منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   سير أعلام النبلاء - محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=4018)

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:26 PM

أم حبيبة أم المؤمنين ( ع )

السيدة المحجبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن [ ص: 219 ] عبد شمس بن عبد مناف بن قصي .

مسندها خمسة وستون حديثا . واتفق لها البخاري ومسلم على حديثين ، وتفرد مسلم بحديثين .

وهي من بنات عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليس في أزواجه من هي أقرب نسبا إليه منها ، ولا في نسائه من هي أكثر صداقا منها ، ولا من تزوج بها وهي نائية الدار أبعد منها .

عقد له صلى الله عليه وسلم عليها بالحبشة ، وأصدقها عنه صاحب الحبشة أربع مائة دينار ، وجهزها بأشياء .

روت عدة أحاديث .

حدث عنها ، أخواها : الخليفة معاوية ، وعنبسة ، وابن أخيها عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان ، وعروة بن الزبير ، وأبو صالح السمان ، وصفية بنت شيبة ، وزينب بنت أبي سلمة ، وشتير بن شكل ، وأبو المليح عامر الهذلي . وآخرون . [ ص: 220 ] وقدمت دمشق زائرة أخاها .

ويقال : قبرها بدمشق . وهذا لا شيء ، بل قبرها بالمدينة . وإنما التي بمقبرة باب الصغير : أم سلمة أسماء بنت يزيد الأنصارية .

قال ابن سعد : ولد أبو سفيان : حنظلة ، المقتول يوم بدر ؛ وأم حبيبة ، توفي عنها زوجها الذي هاجر بها إلى الحبشة : عبيد الله بن جحش بن رياب الأسدي ، مرتدا متنصرا .

عقد عليها للنبي صلى الله عليه وسلم بالحبشة سنة ست ، وكان الولي عثمان بن عفان . كذا قال .

وعن عثمان الأخنسي : أن أم حبيبة ولدت حبيبة بمكة ، قبل هجرة الحبشة .

وعن أبي جعفر الباقر : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية إلى النجاشي يخطب عليه أم حبيبة ، فأصدقها من عنده أربعمائة دينار .

وعن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، وآخر ، قالا : كان الذي زوجها ، وخطب إليه النجاشي : خالد بن سعيد بن العاص بن أمية ، فكان لها يوم قدم بها المدينة بضع وثلاثون سنة .

معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن أم حبيبة : أنها كانت تحت عبيد [ ص: 221 ] الله ، وأن رسول الله تزوجها بالحبشة ، زوجها إياه النجاشي ، ومهرها أربعة آلاف درهم ؛ وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة ، وجهازها كله من عند النجاشي .

ابن لهيعة ، عن الأسود ، عن عروة ، قال : أنكحه إياها بالحبشة عثمان .

ابن سعد : أخبرنا الواقدي : أخبرنا عبد الله بن عمرو بن زهير ، عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد ، قال : قالت أم حبيبة : رأيت في النوم عبيد الله زوجي بأسوأ صورة وأشوهها ؛ ففزعت وقلت : تغيرت والله حاله ! فإذا هو يقول حيث أصبح : إني نظرت في الدين ، فلم أر دينا خيرا من النصرانية ، وكنت قد دنت بها ، ثم دخلت في دين محمد ، وقد رجعت ، فأخبرته بالرؤيا ، فلم يحفل بها ؛ وأكب على الخمر ، قالت : فأريت قائلا يقول : يا أم المؤمنين ، ففزعت ؛ فأولتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوجني . وذكرت القصة بطولها ، وهي منكرة . حسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت قال : نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة .

إسناده صالح ، وسياق الآيات دال عليه . [ ص: 222 ]

وقيل : إن أم حبيبة لما جاء أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليؤكد عقد الهدنة ، دخل عليها ، فمنعته أن يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لمكان الشرك .

وأما ما ورد من طلب أبي سفيان من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه بأم حبيبة ، فما صح . ولكن الحديث في مسلم . وحمله الشارحون على التماس تجديد العقد .

وقيل : بل طلب منه أن يزوجه بابنته الأخرى ، واسمها عزة فوهم راوي الحديث ، وقال : أم حبيبة .

وقد كان لأم حبيبة حرمة وجلالة ، ولا سيما في دولة أخيها ؛ ولمكانه منها قيل له : خال المؤمنين .

قال الواقدي ، وأبو عبيد ، والفسوي : ماتت أم حبيبة سنة أربع وأربعين وقال المفضل الغلابي : سنة اثنتين وأربعين .

وشذ أحمد بن زهير ، فقال : توفيت قبل معاوية بسنة .

الواقدي : أخبرنا عبد الله بن جعفر ، عن عبد الواحد بن أبي عون ، قال : لما بلغ أبا سفيان نكاح النبي صلى الله عليه وسلم ابنته ، قال : ذاك الفحل ، لا يقرع أنفه . [ ص: 223 ]

الواقدي : حدثنا محمد بن عبد الله ، عن الزهري ، قال : لما قدم أبو سفيان المدينة ، والنبي صلى الله عليه وسلم يريد غزو مكة ، فكلمه في أن يزيد في الهدنة ، فلم يقبل عليه ، فقام فدخل على ابنته أم حبيبة ، فلما ذهب ليجلس على فراش النبي صلى الله عليه وسلم ، طوته دونه ، فقال : يا بنية ، أرغبت بهذا الفراش عني ، أم بي عنه ؟ قالت : بل هو فراش رسول الله ، وأنت امرؤ نجس مشرك ، فقال : يا بنية ، لقد أصابك بعدي شر .

قال عطاء : أخبرني ابن شوال : أن أم حبيبة أخبرته : أن رسول الله أمرها أن تنفر من جمع بليل .

الواقدي : حدثني أبو بكر بن أبي سبرة ، عن عبد المجيد بن سهيل ، عن عوف بن الحارث : سمعت عائشة تقول : دعتني أم حبيبة عند موتها ، فقالت : قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر ، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك ، فقلت : غفر الله لك ذلك كله وحللك من ذلك ، فقالت : سررتني سرك الله ، وأرسلت إلى أم سلمة ، فقالت لها مثل ذلك .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:26 PM

أم أيمن ( ق )

الحبشية ، مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحاضنته ورثها من أبيه ، ثم أعتقها [ ص: 224 ] عندما تزوج بخديجة .

وكانت من المهاجرات الأول .

اسمها : بركة . وقد تزوجها عبيد بن الحارث الخزرجي ، فولدت له : أيمن . ولأيمن هجرة وجهاد ، استشهد يوم حنين . ثم تزوجها زيد بن حارثة ليالي بعث النبي صلى الله عليه وسلم ، فولدت له أسامة بن زيد ، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

روي بإسناد واه مرسل : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لأم أيمن : يا أمه ، ويقول : هذه بقية أهل بيتي .

جرير بن حازم : حدثنا عثمان بن القاسم ، قال : لما هاجرت أم أيمن أمست بالمنصرف دون الروحاء ، فعطشت وليس معها ماء وهي صائمة ، وجهدت ، فدلي عليها من السماء دلو من ماء برشاء أبيض ، فشربت ، وكانت تقول : ما أصابني بعد ذلك عطش ، ولقد تعرضت للعطش بالصوم في الهواجر فما عطشت .

قال فضيل بن مرزوق ، عن سفيان بن عقبة ، قال : كانت أم أيمن تلطف النبي صلى الله عليه وسلم وتقوم عليه ، فقال : من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة ، فليتزوج أم أيمن

[ ص: 225 ] قال : فتزوجها زيد .

أبو نعيم : حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن قيس : جاءت أم أيمن ، فقالت : يا رسول الله ، احملني . قال : أحملك على ولد الناقة . قالت : إنه لا يطيقني ، ولا أريده . قال : لا أحملك إلا عليه . يعني : يمازحها .

الواقدي ، عن عائذ بن يحيى ، عن أبي الحويرث : أن أم أيمن قالت يوم حنين : سبت الله أقدامكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اسكتي ، فإنك عسراء اللسان .

وقال أبو جعفر الباقر : دخلت أم أيمن على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : سلام لا عليكم ، فرخص لها أن تقول : السلام .

معتمر بن سليمان ، عن أبيه : حدثنا أنس : إن الرجل كان يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم من ماله النخلات ، حتى فتحت قريظة والنضير ، فجعل يرد . وإن أهلي أمرتني أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان أهله أعطوه . أو بعضه ، وكان النبي أعطى ذاك أم أيمن ، فسألته فأعطانيهن ، فجاءت أم أيمن ، فجعلت الثوب في عنقي ، وجعلت تقول : كلا والله ، لا يعطيكهن ، وقد أعطانيهن ، فقال [ ص: 226 ] النبي صلى الله عليه وسلم : لك كذا ، وتقول : كلا والله . . . وذكر الحديث .

الوليد : حدثنا عبد الرحمن بن نمر ، عن الزهري : حدثني حرملة ، مولى أسامة بن زيد : أنه بينا هو جالس مع ابن عمر ، إذ دخل الحجاج بن أيمن ، فصلى صلاة لم يتم ركوعها ، ولا سجودها ، فدعاه ابن عمر ، وقال : أتحسب أنك قد صليت ؟ إنك لم تصل ، فعد لصلاتك فلما ولى ! قال ابن عمر : من هذا ؟ فقلت : الحجاج بن أيمن بن أم أيمن ، فقال : لو رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأحبه .

حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس : أن أم أيمن بكت حين مات النبي صلى الله عليه وسلم . قيل لها : أتبكين ؟ قالت : والله ، لقد علمت أنه سيموت ؛ ولكني إنما أبكي على الوحي إذ انقطع عنا من السماء .

وروى قيس بن مسلم ، عن طارق قال : لما قتل عمر ، بكت أم أيمن ، [ ص: 227 ] وقالت : اليوم وهي الإسلام . وبكت حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم .

قال الواقدي : ماتت في خلافة عثمان .

ولها في مسند بقي : خمسة أحاديث .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:27 PM

حفصة أم المؤمنين ( ع )

الستر الرفيع ، بنت أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء عدتها من خنيس بن حذافة السهمي أحد المهاجرين ، في سنة ثلاث من الهجرة .

قالت عائشة : هي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم - .

وروي أن مولدها كان قبل المبعث بخمس سنين فعلى هذا يكون دخول النبي صلى الله عليه وسلم بها ولها نحو من عشرين سنة .

روت عنه عدة أحاديث .

روى عنها : أخوها ابن عمر ، وهي أسن منه بست سنين ، وحارثة بن [ ص: 228 ] وهب ، وشتير بن شكل والمطلب بن أبي وداعة ، وعبد الله بن صفوان الجمحي ، وطائفة .

وكانت لما تأيمت ، عرضها أبوها على أبي بكر ، فلم يجبه بشيء ؛ وعرضها على عثمان ، فقال : بدا لي ألا أتزوج اليوم ، فوجد عليهما ، وانكسر ، وشكا حاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يتزوج حفصة من هو خير من عثمان ؛ ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة ، ثم خطبها ، فزوجه عمر .

وزوج رسول الله عثمان بابنته رقية بعد وفاة أختها .

ولما أن زوجها عمر ، لقيه أبو بكر ، فاعتذر ، وقال : لا تجد علي ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد ذكر حفصة ؛ فلم أكن لأفشي سره ، ولو تركها ، لتزوجتها .


وروي : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، طلق حفصة تطليقة ، ثم راجعها بأمر جبريل - عليه السلام - له بذلك ، وقال : إنها صوامة ، قوامة ، وهي زوجتك في الجنة [ ص: 229 ] إسناده صالح . يرويه موسى بن علي بن رباح ، عن أبيه ، عن عقبة بن عامر الجهني .

وحفصة ، وعائشة هما اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فأنزل الله فيهما : إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل الآية .

موسى بن علي بن رباح ، عن أبيه ، عن عقبة ، قال : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة ؛ فبلغ ذلك عمر ، فحثا على رأسه التراب ، وقال : ما يعبأ الله بعمر وابنته ، فنزل جبريل من الغد ، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر رضي الله عنهما .

توفيت حفصة سنة إحدى وأربعين عام الجماعة .

وقيل : توفيت سنة خمس وأربعين بالمدينة وصلى عليها والي المدينة مروان . قاله الواقدي ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سالم . [ ص: 230 ]

ومسندها في كتاب بقي بن مخلد ستون حديثا .

اتفق لها الشيخان على أربعة أحاديث . وانفرد مسلم بستة أحاديث .

ويروى عن عمر : أن حفصة ولدت إذ قريش تبني البيت .

وقيل : بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة ثلاث .

قال الواقدي : حدثني علي بن مسلم ، عن أبيه : رأيت مروان فيمن حمل سرير حفصة ؛ وحملها أبو هريرة من دار المغيرة إلى قبرها .

حماد بن سلمة : أخبرنا أبو عمران الجوني ، عن قيس بن زيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، طلق حفصة ؛ فدخل عليها خالاها : قدامة ، وعثمان ؛ فبكت ، وقالت : والله ما طلقني عن شبع . وجاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : قال [ ص: 231 ] لي جبريل : راجع حفصة فإنها صوامة ، قوامة ، وإنها زوجتك في الجنة .

وروى نحوه من كلام جبريل الحسن بن أبي جعفر ، عن ثابت ، عن أنس ، مرفوعا .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:28 PM

صفية أم المؤمنين ( ع )

بنت حيي بن أخطب بن سعية ، من سبط اللاوي بن نبي الله إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم - عليهم السلام . ثم من ذرية رسول الله هارون - عليه السلام .

تزوجها قبل إسلامها : سلام بن أبي الحقيق ، ثم خلف عليها كنانة بن أبي الحقيق ، وكانا من شعراء اليهود ، فقتل كنانة يوم خيبر عنها ، وسبيت ، وصارت في سهم دحية الكلبي ؛ فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم عنها ؛ وأنها لا ينبغي أن [ ص: 232 ] تكون إلا لك ، فأخذها من دحية ، وعوضه عنها سبعة أرؤس .

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لما طهرت ، تزوجها ، وجعل عتقها صداقها .

حدث عنها : علي بن الحسين ، وإسحاق بن عبد الله بن الحارث ، وكنانة مولاها ، وآخرون .

وكانت شريفة عاقلة ، ذات حسب ، وجمال ، ودين رضي الله عنها .

قال أبو عمر بن عبد البر : روينا أن جارية لصفية أتت عمر بن الخطاب ، فقالت : إن صفية تحب السبت ، وتصل اليهود ، فبعث عمر يسألها ، فقالت : أما السبت ، فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة ؛ وأما اليهود ، فإن لي فيهم رحما ، فأنا أصلها ، ثم قالت للجارية : ما حملك على [ ص: 233 ] ما صنعت ؟ قالت : الشيطان : قالت : فاذهبي ، فأنت حرة .

وقد مر في المغازي : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بها ، وصنعتها له أم سليم ، وركبها وراءه على البعير ، وحجبها ، وأولم عليها ، وأن البعير تعس بهما ، ‌‌‌فوقعا ، وسلمهما الله - تعالى .

وفي جامع أبي عيسى ، من طريق هاشم بن سعيد الكوفي : حدثنا كنانة : حدثتنا صفية بنت حيي ، قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغني عن عائشة وحفصة كلام ، فذكرت له ذلك ، فقال : ألا قلت : وكيف تكونان خيرا مني ، وزوجي محمد ، وأبي هارون ، وعمي موسى وكان بلغها ، أنهما قالتا : نحن أكرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، منها ، نحن أزواجه ، وبنات عمه .

قال ثابت البناني : حدثتني سمية - أو شميسة - عن صفية بنت حيي : أن النبي صلى الله عليه وسلم حج بنسائه ، فبرك بصفية جملها ؛ فبكت ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أخبروه ، فجعل يمسح دموعها بيده ، وهي تبكي ، وهو ينهاها ، فنزل [ ص: 234 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس ؛ فلما كان عند الرواح ، قال لزينب بنت جحش : أفقري أختك جملا - وكانت من أكثرهن ظهرا - فقالت : أنا أفقر يهوديتك ! .

فغضب صلى الله عليه وسلم ، فلم يكلمها ، حتى رجع إلى المدينة ، ومحرم وصفر ؛ فلم يأتها ، ولم يقسم لها ، ويئست منه .

فلما كان ربيع الأول دخل عليها ؛ فلما رأته ، قالت : يا رسول الله ، ما أصنع ؟ قال : وكانت لها جارية تخبؤها من رسول الله ، فقالت : هي لك . قال : فمشى النبي صلى الله عليه وسلم إلى سريرها ، وكان قد رفع ، فوضعه بيده ، ورضي عن أهله
.

الحسين بن الحسن : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مالك بن مالك ، عن صفية بنت حيي ، قالت : قلت : يا رسول الله ، ليس من نسائك أحد إلا ولها عشيرة ؛ فإن حدث بك حدث ، فإلى من ألجأ ؟ قال : إلى علي رضي الله عنه .

هذا غريب . [ ص: 235 ]

قيل : توفيت سنة ست وثلاثين وقيل : توفيت سنة خمسين .

وكانت صفية ذات حلم ، ووقار .

معن ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم : أن نبي الله في وجعه الذي توفي فيه ، قالت صفية بنت حيي : والله يا نبي الله لوددت أن الذي بك بي ، فغمزها أزواجه ؛ فأبصرهن ، فقال : مضمضن . قلن : من أي شيء ؟ قال : من تغامزكن بها ، والله إنها لصادقة .

سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال ، قال : قالت صفية : رأيت كأني ، وهذا الذي يزعم أن الله أرسله ، وملك يسترنا بجناحيه . قال : فردوا عليها رؤياها ، وقالوا لها في ذلك قولا شديدا .

حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : أخذ النبي صلى الله عليه وسلم صفية من دحية بسبعة أرؤس ، ودفعها إلى أم سليم ، حتى تهيئها ، وتصنعها ، وتعتد عندها ، فكانت وليمته : السمن ، والأقط ، والتمر ؛ وفحصت الأرض أفاحيص ، فجعل فيها الأنطاع ، ثم جعل ذلك فيها . [ ص: 236 ]

عبد العزيز بن المختار ، عن يحيى بن أبي إسحاق ، قال لي أنس : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبو طلحة ، وصفية رديفته ، فعثرت الناقة ، فصرع ، وصرعت ، فاقتحم أبو طلحة عن راحلته ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقال : يا نبي الله ، هل ضرك شيء ؟ قال : لا ، عليك بالمرأة ، فألقى أبو طلحة ثوبه على وجهه ، وقصد نحوها ، فنبذ الثوب عليها ، فقامت ، فشدها على راحلته ؛ فركبت ، وركب النبي صلى الله عليه وسلم - .

ابن جريج ، عن زياد بن إسماعيل ، عن سليمان بن عتيق ، عن جابر : أن صفية لما أدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فسطاطه ، حضرنا ، فقال : قوموا عن أمكم ، فلما كان العشي حضرنا ، ونحن نرى أن ثم قسما ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي طرف ردائه نحو من مد ونصف من تمر عجوة ، فقال : كلوا من وليمة أمكم .

زياد ضعيف .

أحمد بن محمد الأ‌‍زرقي : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال ، عن ابن عمر ، قال : لما اجتلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية ، رأى عائشة متنقبة في وسط النساء ، فعرفها ، فأدركها ، فأخذ بثوبها ، فقال : يا شقيراء ، كيف [ ص: 237 ] رأيت ؟ قالت : رأيت يهودية بين يهوديات .

وعن عطاء بن يسار ، قال : لما قدم رسول الله من خيبر ، ومعه صفية ، أنزلها ، فسمع بجمالها نساء الأنصار ، فجئن ينظرن إليها ، وكانت عائشة متنقبة حتى دخلت ، فعرفها ، فلما خرجت ، خرج ، فقال : كيف رأيت ؟ قالت : رأيت يهودية . قال : لا تقولي هذا ، فقد أسلمت .

مخرمة بن بكير ، عن أبيه ، عن ابن المسيب ، قال : قدمت صفية ، وفي أذنيها خرصة من ذهب ، فوهبت لفاطمة منه ، ولنساء معها .

الحسن بن موسى الأشيب : حدثنا زهير : حدثنا كنانة ، قال : كنت أقود بصفية لترد عن عثمان ، فلقيها الأشتر ، فضرب وجه بغلتها حتى مالت ؛ فقالت : ذروني ، لا يفضحني هذا ! ثم وضعت خشبا من منزلها إلى منزل عثمان ، تنقل عليه الماء والطعام .

الواقدي : حدثنا محمد بن موسى ، عن عمارة بن المهاجر ، عن آمنة بنت قيس الغفارية ، قالت : أنا إحدى النساء اللائي زففن صفية يوم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسمعتها تقول : ما بلغت سبع عشرة سنة يوم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 238 ]

وقبرها بالبقيع .

وقد أوصت بثلثها لأخ لها يهودي ، وكان ثلاثين ألفا .

ورد لها من الحديث عشرة أحاديث ، منها واحد متفق عليه .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:29 PM

ميمونة أم المؤمنين ( ع )

بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة ، الهلالية .

زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأخت أم الفضل زوجة العباس ، وخالة خالد بن الوليد ، وخالة ابن عباس . [ ص: 239 ]

تزوجها - أولا - مسعود بن عمرو الثقفي قبيل الإسلام ، ففارقها . وتزوجها أبو رهم بن عبد العزى ، فمات ، فتزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم في وقت فراغه من عمرة القضاء سنة سبع في ذي القعدة ، وبنى بها بسرف - أظنه المكان المعروف بأبي عروة . وكانت من سادات النساء . روت عدة أحاديث .

حدث عنها ابن عباس ، وابن أختها الآخر : عبد الله بن شداد بن الهاد ، وعبيد بن السباق ، [ وعبد الرحمن بن السائب الهلالي ] وابن أختها الرابع : يزيد بن الأصم ، وكريب مولى ابن عباس ، ومولاها سليمان بن يسار ، وأخوه : عطاء بن يسار . وآخرون .

قال ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمر : حدثني إبراهيم بن محمد بن موسى ، عن الفضيل بن أبي عبد الله ، عن علي بن عبد الله بن عباس ، قال : لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى مكة عام القضية بعث أوس بن خولي وأبا رافع إلى العباس ؛ فزوجه بميمونة ، فأضلا بعيريهما ؛ فأقاما أياما ببطن رابغ ، حتى أدركهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بقديد ، وقد ضما بعيريهما ، فسارا معه ، حتى قدم مكة ، فأرسل إلى العباس ، فذكر ذلك له ، وجعلت ميمونة أمرها إلى النبي صلى الله عليه وسلم كذا قال . وصوابه : إلى العباس فخطبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه . [ ص: 240 ]

‎وروي عن عكرمة ، عن ابن عباس : أنها جعلت أمرها لما خطبها النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس ؛ فزوجها .

مالك ، عن ربيعة ، عن سليمان بن يسار ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع ، ورجلا من الأنصار ، فزوجاه ميمونة ، قبل أن يخرج من المدينة .

قال عبد الكريم الجزري ، عن ميمون بن مهران : دخلت على صفية بنت شيبة ، عجوز كبيرة ، فسألتها : أتزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة ، وهو محرم ، قالت : لا ، والله لقد تزوجها وإنهما لحلالان .

أيوب ، عن يزيد بن الأصم ، قال : خطبها ، وهو حلال ، وبنى بها ، وهو حلال .

جرير بن حازم : حدثنا أبو فزارة ، عن يزيد بن الأصم ، عن أبي رافع أن رسول الله تزوج ميمونة حلالا ، وبنى بها حلالا بسرف .
[ ص: 241 ]

حماد بن زيد ، عن مطر الوراق عن ربيعة ، عن سليمان بن يسار ، عن أبي رافع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالا ، وكنت الرسول بينهما .

الواقدي : حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن يزيد بن الأصم ، عن ابن عباس ، قال : تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو حلال . هذا منكر . والواقدي متروك . والثابت عن ابن عباس خلافه ، فقال ابن جريج ، عن عطاء ، عنه : إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم .

وقال أيوب وهشام ، عن عكرمة ، عنه كذلك .

وقال عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عنه مثله .

وعمرو بن دينار ، عن أبي الشعثاء ، عنه نحوه .

فهذا متواتر عنه . [ ص: 242 ]

والأنصاري ، عن حبيب بن الشهيد : سمع ميمون بن مهران ، عنه مثله .

وروى زكريا بن أبي زائدة ، وعبد الله بن أبي السفر ، عن الشعبي : أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة ، وهو محرم .

جرير ، عن منصور ، عن مجاهد - مرسلا - مثله .

رباح بن أبي معروف ، عن عطاء ، عن ابن عباس - مرفوعا - مثله . وفيه : وكان ابن عباس لا يرى بذلك بأسا .

وبعض من رأى صحة خبر ابن عباس ، عد الجواز خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم .

وجود هذا الباب ابن سعد ، ثم قال : أخبرنا أبو نعيم : حدثنا جعفر بن برقان ، عن ميمون ، قال : كنت جالسا عند عطاء ، فجاءه رجل فقال : هل يتزوج المحرم ؟ قال : ما حرم الله النكاح منذ أحله ، فقلت : إن عمر بن عبد العزيز كتب إلي - وميمون يومئذ على الجزيرة - : أن سل يزيد بن الأصم : أكان تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم تزوج ميمونة حلالا ، أو حراما ؟ .

فقال يزيد : تزوجها ، وهو حلال .

وكانت ميمونة خالة يزيد .

الواقدي : حدثنا ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن عكرمة : أن ميمونة [ ص: 243 ] وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم .

قال مجاهد : كان اسمها برة ، فسماها رسول الله : ميمونة .

وروى بكير بن الأشج ، عن عبيد الله الخولاني : أنه رأى ميمونة تصلي في درع سابغ ، لا إزار عليها .

حماد بن زيد ، عن أبي فزارة ، عن يزيد بن الأصم : أن ميمونة حلقت رأسها في إحرامها ، فماتت ، ورأسها محمم .

كثير بن هشام : حدثنا جعفر بن برقان : حدثنا يزيد بن الأصم ، قال : تلقيت عائشة ، وهي مقبلة من مكة ، أنا وابن أختها ولد لطلحة ، وقد كنا وقعنا في حائط بالمدينة فأصبنا منه فبلغها ذلك ؛ فأقبلت على ابن أختها تلومه ؛ ثم وعظتني موعظة بليغة ، ثم قالت : أما علمت أن الله ساقك حتى [ ص: 244 ] جعلك في بيت نبيه ؛ ذهبت والله ميمونة ، ورمي بحبلك على غاربك ! أما إنها كانت من أتقانا لله ، وأوصلنا للرحم .

وبه أنبأنا يزيد : أن ذا قرابة لميمونة دخل عليها ، فوجدت منه ريح شراب ، فقالت : لئن لم تخرج إلى المسلمين ، فيجلدوك ، لا تدخل علي أبدا .

إبراهيم بن عقبة ، عن كريب : بعثني ابن عباس أقود بعير ميمونة ، فلم أزل أسمعها تهل ، حتى رمت الجمرة .

أبو نعيم : حدثنا عقبة بن وهب : أخبرنا يزيد بن الأصم : رأيت ميمونة تحلق رأسها . [ ص: 245 ]

جرير بن حازم ، عن أبي فزارة ، عن يزيد بن الأصم ، قال : دفنا ميمونة بسرف في الظلة التي بنى بها فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كانت حلقت في الحج . نزلت في قبرها ، أنا وابن عباس .

وعن عطاء : توفيت ميمونة بسرف ، فخرجت مع ابن عباس إليها ، فقال : إذا رفعتم نعشها ، فلا تزلزلوها ، ولا تزعزعوها .

وقيل : توفيت بمكة ، فحملت على الأعناق بأمر ابن عباس إلى سرف ، وقال : ارفقوا بها ؛ فإنها أمكم .

قال الواقدي : ماتت في خلافة يزيد سنة إحدى وستين ولها ثمانون سنة .

قلت : لم تبق إلى هذا الوقت ، فقد ماتت قبل عائشة . وقد مر قول عائشة : ذهبت ميمونة . . .

وقال خليفة : توفيت سنة إحدى وخمسين رضي الله عنها .

روي لها سبعة أحاديث في " الصحيحين " ، وانفرد لها البخاري بحديث . ومسلم بخمسة . وجميع ما روت ثلاثة عشر حديثا .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:30 PM

زينب بنت رسول الله

صلى الله عليه وسلم وأكبر أخواتها من المهاجرات السيدات .

تزوجها في حياة أمها ابن خالتها أبو العاص ؛ فولدت له : أمامة التي تزوج بها علي بن أبي طالب بعد فاطمة ، وولدت له : علي بن أبي العاص ، الذي يقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه وراءه يوم الفتح ، وأظنه مات صبيا .

وذكر ابن سعد : أن أبا العاص تزوج بزينب قبل النبوة . وهذا بعيد . أسلمت زينب ، وهاجرت قبل إسلام زوجها بست سنين .

فروي عن عائشة ، بإسناد واه : أن أبا العاص شهد بدرا مشركا ، فأسره عبد الله بن جبير الأنصاري ؛ فلما بعث أهل مكة في فداء أساراهم ، جاء في فداء أبي العاص أخوه عمرو ، وبعثت معه زينب بقلادة لها من جزع ظفار - أدخلتها بها خديجة - في فداء زوجها ؛ فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم القلادة عرفها ، ورق لها ، وقال : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها فعلتم ؟ قالوا : نعم ، فأخذ عليه العهد أن يخلي سبيلها إليه ، ففعل

[ ص: 247 ] وقيل : هاجرت مع أبيها ، ولم يصح .

البزار : حدثنا سهل بن بحر : حدثنا الحسن بن الربيع : حدثنا ابن المبارك ، عن ابن لهيعة : أخبرنا بكير بن الأشج ، عن سليمان بن يسار ، عن أبي هريرة : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية ، وكنت فيهم ، فقال : إن لقيتم هبار بن الأسود ؛ ونافع بن عبد عمرو ، فأحرقوهما ، وكانا نخسا بزينب بنت رسول الله حين خرجت ، فلم تزل ضبنة حتى ماتت .

ثم قال : إن لقيتموهما ، فاقتلوهما ؛ فإنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله
. [ ص: 248 ]

ابن إسحاق ، عن يزيد بن رومان ، قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس الصبح ، فلما قام في الصلاة ، نادت زينب : إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع ، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم . قال : ما علمت بهذا ؛ وإنه يجير على الناس أدناهم .

قال الشعبي : أسلمت زينب ، وهاجرت ، ثم أسلم بعد ذلك ، وما فرق بينهما .

وكذا قال قتادة ، وقال : ثم أنزلت " براءة " بعد ، فإذا أسلمت امرأة قبل زوجها ؛ فلا سبيل له عليها ، إلا بخطبة .

وروى حجاج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن النبي صلى الله عليه وسلم رد ابنته على أبي العاص بنكاح جديد ، ومهر جديد [ ص: 249 ]

وقال ابن إسحاق ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ابنته إلى أبي العاص بعد سنين بنكاحها الأول ، ولم يحدث صداقا .

وعن محمد بن إبراهيم التيمي ، قال : خرج أبو العاص إلى الشام في عير لقريش ؛ فانتدب لها زيد في سبعين ومائة راكب ؛ فلقوا العير في سنة ست ، فأخذوها ، وأسروا أناسا ، منهم أبو العاص ، فدخل على زينب سحرا ، فأجارته ، ثم سألت أباها ، أن يرد عليه متاعه ، ففعل ، وأمرها ألا يقربها ما دام مشركا ، فرجع إلى مكة ، فأدى إلى كل ذي حق حقه ؛ ثم رجع مسلما مهاجرا في المحرم سنة سبع ، فرد عليه زينب بذاك النكاح الأول . [ ص: 250 ] الزهري ، عن أنس : رأيت على زينب بنت رسول الله برد سيراء من حرير .

توفيت في أول سنة ثمان .

عاصم الأحول ، عن حفصة ، عن أم عطية ، قالت : لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : اغسلنها وترا ، ثلاثا ، أو خمسا ؛ واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور ؛ فإذا غسلتنها ، فأعلمنني ، فلما غسلناها ، أعطانا حقوه ، فقال : أشعرنها إياه .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:32 PM

رقية

بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمها خديجة . [ ص: 251 ]

قال ابن سعد : تزوجها عتبة بن أبي لهب قبل النبوة .

كذا قال ، وصوابه : قبل الهجرة .

فلما أنزلت تبت يدا أبي لهب قال أبوه : رأسي من رأسك حرام ، إن لم تطلق بنته ، ففارقها قبل الدخول .

وأسلمت مع أمها ، وأخواتها . ثم تزوجها عثمان .

قال ابن سعد : هاجرت معه إلى الحبشة ، الهجرتين جميعا .

قال عليه السلام : إنهما لأول من هاجر إلى الله بعد لوط .

وولدت من عثمان عبد الله ، وبه كان يكنى ، وبلغ ست سنين ، فنقره ديك في وجهه ، فطمر وجهه ، فمات .

ثم هاجرت إلى المدينة بعد عثمان ، ومرضت قبيل بدر ، فخلف النبي صلى الله عليه وسلم عليها عثمان ؛ فتوفيت ، والمسلمون ببدر .

فأما رواية ابن سعد : أخبرنا عفان : حدثنا حماد : أخبرنا علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس ، قال : لما ماتت رقية بنت رسول الله ، قال : الحقي بسلفنا عثمان بن مظعون ، فبكت النساء عليها ؛ فجعل عمر يضربهن بسوطه ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده ، وقال : دعهن يبكين ، ثم [ ص: 252 ] قال : ابكين ، وإياكن ونعيق الشيطان ؛ فإنه مهما يكن من القلب والعين فمن الله والرحمة ، ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان ، فقعدت فاطمة على شفير القبر إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت تبكي ؛ فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الدمع عن عينها بطرف ثوبه .

قلت : هذا منكر .

وقال ابن سعد : ذكرته لمحمد بن عمر ، فقال : الثبت عندنا من جميع الرواية : أن رقية توفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر فلعل هذا في غير رقية ، أو لعله أتى قبرها بعد بدر زائرا .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:36 PM

أم كلثوم بنت رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، البضعة الرابعة النبوية .

يقال ، تزوجها عتيبة بن أبي لهب ، ثم فارقها .

وأسلمت ، وهاجرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما توفيت أختها رقية تزوج بها عثمان - وهي بكر - في ربيع الأول سنة ثلاث ، فلم تلد له . [ ص: 253 ] وتوفيت في شعبان سنة تسع فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو كن عشرا لزوجتهن عثمان حكاه ابن سعد .

وروى صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن أنس : أنه رأى على أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء .

الواقدي : حدثنا فليح ، عن هلال بن أسامة ، عن أنس : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جالسا على قبرها - يعني أم كلثوم - وعيناه تدمعان ، فقال : فيكم أحد لم يقارف الليلة ؟ فقال أبو طلحة : أنا ، قال : انزل .

زوجاته صلى الله عليه وسلم

قال الزهري : تزوج نبي الله صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة عربية محصنات . [ ص: 254 ]

وعن قتادة قال : تزوج خمس عشرة امرأة : ست من قريش . وواحدة من حلفاء قريش ، وسبعة من نساء العرب . وواحدة من بني إسرائيل .

قال أبو عبيد : ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ثماني عشرة امرأة : سبع من قريش ، وواحدة من حلفائهم . وتسع من سائر العرب . وواحدة من نساء بني إسرائيل .

فأولهن : خديجة ، ثم سودة ، ثم عائشة ، ثم أم سلمة ، ثم حفصة ، ثم زينب بنت جحش ، ثم جويرية ، ثم أم حبيبة ، ثم صفية ، ثم ميمونة ، ثم فاطمة بنت شريح . ثم تزوج زينب بنت خزيمة ، ثم هند بنت يزيد ، ثم أسماء بنت النعمان ، ثم قتيلة أخت الأشعث ، ثم سنا بنت أسماء السلمية . زوجاته صلى الله عليه وسلم

قال الزهري : تزوج نبي الله صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة عربية محصنات . [ ص: 254 ]

وعن قتادة قال : تزوج خمس عشرة امرأة : ست من قريش . وواحدة من حلفاء قريش ، وسبعة من نساء العرب . وواحدة من بني إسرائيل .

قال أبو عبيد : ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ثماني عشرة امرأة : سبع من قريش ، وواحدة من حلفائهم . وتسع من سائر العرب . وواحدة من نساء بني إسرائيل .

فأولهن : خديجة ، ثم سودة ، ثم عائشة ، ثم أم سلمة ، ثم حفصة ، ثم زينب بنت جحش ، ثم جويرية ، ثم أم حبيبة ، ثم صفية ، ثم ميمونة ، ثم فاطمة بنت شريح . ثم تزوج زينب بنت خزيمة ، ثم هند بنت يزيد ، ثم أسماء بنت النعمان ، ثم قتيلة أخت الأشعث ، ثم سنا بنت أسماء السلمية .
العالية

قال الزهري : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم العالية ، امرأة من بني بكر بن كلاب .

ولأبي معاوية ، عن جميل بن زيد - واه - عن زيد بن كعب بن عجرة ، عن أبيه ، قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم العالية ، من بني غفار ؛ فأدخلت ، فرأى بكشحها بياضا ، فقال : البسي ثيابك ، والحقي بأهلك ، وأمر لها بالصداق .


أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:39 PM

أسماء

قيل : هي أسماء بنت كعب الجونية .

كذا سماها ابن إسحاق ، وقال : لم يدخل بها النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى طلقها .

وقال الزهري : تزوج أخت بني الجون الكندي ، فاستعاذت منه ، فقال : لقد عذت معاذا ، الحقي بأهلك .

وقيل : بل هي أسماء بنت النعمان الغفارية .

وعن قتادة ، قال : وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل اليمن : أسماء بنت النعمان الغفارية ؛ فلما دخل بها ، دعاها ، فقالت : تعال أنت ، فطلقها ، وتزوج أم شريك .

أم شريك

امرأة أنصارية . النجارية . [ ص: 256 ]

عن قتادة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إني أحب أن أتزوج في الأنصار ؛ ثم إني أكره غيرتهن قال : فلم يدخل بها .

نعم ، وروى عروة بن الزبير ، عن أم شريك : أنها كانت فيمن وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم .
سناء

قال أبو عبيد القاسم بن سلام : وزعم حفص بن النضر السلمي ، وعبد القاهر بن السري : أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج سناء بنت أسماء بن الصلت السلمية ؛ فماتت قبل أن يدخل بها .

وقيل : سناء بنت سفيان الكلابية .
الكلابية

قال الواقدي : قال بعضهم : هي فاطمة بنت الضحاك بن سفيان .

وقيل : عمرة بنت زيد .

وقيل : هي العالية بنت ظبيان . [ ص: 257 ]

وقيل : سناء بنت سفيان .

وقال بعضهم : هي كلابية واحدة ؛ وإنما اختلف في اسمها .

وقال بعضهم : بل كن جماعة .

نقل ذلك الحاكم في أمهات المؤمنين من " مستدركه " .

ابن أخي الزهري ، عن عمه ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلابية ، فلما دخلت عليه ، ودنا منها ، قالت : إني أعوذ بالله منك . قال : لقد عذت بعظيم ، الحقي بأهلك .

وقال ابن إسحاق : تزوج عمرة بنت زيد الكلابية ، وما دخل بها .

وقال ابن شهاب : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم العالية بنت ظبيان ؛ فنكحها ابن عم لها ؛ فولدت له .

وقيل : الكلابية : عمرة بنت حزن ، التي تعوذت .



أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:43 PM

الكندية

قال عبد الله بن محمد بن عقيل : نكح رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من كندة . وهي الشقية التي سألته أن يفارقها ، ويردها إلى قومها ، ففعل . [ ص: 258 ]

رواه عنه عبيد الله بن عمرو .

وروى الواقدي : حدثنا محمد بن يعقوب بن عتبة ، عن عبد الواحد بن أبي عون : أن النعمان بن أبي الجون الكندي قدم مسلما ، فقال : يا رسول الله ، ألا أزوجك أجمل أيم في العرب ، وقد رغبت فيك ؟ فتزوجها على اثنتي عشرة أوقية ونش ، فقال : لا تقصر بها في المهر . قال : ما أصدقت أحدا فوق هذا .

فبعث معه أبا أسيد ، فلما قدما عليها ، جلست ، وأذنت له ، فقال أبو أسيد : إن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يراهن الرجال ، فتحملت مع الظعينة على جمل في محفة ؛ فأقبلت بها حتى أنزلتها في بني ساعدة ، فدخل عليها النساء ، فرحبن بها ، ثم خرجن ، فذكرن جمالها ، وشاع ذلك ، فدخل عليها داخل من النساء ، فقيل لها : إنك ملكة ، فإن كنت تريدين أن تحظي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقولي : أعوذ بالله منك ! فإنه يرغب فيك
.

وعن ابن أبي عون قال : فتزوج الكندية في سنة تسع من ربيع الأول .

الواقدي : حدثنا ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه : أن الوليد كتب إليه يسأله : هل تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أخت الأشعث ؟ فقال : ما [ ص: 259 ] تزوجها قط ، ولا تزوج كندية إلا بنت الجون ، فملكها ، فلما أتي بها ، نظر إليها ، فطلقها ، ولم يبن بها .

عن أبي أسيد الساعدي ، قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان الجونية فأرسلني ، فجئت بها ، فقالت حفصة لعائشة : اخضبيها أنت ، وأنا أمشطها ، ففعلتا . ثم قالت لها إحداهما : إنه يعجبه أن تقول المرأة : أعوذ بالله منك ! فلما دخلت عليه ، وأرخى الستر ، مد يده إليها ، فقالت : أعوذ بالله منك ! فقال بكمه على وجهه ، فاستتر . وقال : عذت بمعاذ ، وخرج ، فقال : يا أبا أسيد ، ألحقها بأهلها ، ومتعها برازقيين يعني كرباسين .

فكانت تقول : ادعوني الشقية .

إسناده واه . وقد ذكره الحاكم في " مستدركه " . [ ص: 260 ]

وعن زهير بن معاوية : قال : فماتت كمدا .

وعن الكلبي ، قال : خلف على أسماء بنت النعمان المهاجر بن أبي أمية ، فهم عمر أن يعاقبهما ، فقالت : والله ما ضرب علي حجابا ، ولا سميت بأم المؤمنين ، فكف عنها .

قتيلة

يقال : هي أخت الأشعث بن قيس .

قال أبو عبيدة : تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه وفد كندة سنة عشر ، فتوفي قبل أن يقدم عليه . ويقال : إنها ارتدت ، فالله أعلم .

خولة

عمارة بن راشد ، حدثنا علي بن زيد ، عن ابن المسيب ، عن خولة بنت حكيم . [ ص: 261 ] وكان النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها ؛ فأرجأها فيمن أرجأ من نسائه .

جويرية أم المؤمنين ( ع )

بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية .

سبيت يوم غزوة المريسيع في السنة الخامسة وكان اسمها : برة ، فغير . وكانت من أجمل النساء .

أتت النبي تطلب منه إعانة في فكاك نفسها ، فقال : أوخير من ذلك ؟ أتزوجك " فأسلمت ، وتزوج بها ؛ وأطلق لها الأسارى من قومها .

وكان أبوها سيدا مطاعا .

حدث عنها : ابن عباس ، وعبيد بن السباق ، وكريب ، ومجاهد . وأبو أيوب يحيى بن مالك الأزدي ، وآخرون . [ ص: 262 ]

عن عائشة ، قالت : كانت جويرية امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه . الحديث بطوله .

زكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي ، قال : أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية ، واستنكحها ، وجعل صداقها عتق كل مملوك من بني المصطلق . وكانت من ملك اليمين ، فأعتقها ، وتزوجها .

قال ابن سعد وغيره : بنو المصطلق من خزاعة . وكان زوجها ، قبل أن يسلم ، ابن عمها مسافع بن صفوان بن أبي الشفر . [ ص: 263 ]

وقد قدم أبوها الحارث على النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسلم .

وعن جويرية ، قالت : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا بنت عشرين سنة .

توفيت أم المؤمنين جويرية في سنة خمسين . وقيل : توفيت سنة ست وخمسين رضي الله عنها .

جاء لها سبعة أحاديث : منها عند البخاري حديث . وعند مسلم حديثان .

أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : أتى والد جويرية فقال : إن بنتي لا يسبى مثلها ، فأنا أكرم من ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت إن خيرناها ؟ فأتاها أبوها فقال : إن هذا الرجل قد خيرك ، فلا تفضحينا ، فقالت : فإني قد اخترته ، قال : قد والله فضحتنا .

زكريا ، عن الشعبي ، قال : أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم - جويرية ، واستنكحها ، وجعل صداقها عتق كل مملوك من بني المصطلق .

همام ، وغيره ، عن قتادة ، عن أبي أيوب الهجري ، عن جويرية بنت [ ص: 264 ] الحارث : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم جمعة ، وهي صائمة ، فقال لها : أصمت أمس ؟ قالت : لا . قال : أتريدين أن تصومي غدا ؟ قالت : لا . قال : فأفطري .

رواه شعبة ، وله علة غير مؤثرة ، رواه سعيد ، عن قتادة ، عن ابن المسيب ، عن عبد الله بن عمرو .

شعبة وجماعة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، مولى آل طلحة : سمعت كريبا ، عن ابن عباس ، عن جويرية ، قالت : أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوة وأنا أسبح ؛ ثم انطلق لحاجته ؛ ثم رجع قريبا من نصف النهار ، فقال : أما زلت قاعدة ؟ قلت : نعم . قال : ألا أعلمك كلمات لو عدلن بهن عدلتهن ، أو وزن بهن وزنتهن - يعني جميع ما سبحت - : سبحان الله عدد خلقه ، ثلاث مرات ، سبحان الله زنة عرشه ، ثلاث مرات ، سبحان الله رضا نفسه ، ثلاث مرات ، سبحان الله مداد كلماته ، ثلاث مرات .

يونس ، عن ابن إسحاق : حدثنا محمد بن جعفر بن الزبير ، عن [ ص: 265 ] عروة ، عن عائشة ، قالت : لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق ، وقعت جويرية في سهم رجل ، فكاتبته ، وكانت حلوة ملاحة ، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه ؛ فكرهتها - يعني لحسنها - فقالت : يا رسول الله ، أنا جويرية بنت الحارث ، سيد قومه ، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك ، وقد كاتبت ، فأعني .

فقال : أوخير من ذلك : أؤدي عنك ، وأتزوجك ؟ فقالت : نعم ، ففعل ، فبلغ الناس ، فقالوا : أصهار رسول الله ! فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق ، فلقد أعتق بها مائة أهل بيت ، فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها
.


أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:45 PM

سودة أم المؤمنين ( خ ، د ، س )

بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية .

وهي أول من تزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد خديجة ، وانفردت به نحوا من ثلاث سنين أو أكثر ، حتى دخل بعائشة .

وكانت سيدة جليلة نبيلة ضخمة . وكانت - أولا - عند السكران بن عمرو ، أخي سهيل بن عمرو العامري . [ ص: 266 ]

وهي التي وهبت يومها لعائشة ؛ رعاية لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت قد فركت رضي الله عنها .

لها أحاديث . وخرج لها البخاري .

حدث عنها : ابن عباس ، ويحيى بن عبد الله الأنصاري .

توفيت في آخر خلافة عمر بالمدينة .

هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة ، من امرأة ، فيها حدة ، فلما كبرت جعلت يومها من النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة . [ ص: 267 ]

وروى الواقدي ، عن ابن أخي الزهري ، عن أبيه ، قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بسودة في رمضان سنة عشر من النبوة ، وهاجر بها . وماتت بالمدينة في شوال سنة أربع وخمسين .

وقال الواقدي : وهذا الثبت عندنا .

وروى عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال : أن سودة رضي الله عنها - توفيت زمن عمر .

قال ابن سعد : أسلمت سودة وزوجها ؛ فهاجرا إلى الحبشة .

وعن بكير بن الأشج : أن السكران قدم من الحبشة بسودة ، فتوفي عنها ، فخطبها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : أمري إليك . قال : مري رجلا من قومك يزوجك ، فأمرت حاطب بن عمرو العامري ، فزوجها ، وهو مهاجري بدري .

هشام الدستوائي : حدثنا القاسم بن أبي بزة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى سودة بطلاقها ، فجلست على طريقه ، فقالت : أنشدك بالذي أنزل عليك [ ص: 268 ] كتابه ، لم طلقتني ؟ ألموجدة ؟ قال : لا . قالت : فأنشدك الله لما راجعتني ؛ فلا حاجة لي في الرجال ؛ ولكني أحب أن أبعث في نسائك ، فراجعها . قالت : فإني قد جعلت يومي لعائشة .

الأعمش ، عن إبراهيم ، قالت سودة : يا رسول الله ، صليت خلفك البارحة ؛ فركعت بي ، حتى أمسكت بأنفي مخافة أن يقطر الدم ، فضحك . وكانت تضحكه الأحيان بالشيء .

صالح مولى التوأمة ، عن أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : هذه ثم ظهور الحصر .

قال صالح : فكانت سودة تقول : لا أحج بعدها .

وقالت عائشة : استأذنت سودة ليلة المزدلفة ، أن تدفع قبل حطمة الناس وكانت امرأة ثبطة - أي ثقيلة - فأذن لها [ ص: 269 ] حماد بن زيد ، عن هشام ، عن ابن سيرين : أن عمر بعث إلى سودة بغرارة دراهم ، فقالت : ما هذه ؟ قالوا : دراهم . قالت : في الغرارة مثل التمر ؛ يا جارية : بلغيني القنع ، ففرقتها .

يروى لسودة خمسة أحاديث : منها في " الصحيحين " : حديث واحد عن البخاري .

الواقدي : حدثنا موسى بن محمد بن عبد الرحمن ، عن ريطة ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بعث زيدا ، وبعث معه أبا رافع مولاه ، وأعطاهما بعيرين ، وخمسمائة درهم ، فخرجنا جميعا . وخرج زيد وأبو رافع بفاطمة ، وبأم كلثوم ، وبسودة بنت زمعة ، وبأم أيمن ، وأسامة ابنه

صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

بنت عبد المطلب ، الهاشمية . وهي شقيقة حمزة ، وأم حواري النبي صلى الله عليه وسلم : الزبير . وأمها من بني زهرة . [ ص: 270 ]

تزوجها الحارث ، أخو أبي سفيان بن حرب ؛ فتوفي عنها .

وتزوجها العوام . أخو سيدة النساء خديجة بنت خويلد ، فولدت له : الزبير ، [ والسائب ] وعبد الكعبة .

والصحيح : أنه ما أسلم من عمات النبي صلى الله عليه وسلم سواها .

ولقد وجدت على مصرع أخيها حمزة ، وصبرت ، واحتسبت .

وهي من المهاجرات الأول وما أعلم هل أسلمت مع حمزة أخيها ، أو مع الزبير ولدها ؟ .

وقد كانت يوم الخندق في حصن حسان بن ثابت . قالت : وكان حسان معنا في الذرية ، فمر بالحصن يهودي ، فجعل يطيف بالحصن والمسلمون في نحور عدوهم . . . .

ثم ساقت الحديث ، وأنها نزلت ، وقتلت اليهودي بعمود .

فروى هشام ، عن أبيه ، عنها ، قالت : أنا أول امرأة قتلت رجلا : كان حسان معنا ، فمر بنا يهودي ، فجعل يطيف بالحصن ؛ فقلت لحسان : إن هذا لا آمنه أن يدل على عورتنا ؛ فقم فاقتله .

قال : يغفر الله لك ! لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا ، فاحتجزت ، [ ص: 271 ] وأخذت عمودا ، ونزلت ، فضربته ، حتى قتلته .

توفيت صفية في سنة عشرين ودفنت بالبقيع . ولها بضع وسبعون سنة .

وكيع ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : لما نزلت : وأنذر عشيرتك الأقربين قام النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا فاطمة بنت محمد ، يا صفية بنت عبد المطلب ، يا بني عبد المطلب ، لا أملك لكم من الله شيئا ؛ سلوني من مالي ما شئتم .

ذكر أولاد - صفية رضي الله عنها - :

ولدت صفية : الزبير ، والسائب ، وعبد الكعبة ، بني العوام . وهي القائلة تندب رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عين جودي بدمعة وسهود واندبي خير هالك مفقود واندبي المصطفى بحزن شديد
خالط القلب فهو كالمعمود كدت أقضي الحياة لما أتاه
قدر خط في كتاب مجيد فلقد كان بالعباد رؤوفا
ولهم رحمة ، وخير رشيد رضي الله عنه حيا ، وميتا
وجزاه الجنان يوم الخلود
فهذا مما أورد لصفية ، فالله أعلم بصحته .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:49 PM

[ ص: 272 ] أروى عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

تزوجها عمير بن وهب ، فولدت له : طليبا . ثم خلف عليها أرطاة ، فولدت له : فاطمة . ثم أسلمت أروى ، وهاجرت . وأسلم ولدها طليب في دار الأرقم .

روى هذا ابن سعد . ولم يسمع لها بذكر بعد ، ولا وجدنا لها رواية .

عاتكة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

بنت عبد المطلب . أسلمت ، وهاجرت .

وهي صاحبة تلك الرؤيا في مهلك أهل بدر وتلك الرؤيا ثبطت أخاها أبا لهب عن شهود بدر .

ولم نسمع لها بذكر في غير الرؤيا .
البيضاء عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

أم حكيم ، بنت عبد المطلب ، ما أظنها أدركت نبوة المصطفى . تزوجها كريز بن ربيعة العبشمي ، فولدت له : عامرا ، والد الأمير عبد الله ؛ وأروى والدة الشهيد عثمان .

ثم خلف عليها : عقبة بن أبي معيط ، فولدت له : الوليد ، وخالدا ، وأم كلثوم . وللثلاثة صحبة .

برة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

بنت عبد المطلب . والدة أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي البدري .

ثم خلف عليها أبو رهم بن عبد العزى العامري ، فولدت له : أبا سبرة ، أحد البدريين .

لم تدرك المبعث ، وإنما ذكرتها استطرادا .




أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:53 PM

أميمة

عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت عبد المطلب ، والدة عبد الله ، وأم المؤمنين زينب ، وعبيد الله ، [ ص: 274 ] وأبي أحمد عبد ، وحمنة ، أولاد جحش بن رياب الأسدي ، حليف قريش . أسلمت ، وهاجرت .

قال ابن سعد : أطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين وسقا من تمر خيبر .

وقيل : إنها أميمة بنت ربيعة ، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الحارث بن عبد المطلب ، الهاشمية - أعني التي أسلمت ، وأطعمت من تمر خيبر .

والظاهر أن أميمة الكبرى ، العمة ، ما هاجرت ، ولا أدركت الإسلام ، فالله أعلم .

لم يهتم بذكر إسلامها إلا الواقدي ، وروى في ذلك قصة ، فالله أعلم .

ضباعة ( د ، س ، ق )

بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، الهاشمية .

من المهاجرات .

وكانت تحت المقداد بن الأسود ، فولدت له : عبد الله ، وكريمة . [ ص: 275 ]

لها أحاديث يسيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

روى عنها : ابنتها كريمة ، وسعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وعبد الرحمن الأعرج ، وأنس بن مالك .

وحدث عنها من القدماء : ابن عباس ، وجابر . وقتل ولدها عبد الله بن المقداد يوم الجمل مع أم المؤمنين عائشة .

معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير ، فقالت : إني أريد الحج ، وأنا شاكية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني .

بقيت ضباعة إلى بعد عام أربعين ، فيما أرى رضي الله عنها .

ضباعة ( د ، س ، ق )

بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، الهاشمية .

من المهاجرات .

وكانت تحت المقداد بن الأسود ، فولدت له : عبد الله ، وكريمة . [ ص: 275 ]

لها أحاديث يسيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

روى عنها : ابنتها كريمة ، وسعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وعبد الرحمن الأعرج ، وأنس بن مالك .

وحدث عنها من القدماء : ابن عباس ، وجابر . وقتل ولدها عبد الله بن المقداد يوم الجمل مع أم المؤمنين عائشة .

معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير ، فقالت : إني أريد الحج ، وأنا شاكية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني .

بقيت ضباعة إلى بعد عام أربعين ، فيما أرى رضي الله عنها .

درة

بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي لهب بن عبد المطلب الهاشمية .

من المهاجرات [ ص: 276 ] لها حديث واحد ، في " المسند " من رواية ابن ابن عمها الحارث بن نوفل . وقيل : تزوج بها دحية الكلبي .
أم كلثوم ( خ ، م ، د ، ت ، س )

بنت عقبة بن أبي معيط : أبان بن ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، الأموي .

من المهاجرات .

أسلمت بمكة ، وبايعت . ولم يتهيأ لها هجرة إلى سنة سبع . وكان خروجها زمن صلح الحديبية ، فخرج في إثرها أخواها : الوليد وعمارة ، فما زالا حتى قدما المدينة ، فقالا : يا محمد ، ف لنا بشرطنا ، فقالت : أتردني يا رسول الله إلى الكفار يفتنوني عن ديني ولا صبر لي ، وحال النساء في الضعف ما قد علمت ؟ فأنزل الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الآيتين . [ ص: 277 ]

فكان يقول : آلله ما أخرجكن إلا حب الله ورسوله والإسلام ! ما خرجتن لزوج ولا مال ، فإذا قلن ذلك ، لم يرجعهن إلى الكفار .

ولم يكن لأم كلثوم بمكة زوج فتزوجها زيد بن حارثة ، ثم طلقها ، فتزوجها عبد الرحمن بن عوف ؛ فولدت له : إبراهيم ، وحميدا ، فلما توفي عنها ، تزوجها عمرو بن العاص ؛ فتوفيت عنده .

روت عشرة أحاديث في " مسند " بقي بن مخلد . لها في " الصحيحين " حديث واحد .

روى عنها ابناها : حميد ، وإبراهيم ، وبسرة بنت صفوان .

توفيت في خلافة علي رضي الله عنه .

روى لها الجماعة ، سوى ابن ماجه . وساق أخبارها ابن سعد وغيره .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:55 PM

[ ص: 278 ] أم عمارة ( 4 )

نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول .

الفاضلة المجاهدة الأنصارية الخزرجية النجارية المازنية المدنية .

كان أخوها عبد الله بن كعب المازني من البدريين . وكان أخوها عبد الرحمن ، من البكائين .

شهدت أم عمارة ليلة العقبة ، وشهدت أحدا ، والحديبية ، ويوم حنين ، ويوم اليمامة ، وجاهدت ، وفعلت الأفاعيل .

روي لها أحاديث ، وقطعت يدها في الجهاد .

وقال الواقدي : شهدت أحدا ، مع زوجها غزية بن عمرو ، ومع ولديها .

خرجت تسقي ، ومعها شن ، وقاتلت ، وأبلت بلاء حسنا . وجرحت اثني عشر جرحا .

وكان ضمرة بن سعيد المازني يحدث عن جدته ، وكانت قد شهدت أحدا ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لمقام نسيبة بنت كعب اليوم [ ص: 279 ] خير من مقام فلان وفلان .

وكانت تراها يومئذ تقاتل أشد القتال ، وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها ، حتى جرحت ثلاثة عشر جرحا ؛ وكانت تقول : إني لأنظر إلى ابن قمئة وهو يضربها على عاتقها - وكان أعظم جراحها - ، فداوته سنة . ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلى حمراء الأسد ، فشدت عليها ثيابها ، فما استطاعت من نزف الدم رضي الله عنها ورحمها .

ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمر : أخبرنا عبد الجبار بن عمارة ، عن عمارة بن غزية قال : قالت أم عمارة : رأيتني ، وانكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما بقي إلا في نفير ما يتمون عشرة ؛ وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه ، والناس يمرون به منهزمين ، ورآني ولا ترس معي ، فرأى رجلا موليا ومعه ترس ، فقال : ألق ترسك إلى من يقاتل ، فألقاه ، فأخذته ، فجعلت أترس به عن رسول الله . وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل ؛ لو كانوا رجالة مثلنا أصبناهم - إن شاء الله .

فيقبل رجل على فرس ، فيضربني ، وترست له ، فلم يصنع شيئا ، وولى ؛ فأضرب عرقوب فرسه ، فوقع على ظهره ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح : يا ابن أم عمارة ، أمك ! أمك ! قالت : فعاونني عليه ، حتى أوردته شعوب
. [ ص: 280 ]

قال : أخبرنا محمد بن عمر : حدثني ابن أبي سبرة ، عن عمرو بن يحيى ، عن أمه ، عن عبد الله بن زيد ، قال : جرحت يومئذ جرحا ، وجعل الدم لا يرقأ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اعصب جرحك .

فتقبل أمي إلي ، ومعها عصائب في حقوها ؛ فربطت جرحي ، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف ، فقال : انهض بني ، فضارب القوم ! وجعل يقول : من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة ! .

فأقبل الذي ضرب ابني ، فقال رسول الله : هذا ضارب ابنك . قالت : فأعترض له ، فأضرب ساقه ، فبرك ، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم ، حتى رأيت نواجذه ، وقال : استقدت يا أم عمارة ! .

ثم أقبلنا نعله بالسلاح ، حتى أتينا على نفسه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الحمد لله الذي ظفرك .

أخبرنا محمد بن عمر : حدثني ابن أبي سبرة ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة ، عن الحارث بن عبد الله : سمعت عبد الله بن زيد بن عاصم يقول : شهدت أحدا ، فلما تفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دنوت منه أنا وأمي ، نذب عنه ، فقال : ابن أم عمارة ؟ قلت : نعم . قال : ارم ، فرميت بين يديه رجلا بحجر - وهو على فرس - فأصبت عين الفرس ، فاضطرب الفرس ، فوقع هو وصاحبه ؛ وجعلت أعلوه بالحجارة ، والنبي صلى الله عليه وسلم يبتسم . [ ص: 281 ]

ونظر إلى جرح أمي على عاتقها ، فقال : أمك أمك ! اعصب جرحها . اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة . قلت : ما أبالي ما أصابني من الدنيا .

وعن موسى بن ضمرة بن سعيد ، عن أبيه ، قال : أتي عمر بن الخطاب بمروط فيها مرط جيد ؛ فبعث به إلى أم عمارة .

شعبة ، عن حبيب بن زيد الأنصاري ، عن امرأة ، عن أم عمارة ، قالت : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقربنا إليه طعاما ، وكان بعض من عنده صائما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أكل عند الصائم الطعام ، صلت عليه الملائكة .

وعن محمد بن يحيى بن حبان ، قال : جرحت أم عمارة بأحد اثني عشر جرحا ، وقطعت يدها يوم اليمامة ؛ وجرحت يوم اليمامة سوى يدها أحد عشر جرحا ، فقدمت المدينة وبها الجراحة ، فلقد رئي أبو بكر - رضي الله عنه ، وهو خليفة ، يأتيها يسأل عنها .

وابنها حبيب بن زيد بن عاصم هو الذي قطعه مسيلمة . [ ص: 282 ] وابنها الآخر عبد الله بن زيد المازني ، الذي حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قتل يوم الحرة وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب بسيفه .

انفرد أبو أحمد الحاكم ، وابن منده بأنه شهد بدرا .

قال ابن عبد البر : بل شهد أحدا .

قلت : نعم ، الصحيح أنه لم يشهد بدرا . والله أعلم .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:56 PM

أسماء بنت عميس ( ع )

ابن معبد بن الحارث الخثعمية . أم عبد الله . [ ص: 283 ]

من المهاجرات الأول .

قيل : أسلمت قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم . وهاجر بها زوجها جعفر الطيار إلى الحبشة ، فولدت له هناك : عبد الله ، ومحمدا ، وعونا .

فلما هاجرت معه إلى المدينة سنة سبع ، واستشهد يوم مؤتة ، تزوج بها أبو بكر الصديق ، فولدت له : محمدا وقت الإحرام ، فحجت حجة الوداع ، ثم توفي الصديق ، فغسلته . وتزوج بها علي بن أبي طالب .

سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل ، عن الشعبي ، قال : قدمت أسماء من الحبشة ، فقال لها عمر : يا حبشية ، سبقناكم بالهجرة .

فقالت : لعمري ، لقد صدقت : كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ، ويعلم جاهلكم ، وكنا البعداء الطرداء ، أما والله لأذكرن ذلك لرسول الله ، فأتته ، فقال : للناس هجرة واحدة ، ولكم هجرتان
. [ ص: 284 ]

عبد الله بن نمير ، عن الأجلح ، عن عامر ، قال : قالت أسماء بنت عميس : يا رسول الله ، إن هؤلاء يزعمون أنا لسنا من المهاجرين . قال : كذب من يقول ذلك ، لكم الهجرة مرتين : هاجرتم إلى النجاشي ، وهاجرتم إلي .

قال الشعبي : أول من أشار بنعش المرأة - يعني المكبة - أسماء ، رأت النصارى يصنعونه بالحبشة .

الحكم بن عتيبة عن عبد الله بن شداد ، عن أسماء بنت عميس ، قالت :

لما أصيب جعفر ، قال : تسلبي ثلاثا ، ثم اصنعي ما شئت . [ ص: 285 ]

قال ابن المسيب : نفست أسماء بنت عميس بمحمد بذي الحليفة ، وهم يريدون حجة الوداع ، فأمرها أبو بكر أن تغتسل ، ثم تهل بالحج .

الثوري ، عن عبد الكريم ، عن سعيد بن المسيب ، قال : نفست بذي الحليفة ، فهم أبو بكر بردها ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : مرها ، فلتغتسل ، ثم تهل بالحج .

وروى القاسم بن محمد ، عن أسماء نحوا منه .

ابن سعد : أخبرنا يزيد : أخبرنا ابن أبي خالد ، عن قيس ، قال : دخلت مع أبي بكر رضي الله عنه وكان أبيض ، خفيف اللحم ، فرأيت يدي أسماء موشومة .

زاد خالد الطحان ، عن إسماعيل ، عن قيس : تذب عن أبي بكر . [ ص: 286 ]

قال سعد بن إبراهيم قاضي المدينة : أوصى أبو بكر أن تغسله أسماء . قال قتادة : فغسلته بنت عميس امرأته .

وقيل : عزم عليها لما أفطرت ، وقال : هو أقوى لك ، فذكرت يمينه في آخر النهار ، فدعت بماء ، فشربت ، وقالت : والله لا أتبعه اليوم حنثا .

مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر : أن أسماء غسلت أبا بكر ؛ فسألت من حضر من المهاجرين ، وقالت : إني صائمة ، وهذا يوم شديد البرد ، فهل علي من غسل ؟ فقالوا : لا .

روى أبو إسحاق ، عن مصعب بن سعد : أن عمر فرض الأعطية ، ففرض لأسماء بنت عميس ألف درهم .

قال الواقدي : ثم تزوجت عليا فولدت له : يحيى ، وعونا .

زكريا بن أبي زائدة : سمعت عامرا يقول : تزوج علي أسماء بنت عميس ، فتفاخر ابناها : محمد بن أبي بكر ، ومحمد بن جعفر ، فقال كل منهما : أنا أكرم منك ، وأبي خير من أبيك .

قال : فقال لها علي : اقضي بينهما ، قالت : ما رأيت شابا من العرب خيرا من جعفر ، ولا رأيت كهلا خيرا من أبي بكر . [ ص: 287 ]

فقال علي : ما تركت لنا شيئا ؛ ولو قلت غير الذي قلت لمقتك . قالت : إن ثلاثة أنت أخسهم خيار .

ابن عيينة ، عن إسماعيل ، عن قيس ، قال : قال علي رضي الله عنه : كذبتكم من النساء الحارقة فما ثبتت منهن امرأة إلا أسماء بنت عميس .

قلت : لأسماء حديث في " سنن " الأربعة .

حدث عنها : ابنها عبد الله بن جعفر . وابن أختها عبد الله بن شداد . وسعيد بن المسيب . وعروة ، والشعبي ، والقاسم بن محمد . وآخرون . عاشت بعد علي .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:57 PM

أسماء بنت أبي بكر ( ع )

عبد الله بن أبي قحافة عثمان أم عبد الله القرشية التيمية ، المكية ، ثم المدنية . [ ص: 288 ]

والدة الخليفة عبد الله بن الزبير ، وأخت أم المؤمنين عائشة ، وآخر المهاجرات وفاة .

روت عدة أحاديث . وعمرت دهرا . وتعرف بذات النطاقين وأمها : هي قتيلة بنت عبد العزى العامرية .

حدث عنها ابناها : عبد الله ، وعروة ، وحفيدها عبد الله بن عروة ، وحفيده عباد بن عبد الله ، وابن عباس ، وأبو واقد الليثي ، وصفية بنت شيبة ، ومحمد بن المنكدر ، ووهب بن كيسان ، وأبو نوفل معاوية بن أبي عقرب ، والمطلب بن عبد الله بن حنطب ، وفاطمة بنت المنذر بن الزبير ، ومولاها عبد الله بن كيسان ، وابن أبي مليكة ، ونافلتها عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير ، وعدة .

وكانت أسن من عائشة ببضع عشرة سنة .

هاجرت حاملا بعبد الله . وقيل : لم يسقط لها سن .

وشهدت اليرموك مع زوجها الزبير .

وهي ، وأبوها ، وجدها ، وابنها ابن الزبير ، أربعتهم صحابيون .

أخبرنا أحمد بن هبة الله : أنبأنا المؤيد الطوسي : أخبرنا أبو عبد الله الفراوي : أخبرنا عبد الغافر الفارسي ، أخبرنا ابن عمرويه ، أخبرنا إبراهيم بن سفيان ، حدثنا مسلم ، حدثنا داود بن عمرو ، حدثنا نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال : قالت أسماء بنت أبي بكر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني [ ص: 289 ] على الحوض أنظر من يرد علي منكم .

شعبة ، عن مسلم القري قال : دخلنا على أم ابن الزبير ؛ فإذا هي امرأة ضخمة عمياء - نسألها عن متعة الحج ، فقالت : قد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها .

قال عبد الرحمن بن أبي الزناد : كانت أسماء أكبر من عائشة بعشر .

هشام بن عروة ، عن أبيه ، وفاطمة بنت المنذر ، عن أسماء ، قالت : صنعت سفرة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أبي حين أراد أن يهاجر ، فلم أجد لسفرته ولا لسقائه ما أربطهما ، فقلت لأبي : ما أجد إلا نطاقي ، قال : شقيه باثنين ، فاربطي بهما قال : فلذلك سميت : ذات النطاقين .

ابن إسحاق : حدثني يحيى بن عباد عن أبيه ، عن أسماء ، قالت : [ ص: 290 ] لما توجه النبي صلى الله عليه وسلم من مكة حمل أبو بكر معه جميع ماله - خمسة آلاف ، أو ستة آلاف - فأتاني جدي أبو قحافة وقد عمي ، فقال : إن هذا قد فجعكم بماله ونفسه ، فقلت : كلا ، قد ترك لنا خيرا كثيرا .

فعمدت إلى أحجار ، فجعلتهن في كوة البيت ، وغطيت عليها بثوب ، ثم أخذت بيده ، ووضعتها على الثوب ، فقلت : هذا تركه لنا ، فقال : أما إذ ترك لكم هذا ، فنعم .

ابن إسحاق : حدثت عن أسماء ، قالت : أتى أبو جهل في نفر ، فخرجت إليهم ، فقالوا : أين أبوك ؟ قلت : لا أدري - والله - أين هو ؟ .

فرفع أبو جهل يده ، ولطم خدي لطمة خر منها قرطي . ثم انصرفوا ، فمضت ثلاث لا ندري أين توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ أقبل رجل من الجن يسمعون صوته بأعلى مكة ، يقول
: جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين قالا خيمتي أم معبد


قال ابن أبي مليكة : كانت أسماء تصدع ، فتضع يدها على رأسها ، وتقول : بذنبي ، وما يغفره الله أكثر .

وروى عروة عنها قالت : تزوجني الزبير وما له شيء غير فرسه ، فكنت أسوسه وأعلفه ، وأدق لناضحه النوى وأستقي وأعجن ، وكنت [ ص: 291 ] أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي - وهي على ثلثي فرسخ - فجئت يوما والنوى على رأسي ، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر ، فدعاني ، فقال : إخ ، إخ ، ليحملني خلفه ، فاستحييت ، وذكرت الزبير وغيرته .

قالت : فمضى .

فلما أتيت ، أخبرت الزبير ، فقال : والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه . قالت : حتى أرسل إلي أبو بكر بعد بخادم ، فكفتني سياسة الفرس ، فكأنما أعتقني
.

وعن ابن الزبير قال : نزلت هذه الآية في أسماء ، وكانت أمها يقال لها : قتيلة ، جاءتها بهدايا فلم تقبلها ، حتى سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين .

وفي " الصحيح " قالت أسماء : يا رسول الله إن أمي قدمت ، وهي راغبة ، أفأصلها ؟ قال : نعم ، صلي أمك .

عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة ، عن هشام ، أن عروة قال : [ ص: 292 ] ضرب الزبير أسماء ، فصاحت بعبد الله ابنها ، فأقبل ، فلما رآه ، قال : أمك طالق إن دخلت ، فقال : أتجعل أمي عرضة ليمينك ؟ ! فاقتحم ، وخلصها . قال : فبانت منه .

حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة : أن الزبير طلق أسماء ، فأخذ عروة ، وهو يومئذ صغير .

أسامة بن زيد ، عن محمد بن المنكدر قال : كانت أسماء بنت أبي بكر سخية النفس .

هشام بن عروة ، عن القاسم بن محمد : سمعت ابن الزبير يقول : ما رأيت امرأة قط أجود من عائشة وأسماء ، وجودهما مختلف : أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء ، حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه ، وأما أسماء ، فكانت لا تدخر شيئا لغد .

قال مصعب بن سعد : فرض عمر للمهاجرات : ألفا ألفا ، منهن : أم عبد ، وأسماء .

هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر : أن أسماء كانت تمرض المرضة ، فتعتق كل مملوك لها . [ ص: 293 ]

قال الواقدي : كان سعيد بن المسيب من أعبر الناس للرؤيا ، أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر ، وأخذت عن أبيها .

معن بن عيسى : حدثنا شعيب بن طلحة ، عن أبيه : قالت أسماء لابنها : يا بني عش كريما ، ومت كريما ، لا يأخذك القوم أسيرا .

قال هشام بن عروة : كثر اللصوص بالمدينة ، فاتخذت أسماء خنجرا زمن سعيد بن العاص : كانت تجعله تحت رأسها .

قال عروة : دخلت أنا وأخي - قبل أن يقتل - على أمنا بعشر ليال ، وهي وجعة ، فقال عبد الله : كيف تجدينك ؟ قالت : وجعة . قال : إن في الموت لعافية . قالت : لعلك تشتهي موتي ، فلا تفعل ، وضحكت ، وقالت : والله ، ما أشتهي أن أموت ، حتى تأتي على أحد طرفيك : إما أن تقتل فأحتسبك ، وإما أن تظفر فتقر عيني . إياك أن تعرض على خطة فلا توافق ، فتقبلها كراهية الموت .

قال : وإنما عنى أخي أن يقتل فيحزنها ذلك .

وكانت بنت مائة سنة . [ ص: 294 ]

ابن عيينة : حدثنا أبو المحياة ، عن أمه ، قال : لما قتل الحجاج ابن الزبير ، دخل على أسماء وقال لها : يا أمه ، إن أمير المؤمنين وصاني بك ، فهل لك من حاجة ؟ قالت : لست لك بأم ، ولكني أم المصلوب على رأس الثنية ، وما لي من حاجة ، ولكن أحدثك : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج في ثقيف كذاب ، ومبير فأما الكذاب فقد رأيناه - تعني المختار - وأما المبير فأنت .

فقال لها : مبير المنافقين .

أحمد بن يونس : حدثنا أبو المحياة يحيى بن يعلى التيمي ، عن أبيه ، قال : دخلت مكة بعد قتل ابن الزبير بثلاث - وهو مصلوب - فجاءت أمه عجوز طويلة عمياء ، فقالت للحجاج : أما آن للراكب أن ينزل ؟ فقال : المنافق ؟ قالت : والله ما كان منافقا ، كان صواما قواما برا . قال : انصرفي يا عجوز ، فقد خرفت . قالت : لا - والله - ما خرفت منذ سمعت رسول الله يقول : في ثقيف كذاب ومبير . . . الحديث .

ابن عيينة ، عن منصور بن صفية ، عن أمه ، قالت : قيل لابن عمر : إن أسماء في ناحية المسجد - وذلك حين صلب ابن الزبير - فمال إليها ، فقال : إن هذه الجثث ليست بشيء ، وإنما الأرواح عند الله ، فاتقي الله واصبري . [ ص: 295 ]

فقالت : وما يمنعني ، وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل .

أيوب ، عن ابن أبي مليكة قال : دخلت على أسماء بعدما أصيب ابن الزبير ، فقالت : بلغني أن هذا صلب عبد الله ، اللهم لا تمتني حتى أوتى به ، فأحنطه وأكفنه .

فأتيت به بعد ، فجعلت تحنطه بيدها ، وتكفنه بعدما ذهب بصرها .

ومن وجه آخر - عن ابن أبي مليكة - : وصلت عليه ، وما أتت عليه جمعة إلا ماتت .

شريك ، عن الركين بن الربيع ، قال : دخلت على أسماء بنت أبي بكر ، وقد كبرت ، وهي تصلي ، وامرأة تقول لها : قومي ، اقعدي ، افعلي من الكبر .

قال ابن سعد : ماتت بعد ابنها بليال . وكان قتله لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين . [ ص: 296 ]

قلت : كانت خاتمة المهاجرين والمهاجرات .

إسحاق الأزرق ، عن عوف الأعرابي ، عن أبي الصديق الناجي : أن الحجاج دخل على أسماء فقال : إن ابنك ألحد في هذا البيت ، وإن الله أذاقه من عذاب أليم . قالت : كذبت . كان برا بوالدته ، صواما ، قواما ، ولكن قد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه سيخرج من ثقيف كذابان : الآخر منهما شر من الأول ، وهو مبير .

مسندها ثمانية وخمسون حديثا .

اتفق لها البخاري ومسلم على ثلاثة عشر حديثا . وانفرد البخاري بخمسة أحاديث ، ومسلم بأربعة .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 11:59 PM

أسماء بنت يزيد بن السكن ( 4 )

أم عامر ، وأم سلمة ، الأنصارية الأشهلية . بنت عمة معاذ بن جبل . [ ص: 297 ]

من المبايعات المجاهدات .

روت عن النبي صلى الله عليه وسلم جملة أحاديث .

وقتلت بعمود خبائها يوم اليرموك تسعة من الروم .

سكنت دمشق ، وقبر أم سلمة الذي بمقبرة الباب الصغير ، هو قبرها ، إن شاء الله .

حدث عنها : مولاها مهاجر ، وشهر بن حوشب ، ومجاهد ، وإسحاق بن راشد ، وابن أختها محمود بن عمرو ، وآخرون .

قال عبد بن حميد : أسماء بنت يزيد هي أم سلمة الأنصارية .

قلت : وقيل : إنها حضرت بيعة الرضوان ، وبايعت يومئذ .

روى محمد بن مهاجر ، وأخوه عمرو ، عن أبيهما ، عن أسماء بنت يزيد بنت عم معاذ بن جبل - كذا قال ، ولا يستقيم ذلك ؛ لأن أسماء من بني عبد الأشهل ، ومعاذا من بني سلمة - قالت : قتلت يوم اليرموك تسعة

. قلت : عاشت إلى دولة يزيد بن معاوية .

بريرة ( س )

مولاة أم المؤمنين عائشة

لها حديث عند النسائي . [ ص: 298 ]

روى عنها : عبد الملك بن مروان ، وغيره .

قد تكلم على حديثها ابن خزيمة وغيره بفوائد جمة .

روى عبد الواحد بن أيمن : حدثنا أبي ، قال : دخلت على عائشة فقلت : يا أم المؤمنين ، إني كنت لعتبة بن أبي لهب ، وإن بنيه وامرأته باعوني ، واشترطوا الولاء ، فمولى من أنا ؟ فقالت : يا بني ، دخلت علي بريرة وهي مكاتبة ، فقالت : اشتريني . قلت : نعم ، فقالت : إنهم لا يبيعونني حتى يشترطوا ولائي ، فقلت : لا حاجة لي فيك .

فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو بلغه ، فقال : ما بال بريرة ؟ ، فأخبرته ، فقال : اشتريها فأعتقيها ، ودعيهم فيشترطون ما شاءوا ، فاشتريتها فأعتقتها ، فقال : الولاء لمن أعتق ، ولو اشترطوا مائة مرة
.

معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن بريرة حين أعتقها ، واشترط أهلها الولاء ، فقال : ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل ، وإن اشترط مائة مرة ، فشرط الله أحق وأوثق .

وروى نحوه القاسم بن محمد ، والأسود بن يزيد ، وعمرة ، ومجاهد ، عن عائشة . [ ص: 299 ] ويرويه نافع ، عن ابن عمر .

عروة ، عن عائشة قالت : جاءتني بريرة تستعين في كتابتها ، ولم تكن قضت شيئا ، فقلت : ارجعي إلى أهلك ، فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي ، فعلت ؟ .

فذكرت بريرة ذلك لهم ، فأبوا ، وقالوا : إن شاءت أن تحتسب ، فلتفعل ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ابتاعي فأعتقي ، فإنما الولاء لمن أعتق . ثم قام فقال : ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له ، وإن شرط مائة شرط ، شرط الله أحق وأوثق
.

وفي لفظ في " الصحيح " . قالت : كاتبت أهلي على تسع أواق ، كل عام أوقية ، فأعينيني .

وفي لفظ : قام في الناس فحمد الله ، وأثنى عليه . وفيه : قضاء الله أحق ، وشرط الله أوثق ، وإنما الولاء لمن أعتق .

وفي لفظ : ما بال أقوام يقول أحدهم : أعتق يا فلان ، ولي الولاء . وفي رواية : دخلت وعليها خمس أواق في خمس سنين ، فقالت لها [ ص: 300 ] عائشة ونفست فيها أرأيت إن عددت لهم عدة واحدة ، أيبيعك أهلك ، فأعتقك ؟ .

وفي لفظ أنه قال لعائشة : لا يمنعك ذلك . وفيه : قال : أما بعد .

وفي رواية : عتقت وهي عند مغيث بن جحش ، فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : إن قربك فلا خيار لك .

وفي رواية : جعل عدتها عدة المطلقة الحرة .

وفي لفظ : جاءتني ورسول الله جالس ، فقال لي : ما رد أهلها ، فقلت : لاها الله ورفعت صوتي ، فقال : خذيها واشترطي .

وفي لفظ : إذا أعتقت ، فأنت أولى بأمرك ما لم يطأك ، وما أحب أن تفعلي . قالت : لا حاجة لي به .

وفي حديث القاسم ، عن عائشة : كان في بريرة ثلاث سنن : عتقت فخيرت في زوجها ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم - والبرمة على النار تفور بلحم - فقرب إليه من أدم البيت ، فقال : ألم أر البرمة ؟ قالوا : بلى ، ذلك لحم تصدق به على بريرة ، وأنت لا تأكل الصدقة . قال : هو عليها صدقة ، ولنا هدية .

وفي رواية : وخيرت في زوجها وهو حر ، ثم قال : لا أدري .

وفي لفظ : كانت تحت عبد ، فقال : أنت أملك لنفسك ، إن شئت أقمت معه [ ص: 301 ]

حديث الأسود ، عن عائشة : أنها أرادت أن تشتري بريرة للعتق : وفيه : فخيرها من زوجها . فقالت : لو أعطاني كذا وكذا ما ثبت عنده . فاختارت نفسها .

وفي لفظ الحكم : وكان حرا .

فقال البخاري : قول الأسود منقطع .

وفي رواية : بلحم بقر . قلنا : تصدق به على بريرة .

حديث عمرة ، عن عائشة : إن بريرة جاءت تستعين ; فقالت لها : إن أحب أهلك أن أصب لهم ثمنك صبة واحدة ، فأعتقك ؟ .

حديث نافع ، عن ابن عمر : أن عائشة ساومت بريرة ، فخرج النبي إلى الصلاة ; فلما جاء ، قالت : إنهم لا يبيعونها إلا أن يشترطوا الولاء . قال : إنما الولاء لمن أعتق . [ ص: 302 ]

همام : حدثنا قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن زوج بريرة كان عبدا أسود ، يسمى : مغيثا ; فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها أربع قضيات : أن مواليها اشترطوا الولاء ، فقضى أن الولاء لمن أعتق ; وخيرت فاختارت نفسها ، فأمر النبي أن تعتد . فكنت أراه يتبعها في سكك المدينة ، يعصر عينيه عليها .

قال : وتصدق عليها بصدقة ، فأهدت منها إلى عائشة ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : هو عليها صدقة ولنا هدية .


روى نحوا منه : ربيعة الرأي ، عن القاسم ، عن عائشة .

داود بن أبي هند ، عن الشعبي : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبريرة : قد أعتق بضعك معك فاختاري .

أيوب السختياني ، عن ابن سيرين : أن رسول الله خير بريرة . فكلمها فيه . فقالت : يا رسول الله ، أشيء واجب ؟ قال : لا إنما أشفع له . [ ص: 303 ]

شعبة ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : أتي رسول الله بلحم ، فقيل : تصدق به على بريرة ، قال : " هو لها صدقة وهو لنا هدية " .

أيوب ، عن عكرمة ، قال : ذكر زوج بريرة عند ابن عباس ، فقال : ذاك مغيث ، عبد بني فلان ، قد رأيته يبكي خلفها يتبعها في الطريق .

وروى حماد بن زيد ، عن أيوب ، قال : لا أعلم أهل المدينة ومكة يختلفون أنه عبد .

ابن أبي عروبة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : كان زوج بريرة يوم خيرت حرا .

عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن صفية بنت أبي عبيد : أن زوج بريرة كان عبدا .

قلت : بريرة لما أعتقتها عائشة - وقت باعوها - كان ذلك وابن عباس بالمدينة ; وإنما قدمها بعد عام الفتح .

فأما الجارية التي في حديث الإفك ، التي سئلت عما تعلم من عائشة ، فأخرى غير بريرة .

وجاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال للعباس : يا عم ، ألا تعجب من بغض [ ص: 304 ] بريرة مغيثا وحبه لها ! .

أرب جمـال 9 - 2 - 2010 12:00 AM

أم سليم الغميصاء

ويقال : الرميصاء . ويقال : سهلة . ويقال : أنيفة . ويقال : رميثة .

بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار ; الأنصارية الخزرجية .

أم خادم النبي ، صلى الله عليه وسلم : أنس بن مالك .

فمات زوجها مالك بن النضر ، ثم تزوجها أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري ، فولدت له : أبا عمير ، وعبد الله .

شهدت : حنينا ، وأحدا . من أفاضل النساء .

قال محمد بن سيرين : كانت أم سليم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد ، ومعها خنجر .

حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس : أن أم سليم اتخذت خنجرا يوم حنين ، فقال أبو طلحة : يا رسول الله ، هذه أم سليم معها خنجر! فقالت : يا رسول الله ، إن دنا مني مشرك بقرت به بطنه . [ ص: 305 ]

همام بن يحيى ، عن إسحاق بن عبد الله ، عن جدته أم سليم : أنها آمنت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت : فجاء أبو أنس ، وكان غائبا ، فقال : أصبوت ؟ فقالت : ما صبوت ، ولكني آمنت .

وجعلت تلقن أنسا : قل : لا إله إلا الله ، قل : أشهد أن محمدا رسول الله . ففعل . فيقول لها أبوه : لا تفسدي علي ابني . فتقول : إني لا أفسده .

فخرج مالك ، فلقيه عدو له ، فقتله . فقالت : لا جرم ، لا أفطم أنسا حتى يدع الثدي ; ولا أتزوج حتى يأمرني أنس .

فخطبها أبو طلحة ، وهو يومئذ مشرك ، فأبت .

خالد بن مخلد : حدثنا محمد بن موسى ، عن عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس ، قال : خطب أبو طلحة أم سليم ، فقالت : إني قد آمنت ; فإن تابعتني تزوجتك ، قال : فأنا على مثل ما أنت عليه . فتزوجته أم سليم ، وكان صداقها الإسلام .

سليمان بن المغيرة : حدثنا ثابت ، عن أنس ، قال : خطب أبو طلحة أم [ ص: 306 ] سليم ، فقالت : إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركا ، أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها عبد آل فلان ، وأنكم لو أشعلتم فيها نارا لاحترقت ؟ قال : فانصرف وفي قلبه ذلك ، ثم أتاها وقال : الذي عرضت علي قد قبلت . قال : فما كان لها مهر إلا الإسلام .

مسلم بن إبراهيم : أخبرنا ربعي بن عبد الله بن الجارود الهذلي : حدثني الجارود : حدثنا أنس بن مالك : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يزور أم سليم ، فتتحفه بالشيء تصنعه له ، وأخ لي أصغر مني يكنى أبا عمير ، فزارنا يوما ، فقال : ما لي أرى أبا عمير خاثر النفس ؟ قالت : ماتت صعوة له كان يلعب بها . فجعل النبي يمسح رأسه ، ويقول : يا أبا عمير ، ما فعل النغير ؟ .

همام : حدثنا إسحاق بن عبد الله ، عن أنس ، قال : لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل بيتا غير بيت أم سليم . فقيل له . فقال : إني أرحمها ، قتل [ ص: 307 ] أخوها معي .

قلت : أخوها ، هو حرام بن ملحان ، الشهيد الذي قال يوم بئر معونة فزت ورب الكعبة ، لما طعن من ورائه ، فطلعت الحربة من صدره ، رضي الله عنه
.

أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أم سليم ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقيل في بيتي ، وكنت أبسط له نطعا ، فيقيل عليه ، فيعرق ، فكنت آخذ سكا فأعجنه بعرقه .

قال ابن سيرين : فاستوهبت من أم سليم من ذلك السك ، فوهبت لي منه .

قال أيوب : فاستوهبت من محمد من ذلك السك ، فوهب لي منه ; فإنه عندي الآن .

قال : ولما مات محمد حنط بذلك السك . [ ص: 308 ]

رواه ابن سعد ، عن عبد الله بن جعفر الرقي ، عن عبيد الله بن عمرو ، عنه .

ابن سعد : أخبرنا عبد الله بن جعفر : حدثنا عبيد الله ، عن عبد الكريم ، عن البراء بن زيد : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في بيت أم سليم على نطع ، فعرق ، فاستيقظ ، وهي تمسح العرق ، فقال : ما تصنعين ؟ قالت : آخذ هذه البركة التي تخرج منك .

ابن جريج ، عن عبد الكريم بن مالك : أخبرني البراء ابن بنت أنس ، عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أم سليم ، وقربة معلقة ، فشرب منها قائما ، فقامت إلى في السقاء ، فقطعته .

رواه عبيد الله بن عمرو ، فزاد : وأمسكته عندها .

عفان : حدثنا حماد : أخبرنا ثابت ، عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يحلق رأسه بمنى ، أخذ أبو طلحة شق شعره ، فجاء به إلى أم سليم ، فكانت تجعله في سكها .

قالت : وكان يقيل عندي على نطع ، وكان معراقا - صلى الله عليه وسلم - فجعلت أسلت العرق في قارورة . فاستيقظ ، فقال : ما تجعلين ؟ قلت : أريد أن أدوف [ ص: 309 ] بعرقك طيبي
.

حميد الطويل : عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أم سليم ، فأتته بسمن وتمر . فقال : إني صائم . ثم قام ، فصلى ، ودعا لأم سليم ولأهل بيتها ، فقالت : إن لي خويصة قال : ما هي ؟ قالت : خادمك أنس ، فما ترك خير آخرة ولا دنيا إلا دعا لي به ، وبعثت معي بمكتل من رطب إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .

وروى ثابت ، عن أنس ، قال : قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : دخلت الجنة ، فسمعت خشفة بين يدي ; فإذا أنا بالغميصاء بنت ملحان [ ص: 310 ]

وروى عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس ، قال : ولدت أمي ، فبعثت بالولد معي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : هذا أخي . فأخذه ، فمضغ له تمرة فحنكه بها .

قال حميد : قال أنس : ثقل ابن لأم سليم ، فخرج أبو طلحة إلى المسجد ، فتوفي الغلام . فهيأت أم سليم أمره ، وقالت : لا تخبروه . فرجع ، وقد سيرت له عشاءه ، فتعشى ، ثم أصاب من أهله . فلما كان من آخر الليل ، قالت : يا أبا طلحة ، ألم تر إلى آل أبي فلان استعاروا عارية ، فمنعوها ، وطلبت منهم ، فشق عليهم . فقال : ما أنصفوا . قالت : فإن ابنك كان عارية من الله ، فقبضه . فاسترجع ، وحمد الله .

فلما أصبح غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآه ، قال : بارك الله لكما في ليلتكما .

فحملت بعبد الله بن أبي طلحة ، فولدت ليلا ، فأرسلت به معي ، وأخذت تمرات عجوة ، فانتهيت به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يهنأ أباعر له ، ويسمها ، فقلت : يا رسول الله ، ولدت أم سليم الليلة .

فمضغ بعض التمرات بريقه ، فأوجره إياه ، فتلمظ الصبي ، فقال : [ ص: 311 ] حب الأنصار التمر . فقلت : سمه يا رسول الله . قال : هو عبد الله
.

سمعه الأنصاري ، وعبد الله بن بكر ، منه .

وروى سعيد بن مسروق الثوري ، عن عباية بن رفاعة ، قال : كانت أم أنس تحت أبي طلحة ، فذكر نحوه . وفيه : فقال رسول الله : اللهم بارك لهما في ليلتهما .

قال عباية : فلقد رأيت لذلك الغلام سبع بنين ، كلهم قد ختم القرآن . رواه أبو الأحوص عنه .

روت : أربعة عشر حديثا . اتفقا لها على حديث ، وانفرد البخاري بحديث ، ومسلم بحديثين .

أرب جمـال 9 - 2 - 2010 12:10 AM

أم هانئ ( ع )

السيدة الفاضلة أم هانئ بنت عم النبي - صلى الله عليه وسلم - أبي طالب عبد مناف بن [ ص: 312 ] عبد المطلب بن هاشم . الهاشمية المكية .

أخت : علي ، وجعفر .

اسمها : فاختة . وقيل : هند . تأخر إسلامها .

دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى منزلها يوم الفتح ، فصلى عندها ثمان ركعات ضحى .

روت أحاديث .

حدث عنها : حفيدها جعدة ، ومولاها أبو صالح باذام ، وكريب مولى ابن عباس ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، ومجاهد بن جبر ، وعطاء بن أبي رباح ، وعروة بن الزبير ; وآخرون .

كانت تحت هبيرة بن عمرو بن عائذ المخزومي ، فهرب يوم الفتح إلى نجران . أولدها : عمرو بن هبيرة ، وجعدة ، وهانئا ، ويوسف .

وأسلمت يوم الفتح .

قال ابن إسحاق : لما بلغ هبيرة إسلامها ، قال أبياتا منها . [ ص: 313 ]
وعاذلة هبت بليل تلومني وتعذلني بالليل ضل ضلالها وتزعم أني إن أطعت عشيرتي
سأوذى وهل يؤذيني إلا زوالها فإن كنت قد تابعت دين محمد
وقطعت الأرحام منك حبالها فكوني على أعلى سحيق بهضبة
ململمة غبراء يبس بلالها


قلت : لم يذكر أحد أن هبيرة أسلم .

عاشت أم هانئ إلى بعد سنة خمسين .

القعنبي ، عن مالك ، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله : أن أبا مرة مولى أم هانئ أخبره : أنه سمع أم هانئ تقول : ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح ، فوجدته يغتسل ، وفاطمة تستره بثوب ، فسلمت . فقال : من هذه ؟ قلت : أنا أم هانئ بنت أبي طالب . فقال : مرحبا بأم هانئ .

فلما فرغ من غسله ، قام فصلى ثمان ركعات ملتحفا في ثوب واحد . فقلت : يا رسول الله ، زعم ابن أمي - تعني عليا - أنه قاتل رجلا قد أجرته : فلان بن هبيرة . فقال : قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ . وذلك ضحى
. [ ص: 314 ]

قال الدغولي : كان ابنها جعدة بن هبيرة ، قد ولاه علي بن أبي طالب خراسان ، وهو ابن أخته .

وقيل : إن أم هانئ لما بانت عن هبيرة بإسلامها ، خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إني امرأة مصبية . فسكت عنها .

بلغ مسندها : ستة وأربعين حديثا . لها من ذلك حديث واحد أخرجاه .

أرب جمـال 9 - 2 - 2010 12:13 AM

[ ص: 316 ] أم حرام ( خ ، م ، د ، س ، ق )

بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار . الأنصارية النجارية المدنية .

أخت أم سليم . وخالة أنس بن مالك . وزوجة عبادة بن الصامت .

حديثها في جميع الدواوين ، سوى جامع أبي عيسى . كانت من علية النساء .

حدث عنها : أنس بن مالك ; وغيره .

سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما هو إلا أنا وأمي وخالتي أم حرام ، فقال : قوموا فلأصل بكم فصلى بنا في غير وقت صلاة .

يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن أنس ، قال : حدثتني أم حرام بنت ملحان : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في بيتها يوما ، فاستيقظ ، وهو يضحك . فقلت : يا رسول الله : ما أضحكك ؟ قال : عرض علي ناس من أمتي يركبون ظهر هذا البحر ، كالملوك [ ص: 317 ] على الأسرة . قلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . قال : أنت من الأولين .

فتزوجها عبادة بن الصامت ، فغزا بها في البحر ، فحملها معه . فلما رجعوا قربت لها بغلة لتركبها فصرعتها ، فدقت عنقها ، فماتت ، رضي الله عنها
.

قلت : يقال هذه غزوة قبرس في خلافة عثمان .

وحديثها له طرق في " الصحيحين " .

وبلغني أن قبرها تزوره الفرنج .

أرب جمـال 9 - 2 - 2010 12:16 AM

[ ص: 318 ] أم عطية الأنصارية ( ع )

اسمها : نسيبة بنت الحارث . وقيل : نسيبة بنت كعب . من فقهاء الصحابة لها عدة أحاديث .

وهي التي غسلت بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب .

حدث عنها : محمد بن سيرين ، وأخته حفصة بنت سيرين ، وأم شراحيل ، وعلي بن الأقمر ، وعبد الملك بن عمير ، وإسماعيل بن عبد الرحمن ; وعدة . عاشت إلى حدود سنة سبعين .

وهي القائلة : نهينا عن اتباع الجنازة ، ولم يعزم علينا .

حديثها مخرج في الكتب الستة .

[ ص: 319 ] فاطمة بنت قيس الفهرية ( ع )

إحدى المهاجرات وأخت الضحاك .

كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي ، فطلقها ، فخطبها معاوية بن أبي سفيان ، وأبو جهم ، فنصحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشار عليها بأسامة بن زيد ، فتزوجت به .

وهي التي روت حديث السكنى والنفقة للمطلقة بتة .

وهي التي روت قصة الجساسة .

حدث عنها : الشعبي ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وآخرون .

توفيت في خلافة معاوية وحديثها في الدواوين كلها .

[ ص: 320 ] عثمان بن حنيف ( ت ، س ، ق )

ابن واهب بن عكيم بن ثعلبة بن الحارث بن مجدعة بن عمرو بن حنش بن عوف بن عمرو بن عوف . الأنصاري الأوسي القبائي .

أخو سهل بن حنيف . ووالد : عبد الله ، وحارثة ، والبراء ، ومحمد ، وعبد الله .

وأم سهل من جلة الأنصار .

ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أبي مجلز : أن عمر وجه عثمان بن حنيف على خراج السواد ، ورزقه كل يوم ربع شاة وخمسة دراهم . وأمره أن يمسح السواد ، عامره وغامره ولا يمسح سبخة . ولا تلا ، ولا أجمة ، ولا مستنقع ماء .

فمسح كل شيء دون جبل حلوان إلى أرض العرب ، وهو أسفل الفرات . وكتب إلى عمر : إني وجدت كل شيء بلغه الماء ، غامرا وعامرا ، [ ص: 321 ] ستة وثلاثين ألف جريب - وكان ذراع عمر الذي ذرع به السواد ذراعا وقبضة والإبهام مضجعة .

وكتب إليه : أن افرض الخراج على كل جريب ، عامر أو غامر ، درهما وقفيزا وافرض على الكرم ، على كل جريب عشرة دراهم ، وأطعمهم النخل والشجر ، وقال : هذا قوة لهم على عمارة بلادهم .

وفرض على الموسر ثمانية وأربعين درهما ، وعلى من دون ذلك أربعة وعشرين درهما ، وعلى من لم يجد شيئا اثني عشر درهما ، ورفع عنهم الرق بالخراج الذي وضعه في رقابهم .

فحمل من خراج سواد الكوفة إلى عمر في أول سنة ثمانون ألف ألف درهم ، ثم حمل من قابل مائة وعشرون ألف ألف درهم . فلم يزل على ذلك .

حصين بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن ميمون ، قال : جئت فإذا عمر واقف على حذيفة ، وعثمان بن حنيف ، وهو يقول : تخافان أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق ؟ قال عثمان : لو شئت لأضعفت على أرضي . وقال حذيفة : لقد حملت الأرض شيئا هي له مطيقة . فجعل يقول : انظرا ما [ ص: 322 ] لديكما ، والله لئن سلمني الله لأدعن أرامل العراق لا يحتجن . فما أتت عليه رابعة حتى أصيب .

قال ابن سعد : قتل عثمان ، وفارق ابن كريز البصرة ، فبعث علي عليها عثمان بن حنيف واليا ; فلم يزل حتى قدم عليه طلحة والزبير ، فقاتلهما ومعه حكيم بن جبلة العبدي . ثم توادعوا ، حتى يقدم علي .

ثم كانت ليلة ذات ريح وظلمة ، فأقبل أصحاب طلحة ، فقتلوا حرس عثمان بن حنيف ودخلوا عليه ، فنتفوا لحيته وجفون عينيه ، وقالوا : لولا العهد لقتلناك . فقال : إن أخي وال لعلي على المدينة ، ولو قتلتموني لقتل من بالمدينة من أقارب طلحة والزبير .

ثم سجن . وأخذوا بيت المال .

وكان يكنى : أبا عبد الله . توفي في خلافة معاوية وله عقب .

ولعثمان حديث لين في " مسند أحمد " .

أرب جمـال 9 - 2 - 2010 12:17 AM

[ ص: 323 ] خباب بن الأرت ( ع )

ابن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة ، من تميم . أبو يحيى التميمي .

من نجباء السابقين له عدة أحاديث . وقيل : كنيته أبو عبد الله . شهد بدرا ، والمشاهد .

حدث عنه : مسروق ، وأبو وائل ، وأبو معمر ، وقيس بن أبي حازم ، وعلقمة بن قيس ; وعدة .

قيل : مات في خلافة عمر وصلى عليه عمر . وليس هذا بشيء ، بل مات بالكوفة سنة سبع وثلاثين وصلى عليه علي .

وقيل : عاش ثلاثا وسبعين سنة . [ ص: 324 ]

نعم ، الذي مات سنة تسع عشرة وصلى عليه عمر : هو خباب مولى عتبة بن غزوان ، صحابي مهاجري أيضا .

قال منصور ، عن مجاهد : أول من أظهر إسلامه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ، وخباب ، وبلال ، وصهيب ، وعمار .

وأما ابن إسحاق ، فذكر إسلام خباب بعد تسعة عشر إنسانا ، وأنه كمل العشرين .

الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي ليلى الكندي ، قال : قال عمر لخباب : ادنه ، فما أحد أحق بهذا المجلس منك إلا عمار . قال : فجعل يريه بظهره شيئا ، يعني : من آثار تعذيب قريش له .

أبو الضحى ، عن مسروق ، عن خباب ، قال : كنت قينا بمكة ، فعملت للعاص بن وائل سيفا ، فجئت أتقاضاه ، فقال : لا أعطيك حتى تكفر بمحمد . فقلت : لا أكفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - حتى تموت ثم تبعث . فقال : إذا بعثت كان لي مال فسوف أقضيك . فقلت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فأنزلت : أفرأيت الذي كفر بآياتنا .

لخباب - بالمكرر - اثنان وثلاثون حديثا . ومنها : ثلاثة في [ ص: 325 ] " الصحيحين " وانفرد له البخاري بحديثين; ومسلم بحديث .

أرب جمـال 9 - 2 - 2010 12:18 AM

سهل بن حنيف ( ع )

أبو ثابت ، الأنصاري الأوسي العوفي .

والد أبي أمامة بن سهل . وأخو عثمان بن حنيف . شهد بدرا والمشاهد .

حدث عنه ابناه : أبو أمامة ، وعبد الله ; وعبيد بن السباق ، وأبو وائل ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، ويسير بن عمرو ; وآخرون .

وكان من أمراء علي ، رضي الله عنه .

مات بالكوفة ، في سنة ثمان وثلاثين وصلى عليه علي .

وحديثه في الكتب الستة . [ ص: 326 ]

الحاكم في " مستدركه " ، من طريق عبد الواحد بن زياد : حدثنا عثمان بن حكيم : حدثتنا الرباب جدتي ، عن سهل بن حنيف : اغتسلت في سيل ، فخرجت محموما ، فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : مروا أبا ثابت فليتصدق .

مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي أمامة بن سهل ، قال : رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف ، فقال : والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة! فلبط بسهل ، فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل : يا رسول الله ، هل لك في سهل ؟ والله ما يرفع رأسه ! قال : هل تتهمون به أحدا ؟ قالوا : نتهم عامر بن ربيعة . فدعاه ، فتغيظ عليه ، وقال : علام يقتل أحدكم أخاه ! ألا بركت! اغتسل له .

فغسل وجهه ، ويديه ، ومرفقيه ، وركبتيه ، وأطراف رجليه ، وداخلة إزاره ، في قدح ، ثم صب عليه . فراح سهل مع الناس ما به بأس
.

أبو صالح : حدثني أبو شريح : أنه سمع سهل بن أبي أمامة بن سهل يحدث عن أبيه ، عن جده : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تشددوا على أنفسكم ; فإنما هلك من كان قبلكم بتشديدهم على أنفسهم ، وستجدون [ ص: 327 ] بقاياهم في الصوامع والديارات .

إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر ، عن عبد الله بن معقل ، قال : صلى علي على سهل بن حنيف ; فكبر ستا .

رواه الأعمش ، عن يزيد ، عن ابن معقل ، فقال : كبر خمسا ، ثم التفت إلينا ، فقال : إنه بدري . [ ص: 328 ]

قال ابن سعد : سهل بن حنيف بن واهب بن عكيم بن ثعلبة بن عمرو بن الحارث بن مجدعة بن عمرو بن حنش بن عوف بن عمرو بن عوف ; أبو سعد ، وأبو عبد الله .

وله من الولد : أبو أمامة أسعد ، وعثمان ، وسعد . وعقبه اليوم بالمدينة ، وببغداد .

قال : وقالوا : آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين سهل وبين علي .

شهد بدرا ، وثبت يوم أحد . وبايع على الموت ، وجعل ينضح بالنبل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله : نبلوا سهلا فإنه سهل .

قال الزهري : لم يعط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أموال بني النضير أحدا من الأنصار إلا سهل بن حنيف ، وأبا دجانة . كانا فقيرين .

الأعمش ، عن يزيد بن زياد - مدني - عن عبد الله بن معقل ، قال : كبر علي - رضي الله عنه - في سلطانه كله أربعا أربعا على الجنازة ، إلا على سهل بن حنيف ، فإنه كبر عليه خمسا ، ثم التفت إليهم ، فقال : إنه بدري . [ ص: 329 ]

أبو نعيم : حدثنا أبو جناب : سمعت عمير بن سعيد يقول : صلى علي على سهل ، فكبر خمسا . فقالوا : ما هذا ؟ فقال : لأهل بدر فضل على غيرهم ; فأردت أن أعلمكم فضله .

عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : دخل علي بسيفه على فاطمة وهي تغسل الدم عن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : خذيه ، فلقد أحسنت به القتال . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن كنت أحسنت فلقد أحسن سهل بن حنيف .

وروي نحوه مرسلا .

أرب جمـال 9 - 2 - 2010 12:20 AM

خوات بن جبير ( بخ )

ابن النعمان بن أمية بن البرك ، وهو امرؤ القيس بن ثعلبة بن عمرو بن عوف ، الأنصاري الأوسي . [ ص: 330 ]

أخو عبد الله بن جبير العقبي البدري ، الذي كان أمير الرماة يوم أحد .

ويكنى خوات : أبا صالح .

قال قيس بن أبي حذيفة : كنيته : أبو عبد الله .

قال ابن سعد : قالوا : وكان خوات بن جبير صاحب ذات النحيين في الجاهلية ، ثم أسلم فحسن إسلامه .

الواقدي : أخبرني عبد الملك بن أبي سليمان ، عن خوات بن صالح ، عن أبيه . وأخبرنا ابن أبي سبرة ، عن المسور بن رفاعة ، عن عبد الله بن مكنف : أن خوات بن جبير خرج إلى بدر ، فلما كان بالروحاء أصابه نصيل حجر ، فكسر ، فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، وضرب له بسهمه وأجره ; فكان كمن شهدها .

قالوا : مات خوات بالمدينة سنة أربعين وهو ابن أربع وسبعين سنة . وكان يخضب ، وكان ربعة من الرجال .

[ ص: 331 ] عبدالله بن جبير

شهد العقبة مع السبعين ، وبدرا وأحدا .

واستعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ على الرماة ، وهم خمسون رجلا ; وأمرهم فوقفوا على عينين فاستشهد يومئذ ومثل به . قتله عكرمة بن أبي جهل .

قتادة بن النعمان ( ع )

ابن زيد بن عامر . الأمير المجاهد . أبو عمر الأنصاري الظفري البدري . [ ص: 332 ]

من نجباء الصحابة وهو أخو أبي سعيد الخدري لأمه .

وهو الذي وقعت عينه على خده يوم أحد ، فأتى بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فغمزها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده الشريفة ، فردها ; فكانت أصح عينيه .

له أحاديث .

روى عنه : أخوه أبو سعيد ، وابنه عمر ، ومحمود بن لبيد ; وغيرهم .

وكان على مقدمة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لما سار إلى الشام ، كان من الرماة المعدودين . [ ص: 333 ]

عاش خمسا وستين سنة .

توفي في سنة ثلاث وعشرين بالمدينة ونزل عمر يومئذ في قبره .

عبد الرحمن بن الغسيل : حدثنا عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أبيه ، عن جده : أنه أصيبت عينه يوم بدر ، فسالت حدقته على وجنته ; فأراد القوم أن يقطعوها ، فقالوا : نأتي نبي الله نستشيره . فجاء ، فأخبره الخبر . فأدناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه ، فرفع حدقته حتى وضعها موضعها ، ثم غمزها براحته وقال : اللهم اكسه جمالا . فمات ، وما يدري من لقيه أي عينيه أصيبت .

قال ابن سعد : بنو ظفر : من الأوس . وقيل : يكنى : أبا عبد الله .

وقال الواقدي : شهد العقبة مع السبعين . وكذا قال ابن عقبة ، وأبو معشر .

ولم يذكره ابن إسحاق فيمن شهد العقبة - رضي الله عنه .

عامر بن ربيعة ( ع )

ابن كعب بن مالك . أبو عبد الله العنزي ، عنز بن وائل . من حلفاء آل عمر بن الخطاب ; العدوي . [ ص: 334 ]

من السابقين الأولين أسلم قبل عمر ، وهاجر الهجرتين ، وشهد بدرا .

قال ابن إسحاق : أول من قدم المدينة مهاجرا : أبو سلمة بن عبد الأسد ، وبعده ، عامر بن ربيعة .

له أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أبي بكر ، وعمر .

حدث عنه : ولده عبد الله ، وابن عمر ، وابن الزبير ، وأبو أمامة بن سهل ; وغيرهم .

وكان الخطاب قد تبناه . وكان معه لواء عمر لما قدم الجابية .

قال الواقدي : كان موت عامر بن ربيعة بعد قتل عثمان بأيام . وكان لزم بيته ، فلم يشعر الناس إلا بجنازته قد أخرجت .

روى يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة : أن أباه رئي في المنام حين طعنوا على عثمان ، فقيل له : قم فسل الله أن يعيذك من الفتنة .

توفي عامر سنة خمس وثلاثين قبل مقتل عثمان بيسير .

جعفر بن عون : أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن عامر بن [ ص: 335 ] ربيعة ، قال : لما طعنوا على عثمان ، صلى أبي في الليل ، ودعا ، فقال : اللهم قني من الفتنة بما وقيت به الصالحين من عبادك ، فما أخرج ، ولا أصبح ، إلا بجنازته .

أرب جمـال 9 - 2 - 2010 12:27 AM

أبو الدرداء ( ع )

الإمام القدوة . قاضي دمشق ، وصاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو الدرداء عويمر بن زيد بن قيس ويقال : عويمر بن عامر ، ويقال : ابن عبد الله . وقيل : ابن ثعلبة بن عبد الله ، الأنصاري الخزرجي .

حكيم هذه الأمة . وسيد القراء بدمشق .

وقال ابن أبي حاتم : هو عويمر بن قيس بن زيد بن قيس بن أمية بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج .

قال : ويقال : اسمه عامر بن مالك .

روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم- عدة أحاديث . [ ص: 336 ]

وهو معدود فيمن تلا على النبي - صلى الله عليه وسلم- ولم يبلغنا أبدا أنه قرأ على غيره .

وهو معدود فيمن جمع القرآن في حياة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .

وتصدر للإقراء بدمشق في خلافة عثمان وقبل ذلك .

روى عنه : أنس بن مالك ، وفضالة بن عبيد ، وابن عباس ، وأبو أمامة ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ; وغيرهم من جلة الصحابة ، وجبير بن نفير ، وزيد بن وهب ، وأبو إدريس الخولاني ، وعلقمة بن قيس ، وقبيصة بن ذؤيب ، وزوجته أم الدرداء العالمة ، وابنه بلال بن أبي الدرداء ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء بن يسار ، ومعدان بن أبي طلحة ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وخالد بن معدان ، وعبد الله بن عامر اليحصبي .

وقيل : إنه قرأ عليه القرآن ولحقه ; فإن صح ، فلعله قرأ عليه بعض القرآن وهو صبي .

وقرأ عليه عطية بن قيس ، وأم الدرداء .

وقال أبو عمرو الداني : عرض عليه القرآن : خليد بن سعد ، وراشد بن سعد ، وخالد بن معدان ، وابن عامر . كذا قال الداني . وولي القضاء بدمشق ، في دولة عثمان . فهو أول من ذكر لنا من قضاتها . وداره بباب البريد . ثم صارت في دولة السلطان صلاح الدين تعرف بدار الغزي . [ ص: 337 ]

ويروى له مائة وتسعة وسبعون حديثا .

واتفقا له على حديثين ، وانفرد البخاري بثلاثة ، ومسلم بثمانية .

روى سعيد بن عبد العزيز ، عن مغيث بن سمي : أن أبا الدرداء ، عويمر بن عامر من بني الحارث بن الخزرج .

وقال ابن إسحاق مرة : هو عويمر بن ثعلبة .

مات قبل عثمان بثلاث سنين .

وقال البخاري : سألت رجلا من ولد أبي الدرداء ، فقال : اسمه عامر بن مالك . ولقبه : عويمر .

وقال أبو مسهر : هو عويمر بن ثعلبة . وقال أحمد ، وابن أبي شيبة ، وعدة : عويمر بن عامر .

وآخر من زعم أنه رأى أبا الدرداء ، شيخ عاش إلى دولة الرشيد ، فقال أبو إبراهيم الترجماني : حدثنا إسحاق أبو الحارث ، قال : رأيت أبا الدرداء أقنى أشهل يخضب بالصفرة .

روى الأعمش ، عن خيثمة : قال أبو الدرداء : كنت تاجرا قبل المبعث ، فلما جاء الإسلام ، جمعت التجارة والعبادة ، فلم يجتمعا ، [ ص: 338 ] فتركت التجارة ، ولزمت العبادة .

قلت : الأفضل جمع الأمرين مع الجهاد ، وهذا الذي قاله ، هو طريق جماعة من السلف والصوفية ، ولا ريب أن أمزجة الناس تختلف في ذلك ، فبعضهم يقوى على الجمع ، كالصديق ، وعبد الرحمن بن عوف ، وكما كان ابن المبارك ; وبعضهم يعجز ، ويقتصر على العبادة ، وبعضهم يقوى في بدايته ، ثم يعجز ، وبالعكس ; وكل سائغ . ولكن لا بد من النهضة بحقوق الزوجة والعيال .

قال سعيد بن عبد العزيز : أسلم أبو الدرداء يوم بدر ، ثم شهد أحدا ، وأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يومئذ أن يرد من على الجبل ، فردهم وحده . وكان قد تأخر إسلامه قليلا .

قال شريح بن عبيد الحمصي : لما هزم أصحاب رسول الله يوم أحد ، كان أبو الدرداء يومئذ فيمن فاء إلى رسول الله في الناس ، فلما أظلهم المشركون من فوقهم ، قال رسول الله : اللهم ، ليس لهم أن يعلونا فثاب إليه ناس ، وانتدبوا ، وفيهم عويمر أبو الدرداء ، حتى أدحضوهم عن مكانهم ، وكان أبو الدرداء يومئذ حسن البلاء . فقال رسول الله : نعم الفارس عويمر ! . [ ص: 339 ]

وقال : حكيم أمتي عويمر .

هذا رواه يحيى البابلتي : حدثنا صفوان بن عمرو ، عن شريح .

ثابت البناني ، وثمامة ، عن أنس : مات النبي - صلى الله عليه وسلم- ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرداء ، ومعاذ ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد .

وقال زكريا ، وابن أبي خالد ، عن الشعبي : جمع القرآن على عهد رسول الله ستة ، وهم من الأنصار : معاذ ، وأبو الدرداء ، وزيد ، وأبو زيد ، وأبي ، وسعد بن عبيد .

وكان بقي على مجمع بن جارية سورة أو سورتان ، حين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم . [ ص: 340 ]

إسماعيل ، عن الشعبي ، قال : كان ابن مسعود قد أخذ بضعا وسبعين سورة ، يعني من النبي - صلى الله عليه وسلم- وتعلم بقيته من مجمع ، ولم يجمع أحد من الخلفاء من الصحابة القرآن غير عثمان .

قال أبو الزاهرية : كان أبو الدرداء من آخر الأنصار إسلاما وكان يعبد صنما ، فدخل ابن رواحة ، ومحمد بن مسلمة بيته ، فكسرا صنمه ، فرجع فجعل يجمع الصنم ، ويقول : ويحك! هلا امتنعت! ألا دفعت عن نفسك؟! ، فقالت أم الدرداء : لو كان ينفع أو يدفع عن أحد ، دفع عن نفسه ، ونفعها ! .

فقال أبو الدرداء : أعدي لي ماء في المغتسل . فاغتسل ، ولبس حلته ، ثم ذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فنظر إليه ابن رواحة مقبلا ، فقال : يا رسول الله ، هذا أبو الدرداء ، وما أراه إلا جاء في طلبنا ؟ فقال : إنما جاء ليسلم ، إن ربي وعدني بأبي الدرداء أن يسلم .

روى من قوله : " وكان يعبد . . . إلى آخره " معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن جبير بن نفير .

وروى منه ، أبو صالح ، عن معاوية عن أبي الزاهرية ، عن جبير ، عن [ ص: 341 ] أبي الدرداء : قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : إن الله وعدني إسلام أبي الدرداء . فأسلم .

وروى أبو مسهر ، عن سعيد بن عبد العزيز : أن أبا الدرداء أسلم يوم بدر ، وشهد أحدا . وفرض له عمر في أربع مائة - يعني في الشهر- ألحقه في البدريين .

وقال الواقدي : قيل : لم يشهد أحدا .

سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول : كانت الصحابة يقولون : أرحمنا بنا أبو بكر ; وأنطقنا بالحق عمر ; وأميننا أبو عبيدة ; وأعلمنا بالحرام والحلال معاذ ; وأقرؤنا أبي ، ورجل عنده علم ابن مسعود ، وتبعهم عويمر أبو الدرداء بالعقل .

وقال ابن إسحاق : كان الصحابة يقولون : أتبعنا للعلم والعمل أبو الدرداء .

وروى عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه : أن رسول الله آخى بين سلمان وأبي الدرداء ; فجاءه سلمان يزوره ، فإذا أم الدرداء متبذلة ، فقال : ما شأنك ؟ قالت : إن أخاك لا حاجة له في الدنيا ، يقوم الليل ، ويصوم النهار . فجاء أبو الدرداء ، فرحب به ، وقرب إليه طعاما . فقال له سلمان : كل . قال : إني صائم . قال : أقسمت عليك لتفطرن . فأكل معه . ثم بات عنده ، فلما كان من الليل ، أراد أبو الدرداء أن يقوم ، فمنعه سلمان وقال : [ ص: 342 ] إن لجسدك عليك حقا . ولربك عليك حقا . ولأهلك عليك حقا ; صم ، وأفطر ، وصل ، وائت أهلك ، وأعط كل ذي حق حقه .

فلما كان وجه الصبح ، قال : قم الآن إن شئت ; فقاما ، فتوضآ ، ثم ركعا ، ثم خرجا إلى الصلاة ، فدنا أبو الدرداء ليخبر رسول الله بالذي أمره سلمان . فقال له : يا أبا الدرداء ، إن لجسدك عليك حقا ، مثل ما قال لك سلمان
.

البابلتي : حدثنا الأوزاعي : حدثنا حسان بن عطية ، قال : قال أبو الدرداء : لو أنسيت آية لم أجد أحدا يذكرنيها إلا رجلا ببرك الغماد ، رحلت إليه .

الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن أبي الدرداء ، قال : سلوني ، فوالله لئن فقدتموني لتفقدن رجلا عظيما من أمة محمد ، صلى الله عليه وسلم .

ربيعة القصير ، عن أبي إدريس ، عن يزيد بن عميرة ، قال : لما حضرت معاذا الوفاة ، قالوا : أوصنا . فقال : العلم والإيمان مكانهما ، من ابتغاهما وجدهما . - قالها ثلاثا- فالتمسوا العلم عند أربعة : عند عويمر أبي [ ص: 343 ] الدرداء ، وسلمان ، وابن مسعود ، وعبد الله بن سلام ، الذي كان يهوديا فأسلم .

وعن ابن مسعود : علماء الناس ثلاثة : واحد بالعراق ، وآخر بالشام - يعني : أبا الدرداء - وهو يحتاج إلى الذي بالعراق - يعني : نفسه- وهما يحتاجان إلى الذي بالمدينة ، يعني : عليا رضي الله عنه .

إسناده ضعيف .

ابن وهب : أخبرني يحيى بن عبد الله ، عن عبد الرحمن الحجري ، قال : قال أبو ذر لأبي الدرداء : ما حملت ورقاء ، ولا أظلت خضراء ، أعلم منك يا أبا الدرداء .

منصور ، عن رجل ، عن مسروق ، قال : وجدت علم الصحابة انتهى إلى ستة : عمر ، وعلي ، وأبي ، وزيد ، وأبي الدرداء ، وابن مسعود ; ثم انتهى علمهم إلى علي ، وعبد الله .

وقال خالد بن معدان : كان ابن عمر يقول : حدثونا عن العاقلين . فيقال : من العاقلان ؟ فيقول : معاذ ، وأبو الدرداء . [ ص: 344 ]

وروى سعد بن إسحاق ، عن محمد بن كعب ، قال : جمع القرآن خمسة : معاذ ، وعبادة بن الصامت ، وأبو الدرداء ، وأبي ، وأبو أيوب . فلما كان زمن عمر ، كتب إليه يزيد بن أبي سفيان : إن أهل الشام قد كثروا ، وملئوا المدائن ، واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم . فأعني برجال يعلمونهم . فدعا عمر الخمسة ; فقال : إن إخوانكم قد استعانوني من يعلمهم القرآن ، ويفقههم في الدين ، فأعينوني يرحمكم الله بثلاثة منكم إن أحببتم ، وإن انتدب ثلاثة منكم فليخرجوا .

فقالوا : ما كنا لنتساهم ، هذا شيخ كبير - لأبي أيوب- وأما هذا فسقيم - لأبي - فخرج معاذ ، وعبادة ، وأبو الدرداء .

فقال عمر : ابدءوا بحمص ، فإنكم ستجدون الناس على وجوه مختلفة ، منهم من يلقن ، فإذا رأيتم ذلك ، فوجهوا إليه طائفة من الناس ، فإذا رضيتم منهم ، فليقم بها واحد ، وليخرج واحد إلى دمشق ، والآخر إلى فلسطين . قال : فقدموا حمص فكانوا بها ; حتى إذا رضوا من الناس أقام بها عبادة بن الصامت ; وخرج أبو الدرداء إلى دمشق ، ومعاذ إلى فلسطين ، فمات في طاعون عمواس . ثم صار عبادة بعد إلى فلسطين وبها مات . ولم يزل أبو الدرداء بدمشق حتى مات . [ ص: 345 ]


أرب جمـال 9 - 2 - 2010 12:29 AM


الأحوص بن حكيم : عن راشد بن سعد ، قال : بلغ عمر أن أبا الدرداء ، ابتنى كنيفا بحمص . فكتب إليه : يا عويمر ، أما كانت لك كفاية فيما بنت الروم عن تزيين الدنيا ، وقد أذن الله بخرابها . فإذا أتاك كتابي ، فانتقل إلى دمشق .

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، قال : كان أبو الدرداء ، إذا قضى بين اثنين ، ثم أدبرا عنه ، نظر إليهما ، فقال : ارجعا إلي ، أعيدا علي قضيتكما .

معمر ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن ابن أبي ليلى ، قال : كتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد : سلام عليك . أما بعد ، فإن العبد إذا عمل بمعصية الله ، أبغضه الله ; فإذا أبغضه الله ، بغضه إلى عباده .

وقال أبو وائل ، عن أبي الدرداء : إني لآمركم بالأمر وما أفعله ، ولكن لعل الله يأجرني فيه .

شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه : أن عمر قال لابن مسعود ، وأبي ذر ، وأبي الدرداء : ما هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأحسبه حبسهم بالمدينة حتى أصيب . [ ص: 346 ]

سعيد بن عبد العزيز ، عن مسلم بن مشكم : قال لي أبو الدرداء : اعدد من في مجلسنا . قال : فجاءوا ألفا وستمائة ونيفا . فكانوا يقرءون ويتسابقون عشرة عشرة ، فإذا صلى الصبح ، انفتل وقرأ جزءا ; فيحدقون به يسمعون ألفاظه . وكان ابن عامر مقدما فيهم .

وقال هشام بن عمار : حدثنا يزيد بن أبي مالك ، عن أبيه ، قال : كان أبو الدرداء يصلي ، ثم يقرئ ويقرأ ، حتى إذا أراد القيام ، قال لأصحابه : هل من وليمة أو عقيقة نشهدها ؟ فإن قالوا : نعم ، وإلا قال : اللهم ، إني أشهدك أني صائم . وهو الذي سن هذه الحلق للقراءة .

قال القاسم بن عبد الرحمن : كان أبو الدرداء من الذين أوتوا العلم .

أبو الضحى ; عن مسروق ، قال : شاممت أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- فوجدت علمهم انتهى إلى عمر ، وعلي ، وعبد الله ، ومعاذ ، وأبي الدرداء ، وزيد بن ثابت . .

وعن يزيد بن معاوية ، قال : إن أبا الدرداء من العلماء الفقهاء ، الذين يشفون من الداء . [ ص: 347 ]

وقال الليث ، عن رجل عن آخر : رأيت أبا الدرداء دخل مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم- ومعه من الأتباع مثل السلطان : فمن سائل عن فريضة ، ومن سائل عن حساب ، وسائل عن حديث ، وسائل عن معضلة ، وسائل عن شعر .

قال ربيعة بن يزيد القصير : كان أبو الدرداء إذا حدث عن رسول الله قال : اللهم إن لا هكذا ، وإلا فكشكله .

منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال أبو الدرداء : ما لي أرى علماءكم يذهبون ، وجهالكم لا يتعلمون ! تعلموا ، فإن العالم والمتعلم شريكان في الأجر .

وعن أبي الدرداء ، من وجه مرسل : لن تكون عالما حتى تكون متعلما ، ولا تكون متعلما حتى تكون بما علمت عاملا ; إن أخوف ما أخاف إذا وقفت للحساب أن يقال لي : ما عملت فيما علمت ؟ .

جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، قال أبو الدرداء : ويل للذي لا يعلم مرة ، وويل للذي يعلم ولا يعمل سبع مرات . [ ص: 348 ]

ابن عجلان ، عن عون بن عبد الله : قلت لأم الدرداء : أي عبادة أبي الدرداء كانت أكثر ؟ قالت : التفكر والاعتبار .

وعن أبي الدرداء : تفكر ساعة خير من قيام ليلة .

عمرو بن واقد ، عن ابن حلبس : قيل لأبي الدرداء - وكان لا يفتر من الذكر- : كم تسبح في كل يوم ؟ قال : مائة ألف ، إلا أن تخطئ الأصابع .

الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، قال : بينا أبو الدرداء يوقد تحت قدر له ، إذ سمعت في القدر صوتا ينشج ، كهيئة صوت الصبي ، ثم انكفأت القدر ، ثم رجعت إلى مكانها ، لم ينصب منها شيء . فجعل أبو الدرداء ينادي : يا سلمان ، انظر إلى ما لم تنظر إلى مثله أنت ولا أبوك ! فقال له سلمان : أما إنك لو سكت ، لسمعت من آيات ربك الكبرى .

الأوزاعي ، عن بلال بن سعد ، أن أبا الدرداء قال : أعوذ بالله من تفرقة القلب . قيل : وما تفرقة القلب ؟ قال : أن يجعل لي في كل واد مال . [ ص: 349 ]

روي عن أبي الدرداء ، قال : لولا ثلاث ما أحببت البقاء : ساعة ظمأ الهواجر ، والسجود في الليل ، ومجالسة أقوام ينتقون جيد الكلام كما ينتقى أطايب الثمر .

الأعمش ، عن غيلان ، عن يعلى بن الوليد ، قال : لقيت أبا الدرداء ، فقلت : ما تحب لمن تحب ؟ قال : الموت . قلت : فإن لم يمت ؟ قال : يقل ماله وولده .

قال معاوية بن قرة : قال أبو الدرداء : ثلاثة أحبهن ، ويكرههن الناس : الفقر ، والمرض ، والموت . أحب الفقر تواضعا لربي ، والموت اشتياقا لربي ، والمرض تكفيرا لخطيئتي .

الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبيه : أن أبا الدرداء أوجعت عينه حتى ذهبت ، فقيل له : لو دعوت الله ؟ فقال : ما فرغت بعد من دعائه لذنوبي ; فكيف أدعو لعيني ؟ .

حريز بن عثمان : حدثنا راشد بن سعد ، قال : جاء رجل إلى أبي [ ص: 350 ] الدرداء فقال : أوصني . قال : اذكر الله في السراء يذكرك في الضراء ; وإذا ذكرت الموتى ، فاجعل نفسك كأحدهم ، وإذا أشرفت نفسك على شيء من الدنيا ، فانظر إلى ما يصير .

إبراهيم النخعي ، عن همام بن الحارث : كان أبو الدرداء يقرئ رجلا أعجميا : إن شجرة الزقوم طعام الأثيم فقال : " طعام اليتيم " فرد عليه ، فلم يقدر أن يقولها . فقال : قل : طعام الفاجر . فأقرأه " طعام الفاجر " .

منصور ، عن عبد الله بن مرة ، أن أبا الدرداء قال : اعبد الله كأنك تراه وعد نفسك في الموتى ، وإياك ودعوة المظلوم ، واعلم أن قليلا يغنيك خير من كثير يلهيك ، وأن البر لا يبلى ، وأن الإثم لا ينسى .

شيبان ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن أبي الدرداء : إياك ودعوات المظلوم ; فإنهن يصعدن إلى الله كأنهن شرارات من نار .

وروى لقمان بن عامر ، أن أبا الدرداء قال : أهل الأموال يأكلون ونأكل ، ويشربون ونشرب ، ويلبسون ونلبس ، ويركبون ونركب ، ولهم فضول أموال ينظرون إليها ، وننظر إليها معهم ، وحسابهم عليها ونحن منها برآء .

وعنه ، قال : الحمد لله الذي جعل الأغنياء يتمنون أنهم مثلنا عند [ ص: 351 ] الموت ، ولا نتمنى أننا مثلهم حينئذ . ما أنصفنا إخواننا الأغنياء : يحبوننا على الدين ، ويعادوننا على الدنيا .

رواه صفوان بن عمرو الحمصي ، عن عبد الرحمن بن جبير .

وروى صفوان ، عن ابن جبير ، عن أبيه ، قال : لما فتحت قبرس ، مر بالسبي على أبي الدرداء ، فبكى ، فقلت له : تبكي في مثل هذا اليوم الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله ؟ قال : يا جبير ، بينا هذه الأمة قاهرة ظاهرة إذ عصوا الله ، فلقوا ما ترى . ما أهون العباد على الله إذا هم عصوه .

بقية ، عن حبيب بن عمر ، عن أبي عبد الصمد ، عن أم الدرداء ، قالت : كان أبو الدرداء لا يحدث بحديث إلا تبسم ، فقلت : إني أخاف أن يحمقك الناس . فقال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لا يحدث بحديث إلا تبسم .

أخرجه أحمد في " المسند " .

عكرمة بن عمار ، عن أبي قدامة محمد بن عبيد ، عن أم الدرداء ، قالت : كان لأبي الدرداء ستون وثلاثمائة خليل في الله . يدعو لهم في الصلاة ، فقلت له في ذلك ، فقال : إنه ليس رجل يدعو لأخيه في الغيب إلا وكل الله به ملكين يقولان : ولك بمثل . أفلا أرغب أن تدعو لي الملائكة . [ ص: 352 ]

وقال أبو الزاهرية : قال أبو الدرداء : إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم .

قالت أم الدرداء : لما احتضر أبو الدرداء ، جعل يقول : من يعمل لمثل يومي هذا ؟ من يعمل لمثل مضجعي هذا ؟ .

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق : أخبرنا الفتح بن عبد السلام ، أخبرنا محمد بن عمر القاضي ، ومحمد بن علي ، ومحمد بن أحمد الطرائقي : قالوا : أخبرنا محمد بن أحمد بن المسلمة : أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن : أخبرنا جعفر الفريابي : حدثنا محمد بن عائذ : حدثنا الهيثم بن حميد : حدثنا الوضين بن عطاء ، عن يزيد بن مزيد ، قال : ذكر الدجال في مجلس فيه أبو الدرداء فقال نوف البكالي إني لغير الدجال أخوف مني من الدجال . فقال أبو الدرداء : وما هو ؟ قال : أخاف أن أستلب إيماني وأنا لا أشعر . فقال أبو الدرداء : ثكلتك أمك يابن الكندية ! وهل في [ ص: 353 ] الأرض خمسون يتخوفون ما تتخوف ؟ ثم قال : وثلاثون ، وعشرون ، وعشرة ، وخمسة . ثم قال : وثلاثة . كل ذلك يقول : ثكلتك أمك! والذي نفسي بيده ما أمن عبد على إيمانه إلا سلبه ، أو انتزع منه فيفقده . والذي نفسي بيده ما الإيمان إلا كالقميص يتقمصه مرة ويضعه أخرى .

قال الواقدي ، وأبو مسهر ، وابن نمير : مات أبو الدرداء سنة اثنتين وثلاثين .

وعن خالد بن معدان ، قال : مات سنة إحدى وثلاثين .

فهذا خطأ ، لأن الثوري روى عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن حريث بن ظهير ، قال : لما جاء نعي - يعني : ابن مسعود - إلى أبي الدرداء ، قال : أما إنه لم يخلف بعده مثله! ووفاة عبد الله في سنة 32 .

وروى إسماعيل بن عبيد الله ، عن أبي عبيد الله الأشعري ، قال : مات أبو الدرداء قبل مقتل عثمان ، رضي الله عنهما .

وقيل : الذين في حلقة إقراء أبي الدرداء كانوا أزيد من ألف رجل ، ولكل عشرة منهم ملقن ، وكان أبو الدرداء يطوف عليهم قائما ، فإذا أحكم الرجل منهم ، تحول إلى أبي الدرداء - يعني يعرض عليه .

وعن أبي الدرداء ، قال : من أكثر ذكر الموت قل فرحه ، وقل حسده .

أرب جمـال 9 - 2 - 2010 12:32 AM

[ ص: 354 ] عياض بن غنم

ابن زهير بن أبي شداد ، أبو سعد الفهري .

ممن بايع بيعة الرضوان واستخلفه قرابته أبو عبيدة بن الجراح ، لما احتضر ، على الشام .

حدث عنه : جبير بن نفير ; وغيره .

وكان خيرا صالحا زاهدا سخيا . وهو الذي افتتح الجزيرة صلحا . أقره عمر على الشام . فعاش بعد نحوا من عامين .

وقيل : عاش ستين سنة ، ومات في سنة عشرين بالشام .

قال ابن سعد : شهد الحديبية ، وكان أحد الأمراء الخمسة يوم اليرموك . [ ص: 355 ]

روى عنه : عياض بن عمرو الأشعري .

قلت : فأما عياض بن زهير الفهري ، فبدري كبير . وهو عم عياض بن غنم . يكنى أيضا : أبا سعد ، لا رواية له ، توفي زمن عثمان في سنة ثلاثين رضي الله عنهما .

سلمة بن سلامة

ابن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل ، أبو عوف الأشهلي ، ابن عمة محمد بن مسلمة .

شهد العقبتين ، وبدرا وأحدا ، والمشاهد .

وله حديث في " مسند " الإمام أحمد من رواية محمود بن لبيد عنه . [ ص: 356 ]

قيل : توفي سنة أربع وثلاثين .

وقال ابن سعد : مات سنة خمس وأربعين وهو ابن سبعين سنة . ودفن بالمدينة . وقد انقرض عقبه .

آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبي سبرة بن أبي رهم العامري . وقيل : بينه وبين الزبير بن العوام .

أرب جمـال 9 - 2 - 2010 02:28 AM

النعمان بن مقرن

أبو حكيم ; وقيل : أبو عمرو المزني ; الأمير صاحب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . [ ص: 357 ]

كان إليه لواء قومه يوم فتح مكة . ثم كان أمير الجيش الذين افتتحوا نهاوند . فاستشهد يومئذ .

وكان مجاب الدعوة ، فنعاه عمر على المنبر إلى المسلمين ، وبكى .

حدث عنه : ابنه معاوية ، ومعقل بن يسار ، ومسلم بن الهيضم ، وجبير بن حية الثقفي .

وكان مقتله في سنة إحدى وعشرين ، يوم جمعة ، رضي الله عنه .

زائدة : حدثنا عاصم بن كليب الجرمي : حدثني أبي : أنه أبطأ على عمر خبر نهاوند وابن مقرن ، وأنه كان يستنصر ، وأن الناس كانوا ، مما يرون من استنصاره ، ليس همهم إلا نهاوند وابن مقرن ; فجاء إليهم أعرابي مهاجر ; فلما بلغ البقيع ، قال : ما أتاكم عن نهاوند ؟ قالوا : وما ذاك ؟ قال : لا شيء . فأرسل إليه عمر ، فأتاه ، فقال : أقبلت بأهلي مهاجرا حتى وردنا مكان كذا وكذا ، فلما صدرنا إذا نحن براكب على جمل أحمر ، ما رأيت مثله ، فقلت : يا عبد الله ، من أين أقبلت ؟ قال : من العراق . قلت : ما خبر الناس ؟ قال : اقتتل الناس بنهاوند ، ففتحها الله ، وقتل ابن مقرن ; والله ما أدري أي الناس هو ؟ ولا ما نهاوند ؟ فقال : أتدري أي يوم ذاك من الجمعة ؟ قال : لا . قال عمر : لكني أدري ! عد منازلك . قال : نزلنا مكان كذا ، ثم ارتحلنا ، فنزلنا منزل كذا ، حتى عد . فقال عمر : ذاك يوم كذا وكذا من الجمعة ; لعلك تكون لقيت بريدا من برد الجن ، فإن لهم بردا . [ ص: 358 ]

فلبث ما لبث ، ثم جاء البشير : بأنهم التقوا ذلك اليوم .

معاذ بن الحارث

ابن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار ، الأنصاري النجاري .

أخو عوف ، ورافع ، ورفاعة .

وأمهم عفراء بنت عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار . كان شهد بدرا .

وله من الولد : عبيد الله ، والحارث ، وعوف ، وسلمى ، وإبراهيم ، وعائشة ، وسارة .

قال الواقدي : يروى أن معاذا هذا ، ورافع بن مالك الزرقي ، أول من أسلم من الأنصار بمكة . وأمر الستة أثبت .

وشهد معاذ العقبتين جميعا ، وآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين معمر بن الحارث الجمحي ، أحد البدريين . [ ص: 359 ]

ومات معاذ بعد مقتل عثمان وله عقب .

أرب جمـال 9 - 2 - 2010 02:34 AM

معوذ بن الحارث

ابن رفاعة ، ابن عفراء . وهو والد الربيع بنت معوذ ، وأختها عميرة .

شهد العقبة مع السبعين ، عند ابن إسحاق فقط .

وهو الذي قيل : إنه ضرب أبا جهل ، هو وأخوه عوف ، حتى أثخناه . وعطف هو عليهما ، فقتلهما ، ثم وقع صريعا ، ثم ذفف عليه ابن مسعود .

وكان معوذ وعوف قد وقفا يومئذ في الصف بجنب عبد الرحمن بن عوف ، وقالا له : يا عم ، أتعرف أبا جهل ؟ فإنه بلغنا أنه يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدلهما عليه ، فشدا معا عليه .

عوف بن الحارث

ابن رفاعة ، ابن عفراء .

[ ص: 360 ] شهد العقبة . وبعضهم عده أحد الستة النفر الذين لقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولا . شهد بدرا واستشهد .

رفاعة

بدري تفرد بذكره ابن إسحاق ، فقال الواقدي : ليس ذلك عندنا بثبت .

ولعوف عقب .

قال جرير بن حازم : سمعت محمد بن سيرين يقول في قتل أبي جهل : أقعصه ابنا عفراء ، وذفف عليه ابن مسعود .

وفي رواية صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، عن جده : أن اللذين سألاه ، وقتلا أبا جهل : معاذ بن عمرو بن الجموح ; ومعاذ بن عفراء . وهو أصح .



أرب جمـال 9 - 2 - 2010 02:35 AM

[ ص: 361 ] حذيفة بن اليمان ( ع )

من نجباء أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو صاحب السر .

واسم اليمان : حسل - ويقال : حسيل - بن جابر العبسي اليماني ، أبو عبد الله . حليف الأنصار ، من أعيان المهاجرين .

حدث عنه : أبو وائل ; وزر بن حبيش ، وزيد بن وهب ، وربعي بن حراش ، وصلة بن زفر ، وثعلبة بن زهدم ، وأبو العالية الرياحي ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، ومسلم بن نذير ، وأبو إدريس الخولاني ، وقيس بن عباد ، وأبو البختري الطائي ، ونعيم بن أبي هند ، وهمام بن الحارث ; وخلق سواهم .

له في " الصحيحين " اثنا عشر حديثا ، وفي " البخاري " ثمانية ، وفي مسلم سبعة عشر حديثا . [ ص: 362 ]

وكان والده " حسل " قد أصاب دما في قومه ، فهرب إلى المدينة ، وحالف بني عبد الأشهل ، فسماه قومه " اليمان " لحلفه لليمانية ، وهم الأنصار .

شهد هو وابنه حذيفة أحدا ، فاستشهد يومئذ . قتله بعض الصحابة غلطا ، ولم يعرفه ; لأن الجيش يختفون في لأمة الحرب ، ويسترون وجوههم ; فإن لم يكن لهم علامة بينة ، وإلا ربما قتل الأخ أخاه ، ولا يشعر .

ولما شدوا على اليمان يومئذ بقي حذيفة يصيح : أبي ! أبي ! يا قوم ! فراح خطأ . فتصدق حذيفة عليهم بديته .

قال الواقدي : آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين حذيفة وعمار . وكذا قال ابن إسحاق .

إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رجل ، عن حذيفة : أنه أقبل هو [ ص: 363 ] وأبوه ، فلقيهم أبو جهل ، قال : إلى أين ؟ قالا : حاجة لنا . قال : ما جئتم إلا لتمدوا محمدا . فأخذوا عليهما موثقا ألا يكثرا عليهم . فأتيا رسول الله ، فأخبراه .

ابن جريج : أخبرني أبو حرب بن أبي الأسود ، عن أبي الأسود ; قال : وعن رجل ، عن زاذان : أن عليا سئل عن حذيفة ، فقال : علم المنافقين ، وسأل عن المعضلات ; فإن تسألوه تجدوه بها عالما .

أبو عوانة ، عن سليمان ، عن ثابت أبي المقدام ، عن أبي يحيى ، قال : سأل رجل حذيفة ، وأنا عنده ، فقال : ما النفاق ؟ قال : أن تتكلم بالإسلام ولا تعمل به .

سلام بن مسكين ، عن ابن سيرين : أن عمر كتب في عهد حذيفة على المدائن : اسمعوا له وأطيعوا ، وأعطوه ما سألكم . فخرج من عند عمر على حمار موكف ، تحته زاده . فلما قدم استقبله الدهاقين وبيده رغيف ، وعرق من لحم . [ ص: 364 ]

ولي حذيفة إمرة المدائن لعمر ، فبقي عليها إلى بعد مقتل عثمان ، وتوفي بعد عثمان بأربعين ليلة .

قال حذيفة : ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي ، فأخذنا كفار قريش ، فقالوا : إنكم تريدون محمدا ؟ فقلنا : ما نريد إلا المدينة ; فأخذوا العهد علينا : لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه . فأخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : نفي بعهدهم ، ونستعين الله عليهم .

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أسر إلى حذيفة أسماء المنافقين ، وضبط عنه الفتن الكائنة في الأمة .

وقد ناشده عمر : أأنا من المنافقين ؟ فقال : لا ، ولا أزكي أحدا بعدك .

وحذيفة هو الذي ندبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الأحزاب ليجس له خبر العدو . وعلى يده فتح الدينور عنوة . ومناقبه تطول ، رضي الله عنه .

أبو إسحاق ، عن مسلم بن نذير ، عن حذيفة ، قال : أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 365 ] بعضلة ساقي فقال : الائتزار هاهنا ، فإن أبيت فأسفل ، فإن أبيت فلا حق للإزار فيما أسفل من الكعبين .

وفي لفظ : فلا حق للإزار في الكعبين .

عقيل ، ويونس ، عن الزهري : أخبرني أبو إدريس : سمع حذيفة يقول : والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة .

قال حذيفة : كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر ، مخافة أن يدركني .

الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة ، قال : قام فينا رسول الله مقاما ، فحدثنا بما هو كائن إلى قيام الساعة ، فحفظه من حفظه ، ونسيه من نسيه . [ ص: 366 ]

قلت : قد كان - صلى الله عليه وسلم - يرتل كلامه ويفسره ; فلعله قال في مجلسه ذلك ما يكتب في جزء ; فذكر أكبر الكوائن ، ولو ذكر أكثر ما هو كائن في الوجود ، لما تهيأ أن يقوله في سنة ، بل ولا في أعوام ، ففكر في هذا .

مات حذيفة بالمدائن سنة ست وثلاثين ، وقد شاخ .

قال ابن سيرين : بعث عمر حذيفة على المدائن ، فقرأ عهده عليهم ، فقالوا : سل ما شئت . قال : طعاما آكله ، وعلف حماري هذا - ما دمت فيكم - من تبن .

فأقام فيهم ، ما شاء الله ; ثم كتب إليه عمر : اقدم .

فلما بلغ عمر قدومه ، كمن له على الطريق ; فلما رآه على الحال التي خرج عليها ، أتاه فالتزمه ، وقال : أنت أخي ، وأنا أخوك .

مالك بن مغول ، عن طلحة : قدم حذيفة المدائن على حمار سادلا رجليه ، وبيده عرق ورغيف .

سعيد بن مسروق الثوري ، عن عكرمة : هو ركوب الأنبياء ، يسدل رجليه من جانب .

أبو بكر بن عياش : سمعت أبا إسحاق يقول : كان حذيفة يجيء كل جمعة من المدائن إلى الكوفة . قال أبو بكر : فقلت له : يمكن هذا ؟ قال : كانت له بغلة فارهة .

ابن سعد : أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي : حدثنا عبد الجبار بن [ ص: 367 ] العباس ، عن أبي عاصم الغطفاني ، قال : كان حذيفة لا يزال يحدث الحديث يستفظعونه . فقيل له : يوشك أن تحدثنا : أنه يكون فينا مسخ ! قال : نعم ! ليكونن فيكم مسخ : قردة وخنازير .

أبو وائل ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس . فكتبنا له ألفا وخمسمائة .

سفيان ، عن الأعمش ، عن موسى بن عبد الله بن يزيد ، عن أمه : قالت : كان في خاتم حذيفة : كركيان ، بينهما : الحمد لله .

عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن موسى ، عن أمه ، قالت : كان خاتم حذيفة من ذهب فيه فص ياقوت أسمانجونه ; فيه : كركيان متقابلان ; بينهما : الحمد لله .

حماد بن سلمة : أخبرنا علي بن زيد ، عن الحسن ، عن جندب : أن [ ص: 368 ] حذيفة قال : ما كلام أتكلم به ، يرد عني عشرين سوطا ، إلا كنت متكلما به .

خالد ، عن أبي قلابة ، عن حذيفة ، قال : إني لأشتري ديني بعضه ببعض ، مخافة أن يذهب كله .

أبو نعيم : حدثنا سعد بن أوس ، عن بلال بن يحيى ، قال : بلغني أن حذيفة كان يقول : ما أدرك هذا الأمر أحد من الصحابة إلا قد اشترى بعض دينه ببعض . قالوا : وأنت ؟ قال : وأنا والله ، إني لأدخل على أحدهم - وليس أحد إلا فيه محاسن ومساوئ - فأذكر من محاسنه ، وأعرض عما سوى ذلك ، وربما دعاني أحدهم إلى الغداء ، فأقول : إني صائم ، ولست بصائم .

جماعة ، عن الحسن ، قال : لما حضر حذيفة الموت ، قال : حبيب جاء على فاقة ; لا أفلح من ندم! أليس بعدي ما أعلم! الحمد لله الذي سبق بي الفتنة! قادتها وعلوجها .

شعبة : أخبرنا عبد الملك بن ميسرة ، عن النزال بن سبرة ، قال : قلت لأبي مسعود الأنصاري : ماذا قال حذيفة عند موته ؟ قال : لما كان عند السحر ، قال : أعوذ بالله من صباح إلى النار . ثلاثا . ثم قال : اشتروا لي ثوبين أبيضين ; فإنهما لن يتركا علي إلا قليلا حتى أبدل بهما خيرا منهما ، أو أسلبهما سلبا قبيحا . [ ص: 369 ]

شعبة - أيضا - عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة ، قال : ابتاعوا لي كفنا . فجاءوا بحلة ثمنها ثلاثمائة ، فقال : لا ، اشتروا لي ثوبين أبيضين .

وعن جزي بن بكير ، قال : لما قتل عثمان ، فزعنا إلى حذيفة ، فدخلنا عليه .

قال ابن سعد : مات حذيفة بالمدائن بعد عثمان وله عقب ، وقد شهد أخوه صفوان بن اليمان أحدا .

أرب جمـال 9 - 2 - 2010 02:36 AM

محمد بن مسلمة ( ع )

ابن سلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة . أبو عبد الله - وقيل : أبو عبد الرحمن ، وأبو سعيد - الأنصاري الأوسي . من نجباء الصحابة شهد بدرا والمشاهد .

وقيل : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلفه مرة على المدينة . وكان - رضي الله عنه - ممن اعتزل الفتنة . ولا حضر الجمل ، ولا صفين ; بل اتخذ سيفا من خشب ، وتحول إلى الربذة ، فأقام بها مديدة . [ ص: 370 ]

روى جماعة أحاديث .

روى عنه : المسور بن مخرمة ، وسهل بن أبي حثمة ، وقبيصة بن ذؤيب ، وعبد الرحمن الأعرج ، وعروة بن الزبير ، وأبو بردة بن أبي موسى ، وابنه محمود بن محمد .

وهو حارثي ، من حلفاء بني عبد الأشهل .

وكان رجلا طوالا أسمر معتدلا أصلع وقورا .

قد استعمله عمر على زكاة جهينة . وقد كان عمر إذا شكي إليه عامل ، نفذ محمدا إليهم ليكشف أمره .

خلف من الولد عشرة بنين ; وست بنات ، رضي الله عنه .

وقيل : اسم جده خالد بن عدي بن مجدعة .

وقدم للجابية ، فكان على مقدمة جيش عمر .

عباد بن موسى السعدي : حدثنا يونس ، عن الحسن ، عن محمد بن مسلمة ، قال : مررت ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصفا ، واضعا يده على يد رجل ، فذهبت . فقال : ما منعك أن تسلم ؟ قلت : يا رسول الله ، فعلت بهذا الرجل شيئا ما فعلته بأحد ، فكرهت أن أقطع عليك حديثك ، من كان يا رسول الله ؟ قال : جبريل ، وقال لي : هذا محمد بن مسلمة لم يسلم ، أما إنه لو سلم رددنا عليه السلام . قلت : فما قال لك يا رسول الله ؟ قال : ما زال يوصيني بالجار ، حتى ظننت أنه يأمرني فأورثه . [ ص: 371 ]

قال ابن سعد : أسلم محمد بن مسلمة على يد مصعب بن عمير ، قبل إسلام سعد بن معاذ . قال : وآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبي عبيدة ، واستخلفه على المدينة عام تبوك .

حماد بن سلمة ، عن ابن جدعان ، عن أبي بردة ، قال : مررنا بالربذة ، فإذا فسطاط محمد بن مسلمة ، فقلت : لو خرجت إلى الناس ، فأمرت ونهيت ؟ فقال : قال لي النبي ، صلى الله عليه وسلم : يا محمد ، ستكون فرقة وفتنة واختلاف ، فاكسر سيفك ، واقطع وترك ، واجلس في بيتك ففعلت ما أمرني .

شعبة ، عن أشعث ، عن أبي بردة ، عن ضبيعة قال حذيفة : إني لأعرف رجلا لا تضره الفتنة . قال : فإذا فسطاط لما أتينا المدينة ، وإذا محمد بن مسلمة .

قال ابن يونس : شهد محمد فتح مصر ، وكان فيمن طلع الحصن مع الزبير . قال عباية بن رفاعة : كان محمد بن مسلمة أسود طويلا عظيما . [ ص: 372 ]

وفي " الصحاح " ، من حديث جابر : مقتل كعب بن الأشرف على يد محمد بن مسلمة .

ابن المبارك : أخبرنا ابن عيينة ، عن موسى بن أبي عيسى ، قال : أتى عمر مشربة بني حارثة ، فوجد محمد بن مسلمة ، فقال : يا محمد ، كيف تراني ؟ قال : أراك كما أحب ، وكما يحب من يحب لك الخير ، قويا على جمع المال ، عفيفا عنه ، عدلا في قسمه ، ولو ملت عدلناك كما يعدل السهم في الثقاف . قال : الحمد لله ، الذي جعلني في قوم إذا ملت عدلوني .

ابن عيينة ، عن عمرو بن سعيد ، عن أبيه ، عن عباية بن رفاعة ، قال : بلغ عمر أن سعدا اتخذ قصرا ، وقال : انقطع الصويت . فأرسل عمر محمد بن مسلمة - وكان عمر إذا أحب أن يؤتى بالأمر كما يريد بعثه - فأتى الكوفة ، فقدح ، وأحرق الباب على سعد . فجاء سعدا ، فقال : إنه بلغ عمر أنك قلت : انقطع الصويت . فحلف أنه لم يقله .

هشام ، عن ابن سيرين ، عن حذيفة ، قال : ما من أحد إلا وأنا أخاف عليه الفتنة إلا ما كان من محمد بن مسلمة ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا تضره الفتنة . [ ص: 373 ]

الفسوي في " تاريخه " : حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن موسى بن وردان ، عن أبيه ، عن جابر ، قال : قدم معاوية ومعه أهل الشام ، فبلغ رجلا شقيا من أهل الأردن صنيع محمد بن مسلمة - جلوسه عن علي ومعاوية - فاقتحم عليه المنزل ، فقتله . فأرسل معاوية إلى كعب بن مالك : ما تقول في محمد بن مسلمة ؟ .

قال يحيى بن بكير ، وإبراهيم بن المنذر ، وابن نمير ، وشباب ، وجماعة : مات محمد بن مسلمة في صفر سنة ثلاث وأربعين .

يزيد بن هارون : أخبرنا هشام ، عن الحسن : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى محمد بن مسلمة سيفا ، فقال : قاتل به المشركين ; فإذا رأيت المسلمين قد أقبل بعضهم على بعض ، فاضرب به أحدا حتى تقطعه ، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة ، أو منية قاضية .

وروي نحوه من مراسيل زيد بن أسلم .

عاش ابن مسلمة سبعا وسبعين سنة .

ميارى 10 - 5 - 2010 10:24 PM

http://farm4.static.flickr.com/3010/...f0f395d4_o.gif

شيرين 24 - 6 - 2011 12:02 AM

شكرا لك على الطرح الموفق
تقديري واحترامي
بانتظار مواضيعك القادمة

روح الياسمين 28 - 6 - 2011 02:00 AM

سلمت يمناك على روعة ما امتعتنا بهِ


والله لا يحرمنا من نور تواجدك ورقي عطائك



يعطيك ألف عافيه



مع أرق تحياتي العطره

اشراقة شمس 31 - 1 - 2012 10:06 PM

كتاب وموضوع مفيد ومميز
بارك الله فيك


الساعة الآن 05:56 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى