بن هلال أبو الحسن بن البواب صاحب الخط المنسوب كتب على محمد بن أسد وأخذ العربية عن ابن جني وكان في شبيبة مزوّقًا دهانًا في السقف ثم صار يذهِّب الختم وغيرها وبرع في ذلك ثم عني بالكتابة ففاق فيها الأوائل والأواخر ووعظ وعبَّر الرؤيا وقال النظم والنثر ونادم فخر الملك أبا غالب الوزير ولم يعرف الناس قدر خطّه إلا بعد موته لأنه كتب ورقة إلى كبير يشفع فيها في مساعدة إنسان بشيء لا يساوي دينارين وقد بسط القول فيها فلما كان بعد موته بمدة بيعت تلك الورقة بسبعة عشر دينارًا‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان رجلًا ديّنًا لا أعلمه روى شيئًا‏.‏
وقال ابن خيرون‏:‏ كان من أهل السنّة رحمه الله تعالى وتوفي في جمادى الأول‏.‏
والجارودي أبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد الهروي الحافظ في شوال‏.‏
روى عن حامد الرفّا والطبراني وابن نجيد وطبقتهما‏.‏
وكان شيخ الإسلام إذا روى نه قال حدّثنا إمام أهل المشرق أبو الفضل الجارودي‏.‏
وقال أبو النصر الفامي‏:‏ كان عديم النظير في العلم خصوصًا في علم الحفظ والتحديث وفي التقلل من الدنيا والاكتفاء بالقوت وحيدًا في الورع رحمه الله‏.‏
والشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي الكرخي ويعرف أيضًا‏:‏ بابن المعلِّم عالم الشيعة وإمام الرافضة وصاحب التصانيف الكثيرة‏.‏
قال ابن أبي طيّ في تاريخه - تاريخ الأمة - هو شيخ مشائخ الطائفة ولسان الإمامية ورئيس الكلام والفقه والجدل وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية‏.‏
قال‏:‏ وكان كثير الصدقات عظيم الخشوع كثير الصلاة والصوم خشن اللباس‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد‏.‏
وكان شيخًا ربعة نحيفًا أسمر عاش ستًا وسبعين سنة وله أكثر من مئتي مصنف كانت جنازته مشهودة وشيّعه ثمانون ألفًا من الرافضة والشيعة والخوارج وأراح الله منه وكان موته في رمضان رحمه الله‏.‏
سنة أربع عشرة وأربعمائة فيها سار السلطان مشرِّف الدولة أبو علي بن السلطان بهاء الدولة إلى بغداد وتلقاه القادر بالله‏.‏
وفيها جاء كتاب محمود بن سبكتكين ملك المشرق بأنه أوغل في بلاد الهند فأتى لقلعة عظيمة فأخذها بالأمان وضرب عليهم الخراج‏.‏
وفيها توفي أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله بن جعفر البجلي الرازي ثم الدمشقي الحافظ ابن الحافظ أبي الحسين في ثالث المحرم وله أربع وثمانون سنة روى عن خيثمة وأبي علي الحصائري وطبقتهما قال الكناني‏:‏ كان ثقة لم أر أحفظ منه في حديث الشاميين وقال أبو علي الأهوازي‏:‏ ما رأيت مثله في معناه‏.‏
وقال أبو بكر الحداد ما رأينا مثل تمام في الحفظ والخير‏.‏
والغضائري أبو عبد الله الحسين بين الحسن بن محمد بن جليس المخزومي البغدادي روى عن والحسين بن عبد الله بن محمد بن إسحاق بن أبي كامل الأطرابلسي العدل‏.‏
روى عن خال أبيه خيثمة وطائفة بدمشق ومصر‏.‏
وابن فتحويه الحسين بن محمد بن الحسين الثقفي الدينوري أبو عبد الله بنسابور في ربيع الأخر وكان ثقة مصنفًا روى عن أبي بكر بن السني عيسى بن حامد الرخجي وطبقتهما وحصل له حشمة ومال‏.‏
وابن جهضم أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم الهمداني شيخ الصوفية بالحرم ومؤلف كتاب بهجة الأسرار في التصوف‏.‏
روى عن أبي سلمة القطان وأحمد بن عثمان الأدمي وعلي بن أبي العقب وطبقتهم وأكثر الناس عنه وطال عمره‏.‏
قال أبو الفضل ابن خيرون‏:‏ قبل إنه كان يكذب وقال غيره‏:‏ اتهموه بوضع الحديث‏.‏
وابن ماشاذه الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن ميلة الأصفهاني الفقيه الفرضي الزاهد روي عن أبي عمرو أحمد بن محمد بن حكيم وأبي علي المصاحفي وعبد الله بن جعفر بن فارس وطائفة وأملى عدة مجالس قال أبو نعيم وبه ختم كتاب الحلية‏:‏ وختم التحقيق في طريقة الصوفية بأبي الحسن لما أولاه الله من فنون العلم والسخاء والفتوة وكان عارفًا بالله فقيهًا عاملًا له الحظ الجزيل من الأدب‏.‏
وقال أبو نعيم أيضًا‏:‏ كانت لا تأخذه في الله لومة لائم وأبو عمر الهاشمي القاسم بن جعفر بن عبد الواحد العباسي البصري من ولد الأمير جعفر بن سليمان‏.‏
ولد اثنتين وعشرين وثلاثمائة وسمع من اللؤلؤي سنن أبي داود ومن أبي العباس الأثرم وعلي ابن إسحاق المادرائي وطائفة‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان ثقة أمينًا ولي قضاء البصرة ومات بها في ذي القعدة‏.‏
وأبو سعيد النقّاش محمد بن علي عمرو بن مهدي الأصبهاني الحنبلي الحافظ صاحب التصانيف في رمضان‏.‏
روى عن ابن فارس وإبراهيم الهجيمي وأبي بكر الشافعي وطبقتهم وكان ثقة صالحًا‏.‏
وأبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر بن سعدان الحفّار ببغداد في صفر وله اثنتان وتسعون سنة‏.‏
روى عن ابن عيّش القطان وابن البختري وطائفة‏.‏
قال الخطيب‏:‏ صدوق كتبنا عنه‏.‏
والمزكِّي أبو زكريا بن إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري شيخ العدالة ببلده وكان صالحًا زاهدًا ورعًا صاحب حديث كأبيه أبي إسحاق المزكِّي روى عن الأصمّ وأقرانه ولقي ببغداد النجّاد وطبقته‏.‏
وأملى عدة مجالس‏.‏
ومات في ذي الحجة‏.‏
فيها توفي أبو الحسن المحاملي شيخ الشافعية أحمد بن محمد ابن أحمد بن القاسم بن إسماعيل الضبي تفقّه على والده أبي الحسين وعلى الشيخ أبي حامد الإسفرييني ورحل به أبوه فأسمعه بالكوفة من ابن أبي السريّ البكائي ومات في ربيع الآخر عن سبع وأربعينن سنة وكان عديم النظير في الذكاء والفطنة صنّف عدة كتب‏.‏
قال الشيخ أبو حامد‏:‏ هو اليوم أحفظ مني‏:‏ وأحمد بن محمد بن الحاج بن يحيى أبو العباس الإشبيلي المعدَّل بمصر في صفر سمع عثمان بن محمد السمرقندي وأبا الفوارس بن الصابوني وطبقتهما بمصر والشام انتقى عليه أبو نصر السجزيّ‏.‏
والقاضي عبد الجبار بن أحمد أبو الحسن الهمذاني الاسد آبادي المعتزلي صاحب التصانيف عمَّر دهرًا في غير السنَّة‏.‏
وروى عن أبي الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القطّان والجلاب وعبد الله بن جعفر بن فارس‏.‏
والعيسوي أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي العباسي البغدادي قاضي مدينة المنصور مات في رجب وحدّث عن أبي جعفر بن البختري وطائفة‏.‏
وأبو الحسين بن بشران علي بن محمد بن عبد الله بن بشران بن محمد الأموي البغدادي المعدّل سمع ابن البختري وطبقته‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان صدوقًا ثبتًا تامّ المروءة ظاهر الديانة ولد في
وأبو الحسين لقطان محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطّان الأزرق البغدادي الثقة ولد سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة توفي في رمضان‏.‏
روى عن إسماعيل الصفّار ومحمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب وطبقتهما وكان مكثرًا‏.‏
ومحد بن سفيان أبو عبد الله القيرواني صاحب كتاب‏:‏ ‏[‏الهادي‏]‏ في القراءات‏.‏
تفقه على أبي الحسن القابسي ورحل فأخذ القراءات عن أبي الطيّب بن غلبون وغيره‏.‏
قال أبو عمرو الداني‏:‏ كان ذا فهمٍ وحفظ وعفاف‏.‏
سنة ست عشرة وأربعمائة فيها انتشر العيّارون ببغداد وخرقوا الهيبة وواصلوا العملات والقتل‏.‏
وفيها مات السلطان مشرّف الدولة ونهبت خزائنه وتسلطن جلال الدولة أبو طاهر ولد بهاء الدولة بن عضد الدولة وهو يومئذ بالبصرة فخلع على وزيره علم الدين شرف الملك أبي سعيد بن ماكولا‏.‏
ثم إن الجند عدلوا إلى الملك أبي كاليجار ونوهوا باسمه وكان وليّ عهد أبيه سلطان الدولة فخطب لهذا ببغداد واختبط الناس وأخذت العيارون الناس نهارًا جهارًا وكانوا يمشون بالليل بالشمع والمشاعل ويكبسون البين ويأخذون صاحبه يعذبونه إلى أن يقرّ لهم بذخائره وأحرقوا دار الشريف المرتضي‏.‏
ولم يخرج ركبٌ من بغداد‏.‏
وفيها توفي الحصيب بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن الحصيب أبو الخير القاضي المصري حدّث عن أبيه وعثمان بن السمرقندي وطائفة‏.‏
وأبو محمد بن النحاس عبد الرحمن بن عمر المصري البزار في عاشر صفر وكان مسند الديار المصرية ومحدّثها عاش بضعًا وتسعين سنة وسمع بمكة من ابن الأعرابي وبمصر من أبي الطاهر المديني وعلي بن عبد الله بن أبي مطر وطبقتهما‏.‏
وأول سماعه في سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة‏.‏
وأبو الحسن التِّهامي علي بن محمد الشاعر له ديوان مشهور دخل مصر بكتب من حسّان بن مفرج فظفروا به وقتلوه سرًا في جمادى الأولى‏.‏
وأبو بكر القطّان محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله الطائي الدارني المعروف أيضًا‏:‏ بابن الخلاّل‏.‏
صالح ثقة‏.‏
روى عن خيثمة وجماعة كثيرة‏.‏
وأبو عبد الله بن الحذّاء القرطبي محمد بن يحيى التميمي المالكي المحدّث عاش ثمانين سنة‏.‏
وروى عن أبي عيسى الليثي وأحمد بن ثابت وطبقتهما وحجّ فأخذ عن أبي القاسم عبد الرحمن الجوهري وأبي بكر المهندس وطبقتهما‏.‏
وتفقه على أبي محمد الأصيلي وألف في تعبير الرؤيا كتاب ‏[‏البشرى‏]‏ في عشرة أسفار وولي قضاء إشبيلية وغيرها‏.‏
ومشرِّف الدولة السلطان أبو علي بن السلطان بهاء الدولة ابن السلطان عضد الدولة الدَّيلمي ولي مملكة بغداد وكان يرجع إلى دين وتصوف وحياء عاش ثلاثًا وعشرين سنة وثلاثة أشهر وكان مدة ملكه خمسة أعوام وخطب بعده لجلال الدولة بن بويه ثم نودي بعد أيام بشعار أبي كاليجار‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 08:53 PM

سنة سبع عشرة وأربعمائة فيها قدمت الاسفهسلارية بغداد فراسلوا العيّارين بالكف عن الناس فلم يفكروا فيهم وخرجوا إلى خيمهم وسبوهم وتحاربوا واستعرت الفتنة ولبسوا السلاح ودقّت الدبادب وحمي الطويس ثم هجمت الجند على الكرخ فنهبوه وأحرقوا الأسواق ووقعت الرعاع والدعّار في النهب وأشرف الناس على التلف فقام المرتضي وطلع إلى الخليفة واجتمع به فخلع عليه ثم ضبطت محال بغداد لكن شرعوا في المصادرات‏.‏
وفيها توفي قاضي العراق ابن أبي الشوارب أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن العباس بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب الأموي‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان رئيسًا نزهًا عفيفًا سمع من عبد الباقي بن قانع ولم يحدّث وعاش ثمانيًا وثمانين سنة‏.‏
وقد ولي القضاء أربعة وعشرون نفسًا من أولاد محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب‏.‏
منهم ثمانية ولّوا قضاء القضاة هذا آخرهم‏.‏
وفيها أبو العلاء صاعد بن الحسن الربعي البغدادي اللغوي الأديب نزيل الأندلس‏.‏
صنّف الكتب وروى عن القطيعي وطائفة‏.‏
قال ابن بشكوال‏:‏ كان يتَّهم بالكذب‏.‏
وأبو بكر القفّال المروزي عبد الله بن أحمد شيخ الشافعية بخراسان حذق في صنعته حتى عمل قفلًا ومفتاحه وزن أربع حبات فلما صار ابن ثلاثين سنة أحسّ من نفسه ذكاء وحبّب إليه الفقه فبرع فيه وصار إلى ما صار وهو صاحب طريقة الخراسانيين في الفقه عاش تسعين سنة ومات في جمادى الأولى‏.‏
قال ناصر العمري‏:‏ لم يكن في زمانه أفقه منه ولا يكون بعده مثله‏.‏
كنّا نقول‏:‏ إنه ملك في صورة آدمي‏.‏
وأبو محمد عبد الله بن يحيى السكري البغدادي صدوق مشهور روى عن إسماعيل الصفّار وجماعة توفي في صفر‏.‏
وأبو الحسن الحمامي مقرئ العراق علي بن أحمد بن عمر البغدادي‏.‏
قرأ القراءات على النقّاش وعبد الواحد بن أبي هاشم وبكّار وزيد بن أبي بلال وطائفة وبرع فيها‏.‏
وسمع من عثمان بن السماك وطبقته‏.‏
وانتهى إليه علو الإسناد في القرآن وعاش تسعًا وثمانين سنة توفي في شعبان‏.‏
وأبو حازم العبدوي الجاولي عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه الهذلي المسعودي النيسابوري الأعرج يوم عيد الفطر‏.‏
روى عن إسماعيل بن نجيد وطبقته‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان ثقة صادقًا حافظًا عارفًا ويقال إنه كتب عن عشرة أنفس عشرة آلاف جزء‏.‏
وأبو حفص عمر بن أحمد بن عمر بن عثمان العكبري البزاز‏.‏
روى عن محمد بن يحيى الطائي وجماعة وعاش سبعًا وتسعين سنة‏.‏
ووثقه الخطيب‏.‏
وأبو نصر بن الجندي محمد بن أحمد بن هارون الغسّاني الدمشقي إمام الجامع ونائب الحكم ومحدّث البلد‏.‏
روى عن خيثمة وعلي بن أبي العقب‏.‏
وجماعة‏.‏
قال الكتّاني‏:‏ كان ثقة مأنونًا توفي في صفر‏.‏
فيها اجتمعت الحاشية ببغداد وصمموا على الخليفة حتى عزل أبا كاليجار وأعيدت الخطبة لجلال الدولة أبي طاهر‏.‏
وفيها ورد كتاب الملك محمود بن سبكتكين بما فتحه من بلاد الهند وكسره صنم سومنات وأنهم فتنوا به وكانوا يأتون إليه من كل فج عميق يقرّبون له القرابين حتى بلغت أوقافه عشرة آلاف قرية وامتلأت خزانة الصنم بالأموال وله ألف نفس يخدمونه وثلاثمائة يحلقون رؤوس حجابه‏.‏
وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون فاستخار العبد الله في الانتداب له ونهض في شعبان سنة ست عشرة وأربعمائة في ثلاثين ألف فارس سوى المطوِّعة ووصلنا بلد الصنم وملكنا البلد وأوقدت النيران على الصنم حتى تقطع وقتلنا خمسين ألفًا من أهل البلد‏.‏
وفيها قدم جلال الدولة ببغداد وتلقّاه الخليفة ونزل بدار السلطنة‏.‏
ولم يسر من بغداد ركبٌ‏.‏
وفيها توفي أبو إسحاق الاسفراييني إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الأصولي المتكلم الشافعي أحد الأعلام وصاحب التصانيف‏.‏
روى عن دعلج وطبقته وأملى مجالس وكان شيخ خراسان في زمانه‏.‏
توفي يوم عاشوراء وقد نيَّف على الثمانين‏.‏
وأبو القاسم بن المغربي الوزير واسمه حسين بن علي الشِّيعي لمّا قتل الحاكم بمصر أباه وعمه وأخوته هرب هو وقصد حسّان بن مفرَّج الطائي ومدحه فأكرم مورده ثم وزر لصاحب ميافارقين‏:‏ أحمد بن مروان الكردي‏.‏
وله شعر رائق وعدّة تواليف عاش ثمانيًا وأربعين سنة وكان من أدهى البشر وأذكاهم‏.‏
وأبو القاسم السراج عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله القرشي النيسابوري الفقيه‏.‏
روى عن الأصم وجماعة وكان من جلَّة العلماء توفي في صفر‏.‏
وعبد الوهاب بن الميداني محدّث دمشق وهو أبو الحسين بن جعفر بن علي‏.‏
روى عن أبي علي بن هارون واتهم في روايته عنه‏.‏
وروى عن أبي عبد الله بن جروان وخلق‏.‏
قال الكتّاني‏:‏ ذكر أبو الحسين أنه كتب بقنطار حبر وكان فيه تساهل‏.‏
ومحمد بن زهير أبو بكر النَّسائي شيخ الشافعية بنسا وخطيب البلد‏.‏
روى عن الأصم وأبي سهل بن زياد القطّان وطبقتهما‏.‏
ومحمد بن محمد بن أحمد الروزبهان أبو الحسن البغدادي‏.‏
روى عن علي السُّتوري وابن السماك وجماعة‏.‏
وتوفي في رجب قال الخطيب‏:‏ صدوق‏.‏
ومعمر بن أحمد بن محمد بن زياد أبو منصور الأصبهاني الزاهد شيخ الصوفية في زمان بأصبهانز روى عن الطبراني وأبي الشيخ‏.‏
ومات في رمضان‏.‏
ومكِّي بن محمد بن الغمر أبو الحسن التميمي الدمشقي المؤدِّب مستملي القاضي الميّانجي أكثر عنه وعن أحمد بن البراثي وهذه الطبقة‏.‏
ورحل إلى بغداد فلقي القطيعي وكان ثقة‏.‏
وأبو القاسم اللالكائي هبة الله بن الحسن الطبري الحافظ الفقيه الشافعي‏.‏
تفقّه على الشيخ أبي حامد وسمع من المخلص وطبقته وأكثر من جعفر بن فنَّاكي‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان يحفظ ويغهم صنّف كتابًا في السنة وكتاب رجال الصحيحين وكتابًا في السُّنن‏.‏
ثم خرج في آخر أيامه إلى الدِّينور فمات بها في رمضان كهلًا رحمه الله‏.‏
سنة تسع عشرة وأربعمائة كان جلال الدَّولة السلطان ببغداد فتخالفت عليه الأمراء وكرهوه لتوفره على اللعب وطالبوه فأخرج لهم من المصاغ والفضيات ما قيمته أكثر من مائة ألف درهم فلم يرضهم ونهبوا دار الوزير وسقطت الهيبة ودبّ النهب في الرعيّة وحصروا الملك فقال‏:‏ مكنوني من الانحدار فأجابوه ثم وقعت صيحة فوثب وبيده طبرٌ وصاح فيهم فلانوا له وقبّلوا الأرض وقالوا‏:‏ اثبت فأنت السلطان ونادوا بشعاره فأخرج لهم متاعًا كثيرًا فبيع فلم تف وفيها توفي ابن العالي أبو الحسين أحمد بن محمد بن منصزر البوشنجي خطيب بوشنج‏.‏
روى عن محمد بن أحمد بن ديسم وأبي أحمد بن عديّ وطبقتهم‏.‏
بهراة وجرجان ونيسابور‏.‏
توفي في رمضان‏.‏
وعبد المحسن بن محمد الصُّوري شاع محسن يدرج القول وله‏:‏ بالذي ألهم تعذ - يبي ثناياك العذابا ما الذي قالته عي - ناك لقبي فأجابا وعلي بن أحمد بن محمد بن داود الرزّاز أبو الحسن البغدادي توفي في ربيع الآخر وله أربع وثمانون سنة‏.‏
روى عن أبي عمرو بن السمّاك وطبقته وقرأ على أبي بكر بن مغنم قال الخطيب‏:‏ كان كثير السماع والشيوخ وإلى الصدق ما هو‏.‏
والذكواني أبو بكر محمد بن أبي علي أحمد بن عبد الرحمن بن محمد الهمذاني الأصبهاني المعدّل المحدّث الصدَّوق عاش ستًا وثمانين سنة ورحل إلى البصرة والكوفة والأهواز والريّ والنواحي‏.‏
وروى عن أبي محمد بن فارس وأبي أحمد القاضي العسال وفاروق الخطّاب وطبقتهم وله معجم توفي في شعبان‏.‏
وأبو عبد الله بن الفخار محمد عمر بن يوسف القرطبي الحافظ شيخ المالكية وعالم أهل الأندلس‏.‏
روى عن أبي عيسى الليثي وطائفة وكان زاهدًا عابدًا ورعًا متألهًا عارفًا بمذاهب العلماء واسع الدائرة حافظًا للمدوَّنة عن ظهر قلب والنوادر لابن أبي زيد مجاب الدعوة‏.‏
قال القاضي عياض‏:‏ كان أحفظ الناس وأحضرهم علمًا وأسرعهم جوابًا وأوقفهم على اختلاف العلماء وترجيح المذاهب حافظًا للأثر مائلًا إلى الحجة والنظر‏.‏
قلت‏:‏ عاش ستًا وسبعين سنة‏.‏
وابو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البزاز ببغداد في ربيع الأول وله تسعون سنةً‏.‏
وهو آخر من حدَّث عن الصّفار وابن البختري وعمر الأشناني‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان صدوقًا جميل الطريقة له أنسة بالعلم والفقه على مذهب أبي حنيفة‏.‏
سنة عشرين وأربعمائة فيها وقع برد عظام إلى الغاية في الواحدة أرطال بالبغدادي حتى قيل‏:‏ إن بردةً وجدت تزيد على قنطار وقد نزلت في الأرض نحوًا من ذراع وذلك بالنعمانيَّة من العراق وهبّت ريح لم يسمع بمثلها قلعت الأصول العاتية من الزيتون والنخيل‏.‏
وفيها جمع القادر بالله كتابًا فيه وعظ ووفاة النبي صلى الله عليه وسلم وقصّة ما تمّ لعبد العزيز صاحب الحيرة مع بشر المريسي والردّ على من يقول بخلق القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسب الرافضة وغير ذلك‏.‏
وجمع له العلماء والأعيان ببغداد فقرئ على الخلق ثم أرسل الخليفة إلى جامع براثا وهو مأوى الرافضة من أقام الخطبة على السنّة فخطب وقصرّ عما كانوا يفعلونه في ذكر عليّ رضي الله عنه فرموه بالآجر من كل ناحية فنزل وحماه جماعة حتى أسرع بالصلاة فتألَّم القادر بالله وغاظه ذلك وطلب الشريف المرتضى شيخ الرافضة وكاتب السلطان ووزيره ابن ماكولا يستجيش على الشيعة ويتضوّر من ذلك وإذا بلغ الأمير - أطال الله بقاه - إلى الجرأة على الدين و عدم سياسة المملكة من الرعاع والأوباش فلا صبر دون المبالغة بهما توجبه الحميَّة وقد بلغه ما جرى في الجمعة الماضية في مسجد براثا الذي يجمع الكفرة والزنادقة ومن قد تبرّأ الله منه فصار أشبه شيء بمسجد الضرار وذلك أن خطيبًا كان فيه يقول مالا يخرج به عن الزندقة فإنه كان يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أخيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مكلم الجمجمة ومحيي الأموات البشريّ الآلهيّ مكلم أهل الكهف‏.‏
فأنفذ الخطيب ابن تمام فأقام الخطبة فجاءه الآجرّ المطر فكسر أنفه وخلع كتفه ودمى وجهه وأسيط بدمه لولا أربعة من الأتراك حموه وإلاّ كان هلك والضرورة ماسّة إلى الانتقام‏.‏
ونزل ثلاثون بالمشاعل على دار ذلك الخطيب فنهبوا الدار وعرّوا الحريم فخاف أولوا الأمر من فتنة تكثر فلم يخطب أحد ببراثا وكثرت العملات والكبسات وفتحت الحوانيت جهارًا وعمّ البلاء إلى آخر السنة حتى صلب جماعة‏.‏
وفيها قدم المصريون مع أنوشتكين البربري فالتقاهم صالح بن مرداس على نهر الأردنّ فقتل صالح وابنه وحمل رأساهما إلى مصر فقام نصر ولد صالح وتملك حلب بعد أبيه‏.‏
وفيها توفي أبو بكر المنقَّى أحمد بن طلحة البغدادي في ذي الحجة وكان ثقة يروي عن النجّاد وعبد الصمد الطَّستي‏.‏
وابو الحسن بن الباذا أحمد بن علي بن الحسن بن الهيثم البغدادي في ذي الحجة‏.‏
روى عن أبي سهل بن زياد وابن قانع وطائفة‏.‏
قال الخيب‏:‏ كان ثقة من أهل القرآن والأدب والفقه على مذهب مالك‏.‏
والأمير صالح بن مرداس أسد الدولة الكلابي كان م أمراء العرب فقصد حلب وبها نائب الظاهر صاحب مصر فانتزعها منه وتملكها ثلاثة أعوام ثم حارب جيش الظاهر فقتل‏.‏
وعبد الجبار بن أحمد أبو القاسم الطرطوسي شيخ اٌلإقراء بالديار المصرية وأستاذ مصنف ‏[‏العنوان‏]‏ قرأ على أبي أحمد السامري وجماعة‏.‏
وألّف كتاب ‏[‏المجتبى‏]‏ في القراءات‏.‏
توفي في وعبد الرحمن بن أبي نصر عثمان بن القاسم بن معروف أبو محمد التميمي الدمشقي رئيس البلد ويعرف بالشيخ العفيف‏.‏
روى عن إبراهيم بن أبي ثابت وخيثمة وطبقتهما وعاش ثلاثًا وتسعين سنة‏.‏
قال أبو الوليد الدربندي كان خيرًا من ألف مثله إسنادًا وإتقانًا وزهدًا مع تقدمه‏.‏
وقال رشا بن نظيف‏:‏ شاهدت سادات فما رأيت مثل أبي محمد بن أبي نصر كان قرة عين‏.‏
وقال عبد العزيز الكتّاني‏:‏ توفي في جمادى الآخرة فلم أر أعظم من جنازته حضرها جميع أهل البلد حتى اليهود والنصارى وكان عدلًا مأمونًا ثقة لم ألق شيخًا مثله زهدًا وورعًا وعبادة ورياسة رحمه الله‏.‏
وابن العجوز الفقيه عبد الرحمن بن أحمد الكتامي المالكي‏.‏
قال القاضي عياض‏:‏ كان من كبار قومه وإليه كانت الرحلة بالمغرب وعليه دارت الفتوى وفي عقبه أئمة نجباء أخذ عن ابن أبي زيد وأبي محمد الأصيلي وغيرهما‏.‏
وعلي بن عيسى الربعي أبو الحسن البغدادي شيخ النحو ببغداد أخذ عن أبي سعيد السِّيرافي وأبي علي الفارسي وصنّف ‏[‏شرح الإيضاح‏]‏ لأبي علي و ‏[‏شرح مختصر الجرمي‏]‏ ونيّف على التسعين وقيل‏:‏ إن أبا عليّ قال‏:‏ قولوا لعلي البغدادي لو سرتّ من الشرق إلى الغرب لم تجد أحدًا أنحا منك وكان قد لازمه بضع عشرة سنة‏.‏
وأبو نصر العكبري محمد بن أحمد بن الحسين البقّال والد أبي منصور محمد بن محمد‏.‏
روى عن أبي علي بن الصوّاف وجماعة وهو ثقة‏.‏
وأبو بكر الرباطي محمد بن عبد الله بن أحمد‏.‏
روى عن أبي أحمد العسّال والجعابي وطائفة وأملى مجالس توفي في شعبان‏.‏
والمسبِّحي الأمير المختار عزّ الملك محمد بن عبد الله ابن أحمد الحرّاني الأديب العلامة صاحب التواليف وكان رافضيًا جاهلًا له كتاب‏:‏ ‏[‏القضايا الصائبة‏]‏ في التنجيم في ثلاثة آلاف وخمسمائة ورقة وكتاب‏:‏ ‏[‏التلويح والتصريح‏]‏ في الشعر ثلاث مجلدات وكتاب ‏[‏تاريخ مصر‏]‏ وكتاب ‏[‏أنواع الجماع‏]‏ في أربع مجلدات‏.‏
وعاش أربعًا وخمسين سنة‏.‏
سنة إحدى وعشرين وأربعمائة فيها أقيم مأتم عاشوراء بالنوح والحداد فثارت العامّة ووقع القتال بين الفريقين حتى قتل جماعة وأخربت عدّة دكاكين‏.‏
وفيها قدم الملك جلال الدَّولة إلى الأهواز فنهبتها الأتراك وبدّعوا وأحرقت عدة أماكن وذهبت أموال لا توصف فيقال‏:‏ زاد الذي أخذ منها على خمسة آلاف ألف دينار‏.‏
وفيها غزا مطلوب الكردي بلاد الخزر فقتل وسبى وغنم فثارت الخزر وكسروه واستنقذوا الغنيمة وقتلوا من العسكر والمطوِّعة فوق العشرة آلاف وكانت الروم قد أقبلت في ثلاثمائة ألف على قصد الشام فأشرف على معسكرهم سريّة من العرب نحو مائة فارس وألف راجل فظنّ ملكهم أنها كبسة فتخفّى ولبس خفًّا أسود وهرب فوقعت الخبطة فيهم واستحكمت الهزيمة فطمع أولئك العرب فيهم ووضعوا السيف حتى قتلوا مقتلة عظيمة وغنموا خزائن الملك واستغنوا بها‏.‏
وأمّا بغداد فكاد يستولي عليها الخراب لضعف الهيبة وتتابع السنين الخدَّاعة فاجتمع الهاشميون في شوال بجامع المنصور ورفعوا المصاحف واستنفروا الناس فاجتمع إليهم الفقهاء وخلق من الإمامية والرافضة وضجُّوا بأن يعفوا من الترك فعمدت الترك - قبّحهم الله - ورفعوا صليبًا على رمح وترامى الفريقان بالنشاب والآجرّ وقتل طائفة ثم تحاجزوا وكثرت العملات والكبسات من البرجمي ورجاله وأخذ المخازن الكبار والدُّور وتجدَّد دخول الأكراد اللصوص إلى بغداد فأخذوا خيول الأتراك من الاصطبلات‏.‏
وفيها توفي الحيري القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حفص الحرشي النيسابوري الشافعي في رمضان وله ست وتسعون سنة وكان رئيسًا محتشمًا إمامًا في الفقه وانتهى إليه علوّ الإسناد فروى عن أبي علي الميداني والأصمّ وطبقتهما‏.‏
وأخذ ببغداد عن أبي سهل القطّان‏.‏
وبمكة عن الفاكهي وبالكوفة وجرجان‏.‏
وتفقّه على أبي الوليد الفقيه وحذق في الأصول والكلام وولي قضاء نيسابور‏.‏
روى عنه الحاكم في تاريخه مع تقدمه وآخر من حدّث عنه الشِّيروي وقد صمّ بآخرة حتى بقي لا يسمع شيئًا ووافق شيخه الأصم صنّف في الأصول والحديث‏.‏
وأبو الحسن السَّلطي أحمد بن محمد بن الحسين النيسابوري العدل النحوي في جمادى الأولى‏.‏
روى عن الأصم وغيره‏.‏
وابن درّاج أبو عمر أحمد بن محمد بن العاص بن أحمد القسطلّي الأديب شاعر الأندلس الذي قال فيه ابن حزم‏:‏ لو لم يكن لنا من فحول الشعراء إلا أحمد بن درّاج لما تأخر عن شأو ‏[‏حبيب‏]‏ و ‏[‏المتنبي‏]‏ وكان من كتّاب الإنشاء في أيام المنصور بن أبي عامر‏.‏
وقال الثعالبي‏:‏ كان بصقع الأندلس كالمتنبي بصقع الشام‏.‏
قلت‏:‏ له ديوان مشهور وتوفي في جمادى الآخرة وله أربع وسبعون سنة‏.‏
وإسماعيل بن ينال أبو إبراهيم المروزي المحبوبي سمع جامع الترمذي من أستاذهم محمد بن أحمد بن محبوب وهو آخر من حدَّث عنه توفي في صفر عن سبع وثمانين سنة‏.‏
قال أبو بكر والمعاذي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن يحيى النيسابوري الأصم سمع من أبي العباس الأصم مجلسين فقط ومات في جمادى الأولى ووقع لنا حديثه من طريق شيخ الإسلام الأنصاري‏.‏
والجمال أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الأصبهاني روى عن أبي محمد بن فارس وجماعة‏.‏
ومات في ربيع الأول له جزء معروف‏.‏
وأبو محمد البجّاني - بجّانة الأندلس - الحسين بن عبد الله ابن الحسين بن يعقوب المالكي وله خمس وتسعون سنة حمل عنه ابن عبد البر وأبو العباس العذري والكبار‏.‏
وكان أسند من بقي بالمغرب في رواية ‏[‏الواضحة‏]‏ لعبد الملك بن حبيب سمعها من سعيد بن فحلون في سنة ست وأربعين وثلاثمائة عن يوسف المغامي عن المؤلف‏.‏
وحمام بن أحمد القاضي ابو بكر القرطبي قال ابن حزم‏:‏ كان واحد عصره في البلاغة وسعة الرواية ضابطًا لما قيّده أكثر عن أبي محمد الباجي وأبي عبد الله بن مفرّج وولي قضاء يابرة توفي في رجب وله أربع وستون سنةً‏.‏
وابو سعيد الصيرفي محمد بن موسى بن الفضل النيسابوري كان أبوه ينفق على الأصم ويخدمه بماله فاعتنى به الأصم وسمَّعه الكثير وسمع أيضًا من جماعة وكان ثقة مات في ذي
والسلطان محمود بن سبكتكين سيف الدَّولة أبو القاسم ابن الأمير ناصر الدولة أبي منصور‏.‏
كان أبو أمير الغزاة الذين يغيرون من بلاد ما وراء النهر على أطراف الهند فأخذ عدّة قلاع وافتتح ناحية بست وكان كرّاميًا وأما محمود فافتتح غزنة ثم بلاد ما وراء النهر ثم استولى على سائر خراسان وعظم ملكه ودانت له الأمم وفرض على نفسه غزو الهند كل عام فافتتح منه بلادًا واسعة وكان على عزم وصدق في الجهاد‏.‏
قال عبد الغافر الفارسي‏:‏ كان صادق النيّة في إعلاء كلمة الله تعالى مظفّرًا في غزواته ما خلت سنة من سني ملكه عن غزوة أو سفرة وكان ذكيًّا بعيد الغور موفق الرأي وكان مجلسه مورد العلماء وقبره بغزنة يدعى عنده قال وقد صنَّف في أيامه تواريخ وحفظت حركاته وسكناته وأحواله لحظةً لحظةً رحمه الله توفي في جمادى الأولى‏.‏
سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة فيها تفاقم أمر العيّارين وتعثّر أهل بغداد وأقام التجار على المبيت في الأسواق ثم نقبوا دار السلطنة وأخذوا منها قماشًا‏.‏
وفيها عزم الصوفي الملقب المذكور على الغزو وكتب له السلطان منشورًا وأعطي منجوقًا وقصد الجامع لقراءة المنشور فمزقوا على رأسه المنجوق وبين يديه الرجال بالسلاح يترضَّون عن الشيخين ويقولون‏:‏ هذا يوم معاويّ فحصبهم أهل الكرخ فثارت الفتنة واضطرمت ونهبت العامة دار الشريف المرتضى ودافع عنه جيرانه الأتراك واحترقت له سرية وبات الناس في ليلة صعبة وتأهّبوا للحرب واجتمعت العامة وخلق من الترك وقصدو الكرخ فرموا الناس في أسواقه وأشرف أهل الكرخ على التلف فركب الوزير والجند فوقعت آجرة في صدر الوزير وسقطت عمامته وقتل جماعة من الشيعة وزاد أمر النهب فيهم وأحرق في هذه الثائرة سوق العروس وسوق الصفارين وسوق الأنماط وسوق الزيت ولم يجر من السلطان إنكار لضعفه وعجزه وتبسطت العامّة واثروا الفتن فالنهار فتن ومحن والليل عملات ونهب‏.‏
وأما الجند فقامت على السلطان جلال الدولة لاطّراحه مصالحهم وراموا قطع خطبته فأرضاهم بالمال فثاروا بعد أيام عليه وآخر القصّة مات القادر بالله واستخلف ابنه القائم بأمر الله وله إحدى وثلاثون سنة فبايعه الشر يف المرتضى ثم الأمير حسن بن عيسى بن المقتدر وقامت الأتراك على القائم بأمر الله بالرسم الذي للبيعة فقال‏:‏ إن القادر لم يخلف مالًا وصدق لأنه كان من أفقر الخلفاء ثم صالحهم على ثلاثة آلاف دينار ليس إلاّ وعرض القائم خانًا وبستانًا للبيع وصغر دست الخلافة إلى هذا الحدّ‏.‏
وأما دست السلطنة بالعراق فكان لجلال الدَّولة‏:‏ بغداد وواسط والبطائح وبعض السَّواد وليس له من ذلك أيضًا إلا الخطبة فأما الأموال والأعمال فمنقسمة بين الأعراب والأكراد والأتراك مع ضعف ارتفاع الخراج والوزارة خالية من كبس والوقت هرج ومرج والناس بلا رأس‏.‏
ومات القادر بالله أبو العباس أحمد بن الأمير إسحاق بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد بالله العباسي توفي ليلة الحادي عشر من ذي الحجة وله سبع وثمانون سنة وكانت خلافته إحدى وأربعين سنة وثلاثة أشهر وكان أبيض كثّ اللحية طويلها مخضب شيبه‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان من الديانة وإدامة التهجد وكثرة الصدقات على صفة اشتهرت عنه صنّف كتابًا في الأصول فيه فضل الصحابة وتكفير المعتزلة والقائلين بخلق القرآن فكان يقرأ كل جمعة ويحضره الناس مدّة‏.‏
وطلحة بن علي بن الصقر أبو القاسم البغدادي الكتّاني ثقة صالح مشهور عاش ستًّا ثمانين سنة ومات في ذي القعدة روى عن النّجاد وأجمد بن عثمان الأدمي ودعلج وجماعة‏.‏
وأبو المطرّف بن الحصّار قاضي الجماعة بالأندلس عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد بن غرسيّة مات في آخر الكهولة وكان عالمًا بارعًا ذكيًا متفنّنًا فقيه النفس حاضر الحجة صاحب سنة رحمه الله توفي في شعبان‏.‏
والقاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر أبو محمد البغدادي المالكي أحد الأعلام سمع من عمر بن سنبك وجماعة وتفقه على ابن القصّار وابن الجلاب ورأى أبا بكر الأبهري وانتهت إليه رئاسة المذهب‏.‏
قال الخطيب‏:‏ لم ألق في المالكية أفقه منه ولي قضاء بادرايا ونحوها وتحوّل في آخر أيامه إلى مصر فمات بها في شعبان وقد ساق القاضي ابن خلكان نسب القاضي عبد الوهاب إلى مالك بن طوق التغلبي صاحب الرَّحبة‏.‏
قال أبو إسحاق الشيرازي‏:‏ سمعت كلامه في النظر وكان فقيهًا متأدبًا شاعرًا له كتب كثيرة في كل فن‏.‏
قلت‏:‏ عاش ستين سنة‏.‏
وأبو الحسن الطرازي علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي ثم النيسابوري الأديب‏.‏
روى عن الأصمّ وأبي حامد بن حسنويه وجماعة وبه ختم حديث الأصم توفي في الرابع والعشرين من ذي الحجة‏.‏
وابن عبد كويه أبو الحسن علب بن يحيى بن جعفر إمام جامع أصبهان في المحرم حجّ وسمع بأصبهان والعراق والحجاز وحدّث عن أحمد بن بندار الشعّار وفاروق الخطابي وطبقتهما وأملى عدة مجالس‏.‏
ومحمد بم مروان بن زهر أبو بكر الإيادي الإشبيلي المالكي أحد أركان المذهب وكان واسع الرواية عالي الإسناد عاش ستًا وثمانين سنة وحدّث عن محمد بن معاوية القرشي وأبي علي القالي وطائفة وهو والد الطبيب عبد الملك وجدّ الطبيب العلامة الرئيس أبي العلا زهر‏.‏
ومحمد بن يوسف القطّان الحافظ أبو أحمد الأعرج النيسابوري مات كهلًا ولم ينشر حديثه‏.‏
روى عن أبي عبد الله الحاكم وطبقته ورحل إلى العراق والشام ومصر‏.‏
ومنصور بن الحسين أبو نصر المفسّر بنيسابور مات قبل الطرازي وحدّث عن الأصم وغيره‏.‏
ويحيى بن عمّار الإمام أبو زكريا الشيباني السجستاني الواعظ نزيل هراة روى عن حامد الرّفا وطبقته وكان له القبول التام بتلك الديار لفصاحته وحسن موعظته وبراعته في التفسير والسنة وخلّف أموالًا كثيرة ومات في ذي القعدة وله تسعون سنة‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 09:09 PM

سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة فيها ثارت الغلمان بالسلطان جلال الدَّولة وصمّموا على عزله وطرده فهرب في الليل مع جماعة من غلمانه إلى عكبرا ونهبت داره من الغد ونادوا بشعار الملك أبي كاليجار واحتاج جلال الدولة حتى باع ثيابه في الشوق وامتنع أبو كاليجار أن يجيئ إلا بشروط ثم إن كمال الدولة أبا سنان الأمير أتى جلال الدَّولة وقبّل الأرض وقال‏:‏ خزائني بحكمك وأنا أتوسط بينك وبين الجند وزوّجه بابنته وأعيدت خطبته‏.‏
وفيها كبس البرجميّ خانًا للتجار فقاتلوه فقتل جماعة‏.‏
وفيها سار الملك مسعود بن محمود بن سبكتكين فدخل أصبهان بالسيف ونهب وقتل عالمًا لا يحصون وفعل مالا يفعله الكفرة‏.‏
وفيها توفي الحرفي أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي المحدّث‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان صدوقًا غير أن سماعه في بعض ما وراء عن النّجتد كان مضطربًا مات في شوال وله سبع وثمانون سنة‏.‏
د والنعيمي أبو الحسن علي بن أحمد البصري الحافظ روى عن طائفة ومات كهلًا‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان حافظًا عارفًا متكلمًا شاعرًا‏.‏
والكاغدي أبو الفضل منصور بن نصر السمرقندي مسند ما وراء النهر‏.‏
روى عن الهيثم الشاشي ومحمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة توفي بسمرقند في ذي القعدة وقد قارب المائة‏.‏
فيها اشتد الخطب ببغداد بأمر الحراميّة وأخذوا أموال الناس عيانًا وقتلوا صاحب الشرطة وأخذوا لتاجر ما قيمته عشرة آلاف دينار وبقي الناس لا يجسرون أن يقولوا فعل البرجمي خوفًا منه بل يقولون عنه القائد أبو علي واشتهر عنه أنه لا يتعرض لامرأة ولا يدع أحدًا يأخذ شيئًا عليها فلما زاد وأسرف انتدب له جماعة أمراء وتطلّبوه وجاءوا إلى الأجمة التي يأوي إليها فبرز لهم وقال‏:‏ من العجب خروجكم إليّ وأنا كل ليلة عندكم فإن شئتم فارجعوا وأنا أجيء إليكم وإن شئتم فادخلوا فلم يتجاسروا عليه ثم زادت العملات والكبسات ووقع القتال في القلائين واحترقت أماكن وأسواق ومساجد واستفحل الشرّ وثارت الجند بالسلطان جلال الدولة وقبضوا عليه ليرسلوه إلى واسط والبصرة وأنزلوه في مركب وابتلّت ثيابه وأهين ثم رحموه فأخرجوه وأركبوه فرسًا ضعيفة وشتموه فانتصر له أبو الوفاء القائد في طائفة وأخذوه من أيدي أولئك وردّوه إلى داره ثم عبر في الليل إلى الكرخ فدعا له أهلها ونزل في دار الشريف المرتضى فأصبح العسكر وهمّوا به فاختلفوا وقال بعضهم‏:‏ ما بقي من بني بويه إلا هذا وابن أخيه أبو كاليجار وقد سلَّم الأمر ومضى إلى بلاد فارس ثم كتبوا له ورقة بالطاعة والاعتذار ثم ركب معهم إلى دار السلطنة وأما العملات فازداد أمرها وعظم البلاء فوثب الناس على أبي الحسين بن الغريق وقالوا‏:‏ إن خطبت للبرجمي وإلا فلا تخطب وفيها توفي الفشيديزجي قاضي بخارى وشيخ الحنفية في عصره أبو علي الحسن بن الخضر البخاري روى عن محمد بن محمد بن جابر وجماعة توفي في شعبان وقد خرَّج له عدة أصحاب‏.‏
وحمزة بن محمد بن طاهر الحافظ أبو طاهر الدقّاق أحد صحاب الدَّراقطني وكان البرقاني يخضع لمعرفته وعلمه‏.‏
وابن دنين الإمام أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عثمان الصدفي الطليطلي‏.‏
روى عن أبي جعفر بن عون الله وطبقته وأكثر عن أبي محمد بن أبي زيد بالقيروان وعن أبي بكر المهندس وأبي الطّيب بن غليون بمصر وكان زاهدًا عابدًا خاشعًا مجاب الدعوة منقطع القرين عديم النظير مقبلًا على الأثر والسنة أمَّارًا بالمعروف لا تأخذه في الله لومة لائم مع الهيبة والعزّة وكان يعمل في كرمه بنفسه رحمه الله‏.‏
وأبو بكر الأردستاني محمد بن إبراهيم الحافظ العبد الصالح روى صحيح البخاري عن إسماعيل بن حاجب وروى عن أبي حفص بن شاهين وهذه الطبقة‏.‏
سنة خمس وعشرين وأربعمائة
فيها قتل البرجمي ويقال البرجمي وهو مقدّم العيارين اللصوص ببغداد واشتغل الناس بالوباء المفرط ببغداد فيقال مات بها سبعون ألفًا منه‏.‏
وفيها توفي البرقاني الحافظ الكبير أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد اب غالب الخوارزمي الفقيه الشافعي مولده بخوارزم سنة ستٍ وثلاثين وثلاثمائة وسمع بها بعد الخمسين من أبي العباس بن حمدان وجماعة وببغداد من أبي علي بن الصوّاف وطبقته وبهراة ونيسابور وجراجان ودمشق ومصر‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان ثبتًا ورعًا لم ير في شيوخنا أثبت منه عارفًا بالفقه كثير التّصنيف ذا حظٍ من علم العربية صنّف مسندًا ضمَّنه ما اشتمل عليه الصَّحيحان وجمع حديث الثوري وحديث شعبة وطائفة وكان حريصًا على العلم منصرف الهمة إليه‏.‏
وقال أبو محمد الخلال‏:‏ كان البرقاني نسيج وحده‏.‏
وأبو علي بن شاذان البزّاز الحسن بن أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان البغدادي ولد سنة وثلاثين وثلاثمائة وسمّعه أبوه من أبي عمرو بن السماك وأبي سهل بن زياد والعبَّاداني وطبقتهم فأكثر وطال عمره وصار مسند العراق‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان صدوقًا صحيح السماع يفهم الكلام على مذهب الأشعري سمعت أبا القاسم الأزهري يقول‏:‏ أبو علي أوثق من برأ الله في الحديث تفي في آخر يوم من السنة ودفن من الغد في أول سنة ست وعشرين‏.‏
وابن شبانة العدل أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الهمذاني‏.‏
روى عن أبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد وطائفة وكان صدوقًا‏.‏
وأبو الحسن الجوبري عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر التميمي الدمشقي كان أبوه محدّثًا فأسمعه الكثير من علي بن أبي العقب وطائفة توفي في صفر وكان أمّيًا لا يكتب‏.‏
وعبد الوهاب بن عبد الله بن عمر بن فضالة وطبقته وصنّف كتبًا كثيرة‏.‏
قال الكتَّاني‏:‏ مات في شوال‏.‏
وعمر بن إبراهيم أبو الفضل الهروي الزاهد‏.‏
روى عن أبي بكر الإسماعيلي وبشر بن أحمد الإسفرييني وطبقتهما وكان فقيهًا عالمًا ذا صدق وورع وتبتُّل‏.‏
وأبو بكر بن مصعب التاجر محمد بن علي بن إبراهيم الأصبهاني‏.‏
روى عن ابن فارس وأحمد بن جعفر السمسار وجماعة توفي في ربيع الأول‏.‏
سنة ست وعشرين وأربعمائة
البلاء بحاله ببغداد من جهة الحرامية بل أشد و وكثر القتل وعظم النهب وخذل السلطان والأمراء حتى لو حالوا دفع فسادٍ لزاد وتملّك العيّارون ببغداد في المعنى‏.‏
وفيها غزا مسعود بن محمود بن سبكتكين بلاد الهند فوصل كتابه بأنه قتل من القوم خمسين ألفًا وسبى منهم سبعين ألفًا وبلغت الغنيمة ما يقارب ثلاثين ألف ألف درهم ولكن رجع وقد استولت الغزُّ على بلاده فحاربهم وجرت لهم أمور طويلة‏.‏
وفيها توفي ابن شهيد الأديب أبو عامر أحمد بن عبد الملك بن مروان بن ذي الوزارتين أحمد بن عبد الملك بن عمر بن شهيد الأشجعي القرطبي الشاعر حامل لواء البلاغة والشعر بالأندلس‏.‏
قال ابن حزم‏:‏ توفي في جمادى الأولى وصلّى عليه أبو الحزم جهور ولم يخلف له نظيرًا في الشعر والبلاغة وكان سمحًا جوادًا عاش بضعًا وأربعين سنة‏.‏
وأبو محمد بن الشقَّاق عبد الله بن سعيد كبير المالكية بقرطبة ورأس القرَّاء توفي في رمضان وله ثمانون سنة أخذ عن أبي عمر بن المكوي وطائفة‏.‏
وأبو بكر المنيني محمد بن رزق الله بن أبي عمرو الأسود خطيب منين‏.‏
روى عن علي بن أبي العقب والحسين بن أحمد بن أبي ثابت وجماعة‏.‏
قال الوليد الدربندي‏:‏ لم يكن بالشام من يكتني بأبي بكر غيره وكان ثقة‏.‏
وقال الكتَّاني‏:‏ توفي في جمادى الأولى وله أربع وثمانون سنة
وأبو عمر الرزجاهي محمد بن عبد الله بن أحمد البسطامي الفقيه الأديب المحدث تفقه على أبي سهل الصَّعلوكي وأكثر عن ابن عدي وطبقته ومات في ربيع الأول وله خمس وثمانون سنة ورزجاه من قرى بسطام وقد تضم راؤها وكان يقرئ العربية‏.‏
سنة سبع وعشرين وأربعمائة فيها دخل العيّارون - وهم مائة من الأكراد والأعراب - وأحرقوا دار صاحب الشرطة أبي محمد بن النسوي وفتحوا خانًا وأخذوا ما فيه‏.‏
وأخذوا بالكارات والناس لا ينطقون‏.‏
وفيها شغبت الجند على الملك جلال الدَّولة وقالوا له اخرج عنّا‏.‏
فقال‏:‏ أمهلوني ثلاثة أيام وجرت فصول طويلة ثم تركوه لضعفهم وردّوه إلى السلطنة‏.‏
وفيها توفي أبو إسحاق الثَّعلبي أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري المفسّر‏.‏
روى عن أبي محمد المخلدي وطبقته من أصحاب السرّاج وكان حافظًا واعظًا رأسًا في التفسير والعربية مت ين الديانة توفي في المحرم‏.‏
وأبو النعمان تراب بن عمر بن عبيد المصري الكاتب روى عن أبي أحمد بن الناصح وجماعة توفي في ربيع الآخر بمصر وله خمس وثمانون سنة‏.‏
وأبو القاسم حمزة بن يوسف السَّهمي الجرجاني الحافظ من ذرّية هشام ابن العاص سمع سنة أربع وخمسين من محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرَّام صاحب محمد بن الضريس ورحل إلى العراق سنة ثمان وستين فأدرك ابن ماسي وهو مكثر عن ابن عديّ والإسماعيلي وكان من أئمة الحديث حفظًا ومعرفة وإتقانًا‏.‏
والفلكي أبو الفضل علي بن الحسين الهمذاني الحافظ رحل الكثير وروى عن أبي الحسين بن بشران وأبي بكر الحيري وطبقتهما ومات شابًا قبل أوان الرواية ولو عاش لما تقدّمه أحد في الحفظ والمعرفة لفرط ذكائه وشدة اعتنائه وقد صنّف كتاب ‏[‏المنتهى في الكمال في معرفة الرجال‏]‏ في ألف جزء لم يبيضه‏.‏
وقال شيخ الإسلام الأنصاري‏:‏ ما رأيت أحدًا أحفظ من أبي الفضل بن الفلكي قلت مات بنيسابور وكان جدّه يلقب بالفلكي براعته في الهيئة والحساب وغير ذلك‏.‏
والظاهر لإعزاز دين الله عليّ بن الحاكم منصور بن العزيز نزاز بن المعز العبيدي المصري صاحب مصر والشام بويع بعد أبيه وشرعت دولتهم في انحطاط منذ ولي وتغلب حسّان بن مفرِّج الطائي على أكثر الشام وأخذ صالح بن مرداس حلب وقوي نائبهم على القيروان وقد وزر للظاهر الوزير نجيب الدولة علي بن أحمد الجرجائي وكان هذا أقطع اليدين من
المرفقين قطعهما الحاكم في سنة أربع وأربعمائة فكان يكتب العلامة عنه القاضي القضاعي‏.‏
ولما توفي الظاهر فبايعوا بعده لولده المستنصر وهو صبيّ‏.‏
ومحمد بن المزكِّي أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى أبو عبد الله النيسابوري مسند نيسابور في زمانه روى عن أبيه وحامد الرفّا ويحيى بن منصور القاضي وأبي بكر بن الهي ثم الأنباري وطبقتهم سمع منه الشِّيروي‏.‏
سنة ثمان وعشرين وأربعمائة فيها أيضًا شغب العسكر على المعتز جلال الدولة وآخر الأمر قطعت خطبته من العراق وأقيمت لأبي كاليجار ثم تابوا فخطبوا لهما معًا ثم مشى حال جلال الدولة وشدَّ منه القائم بأمر الله‏.‏
وأما أمر العيارين فكما تعهد في السنن الماضية بل أشد فلا حول ولا قوة إلا بالله‏.‏
وفيها توفي أحمد بن محمد بن علي بن منجويه الحافظ أبو بكر الأصبهاني اليزدي نزيل نيسابور ومحدّثها صنّف التصانيف الكثيرة ورحل ووصل إلى بخارى وحدَّث عن أبي بكر الإسماعيلي وأبي بكر بن المقري وطبقتهما‏.‏
روى عنه شيخ الإسلام وقال‏:‏ هو أحفظ من رأيت قلت‏:‏ توفي في المحرم وله إحدى وثمانون سنة صنّف على البخاري ومسلم والترمذي وكان عديم المثل‏.‏
وأبو بكر بن النَّمط أحمد بن محمد بن الصقر البغدادي المقري ثقة ومسلم ةالترمذي وكان عديم المثل‏.‏
وابو بكر بن النَّمط أحمد بن محمد بن الصقر البغدادي المقري ثقة عابد روى عن أبي بكر الشافعي وفاروق وطبقتهما‏.‏
وأبو الحسين القدوري أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان البغدادي الفقيه شيخ الحنفية بالعراق انتهت إليه رئاسة المذهب وعظم جاهه وبعد صيته توفي في رجب وله ست وستون سنة رحمه الله‏.‏
وفيها أبو علي بن سينا الرئيس الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا صاحب التصانيف الكثيرة في الفلسفة والطب ومن له الذكاء الخارق والذهن الثاقب أصله بلخيّ ومولده بخارى وكان أبوه من دعاء الإسماعيلية فأشغله في الصغر وحصَّل عدة علوم قبل أن يحتلم وتنقل في مدائن خراسان والجبال وجرجان ونال حشمة وجاهًا وعاش ثلاثًا وخمس ين سنة‏.‏
قال ابن خلّكان في ترجمة ابن سينا‏:‏ اغتسل وتاب وتصدّق بم معه على الفقراء وردّ
المظالم وأعتق مماليكه وجعل كل ثلاثة أيام ختمة ثم مات بهمذان يوم الجمعة في شهر رمضان‏.‏
وذو القرنين أبو المطاع بن السحن بن عبد الله بن حمدان وجيه الدَّولة بن الملك ناصر الدولة الموصلي الأديب الشاعر الأمير وليّ إمرة دمشق سنة إحدى وأربعمائة وعزل بعد أشهر من جهة الحاكم ثم وليها للظاهر سنة اثنتي عشرة وعزل ثم وليها ثالثًا سنة خمس عشرة فبقي إلى سنة تسع عشرة وله شعرٌ فائق توفي في صفر‏.‏
وعبد الغفار بن محمد المؤدِّب أبو طاهر البغدادي روى عن أبي بكر الشافعي وأبي علي بن الصواف وعاش ثلاثًا وثمانين سنة‏.‏
وعثمان بن محمد بن يوسف بن دوست العلاف أبو عمرو البغدادي صدوق‏.‏
روى عن النجّاد وعبد الله بن إسحاق الخراساني توفي في صفر‏.‏
وأبو الحسن الحنائي علي بن محمد بن إبراهيم الدمشقي المقري المحدث الحافظ الزاهد‏.‏
روى عن عبد الوهاب الكلابي وخلق ورحل إلى مصر وخرّج لنفسه معجمًا كبيرًا‏.‏
قال الكتَّاني‏:‏ توفي شيخنا وأستاذزنا أبو الحسن في ربيع الأول وكان من العبّاد وكانت له جنازة عظيمة ما رأيت مثلها وعاش ثمانيًا وخمسين سنة‏.‏
وأبو علي محمد بن أحمد بن أبي موسى العاشمي البغدادي الحنبلي صاحب التصانيف ومن إليه انتهت رئاسة المذهب أخذ عن أبي الحسن التميمي وغيره وحدَّث عن ابن المظفّر وكان رئيسًا رفيع القدر بعيد الصيت‏.‏
وابن باكويه الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبيد الله الشيرازي الصوفي أحد المشايخ الكبار وصاحب محمد بن خفيف رحل وعني بالحديث وكتب بفارس والبصرة وجرجان وخراسان وبخارى ودمشق والكوفة وأصبهان فأكثر وحدَّث عن أبي أحمد بن عدي والقطيعي وطبقتهما‏.‏
قال أبو صالح المؤذِّن‏:‏ نظرت في أجزائه فم أجد عليها آثار السماع وأحسن ما سمعت عليه الحكايات‏.‏
ومهيار بن مرزويه الدَّيلمي أبو الحسن الكاتب الشاعر المشهور كان مجوسيًا فأسلم على يد أستاذه في الأدب الشر يف الرضي فطلع رافضيًا جلدًا وديوانه في ثلاثة مجلدات وكان مقدّمًا على شعراء العصر‏.‏
سنة تسع وعشرين وأربعمائة
فيها توفي أبو عمر الطلمنكي أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى المعافري الأندلسي المقري المحدّث الحافظ عالم أهل قرطبة صاحب التصانيف وله تسعون سنة‏.‏
روى عن أبي عيسى اللَّيثي وأحمد بن عون الله وحجّ فأخذ بمصر عن أبي بكر الأرموي وأبي بكر المهندس وخلق كثير‏.‏
وكان خبيرًا في علوم القر آن تفسيره وقراءاته وإعرابه وأحكامه ومعانيه وكان ثقة صاحب سنّة واتباع ومعرفة بأصول الديانة‏.‏
قال ابن بشكوال‏:‏ كان سيفًا مجرَّدًا على أهل الأهواء والبدع قامعًا لهم غيورًا على الشريعة شديدًا في ذات الله تعالى رحمه الله‏.‏
وأبو يعقوب القرّاب إسحاق بن إبراهيم بن محمد السرخسي ثم الهروي الحافظ محدّث هراة وله سبع وسبعون سنة‏.‏
روى عن زاهر بن أحمد السرخسي وخلق كثير وزاد عدد شيوخه على ألف ومائتي نفس وصنّف تصانيف كثيرة وكان زاهدًا صالحًا مقلًا من الدنيا‏.‏
ويونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث قاضي الجماعة بقرطبة أبو الوليد ويعرف بابن الصفّار وله إحدى وتسعون سنة‏.‏
روى عن محمد بن معاوية القرشي وأبي عيسى اللّيثي والكبار‏.‏
وتفقه على أبي بكر ابن زرب وولي القضاء مع الخطابة والوزارة ونال رئاسة الدين والدنيا‏.‏
وكان فقيهًا صالحًا عدلًا حجّة علامة في اللغة والعربية والشعر فصيحًا مفوهًا كثير سنة ثلاثين وأربعمائة فيها قويت شوكة الغزّ وتملك بنو سلجون خراسان وأخذوا البلاد من السلطان مسعود‏.‏
وفيها لقِّب أبو منصور بن السلطان جلال الدولة بالملك العزيز وهو أول من لقِّب بهذا النوع من ألقاب ملوك زماننا‏.‏
وفيها توفي أبو نعيم الأصبهاني أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ الصوفي الأحول سبط الزاهد محمد بن يوسف بن البنا بأصبهان في المحرم وله أربع وتسعون سنة‏.‏
اعتنى به أبوه وسمّه في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وبعدها استجار له خيثمة الأطرابلسي والأصم وطبقتهما وتفرّد في الدنيا بعلّو الإسناد مع الحفظ والاستجاؤ من الحديث وفنونه‏.‏
روى عن ابن فارس والعسّال وأحمد بن معبد السمسار وأبي علي بن الصواف وأبي بكر بن خلاد وطبقتهم بالعراق والحجاز وخراسان وصنَّف التصانيف الكبار المشهورة في الأقطار‏.‏
وأحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحرث التميمي أبو بكر الأصبهاني المقري النحوي سكن نيسابور وتصدَّر للحديث والإقراء العربيّة وروى عن أبي الشيخ وجماعة ورى السُّنن عن الدارقطني توفي في ربيع الأول وله إحدى وثمانون سنة‏.‏
روى عن زاهر بن أحمد السرخسي وطبقته وصنّف التصانيف في القراءات والتفسير والوعظ والحديث وكان أحد الأئمة‏.‏
قال الخطيب‏:‏ قدم علينا حاجًّا ونعم الشيخ كان علمًا وأمانة وصدقًا وخلقًا‏.‏
ولد سنة إحدى وستين وثلاثمائة وكان معه صحيح البخاري فقرأت جميعه عليه في ثلاثة مجالس وقال عبد الغافر‏:‏ كان من العلماء العاملين نفّاعًا للخلق مباركًا‏.‏
والدَّبوسي القاضي العالامة أبو زيد عبد الله بن عمر بن عيسى الحنفي - ودبوسة‏:‏ بليدة بين بخاري وسمرقند - كان أحد من يضرب به المثل في النظر واستخراج الحجج وهو أول من أبرز علم الخلاف إلى الوجود وكان شيخ تلك الديار توفي ببخارى‏.‏
وابن بشران المحدّث أب القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله ابن بشران بن محمد الأموي مولاهم البغدادي الواعظ مسند وقته ببغداد في ربيع الآخر وله إحدى وتسعون سنة سمع النجّاد وأبا سهل القطّان وحمزة الدهان وطبقتهم‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان ثقة ثبتًا صالحًا وكان الجمع في جنازته يتجاوز الحدّ ويفوت الإحصاء رحمه الله‏.‏
وأبو منصور الثعالبي عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري الأديب الشاعر صاحب
والحوفي مؤلف ‏[‏الاعراب للقرآن‏]‏ في عشرة مجلدات وتلميذ الأدفوي انتفع به أهل مصر وتخرّجوا به في النحو واسمه أبو الحسن علي بن إبراهيم‏.‏
وأبو عمران الفاسي موسى بن عيسى بن أبي حاج البربري الغفجومي - وغفجوم بطن من زناتة قبيلة من البربر بالمغرب - شيخ المالكية بالقيروان وتلميذ أبي الحسن القابسي‏.‏
دخل الأندلس وأخذ عن عبد الوارث بن سفيان وطائفة وحجّ مرات وأخذ علم الكلام ببغداد عن ابن الباقلاَّني وقرأ على الحمامي وكان إمامًا في القراءات بصيرًا في الحديث رأسًا في الفقه تخرج به خلق في المذهب ومات في رمضان وله اثنتان وستون سنة‏.‏
سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة فيها توفي أبو الحسن بشرى بن عبد الله الرومي الفاتني ببغداد يوم الفطر وكان صالحًا صدوقًا روى عن أبي بكر بن الهيثم الأنباري وخلق‏.‏
وابن دوما أبو علي الحسن بن الحسين النعالي بغداد ضعيف ألحق نفسه في طباق‏.‏
روى عن أبي بكر الشافعي وطائفة‏.‏
وصاعد بن محمد بن أحمد القاضي أبو العلاء الأستوائي النيسابوري الحنفي قاضي نيسابور ورئيس الحنفية وعالمهم توفي في آخر السنة روى عن إسماعيل بن نجيد وجماعة وعاش سبعًا
وابن الطبيز وأبو القاسم عبد الرحمن بن عبد العزيز الحلبي السراج الرامي نزيل دمشق وله مائة سنة‏.‏
روى عن محمد بن عيسى العلاف وابن الجعابي وجماعة‏.‏
تفرّد في الدنيا عنهم وهو ثقة‏.‏
توفي في جمادى الأولى وفيه تشيُّع آخر من روى عنه الفقيه نصر المقدسي‏.‏
وعثمان بن أحمد أبو عمرو القسطاني القرطبي نزيل إشبيليّة سمّعه أبوه ‏[‏الموطأ‏]‏ من أبي عيسى اللَّيثي وسمع من أبي بكر بن السَّلم وابن القوطيّة وجماعة‏.‏
وكان ثقة خيَّرًا توفي في صفر وله ثمانون سنة‏.‏
وأبو العلاء الواسطي محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن يعقوب القاضي المقرئ المحدِّث قرأ بالروايات على جماعة كثير ة وجرَّد العناية لها وأخذ بالدِّينور عن الحسين بن محمد بن حبش وروى عن القطيعي ونحوه حكى عنه الخطيب أشياء توجب ضعفه ومات في جمادى الآخرة وله اثنتان وثمانون سنة‏.‏
وأبو الحسن محمد بن عوف المزِّي الدمشقي وكانت كنيته الأصلية أبا بكر فلما منعت الدولة الباطنية من التكنِّي بأبي بكر تكنَّي بأبي الحسن‏.‏
روى عن أبي علي الحسن بن منير والميانجي وطائفة‏.‏
قال الكتَّاني‏:‏ كان ثقة نبيلًا مأمونًا توفي في ربيع الآخر‏.‏
ومحمد بن الفضل بن نظيف أبو عبد الله المصري الفرّاء مسند الديار المصرية سمع أبا الفوارس الصابوني والعباس بن محمد الرافقي وطبقتهما وأمَّ بمسجد عبد الله سبعين سنة وكان شافعيًا عمّر تسعين سنة وشهرين توفي في ربيع الآخر‏.‏
والمسدَّد بن علي أبو المعمَّر الأملوكي خطيب حمص سمع الميانجي وجماعة ثم سكن دمشق وأمَّ بمسجد سوق الأحد قال الكتَّاني‏:‏ فيه تساهل‏.‏
والمفضل بن إسماعيل بن أبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي الجرجاني أبو معمَّر الشافعي مفتي جرجان ورئيسها ومسندها وكان من أذكياء زمانه‏.‏
روى عن جدّه وطائفة كثيرة توفي في ذي الحجة‏.‏
سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة فيها استولت السلجوقية على جميع خراسان وكرّ مسعود إلى غزنة وبدا منهم من القتل والنهب والمصادرة ما يتجاوز الوصف وأما البغاددة فالهوى قائم بين الرافضة والسنّة وكل وقت تستعر الفتنة ويقتل جماعة‏.‏
وفيها توفي المستغفري الحافظ أبو العباس جعفر بن محمد بن المعتز ابن محمد بن المستغفر بن
الفتح النسفي صاحب التصانيف الكثيرة‏.‏
روى عن زاهر السرخسي وطبقته وعاش ثمانيًا سنة‏.‏
وكان محدِّث ما وراء النهر في زمانه‏.‏
وعبد الباقي بن محمد أبو القاسم الطحّان بغدادي ثقة عاش ثمانيًا وثمانين سنة وروى عن الشافعي وابن الصواف وغيرهما‏.‏
وأبو حسّان المزكِّي محمد بن أحمد بن جعفر شيخ التزكية والحشمة بنيسابور وكان فقيهًا ثقة صالحًا خيِّرًا حدّث عن محمد بن إسحاق الضبعي وابن نجيد وطبقتهما‏.‏
ومحمد بن عمر بن بكير النجار أبو بكر البغدادي المقري عن ست وثمانين سنة‏.‏
روى عن أبي بحر البربهاري وأبن النّصبي وطائفة‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 09:16 PM

سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة فيها عسكر الملك أبو كاليجار ودفع عسكر الغزّ عن همذان‏.‏
وفيها بغداد على حالها من الضعف والرفض والنهب والفتن‏.‏
وفيها توفي أبو نصر الكسَّار القاضي أحمد بن الحسين الدِّينوريّ‏.‏
سمع النَّسائي من ابن السُّنّي وحدّث به في شوال من السنة‏.‏
وأبو الحسن بن فاذشاه الرئيس أحمد بن محمد الحسين الأصبهاني الثاني الرئيس راوي ‏[‏المعجم الكبير‏]‏ عن الَّبراني توفي في صفر وقد رمي بالتشيُّع والاعتزال‏.‏
وابو عثمان القرشي سعيد بن العباس الهرويّ المزكِّي الرئيس في المحرم وله أربع وثمانون سنة‏.‏
روى عن حامد الرفّا وأبي الفضل بن خميرويه وطائفة‏.‏
وتفرّد بالرواية عن جماعة‏.‏
وأبو سعيد النضروي عبد الرحمن بن حمدان النيسابوري مسند وقته وراوي مسند إسحاق بن راهويه عن السمذي‏.‏
روى عن ابن نجيد وأبي بكر القطيعي وهذه الطبقة‏.‏
توفي في صفر وهو منسوب إلى جدّه نضرويه‏.‏
وأبو القاسم الزَّيدي الحرَّاني علي بن أحمد بن علي العلوي الحسيني الحنبلي المقري في شوال بحرّان وهو آخر من روى عن النقاش القراءات والتفسير وهو ضعيف‏.‏
قال عبد العزيز الكتَّاني وقد سئل عن شيء‏:‏ ما يكفي علي بن أحمد الزيدي أن يكذب حتى يكذب عليه‏.‏
قلت‏:‏ وكان رجلًا صالحًا ربانيًا‏.‏
وأبو الحسن بن السمسار علي بن موسى الدمشقي حدّث عن أبيه وأخويه‏:‏ محمد وأحمد وعليّ بن أبي العقب وأبي عبد الله بن مروان والكبار‏.‏
قال الكتّاني‏:‏ كان فيه تساهل ويذهب إلى التشيُّع توفي في صفر وقد كمَّل التسعين‏.‏
وابن عبّاد المعتمد على الله القاضي وهو أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عبّاد بن قريش اللَّخمي الإشبيلي الذي ملّكه أهل إشبيلية عليهم عندما قصدهم الظالم يحيى بن علي الإدريسي الملقّب بالمستعلي وله أخبار ومناقب وسيرة عادلة توفي في جمادى الأولى وتملَّك بعده ولده المعتضد بن عبّاد فامتدت أيامه‏.‏
والسلطان مسعود بن السلطان محمود بن سبكتكين تملَّك بعد أبيه خراسان والهند وغزنة وجرت له حروب وخطوب مع بني سلجوق وظهروا على ممالكه وضعف أمره فقتله أمراؤه‏.‏
سنة أربع وثلاثين وأربعمائة فيها كانت الزلزلة العظمى بتبريز فهدمت أسوارها وأحصي من هلك تحت الهدم فكانوا أكثر من أربعين ألفًا نسأل الله العفو‏.‏
وفيها توفي أبو ذرّ عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير الأنصاري الهروي الحافظ الفقيه المالكي نزيل مكة روى عن أبي الفضل بن خميرويه وأبي عمر بن حيويه وطبقتهما وروى الصحيح عن ثلاثة من أصحاب الفربري وجمع لنفسه ‏[‏معجمًا‏]‏ وعاش ثمانيًا وسبعين سنة وكان ثقة متقنًا ديِّنًا عابدًا ورعًا حافظًا بصيرًا بالفقه والأصول‏.‏
أخذ علم الكلام عن ابن الباقلاّني وصنّف مستخرجًا على الصحيحين وكان شيخ الحرم في عصره ثم إنه تزوج بالسروات وبقي يحج كل عام ويرجع‏.‏
وعبد الله بن غالب بن تمام أبو محمد الهمداني الماكي مفتي أهل سبتة وزاهدهم وعلمهم دخل الأندلس وأخذ عن أبي بكر الزبيدي وأبي محمد الأصيلي ورحل إلى القيروان فأخذ عن أبي محمد بن أبي زيد وبمصر عن أبي بكر المهندس وكان علامة متيقظًا ذكيًّا مستبحرًا من العلوم فصيحًا مفوّهًا قليل النظير توفي في صفر عن سّنٍ عالية‏.‏
سنة خمس وثلاثين وأربعمائة فيها استولى طغرلبك السلجوقي على الريّ وخرّبها عسكره بالقتل والنهب حتى لم يبق بها إلا نحو ثلاثة آلاف نفس وجاءت رسل طغرلبلك إلى بغداد فأرسل القاضي الماوردي إليه يذمُّ ما صنع في البلاد ويأمره بالاحسان إلى الرعية فتلقّاه طغرلبك واحترمه إجلالًا لرسالة الخليفة‏.‏
واتفق موت جلال الدولة السلطان ببغداد بالخوانيق وكان ابنه الملك العزيز بواسط‏.‏
وفيها وصلت عساكر السلجوقية إلى الموصل فعاثوا وبدّعوا وأخذوا حرم قرواش فاتفق
وفيها خطب ببغداد لأبي كاليجار مع الملك العزيز بعد موت جلال الدولة‏.‏
وكان جلال الدولة ملكًا جليلًا سليم الباطن ضعيف السلطنة مصرًّا على اللهو والشراب مهملًا لأمر الرعية عاش اثنتين وخمسين سنة وكانت دلته سبع عشرة سنة وخلف عشرين ولدًا بنين وبنات ودفن بدار السلطان ببغداد ثم نقل‏.‏
وفيها توفي أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور أمير قرطبة ورئيسها وصاحبها ساس البلد أحسن سياسة وكان من رجال الدهر حزمًا وعزمًا ودهاءً ورأيًا ولم يتَّسم بالملك وقال‏:‏ أنا أدبر الناس إلى أن يقوم لهم من يصلح‏.‏
فجعل ارتفاع الأموال بأيدي الأكابر وديعة وصيّر العوام جندًا وأعطاهم أموالًا مضاربة وقرر عليهم السلاح والعدّة‏.‏
وكان يشهد الجنائز ويعود المرضى وهو بزيّ الصالحين لم يتحول من داره‏.‏
إلى دار السلطنة توفي في المحرم عن إحدى وسبعين سنة وولي بعده ابنه أبو الوليد‏.‏
وأبو القاسم الأزهري عبيد الله بن أحمد بن عثمان البغدادي الصيرفي الحافظ كتب الكثير وعني بالحديث‏.‏
وروى عن القطيعي وطبقته توفي في صفر عن ثمانين سنة‏.‏
وجلال الدولة سلطان بغداد أبو طاهر فيوزجرد بن الملك بهاء الدولة أبي نصر بن الملك عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة بن بويه الديلمي وولي بعده ابنه الملك العزيز أبو منصور فضعف وخاف وكاتب ابن عمه أبا كاليجار مرزبان بن سلطان الدولة فوعده بالجميل وخطب للاثنين معًا‏.‏
وأبو بكر الميماسي محمد بن جعفر بن علي الذي روى ‏[‏موطأ‏]‏ يحيى ابن بكبر عن ابن وصيف توفي في شوال وهو من كبار شيوخ نصر المقدسي‏.‏
ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة أبو الحسين البغدادي البزاز روى عن أبي بكر خلاّد وجماعة‏.‏
قال الخطيب‏:‏ صدوق كثير السماع مات في جمادى الأولى‏.‏
وابو القاسم المهلَّب بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي الأندلسي قاضي المريَّة أخذ عن أبي محمد الأصيلي وأبي الحسن القابسي وطائفة وكان من أهل الذكاء المفرط والاعتناء التام بالعلوم وقد شرح صحيح البخاري وتوفي في شوال في سنّ الشيخوخة‏.‏
سنة ست وثلاثين وأربعمائة فيها دخل السلطان أبو كاليجار بغداد وضرب له الطبل في أوقات الصلوات الخمس ولم يضرب لأحد قبله إلا ثلاث مرات‏.‏
وفيها توفي تمام بن غالب أبو غالب بن التيَّاني القرطبي لغويّ الأندلس بمرسية‏.‏
له مصنف بديع في اللغة وكان علامة ثقة في نقله ولقد أرسل إليه صاحب مرسية الأمير أبو الجيش مجاهد ألف دينار على أن يزيد في خطبة هذا الكتاب أنه ألفه لأجله فامتنع تورعًا وقال‏:‏ ما صنفته إلا مطلقًا‏.‏
وأبو عبد الله الصميري الحسن بن علي الفقيه أحد أئمة الحنفية ببغداد‏.‏
روى عن أبي الفض الزهري وطبقته وولي قضاء ربع الكرخ وكان ثقة صاحب حديث مات في شوال وله خمس وثمانون سنة‏.‏
والشريف المرتضى نقيب الطالبين وشيخ الشيعة ورئيسهم بالعراق أبو طالب علي بن الحسين بن موسى الحسيني الموسوي وله إحدى وثمانون سنة وكان إمامًا في التشيع والكلام والشعر والبلاغة كثير التصانيف متبحرًا في فنون العلم أخذ عن الشيخ المفيد وروى الحديث عن سهل الديباجي الكذاب وولي النقابة بعده ابن أخيه عدنان بن الشريف الرضي‏.‏
ومحمد بن عبد العزيز أبو عبد الرحمن النِّيلي شيخ الشافعية بخراسان وله ثمانون سنة كان صالحًا ورعًا كبير القدر‏.‏
روى عن أبي عمرو بن حمدان وجماعة‏.‏
وله ديوان شعر‏.‏
وأبو الحسين البصري محمد بن علي بن الطيّب شيخ المعتزلة وصاحب التصانيف الكلامية وكان من أذكياء زمانه توفي ببغداد في ربيع الآخر وكان يقرئ الاعتزال ببغداد وله حلقة كبيرة‏.‏
سنة سبع وثلاثين وأربعمائة فيها توفي أبو نصر المنازي وزير أحمد بن مروان صاحب ميافارقين وهو من منازجرد واسمه أحمد بن يوسف وكان فصيحًا بليغًا شاعرًا كثير المعارف‏.‏
ومكي بن أبي طالب‏:‏ أبو محمد القيسي شيخ الأندلس وعالما ومقرئها وخطيبها‏.‏
قرأ القراءات على ابن غلبون وابنه وسمع من أبي محمد بن أبي زيد وطائفة‏.‏
وكان من أهل التبحر في العلوم كثير الت صانيف عاش اثنتين وثمانين سنة‏.‏
رحل عن بلده غير مرة وحج وجاور توسع في الرواية وبعد صيته وقصده الناس من النواحي لعلمه ودينه وولي خطابة قرطبة لأبي الحزم جهور وكان مشهورًا بالصلاح وإجابة الدعوة توفي في ثاني المحرم‏.‏
سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة فيها حاصر طغرلبك السَّلجوفي أصبهن وضيّق على أهلها وعلى أميرها فراموز ولد علاء الدولة صم صالحه على مال يحمله وأن يخطب له بأصبهان‏.‏
وفيها توفي أبو علي البغدادي مصنّف ‏[‏الروضة في القراءات العشر‏]‏ الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي‏.‏
وأبو محمد الجويني عبد الله بن يوسف شيخ الشافعية والد إمام الحرمين تفقه بنيسابور على أبي الطيّب الصعلوكي وبمرو على أبي بكر القفال وتصدّر بنيسابور للفتوى والتدريس والتصنيف وكان مجتهدًا في العبادة صاحب جدّ وصدق وهيبة ووقار‏.‏
روى عن أبي نعيم عبد الملك بن محمد الأسفراييني وجماعة‏.‏
وتوفي في ذي القعدة‏.‏
سنة تسع وثلاثين وأربعمائة فيها توفي أبو محمد الخلال الحسن بن محمد بن الحسن البغدادي الحافظ في جمادى الأولى وله سبع وثمانون سنة‏.‏
روى عن القطيعي وأبي سعيد الحرقي وطبقتهما‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان ثقة له معرفة خرّج المسند على الصحيحين وجمع أبوابًا وتراجم كثيرة‏.‏
قلت‏:‏ آخر من روى عنه أبو سعد أحمد بن الطُّيوري‏.‏
وعلي بن منير بن أحمد الخلال أبو الحسن المصري الشاهد في ذي القعدة روى عن أبي الطار الذهلي وأبي أحمد بن الناصح‏.‏
والنذير الواعظ وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد الشيرازي‏.‏
روى عن إسماعيل بن حاجب الكشاني وجماعة ووعظ ببغداد فازدحموا عليه وشغفوا به ورزق قبولًا لم يرزقه أحد وصار يظهر الزهد ثم إنه تنعّم وقبل الصلات من الأقطار واستجمع له جيش من المطوِّعة فعسكر بظاهر بغداد وضرب له الطبل وسار بهم إلى الموصل واستفحل أمره فصار إلى أذربيجان وضاهى أمير تلك الناحية ثم خمد سوقه وتراجع عامّة أصحابه ثم مات‏.‏
ومحمد بن عبد الله بن عابد أبو عبد الله المعافري حدّث قرطبة‏.‏
روى عن أبي عبد الله بن مفرج وطبقته ورحل فسمع من أبي محمد بن أبي زيد وأبي بكر بن المهندس وطائفة‏.‏
وكان ثقة عالمًا جيّد المشاركة في الفضائ توفي في جمادى الأولى عن بضع وثمانين سنة وهو آخر من حدّث عن الأصيلي‏.‏
سنة أربعين وأربعمائة فيها مات السلطان أبو كاليجار مرزبان بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة البويهي الديلمي مات بطريق كرمان فصدوه في يوم ثلاث مرّات وكان معه نحو أربعة آلاف من الترك والديلم فنهبت خزائنه وحريمه وجواريه وطلبوا شيراز فلسطنوا ابنه الملك الرحيم أبا نصر وكان مدة سلطنة وفيها أقدم المعز بن باديس بالمغرب الدعوة للقائم بالله العباسي وخلع طاعة المستنصر العبيدي فبعث المستنصر جيشًا من العرب يحاربونه فذلك أول أول دخول العربان إلى إفريقية وهم بنو رياح وبنو زغبة وتمت لهم أمور يطول شرحها‏.‏
وفيها قدم خراسان خلائق من الترك الغزّ فسار بهم الملك ينال فدخل الروم فقتل وسبى وغنم وسار حتى قارب القسطنطينية وحصل لهم من السبي فوق المائة ألف نفس والتقى الروم وهزمهم غير مرة وكسروه أيضًا ثم ثبت المسلمون ونزل النصر وقيل إنهم جرُّوا الغنائم على عشرة آلاف عجلة فلله الحمد‏.‏
وفيها توفي الحكيمي أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن نصر المصري الورّاق يوم الأضحى وله إحدى وثمانون سنة‏.‏
روى عن أبي الطاهر الذهلي وغيره‏.‏
والحسن بن عيسى بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد الأمير أبو محمد العباسي‏.‏
روى عن مؤدِّبه أحمد اليشكري وكان رئيسًا ديِّنًا حافظًا لأخبار الخلفاء توفي في شعبان وله نيِّف وتسعون سنة‏.‏
وأبو القاسم عبيد الله بن أبي حفص عمر بن شاهين‏.‏
روى عن أبيه وأبي بحر البربهاري والقطيعي وكان صدوقًا عالي الإسناد توفي في ربيع الأول‏.‏

وأبو ذرّ محمد بن إبراهيم بن علي الصالحاني الأصبهاني الواعظ‏.‏
روى عن أبي الشيخ ومات في ربيع الأول‏.‏
وأبو عبد الله الكارزيني محمد بن الحسين الفارسي المقرئ نزيل الحرم ومسند القراء توفي فيها أو بعدها وقد قرأ القرءات على المطوِّعي قرأ عليه جماعة كثيرة وكان من أبناء التسعين وما علمت فيه جرحًا‏.‏
وابن ريذة مسند أصبهان أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الأصبهاني التاجر راوية أبي القاسم الطّبراني توفي في رمضان وله أربع وتسعون سنة‏.‏
قال يحيى بن مندة‏:‏ كان ثقة أمينًا كان أحد وجوه الناس وافر العقل كامل الفضل مكرمًا لأهل العلم حسن الخط يعرف طرفًا من النحو واللغة‏.‏
وابن غيلان مسند العراق أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان الهمداني البغدادي البزاز سمع من أبي بكر الشافعي أحد عشر جزءًا وتعرف بالغيلانيّات لتفرده بهها‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان صدوقًا صالحًا ديّنًا‏.‏
قلت‏:‏ مات في شوال وله أربع وتسعون سنة‏.‏
وأبو منصور السّوّاق محمد بن محمد بن عثمان البغدادي البندار وثّقه الخطيب ومات في آخر سنة إحدى وأربعين وأربعمائة فيها أمرت الرافضة ببغداد أن لا يعملوا مأتم عاشوراء فخالفوا فثارت غوغاء السنُّة وحميت الفتنة وجرى مالا يعبّر عنه وقتل جماعة وجرح خلق فاهتم أهل الكرخ وعلموا عليهم سورًا منيعًا غرموا عليه أموالًا عظيمة وكذا فعل أهل نهر القلائين وصار مع كل فرقة طائفة من الأتراك على نحلتهم تشدّ منهم وتمّت لهم فتنة هائلة يوم عيد الفطر‏.‏
وفيها توفي أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر التميمي الدمشقي أبو علي المعدَّل أحد الأكابر بدمشق‏.‏
روى عن يوسف الميانجي وجماعة‏.‏
والعتيقي أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي التاجر السفّار المحدِّث‏.‏
روى عن علي بن محمد بن سعيد الرزاز وإسحاق بن سعد النسوي وطبقتهما وجمع وخرّج على الصحيحين وكان ثقة فهمًا توفي في صفر‏.‏
وأحمد بن المظفر بن أحمد بن يزداد الواسطي العطار أبو الحسن‏.‏
را وي مسند مسدَّد عن ابن السقا توفي في شعبان‏.‏
وابو القاسم الأفليلي - وأفليل قرية بالشام - ثم القرطبي إبراهيم ابن محمد بن زكريا الزهري الوقّاصي توفي في ذي القعدة بقرطبة وله تسع وثمانون سنة‏.‏
روى عن أبي عيسى اللّيثي وأبي بكر الزبيدي وطائفة ووليّ الوزارة لبعض أمراء الأندلس‏.‏
وكان رأسًا في اللغة والشعر أخباريًا علامة‏.‏
وابن سختام الفقيه أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نصرويه بن سختام بن هرثمة الغزني السمرقندي الحنفي المفتي رحل إلى الحج وحدَّث ببغداد ودومشق عن أبيه ومحمد بن أحمد بن متّ الإشتيخني وجماعة وحدَّث في هذا العام وتوفي فيه أو بعده في عشر الثمانين‏.‏
وابن حمُّصة أبو الحسن علي بن عمر الحرّاني ثم المصري الصواف عنده مجلس واحد عن حمزة الكتَّاني يعرف بمجلس البطاقة توفي في رجب‏.‏
وقراوش بن مقلَّد بن المسيَّب الأمير أبو المنيع معتمد الدولة العقيلي صاحب الموصل وابن صاحبها وكانت دولته خمسين سنة وكان أديبًا شاعرًا ممدّحًا فارسًا نهابًا وهابًا على دين الأعراف وجاهليتهم يقال إنه جمع بين أختين فلاموه فقال‏:‏ وأيّ شيء نستعمل من الشرع حتى تتكلموا في هذا‏.‏
وقال مرة‏:‏ ما في رقبتي غير دم خمسة أو ستة من العرب فأما الحضر فلا يعبأ الله بهم وثب على قرواش ابن أخيه بركة وقبض عليه وسجنه في هذه السنة وتملك‏.‏
فمات في سنة ثلاث فملك بعده أبو المعالي قريش ابن بدران ابن مقلَّد بن المسيّب فذبح قرواش بن مقلَّد وأبو الفضل السعدي محمد بن أحمد بن عيسى البغدادي الفقيه الشافعي تلميذ أبي حامد الإسفراييني وراوي معجم الصحابة عن ابن بطّة توفي في شعبان وقد روى عن جماعة كثير ة بالعراق والشام ومصر‏.‏
وأبو عبد الله الصوُّري محمد بن علي الحافظ أحد أركان الحديث توفي ببغداد في جمادى الآخرة وقد نيّف على الستين‏.‏
روى عن ابن جميع والحافظ عبد الغ ني المصري ولزمه مدة وأكثر عن المصريين والشاميين ثم رحل إلى بغداد ولقي بها ابن مخلد صاحب الصفّار وهذه الطبقة‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان من أحرص الناس على الحديث وأكثرهم كتبًا وأحسنهم معرفة به لم يقدم علينا أفهم منه وكان دقيق الخط يكتب ثمانين سطرًا في ثمن الكاغد الخراساني وكان يسرد الصوم‏.‏
وقال أبو الوليد الباجي‏:‏ هو أحفظ من رأيناه‏.‏
وقال أبو الحسين بن الطيوري‏:‏ ما رأيت أحفظ من الصوري‏.‏
وكان بفرد عين وكان متفننًا يعرف من كل علم وقوله حجَّة وعنه أخذ الخطيب علم الحديث‏.‏
قلت‏:‏ وله شعر فائق‏.‏
والسلطان مودود صاحب غزنة ابن السلطان مسعود بن محمود ابن سبكتكين وكانت دولته عشر سنين ومات في رجب وله تسع وعشرون سنة وأقاموا بعده ولده وهو صبي صغير ثم خلعوه‏.‏
سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة فيها عيّن ابن النسوي لشرطة بغداد فاتفقت الكلمة في السنَّة والشّيعة أنه متى ولي نزحوا عن البلد ووقع الصلح بهذا السبب بين الفريقين وصار أهل الكرخ يترحمون على الصحابة وصلّوا في مساجد السنّة وخرجوا كلهم إلى زيارة المشاهد وتحابّوا وتوادّوا وهذا شيء لم يعهد من دهرٍ‏.‏
وفيها توفي أبو الحسين التوَّزي أحمد بن علي البغدادي المحتسب‏.‏
روى عن علي بن للؤل وطبقته وكان ثقة صاحب حديث‏.‏
والملك العزيز أبو منصور بن الملك جلال الدولة بن بويه توفي بظاهر ميّافارقين وكانت مدته سنتين وكان أديبًا فاضلًا له شعر حسن‏.‏
وأبو الحسن بن القزويني عل بن عمر الحربي الزاهد القدوة شيخ العراق‏.‏
روى عن أبي عمر بن جيّويه وطبقته‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان أحد الزهاد ومن عباد الله الصالحين يقرئ ويحدّث ولا
يخرج إلاّ لصلاةٍ وعاش اثنتين وثمانين سنة توفي في شعبان وغلقت جميع بغداد يوم دفنه ولم أر جمعًا أعظم من ذلك الجمع رحمه الله تعالى‏.‏
وأبو القاسم الثمانيني الموصلي الضرير النحويّ أحد أئمة العربية بالعراق أخذ عن ابن جنِّي وتصدّر للإفادة وصنّف شرحًا للُّمع وكتاب في النحو وشرحًا للتصريف الملوكي واسمه‏:‏ عمر بن ثابت‏.‏
ومحمد بن عبد الواحد بن زوج الحرّة أبو الحسن أخو أبي يعلى وأبي عبد الله وكان أوسط الثلاثة‏.‏
روى عن علي بن لؤلؤ وطائفة‏.‏
وأبو طاهر بن العلاف محمد بن علي بن محمد البغدادي الواعظ‏.‏
روى عن القطيعي وجماعة‏.‏
وكان نبيلًا وقوًا له حلقة للعلم بجامع المنصور‏.‏
سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة فيها في صفر زال الأنس بين السنّة والشّيعة وعادوا إلى أشدّ ما كانوا عليه وأحكم الرافضة سوق الكرخ وكتبوا على الأبراج‏:‏ محمد وعليّ خير البشر فمن رضي فقد شكر ومن أبى فقد كفر فاضطرمت نار الفتنة وأخذت ثياب الناس في الطرق وغلِّقت الأسواق واجتمع للسنّة جمع لم ير مثله وهجموا على دار الخلافة فوعدوا بالخير فثار أهل الكرخ والتقى الجمعان وقتل جماعة ونهب باب التبن ونبشت عدّة قبور للشّيعة وأحرقوا مثل العوني والناشي والجذوعي وطرحوا النيران في التُّرب وتمَّ على الرافضة خزي عظيم فعمدوا إلى خان الحنفية فأحرقوه وقتلوا مدرّسهم أبا سعد السرخسيّ رحمه الله‏.‏
وقال الوزير‏:‏ إن وأخذنا الكّل خرب البلد‏.‏
وفيها أخذ طغرلبك أصبهان بعد حصار سنة فجعلها دار ملكه ونقل خزائنه من الريِّ إليها‏.‏
وفيها هجمت الغزّ على الأهواز وقتلوا ونهبوا وعلموا كل قبيح‏.‏
وفيها كانت وقعة عظيمة بين المعزّ بن باديس وبين المصريين قتل فيها من المغاربة نحو ثلاثين ألفًا‏.‏
وفيها توفي أبو علي الشاموخي المقرئ الحسن بن علي بالبصرة وله جزء مشهور روى فيه عن أحمد بن محمد بن العباس صاحب أبي خليفة‏.‏
وعلي بن شجاع الشيباني المصقلي أبو الحسن الأصبهاني الصوفي توفي في ربيع الأول‏.‏
روى عن الدَّارقطني وطبقته وأسمع ولديه كثيرًا‏.‏
وأوب القاسم الفارسي عليّ بن محمد بن علي مسند الديار المصرية أكثر عن أبي أحمد بن الناصح والذهلي وابن رشيق توفي في شوال‏.‏
ومحمد بن عبد السلام بن سعدان أبو عبد الله الدمشقي‏.‏
روى عن جمح ابن القاسم وأبي عمر بن فضالة وجماعة‏.‏
توفي في يوم عرفة وعنده ستة أجزاء‏.‏
وأبو الحسن بن صخر الأزدي القاضي محمد بن علي بن محمد البصري بزبيد في جمادى الآخرة عن سنّ عالية أملى مجالس كثيرة عن أحمد بن جعفر السَّقطي ويوسف النَّجيرمي وخلق‏.‏
سنة أربع وأربعين وأربعمائة فيها هاجت الفتنة ببغداد واستعرت نيرانها وأحرقت عدّة حوانيت وكتب أهل الكرخ على أبواب مساجدهم‏:‏ محمد وعلي خير البشر وأذَّوا بحيّ على خير العمل فاجتمع غوغاء السنّة وحملوا حملة حربية على الرافضة فهرب النظّارة وازدحموا في درب ضيّق فهلك ستّ وثلاثون امرأة وستة رجال وصبيان وطرحت النيران في الكرخ وأخذوا في تحصين الأبواب والقتال والتقوا في سادس ذي الحجة فجمع الطقطقي طائفة من الأعوان وكنس نهر طابق من الكرخ وفيها جرت حروب هائلة بين الغزّ السلجوقية وبين صاحب غزنة على الملك وقتل عدد كير من الفريقين قتله جاهلية‏.‏
وفيها جهّز الملك الرحيم الديلمي عسكرًا لحرب أخيه واقتتلوا في السفن أيامًا‏.‏
وفيها عمل محضر كبير ببغداد يتضمن القدح في نسب بني عبيد الخارجين بالمغرب ومصر وأن أصلهم من اليهود وأنهم كاذبون في انتسابهم إلى جعفر بن محمد الصادق رحمه الله فكتب فيه خلق من الأشراف والشِّيعة والسنّة وأولي الخبرة‏.‏
وفيها انتشرت جيوش الغزّ وعاثوا ونهبوا ببلاد الجبل‏.‏
وفيها قدم عسكر الغزّ فأغاروا على أطراف العراق وقتلوا وسبوا وفتكوا‏.‏
وفيها بعث الملك الرحيم وزيره والبساسيري فحاصر أخاه بالبصرة وجرت لهما أمور طويلة ثم هرب إلى طغرلبك فأكرمه وزوّجه بابنته‏.‏
وفيها توفي أبو غانم الكراعي أحمد بن علي بن الحسين المروزي‏.‏
روى عن أبي العباس عبد الملك بن الحسين النضري صاحب الحرث بن أبي أسامة وكان مسند خراسان في وقته وآخر من روى عنه حفيده‏.‏
وأبو علي بن المذهب راوية لأحمد وهو الحسن ابن علي بن التميمي البغدادي الواعظ‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان سماعه للمسند من القطيعي صحيحًا إلا في أجزاء فإنه ألحق اسمه فيها وعاش تسعًا وثمانين سنة‏.‏
قلت‏:‏ توفي في تاسع عشري ربيع الآخر‏.‏
قال ابن نقطة‏:‏ لو بين الخطيب في أي مسند هي لأتى بالفائدة‏.‏
ورشأ بن نظيف بن ما شاء الله أبو الحسن الدمشقي المقرئ المحدّث قرأ بدمشق ومصر وبغداد بالروايات‏.‏
وروى عن أبي مسلم الكاتب‏.‏
وعبد الوهاب الكلابي وطبقتهما‏.‏
قال الكتّاني‏:‏ توفي في المحرم وكان ثقةً مأمونًا وانتهت إليه الرئاسة في قراءة ابن عامر‏.‏
وأبو القاسم الأزجي المحدِّث عبد العزيز بن علي الخياط‏.‏
روى عن ابن عبيد العسكري وعلي بن لؤلؤ وطبقتهما فأكثر توفي في شعبان وله ثمان وثمانون سنة وكان صاحب حديث وسنة‏.‏
وأبو نصر السجزي الحافظ عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي البكري نزيل مصر‏.‏
توفي بمكة في المحرم وكان متقنًا مكثرًا بصيرًا بالحديث والسنّة واسع الرحلة رحل بعد الأربعمائة فسمع بخراسان والعراق والحجاز ومصر وروى عن الحاكم وأبي أحمد الفرضي وطبقتهما‏.‏
قال الحافظ ابن طاهر‏:‏ سألت الحبّال عن الصوري والسجزي أيّهما أحفظ فقال‏:‏ السجري أحفظ وأبو عمرو الدَّاني عثمان بن سعيد القرطبي بن الصيرفي الحافظ المقرئ أحد الأعلام صاحب المصنفات الكثيرة المتقنة توفي بدانية في شوال وله ثلاث وسبعون سنة‏.‏
قال‏:‏ ابتدأت بطلب العلم سنة ست وثمانين وثلاثمائة ورحلت إلى المشرق سنة سبع وتسعين فكتبت بالقيروان ومصر‏.‏
قلت‏:‏ سمع من أبي مسلم الكاتب وبمكة من أحمد بن فراس وبالمغرب من أبي الحسن القابسي وقرأ القراءات على عبد العزيز بن جعفر الفارسي وخلف ابن خاقان وظاهر بن غلبون وجماعة‏.‏
قال ابن بشكوال‏:‏ كان أحد الأئمة في علم القرآن رواياته وتفسيره ومعانيه وطرقه وإعرابه وله معرفة بالحديث وطرقه ورجاله وكان جيّد الضبط من أهل الحفظ والذكاء والتفنن ديّنًا ورعًا سنّيًا‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان مجاب الدعوة مالكّي المذهب‏.‏
وناصر بن الحسين أبو الفتح القرضي العمري المروزي الشافعي مفتي أهل مرو تفقه على أبي بكر القفّال وأبي الطّيب الصعلوكي وروى عن أبي سعيد عبد الله بن محمد الرازي صاحب ابن الضريس وعبد الرحمن بن أبي شريح وعليه تفقه البيهقي وكان فقيرًا متعففًا متواضعًا‏.‏
فيها انجفل الناس ببغداد ووصلت السلجوقية إلى حلوان يريدون العراق‏.‏
وفيها توفي تاج الأئمة مقرئ الديار المصرية أبو العباس أحمد بن علي ابن هاشم المصري قر أ على عمر بن عراك وأبي عديّ وجماعة‏.‏
ثم رحل وقرأ على أبي الحسن الحمامي‏.‏
توفي في شوال في عشر السبعين‏.‏
وأبو إسحاق البرمكي إبراهيم بن عمر البغدادي الحنبلي‏.‏
روى عن القطيعي وابن ماسي وطائفة‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان صدوقًا ديّنًا فقيهًا على مذهب أحمد وله حلقة للفتوى توفي يوم التروية وله أربع وثمانون سنة‏.‏
قلت تفقه على ابن بطة وابن حامد‏.‏
وأبو سعيد السمَّان إسماعيل بن علي الرازي الحافظ سمع بالعراق ومكة ومصر والشام وروى عن المخلّص وطبقته‏.‏
قال الكتّاني‏:‏ كان من الحفاظ الكبار زاهدًا عابدًا يذهب إلى الاعتزال‏.‏
قلت‏:‏ كان متبحرًا في العلوم وهو القائل‏:‏ من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام وله تصانيف كثيرة يقال إنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ وكان رأسًا في القراءات والحديث والفقه بصيرًا بمذهبي أبي حنيفة والشافعي لكنه من رؤوس المعتزلة وكان يقال أنه ما رأى مثل نفسه‏.‏
وأبو طاره محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم الكاتب مسند أصبهان وراوية أبي الشيخ توفي في ربيع الآخر وهو في عشر التسعين وكان ثقة صاحب رحلة إلى أبي الفضل الزهري وطبقته‏.‏
وأبو عبد الله العلوي محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن الكةفي م سند الكوفة في ربيع الأول روى عن البكائي وطائفة‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 09:23 PM

سنة ست وأربعين وأربعمائة فيها كانت الحرب الهائلة بالمغرب بين ابن باديس والعرب الذين دخلوا القيروان من جهة صاحب مصر وجاهر العرب القيروان واليهم المؤامرات وعم البلاء بالعرب وانتقل المتعز إلى الهندية‏.‏
وفيها ملك طغرلبك إقليم أذربيجان صلحًا ثم سار بجيوشه فغزا الروم وسبى وغنم‏.‏
وفيه توفي أبو علي الأهوازي الحسن بن علي بن إبراهيم المقرئ المحدِّث مقرئ أهل الشام وصاحب التصانيف ولد سنة اثنتين وستين وثلالاثمائة وعني بالقراءات ولقي الكبار كأبي الفرج الشنَّبوذي وعليّ بن الحسين الغضائري‏.‏
وقرأ بالأهواز لقالون في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وروى الحديث عن نصر المرجي والمعافى الجريري وطبقتهما وهو ضعيف اتهم في لقاء بعض الشيوخ توفي في ذي الحجة‏.‏
وأبو يعلى الخليلي الخليل بن عبد الله بن أحمد القزويني الحافظ أحد أئمة الحديث‏.‏
روى عن عليّ بن أحمد بن صالح القزويني وأبي حفص الكتّاني وطبقتهما وكان أحد من رحل وتعب وبرع في الحديث‏.‏
وأبو محمد بن اللّبان التيمي عبد الله بن محمد الأصبهاني‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان أحد أوعية العلم سمع أبا بكر بن المقرئ وأبا طاهر المخلّص وطبقتهما وكان ثقة صحب ابن الباقلاني ودرس عليه الأصول وتفقّه علي أبي حامد الإسفراييني وقرأ القراءات وله مصنفات كثيرة سمعته يقول‏:‏ حفظت القرآن ولي خمس سنين مات بأصبهان في جمادى الآخرة‏.‏
ومحمد بن عبد الرحمن بن ع ثمان بن أبي نصر أبو الحسين التميمي المعدَّل الرئيس مسند دمشق وابن مسندها سمع أبا بكر الميانجي وأبا سليمان بن زبر توفي في رجب‏.‏
سنة سبع وأربع ين وأربعمائة فيها تملّك طغرلبك العراق باستدعاء الخليفة ومكاتبته لأن أرسلان البساسيري كان قد عظم ببغداد ولم يبق للملك الرحيم ولا للخليفة معه إلا الاسم‏.‏
ثم بلغ الخليفة أنه عازم على نهب دار الخلافة فاستنجد عليه بطغرلبك وكان البساسيري غائبًا بواسط فنهبت داره ببغداد برأي رئيس الرؤساء فأقبل طغرلبك على الملك الرحيم وفرغت دولة بني بويه وعاثت العز بسواد العراق وعفّروا الناس ونهبوهم حتى أبيع الثور بعشرة دراهم‏.‏
وفيها توفي أبو عبد الله القادسي الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب البغدادي البزاز روى عن أبي بكر القطيعي وغيره ضعَّفه الخطيب وفيه أيضًا رفضٌ توفي في ذي القعدة‏.‏
وابن ماكولا قاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن علي بن جعفر العجلي الجرباذقاني الشافعي توفي في شوال وله ثمانون سنة‏.‏
قال الخطيب‏:‏ لم ير قاضٍ أعظم نزاهة منه‏.‏
وحكم بن محمد بن حكم أبو العاص الجذامي القرطبي مسند الأندلس حجّ فسمع من أبي محمد بن أبي زيد وإبراهيم بن علي التمّار وأبي بكر المهندس وقرأ على عبد المنعم بن غلبون وكان صالحًا ثقة ورعًا صليبًا في السنّة مقلاّ زاهدًا توفي في ربيع الآخر عن بضع وتسعين سنة‏.‏
وسليم بن أيوب أبو الفتح الرازي الشافعي المفسر صاحب التصانيف والتفسير وتلميذ أبي حامد الإسفراييني‏.‏
روى عن أحمد بن محمد البصير وطائفة كثيرة وكان رأسًا في العلم
وعبد الوهاب بن الحسين بن برهان أبو الفرج البغدادي الغزّال روى عن أبي عبد الله العسكري وإسحاق بن سعد وخلق وسكن صور وبها مات في شوال عن خمسٍ وثمانين سنة‏.‏
وأبو أحمد الغندجاني عبد الوهاب بن محمد بن موسى‏.‏
روى تاريخ البخاري عن أحمد بن عبدان الشيرازي‏.‏
وأبو القاسم التنوخي علي بن أبي علي المحسِّن بن علي البغدادي‏.‏
روى عن علي بنن محمد بن كيسان والحسين بن محمد العسكري وخلق كثير وأول سماعه في سنة سبعين‏.‏
قال الخطيب‏:‏ صدوق متحفظ في الشهادة ولي قضاء المدائن ونحوها‏.‏
وقال ابن خيرون‏:‏ قيل كان رأيه الترفض والاعزال مات في ثاني المحرم‏.‏
وذخيرة الدين ولي العهد محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أحمد توفي في ذي القعدة وله ست عشرة سنة وكان قد ختم القرآن وحفظ الفقه والنحو والفرائض وخلف سريَّة حاملًا فولدت ولدًا سماه جدّه عبد الله فهو المقتدي الذي ولي الخلافة بعد جدّه‏.‏
ومحمد بن علي بن يحيى بن سلوان المازني ما عنده سوى نسخة أبي مسهر وما معها توفي في ذي الحجة وهو ثقة‏.‏
فيها تزوج القائم بأمر الله بأخت طغرلبك وتمكّن القائم وعظمت الخلافة بسلطنة طغرلبك‏.‏
وفيها كان القحط الشديد بديار مصر والوباء المفرط وكانت العراق تموج بالفتن والخوف والنهب من عسكر طغرلبك ومن الأعراب ومن البساسيري وخطب بالكوفة وواسط والموصل للمستنصر المصري وفرحت الرافضة بذلك واستفحل أمر البساسيري وجاءته الخلع والتقليد من مصر له ولقريش صاحب الموصل ولدبيس صاحب الفرات وأقاموا شعار الرفض‏.‏
وفيها توفي عبد الله بن الوليد بن سعيد أبو محمد الأنصاري الأندلسي الفقيه المالكي حمل عن أبي محمد بن أبي زيد وخلق وعاش ثمانيًا وثمانين سنة وسكن مصر وتوفي بالشام في رمضان‏.‏
وابو الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي ثم النيسابوري راوي ‏[‏صحيح مسلم‏]‏ عن أبي عمرويه و ‏[‏غريب الخطابي‏]‏ عن المؤلف كمَّل خمسًا وتسعين سنة ومات في خامس شوال وكان عدلًا جليل القدر‏.‏
وأبو الحسن الفالي علي بن أحمد بن علي المؤدِّب ثقة‏.‏
روى عن أحمد ابن خربان وأبي عمر الهاشمي‏.‏
وأبو الحسن الباقلاني علي بن إبراهيم بن عيسى البغدادي‏.‏
روى عن القطيعي وغيره‏.‏
قال الخطيب‏:‏ لا بأس به‏.‏
وابن مسرور أبو حفص عمر بن أحمد بن عمر النيسابوري الزاهد روى عن ابن نجيد وبشر بن أحمد الإسفراييني وأبي سهل الصعلوكي وطائفة‏.‏
قال عبد الغافر‏:‏ هو أبو حفص الفامي الماوردي الزاهد الفقيه كان كثير العبادة والمجاهدة كانوا يتبركون بدعائه وعاش تسعين سنة ومات في ذي القعدة‏.‏
وابن الطفّال أبو الحسن محمد بن الحسين بن محمد النيسابوري ثم المصري المقرء البزاز التاجر ولد سنة تسع وخمسين وثلاثمائة‏.‏
وروى عن ابن حيويه وأبي الطاهر الذهلي وابن رشيق‏.‏
وابن حيويه وأبي الطاهر الذهلي وابن رشيق‏.‏
وابن الترجمان محمد بن الحسين بن علي الغزّي شيخ الصوفية بديار مصر‏.‏
روى عن محمد بن أحمد الجندري وعبد الواهب الكلابي وطائفة ومات في جمادى الأول بمصر وله خمس وتسعون سنة وكان صدوقًا‏.‏
وأبو بكر محمد بن عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران الأموي البغدادي رواي السنن عن الدارقطني وروى أيضًا عن أبي عمر بن حيَّويه وطائفة توفي في جمادى الأولى وكان ثقة
سنة تسع وأربعين وأربعمائة فيها خلع القائم بأمر الله على السلطان طغرلبك السلجوقي سبع خلع وطوّقه وسوّره وتوجه وكتب له تقليدًا بها وراء بابه وشافهه بملك المشرق والمغرب فقدّم للقائم تحفًا منها خمسون مملوكًا بخيلهم وسرحهم وخمسون ألف دينار‏.‏
وفيها عجز ثمال بن صالح بن مرداس عن حلب للقحط وسلمها بالأمان للمصريين‏.‏
وفيها كان الوباء المفرط بما وراء النهر حتى قيل إنه مات فيه ألف ألف إنسان وستمائة ألف‏.‏
وفيها توفي أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري اللغوي الشاعر صاحب التصانيف المشهورة والزندقة المأثورة والذكاء المفرط والزهد الفلسفي وله ست وثمانون سنة‏.‏
جدَّر وهو ابن ثلاث سنين فذهب بصره ولعله مات على الإسلام وتاب من كفرياته وزال عنه الشك‏.‏
وأبو مسعود البجلي أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز الرازي الحافظ وله سبع وثمانون سنة توفي في المحرم ببخارى وكان كثير الترحال طوّف وجمع وصنَّف الأبواب وروى
وأبو عثمان الصابوني شيخ الإسلام إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الواعظ المفسّر المصنف أحد الأعلام‏.‏
روى عن زاهر السرخسي وطبقته وتوفي في صفر وله سبع وسبعون سنة وأول ما جلس للوعظ وهو ابن عشر سنين وكان شيخ خراسان في زمانه‏.‏
وابن بطّال مؤلف ‏[‏شرح البخاري‏]‏ أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطّال القرطبي‏.‏
روى عن أبي المطرف القنازعي ويونس بن عبد الله القاضي توفي في صفر‏.‏
وأبو عبد الله الخبّازي محمد بن علي بن محمد النيسابوري المقرئ عن سبع وسبعين سنة‏.‏
روى عن أبيه القراءات وتصدّر وصنّف فيها وحدَّث عن أبي محمد المخلدي وطبقته وكان كبير الشأن وافر الحرمة مجاب الدعوة آخر من روى عنه الفراوي‏.‏
وأبو الفتح الكراجكي‏.‏
والكراجكي الخيمي رأس الشيّعة وصاحب التصانيف محمد بن علي مات بصور في ربيع الآخر وكان نحويًا لغويًا منجمًا طبيبًا متكلمًا متفنِّنًا من كبار أصحاب الشريف المرتضى وهو مؤلف كتاب ‏[‏تلقين أولاد المؤمنين‏]‏‏.‏
سنة خمسين وأربعمائة فيها سار طغرلبك ليأخذ الجزيرة فنازل الموصل وعمد ارسلان البساسيري فكانت إبراهيم ينال يعده ويمنَّيه ويطعمه في الملك فأصغى إليه وخالف على أخيه طغرلبك وساق بفرقة من الجيش وقصد الريّ فانزعج طغرلبك وساق وراءه ببعض الجيش وترك بعض الجيش مع زوجته ووزيره عميد الملك الكندري وقامت الفتنة على ساقٍ وتمّ للبساسيري ما دبَّر من المكر وقدم بغداد فدخلها في ذي القعدة بالرايات المستنصرية واستبشرت الرافضة وشمخوا وأذَّنوا بحيّ على خير العمل وقاتلت السنّة دون القائم بأمر الله ودامت الحرب في السفن أربعة أيام وأقيمت الخطبة لصاحب مصر ثم ضعف القائم وخندق على داره ثم تفرَّق جمعه واستجار بقريش أمير العرب فأجاره وأخرجه إلى مخيَّمه وقبض البساسيري على الوزير رئيس الرؤساء علي بن المسلمة وشهره بطرطور على جمل ثم صلبه ونهبت دور الخلافة وزالت الدولة العباسية وحبس القائم بحديثه عانة عند مهارش وجمع البساسيري الأعيان كلهم وبايعوه للمستنصر العبيدي قهرًا ثم أحسن إلى الناس ولم يتعصب لمذهب وأفرد لوالدة الخليفة دارًا وراتبًا وقيل إنّ المستنصر أمدَّ البساسيري بأموال عظيمة فوق الألف ألف دينار‏.‏
وفيها توفي الونّي صاحب الفرائض استشهد في فتنة البساسيري وهو أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الواحد البغدادي‏.‏
وأبو الطّيب الطبري طاهر بن عبد الله بن طاهر القاضي الشافعي أحد الأعلام‏.‏
روى عن أبي أحمد الغطريفي وجماعة وتفقه بنيسابور على أبي الحسن الماسرجسي وسكن بغداد وعمرّ مائة وسنتين‏:‏ قال الخطيب‏:‏ كان عارفًا بالأصول والفروع محققًا صحيح المذهب‏.‏
قلت‏:‏ سقنا أخباره في التاريخ الكبير ومات في ربيع الأول ولم يتغّير له ذهن‏.‏
وابو الفتح بن شيطا مقرئ العراق ومصنف ‏[‏التذكار في القراءات العشر‏]‏ عبد الواحد بن الحسين بن أحمد أخذ عن الحمامي وطائفة وحدّث عن محمد بن إسماعيل الوّراق وجماعة توفي في صفر وله ثمانون سنة‏.‏
وعلي بن بقا أبو الحسن المصري الوراق الناسخ محدّث ديار مصر‏.‏
روى عن القاضي أبي الحسن الحلبي وطائفة وكتب الكثير‏.‏
والماوردي أقضى القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الشافعي مصنف ‏[‏الحاوي‏]‏ و ‏[‏الإقناع‏]‏ و ‏[‏أدب الدنيا والدين‏]‏‏.‏ وغير ذلك وكان إمامًا في الفقه والأصول والتفسير بصيرًا بالعربية ولي قضاء بلاد كثيرة ثم سكن بغداد وعاش ستًا وثمانين سنة‏.‏
تفقّه على أبي القاسم الصيمري بالبصرة وعلى أبي حامد ببغداد وحدّث عن الحسن الجيلي صاحب أبي خليفة الجمحي وجماعة وآخر من روى عنه ابو العزّ بن كادش‏.‏
وأبو القاسم الخفّاف عمر بن الحسين البغدادي صاحب المشيخة روى عن ابن المظفر وأبو منصور السمعاني محمد بن عبد الجبار القاضي المروزي الحنفي والد العلامة أبي المظفر السمعاني مات بمرو في شوال وكان إمامًا ورعًا نحويًا لغويًا علامة له مصنفات‏.‏
ومنصور بن الحسين التّاني أبو الفتح الأصبهاني المحدّث صاحب ابن المقرئ كان من أروى الناس عنه توفي في ذي الحجة وكان ثقة‏.‏
والملك الرحيم أبو نصر بن الملك أبي كاليجار بن الملك سلطان الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن كن الدولة الحسن بن بويه الديلمي آخر ملوك الديلم مات محبوسًا بقلعة الريّ في اعتقال طغرلبك‏.‏
سنة إحدى وخمسين وأربعمائة فيها رجع السلطان طغرلبك إلى بغداد فهرب آل البساسيري وحشمه وأهل الكرخ بأهاليهم على كل صعب وذلول فنهبتهم العربان وكانت أيام البساسيري سنة كاملة وعاد القائم بأمر الله إلى مقرّ عزّه وسار عسكره فالتقاهم البساسيري في ذي الحجة فقتل وطيف برأسه ببغداد‏.‏
وفيها انعقد الصلح بين صاحب غزنة إبراهيم بن مسعود السبكتكيني وبين جغريبك أخي طغرلبك السلجوقي بعد حروب طويلة أضرست الفريقين وفرح المسلمون بالاتفاق فلم ينشب جغريبك أن توفي‏.‏
وفيها توفي ابن سميق أبو عمر أحمد بن يحيى بن أحمد بن سميق القرطبي نزيل طليطلة ومحدّث وقته‏.‏
روى عن أبي المطرّف بن فطيس وابن أبي زمنين وطبقتهما‏.‏
وكان قويّ المشاركة في عدّة علوم حتى في الطب مع العبادة والجلالة وعاش ثمانين سنة‏.‏
والأمير المظفّر أبو الحارث أرسلان التركي البساسيري قال‏:‏ وهي نسبة إلى مدينة فسا - ويقال بسا - وأهل فارس ينسبون إليها هكذا وهي نسبة شاذة على غير الأصل والأصل فسويّ‏.‏
وأبو عثمان النجيرمي سعيد بن محمد بن أحمد بن محمد النيسابوري محدّث خراسان ومسندها‏.‏
روى عن جدّه أبي الحسين وأبي عمرو بن حمدان وطبقتهما ورحل إلى مرو وإسفرايين وبغداد وجرجان توفي في ربيع الآخر‏.‏
وأبو المظفر عبد الله بن شبيب الضبيّ مقرئ أصبهان وخطيبها وواعظها وشيخها وزاهدها أخذ القراءات عن أبي الفضل الخزاعي وسمع من أبي عبد الله بن مندة وغيره توفي في صفر‏.‏
وأبو الحسن الزوزني علي بن محمود بن ماخرة شيخ الصوفية ببغداد في رمضان عن خمس وثمانين سنة وكان كثير الأسفار سمع بدمشق من عبد الوهاب الكلابي وجماعة‏.‏

والعشاري أبو طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي الصالح روى عن الدارقطني وطبقته وعاش خمسًا وثمانين سنة وكان جدّه طويلًا فلّقبوه العشاري وكان أبو طالب فقيهًا تخرّج على أبي حامد وقبله على ابن بطة وكان خيّرًا عالمًا زاهدًا‏.‏
سنة اثنين وخمسين وأربعمائة فيها حاصر محمود الكلابي حلب فأخذها ثم ثم واقع المصريين بظاهر حلب‏.‏
وتعرف بوقعة الفنيدق فهزمهم واستولى على حلب بعد أن نهبها المصريون‏.‏
وفيها حاصر عطية الكلابي الرحبة وضيَّق عليهم فأخذها‏.‏
وفيها توفي الماهر أبو الفتح أحمد بن عبيد الله بن فضال الحلبي الموازيني الشاعر المفلق بالشام‏.‏
وعلي بن حميد أبو الحسن الذهلي إمام جامع همذان وركن السنَّة والحديث بها‏.‏
روى عن أبي بكر بن لال وطبقته وقبره يزار ويتبرك به‏.‏
والقزوين محمد بن أحمد بن علي المقرئ شيخ الإقراء بمصر أخذ عن طاهر بن غلبون وسمع من أبي الطّيب والد طاهر وعبد الوهاب الكلابي وطائفة توفي في ربيع الآخر‏.‏
وابن عمروس أبو الفضل محمد بن عبد الله البغدادي الفقيه المالكي‏.‏
قال الخطيب‏:‏ انتهت إليه الفتوى ببغداد وكان من القرّاء المجوّدين حدَّث عن ابن شاهين وجماعة وعاش ثمانين سنة‏.‏
سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة فيها توفي أبو العباس بن نفيس شيخ القراء أحمد بن سعيد بن أحمد بن نفيس المصري في رجب وقد نيّف على التسعين وهو أكبر شيخ لابن الفحام قرأ على السَّامري وأبي عديّ عبد العزيز وسمع من أبي القاسم الجوهري وطائفة وانتهى إليه علوّ الإسناد في القراءات وقصد من الآفاق‏.‏
وصاحب ميَّافارقين وديار بكر نصر الدولة أحمد بن مروان بن دوستك الكردي وكان عاقلًا حازمًا عادلًا لم تفته الصبح مع انهماكه على اللذات وكان له ثلاثمائة وستون سرّية يخلو كل ليلة بواحدة وكانت دولته إحدى وخمسين سنة وعاش سبعًا وسبعين سنة وقام بعده ولده نصر‏.‏
وأبو مسلم عبد الرحمن بن غزو النهاوندي العطّار حدث عن أحمد بن فراس العبقسي وخلق‏.‏
وكان ثقة صدوقًا‏.‏
وابو أحمد المعلّم عبد الواحد بن أحمد الأصبهاني راوي مسند أحمد بن منيع عن عبد الله بن جميل وروى عن جماعة وتوفي في صفر‏.‏
وعلي بن رضوان أبو الحسن المصري الفيلسوف صاحب التصانيف وكان رأسًا في الطب وفي التنجيم من أذكياء زمانه بديار مصر‏.‏
وأبو القاسم السميساطي واقف الخانكاه عليّ بن محمد بن يحيى السمي الدمشقي روى عن عبد الوهاب الكلابي وغيره وكان بارعًا في الهندسة والهيئة صاحب حشمة وثروة واسعة عاش ثمانين سنة‏.‏
وقريش بن بدران بن مقلَّد بن المسيب العقيلي أبو المعالي ولي الموصل عشرًا وذبح عمّه قرواش بن مقلّد صبرًا مات بالطاعون عن إحدى وخمسين سنة وقام بعده ابنه شرف الدولة مسلم الذي استولى على ديار ربيعة ومضر وحلب وحاصر دمشق وكاد أن يملكها وأخذ الحمل من بلاد الروم‏.‏
وأبو سعد الكنجروذي محمد بن عبد الرحمن بن محمد النيسابوري الفقيه النحوي الطبيب الفارس قال عبد الغافر‏:‏ له قدمٌ‏:‏ في الطب والفروسية وأدب السلاح كان بارع وقته لاستجماعه فنون العلم حدّث عن أبي عمرو بن حمدان وطبقته وكان مسند خراسان في
سنة أربع وخمسين وأربعمائة فيها بلغت دجلة إحدى وعشرين ذراعًا وغرقت بغداد‏.‏
وفيها التقى صاحب حلب معز الدولة ثمال بن صالح الكلابي وملك الروم على أرتاح من أعمال حلب وانتصر المسلمون وغنموا وسبوا حتى أبيعت السرِّيَّة الحسناء بمائة درهم وبعدها بيسير توفي ثمال بحلب‏.‏
وفيها توفي أبو سعد بن أبي شمس النيسابوري أحمد بن إبراهيم بن موسى المقرئ المجوّد الرئيس الكامل‏.‏
توفي في شعبان وهو في عشر التسعين‏.‏
روى عن أبي محمد المخلدي وجماعة‏.‏
وروى ‏[‏الغاية في القراءات‏]‏ عن ابن مهران المصنف‏.‏
وأبو محمد الجوهري الحسن بن علي الشيرازي ثم البغدادي المقنَّعي لأنه كان يتطليس ويلفها من تحت حنكه انتهى إليه علوّ الرواية في الدنيا وأملى مجالس كثيرة وكان صاحب حديث روى عن أبي بكر القطيعي وأبي عبد الله العسكري وعلي بن لؤلؤ وطبقتهم وعاش نيِّفًا وتسعين سنة توفي في سابع ذي القعدة‏.‏
وابو نصر زهير بن الحسين السرخسي الفقيه الشافعي مفتي خراسان أخذ ببغداد عن أبي حامد الإسفراييني ولزمه وعلّق عنه تعليقه مليحة‏.‏
وروى عن زاهر السرخسي والمخلّص وجماعة‏.‏
توفي بسرخس وقيل توفي في سنة خمس وخمسين فالله أعلم‏.‏
وعبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار العجلي أبو الفضل الرازي الإمام المقرئ الزاهد أحد العلماء العاملين‏.‏
قال أبو سعد السمعاني‏:‏ كان مقرئًا كثير التصانيف زاهدًا خشن العيش قانعًا منفردًا عن الناس يسافر وحده ويدخل البراري سمع بمكة من ابن فراس وبالريّ من جعفر بن فناكي وبنيسابور من السلمي وبنسا من محمد بن زهير النسويّ وبجرجان من أبي نصر الإسماعيلي وبأصبهان من ابن مندة الحافظ وببغداد والبصرة والكوفة وحرّان وفارس ودمشق ومصر وكان من أفراد الدهر‏.‏
وأبو حفص الزهراويّ عمر بن عبيد الله الذهلي القرطبي محدّث الأندلس مع ابن عبد البرّ توفي في صفر عن ثلاث وتسعين سنة روى عن عبد الوارث بن سفيان وأبي محمد بن أسد والكبار‏.‏
ولحقته في آخر عمره فاقة فكان يستعصى وتغيّر ذهنه‏.‏
والقضاعي القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر المصري الفقيه الشافعي قضي الديار المصرية ومصنّف كتاب ‏[‏الشهاب‏]‏ روى عن أبي مسلم الكاتب فمن بعده‏.‏
وقال ابن ماكولا‏:‏ كان متفنّنًا في عدّة علوم لم أر بمصر من يجري مجراه‏.‏
قال الحبّال‏:‏ توفي في ذي الحجة‏.‏
والمعزّ بن باديس بن منصور بن بلَّكين الحميري الصنهاجي صاحب المغرب وكان الحاكم العبيدي قد لقّبه شرف الدولة وأرسل له الخلعة والتقليد في سنة سبع وأربعمائة وله تسعة أعوام وكان ملكًا جليلًا عالي الهمَّة محبًّا للعلماء جوادًا ممدّحًا أصيلًا في الإمرة حسن الديانة حمل أهل مملكته على الاشتغال بمذهب مالك وخلع طاعة العبيديين في أثناء أيامه وخطب لخليفة العراق فجهز المستنصر لحربه جيشًا وطال حربهم له وخرّبوا حصون برقة وأفريقية توفي في شعبان بالبرص وله ست وخمسون سنة‏.‏
سنة خمس وخمسين وأربعمائة فيها قدم السلطان طغرلبك بغداد فعاث جيشه وفسقوا ونزلوا في دور الناس وهجم جماعة على حمّامين وأخذوا ما استحسنوا من النساء‏.‏
ثم رجع إلى الريّ بعد أن دخل بابنة القائم بأمر الله فمات في رمضان وله سبعون سنة وعاش عقيمًا ما بشّر بولد فعهد بالسلطنة إلى ابن أخيه سليمان بن جغريبك فاختلفت الأمراء عليه ومالوا إلى أخيه سليمان بن جغريبك فاختلفت الأمراء عليه ومالوا إلى أخيه ألب أرسلان فاستولى على ممالك عمّه مع ما في يده‏.‏
وفيها أحمد بن محمود أبو طاهر الثقفي الأصبهاني المؤدِّب سمع كتاب ‏[‏العظمة‏]‏ من أبي الشيخ وما ظهر سماعه منه إلا بعد موته وكان صالحًا ثقة سنيًّا كثير الحديث توفي في ربيع الأول وله خمس وتسعون سنة‏.‏
روى عن أبي بن المقرئ وجماعة‏.‏
وسبط بحروبه أبو القاسم إبراهيم بن منصور السلمي الكرَّاني الأصبهاني صالح ثقة عفيف‏.‏
روى مسند أبي يعلى عن ابن المقرئ ومات في ربيع الأول وله ثلاث وتسعون سنة‏.‏
وأبو يعلى الصابوني إسحاق بن عبد الرحمن النيسابوري أخو شيخ الإسلام أبي عثمان‏.‏
روى عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي وأبي محمد المخلدي وطبقتهما‏.‏
وكان صوفيًا مطبوعًا ينوب عن أخيه في الوعظ توفي في ربيع الآخر وقد جاوز الثمانين‏.‏
وطغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق السلطان الكبير ركن الدين أبو طالب التركي الغزّي السلجوقي أول ملوك السلجوقيّة‏.‏
وأصلهم من أعمال بخارى وهم أهل عمود أول ما ملك هذا الريّ ثم نيسابور ثم أخذ أخوه داود بلخ وغيرها واقتسما الممالك وملك طغرلبك العراق وقمع الرافضة وزال به شعارهم وكان عادلًا في الجملة حليمًا كريمًا محافظًا على الصلوات يصوم الاثنين والخميس ويعمر المساجد توفي بالريّ فحملوا تابوته فدفنوه بمرو عند قبر أخيه داود جغرايبك‏.‏
ومحمد بن حمدون السلمي أبو بكر النيسابوري آخر من روى عن أبي عمرو بن حمدان توفي
سنة ست وخمسين وأربعمائة فيها قبض السلطان ألب أرسلان السلجوقي على الوزير عميد الملك الكندري ثم قتله وتفرّد بوزارته نظام الملك الطوسي فأبطل ما كان عمد طغرلبك ووزيره الكندري من سبّ الأشعرية على المنابر وانتصر للشافعية وأكرم إمام الحرمين أبا المعالي وأبا القاسم القشيري‏.‏
ونازل ألب أرسلان هراة فأخذها من عمه ولم يؤذه وأخذ صغانيان وقتل ملكها‏.‏
والتقى قتلمش قرابته فقتل قتلمش في المصافّ فحزن عليه وندم ثم تسلّم الريّ وسار إلى أذربيجان وجمع الجيوش وغزا الروم فافتتح عدّة حصون وهابته الملوك وعظم سلطانه وبعد صيته وتوفر الدعاء له بكثرة ما افتتح من بلاد النصارى ثم رجع إلى أصبهان ومنها إلى كرمان‏.‏
ثم زوّج ابنه ملكشاه بابنة صاحب غزنة فوقع الائتلاف واتفقت الكلمة والله الحمد‏.‏
وفيها توفي الحافظ عبد العزيز بن محمد بن عاصم النخشبي - ونخشب هي نسف - روى عن جعفر المستغفري وابن غيلان وطبقتهما بخراسان وأصبهان والعراق والشام ومات كهلًا وكان من كبار الحفّاظ‏.‏
وأبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان العكبري النحوي صاحب التصانيف‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان مضطلعًا بعلوم كثيرة منها النحو واللغة والنسب وأيام العرب والمتقدمين وله أنس شديد بعلم الحديث‏.‏
وقال ابن ماكولا‏:‏ سمع من ابن بطة وذهب بموته علم العربية من بغداد‏.‏
وكان أحد من يعرف الأنساب لم أر مثله وكان فقيهًا حنفيًا أخذ علم الكلام عن أبي الحسين البصري وتقدّم فيه‏.‏
وقال ابن الأثير‏:‏ له اختيار في الفقه وكان يمشي في الأسواق مكشوف الرأس ولا يقبل من أحد شيئًا‏.‏
مات في جمادى الآخرة وقد جاوز الثمانين وكان يميل إلى إرجاء المعتزلة ويعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار‏.‏
وأبو شاكر عبد الواحج بن محمد التجيبي القبري نزيل بلنسة أجاز له أبو محمد بن أبي زيد وسمع من أبي محمد الأصيلي وأبي حفص بن نابل وولي القضاء والخطبة ببلنسة وعمّر‏.‏
وأبو محمد بن حزم العلامة علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب ابن صالح الأموي مولاهم الفارسي الأصل الأندلسي القرطبي الظَّاهري صاحب المصنفات مات مشردًا عن بلده من قبل الدولة ببادية لبلة بقرية له ليومين بقيا من شعبان عن اثنتين وسبعين سنة‏.‏
روى عن أبي عمر بن الجسور ويحيى بن مسعود وخلق‏.‏
وأول سماعه سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وكان إليه المنتهى في الذكاء وحدة الذهن وسعه العلم بالكتاب والسنّة والمذاهب والملل والنِّحل والعربية والآداب والمنطق والشعر قال الغزالي‏:‏ والديانة والذمّة والسؤدد والرئاسة والثروة وكثرة الكتب قال الغزالي‏:‏ وجدت في أسماء الله كتابًا لأبي محمد بن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام وأوسعهم معرفةً مع توسعة في علم اللسان والبلاغة والشعر والسير والأخبار أخبرني ابنه الفضل انه اجتمع عنده بخط أبيه من تآليفه نحو أربعمائة مجلد‏.‏
وابن النرسي أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حسون البغدادي في صفر عن تسع وثمانين سنة روى في مشيخته عن محمد بن إسماعيل الوراق وطبقته‏.‏
وقتلمش بن أسرائيل بن سلجوق الملك شهاب الدولة وابنّ عمّ السلطان طغرلبك كانت له قلاع وحصون بعراق العجم فعصى على قرابته السلطان ألب أرسلان وواقعه فقتل في المعركة وهو جدّ سلاطين الروم السلجوقية وكان بطلًا شجاعًا‏.‏
والمطرِّز صاحب المقدّمة اللطيفة محمد بن علي بن محمد بن صالح السُّلمي الدمشقي أبو عبد الله النحوي المقرئ في ربيع الأول روى عن تمام وجماعة وآخر من حدَّث عنه النسيب ي فوائده‏.‏
وأبو سعيد الخشاب محمد بن علي بن محمد النَّيسابوري المحدّث خادم أبي عبد الرحمن السلمي روى عن أبي محمد المخلدي والخفاف وطائفة‏.‏
وعميد الملك الوزير أبو نصر محمد بن منصور الكندري‏.‏
وزير السلطان طغرلبك كان من رجال العالم حزمًا ورأيًا وشهامةً وكرمًا وكان قد حيَّ مذاكيره لأمرٍ ثم قتله ألب أرسلان بمرو الرُّوذ في آخر العام وحمل رأسه إلى نيسابور‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 09:27 PM

سنة سبع وخمسين وأربعمائة فيها ادخل السلطان ألب أرسلان إلى ما وراء النهر فنازل مدينة جند وجدُّ سلحوق مدفون بها فنزل صاحبها إلى خدمته فأحسن إليه وأقرَّه بها‏.‏
فيها توفي العيّار سعيد بن أبي سعيد أحمد بن محمد بن نعيم أبو عثمان النيسابوري الصوفي‏.‏
روى صحيح البخاري عن محمد بن شبُّويه وروى عن أبي ظاهر بن خزيمة والمخلدي والكبار وانتقى عليه البيهقي توفي بغزنة في ربيع الأول وله مائة سنة وزيادة وقد رحلبنفسه في الحديث سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة‏.‏
سنة ثمان وخمسين وأربعمائة قال ابن الأثير‏:‏ فيها ولدت بنت لها رأسان ورقبتان ووجهان على بدن واحد ببغداد بباب الأزج‏.‏
وفيها توفي البيهقي الإمام العلم أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي الخسروجردي الشافعي الحافظ صاحب التصانيف توفي عاشر جمادى الأول بنيسابور ونقل تابوته إلى بيهق وعاش أربعًا وسبعين سنة لزم الحاكم مدة وأكثر عن أبي الحسن العلوي وهو أكبر شيوخه وسمع ببغداد من هلال الحفّار وبمكة والكوفة وبلغت تصانيفه ألف جزء ونفع الله بها المسلمين شرقًا وغربًا لإمامة الرجل ودينه وفضله وإتقانه فالله يرحمه‏.‏
وعبد الرزاق بن عمر بن سمه أبو الطيب الأصبهاني التاجر روى عن ابن المقرئ‏.‏
وأبو الحسن بن سيده علي بن إسماعيل المرسي العلامة صاحب المحكم في اللغة وكان أعمى بن أعمى رأسًا في العربية حجّة في نقلها‏.‏
قال أبو عمر الطلمنكي‏:‏ أتوني بمرسية ليسمعوا مني غريب المصنف فقلت انظروا من يقرأ لكم فأتوني برجل أعمى يعرف بابن سيده فقرأه فعجبت من حفظه‏.‏
والعبّادي القاضي أبو عاصم محمد بن أحمد بن محمد الهروي شيخ الشافعية وصاحب التصانيف تفقه على القاضي أبو منصور الأزدي وبنيسابور علي أبي عمر البسطامي وكان إمامًا دقيق النظر واسع العلم له ‏[‏المبسوط‏]‏ و ‏[‏أدب القاضي‏]‏ و ‏[‏الهادي‏]‏ وتوفي في شوال عن ثلاث وثمانين سنة‏.‏
وأبو يعلى بن الفرّاء شيخ الحنابلة القاضي الحبر محمد بن الحسين بن محمد بن خلف البغدادي صاحب التصانيف وفقيه العصر كان إمامًا لا يدرك الحربي والمخلّص وطبقتهما وأملى عدَّة مجالس وولي قضاء الحريم وتوفي في تاسع عشر رمضان تفقّه على أبي عبد الله بن حامد وغيره وجميع الطائفة معترفون بفضله ومغترفون من بحره‏.‏
سنة تسع وخمسين وأربعمائة في ذي القعدة فرغت المدرسة النظامية التي أنشأها الوزير نظام الملك ببغداد وقرّر لتدريسها الشيخ أبا إسحاق واجتمع الناس فلم يحضر لأنه لقيه صبيّ فقال‏:‏ كيف تدرّس في مكان مغضوب فوسوسه فاختفى فلما آيسوا من حضوره درس ابن الصبّاغ مصنف ‏[‏الشامل‏]‏ فلما وصل الخبر إلى الوزير أقام القيامة على أبي سعيد فلم يزل يرفق بأبي إسحاق حتى درّس بها وعمد العميد إلى قبر أبي حنيفة فبنى عليه قبة عظيمة أنفق عليها الأموال‏.‏
وفيها توفي ابن طوق أبو نصر أحمد بن عبد الباقي بن الحسن الموصلي الراوي عن نصر المرجي صاحب أبي يعلى توفي بالموصل في رمضان وله سبع وسبعون سنة‏.‏
وابو بكر أحمد بن منصور بن خلف المغربي ثم النيسابوري روى عن أبي الفضل بن خزيمة وأبو القاسم الحنّائي صاحب الأجزاء الحنائيات الحسين بن محمد بن إبراهيم الدمشقي المعدّل الصالح وله ثمانون سنة‏.‏
روى عن عبد الوهاب الكلابي والحسن بن محمد بن درستويه وطائفة‏.‏
وابو مسلم الأصبهاني الأديب المفسر المعتزلي محمد بن علي بن محمد ابن مهر بزد آخر أصحاب ابن المقرئ موتًا له تفسير في عشرين مجلدًا توفي في جمادى الآخرة وله ثلاث وتسعون سنة‏.‏
سنة ستين وأربعمائة فيها وقبلها كان الغلاء العظيم بمصر‏.‏
وفيها كانت الزلزلة التي هلك فيها بالرملة وحدها على ما ورّخ ابن الأثير خمسة وعشرون الفًا وقال‏:‏ انشقت صخرة بيت المقدس وعادت بأذن الله وأبعد البحر عن ساحله مسيرة يوم وردّ‏.‏
وفيها توفي الباطرقاني أبو بكر احمد بن الفضل الأصبهاني المقرئ الأستاذ توفي في صفر عن ثمان وثمانين سنة وله مصنفات في القراءات وكان صاحب حديث وحفظ روى عن أبي عبد
وابن القطّان أبو عمر أحمد بن محمد بن عيسى القرطبي المالكي رئيس المفتين بالأندلس وله سبعون سنة‏.‏
روى عن يونس بن عبد الله القاضي وجماعة‏.‏
وخديجة بنت محمد بن علي الشَّاهجانيَّة الواعظة ببغداد كتبت بخطها عن ابن سمعون وتوفيت في المحرم عن أربع وثمانين سنة‏.‏
وعائشة بنت الحسن الوركانية الأصبهانيَّة‏.‏
روت عن أبي عبد الله بن مندة‏.‏
وعبد الدائم بن الحسن الهلالي الحوراني ثم الدمشقي آخر أصحاب عبد الوهاب الكلابي عن ثمانين سنة‏.‏
سنة إحدى وستين وأربعمائة في نصف شعبان احترق جامع دمشق كله من حرب وقع بين الدولة فضربوا بالنار دارًا مجاورةً للجامع فقضي الأمر واشتد الخطب وأتى الحريق على سائره ودثرت محاسنه وانقضت مدة ملاحته‏.‏
وفيها توفي الفوراني أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن فوران المروزي شيخ الشافعية وتلميذ القفّال وذو التصانيف الكثيرة وعنه أخذ أبو سعد المتولّي صاحب التتمة وكان
وعبد الرحيم بن أحمد البخاري الحافظ أبو زكريا ذو الرحلة الواسعة سمع ببخارى من الحليمي وبخراسان من أبي يعلى المهلَّبي وبدمشق من تمام وبمصر من عبد الغني بن سعيد وببغداد من أبي عمر بن مهدي وعاش تسعًا وسبعين سنة‏.‏
وأبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان الأزدي المصري روى بمصر ودمشق عن أبي الحسن الحلبي ومحمد بن أحمد الأخميمي وطبقتهما توفي في جمادى الأولى بمصر وله ست وسبعون سنة وثّقه الكتّاني وغيره‏.‏
ومقرئ مصر أبو الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي الشيرازي شيخ ابن الفحام قرأ القراءات على السوسنجردي وابن الحمّامي وجماعة‏.‏
وروي الحديث‏.‏
سنة اثنتين وستين وأربعمائة فيها أقبلت جيوش الروم فنزلوا على منبج واستباحواها وأسرعوا الكرّة لفرط القحط أبيع فيهم رطل الخبز بدينار‏.‏
وفيها أقيمت الخطبة العباسيّة بالحجاز وقطعت خطبة المصريين لآشتغالهم بما هم من القحط والوباء الذي لم يسمع في الدهور بمثله وكاد الخراب يستولي على وادي مصر حتى إن صاحب ‏[‏مرآة الزمان‏]‏ نقل شيئًا الله أعلم بصحّته أن امرأة خرجت وبيدها مدّ جوهر فقالت من يأخذه بمدّ برّ فلم يلتفت إليها أحد فألقته في الطريق وقالت هذا ما نفعني وقت الحاجة فلا أريده فلم يلتفت أحد إليه‏.‏
ولما جاءت البشارة بإقامة الدعوة بمكة أرسل السلطان ألب أرسلان إلى صاحبها محمد بن أبي هاشم ثلاثين ألف دينار وخلعًا‏.‏
وفيها توفي القاضي حسين بن محمد بن أحمد أبو علي المروزي المرورذيّ شيخ الشافعية في زمانه وأحد أصحاب الوجوه تفقه على أبي بكر القفّال وروى عن أبي نعيم الاسفراييني توفي في المحرم‏.‏
وأبو غالب بن بشران الواسطي صاحب اللغة محمد بن أحمد بن سهل المعدَّل الحنفي ويعرف بابن الخالة وله اثنتان وثمانون سنة وله يكن بالعراق أعلم منه باللغة روى عن أحمد بن عبيد بن بيري وطبقته‏.‏
وأبو عبد الله محمد بن عتّاب الجذامي مولاهم المالكي مفتي قرطبة وعالمها ومحدّثها وروعها توفي في صفر ومشى في جنازته المعتمد بن عبّاد وله تسع وسبعون سنة روى عن أبي المطرّف القنازعي وخلق‏.‏
فيها أقام صاحب حلب محمود بن صالح الكلابي الخطبة العباسية وقال للحلبيّين‏:‏ هذه دولة عظيمة نخافها وهم يستحلّون دماءكم للتشيُّع فأجابوا‏.‏
ولبس الخطيب السواد وأخذت رعاع الرافضة حصر الجامع وقالوا‏:‏ هذه حصر الإمام علي فليأت أبو بكر بحصره‏.‏
وجاءت محمودًا الخلع من طراد الزينبي ثم قليل جاء السلطان ألب أرسلان وحاصر محمودًا فخرجت أمه بتقادم وتحف فترحّل عنهم‏.‏
وفيها كانت الملحمة الكبرى‏.‏
قال ابن الأثير‏:‏ خرج أرمانوس في مائتي ألف من الفرنج والروم والروس والكرج فوصل إلى منازجرد فبلغ السلطان كثرتهم وهو نجوى وما عنده سوى خمسة عشر ألف فارس فصمّم على الملتقى وقال إن استشهدت فابني ملكشاه ولي عهدي فلما التقى الجمعان أرسل يطلب المهادنة فقال طاغية الروم‏:‏ لا هدنة إلا بالريّ فاحتدّ ألب أرسلان وجرى المصافّ يوم الجمعة والخطباء على المنابر ونزل السلطان وعفَّر وجهه في التراب وبكي وتضرّع ثم ركب وحمل فصار المسلمون في وسط القوم وصدقوا اللقاء وقتلوا الروم كيف شاءوا ونزل النصر وانهزمت الروم وامتلأت الأرض بالتقتلى وأسر أرمانوس فأحضر إلى السلطان فضربه ثلاثة مقارع بيده وقال‏:‏ ألم أرسل إليك في الهدنة فأبيت فقال‏:‏ دعني من التوبيخ وافعل ما تريد قال‏:‏ ما كنت تفعل لو أسرتني‏.‏
قال‏:‏ فما كنت تظن أن أفعل
قال‏:‏ ما عزمت على غير هذه ثم فدى نفسه بألف ألف وخمسمائة ألف دينار وبكل أسير في مملكته فخلع عليه وأطلق له عدّة من البطارقة وهادنه خمسين سنة وشيَّعه فرسخًا وأعطاه عشرة آلاف دينار برسم الطريق فقال‏:‏ أين جهة الخليفة فعرّفوه‏.‏
فكشف رأسه وأومأ إلى الجهة بالخدمة وأما المنهزمون ففقدوه وملّكوا عليهم ميخائيل فلما وصل هذا إلى أطراف بلاده ترهّب وتزهَّد وجمع ما أمكنه فكان مائتين وتسعين ألف دينار فأرسله وحلف أنه لا يقدر على غيره ثم إنه استولى على بلاد الأرمن‏.‏
قال‏:‏ وفيها سار أتسز بن أوق الخوارزمي أحد أمراء الملك ألب أرسلان فدخل الشام وافتتح الرَّملة أخذها من المصريين ثم حاصر بيت المقدس فأخذه منهم ثم حاصر دمشق وعاث عسكره وأخربوا أعمال دمشق‏.‏
وفيها توفي أبو حامد الأزهري أحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن ابن الأزهر النيسابوري الشُّرطي الثقة‏.‏
روى عن أبي محمد المخلدي وجماعة ومات في رجب عن تسع وثمانين سنة وآخر أصحابه وجيه‏.‏
وأبو بكر الخطيب أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي الحافظ أحد الأئمة الأعلام وصاحب التواليف المنتشرة في الإسلام‏.‏
قال ابن ماكولا‏:‏ لم يكن للبغداديين بعد الدارقطني مثل الخطيب‏.‏
قلت‏:‏ روى عن أبي عمر بن مهدي وابن الصَّلت الأهوازي وطبقتهما ورحل إلى البصرة ونيسابور وأصبهان ودمشق والكوفة والريّ توفي ببغداد في سابع ذي الحجة‏.‏
وابن زيدون شاعر الأندلس أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد ابن غالب بن زيدون المخزومي القرطبي توفي في رجب بإشبيليّة وكان عزيزًا على المعتمد بن عبّاد كأنه وزيرٌ له‏.‏
وأبو علي حسان بن سعيد بن سعيد المنيعي ورئيس مرو الروذ الذي عمّ خراسان ببرّه وأفضاله وأنشأ الجامع المنعيعي وكان يكسو في العام نحو ألف نفس وكان أعظم من وزير رحمه الله‏.‏
روى عن أبي طاهر بن محمش وجماعة‏.‏
وأبو عمر المليحي عبد الواحد بن أحمد بن أبي القاسم الهروي المحدّث رواي الصحيح عن النعيمي في جمادى الآخرة وله ست وتسعون سنة سمع بنيسابور من المخلدي وأبي الحسين الخفاف وجماعة وكان ثقة صالحًا أكثر عنه محي السنّة‏.‏
وكريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم أم الكرام المروزيّة المجاورة بكة روت الصحيح عن الكشميهني وروت عن زاهر السرخسي وكانت تضبط كتابها وتقابل نسخها ولها فهم ونباهة وما تزوّجت قط وقيل إنها بلغت المائة وسمع منها خلق‏.‏
وأبو الغنائم بن الدجاجي محمد بن علي البغدادي‏.‏
روي‏.‏
عن علي بن عمر الحربي وابن معروف وجماعة‏.‏
توفي في شعبان وله ثلاث وثمانون سنة‏.‏
وأبو علي محمد بن وشاح الزينبي روى عن أبي حفص بن شاهين وجماعة‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان معتزليًا‏.‏
قلت‏:‏ توفي في رجب‏.‏
وابو عمر بن عبد البر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النَّمري الحافظ القرطبي أحد الأعلام وصاحب التصانيف توفي في سلخ ربيع الآخر وله خمس وتسعون سنة وخمسة أيام روى عن سعيد بن نصر وعبد الله بن أسد وابن ضيفون وطبقتهم وأجاز له من مصر أبو الفتح بن سيبخت الذي يروي عن أبي القاسم البغوي وليس لأهل المغرب أحفظ منه مع الثقة والدين والنزاهة والتبحر في الفقه والعربية والأخبار‏.‏
سنة أربع وستين وأربعمائة فيها توفي أبو الحسن جابر بن ياسين البغدادي الحنَّائي العطار روى عن أبي حفص الكتَّاني والمخلّص‏.‏
والمعتضد بالله أبو عمرو عبّاد بن القاضي محمد بن إسماعيل بن عبّاد اللَّخمي صاحب إشبيليّة ولي بعد أبيه وكان شهمًا مهيبًا صارمًا داهية مقدامًا جرى على سنن أبيه مدة لم يلقب بأمير المؤمنين وقتل جماعة صبرًا وصادر آخرين ودانت له الملوك‏.‏
وابن حيدٍ أبو منصور بكر بن محمد بن علي بن محمد بن حيدٍ النيسابوري التاجر ويلقب بالشيخ المؤتمن‏.‏
روى عن أبي الحسين الخفاف وجماعة وكان ثقة حدَّث بخراسان والعراق وتوفي في صفر‏.‏
سنة خمس وستين وأربعمائة فيها قتل ألب أرسلان وتسلطن ابنه ملكشاه فجاء قاروت بك بجيشه من كرمان ليستولي على ممالك ألب أرسلان أخيه فالتقاه ابن أخيه ملكشاه بناحية همذان فانهزم جيش قاروت بك وأسر هو فخنقه ابن أخيه ملكشاه‏.‏
وفيها افترق جيش مصر واقتتلوا عند كوم الرّيش وكانت ملحمة مشهورة وقتل نحو الأربعين ألفًا ثم التقوا مرَّة ثانية وكثر القتل في العبيد وانتصر الأتراك وضعف المستنصر وأنفق خزائنه في رضاهم وغلبت العبيد على الصعيد ثم جرت لهم وقعات وعاد الغلاء المفرط

والوباء ونهبت الجند دور العامة‏.‏
قال ابن الأثير‏:‏ اشتد الغلاء والوباء حتى إنَّ أهل البيت كانوا يموتون في ليلة وحتى حكى أنَّ امرأة أكلت رغيفًا بألف دينار فاستبعد ذلك فقيل إنها باعت عروضًا لها ألف دينار بثلاثمائة دينار واشترت بها حملة قمح وحمله الحمّال على ظهره فنهبت الحملة فنهبت المرأة مع الناس فحصل لها رغيف واحد‏.‏
وفيها توفي السلطان الكبير عضد الدولة أبو شجاع محمد ألب أرسلان ابن الملك جغرايبك وهو داود بن ميكائيل بن سلجوق بن نفاق بن سلجوق - ونفاق بالتركي‏:‏ قوس حديد - ونفاق أول من دخل في دين الإسلام وألب أرسلان أوَّل من قيل له السلطان على منابر بغداد وكان في أواخر دولته من أعدل الناس ومن أحسنهم سيرة وأرغبهم في الجهاد وفي نصر الإسلام لم عبر بهم جيحون في صفر ومعه نحو مئتي ألف فارس وقصد تكين بن طمغاخ فأتى بمتولّي قلعة اسمه يوسف الخوارزمي فأمر بأن يشبح بأربعة أوتاد فقال‏:‏ يا مخنّث مثلي يقتل هكذا فغضب السلطان فأخذ القوس والنشّاب وقال‏:‏ خلّوه ورماه فأخطأه - وكان قلّ أن يخطئ - فشدّ يوسف عليه فنزل السلطان عن السرير فعثر فبرك عليه يوسف وضربه بسكين معه في خاصرته فشدّ مملوك على يوسف قتله ثم مات السلطان من ذلك الجرح عن أربعين سنة وشهرين وكان أهل سمرقند قد خافوه وابتهلوا إلى الله وقرأوا الختم ليكفيهم أمر
وابن المأمون أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن محمد بن محمد الهاشمي العباسي البغدادي في شوال وله تسع وثمانون سنة‏.‏
سمع جدّه أبا الفضل بن المأمون والدارقطني وجماعة‏.‏
قال أبو سعد بن السمعاني‏:‏ كان ثقة نبيلًا مهيبًا تعلوه سكينة ووقار رحمه الله‏.‏
وأبو القاسم القشيري عبد الكريم بن هوازن النيسابوري الصوفي الزاهد شيخ خراسان وأستاذ الجماعة ومصنّف ‏[‏الرسالة‏]‏ توفي في ربيع الآخر وله تسعون سنة روى عن أبي الحسين الخفّاف وأبي نعيم الإسفراييني وطائفة‏.‏
قال أبو سعد السمعاني‏:‏ لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته جمع بين الشريعة والحقيقة‏.‏
وصرَّدرَّ الشاعر صاحب الديوان أبو منصور علي بن الحسن بن علي ابن الفضل البغدادي الكاتب المنشئ وقد روى عن أبي الحسين بن بشران وجماعة‏.‏
وأبو جعفر بن المسلمة محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن الحسن السلمي البغدادي ثقة نبيل عالي الإسناد كثير السّماع متين الديانة توفي جمادى الأولى عن إحدى وتسعين سنة وهو آخر من روى عن أبي الفضل الزُّهري وأبي محمد بن معروف‏.‏
وابن الغريق الخطيب أبو الحسين محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله ابن عبد الصمد بن محمد بن الخليفة المهتدي بالله محمد بن الواثق العباسي سيّد بني العباس في زمانه وشيخهم مات في أول ذي الحجة وله خمس وتسعون سنة وهوآخر من حدَّث عن ابن شاهين والدارقطني وكان ثقةً نبيلًا صالحًا متبتلًا كان يقال له راهب بني هاشم لدينه وعبادته وسرده الصوم‏.‏
وهنّاد بن إبراهيم أبو المظفر النسفي صاحب مناكير وعجائب روى عن القاضي أبي عمر الهاشمي وغجار وطبقتهما‏.‏
وأبو القاسم الهذلي يوسف بن علي بن جبارة المغربي المقرئ المتكلم النحوي صاحب كتاب ‏[‏الكامل في القراءات‏]‏ وكان كثير الترحال حتى وصل إلى بلاد التُّرك في طلب القراءات المشهورة والشاذة‏.‏
سنة ست وستين وأربعمائة فيها كان الغرق الكثير ببغداد فهلك خلق تحت الردم وأقيمت الجمعة في الطيّار على ظهر الماء وكان الموج كالجبال وبعض المحال غرقت بالكليّة وبقيت كأن لم تكن وقيل إنّ ارتفاع الماء بلغ ثلاثين ذراعًا‏.‏
وفيها توفي أبو سهل الحفصي محمد بن أحمد بن عبيد الله المروزيّ راوي الصحيح عن وأبو محمد الكتَّاني عبد العزيز بن أحمد التميمي الدمشقي الصوفي الحافظ‏.‏
روى عن تمّام الرازي وطبقته ورحل سنة سبع عشرة وأربعمائة إلى العراق والجزيرة وكان يفهم ويذاكر‏.‏
قال ابن ماكولا‏:‏ مكثر متقن‏.‏
قلت‏:‏ توفي في جمادى الآخرة‏.‏
وأبو بكر العطار محمد بن إبراهيم بن علي الحافظ الأصبهاني مستملي الحافظ أبي نعيم‏.‏
روى عن ابن مردويه والقاضي أبي عمر الهاشمي وطبقتهما قال الدقاق‏:‏ كان من الحفّاظ يملي من حفظه توفي في صفر‏.‏
وابن حيُّوس الفقيه أبو المكارم محمد بن سلطان الغنوي الدمشقي الفرضي‏.‏
روى عن خاله أبي نصر بن الجندي وعبد الرحمن بن أبي نصر توفي في ربيع الآخر‏.‏
ويعقوب بن أحمد أبو بكر الصيرفي النيسابوري العدل‏.‏
روى عن أبي محمد المخلدي والخفاف توفي في ربيع الأول‏.‏
سنة سبع وستين وأربعمائة قال ابن الأثير‏:‏ قد مرّ في سنة خمسٍ تغلّب الأتراك وبني حمدان على مصر وعجز المستنصر عنهم وما صار إليه من الشدّة والفقر وقتل ابن حمدان فراسل المستنصر بدرًا الجمالي وهو بساحل الشام فاستخدم جيشًا وسار في هذه السنة من عكّا في البحر زمن الشتاء وخاطر لأنه أراد أن يبغت مصر وكان هذا الأمر بينه وبين المستنصر سرًا فسلم ودخل مصر فولاه المستنصر الوزارة ولقَّبه أمير الجيوش فبعث طوائف من أصحابه إلى قوّاد مصر الكبار فبعث إلى كل أميرٍ طائفة ليأتوه برأسه ففعلوا‏.‏
وأصبح وقد فرغ من أمر الديار المصرية ونقل جميع حواصلهم إلى دار الخلافة فعاد إليه جميع ما كان أخذ منه إلا القليل ثم سار إلى دمياط وقد عصى بها طائفة فقتلهم ثم أخذ الاسكندرية عنوةً وقتل جماعة ثم سار إلى الصعيد فهذّبه وقتل به اثني عشر ألفًا وأخذ النساء والمتاع فتجمّع لحربه عشرون ألف فارس وأربعون ألف راجل وعسكروا‏.‏
فبيّتهم نصف الليل فانهزموا وقتل منهم خلائق ثم عمل بعد ذلك معهم مصافًّا فهزمهم‏.‏
ثم أخذ يعمرِّ البلاد فأطلق للفلاحين الكلف ثم عث الهدايا إلى صاحب مكّة فأعاد خطبة المستنصر بعد أن كان خطب للقائم بأمر الله أربعة أعوام‏.‏
وفيها عمل السلطان ملكشاه الرّصد وأنفق عليه أموالًا عظيمة‏.‏
وفيها توفي أبو عمر بن الحذَّاء محدِّث الأندلس أحمد بن محمد بن يحيى القرطبي مولى بني أميّة حضَّه أبوه على الطَّلب في صغره وكتب عن عبد الله بن أسد وعبد الوارث بن سفيان وسعيد بن نصر والكبار في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وانتهى إليه علوّ الإسناد بقطره توفي في ربيع الآخر عن سبع وثمانين سنة‏.‏
والقائم بأمر الله أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر العباسي توفي في شعبان وله ست وسبعون سنة وبقي في الخلافة أربعًا وأربعين سنة وتسعة أشهر وأمُّه أرمنيّ ة كان أبيض مليح الوجه مشربًا حمرة ورعًا ديِّنًا كثير الصدقة له وفضل من خير الخلائق ولا سيَّما بعد عوده إلى الخلافة في نوبة البساسيري فإنه صار يكثر الصيام والتَّهجُّد غسَّله الشريف أبو جعفر بن أبي موسى شيخ الحنابلة وبويع حفيده المقتدي بأمر الله عبد الله بن محمد بن القائم‏.‏
وأبو الحسن الدَّاوودي جمال الإسلام عبد الرحمن بن محمد بن المظفَّر البوشنجي شيخ خراسان علمًا وفضلًا وجلالة وسندًا روى الكثير عن أبي محمد بن حمويه وهو آخر من حدَّث عنه وتفقه على القفّال المروزيّ وأبي الطيّب الصُّعلوكي وأبي حامد الإسفراييني توفي في شوال وله أربع وتسعون سنة‏.‏
وأبو الحسن الباخرزي الرئيس الأديب علي بن الحسن بن أبي الطيّب مؤلف كتاب دمية
وأبو الحسن بن صصري علي بن الحسن بن أحمد بن محمد التَّغلبي البلدي ثم الدمشقي المعدَّل‏.‏
روى عن تمَّام الرازي وجماعة‏.‏
توفي في المحرم‏.‏
وأبو بكر الخيّاط مقرئ العراق محمد بن علي بن محمد بن موسى الحنبلي الرجل الصالح سمع من إسماعيل بن الحسن الصَّرصري وأبي الحسن المجبِّر وقرأ على أبي أحمد الفرضي وأبي الحسن السُّوسنجردي وجماعة توفي في جمادى الأولى‏.‏
ومحمود بن نصر بن صالح بن مرداس الأمير عزّ الدولة الكلابي صاحب حلب ملكها عشرة أعوام وكان شجاعًا فارسًا جوادًا ممدَّحًا يداري المصريين والعباسيين لتوسط داره بينهما وولي بعده ابنه نصر فقتله بعض الأتراك بعد سنة‏.‏
سنة ثمان وستين وأربعمائة فيها حاصر أتسز الخوارزمي دمشق واشتدّ بها الغلاء وعدمت الأقوات ثم تسلَّم البلد بالأمان وعوَّض انتصار المصمودي ببانياس ويافا وأقيمت الخطبة العباسية وأبطل شعار الشِّيعة من الأذان وغيره واستولى تسز على أكثر الشام وعظم ملكه‏.‏
وفيها توفي أبو علي غلام الهرَّاس مقرئ واسط الحسن بن القاسم الواسطي ويعرف أيضًا بإمام الحرمين كان أحد من عني بالقراءات ورحل فيها إلى بلاد وصنّف فيها‏.‏
قرأ على أبي الحسن السوسنجردي والحمامي وطبقتهما ورحل القرَّاء إليه من الآفاق وفيه لينٌ توفي في جمادي الأولى عن أربع وتسعين سنة‏.‏
وعبد الجبار بن عبد الله بن إبراهيم بن برزة أبو الفتح الرّازي الواعظ الجوهري التاجر روى عن علي بن محمد القصّار وطائفة وعاش تسعين سنة وآخر من حدَّث عنه إسماعيل الحمّامي‏.‏
وأبو نصر التاجر عبد الرحمن بن علي النيسابوري المزكّي روى عن يحيى بن إسماعيل الحربي النيسابوري وجماعة‏.‏
وأبو الحسن الواحدي المفسّر علي بن أحمد النيسابوري تلميذ أبي إسحاق الثَّعلبي وأحد من برع في العلم‏.‏
روى في كتبه عن ابن محمش وأبي بكر الحيري وطائفة وكان رأسًا في اللغة و العربية توفي في جمادى الآخرة وكان من أنباء السبعين‏.‏
وابن عليّك أبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن الحسن النيسابوري روى عن أبي نعيم الإسفراييني وجماعة‏.‏
وقال ابن نقطة حدَّث عن أبي الحسين الخفّاف مات في رجب بتفليس‏.‏
وأبو بكر الصفّار محمد بن القاسم بن حبيب بن عبدوس النيسابوري الشافعي أحد الكبار المفتيين تفقّه على أبي محمد الجويني وجلس بعده في حلقته وروى عن أبي نعيم الإسفراييني وطائفة توفي في ربيع الآخر‏.‏
وأبو القاسم المهرواني يوسف بن محمد الهمذاني الصوفي العبد الصالح الذي خرّج له الخطيب خمسة أجزاء‏.‏
روى عن أبي أحمد الفرضي وأبي عمر بن مهدي ومات في ذي الحجة‏.‏
ويوسف بن محمد بن يوسف أبو القاسم الخطيب محدّث همذان وزاهدها روى عن أبي بكر بن لال وأبي أحمد الفرضي وأبي عمر بن مهدي وطبقتهم‏.‏
وجمع ورحل وعاش سبعًا وثمانين سنة‏.‏
سنة تسع وستين وأربعمائة فيها سار أتسز صاحب الشام فقصد مصر وحاصرها ولم يبق إلا أن يملكها فاجتمع الخلق وتضرّعوا إلى الله مما هم فيه فترحَّل عنهم شبه المنهزم من غير سبب وأتى القدس فعصوا عليه فقاتلهم‏.‏
ثم دخل البلد عنوةّ وعمل كل قبيح وذبح القاضي والشهود وقتل بها نحوًا من ثلاثة آلاف نفس‏.‏
وفيها كانت فتنة أبي نصر بن القشيري ببغداد قدم فوعظ بالنظاميّة وحاب في الوعظ

الاعتقاد ونصر الأشاعرة وحطَّ على الحنابلة فهاجت أحداث السُّنّة وقصدوا النظاميّة وحميت الفتنة وقتل بها نحوًا من ثلاثة آلاف نفس‏.‏
وفيها كانت فتنة أبي نصر بن القشيري ببغداد قدم فوعظ بالنظامية وحاب في الوعظ الاعتقاد ونصر الأشاعرة وحطَّ على الحنابلة فهاجت أحداث السُّنّة وقصدوا النظاميّة وحميت الفتنة وقتل جماعة نعوذ بالله من الفتن‏.‏
وفيها توفي أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد السُّلمي أحد رؤساء دمشق وعدولها روى عن جدّه أبي بكر محمد بن أحمد بن عثمان وجماعة‏.‏
وسمع بمكة من ابن جهضم توفي في ربيع الأول في عشر التسعين‏.‏
وحاتم بن محمد بن الطرابلسي أبو القاسم التميمي القرطبي المحدِّث المتقن مسند الأندلس في ذي القعدة وله إحدى وتسعون سنة‏.‏
روى عن عمر بن نابل وأبي المطرَّف بن فطيس وطبقتهما‏.‏
ورحل فأكثر عن أبي الحسن القابسي وسمع بمكة من ابن فراس العبقسي و كان فقيهًا مفتيًا قيل إنه دعي إلى قضاء قرطبة فأبى‏.‏
وحيَّان بن خلف بن حسين بن حيّان أبو مروان القرطبي الأديب مؤرِّخ الأندلس ومسندها توفي في ربيع الأول وله اثنتان وتسعون سنة‏.‏
سمع من عمر بن نابل وغيره وله كتاب ‏[‏المتين‏]‏ في تاريخ الأندلس ستّون مجلدًا وكتاب ‏[‏المقتبس‏]‏ في عشر مجلدات وقد رئي في النوم فسئل عن التاريخ الذي عمله فقال‏:‏ لقد ندمت عليه إلا أنَّ الله تعالى أقالني وغفر لي بلطفه‏.‏
وحيدرة بن علي الأنطاكي أبو المنجَّا المعبِّر حدّث بدمشق عن عبد الرحمن بن أبي نصر وجماعة‏.‏
قال ابن الأكفاني‏:‏ كان يذكر أنه يحفظ في علم التعبير عشرة آلاف ورقة وزيادة‏.‏
وأبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ المصري الجوهري النحوي صاحب التصانيف دخل بغداد تاجرًا في الجوهر وأخذ عن علمائها وخدم بمصر في ديوان الإنشاء ثم تزهّد بآخرة ثم سقط من السطح فمات‏.‏
وكرَّكان الزاهد القدوة أبو القاسم عبد الله بن علي الطوسي شيخ الصوفية وصاحب الدويرة والأصحاب روى عن حمزة المهلَّبي وجماعة ومات في ربيع الأول‏.‏
وأبو محمد الصَّريقيني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هزارمرد المحدّث خطيب صريفين توفي في جمادى الآخرة عن خمس وثمانين سنة روى عن أبي القاسم بن حبابة وأبي حفص الكتّابي وطائفة وكان ثقة‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 09:36 PM

سنة سبعين وأربعمائة
وفيها كانت فتنة هائلة ببغداد بسبب الاعتقاد ووقع النهب في البلد واشتدّ الخطب وركب العسكر وقتلوا جماعة حتى فتر الأمر‏.‏
وفيها توفي أبو صالح المؤذِّن أحمد بن عبد الملك بن علي النيسابوري الحافظ محدّث خراسان في زمانه روى عن أبي نعيم الإسفراييني وأبي الحسن العلوي والحاكم وخلق‏.‏
ورحل إلى أصبهان وبغداد ودمشق في حدود الثلاثين وأربعمائة وله ألف حديث عن ألف شيخ وثّقه الخطيب وغيره ومات في رمضان عن اثنتين وثمانين سنة وله تصانيف ومسوَّدات‏.‏
وابو الحسين بن النَّقور أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي البزاز المحدّ‏!‏ ث الصدوق‏.‏
روى عن علي الحربي وأبي القاسم بن حبابة وطائفة وكان يأخذ على نسخة طالوت دينارًا أفتاه بذلك الشيخ أبو إسحاق لأن الطلبة كانوا يفوّتونه الكسب لعياله مات في رجب عن تسعين سنة‏.‏
وابو نصر بن طلاب الخطيب الحسين بن أحمد بن محمد القرشي مولاهم الدمشقي خطيب دمشق روى عن ابن جميع ‏[‏معجمه‏]‏ وعن أبي بكر بن أبي الحديد وكان صاحب مالٍ وأملاك وفيه عدالة وديانة توفي في صفر وله إحدى وتسعون سنة‏.‏
وعبد الله بن الخلال أبو القاسم بن الحافظ أبي محمد الحسن بن محمد البغدادي سمَّعه أبوه من أبي حفص الكتَّاني والمخلّص ومات في صفر عن خمس وثمانين سنة‏.‏
قال الخطيب‏:‏ كان وأبو جعفر بن أبي موسى الهاشيم شيخ الحنابلة عبد الخالق بن عيسى ابن أحمد وكان ورعًا زاهدًا علاَّمة كثير الفنون رأسًا في الفقه شديدًا على المبتدعة نافذ الكلمة‏.‏
روي عن أبي القاسم بن بشران وقد أخذ في فتنة ابن القشيري وحبس أيامًا ومات في صفر عن تسع وخمسين سنة‏.‏
وأبو القاسم عبد الرحمن بن مندة الأصبهاني الحافظ صاحب التصانيف ولد الحافظ الكبير الجوّال أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد العبدي كان ذا سمتٍ ووقار وله أصحاب وأتباع وفيه تستُّن مفرط أوقع بعض العلماء في الكلام في معتقده وتوهّموا فيه التجسيم وهو برئ منه فيما علمت ولكن لو قصّر من شأنه لكان أولى به أجاز له زاهر بن أحمد السرخسي وروى الكثير عن أبيه وأبي جعفر الأبهري وطبقتهما وسمع بنيسابور من أصحاب الأصمّ وبمكة من ابن جهضم وبهمذان والدينور وشيراز وبغداد وعاش تسعًا وثمانين سنة‏.‏
سنة إحدى وسبعين وأربعمائة فيها دخل تاج الدولة تتش أخو السلطان ملكشاه إلى الشام من جهة أخيه وأخذ حلب ودمشق وكان عسكره التركمان وكان أقسيس - ويقال أتسز وأطسز الخوارزمي - قد جاء المصريون لحربه فاستنجد بتتش عندما أخذ حلب فسار إليه وفرّ المصريون فخرج أقسيس إلى خدمة تتش فأظهر الغضب لكونه ما تلقاه إلى بعيد وقبض عليه وقتله في الحال وأحسن سيرته في الشاميين وكان الناس في جورٍ وضرّ مع أتسز نزل جنده في بيوت الناس وصادر الناس وعذبهم في الشمس‏.‏
وفيها توفي أبو علي بن البنّا الفقيه الحسن بن أحمد البغدادي الحنبلي صاحب التواليف والتخاريج روى عن هلال الحفّار وطبقته وقرأ القراءات على الحمّامي وتفقه ودرَّس وأفتى ووعظ وكان ناصرًا للسنة‏.‏
وأبو علي الوخشي الحسن بن علي بن محمد البلخي الحافظ الكبير رحل وطوّف وجمع وصنَّف وعاش ستًّا وثمانين سنة‏.‏
روى عن تمام الرازي وأبي عمر بن مهدي وطبقتهما بالشام والعراق ومصر وخراسان وكان ثقةً‏.‏
وأبو القاسم الزنجاني سعد بن علي الحافظ القدوة الزاهد نزيل الحرم جار بيت الله‏.‏
روى عن أبي عبد الله بن نظيف الفرَّاء وعبد الرحمن بن ياسر الجوبري وخلق‏.‏
سئل محمد بن طاهر المقدسي عن أفضل من رأى فقال‏:‏ سعد الزنجاني وشيخ الإسلام الأنصاري فقيل‏:‏ أيّهما أفضل فقال‏:‏ الأنصاري كان متفننا وأما الزنجاني فكان أعرف بالحديث منه وسئل إسماعيل التيمي عن سعد فقال‏:‏ إمام كبير عارف بالسنَّة‏.‏
وقال غيره‏:‏ توفي في أوّل سنة إحدى وسبعين أو في آخر سنة سبعين عن تسعين سنة‏.‏
وعبد الباقي بن محمد بن غالب أبو منصور الأزجي العطار وكيل القائم والمقتدي صدوق جليل‏.‏
روى عن المخلّص وغيره توفي في ربيع الآخر‏.‏
وعبد العزيز بن علي أبو القاسم الأنماطي ابن بنت السُّكّري‏.‏
روى عن المخلص‏.‏
قال عبد الوهاب‏:‏ الأنماطي ثقة ومات في رجب‏.‏
قلت‏:‏ آخر من روى عنه ابن الطلاية الزاهد‏.‏
وعبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني أبو بكر النحوي اللعلاّمة صاحب التصانيف منها ‏[‏المغني في شرح الإيضاح‏]‏ ثلاثون مجلدًا وكان شافعيًّا أشعريًا‏.‏
ومنهم من يقول‏:‏ توفي سنة أربع وسبعين‏.‏
وأبو عاصم الفضيلي الفقيه واسمه الفضيل بن يحى الهروي شيخ أبي الوقت في جمادى الأولى وله ثمان وثمانون سنة‏.‏
وأبو الفضل القومساني محمد بن عثمان بن زيرك شيخ عصره بهمذان فضلًا وعلمًا وجلالةً وزهادةً وتفننًا في العلوم عن بضع وسبعين سنة‏.‏
ومحمد بن أبي عمران أبو الخير بن موسى المروزي الصفّار آخر أصحاب الكشميهني ومن به ختم سماع البخاري عاليًا ضعَّفه ابن طاهر‏.‏
سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة فيها توفي أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن محمد الشافعي المكي الحنّاط المعدَّل روى عن أحمد بن فراس العبقسي وعبيد الله بن أحمد السقطي توفي في ذي القعدة‏.‏
ومحمد بن أبي مسعود عبد العزيز بن محمد أبو عبد الله الفرسي ثم الهروي راوي جزء أبي الجهم وغير ذلك عن أبي محمد الشريحي في شوال‏.‏
وأبو منصور العكبري محمد بن أحمد الأخباري النديم عن تسعين سنة صدوق‏.‏
روى عن محمد بن عبد الله الجعفي وهلال الحفّار وطائفة‏.‏
توفي في شهر رمضان‏.‏
وهيَّاج بن عبيد الزاهد القدوة أبو محمد الحطِّيني قال هبة الله الشيرازي‏:‏ أما هيّاج الزاهد الفقيه فما رأت عيناي مثله في الزهد والورع‏.‏
وقال ابن طاهر‏:‏ بلغ في زهده أنه يواصل ثلاثة أيام لكي يفطر على ماء زمزم فإذا كان اليوم الثالث من أتاه بشيء أكله وكان قد نيَّف على الثمانين وكان يعتمر في كل يوم ثلاث عمر على رجليه ويدرس عدَّة دروس لأصحابه وكان يزور النبي صلى الله عليه وسلم في كل من مكة فيمشي حافيًا ذاهبًا وراجعًا‏.‏
روى عن أبي ذرّ الهروي وطائفة‏.‏
سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة فيها توفي أبو القاسم الفضل بن عبد الله بن المحب الواعظ النيسابوري آخر أصحاب أبي الحسين الخفّاف موتًا وروي عن العلوي وغيره‏.‏
وأبو الفتيان بن حيوس الأمير مصطفى الدولة محمد بن سلطان الغنوي الدمشقي شاعر أهل الشام له ديوان كبير‏.‏
وقد روى عن خاله أبي نصر بن الجندي توفي في شعبان بحلب عن ثمانين سنة‏.‏
سنة أربع وسبعين وأربعمائة فيها سار تتش السلجوقي غازيًا في دمشق فافتتح طرسوس‏.‏
وفيها توفي أبو الوليد الباجي سليمان بن خلف التجيبي القرطبي بالمريّة في رجب عن إحدى وسبعين سنة‏.‏
روى عن يونس بن عبد الله بن مغيث ومكّي بن أبي طالب وجاور ثلاثة
أعوام ولزم أباذرّ الهروي وكان يمضي معه إلى السراة ثم رحل إلى بغداد وإلى دمشق وروى عن عبد الرحمن بن الطبيز وطبقته بدمشق وابن غيلان وطبقته ببغداد وتفقه على أبي الطيّب الطبري وجماعة وأخذ علم الكلام بالموصل عن أبي جعفر السمناني وسمع الكثير وبرع في الحديث والفقه والأصول والنظر وردَّ إلى وطنه بعد ثلاث عشرة سنة بعلمٍ جمٍّ مع الفقر والقناعة وكان يضرب ورق الذهب للغزل ويعقد الوثائق ثم فتحت عليه الدنيا وأجزلت صلاته وولي قضاء أماكن وصنّف التصانيف الكثيرة‏.‏
قال أبو علي بن سكرة‏:‏ ما رأيت أحدًا على سمته وهيئته وتوقير مجلسه‏.‏
وأبو القاسم بن البسري علي بن أحمد البغدادي البندار‏.‏
قال أبو سعد السمعاني‏:‏ كان صالحًا ثقة فهمًا عالمًا سمع المخلّص وجماعة وأجاز له ابن بطة ونصر المرجي وكان متولضعًا حسن الأخلاق ذا هيئة ورواء توفي في سادس رمضان‏.‏
وأبو بكر محمد بن المزكّي المحدث من كبار الطلبة كتب عن خمسمائة نفس وأكثر عن أبيه وأبي عبد الرحمن السُّلمي والحاكم‏.‏
وروى عنه الخطيب مع تقدمه توفي في رجب‏.‏
سنة خمس وسبعين وأربعمائة
فيها قدم الشريف أبو القاسم البكري الواعظ من عند نظام الملك إلى بغداد فوعظ بالنظامية ونبز الحنابلة بالتجسيم فسبوه وتعرضوا له وكبس دور بني الفرّاء وأخذ كتاب القاضي أبي يعلي في ‏[‏إبطال التأويل‏]‏ فكان يقرأ بين يديه وهو على المنبر فيشنِّع به ويبشِّع شأنه‏.‏
وفيها توفي محدث أصبهان ومسندها عبد الوهاب بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة أبو عمرو العبدي الأصبهاني الثقة المكثر سمع أباه وابن خرَّشيذ قوله وجماعة‏.‏
توفي في جمادى الآخرة‏.‏
ومحمد بن أحمد بن علي السمسار أبو بكر الأصبهاني روى عن إبراهيم بن خرَّشيذ قوله وجماعة ومات في شوال وله مائة سنة‏.‏
روى عنه خلق كثير‏.‏
والمطهر بن عبد الواحد أبو الفضل البزاني الأصبهاني توفي فيها أو في حدودها روى ع ابن المرزبان الأبهري جزء لوين وعن ابن مندة وابن خرشيذ قوله‏.‏
سنة ست وسبعين وأربعمائة فيها عزم أهل حرّان وقاضيهم ابن جلبة الحنبلي على تسليم حرّان إلى جنق أمير التركمان لكونه سنيًّا وعصوًا على مسلم بن قريش صاحب الموصل لكونه رافضيًا ولكونه مشغولًا بمحاصرة دمشق مع المصريين كانوا يحاصرون بها تاج الدولة تتش وأسرع إلى حرّان ورماها بالمجانيق وأخذها وذبح القاضي وولديه رحمهم الله‏.‏
وفيها توفي الشيخ أبو إسحاق الشِّيرازي إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزابادي الشافعي جمال الدين أحد الأعلام وله ثلاث وثمانون سنة‏.‏
تفقه بشيراز وقدم بغداد وله اثنتان وعشرون سنة فاستوطنها ولزم القاضي أبا الطيّب إلى أن صار معيده في حلقته وكان أنظر أهل زمانه وأفصحهم وأورعهم وأكثرهم تواضعًا وبشرًا وانتهت إليه رئاسة المذهب في الدنيا‏.‏
روى عن أبي عليّ بن شاذان والبرقاني ورحل إليه الفقهاء من الأقطار وتخرّج به أئمةٌ كبار ولم يحجّ ولا وجب عليه لأنه كان فقيرًا متعففًا قانعًا باليسير درَّس بالنظامية وله شعر حسن توفي في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة‏.‏
وطاهر بن الحسين أبو الوفا القوّاس الحنبلي الزاهد ببغداد عن ست وثمانين سنة‏.‏
روى عن هلال الحفّار وجماعة وكان إمامًا في الفقه والورع والإبراهيمي عبد الله بن عطاء الهروي الحافظ وهو ضعيف يروي عن أبي عمر المليحي وأقرانه‏.‏
وعبد الوهاب بن أحمد بن جلبة الفقيه أبو الفتح البغدادي ثم الحراني الخزاز الحنبلي قاضي حران وصاحب القاضي أبي يعلى وروى عن أبي بكر البرقاني وجماعة قتله كما ذكرنا والبكري أبو بكر المغربي الواعظ من دعاة الأشعرية وفد على نظام الملك بخراسان فنفق عليه وكتب له سجلًا أن يجلس بجوامع بغداد فقدم وجلس ووعظ ونال من الحنابلة سبًّا وتكفيرًا ونالوا منه ولم تطل مدّته ومات في هذا العام‏.‏
وأبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصَّقر اللَّخمي الأنباري الخطيب في جمادى الآخرة وله ثمانون سنة سمع بالحجاز والشام ومصر وأكبر شيخ له عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي‏.‏
ومقرئ الأندلس في زمانه أبو عبد الله محمد بن شريح الرعيني الإشبيلي المقرئ مصنف كتاب ‏[‏الكافي‏]‏ وكتاب ‏[‏التذكير‏]‏ وله أربع وثمانون سنة وقد حجّ وسمع من أبي ذرّ الهروي وجماعة‏.‏
سنة سبع وسبعين وأربعمائة فيها سار سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب قونية وأقصرى بجيوشه إلى الشام فأخذ أنطاكية وكانت بيد النصارى من مائة وعشرين سنة وكان ملكها قد سار عنها إلى بلاد الروم ورتّب بها نائبًا فأساء إلى أهلها وإلى الجند في إقامته بها فلما دخل الروم اتفق ولده ولده والنائب المذكور على تسليمها إلى صاحب قونية سليمان فكاتبوه فأسرع في البحر ثم طلع وسار إليها في جبال وعرة فأتاها بغتةً ونصب السلالم ودخلها وقتل جماعة وعفا من الرعيّة وأخذ منها أموالًا لا تحصى ثم بعث إلى نسيبه السلطان ملكشاه يبشّره بالفتح وكان صاحب الموصل مسلم يأخذ القطيعة من أنطاكية فطلب العادة من سليمان فقال إنما كان ذلك المال جزية وأنا بمحمد الله فمؤمن فنهب مسلم بلاد أنطاكية ثم تمت وقعة بين سليمان ومسلم في صفر من العام الآتي قتل فيها مسلم‏.‏
وفيها توفي إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل بن الإمام أبي بكر أحمد ابن إبراهيم الإسماعيلي الجرجاني أبو القاسم صدر عالم نبيل وافر الحشمة له يدٌ في النظم والنثر‏.‏
روى عن حمزة السهمي وجماعة وعاش سبعين سنة روى ‏[‏الكامل‏]‏ لابن عديّ‏.‏
وبيبى بنت عبد الصمد بن علي أم الفضل وأم عربي الهرثميّة الهرويّة لها جزء مشهور بها ترويه عن عبد الرحمن بن أبي شريح توفيت في هذه السنة أو في التي بعدها وقد استكملت تسعين سنة‏.‏
وأبو سعد عبد الله بن الإمام عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري أكبر الأخوة في ذي القعدة وله أربع وستون سنة‏.‏
روى عن القاضي أبي بكر الحيري وجماعة وعاشت أمه فاطمة بنت أبي علي الدقاق بعده أربعة أعوام‏.‏
وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوشنجي كلام آخر أصحاب عبد الرحمن بن أبي شريح الهروي موتًا وهو من كبار شيوخ أبي الوقت‏.‏
وأبو نصر بن الصبّاغ الفقيه عبد السيِّد بن محمد بن عبد الواحد البغدادي الشافعي أحد الأئمة ومؤلف ‏[‏الشامل‏]‏ كان نظيرًا للشيخ أبي إسحاق ومنهم من يقدمه على أبي اسحاق في نقل المذهب وكان ثبتًا حجة ديّنا خيّرًا ولي النظامية بعد أبي إسحاق ثم كفّ بصره‏.‏
وروى عن محمد بن الحسين القطّان وأبي علي بن شاذان وكان مولده في سنة أربعمائة توفي في جمادى الأولى ببغداد ودفن في داره‏.‏
وأبو علي الفارمذي الفضل بن محمد الزاهد شيخ خراسان‏:‏ قال عبد الغافر‏:‏ هو شيخ الشيوخ في عصره المنفرد بطريقته في التذكير التي لم يسبق إليها في عبارته وتهذيبه وحسن آدابه ومليح استعارته ورقة ألفاظه‏.‏
دخل نيسابور وصحب القشيري وأخذ في الاجتهاد البالغ‏.‏
إلى أن قال‏:‏ وحصل له عند نظام الملك قبول خارج عن الحدّ روى عن أبي عبد الله بن باكويه وجماعة وعاش سبعين سنة توفي في ربيع الآخر‏.‏
ومحمد بن عمار أبو بكر المهري ذو الوزارتين شاعر الأندلس كان هو وابن زيدون القرطبي كفرسي رهان وكان ابن عمار قد اشتمل عليه المعتمد وبلغ الغاية إلى أن استوزره ثم جعله
ومسعود بن ناصر السِّجزي أبو سعيد الركّاب الحافظ رحل وصنّف وحدّث عن أبي حسّان المزكّي وعلي بن بشرى اللّيثي وطبقتهما ورحل إلى بغداد وأصبهان‏.‏
قال الدقاق‏:‏ لم أر أجود إتقانًا ولا أحسن ضبطًا منه توفي بنيسابور في جمادى الأولى‏.‏
سنة ثمان وسبعين وأربعمائة فيها أخذ الأذفنش لعنه الله مدينة طليلطلة من الأندلس بعد حصار سبع سنين فطغى وتمرّد وحملت إليه الضريبة ملوك الأندلس حتى المعتمد بن عبّاد ثم استعان المعتمد على حربه بالملَّثمين وأدخلهم الأندلس‏.‏
وفيها قدم أمير الجيوش فحاصر تتش بدمشق فلم يقدر عليها وردَّ‏.‏
وفيها ثارت الفتنة ببغداد بين الرافضة والناس واقتتلوا وأحرقت أماكن‏.‏
وفيها توفي أبو العباس العذري أحمد بن عمر بن أنس بن دلهاث الأندلسي الدَّلائي - ودلاية من عمل المريّة - كان حافظًا محدّثًا متقنًا مات في شعبان وله خمس وثمانون سنة ثمان وأربعمائة مع أبويه فجاوزوا ثمانية أعوام وصحب هو أباذرّ فتخرَّج به وروى عن أبي الحسن بن جهضم وطائفة ومن جلالته أن إمامي الأندلس‏:‏ ابن عبد البرّ وابن حزم رويا عنه‏.‏
وله كتاب دلائل وأبو سعد المتولي عبد الرحمن بن مأمون النيسابوري شيخ الشافعية وتلميذ القاضي حسين وهو صاحب ‏[‏التتمة‏]‏ تمّم به ‏[‏الإبانة‏]‏ لشيخه أبي القاسم الفوراني وقد درّس أيامًا بالنظامية بعد الشيخ أبي إسحاق ثم صرف بابن الصبّاغ ثم وليها بعد ابن الصباغ ومات كهلًا‏.‏
وأبو معشر الطبري عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري القطّان المقرئ نزيل مكة وصاحب كتاب‏:‏ ‏[‏التلخيص‏]‏ وغيره قرأ بحرّان على أبي القاسم الزيدي وبمكة على الكارزيني وبمصر أيضًا على جماعة‏.‏
وروى عن أبي عبد الله ابن نظيف وجلس للإقراء مدة بمكة‏.‏
وإمام الحرمين أبو المعالي الجويني عبد الملك بن أبي محمد بن عبد الله بن يوسف الفقيه الشافعي ضياء الدين أحد الأئمة الأعلام عاش ستين سنةً وتفقّه على والده وجور بمكة في شبيبته أربعة أعوام ومن ثم قيل له إمام الحرمين وكان من أذكياء العالم وأحد أوعية العلم توفي في ربيع الآخر بنيسابور وكان له نحو من أربعمائة تلميذ رحمه الله‏.‏
وأبو علي بن الوليد الكرخي وله اثنتان وثمانون سنة أخذ عن أبي الحسين البصري وغيره وبه انحرف ابن عقيل عن السنّة قليلًا وكان ذا زهد وورع وقناعة وتعبُّد وله عدّة تصانيف ولما افتقر جعل ينقص داره ويبيع خشبها ويتقوّت به وكانت من حسان الدور ببغداد‏.‏
وقاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني محمد بن علي بن محمد الحنفي تفقّه بخراسان ثم ببغداد على القدوري وسمع من الصوري وجماعة وعاش ثمانين سنة‏.‏
وكان نظير القاضي أبي يوسف في الجاه والحشمة والسُّؤدد وبقي في القضاء دهرًا ودفن في القبة إلى جانب الإمام أبي حنيفة رحمهما الله‏.‏
ومسلم الملك شرف الدولة أبو المكارم بن الملك أبي المعالي قريش بن بدران بن مقلَّد العقيلي صاحب الجزيرة وحلب وكان رافضيًا اتسعت ممالكه ودانت له العرب وطمع في الاستيلاء على بغداد عند موت طغرلبك وكان شجاعًا فاتكًا مهيبًا داهية ماكرًا التقى هو والملك سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب الروم على باب أنطاكية فقتل في المصافّ‏.‏
سنة تسع وسبعين وأربعمائة فيها التقي تتش - وسليمان بن قتلمش فقتل سليمان وسارتتش فنازل حلب وخافه أخوه تتش فهرب‏.‏
وفيها وقعة الزلاقة وذلك أن الإّذقونش جمع الجيوش فاجتمع المعتمد ويوسف بن تاشفين أمير المسلمين والمطوّعة فأتوا الزلاّقة من عمل بطليوس فالتقى الجمعان فوقعت الهزيمة على الملاعين وكانت ملحمة عظيمة في أول جمعة من رمضان وجرح المعتمد عدّة جراحات سليمة وطابت
وفيها لما افتتح ملكشاه حلب والجزيرة قدم بغداد وهو أول قدومه إليها ثم خرج وتصيَّد وعمل منارة القرون من كثرة وحشٍ صاد ثم ردّ إلى أصبهان وزّوج أخته زليخا محمد بن مسلم بن قريش العقيلي وأقطعه الرَّحبة وحرّان والرَّقّة وسروج‏.‏
وفيها أعيدت الخطبة العباسية بالحرمين وقطعت خطبة العبيديين‏.‏
وفيها توفي أبو سعد النيسابوري شيخ الشيوخ ببغداد أحمد بن محمد ابن دوست وكان كثير الحرمة في الدولة له رباط مشهور ومريدون وكان نظام الملك يعظّمه‏.‏
وإسماعيل بن زاهر النوقاني النيسابوري الشافعي أبو القاسم الفقيه وله اثنتان وثمانون سنة‏.‏
روى عن أبي الحسن العلوي وعبد الله بن يوسف وابن محمش وطائفة ولقي ببغداد أبا الحسين بن بشران وطبقته وأملى وأفاد‏.‏
وطاهر بن محمد بن محمد أبو عبد الرحمن الشَّحّامي المستملي والد زاهر روى عن أبي بكر الحيري وطائفة وكان فقيهًا صالحًا ومحدّثًا عارفًا له بصر تام بالشروط توفي في جمادى الآخرة وله ثمانون سنة‏.‏
وأبو علي التستري علي بن أحمد بن علي البصري السَّقطي راوي السُّنن عن أبي عمر الهاشمي‏.‏
وأبو الحسن علي بن فضّال المجاشعي القيرواني صاحب المصنّفات في العربية والتفسير توفي في شهر ربيع الأول وكان من أوعية العلم تنقل بخراسان وصحب نظام الملك‏.‏
وأبو الفضل محمد بن عبيد الله الصَّرّام النيسابوري الرجل الصالح‏.‏
روى عن أبي نعيم الإسفراييني وأبي الحسن العلوي وطبقتهما‏.‏
توفي في شعبان‏.‏
ومسند العراق أبو نصر الزَّينبي محمد بن محمد بن علي الهاشمي العباسي آخر أصحاب المخلّص ومحمد بن عمر الوراق توفي في جمادى الآخرة وله اثنتان وتسعون سنة وأربعة أشهر وكان ثقة خيّرًا‏.‏
سنة إحدى وثمانين وأربعمائة فيها توفي أبو بكر الغورجي أحمد بن عبد الصمد الهروي راوي جامع الترمذي عن الجراحي في ذي الحجة‏.‏
وأبو إسحاق الطيّان إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني القفّال صاحب إبراهيم بن خرشيذ قوله في صفر‏.‏
وأبو إسماعيل الأنصاري شيخ الإسلام عبد الله بن محمد بن علي بن مت الهروي الصوفي القدوة الحافظ أحد الأعلام في ذي الحجة وله ثمانون m0ن وأشهر سمع من عبد الجبار الجراحي وأبي منصور محمد بن محمد ابن الأزدي وخلق كثير وبنيسابور من أبي سعيد الصيرفي وأحمد السليطي صاحبي الأصم وكان جذعًا في أعين المبتدعة وسيفًا على الجهمية وقد امتحن مرّات وصنّف عدّة مصنفات وكان شيخ خراسان في زمانه غير مدافع‏!‏ وعثمان بن محمد بن عبيد الله المحمي أبو عمر المزكّي بنيسابور في صفر‏.‏
روى عن أبي نعيم الإسفراييني والحاكم‏.‏
وابن ماجة الأبهري أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن الأصبهاني - وأبهر أصبهان قرية وأما أبهر زنجان فمدينة - عاش خمسًا وتسعين وتفرد في الدنيا بجزء لوين عن ابن المرزبان الأبهري‏.‏
سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة فيها سار السلطان ملكشاه بجيوشه من أصبهان وعبر النهر فملك سمرقند بعد قتال وحصار وسار نحو كاشغر فدخل ملكها في الطاعة فرجع إلى خراسان ونكث أهل سمرقند فكر راجعًا إلى سمرقند وجرت أمور طويلة‏.‏
وفيها توفي أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد أبو نصر الحنفي رئيس نيسابور وقاضيها وكان يقال له شيخ الإسلام وكان مبالغًا في التعصب في المذهب فأغرى بعضًا ببعض حتى لعنت الخطباء أكثر الطوائف في دولة طغرلبك فلما مات طغرلبك خمد هذا ولزم بيته مدّة ثم ولي القضاء‏.‏
وأبو إسحاق الحبّال الحافظ إبراهيم بن سعيد النعماني مولاهم المصري عن تسعين سنة سمع أحمد بن ثرثال والحافظ عبد الغني ومنير بن أحمد وطبقتهم‏.‏
وكان يتّجر في الكتب وكانت بنو عبيد قد منعوه من التحديث في أواخر عمره وكان ثقة حجّة صالحًا ورعًا كبير القدر‏.‏
والحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن عثمان بن الوليد بن أبي الحديد أبو عبد الله السلمي الدمشقي الخطيب نائب الحكم بدمشق روى عن عبد الرحمن بن الطبيز وطائفة وعاش ستًّا وستين سنة‏.‏
والقاضي أبو منصور بن شكرويه محمد بن أحمد بن علي الأصبهاني توفي في شعبان وله تسع وثمانون سنة وهو آخر من روى عن أبي علي البغداديّ وابن خرَّشيذ قوله ورحل وأخذ بالبصرة عن أبي عمر القاسمي بعض السنن أو كله وفيه ضعف‏.‏
وأبو الخير محمد بن أحمد بن عبد الله بن ورا الأصبهاني‏.‏
روى عن عثمان البرجي وطبقته والطبسي محمد بن أحمد بن أبي جعفر المحدّث مؤلف كتاب ‏[‏بستان العارفين‏]‏ روى عن الحاكم وطائفة توفي في رمضان وكان صوفيًا عابدًا ثقة صاحب حديث‏.‏
سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة فيها كانت فتنة هائلة لم يسمع بمثلها بين السنّة والرافضة وقتل بينهم عدد كثير وعجز والي البلد واستظهرت السنَّة بكثرة من معهم من أعوان الخليفة واستكانت الشّيعة وذلّوا ولزموا التقيّة وأجابوا إلى أن كتبوا على مساجد الكرخ‏:‏ خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر فاشتدّ البلاءُ على غوغائهم وخرجوا عن عقولهم واشتدّوا فنهبوا شارع ابن أبي عوف ثم جرت أمور مزعجة وعاد القتال حتى بعث صدقة بن مزيد عسكرًا تتبّعوا المفسدين إلى أن فتر الشرّ قليلًا‏.‏
وفيها توفي خواهرزاده الحنفي شيخ الطائفة بما وراء النهر وهو أبو بكر بن محمد بن الحسين البخاري القديدي روى عن منصور الكاغدي وطائفة وبرع في المذهب وفاق الأقران وطريقته أبسسط الأصحاب وكان يحفظها توفي في جمادى الأولى ببخارى‏.‏
وعاصم بن الحسن أبو الحسين العاصمي الكرخي الشاعر المشهور‏.‏
روى عن ابن المتيم وأبي عمر بن مهدي وكان شاعرًا محسنًا ظريفًا صاحب ملح ونوادر مع الصلاح والعفّة والصدق مرض في أواخر عمره فغسل ديوان شعره ومات في جمادى الآخرة عن ستٍ وثمانين سنة‏.‏
وأبو نصر الترياقي عبد العزيز بن محمد الهروي راوي التّرمذي سوى آخر جزء منه عن الجرَّاحي ثقة أديب عاش أربعًا وتسعين سنة‏.‏
وترياق من قرى هراة‏.‏
والتَّفليسي أبو بكر محمد بن إسماعيل بن بن محمد النيسابوري المولد الصوفي المقرئ روى عن حمزة المهلَّبي وعبد الله بن يوسف الأصبهاني وطائفة ومات في شوال‏.‏
ومحمد بن ثابت الخجندي العلامة أبو بكر الشافعي الواعظ نزيل أصبهان ومدرّس نظاميتها وشيخ الشافعية بها ورئيسها وكان إليه المنتهى في الوعظ توفي في ذي القعدة‏.‏
وأبو نصر محمد بن سهل السرّاج الشاذياخي آخر أصحاب أبي نعيم عبد الملك الإسفراييني روى عن جماعة وكان ظريفًا نظيفًا لطيفًا توفي في صفر عن تسعين سنة‏.‏
وأبو الغنائم بن أبي عثمان محمد بن علي بن حسن الدقاق بغدادي متميز صدوق‏.‏
روى عن أبي عمر بن مهدي وجماعة‏.‏
وفخر الدولة بن جهير الوزير أبو نصر محمد بن محمد بن جهير التغلبي ولي نظر حلب ثم وزر لصاحب ميّافارقين ثم وزر للقائم بأمر الله مدّة ثم ولاّه ملكشاه نيابة ديار بكر توفي بالموصل في ثامن صفر وكان من رجال العالم ودهاة بني آدم‏.‏
سنة أربع وثمانين وأربعمائة فيها استولى يوسف بن تاشفين أمير المسلمين على الأندلس وقبض على المعتمد بن عبّاد وأخذ كل شيء يملكه وترك أولاده فقراء‏.‏
وفيها استولت الفرنج على جزيرة صقلِّيّة‏.‏
وفيها توفي أبو الحسن أحمد بن عبد الرحمن الذكواني الأصبهاني يوم عرفة وله تسعون سنة‏.‏
روى عن جدّه أبي بكر بن أبي علي وعثمان البرجي وطبقتهما وكان ثقة‏.‏
وأبو الحسن طاهر بن مفوّز المعافري الشاطبي تلميذ أبي مر بن عبد البرّ وكان من أئمة هذا الشأن مع الورع والتقى والاستبحار في العلم توفي في شعبان وله خمس وخمسون سنة وكان أخوه عبد الله زاهدًا أهل الأندلس‏.‏
وعبد الملك بن علي بن شغبة أبو القاسم الأنصاري البصري الحافظ الزاهد استشهد بالبصرة وكان يروي جملة من سنن أبي داود عن أبي عمر الهاشمي أملى عدّة مجالس وكان من العبادة والخشوع بمحل‏.‏
وأبو نصر الكركانجي محمد بن أحمد بن علي شيخ المقرئين لمرو ومسند الآفاق في ذي الحجة وله أربع وتسعون سنة وكان إمامًا في علوم القرآن كثير التصانيف متين الديانة انتهى إليه على الإسناد‏.‏
قرأ ببغداد على أبي الحسن الحمَّامي وبحرَّان على الشريف الزيدي وبمصر على إسماعيل بن عمر الحداد وبدمشق والموصل وخراسان‏.‏
وفيها حدَّث أبو منصور المقوِّمي محمد بن الحسين بن أحمد بن الهيثم القزويني راوي سنن ابن ماجة عن القاسم بن أبي المنذر توفي فيها أو بعدها عن بضع وثمانين سنة‏.‏
وفي رجب قاضي القضاة أبو بكر النَّاصحي محمد بن عبد الله بن الحسين النيسابوري روى عن أبي بكر الحيري وجماعة‏.‏
قال عبد الغافر‏:‏ هو أفضل عصره في أصحاب أبي حنيفة وأعرفهم بالمذهب وأوجههم في المناظرة مع حظ وافر من الأدب والطبّ ولم تحمد سيرته في القضاء‏.‏
والمعتصم محمد بن معن بن محمد بن أحمد بن صمادح أبو يحيى التجيبي الأندلسي صاحب المريَّة توفي وجيش ابن تاشفين محاصرون له‏.‏
فيها وقة جيَّان بالأندلس أقبل الإذفونش في جموع عظيمة فالتقاه المسلمون فانهزموا‏.‏
ثم تراجع الناس وثبتوا ونزل النصر فانزم الملاعين‏.‏
وقتل منهم خلق عظيم وكان ملحمةً كبرى‏.‏
وفي عاشر رمضان قتل نظام الملك‏.‏
وفيها أخذت خفاجة ركب العراق وكان الحريق العظيم ببغداد فاحترق من الناس عدد كثير واحترق عدة أسواق كبار من الظهر إلى العصر‏.‏
وفيها توفي أبو الفضل جعفر بن يحيى الحكّاك محدّث مكة وكان متقنًا حجّة صالحًا‏.‏
روى عن أبي ذرّ الهروي وطائفة وعاش سبعين سنة‏.‏
ونظام الملك الوزير أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي قوام الدين كان من جلَّة الوزراء ذكره أبو سعد السمعاني فقال‏:‏ كعبة المجد ومنبع الجود كان مجلسه عامرًا بالقرّاء والفقهاء أنشأ المدارس بالأمصار ورغب في العلم وأملى وحدَّث وعاش ثمانيًا وسبعين سنة أتاه شاب صوفيّ الشكل من الباطنية ليلة عاشر رمضان فناوله قصّة ثم ضربه بسكين في صدره قضى عليه فيقال إنّ ملكشاه دسّ عليه هذا فالله أعلم‏.‏
وأبو عبد الله بن المرابط قاضي المريّة وعالمها محمد بن خلف بن سعيد الأندلسي روى عن المهلَّب بن أبي صفرة وجماعة وصنّف شرحًا للبخاري وكان رأسًا في مذهب مالك ارتحل
وأبو بكر الشاشي محمد بن علي بن حامد الفقيه شيخ الشافعية وصاحب الطريقة المشهورة والمصنفات المليحة درّس مدّة بغزنة ثم بهراة ونيسابور وحدَّث عن منصور الكاغدي وتفقه ببلاده على أبي بكر السنجي وعاش نيّفا وتسعين سنة‏.‏
توفي بهراة‏.‏
ومحمد بن عيسى بن فرج أبو عبد الله التجيبي المغامي الطليطلي مقرئ الأندلس أخذ عن أبي عمرو الدَّاني ومكّي بن أبي طالب وجماعة‏.‏
أقرأ الناس مدّة‏.‏
وابو عبد الله البانياسي مالك بن أحمد بن علي بن الفرّاء البغدادي واحترق في الحريق الذكور في جمادى الآخرة له سبع وثمانون سنة وهو آخر من حدَّث عن أبي الحسن بن الصلت المجبر وسمع من جماعة‏.‏
والسلطان ملكشاه أبو الفتح جلال الدولة بن السلطان ألب أرسلان محمد ابن داود السلجوقي التركي تملك بلاد ما وراء النهر وبلاد الهياطلة وبلاد الروم والجزيرة والشام والعراق وخراسان وغير ذلك‏.‏
قال بعض المؤرخين‏:‏ ملك من مدينة كاشغر الترك إلى بيت المقدس طولًا ومن القسطنطينية وبلاد الخزر إلى بحر الهند عرضًا وكان حسن السيرة محسنًا إلى الرعية وكانوا يلقّبونه بالسلطان العادل وكان ذا غرامٍ بالعمائر وبالصيد مات في شوال بعد وزيره النظام بشهر فقيل إنه سم في في خلال ونقل في تابوت فدفن بأصبهان في مدرسة كبيرة

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 09:38 PM

سنة ست وثمانين وأربعمائة لما علم تتش بدمشق موت أخيه أنفق الأموال وتوجّه ليأخذ السلطنة فسار معه من حلب قسيم الدولة آقسنقر ودخل في طاعته باغبسان صاحب أنطاكية وبوزان صاحب الرُّها وحرَّان ثم سار فأخذ الرَّحبة في أول سنة ستّ ثم نازل نصيبين فأخذها عنوة وقتل بها خلقًا ثم سار إلى الموصل فالتقاه إبراهيم بن قريش العقيلي في ثلاثين ألفًا وتعرف بوقعة المضيع فانهزموا وأسر إبراهيم فقتله صبرًا وأقرَّ أخاه عليًا على الموصل لأنه ابن عمة تتش ثم أرسل إلى بغداد يطلب تقليدًا وساعده كوهرابين ثم سار فتملّك ميّافارقين وديار بكر وقصد أذربيجان فغلب على بعضها فبادر السلطان بركياروق بن ملكشاه ليدفع عمه تتش فلما تقارب العسكران قال قسيم الدولة آقسنقر لبوزان‏:‏ إنما أطعنا هذا الرجل لننظر ما يكون من أولاد السلطان والآن فقد قام ابنه هذا فينبغي أن نكون معه على تتش فخامرا إليه فضعف تتش وردّ إلى الشام‏.‏
ولم يحجّ ركب العراق وحجّ ركب الشام فنهبهم صاحب مكة محمد بن أبي هاشم ونهبتهم العربان عشر مرات وتوصّل من سلم في حال عجيبة‏.‏
وفيها توفي حمد بن أحمد بن الحسن أبو الفضل الأصبهاني الحداد روى ببغداد وأصبهان عن علي بن ماشاذه وعلي بن عبد كويه وطائفة وروى ‏[‏الحلية‏]‏ ببغداد توفي في جمادى الأولى‏.‏
وسليمان بن إبراهيم الحافظ أبو مسعود الأصبهاني‏.‏
قال السمعاني‏:‏ جمع وصنَّف وخرَّج على الصحيحين وروى عن محمد بن إبراهيم الجرجاني وأبي بكر بن مردويه وخلق ولقي ببغداد أبا بكر المنقِّي وطبقته وقد تكلِّم فيه توفي في ذي القعدة عن تسع وثمانين سنة وشهر ين‏.‏
وأبو الفضل الدقاق عبد الله بن علي بن أحمد بن محمد بن ذكرى البغدادي الكاتب روى عن أبي الحسين بن بشران وغيره وكان صالحًا ثقة‏.‏
والشيخ أبو الفرج الشيرازي الحنبلي عبد الواحد بن علي الواعظ الفقيه القدوة سمع بدمشق من أبي الحسن بن السمسار وأبي عثمان الصابوني وتفقه ببغداد زمانًا على القاضي أبي يعلى ونشر بالشام مذهب أحمد وتخرّج به الأصحاب وكان إمامًا عارفًا بالفقه والأصول صاحب حال وعبادة وتألّهٍ وكان تتش صاحب الشام يعظّمه لأنه كاشفه مرّة توفي في ذي الحجة وفي ذريته مدرسون وعلماء‏.‏
وأبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف البغدادي الرجل الصالح‏.‏
روى عن أبي الفتح بن أبي الفوارس وأبي الفرج الغوري وبه ختم حديثهما وكان ثقةً مأمونًا خيّرًا‏.‏
وشيخ الإسلام الهكَّاري أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف الأموي من ذرية عتبة بن أبي سفيان بن حرب وكان صالحًا زاهدًا ربانيًا ذا وقارٍ وهيبة وأتباع ومريدين رحل في الحديث وسمع من أبي عبد الله بن نظيف الفرّاء وأبي القاسم بن بشران وطائفة‏.‏
قال ابن ناصر‏:‏ توفي في أوّل السنة وقال ابن عساكر‏:‏ لم يكن موثَّقًا في راويته‏.‏
قلت‏:‏ ولد سنة تسع وأربعمائة‏.‏
وأبو الحسن الأنباري علي بن محمد بن محمد بن الأخضر الخطيب في شوال عن أربع وتسعين سنة‏.‏
وكان آخر من حدَّث عن أبي أحمد الفرضي وسمع أيضًا من أبي عمر بن مهدي وطائفة وتفقه لأبي حنيفة وكان ثقة نبيلًا عالي الإسناد‏.‏
وأبو المظفَّر موسى بن عمران الأنصاري النيسابوري مسند خراسان في ربيع الأول وله ثمان وتسعون سنة روى عن أبي الحسن العلوي والحاكم وكان من كبار الصوفية‏.‏
وأبو الفتح نصر بن الحسن التنكتي الشاشي نزيل سمرقند وله ثمانون سنة‏.‏
روى ‏[‏صحيح مسلم‏]‏ عن عبد الغافر وسمع بمصر من الطفَّال وجماعة ودخل الأندلس للتجارة فحدّث بها وكان ثقة‏.‏
وهبة الله بن عبد الوارث الشيرازي أبو القاسم الحافظ محدّث جوّال سمع بخراسان والعراق وفارس واليمن ومصر والشام وحدَّث عن أحمد ابن عبد الباقي بن طوق وأبي جعفر بن المسلمة وطبقتهما ومات كهلًا وكان صوفيًا صالحًا متقشفًا‏.‏
سنة سبع وثمانين وأربعمائة في أوّلها علّمن المقتدي بالله على تقليد السلطان بركياروق وخطب له ببغداد ولقِّب ركب الدين ومات الخليفة من الغد فجأةً ورجع قسيم الدولة آقسنقر ببعض جيش بركياروق فالتقاه تتش بقرب حلب فانهزم الحلبيون وأسر آقسنقر فذبحه تتش صبرًا وساق فحاصر حلب فافتتحها‏.‏
وأسر بوزان وكربوقا فذبح بوزان وبعث برأسه إلى أهل حرّان فسلّموا له البلد ثم سار فأخذ الجزيرة وخلاط وأذربيجان جميعها وكثرت جيوشه واستفحل شأنه فقصده بركياروق فكبس عسكر تتش بركياروق فانهزم ونهبت خزائنه وأثقاله‏.‏
وفيها توفي أبو بكر بن خلف الشيرازي ثم النيسابوري مسند خراسان أحمد بن علي بن عبد الله بن بن عمر بن خلف روى عن الحاكم وعبد الله بن يوسف وطائفة قال عبد الغافر‏:‏ هو شيخنا الأديب المحدّث المتقن الصحيح السماع ما رأينا شيخًا أروع منه ولا أشدّ إتقانًا توفي في ربيع الأول وقد نيَّف على التسعين‏.‏
وآقسنقر قسيم الدولة أبو الفتح مولى السلطان ملكشاه وقيل هو لصيق به وقيل اسم أبيه الترعان لمّا افتتح ملكشاه حلب استناب عليها آفسنقر في سنة ثمانين وأربعمائة فأحسن السياسة وضبط الأمور وتتبّع المفسدين حتى صار دخله من البلد كل يوم ألفًا وخمسمائة دينار‏.‏
ذكرنا أنه أسر في المصاف ثم قتل في جمادى الأولى ودفن بمشهد قريبا مدّة ثم نقله ولده الأتابك زنكي فدفنه بالمدرسة الزجاجية داخل حلب‏.‏
وأبو نصر الحسن بن أسد الفارقي الأديب صاحب النظم والنثر وله الكتاب المعروف في الألغاز توثَّب بميّافارقين على الإمرة ونزل بقصر الإمرة وحكم أيامًا ثم ضعف وهرب ثم قبض عليه وشنق‏.‏
والمقتدي بالله أبو القاسم عبد الله بن الأمير ذخيرة الدين محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله بن الأمير إسحاق بن المقتدر العباسي بويع بالخلافة بعد جدّه في ثالث عشر شعبان سنة سبع وستين وله تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر ومات فجأة في ثامن عشر المحرم عن تسع وثلاثين سنة وبويع بعده ابنه المستظهر بالله أحمد وقيل إن جاريته سمَّته وكان ديّنًا خيرًا أمر بنفي الحواظي والمغنيات من بغداد‏.‏
وكانت الخلافة في أيامه باهرةً وافرة الحرمة‏.‏
وأبو القاسم بن أبي العلاء المصيِّصي عليّ بن محمد بن علي الفقيه الشافعي الدمشقي الفرضي في جمادى الآخرة وله سبع وثمانون سنة‏.‏
روى عن أبي محمد بن أبي نصر وممد بن عبد الرحمن القطّان والكبار وأدرك ببغداد أبا الحسن الحمَّامي وببلد ابني الصَّيّاح وبمصر أبا عبد الله بن نظيف وكان فقيهًا ثقةً‏.‏
وابن ماكولا الحافظ الكبير الأمير أبو نصر علي بن هبة الله بن علي ابن جعفر العجلي الجرباذقاني ثم البغدادي النسّابة صاحب التصانيف ولم يكن ببغداد بعد الخطيب أحفظ منه ولد بعكبرت سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة ووزر أبوه للقائم وولي عمه الحسين قضاء القضاة سمع من أبي طالب بن غيلان وطبقته قال الحميدي‏:‏ ما راجعت الخطيب في شيء إلا وأحالني على الكتاب وقال‏:‏ حتى أكشفه وما راجعت ابن ماكولا إلا وأجابني حفظًا كأنه يقرأ من كتاب وقال أبو سعد السمعاني‏:‏ كان لبيبا عارفًا ونحوًا مجوّدًا وشاعرًا مبرّزًا‏.‏
قلت‏:‏ اختلف في وفاته على أقوال قتله مماليكه بالأهواز وأخذوا ماله في هذه السنة على بعض الأقوال‏.‏
وأبو عامر الأزدي القاضي محمود بن القاسم بن القاضي أبي منصور محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد المهلَّبي الهروي الفقيه الشافعي راوي ‏[‏جامع الترمذي‏]‏ عن الجرّاحي قال أبو نصر الفامي عديم النظير زهدًا وصلاحًا وعفة ولد سنة أربعمائة وتوفي في جمادى الآخرة رحمه والمستنصر بالله أبو تميم معدّ بن الظاهر علي بن الحاكم منصور بن العزيز بن المعزّ العبيدي الرافضي صاحب مصر وكانت أيامه ستّين سنة وأربعة أشهر وقد خطب له ببغداد في سنة إحدى وخمسين ومات في ذي الحجة عن ثمان وستين سنة وبويع بعده ابنه المستعلي‏.‏
سنة ثمان وثمانين وأربعمائة فيها قامت الدولة على أحمد خان صاحب سمرقند وشهدوا عليه بالزَّندقة والانحلال فأفتى الأئمة بقتله فخنقوه وملّكوا ابن عمه‏.‏
وفيها التقي تتش وابن أخيه بركياروق بنواحي الريّ فانهزم عسكر تتش وقاتل هو حتى قتل واستوثق الأمر لبركياروق وكان رصوان بن تتش قد سار إلى بغداد لينزل بها فلما قارب هيت جاءه نعي أبيه فردَّ ودخل حلب ثم قدم عليه من الوقعة أخوه دقاق فأرسله متولِّي قلعة دمشق الخادم ساوتكين فسار سرًّا من أخيه وتملّك دمشق ثم توصّل طغتكين وبعض جيش تتش فأكرمهم دقاق وتزوج طغتكين بأم دقاق‏.‏
وفيها قدم الغزالي دمشق متزهدًا وصنّف ‏[‏الإحياء‏]‏ وأسمعه بدمشق وأقام بها سنتين ثم حجّ وردَّ إلى وطنه‏.‏
وفيها توفي أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون البغدادي الحافظ في رجب عن اثنتين وثمانين سنة وشهر روى عن أبي علي بن شاذان والبرقاني وطبقتهما وكتب مالا يوصف وكان ثقةً ثبتًا صاحب حديث‏.‏
قال أبو منصور بن خيرون كتب عمّي عن أبي علي بن شاذان ألف جزء وقال السِّلفي‏:‏ كان يحيى بن معين وقته‏:‏ رحمه الله‏.‏
وأمير الجيوش بدر الأرمني ولي إمرة دمشق في سنة خمس وخمسين وأربعمائة وانفصل بعد عام ثم وليها والشام كلّه في سنة ثمان وخمسين ثم صار إلى الديار المصرية والمستنصر في غاية الضعف فشدَّ دولته وتصرّف في الممالك وولي وزارة السيف والقلم وامتدَّت أيامه ولما أيس منه ولي الأمر بعده الأفضل توفي في ذي القعدة‏.‏
وتتش السلطان تاج الدولة أبو سعيد بن السلطان ألب أرسلان بن داود بن مكائيل بن سلجوق التركي السلجوقي كان شهمًا شجاعًا مقدامًا فاتكأ واسع الممالك كاد أن يستولي على ممالك أخيه ملكشاه قتل بنواحي الريّ وتملّك بعده ابناه بحلب ودمشق‏.‏
ورزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث الإمام أبو محمد التميمي البغدادي الفقيه الواعظ شيخ الحنابلة قرأ القرآن على أبي الحسن الحمّامي وتقدّم في الفقه والتفسير وألأصول والعربية واللغة وحدّث عن أبي الحسن بن المتيّم وأبي عمر بن مهدي والكبار توفي في
نصف جمادى الأوّل عن ثمان وثمانين سنة‏.‏
قال أبو علي ابن سكرة‏:‏ قرأت عليه ختمة لقالون وكان كبير بغداد وجليلها وكان يقول‏:‏ كل الطوائف تدَّعيني‏.‏
وأبو يوسف القزويني عبد السلام بن محمد بن يوسف بن بندار شيخ المعتزلة وصاحب التفسير الكبير الذي هو أزيد من ثلاثمائة مجلد درس الكلام على القاضي عبد الجبار بالريّ وسمع منه ومن أبي عمر بن مهدي الفارسي وتنقل في البلاد ودخل مصر وكان صاحب كتب كثيرة وذكاء مفرط وتبحُّرٍ في المعارف واطلاع كثير إلاّ أنه كان داعيةً إلى الاعتزال مات في ذي القعدة وله خمس وتسعون سنة وأشهر‏.‏
وأبو الحسن الحصري المقرئ الشاعر نزيل سبتةّ علي بن عبد الغني الفهري وكان مقرئًا محققًا وشاعرًا مفلقًا مدح ملوكًا ووزراء‏.‏
والمعتمد على الله أبو القاسم محمد بن المعتضد عبّاد بت القاضي محمد ابن إسماعيل اللَّخمي الأندلسي صاحب الأندلس كان ملكًا جليلًا وعالمًا ذكيًا وشاعرًا محسنًا وبطلًا شجاعًا وجوادًا ممدّحًا كان بابه محطَّ الرِّحال وكعبة الآمال وشعره في الذروة العليا ملك من الأندلس من الرِّحال وكعبة الآمال وشعره في الذروة العليا ملك من الأندلس من المدائن والحصون والمعاقل مائة وثلاثين مسوّرًا وبقي في المملكة نيِّفًا وعشرين سنة وقبض عليه أمير المسلمين ابن تاشفين لمّا قهره وغلب على ممالكه وسجنه بأغمات حتى مات في شوال بعد أربع سنين من زوال ملكه وخلع من ملكه عن ثمانمائة سربَّة ومائة وثلاثة وسبعين ولدًا وكان راتبه في اليوم ثمانمائة رطل لحم‏.‏
ومحمد بن علي بن أبي صالح البغوي الدبّاس آخر من روى ‏[‏الترمذي‏]‏ عن الجرّاحي توفي ببغشور في ذي القعدة وكان من الفقهاء‏.‏
وقاضي القضاة الشامي أبو بكر محمد بن المظفر بن بكران الحموي الشافعي كان من أزهد القضاة وأورعهم وأتقاهم لله وأعرفهم بالمذهب ولد بحماة سنة أربعمائة وسمع ببغداد من عثمان بن دوست وطائفة وولي بعد أبي عبد الله الدَّامغاني وكان من أصحاب القاضي أب الطيّب الطبري لم يأخذ على القضاء رزقًا ولا غيَّر ملبسه كان له كارك في الشهر بدينار ونصف يتقنع به قال أبو علي بن سكّرة‏:‏ أما العلم فكان يقال‏:‏ لو رفع المذهب أمكنه أن يمليه من صدره‏.‏
قلت‏:‏ تفي في عاشر شعبان رحمه الله‏.‏
وأبو عبد الله الحميدي محمد بن أبي نصر فتّوح ابن عبد الله بن فتّوح ابن حميد بن يصل الميورقي الأندلسي الحافظ العلامة مؤلف ‏[‏الجمع بين الصحيحين‏]‏ توفي في ذي الحجة عن نحو سبعين سنة وكان أحد أوعية العلم صحب أبا محمد بن حزم مدّة بالأندلس وابن عبد البرّ ورحل في حدود الخمسين وسمع بالقيروان والحجاز ومصر والشام والعراق وكتب عن خلق كثير وكان ظاهريّ المذهب دؤوبًا على طلب العلم كثير الاطلاع ذكيًا فطنًا صيِّنًا ورعًا أخباريًا متفنِّنًا كثير التصانيف حجة ثقة رحمه الله‏.‏
ونجيب بن ميمون أبو سهل الواسطي ثم الهروي روى عن أبي علي الخالدي وجماعة وعاش بضعًا وتسعين سنةً‏.‏
سنة تسع وثمانين وأربعمائة فيها حاصر كربوقًا الموصل تسعة أشهر وأخذها وفارقها صاحبها إبراهيم فسار إلى الأمير صدقة ملك العرب‏.‏
وفيها توفي أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني الكرجي ثم البغدادي في ربيع الآخر وله ثلاث وسبعون سنة تفرَّد بسنن سعيد بن منصور عن أبي علي بن شاذان وكان صالحًا زاهدًا منقبضًا عن الناس ثقةً حجَّة حسن السيرة‏.‏
وأبو منصور الشِّيحي عبد المحسن بن محمد بن علي البغدادي المحدّث التاجر السفّار‏.‏
روى عن ابن غيلان والعتيقي وطبقتهما ولد سنة إحدى وعشرين وسمع بدمشق ومصر والرحبة وكتب وحصّل الأصول‏.‏
وعبد الملك بن سراج أبو مروان الأموي مولاهم القرطبي لغويّ الأندلس بلا مدافعة توفي في ذي الحجة عن تسعين سنة‏.‏
روى عن يونس بن مغيث ومكِّي بن أبي طالب وطائفة وكان من أوعية العلم‏.‏
وأبو عبد الله الثقفي القاسم بن الفضل بن أحمد رئيس أصبهان ومسندها عن اثنتين وتسعين سنة‏.‏
روى عن محمد بن إبراهيم الجرجاني وابن محمش وطبقتهما بأصبهان ونيسابور وبغداد والحجاز‏.‏
وأبو بكر بن الخاضبة محمد بن أحمد بن عبد الباقي البغدادي الحافظ مفيد بغداد‏.‏
روى عن أبي بكر الخطيب وابن المسلمة وطبقتهما ورحل إلى الشام وسمع من طائفة وكان محبّبًا إلى الناس كلهم لدينه وتواضعه ومروءته ومسارعته في قضاء حوائج الناس مع الصِّق والورع والصيانة التامة وطيب القراءة‏.‏
قال ابن طاهر‏:‏ ما كان في الدنيا أحدٌ أحسن قراءة للحديث منه‏.‏
وقال أبو الحسن الفصيحي‏:‏ ما رأيت في المحدّثين أقوم باللغة من ابن الخاضبة توفي في ربيع الأول وشيَّعه خلائق‏.‏

وابو عبد الله العميري محمد بن علي بن محمد الهروي العبد الصالح في المحرم وله إحدى وتسعون سنة وأوّل سماعه سنة سبع وأربعمائة وقد رحل إلى نيسابور وبغداد وروى عن أبي بكر الحيري وطبقته وكان من أولياء الله تعالى قال الدقّاق‏:‏ ليس له نظير بهراة‏.‏
قال أبو النصر الفامي‏:‏ توحّد عن أقرانه بالعلم والزهد في الدنيا وإتقان في الرواية والتجرد من الدنيا‏.‏
وأبو المظفّر السمعاني منصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي المروزي العلامة الحنفي ثم الشافعي برع على والده أبي منصور في المذهب وسمع أبا غانم الكراعي وطائفة ثم تحوّل شافعيًا وصنّف التصانيف وخرّج له الأصحاب توفي في ربيع الأول عن ثلاث وستين سنة‏.‏
سنة تسعين وأربعمائة فيها قتل أرسلان أرغون بن السلطان ألب أرسلان السلجوقي صاحب مرو وبلخ ونيسابور وترمذ وكان جبّارًا عنيدًا قتله غلام له وكان بركياروق قد جهّز الجيش مع أخيه سنجر لقتال عمه أرغون فبلغهم قتله بالدامغان فلقيهم بركياروق وسار فتسلّم نيسابور وغيرها بلا قتال ثم تسلّم بلخ وخطبوا له بسمر قند ودانت له الممالك واستخلف سنجر على خراسان وكانن حدثًا فرتّب في خدمته من يسوس المملكة واستعمل على خوارزم محمد بن أنشتكين مولى الأمير ملكايل السلجوقي ولقّبه خوارزم شاه وكان عادلًا محبًّا للعلماء وبعده ولي ابنه أتسز‏.‏
وفيها التقى الأخوان دقاق ورضوان ابنا تتش بقنّسرين فانكسر دقاق ونهب عسكره ثم تصالحا على أن أن يقدّم أخاه في الخطبة بدمشق‏.‏
وفيها أقام رضوان بحلب دعوة العبيدين وخطب للمستعلي برأي منجمه أسعد الباطني ثم بعد شهر أنكر عليه صاحب أنطاكية وغيره فأعاد الخطبة العباسيّة‏.‏
وفيها خرجت الفرنج بجموعها ونازلت باغي سان بأنطاكية ووصلوا إلى فامية وكفرطاب واستباحوا تلك النواحي‏.‏
وفيها توفي أبو يعلى العبدى أحمد بن محمد بن الحسن البصري الفقيه ويعرف بابن الصوّاف شيخ مالكية العراق وله تسعون سنة‏.‏
تفقّه على القاضي على ابن هارون وحدّث عن البرقاني وطائفة وكان علامة زاهدًا مجدًّا في العبادة عارفًا بالحديث‏.‏
قال بعضهم‏:‏ كان إمامًا في عشرة أنواع من العلم توفي في رمضان بالبصرة‏.‏
وأبو نصر السمسار عبد الرحمن بن محمد الأصبهاني توفي في المحرم وهو آخر من حدّث عن محمد بن إبراهيم الجرجاني‏.‏
وأبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن محمد بن عبدوس رئيس همذان ومحدّثها‏.‏
أجاز له أبو بكر بن لال وسمع محمد بن أحمد بن حمدويه الطوسي والحسين بن فتحويه مات في جمادى الآخرة عن خمس وتسعين m0ن‏.‏
روى عنه أبو زرعة‏.‏
والفقيه نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي النابلسي أبو الفتح الزاهد شيخ الشافعية بالشام وصاحب التصانيف كان إمامًا علامة مفتيًا محدّثًا حافظًا زاهدًا متبتلًا ورعًا كبير القدر عديم النظير سمع بدمشق من عبد الرحمن بن الطبيز وأبي الحسن بن السمسار وطائفة وبغزّة من محمد بن جعفر الميماسي وبآمد وصور والقدس وآمل وصنّف‏.‏
وكان يقتات من غلّة تحمل إليه من أرض له بنابلس وهو بدمشق فيخبز له كل ليلة قرصة في جانب الكانون‏.‏
عاش أكثر من ثمانين سنة وتوفي يوم عاشوراء‏.‏
ويحيى بن أحمد السيبي أبو القاسم القصري المقرئ ببغداد وله مائة وسنتان‏.‏
قرأ القرآن على أبي الحسن الحمّامي وسمع أبا الحسن بن الصَّلت وأبا الحسين بن بشران وجماعة ختم عليه خلق وكان خيّرًا ثقة توفي في ربيع الآخر وكان يمشي ويتصرّف في مصالحه في هذا السنّ‏.‏
سنة إحدى وتسعين وأربعمائة
في جمادى الأولى ملكت الفرنج أنطاكية بالسيف ونجا صاحبها باغي سيان في ثلاثين فارسًا ثم ندم حتى غشي عليه من الغمّ فأركبوه فلم يتماسك فتركوه ونجوا فعرفه أرمني حطّاب فقطع رأسه وحمله إلى ملك الفرنج وعظم المصاب على المسلمين برواح أنطاكية وأهلها ثم أخذت الفرنج المعرّة وكفرطاب بالسيف ثم تجمع عساكر الجزيرة والشام فعملوا مع الفرنج مصافًّا فتخاذلوا وهزمتهم الفرنج‏.‏
وفيها توفي أبو العباس أحمد بن عبد الغفار بن أشتة الأصبهان‏.‏
روى عن علي بن ميلة وأبي سعيد النقاش وطائفة وعاش اثنتين وثمانين سنة‏.‏
وسهل بن بشر أبو الفرج الإسفراييني ثم الدمشقي الصوفي المحدّث سمع بدمشق من ابن سلوان وطائفة وبمصر من الطفال وطبقته ولد ببسطام في سنة تسع وأربعمائة ومات بدمشق في ربيع الأول‏.‏
وطرّاد بن محمد بن علي النقيب الكامل أبو الفوارس الهاشمي العباسي الزينبي البغدادي نقيب النقباء ومسند العراق‏.‏
روى عن هلال الحفّار وابن رزقويه وأبي نصر النرسي وجماعة وأملى مجالس كثيرة وازدحموا عليه ورحلوا إليه وكان أعلى الناس منزلة عند الخليفة توفي في شوال وله ثلاث وتسعون سنةً‏.‏
وأبو الحسن الكرجي مكي بن منصور بن محمد بن علان الرئيس السلار نائب الكرج ومعتمدها توفي بأصبهان في جمادي الأولى عن بضع وتسعين سنة رحل وسمع من الحيري والصيرفي وأبي الحسين بن بشران وجماعة‏.‏
وكان محمود السيرة وافر الحرمة‏.‏
وهبة الله بن عبد الرزاق أبو الحسن الأنصاري البغدادي رئيس جليل خيّر توفي في ربيع الآخر عن تسع وثمانين سنة‏.‏
روى عن هلال وجماعة وهو آخر من حدَّث عن أبي الفضل عبد الواحد التميمي‏.‏
سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة فيها انتشرت دعوة الباطنية بأصبهان وأعمالها وقويت شوكتهم وأخذت الفرنج لعنهم الله بيت المقدس بكرة يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان بعد حصار شهر ونصف‏.‏
قال ابن الأثير‏:‏ قتلت الفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفًا‏.‏
وفيها ابتداء دولة محمد بن السلطان ملكشاه وكان أخوه بركياروق أقطعه كنجه فكبر وطلع شهمًا شجاعًا مهيبًا فتسارعت إليه العساكر فسار إلى الريّ فتملكها فسار إلى خدمته سعد الدولة كوهرايين فاحترمه وولاه نيابة بغداد فجاء وأقام بها الخطبة لمحمد‏.‏
ولقّبوه غياث وفيها توفي أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف البغدادي اليوسفي ثقة جليل القدر‏.‏
روى عن أبي علي بن شاذان وطبقته توفي في شعبان وله إحدى وثمانون سنة‏.‏
وأبو القاسم الخليلي أحمد بن محمد الدُّهقان عن مائة سنة وسنة وسنة حدَّث ببلخ بمسند الهيثم بن كليب عن أبي القاسم الخزاعي عنه توفي في صفر‏.‏
وأبو تراب المراغي عبد الباقي بن يوسف نزيل نيسابور‏.‏
قال السمعاني‏:‏ عديم النظير في فنه بهيّ المنظر سليم النفس عاملٌ بعلمه نفّاعٌ للخلق فقيه النفس قويّ الحفظ تفقه ببغداد على أبي الطيّب الطبري وسمع أبا علي بن شاذان توفي في ذي القعدة وله إحدى وتسعون سنة‏.‏
والخلعي القاضي أبو الحسن علي بن الحسن المصري الفقيه الشافعي وله ثمان وثمانون سنة سمع عبد الرحمن بن عمر النحاس وأبا سعد الماليني وطائفة وانتهى إليه علوّ الإسناد بمصر قال ابن سكّرة‏:‏ فقيه له تصانيف ولي القضاء وحكم يومًا واستعفى وانزوى بالقرافة توفي في ذي الحجة‏.‏
قلت‏:‏ وكان يوصف بدين وعبادة‏.‏
وأبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن أيوب البزاز ببغداد وتوفي يوم عرفة عن اثنتين وثمانين سنة‏.‏
روى عن أبي علي بن شاذان والحرفي‏.‏
ومكّي بن عبد السلام وأبو القاسم بن الرميلي المقدسي الحافظ أحد من استشهد بالقدس رحل وجمع وغني بهذا الشأن وكان ثقة متحريًا‏.‏
روى عن محمد بن يحيى بن سلوان المازني وأبي عثمان بن ورقا وعبد الصمد بن المأمون وطبقتهم‏.‏
وعاش ستين سنة‏.‏
سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة فيها قدم السلطان بركياروق بغداد وفي خدمته صاحب الحلَّة صدقة بن مزيد فأعيدت خطبته ولم يؤاخذ كوهرايين ثم سار بالعساكر فالتقى هو وأخوه محمد فانهزم جيش بركياروق وسار في خمسين فارسًا فدخل خراسان فالتقاه أخوه سنجر فانهزم الجمعان وذلك من أغرب الاتفاق فسار بركياروق إلى جراجان ثم دخل البريّة وطلب أصبهان فسبقه أخوه محمد إليها‏.‏
وفيها لقي كمشتكين بن الدانشمند صاحب ملطية وسيواس الفرنج بقرب ملطية فكسرهم ‏,‏ اسر ملكهم بيمند ووصل في البحر سبعة قوامص فأخذوا قلعة أنكوريّة وقتلوا أهلها‏.‏
قال ابن الأثير‏:‏ فالتقاهم ابن الدانشمند فلم يفلت أحد من الفرنج سوى ثلاثة آلاف هربوا في الليل قال‏:‏ وكانوا ثلاثمائة ألف‏.‏
وفيها توفي العبّاداني أبو طاهر جعفر بن محمد القرشي البصري روى عن أبي عمر الهاشمي أجزاء ومجالس وكان شيخًا صالحًا أميًا معمّرًا‏.‏
والنعالي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة البغدادي الحمّامي رجل عاميّ من أولاد المحدّثين عمَّر دهرًا وانفرد بأشياء‏.‏
روى عن أبي عمر بن مهدي وأبي سعد الماليني وطائفة‏.‏
توفي في صفر‏.‏
وسليمان بن عبد الله بن الفتى أبو عبد الله النَّهراوني النحوي اللغوي صاحب التصانيف من ذلك كتاب ‏[‏القانون‏]‏ في اللغة عشر مجلدات وكتاب في ‏[‏التفسير‏]‏ تخرّج به أهل أصبهان وروى عن أبي طالب بن غيلان وغيره وهو والد الحسن مدرس النظامية‏.‏
وعبد الله بن جابر بن ياسين أبو محمد الحنّائي الحنبلي تفقه على القاضي أبي يعلى وروى عن أبي علي بن شاذان وكان ثقة نبيلًا‏.‏
وعبد القاهر بن عبد السلام أبو الفضل العباسي النقيب المكّي المقرئ أخذ القرءات عن أبي عبد الله الكاريني وتصدّر للإقراء ببغداد‏.‏
وأبو الفضل عبد الكريم بن المؤمّل السلمي الكفرطابي ثم الدمشقي البزاز‏.‏
روى جزءًا عن عبد الرحمن بن أبي نصر‏.‏
وعميد الدولة أبو منصور محمود بن فخر الدولة محمد بن محمد بن جهير الوزير وزر للمقتدي بالله سنة اثنتين وسبعين ثم عزل بعد خمس سنين بالوزير أبي شجاع ثم وزر سنة أربع وثمانين وإلى أن مات‏.‏
وكان رئيسًا كافيًا شجاعًا مهيبًا فصيحًا مفوّهًا أحمق صودر قبل موته وحبس ثم قتل سرًّا‏.‏
سنة أربع وتسعين وأربعمائة فيها التقى الأخوان بركياروق ومحمد فانهزم محمد وأسر وزيره مؤيد الملك وذبح ووصل محمد إلى جرجان فبعث له أخوه سنجر أموالًا وكسوة ثم تعاهدا وأما بركياروق فصار في مائة ألف فأذن لعسكره في التفرق للغلاء وبقي في عسكر قليل فقصده أخواه ففرّ إلى همذان ونقصت بذلك حرمته ثم فرّ إلى خوزستان وهو في خمسة آلاف ضعفاء جياع فدخل بغداد وتمرّض ومدَّ جنده أيديهم إلى أموال الرعية فوصل سنجر ومحمد إلى بغداد فتقهقر بركياروق إلى واسط وهو مريض وأكثر من معه مجمعة وفي هذا الوقت كثرت الباطنية بالعراق والجبل وزعيمهم الحسن بن الصبَّاح فملكوا القلاع وقطعوا السبل وأهمّ الناس شأنهم واستفحل أمرهم لاشتغال أولاد ملكشاه بنفوسهم‏.‏
وفيها حاصر كندفري - الذي أخذ القدس - عكّا فأصابه سهم قتله فسار أخوه بغدوين إلى القدس فاتفق دقاق بن تتش صاحب دمشق وجناح الدولة صاحب حمص وكسروا الفرنج‏.‏
وفيها أخذت الفرنج حيفا وأرسوف بالأمان وأخذت سروج بالسيف ثم أخذوا قيسارية بالسبف‏.‏
وفيها توفي أبو الفضل أحمد بن علي بن الفضل بن طاهر بن الفرات الدمشقي روى عن عبد الرحمن بن أبي نصر وجماعة ولكنه رافضيّ معتزلي وله كتب موقوفة بجامع دمشق‏.‏
وأبو الفرج الزاز شيخ الشافعية بخراسان عبد الرحمن بن أحمد السرخسي ثم المروزي تلميذ القاضي حسين وكان يضرب به المثل في حفظ المذهب وورعه إليه المنتهى عاش نيفًا وستين سنة‏.‏
وعبد الواحد بن الأستاذ أبي القاسم القشيري أبو سعيد‏.‏
وكان صالحًا عالمًا كثير الفضل‏.‏
روى عن علي بن محمد الطرازي وجماعة وسماعه حضور في الرابعة من الطرازي‏.‏
توفي في جمادى الآخرة‏.‏
وأبو الحسن المديني علي بن أحمد بن الأخرم النيسابوري المؤذِّن الزاهد أملى مجالس عن أبي
وعزيري بن عبد الملك أبو المعالي الجيلي القاضي شيذلة شيخ الوعاظ بالعراق مؤلف كتاب ‏[‏مصارع العشاق‏]‏ توفي في صفر‏.‏
ونصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر أبو الخطاب البزاز مسند بغداد روى عن أبي محمد بن البيِّع وابن رزقويه وطائفة توفي في ربيع الأول عن ست وتسعين سنة وكان صحيح السماع انفرد بالرواية عن جماعة‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 09:40 PM

سنة خمس وتسعين وأربعمائة فيها تم مصافّ ثالث بين بركياروق وأخيه محمد وكان سنجر قد ردّ إلى خراسان فالتقيا ومع كل واحد أربعة آلاف ولم يجر بينهما كبير قتال وتصالحا ثم جرى بينهما مصاف رابع بعد شهرين فانهزم محمد ونهبت خزائنه ولكن لم يقتل غير رجل واحد وسار فدخل أصبهان في سبعين فارسًا فحصنّها فنازله بركياروق واشتد القحط إلى الغاية وتعثّر الناس ثم خرج محمد في مائة وخمسين فارسًا فنجا وقاتل أهل البلد حتى عجز بركياروق وترحّل عنهم إلى همذان‏.‏
وفيها نازلت الفرنج اطرابلس‏.‏
وفيها توفي المستعلي بالله أبو القاسم أحمد بن المستنصر بالله معدّ بن الظاهر علي بن الحاكم منصور العبيدي صاحب مصر ولي الأمر بعد أبيه ثمان سنين ومات في صفر وله تسع وعشرون سنة وفي أيامه انقطعت دولته من الشام واستولى عليها الأتراك والفرنج ولم يكن له مع الأفضل حلّ ولا ربط بل كان الأفضل أمير الجيوش هو الكلّ وفي أيامه هرب أخوه نزار الذي تنسب إليه الدعوة النزارية بقلعة الألموت فدخل الاسكندرية وبايعه أهلها وساعده قاضيها ابن عمار ومتولِّيها أفتكين فنازلهم الأفضل فبرز لحربه أفتكين وهزمه ثم نازلهم ثانيًا وظفر بهم ورجع إلى القاهرة بأفتكين ونزار فذبح أفتكين وبنى على نزار حائطًا فهلك‏.‏
وأبو العلا صاعد بن سيّار الكناني قاضي القضاة بهراة روى عن أبي سعيد الصيرفي والطرازي وطائفة‏.‏
وسعيد بن هبة الله أبو الحسن شيخ الأطباء بالعراق وكان صاحب تصانيف في الفلسفة والطب والمنطق وله عدّة أصحاب‏.‏
وعبد الواحد بن عبد الرحمن الزبيري الوركي الفقيه‏.‏
قال السمعاني‏:‏ عمّر مائة وثلاثين سنةً وكتب إملاءً عن أبي ذرّ عمار بن محمد صاحب يحيى بن محمد ابن صاعد زرت قبره بوركة على فرسخين من بخارى‏.‏
قلت‏:‏ ما كان في الدنيا له نظير في علوّ الإسناد ولم يضعّفه أحد‏.‏
وأبو عبد الله الكامخي محمد بن أحمد بن محمد الساوي‏.‏
روى عن أبي بكر الحيري وهبة الله اللالكائي وطائفة توفي فيها ظنًا‏.‏
وأبو ياسر الخياط محمد بن عبد العزيز البغدادي رجل خيِّر روى عن أبي بكر أبي علي بن شاذان وجماعة وتوفي في جمادى الآخرة‏.‏
سنة ست وتسعين وأربعمائة فيها كان المصافُّ الخامس على باب خويّ بين الأخوين فانهزم محمد إلى ناحية خلاط‏.‏
وفيها سار دقاق صاحب دمشق فأخذ الرحبة وتسلم حمص بعد موت صاحبها جناح الدولة المتوفي عام أول‏.‏
وفيها حصرت المصريون يافا وبها الفرنج فالتقوهم‏.‏
انكسرت الفرنج وقتل منهم خلق وأسر خلق‏.‏
وفيها توفي ابن سوار مقرئ العراق أبو طاهر أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار مصنف ‏[‏المستنير‏]‏ في القراءات كان ثقة مجودًا أقرأ خلقًا وسمع الكثير وحدّث عن ابن غيلان وطبقته‏.‏
وأبو داود سليمان بن نجاح الأندلسي مولى المؤيد بالله الأموي مقرئ الأندلس وصاحب أبي عمرو الدَّاني وهو أنبل أصحابه وأعلمهم ‏,‏ أكثرهم تصانيف توفي في رمضان عن ثلاث وثمانين سنة‏.‏
وأبو الحسن بن الرُّوش علي بن عبد الرحمن الشاطبي المقرئ قرأ القراءات على أبي عمرو الدَّاني وسمع من ابن عبد البرّ توفي في شع بان‏.‏
وأبو الحسين بن البيَّار يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد المرسي قرأ على أبي عمرو الدَّاني ومكي‏.‏
قال ابن بشكوال‏:‏ لقي بمصر القاضي عبد الوهاب وأخذ عنه كتابه ‏[‏التلقين‏]‏ وأقرأ الناس وعمر وأسنّ وسمعت بعضهم ينسبه إلى الكذب توفي في المحرم وقد اختلط في آخر عمره وعاش تسعين سنة‏.‏
وأبو العلاء محمد بن عبد الجبّار الفرساني الأصبهاني روى عن أبي بكر بن أبي العلاء المعدّل وجماعة‏.‏
والفانيذي أبو سعد الحسين بن الحسين البغدادي روى عن أبي علي بن شاذان توفي في شوال‏.‏
وأبو ياسر محمد بن عبيد الله بن كادش الحنبلي المحدّث كتب الكثير وتعب وكان قارئ أهل
وأبو البركات محمد بن المنذر بن طيبان - لا طبيان - الكرخي المؤدِّب كذبه ابن ناصر‏.‏
وقد روى عن عبد الملك بن بشران ومات في صفر‏.‏
سنة سبع وتسعين وأربعمائة فيها اصطلح بنو ملكشاه وكان يخطب بخراسان كلها لسنجر ويسمى أخوه محمد في الخطبة واستقر بركياروق على الري وطبرستان وفارس والجزيرة والحرمين وخطب له بهذه البلاد واستقرّ محمد على العراق وأذربيجان وأرمينية وأصبهان‏.‏
وفيها أخذت الفرنج جبيل صلحًا ونكثوا وأخذوا عكا بالسيف وهرب متولِّيها زهر الدولة بنا الجيوشى في البحر ونازلت الفرنج حران فالتقاهم سقمان ومعه عشرة آلاف فانهزموا وتبعتهم الفرنج فرسخين ثم نزل النصر وكرَّ المسلمون فقتلوهم كيف شاءوا وكان فتحًا عظيمًا‏.‏
وفيها توفي أبو ياسر أحمد بن بندار البقال أخو ثابت روى عن بشرى الفاتني وطائفة ومات في رجب‏.‏
وأبو بكر الطريثيثي أحمد بن علي بن حسين بن زكريا ويعرف بابن زهيرًا الصوفي البغدادي من أعيان الصوفية ومشاهيرهم روى عن أبي الفضل القطّان‏.‏
واللاّلكائي وطائفة وهو ضعيف عاش ستًّا وثمانين سنة‏.‏
وأبو علي الجاجرمي إسماعيل بن علي النيسابوري الزاهد القدوة الواعظ وله إحدى وتسعون سنة‏.‏
روى عن أبي عبد الله بن باكويه وعدّة‏.‏
وابو عبد الله بن البسري الحسين بن علي بن أحمد بن محمد بن البندار البغدادي توفي في جمادى الآخرة وله ثمان وثمانون سنة‏.‏
قال السِّلفي‏:‏ لم يرو لنا عن عبد الله بن يحى السكّري سواه‏.‏
ودقاق شمس الملوك أبو نصر بن تاج الدولة تتش ابن السلطان ألب أرسلان السلجوقي صاحب دمشق ولي دمشق بعد أبيه عشر سنين ومرض مدة ومات في رمضان وقيل سمّوه في عنب ودفن بخانكاة الطواويس وأقام أتابكه طغتكين في السلطنة ولدًا طفلًا لدقاق وقيل بل أقدم طغتكين ألتاش أخاد قاق - وكان مسجونًا ببعلبك - وسلطنة فبقي ثلاثة أشهر وتحيّل من طغتكين فذهب بجهله إلى بغدوين صاحب القدس لكي ينصره فلم يلو عليه فتوجّه إلى الشرق وهلك‏.‏
وأبو ياسر الطباخ طاهر بن أسد الشيرازي ثم البغدادي المواقيتي‏.‏
روى عن عبد الملك بن
وأبو مسلم السمناني عبد الرحمن بن عمر شيخ بغدادي روى عن أبي علي بن شاذان ومات في المحرم‏.‏
وأبو الخطاب بن الجرّاح علي بن عبد الرحمن بن هارون البغدادي الشافعي المقرئ الكاتب الرئيس‏.‏
روى عن عبد الملك بن بشران وكان لغويّ زمانه له منظومة في القراءات توفي في ذي الحجة وقد قارب التسعين‏.‏
وابو مكتوم عيسى بن الحافظ أبي ذرّ عبد بن أحمد الهروي ثم السروي الحجازي ولد سنة خمس عشرة بسراة بني شبابة وروى عن أبيه ‏[‏صحيح البخاري‏]‏ وعن أبي عبد الله الصنعاني جملة من تواليف عبد الرزّاق‏.‏
وأبو مطيع محمد بن عبد الواحد المديني المصري الأصل الصحّاف الناسخ والصحاف الناسخ عاش بضعًا وتسعين سنة وانتهى إليه علوّ الإسناد بأصبهان‏.‏
روى عن أبي بكر بم مردويه والنقّاش وابن عقيل الباروديّ وطائفة‏.‏
وأبو عبد الله بن الطلاع محمد بن فرح مولى محمد بن يحيى بن الطلاّع القرطبي المالكيّ مفتي الأندلس ومسندها وله ثلاث وتسعون سنة‏.‏
روى عن يونس بن مغيث ومّكيّ القيسي وخلق وكان رأسًا في العلم والعمل قوَّالًا بالحق‏.‏
سنة ثمان وتسعين وأربعمائة فيها توفي بركياروق واستولى أخوه محمد بن ملكشاه على ممالكه‏.‏
وفيها التقى رضوان بن تتش والفرنج فانكسر المسلمون وأصيبوا وأخذت الفرنج حصن أرتاح‏.‏
وفيها قدم المصريون في خمسة آلاف ونجدهم طغتكين بألفين فالتقوا بقرب عسقلان وثبت الجمعان حتى قتل من المسلمين فوق الألف ومن الفرنج مثلهم ثم تحاجزوا وتوادعوا الحرب‏.‏
وفيها توفي الحافظ أبو علي البرداني أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي عن اثنتين وسبعين سنة في شوال روى عن ابن غيلان وأبي الحسن القزويني وطبقتهما‏.‏
وكان بصيرًا بالحديث محققًا حجة‏.‏
وأبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني روى عن أبي بكر بن أبي علي وطائفة وكان ثقة نبيلًا حدّث قديمًا‏.‏
وبركياروق‏:‏ السلطان ركن الدين أبو المظفر بن السلطان ملكشاه السلجوقي تملّك بعد أبيه وجرت له حروب وفتن مع أخيه على السلطنة وعاش ستًّا وعشرين سنة وكانت دولته ثلاث
وثابت بن بندار أبو المعالي البقال المقرئ ببغداد روى عن أبي علي بن شاذان وطبقته وهو ثقة فاضل توفي في جمادى الآخرة‏.‏
وابو عبد الله الطبري الحسين بن علي الفقيه الشافعي محدّث مكّة في شعبان واه ثمانون سنة‏.‏
روى صحيح مسلم عن عبد الغافر بن محمد وكان فقيهًا مفتيًا تفقه على ناصر بن الحسين العمري وجرت له فتن وخطوب مع هيّاج بن عبيد وأهل السنَّة وكان عارفًا بمذهب الأشعري‏.‏
وأبو علي الغسَّاني الحسين بن محمد الجيَّاني الأندلسي الحافظ أحد أركان الحديث بقرطبة‏.‏
روى عن حكم الجذامي وحاتم بن محمد وابن عبد البرّ وطبقتهم وكان كامل الأدوات في الحديث علامة في اللغة والشعر والنسب حسن التصنيف توفي في شعبان عن اثنتين وسبعين سنة وأصابته في الآخر زمانه‏.‏
وسقمان بن أرتق بن أكسب التركماني صاحب ماردين وجدّ ملوكها كان أميرًا جليلًا فارسًا موصوفًا حضر عدّة حروب توفي بالشام‏.‏
ومحمد بن أحمد بن محمد بن قيداس أبو طاهر التوثي الحطاب سمع أبا علي بن شاذان والحرفي وأجاز له أبو الحسين بن بشران توفي في المحرم‏.‏
ومحمد بن عبد السلام الشريف أبو الفضل الأنصاري البزاز بغدادي جليل صالح‏.‏
روى عن البرقاني وابن شاذان وتوفي في ربيع الآخر‏.‏
ونصر الله بن أحمد بن عثمان أبو علي الخشنامي النيشابوري ثقة صالح عالي الإسناد روى عن أبي عبد الرحمن السلمي والحيري وطائفة‏.‏
سنة تسع وتسعين وأربعمائة فيها ظهر بنهاوند رجل ادعّى النُّبوّة وكان ساحرًا صاحب مخاريق فتبعه خلق وكثرت عليهم الأموال وكان لا يدّخر شيئًا فأخذ وقتل ولله الحمد‏.‏
وفيها ظفر طغتكين بالفرنج مرتين فأسر وقتل وزيّنت دمشق‏.‏
وفيها أخذت الفرنج حصن فامية وأما طرابلس ففتحت الحصار والمسلمون يخرجون منها وينالون من الفرنج فمرض ملكهم صنجيل ومات وحمل فدفن بالقدس وأقامت الفرنج غيره‏.‏
وفيها مات أبو القاسم عبد الله بن علي بن إسحاق الطُّوسي أخو نظام الملك سمع أبا حسان المزكّي وأبا جفص بن مسرور وعاش خمسًا وثمانين سنة‏.‏
وأبو منصور الخيّاط محمد بن أحمد بن علي البغدادي الزاهد أحد القرّاء ببغداد روى عن عبد الملك بن بشران وجماعة وكان عبدًا صالحًا قانتًا لله صاحب أوراد واجتهاد‏.‏
قال ابن ناصر‏:‏ كانت له كرامات توفي في المحرم وقال غيره‏:‏ ولد سنة إحدى وأربعمائة رحمه الله‏.‏
وأبو البركات بن الوكيل محمد بن عبد الله بن يحيى الخيّاز الدبّاس الكرخي قرأ بالروايات على أبي العلا الواسطي والحسن بن الصَّقر وجماعة وتفقه على أبي الطيّب الطبري وسمع من عبد الملك بن بشران وكان يتَّهم بالاعتزال ثم تاب وأناب توفي في ربيع الأول عن ثلاث وتسعين سنة‏.‏
وأبو البقاء الحبّال المعمّر بن محمد بن علي الكوفي الخزاز روى عن جناح بن نذير المحاربي وجماعة توفي في جمادى الآخرة بالكوفة‏.‏
سنة خمسمائة فيها غزا السلطان محمد بن ملكشاه الباطنية وأخذ قلعتهم بأصبهان وقتل صاحبها أحمد بن عبد الملك بن عطاش وكان قد تمّكها اثنتي عشرة سنة وهي من بناء ملكشاه بناها على رأس جبل وغرم عليها ألأفي ألف دينار‏.‏
وفيها غرق قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش صاحب قونية ووجد وقد انتفخ‏.‏
وفيها توفي أبو افتح الحدّاد أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد الأصبهاني التاجر وكان ورعًا ديّنًا كثير الصّدقات توفي في ذي القعدة عن اثنتين وتسعين سنة روى عن أبي سعيد النقّاش وخلق وأجاز له من مرّ وإسماعيل بن ينال المحبوبي‏.‏
وأبو المظفّر الخوّافي أحمد بن محمد بن مظفر الشافعي العلامة عالم أهل طوس ورفيق الغزالي ونظيره وكان عجيبًا في المناظرة رشيق العبارة برع عند إمام الحرمين ودرس في أيامه‏.‏
وجعفر بن أحمد بن حسين أبو محمد البغدادي المقرئ السرّاج الأديب روى عن أبي علي بن شاذان وجماعة وكان ثقة بارعًا أخباريًا علامة كثير الشعر حسن التصانيف توفي في صفر‏.‏
وأبو غالب الباقلاَّني محمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن البغدادي الفامي الرجل الصالح روى عن ابن شاذان والبرقاني وطائفة توفي في ربيع الآخر عن ثمانين سنة‏.‏
وأبو الحسين بن الطُّيوري المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن قاسم الصيَّرفي البغدادي المحدِّث سمع أبا علي بن شاذان فمن بعده‏.‏
قال ابن السمعاني‏:‏ كان مكثرًا صالحًا أمينًا صدوقًا صحيح الأصول صيِّنًا وقور كثير الكتابة وقال غيره‏:‏ توفي في ذي القعدة عن تسع وثمانين سنة وكان عنده ألف جزء بخط الدارقطني‏.‏
والمبارك بن فاخر أبو الكرم الدبّاس الأديب من كبار أئمة اللغة والنحو ببغداد وله مصنفات‏.‏
روى عن القاضي أبي الطيّب الطبري وأخذ العربية عن عبد الواحد بن برهان رماه ابن ناصر بالكذب في الرواية توفي في ذي القعدة عن سبعين سنة‏.‏
ويوسف بن تاشفين أمير المسلمين سلطان المغرب أبو يعقوب الَّلمتوني البربري الملثّم توفي في ثالث المحرم عن تسعين سنة وكان أكبر ملوك الدنيا في عصره ودولته بضع وثلاثون سنة وكان بطلًا شجاعًا عادلًا عديم الرفاهية قشب العيش على قاعدة البربر اختط مرّاكش وأنشأها في سرح وصيّرها دار الإمارة وكثرت جيوشه وبعد صيته وتملك الأندلس ودانت له الأمم وفي آخر أيامه بعث رسولًا إلى العراق يطلب عهدًا من المستظهر بالله فبعث له بالخلع والتقليد واللواء وأقيمت الخطبة العباسيّة بممالكه وعهد بالأمر من بعده إلى ابنه عليّ الذي خرج عليه ابن تومرت‏.‏
سنة إحدى وخمس مائة فيها كانت وقعةٌ كبيرة بالعراق بين سيف الدولة صدقة بن منصور ابن دبيس أمير العرب وبين السلطان محمَّد فقتل صدقة في المصافّ‏.‏
وفيها كان الحصار على صور وعلى طرابلس والشام في ضرٍّ مع الفرنج‏.‏
وفيها توفي تميم بن المعز بن باديس السلطان أبو يحيى الحميري صاحب القيروان‏.‏
ملك بعد أبيه وكان حسن السّيرة محبًا للعلماء مقصدًا للشعراء كامل الشجاعة وافر الهيبة‏.‏
عاش تسعًا وسبعين سنة‏.‏
وامتدّت أيامه وكانت دولته ستًّا وخمسين سنة وخلّف أكثر من مائة ولد وتملّك بعده ابنه يحيى‏.‏
وأبو علي التككِّي الحسن بن محمّد بن عبد العزيز البغداديّ في رمضان‏.‏
روى عن أبي عليّ بن شاذان‏.‏
وصدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأمير سيف الدولة ابن بهاء الدولة الأسديّ الناشري ملك العرب وصاحب الحلّة السيفيّة اختطّها سنة خمس وتسعين وأربع مائة ووقع بينه وبين السلطان فالتقيا فقتل صدقة يوم الجمعة سلخ حمادي الآخرة وقتل معه ثلاثة آلاف فارس وأسر ابنه دبيس وصاحب جيشه سعيد بن حميد‏.‏
وكان صدقة شيعيًّا له محاسن ومكارم وحلمٌ وجود‏.‏
ملك العرب بعد أبيه اثنتين وعشرين سنة‏.‏
ومات جدّه سنة ثلاث وسبعين وأربع مائة‏.‏
والدُّونيّ أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الصوفيّ الرجل الصالح راوي السُّنن عن أبي نصر الكسّار وكان زاهدًا عابدًا سفيانيّ المذهب‏.‏
وأبو سعد الأسديُّ محمد بن عبد الملك بن عبد القاهر بن أسد البغداديُّ المؤدّب‏.‏
روى عن أبي عليّ بن شاذان ضعّفه ابن ناصر‏.‏
وأبو الفرج القزوينيّ محمد ابن العلامة أبي حاتم محمود بن حسن الأنصاريّ‏.‏
فقيهٌ صالحٌ‏.‏
استملى عليه السَّلفي مجلسًا مشهورًا‏.‏
توفي في المحرم‏.‏
سنة اثنتين وخمس مائة فيها حاصر جاولي الموصل وبها زنكي بن جكرمش‏.‏
فنجده السلطان قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش صاحب الروم‏.‏
ففرّ جاولي ودخل قلج الموصل وحلفوا له‏.‏
ثم التقى جاولي وقلج أرسلان في ذي القعدة فحمل قلج أرسلان بنفسه وضرب يد حامل العلم بأبانها ثم ضرب جاولي بالسيف فقطع الكزاغند فحمل أصحاب جاولي على الروميّين فهزموهم وبقي قلج أرسلان في الوسط فهمز فرسه ودخل الخابور‏.‏
فدخل به الفرس في ماءٍ عميق غرّقه وطفا بعد أيام فدفن‏.‏
وساق جاولي فأخذ الموصل وظلم وغشم‏.‏
وفيها التقى طغتكين أتابك دمشق وابن أخت بغدوين بطبريّة فأسره طغتكين وذبحه وبعث بالأسرى إلى بغداد‏.‏
ثم عقد بغدوين وطغتكين الهدنة أربع سنين‏.‏
وفيها تزوج المستظهر بالله بأخت السُّلطان محمد‏.‏
وفيها ظهرت الإسماعيليّة بالشام وملكوا شيزر بحيلةٍ‏.‏
فجاء عسكرها من الصيد فأصعدهم الذريّة في الجبال واقتتلوا بالسكاكين‏.‏
فخذلت الباطنيّة وأخذتهم السيوف فلم ينج منهم أحدٌ وكانوا مائة‏.‏
وفيها قتلت الباطنيَّة بهمذان قاضي قضاة أصبهان عبيد الله بن عليّ الخطيبيّ‏.‏
وقتلت بإصبهان يوم عيد الفطر أبا العلاء صاعد بن محمد البخارىّ وقيل النيسابوريّ الحنفيّ المفتي أحد الأئمة عن خمسٍ وخمسين سنة‏.‏
وقتلت بجامع آمل يوم الجمعة في المحرّم فخر الإسلام القاضي أبا المحاسن عبد الواحد بت إسماعيل الروياني شيخ الشافعية وصاحب التصانيف وشافعيّ الوقت‏.‏
أملى ‏[‏مجالس‏]‏ عن أبي غانم الكراعي وأبي حفص بن مسرور وطبقتهما وعاش سبعًا وثمانين سنة‏.‏
وعظم الخطب بهؤلاء الملاعين وخافهم كلُّ أمير وعالمٍ لهجومهم على الناس‏.‏
وفيهها توفي أبو القاسم الرَّبعيُّ عليُّ بن الحسين الفقيه الشافعيُّ المعتزليُّ ببغداد‏.‏
روى عن أبي الحسن بن مخلد البزّاز وابن بشران‏.‏
توفي في رجب عن ثمانٍ وثمانين سنة‏.‏
ومحمّد بن عبد الكريم بن خشيش أبو سعد البغدادي في ذي القعدة عن تسعٍ وثمانين سنة وأبو زكريا التبريزي الخطيب صاحب اللغة يحيى بن عليّ بن محمد الشيباني صاحب التصانيف‏.‏
أخذ اللغة عن أبي العلاء المعرّي‏.‏
وسمع من سليم بن أيّوب بصور وكان شيخ بغداد في الأدب‏.‏
توفّي في جمادى الآخرة عن إحدى وثمانين سنة‏.‏
سنة ثلاث وخمس مائة في ذي الحجّة أخذت الفرنج طرابلس بعد حصار سبع سنين وكان المدد يأتيها من مصر في البحر‏.‏
وفيها أخذوا بانياس وجبيل‏.‏
وفيها أخذ تنكر ابن صاحب انطاكية طرسوس وحصن الأكراد‏.‏
وفيها توفي أبو بكر أحمد بن المظفر بن سوسن التمّار ببغداد‏.‏
روى عن الحرفي وابن شاذان‏.‏
ضعَّفه شجاع الذهلي‏.‏
وتوفي في صفر عن اثنتين وتسعين سنة‏.‏
وأبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الدِّهستاني الرُّؤاسيُّ الحافظ‏.‏
طوّف خراسان والعراق والشام ومصر وكتب مالا يوصف وروى عن أبي عثمان الصابوني وطبقته‏.‏
توفي بسرخس‏.‏
وأبو سعد المطرِّز محمد بن محمد بن محمد الإصبهانيُّ في شوّال عن نيّف وتسعين سنة‏.‏
‏.‏
سمع الحسين الحسين بن إبراهيم الجمّال وأبا علي غلام محسن وابن عبد كويه‏.‏
وهو أكبر شيخ للحافظ أبو موسى المديني سمع منه حضورًا‏.‏
سنة أربع وخمس مائة فيها اخذت الفرنج بيروت بالسيف ثم أخذوا صيدا بالمان‏.‏
وأخذ صاحب أنطاكية حصن الأثارب وحصن ذردنا‏.‏
وعظم المصاب وتوجّه خلقٌ من المطوّعة يستصرخون الدولة ببغداد على الجهاد واستغاثوا وكسروا منبر جامع السلطان وكثر الضجيج‏.‏
فشرع السلطان في أهبة الغزو‏.‏
وفيها توفي إسماعيل بن أبي الحسن عبد الغافر بن محمد الفارسي ثم النيسابوريّ أبو عبد الله‏.‏
روى عن أبي حسّان المزكيّ وعبد الرحمن بن حمدان النَّصروي وطبقتهما‏.‏
ورحل فأدرك أبا محمد الجوهريّ ببغداد توفي في ذي القعدة عن إحدى وثمانين سنة‏.‏
وأبو يعلى حمزة بن محمّد بن عليّ الزينبي البغداديُّ أخو طراد الزّينبي‏.‏
توفي في رجب وله سبع وتسعون سنة‏.‏
والعجب كيف لم يسمع من هلال الحفّار‏.‏
روى عن أبي العلاء محمد بن علي الواسطيّ وجماعة‏.‏
والكيا أبو الحسن عليّ بن محمد بن عليّ الطبرستاني الهرَّاسي الشافعيّ عماد الدين شيخ الشافعيّة ببغداد‏.‏
تفقّه على إمام الحرمين‏.‏
وكان فصيحًا مليحًا مهيبًا نبيلًا‏.‏
قدم بغداد ودرّس بالنظاميّة‏.‏
وتخرّج به الأصحاب‏.‏
وعاش أربعًا وخمسين سنة‏.‏
وأبو الحسين الخشّاب يحيى بن عليّ بن الفرج المصرّ شيخ الإقراء‏.‏
قرأ بالروايات على ابن نفيس وأبي الطاهر إسماعيل بن خلف وأبي الحسين الشيرازي وتصدّر لٌقراء‏.‏
سنة خمس وخمس مائة فيها جاءت عساكر العراق والجزيرة لغزو الفرنج فنازلوا الرُّها فلم يقدروا ثم ساروا وقطعوا الفرات ونازلوا تلّ باشر خمسة وأربعين يومًا فلم يصنعوا شيئًا واتفق موت مقدّمهم واختلافهم‏.‏
فردُّوا وطمعت الفرنج في المسلمين وتجمعّوا مع بغدوين فحاصروا ضور مدّةً طويلة‏.‏
وفيها كانت ملحمةٌ كبيرةٌ بالأندلس بين ابن تاشفين والأدفونش‏.‏
ونصر المسلمون وقتلوا وأسروا وغنموا مالا يعبَّر عنه وذلَّت الفرنج‏.‏
و فيها توفي أبو محمد بن الآبنوسي عبد الله بن علي البغدادي الوكيل المحدِّث أخو الفقيه أحمد بن عليّ‏.‏
سمع من أبي القاسم التنوخي والجوهريّ‏.‏
توفي في جمادى الأولى‏.‏
وأبو الحسن بن العلاف عليُّ بن محمد بن عليّ بن محمد البغدادي الحاجب مسند العراق وآخر من حدَّث عن الحمَّامي‏.‏
وكان يقول‏:‏ ولدت في المحرّم سنة ست وأربع مائة وسمعت من أبي الحسين بن بشران‏.‏
توفي في المحرّم عن مائة إلا سنةً‏.‏
وكان أبوه واعظًا مشهورًا‏.‏
وأبو حامد الغزّالي زين الدين حجّةّ الإسلام محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسيُّ الشافعيُّ أحد الأعلام‏.‏
تلمذ لإمام الحرمين ثمَّ ولاه نظام الملك تدريس مدرسته ببغداد‏.‏
وخرج له الأصحاب وصنّف التصانيف مع التصوّن والذكاء المفرط والاستبحار من العلم‏.‏
وفي الجملة ما رأى الرجل مثل نفسه‏.‏
توفي في رابع عشر جمادى الآخرة بالطّابران قصبة بلاد طوس وله خمسٌ وخمسون سنة‏.‏
والغزّالي هو الغزّال و كذا العطّاري وهو العطار والخبّازي على لغة أهل خراسان‏.‏
سنة ست وخمس مائة وفيها توفي أبو غالب أحمد بن محمد بن أحمد الهمذانيُّ العدل‏.‏
روى عن أبي سعيد عبد
وفيها أبو القاسم إسماعيل بن الحسن السنجبستي الفرائضي توفي في صفر بسنجبست وهي على مرحلة من نيسابور‏.‏
روى عن أبي أبي بكر الحيري وأبي سعيد الصيرفي وعاش خمسًا وتسعين سنة‏.‏
والفضل بن محمد بن عبيد القشيريُّ النيسابوريُّ الصوفيُّ العدل‏.‏
روى عن أبي حسان المزكيّ وعبد الرحمن النَّصروي وطائفة‏.‏
وعاش خمسًا وثمانين سنة وهو أخو عبيد القشيري‏.‏
وأبو سعد المعمَّر بن عليّ بن أبي عمامة البغداديّ الحنبليّ الواعظ المفتي‏.‏
كان يبكي الحاضرين ويضحكهم وله قبولٌ زائدٌ وسرعة جوابٍ وحدّة خاطر وسعة دائرة روى عن ابن غيلان وأبي محمد الخلال‏.‏
توفي في ربيع الأوّل‏.‏
سنة سبع وخمس مائة في المحرّم التقى عسكر دمشق والجزيرة وعسكر الفرنج بأرض طبرية وكانت وقعةً مشهورةً‏.‏
فقتلهم المسلمون قتلًا ذريعًا وأسروهم‏.‏
وممن أسر ملكهم بغدوين صاحب القدس لكن لم يعرف فبذل شيئًا للّذي أسره فأطلقه‏.‏
ثم أنجدتهم عساكر انطاكية وطرابلس وردّت المنهزمين فعقب لهم المسلمون وانحاز الملاعين إلى جبل ورابط الناس بإزائهم يرمونهم فأقاموا كذلك ستة وعشرين يومًا‏.‏
ثم سار المسلمون للغلا فنهبوا بلاد الفرنج وضياعهم ما بين القدس إلى عكّا‏.‏
وردّت عساكر الموصل وتخلَّف مقدّمهم مودود عند طغتكين بدمشق وأمر العساكر بالقدوم بالربيع فوثب على مودود باطنيٌ يوم جمعةٍ فقتله وقتلوا الباطنيّ‏.‏
ودفن مودود عند دقاق بخانكاه الطواويس ثم نقل إلى إصبهان‏.‏
وفيها توفي أبو بكر الحلوانيُّ أحمد بن عليّ بن بدران ويعرف بخالوه‏.‏
ثقة زاهد متعبد‏.‏
ورى عن القاضي أبي الطيّب الطبري وطائفة‏.‏
ورضوان صاحب حلب ابن تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان السلجوقيّ‏.‏
ومنه أخذت الفرنج انطاكية‏.‏
وملّكوا بعده ابنه ألب أرسلان الأخرس‏.‏
وشجاع بن فارس أبو غالب الذهليُّ السُّهروردي ثم البغدادي الحافظ وله سبعٌ وسبعون سنة‏.‏
نسخ ما لا يدخل تحت الحصر من التفسير والحديث والفقه لنفسه وللناس حتى إنه كتب شعر ابن الحجّاج سبع مرّات‏.‏
روى عن ابن غيلان وعبد العزيز الأزجيّ وخلق توفي في جمادى الأولى‏.‏
والشاشيُّ المعروف بالمستظهريّ فخر الإسلام أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين‏.‏
شيخ الشافعية‏.‏
ولد بميّافارقين سنة تسع وعشرين وتفقّه على محمد بن ببيان الكازرونيّ ثم لزم ببغداد الشيخ أبا إسحاق وابن الصبّاغ‏.‏
وصنّف وأفتى وولّي تدريس النظاميّة وتوفي في شوّال ودفن عند الشيخ أبي إسحاق الشيرازي‏.‏
ومحمد بن طاهر المقدسيُّ الحافظ أبو الفضل ذو الرحلة الواسعة والتصانيف والتعاليق‏.‏
عاش ستّين سنة وسمع بالقدس أوّلًا من ابن ورقاء وببغداد من أبي محمد الصريفيني وبنيسابور من الفضل بن المحبّ وبهراة من بيبى وبإصبهان وشيراز والريّ ودمشق ومصر من هذه الطبقة‏.‏
وكان من أسرع الناس كتابة وأذكاهم وأعرفهم بالحديث‏.‏
والله يرحمه ويسامحه‏.‏
قال إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ‏:‏ أحفظ من رأيت محمد بن طاهر‏.‏
وقال السلفيُّ‏:‏ سمعت ابن طاهر يقول‏:‏ كتبت البخاري ومسلم وسنن أبي داود وابن ماجه سبع مرّات بالوراقة‏.‏
توفي ببغداد في ربيع الأول‏.‏
وأبو المظفّر الأبيوردي محمد بن أبي العبّاس الأمويُّ المعاويُّ اللغويُّ الشاعر الأخباريّ النسّابة صاحب التصانيف والفصاحة والبلاغة‏.‏
وكان رئيسًا عالي الهمّة ذا بأوٍ وتيهٍ وصلف‏.‏
توفي بإصبهان مسمومًا‏.‏
وابن اللبّانة أبو بكر محمد بن عيسى اللخميّ الأندلسيّ الأديب‏.‏
من جلّة الأدباء وفحول الشعراء‏.‏
له تصانيف عديدة في الآداب‏.‏
وكان من شعراء دولة المعتمد والمؤتمن بن أحمد بن عليّ أبو نصر الربعيُّ البغداديُّ الحافظ ويعرف‏.‏
بالسّاجيّ‏.‏
حافظٌ محققٌ واسع الرِّحلة كثير الكتابة متين الورع والديانة‏.‏
روى عن أبي الحسين بن النقور وأبي بكر الخطيب وطبقتهما بالشام والعراق وإصبهان وخراسان‏.‏
وتفقّه وكتب ‏[‏الشامل‏]‏ عن مؤلفه ابن الصبّاغ‏.‏
توفي في صفر عن اثنتين وستين سنةً‏.‏
وكان قانعًا متعفّفًا‏.‏

أرب جمـال 2 - 12 - 2009 09:42 PM

سنة ثمان وخمس مائة فيها هلك بغدوين صاحب القدس من جراحة أصابته يوم مصافّ طبريّة الذي مرّ‏.‏
وفيها مات أحمديل صاحب مراغة‏.‏
وكان شجاعًا جوادًا‏.‏
وعسكره خمسة آلاف فتكت به الباطنيّة‏.‏
وفيها توفي أحمد بن محمد بن غلبون أبو عبد الله الخولانيّ القرطبيُّ ثم الإشبيليُّ وله تسعون سنة‏.‏
سمّعه أبوه معه من عثمان بن أحمد القيشاطيّ وطائفة‏.‏
وأجاز له يونس بن عبد الله بن مغيث وأبو عمر الطلنمكيّ وأبو ذرّ الهرويّ والكبار‏.‏
وكان صالحًا خيّرًا عالي الإسناد منفردًا‏.‏
وألب أرسلان صاحب حلب وابن صاحبها رضوان ابن تتش السلجوقيُّ التركيُّ‏.‏
تملّك وله ست عشرة سنة‏.‏
فقتل أخويه بتدبير الباب لؤلؤ وقتل جماعة من الباطنيّة‏.‏
وكانوا قد كثروا في دولة أبيه‏.‏
ثم قدم دمشق ونزل بقلعتها ثم رجع وفي خدمته طغتكين‏.‏
وكان سيّيء السيرة فاسقًا‏.‏
فصله البابا وأقام أخًا له طفلًا له ست سنين‏.‏
ثم قتل البابا سنة عشرة‏.‏
وأبو الوحش سبيع بن المسلِّم الدمشقيُّ المقرئ الضرير‏.‏
ويعرف بابن قيراط‏.‏
قرأ لابن عامر على الأهوازيّ ورشأ وروى الحديث عنهما وعن عبد الوهاب بن برهان‏.‏
وكان يقرئ من السحر إلى الظهر‏.‏
توفي في شعبان عن تسع وثمانين سنة‏.‏
والنسيب أبو القاسم عليُّ بن إبراهيم بن العباس الحسينّي الدمشقيّ الخطيب الرئيس المحدِّث صاحب ‏[‏الأجزاء العشرين‏]‏ التي خرّجها له الخطيب‏.‏
توفي ربيع الآخر عن أربع وثمانين سنة‏.‏
قرأ على الأهوازي وروى عنه وعن سليم ورشأ وخلق‏.‏
وكان ثقةً نبيلًا محتشمًا مهيبًا سيّدًا شريفًا صاحب حديث وسنّة‏.‏
ومسعود السلطان علاء الدولة صاحب الهند وغزنة ولد السلطان إبراهيم ابن السلطان مسعود ابن السلطان الكبير محمود بن سبكتكين‏.‏
مات في شوّال وتملّك بعده ولده أرسلان شاه وهو ابن عمة السلطان ملك شاه‏.‏
فيها قدم عسكر السلطان محمد الشام وعليهم برسق للانتقام من طغتكين لا للجهاد‏.‏
فنهبوا حماة وهي لطغتكين‏.‏
فاستعان بالفرنج فأعانوه‏.‏
ثم سار برسق فأخذ كفر طاب وهي للفرنج‏.‏
وساروا إلى المعرّة فساق صاحب أنطاكية فكبس العسكر وكسرهم ورجع من سلم مع برسق منهزمين نعوذ بالله من الخذلان‏.‏
واستضرت الفرنج على أهل الشام‏.‏
وفيها توفي ابن مسلمة أبو عثمان إسماعيل بن محمد الإصبهاني الواعظ المحتسب صاحب تلك ‏[‏المجالس‏]‏‏.‏ قال ابن ناصر‏:‏ وضع حديثًا وكان يخلّط‏.‏
قلت‏:‏ روى عن ابن ريذة وجماعة‏.‏
وأبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلميّ الهمذانيّ الحافظ صاحب كتاب‏:‏ ‏[‏الفردوس‏]‏ و ‏[‏تاريخ همذان‏]‏ وغير ذلك‏.‏
توفي في رجب عن أربع وسبعين سنة وغيره أتقن منه‏.‏
سمع الكثير من يوسف بن محمد المستملي وطبقته ورحل فسمع ببغداد من أبي القاسم بن البسري وكان صلبًا في السنة‏.‏
وغيث بن علي أبو الفرج الصوريُّ الأرمناريُّ خطيب صور ومحدّثها‏.‏
روى عن أبي بكر الخطيب ورحل إلى دمشق ومصر وعاش ستًا وستين سنة‏.‏
وأبو البركات بن السقطيّ هبة الله بن المبارك البغداديّ أحد المحدِّثين الضّعفاء‏.‏
له ‏[‏معجمٌ‏]‏ في مجلّد‏.‏
كذّبه ابن ناصر‏.‏
ويحيى بن تميم بن المعزّ بن باديس السلطان أبو طاهر الحميري صاحب إفريقية‏.‏
نشر العدل وافتتح عدّة قلاعٍ لم يتهيأ لأبيه فتحها‏.‏
وكان جوادًا ممدحًا عالمًا كثير المطالعة‏.‏
توفي فجأةً يوم الأضحى وخلّف ثلاثين ابنًا فملك بعده ابنه عليٌّ ستة أعوام ومات‏.‏
فملّكوا بعده ابنه الحسن بن عليّ وهو مراهق‏.‏
فامتدت دولته إلى أن أخذت الفرنج طرابلس الغرب بالسيف سنة إحدى وأربعين وخمس مائة فخاف وفرّ من المهديّة والتجأ إلى عبد المؤمن‏.‏
سنة عشر وخمس مائة فيها حاصر عليُّ بن باديس مدينة تونس وضيّق على صاحبها أحمد ابن خراسان فصالحه على ما أراد وفيها كبس طغتكين الفرنج بالبقاع‏.‏
فقتل وأسر وكانوا قد جاءوا يعيشون في البقاع وعليهم بدران بن صنجيل صاحب طرابلس فردّوا بأسوأ حال ولله الحمد‏.‏
وفيها توفي أبو الكرم خميس بن عليّ الواسطيّ الحوزيّ الحافظ‏.‏
رحل وسمع ببغداد من أبي وأبو بكر الشّيرويُّ عبد الغفّار بن محمد بن حسين بن عليّ بن شيرويه النيسابوريّ التاجر مسند خراسان وآخر من حدّث عن الحيري والصيرفي صاحبي الأصمّ‏.‏
توفي في ذي الحجة عن ست وتسعين سنة‏.‏
قال السمعاني‏:‏ كان صالحًا عابدًا رحل إليه من البلاد‏.‏
وأبو القاسم الرزّاز عليُّ بن أحمد بن محمّد بن بيان مسند العراق وآخر من حدّث عن ابن مخلد وطلحة الكتّاني والحرفيّ‏.‏
توفي في شعبان عن سبع وتسعين سنة‏.‏
والغسّال أبو الخير المبارك بن الحسين البغداديّ المقرئ الأديب شيخ الإقراء ببغداد‏.‏
قرأ على أبي بكر محمد بن عليّ الخيّاط وجماعة وبواسط على غلام الهرّاس‏.‏
وحدّث عن أبي محمد الخلال وجماعة‏.‏
ومات في جمادى الأولى عن بضع وثمانين سنة‏.‏
وأبو الخطّاب محمود بن أحمد الكلواذاني ثم الأزجيّ شيخ الحنابلة وصاحب التصانيف‏.‏
كان إمامًا علاّمة ورعًا صالحًا وافر العقل غزير العلم حسن المحاضرة جيّد النظم تفقّه على القاضي أبي يعلى وحدّث عن الجوهريّ وتخرّج به أئمةٌ‏.‏
توفي في جمادى الآخرة عن ثمان وسبعين سنة‏.‏
والحنّائي أبو طاهر محمد بن الحسين بن محمد الدمشقي من بيت الحديث والعدالة‏.‏
سمع أباه أبا القاسم ومحمدًا وأحمد ابني عبد الرحمان بن أبي نصر وابن سعدان وطائفة‏:‏ توفي في جمادى الآخرة ع سبع وسبعين سنة‏.‏
وأبي النَّرسي أبو الغنائم محمد بن عليّ بن ميمون الكوفيُّ الحافظ‏.‏
روى عن محمد بن علي بن عبد الرحمان العلوي وطبقته بالكوفة‏.‏
وعن أبي إسحاق البرمكيّ وطبقته ببغداد‏.‏
وناب في خطابة الكوفة‏.‏
وكان يقول‏:‏ ما بالكوفة من أهل السنة والحديث إلا أنا‏.‏
وقال ابن ناصر‏:‏ كان حافظًا متقنًا ما رأينا مثله‏.‏
كان يتهجّد ويقوم الليل‏.‏
وكان أبو عامر العبدريّ يثني عليه ويقول‏:‏ ختم به هذا الشأن‏.‏
توفي في شعبان عن ستٍ وثمانين سنة ولقّب أبيًّا لجودة قراءته‏.‏
وكان ينسخ ويتعفّف‏.‏
وأبو بكر السمعانيُّ محمد ابن العلامة أبي المظفّر منصور بن محمد التميمي المروزيّ الحافظ والد الحافظ أبي سعد‏.‏
كان بارعًا في الحديث ومعرفته والفقه ودقائقه والأدب وفنونه والتاريخ والوعظ‏.‏
روى عن محمد بن أبي عمران الصفّار ورحل فسمع ببغداد من ثابت بن بندار وطبقته وبنيسابور من نصر الله الخشناميّ وطبقته وبإصبهان والكوفة والحجاز وأملى الكثير وتقدم على أقرانه وعاش ثلاثًا وأربعين سنة‏.‏
فيها عرفت سنجار وانهدم سورها وهلك خلق وجرّ السيل باب المدينة مسيرة مرحلة فطمّة السيل ثم انكشف بعد سنين‏.‏
وسلم طفلٌ في سرير تعلّق بزيتونةٍ ثم عاش وكبر‏.‏
وفيها ترحّلت العساكر عن حصار الباطنيّة بالألموت لمّا بلغهم موت السلطان محمد‏.‏
فتوفي السلطان محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن طغربك بن ميكائيل ابن سلجوق التركيُّ غياث الدين أبو شجاع‏.‏
كان فارسًا شجاعًا فحلًا ذا برٍّ ومعروف‏.‏
استقل بالملك بعد موت أخيه بركياروق وقد تمّت لهما حروبٌ عديدة‏.‏
وخفق محمدٌ أربعةً قد ولّوا السلطنة‏:‏ محمود ومسعود وطغريك وسليمان‏.‏
ودفن في ذي الحجة بإصبهان في مدرسة عظيمةٍ للحنفية‏.‏
وقام بعده ابنه محمود ابن أربع عشرة سنة ففرّق الأموال‏.‏
وقد خلّف محمد أحد عشر ألف ألف دينار سوى ما يناسبها من الحواصل وعاش ثمانيًا وثلاثين سنة‏.‏
سامحه الله‏.‏
وفيها توفي أبو طاهر عبد الرحمن بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف اليوسفيُّ البغداديُّ راوي ‏[‏سنن الدارقطني‏]‏ عن أبي بكر بن بشران عنه‏.‏
وكان رئيسًا وافر الجلالة‏.‏
توفي في شوّال عن ست وسبعين سنة‏.‏
وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي ـ وبرج من قرى إصبهان ـ سمع أبا نعيم الحافظ وأجاز له أبو عليّ بن شاذان والحسين الجمّال‏.‏
توفي في ذي القعدة عن أربعٍ وتسعين سنة وكان صدوقًا‏.‏
وأبو عليّ بن نبهان الكاتب محمد بن سعيد بن إبراهيم الكرخي مسند العراق‏.‏
روى عن ابن شاذان وبشرى الفاتني وابن دوما وهو آخر أصحابهم‏.‏
قال ابن ناصر‏:‏ فيه تشيّع وسماعه صحيح‏.‏
بقي قبل موته سنةً ملقىً على ظهره لا يعقل ولا يفهم وذلك من أوّل سنة إحدى عشرة‏.‏
قلت‏:‏ توفي بعد ذلك بتسعة أشهر في شوّال‏.‏
وله سنة كاملة وله شعرٌ وأدب‏.‏
وأبو زكريّا يحيى بن عبد الوهاب ابن الحافظ ابن عبد الله محمد ابن إسحاق بن منده العبديُّ الإصبهانيُّ صاحب ‏[‏التاريخ‏]‏‏.‏
روى عن ابن ريذه وأبي طاهر بن عبد الرحيم وطائفة‏.‏
ثم رحل إلى نيسابور فسمع من البيهقيّ وطبقته ودخل بغداد حاجًّا في الشيخوخة فأملى بها‏.‏
قال السمعانيُّ‏:‏ جليل القدر وافر الفضل واسع الرواية حافظ ثقة فاضلٌ مكثر صدوق كثير التصانيف حسن السيرة بعيدٌ من التكلّف أوحد بيته في عصره‏.‏
صنّف ‏[‏تاريخ إصبهان‏]‏‏.‏
توفي في ذي الحجة وله أربع وسبعون سنة وآخر أصحابه الطرسوسيّ‏.‏
في الثالث والعشرين من ربيع الآخر توفي الإمام المستظهر بالله أبو العبّاس أحمد بن المقتدي بالله عبد الله ابن الأمير محمد بن القائم العباسي وله اثنتان وأربعون سنة‏.‏
وكانت خلافته خمسًا وعشرين سنة وثلاثة أشهر‏.‏
وكان قويَّ الكتابة جيّد الأدب والفضيلة كريم الأخلاق مسارعًا في أعمال البرّ‏.‏
توفي بالخوانيق وغسّله ابن عقيل شيخ الحنابلة وصلّى عليه ابنه المسترشد بالله الفضل‏.‏
وخلف جماعة أولاد‏.‏
وتوفيت جدّته أرجوان بعده بيسير‏.‏
وهي سرية محمّد الذخيرة‏.‏
وشمس الأئمة أبو الفضل بكر بن محمد بن علي الأنصاري الجابري الزرنجريّ الفقيه شيخ الحنفيّة بما وراء النهر وعالم تلك الديار ومن كان يضرب به المثل في حفظ مذهب أبي حنيفة‏.‏
ولد سنة سبع وعشرين وأربع مائة وتفقه على شمس الأئمة محمّد بن أبي سهل السّرخسيّ وشمس الأئمة عبد العزيز بن أحمد الحلواني‏.‏
وسمع من أبيه ومن أبي مسعود البجليّ وطائفة‏.‏
وروى البخاريّ عن أبي سهل الأبيورديّ عن ابن حاجب الكشاني‏.‏1
توفي في شعبان‏.‏
ونور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد الزينبي أخو طراد‏.‏
توفي في صفر وله اثنتان وتسعون سنة‏.‏
كان شيخ الحنفيّة ورئيسهم بالعراق‏.‏
روى عن ابن غيلان وطبقته‏.‏
وحدّث بالصحيح‏.‏
وأبو القاسم الأنصاريُّ العلامة سلمان بن ناصر النيسابوريُّ الشافعيُّ المتكلم تلميذ إمام الحرمين وصاحب التصانيف‏.‏
وكان صوفيًّا زاهدًا من أصحاب القشيريّ‏.‏
روى الحديث عن أبي الحسن عبد الغافر الفارسيّ وجماعة‏.‏
توفي في جمادى الآخرة‏.‏
وعبيد بن محمد بن عبيد أبو العلاء القشيريُّ التاجر مسند نيسابور‏.‏
روى عن أبي حسّان المزكّي وعبد الرحمن النصرويّ وطائفة‏.‏
ودخل المغرب للتجارة وحدّث هناك‏.‏
توفي في شعبان وله خمسٌ وتسعون سنة‏.‏
سنة ثلاث عشرة وخمس مائة فيها كانت وقعةٌ هائلةٌ بخراسان بين سنجر وبين ابن أخيه محمود بن محمد‏.‏
فانكسر محمود ثم وقع الاتفاق وتزوّج بابنة سنجر‏.‏
وفيها اجتمع طغتكين صاحب دمشق وإيل غازي على حرب الفرنج‏.‏
فبرز صاحب أنطاكية في عشرين ألفًا فالتقوا بنواحي حلب فانهزم الملعون واستبيح عسكره ولله الحمد‏.‏
وفيها كانت الفتنة بين صاحب مصر الآمر وأتابكه الأفضل ابن أمير الجيوش‏.‏
وتمّت لهما
وفيها ظهر قبر إبراهيم خليل الله عليه السلام وإسحاق ويعقوب ورآهم جماعةٌ لم تبل أجسادهم وعندهم في تلك المغار قناديل من ذهبٍ وفضّة‏.‏
قاله حمزة بن القلانسي في تاريخه‏.‏
وفيها توفي أبو الوفاء عليّ بن عقيل بن محمد بن عقيل البغداديُّ الظَّفريّ شيخ الحنابلة وصاحب التصانيف ومؤلِّف كتاب ‏[‏الفنون‏]‏ الذي يزيد على أربع مائة مجلد‏.‏
وكان إمامًا مبرّزًا كثير العلوم خارق الذكاء مكبًّا على الاشتغال والتصنيف عديم النظير‏.‏
روى عن أبي محمد الجوهريّ وتفقّه على القاضي أبي يعلى وغيره وأخذ علم الكلام عن أبي علي بن الوليد وأبي القاسم بن التبّان‏.‏
قال السِّلفيّ‏:‏ ما رأيت مثله وما كان أحدٌ يقدر أن يتكلّم معه لغزارة علمه وبلاغة كلامه وقوّة حجّته‏.‏
توفي في جمادى الأولى وله ثلاث وثمانون سنة‏.‏
وقاضي القضاة أبو الحسن الدامغانُّي عليُّ ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن عليّ الحنفي ولي القضاء بضعًا وعشرين سنة‏.‏
وكان ذا حزمٍ ورأيٍ وسؤددٍ وهيبة وافرة وديانةٍ ظاهرة‏.‏
روى عن أبي محمد الصَّريفيني وجماعة‏.‏
وتفقّه على والده‏.‏
توفي في المحرّم عن أربع وستين سنة‏.‏
وأبو الفضل بن الموازيني محمد بن الحسن بن الحسين السلميُّ الدمشقيّ العابد أخو أبي الحسن‏.‏
وأبو بكر محمد بن طرخان بن بلتكين بن مبارز التركيُّ ثم البغداديُّ المحدث النحويّ أحد الفضلاء‏.‏
روى عن أبي جعفر بن المسلمة وطبقته وتفقّه على الشيخ أبي إسحاق وكان ينسخ بالأجرة وفيه زهدٌ وورعٌ تام‏.‏
وخوروست أبو بكر محمّد بن عبد الله بن محمد بن الحسين الإصبهانيّ المجلِّد‏.‏
روى عن أبي الحسين بن فاذشاه وابن ريذة توفي في جمادى ومحمّد بن عبد الباقي أبو عبد الله الدّوريُّ السمسار الصالح روى هن الجوهريّ وأبي طالب العشاريّ ومات في صفر عن تسع وسبعين سنة‏.‏
وأبو سعد المخرّميُّ المبارك بن عليّ الحنبليُّ‏.‏
من كبار أئمة المذهب‏.‏
تفقّه على الشريف أبي جعفر بن أبي موسى‏.‏
وروى عن القاضي أبي يعلى وجماعة وأقرأ الفقه‏.‏
سنة أربع عشرة وخمس مائة فيها خرجت الكرج والخزر فالتقاهم المسلمون في ثلاثين ألفًا عليهم دبيس بن صدقة وإيلغازي‏.‏
فانكسر المسلمون وتبعهم الكفّار يأسرون ويقتلون فيقال قتل أكثرهم‏.‏
ونجا دبيس وطغريل أخو السلطان محمود‏.‏
ثمّ نازلت الكرج تفليس وأخذوها بالسيّف بعد حصار سنة‏.‏
ولا كشف عنها أحد وفيها كان المصاف بين السلطان محمود وأخيه مسعود صاحب أذربيجان والموصل وله يومئذ إحدى عشرة سنة‏.‏
فالتفوا عند عقبة أسد آباذ‏.‏
فانهزم مسعود وأسر وزيره الطغرائي فقتل‏.‏
وفي هذا الوقت كان ظهور ابن تومرت بالمغرب‏.‏
وفيها توفي أبو عليّ بن بلّيمة الحسن بن خلف القيروانيُّ المقرئ مؤلف تلخيص العبارات من القراءات توفي في رجب بالأسكندرية‏.‏
وهو في عشر التسعين‏.‏
قرأ على جماعة منهم أبو العباس أحمد بن نفيس‏.‏
والطُّغرائي الوزير مؤيّد الدين أبو إسماعيل الحسين بن عليّ الإصبهانيّ صاحب ديوان الإنشاء للسلطان محمد بن ملكشاه و اتصل بابنه مسعود ثم أخذ الطغرائيُّ أسيرًا وذبح بين يدي الملك محمود في ربيع ألأول وقد نيّف عل الستين‏.‏
وكان من أفراد الدهر وحامل لواء النظم والنثر‏.‏
وهو صاحب ‏[‏لامية العجم‏]‏‏.‏
وأبو عليّ بن سكّرة الحافظ الكبير حسين بن محمد بن فيرّه الصدفي السرقسطيُّ الأندلسيُّ‏.‏
سمع من أبي العباس بن دلهاث وطائفة‏.‏
وحجّ سنة إحدى وثمانين‏.‏
فدخل على الحبّال‏.‏
وسمع وأخذ ‏[‏التعليقة الكبرى‏]‏ عن أبي بكر الشاشيّ المستظهريّ‏.‏
وأخذ بدمشق عن الفقيه نصرٍ المقدسيّ‏.‏
وردّ إلى بلاده بعلم جمّ‏.‏
وبرع في الحديث وفنونه وصنّف التصانيف وقد أكره على القضاء فولّيه ثم اختفى حتى أعفي‏.‏
واستشهد في مصافّ قتندة في ربيع الأول وهو من أبناء الستين وأصيب المسلمون يومئذ‏.‏
وأبو نصر عبد الرحيم بن الإمام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيريّ‏.‏
وكان إمامًا مناظرًا مفسّرًا أديبًا علامة متكلّمًا وهو الذي كان أصل الفتنة ببغداد بين الأشاعرة والحنابلة‏.‏
ثم فتر أمره‏.‏
وقد روى عن أبي حفص بن مسرور وطبقته‏.‏
وآخر من روى عنه بسبطه أبو سعد بن الصفّار‏.‏
توفي في جمادى الآخرة وهو في عشر الثمانين وأصابه فالجٌ وهو في آخر عمره‏.‏
وأبو الحسن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع الأندلسيّ المريّي المقرئ تلميذ عبد الله بن سهل‏.‏
تصدّر للإقراء مدّة‏.‏
وحدّث عن ابن عبد البّر وجماعة‏.‏
وفي روايته عن ابن عبد البر كلام‏.‏
توفي في عشر التسعين‏.‏
وأبو الحسن بن الموازيني عليُّ بن الحسن السلميّ أخو محمد‏.‏
روى عن ابن سعدان وابن عبد الرحمان بن أبي نصر وطائفة وعاش أربعًا وثمانين سنة‏.‏
ومحمود بن إسماعيل أبو منصور الإصبهانيُّ الصيرفيُّ الأشقر راوي ‏[‏المعجم الكبير‏]‏ عن ابن توفي في ذي القعدة‏.‏
قال السِّلفي‏:‏ كان صالحًا‏.‏
سنة خمس عشرة وخمس مائة فيها احترقت دار السلطنة ببغداد وذهب ما قيمته ألف ألف دينار‏.‏
وفيها توفي أبو عليّ الحدّاد الحسن بن أحمد بن الحسن الإصبهانيُّ المقرئ المجوِّد مسند الوقت‏.‏
توفي في ذي الحجة عن ست وتسعين سنة‏.‏
وكان مع علّو إسناده أوسع أهل وقته روايةً‏.‏
حمل الكثير عن أبي نعيم وكان خيّرًا صالحًا ثقة‏.‏
والأفضل أمير الجيوش شاهنشاه أبو القاسم ابن أمير الجيوش بدر الجمالي الأرمنيّ‏.‏
كان في الحقيقة هو صاحب الدار المصريّة‏.‏
ولي بعد موت أبيه وامتدّت أيامه‏.‏
وكان شهمًا مهيبًا بعيد الغور فحل الرأي‏.‏
ولى وزارة السيّف والقلم للمستعلي ثم للآمر‏.‏
وكانا معه صورةً بلا معنى‏.‏
وكان قد أذن للناس في إظهار عقائدهم وأمات شعار دعوة الباطنيّة فمقتوه لذلك‏.‏
وكان مولده بعكّا سنة ثمان وخمسين وأربع مائة‏.‏
وخلّف من الأموال ما يستحى من ذكره‏.‏
وثب عليه ثلاثةٌ من الباطنيّة فضربوه بالسكاكين فقتلوه‏.‏
وحمل بآخر رمق وقيل إنّ الآمر دسّهم عليه بتدبير أبي عبد الله البطائحي الذي وزر بعده ولقِّب بالمأمون‏.‏
وأبو القاسم بن القطّاع السعدي الصقليّ صاحب اللغة‏.‏
واسمه عليّ بن جعفر بن عليّ‏.‏
ولد بصقليّة وأخذ بها عن ابن عبد البرّ اللغويّ وبرع في العربيّة وصنّف التصانيف ومات بها وله اثنتان وثمانون سنة‏.‏
وفي روايته للصحاح مقال‏.‏
وأبو عليّ بن المهديّ محمد بن محمد بن عبد العزيز الخطيب‏.‏
روى عن ابن غيلان والعتيقي وجماعة‏.‏
وكان صدوقًا نبيلًا ظريفًا‏.‏
توفي في شوّال عن ثلاث وثمانين سنة‏.‏
وهزار سب بن عوض أبو الخير الهرويُّ الحافظ‏.‏
توفي في ربيع الأوّل‏.‏
وكان عالمًا صاحب حديثٍ وإفادةٍ بليغه‏.‏
وحرص على الطلب‏.‏
سمع من طراد ومن بعده‏.‏
ومات قبل أوان الرواية‏.‏
سنة ست عشرة وخمس مائة فيها توفي إيل غازي بن أرتق بن أكسب نجم الدين التركماني صاحب ماردين‏.‏
وليها بعد أخيه سقمان‏.‏
وكان من أمراء تتش صاحب الشام‏.‏
وكان إيلغازي قد استولى على حلب بعد موت أولاد تتش واستولى على ميّافارقين‏.‏
وكان
والباقرجي أبو عليّ الحسن بن محمد بن إسحاق‏.‏
روى عن أبي الحسن القزوينيّ والبرمكيّ وخلق‏.‏
توفي في رجب‏.‏
والبغويُّ محيي السنّة أبو محمد الحسين بن مسعود بن الفّراء الشافعيُّ المحدّث المفسّر صاحب التصانيف وعالم أهل خراسان‏.‏
روى عن أبي عمر المليحي وأبي الحسن الداودي وطبقتهما‏.‏
وكان سيدًا زاهدًا قانعًا يأكل الخبز وحده فليم في ذلك فصار يأكله بالزيت‏.‏
وكان أبه يصنع الفراء‏.‏
توفي ركن الدين محيي السنّة بمروالروذ في شوّال ودفن عند شيخه القاضي حسين‏.‏
وأبو محمد بن السّمرقنديّ الحافظ عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث أخو إسماعيل‏.‏
ولد بدمشق وسمع بها من أبي بكر الخطيب وابن طلاب وجماعة وببغداد من أبي الحسين بن النقور‏.‏
ورحل إلى نيسابور وإصبهان وعني بالحديث وخرّج لنفسه ‏[‏معجمًا‏]‏ في مجلّد وعاش اثنتين وسبعين سنة‏.‏
وأبو القاسم بن الفحّام الصقلّيّ عبد الرحمان بن أبي بكر عتيق بن خلف مصنّف ‏[‏التجريد في القراءات‏]‏ كان أسند من بقي بالديار المصرية من القراءات قرأ على ابن نفيس وطبقته ونيّف على التسعين‏.‏
توفي في ذي القعدة‏.‏
وأبو طالب اليوسفي عبد القادر بن محمد بن عبد القادر البغداديّ في ذي الحجّة وهو في عشر التسعين‏.‏
روى الكتب الكبار عن ابن المذهب والبرمكيّ‏.‏
وكان ثقةً عدلًا رضيًّا عابدًا‏.‏
وأبو طالب السميرمي علي بن أحمد الوزير‏.‏
وزر ببغداد للسلطان محمود فظلم وفسق وتجبّر ومرق حتى قتل على يد الباطنية‏.‏
وأبو محمد الحريري صاحب ‏[‏المقامات‏]‏ القاسم بن عليّ بن محمد بن عثمان البصريُّ الأديب حامل لواء البلاغة وفارس النظم والنثر‏.‏
كان من رؤساء بلده‏.‏
روى الحديث عن أبي تمّام محمد بن الحسن وغيره وعاش سبين سنة‏.‏
توفي في رجب وخلف ولدين‏:‏ النجم عبد الله وضياء الإسلام عبيد الله قاضي البصرة‏.‏
والدقّاق أبو عبد الله محمد بن عبد بن عبد الواحد الإصبهاني الحافظ الرحال عن ثمانين سنة روى عن عبد الله بن شبيب الخطيب والباطرقاني وعبد الرحمان بن أحمد الرازيّ‏.‏
وعني بهذا الفن وكتب عمّن دبّ ودرج وكان محدّثًا أثريًّا فقيرًا متقلّلًا‏.‏
توفي في شوال‏.‏
سنة سبع عشرة وخمس مائة في أوّلها التقى الخليفة المسترشد بالله ودبيسٌ الأسدي‏.‏
وكان دبيس قد طغى وتمرّد ووعد عسكره بنهب بغداد‏.‏
وجرّد المسترشد يومئذ سيفه ووقف على تلٍّ فانهزم جمع دبيس وقتل خلق منهم‏.‏
وقتل من جيش الخليفة نحو العشر ين وعاد مؤيّدًا منصورًا‏.‏
وذهب دبيس فعاث ونهب وقتل بنواحي البصرة‏.‏
وفيها توفي ابن الطيوريّ أبو سعد أحمد بن عبد الجبار الصيرفي ببغداد في رجب عن ثلاثٍ وثمانين سنة‏.‏
وكان صالحًا‏.‏
أكثر بإفادة أخيه المبارك‏.‏
وروى عن ابن غيلان والخلال وأجاز له الصوريُّ وأبو عليّ الأهوازي‏.‏
وابن الخياط الشاعر المشهور أبو عبد الله أحمد بن محمد بن علي التغلبيُّ الكاتب الدمشقيُّ‏.‏
ويعرف بابن سني الدولة الطابلسيُّ‏.‏
عاش سبعًا وستين سنة‏.‏
وكتب أولًا لبعض الأمراء ثم مدح الملوك والكبار وبلغ في النظم الذروة العليا‏.‏
أخذ يجلب عن أبي الفتيان محمد بن حيّوس وعنه أخذ ابن القيسراني‏.‏
قال السِّلفي‏:‏ كان شاعر الشام في زمانه‏.‏
قد اخترت من شعره مجلّدةً لطيفة فسمعتها منه‏.‏
قال ابن القيسراني‏:‏ وقّع الوزير هبة الله بن بديع لابن الخياط مرة بألف دينار‏.‏
توفي في رمضان بدمشق‏.‏
وحمزة بن العبّاس العلويُّ أبو محمد الإصبهانيُّ الصوفيُّ‏.‏
روى عن أبي طاهر بن عبد الرحيم‏.‏
وظريف بن محمد بن عبد العزيز أبو الحسن الحيريَّ النيسابوريُّ‏.‏
روى عن أبي حفص بن مسرور وطائفة‏.‏
وكان ثقةً من أولاد المحدّثين‏.‏
توفي في ذي القعدة وله ثمان و ثمانون سنة‏.‏
وأبو محمد الشنترينيُّ عبد الله بن محمدّ بن سارة البكري الشاعر المفلق اللغويّ‏.‏
له ديوانٌ معروف‏.‏
وأبو نعيم عبيد الله بن أبي عليّ الحسن بن أحمد الحدّاد الإصبهانيّ الحافظ مؤلّف ‏[‏أطراف الصحيحين‏]‏‏.‏
كان عجبًا في الإحسان إلى الرحّالة وإفادتهم مع الزّهد والعبادة والفضيلة التامة‏.‏
روى عن عبد الله بن منده‏.‏
ولقي بنيسابور أبا المظفّر موسى بن عمران وطبقته وبهراة العميريّ وببغداد النعّالي‏.‏
توفي في جمادى الأولى عنُّ أربع وخمسين سنة‏.‏
وأبو الغنائم بن المهتدي بالله محمد بن أحمد بن محمد الهاشمي الخطيب روى عن أبي الحسن القزويني والبرمكي وطائفة‏.‏
توفي في ربيع الأول‏.‏
وأبو الحسن الزعفراني محمد بن مرزوق البغدادي الحافظ التاجر‏.‏
أكثر من ابن المسلمة وأبي بكر الخطيب‏.‏
وسمع بدمشق ومصر وإصبهان‏.‏
توفي في صفر عن خمس وسبعين سنة‏.‏
وكان متقنًا ضابطًا بفهم ويذاكر‏.‏
وأبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني ثم المصري‏.‏
روى عن ابن حمّصة وأبي الحسن الطفّال وعليّ بن محمد الفارسي وعدّة‏.‏
وكان أسند من بقي بمصر مع الثقة والخير‏.‏
توفي في ذي القعدة عن سنّ عالية‏.‏
سنة ثمان عشرة وخمس مائة فيها كسر بلك بن بهرام بن أرتق صاحب حلب الفرنج‏.‏
ثم نازل منبج فجاءه سهمٌ فقتله‏.‏
فحمله ابن عمّه تمرتاش صاحب ماردين إلى ظاهر حلب وتسلّم حلب وأقام بها ناسًا وردّ إلى ماردين فراحت حلب منه‏.‏
وفيها أخذت الفرنج صور بالأمان‏.‏
وبقيت في أيديهم إلى سنة تسعين وست مائة‏.‏
وفيها توفي داود ملك الكرج الذي أخذ تفليس من قريب‏.‏
وكان عادلًا في الرعيّة‏.‏
يحضر يوم الجمعة ويسمع الخطبة ويحترم المسلمين‏.‏
والحسين بن الصباح صاحب الألموت وزعيم الإسماعيليّة‏.‏
وكان داهيةً ماكرًا زنديقًا من شياطين الإنس‏.‏
وأبو الفتح سلطان بن إبراهيم المقدسيّ الشافعيّ الفقيه‏.‏
قال السِّلفيّ‏:‏ كان من أفقه الفقهاء بمصر عليه تفقّه أكثرهم‏.‏
قلت‏:‏ أخذ عن نصر المقدسي وسمع من أبي بكر الخطيب وجماعة‏.‏
وعاش ستًا وسبعين سنة‏.‏
توفي في هذه السنة أو في التي تليها‏.‏
وأبو طاهر الشيخ عبد الواحد بن محمد بن أحمد الأصبهاني الذهبي آخر أصحاب أبو نعيم توفي في ربيع الأول‏.‏
وأبو بكر غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمّام بن عطيّة المحاربي الغرناطي الحافظ‏.‏
توفي في جمادى الآخرة بغرناطة عن سبعٍ وسبعين سنة‏.‏
روى عن الأندلسيين ورحل سنة تسعٍ وستين وسمع ‏[‏الصحيحين‏]‏ بمكة‏.‏
قال ابن بشكوال‏:‏ كان حافظًا للحديث وطرقه وعلله عارفًا بأسماء رجاله ونقلته ذاكرًا لمتونه ومعانيه‏.‏
قرأت بخطّ بعض أصحابي أنه كرر ‏[‏صحيح البخاري‏]‏ سبع مائة مرّة‏.‏
وكان أديبًا لغويًا ديّنًا فاضلًا‏.‏
أخذ الناس عنه كثيرًا‏.‏
سنة تسع عشرة وخمس مائة فيها سار الخليفة لمحاربة دبيس فخارت قوى دبيس وطلب العفو وذلّ‏.‏
وكان معه طغرلبك بن السلطان محمد فمرض ثم سار هو ودبيس إلى خراسان فاستجارا بسنجر فأجارهما‏.‏
ثم قبض على دبيس خدمةً للخليفة‏.‏
وفيها توفي أبو الحسن بن الفرّاء الموصلي ثم المصريّ علي بن الحسين بن عمر راوي ‏[‏المجالسة‏]‏ عن عبد العزيز بن الضرّاب‏.‏
وقد روى عن كريمة وطائفة وانتخب عليه السلفي مائة جزءٍ ‏.‏
مولده سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربع مائة‏.‏
وابن عبدون الهذليّ التونسيّ أبو الحسن عليّ بن عبد الجبار‏.‏
لغويُّ المغرب‏.‏
وأبو عبد الله بن البطائحي المأمون وزير الديار المصرية للآمر‏.‏
كان أبوه جاسوسًا للمصريين فمات وربّي محمد هذا يتيمًا‏.‏
فصار يحمل في السوق‏.‏
فدخل مع الحمّالين إلى دار أمير الجيوش فرآه شابًا ظريفًا فأعجبه‏.‏
فاستخدمه مع الفرّاشين ثم تقدّم عنده ثم آل أمره إلى أن ولي الأمر بعده‏.‏
ثم إنه مالًا أخا الآمر على قتل الآمر فأحسنّ الآمر بذلك فأخذه وصلبه‏.‏
وكانت أيامه ثلاث سنين‏.‏
وأبو البركات بن البخاري يعني المبخِّر البغدادي المعدّل هبة الله ابن محمد بن علي‏.‏
توفي في رجب عن خمسٍ وثمانين سنة‏.‏
روى عن ابن غيلان وابن المذهب والتنوخي‏.‏
يوم الأضحى خطب المسترشد بالله فصعد المنبر ووقف ابنه وليُّ العهد الراشد بالله دونه بيده سيفٌ مشهور‏.‏
وكان المكبِّرون خطباء الجوامع‏.‏
ونزل فنحر بيده بدنة وكان يومًا مشهودًا لا عهد للإسلام بمثله منذ دهر‏.‏
وفيها توفي أبو الفتوح الغزّالي أحمد بن محمد الطوسي الواعظ‏.‏
شيخٌ مشهور فصيحٌ مفوّهٌ صاحب قبول تامّ لبلاغته وحسن إيراده وعذوبة لسانه‏.‏
وهو أخو الشيخ أبي حام‏.‏
وعظ مرّة عند السلطان محمود فأعطاه ألف دينار ولكنه كان رقيق الديانة متكلمًا في عقيدته‏.‏
حضر يوسف الهمذاني في الزاهد عنه فسئل عنه فقال‏:‏ مدد كلامه شيطانيّ لا ربّاني‏.‏
ذهب دينه والدنيا لا تبقى له‏.‏
قلت‏:‏ توفي بقزوين‏.‏
وآقسنقر البرسقي قسيم الدولة‏.‏
ولي إمرة الموصل والرحبة للسلطان محمود ثم ولي بغداد ثم سار إلى الموصل ثم كاتبه الحلبيّون فتملّك حلب ودفع عنها الفرنج‏.‏
قتلته الإسماعيليّة وكانوا عشرة وثبوا عليه يوم جمعة بالجامع في ذي القعدة‏.‏
وكان ديّنًا عادلًا عالي الهمة‏.‏
قتل خلقًا من الإسماعيليّة‏.‏
وأبو بحر الأسديّ سفيان بن العاص الأندلسيّ محدّث قرطبة‏.‏
روى عن ابن عبد البرّ وأبي وصاعد بن سيّار أبو العلاء الإسحاقيّ الهرويُّ الدهّان‏.‏
قرأ عليه ابن ناصر ببغداد ‏[‏جامع الترمذيّ‏]‏ عن أبي عامر الأزدي‏.‏
قال السمعاني‏:‏ كان حافظًا متقنًا كتب الكثير‏.‏
وجمع الأبواب وعرف الرجال‏.‏
وأبو محمد بن عتّاب عبد الرحمن بن محمد بن عتّاب القرطبيُّ مسند الأندلس‏.‏
أكثر عن أبيه وعن حاتم الطرابلسي وأجاز له مكّي بن أبي طالب والكبار‏.‏
وكان عارفًا بالقراءات واقفًا على كثيرٍ من التفسير واللّغة والعربية والفقه مع الحلم والتواضع والزهد‏.‏
وكانت الرحلة إليه‏.‏
توفي في جمادى الأولى عن سبع وثمانين سنة‏.‏
وأبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد المالكيّ قاضي الجماعة بقرطبة ومفتيها‏.‏
روى عن أبي عليّ الغسّاني وأبي مروان بن سراج وخلق‏.‏
كان من أوعية العلم‏.‏
له تصانيف مشهورة عاش سبعين سنة‏.‏
وأبو عبد الله محمد بن بركان بن هلال الصعيدي المصري النحويّ اللغويّ البحر الحبر وله مائة سنة وثلاثة أشهر‏.‏
توفي في ربيع الآخر‏.‏
روى عن عبد العزيز بن الضرّاب والقضاعيّ وسمع ‏[‏البخاري‏]‏ من كريمة بمكة‏.‏
وأبو بكر الطرطوشيُّ محمد بن الوليد الفهريّ الأندلسيّ المالكيّ نزيل الاسكندرية وأحد الأئمّة
الكبار‏.‏
أخذ عن أبي الوليد الباجي ورحل فأخذ ‏[‏السنن‏]‏ عن أبي علي التستري وسمع ببغداد من رزق الله التميمي وطبقته وتفقّه على أبي بكرالشاشي‏.‏
قال ابن بشكوال‏:‏ كان إمامًا عالمًا زاهدًا ورعًا ديّنًا متواضعًا متقشّفًا متقلاّلًا من الدنيا راضيًا باليسير‏.‏
قلت‏:‏ عاش سبعين سنة‏.‏
وتوفي في جمادى الأولى‏.‏


الساعة الآن 10:45 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى