منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   حـكايـات عـربـيـة (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=17740)

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:52 AM

وعــد الله

‏ورد عن عبد الواحد بن زيد، رضي الله عنه، أنه قال:‏ ‏ خرجنا إلى الجهاد، فقرأ رجل "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم، بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله، فيـَقتلون ويـُقتلون، وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم"‏ ‏ فقام غلام وقال:‏ ‏ قد بعت نفسي ومالي لله بأن لي الجنة، فلما وصلنا إلى بلاد الروم، وإذا به يقول، واشوقاه إلى العيناء المرضية، فقلنا:‏ ‏ لعله أصيب في عقله، ثم سألته عن العيناء فقال:‏ ‏ كنت نائماً، فقيل لي، اذهب إلى العيناء، فرأيت روضة خضراء، فيها نهر من ماء غير آسن، عليه حور كالأقمار، فقلن لي، أهلاً وسهلاً بزوج العيناء، فقلت:‏ ‏ أفيكن العيناء؟ فقلن:‏ ‏ لا، نحن خدمها، امض أمامك، فرأيت نهراً من لبن لم يتغير طعمه عليه حور كالكواكب، فقلن لي:‏ ‏ أهلاً وسهلاً بزوج العيناء فقلت:‏ ‏ أهي فيكن؟ فقلن:‏ ‏ لا، نحن خدمها، امض أمامك، فرأيت خيمة بيضاء، على بابها جارية، ما رأيت أحسن منها، فضحكت وقالت:‏ ‏ أيتها العيناء، قد جاء زوجك، فدخلتُ الخيمة، فرأيت العيناء على سرير من ذهب، مكلل بالدر والياقوت، فقالت:‏ ‏ مرحباً يا ولي الله، أبشر فإنك في هذه الليلة ضيفاً تفطر عندنا، ثم استيقظت. ‏ ‏ قال عبد الواحد: فقاتل الغلام في ذلك اليوم حتى قتل. ‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:53 AM

وعـظ النفــس

كان من بين الذين يحضرون الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم، رجل اشتهر بسرقة المال، والاعتداء على الأنفس والأعراض، وفي ذات يوم سمع الرسول صلوات الله عليه يقول:‏ ‏ "من ترك شيئاً في الحرام ناله في الحلال" فصادف ذلك القول من نفسه موضع القلب، واعتزم أمـْراً، فلما أقبل الليل بسمائه القاتمة، تسلل كما تعود، في غفلة من الناس، إلى بيت امرأة مؤمنة، مات عنها زوجها، وتعيش وحدها، وأخذ يجوس خلال غرفات الدار، فرأى في واحدة منها طعاماً مجهزاً، ولما همَّ أن يتناوله، تذكر قول الرسول:‏ ‏ "من ترك شيئاً في الحرام ناله في الحلال" فامتنع عنه وهو يشتهيه، ورأى في غرفة أخرى كيساً من الذهب النـُّضار، فلما همّ بأخذه، تذكر قول الرسول كذلك، فتركه، ورأى في مكان آخر امرأة ذات جمال وفتنة، مستغرقة في نوم عميق، فوسوس إليه الشيطان بقربها، ولكنه تذكر قول الرسول أيضاً، فخرج من البيت دون أن يصيب شيئاً.‏ ‏ ثم ذهب ليؤدي صلاة الفجر في مسجد الرسول كعادته، وبعد الصلاة، انزوى في أحد أركان المسجد، مفكراً فيما كان منه، وفي تلك اللحظة، أتت المرأة لتقص على النبي قصة هذا السارق، الذي لم يخنها، وهي تعجب من ذلك، فابتسم الرسول صلوات الله عليه، وقال لها:‏ ‏ "أوحيدة أنت تعيشين؟" قالت:‏ ‏ نعم، لقد مات زوجي، فأشار الرسول إلى الرجل القابع في الركن وقال له:‏ ‏ "أمتزوج أنت؟" قال:‏ ‏ لا، ماتت زوجتي منذ حين، فقال له:‏ ‏ وهذه المرأة مات عنها زوجها، فهل لكما أن تتزاوجا؟ فلم يجيبا حياء، فزوجهما الرسول، وهنا بكى الرجل، وقصَّ على الرسول قصته، وأيدته المرأة فيما قال، وما تنفس الصبح حتى عادا إلى بيتهما زوجين. وتناول الرجل نفس الطعام الذي تركه، وتملك الذهب، وتمتع بالمرأة، ولكن في الحلال. ‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:54 AM

وفـــاء ‏ قال الأصمعي: دخلت بعض مقابر الأعراب، ومعي صاحب لي. فإذا جارية على قبر، كأنها على تمثال، وعليها من الحـُلـِي والحـُلل ما لم أر مثله، وهي تبكي بعين غزيرة، وصوت شجي، فالتفتُّ إلى صاحبي فقلت: هل رأيت أعجب من هذه؟ قال: لا والله، ولا أحسبني أراه، ثم قلت لها: يا هذه، أراك حزينة، وما عليك زي الحزن، فأنشأت تقول: ‏ رهينـــة هـذا القـبر يــا فتيـان كمـا كنـت أستحييه حين يراني مخافـة يـوم أن يسـوء لساني فــإن تسألانـي فيمَ حزنـي فإنني وإنـي لأسـتحييه والتــرب بيننــا أهابك إجلالا وإن كنت في الثرى ثم اندفعت في البكاء وجعلت تقول: ‏ بــالا ويكـثر فـي الدنيا مواساتي كـأنني لسـت من أهل المصيبات أن تســرَّ بـه مـن بعض هيآتـي عجيبـة الـزي تبكي بين أمــوات يـا صاحب القبر يا من كان ينعم بي قـد زرت قـبرك في حَلي وفـي حُلـل أردت آتيـك فيمـــا كـنت أعرضــــه فمـن رآنـــي رأى عـبري مولـَّهــة

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 03:55 AM

وفـاء أعـرابي حدّث قُتيبة بن مسلم قال: ‏ ‏ أُتِي الحجاج بن يوسف بقوم كانوا قد خرجوا عليه، فأمر بقتلهم وبقي منهم واحد، فأقيمت الصلاة، فقال لي الحجاج:‏ ‏ ليكن عندك الليلة وتأتي به إلينا غداً لأقتله.‏ ‏ فخرجتُ والرجل معي، فلما صرنا في الطريق قال الرجل لي:‏ ‏ هل لك في خير؟‏ ‏ قلت: وما هو؟‏ ‏ قال: إن عندي ودائع للناس، وإن صاحبك لقاتلي، فهل لك أن تُخْلي سبيلي لأودّع أهلي وأعطي كلَّ ذي حق حقّه، وأوصي بما عليّ ولي، والله تعالى كفيل لي أن أرجع إليك بُكْرَة.‏ ‏ فتعجّبتُ من قوله وضحكت، فأعاد عليّ القولَ وقال:‏ ‏ يا هذا، الله كفيل أن أعود إليك.‏ ‏ وما زال يلحّ إلى أن قلت: اذهب!‏ ‏ فلما توارى عني كأنني انتبهت، فقلت: ما صنعتُ بنفسي؟! ثم أتيت أهلي فباتوا بأطول ليلة. فلما أصبحنا إذا برجل يقرع الباب، فخرجت فإذا به.‏ ‏ فقلت: ‏ ‏ رجعتَ؟!‏ ‏ قال: جعلتُ الله كفيلاً ولا أرجع!‏ ‏ فانطلقت، فلما بصر بي الحجاج قال:‏ ‏ أين الأسير؟‏ ‏ قلت: بالباب، أصلح الله الأمير.‏ ‏ فأحضرتُه وقصصتُ على الحجاجِ القصة، فجعل يردّد نظره فيه، ثم قال:‏ ‏ وهبتُه لك.‏ ‏ فانصرفتُ به. فلما خرج من الدار قلت له:‏ ‏ اذهب أين شئتَ.‏ ‏ فرفع بصره إلى السماء وقال:‏ ‏ اللهم لك الحمد.‏ ‏ فما شكرني ولا قال لي أحسنتَ ولا أسأت. فلما انصرف قلت في نفسي: مجنونٌ ورب الكعبة! فلما كان في اليوم الثاني جاءني وقال:‏ ‏ يا هذا، جزاك الله عني أفضل الجزاء. والله ما ذهب عني أمس ما صنعتَ ولكني كرهتُ أن أشْرِكَ في حمد الله أحدا! ‏
من كتاب "الكشكول" لبهاء الدين العاملي. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:01 AM

وفـاء أعـرابي
حدّث قُتيبة بن مسلم قال: ‏ ‏ أُتِي الحجاج بن يوسف بقوم كانوا قد خرجوا عليه، فأمر بقتلهم وبقي منهم واحد، فأقيمت الصلاة، فقال لي الحجاج:‏ ‏ ليكن عندك الليلة وتأتي به إلينا غداً لأقتله.‏ ‏ فخرجتُ والرجل معي، فلما صرنا في الطريق قال الرجل لي:‏ ‏ هل لك في خير؟‏ ‏ قلت: وما هو؟‏ ‏ قال: إن عندي ودائع للناس، وإن صاحبك لقاتلي، فهل لك أن تُخْلي سبيلي لأودّع أهلي وأعطي كلَّ ذي حق حقّه، وأوصي بما عليّ ولي، والله تعالى كفيل لي أن أرجع إليك بُكْرَة.‏ ‏ فتعجّبتُ من قوله وضحكت، فأعاد عليّ القولَ وقال:‏ ‏ يا هذا، الله كفيل أن أعود إليك.‏ ‏ وما زال يلحّ إلى أن قلت: اذهب!‏ ‏ فلما توارى عني كأنني انتبهت، فقلت: ما صنعتُ بنفسي؟! ثم أتيت أهلي فباتوا بأطول ليلة. فلما أصبحنا إذا برجل يقرع الباب، فخرجت فإذا به.‏ ‏ فقلت: ‏ ‏ رجعتَ؟!‏ ‏ قال: جعلتُ الله كفيلاً ولا أرجع!‏ ‏ فانطلقت، فلما بصر بي الحجاج قال:‏ ‏ أين الأسير؟‏ ‏ قلت: بالباب، أصلح الله الأمير.‏ ‏ فأحضرتُه وقصصتُ على الحجاجِ القصة، فجعل يردّد نظره فيه، ثم قال:‏ ‏ وهبتُه لك.‏ ‏ فانصرفتُ به. فلما خرج من الدار قلت له:‏ ‏ اذهب أين شئتَ.‏ ‏ فرفع بصره إلى السماء وقال:‏ ‏ اللهم لك الحمد.‏ ‏ فما شكرني ولا قال لي أحسنتَ ولا أسأت. فلما انصرف قلت في نفسي: مجنونٌ ورب الكعبة! فلما كان في اليوم الثاني جاءني وقال:‏ ‏ يا هذا، جزاك الله عني أفضل الجزاء. والله ما ذهب عني أمس ما صنعتَ ولكني كرهتُ أن أشْرِكَ في حمد الله أحدا! ‏
من كتاب "الكشكول" لبهاء الدين العاملي. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:02 AM

وفـاء زوجــة
‏عن رجل من بني أسد قال:‏ ‏ أضللت إبلاً لي، فخرجت في طلبهن، فهبطت وادياً، وإذا أنا بفتاة، أعشى نورُ وجهها نورَ بصري، فقالت لي:‏ ‏ يا فتى، مالي أراك مولـَّها (ساهي القلب ذاهل العقل) فقلت: أضللت إبلاً لي فأنا في طلبها، فقالت:‏ ‏ أفأدلك على من هي عنده وإن شاء أعطاكها؟ قلت:‏ ‏ نعم، ولك أفضلهن، قالت:‏ ‏ الذي أعطاكهن أخذها، وإن شاء ردهن، فسله عن طريق اليقين، لا من طريق الاختيار، فأعجبني ما رأيت من جمالها وحسن كمالها، فقلت:‏ ‏ ألك بعل؟ قالت:‏ ‏ قد كان، ودُعـِيَ فأجاب، فأعيد إلى ما خـُلق منه، قلت فما بالك في بعل تـُؤمن بوائقه (شروره) ولا تـُذم خلائقه؟‏ ‏ فرفعت رأسها وتنفست وقالت: كنا كغصنيـن فـي أصـل غذاؤهمـا ماء الجداول فـي روضـات جنات فاجتثّ خيرهمـا من جنـب صاحبه دهــر يكِــرُّ بترْحــات وفرْحــات وكان عـاهدنـي إن خـاننـي زمـن ألاَّ يُضـاجـع أنثــى بعـد مثْـواتـي وكـنت عاهدتــه إن خانـه زمـــن ألا أبــوء ببعـــل طـول مَحْيـاتـي فلـم نـزل هكـذا والـوصل شـيمتنـا حـتى تـوفـى قريبـاً مـذ سِـنيـات فاقبض عِنانك عمَّـن ليس يردعـه عـن الوفــاء خِـلاف بالتحيـــات

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:02 AM

ولايـة القضـاء(1)
أكره الخليفة المهدي شريك النخعي على ولاية القضاء، وأقعد معه جماعة من الشُّرط يحفظونه. ثم طاب المنصب للشيخ فقعد من نفسه دون شُروط. فبلغ سفيان الثوري أنه قعد من نفسه فجاء فتراءى له. فلما رأى الثوريّ قام إليه فعظَّمه وأكرمه. ثم قال: ‏ ‏ يا أبا عبد الله، هل لك من حاجة؟ ‏ ‏ قال: نعم، مسألة. ‏ ‏ قال: أوَ ليس عندك من العلم ما يجزئك؟ ‏ ‏ قال سفيان: أحببت أن أذكرك بها؟ ‏ ‏ قال: قل. ‏ ‏ قال: ما تقول في امرأة جاءت فجلست عند باب رجل فاحتملها فَفَجَرَ بها. لمن تحدُّ منهما؟ ‏ ‏ قال شريك: الرجل دونها لأنها مغصوبة. ‏ ‏ قال: فإنه لما كان من الغد، جاءت فتزيّنت وتبخّرت وجلست على ذلك الباب، ففتح الرجل فرآها، فاحتملها ففجر بها. لمن تحدُّ؟ ‏ ‏ قال: أحدّهما جميعا لأنها جاءت من نفسها وقد علمت الخبر بالأمس. ‏ ‏ فقال سفيان: وأنت، كان عندك حين كان الشُّرط يحفظونك، اليوم أيُّ عذر لك؟‏ ‏ قال شريك: يا أبا عبد الله، أكلّمك! ‏ ‏ قال: ما كان الله ليراني أكلمك أو تتوب. ‏ ‏ ووثب فلم يكلمه حتى مات. وكان إذا ذكره قال: ‏ ‏ أي رجل كان لو لم يفسدوه! ‏ ‏
من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:03 AM

ولايـة القضـاء(2)
كان إسماعيل بن إسحاق من علماء أهل الدنيا، ومن سادة الفُضلاء وعقلائهم، وكان مؤاخياً لابن أبي ورد الصوفي. فلما ولي إسماعيلُ القضاء، هجره ابن أبي الورد. ‏ ‏ ثم إنه اضطر إلى أن دخل عليه في شهادة، فضرب ابن ابي الورد على كتف إسماعيل القاضي وقال:‏ ‏ يا إسماعيل، عِلْمٌ أَجْلَسَكَ هذا المجلس، كان الجهلُ خيراً منه!‏ ‏ فوضع إسماعيل رداءه على وجهه وبكى. ‏
من كتاب "قوت القلوب" لأبي طالب المكيّ. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:03 AM

ويـل للمكـذِّبين
‏ غضب هارون الرشيد على ثمامة بن أشرس المعتزلي، دفعه إلى سلام الأبرش، وأمره أن يضيّق عليه، وأن يدخله بيتاً ويطين عليه ويترك فيه ثقباً ففعل دون ذلك، وكان يدسّ إليه الطعام فجلس سلام عشيةً وهو يقرأ في المصحف، فقرأ ويل يومئذٍ للمكذَّبين فقال ثمامة: ‏ ‏ إنما هو (المكذِّبين). وجعل يشرح ويقول : (المكذَّبون) هم الرُّسُل، و(المكذِّبون) هم الكفار ‏ ‏ فقال سلام: ‏ ‏ قد قيل لي إنك زنديق ولم أُصدِّق! ‏ ‏ ثم ضيّق عليه أشدّ الضيق. ‏ ‏ ثم رضي الرشيد عن ثمامة فجالسه. فقال له يوماً:‏ ‏ أخبرني عن أسوأ الناس حالاً. ‏ ‏ قال ثمامة: ‏ ‏ عاقل يجري عليه حكم جاهل. ‏ ‏ فظهر الغضب في وجه الرشيد فقال ثمامة: ‏ ‏ يا أمير المؤمنين، ما أحسبني وقعتُ بحيث أردت. ‏ ‏ قال : لا واللّه، فاشرح. ‏ ‏ فحدّثه بحديث سلام، فضحك الرشيد حتى استلقى. ‏
من كتاب "أخبار الحمقى والمغفلين" لابن الجوزي ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:03 AM

يا سـلام سلـِّم، الحائـط بيتكلـم!
في شهر رجب من سنة سبعمائة وواحد وثمانين هجرية، اتفقت حادثة مستغربة: وهي أن رجلاً يـُعرف بابن الفيشي دخل إلى منزله بالقرب من الجامع الأزهر، فسمع صوتـاً من جدار بيته يقول له:‏ ‏ اتـَّقِ الله وعاشر زوجتـَك بالمعروف!‏ ‏ فظنَّ أن هذا من الجان، فإنه لم ير شيئـاً. وحدّث أصحابه بذلك، فصاروا معه إلى بيته، فسمعوا عما بدا لهم، فأجابهم المتلكم من غير أن يروا شيئـاً. فغلب على ظنهم أن هذا من الجان، وأشاعوه في الناس، فارتجـَّت القاهرة ومصر، وأقبل الناس من كل جهة إلى بيت ابن الفيشي لسماع كلام الحائط، وصاروا يحادثون الحائط ويحادثهم. فكثر بين الناس قولهم:‏ ‏ يا سلام سلـِّم، الحائط بيتكلم!‏ ‏ وكاد الناس أن يفتتنوا بهذا، وجلبوا إلى ذلك الجدار من المال شيئـاً كثيراً.‏ ‏ فركب محتسب القاهرة محمود العجمي إلى بيت ابن الفيشي هذا ليختبر ما يقال، ووَكـَّلَ بابن الفيشي أحدَ أعوانه. ووقف عند الحائط وحدّثه فحادثه. فأمر بهدم الحائط. فلما هـُدم لم ير شيئـاً. فعاد إلى بيته وقد كثر تعجـّبه.‏ ‏ وازدادت فتنة الناس بالحائط. وبعث المحتسب من يكشف له الخبر: هل انقطع الكلام بعد تخريب الحائط؟ فوجده الرجلُ يتكلم كما كان قبل خرابه.‏ ‏ فتحيـّر من ذلك. وكان هذا المحتسب شهمـاً جريئـاً، قد مارس الأمور، وحلب الدهر أشطـُره. وكان لا يتحرك حركة إلا حـُمد عليها، ولا باشر جهة وَقـْفٍ إلا عـَمـُر خرابـُه، وإذا باشر حسبة القاهرة رخصت الأسعار، فإذا عـُزِل ارتفعت، فتقف العامة وتطلب إعادته ليـُمـْن إقباله.‏ ‏ فلما عاد قاصده إليه، وأخبره بأن الكلام مستمرّ، قام من فوره ومعه عدة من أصحابه حتى جلسوا عند الجدار، وأخذوا في قراءة شيء من القرآن. ثم طلب صاحب البيت وقال له:‏ ‏ قل لهذا المتكلم، القاضي العجمي يسلم عليك.‏ ‏ فقال: يا سيدي، الشيخ القاضي يسلم عليك.‏ ‏ فقال الجدار: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته.‏ ‏ فقال المحتسب: قل له، إلى متى هذا الفساد؟‏ ‏ فأجابه: إلى أن يريد الله تعالى.‏ ‏ فقال: قل له، هذا الذي تفعله فتنة للناس، وما هو جيد.‏ ‏ فأجابه:‏ ‏ ما بقي بعد هذا الكلام.‏ ‏ وسكت، وهم يقولون له: يا سيدي الشيخ! فلم يكلمهم بعدها.‏ ‏ وكان في صوته غلظة يوحي بأنه ليس بكلام إنس. فلما أيس الشيخ العجمي من مكالمته، قام عنه وقد اشتدت فتنة الناس بالحائط حتى كادوا يتخذوه معبوداً لهم. وغلوا فيه كعادتهم، وزعموا له ما شاءوا من تـُرَّهاتهم، وحمل إليه الأمراء والأعيان المأكل وغيره، والمحتسب يدبـّر في كشف الحيلة.‏ ‏ ثم ركب المحتسب يومـاً إلى دار ابن الفيشي، وقبض عليه وعلى امرأته، وعاد بهما إلى داره. وما زال يستدرجهما حتى اعترفت المرأة بأنها هي التي كانت تتكلم، وأن الذي دعاها إلى ذلك أن زوجها كان يسيء عشرتها، فاحتالت عليه بهذه الحيلة لتوهمه بأن الجان توصيه بها. فتمت حيلتها عليه، وانفعل لها، فأعلمته بما كان منها، فرأى زوجها أن تستمر على ذلك لينالا به جاهـاً ومالاً، فوافـَقـَتـْه.‏ ‏ فركب المحتسب إلى الأمير الكبير وأعلمه بقول المرأة، فضرب الأمير الكبير ابن الفيشي بالمقارع، وضرب المرأة بالعصيّ نحوًا من ستمائة ضربة، وأمر بهما فسـُمِّرا على جملين، وشُهـِّرا بالقاهرة. فكان يومـاً شنيعـاً، عظم فيه بكاء الناس على المرأة، وكثـُر دعاؤهم على المحتسب! ‏
من كتاب "السلوك لمعرفة دول الملوك" للمقريزي. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:04 AM

يجـب أن تعفـو عنـه
أمر المهدي بضرب عـُنق رجل.‏ ‏ فقام إليه ابن السماك فقال:‏ ‏ إن هذا الرجل لا تجب عليه ضرْبُ العنق.‏ ‏ قال المهدي:‏ ‏ فما يجب عليه؟‏ ‏ قال:‏ ‏ تعفو عنه، فإن كان من أجر كان لك دوني، وإن كان من وِزْر كان علـّي دونك.‏ ‏ فخلـَّى سبيله. ‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:04 AM

يُرضيك هذا!
‏ سار الملك محمد بن السلطان محمود إلى بغداد ليحصرها، ودار القتال على باب البلد فأمر الخليفة المقتفي فنودي ببغداد: كل من جُرح في القتال فله خمسة دنانير.‏ ‏ فكان كل من جُرح يُوصَّلُ ذلك إليه وحضر أحد العامة عند الوزير مجروحًا، فقال له الوزير:‏ ‏ هذا جرح صغير لا تستحق عليه شيئًا. فعاد الرجل إلى القتال، فضُرب في جوفه فخرجت أمعاؤه فعاد إلى الوزير، فقال له: يا مولانا الوزير، يُرضيك هذا ؟!‏ ‏ فضحك منه، وأمر له بِصِلة.‏
من كتاب "التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية" لعز الدين بن الأثير


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:05 AM

يعطي الجوز من لا أسنان له!
‏ قال الحضرمي: ‏ ‏ أقمت مرة بقرطبة ولازمتُ سوق كتبها مدّة أترقـّب فيه وقوع كتاب كان لي بطلبه اعتناء، إلى أن وقع، وهو بخط فصيح وتفسير مليح. ‏ ‏ ففرحت به أشد الفرح، وجعلت أزيد في ثمنه فيرجع إليَّ: المنادي بالزيادة عليّ، إلى أن بلغ فوق حدّه. فقلت له: ‏ ‏ ما هذا؟ أرني من يزيد في هذا الكتاب حتى بلغه إلى ما لا يساوي. ‏ ‏ فأراني شخصـًا عليه لباس الرئاسة، فدنوت منه وقلت له: ‏ ‏ أعزّ اللّه سيدنا الفقيه، إن كان لك غرض في هذا الكتاب تركتـُه لك، فلقد بلغت به الزيادة بيننا فوق حدّه. ‏ ‏ فقال لي: ‏ ‏ لستُ بفقيه، ولا أدري فيه، ولكني أقمتُ خزانة كتب، واحتفلتُ فيها لأتجمـّل بها بين أعيان البلد، وبقي فيها موضع يسع هذا الكتاب. فلما رأيته حسن الخط، جيـّد التجليد، استحسنته، ولم أبال بما أزيد فيه، والحمد للّه على ما أنعم به من الرزق فهو كثير. ‏ ‏ فأحرجني وحملني على أن قلت: ‏ ‏ نعم، لا يكون الرزق كثيرًا إلا عند مثلك. يعطي الجوز من لا أسنان له! وأنا الذي أعلم ما في هذا الكتاب وأطلب الانتفاع به، تحول قلـّة ما بيدي بيني وبينه! ‏
من كتاب "نفح الطيب" للمقري التلمساني. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:05 AM

يفزعـون إلـى الأميــر
‏ قيل إن بعض وفود العرب قدموا على أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وكان فيهم شاب.‏ ‏ فقام وقال:‏ ‏ يا أمير المؤمنين أصابتنا سنون عجاف، سنة أذابت الشحم، وسنة أكلت اللحم، وسنة دقت العظم. وفي أيديكم فضول أموال، فإن كانت لنا فعلام تمنعونها عنا، وإن كانت لله ففرقوها على عباد الله، وإن كانت لكم فتصدقوا بها علينا إن الله يجزي المتصدقين.‏ ‏ فقال عمر بن عبد العزيز:‏ ‏ ما ترك الأعرابي لنا عذراً في واحدة.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:06 AM

وصية عبد الله بن الحسين
‏ قال عبد الله بن الحسين لابنه محمد:‏ ‏ يا بُني،‏ ‏ احذر الجاهل وإن كان لك ناصحاً كما تحذر العاقل إذا كان لك عدواً، ويوشك الجاهل أن تُورِّطك مَشُورتُه في بعض اغترارك فيسبق إليك مكر العاقل. ‏ ‏ وإياك ومعاداة الرجال، فإنك لا تَعْدمَنَّ منها مكرَ حَليم عاقل، أو معاندة جاهل.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:06 AM

فما جوابك إلا السكـوت
‏ قال أبو الحسن المدائني:‏ ‏ دخل محمد بن واسع على قُتيبة بن مسلم والي خُراسان في مِدْرعَةِ صوف، فقال له:‏ ‏ ما يَدْعُوك إلى لباس هذه؟‏ ‏ فسكت، فقال له قتيبة:‏ ‏ أُكلِّمُك فلا تُجيبني؟‏ ‏ قال: ‏ ‏ أكرهُ أن أقول زُهْداً فأزكِّيَ نفسي، أو أقول فقراً فأشكو ربي، فما جوابك إلا السكوت.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:07 AM

الديـن يســر
‏ عن أنس قال:‏ ‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فمنا الصائم ومنا المفطر، قال:‏ ‏ فنزلنا منزلاً في يوم حار.‏ ‏ أكثرنا ظـِلاًّ صاحب الكساء.‏ ‏ ومنا من يتقي الشمس بيديه، قال:‏ ‏ فسقط الصوَّام، وقام المفطرون، فضربوا الأبنية، وسقوا الركب، فقال الرسول صلوات الله عليه:‏ ‏ ذهب المفطرون اليوم بالأجر كله. ‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:07 AM

توجيه للمعلم
قال عمر بن عتبة لمعلم ولده:‏ ‏ ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك، فإن عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما صنعت، والقبيح عندهم ما تركت، علـّمهم كتاب الله ولا تملهم فيه فيتركوه ولا تتركهم منه فيهجروه.‏ ‏ روِّهم من الحديث أشرفه، ومن الشعر أعفه، ولا تنقلهم من علم إلى علم حتى يـُحكموه فإن ازدحام الكلام في القلب مشغلة للفهم، وعلمهم سنن الحكماء، وجنبهم محادثة النساء، ولا تتكل على عذر مني لك، فقد اتكلت على كفاية منك، قال الشاعر: وإن مــن أدبتـــه فــي الصبــا كالعودِ يُسقى الماء في غرسه حـتـى تــــراه مورقـاً نـاضــراً بعـد الـذي أبصـرت مـن يبسـه مـا تبلــغ الأعـداء مـن جاهـل مـا يبلــغ الجـاهـل مـن نفسـه

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:08 AM

عقـل راجــح
تحدث أحدهم، وكان يتلقى الأدب على "المبرد" فقال:‏ ‏ خرجت ذات مساء بعد أن انتهى الدرس من بيت المبرد فرأيت إنساناً أشعث، في أسمال بالية، ولما أن كدت أتجاوزه، أومأ إليَّ وبادرني بقوله..‏ ‏ "أنت تلميذ المبرد، وإنني أعلم أنه عقب إلقاء درسه اليومي، يختتم حديثه ببيتين من الشعر... فماذا كانا اليوم؟‏ ‏ فقلت بسرعة لأتخلص منه.‏ ‏ لقد ختم حديثه بهذين البيتين: أعــار الغيـثَ نائلــه إذا مـا مــاؤه نَفِــدا وإن أسـد شكـا جُبنـا أعـار فـؤاده الأسـدا وما إن انتهيت، حتى أسرع هذا بقوله:‏ ‏ لو أعار نائله للغيث، لأصبح بلا نائل، أي بخيل، ولو أعار الأسد فؤاده، لأصبح بلا فؤاد، فهل هذا مديح أم هجاء؟؟‏ ‏ فدهشت وقلت: "إذاً ماذا كان يقول؟" وكنت أريد إحراجه، فأجاب بعد تمعن وببطء: علم الغيث الندى حتى إذا ما وعاه علم البأس الأسد فـإذا الغيـث مقـرٌّ بالكرم وإذا الليــث مقـرٌّ بالجلــد وتركني مشدوهاً ومشى.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:09 AM

من نوادر بشار بن برد
كان بشار جالساً في دار المهدي والناس ينتظرون الإذن للدخول عليه، فقال أحد موالي المهدي لمن حضر: ‏ ‏ ما تفسيركم لقول الله عزَّ وجلَّ (وأوحى ربُّك إلى النحل أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر)؟ ‏ ‏ قال بشار: النحل التي يعرفها الناس.‏ ‏ قال: هيهات! النحل بنو هاشم. وقوله تعالى: (يَخْرُجُ من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانُه فيه شفاء للناس) يعني العِلْم.‏ ‏ فقال له بشار: ‏ ‏ جعل الله طعامك وشرابك وشفاءك فيما يخرج من بطون بني هاشم!‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:09 AM

الوديعة
‏ يُحكى أن ملكاً مات له ولد. فاشتدّ حزنه عليه، وأفحش في إظهار التسخّط بسبب ما أصابه.‏ ‏ فأتاه رجل فقال:‏ ‏ أيها الملك، إن لي صاحباً أودعني جوهرة، فكانت عندي مدّة، أتلذّذ برؤيتها. ثم إنه استرجعها فآلمني ذلك. وأنا أسألك إحضاره وإلزامه بإعادة إيداع الجوهرة عندي.‏ ‏ فقال الملك:‏ ‏ أمجنون أنت؟ كيف أُلزِم أحداً بأن يودع ماله عندك؟!‏ ‏ فقال له:‏ ‏ فالله أودع عندك ولداً لك هذه المدّة ثم استردّه، فلِمَ هذا الحزن والسخط؟ ‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:09 AM

من كان تاسعا
رأيتُ بعض الأصحاب يأخذ ثلاثين قطعة من قطع الشطرنج، نصفها من السُّود ونصفها من البيض، ويرصّها رصّا مخصوصًا في صورة دائرة، ويدّعي أن مركبًا كان على ظهر البحر، وفيه مسلمون (بيض) وكفّار (سود). فأشرفوا على الغرق، وأرادوا أن يرموا إلى البحر نصف عددهم ليخفّ المركب، فينجو بعضهم ويسلم المركب. فقالوا: ‏ ‏ نقترع، ومن وقعت عليه القرعة ألقيناه في البحر. ‏ ‏ فتأملهم الريّس بعض الوقت وهم جالسون في دائرة، ثم قال: ‏ ‏ ليس هذا حكمًا مرضيّا. و إنما الحكم أنّا نعدّ الجماعة، فكل من كان تاسعًا ألقيناه في البحر. ‏ ‏ فارتضوا بذلك، ولم يزل يعدّهم ويلقي التاسع فالتاسع فإذا هو قد ألقى الكفار أجمعين، وسلم المسلمون!

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:10 AM

ادفعوهن إلى الطبـّاخ
كتب أَسد بن جهور، وكان ممن تصرّف في الأعمال الجليلة، إلى بعض العمال، أن احمل لنا مائتي جوانبيرة (وهي كلمة فارسية المراد بها النـّصـَف من النساء التي بين الشابـّة والمسنـّة). فقال العامل: ‏ ‏ ما يصنع بهؤلاء العجائز!! ‏ ‏ ثم حصـَّل منهن ما أمكن، وأنفذهنّ طـَوْعـًا أو كرهـًا. ‏ ‏ فلما وصلن إلى بابه، وقرأ كتاب العامل بإنفاذهن، قال: ‏ ادفعوهنّ إلى الطبـّاخ، وتقدَّموا إليه بأن يذبح لنا في كل يوم ما نحتاج إليه! ‏ ‏ فقيل له: إنهن نساء! ‏ ‏ فقال: ‏ ‏ إنـّا للّه! إنما أردت الجوامركات (وهو نوع من الدّجاج طيب اللحم) فغلطت

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:10 AM

المفاخر بقوته
رأى فيلسوفٌ رجلاً يفخر بتفوّقه في المصارعة، فقال له:‏ ‏ هل غلبتَ من هو أضعف منك أو من هو أقوى منك؟‏ ‏ فقال: بل غلبتُ من هو أضعف مني.‏ ‏ قال: فما هذا موضع مدحٍ، وذلك أن كل واحد من الناس يغلب من هو أضعف منه.‏ ‏ فقال له الرجل: بل غلبتُ من هو أقوى مني.‏ ‏ قال: هذا مُحالٌ وباطل.‏ ‏ فقال: بل غلبتُ من هو مُساوٍ لي.‏ ‏ قال: مـَن غلبتـَه لا يكون مساويـاً لك.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:10 AM

شرط نظم الشعر
استأذن أبو نواس خلفًا الأحمر في نظم الشعر، فقال له:‏ ‏ لا آذن لك في عمل الشعر إلا أن تحفظ ألف مقطوع للعرب ما بين أرجوزة وقصيدة ومقطوعة.‏ ‏ فغاب عنه مدة وحضر إليه، فقال له:‏ ‏ قد حفظتُها.‏ ‏ فقال له خلف الأحمر: أَنشِدْها.‏ ‏ فأنشده أكثرها في عدة أيام. ثم سأله أن يأذن له في نظم الشعر، فقال له:‏ ‏ لا آذن لك إلا أن تنسى هذه الألف أرجوزة كأنك لم تحفظها.‏ ‏ فقال له:‏ ‏ هذا أمرٌ يصعب عليَّ، فإني قد أتقنت حفظها.‏ ‏ فقال له:‏ ‏ لا آذن لك إلا أن تنساها.‏ ‏ فذهب أبو نواس إلى بعض الأديرة، وخلا بنفسه، وأقام مدّة حتى نسيها. ثم حضر فقال:‏ ‏ قد نسيتها حتى كأن لم أكن حفظتها قط.‏ ‏ فقال له خلف:‏ ‏ الآن انظم الشِّعر! ‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:11 AM

أتعرفني
‏ خرج الحجاج يوماً إلى ظاهر الكوفة منفردا، فرأى رجلاً أعرابياً فقال له:‏ ‏ ما تقول في أميركم؟ ‏ ‏ قال: الحجاج؟‏ ‏ قال: نعم.‏ ‏ قال الأعرابي: عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين!‏ ‏ فقال الحجاج: أتعرفني؟ ‏ ‏ قال: لا.‏ ‏ قال: أنا الحجاج.‏ ‏ فقال الأعرابي: وأنت، أتعرفني؟ ‏ ‏ قال: لا.‏ ‏ قال: أنا مولى بني عامر، أُجَنُّ في كل شهر ثلاثة أيام، وهذا اليوم هو أَشَدُّها!‏ ‏ فضحك الحجاج من قوله وتركه

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:11 AM

عبـد الله بـن الزبيـر بير
مر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بصبية يلعبون.‏ ‏ فلما رأوه فروا جميعاً، إلا غلاماً صغيراً بقي مكانه لم يبرحه.‏ ‏ فأقبل عليه عمر وسأله:‏ ‏ يا غلام، لـِمَ لـَمْ تفر كما فرَّ زملاؤك؟‏ ‏ فقال:‏ ‏ يا أمير المؤمنين، لم أرتكب ذنباً فأخافك، وليست الطريق ضيقة فأوسعها لك. ‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:11 AM

قصة أبي نواس مع شاعر الأندلس
‏ كان عباس بن ناصح، الشاعر الأندلسي، لا يَقْدم من المشرق قادمٌ إلا سأله عمَّن نَجَمَ هناك في الشعر، حتى أتاه رجل من التجار فأعلمه بظهور أبي نواس، وأنشده من شعره قصيدتين؛ إحداهما قوله: ‏ ‏ جَرَيْتُ مع الصِّبا طَلـْقَ الجُمُوحِ ‏ ‏ والثانية: ‏ ‏ أما ترى الشمس حَلـَّت الحَمَلا ‏ ‏ فقال عباس: ‏ ‏ هذا أشعرُ الجن والإنس. واللّه لا حبسني عنه حابس. ‏ ‏ فتجهَّز إلى المشرق. فلما حلَّ بغداد نزل منزِلة المسافرين، ثم سأل عن منزل أبي نواس، فأُرشـِد إليه، فإذا بقصر على بابه الخـُدَّام. فدخل مع الداخلين، ووجد أبا نواس جالسًا في مقعد نبيل، وحولَه أكثرُ متأدّبي بغداد، يجري بينهم التمثل والكلام في المعاني. فسلّم عباس وجلس حيث انتهى به المجلس، وهو في هيئة السفر. ‏ ‏ فلما كاد المجلس ينقضي، قال له أبو نواس: مَن الرجل؟ ‏ ‏ قال: باغي أدب. ‏ ‏ قال: أهلاً وسهلاً. من أين تكون؟ ‏ ‏ قال: من المغرب الأقصى. وانتسب له إلى قرطبة. ‏ ‏ فقال له: أَتَرْوي من شعر أبي المخشيّ شيئًا؟ ‏ ‏ قال: نعم. ‏ ‏ قال: فانشِدني. ‏ ‏ فأنشده شعره في العمى. فقال أبو نواس: ‏ ‏ هذا الذي طَلَبَتْه الشعراء فَأَضَلَّتْه. أنشـِدني لأبي الأجرب. ‏ ‏ فأنشده. ثم قال: أنشدني لبكْر الكنانيّ. ‏ ‏ فأنشده. ثم قال أبو نواس: ‏ ‏ شاعر البلد اليوم عباسُ بن ناصح؟ ‏ ‏ قال عباس: نعم. ‏ ‏ قال: فأنشِدني له. فأنشده: ‏ ‏ فَأَدْتُ القَريض ومَنْ ذا فَأَدْ ‏ ‏ فقال أبو نواس: أنت عباس؟ ‏ ‏ ‍‍‍‍‍قال: نعم! ‏ ‏ فنهض أبو نواس إليه فاعتنقه إلى نفسه، وانحرف له عن مجلسه. فقال له مَن حضَر المجلس: ‏ ‏ من أين عرفَته أصلحك اللّه؟ ‏ ‏ قال أبو نواس: ‏ ‏ إني تأمّلته عند إنشاده لغيره، فرأيته لا يُبالي ما حدث في الشعر من استحسان أو استقباح. فلما أنشدني لنفسه استَبَنْتُ عليه وَجْمَةً، فقلت: ‏ ‏ إنه صاحبُ الشِّعر! ‏ ‎‎
من كتاب "طبقات النحويين واللغويين" للزُّبيدي الأندلسي. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:11 AM

"إنّ إلهَكـمْ لَوَاحِـدٌ"
قال بنان الطّفيلي:‏ ‏ دخلتُ يوماً على بعض بني هاشم فإذا أمامه لَوْزِينجَ من النَّشا وبياض البيض، حشوة اللوز المقشّر مع السكر والعسل الأبيض، ومندّى بالماورد، إذا أُدخِلَ الفم سُمِعَ له نَشِيش كَنَشيش الحديد إذا أخرجته من النار وغمستَه في الماء. فلم يزل يأكل ولا يطعمني. فقلت:‏ ‏ يا سيدي: "إنّ إلهَكُمْ لوَاحِدٌ".‏ ‏ فأعطاني واحدة.‏ ‏ فقلت: "إذْ أرسلنا إليهم اثنين".‏ ‏ فأعطاني ثانية.‏ ‏ فقلت: "فَعَزَّزْنَا بثالث".‏ ‏ فأعطاني ثالثة.‏ ‏ فقلت: "فَخُذْ أربعةً من الطَّير فَصُرْهُنَّ إليك".‏ ‏ فأعطاني رابعة.‏ ‏ فقلت: "خمسةٌ سادسُهم كلبُهم".‏ ‏ فأعطاني خامسة.‏ ‏ فقلت: "خَلَق السموات والأرض في ستة أيام".‏ ‏ فأعطاني سادسة.‏ ‏ فقلت: "سبع سمواتٍ طِباقاً".‏ ‏ فأعطاني سابعة.‏ ‏ فقلت: "ثمانيةَ أزواجٍ من الضَّأن اثنين ومن المعز اثنين".‏ ‏ فأعطاني ثامنة.‏ ‏ فقلت: "تسعةُ رَهْط يُفسِدون في الأرض".‏ ‏ فأعطاني تاسعة.‏ ‏ فقلت: "تلك عَشَرةٌ كاملة".‏ ‏ فأعطاني عاشرة.‏ ‏ فقلت: "يا أبَت إني رأيت أحَدَ عشر كوكباً".‏ ‏ فأعطاني الحادي عشر.‏ ‏ فقلت: "إن عِدَّةَ الشهور عند الله اثنا عَشَر شهراً في كتاب الله".‏ ‏ فأعطاني الثاني عشر.‏ ‏ فقلت: "إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبون مائتين".‏ ‏ فقذف بالطبق إليّ وقال: كُل يا ابنَ البغيضة!‏ ‏ فقلت: والله لئن لم تُعْطيِنِه لقُلتُ: "وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون"!

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:12 AM

إبـاء وقناعــة
روى الإمام أبو الحسن يحيى بن نجاح قال:‏ ‏ إن عثمان بن عفان رضي الله عنه، أرسل إلى أبي ذَرّ الغفاري رضي الله عنه بصـُرة، فيها نفقة، على يد عبد له.‏ ‏ وقال للعبد:‏ ‏ إن قبلها فأنت حر، فأتاه بها فلم يقبلها.‏ ‏ فقال له العبد:‏ ‏ اقبلها يرحمك الله، فإن فيها عتقي.‏ ‏ فقال أبو ذر:‏ ‏ إن كان فيها عتقك، ففيها رقي، وأبى أن يقبلها. ‏

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:12 AM

إبراهيم الموصلي وزائره الغريب
‏ قال المغنـِّي إبراهيم الموصلي: ‏ ‏ استأذنتُ هارون الرشيد في أن يَهَبَ لي في كل أسبوع يومًا أخلو فيه مع جواري، فأذِن لي في يوم الأحد. وقال: ‏ ‏ هو يومٌ أسْتَثـْقـِلُه. ‏ ‏ فلما كان في بعض الآحاد أتيتُ الدارَ فدخلت، وأمرتُ الحجـّابَ ألاّ يأذنوا لأحد عليّ، وأغلقت الأبواب. ‏ ‏ فما هو إلا أن جلست حتى دخل عليَّ شيخ حسنُ السَّمْتِ والهيئة، على رأسه قلنسوة صغيرة، وفي رجله خُفـّان أحمران، وفي يده عصا مُقَمَّعَة بفضـَّة. ‏ ‏ فلما رأيتـُه امتلأتُ غيظـًا، وقلت: ألم آمر الحجـّاب ألا يأذنوا لأحد؟ ثم فكرت وقلت: ‏ ‏ لعلهم علموا من الشيخ ظَرْفًا وهيئة، فأحبوا أن يُؤْنسوني به في هذا اليوم. ‏ ‏ وسلـّم الشيخ، فلما أمرته بالجلوس جلس، وقال: ‏ ‏ يا إبراهيم، ألا تغنّيني صوتـًا؟ ‏ ‏ فامتلأت عليه غيظـًا، ولم أجد إلى ردّه سبيلاً لأنه في منزلي، وحملته منه على سوء أدب العامة. فأخذتُ العود وضربتُ وغنيت ووضعت العود. ‏ ‏ فقال لي: ‏ ‏ لِمَ قطعت هزارك؟ ‏ ‏ فزادني غيظـًا، وقلت: لا يُسـَيِّدُني ولا يُكَنِّيني ولا يقول أحسنت! فأخذت العود فغنّيت الثانية، فقال لي: ‏ ‏ أحسنت! فكِدْت واللّه أشقّ ثيابي! وغنّيت تمامَ الهزار. فقال: أحسنت يا سيدي! ثم قال: ناولني العود. ‏ ‏ فواللّه لقد أخذه فوضعه في حِجره ثم جَسَّه من غير أن يكون ضَرَب بأَنْمـُلَة، فواللّه لقد خِلْتُ زوال نعمتي في جَسِّه. ‏ ‏ ثم ضرب وغنّى: ‏ وقــد زعمـوا أن المـحبّ إذا دنـا يُمـَلُّ، وأن النـَّأْيَ يُسلي من الوَجـْدِ بكــلٍّ تداوينا فلـم يـُشـْفَ ما بنا ‏ ‏ على أن قربَ الدار خيرٌ من البُعـْدِ ‏ فواللّه لقد خِلـْت كل شيء في الحضرة يتغنّى معه حتى الأبواب والستور والنمارق والوسائد وقميصي الذي على بدني. ثم قال: ‏ ‏ يا أبا إسحاق! هذا الغناء الماخوريّ، تعلـّمه وعلـِّمه جواريك. ‏ ‏ ثم وضع العود من حِجره وقام إلى الدار، فلم أره. فدفعت أبواب الحرم فإذا هي مغلقة، فسألت الحجّاب عن الرجل، فقالوا لي: ‏ ‏ لم يدخل عليك أحدٌ حتى يخرج. ‏ ‏ فأمرت بدابّتي فأُسْرِجت، وركبت من فوري إلى دار الخليفة، واستأذنت. فلما رآني قال ألم تنصرف آنفـًا على نيّة المقام في منزلك والخلوة بأهلك؟ ‏ ‏ قلت: ‏ ‏ يا سيدي، جئتُ بغريبة. ‏ ‏ وقصصت عليه القصة. فضحك الرشيد حتى رفع الوسائد برجليه. وقال لي: ‏ ‏ كان نديمُك اليوم إبليس يا أبا إسحاق. ودِدتُ أنه لو مَتَّعَنَا بنفسه كما متـَّعك! ‏
من كتاب "جمع الجواهر في المُلـَح والنوادر" للحـُصـْري. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:12 AM

أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف
‏ مرض أبو يوسف مرضًا شديدًا، فعاده أستاذه أبو حنيفة مرارًا. فلما صار إليه آخر مرة، رآه ثقيلاً، فاسترجع، ثم قال: لقد كنتُ أُؤَمّله بعدي للمسلمين، ولئن أُصيبَ الناسُ به ليموتَنّ علمٌ كثير. ‏ ‏ ثم رُزق أبو يوسف العافية، وخرج من العِلَّة. فلما أُخبِر بقول أبي حنيفة فيه، ارتفعت نفسُه، وانصرفت وجوه الناس إليه، فعقد لنفسه مجلسـًا في الفقه، وقصـَّر عن لُزوم مجلس أبي حنيفة. ‏ ‏ وسأل أبو حنيفة عنه فأُخبر أنه عقد لنفسه مجلسًا بعد أن بلغه كلام أستاذه فيه. فدعا أبو حنيفة رجلاً وقال له: ‏ صـِرْ إلى مجلس أبي يوسف، فقل له: ما تقول في رجل دفع إلى قَصَّار ثوبًا ليصبغه بدرهم، فصار إليه بعد أيام في طلب الثوب، فقال له القصار: ما لك عندي شيء، وأنكره. ثم إن صاحب الثوب رجع إليه، فدفع إليه الثوب مصبوغًا، أَلَه أجرُه؟ فإن قال أبو يوسف: له أجره، فقل له: أخطأت. وإن قال: لا أجرَ له فقل له: أخطأت! ‏ ‏ فصار الرجل إلى أبي يوسف وسأله، فقال أبو يوسف: ‏ ‏ له الأجرة. ‏ ‏ قال الرجل: أخطأت. ‏ ‏ ففكر ساعة، ثم قال: ‏ ‏ لا أجرة له. ‏ ‏ فقال له: أخطأت! ‏ ‏ فقام أبو يوسف من ساعته، فأتى أبا حنيفة. فقال له: ‏ ‏ ما جاء بك إلا مسألةُ القصَّار. ‏ ‏ قال: أجل. ‏ ‏ فقال أبو حنيفة: ‏ ‏ سبحان اللّه! من قعد يُفتي الناس، وعقد مجلسًا يتكلم في دين اللّه، لا يُحسن أن يجيب في مسألة من الإجارات؟! ‏ ‏ فقال: ‏ ‏ يا أبا حنيفة، علِّمني. ‏ ‏ فقال: ‏ ‏ إنْ صبغه القصار بعدما غَصَبه فلا أجرة له، لأنه صبغ لنفسه، وإن كان صبغه قبل أن يغصبه، فله الأجرة، لأنه صبغه لصاحبه. ‏ ‏ ثم قال: مَن ظن أن يستغني عن التعلُّم فَلْيَبكِ على نفسه. ‏
من كتاب "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:13 AM

أتدري بماذا غفرتُ لك؟
‏ يروى أن بعض أصحاب الشبلي رآه في النوم بعد موته، فقال له: ‏ ‏ ماذا فعل الله بك؟ ‏ ‏ قال الشبلي: ‏ ‏ أوقفني الله بين يديه وقال: يا أبا بكر، أتدري بماذا غفرت لك؟ ‏ ‏ قلت: بصالح عملي؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قلت: بإخلاصي في عبوديتي؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قلت: بحجي وصومي وصلاتي؟ ‏ ‏ قال: لا. لم أغفر لك بذلك. ‏ ‏ قلت: بهجرتي إلى الصالحين و إدامة أسفاري في طلب العلوم؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قلت: فهذه يا رب هي المنجيات التي كنت أعقد عليها خنصري وظني أنك تعفو عني وترحمني. ‏ ‏ قال: كل هذه لم أغفر لك بها. ‏ ‏ قلت: فَبِمَ يا رب؟ ‏ ‏ قال: أتذكر حين كنت تمشي في دروب بغداد، فوجدت هرة صغيرة قد أضعفها البرد، وهي تنزوي من جدار إلى جدار من شدة البرد والثلج، فأخذتها رحمة لها، وأدخلتها في فروٍ كان عليك وقاية لها؟ ‏ ‏ قلت: نعم! ‏ ‏ قال: برحمتك لتلك الهرة رحمتك. ‏
من كتاب "تاريخ دمشق" لابن عساكر.‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:14 AM

أتـدري مـا الدّرهـم؟
‏ قال سلم بن أبي المعافى: ‏ ‏ كان أبي شديد البخل. وكان إلى جنب داره مزرعة فيها قـِثـّاء. وقد حدث وأنا صبيّ أن جاءني صـِبيان أقران لي، فطلبت من أبي أن يهب لي درهمـًا أشتري لهم به قثاء. فقال لي: ‎ ‏ ‏‏ أتعرف حال الدرهم؟ كان في حجر في جبل، فضـُرب بالمعاول حتى استـُخرج، ثم طـُحن، ثم أُدْخـِل القـِدْرَ وصـُبَّ عليه الماء، وجـُمع بالزئبق، ثم صـُفـّي من رَقّ، ثم أدخلَ النار فسـُبك، ثم أخرج فضـُرب، وكـُتب في أحد شـِقـَّيه: لا إله إلا الله، وفي الآخر: محمد رسول الله. ثم حـُمل إلى أمير المؤمنين، فأمر بإدخاله بيت ماله ووكـّل به من يحرسه... ‎ وأنت والله أقبح من قـِرد، هوّنت الدرهم وهو طابع الله في أرضه. هو ويحك عـُشر العشرة، والعشرة عـُشر المائة، والمائة عشر الألف، والألف عشر دِية المسلم.. ألا ترى كيف انتهى الدرهم الذي هوّنتـَه؟ وهـَل بيوت الأموال إلا درهم على درهم؟ ‏
من كتاب "نهاية الأرب" للنويري


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:14 AM

أَتَعْرِفـُني؟
‏ خرج الحجاج يوماً إلى ظاهر الكوفة منفردا، فرأى رجلاً أعرابياً فقال له:‏ ‏ ما تقول في أميركم؟ ‏ ‏ قال: الحجاج؟‏ ‏ قال: نعم.‏ ‏ قال الأعرابي: عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين!‏ ‏ فقال الحجاج: أتعرفني؟ ‏ ‏ قال: لا.‏ ‏ قال: أنا الحجاج.‏ ‏ فقال الأعرابي: وأنت، أتعرفني؟ ‏ ‏ قال: لا.‏ ‏ قال: أنا مولى بني عامر، أُجَنُّ في كل شهر ثلاثة أيام، وهذا اليوم هو أَشَدُّها!‏ ‏ فضحك الحجاج من قوله وتركه. ‏
من كتاب "سرح العيون" لابن نُباتة. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:14 AM

أتهـزأ بـي؟
بينما النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف، إذ سمع أعرابياً يقول:‏ ‏ يا كريم، فقال النبي خلفه: يا كريم، فمضى الأعرابي إلى جهة الميزاب وقال:‏ ‏ يا كريم، فقال النبي خلفه:‏ ‏ يا كريم، فالتفت الأعرابي إلى النبي وقال:‏ ‏ يا صبيح الوجه، يا رشيق القد، أتهزأ بي لكوني أعرابياً؟ والله لولا صباحة وجهك، ورشاقة قدك، لشكوتك إلى حبيبي، محمد صلى الله عليه وسلم، فتبسم النبي وقال:‏ ‏ أما تعرف نبيك يا أخا العرب، فقال الأعرابي:‏ ‏ لا، فقال النبي:‏ ‏ فما إيمانك به، فقال:‏ ‏ آمنت بنبوته ولم أره، وصدَّقت برسالته ولم ألقه، فقال النبي:‏ ‏ يا أعرابي، اعلم أني نبيك في الدنيا وشفيعك في الآخرة، فأقبل الأعرابي يقبـِّل يد النبي، فقال النبي:‏ ‏ مه يا أخا العرب، لا تفعل بي كما تفعل الأعاجم بملوكها، فإن الله سبحانه وتعالى بعثني لا متكبراً ولا متجبراً، بل بعثني بالحق بشيراً ونذيراً، فهبط جبريل على النبي وقال له:‏ ‏ يا محمد، السلام يقرئك السلام، ويخصك بالتحية والإكرام، ويقول لك:‏ ‏ قل للأعرابي، لا يغرَّنه حلمنا ولا كرمنا، فغداً نحاسبه على القليل والكثير، والفتيل والقـِطمير، فقال الأعرابي:‏ ‏ أو يحاسبني ربي يا رسول الله؟ قال:‏ ‏ نعم يحاسبك إن شاء، فقال الأعرابي:‏ ‏ وعزته وجلاله، إن حاسبني لأحاسبنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:‏ ‏ وعلى ماذا تحاسب ربك يا أخا العرب؟ فقال الأعرابي:‏ ‏ إن حاسبني ربي على ذنبي حاسبته على مغفرته، وإن حاسبني على معصيتي، حاسبته على عفوه، وإن حاسبني على بخلي حاسبته على كرمه، فبكى النبي حتى ابتلت لحيته، فهبط جبريل على النبي وقال:‏ ‏ يا محمد، السلام يقرئك السلام، ويقول لك:‏ ‏ يا محمد قلـّل من بكائك فقد ألهيت حملة العرش عن تسبيحهم، قل لأخيك الأعرابي لا يحاسبنا ولا نحاسبه فإنه رفيقك في الجنة.

صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:15 AM

أُجـرة الحمـار
حكم القاضي بمصر بإفلاس رجلٍ كَثُرت ديونُه، فأركبه حماراً وطوَّف به في البلد ليحترز الناس من معاملته بعد ذلك. ‏ ‏ فلما أُنزِل عن الحمار قال له صاحبُ الحمار:‏ ‏ أين أجرةُ الحمار؟‏ ‏ فقال له: يا أبله، فَفِيم كُنّا طول النهار؟!
من كتاب "الكشكول" لبهاء الدين العاملي.


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:15 AM

أَحْسـَنْتِ!
دخل رجل على ابن شبرمة القاضي ليشهد في قضية. فقال له ابن شبرمة:‏ ‏ لا أقبل شهادتك.‏ ‏ قال: ولِمَ؟ ‏ ‏ قال: بلغني أن جاريةً غَنّت في مجلسٍ كنتَ فيه، فقلتَ لها: أحسنتِ!‏ ‏ قال الرجل:‏ ‏ قلتُ لها ذلك حين ابتدأت أو حين سكتتْ؟‏ ‏ قال: حين سكتت.‏ ‏ قال: إنما استحسنتُ سكوتَها أيها القاضي.‏ ‏ فَقبِلَ شهادته. ‏
من كتاب "الكشكول" لبهاء الدين العاملي. ‏


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:15 AM

أَحْفَظُـهُ لك
قال محمد بن شبيب غلام النظّام:‏ ‏ دخلتُ إلى دار الأمير بالبصرة، وتركت حماري بالفناء. فجاء صبيُّ وأخذ يربت على ظهر الحمار. فقلت له:‏ ‏ دَعْه!‏ ‏ قال: إني أحفظُه لك حتى تعود.‏ ‏ قلت: لا أريد حِفْظَه.‏ ‏ قال: يضيع إذن.‏ ‏ قلت: لا أبالي بضياعه.‏ ‏ قال: إن كنت لا تبالي بضياعه فَهَبْهُ لي.‏ ‏ فما وجدتُ ما أردّ به عليه. ‏
من كتاب "الكشكول" لبهاء الدين العاملي.


صائد الأفكار 5 - 8 - 2011 04:16 AM

أحمد بن طولون والصيّاد
ركب أحمد بن طولون فاجتاز بشاطئ النيل فوجد عنده شيخًا صيادًا عليه ثوب خلق لا يواريه، ومعه صبي في مثل حاله من العُرْي وقد رمى الشبكة في البحر. ‏ ‏ فرثى لهما أحمد بن طولون، وقال لنسيم الخادم: ‏ ‏ يا نسيم، ادفع إلى هذا الصياد عشرين دينارًا. ‏ ‏ ثم رجع ابن طولون عن الجهة التي كان قصدها واجتاز بموضع الصياد فوجده ملقى على الأرض وقد فارق الدنيا والصبي يبكي ويصيح. فظن ابن طولون أن شخصًا قتله وأخذ الدنانير منه. فوقف بنفسه عليه وسأل الصبي عن خبره فقال الصبي: ‏ ‏ هذا الرجل ـ وأشار إلى نسيم الخادم ـ وضع في يد أبي شيئا ومضى، فلم يزل أبي يقلبه من يمينه إلى شماله ومن شماله إلى يمينه حتى سقط ميتًا. ‏ ‏ فقال ابن طولون لغلمانه: فتشوا الشيخ. ‏ ‏ ففتشوه فوجدوا الدنانير معه. وأراد ابن طولون الصبي على أن يقبض دنانير أبيه إليه فأبى، وقال: ‏ ‏ أخاف أن تقتلني كما قتلت أبي. ‏ ‏ فقال أحمد بن طولون لمن معه: ‏ ‏ الحق معه، فالغِنَى يحتاج إلى تدريج وإلا قَتَل صاحبَه. ‏
من كتاب "سيرة أحمد بن طولون" لابن الدَّاية. ‏



الساعة الآن 05:01 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى